Professional Documents
Culture Documents
ونبذ ما خالفه
[المقدمة]
بسم هللا الرحمن الرحيم
4
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
6
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
وإلههم ،وهو الذي خلقهم وهو الذي يأمرهم وينهاهم،
ويحييهم ويميتهم ،ويحاسبهم ويجازيهم ،وهو المستحق
ق َواَأْل ْم ُر﴾ للعبادة دون كل ما سواه قال تعالىَ﴿ :أاَل لَهُ ا ْل َخ ْل ُ
[األعراف ،]54 :فكما أنه الخالق وحده ،فهو اآلمر سبحانه،
والواجب طاعة أمره.
وقد حكى هللا عن اليهود والنصارى أنهم اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابًا من دون هللا ،لما أطاعوهم في تحليل الحرام
وتحريم الحالل ،قال هللا تعالى﴿ :اتَّ َخ ُذوا َأ ْحبَا َر ُه ْم َو ُر ْهبَانَ ُه ْم
يح ابْنَ َم ْريَ َم َو َما ُأ ِم ُروا ِإاَّل لِيَ ْعبُدُوا ِإلَ ًها
س َ َأ ْربَابًا ِمنْ د ِ
ُون هَّللا ِ َوا ْل َم ِ
س ْب َحانَهُ َع َّما يُ ْش ِر ُكونَ ﴾ [التوبة.]31 : َوا ِحدًا اَل ِإلَهَ ِإاَّل ه َُو ُ
وقد روي عن عدي بن حاتم رضي هللا عنه أنه ظن أن
عبادة األحبار والرهبان إنما تكون في الذبح لهم ،والنذر لهم،
والسجود والركوع لهم فقط ونحو ذلك ،وذلك عندما «قدم
على النبي صلى هللا عليه وسلم مسل ًما وسمعه يقرأ هذه اآلية،
فقال :يا رسول هللا ،إنّا لسنا نعبدهم ،يريد بذلك النصارى
حيث كان نصرانيًّا قبل إسالمه ،قال صلى هللا عليه وسلم:
أليس يُحرّمون ما أحل هللا فتحرّمونه ويُحلّون ما حرّم
فتحلونه؟ قال بلى ،قال :فتلك عبادتهم» رواه أحمد والترمذي
وحسنه.
7
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره( :ولهذا قال تعالىَ ﴿ :و َما
ُأ ِم ُروا ِإاَّل لِيَ ْعبُدُوا ِإلَ ًها َوا ِحدًا﴾ [التوبة ،]31 :أي الذي إذا حرَّم
الشيء فهو الحرام ،وما حلّله فهو الحالل X،وما َش َرعه اتُّبع،
س ْب َحانَهُ َع َّما يُ ْش ِر ُكونَ ﴾ أي تعالى وما حكم به نَفَذ﴿ ،اَل ِإلَهَ ِإاَّل ُه َو ُ
وتقدس وتنزه عن الشركاء والنظراء واألعوان واألضداد
واألوالد ،ال إله إال هو وال رب سواه) اهـ [تفسير ابن كثير
ج 2ص .]349
"فصل" Xإذا ُعلم أن التحاكم إلى شرع هللا من مقتضى
شهادة أن ال إله إال هللا ،وأن محمدًا عبده ورسولهّ ،
فإن
التحاكم إلى الطواغيت والرؤساء والعرافين ونحوهم ينافي
اإليمان باهلل عز وجل ،وهو كفر وظلم وفسق ،يقول هللا
تعالىَ ﴿ :و َمنْ لَ ْم يَ ْح ُك ْم بِ َما َأ ْن َز َل هَّللا ُ فَُأولَِئ َك ُه ُم ا ْل َكافِ ُرونَ ﴾ [المائدة:
