You are on page 1of 8

‫خطبة الجمعة ‪ 8‬أكتوبر ٕٕٔٓم‬

‫فضل الشيادة ومنزلة الشييد‬


‫د‪ .‬سعد أبو جمل‬
‫عناصر الخطبة‬
‫العنصر األول‪ :‬منزلة الشييد عند اهلل تعالى‬
‫العنصر الثاني‪ :‬الشييد الحقيقي والشييد المزيف‬
‫العنصر الثالث‪ :‬الجياد الحقيقي والجياد المزيف‬
‫العنصر الرابع‪ :‬جياد المرحمة وواجب الوقت‬
‫المقدمة‬
‫أما بعد‬
‫العنصر األول‪ :‬منزلة الشييد عند اهلل تعالى‬
‫اى ُم المّوُ ِمن‬‫ين بِ َما آتَ ُ‬
‫ِ‬
‫ون * فَ ِرح َ‬ ‫َح َياء ِع َ‬
‫ند َرِّب ِي ْم ُي ْرَزقُ َ‬ ‫يل المّ ِو أ َْم َواتاً َب ْل أ ْ‬
‫ين قُتِمُوْا ِفي سبِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫قال تعالى‪َ ? :‬ولَ تَ ْح َس َبن الذ َ‬
‫ض ٍل َوأَن المّوَ‬ ‫ون بِنِ ْع َم ٍة ِّم َن المّ ِو َوفَ ْ‬ ‫ِ‬
‫ون َي ْستَْبش ُر َ‬ ‫ف َعمَ ْي ِي ْم َولَ ُى ْم َي ْح َزُن َ‬ ‫ين لَ ْم َيْم َحقُوْا بِ ِيم ِّم ْن َخْم ِف ِي ْم أَل َخ ْو ٌ‬ ‫ِ‬
‫ون بِالذ َ‬
‫ِ‬
‫ضمو َوَي ْستَْبش ُر َ‬
‫فَ ْ ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫لَ ي ِ‬
‫ين? [آل عمران‪.]ٔ7ٔ-ٔ69 :‬‬ ‫َج َر اْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ضيعُ أ ْ‬ ‫ُ‬
‫فالشيداء وان قتموا في ىذه الدار؛ فإن أرواحيم حية مرزوقة في دار القرار‪.‬‬
‫يل المّ ِو أ َْم َواتاً َب ْل أ ْ‬
‫َح َياء‬ ‫ين قُتِمُوْا ِفي سبِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫روى مسروق قال‪« :‬سألنا عبد اهلل بن مسعود عن ىذه اآلية‪َ ? :‬ولَ تَ ْح َس َبن الذ َ‬
‫ون?? قال‪ :‬أما إنا قد سألنا عن ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬أرواحيم في جوف طير خضر‪ .‬ليا قناديل(ٕ) معمقة بالعرش‪،‬‬ ‫ند َرِّب ِي ْم ُي ْرَزقُ َ‬‫ِع َ‬
‫تسرح من الجنة حيث شاءت‪ ،‬ثم تأوي إلى تمك القناديل»‪.‬‬
‫إحسانا منو وفضلً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وقد اشترى اهلل سبحانو وتعالى من المؤمنين نفوسيم لنفاستيا لديو‬
‫مبينا لزوم ىذا العقد أزلً في‬ ‫أبدا بألسنتيم ويتمى‪ ،‬قال تعالى ً‬ ‫وكتب ذلك العقد الكريم في كتابو العظيم؛ فيو يق أر ً‬
‫ون َو ْعداً َعمَْي ِو‬
‫ون َوُي ْقتَمُ َ‬
‫محكم القرآن‪? :‬إِن المّو ا ْشتَرى ِمن اْلمؤ ِمنِين أَنفُسيم وأَموالَيم بِأَن لَيم الجنةَ يقَاتِمُون ِفي سبِ ِ ِ‬
‫يل المّو فََي ْقتُمُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ ُْ َ ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫استَْب ِش ُروْا بَِب ْي ِع ُك ُم ال ِذي َب َاي ْعتُم بِ ِو َوَذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫َحقّاً ِفي التورِاة و ِ‬
‫اإلن ِج ِ‬
‫يم? [التوبة‪:‬‬ ‫ك ُى َو اْلفَ ْوُز اْل َعظ ُ‬ ‫آن َو َم ْن أ َْوفَى بِ َع ْيده م َن المّو فَ ْ‬
‫يل َواْلقُ ْر ِ‬ ‫َْ َ‬
‫ٔٔٔ]‪.‬‬
‫قال الحسن البصري وقتادة‪ :‬بايعيم اهلل فأغمى ثمنيم»‪.‬‬
‫ين‬ ‫ِِ‬ ‫ين و ُّ‬ ‫ك مع ال ِذين أ َْنعم المّو عمَ ْي ِيم ِّمن النبِيِّين والص ِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيَ َداء َوالصالح َ‬ ‫ِّديق َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ? :‬و َمن ُيط ِع المّوَ َوالر ُسو َل فَأ ُْولَئ َ َ َ‬
‫ك َرِفيقاً? [النساء‪.]69 :‬‬ ‫َو َح ُس َن أُولَئِ َ‬
‫وبيانا لعمو منزلتيم‪.‬‬ ‫يما ليم‪ً ،‬‬ ‫فقرن اهلل سبحانو ذكر الشيداء مع النبيين تكر ً‬
