Professional Documents
Culture Documents
محبه الله للعبد ومحبة العبد لله
محبه الله للعبد ومحبة العبد لله
الحمد هلل والصالة والسالم على رسول هللا وعلى آله وصحبه ومن وااله وبعد:
فإن من واجبات اإليمان ولوازمه محبة هللا تعالى ومحبة رسوله ومحبة عباده المؤمنين ومحبة ما يحبه هللا ورسوله من
اإليمان والعمل الصالح وتوابع ذلك وبغض ما يبغضه هللا من الكفر والفسوق والمعاصي وبغض أعداء هللا من الكفرة
والمشركين والعصاة والملحدين فالحب في هللا والبغض في هللا والمواالة في هللا والمعاداة في هللا أوثق عرى اإليمان وأحب
األعمال إلى هللا تعالى والمرء مع من أحب يوم القيامة كما وردت السنة بذلك فمحبة هللا تعالى ورسوله صلى هللا عليه وسلم
يرت ُ ُك ْم
ش َ مقدمة على محبة األوالد واألموال والنفوس قال هللا تعالى} :قُ ْل ِإ ْن كَانَ آبَا ُؤ ُك ْم َوأ َ ْبنَا ُؤ ُك ْم َوإِ ْخ َوانُ ُك ْم َوأ َ ْز َوا ُج ُك ْم َو َ
ع ِ
يَأْتِ َ
ي هللاُ ِبأ َ ْم ِر ِه َوهللاُ َال يَ ْهدِي ا ْلقَ ْو َم ا ْلفَا ِ
س ِقينَ { [التوبة ]24 :أمر هللا نبيه صلى هللا عليه وسلم أن يتوعد من أحب أهله وماله
وعشيرته وتجارته ومسكنه فآثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه هللا عليه من األعمال التي يحبها هللا تعالى ويضراها كالجهاد
قال ابن كثير رحمه هللا تعالى أي انتظروا ماذا يحل بكم من عقابه والوعيد ال يقع إال على فرض الزم وحتم واجب وفي
الصحيحين عن أنس أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال« :والذي نفسي بيده ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده
ووالده والناس أجمعين» وفي الصحيحين أيضا أن عمر بن الخطاب رضي هللا عنه قال :يا رسول هللا :وهللا ألنت أحب إلي
من كل شيء إال من نفسي فقال « :ال يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك» فقال :وهللا ألنت أحب إلي من نفسي ،فقال:
«اآلن يا عمر » ومعلوم أن محبة الرسول إنما هي تابعة لمحبة هللا جل وعال الزمة لها فإن الرسول إنما يحب موافقة لمحبة
هللا له وألمر هللا بمحبته وطاعته واتباعه فمن ادعى محبة النبي بدون متابعته وتقديم قوله على قول غيره فقد كذب كما قال
~~1
اإليمان عمن تولى عن طاعة هللا ورسوله فإذا كان ال يحصل اإليمان إال بتقديم محبته صلى هللا عليه وسلم على األنفس
واألوالد واآلباء والخلق كلهم فما الظن بمحبة هللا عز وجل ،وقد جعل النبي صلى هللا عليه وسلم ،تقديم محبة هللا ورسوله
على محبة غيرهما من خصال اإليمان ومن عالمات وجود حالوة اإليمان في القلوب ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى
هللا عليه وسلم :قال« :ثالث من كن فيه وجد بهن حالوة اإليمان :أن يكون هللا ورسوله أحب إليه مما سواهما ،وأن يحب
المرء ال يحبه إال هلل ،وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه هللا منه كما يكره أن يلقى في النار» قال النووي :معنى حالوة
اإليمان :استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق وإيثار ذلك على أغراض الدنيا ،ومحبة العبد هلل بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك
الرسول صلى هللا عليه وسلم ،قال ابن رجب رحمه هللا :ومحبة هللا سبحانه على درجتين إحداهما :فرض الزم وهي أن يحب
هللا سبحانه محبة توجب له محبة ما فرضه هللا عليه وبغض ما حرمه عليه ومحبة رسوله المبلغ عنه أمره ونهيه وتقديم
والرضا بما بلغه عن هللا من الدين وتلقي ذلك بالرضا والتسليم ومحبة األنبياء والرسل والمتبعين لهم بإحسان هلل عز وجل،
وبغض الكفار والفجار هلل عز وجل ،وهذا القدر ال بد منه في تمام اإليمان الواجب ومن أخل بشيء منه فقد نقص من إيمانه
حَر ًجا ِم َّما شج ََر بَ ْينَ ُه ْم ث ُ َّم َال يَ ِجدُوا فِي أَ ْنفُ ِ
س ِه ْم َ { فَ َال َو َربِكَ َال يُ ْؤ ِمنُونَ َحتَّى يُح َِك ُموكَ فِي َما َ الواجب بحسب ذلك قال هللا تعالى
س ِل ُموا تَ ْ
س ِلي ًما }] النساءii[ 65 :وكذلك ينقص من محبته الواجبة بحسب ما أخل به من ذلك فإن المحبة الواجبة قَ َ
ضيْتَ َويُ َ
تقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات ولهذا المعنى كان الحب في هللا والبغض في هللا من أصول اإليمان ا .هـ.1
1من كتاب استنشاق نسيم األنس من نفحات رياض القدس البن رجب.
