Professional Documents
Culture Documents
َّللاَ َح َّق تُقَاتِ ِه َوال ت َ ُموت ُ َّن ِإ َّال َوأَ ْنت ُ ْم
) يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َّ
ُم ْس ِل ُمونَ )
سدِيدا ً * يُ ْ
ص ِل ْح لَ ُك ْم ( َيا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َّ
َّللاَ َوقُولُوا قَ ْوالً َ
سولَهُ فَقَ ْد فَازَ فَ ْوزا ً أ َ ْع َمالَ ُك ْم َويَ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َو َم ْن يُ ِط ِع َّ
َّللاَ َو َر ُ
ع ِظيماً).
َ
يأَ َّما َب ْعدُ :فَإِ َّن َخي َْر ْال َك َال ِم َك َال ُم هللاُ ت َ َعالَىَ ،و َخي َْر ْال َه ْدي ِ َه ْد ُ
ور ُم ْحدَثَات ُ َهاَ ،و ُك َّل ُم ْحدَثَ ٍةسلَّ َمَ ،وش ََّر ْاْل ُ ُم ِ صلَّى هللاُ َ
ع َل ْي ِه َو َ ُم َح َّم ٍد َ
ار. ض َاللَةٌَ ،و ُك َّل َ
ض َاللَ ٍة فِي النَّ ِ عةَ ٌ،و ُك َّل ِب ْد َ
ع ٍة َ ِب ْد َ
عن عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا
علَ ْي ِه أَ ْن يَدُ َّل
ي قَ ْب ِلي ِإالَّ َكانَ َحقًّا َ عليه وسلم قالِ (( :إنَّهُ لَ ْم يَ ُك ْن نَ ِب ٌّ
أ ُ َّمتَهُ َ
علَى َخي ِْر َما َي ْعلَ ُمهُ لَ ُه ْم َويُ ْنذ َِر ُه ْم ش ََّر َما َي ْعلَ ُمهُ لَ ُه ْمَ ،و ِإ َّن
آخ َرهَا َبالَ ٌء َوأ ُ ُم ٌ
ور يب ِص ُ سي ُ ِ أ ُ َّمت َ ُك ْم َه ِذ ِه ُج ِع َل َ
عا ِف َيت ُ َها ِفي أ َ َّو ِل َهاَ ،و َ
ضاَ ،وتَ ِجي ُء ْال ِفتْنَةُ
ض َها بَ ْع ًت ُ ْن ِك ُرونَ َهاَ ،وت َ ِجي ُء فِتْنَةٌ فَيُ َرقِ ُق بَ ْع ُ
ِف َوتَ ِجي ُء ْال ِفتْنَةُ فَ َيقُو ُل
فَ َيقُو ُل ْال ُمؤْ ِم ُن َه ِذ ِه ُم ْه ِل َكتِي ،ث ُ َّم ت َ ْن َكش ُ
ار َو َي ْد ُخ َل ْال َجنَّةَ ْال ُمؤْ ِم ُن َه ِذ ِه َه ِذ ِه ،فَ َم ْن أ َ َح َّ
ب أَ ْن يُزَ ْحزَ َح َ
ع ِن النَّ ِ
اس الَّذِي اآلخ ِرَ ،و ْليَأ ْ ِ
ت ِإلَى النَّ ِ فَ ْلتَأْتِ ِه َمنِيَّتُهُ َو ُه َو يُؤْ ِم ُن ِب َّ ِ
اَّلل َو ْاليَ ْو ِم ِ
ص ْفقَةَ َي ِد ِه َوثَ َم َرةَ قَ ْل ِب ِه ب أ َ ْن يُؤْ تَى ِإلَ ْي ِهَ ،و َم ْن َبا َي َع ِإ َما ًما فَأ َ ْع َ
طاهُ َ يُ ِح ُّ
عهُ فَاض ِْربُوا ُ
عنُقَ ع ،فَإِ ْن َجا َء آخ َُر يُن ِ
َاز ُ طا َ فَ ْليُ ِط ْعهُ ِإ ِن ا ْست َ َ
اآلخَر)).