‫الشييد ل يجد ألم القتل‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪« :-‬ما يجد الشييد من مس القتل إل‬
‫كما يجد أحدكم من مس القرصة»‪.‬‬
‫الشييد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ليقتل عشر مرات‪:‬‬
‫عن أنس رضي اهلل عنو عن النبي ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬قال‪« :‬ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا‬
‫ولو ما عمى األرض من شيء إل الشييد‪ ،‬يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات‪ ،‬لما يرى من الكرامة»‪.‬‬
‫الشييد في الجنة‪:‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي اهلل عنو‪« :‬أن أم الربيع بنت البراء ‪ -‬وىي أم حارثة بن سراقة ‪ -‬أتت النبي ‪ -‬صمى اهلل‬
‫عميو وسمم ‪ -‬فقالت‪ :‬يا نبي اهلل! أل تحدثني عن حارثة? ‪-‬وكان قتل يوم بدر‪ ،‬أصابو سيم غرب(ٔ)‪ -‬فإن كان في الجنة‬
‫صبرت‪ ،‬وان كان غير ذلك اجتيدت عميو في البكاء فقال‪ :‬يا أم حارثة‪ ،‬إنيا جنان في الجنة‪ ،‬وان ابنك أصاب الفردوس‬
‫األعمى»‪.‬‬
‫الشييد تكفر عنو خطاياه إل الدين‪:‬‬
‫عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص ‪-‬رضي اهلل عنيما‪ -‬أن رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬قال‪« :‬يغفر لمشييد‬
‫كل ذنب إل الدين»‪.‬‬
‫فالشيادة في سبيل اهلل تكفر جميع ما عمى العبد من الذنوب التي بينو وبين اهلل تعالى‪.‬‬
‫الشييد رائحة دمو مسك يوم القيامة‪:‬‬
‫عن أبي ىريرة رضي اهلل عنو‪ :‬أن رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬قال‪« :‬والذي نفسي بيده‪ ،‬ل ُي ْكمَم أحد في‬
‫سبيل اهلل ‪-‬واهلل أعمم بمن ُي ْكمَم في سبيمو‪ -‬إل جاء يوم القيامة‪ ،‬والمون لون الدم‪ ،‬والريح ريح المسك»(‪.)6‬‬
‫الشييد تظمو الملئكة بأجنحتيا‪:‬‬
‫عن جابر بن عبد اهلل ‪-‬رضي اهلل عنيما‪ -‬قال‪« :‬جيء بأبي يوم أحد قد مثل بو‪ ،‬حتى وضع بين يدي رسول اهلل ‪-‬‬
‫ثوبا‪ ،‬فذىبت أريد أن أكشف عنو فنياني قومي‪ ،‬ثم ذىبت أكشف عنو فنياني قومي‪،‬‬
‫صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬وقد سجي ً‬
‫فأمر رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬فرفع‪ ،‬فسمع صوت صائحة فقال‪ :‬من ىذه? فقالوا‪ :‬ابنة عمرو أو أخت عمرو‪،‬‬
‫قال‪ :‬فمم تبكي? أو‪ :‬ل تبكي‪ ،‬فما زالت الملئكة تظمو بأجنحتيا حتى رفع»‪.‬‬
‫الشييد يشفع في سبعين من أىمو‪:‬‬
‫عن المقدام بن معدي كرب رضي اهلل عنو قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪« :-‬لمشييد عند اهلل ست‬
‫خصال‪ ،‬يغفر لو في أول دفعة‪ ،‬ويرى مقعده من الجنة‪ ،‬ويجار من عذاب القبر‪ ،‬ويأمن من الفزع األكبر‪ ،‬ويوضع عمى‬
‫رأسو تاج الوقار‪ :‬الياقوتة منيا خير من الدنيا وما فييا‪ ،‬ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين‪ ،‬ويشفع في سبعين‬
‫من أقاربو»‪.‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬الشييد الحقيقي والشييد المزيف‬

‫‪2‬‬
‫نعني بالشييد الحقيقي كل من ثبت بأدلة الشرع أنو شييد حتى وان لم يقتل في قتال الكفار‪ ،‬ونعني بالشييد المزعوم‬
‫تمك األوصاف التي لم يثبت بالشرع أن صاحبيا شييد‪ ،‬بل إن بعض ىذه األوصاف في األصل معصية وليست طاعة‪.‬‬
‫فالشييد –في األصل ‪ -‬ىو‪ :‬من يقتل في سبيل اهلل؛ إلعلء كممة اهلل‪ ،‬في أرض الجياد‪.‬‬
‫وحيث إن المجاىدين قميمون‪ ،‬فإن الشيداء أقل‪ ،‬ولذا فقد تفضل اهلل بمنو وكرمو بأن ألحق بعض المؤمنين بمراتب‬