~~2
وخرج الترمذي من حديث معاذ بن أنس الجهني عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال« :من أعطى هلل ومنع هلل وأحب هلل
وأبغض هلل فقد استكمل إيمانه» وخرجه اإلمام أحمد وزاد فيه «وأنكح هلل» وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة وخرج ابن جرير
عن ابن عباس قال « :من أحب هلل وأبغض هلل ووالى في هللا وعادى في هللا ،فإنما تنال والية هللا بذلك ولن يجد عبد طعم
اإليمان وإن كثرت صالته وصومه حتى يكون كذلك ،وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك ال يجدي على أهله
المجيد :فإذا كانت البلوى قد عمت في هذا في زمن ابن عباس خير القرون فما زاد األمر بعد ذلك إال شدة حتى وقعت المواالة
على الشرك والبدع والفسوق والعصيان وقد وقع ما أخبر به صلى هللا عليه وسلم بقوله« :بدأ اإلسالم غريبا وسيعود غريبا
فال بد من إيثار ما أحبه هللا من عبده وأراده على ما يحبه العبد ويريده فيحب ما يحبه هللا ويبغض ما يبغضه ويوالي فيه
ويعادي فيه ويتابع رسوله صلى هللا عليه وسلم وبهذا يحصل التمييز بين المحبة في هللا وألجله التي هي من كمال التوحيد
وبين المحبة مع هللا التي هي محبة األنداد من دون هللا لما يتعلق في قلوب المشركين من اإللهية التي ال تجوز إال هلل وحده،
قال ابن رجب رحمه هللا :الدرجة الثانية من المحبة هلل درجة السابقين المقربين وهي أن ترتقي المحبة إلى محبة ما يحبه هللا
من نوافل الطاعات وكراهة ما يكرهه من دقائق المكروهات وإلى الرضا بما يقدره ويقضيه مما يؤلم النفوس من المصائب
إلى أن قال :فقد تبين بما ذكرناه :أن محبة هللا إذا صدقت أوجبت محبة طاعته وامتثالها وبغض معصيته واجتنابها.
~~3
-1معرفة نعم هللا على عباده ،التي ال تعد وال تحصى} َو ِإ ْن تَعُدُّوا ِن ْع َم َة ِ
هللا َال تُحْ ُ
صو َها {وقد جبلت القلوب على محبة من
أ حسن إليها ،والحب على النعم من جملة شكر المنعم ،ولهذا يقال :إن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح ومن األسباب
أيضا.
-2معرفة هللا تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله فمن عرف هللا أحبه ومن أحب هللا أطاعه ومن أطاع هللا أكرمه ومن أكرمه هللا
-3ومن أعظم أسباب المعرفة الخاصة :التفكر في ملكوت السنوات واألرض وما خلق هللا من شيء وفي القرآن شيء كثير
من التذكير بآيات هللا الدالة على عظمته وقدرته وجالله وكماله وكبريائه ورأفته ورحمته وبطشه وقهره وانتقامه إلى غير
ذلك من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ،فكلما قويت معرفة العبد باهلل قويت محبته له ومحبته لطاعته وحصلت له لذة العبادة
-4ومن األسباب الجالبة لمحبة هللا عز وجل معاملة هللا بالصدق واإلخالص ومخالفة الهوى فإن ذلك سبب لفضل هللا على
-5ومن أعظم ما تستجلب به المحبة كثرة ذكر هللا تعالى فمن أحب شيئا أكثر من ذكره وبذكر هللا تطمئن القلوب ،ومن عالمة
-6ومن أسباب محبة هللا لعبده :كثرة تالوة القرآن الكريم بالتدبر والتفكر وال سيما اآليات المتضمنة ألسماء هللا وصفاته
وأفعاله الباهرة ومحبة ذلك يستوجب به العبد محبة هللا ومحبة هللا له.
~~4
-7ومن أسباب المحبة تذكر ما ورد في الكتاب والسنة من رؤية أهل الجنة لربهم وزيارتهم له واجتماعهم يوم المزيد فإن
وذكر ابن القيم رحمه هللا أن األسباب الجالبة لمحبة هللا لعبده ومحبة العبد لربه عشرة:
الثاني :التقرب إلى هللا تعالى بالنوافل بعد الفرائض كما في الحديث القدسي «وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه»
رواه البخاري.
الثالث :دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال فنصيبه من المحبة على قدر هذا.
الخامس :مطالعة القلب ألسمائه وصفاته ومشاهدتها وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها.
الثامن :الخلوة به وقت النزول اإللهي آخر الليل وتالوة كتابه ثم ختم ذلك باالستغفار والتوبة.
~~5
التاسع :مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كالمهم ،وال تتكلم إال إذا ترجحت مصلحة الكالم وعلمت أن فيه
العاشر :مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين هللا عز وجل ،فمن هذه األسباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة
هذا ،ومن عالمات المحبة الصادقة هلل ولرسوله التزام طاعة هللا والجهاد في سبيله واستحالء المالمة في ذلك واتباع رسوله،
ض }و ْ
اخ ِف ْ أحدها :الذلة على المؤمنين :والمراد بها لين الجانب والرأفة والرحمة للمؤمنين وخفض الجناح لهم كما قال تعالىَ :
علَى ا ْل ُك َّف ِار ُر َح َما ُء َب ْينَ ُه ْم{ [الفتح ]29 :وهذا يرجع إلى أن المحبين هلل يحبون أحبابه ويعودون عليهم بالعطف والرحمة.
َ
ار َوا ْل ُمنَا ِف ِقينَ َوا ْغلُ ْظ الثاني :العزة على الكافرين ،والمراد بها الشدة والغلظة عليهم كما قال تعالى{ :يَا أَيُّهَا النَّبِ ُّ
ي جَا ِه ِد ا ْل ُكفَّ َ
علَي ِْه ْم } [التحريم ]9 :وهذا يرجع إلى أن المحبين له يبغضون أعداءه ،وذلك من لوازم المحبة الصادقة.
َ
~~6
الثالث :الجهاد في سبيل هللا وهو مجاهدة أعدائه بالنفس واليد والمال واللسان وذلك أيضا من تمام معاداة أعداء هللا الذي
تستلزمه المحبة.
