You are on page 1of 9

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫احلمدهلل رب العاملني والصالة والسالم على رسوله األمني ‪ ،‬وبعد‪:‬‬


‫فإن أعظم الذنوب انتقاص الرب سبحانه وتعاىل أو سب الرب عز وجل أو آايته أو رسوله صلى هللا‬
‫عليه وسلم أو الدين‪ ،‬وقد قال هللا تعاىل ملن نسبوا للرمحن ولدا‪﴿ :‬لََّقد ِجئ تُمۡ َشي ئا إِ ّدا (‪ )٨٩‬تَ َك ُ‬
‫اد‬
‫ال َهدًّا (‪ )٩٠‬أَن َد َعوا لِ َّ‬
‫لرمحَ ِن َولَدا﴾‪ ،‬فهؤالء نسبوا‬ ‫ض َوََِت ُّر ٱلِبَ ُ‬ ‫ت يَتَ َفطَّر َن ِمنهُ َوتَن َ‬
‫ش ُّق ٱلَر ُ‬ ‫ٱلس َما َوا ُ‬
‫َّ‬
‫عظيما يكاد يؤثر على أكرب خملوقات هللا تعاىل‪ ،‬فكيف‬ ‫قوال ً‬ ‫الولد للرمحن سبحانه وتعاىل‪ ،‬فكان قوهلم هذا ً‬
‫مبن سب ذات الرب عز وجل‪.‬‬
‫وقد عذب هللا قوم لوط بعذاب أليم ألهنم ارتكبوا فاحشة إتيان الرجال من دون النساء وعاندوا وأصروا‪،‬‬
‫فكيف مبن ارتكب ما هو أعظم من تلك الفاحشة‪ ،‬وهي سب الرب عز وجل‪.‬‬
‫حاال ممن سب هللا تعاىل‪ ،‬وأشار بعضهم إىل‬
‫وقد قال بعض أهل العلم‪ :‬أن اليهودي والنصراين أحسن ً‬
‫أن حماربة من يسب هللا تعاىل أعلى مكانة من حماربة اليهود والنصارى‪.‬‬
‫وقد قال هللا تعاىل للذين انتقصوا حق الرسول صلى هللا عليه وسلم يف غزوة تبوك‪ ،‬عندما قالوا قولتهم‬
‫ٱَّلل َوءَ َايتِِه َوَر ُسولِ ِه ُكنتُم تَستَ ه ِزءُو َن (‪)٦٥‬‬
‫واستهزءوا ابلرسول والصحابة‪ ،‬أنزل هللا تعاىل قوله‪﴿ :‬قُل أَبِ َِّ‬
‫ََل تَعتَ ِذ ُروا قَد َك َفرُُت بَع َد إِيَانِ ُكم﴾‪ ،‬فهؤالء استهزءوا آبايت هللا تعاىل‪ ،‬فكيف (والعياذ ابهلل) مبن يسب‬
‫علوا كبريا‪.‬‬ ‫هللا تعاىل وينتقص حقه‪ ،‬سبحان هللا وحبمده وتعاىل عن قوهلم ً‬
‫وإن مما ينبغي على الدعاة واملصلحني توعية الناس وختويفهم هبذا اجلرم العظيم‪ ،‬السيما وهو ينتشر يف‬
‫خريا من قرع هذا األمر اجللل واملتفشي يف جمتمعاتنا‪ ،‬والذي هو أعظم مانع‬‫بالدان يف الشام‪ ،‬وجزى هللا ً‬
‫من موانع النصر على األعداء‪ ،‬وال حول وال قوة إال ابهلل تعاىل‪ ،‬فإن كانت معصية الرماة يوم أحد قد أثرت‬
‫مانعا له‪ ،‬فلحالنا اليوم ابلشام واملعاصي املنتشرة فينا‬
‫على تقدم املسلمني وحالت دون النصر وكانت ً‬
‫مانعا لتقدم املسلمني على الكفرة واملرتدين‪ ،‬نرجو‬
‫وأعظمها هذا الكفر هلو من ابب األوىل مانع للنصر و ً‬
‫من هللا تعاىل أن يغفر لنا ويرمحنا ويهدينا صراطه املستقيم‪.‬‬
‫وقد يسر هللا تعاىل ووفق أن مجعت بعض املسائل املتعلقة هبذا اجلرم‪ ،‬يف كتاب مسائل اهلمام‪ ،‬وقد‬
‫أفردهتا هنا وأضفت إليها مسائل أخرى‪ ،‬عسى هللا تعاىل أن ينفع هبا‪.‬‬
‫من نواقض اإلسالم ‪ :‬من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثوابه أو عقابه كفر‪ ،‬والدليل قوله‬
‫آيتِِه َوَر ُسولِ ِه ُكن تُم تَستَ ه ِزئُو َن (‪ََ )65‬ل تَعتَ ِذ ُروا قَد َك َفرُُت بَع َد إِيَانِ ُكم﴾ [التوبة]‪.‬‬ ‫ِ‬
‫تعاىل‪﴿ :‬قُل أَ ِِب ََّّلل َو َ‬
‫الشرح‪:‬‬
‫املسألة الوىل ‪ /‬يف معىن اَلستهزاء واَلدلة على كفر من ارتكب هذا الناقض‪:‬‬