‫الشيداء بميتات مخصوصة‪ ،‬وذلك الفضل من اهلل يؤتيو من يشاء‪.‬‬
‫قال أىل العمم‪ :‬إن سبب جعل ىؤلء في مراتب الشيداء ىو أنيم ماتوا بـ «ميتات فييا شدة‪ ،‬تفضل اهلل عمى أمة‬
‫تمحيصا لذنوبيم‪ ،‬وزيادة في أجورىم‪ ،‬يبمغيم بيا مراتب الشيداء»‪.‬‬
‫ً‬ ‫محمد ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬بأن جعميا‬
‫عن أبي ىريرة ‪ -‬رضي اهلل عنو ‪ -‬أن رسول اهلل ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ -‬قال‪« :‬الشيداء خمسة‪ :‬المطعون‪،‬‬
‫والمبطون‪ ،‬والغرق‪ ،‬وصاحب اليدم‪ ،‬والشييد في سبيل اهلل»‪.‬‬
‫ومن الجائز إطلق الشيادة بالوصف‪ ،‬مثل أن يقال‪ :‬كل من قُتل في سبيل اهلل فيو شييد‪ ،‬ومن قتل دون مالو فيو‬
‫شييد‪ ،‬ومن مات بالطاعون فيو شييد‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ألن ىذا جاءت بو النصوص؛‬
‫ولكن اختمف أىل العمم في إطلق لفظة شييد عمى من مات بسبب من أسباب الشيادة وقد توفرت فيو الشروط‬
‫وانتفت عنو الموانع الظاىرة كأن يقال‪ :‬فلن شييد‪ ،‬فقال بعضيم‪ :‬ل يجوز أن نشيد لشخص بعينو أنو شييد‪ ،‬وقال بعض‬
‫أىل العمم‪ :‬يجوز أن نشيد لممعين‪ ،‬بأنو شييد إذا توافرت فيو الشروط‪.‬‬
‫ومن األخطاء الفادحة في ىذا الزمان إطلق لفظة "شييد" عمى كل أحد‪ ،‬فإن تسمية الكفار من ممحدين وييود‬
‫ونصارى وغيرىم بشيداء فيذا قدح في عقيدة من قال ذلك‪ ،‬وجيل منو بأبسط مبادئ اإلسلم وأصول اإليمان‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫?ومن ي ْبتَ ِغ َغ ْير ِ ِ ِ‬
‫اإل ْسلَم ديناً َفمَن ُي ْقَب َل م ْنوُ َو ُى َو في اآلخ َرِة م َن اْل َخاس ِر َ‬
‫ين? [آل عمران‪.]88 :‬‬ ‫َ‬ ‫ََ َ‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين ‪-‬رحمو اهلل‪« :-‬وأما ما ينشر في الصحف وما أشبو ذلك من مثل ىذه األلقاب التي قد تقال‬
‫صحفيا‬
‫ً‬ ‫يتحرى اإلنسان فيما يقول‪ ،‬سواء كان‬ ‫لمن يجزم اإلنسان بأنو ليس من المؤمنين فضلً عن الشيداء؛ فإن الواجب أن ّ‬
‫يد? [ق‪.».]ٔ8 :‬‬‫يب َعتِ ٌ‬
‫سيسأل عما قال‪ ،‬كما قال اهلل تعالى‪َ ? :‬ما َيْم ِفظُ ِمن قَ ْو ٍل إِل لَ َد ْي ِو َرِق ٌ‬
‫أم غير صحفي ألنو ُ‬
‫كما أدرج البعض أوصافًا لنيل الشيادة غير األوصاف التي قيدتيا النصوص الشرعية‪ ،‬كقول بعضيم‪" :‬شييد البيئة"‬
‫لمن قتل وىو يحافظ عمى نظافة بمدتو‪ ،‬أو "شييد الفن" لمن مات وىو يقوم بجياد فني ‪-‬عمى زعميم‪ -‬ولو كان بعممو الفني‬
‫ىذا يحارب اهلل ورسولو‪ ،‬أو "شييد العروبة" ولو كان ىذا مقتولً في عصبية قومية جاىمية‪ ،‬أو "شييد الحرية"‪ ،‬أو "شييد‬
‫العمم"‪ ،‬وغيرىا من األوصاف التي قد يكون في أكثرىا مضادة لحكم اهلل ورسولو ‪ -‬صمى اهلل عميو وسمم ‪ ،-‬وىذه كميا‬
‫دعاوى باطمة وتسميات زائفة أرخصت بيا منزلة الشيادة العظيمة التي جاء اإلسلم برفع مكانتيا واعلء شأنيا‪ ،‬وأصحاب‬
‫األوصاف السابقة الذكر ل يجوز ألحد أن يطمق عمييم شيداء‪ ،‬لوجوب الوقوف عند الضوابط واألصول الشرعية‪.‬‬
‫العنصر الثالث‪ :‬الجياد الحقيقي والجياد المزيف‬
‫إن الجياد الحقيقي الذي يقوم عمى الشرع في وسائمو وضوابطو وأىدافو ل بد وأن ُيثمر النصر الموعود بو في‬
‫القرآن‪ ،‬قال تعالى (ولينصرن اهلل من ينصره) ميما كانت درجة الستضعاف وتسمط العدو‪ ،‬فمقد كان الصحابة في مكة في‬

‫‪3‬‬
‫غاية الستضعاف‪ ،‬فمما حققوا شروط الجياد وتدرجوا كما أمرىم اهلل تعالى انتقموا بأنفسيم من حالة الضعف والمطاردة إلى‬