الرابع :أنهم ال يخافون لومة الئم والمراد أنهم يجتهدون فيما يرضى به من األعمال ،وال يبالون في لومة من المهم في شيء
إذا كان فيه رضي ربهم ،وهذا من عالمات المحبة الصادقة أن المحب يشتغل بما يرضى به حبيبه ومواله ويستوي عنده من
الخامس :متابعة الرسول صلى هللا عليه وسلم ،وطاعته واتباعه في أمره ونهيه وقد قرن هللا بين محبته ومحبة رسوله في
سو ِل ِه} [التوبة ]24 :والمراد :أن هللا ال يوصل إليه إال عن طريق رسوله صلى هللا عليه وسلم
هللا َو َر ُ قوله { :أ َ ح َّ
َب ِإلَ ْي ُك ْم ِمنَ ِ
باتباعه وطاعته.
قال ابن رجب :ومحبة الرسول على درجتين؛ إحداهما فرض وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول صلى هللا
عليه وسلم من عند هللا وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية ثم حسن االتباع
له فيما بلغه عن ربه من تصديقه في كل ما أخبر به من الواجبات واالنتهاء عما نهى عنه من المحرمات ونصرة دينه والجهاد
لمن خالفه بحسب القدرة فهذا القدر ال بد منه وال يتم اإليمان بدونه.
والدرجة الثانية :فضل وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به وتحقيق االقتداء بسنته في أخالقه وآدابه ونوافله وتطوعاته
وأكله وشربه ولباسه وحسن معاشرته ألزواجه وغير ذلك من آدابه الكاملة وأخالقه الطاهرة والراقية واالعتناء بمعرفة
سيرته وأيامه واهتزاز القلب عند ذكره وكثرة الصالة والسالم عليه لما سكن في القلب من محبته وتعظيمه وتوقيره ومحبة
استماع كالمه وإيثاره على كالم غيره من المخلوقين ،ومن أعظم ذلك االقتداء به في زهده في الدنيا الفانية واالجتزاء باليسير
~~7
ومن عالمات محبة هللا ورسوله :أن يحب ما يحبه هللا ويكره ما يكرهه هللا ويؤثر مرضاته على ما سواه وأن يسعى في
مرضاته ما استطاع وأن يبعد عما حرمه هللا ويكرهه أشد الكراهة ويتابع رسوله صلى هللا عليه وسلم يمتثل أمره ،ويترك
هللا} [النساء ]80 :فمن آثر أمر غيره على أمره وخالف ما نهى عنه فذلك
ع َ سو َل َفقَ ْد أ َ َطا َ نهيه كما قال تعالىَ { :م ْن يُ ِط ِع َّ
الر ُ
علم على عدم محبته هلل ورسوله فإن محبة الرسول من الزم محبة هللا كما تقدم فمن أحب هللا وأطاعه أحب الرسول وأطاعه
ومحبة هللا تستلزم محبة طاعته فإنه يحب من عبده أن يطيعه والمحب يحب ما يحبه محبوبه وال بد ومن الزم محبة هللا أيضا:
محبة أهل طاعته كمحبة أنبيائه ورسله والصالحين من عباده فمحبة ما يحبه هللا ومن يحبه هللا من كمال اإليمان ومن أحب
هللا تعالى أحب فيه ووالى أولياءه وعادى أهل معصيته وأبغضهم وجاهد أعداءه ونصر أنصاره وكلما قويت محبة العبد هلل في
قلبه قويت هذه األعمال المترتبة عليها وبكمالها يكمل توحيد العبد ،هذا وقد نهى هللا سبحانه عن مواالة أعدائه في مواضع
كثيرة من القرآن وأخبر أن مواالتهم تنافي اإليمان باهلل وكتبه ورسله واليوم اآلخر وأنها سبب للفتنة والفساد في األرض وأن
من واالهم ووادهم فليس من هللا في شيء وأنه من الظالمين الضالين عن سواء السبيل وأنه مستوجب لسخط هللا وأليم عقابه
عد َُّو ُك ْم أ َ ْو ِليَا َء ت ُ ْلقُونَ إِلَي ِْه ْم في اآلخرة واآليات في هذا كثيرة منها ،قول هللا تعالى { :يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا َال تَت َّ ِخذُوا َ
عد ُِوي َو َ
ض ُه ْم أ َ ْو ِليَا ُء بَ ْع ٍ
ض َو َم ْن يَتَ َولَّ ُه ْم ِم ْن ُك ْم فَ ِإنَّهُ ِم ْن ُه ْم } َارى أ َ ْو ِليَا َء بَ ْع ُ
-2قوله تعالى { :يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُوا َال تَت َّ ِخذُوا ا ْليَ ُهو َد َوالنَّص َ
[المائدة.)]4[(]51 :
فمن أطاع الرسول ووحد هللا ال يجوز له مواالة ومحبة من حاد هللا ورسوله ولو كان أقرب قريب قال تعالىَ { :يا أَ ُّيهَا الَّ ِذينَ
ان َو َم ْن يَتَ َولَّ ُه ْم ِم ْن ُك ْم فَأُولَئِكَ ُه ُم ال َّظا ِل ُمونَ { [التوبة]23 : آ َمنُوا َال تَت َّ ِخذُوا آبَا َء ُك ْم َو ِإ ْخ َوانَ ُك ْم أ َ ْو ِليَا َء ِإ ِن ا ْ
ست َ َحبُّوا ا ْل ُك ْف َر َ
ع َلى ْ ِ
اإلي َم ِ
~~8
وفي النص على األقارب دليل على أن مصارمة من سواهم من الكفار مطلوبة بطريق األولى واألحرى وقال تعالى:ل{ َا تَ ِج ُد
يرتَ ُه ْم {[المجادلة
ش َ سولَهُ َولَ ْو كَانُوا آبَا َء ُه ْم أ َ ْو أ َ ْب َنا َء ُه ْم أ َ ْو إِ ْخ َوانَ ُه ْم أ َ ْو َ
ع ِ قَ ْو ًما يُ ْؤ ِمنُونَ ِبا ِ
هلل َوا ْل َي ْو ِم ْاآل ِخ ِر يُ َوادُّونَ َم ْن حَا َّد هللاَ َو َر ُ
قال البغوي رحمه هللا تعالى :أخبر هللا أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكفار وإن من كان مؤمنا ال يوالي من كفر وإن كان
والركون :هو المحبة والميل بالقلب .إذا علم تحريم مواالة أعداء هللا تعالى وموادتهم فليعلم أيضا أن األسباب الجالبة لمواالتهم
وموادتهم كثيرة جدا ومن أقربها وسيلة مساكنتهم في الديار ،وال سيما في ديارهم الخاصة بهم ومخالطتهم في األعمال
ومجالستهم ومصاحبتهم وزيارتهم وتولي أعمالهم والتزيي بزيهم والتأدب بآدابهم وتعظيمهم بالقول والفعل وكثير من
وقد وردت أحاديث كثيرة بالنهي عما فيه تعظيم ألعداء هللا تعالى فمن ذلك بداءتهم بالسالم ومصافحتهم والترحيب بهم والقيام
لهم وتصديرهم في المجالس والتوسيع لهم في الطريق لما في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم قال« :ال تبدءوا اليهود والنصارى بالسالم ،وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه» رواه
مسلم.