‫االستهزاء هو‪ :‬انتقاص الرب عز وجل أو السخرية منه(والعياذ ابهلل)‪ ،‬أو انتقاص الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم والسخرية منه (والعياذ ابهلل) أو انتقاص الدين والسخرية منه (والعياذ ابهلل)‪ ،‬واالنتقاص يكون ابلسب‬
‫أو العيب أو السخرية ‪ ،‬وهذا كفر كله ‪.‬‬
‫آيتِِه َوَر ُسولِِه ُكن تُم‬ ‫ِ‬
‫ب قُل أَ ِِب ََّّلل َو َ‬ ‫قال هللا عز وجل‪َ ﴿ :‬ولَئِن َسأَلتَ ُهم لَيَ ُقول َّ‬
‫ُن إََِّّنَا ُكنَّا ََنُ ُ‬
‫وض َونَل َع ُ‬
‫تَستَ ه ِزئُو َن (‪ََ )65‬ل تَعتَ ِذ ُروا قَد َك َفرُُت بَع َد إِيَانِ ُكم﴾ [التوبة]‪.‬‬
‫روى ابن جرير وابن أيب حامت وغريهم إبسناد حسن ال أبس به‪ :‬عن عبد هللا بن عمر رضي هللا تعاىل‬
‫بطوان وال أكذب‬
‫يوما‪ :‬ما رأينا مثل قرائنا هؤالء‪ ،‬أرغب ً‬ ‫عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رجل يف غزوة تبوك يف جملس ً‬
‫َّ‬
‫ألخربن رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫ألسنًا وال أجنب عند اللقاء‪ ،‬فقال رجل يف اجمللس‪ :‬كذبت ولكنك منافق‪،‬‬
‫وسلم‪ ،‬فبلغ ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ونزل القرآن‪ ،‬قال عبد هللا‪ :‬فأان رأيته متعل ًقا حبقب انقة‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم واحلجارة تنكبه‪ ،‬وهو يقول‪ :‬اي رسول هللا إمنا كنا خنوض ونلعب‪ ،‬والنيب‬
‫آيتِِه َوَر ُسولِ ِه ُكن تُم تَستَ ه ِزئُو َن﴾‪.‬اهـ‬ ‫ِ‬
‫صلى هللا عليه وسلم يقول‪﴿ :‬أَ ِِب ََّّلل َو َ‬
‫فقوهلم‪ :‬إمنا كنا خنوض ونلعب‪ ،‬أي‪ :‬إ ننا مل نقصد حقيقة االستهزاء والذي هو التنقص والسخرية‪ ،‬وإمنا‬
‫قصدان اخلوض واللعب‪ ،‬ويف بعض الرواايت‪ :‬نقطع به عناء الطريق‪ ،‬ومع ذلك كفرهم هللا عز وجل‪ ،‬ألن‬
‫هذا الباب ال يدخله اخلوض واللعب واملزاح‪ ،‬فهم هبذا الكالم كفروا مع أهنم كانوا من قبل مؤمنني‪ .‬قال‬
‫كفرا بل‬
‫ابن تيمية رمحه هللا تعاىل [يف كتاب اإلميان ‪ :]237‬دل على أهنم مل يكونوا عند أنفسهم قد أتوا ً‬
‫ظنوا أن ذلك ليس بكفر‪ ،‬فبني أن االستهزاء ابهلل ورسوله يكفر به صاحبه بعد اميانه‪ ،‬فدل أنه كان عندهم‬
‫كفرا كفروا به‪ ،‬فإهنم مل يعتقدوا‬
‫كفرا وكان ً‬
‫إميان ضعيف‪ ،‬ففعلوا هذا احملرم الذي عرفوا أنه حمرم ولكن مل يظنوه ً‬
‫جوازه‪.‬اهـ‪.‬‬
‫تبني أهنم فعلوا هذا الفعل وهم يعلمون أنه حرام ما ظنوا أنه كفر‪ ،‬فكفروا بذلك‪.‬‬
‫قال ابن حزم رمحه هللا تعاىل [يف الفصل ‪ :]299/3‬صح ابلنص أن كل من استهزأ ابهلل تعاىل أو مبلك‬
‫من املالئكة أو بنيب من األنبياء عليهم السالم أو آبية من القرآن أو بفريضة من فرائض الدين‪ ،‬فهي كلها‬
‫آايت هللا تعاىل‪ ،‬بعد بلوغ احلجة اليه فهو كافر‪.‬اهـ‬
‫وقال أيضا [يف احمللى ‪ :]411/11‬وأما من سب هللا تعاىل فما على ظهر األرض مسلم خيالف أنه‬
‫كفر‪.‬اهـ‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض [يف الشفا ‪ : ]582/ 2‬ال خالف أن ساب هللا تعاىل من املسلمني كافر حالل‬
