Professional Documents
Culture Documents
تأليف
اإلمام الهادي إلى الحق القويم
يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم
عليهم السالم
[أفعال العباد]
اَّللَ ََي ُْم ُر ِِبل َْع ْد ِل
وهللا عز وجل بريء من أفعال العباد ،وذلك قوله تبارك وتعاىل{ :إِ َّن َّ
ش ِاء َوال ُْم ْن َك ِر َوالْبَ ْغ ِي يَ ِعظُ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم
ان َوإِيتَ ِاء ِذي الْ ُق ْرََب َويَ ْن َهى َع ِن الَْف ْح َوا ِإل ْحس ِ
َ َ
ءَن
آِب َ تَ َذ َّكرو َن} [النحل ،]90:وقال سبحانه{ :وإِذَا فَ علُوا فَ ِ
شةً قَالُوا َو َج ْد ََن َعلَْي َها َ اح َ َ َ ُ
اَّلل َما َال ش ِاء أَتَ ُقولُو َن َعلَى َِّ اَّللُ أ ََم َرََن ِِبَا قُ ْل إِ َّن َّ
اَّللَ ال ََي ُْم ُر ِِبلْ َف ْح َ َو َّ
اَّللُ َما أَ ْش َرْكنَا َوال اء َّ تَ ْعلَمو َن} [األعراف ،]28:مث قال{ :سي ُق ُ َّ ِ
ين أَ ْش َرُكوا لَ ْو َش َ ول الذ َ ََ ُ
ْسنَا قُ ْل َه ْل ك َك َّذب الَّ ِذ ِ ِ
ين م ْن قَ ْبل ِه ْم َح ََّّت ذَاقُوا ََب َ َ َ آِب ُؤََن َوال َح َّرْمنَا ِم ْن َش ْي ٍء َك َذلِ َ
َ
ِع ْن َد ُك ْم ِم ْن ِعل ٍْم فَ تُ ْخ ِر ُجوهُ لَنَا إِ ْن تَتَّبِ ُعو َن إِالَّ الظَّ َّن َوإِ ْن أَنْ تُ ْم إِالَّ
صو َن} [األنعام ،]148:فأكذهبم هللا يف قوهلم ،ونفى عن نفسه ما نسبوه إليه بظلمهم. ََتْ ُر ُ
ون}[الذارايت ،]56:فذكر أنه ت ا ْْلِ َّن وا ِإلنْس إِالَّ لِي ْعب ُد ِ
{وَما َخلَ ْق ُ
َُ َ َ وقال سبحانهَ :
ٍ
{وُك ُّل َش ْيء فَ َعلُوهُ
خلقهم للعبادة ال للمعصية ،وكذلك نسب إليهم فعلهم حيث يقولَ :
الزبُ ِر} [القمر ،]52:يقول :فعلوه ،ومل يقل :فعله ،بل نسبه إليهم إذ هم فعلوه. ِِف ُّ
{اَّللُ َخالِ ُق ُك ِل َش ْي ٍء} [الرعد ،16:الزمر ،]62:يقول :هو وقال عز وجل يف فعله هوَّ :
{وََتْلُ ُقو َن
خالق كل شيء يكون منه ،ومل يقل :إنه خلق فعلهم ،بل قالَ :
ِ إِفْ ًكا} [العنكبوت ،]17:يقول :تصنعون وتقولون إفكاً ،كما قال{ :تَت ِ
َّخ ُذو َن م ْنهُ
َس َك ًرا} [النحل ،]67:يقول :أنتم جتعلونه.
ني خللقه
وتبيني الكفر واإلميان من هللا عز وجل ،وفعلح حهما من اآلدميني ،ولوال أنه عز وجل بحَّ ح
ح
عرفهم بذلك، الكفر واإلميان؛ ما إذاً عرفوا احلق من الباطل ،وال املعتدل من املائل ،و لكن َّ
كما قال أمري املؤمنني علي بن أيب طالب ـ صلوات هللا عليه ـ يف بعض مواعظه( :خلقنا وَل
نك شيئاً ،وأخرجنا من بطون أمهاتنا ال نعلم شيئاً ،فغذاَن بلطفه ،وأحياَن برزقه،
وأطعمنا وسقاَن ،وكفاَن وآواَن ،ووضع عنا األقالم ،وأزال عنا اآلاثم ،فلم يكلفنا معرفة
العلَم
احلالل واحلرام ،حَّت إذا أكمل لنا العقول ،وسهل لنا السبيل ،نصب لنا َ
والدليل ،من مساء ورفعها ،وأرض وضعها ،ومشس أطلعها ،ورتوق فتقها ،وعجائب
خلقها ،فعرفنا اْلري من الشر ،والنفع من الضر ،واحلسن من القبيح ،والفاسد من
الصحيح ،والكذب من الصدق ،والباطل من احلق ،أرسل إلينا الرسل ،وأنزل علينا
الكتب ،وبني لنا احلالل واحلرام ،واحلدود واألحكام ،فلما وصلت دعوته إلينا ،وقامت
حجته علينا ؛ أمرَن وهناَن ،وأنذرَن وحذرَن ،ووعدَن وأوعدَن ،فجعل ألهل طاعته
{م ْن
الثواب ،وعلى أهل معصيته العقاب ،جزاء وافق أعماَلم ،ونكاالً بسوء فعاَلمَ ،
يد}[فصلت.)]46: ك بِظَالٍَّم لِلْعبِ ِ
اء فَ َعلَْي َها َوَما َربُّ َ َع ِمل ِ ِ ِ ِ
َ َس َ
صاحلًا فَلنَ ْفسه َوَم ْن أ َ
َ َ
ي لَ ْوال أَ ْن َه َد َاَن َّ ِ ِ
اَّللُ {وَما ُكنَّا لنَ ْهتَد َ
وتصديق ذلك يف كتاب هللا عز وجل ،حيث يقولَ :
ت ُر ُس ُل َربِنَا ِِب ْحلَِق} [األعراف ،]43:وقال النيب صلى هللا عليه وعلى أهل اء ْ
لََق ْد َج َ
بيته(( :صنفان من أميت ال تناَلم شفاعيت ،قد لعنوا على لسان سبعني نبياً :القدرية
واملرجئة .قيل :وما القدرية اي رسول هللا ؟ وما املرجئة ؟ فقال :أما القدرية فهم الذي
يعملون املعاصي ويقولون :إهنا من هللا قضى ِبا وقدرها علينا .وأما املرجئة فهم الذين
يقولون :اإلميان قول بال عمل)) مث قال صلى هللا عليه وآله(( :القدرية جموس هذه
األمة)).
[الوعد والوعيد]
مث جيب عليه أن يعلم أن وعده ووعيده حق ،من أطاعه أدخله اجلنة ،ومن عصاه أدخله
النار أبد األبد ،ال ما يقول اجلاهلون من خروج املعذبني من العذاب املهني إىل دار املتقني،
ين فِ َيها أَبَ ًدا} [النساء.122 ،57: ِِ
وَمل املؤمنني ،ويف ذلك ما يقول رب العاملنيَ { :خالد َ
املائدة .119 :التوبة .100 ،22:األحزاب .65 :التغابن .9:الطالق .11:اجلن.23:
ني ِم ْن َها} [املائدة ،]37:ففي كل ذلك خيرب أنه من {وَما ُه ْم ِِبَا ِرِج َ
البينة ،]8:ويقولَ :
دخل النار فهو مقيم فيها غري خارج منها ،فنعوذ ابهلل من اجلهل والعمى ،ونسأله العون
واهلدى ،فإنه ويل كل النعماء ،ودافع كل األسواء.