وقد ورد النهي عن مجامعة المشركين ومساكنتهم في ديارهم ألن ذلك من أعظم األسباب الجالبة لمواالتهم ومحبتهم واألحاديث
في ذلك كثيرة منها قوله صلى هللا عليه وسلم «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله» رواه أبو داود ورواه الترمذي عن
~~9
النبي صلى هللا عليه وسلم قال« :ال تساكنوا المشركين وال تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم» وقوله صلى هللا
عليه وسلم «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» رواه أبو داود والترمذي.
فليتأمل المسلمون الساكنون مع أعداء هللا تعالى هذه األحاديث وليعطوها حقها من العمل فقد قال هللا تعالى { :فَبَ ِ
ش ْر ِعبَادِي
ب} [الزمر ]18 ،17 :فالحب في هللا ست َ ِمعُونَ ا ْلقَ ْو َل فَيَتَّ ِبعُونَ أَحْ َ
سنَهُ أُولَئِكَ الَّ ِذينَ َهدَا ُه ُم هللاُ َوأُولَئِكَ ُه ْم أُولُو ْاأل َ ْل َبا ِ * الَّ ِذينَ يَ ْ
والب غض في هللا والمواالة في هللا والمعاداة في هللا من أهم أمور الدين ،وأوثق عرى اإليمان وأفضل األعمال عند هللا وباهلل
إن العبد ال ُمسلم يرجو في حياته أن يفوز بمحبة ّللا تعالى ورضاه ،فإن هللا إذا أحب عبدا ً فقد فُتِحت له أبواب الدنيا واآلخرة،
ومن منا ال يحلُم بنيل هذا الشرف العظيم محبة ّللا جل جالله! وألن محبة هللا غالية فإنها تحتاج إلى عم ٍل صالحٍ وعبادا ٍ
ت
وأعما ٍل من شأنها أن ترفع مكانة الشخص عند ّللا ومن يرفع ّللا مكانته فقد فاز الفوز العظيمُ .حب هللا تعالى مقترنٌ دائما ً
ّللاُ َ
غفُ ٌ
ور َّر ِحي ٌم)، ّللا فَاتَّبِعُونِي يُحْ بِ ْب ُك ُم َّ
ّللاُ َويَ ْغ ِف ْر َل ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َّ بمحبة رسوله الكريم حيث قال هللا تعالى( :قُ ْل إِن كُنت ُ ْم ت ُِحبُّونَ َّ َ
وهذه اآلية تدل على أن محبة ّللا تستلزم اتباع سنة نبيه عليه السالم .إن محبة ّللا اول من هم أولى فيها األنبياء الصالحين
انظر تحفة اإلخوان بما جاء في المواالة والمعاداة والحب والبغض والهجرات للشيخ حمود بن عبد هللا التويجري. 4
~ ~ 10
ويليهم األولياء والعباد الصالحين الذي صبروا على ما أصابهم وأطاعوا ّللا في السراء والضراء وكانوا عند خير العباد
أحب عبداً ،فإن ذلك ال يخفى ابدا؛ ألن هللا سيجازيه خيرا ً وينعم عليه من نعمه الواسعة ،ومن عالمات محبة هللا
َ إن هللا إذا
للعبد المسلم:
• إن هللا اذا أحب عبدا ً جعله مقبوالً بين الناس ،محبوبا ً عندهم ومن األشخاص المعروف عنهم بالخير ،كأن هللا سبحانه وتعالى
عاص وبعيد كل البعد عن ّللا تعالى فإن ّللا يُبعد الناس من حوله
ٍ األرض) .وعلى الجانب اآلخر ،إذا كان العبد
ِ القبول في
س ِخ َط فَلَهُ ال َّ
س َخ ُ
ط “ ،فإن هللا يبتلي المسلم في نفسه ي فَلَهُ ِ
الرضَا َ ،و َم ْن َ ّللاَ إِذَا أَح َّ
َب قَ ْو ًما ا ْبتَال ُه ْم ،فَ َم ْن َر ِض َ ا ْلبَ ِ
الء َ ،وإِنَّ َّ
ورزقه وماله وأهله وأوالده وهذا كي يمتحن هللا صبر العباد ويختبرهم ،فمن مان صبورا ً حليما ً شكورا ً نال محبة هللا ورضاه
• إذا أحب هللا العبد صرف زينة الدنيا ومفاتنها من عينيه ،وجعل قلبهُ معلقا ً باآلخرة بحيث أنه يقضي حياته الدنيا في فعل
~ ~ 11
يذكر ّللا ويسبحه ويسأله األجر والرضا.