‫الدم‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫قال الشيخ سليمان العلوان [يف التبيان بشرح نواقض اإلسالم الناقض السادس]‪ :‬االستهزاء بشيء مما‬
‫جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم كفر إبمجاع املسلمني‪ ،‬ولو مل يقصد حقيقة االستهزاء كما لو هزل‬
‫مازحا‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ً‬
‫ك إََِّل ُه ُزوا‬ ‫واالستهزاء بدين هللا من عالمات الكفار‪ ،‬قال هللا عز وجل‪﴿ :‬وإِذَا رأَو َك إِن ي ت ِ‬
‫َّخ ُذونَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫أ ََه َذا الَّ ِذي بَ َع َ‬
‫اَّللُ َر ُسوَل﴾ [الفرقان‪ .]42-41 :‬واالستهزاء من عالمات املنافقني‪ ،‬قال تعاىل‪﴿ :‬إِ َّن الَّذ َ‬
‫ين‬ ‫ث َّ‬
‫آمنُوا يَض َح ُكو َن (‪َ )29‬وإِذَا َم ُّروا ِبِِم يَتَ غَ َام ُزو َن (‪َ )30‬وإِذَا ان َقلَبُوا إىل أَهلِ ِه ُم‬ ‫ِ ِ‬
‫ين َ‬ ‫أَج َرُموا َكانُوا م َن الَّذ َ‬
‫ني (‪)33‬‬ ‫ِِ‬
‫ضالُّو َن (‪َ )32‬وَما أُر ِسلُوا َعلَي ِهم َحافظ َ‬ ‫ني (‪َ )31‬وإِذَا َرأَو ُهم قَالُوا إِ َّن َه ُؤََل ِء لَ َ‬ ‫ان َقلَبُوا فَكِ ِه َ‬
‫آمنُوا ِم َن ال ُك َّفا ِر يَض َح ُكو َن﴾ [املطففني]‪ .‬واالستهزاء سبب يف دخول النار‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬
‫فَاليَ و َم الَّذ َ‬
‫آمنَّا فَاغ ِفر لَنَا َوار َمحنَا‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫يها َوََل تُ َكلّ ُمون (‪ )108‬إِنَّهُ َكا َن فَ ِريق من عبَادي يَ ُقولُو َن َربَّنَا َ‬ ‫سئُوا ف َ‬ ‫ال اخ َ‬ ‫﴿قَ َ‬
‫سوُكم ِذك ِري َوُكن تُم ِمن ُهم تَض َح ُكو َن (‪)110‬‬ ‫ني (‪ )109‬فَ َّاَتَذُتُُ ُ ِ‬ ‫الر ِ ِ‬
‫وهم سخ ِرًّي َح ََّّت أَن َ‬ ‫امح َ‬ ‫ت َخْيُ َّ‬ ‫َوأَن َ‬
‫َبوا أ ََّّنُم ُه ُم ال َفائُِزو َن﴾ [املؤمنون]‪.‬‬ ‫ص َُ‬‫إِِّّن َج َزي تُ ُه ُم اليَ و َم ِِبَا َ‬

‫املسألة الثانية‪ /‬أنواع اَلستهزاء‪ ،‬وأنه نوعان‪:‬‬


‫بطوان‬
‫‪ -1‬االستهزاء الصريح‪ ،‬كالذي نزلت فيه اآلية‪ ،‬وهو قوهلم‪ :‬ما رأينا مثل قرائنا هؤالء‪ ،‬أرغب ً‬
‫وال أكذب ألسنًا وال أجنب عند اللقاء‪ ،..‬وهذا مثل قول بعضهم‪ :‬هذا الدين أخرق أو دين رجعي‪ ،‬وأعظم‬
‫من ذلك وأكفر السب والشتم واللعن يف حق الرب تعاىل أو الرسول أو الدين اإلسالمي‪ -2 .‬غري الصريح‪،‬‬
‫تنقصا‬
‫(وهو البحر الذي ال ساحل له)‪ :‬مثل الرمز ابلعني‪ ،‬وإخراج اللسان‪ ،‬ومد الشفة والغمزة ابليد ً‬
‫واستهزاء بشيء من الدين‪ ،‬كأن يفعل مثل هذه األشياء عند تالوة القرآن أو سنة رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم أو عند شعائر هللا تعاىل بقصد االستهزاء هبا‪.‬‬
‫املسألة الثالثة ‪ /‬يف بعض صور اَلستهزاء وأمثلته‪:‬‬
‫عمدا عند مساع القرآن أو السنة أو االستهزاء بسنة رسول هللا‬
‫كاالستهزاء بتالوة القرآن برفع الصوت ً‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬مثل‪ :‬االستهزاء ابللحية أو االستهزاء بقصر اإلزار‪.‬‬
