Professional Documents
Culture Documents
شفاء األوام
يف أحاديث األحكام
للتمييز بني احلالل واحلرام
اجمللد الثالث
-1-
-2-
كتـــــاب الشفعة
أما اإلمجاع فذلك ظاهر بني املسلمني ،وأما السنة فاألخبار الكثرية ونذكر طرف ًا منها.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الرشيك شفيع والشفعة يف كلل
يشء)) رواه ابن عباس.
(خرب) وروى سعيد بن جبري ،عن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله
قال(( :يف العبد شفعة ويف كل يشء)).
(خرب) وروى سعيد بن جبري ،عن أنس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال:
((الشفعة يف الدار ويف الفرس ويف كل يشء)).
(خرب) وعن جابر ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الشفعة يف كلل ك
وحائط)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده أنه قال(( :جار الدار أحق بالدار)).
قال اهلادي :وكذلك عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال :إذا بيعت الدار فاجلار
أحق هبا ،دلت هذه األخبار عىل أن كل مبيع جتب فيه الشلفعة إذا كلان مشلًك ًا ملن دور
وعقار ،وضياع ،ومحام ،ورحى وحيوان ،وعروض ،سواء كان مما حيتمل القسمة أو مما ال
حيتملها ،وال أعرف فيه خالف ًا بني علامئنا عليهم السالم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اجلار أحلق بقلقبه)) دل ذللك
-3-
عىل ثبوت الشفعة يف كل يشء من البقاع بحق اجلوار ،سواء كان املبيع مما ينقسم أو ال.
(خرب) ويدل عليه ما رواه عمرو بن الرشيد ،عن أبيه قال :قلت :يلا رسلول اهلل أرض
ليس ألحد فيها ك وال قسم إال اجلوار؟ قال(( :اجلار أحق بققبه)) يزيده وضوح ًا.
(خرب) وهو أن سعد ًا عرض بيت ًا له عىل جار له فقال :لوال أين سمعت رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :اجلار أحق بققبه)) ملا بعت منك.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق أن أمري املؤمنني علي ًا عليه السالم قال :إذا بيعلت اللدار
فاجلار أحق هبا إذا قامت عىل ثمن إن شاء إال أن يطيب عنها نفس ًا.
فصل
والرشيك يف األصل هو أوىل الشفعاء وهو إمجلاع ،وال خلالف بلني القلائلني بثبلوت
الشفعة باجلوار أن الرشيك يف الرشب والرشيك يف الطريق مقدمان عىل اجلار ،وأن اجللار
أبعد الشفعاء ،وال خالف أن اجلار إذا مل يكلن مالققل ًا فلال شلفعة لله ،وإنلام افلالف يف
الرشيك يف الرشب والرشيك يف الطريق أهيام أوىل؟ فعند اهلادي إىل احللق أن الرشليك يف
الرشب أوىل ،وبه قال املؤيد باهلل (ريض اهلل عنه) وذلك ألنه أخص والرضر عليه أعظلم،
بداللة أن من كان له حق يف طريق فله أن يفتح الباب إىل أي موضع شاء ،وأن يفتح إليهلا
ما شاء من األبواب إذا كانت الطريق مستوية غري منعرجة ومن كان ألرضه فوهلة رلر مل
جيز له أن يفتح فوهة أخرى إليه؛ ألن حق الرشيك يمنع منه فكان أخص فوجب أن يكون
أوىل ،الفوهة -بضم الفاء وفتح العني مشددة -فم النهر والزقاق.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اإلسلالم يعللو وال يعلىل)) دل
ذلك عىل أنه ال شفعة لليهودي وال للنرصاين يف كل مرص مرصله املسللمون ال لبعضلهم
عىل بعض وال هلم عىل املسلمني ،يزيده وضوح ًا قول اهلل تعلاىل {:
-4-
(خرب) وعن أنس قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال شفعة لليهلودي
وال للنرصاين)) وهذا نص عىل ما ذكرناه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اجلار أحق بشفعته ينتظر هبا وإن
كان غائب ًا)) دل ذلك عىل أن الغيبة ال تبطلها.