ُ يرد هللا عبداً قائما ً قاعدا ً
• إن العبد الذي يُحبه ّللا يُقب ُل دعاءه ،فال يمكن أن ُ
إن محبة العبد ّلل تعالى آتية ونابعة من العقل وال ِفكر ،فاإلنسان يتفكر بعقله ب َمن خلقَهُ وأنعم عليه كل هذه النعم ،وذلك يدفع
العبد إلى حب ّللا ال ُمعطي الرازق المنان ،فإن اإلنسان إذا أحب هللا أقدم على فعل الطاعات وتقرب إلى ّللا بكل ما يُحب ويرضى.
وفي بعض األحيان نجد العبد قد رافق خيرة الناس وأقربهم إلى ّللا ولذلك فهم يقودونه إلى طريق محبة هللا تعالى ،باإلضافة
إلى إن االنسان عندما يتقرب من ّللا تعالى بالدعاء ويتلقى االستجابة فإنه يستشعر عظمة ّللا وأنه سبحانه وتعالى بجانبه
ي القَ ُ
لب) ،5ولما كانت محبة س ُد ُكلُّهُ ،وإذَا فَ َ
سدَتْ ،فس َد الجَس ُد ُكلُّهُ ،أال و ِه َ صلَ َح ال َج َ ضغَةً ،إذا َ
صلَ َحتْ َ س ِد ُم ْ
(أال وإنَّ في ال َج َ
هللا نابعة من القلب فإن صالح القلب بالنية الصالحة واألعمال الحسنة يؤدي إلى صالح اإلنسان بأكمله ويدفعه إلى محبة هللا
وتوقيره.
أما األسباب التي تجلب محبة هللا عز وجل للعبد فهي كثيرة أيضا ً ونذكر منها:
اإلتباع
قال تعالى { :قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني يحببكم هللا و يغفر لكم ذنوبكم و هللا غفور رحيم ،قل أطيعوا هللا و الرسول فإن
5رواه البخاري في كتاب اإليمان ،باب فضل من استبرأ لدينه ،]52[ 28 /1وم سلم في كتاب البيوع ،باب أخذ الحالل وترك الشبهات 1219 /3
[.]1599
6سورة آل عمران -اآلية 31
~ ~ 12
إن اتباع الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما جاء به من هذا الوحي العظيم ،سبب عظيم من أسباب محبة هللا عز وجل لعبده.
سورة آل عمران -اآلية 7 قال بعض السلف :ادعى قو ٌم محبة هللا فأنزل هللا آية المحنة {قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني }...
31
فجعل عالمة المحبة االتباع ،و ثمرة االتباع محبة هللا عز و جل للعبد.
التقوى
قال تعالى{ :إن هللا يحب المتقين } 8سورة التوبة -اآلية 7
و قال صلى هللا عليه و سلم (( :إن هللا يحب العبد الغني الخفي التقي ))
تقوى هللا عز وجل سبب عظيم من أسباب محبة هللا لعبده ،و التقوى :هي أن تجعل بينك و بين عذاب هللا عز و جل وقاية
بامتثال أوامره و اجتناب نواهيه ،و قيل :هي أن يطاع فال يعصى ،و أن يذكر فال ينسى ،و أن يشكر فال يكفر .و قيل :
هي أن تعمل بطاعة هللا على نور من هللا ترجو ثواب هللا ،و أن تترك معصية هللا على نور من هللا تخاف من عقاب هللا ،و
قال اإلمام أحمد :هي ترك ما تهوى لما تخشى ،و قيل :هي ترك الذنوب صغيرها و كبيرها .
~ ~ 13
كماش فوقه أرض الشوك يحذر ما يرى
ٍ واصنع
الصبر
الصبر سبب جليل من أسباب محبة هللا تعالى لعبده ،فليحرص عليه العبد بأنواعه الثالثة :فليصبر على طاعة هللا سبحانه ،و
ت كثيرات منها قوله تعالى {:يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا }
و قد أمر هللا عز وجل في كتابه بالصبر في آيا ٍ
~ ~ 14
اإلحسان
اإلحسان سبب جليل من أسباب محبة هللا لعبده ،و هو كما عرفه النبي صلى هللا عليه و سلم (( :أن تعبد هللا كأنك تراه ،
و حث النبي صلى هللا عليه و سلم أيضا ً على اإلحسان و أمر به في كل شيء فقال صلى هللا عليه و سلم (( :إن هللا كتب
اإلحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ،و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ،و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته ))
التوبة
• التوبة :من أسباب محبة هللا لعبده إذا تحققت بشروطها المعروفة و هي :
oفإذا تحققت هذه الشروط ألربعة في التوبة :كانت سببا ً لمحبة هللا تعالى لعبده .
~ ~ 15
فهو سبحانه يحب التائبين و يفرح بتوبتهم ،و ذلك لعظيم رحمته و سعة مغفرته .
ت كثيرات ،منها قوله تعالى { :و توبوا إلى هللا جميعا ً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }
و قد أمر هللا عباده بالتوبة في آيا ٍ
و قوله { :يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى هللا توبةً نصوحا ً }
و حث النبي صلى هللا عليه و سلم عليها في أحاديث كثير ٍة أيضا ً ،و رغب فيها :فعن أبي هريرة رضي هلل عنه قال :سمعت
رسول هللا صلى هللا عليه و سلم يقول (( :و هللا إني ألستغفر هللا ،و أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ))
و في رواية لمسلم من حديث األغر بن يسار المزني (( :يا أيها الناس توبوا إلى هللا و استغفروه فإني أتوب إليه في اليوم
و عن أبي موسى األشعري رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و سلم قال (( :إن هللا تعالى يبسط يده بالليل ليتوب
مسيء النهار ،و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ))
و عن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :هللا أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على
عليها طعامه و شرابه فيئس منها ،فأتى شجرة فاضطجع في ظلها ،و قد يئس من راحلته ،فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة
عنده ،فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح :اللهم أنت عبدي و أنا ربك ،أخطأ من شدة الفرح ))
الطهارة
~ ~ 16
قال تعالى { :و يحب المتطهرين }
الطهارة سبب من أسباب محبة هللا لعبده ،و هي قسمان :طهارة حسية ،و طهارة معنوية :
و أما الطهارة المعنوية :فهي التطهر عن الشرك و األخالق الرذيلة و الصفات القبيحة .