‫ومن صور االستهزاء‪ -1 /‬وهو أعظمها‪ :‬سب هللا تعاىل أو سب نبيه حممد صلى هللا عليه وسلم أو‬
‫سب الدين‪ ،‬بصيغ اللعن أو الشتم أو العيب أو التنقص‪ -2 .‬إلقاء النكات اليت يذكر فيها هللا تعاىل أو‬
‫آايته أو رسله أو أ حكام الدين أو الوعد والوعيد‪ ،‬ومنها رسم الكاريكاتريات استهزاء ابلدين وما حيدث يف‬
‫األفالم واملسلسالت والربامج التلفزيونية من استهزاء ابلدين أو بشيء منه‪ -3 .‬وصف آايت هللا تعاىل‬
‫وشرعه ابلنقص والرجعية والتخلف والوحشية أو ذكر آية أو حديث أو شيء من الدين يف معرض السخرية‬
‫إلضحاك اآلخرين‪.‬‬
‫كل ذلك من الكفر ابهلل تعاىل‪ .‬ومما ينبغي احلذر منه اخلوض يف آايت هللا تعاىل ابلباطل واالستشهاد‬
‫هبا يف غري موضعها كمن يدخل على أهله ويقول‪( :‬آتوان غداءان)‪ ،‬أو إذا سئل كم الساعة ؟ قال‪( :‬الساعة‬
‫أدهى وأمر)‪ ،‬أو ما هو أشد من ذلك إذا دخل على قوم وهم أيكلون يف صمت قال (وخشعت األصوات‬
‫للرمحن فال تسمع إال مهسا)‪ ،‬فهذا من االستهزاء آبايت هللا تعاىل‪ ،‬وأما االستشهاد هبا يف موضعها فحق‬
‫واجب كاالستدالل على األحكام الشرعية وغري ذلك‪.‬‬

‫املسألة الرابعة ‪ /‬الواجب على املسلم جتاه املستهزئني‪:‬‬


‫والواجب على املسلم أن يعظم ربه عز وجل التعظيم املطلق‪ ،‬وأن يعظم رسوله صلى هللا عليه وسلم‬
‫التعظيم الذي يليق ابلنيب صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وأن يعظم الدين الذي شرعه هللا عز وجل‪ ،‬والواجب على‬
‫املسلم الذي يسمع مثل هذا االستهزاء أو السب‪ -1 :‬اإل نكار على املستهزئ‪ ،‬وهذا الواجب‪ ،‬كما قال‬
‫منكرا على مقولة ما رأينا مثل قرائنا هؤالء‪ ..‬قال‪ :‬كذبت ولكنك منافق‪ ،‬وحلديث‬
‫الصحايب رضي هللا عنه ً‬
‫أيب سعيد اخلدري رضي هللا عنه عند مسلم أن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬من رأى منكم منكرا‬
‫فليغْيه بيده فإن مل يستطع فبلسانه فإن مل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اَليان"‪ ،‬فيقول له لقد كفرت‬
‫بقولك هذا‪ ،‬مع مراعاة عدم الوقوع يف منكر أكرب‪ ،‬أو تكرار الكفر‪ ،‬وأن يرفع أمره للقضاء الشرعي واملطالبة‬
‫شرعا‪ -2 .‬وعليه أن يقوم وال جيلس مع املستهزئني أو السابِّني للدين‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬وإِذَا‬ ‫مبحاكمته ً‬
‫َّك َّ‬
‫الشيطَا ُن فَ َال‬ ‫يث غَ ِْيهِ َوإِ َّما يُن ِسيَ ن َ‬
‫ضوا ِيف َح ِد ٍ‬ ‫آيتِنَا فَأَع ِرض َعن ُهم َح ََّّت ََيُو ُ‬ ‫ضو َن ِيف َ‬ ‫ين ََيُو ُ‬ ‫رأَي َ ِ‬
‫ت الَّذ َ‬ ‫َ‬
‫َّل َعلَي ُكم ِيف الكِتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب أَن‬ ‫ني﴾ [األنعام‪ ،]68 :‬وقال تعاىل‪َ ﴿ :‬وقَد نَز َ‬ ‫تَقعُد بَع َد ال ّذك َرى َم َع ال َقوم الظَّال ِم َ‬
‫يث غَ ِْيهِ إِنَّ ُكم إِذا‬
‫ضوا ِيف َح ِد ٍ‬ ‫ت َِّ‬
‫اَّلل يُك َف ُر ِِبَا َويُستَ ه َزأُ ِِبَا فَ َال تَقعُ ُدوا َم َع ُهم َح ََّّت ََيُو ُ‬ ‫إِذَا ََِسعتُم آي ِ‬
‫َ‬