-5-
باب كيفية أخذ الشفيع
ملا استحق فيه الشفعة من املبيع إذا ثبتت الشفعة للشفيع مل جيز له أخذه من يد املشًي
إال برضاه أو بحكم احلاكم ،ذكره السيد الناطق باحلق ملذهب اهلادي إىل احللق ،وبله قلال
املؤيد باهلل ،فإذا حكم به احلاكم فله أخذه من يد من جيده يف يده بيع ًا كان أو مشًي ًا ،وهو
مما ال نعرف فيه خالف بني علامئنا عليهم السالم ،أعني أن له أخذه بعد حكم احلاكم.
-6-
باب ما يبطل الشفعة
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الشفعة نشطة كنشطة عقلال إن
قيدت ثبتت وإن تركت فاللوم عىل من تركها)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الشفعة ملن واثبها)) دل ذلك علىل أن
طلبها عىل الفور ،واختلف العلامء هل يعترب فيهلا امللللس أم ال فحقلل النلاطق بلاحلق
ملذهب حييى أن املللس معترب فإذا حرض الشفيع عند العقد وقام عن املللس من غلري أن
يطلبها من دون مانع بطلت شفعته ،وعند املؤيد باهلل أنه ال اعتبار باملللس ،وما تقدم يدل
عىل هذا القول.
قال أبو العباس :فإن طالب بلسانه ومل يرافعه إىل احلاكم بطلت شفعته يعني إذا مل يكن
هنا مانع.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أن رج ً
ال قال له :عبدي هذا
تزوج بغري أمري ،فقال له عليه السالم :فرق بينهام ،فقال الرجل لعبده :طلقها يا عدو اهلل،
فقال له عيل عليه السالم :قد أجزت النكلا ،،فلإن شلأت أهيلا العبلد فطللق وإن شلأت
فامسك ،دل ذلك عىل أن الشفيع إذا تر طلب الشلفعة جهل ً
ال بلتن تلر طلبهلا يبطلهلا
بطلت شفعته؛ ألن موىل العبد مل يعلم ما يوجبه قوله من ثبوت النكا ،،وعيل عليه السالم
مل يعترب جهله بذلك ،وعلق احلكم بقوله :وكذلك الشفيع ،واملعنلى أن كلل واحلد ملنهام
فعل ما جهل حكمه فلزمه حكمه ،وعند اهلادي عليه السالم أن شفعته ال تبطل ،واملراد به
إذا كان قريب العهد باإلسالم بتن يكون منتق ً
ال من دار احلرب فإرا ال تبطل شفعته.
قال السيد أبو طالب :قد ذكره أصحاب الشافعي يف تعاليقهم وهذا ال يبعد عىل أصلنا
يعني أصل اهلادي إىل احلق عليه السالم.
-7-
-8-
كتـاب اإلجــارة
[} الطالق ]6:وقوله علز أما الكتاب فقول اهلل تعاىل{:
قائللل حكايللة عللن موسللى عليلله السللالم أنلله قللال لقللاحبه {:
[}الكهف ]77:وقوله تعاىل حاكي ًا عن ابنة شعيب عليه السالم { :
[} القصص ]26:وقوله تعاىل حكاية عن شعيب عليه السالم
أنه قال ملوسى عليه السالم { :
[} القصص ،]27:وقوله تعاىل حكاية عن يوسف عليله
[} يوسف.]72: السالم{:
قيل يف التفسري :وهذا يكون عىل سبيل األجرة ،دلت هذه اآليات علىل أن االسلتألار
كان يف كائعهم ،وكذلك هو ثابت يف كيعتنا عىل ما نبينه إن شاء اهلل تعاىل.
وأما السنة (خرب) فروى أبو هريرة ،عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال:
((أعطوا األجري أجره قبل أن جيف عرقه)) وروي(( :قبل أن جيف رشحه)).
(خرب) وروى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :ملن اسلتتجر
أجري ًا فليعلمه أجره)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يقول لكم ربكم ثالثة أنلا خقلمهم
رجل باع حر ًا وأكل ثمنه ،ورجل استتجر أجري ًا فلام وفاه عمله مل يوف أجرته ،ومن أعطى
صفقة يده ثم غدر)).