قال السعدي رحمه هللا عند تفسيره لقوله تعالى { :و يحب المتطهرين }
أي :المتنزهين عن اآلثام ،و هذا يشمل التطهر الحسي من األنجاس و األحداث ففيه مشروعية الطهارة مطلقا ً ،ألن هللا
تعالى يحب المتصف بها ،و يشمل التطهر المعنوي عن األخالق الرذيلة و الصفات القبيحة و األفعال الخسيسة ))
التوكل
التوكل من أسباب محبة هللا تعالى لعبده ،و هو اعتماد القلب على حول هللا و قوته ،و التبرئ من كل حول و قوة.
ت كثيرات ،منها :قوله تعالى {:و توكل على الحي الذي ال يموت
و قد أمر هللا تعالى بالتوكل و حث عليه و رغب فيه في آيا ٍ
}
و كذلك حث النبي صلى هللا عليه و سلم على التوكل و رغب فيه في أحاديث كثيرة منها :
~ ~ 17
حديث ابن عباس رضي هللا عنه في وصف السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب و ال عذاب ،فقال (( :هم الذين ال
و عن ابن عباس رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه و سلم كان يقول (( :اللهم لك أسلمت و بك آمنت ،و عليك
توكلت ،و إليك أنبت ،و بك خاصمت .اللهم إني أعوذ بعزتك ،ال إله إال أنت أن تضلني أنت الحي الذي ال يموت ،و الجن
العدل و القسط
القسط و العدل :من أسباب محبة هللا تعالى لعبده ،كما أن الظلم من أسباب بغض هللا تعالى لعبده ،قال تعالى { :و هللا ال
يحب الظالمين }
و قل سبحانه {:يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء هلل و لو على أنفسكم أو الوالدين و األقربين }
و كذلك حث النبي صلى هللا عليه و سلم على العدل في أحاديث كثيرة منها :عن النعمان بن بشير قال :قال رسول هلل صلى
~ ~ 18
و عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال صلى هللا عليه و سلم (( :سبعة يظلهم هللا يوم ال ظل إال ظله – ثم ذكر منهم –
إما ٌم عادل))
و عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :إن المقسطين عند هللا
قل تعالى { :إن هللا يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ً كأنهم بنيانٌ المرصوص }
بقوم يحبهم و يحبونه أذل ٍة على المؤمنين أعز ٍة على الكافرين يجاهدون في سبيل هللا و ال
ٍ و قال تعالى { :فسوف يأتي هللا
و قال تعالى {:و قاتلوا في سبيل هللا و اعلموا أن هللا سمي ٌع عليم}
و قال سبحانه { :انفروا خفافا ً و ثقاال و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل هللا }
و كذلك حث النبي صلى هللا عليه و سلم على الجهاد في سبيل هللا و رغب فيه في أحاديث كثيرة ،منها :
عن ابن مسعود رضي هللا عنه قال :قلت :يا رسول هللا ،أي العمل أحب إلى هللا تعالى :قال (( :الصالة على وقتها )) ،
قلت :ثم أي؟ قال (( :بر الوالدين )) قلت :ثم أي؟ قال (( :الجهاد في سبيل هللا ))
~ ~ 19
و عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :إن في الجنة مائة درجة أعدها هللا للمجاهدين
في سبيل هللا ،ما بين الدرجتين كما بين السماء و األرض))
و عن أنس رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :لغدوةٌ في سبيل هللا ،أو روحة ٌ ،
خير من الدنيا و
و عن عبد الرحمن بن جبير رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :ما أغبرت قدما عب ٍد في سبيل هللا
فتمسه النار))
باب يوجب محبة العبد هلل و محبة هللا للعبد كما أسلفنا .
فهذا ٌ
عن عائشة رضي هللا عنها ،أن رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ،بعث رجالً على سرية ،فكان يقرأ ألصحابه في صالتهم
فيختم ب { قل هو هللا أحد} فلما رجعوا ،ذكروا ذلك لرسول هللا صلى هللا عليه و سلم ،فقال (( :سلوه ألي شيءٍ صنع
ذلك؟))فسألوه ،فقال :ألنها صفةٌ للرحمن ،فأنا أحب أن أقرأ بها ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم (( :أخبروه أن هللا
~ ~ 20
األعمال التي يحب هللا أهلها واجتناب األعمال التي ال يحب هللا أهلها
وعندما نتأمل شيئا ما ،ما ورد في التعليمات والتوجيهات اإللهية عبر الوحي األخير ،عبر أحسن الحديث المنزل" القرآن "
سنفاجأ بحجم ووزن الغفلة التي نحن فيها غارقون ،السيما ونحن معنيون بما نتلوه مثل :
ب ا ْل ُمحْ ِ
س ِنينَ ) [البقرة[195 : ( ِإنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب الت َّ َّوابِينَ َويُ ِح ُّب ا ْل ُمت َ َط ِه ِرينَ ) [البقرة.]222 : ( -2إِنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُمحْ ِ
سنِينَ ) [آل عمران.]134 : ّللاُ يُ ِح ُّ
(و َّ
َ -4