[اإلميان برسالة حممد صلى هللا عليه وآله وسلم]
مث جيب عليه أن يعلم أن َممداً بن عبدهللا بن عبد املطلب ،عبد هللا ورسوله ،وخريته من
خلقه ،وصفوته من مجيع بريته ،خامت النبيني ال نيب بعده ،قد بلغ الرسالة ،وأدى األمانة ،مث
قبضه هللا إليه محيداً مفقوداً .فصلوات هللا عليه وعلى أهل بيته الطيبني وسلم.
[إمامة علي عليه السالم]
بن أيب طالب بن عبد املطلب :أمريح املؤمنني ،وسيّ حد علي ح مث جيب عليه أن يعلم أن َّ
أحق الناس مبقام رسول هللا ووصي رسول رب العاملني ،ووز حيرهح ،وقاضي دينه ،و ُّ ُّ املسلمني،
أقوم حهم أبمر هللا
أعلم حهم مبا جاء به َممد ،و ح أفضل اخللق بعده ،و ح صلى هللا عليه وآله وسلم ،و ح
ين َّ ِ
آمنُوا الذ َ
ين َ
َّ ِ يف خلقه ،وفيه ما يقول هللا تبارك وتعاىل{ :إِ ََّّنَا َولِيُّ ُك ُم َّ
اَّللُ َوَر ُسولُهُ َوالذ َ
الزَكا َة َو ُه ْم َراكِ ُعو َن} [املائدة ،]55:فكان مؤيت الزكاة وهو راكع الصال َة َويُ ْؤتُو َن َّ
يمو َن َّ ِ
يُق ُ
علي بن أيب طالب دون مجيع املسلمني.
ك الْم َق َّربو َن(ِ)ِ 11ف جن ِ ِ
َّات َ السابِ ُقو َن()10أُولَئ َ ُ ُ السابِ ُقو َن َّ
{و َّ
وفيه يقول هللا سبحانهَ :
الن َِّع ِيم([})12الواقعة10:ـ ،]12فكان السابق إىل ربه غري مسبوق ،وفيه يقول هللا عز
ف َح ُّق أَ ْن يُتَّبَ َع أ ََّم ْن ال يَ ِه ِدي إِالَّ أَ ْن يُ ْه َدى فَ َما لَ ُك ْم َك ْي َ ِ
وجل{ :أَفَ َم ْن يَ ْهدي إِ ََل ا ْحلَِق أ َ
ََتْ ُك ُمو َن} [يونس ،]35:فكان اهلادي إىل احلق غري مهدي ،والداعي إىل الصراط السوي،
والسالك طريق الرسول الزكي ،ومن سبق إىل هللا ،وكان اهلادي إىل غامض أحكام كتاب
هللا ؛ فهو أحق ابإلمامة؛ ألن أسبقهم أهداهم ،وأهداهم أتقاهم ،وأتقاهم خريهم ،وخريححهم
بكل خ ٍري أوالهم ،وما جاء له من الذكر اجلميل يف واضح التنـزيل ؛ فكثري غري قليل.
ك َوإِ ْن ََلْ ك ِم ْن َربِ َ
ول بَلِ ْغ َما أُنْ ِز َل إِلَْي َ
الر ُس ُ
{اي أَيُّ َها َّ وفيه أنزل هللا على رسوله بغدير خمَ :
َّاس} [املائدة ،]67:فوقف صلى هللا عليه ك ِم َن الن ِ ص ُم َ اَّلل ي ْع ِ
ت ِر َسالَتَهُ َو َُّ َتَ ْف َع ْل فَ َما بَلَّغْ َ
وآله وسلم وقطع سريه ،ومل يستجز أن يتقدم خطوة حىت ينفذ ما عزم عليه يف علي ،فحـنحـحزحل
حتت الدوحة مكانه ،ومجع الناس ،مث قال((:أيها الناس ،ألست أوَل بكم من أنفسكم ؟
قالوا :بلى اي رسول هللا .فقال :اللهم اشهد ،مث قال :اللهم اشهد ،فمن كنت مواله
فعلي مواله ،اللهم وال من وااله ،وعاد من عاداه ،وانصر من نصره ،واخذل من ٌّ
خذله)) ،والناس كلهم جمتمعون يسمعون كالم رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،وهو
رافع بيد علي حىت أبصر بياض آابطهما وهو ينادي هبذا القول.
((علي مين ِِبَْن ِزلة هارون من موسى ،إالَّ أنه ال نيب
ٌّ وفيه يقول صلى هللا عليه وآله وسلم:
بعدي)) ،ويقول(( :علي مع احلق ،واحلق معه)) ،ويقول(( :أَن مدينة العلم وعلي ِبِبا،
فمن أراد املدينة فليأهتا من ِبِبا)) ،وقال(( :احلسن واحلسني سيدا شباب أهل اْلنة،
وأبومها خري منهما)) ،وقال((:أنت أخي اي علي ِف الدنيا واآلخرة)) ،وقال(( :علي
أقضى اْللق وأعلمهم)).
[إمامة احلسنني عليهما السالم]
احلسني :ابنا رسول هللا ـ صلى هللا عليه وآله وسلم ـ ، احلسن و ح ح مث جيب عليه أن يعلم أن
ضةٌ واليتهما ،وفيهما ويف جدمها وأبيهما وحبيباه ،وأهنما إماما حع ْد ٍل ،واجبةٌ طاعتحـ حهما ،حم ْف ححَت ح
اج َها ِ وأمهما يقول هللا تبارك وتعاىل{:إِ َّن األَبْ َر َار يَ ْش َربُو َن ِم ْن َكأ ٍ
ْس َكا َن م َز ُ
اء َّاَتَ َذ إِ ََل َربِ ِه َسبِيالً} [اإلنسان،]29:ورا} [اإلنسان ،]5:إىل قوله{ :فَ َم ْن َش َ َكافُ ً
وفيهما ما يقول رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم(( :كل بين أنثى ينتمون إَل أبيهم،
إال ابين فاطمة فأَن أبومها وعصبتهما)).