-9-
ال هاديل ًا
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا أراد اهللرة اسلتتجر رجل ً
خريت ًا فتخذ به صىل اهلل عليه وآله وسلم وبتيب بكر عىل طريق السلاحل ،افريلت اللدليل
املاهر؛ ألنه يشق املفاقة ،قال :وبلده يعيا هبا افريت.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم اشلًى ياويلل وثلم وقان يلزن
باألجرة فدفع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم الثمن فقال(( :قن وارجح)).
(خرب) وروى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم احلتلم واعطلى احلللام
أجرته.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه قال :أمرين فتعطيته صاع ًا من متر.
(خرب) وعن أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم احتلم فتمر للحلام بقلاع ملن
متر.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :إن كان دواء يبلل اللداء فاحللاملة
تبلغه)).
وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه بني علامء العًة عليهم السالم وهو قلول مجلاهري
علامء اإلسالم ،قال اهلل تعاىل[} {:المائدة.]1:
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املؤمنلون عنلد كوطهلم)) دل
عىل أن اإلجارة القحيحة ال جيوق نقضها لغري عذر سواء كان قد وفر األجرة أم ال ،وهو
إمجاع علامئنا فيام أعلم وال إشكال يف جواق فسخها للعذر.
-10-
باب في الرقية وأخذ األجرة على تعليم القرآن وعلى الرقية به
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اقرؤوا القلرآن وال تغللوا فيله،
وال جتفوا عنه ،وال تتكلوا به وال تستكثروا به)) وقولله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :ال
تغلوا)) أي ال جتاوقوا احلد ،وقوله(( :ال جتفوا عنه)) أي ال تًكوا قراءته ،وجيوق أن يكون
نقيض الرب توسع ًا أي جفاه بً قراءته.
(خرب) وعن عبادة بن القامت قال :كنت أعلم أهل القفة القرآن فتهلدى إَّ رجلل
منهم قوس ًا فذكرت ذلك لرسول اهلل فقال(( :إن أردت أن يطوقك اهلل هبا طوقل ًا ملن نلار
فاقبلها)).
(خرب) وروي عن عليه السالم أن رجل ً
ال قلال لله :إين ألحبلك يف اهلل ،قلال عليل :إين
ألبغضك يف اهلل ،قال :م
وملَ؟ قال :ألنك تتغنى يف أذانك ،وتتخذ عىل تعليم القلرآن أجلر ًا،
وقد سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :من أخذ عىل تعليم القرآن أجر ًا
كان حظه يوم القيامة)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم قال :بلغنا عن قيد بن عيل ،عن آبائه ،علن
عيل عليه السالم قال :كان رجل من األنقار يعلم القرآن يف مسلد رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم فتتاه رجل ممن كان يعلمه بفرس فقال :هذا لك أمحلك عليه يف سبيل اهلل،
فتتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فستله عن ذلك فقال له رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم(( :أحتب أن يكون حظك غد ًا؟)) فقال :ال واهلل ،قال(( :فاررده)) دلت هذه األخبار
عىل أنه ال جيوق أخذ األجرة عىل تعليم القرآن ،وهو مذهب اهلادي إىل احلق ،واملؤيد باهلل،
وأهل القفة قهاد كانوا عىل ُصفة املسلد ،وداوموا القالة مجاعة مع النبي صىل اهلل عليه
وآله وسلم ،وذهب القاسم بن إبراهيم إىل القول بلواق أخذ األجرة عىل تعلليم القلران،
وجه قوله.