‫حالة القوة والمنعة‪ ،‬وفي بادئ األمر كان النبي صمى اهلل عميو وسمم يمر عمييم فل يممك ليم إل أن يواسييم ويصبرىم‬
‫وفتح باب األمل ليم في وعد اهلل وتذكيرىم بما وعد اهلل بو الموحدين الصابرين‬
‫عن عبد اهلل بن مسعود قال‪" :‬أول من أظير إسلمو سبعة‪ :‬رسول اهلل صمى اهلل عميو وسمم‪ ،‬وأبو بكر‪ ،‬وعمار‪،‬‬
‫وأمو سمية‪ ،‬وصييب‪ ،‬وبلل‪ ،‬والمقداد‪.‬‬
‫فأما رسول اهلل‪ ،‬صمى اهلل عميو وسمم‪ ،‬فمنعو اهلل بعمو‪ ،‬وأما أبو بكر‪ ،‬فمنعو اهلل بقومو‪ ،‬وأما سائرىم‪ ،‬فألبسيم‬
‫المشركون أدراع الحديد‪ ،‬وصفدوىم في الشمس‪ ،‬وما فييم أحد إل وقد واتاىم عمى ما أرادوا إل بلل‪ ،‬فإنو ىانت عميو نفسو‬
‫في اهلل‪ ،‬وىان عمى قومو‪ ،‬فأعطوه الولدان يطوفون بو في شعاب مكة وىو يقول‪ :‬أحد أحد "‬
‫أحدىم ويجيعونو ويعطشونو حتى ما يقدر أن يستوي‬
‫وعن ابن عباس أنو ذكر الصحابة فقال " واهلل كانوا َليضربون َ‬
‫جالسا من شدة الضرب ‪ ،‬حتى يقولوا لو ‪ :‬اللت والعزى إليُك من دون اهلل? فيقول ‪ :‬نعم "‬
‫وعن عثمان رضي اهلل عنو أن النبي صمى اهلل عميو وسمم لما مر عمى آل ياسر وىم يعذبون قال "صب اًر آل ياسر‬
‫انتظار لمجزاء في اآلخرة‪ ،‬فمم يكن‬
‫ًا‬ ‫فإن موعدكم الجنة"‪ ،" ،‬فالحديث في ىذه المرحمة كان عن الحتساب والتحمل والصبر‬
‫يموح في األفق القريب حديث عن المقاومة أو الدفاع؛ فضلً عن المبادأة واليجوم‪.‬‬
‫ولم يكن أصحاب رسول اهلل صمى اهلل عميو وسمم آنذاك جبناء ول أذلة في نفوسيم بل كانوا متشوفين لمدفاع عن‬
‫أنفسيم والنتقام من عدو اهلل وعدوىم‪.‬‬
‫ولكنيم منعوا من الجياد بالسيف فسمعوا وأطاعوا وقدموا داعي الشرع عمى داعي العاطفة والحماس فأفمحوا أورد‬
‫القرطبي عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحاباً لو أتوا النبي صمى اهلل عميو وسمم بمكة فقالوا‪ :‬يا نبي اهلل‪ ،‬كنا‬
‫في عز ونحن مشركون‪ ،‬فمما آمنا صرنا أذلة _أي يعذبنا أىل مكة ول نرد عن أنفسنا_ ? فقال‪( :‬إني أمرت بالعفو فل‬
‫تقاتموا القوم)‪.‬‬
‫يق ِم ْنيُ ْم‬
‫ب َعمَْي ِي ُم اْل ِقتَا ُل إِ َذا‬
‫فَ ِر ٌ‬ ‫ِ‬
‫يموا الصلةَ َوآتُوا الزَكاةَ َفمَما ُكت َ‬
‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫قال تعالى‪ :‬أَلَم تَر إِلَى ال ِذ ِ‬
‫ين قي َل لَيُ ْم ُكفوا أ َْيد َي ُك ْم َوأَق ُ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫الد ْن َيا َقمِي ٌل‬
‫ُّ‬
‫يب ُق ْل َمتَاعُ‬ ‫َج ٍل قَ ِر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ت َعمَْي َنا اْلقتَا َل لَ ْول أَخ ْرتََنا إِلَى أ َ‬‫َشد َخ ْش َيةً َوقَالُوا َرب َنا لِ َم َكتَْب َ‬‫اس َك َخ ْش َي ِة الم ِو أ َْو أ َ‬
‫َي ْخ َش ْو َن الن َ‬
‫ون فَتِيل‬ ‫اآلخ َرةُ َخ ْيٌر لِ َم ِن اتقَى َول تُ ْ‬
‫ظمَ ُم َ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫قال أىل العمم‪ :‬نزلت في قوم من الصحابة كانوا قد أمروا بالكف عن القتال قبل أن يفرض الجياد‪ ،‬فتمنوا أن يؤمروا‬
‫بو‪ ،‬فمما أمروا بو كرىوه‪ ،‬ل شكا في دينيم‪ ،‬ولكن خوفا من الموت‪.‬‬
‫قال العلمة السعدي في تفسيره‪ :‬كان المسممون ‪-‬إذ كانوا بمكة‪ -‬مأمورين بالصلة والزكاة التي ىي مواساة الفقراء‪،‬‬
‫ولم يؤمروا بجياد األعداء لعدة فوائد‪:‬‬
‫منيا‪ :‬أن من حكمة الباري تعالى أن يشرع لعباده الشرائع عمى وجو ل يشق عمييم؛ ويبدأ باألىم فاألىم‪ ،‬واألسيل‬
‫فاألسيل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وع َد ِد ِىم وكثرة أعدائيم‪ -‬ألدى ذلك إلى اضمحلل اإلسلم‪،‬‬ ‫ِِ‬