فهما ابناه وولداه بفرض هللا وحكمه ،ويف ذلك ما يقول هللا سبحانه يف إبراهيم اخلليل
ارو َن َوَك َذلِ َ ِِ صلى هللا عليهِ :
ك وسى َو َه ُ
ف َوُم َ
وس َ {وم ْن ذُ ِريَّته َد ُاو َد َو ُسلَْي َما َن َوأَيُّ َ
وب َويُ ُ َ
اس ُكلٌّ ِم َن ِ
يسى َوإلْيَ َ
ِ
ني(َ )84وَزَك ِرَّاي َوََْي ََي َوع َ
ِ
ََْن ِزي ال ُْم ْحسنِ َ
ني([ })85األنعام84:ـ ،]85فذكر أن عيسى من ذرية إبراهيم ،كما موسى الصاحلِِ َ
َّ
وهارون من ذريته ،وإمنا جعله ولده وذريته بوالدة مرمي ،وكان سواء عنده يف معىن الوالدة
والقرابة ،والدة االبن ووالدة البنت ؛ إذ قد أجرى عيسى وموسى جمرى واحداً من إبراهيم
صلى هللا عليه .وفيهما ويف أبيهما وأمهما ما يقول هللا تبارك وتعاىل لرسوله صلى هللا عليه
اء ََن ِ
سَ اء ُك ْم َون َ
اء ََن َوأَبْ نَ َ
وآله ؛ إذ أمره ابملباهلة للنصارى؛ فقال له{ :فَ ُق ْل تَ َعالَ ْوا نَ ْدعُ أَبْ نَ َ
ِ ونِساء ُكم وأَنْ ُفسنَا وأَنْ ُفس ُكم ُمثَّ نَب ت ِهل فَ نَجعل لَعنَ َة َِّ
ني} [آل اَّلل َعلَى الْ َكاذبِ َ َْ ْ ْ َ ْ ْ َ ََ ْ َ َ َ َ ْ
عمران ،]61:فحضر صلى هللا عليه وآله بعلي وفاطمة واحلسن واحلسني صلى هللا عليهم
أمجعني.
[إمامة أهل البيت عليهم السالم ،وصفات اإلمام]
مث جيب عليه أن يعلم أن اإلمامة ال جتوز إالَّ يف ولد احلسن واحلسني ؛ بتفضيل هللا هلما،
ِ ِ وجعله ذلك فيهما ،ويف ذريتهما ،حيث يقول تبارك وتعاىلِ ِ :
يم َربُّهُ {وإذ ابْ تَ لَى إبْ َراه َ َ
ال َع ْه ِدي ال ال يَنَ ُ ال َوِم ْن ذُ ِريَِّيت قَ َ ك لِلن ِ
َّاس إِ َم ًاما قَ َ اعلُ َ ال إِِّن ج ِ
َ ات فَأَََتَُّه َّن قَ َبِ َكلِم ٍ
َ
ِ
ني} [البقرة.]124: الظَّال ِم َ
فكانت النبوة واإلمامة والوصية وامللك يف ولد إبراهيم صلى هللا عليه ،إىل أن بعث هللا
َممداً صلى هللا عليه وعلى آله فأفضت النبوة إليه ،وختم هللا األنبياء به ،وجعله خامت
اَّلل وب رَكاتُهُ َعلَْي ُكم أ َْهل الْب ْي ِ ِ
ت} [هود،]73: ْ َ َ {ر ْْحَةُ َّ َ َ َ النبيني وسيد املرسلني ،وقالَ :
َّاس َعلَى َما ن ال ن
َ و د
ُ س َي
ْ َ َم أ { وقال: ]، 28 [الزخرف: } وقال{ :وجعلَها َكلِمةً ِبقِيةً ِِف َع ِقبِ ِ
ه
َ ُ ْ َ ََ َ َ َ َ
اه ْم ُملْ ًكا اب َوا ْحلِ ْك َمةَ َو َءاتَ ْي نَ ُ ِ
يم الْكتَ َ
ضلِ ِه فَ َق ْد ءاتَي نَا ء َ ِ ِ
ال إبْ َراه َ َ ْ َ اَّللُ ِم ْن فَ ْ َء َاَت ُه ُم َّ
َع ِظيما} [النساء ،]54:وقال موسى صلى هللا عليه لقومه{ :اي قَ وِم اذْ ُكروا نِعم َة َِّ
اَّلل ُ َْ َ ْ ً
َح ًدا ِم َن ِ
اء َو َج َعلَ ُك ْم ُملُوًكا َو َء َاَت ُك ْم َما ََلْ يُ ْؤت أ َ ِ ِ
َعلَْي ُك ْم إِ ْذ َج َع َل في ُك ْم أَنْبيَ َ
ِ ِ ِ
اب َوا ْحلُ ْك َم َوالنُّبُ َّوَة يل الْكتَ َ {ولََق ْد َءاتَ ْي نَا بَِين إ ْس َرائ َ
ني} [املائدة ،]20:وقالَ : ال َْعالَ ِم َ
ني} [اجلاثية ،]16:وقال{ :إِ َّن َّ اه ْم َعلَى ال َْعالَ ِم َ ات َوفَ َّ اهم ِمن الطَّيِب ِ
اَّللَ ضلْنَ ُ َ َوَرَزقْنَ ُ ْ َ
ض َها ِم ْن ني( )33ذُ ِريَّةً بَ ْع ُ ال إِب ر ِاهيم وء َ ِ
ال ع ْم َرا َن َعلَى ال َْعالَ ِم َ وحا َو َء َ ْ َ َ َ َ اد َم َونُ ً اصطََفى َء َ ْ
اَّلل َِمس ِ بَ ْع ٍ
يم([ })34آل عمران33:ـ ،]34فكانت النبوة يف إبراهيم مث أفضت يع َعل ٌض َو َُّ ٌ
إىل إمساعيل ،مث إىل إسحاق ،مث إىل ابنه يعقوب ،مث إىل ابنه يوسف ،مث يف بين إسرائيل ـ
وهو يعقوب ـ األول فاألول ،حىت كان آخرهم عيسى صلى هللا عليهم أمجعني ،مث حول هللا
اَّلل} [الفتح ،]29:مث ول َِّ {حمَ َّم ٌد َر ُس ُ
النبوة إىل َممد خامت النبيني ،فقال سبحانهُ :
ول فَ ُخ ُذوهُ َوَما َهنَا ُك ْم َع ْنهُ فَانْ تَ ُهوا} [احلشر ،]7:وقال النيب
الر ُس ُ
{وَما َء َاَت ُك ُم َّ
قالَ :
صلى هللا عليه وآله(( :إّن َترك فيكم الثقلني ما إن َتسكتم ِبما لن تضلوا من بعدي
أبداً :كتاب هللا وعرتيت أهل بييت ،إن اللطيف اْلبري نبأّن أهنما لن يفرتقا حَّت يردا علي
الر ْجس أ َْهل الْب ْي ِ
ت َويُطَ ِه َرُك ْم احلوض)) ،وقال سبحانه{ :إِ ََّّنَا ي ِري ُد َّ ِ ِ
ب َع ْن ُك ُم ِ َ َ َ اَّللُ ليُ ْذه َ ُ
َّاس َعلَى ريا} [األحزاب ،]33:فبني األمر سبحانه فيهم وأوضحه{ ،لِئَال يَ ُكو َن لِلن ِ تَطْ ِه ً
ِ َِّ
يما} [النساء ،]165:وَممد من ولد إمساعيل اَّللُ َع ِز ًيزا َحك ً
الر ُس ِل َوَكا َن َّ
اَّلل ُح َّجةٌ بَ ْع َد ُّ
بن إبراهيم ،وكذلك ذريته.
اد ََن} ،فورثة الكتابَ :ممد، اصطََفي نَا ِمن ِعب ِ ْكتَ َّ ِ ِ
ين ْ ْ ْ َ اب الذ َ {مثَّ أ َْوَرثْ نَا ال َ
مث قال سبحانهُ :
ِ
وعلي ،واحلسن ،واحلسني ،ومن أولدوه من األخيار ،مث قال يف ولدهم{ :فَ ِم ْن ُه ْم ظَاَلٌ
لِنَ ْف ِس ِه} [فاطر ،]32:ففيهم إذ كانوا بشراً ما يف الناس.