‫َجيعا﴾ [النساء‪ ،]140:‬فإن جلس ومل يقم وهو ر ٍ‬ ‫ني وال َكافِ ِرين ِيف َج َهنَّم َِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِمث لُهم إِ َّن َّ ِ‬
‫اض‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَّللَ َجام ُع ال ُمنَافق َ َ‬ ‫ُ‬
‫فقد قال هللا عز وجل‪﴿ :‬إِنَّ ُكم إِذا ِمث لُ ُهم ﴾‪ .‬قال ابن كثري [يف تفسريه على اآلية]‪ :‬أي إنكم اذا ارتكبتم‬
‫النهي بعد وصوله إ ليكم‪ ،‬ورضيتم معهم يف املكان الذي يكفر فيه آبايت هللا ويستهزأ هبا‪ ،‬وأقررمتوهم على‬
‫ذلك فقد شاركتموهم يف الذي هم فيه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫قال الشيخ العلوان [يف التبيان بشرح نواقض اإلسالم‪ -‬الناقض السادس]‪ :‬فمن مسع آايت هللا يكفر‬
‫هبا ويستهزأ هبا وهو جالس مع رضاه ابجللوس معهم فهو مثلهم يف اإلمث والكفر واخلروج عن اإلسالم‪ ،‬كما‬
‫ِ‬
‫اج ُهم َوَما َكانُوا يَعبُ ُدو َن﴾ [الصافات‪ ،]22 :‬أي‪ :‬شبهائهم‬ ‫ش ُروا الَّذ َ‬
‫ين ظَلَ ُموا َوأَزَو َ‬ ‫قال هللا تعاىل‪﴿ :‬اح ُ‬
‫ونظرائهم‪.‬اهـ‪ .‬قال الشيخ علي اخلضري [يف املعتصر]‪ :‬أي إذا قعدمت مع الرضا‪ ،‬قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫﴿فعقروها﴾ وكان العاقر و ً‬
‫احدا‪ ،‬لكن مشلهم العذاب ملا وافقوه ورضوا فعله‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫املسألة اخلامسة ‪ /‬يف حكم سب هللا تعاىل أو سب رسوله أو سب الدين (القرآن أو السنة أو الرسل‬
‫أو املالئكة أو الكتب املنزلة أو أي شيء من الدين)‪.‬‬
‫من سب هللا تعاىل أو سب رسوله صلى هللا عليه وسلم أو سب أحد رسل هللا صلوات هللا وسالمه‬
‫تدا‪ ،‬إبمجاع املسلمني‪ ،‬قال هللا تعاىل‪َ ﴿ :‬ولَئِن‬ ‫عليهم أو سب الدين‪ ،‬فقد كفر وخرج عن اإلسالم وصار مر ً‬
‫آيتِِه َوَر ُسولِِه ُكن تُم تَستَ ه ِزئُو َن ََل تَعتَ ِذ ُروا قَد َك َفرُُت‬ ‫ِ‬
‫ب قُل أَ ِِب ََّّلل َو َ‬‫وض َونَل َع ُ‬ ‫ُن إََِّّنَا ُكنَّا ََنُ ُ‬
‫َسأَلتَ ُهم لَيَ ُقول َّ‬
‫بَع َد إِيَانِ ُكم﴾ [التوبة‪ ،]65 :‬والسب والشتم أعلى درجات االستهزاء والتنقص وكلها كفر‪ .‬قال هللا عز وجل‪:‬‬
‫َع َّد ََلُم َع َذاِب ُم ِهينا﴾ [األحزاب‪]57 :‬؛ أي‬ ‫اَّللُ ِيف الدُّن يَا َواْل ِخ َرةِ َوأ َ‬
‫اَّللَ َوَر ُسولَهُ ل ََعنَ ُه ُم َّ‬
‫ين يُؤذُو َن َّ‬ ‫ِ‬
‫﴿إِ َّن الَّذ َ‬
‫مطرود من رمحة هللا تعاىل يف الدنيا واآلخرة‪ .‬وقد نقل اإلمجاع على كفر من سب هللا تعاىل أو سب رسوله‬
‫صلى هللا عليه وسلم أو الدين أو تنقص شيئًا من ذلك‪ ،‬عدد من العلماء األعالم‪ :‬كإسحاق بن راهويه‬
‫وحممد بن سحنون وابن عبد الرب وأبو بكر الفارسي والقاضي عياض والسبكي وابن تيمية‪ ،‬واملروزي وابن‬
‫املنذر وغريهم رمحهم هللا تعاىل‪.‬‬
‫قال إسحاق ابن راهويه [التمهيد البن عبدالرب ‪ :]226/4‬وقد أمجع العلماء أن من سب هللا عز وجل‬
‫أو سب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أو دفع شيئًا مما أنزل هللا عز وجل (أي رده)‪ ،‬أو قتل نبيًا من أنبياء‬
‫مقرا مبا أنزل هللا تعاىل أنه كافر‪.‬اهـ‪.‬‬