،]44ويقولَ ﴿ :و َكتَ ْبنَا َعلَ ْي ِه ْم فِي َها َأنَّ النَّ ْف َ
س بِالنَّ ْف ِ
س َوا ْل َعيْنَ بِا ْل َع ْي ِن
اص فَ َمنْ
ص ٌ وح قِ َ سنِّ َوا ْل ُج ُر َ سنَّ بِال ِّ ف َواُأْل ُذنَ بِاُأْل ُذ ِن َوال َِّواَأْل ْنفَ بِاَأْل ْن ِ
ق بِ ِه فَ ُه َو َكفَّا َرةٌ لَهُ َو َمنْ لَ ْم يَ ْح ُك ْم بِ َما َأ ْنزَ َل هَّللا ُ فَُأولَِئ َك ُه ُم
َص َّد َ
ت َ
يل بِ َما َأ ْنزَ َل
الظَّالِ ُمونَ ﴾ [المائدة ،]45 :ويقولَ ﴿ :و ْليَ ْح ُك ْم َأ ْه ُل اِإْل ْن ِج ِ
هَّللا ُ فِي ِه َو َمنْ لَ ْم يَ ْح ُك ْم بِ َما َأ ْن َز َل هَّللا ُ فَُأولَِئ َك ُه ُم ا ْلفَا ِسقُونَ ﴾ [المائدة:
.]47
8
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
وبيّن تعالى أن الحكم بغير ما أنزل هللا حكم الجاهلين،
وأن اإلعراض عن حكم هللا تعالى سبب لحلول عقابه ،وبأسه
الذي ال يرد عن القوم الظالمين ،يقول سبحانهَ ﴿ :وَأ ِن ْ
اح ُك ْم
اح َذ ْر ُه ْم َأنْ يَ ْفتِنُو َك عَنْ بَ ْع ِ
ض بَ ْينَ ُه ْم بِ َما َأ ْنزَ َل هَّللا ُ َواَل تَتَّبِ ْع َأ ْه َوا َء ُه ْم َو ْ
ض
صيبَ ُه ْم بِبَ ْع ِ َما َأ ْن َز َل هَّللا ُ ِإلَ ْيكَ فَِإنْ ت ََولَّ ْوا فَا ْعلَ ْم َأنَّ َما يُ ِري ُد هَّللا ُ َأنْ يُ ِ
اسقُونَ * َأفَ ُح ْك َم ا ْل َجا ِهلِيَّ ِة يَ ْب ُغونَ س لَفَ ِ ُذنُوبِ ِه ْم َوِإنَّ َكثِي ًرا ِمنَ النَّا ِ
َو َمنْ َأ ْح َسنُ ِمنَ هَّللا ِ ُح ْك ًما لِقَ ْو ٍم يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة،]50 - 49 :
أن األم َر بالتحاكم وإن القارئ لهذه اآلية والمتدبر لها يَتبيَّن له َّ
إلى ما أنزل هللا ُأ ِّكد بمؤكدا ٍ
ت ثمانية:
اح ُك ْم بَ ْينَ ُه ْم بِ َما َأ ْن َز َل
األول :األمر به في قوله تعالىَ ﴿ :وَأ ِن ْ
هَّللا ُ﴾ [المائدة.]49 :
الثاني :أن ال تكون أهواء الناس ورغباتهم مانعة من
﴿واَل تَتَّبِ ْعالحكم به بأي حال من األحوال وذلك في قولهَ :
َأه َْوا َء ُه ْم﴾ [المائدة.]49 :
الثالث :التحذير من عدم تحكيم شرع هللا في القليل
اح َذ ْر ُه ْم َأنْ
والكثير ،والصغير والكبير ،بقوله سبحانهَ ﴿ :و ْ
ض َما َأ ْنزَ َل هَّللا ُ ِإلَ ْي َك﴾ [المائدة.]49 :
يَ ْفتِنُو َك عَنْ بَ ْع ِ
الرابع :أن التولِّي عن حكم هللا وعدم قبول شيء منه ذنب
عظيم موجب للعقاب Xاألليم ،قال تعالى﴿ :فَِإنْ ت ََولَّ ْوا فَا ْعلَ ْم َأنَّ َما
ض ُذنُوبِ ِه ْم﴾ [المائدة.]49 : صيبَ ُه ْم بِبَ ْع ِ يُ ِري ُد هَّللا ُ َأنْ يُ ِ