َّ ِ
ار} [هود ،]113:كما قال يف ولد س ُك ُم النَّ ُ
ين ظَلَ ُموا فَ تَ َم َّ {وال تَ ْرَكنُوا إِ ََل الذ َ
وقالَ :
{وِم ْن ذُ ِريَّتِ ِه َما ُْحم ِس ٌن َوظَ ِاَلٌ لِنَ ْف ِس ِه إبراهيم وإسحاق صلى هللا عليهماَ :
ني} [الصافات.]113: ُمبِ ٌ
{وِم ْن
وكان فيما بني هللا عز وجل خلليله إبراهيم صلى هللا عليه ؛ إذ قال إبراهيمَ :
اَّلل َعلَى ال َع ْه ِدي الظَّالِ ِمني} ،مث قال{ :أَال لَعنَةُ َِّ ذُ ِريَِّيت} فقال له ربه{ :ال يَنَ ُ
ْ َ
اَّللُ فَأُولَئِ َ ِ
ك ُه ُم {وَم ْن ََلْ ََْي ُك ْم ِِبَا أَنْ َز َل َّ ني} [هود ،]18:وقالَ : الظَّال ِم َ
اس ُقو َن}[املائدة.]47: الْ َكافِرو َن} [املائدة ،]44:و {الظَّالِمو َن} [املائدة ،]45:و {الْ َف ِ
ُ ُ
وأن اإلمام من بعد احلسن واحلسني من ذريتهما من سار بسريهتما ،وكان مثلهما ،واحتذى
حبذومها ،فكان ورعاً تقياً ،صحيحاً نقياً ،ويف أمر هللا سبحانه جماهداً ،ويف حطام الدنيا
زاهداً ،وكان فهماً ملا حيتاج إليه ،عاملاً بتفسري ما يرد عليه ،شجاعاً كمياً ،بذوالً سخياً،
رؤوفاً ابلرعية ،متعطفاً متحنناً حليماً ،مساوايً هلم بنفسه ،مشاوراً هلم يف أمره ،غري مستأثر
عليهم ،وال حاكم بغري حكم هللا فيهم ،قائماً شاهراً لنفسه ،رافعاً لرايته جمتهداً ،مفرقاً
للدعاة يف البالد ،غري مقصر يف أتليف العباد ،خميفاً للظاملني ،مؤمناً للمؤمنني ،ال أيمن
الفاسقني وال أيمنونه ،بل يطلبهم ويطلبونه ،قد ابينهم وابينوه ،وانصبهم وانصبوه ،فهم له
خائفون ،وعلى إهالكه جاهدون ،يبغيهم الغوائل ،ويدعو إىل جهادهم القبائل ،متشرداً
عنهم ،خائفاً منهم ،ال يردعه عن أمور هللا وال مينعه عن االجتهاد عليهم كثرة اإلرجاف،
مشري مشمر ،جمتهد غري مقصر.
فمن كان كذلك من ذرية احلسن واحلسني فهو اإلمام املفَتضة طاعته ،الواجبة على األمة
نصرته ،مثل من قام من ذريتهما من األئمة الطاهرين ،الصابرين هلل احملتسبني ،مثل زيد بن
علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب([ )]1رضي هللا عنه إمام املتقني ،والقائم حبجة رب
العاملني ،ومثل ابنه حيىي([ )]2احملتذي بفعله ،ومثل َممد بن عبدهللا بن احلسن بن احلسن بن
علي بن أيب طالب([ ،)]3الذي جاء فيه اخلرب عن رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله ،أنه
خرج ذات يوم إىل ابب املدينة ،فوقف يف موضع ومعه مجاعة من أصحابه ،فقال
هلم(( :أال إنه سيقتل ِف هذا املوضع رجل من ولدي ،امسه كامسي ،واسم أبيه كاسم أيب،
يسيل دمه من هاهنا إَل أحجار الزيت ،وهو النفس الزكية ،على قاتله ثلث عذاب
أهل النار)).
ومثل أخويه إبراهيم([ )]4وحيىي([ )]5ابين عبدهللا ،ومثل احلسني بن علي بن احلسن بن
احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب([ ،)]6وهو صاحب فخ ،ومثل
َممد([ )]7والقاسم([ )]8ابين إبراهيم بن إمساعيل بن إبراهيم بن احلسن بن احلسن بن علي
بن أيب طالب ،فمن كان كذلك من ذرية احلسن واحلسني فهو إمام جلميع املسلمني ،ال
يسعهم عصيانه ،وال حيل هلم خذالنه ،بل جيب عليهم مواالته وطاعته ،ويعذب هللا من
خذله ،ويثيب من نصره ،ويتوىل من يتواله ،ويعادي من عاداه.
ومما روى احلسني بن علي بن أيب طالب عليهم السالم ،قال :أخربين أيب ،قال :قال جدي
رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،قال(( :إنه سيخرج منا رجل يقال له زيد ،فينتهب ملك
السلطان ،فيقتل ،مث يصعد بروحه إَل السماء الدنيا ،فيقول له النبيون :جزى هللا نبيك
عنا أفضل اْلزاء كما شهد لنا ِبلبالغ ،وأقول أَن :أقررت عيين اي بين ،وأديت عين ،مث
يذهب بروحه من مساء إَل مساء حَّت ينتهي به إَل هللا عز وجل([ ،)]9وجييء أصحابه يوم
القيامة يتخللون أعناق الناس َبيديهم أمثال الطوامري([ ،)]10فيقال :هؤالء خلف
اْللف ،ودعاة احلق إَل رب العاملني)).
وفيه ،عن َممد بن احلنفية ،أنه قال(( :سيصلب منا رجل يقال له زيد يف هذا املوضع ـ
اس ـ ،مل يسبقه األولون وال اآلخرون فضالً)). يعين موضعاً ابلكوفة يقال له الْ حكنح ح
وفيه ،عن َممد بن علي بن احلسني ابقر العلم ،أن قوماً وفدوا إليه فقالوا :اي ابن رسول
هللا ،إن أخاك زيداً فينا ،وهو يسألنا البيعة ،أفنبايعه ؟ فقال هلم َممد :ابيعوه ،فإنه اليوم
أفضلنا.
وعنه أيضاً :أنه اجتمع زيد وَممد يف جملس فتحدثوا ،مث قام زيد فمضى ،فأتبعه َممد
بصره ،مث قال :لقد أجنبت أمك اي زيد.
وفيه ما قال جعفر بن َممد الصادق ـ رمحة هللا عليه ـ لَّ َّما أراد زيد اخلروج إىل الكوفة من
املدينة ؛ قال له جعفر :أان معك اي عم .فقال له زيد :أو ما علمت اي ابن أخي أن قائمنا
لقاعدان وقاعدان لقائمنا ،فإذا خرجت أان وأنت فمن خيلفنا يف حرمنا ،فتخلف جعفر أبمر
عمه زيد.
وعن جعفر أيضاً ملا أراد حيىي بن زيد اللحوق إىل أبيه ،قال له ابن عمه جعفر :أقرئه عين
السالم ،وقل له :فإين أسأل هللا أن ينصرك ويبقيك ،وال يرينا فيك مكروهاً ،وإن كنت أزعم
أين عليك إمام فأان مشرك.