ب ا ْل ُمحْ ِ
سنِينَ ) [آلعمران.]148 : ّللاُ يُ ِح ُّ
(و َّ
َ -6
ب ا ْل ُمحْ ِ
سنِينَ ) [المائدة.]13 : ( -8إِنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُم ْق ِ
س ِطينَ ) [المائدة.]42 : ( -9إِنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُمحْ ِ
سنِينَ ) [المائدة.]93 : ّللاُ يُ ِح ُّ
(و َّ
َ -10
~ ~ 21
ب ا ْل ُمتَّ ِقينَ ) [التوبة.]4 : ِ ( -11إنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُم ْق ِ
س ِطينَ ) [الحجرات.]9 : ( -14إِنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُم ْق ِ
س ِطينَ ) [الممتحنة.]8 : ( -15إِنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
صفًّا َكأَنَّ ُه ْم بُ ْن َيانٌ َم ْرصُوصٌ ) [الصف.]4 : ب الَّ ِذينَ يُقَا ِتلُونَ فِي َ
س ِبي ِل ِه َ ِ ( -16إنَّ َّ َ
ّللا يُ ِح ُّ
ب ا ْلفَ َ
سادَ) [البقرة.]205 : ّللاُ ال يُ ِح ُّ • َ
(و َّ
ب ال َّ
ظا ِل ِمينَ ) [آل عمران.]57 : ّللاُ ال يُ ِح ُّ • َ
(و َّ
ب ال َّ
ظا ِل ِمينَ ) [آل عمران.]140 : ّللاُ ال يُ ِح ُّ • َ
(و َّ
ب َم ْن كَانَ ُم ْختَاال فَ ُخ ً
ورا) [النساء.]36 : • (إِنَّ َّ
ّللاَ ال يُ ِح ُّ
~ ~ 22
ب َم ْن كَانَ َخ َّوانًا أَثِي ًما) [النساء.]107 : • (إِنَّ َّ
ّللاَ ال يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُم ْف ِ
س ِدينَ ) [المائدة.]64 : ّللاُ اليُ ِح ُّ • َ
(و َّ
ان َكفُ ٍ
ور) [الحج.]38 : ب كُل َ َخ َّو ٍ • ( ِإنَّ َّ
ّللاَ ال يُ ِح ُّ
ب ا ْل ُم ْف ِ
س ِدينَ ) [القصص.]77 : • ( ِإنَّ َّ
ّللاَ ال يُ ِح ُّ
ب ُك َّل ُم ْختَا ٍل فَ ُخ ٍ
ور) [لقمان.]18 : • ( ِإنَّ َّ
ّللاَ ال يُ ِح ُّ
ب ُك َّل ُم ْختَا ٍل فَ ُخ ٍ
ور) [الحديد.]23 : ّللاُ ال يُ ِح ُّ • َ
(و َّ
وهكذا ،بعد أن نكون أدركنا ماذا يحب هللا ،وماذا ال يحب ،أال نتساءل عن الحب الحقيقي الذي علينا أن نطمع فيه ونطمح
للوقوع فيه ؟
أال يجب علينا أن نتأمل مليا وبجدية اآليات القرآنية ،مثل تلك الواردة في سورة البقرة رقم ( :125ومن الناس من يتخذ من
دون هللا أندادا يحبونهم كحب هللا والذين آمنوا أشد حبا هلل ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة هلل جميعا وأن هللا
~ ~ 23
إذن فمن الراجح أننا سنستنتج أن الحب ،كل الحب ،وال شئ غير الحب ينبغي أن يكون هلل وحده ال شريك له ،أي أن الحب
الحقيقي هو للخالق وحده ،وليس ألي مخلوق ،ومهما كان هذا اإلنسان ،وبيننا الدليل القائم الصريح الصارخ وهو أن المخلوق
محمــدا عليه الصالة والتسليم هو نفسه ينصحنا بما كلفه هللا العلي العظيم في حديثه الصحيح المنزل الوارد في اآلية رقم
31بسورة آل عمران( :قل إن كنتم تحبون هللا فاتبعوني يحببكم هللا .)....
وبالتالي ،فإن رسول هللا عليه الصالة والتسليم ينصحنا بأن نتنافس في اإلرتقاء لبلوغ هذا الحب وما أدراك ما هو من-حب-
السيما عندما يبلغ أوجه ويتوج بحب متبادل بين المخلوق المحب ،وبين خالقه الودود الرحمن الرحيم ،وأن السبيل الوحيدة
الحب في هللا
و الحب في هللا من أسباب نيل محبة هللا تعالى ،فعن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه و سلم (( :أن رجالً
زار أخا ً له في قرية أخرى ،فأرصد هللا له على مدرجته ملكا ً .فلما أتى عليه قال :أين تريد ؟ قال :أريد أخا ً لي في هذه
القرية .قال :هل لك عليه من نعم ٍة تربُّهَا؟(أي :تقوم بإصالحها ،و تنهض بسببها ) قال :ال .غير أني أحببته في هللا عز
وجل .قال :فإني رسول هللا إليك ،بأن هللا قد أحبك كما أحببته فيه ))
و عنه أيضا ً أن النبي صلى هللا عليه و سلم قال (( :إت هللا يقول يوم القيامة :أين المتحابون بجاللي ؟ اليوم أظلهم في ظلي
~ ~ 24
و في الجملة أن من حافظ على ما يحبه هللا و يرضاه ،و ابتعد عن كل ما يسخط هللا تعالى و يأباه :نال محبة هللا عز و جل
و رضاه .
إن لمحبة هللا تعالى لعبده ثمرات عظيمة في الدنيا و اآلخرة ،فيكفيه أن يكون هللا تعالى معه في كل صغيرة و كبيرة يوفقه و
يسدده و يحفظه و يرعاه ،يحفظ سمعه عن السماع لما يغضب هللا ،و يحفظ بصره عن رؤية ما يغضب هللا ،و يحفظ يده
عن أن تفعل ما يغضب هللا ،يحفظ قدمه من أن تمشي إلى ما يكرهه هللا ،و يحفظ جوارحه كلها عن كل ما يسخط هللا تعالى
و يغضبه .
يحبه جبريل ،و يحبه أهل السماء جميعا ً ،و يوضع له القبول في األرض بين الناس .