الخامس :التحذير من االغترار بكثرة المعرضين عن
حكم هللا ،فإن الشكور من عباد هللا قليل ،يقول تعالىَ :
﴿وِإنَّ
اسقُونَ ﴾ [المائدة.]49 : س لَفَ ِ
َكثِي ًرا ِمنَ النَّا ِ
9
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
السادس :وصف الحكم بغير ما أنزل هللا بأنه حكم
الجاهلية ،يقول سبحانهَ﴿ :أفَ ُح ْك َم ا ْل َجا ِهلِيَّ ِة يَ ْب ُغونَ ﴾ [المائدة.]50 :
السابع :تقرير المعنى العظيم بأن حكم هللا أحسن األحكام
وأعدلها ،يقول عز وجلَ ﴿ :و َمنْ َأ ْح َسنُ ِمنَ هَّللا ِ ُح ْك ًما﴾ [المائدة:
.]50
الثامن :أن مقتضى اليقين هو العلم بأن حكم هللا هو خير
األحكام وأكملها وأتمها وأعدلها ،وأن الواجب االنقياد له ،مع
سنُ ِمنَ هَّللا ِ ُح ْك ًما لِقَ ْو ٍم الرضا والتسليم ،يقول سبحانهَ ﴿ :و َمنْ َأ ْح َ
يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة.]50 :
وهذه المعاني موجودة في آيات كثيرة في القرآن ،وتدل
عليها أقوال الرسول صلى هللا عليه وسلم وأفعاله ،فمن ذلك
صيبَ ُه ْم فِ ْتنَةٌ قوله سبحانه﴿ :فَ ْليَ ْح َذ ِر الَّ ِذينَ يُ َخالِفُونَ عَنْ َأ ْم ِر ِه َأنْ تُ ِ
اب َألِي ٌم﴾ [النور ،]63 :وقوله﴿ :فَاَل َو َربِّكَ اَل َأ ْو يُ ِ
صيبَ ُه ْم َع َذ ٌ
يُْؤ ِمنُونَ َحتَّى يُ َح ِّك ُمو َك فِي َما ش ََج َر بَ ْينَ ُه ْم﴾ [النساء ]65 :اآلية،
وقوله﴿ :اتَّبِ ُعوا َما ُأ ْن ِز َل ِإلَ ْي ُك ْم ِمنْ َربِّ ُك ْم﴾ [األعراف ،]3 :وقوله:
سولُهُ َأ ْم ًرا َأنْ يَ ُكونَ ﴿ َو َما َكانَ لِ ُمْؤ ِم ٍن َواَل ُمْؤ ِمنَ ٍAة ِإ َذا قَ َ
ضى هَّللا ُ َو َر ُ
لَ ُه ُم ا ْل ِخيَ َرةُ ِمنْ َأ ْم ِر ِه ْم﴾ [األحزاب.]36 :
وروي عن الرسول صلى هللا عليه وسلم أنه قال« :ال
يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» قال النووي:
حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
وروي أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال لعدي بن حاتم:
«أليسوا يُحلّون ما ح ّرم هللا فتحلونه ويحرمون ما أحل هللا
فتحرمونه؟ قال بلى قال فتلك عبادتهم».
10
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
وقال ابن عباس رضي هللا عنه لبعض من جادله في
بعض المسائل( :يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء،
أقول :قال رسول هللا ،وتقولون :قال أبو بكر وعمر) ،ومعنى
هذا :أن العبد يجب عليه االنقياد التام لقول هللا تعالى ،وقول
رسوله ،وتقديمهما على قول كل أحد ،وهذا أمر معلوم من
الدين بالضرورة.