{وَم ْن
وعنه أيضاً ملا جاءه خرب قتل أيب قرة الصقيل بني يدي زيد بن علي ،تال هذه اآليةَ :
َج ُرهُ َعلَىت فَ َق ْد َوقَ َع أ ْ اَّلل َوَر ُسولِ ِه ُمثَّ يُ ْد ِرْكهُ ال َْم ْو ُ
اجرا إِ ََل َِِّ ِِ ِ
ََيْ ُر ْج م ْن بَ ْيته ُم َه ً
اَّلل} [النساء ،]100:رحم هللا أاب قرة. َِّ
ص َدقُوا َما
ال َ وعنه أيضاً ملا جاءه خرب قتل محزة بني يدي زيد بن علي تال هذه اآليةِ { :ر َج ٌ
ضى ََْنبَهُ َوِم ْن ُه ْم َم ْن يَ ْن تَ ِظ ُر َوَما بَ َّدلُوا اَّللَ َعلَْي ِه فَ ِم ْن ُه ْم َم ْن قَ َ
اه ُدوا ََّع َ
تَ ْب ِديالً} [األحزاب.]32:
وعنه ملا جاءه قتل عمه زيد وأصحابه ،قال :ذهب وهللا زيد بن علي كما ذهب علي بن
أيب طالب واحلسن واحلسني وأصحاهبم شهداء إىل اجلنة ،التابع هلم مؤمن ،والشاك فيهم
ضال ،والراد عليهم كافر.
قوم كانوا ابيعوا زيد بن علي ،فحـلَّ َّما بلغهم أن سلطان الكوفة ٍ
وإمنا َّفرق بني زيد وجعف ٍر ٌ
يطلب من ابيع زيداً ويعاقبهم ،خافوا على أنفسهم فخرجوا من بيعة زيد ورفضوه خماف ًة من
هذا السلطان ،مث مل يدروا ِِبح حيتجون على من المهم وعاب عليهم فعلهم ،فقالوا ابلوصية
حينئذ ،فقالوا :كانت الوصية من علي بن احلسني إىل ابنه َممد ،ومن َممد إىل جعفر،
ليموهوا به على الناس ،فضلوا وأضلوا كثرياً ،وضلوا عن سواء السبيل ،اتبعوا أهواء أنفسهم،
وآثروا الدنيا على اآلخرة ،وتبعهم على قوهلم من أحب البقاء وكره اجلهاد يف سبيل هللا.
مث جاء قوم من بعد أولئك فوجدوا كالماً مرسوماً يف كتب ودفاتر ،فأخذوا بذلك على غري
متييز وال برهان ،بل كابروا عقوهلم ،ونسبوا فعلهم هذا إىل األخيار منهم؛ من ولد رسول هللا
عليه وعليهم السالم ،كما نسبت احلشوية ما روت من أابطيلها وزور أقاويلها إىل رسول هللا
صلى هللا عليه وآله وسلم ،ليثبت هلم ابطلهم على من اختذوه مأكلة هلم ،وجعلوهم خدماً
ِ
ْف َوِرثُوا الْكتَ َ
اب ف ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم َخل ٌ وخوالً ،كما قال هللا عز وجل يف أشباههم{:فَ َخلَ َ
ض ِمثْ لُهُ ََيْ ُخ ُذوهُ أَََلْ يُ ْؤ َخ ْذ
ض َه َذا األَ ْد ََن َويَ ُقولُو َن َسيُ ْغ َف ُر لَنَا َوإِ ْن ََيْهتِِ ْم َع َر ٌََيْ ُخ ُذو َن َع َر َ
اَّلل إِالَّ ا ْحلَ َّق َو َد َر ُسوا َما فِ ِيه}[األعراف.]169: اب أَ ْن ال ي ُقولُوا َعلَى َِّ ْكتَ َِعلَي ِهم ِميثَا ُق ال ِ
َ ْ ْ
وكذلك هؤالء الذين رفضوا زيد بن علي وتركوه ،مث مل يرضوا مبا أتوا من الكبائر؛ حىت نسبوا
ذلك إىل املصطفني من آل الرسول؛ فلما كان فعلهم على ما ذكران ،مساهم حينئذ زيد
روافض ،ورفع يديه فقال :اللهم اجعل لعنتك ولعنة آابئي وأجدادي ولعنيت على هؤالء
الذين رفضوين ،وخرجوا من بيعيت ،كما رفض أهل حروراء علي بن أيب طالب عليه السالم
حىت حاربوه.
فهذا كان خرب من رفض زيد بن علي وخرج من بيعته.
وروي عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،أنه قال لعلي بن أيب طالب(( :اي علي ،إنه
سيخرج قوم ِف آخر الزمانَ ،لم نبز يعرفون به ،يقال َلم :الرافضة ،فإن أدركتهم
فاقتلهم ،فإهنم مشركون ،فهم لعمري شر اْللق واْلليقة)).
وأما الوصية فكل من قال إبمامة أمري املؤمنني ووصيته ،فهو يقول ابلوصية ،على أن هللا عز
وجل أوصى خبلقه على لسان النيب إىل علي بن أيب طالب واحلسن واحلسني ،وإىل األخيار
من ذرية احلسن واحلسني ،أوهلم علي بن احلسني وآخرهم املهدي ،مث األئمة فيما بينهما.
وذلك أن تثبيت اإلمامة عند أهل احلق يف هؤالء األئمة من هللا عز وجل على لسان رسول
ني فيه صفات ت هللا فيه اإلمامة ،واختاره واصطفاه ،وبحَّ ح
هللا صلى هللا عليه وآله ،فمن ثبَّ ح
اإلمام فهو إمام عندهم مستوجب لإلمامة ،لقول النيب صلى هللا عليه وآله وسلم ،إذ
يقول(( :من أمر ِبملعروف وهنى عن املنكر من ذرييت فهو خليفة هللا ِف أرضه ،وخليفة
كتابه ،وخليفة رسوله)) ،قال(( :من ذرييت)) ،فولد احلسن واحلسني من ذرية النيب صلى
هللا عليه وآله وسلم.
مث قال(( :عليكم َبهل بييت ،فإهنم لن َيرجوكم من ِبب هدى ،ولن يدخلوكم ِف ِبب
ردى)) ،وقال(( :مثل أهل بييت فيكم كسفينة نوح ،من ركبها َنا ،ومن َتلف عنها
غرق وهوى)) ،وقال((:النجوم أمان ألهل السماء ،وأهل بييت أمان ألهل األرض ،فإذا
ذهبت النجوم من السماء أتى أهل السماء ما يوعدون ،وإذا ذهب أهل بييت من
األرض أتى أهل األرض ما يوعدون)) يعين يف مجيع ذلك :الصاحلني من ولده ،وقال
صلى هللا عليه وعلى أهل بيته(( :من مسع واعيتنا أهل البيت فلم ينصره َل يقبل هللا له
توبة حَّت تلفحه جهنم)) مث قال(( :من مات ال يعرف إمامه مات ميتة جاهلية)).