‫هللا عز وجل وهو مع ذلك ًّ‬
‫قال أمحد رمحه هللا تعاىل يف رجل قال لرجل اي ابن كذا وكذا ـ أعين أنت ومن خلقك ـ هذا مرتد عن‬
‫اإلسالم تضرب عنقه‪ .‬اهـ [الصارم املسلول ‪.]513‬‬
‫وقال ابن حزم رمحه هللا تعاىل [يف احمللى ‪ :]411/11‬وأما من سب هللا تعاىل فما على ظهر األرض‬
‫مسلم خيالف أنه كفر‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض [يف الشفا ‪ : ]582/ 2‬ال خالف أن ساب هللا تعاىل من املسلمني كافر حالل‬
‫الدم‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫رجال ولعن هللا‪ ،‬فقال‪ :‬أردت أن ألعن الشيطان‬
‫وسئل حممد بن أيب زيد القريواين املالكي عن رجل لعن ً‬
‫فزل لساين‪.‬‬
‫فأجاب‪ :‬يقتل بظاهر كفره وال يقبل عذره‪ ،‬وأما فيما بينه وبني هللا فمعذور‪ .‬اهـ [الشفا ‪.]1092/2‬‬
‫وقال ابن قدامه‪ :‬من سب هللا تعاىل كفر‪ ،‬سواء كان مازحا أو جادا‪ .‬اهـ [املغين‪.]113/10‬‬
‫وقال مال علي قارئ‪ :‬من وصف هللا مبا ال يليق به كفر‪ .‬اهـ [البحر الرايق ‪.]129/5‬‬
‫تبني من كالم أهل العلم اإلمجاع على كفر من تلفظ بكلمة فيها انتقاص وعيب يف حق هللا تعاىل أو‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم أو الدين اإلسالمي‪.‬‬

‫املسألة السادسة‪ /‬هل تقبل توبة من سب هللا تعاىل أو رسوله أو اإلسالم؟ ‪:‬‬
‫بعد أن أمجع أهل العلم على كفر من سب هللا أو رسوله أو دينه‪ ،‬اختلفوا يف قبول توبته‪:‬‬
‫قال ابن تيمية رمحه هللا تعاىل يف كتابه الصارم املسلول على شامت الرسول [‪:]1017/3‬‬
‫مسلما وجب قتله ابإلمجاع ألنه بذلك كافر مرتد وأسوأ من الكافر‪ ،‬فإن‬
‫من سب هللا تعاىل فإن كان ً‬
‫الكافر يعظم الرب ويعتقد أن ما هو عليه من الدين الباطل ليس ابستهزاء وال مسبة له‪ ،‬مث اختلف أصحابنا‬
‫وغريهم يف قبول توبته يعين من سب هللا تعاىل‪ ،‬مبعىن أنه يستتاب كاملرتد ويسقط عنه القتل إذا أظهر التوبة‬
‫من ذلك بعد رفعه إىل السلطان وثبوت احلد عليه‪ ،‬على قولني‪:‬‬
‫أحدمها ‪ :‬أنه مبنزلة ساب الرسول فيه الروايتان‪ ،‬كالروايتني يف ساب الرسول‪ ،‬هذه طريقة أيب اخلطاب‬
‫وأكثر من احتذى حذوه من املتأخرين‪ ،‬وهو الذي يدل عليه كالم اإلمام أمحد حيث قال‪ :‬كل من ذكر‬
‫شيئا يعرض بذكر الرب تبارك وتعاىل فعليه القتل‪ ،‬مسلما كان أو كافراً‪ ،‬وهذا مذهب أهل املدينة اهـ‪،‬‬
‫فأطلق وجوب القتل عليه‪ ،‬ومل يذكر استتابته‪ ،‬وذكر أنه قول أهل املدينة‪ ،‬ومن وجب عليه القتل مل يسقط‬
‫ابلتوبة‪ ،‬وقول أهل املدينة املشهور أنه ال يسقط القتل بتوبته‪( .‬إىل أن قال) الثاّن‪ :‬أنه يستتاب وتقبل توبته‬
‫مبن زلة املرتد احملض‪ ،‬وهذا قول القاضي أيب يعلى‪ ،‬والشريف أيب جعفر‪ ،‬وأيب علي بن البناء‪ ،‬وابن عقيل‪،‬‬
‫مع قوهلم‪ :‬إن من سب الرسول ال يستتاب‪ ،‬وهذا قول طائفة من املدنيني منهم حممد بن مسلمة‪ ،‬واملخزومي‪،‬‬
‫وابن أيب حازم‪ ،‬قالوا‪ :‬اليقتل املسلم ابلسب حىت يستتاب‪ ،‬وكذلك اليهودي والنصراين‪ ،‬فإن اتبوا قُبِّل‬