11
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
12
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
سو َل َوُأولِي اَأْل ْم ِر ِم ْن ُك ْم فَِإنْ تَنَا َز ْعتُ ْم آ َمنُوا َأ ِطي ُعوا هَّللا َ َوَأ ِطي ُعوا ال َّر ُ
سو ِل ِإنْ ُك ْنتُ ْم تُْؤ ِمنُونَ بِاهَّلل ِ َوا ْليَ ْو ِمفِي ش َْي ٍء فَ ُردُّوهُ ِإلَى هَّللا ِ َوال َّر ُ
اآْل ِخ ِر َذلِ َك َخ ْي ٌر َوَأ ْح َسنُ تَْأ ِوياًل ﴾ [النساء ،]59 - 58 :واآلية وإن
كان فيها التوجيه العام للحاكم والمحكوم والراعي والرعية،
فإن فيها مع ذلك توجيهَ القضاة إلى الحكم بالعدل ،فقد َأم َرهم
بأن يحكموا بالعدل ،وأم َر المؤمنين أن يَقبَلوا ذلك الحكم الذي
هو مقتضى ما َش َرعه هللا سبحانه ،وأنزله على رسولهْ ،
وأن
األمر إلى هللا ورسوله في حال التنازع واالختالف. َ يَ ُر ُّدوا
13
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
[خاتمة]
شرع
ِ أن تحكي َم"خاتمة" ومما تقدم يَتَبيَّن لك أيها المسلم َّ
هللا والتحاك َم إليه مما أوجبه هللاُ ورسولُه ،وأنه مقتضى
العبودية هلل والشهادة بالرسالة لنبيه محمد صلى هللا عليه
وأن اإلعراض عن ذلك أو شيًئا منه موجب لعذاب هللا وسلمّ ،
وعقابه ،وهذا األمر سواء بالنسبة لما تعامل به الدولة
رعيتها ،أو ما ينبغي أن تدين به جماعة المسلمين في كل
مكان وزمان ،وفي حال االختالف والتنازع الخاص والعام،
سواء كان بين دولة وأخرى ،أو بين جماعة وجماعة ،أو بين
مسلم وآخر ،الحكم في ذلك كله سواء ،فاهلل سبحانه له الخلق
واألمر ،وهو أحكم الحاكمين ،وال إيمان لمن اعتقد أن أحكام
الناس وآراءهم خير من حكم هللا ورسوله ،أو تماثله
وتشابهه ،أو أجاز أن يحل محلَّها األحكا ُم الوضعيةُ واألنظمةُ
البشرية ،وإن كان معتقدًا بأن أحكام هللا خير وأكمل وأعدل...
فالواجب Xعلى عامة المسلمين وأمرائهم وحكامهم ،وأهل
الحل والعقد فيهم :أن يَتَّقوا هللاَ عز وجل ويح ِّكموا شريعتَه في
بلدانهم وسائر شئونهم ،وأن يَقُوا أنف َسهم و َمن تحت واليتهم
عذاب هللا في الدنيا واآلخرة ،وأن يعتبروا بما ح َّل في البلدان
التي أعرضت عن حكم هللا ،وسارت في ركاب َمن قَلَّد
الغربيين ،واتبع طريقتَهم ،من االختالف والتفرُّ ق وضروب
الفتن ،وقلة الخيرات ،وكون بعضهم يقتل بعضًا ،وال يزال
14
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
األم ُر عندهم في شدة ،ولن تصلح أحوالهم ويرفع تسلّط
األعداء عليهم سياسيًّا وفكريًّا إال إذا عادوا إلى هللا سبحانه،
وسلكوا سبيله المستقيم الذي رضيه لعباده ،وأمرهم به
ووعدهم به جنات النعيم ،وصدق سبحانه إذ يقولَ ﴿ :و َمنْ
ش ُرهُ يَ ْو َم ا ْلقِيَا َم ِة َأ ْع َمى شةً َ
ض ْن ًكا َونَ ْح ُ ض عَنْ ِذ ْك ِري فَِإنَّ لَهُ َم ِعي َ َأ ْع َر َ
صي ًرا * قَا َل َك َذلِ َك َأتَ ْتكَ * قَا َل َر ِّب لِ َم َحش َْرتَنِي َأ ْع َمى َوقَ ْد ُك ْنتُ بَ ِ
آيَاتُنَا فَنَ ِسيتَ َها َو َك َذلِ َك ا ْليَ ْو َم تُ ْن َسى﴾ [طه ،]126 - 124 :وال
أعظم من الضنك الذي عاقب هللا به من عصاه ،ولم يستجب
ألوامره ،فاستبدل أحكام المخلوق الضعيف ،بأحكام هللا رب
العالمين ،وما أسفه رأي من لديه كالم هللا تعالى لينطق بالحق
ويفصل في األمور ويبين الطريق ويهدي الضال X،ثم ينبذه
ليأخذ بداًل منه أقوال رجل من الناس ،أو نظام دولة من
الدول ،ألم يعلم هؤالء أنهم خسروا الدنيا واآلخرة فلم
يحصلوا الفالح والسعادة في الدنيا ،ولم يسلموا من عقاب هللا
وعذابه يوم القيامة؟!