وهللا عز وجل قد جعل األمر والنهي يف خيار آل َممد عليه وعلى آله السالم ،وزواه عن
ظامليهم وظاملي غريهم ،ومكن أهل احلق منهم وأجازه هلم ،وذلك قوله تبارك
الزَكا َة وأَمروا ِِبلْمعر ِ َّ ِ
وف َ ُْ الصال َة َوآتَ ُوا َّ َ َ ُ
ض أَقَ ُاموا َّ ين إِ ْن َم َّكن ُ
َّاه ْم ِِف األ َْر ِ وتعاىل{ :الذ َ
آمنُوا ِم ْن ُك ْم ين َ
َّلل َعاقِبةُ األُموِر} [احلج ،]41:مث قال{ :و َع َد َّ َّ ِ
اَّللُ الذ َ َ
ِِ
َو َهنَْوا َع ِن ال ُْم ْن َك ِر َو َّ َ ُ
ين ِم ْن قَ ْبلِ ِه ْم َولَيُ َم ِكنَ َّن ََلُ ْم ض َكما استَ ْخلَ َ َّ ِ
ف الذ َ َّه ْم ِِف األ َْر ِ َ ْ
ِ احل ِ
ات لَيَ ْستَ ْخل َفن ُ
و َع ِملُوا َّ ِ
الص َ َ
َّه ْم ِم ْن بَ ْع ِد َخ ْوفِ ِه ْم أ َْمنًا يَ ْعبُ ُدونَِين ال يُ ْش ِرُكو َن ِيب َش ْي ئًا ِ
ضى ََلُ ْم َولَيُ بَدلَن ُ ِدينَ ُه ُم الَّ ِذي ْارتَ َ
اس ُقو َن} [النور ،]55:وقال سبحانه لرسله{ :فَأ َْو َحى ك ُهم الْ َف ِ ومن َك َفر ب ْع َد ذَلِ َ ِ
ك فَأُولَئ َ ُ ََ ْ َ َ
ك لِ َم ْن َخ َ
اف ض ِم ْن بَ ْع ِد ِه ْم َذلِ َ ِ
ني(َ )13ولَنُ ْسكنَ نَّ ُك ُم األ َْر َ
ِ ِ
إِلَْي ِه ْم َرُِّبُ ْم لَنُ ْهل َك َّن الظَّال ِم َ
ال
يد([ })14إبراهيم13:ـ ،]14وقوله إلبراهيم صلى هللا عليه{ :ال يَنَ ُ اف و ِع ِ َ خ
َ و ي م َق ِ
ام
َ َ َ
ك ني}[البقرة ،]124:وعلى هذا النحو قال تبارك وتعاىل{ :قُ ِل اللَّ ُه َّم َمالِ َ ِ
َع ْهدي الظَّال ِم َ
ِ
شاءُ}[آل عمران ،]26:يعين األنبياء ومن تبعهم من األئمة ْك َم ْن تَ َ ْك تُ ْؤِيت ال ُْمل َ الْمل ِ
ُ
اَّلل وُكونُوا مع َّ ِ ِ
ني} [التوبة ،]119:وكقول إبراهيم عليه الصادق َ ََ الصادقني ،كقوله{ :اتَّ ُقوا ََّ َ
شاءُ} [آل ْك ِِمَّ ْن تَ َ ِ ِ
السالم{ :فَ َم ْن تَب َع ِين فَِإنَّهُ م ِين} [إبراهيم ،]36:مث قالَ :
{وتَنْ ِزعُ ال ُْمل َ
عمران ،]26:فقد نزع امللك من الفراعنة واجلبابرة ،وإمنا امللك هو األمر والنهي ،ال املال
َح ُّق
ْك َعلَْي نَا َوََْن ُن أ َََن يَ ُكو ُن لَهُ ال ُْمل ُ والسعة واجلدة ،كما قال عز وجل عندما قالوا{ :أ َّ
ادهُ بَ ْسطَ ًة ِِف ال ِْعل ِْم
اصطََفاهُ َعلَْي ُك ْم َوَز َاَّللَ ْ ال إِ َّن َّ ت َس َع ًة ِمن الْم ِ
ال قَ َ ْك ِم ْنهُ َوََلْ يُ ْؤ َ
ِِبلْمل ِ
َ َ ُ
ني عز وجل يف هذه اآلية أن شاءُ} [البقرة ،]247:فقد بحَّ ح َوا ْْلِ ْس ِم َو َّ
اَّللُ يُ ْؤِيت ُملْ َكهُ َم ْن يَ َ
شاءُ} [آل عمران ،]26:فقد {وتُِع ُّز َم ْن تَ َ
امللك هو األمر والنهي ،ال سعة املال ،مث قالَ :
أعز األنبياءح ومن تبعهم من األئمة الصادقني وأوليائهم الصاحلني ،وذلك قوله َّ
َّلل ال ِْع َّزةُ ولِرسولِ ِه ولِل ِسبحانه{ :وَِِّ
ني} [املنافقون ،]8:واملؤمن ال ميلك من متاع الدنيا ْم ْؤمنِ َ
ََُ َ ُ َ
{وتُ ِذ ُّل َم ْن
شيئاً ،فسماه هللا عزيزاً ؛ إذ فعله ذلك يوصله إىل دار العز أبد األبد ،مث قالَ :
شاءُ} [آل عمران ،]26:فقد أذل الفراعنة ومن تبعهم من الظاملني ؛ ألهنم معتدون غري تَ َ
َمقني.
فكل من كان يف يده أمر وهني ،وكان فعله خمالفاً للكتاب والسنة فهو فرعون من
الفراعنة ،وكل عامل متمرد فهو إبليس من األابلسة ،وكل من عصى الرمحن من سائر الناس
س َوا ْْلِ ِن} [األنعام ،]112:مث
ني ا ِإلنْ ِ ِ
فهو شيطان من الشياطني ،وذلك قولهَ { :شيَاط َ
قالِ :
{م َن ا ْْلِن َِّة َوالن ِ
َّاس} [الناس.]6:
والظامل وإن اتسع يف هذه الدنيا من مال غريه ،وأكثر من مظامل الناس ،ووقع عند اجلاهل
أنه عزيز ،فهو عند هللا عز وجل وعند أوليائه ذليل ؛ ألن فعله ذلك يورده إىل دار الذل أبد
س ال ِْم َه ُ
اد} [آل ئ
ْاه ْم َج َهنَّم وبِْو أم مث
َُّ يلاألبد ،كما قال هللا عز وجل{:متاعٌ قَلِ
َ َ ُ ُ َ َ ٌ ََ
عمران.]197:
وقال النيب صلى هللا عليه وآله وسلم يف األمراء الظاملني(( :طعمة قليلة وندامة طويلة))،
وفعل هؤالء الظاملني وأمرهم وسلطنتهم؛ إمنا تقوم أبعواهنم الذين يتبعوهنم ،ويعينوهنم على
ظلمهم ،وإذا تفرق األعوان منهم وأسلموهم مل تقم هلم دولة ،وال تثبت هلم راية ،فمىت كثرت
مجاعتهم تقووا هبم على ابطلهم ،واستضعفوا املستضعفني من خلق هللا ،وأمهل هلم رهبم
وتركهم ،ومل ححيحل بينهم وبني من يظلموهنم ؛ إذ كلٌّ ظامل ،القوي واملستضعف ،وذلك قوله
ضا ِِبَا َكانُوا يَ ْك ِسبُو َن} [األنعام،]129: ِ {وَك َذلِ َ
ض الظَّال ِم َ
ني بَ ْع ً ك نُ َوِّل بَ ْع َ عز وجلَ :
ِ وقال{ :أَََل تَر أ َََّن أَرسلْنَا َّ ِ
ني َعلَى الْ َكاف ِر َ
ين تَ ُؤزُُّه ْم أَزًّا} [مرمي ،]83:يقول: الشيَاط َ َْ ْ َ
يد} [اإلسراء،]50:ْس َش ِد ٍ
ُوّل ََب ٍ خليناهم عليهم ،كما قال{ :بَ َعثْ نَا َعلَْي ُك ْم ِعبَ ً
ادا لَنَا أ ِ
وكما قال النيب صلى هللا عليه وآله(( :لتأمرن ِبملعروف ولتنهن عن املنكر ،أو ليسلطن
خيارُكم فال يستجاب َلم ،حَّت
هللا عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ،مث يدعو ُ
إذا بلغ الكتاب أجله كان هللا املنتصر لنفسه ،فيقول :ما منعكم إذ رأيتموّن أُعصى أن
ال تغضبوا ِف)).