‫ومنيا‪ :‬أنو لو فرض عمييم القتال ‪-‬مع قمة َع َددىم ُ‬
‫فروعي جانب المصمحة العظمى عمى ما دونيا ولغير ذلك من ِ‬
‫الح َكم‪.‬‬
‫وكان بعض المؤمنين يودون أن لو فرض عمييم القتال في تمك الحال‪ ،‬غير اللئق فييا ذلك‪ ،‬وانما اللئق فييا‬
‫القيام بما أمروا بو في ذلك الوقت من التوحيد والصلة والزكاة ونحو ذلك وىؤلء لم يكونوابأكثر شجاعة من الذين صبروا‬
‫وتحمموا ولم يستعجموا الصدام‪ ،‬بل إنيم ما استعجموا القتال إل لما ضاقوا ذرًعا بما احتممو األكابر‪ ،‬فمما ىاجروا إلى المدينة‬
‫وقوي اإلسلم‪ُ ،‬كتب عمييم القتال في وقتو المناسب لذلك‪ ،‬فقال فريق من الذين يستعجمون القتال قبل ذلك خوفا من الناس‬
‫ت َعمَ ْي َنا اْل ِقتَا َل } ? وفي ىذا تضجرىم واعتراضيم عمى اهلل‪ ،‬وكان الذي ينبغي ليم ضد ىذه‬ ‫وضعفا وخو ار‪َ { :‬رب َنا لِ َم َكتَْب َ‬
‫يب } أي‪ :‬ىل‬ ‫َج ٍل قَ ِر ٍ‬
‫الحال‪ ،‬التسميم ألمر اهلل والصبر عمى أوامره‪ ،‬فعكسوا األمر المطموب منيم فقالوا‪ { :‬لَ ْول أَخ ْرتََنا إِلَى أ َ‬
‫كثير ما تعرض لمن ىو غير رزين واستعجل في األمور‬
‫أخرت فرض القتال مدة متأخرة عن الوقت الحاضر‪ ،‬وىذه الحال ًا‬
‫قبل وقتيا‪ ،‬فالغالب عميو أنو ل يصبر عمييا وقت حموليا ول ينوء بحمميا‪ ،‬بل يكون قميل الصبر‪.‬‬
‫أحدا منيم‬
‫وكانت هلل في ذلك الحكمة البالغة فإنيم لو قاتموا عدوىم مع ضعفيم وقمتيم لستأصميم وأفناىم‪ ،‬ولو أن ً‬
‫خالف ما أمره اهلل تعالى بو ورسولو من الصبر وكف األيدي وأن يعفوا وأن يصفحوا حتى يأتي اهلل بأمره‪ ،‬ألعطى ليؤلء‬
‫الكفار فرصة من ذىب حيث يقومون عمى المسممين الذين ل منعة ليم ويستأصمونيم‪ ،‬وتكون الصورة أمام العالم كمو أن‬
‫يشا معيا حق‪ ،‬قتمت أبنائيا العاقين الذين خرجوا عمييا بالسلح‪.‬‬
‫قر ً‬
‫ولما ىاجر النبي صمى اهلل عميو وسمم إلى المدينة ومن اهلل عميو بالعدد والعدة وتييأ لو العضد والنصر واستكممت‬
‫األسباب الحسية والمعنوية جاء اإلذن من اهلل بجياد المشركين بالسيف ل رغبة في سفك الدماء وازىاق األرواح والتوسع في‬
‫الديار واألموال والغنائم ولكن إلخراج الناس من عبادة األوثان واألصنام واألنبياء واألولياء والصالحين إلى عبادة اهلل وحده‬
‫المسممين ع اًز ومجداً ورفعة وذك اًر حارت فيو العقول واألفيام ولكن من عرف سنن‬
‫َ‬ ‫اإلسلم و‬
‫َ‬ ‫الجياد‬
‫ُ‬ ‫لقد أورث ذلك‬
‫اهلل في عباده ل يحار ول يعجب فإن اهلل ل يخمف الميعاد وأمره إذا أراد شيئاً فإنما يقول لو كن فيكون‪.‬‬
‫وتمر األيام ويأتي يوم الفتح والنصر‪ ،‬ويعود النبي صمى اهلل عميو وسمم إلى األماكن نفسيا؛ تمك التي شيدت عذاب‬
‫المستضعفين من أصحابو الذين مات بعضيم فوق رمال الصحراء تحت لييب األسواط!‬
‫الصدمة ىائمة‪ ،‬والموقف عمى أعداء اهلل قاس‪ ،‬ىؤلء المسممون المستضعفون كانوا يجمدون في الصحراء حول‬
‫الكعبة‪ ،‬وما يقدر عمى نصرتيم أحد‪.‬‬
‫وفي عشر سنوات فقط بعد اليجرة دانت الجزيرة العربية لدين اهلل ودخل الناس في دين اهلل أفواجاً ‪.‬‬
‫إنيا قصة تمكين ألمة ما كان يأبو ليا أحد‪ ،‬فصارت ملء السمع والبصر‪ ،‬وحفرت وجودىا في جدار التاريخ‬
‫لقد انتقل النبي صمى اهلل عميو وسمم بالمسممين من حالة الضعف والمطاردة إلى حالة القوة والمنعة‪ ،‬وفق خطوات‬
‫مدروسة ومنيج مرسوم‪ ،‬يوظف المتاح ويتحرك من مربع آلخر بيدوء وتأن‪ ،‬دون تعجل في الصدام‪ ،‬ول تيور في‬