ينجو من عذاب القبر ،و يأمن الفزع األكبر ،و ينال كتابه بيمينه ،و يمر على الصراط مرور الكرام ،و يشرب من حوض
النبي صلى هللا عليه و سلم ،و ينجو من النار و عذابها ،و يدخل الجنة دار الكرامة ،و ينظر إلى وجه هللا تعالى و هو أعظم
نعيم للمحب أن يرى حبيبه بعدما طال الشوق إليه ،و يرضى هللا تعالى عليه رضا ً ال سخط بعده أبداً .
ٍ
كل هذه الثمرات ال تجعل العبد في نيل محبة هللا تعالى و رضاه؟!عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا
عليه و سلم (( :إن هللا تعالى قال :من عادى لي وليا ً فقد آذنته بالحرب ،و ما تقرب إل َّ
ي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته
عليه ،و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده
التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و إن سألني أعطيته ،و لئن استعاذني ال عيذنه )).
~ ~ 25
و عنه أيضا ً قال :قال رسول له صلى هللا عليه و سلم (( :إذا أحب هللا تعالى العبد ،نادى جبريل :إن هللا يحب فالنا ً فأحبه
،فيحبه جبريل ،فينادي في أهل السماء إن هللا يحب فالنا ً فأحبوه ،فيحبه أهل السماء ،ثم يوضع له القبول في األرض ))
و قال تعالى { :و قالت اليهود و النصارى نحن أبناء هللا و أحباؤه قل فلم يُعَذِبكُم بذنوبكم }
قال بعض السلف :ذهب المحبون بشرف الدنيا و اآلخرة ،ألن رسول هللا صلى هللا عليه و سلم قال ( :المرء مع من أحب
و من تمام محبة هللا ما يحبه و كراهة ما يكرهه ،فمن أحب شيئا مما كرهه هللا ،أو كره شيئا مما يحبه هللا ،لم يكمل توحيده
و صدقه في قوله ال إله إال هللا ،و كان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما أحبه هللا ،و ما أحبه مما يكرهه هللا
من أحب شيئا سوى هللا ،و لم تكن محبته له هلل ،و ال لكونه معينا له على طاعة هللا ،عذب به في الدنيا قبل اللقاء كما
قيل :
~ ~ 26
أنت القتيل بكل من أحببته *** فاختر لنفسك في الهوى من تصطفيو من تمام محبة هللا ما يحبه و كراهة ما يكرهه ،فمن
أحب شيئا مما كرهه هللا ،أو كره شيئا مما يحبه هللا ،لم يكمل توحيده و صدقه في قوله ال إله إال هللا ،و كان فيه من الشرك
الخفي بحسب ما كرهه مما أحبه هللا ،و ما أحبه مما يكرهه هللا
4الخاتمة
و أخيرا ً نسأل هللا أن يجعلنا من المحبين الصادقين ،و أن يغفر لنا ذنوبنا ،و أن يستر عيوبنا ،و أال يفضحنا بين خلقه و ال
بين يديه ،و أن يرزقنا لذة النظر إلى حسن وجهه الكريم ،و صحبة نبيه األمين ،في جنات النعيم ،و أن يغفر لوالدينا و
مشايخنا و أزواجنا و من له حقٌّ علينا إنه نعم المولى و نعم النصير .
و صلى هللا و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين .
~ ~ 27
5المراجع
عبدالرحمن بن سعد الشثري (" ،)2018-11-4محبة هللا لعبده :مكانتها وعالماتها وسبل الحصول عليها"، •
أجمد حطيبة ،كتاب شرح رياض الصالحين ،صفحة ،2جزء .23بتصرف. •
محمد حسين يعقوب ،كتاب أصول الوصول إلى هللا تعالى (الطبعة الثانية) ،القاهرة :لمكتبة التوفيقية ،صفحة -303 •
.304بتصرف ^ .أ ب ت
سورة آل عمران ،آية ^ .31 :أ ب رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن معاوية بن أبي سفيان ،الصفحة أو •
الرقم ، 71 :صحيح.
سورة المائدة ،آية ^ .54 :أ ب ت رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أبي هريرة ،الصفحة أو الرقم،6502 : •
صحيح .رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أبي هريرة ،الصفحة أو الرقم ، 3209 :صحيح.
هشام آل عقدة ( ،)1418كتاب مختصر معارج القبول (الطبعة الخامسة) ،الرياض :مكتبة الكوثر ،صفحة ،98-96 •
جزء .1بتصرف.
رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أنس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ، 21 :صحيح. •
عائض القرني ،دروس الشيخ عائض القرني ،صفحة ،21-18جزء .137بتصرف. •
~ ~ 28
رواه األلباني ،في صحيح الترمذي ،عن عبدهللا بن بسر ،الصفحة أو الرقم ،3375 :صحيح. •
"هؤالء ممن يحبهم هللا" ، 07-12-2004 ،ar.islamway.net ،اطلع عليه بتاريخ .2020-7-13بتصرف. •
رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن عبادة بن الصامت ،الصفحة أو الرقم ، 6507 :صحيح. •
رواه مسلم ،في صحيح مسلم ،عن أبي هريرة ،الصفحة أو الرقم ،2566 :صحيح. •
مجدي الهاللي ( ،)2007كتاب كيف نحب هللا ونشتاق إليه (الطبعة األولى)، •
القاهرة :مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة ،صفحة ،12-8جزء .1بتصرف. •
~ ~ 29
رواه البخاري ،في صحيح البخاري ،عن أبي هريرة ،الصفحة أو الرقم ،5641 :صحيح. •
محمد حسن عبد الغفار ،كتاب شرح لمعة االعتقاد ،صفحة ،7-5جزء .6بتصرف. •
رواه الترمذي ،في سنن الترمذي ،عن أنس بن مالك ،الصفحة أو الرقم ،2385 :صحيح •
المحتويات
1 مقدمه 1
~ ~ 30
i
ii
iii
~ 31 ~