أسأل هللا أن يجعل كلمتي هذه مذكرة للقوم ،ومنبهة لهم
للتفكر في أحوالهم ،والنظر فيما فعلوه بأنفسهم وشعوبهم،
فيعودوا إلى رشدهم ،ويلزموا كتاب هللا وسنة رسوله صلى
هللا عليه وسلم؛ ليكونوا من أمة محمد صلى هللا عليه وسلم
حقًّا ،وليرفع ذكرهم بين شعوب األرض ،كما ارتفع به ذكر
السلف الصالح ،والقرون المفضلة من هذه األمة ،حتى ملكوا
األرض وسادوا الدنيا ،ودانت لهم العباد ،كل ذلك بنصر هللا
الذي ينصر عباده المؤمنين الذين استجابوا له ولرسوله ،أال
15
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
ي جُرْ ٍم ارتكبوا ،وما جروه نز أضاعوا وأ َّي َك ٍ ليتهم يعلمون أ َّ
على أممهم من البالء والمصائب قال هللا تعالىَ :
﴿وِإنَّهُ لَ ِذ ْك ٌر لَكَ
َولِقَ ْو ِمكَ َو َس ْوفَ تُ ْسَألُونَ ﴾ [الزخرف.]44 :
وجاء في الحديث عنه صلى هللا عليه وسلم ما معناه« :أن
القرآن يرفع من الصدور والمصاحف Xفي آخر الزمان»،
حين يزهد فيه أهله ،ويعرضون عنه تالوة وتحكي ًما.
الحذر أن يُصاب المسلمون بهذه المصيبة ،أو َ فالحذر
َ
تصاب بها أجيالهم المقبلة؛ بسبب صنيعهم ،فإنَّا هلل وإنا إليه
راجعون.
ضا إلى أقوام من المسلمين يعيشون وأوجه نصيحتي أي ً
بينهم ،وقد علموا الدين ،وشرع رب العالمين ،ومع ذلك ال
زالوا يتحاكمون عند النزاع إلى رجال يَحْ ُكمون بينهم بعادات
صلون بينهم بعبارات وسجعات ،مشابهين في وأعراف ،ويَ ْف ِ
ذلك صنيع أهل الجاهلية األولى.
وأرجو ممن بلغته موعظتي هذه أن يتوب إلى هللا ،وأن
يكف عن تلك األفعال المحرمة ،ويستغفر هللا ويندم على ما َّ
فات ،وأن يتواصى مع إخوانه و َمن حوله على إبطا ِل ك ِّل
فإن التوبة تجُبُّ ما ف مخالف لشرع هللاَّ ، عاد ٍة جاهلية ،أو عُرْ ٍ
قبلها ،والتائب من الذنب كمن ال ذنب له ،وعلى والة أمور
أولئك الناس وأمثالهم أن يحرصوا على تذكيرهم وموعظتهم
بالحق ،وبيانه لهم ،وإيجاد الحكام الصالحين بينهم ،ليحصل
الخير بإذن هللا ويكفُّوا عبا َد هللا عن محا ّدته ،وارتكاب
معاصيه ،فما أحوج المسلمين اليوم إلى رحمة ربهم ،التي
16
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
يُغيِّر هللا بها حالهم X،ويرفعهم من حياة الذل والهوان إلى حياة
العز والشرف.
قلوب
َ وأسأل هللا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفتح
واإلقبال عليه سبحانه ،والعم ِل بشر ِعه ِ المسلمين لتَفَهُّم كال ِمه،
وااللتزام بحكمه ،عماًل بقوله عز ِ واإلعراض عما يخالفه، ِ
َأ َأ
وجل ﴿ِإ ِن ا ْل ُح ْك ُم ِإاَّل هَّلِل ِ َم َر اَّل تَ ْعبُدُوا ِإاَّل ِإيَّاهُ َذلِ َك الدِّينُ ا ْلقَيِّ ُم َولَ ِكنَّ
س اَل يَ ْعلَ ُمونَ ﴾ [يوسف.]40 : َأ ْكثَ َر النَّا ِ
وصلى هللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
17
وجوب تحكيم شرع هللا ونبذ ما خالفه
محتويات الكتاب
[المقدمة]3............................................................
[التحاكم إلى هللا من مقتضى شهادة أن ال إله إال هللا أن محمدا
عبده ورسوله]5......................................................
[التحاكم إلى الطواغيت والرؤساء والعرافين ونحوهم ينافي
اإليمان]9..............................................................
[التحاكم بين العباد بشرعه ووحيه ألنه سبحانه المنزه عما
يصيب البشر وهو العليم بأحوال عباده وما يصلحهم]14.....
[خاتمة]16............................................................
محتويات الكتاب20..................................................
18