‫المواجية‪ ،‬ودون أن يصادم سنن اهلل الشرعية والكونية رغم عممو بـأنو مؤيد من فوق سبع سماوات‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ولم تتجاوز دعوة النبي صمى اهلل عميو وسمم ربع قرن من الزمان حتى غيرت موازين القوى بالجزيرة العربية بأكمميا‪،‬‬
‫حتى إن صناديد الكفر لم يتصوروا ىذا التطور اليائل‪ ،‬وىذه النقمة النوعية خلل ىذه المدة اليسيرة‪ ،‬فقد مرت عمى الواحد‬
‫منيم ىذه المراحل كأنيا طيف من الخيال‪.‬‬
‫وبعد ‪ ٔ6‬سنة من ىجرتو صمى اهلل عميو وسمم إلى المدينة وبالتحديد في يوم الثالث عشر من رمضان لعام ‪ٔ6‬ىـ‬
‫كان عمر رضي اهلل عنو يتسمم مفاتيح بيت المقدس بعد معارك ضارية في بلد الشام! أين الفرس? وأين الروم أمام قوة‬
‫المسممين?‬
‫وما تمت خمسون سنة حتى طوى اهلل تعالى ليم مشارق األرض ومغاربيا وأورثيم الشام والعراق وفارس والسند‬
‫ومصر وشمال أفريقية وغربيا كل ذلك في غضون خمسين سنة تقريباً من ىجرة النبي صمى اهلل عميو وسمم (وكان وعداً‬
‫مفعولً)‪.‬‬
‫نصر اإلسلم وعزةٌ المسممين وىزيمةُ الشرك وذلةُ المشركين‪.‬‬
‫فيذه ىي ثمرة الجياد الشرعي ُ‬
‫انتفاعا واستفادة من ىذا التاريخ؛ إل أن جماعات‬
‫ً‬ ‫وكان من الواجب أن تكون الحركة اإلسلمية من أكثر الناس‬
‫جيدا؛ ربما تحسن توظيف المواقف‬ ‫الحركة اإلسلمية في كثير من مراحميا وفي كثير من مكوناتيا لم تع ىذه الدروس ً‬
‫الجزئية لتخدم بيا مواقفيا العممية لكنيا ل تق أر الرؤية الكمية ول تتعمم القضايا المحورية فمافييم مثل‪" :‬فقو الموازنات" و "فقو‬
‫األولويات" و"فقو إدارة الصراع" وغيرىا من مفاىيم األساس في تاريخ دعوة النبي صمى اهلل عميو وسمم لم تنل الحظ الكافي‬
‫من الىتمام والدراسة في أدبيات ومنيج ىذه الجماعات!‬
‫ِ‬
‫اإلخفاقات المتوالية لما يسمى في ىذه األزمنة بالجياد اإلسلمي‬ ‫ِ‬
‫النتكاسات المتلحقة و‬ ‫ولنا أن نتساءل ونحن نرى‬
‫لقد ذىبت فيو عقود طويمة وذىب فيو مئات األلوف من األنفس إن لم تصل لممليين وذىبت فيو من األموال والجيود ما ل‬
‫يعممو إل اهلل ثم لم تكن النتيجة المشاىدة اليوم إل مزيداً من تسمط العدو ومزيداً من سفك الدماء ومزيداً من الذل واليوان‬
‫الذي يصب عمى المسممين في غير بقعة من بقاع العالم اإلسلمي‪.‬‬
‫لم ينعم بمد من تمك البمدان المعنية بنعمة أمن ولم يتحرر من عدو مغتصب بل ل يزال يتمقى الضربات بعد‬
‫الضربات بيد بعضيم أو بيد عدوىم‪.‬‬
‫ولو كان جياداً حقاً كما شرع اهلل لرأينا وعد اهلل يتجمى بالنصر والتمكين فإن اهلل ل يخمف وعده‪.‬‬
‫فالتاريخ المعاصر يشيد أن بعض الجماعات اإلسلمية ل تحسن إل الصدام ول تبدأ إل بالمواجية؛ فتعادي‬
‫المجتمع وتواجو السمطة ومن ثم يضيع الحق وتكثر الدماء وتمتمئ السجون وتتكالب عمييم قوى الشرق والغرب ويوصم‬
‫غالبا ما تخرج منو الحركة اإلسلمية ضعيفة ومنيكة وربما خرجت‬
‫الدين باإلرىاب والممتزمون بالتطرف في مسمسل متكرر ً‬
‫من سياق التاريخ كمو!‬
‫ىذا الكلم الذي استقاه عمماء الدعوة من الوحي المنزل وما ىو أقوى منو مما يصرح بو كبار عمماء األمة وعقلئيا‬
‫وينزلون عميو اآليات التي نزلت عمى المنافقين وىو من‬
‫يفسره كثير من الناس عمى أنو من قبيل الجبن والخور والتخذيل ّ‬
‫التمبيس الباطل ألن التخذيل الذي ذمو اهلل ويذمو كل مؤمن إنما يكون عن الجياد المشروع ل عن القتال المذموم‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ليست كل دعوة إلى حقن الدماء تخذيلً‪ .‬فيل كان النبي صمى اهلل عميو وسمم عندما صالح كفار مكة عمى وضع‬