فمن هذه اجلهة ترك الظاملني ومل أيخذهم؛ ألن الرعية يف ظلمهم وتظاملهم فيما بينهم
أصناف :فقوم يقولون على هللا ابجلرب والتشبيه ،وينفون عنه العدل والتوحيد ،وينسبون إليه
عز وجل أفعال العباد ،ويقولون :إن هذا الذي نزل هبم بقضاء وقح حد ٍر ،ولوال أن هللا قضى
عليهم هبذا الظلم الذي نزل هبم من هؤالء الظاملني ما إذاً قدر الظامل أن يظلمهم ،غري أن
َّر عليهم عند هللا على يدي هذا الظامل ،فإذا كانت معرفتهم هذه املعرفة، هذا الظلم حم حقد ٌ
وكان معبودهم الذي يزعمون أهنم يعبدونه هذا فعله هبم؛ فمىت يصل هؤالء إىل معرفة
اخلالق ،ومىت يدعونه ويستعينون به على ظاملهم ؟ إمنا هم يدعون هذا الذي يزعمون أنه
قضى عليهم هبذا الظلم وقدره ،وهلذا يصلون ،وله يصومون وحيجون ،وبه يف مجيع ما يحـْن ِزحل
هبم من الظلم واجلور واملصائب يف املال والولد والبدن يستغيثون به على دفع هذه املضار
والبلوى اليت نزلت هبم.
فهم يبعدون صورة مصورة ،وعلى هذا النحو أسلمهم رهبم ،وتركهم من التوفيق والتسديد،
وخذهلم ومل ينصرهم على ظاملهم ،وكيف ينصرهم على ظاملهم وهو الْ حم حق ِّد حر هلذا الظامل عليهم
الذي نزل هبم ؟ فهو الذي يدعونه بزعمهم.
أما إهنم لو أنصفوا عقوهلم ،وعرفوا هللا عز وجل حق معرفته ،ونفوا عنه ظلم عباده ،كما
حينئذ على ٍ نفاه عز وجل عن نفسه ،مث أمروا ابملعروف وهنوا عن املنكر ،ودعوا رهبم
ظاملهم ؛ إذاً الستجاب هلم دعوهتم ،وكشف ما هبم من الظلم واجلور ،وذلك قوله عز
{وَكا َن َح ًّقا َعلَْي نَا نَ ْ
ص ُر وجل{ :ا ْدعُ ِوّن أ ْ ِ
ب لَ ُك ْم} [غافر ،]60:وقالَ : َستَج ْ
ِ ني} [الرومَ { ،]47:ك َذلِ َ ِ
ني} [يونس.]103: ك َح ًّقا َعلَْي نَا نُ ْن ِج ال ُْم ْؤمنِ َ ال ُْم ْؤمنِ َ
اَلوامش
([ )]1هو اإلمام أبو احلسني زيد بن علي بن احلسني بن علي بن أيب طالب عليهم السالم ،فاتح ابب اجلهاد واالجتهاد ،والغاضب هلل يف األرض ،مولده75 :هـ،
على أصح األقوال ،دعا إىل هللا يف زمن هشام بن عبدامللك األموي ،وابيعه مجهور أهل الكوفة وكثري من فقهائها ،وأنفذ الدعاة إىل البلدان ،واستجاب له عامل من
الناس ،وكان وعد أصحابه للظهور ليلة األربعاء أول ليلة من صفر عام 122هـ ،وأحوج إىل الظهور قبل ذلك لوقوف يوسف بن عمر على أمره ،فظهر ليلة األربعاء
فد ّل عليه يوسف بن عمر فأخرجه وصلبه يف الكناسة ،وبقي مصلوابً سنة وأشهراً ،وقيل سنتني ،مث
حجري املاء عليه تعمية لقربه ،ح
على األصح ،فدفن يف مكان وأ ْ
أححرق جسده الشريف وذروه يف الفرات ،وإليه تنسب الفرقة الزيدية ،وبسبب رفضه مسيت الفرقة الرافضة رافضة ،لرفضهم له ،قال اإلمام عبدهللا بن احلسن عليه
السالم ( :العلم بيننا وبني الناس علي بن أيب طالب ،والعلم بيننا وبني الشيعة زيد بن علي).
بقتال الظاملني وأعداء الدين ،فخرج من الكوفة فدخل خراسان ،وانتهى إىل بلخ ،وكان قد أخذه نصر بن سيار فقيّده وحبسه ،وكتب إىل يوسف بن عمر أبمره
وكتب يوس ف إىل الوليد بن يزيد بذلك ،فكتب الوليد أيمره ابإلفراج عنه ،وترك التعرض له وألصحابه ،فخرج من عنده إىل بيهق ،وأظهر الدعوة هناك ،ووقعت له مع
اجليوش األموية وقعات إىل أن اجتمع عليه اجليوش الذين أنفذهم نصر بن سيار لقتاله ،فقاتلهم عليه السالم ثالثة أايم حىت قحتل أصحابه وأتته نشابة يف جبهته ،وكان
قتْله عليه السالم يف شهر رمضان عشية اجلمعة 126هـ ،وعمره 28سنة ،وصلب على ابب مدينة اجلوزجان ،فبقي إىل أن ظهر أبو مسلم فأنزله وغسله وكفنه أبمبري
([ )]3هو اإلمام املهدي أبو القاسم َممد بن أيب األئمة عبدهللا الكامل احملض بن احلسن بن احلسن السبط عليهم السالم ،ورد فيه عن النيب صلى هللا عليه وآله
وسلم أنه خرج ذات يوم إىل ابب املدينة فقال(( :أال وإنه سيقتل ِف هذا املوضع رجل من أوالدي امسه كامسي واسم أبيه كاسم أيب يسيل دمه من هاهنا إَل
أحجار الزيت ،وهو النفس الزكية ،على قاتله ثلث عذاب أهل النار)).
وكان قوايً شجاعاً إذا حمححل على األعداء مسعت فيهم قصفة كأجيج النار .
ظهر عليه السالم ابملدينة لليلتني بقيتا من مجادى اآلخرة سنة 145هـ ،وروي يف غرة رجب ،وخرج منها إىل مكة ،ووجه أخاه إبراهيم عليه السالم إىل البصرة.
ووجه إليه أبو جعفر الدوانيقي عيسى بن َممد بن علي بن عبدهللا بن عباس وحاربه إىل أن قحتل يف شهر رمضان الكرمي سنة 145هـ ،وقيل سنة 146هـ.