-11-
(خرب) أيب سعيد افدري وهو أن يية لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم خرجلت
فمرت بحي من العرب فنزلت هبم فلدغ سيدهم فقلالوا :هلل فليكم ملن يرقلي؟ فرقلاه
بعضهم بفاحتة الكتاب فعويف فتعطوه ثالثني شاة ،فلام قدموا عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم أخلربوه افلرب فقلال(( :ارضبلوا َّ معكلم بسلهم)) وهلذا افلرب قلد رواه يف
(األحكام) عن جده القاسم عليهم السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
(خرب) وروى أبو هريرة قال :جاءت امرأة إىل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
فعرضت نفسها عليه فقال(( :اجليس بار اهلل فيك ،أما نحن فال حاجة لنلا فيلك ولكلن
متلكينا أمر )) قالت :نعم ،فنظر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف وجوه القوم فدعا
رج ً
ال منهم فقال له :إين أريد أن أقوجك إن رضيت فقال :ما رضيت َّ يا رسول اهلل فقد
رضيت ،ثم قال للرجل(( :هل عند ملن يشء))؟ فقلال :ال واهلل ،فقلال :ملا حتفلن ملن
القرآن؟ قال :سورة البقرة والتي تليها ،قال(( :قم فعلمها عرشين آية وهي امرأتك)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ملا ستله عم خارجة بلن القللت علن
رجل أتى به إليه فرقاه ثالثة أيام غدوة وعشية يقرأ عليه فاحتة الكتلاب وجيملع بزاقله ثلم
يتفل فتعطوه جعالً ،فستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال صىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :كل ولعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)).
(خرب) وروى أبو سعيد أن أناس ًا من أصحاب النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أتو حيل ًا
من أحياء العرب فلم يقروهم فبينام هم كذلك إذ لدغ سيد أولأك فقالوا :هل فليكم ملن
راق؟ فقالوا :مل تقرونا فال نفعل ،أو جتعلوا لنا جع ً
ال فلعلوا هلم قطيع شاء فلعلل رجلل
يقرأ بتم القرآن وجيمع ريقه فيتفل فيربأ الرجل فتتوهم بالشاء ،فقلالوا :ال نتخلذها حتلى
نستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فستلوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فضحك
فقال(( :ما أدرا أرا رقية خذوها وارضبوا َّ فيها بسهم)) فدل ذلك عىل صلحة ملذهب
القاسم بن إبراهيم ،واألخبار الدالة عىل حتريم أخلذ األجلرة علىل تعلليم القلرآن أقلوى
واملقري إليها أوىل.
-12-
فصل
ويف الرقية أيض ًا (خرب) وعن عائشة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم كلان إذا
اشتكى يقرأ عىل نفسه باملعوذات وينفث فلام اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده
رجاء بركتها ،ذكره يف البخاري ،وفيه.
(خرب) وعن عائشة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا أوى إىل فراشه مجع كفيه
ثم يقرأ فيهام[} { :اإلخالال،]1::و[} {:الفلال ]1::و{:
[} النالا ،]1::ثم يمسح هبام ما استطاع ملن جسلده يبلدأ هبلام علىل رأسله
ووجهه وما أقبل من جسد يفعل ذلك ثالث مرات.
منه أيض ًا (خرب) وعن أنس بن مالك ملا ستله أبو قتادة عن قراءة النبلي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم فقال :كان يمد مد ًا ،ويف خرب آخر منله أيضل ًا كانلت قراءتله إذا قلرأ بسلم اهلل
الرمحن الرحيم يمد بسم اهلل ويمد بالرمحن ويمد بالرحيم ،قال :ويف قوله تعاىل{:
(خرب) وكان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يتعوذ من اجلان ومن علني اإلنلس حتلى
-13-
نزلت املعوذتان فلام نزال أخذ هبام وتر ما سوامها.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن العني لتدخل الرجلل القلرب
واجلمل القدر)) وعندنا أن العائن إذا أعلبه اليشء ودخل يف عينه غريه اهلل تعاىل ليعترب به
وليعن املعيون ال أن عينه هي التي قتلته.
-14-
ويدخل يف ذلك رضب العوامل إذا مل حتلرث إال بالرضلب ،ورضب العبلد واألملة إذا مل
خيدما بام يقدران عليه مما جرت به عادة املسلمني يف ذلك بعلة أنه ال يمكن استيفاء املنفعة
إال به.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لعن اهلل الرايش واملرتيشل)) دل
عىل حتريم االرتشاء عىل احلكم وهلو إمجلاع ،وقلد قلال تعلاىل {:
(خرب) وعن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كان يرقق كحي ًا رقق ًا فدل عىل أنه جيلوق أن
يرقق احلاكم من بيت املال وهو إمجاع العًة وبه قال مجاهري العلامء.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن كسب احلللام وهلو حمملول
عىل احلث عىل االكتساب بالقناعات النظيفة دون الدنية بداللة افرب املتقدم.