عباد هللا:
لقد كثرت الفتن في هذا الزمان ،وأصبح المسلم يرى الفتن بكرة
وعشياً ،وح َّل من الباليا والمحن والنوازل والخطوب الجسام
الشي ُء الكثير ،وما ذاك إالَّ لما آل إليه حا ُل المسلمين من تشتت،
ت بينهم؛ فتسلطت
وبُعد عن منهج اإلسالم ،وتفشي المنكرا ِ
ضتَهم.
عليهم أمم الكفر ،واستباحت بي َ
الربانين؛ فهم
ِ يعص ُم من الفتن :االلتفاف حول العلماء
ومما ِ
َّ
الحق من الباط ِل ،وال ُهدَى أنصار شرع هللا ،والذين يبينون للناس
ُ
من الضالل ،روي عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قالِ (( :إ َّن
اس َمفَاتِي َح اس َمفَاتِي َح ِل ْل َخي ِْر َمغَا ِليقَ ِلل َّ
ش ِرَ ،و ِإ َّن ِم ْن النَّ ِ ِم ْن النَّ ِ
َّللاُ َمفَا ِتي َح ْال َخي ِْر َ
علَى ش ِر َمغَا ِليقَ ِل ْل َخي ِْر ،فَ ُ
طو َبى ِل َم ْن َج َع َل َّ ِلل َّ
علَى يَدَ ْي ِه)) َّللاُ َمفَاتِي َح ال َّ
ش ِر َ يَدَ ْي ِهَ ،و َو ْي ٌل ِل َم ْن َج َع َل َّ
فالعلماء هم القدوة ،وهم المربون ،وهم العون بعد هللا في هذا
الطريق ومن هذه الفتن ،والذئب ال يأكل من الغنم إال القاصية،
يقول ُ
ابن القيم رحمه هللا :وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا
الظنون وضاقت بنا اْلرض أتيناه -يعني شي َخ اإلسالم ابن تيمية
فيذهب ذلك ُكلُّه
َ رحمه هللا -فما هو إال أن نراه ونسمع كالمه
عنا.
َّ
ولكن الجماعة من أن الجماعةَ ليست بالكثرة؛
واعلموا عباد هللا َّ
سنَّة والجماعة ،يقول عبدهللا بن مسعود
كان على منهج أهل ال ُّ
رضي هللا عنه :لو أن فقيها ً على رأس جبل لكان هو الجماعة.
و هذا متحقق في هذا الزمان الذي شغر من سلطان عام وخال
من إمامة جامعة.
سلُّ ُح بالعلم ،حيث يقول النبي صلى هللا ص ُم من الفتن :الت َّ َ ومما ي ْع ِ
شدِيدٌ ال
ان َبال ٌء َ
الز َم ِ يب أ ُ َّم ِتي ِفي ِ
آخ ِر َّ ص ُ عليه وسلمِ (( :إنَّهُ َ
سي ُ ِ
سانِ ِه وقَ ْل ِبه)).
ف دِينَ هللاِ فَ َجا َهدَ علَ ْي ِه ِب ِل َ يَ ْن ُجو ِم ْنهُ إالَّ َر ُج ٌل َ
ع َر َ
ُ
والرفق والحل ُم وعد ُم العجلة ،حتى ومما يعصم من الفتن :التأني
اْلمور على حقيقتِها ،يقول النبي صلى هللا عليه وسلم:
َ يَ َرى
ش ْيءٍ ِإالَّ
ع ِم ْن َ ش ْيءٍ ِإالَّ زَ انَهُ َوالَ يُ ْنزَ ُ الر ْفقَ الَ َي ُك ُ
ون ِفي َ (( ِإ َّن ِ
صلَتَي ِْن يُ ِحبُّ ُه َما َّ
َّللاُ، يك َخ ْ شَانَهُ)) ،وقال ْلشج عبد القيسِ (( :إ َّن فِ َ
ْال ِح ْل ُم َواْلَنَاةُ)).
بارك هللا لي ولكم في القرآن العظيم ،ونفعني وإياكم بما فيه من
اآليات والذكر الحكيم؛ أقول ما تسمعون ،وأستغفر هللا لي ولكم
من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد هلل القوي القاهر العزيز الغالب الفعال لما يريد ،أحاط -
سبحانه -بكل شيء علما ووسع كل شيء رحمة وحلما ،وقهر
كل مخلوق عزة وحكما.