‫الحرب وح ْق ِن الدماء محارباً لمجياد والمجاىدين‬
‫النسحاب من المعركة لعدم التكافؤ بين جيش الصحابة وجيش‬
‫َ‬ ‫لقد اختار خالد بن الوليد الرجوع بالجيش في مؤتة و‬
‫الروم فيل ذمو النبي صمى اهلل عميو وسمم? ل بل مدحو وسمى عممو ذلك فتحاً ‪.‬‬
‫دعوة نفاق وتخدير ل تصدر من مؤمن كما يقال اليوم‪..‬‬‫وىل الدعوة إلى حقن دماء المستضعفين ُ‬
‫ل واهلل بل ىو األمر الذي يفرضو الشرع الحنيف ويقره العقل السميم‬
‫العنصر الرابع‪ :‬جياد المرحمة وواجب الوقت‬
‫إن الصادق في طمب الشيادة يبمغو اهلل تعالى منازل الشيداء وان مات عمى فراشو‪ ،‬وىذا الصدق يمزم لو أل ينيزم‬
‫ب ِم ْنوُ َفمَ ْي َس ِمِّني َو َم ْن لَ ْم َي ْ‬
‫ط َع ْموُ‬
‫ِ‬
‫اإلنسان أمام شيواتو‪ ،‬ولذلك قال طالوت لما برز بجنوده‪ :‬إِن الموَ ُم ْبتَمي ُك ْم بَِنيَ ٍر فَ َم ْن َش ِر َ‬
‫ف ُغ ْرفَةً بَِي ِد ِه‬ ‫فَِإنوُ ِمِّني إِل َم ِن ْ‬
‫اغتََر َ‬
‫وذلك ألن في عدم صبرىم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل عمى عدم صبرىم عمى القتال الذي سيتطاول وتحصل‬
‫فيو المشقة الكبيرة‪ ،‬وال فكيف ينتصر عمى عدوه الخارجي من لم ينتصر عمى عدوه الداخمي?! أعني نفسو وشيطانو‪ ،‬والدنيا‬
‫مثل ىذا النير‪ ،‬ونحن قد أصابنا العطش لشيواتنا كما أصاب ىؤلء الجنود العطش لمماء‪ ،‬فالذي يستجيب لشيواتو ويتعمل‬
‫بظروف الحياة ‪،‬وتكاليف العيش ‪،‬ووطأة المسئوليات فأنى لمثل ىذا أن يكمل الطريق‪ ،‬لذلك فإن طالوت عميو السلم رد‬
‫ىؤلء الذين شربوا من النير مع أنو ذاىب لمواجية عدو كثيف ىائل‪ ،‬ولكن النصر ل يتنزل عمى الكثرة وانما يتنزل عمى‬
‫المؤمنين حتى وان كانوا قمة‪.‬‬
‫فالواجب عمى كل واحد منا في ىذه المرحمة أن يجاىد نفسو وأن يجاىد شيطانو وأن يجاىد الذنوب والمعاصي من‬
‫ب‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫حولو‪ ،‬وأن يحقق مراتب المجاىدة التي أشار إلييا أىل العمم‪ ،‬يقول ابن القيم رحمو اهلل تعالى ‪ ( :‬فَاْل ِجيَ ُ‬
‫اد أ َْرَبعُ َم َرات َ‬
‫ين‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫اد اْل ُكف ِار‪َ ،‬و ِجيَ ُ‬
‫ان‪َ ،‬و ِجيَ ُ‬ ‫اد الش ْيطَ ِ‬ ‫س‪َ ،‬و ِجيَ ُ‬ ‫ِجيَ ُ‬
‫اد الن ْف ِ‬
‫اد اْل ُم َنافق َ‬
‫ضا‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اد الن ْف ِ‬ ‫فَ ِجيَ ُ‬
‫ب أ َْي ً‬‫س أ َْرَبعُ َم َرات َ‬
‫اشيَا َو َم َع ِاد َىا إِل بِ ِو‪َ ،‬و َمتَى‬ ‫ادةَ ِفي مع ِ‬
‫ََ‬ ‫ق ال ِذي َل فَ َل َح لَيَا َوَل َس َع َ‬ ‫ين اْل َح ِّ‬ ‫اى َد َىا َعمَى تَ َعمُِّم اْليُ َدى َوِد ِ‬ ‫إِ ْح َداىا‪ :‬أَن يج ِ‬
‫َ ْ َُ‬
‫ت ِفي الد َارْي ِن‪.‬‬ ‫فَاتَيَا ِعْم ُموُ َش ِق َي ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ضرَىا لَ ْم َي ْنفَ ْعيَا‪.‬‬‫َن ُي َجاى َد َىا َعمَى اْل َع َم ِل بِو َب ْع َد عْممو‪َ ،‬وِال فَ ُم َجرُد اْلعْمِم بِ َل َع َم ٍل إِ ْن لَ ْم َي ُ‬ ‫الثان َيةُ‪ :‬أ ْ‬
‫ون َما أ َْن َز َل الموُ ِم َن اْليُ َدى‬ ‫يم ِو من َل يعمَمو‪ ،‬وِال َك ِ ِ‬
‫ان م َن الذي َن َي ْكتُ ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ ُ َ‬ ‫َْ‬
‫اى َدىا عمَى الد ْعوِة إِلَْي ِو‪ ،‬وتَعمِ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َن ُي َج َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثالثَةُ‪ :‬أ ْ‬
‫اب الم ِو‪.‬‬
‫يو ِم ْن َع َذ ِ‬ ‫ات‪ ،‬وَل ي ْنفَعو ِعْممو‪ ،‬وَل ي ْن ِج ِ‬