(خرب) ومما روي أنه حني سأل عنله قلال(( :أطعمله عبلد ونواضلحك)) فلدل علىل
جواقه ،ولو كان حرام ًا ملا أمر بإطعامه ،والناضح-بالنون واحللاء غلري معلملة والضلاد
معلمة :-واحد النواضح التي يسنى عليها.
(خرب) ورى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أجرة البغي ،وحلوان الكلاهن ،فلدل
ذلك عىل حتريمه ،وألنه من أكل أموال الناس بالباطل وقد رلى اهلل تعلاىل عنله يف كتابله،
والكاهن واحد الكهنة ،واحللوان -بضم احلاء غري معلمة :-ما يتخذه الرجل ملن مهلر
ابنته لنفسه ،وكانت العرب تعري به.
(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن ثمن عسلب الفحلل ،دل ذللك
-15-
عىل حتريمه ،وألنه عوض عىل ما ال قيمة له وهو ماء الفحل فلم جيز ،دليله امليتلة واللدم،
عسب الفحل كراه عىل الرضاب ،وقيل :إن العسب الرضاب نفسه فسلمي الكلرى عليله
عسب ًا به ،وقيل :العسب ماء الفحل ،يقال :قطع اهلل عسبه أي ماءه ونسله وهلو عسلب -
بالعني مفتوحة غري معلمة والسني غري معلمة والباء معلمة بواحدة من أسفل.-
(خرب) وعن القادق جعفر بن حممد الباقر ،علن عليل عليله السلالم أن كلان يضلمن
القناع والقواغ وقال :ال يقلح الناس إال ذلك.
ُّ
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان يضمن األجري املشً ويقول :ال يقللح
الناس إال هذا ،والقول بضامن األجري املشً هو قول مجيلع عللامء أهلل البيلت علليهم
السالم وقوله :ال يقلح الناس إال هذا ال جيوق أن يريد بله ال يقللحهم يف دنيلاهم إذ ال
خالف يف أن تضمني الغري ماالً للغري لينتفع به ذلك الغري حتلى ال يكلون إللزامله ذللك
جتوق أن يفعلوا ذللك فللم
الغري واجب ،وجه إال أن الغري ينتفع به ال جيوق ،فإن األئمة ال ّ
ي بق إال أرم ال يقلحهم يف ديلنهم إال تضلمني األجلري املشلً واملقلالح يف اللدين ال
يعلمها عيل عليه السالم إال بإعالم الرسول صىل اهلل عليه وآله وسللم فيللب أن يكلون
ذلك مسموع ًا عنه ،وال يعلمها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إال بلإعالم اهلل تعلاىل
له ،فثبت بذلك تضمني األجري املشً .
(خرب) فتما ما روي عن عيل عليه السالم أنه كان ال يضمن فينبغي أن حيملل علىل ملا
ذهب بتمر غالب؛ ألن خربنا مثبت وهذا ناف فكان خربنا باملقري إليه أوىل.
-16-
-17-
كتـاب املزارعـة
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أن النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم رى عن املخابرة.
(خرب) وعن جابر وغريه أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن املزارعة بالثلث أو
الربع.
(خرب) وعن جابر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من مل يذر املخابرة فليلتذن
بحرب من اهلل ورسوله)).
(خرب) وعن عمر قال :كنا نخابر ومل نر بذلك بتسل ًا حتلى أخلرب رافلع بلن خلدي أن
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن املخابرة فًكناها.
(خرب) وعن رافع بن خدي قال :كنا نخابر عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم فذكر أن بعض عمومته أتاه فقال :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أمر
كان لنا نافع ًا وطاعة اهلل ورسوله أنفع لنا وأنفع ،قال :قلنا :وما ذلك؟ قلال :قلال رسلول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من كانت له أرض فليزرعها وال يكرها بثلث وال ربع وال
بطعام مسمى)) دلت هذه األخبار عىل أحكام:
أحدها :وقوع املخابرة عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم كلام تقلدم يف
بعضها ،وكام روي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم عامل أهل خيرب عىل شطر ما خيلرج منهلا
من متر وقرع.