([ )]4هو اإلمام أبو احلسن إبراهيم بن عبدهللا بن احلسن بن احلسن السبط عليهم السالم ،دعا بعد قتل أخيه سنة 145هـ ،وابيعته املعتزلة مع الزيدية ،وكاد أن
يقضي على آخر اجليوش العباسية فأاته سهم غائر فأصاب جبينه وذلك يوم االثنني يف أول ذي احلجة سنة 145هـ .انظر ترمجته يف التحف شرح الزلف ط.97/3/
([ )]5هو اإلمام أبو احلسني حيىي بن عبدهللا بن احلسن بن احلسن السبط ـ عليهم السالم ـ دعا عليه السالم بعد قتل اإلمام احلسني بن علي الفخي ،وكان يف
الوقعة اليت قحتل فيها ،وأحصيب ذلك اليوم ،وخرج عليه السالم بعدها إىل اليمن ،فدخل صنعاء ،وأقام فيها شهوراً ،وأخذ عنه علماء اليمن ،وجال البلدان فدخل بالد
السودان ووصل بالد الَتك واستقبله ملكها وأسلم على يديه سراً ،وملا استقر يف بالد الديلم ضاقت على هارون األرض مبا رحبت ،فسعى حبيل مذكورة يف كتب
التاريخ إىل أن استقدمه إليه ،فسمه بعد أن أعطاه أماانً فيه أميان مغلظة ،وتويف يف حبسه ببغداد .انظر ترمجته يف التحف شرح الزلف ط.112/3/
([ )]6هو اإلمام أبو عبدهللا احلسني بن علي بن احلسن بن احلسن بن احلسن بن علي بن أيب طالب عليهم السالم ،كان عليه السالم شجاعاً شخياً ،ظهر ابملدينة
ليلة السبت يف إحدى عشرة بقيت من ذي القعدة سنة 169هـ ،وقيل سنة 168هـ ،وابيعه مجاعة من أهل بيته وكثري من الشيعة ،وخرج إىل مكة ومعه من تبعه وهم
زهاء ثالمثائة ،فلما صاروا بفخ لقيتهم اجليوش العباسية والتقوا يف يوم الَتوية ،وثبت عليه السالم يف أصحابه يقاتلهم حىت قحتل ،وكان له يوم قحتِل إحدى وأربعون
سنة ،وقد كان الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم صلى يف املوضع الذي قحتل فيه وبكى ،وأخرب أصحابه فقال((:أخَبّن جَبيل َبن رجالً من ولدي يقتل ِبذا املكان
دعا يف الكوفة سنة 199هـ يف شهر مجادى األوىل ،بعث أخاه اإلمام القاسم بن إبراهيم إىل مصر وزيد بن الكاظم بن جعفر إىل البصرة.
روى علماء أهل البيت عليهم السالم عن اإلمام زيد بن علي أنه قال ( :يبايع لرجل منا عند قصر الغرتني سنة 199هـ يف عشر من مجادى األوىل يباهي هللا به
املالئكة).
قحتل يف أايمه عليه السالم وأايم اإلمام َممد بن َممد بن زيد من جنود العباسية مائتا ألف ومخسون ألفاً ،وتويف عليه السالم شهيداً سنة 199هـ ،لليلة خلت من
([ )]8هو اإلمام أبو َممد جنم آل الرسول وإمام املعقول واملنقول القاسم بن إبراهيم بن إمساعيل بن إبراهيم بن احلسن بن احلسن السبط صلوات هللا عليهم وسالمه.
قام ملا مسع مبوت أخيه اإلمام َممد بن إبراهيم مبصر سنة 199هـ ،ولبث يف دعائه اخللق إىل هللا إىل سنة 246هـ ،ورد فيه عن النيب صلى هللا عليه وآله وسلم أنه
قال(( :اي فاطمة إن منك هادايً ومهدايً ومستلب الرِبعيتني ،لو كان بعدي نيب لكان إايه)) .له املؤلفات العظيمة والكثرية ّ ،
وخترج عليه كثري من أصحابه العلماء،
وتويف عليه السالم وله 77سنة يف الرس اليت انتقل إليها آخر أايمه ،وهي أرض اشَتاها عليه السالم وراء جبل أسود ابلقرب من ذي احلليفة .انظر ترمجته يف التحف
([ )]9إن هللا سبحانه وتعاىل منـزه عن املكان ،واملعىن :حىت ينتهي به إىل املكان الذي جعله هللا تعاىل مقراً ألرواح الشهداء ممن كان مثله ،وذلك مثل قول إبراهيم
ذاهب إَل َريب َسيَ ْهدين)) ،فالذهاب إىل هللا تعاىل ليس على حقيقته ،ألنه ـ صلوات هللا تعاىل عليه وعلى آله ـ حمل يربح
ٌ اخلليل صلوات هللا تعاىل عليه وعلى آله ((إّن
ِ ِ ِ وإمنا معناه يف ذهابه إىل حربِِّه :توجهه إليه بعبادته ،وتشاغله عن سواه" ،وكذلك قوله تعاىل {إِل َْي ِه يَ ْ
ح ص َع ُد الْ َكل ُم الطَّي ُ
ب َوال َْع َم ُل الصَّال ُ حال ذهابهَّ ،" ،
األرض ح
ح
ت
توج حه ْ
تعبدت به ،ولتصعد أبعمال العباد إليه ،وإمنا ح
ْ يَ ْرفَ عُهُ} ،فمعناها :أن املالئكة ـ عليهم الصالة والسالم ـ"تح ْ
ص حع حد أبعمال العباد إىل املوضع من السماء اليت
اهيم إىل حربِِّه ،مبعىن توجهه بعبادته إليه" كما قال اإلمام جنم آل الرسول القاسم بن إبراهيم بن إمساعيل بن إبراهيم بن احلسن بن
بتلك العبادة إىل هللا كما ذهب إبر ح
العمل الصالِ حح
الطيب و ح
ح القول
أن ح الرضي ـ عليه السالم ـ يف تلخيص البيان يف تفسريها :وإمنا املرادَّ :
احلسن بن علي بن أيب طالب ـ عليهم السالم ـ ،وقال الشريف َّ
متقبالن عند هللا عز وجل ،واصالن إليه سبحانه مبعىن أهنما يبلغان رضاه ،ويناالن زلفاه ،وأنَّه تعاىل ال يضيعهما ،وال يهمل اجلزاء عليهما ،وهذا كقول القائل لغريه:
قد تحـحرقَّى إىل األمري ما فعلته ،أي بلغه ذلك على وجهه ،وعرفه على حقيقته ،وليس يريد به االرتقاء الذي هو االرتفاع ،وضده االخنفاض.
ِ
كم ووج ه آخر :قيل إن معىن ذلك :صعود األقوال واألعمال إىل حيث ال ميحْلك احلكم فيه إالَّ هللا تعاىل كما يقال :ارتفع ح
أمر القوم إىل القاضي ،إذا انتهوا إىل أن ححي ح
خصامهم" ،واحلمد هلل الواحد العدل. بينهم ،ويـ ْف ِ
ص حل
ح ح
([ )]10الطوامري مجع طحومار ،وهي الصحيفة ،متت من القاموس.