‫َ َ ُُ ُُ َ ُ‬
‫واْلبي َِّن ِ‬
‫َ َ‬
‫استَ ْك َم َل َى ِذ ِه‬ ‫ِِ‬
‫ك ُكموُ لمو‪ .‬فَِإ َذا ْ‬ ‫ق‪َ ،‬وَيتَ َحم ُل َذلِ َ‬ ‫اق الد ْعوِة إِلَى الم ِو وأَ َذى اْل َخْم ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫اى َد َىا َعمَى الص ْب ِر َعمَى َم َش ِّ‬ ‫الربِعةُ‪ :‬أَن يج ِ‬
‫ا َ ْ َُ‬
‫ف اْل َحق َوَي ْع َم َل‬ ‫َن ُي َسمى َربانِيًّا َحتى َي ْع ِر َ‬ ‫ق أْ‬ ‫ون َعمَى أَن اْل َعالِم َل َي ْستَ ِح ُّ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫ف ُم ْجم ُع َ‬ ‫ِّين‪ ،‬فَِإن السمَ َ‬ ‫ِ‬
‫ص َار م َن الرباني َ‬
‫ِ‬
‫ب ْاأل َْرَب َع َ‬
‫ِ‬
‫اْل َم َرات َ‬
‫وت السماو ِ‬
‫ات‪.‬‬ ‫ك ي ْدعى ع ِظيما ِفي ممَ ُك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِّ‬
‫ََ‬ ‫َ‬ ‫بو َوُي َعم َموُ‪ ،‬فَ َم ْن َعم َم َو َعم َل َو َعم َم فَ َذا َ ُ َ َ ً‬

‫‪7‬‬
‫وك اْلقَ ِاد َح ِة ِفي‬
‫الش ُك ِ‬ ‫ُّ ِ‬
‫ات و ُّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اى َما‪ِ :‬جيَ ُ‬
‫ادهُ َعمَى َد ْف ِع َما ُيْمقي إلَى اْل َع ْبد م َن الشُبيَ َ‬ ‫ان‪ ،‬إِ ْح َد ُ‬
‫ان فَ َم ْرتََبتَ ِ‬
‫طِ‬ ‫َوأَما ِجيَ ُ‬
‫اد الش ْي َ‬
‫يم ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ْاإل َ‬
‫ين‪َ ،‬والثانِي‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ون َب ْع َدهُ اْل َيق ُ‬
‫اد ْاألَو ُل َي ُك ُ‬ ‫ات‪ ،‬فَاْل ِجيَ ُ‬ ‫اس َد ِة والشيو ِ‬
‫َ ََ‬
‫ات اْلفَ ِ‬ ‫اإلر َاد ِ‬
‫ِ ِ ِ ِ ِ‬
‫ادهُ َعمَى َد ْف ِع َما ُيْمقي إلَ ْيو م َن ْ َ‬ ‫الثانَِيةُ‪ِ :‬جيَ ُ‬
‫ون} [السجدة‪[ ]ٕ2 :‬الس ْج َد ِة‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ص َب ُروا َو َك ُانوا بِ َآيات َنا ُيوِقُن َ‬
‫ون بِأ َْم ِرَنا لَما َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ون َب ْع َدهُ الص ْب ُر‪ .‬قَا َل تَ َعالَى‪َ { :‬و َج َعْم َنا م ْنيُ ْم أَئمةً َي ْي ُد َ‬ ‫َي ُك ُ‬
‫ك‬‫الش ُكو َ‬‫ين َي ْدفَع ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات و ِْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين إِن َما تَُنا ُل بِالص ْب ِر َواْل َي ِق ِ‬ ‫امةَ ِّ‬
‫الد ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫اإل َر َادات اْلفَاس َدةَ‪َ ،‬واْل َيق ُ‬ ‫ين‪ ،‬فَالص ْب ُر َي ْدفَعُ الشيَ َو َ‬ ‫َخ َب َر أَن إ َم َ‬ ‫‪ ]ٕ2‬فَأ ْ‬
‫ات‪.‬‬‫الشبي ِ‬‫ُّ‬
‫َو ُ َ‬
‫ان‪ ،‬فَِإ ْن‬ ‫ب‪ْ ،‬األُولَى‪ :‬بِاْل َي ِد إِ َذا قَ َد َر‪ ،‬فَِإ ْن َع َج َز ْانتََق َل إِلَى المِّ َس ِ‬ ‫ات فَثَ َل ُ ِ‬ ‫اب الظُّْمِم واْلبِ َد ِع واْلم ْن َكر ِ‬‫اد أَرَب ِ‬ ‫ِ‬
‫ث َم َرات َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َوأَما جيَ ُ ْ‬
‫اى َد بِ َقْمبِ ِو‪ ،‬فَيَ ِذ ِه ثَ َلثَةَ َع َش َر َم ْرتََبةً ِم َن اْل ِجيَ ِاد‪.‬‬
‫َع َج َز َج َ‬
‫ص بِاْل َي ِد‪َ ،‬و ِجيَ ُ‬
‫اد‬ ‫َخ ُّ‬‫اد اْل ُكف ِار أ َ‬‫س‪َ ،‬و ِجيَ ُ‬ ‫ال‪ ،‬والن ْف ِ‬
‫َ‬
‫ان‪ ،‬واْلم ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ين فَأَرَبع مراتِ َ ِ ِ‬
‫ب‪ :‬باْل َقْمب‪َ ،‬والم َس ِ َ َ‬
‫ِِ‬
‫اد اْل ُكف ِار َواْل ُم َنافق َ ْ ُ َ َ‬ ‫َوأَما ِجيَ ُ‬
‫ص بِالمِّ َس ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫ين أَ َخ ُّ‬ ‫ِِ‬
‫اْل ُم َنافق َ‬

‫‪8‬‬

You might also like