‫منهم‪ ،‬وإن مل يتوبوا قُتلوا‪ ،‬والبد من اإلستتابة‪ ،‬وذلك كله كالردة اهـ‪ ،‬وهو الذي ذكره العراقيون من املالكية‪.‬‬
‫وكذلك ذكر أصحاب الشافعي رضي هللا عنه‪ ،‬قالوا‪ :‬سب هللا ردة‪ ،‬فإذا اتب قُبلت توبته‪ ،‬وفرقوا بينه‬
‫أيضا‪.‬‬
‫وبني سب الرسول على أحد الوجهني‪ ،‬وهذا مذهب اإلمام أيب حنيفة ً‬
‫أيضا‪ :‬تلخص أن أصحابنا حكوا يف الساب إذا اتب ثالث رواايت‪ ،‬إحداهن‪ :‬يقتل بكل حال‬
‫وقال ً‬
‫وهي اليت نصروها كلهم‪ ،‬ودل عليها كالم اإلمام أمحد يف نفس هذه املسألة‪ ،‬وأكثر حمققيهم مل يذكروا‬
‫سواها‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬تقبل توبته مطل ًقا‪ .‬والثالثة‪ :‬تقبل توبة الكافر وال تقبل توبة املسلم‪.‬‬
‫القتل عنه توبتُه‪ ،‬وذكر القاضي عياض أنه‬
‫واملشهور عن مالك وأمحد أنه ال يستتاب‪ ،‬وال يُسقط َ‬
‫املشهور من قول السلف ومجهور العلماء وهو أحد الوجهني ألصحاب الشافعي‪ ،‬وحكي عن مالك وأمحد‬
‫أنه تقبل توبته‪ ،‬وهو قول أيب حنيفة وأصحابه‪ ،‬وهو املشهور من مذهب الشافعي‪.‬‬
‫وقال‪ :‬ومن فرق بني سب هللا والرسول‪ :‬قال سب هللا تعاىل كفر حمض وهو حق هلل‪ ،‬وتوبة من مل يصدر‬
‫منه إال جمرد الكفر األصلي أو الطارئ مقبولة مسقطة للقتل ابإلمجاع‪.‬‬
‫وقال‪ :‬قال ابن املنذر أمجع عوام أهل العلم على أن حد من سب النيب صلى هللا عليه وسلم القتل‪ .‬اهـ‬
‫رمحهم هللا تعاىل (الصارم املسلول)‪.‬‬
‫ومعناه أن قبول توبة ساب النيب صلى هللا عليه وسلم التسقط قتله‪ ،‬فتنفعه ابإلتفاق يف اآلخرة‪ ،‬أما يف‬
‫كفرا‪ ،‬ويغسل ويصلى عليه‪.‬‬
‫حدا إن اتب ال ً‬‫الدنيا فيقتل ً‬

‫املسألة السابعة ‪ /‬يف حكم سب الصحابة رضي هللا تعاىل عنهم أو اَلستهزاء ِبم‪ ،‬على ثالثة‬
‫أصناف‪:‬‬
‫‪ -1‬االستهزاء هبم عامة أو سبهم ابجلملة‪ :‬مثل من قال "ما رأينا مثل قرائنا هؤالء أرغب بطوان وال‬
‫أكذب ألسنًا وال أ جنب عند اللقاء" يعنون الصحابة‪ ،‬أو اهتامهم ابلنفاق أو الردة‪ ،‬وتعميم ذلك عليهم إال‬
‫مجاعا‪ ،‬حكى اإلمجاع ابن حزم األندلسي‪ ،‬والقاضي عياض‪،‬‬‫يسريا‪ ،‬فهذا كفر وردة عن دين هللا إ ً‬
‫نزرا ً‬
‫ً‬
‫احدا منهم أو استهزأ به‬
‫والسمعاين‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬وابن كثري‪ ،‬وغريهم رمحهم هللا تعاىل‪ ،‬ومثله من سب و ً‬
‫ألجل دينه وصحبته فهو كافر مرتد‪ -2 .‬من كان ديدنه االستهزاء ابلصحابة فهذا كافر مرتد‪-3 .‬‬
‫االستهزاء ابلبعض القليل منهم كاهتامهم ابجلنب أو البخل أو قلة العلم‪ ،‬فهذا فاسق يعزر ويزجر على ذلك‪،‬‬
‫وهو على خطر عظيم‪.‬‬
‫‪ -‬ومن االنتقاص ابلصحابة رضوان هللا عليهم والتقليل من شأهنم هذه املسلسالت التلفزيونية اليت‬
‫تتقمص شخصيات الصحابة والصحابيات‪ ،‬وحماذيرها هي‪ -1 :‬الكذب على الصحابة وتقويلهم مامل‬
‫يقولونه‪ -2 .‬أن الفساق والفاسقات ميثلون أدوار الصحابة األطهار والصحابيات الطاهرات‪ -3 .‬الطعن‬
‫يف الصحابة رضي هللا تعاىل عنهم أب هنم يرضون احملرمات احلادثة يف هذه املسلسالت كاملوسيقى والغناء و‬