أما بعد:
معصوم إالَّ من
َ فاتقوا هللا عباد هللا ،واستعيذوا به من الفتن ،فال
ش ْيءٍ َح ِفي ٌ
ظ﴾ علَى ُك ِل َ
عصمه هللاِ ﴿ ،إ َّن َر ِبي َ
عباد هللا:
شم ُر
في أوقات الفتن تكثر اإلشاعات ،وتنشط الدعايات ،ويُ ِ
ارة ﴿ ،يَا أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا
ب واإلثَ َ
ضون عن سواعدهم بال َك ِذ ِ
غر ُ
ال ُم ِ
ِإ ْن َجا َء ُك ْم فَا ِس ٌق ِبنَ َبإٍ فَتَ َبيَّنُوا أ َ ْن ت ُ ِ
صيبُوا قَ ْو ًما ِب َج َهالَ ٍة فَت ُ ْ
ص ِب ُحوا
علَى َما فَ َع ْلت ُ ْم نَاد ِِمينَ ﴾
َ
وكفى بالمرء إثما ً أن يُحد َ
ِث بكل ما سمع ،يقول عمر رضي هللا
سان فيها مث ُل ِ
وقع السيف) ،ومن الل ِ
عنه( :إياكم والفتن ،فإن وق َع ِ
التاريخ تبيَّنَ له ذلك.
ِ َ
أحداث تتبع
فإذا غلبوكم على العدل في اْلحكام فال يغلبنكم عليه أحد في
خاصة أنفسكم و ما تعولون.
الفتن في
ِ ومن اْلخطاء العظيمة في زمن الفتن :مراجعةُ أحادي ِ
ث
وأشخاص معيَّنين ،وهذا منه ٌج
ٍ وقت الفتنة ،وتطبيقُها على أوقا ٍ
ت
خاطئ ،فمنهج أهل السنة والجماعة أنهم يذكرون أحاديث الفتن
للتحذير منها ،وإبعا ِد المسلمين من القرب عنها ،وليعتقدوا صحةَ
عونَ الواق َع هو الذي
ي صلى هللا عليه وسلم ،ويَدَ ُ
ما أخبر به النب ُّ
اْلمر قالوا كما قال صحابة رسول هللا صلى هللا
ُ ينطق ،فإذا وقع
سولُهُ َو َما سولُهُ َو َ
صدَقَ َّ
َّللاُ َو َر ُ عليه وسلم َ ﴿:هذَا َما َو َ
عدَنَا َّ
َّللاُ َو َر ُ
زَ ادَ ُه ْم ِإ َّال ِإي َمانًا َوتَ ْس ِلي ًما ﴾
أن على المسلم أن يُكثِ َر من الت َّ َع ُّو ِذ باهلل من الفتن ،أ ُ ْس َوة ً
كما َّ
بالنبي صلى هللا عليه وسلم ،فقد كان من دعائه صلى هللا عليه
ت َوتَ ْر َك وسلم في صالته(( :اللَّ ُه َّم ِإنِي أ َ ْسأَلُ َك فِ ْع َل ْال َخي َْرا ِ
ضنِي ِإلَي َْك ِك فِتْنَةً فَا ْق ِب ْ
ت ِب ِع َباد َين َو ِإذَا أ َ َر ْد َ
سا ِك ِ ب ْال َم َ ْال ُم ْن َك َرا ِ
ت َو ُح َّ
غي َْر َم ْفتُون)) ،وقال صلى هللا عليه وسلم(( :ت َ َع َّوذُوا ِب َّ ِ
اَّلل ِمنَ َ
ْال ِفت َ ِن َما َ
ظ َه َر ِم ْن َها َو َما بَ َ
طنَ .
هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد رسول هللا فقد أمركم بذلك
صلُّونَ َ
علَى النَّ ِبي ِ َيا ربكم فقال عز من قائلِ { :إ َّن َّ
َّللاَ َو َمالئِ َكتَهُ يُ َ
س ِل ُموا ت َ ْس ِليما ً }. صلُّوا َ
علَ ْي ِه َو َ أَيُّ َها الَّذِينَ آ َمنُوا َ