‫تربج النساء واختالطهن ابلرجال‪ ،‬وأيضا تسويغها يف اجملتمع املسلم بفعلها حتت ذريعة املصلحة‪ ،‬والتهوين‬
‫من شأهنا‪.‬‬
‫املسألة الثامنة ‪ /‬يف حكم اَلستهزاء ِبلعلماء والصاحلني‪ ،‬على ثالثة أنواع‪:‬‬
‫ين َك َف ُروا احلَيَاةُ الدُّن يَا َويَس َخ ُرو َن ِم َن‬ ‫ِِ‬
‫‪ -1‬أن يسخر هبم لدينهم فهذا كفر‪ ،‬قال تعاىل‪ُ ﴿ :‬زيِّ َن للَّذ َ‬
‫ين اتَّ َقوا فَوقَ ُهم يَو َم ال ِقيَ َام ِة﴾ [البقرة‪.]212 :‬‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا َوالَّذ َ‬
‫ِ‬
‫الَّذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬
‫آمنُوا ََل يَس َخر‬ ‫ين َ‬ ‫‪ -2‬أن يسخر هبم لعداوة بينه وبني بعضهم‪ ،‬فهذا حمرم‪ ،‬قال تعاىل‪َ ﴿ :‬ي أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫سى أَن يَ ُك َّن َخْيا ِمن ُه َّن َوََل تَل ِم ُزوا‬ ‫قَوم ِمن قَوٍم َعسى أَن ي ُكونُوا َخْيا ِمن هم وََل نِساء ِمن نِ ٍ‬
‫ساء َع َ‬‫َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ُه ُم الظَّالِ ُمو َن﴾‬ ‫ان َوَمن َمل يَتُب فَأُولَئِ َ‬
‫اإليَ ِ‬
‫سو ُق بَع َد ِ‬ ‫اب بِئ ِ‬
‫س اَلس ُم ال ُف ُ‬
‫َ‬
‫س ُكم َوََل تَنَابَ ُزوا ِِبلَل َق ِ‬
‫أَن ُف َ‬
‫[احلجرات‪.]11 :‬‬
‫ِِ‬
‫‪ -3‬أن يكون ديدنه السخرية بكل عامل‪ ،‬فهذا كفر وردة‪ ،‬قال تعاىل‪ُ ﴿ :‬زيِّ َن للَّذ َ‬
‫ين َك َف ُروا احلَيَاةُ الدُّن يَا‬
‫ين اتَّ َقوا فَوقَ ُهم يَو َم ال ِقيَ َام ِة﴾ [البقرة‪.]212 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫آمنُوا َوالَّذ َ‬ ‫َويَس َخ ُرو َن م َن الَّذ َ‬
‫ين َ‬

‫ومما ينبغي التنبيه عليه هو أن القضاء له دور كبري يف زجر الناس وحفظ اجملتمع من انتشار هذا اجلرم‪،‬‬
‫اجرا‪ ،‬وقد قال هللا تعاىل يف عذاب‬ ‫ادعا وز ً‬
‫وذلك ابألخذ على أيدي السفهاء وإقامة احلد عليهم ليكون ر ً‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزانية والزاين‪َ ﴿ :‬وليَش َهد َع َذ َاِبُ َما طَائَِفة ّم َن ٱل ُمؤمنِ َ‬
‫ني﴾ [النور‪ ،]2 :‬قال القرطيب رمحه هللا تعاىل يف املراد‬
‫من حضور اجلماعة‪ :‬وأن ذلك يدع احملدود ومن شهده وحضره يتعظ به‪ ،‬ويزدجر ألجله‪ ،‬ويشيع حديثه‬
‫فيعترب به من بعده‪ ،‬أو الدعاء هلما ابلتوبة والرمحة‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وقال ابن كثري محه هللا تعاىل [يف تفسريه]‪ :‬وقال قتادة‪ :‬أمر هللا أن يشهد عذاهبما طائفة من املؤمنني أي‬
‫ونكاال‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫نفر من املسلمني‪ ،‬ليكون ذلك موعظةً وعربةً ً‬
‫وعلى الدعاة واملصلحني احلديث والتذكري والتحذير من هذا اجلرم يف اجلمع واجلماعات‪ ،‬وهللا أسأل أن‬
‫يهدينا سبل السالم وجينبنا الفواحش واآلاثم‪ ،‬وينصران على من بغى علينا‪.‬‬
‫وهللا أعلم وصلى هللا وسلم على عبده ورسوله حممد‪.‬‬

‫مجعه وكتبه‪ /‬أبوعبدالرمحن املكي‪ ،‬غفر هللا له ولوالديه وللمسلمني أمجعني‪...‬‬


‫‪ 28‬صفر ‪ 1440‬هـ‬

You might also like