وثانيها :وقوع النسخ بام تقدم حتقيقه من النهي عن املخابرة والوعيد عىل فعلها ،فلدل
-18-
ذلك عىل قبحها؛ ألن احلكيم ال ينهى إال عن القبيح.
وثالثها :أن املزارعة حتت مسمى معلوم من افارج يف املستقبل يف األرض املزروعة ال
تقح ملا ال يؤمن من فساد الزرع ،فتما إذا أجرهلا بطعلام معللوم يف الذملة صلح ذللك،
وكذلك إذا جعله بطعام مسمى حارض صح ،وال نعلم فيه خالف ًا ،واملخابرة ملتخوذة مملا
جرى بخيرب من معاملة أهلها عىل شطر افارج من األرض ،يقال :خابر بمعنى أنه فعل ما
فعله النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بخيرب ،ثم صارت املخابرة مستعملة كام يقال :أعلرق
الرجل من العراق وأنلد من نلد ،وأهتم من هتامة وكذلك املساقاة؛ ألن كل واحد منهام
أعني املزارعة واملساقاة جيمعهام وجه النهي وهو أن يعامل عليها ببعض ما خيرج منهلا أي
من األرض فيكون املعقود عليه جزء ًا مملا ررجله األرض ،وألن ملا جلرى بخيلرب كلان
ال عىل الزرع والثامر فلريا جمرى واحد ًا ،واملزارعة القلحيحة أن يكلري صلاحب
مشتم ً
األرض نقف أرضه مشاع ًا من الزارع بتجرة معلومة يتفقان عليها ،ثلم يسلتتجره بمثلل
تلك األجرة عىل قراعة نقف أرضه مشلاع ًا ،ويكلون البلذر بيلنهام نقلفني ،ويتقاصلان
باألجرة ،وإن أراد أن تكون املزارعة بالثلث أو الربع أو أكثر أو أقل فهكذا يعمالن ،نلص
اهلادي إىل احلق عليه السالم عىل هذا املعنى.
-19-
-20-
كتـاب املضاربـة
املضاربة :أن يعطي الرجل آخر ماالً يتلر به عىل أن الربح بينهام ،وأصلها من الرضب
يف األرض ،واملضاربة :امللالدة.
(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم من طريق قيد بن عيل وغريه أنه قلال
يف املضارب يضيع عنه املال :ال ضامن عليه ،والربح علىل ملا اصلطلحا ،والوضليعة علىل
صاحب املال.
(خرب) وروي أن أبا موسى دفع قراض ًا من مال املسلمني بالعراق إىل ولدي عمر عبلد
اهلل وعبيد اهلل بن افطاب فربحا فتراد عمر أن يتخذ الربح فقيلل لله :للو جعلتله قراضل ًا
فلعل هلام نقف الربح ،وموضع االستدالل منه أن عمر مل ينكر قوهلم لو جعلتله قراضل ًا
وال أحد من القحابة.
(خرب) وروي أن عبد اهلل وعبيد اهلل ابني عمر بن افطاب خرجا يف جيش إىل العلراق
فلام قفال مرا عىل عامل لعمر فرحب هبام وسهل فقال :لو أقدر لكام عىل أملر لفعللت ثلم
قال :بىل هاهنا مال من مال اهلل أريد أن أبعث به إىل أمري املؤمنني فتسلفكام فتبتاعان به من
متاع العراق ثم تبيعانه يف املدينة فتوفيان رأس املال إىل أمري املؤمنني ويكون لكلام اللربح،
فقاال :وددنا ففعل فكتب هلام إىل عمر يتخذ منهام املال قال :فلام قدما املدينة وباعا وربحلا
قال عمر :أكل اجليش قد أسلف كام أسلفكام؟ فقاال :ال .فقال عمر :أبنلاء أملري امللؤمنني
فتسلفكام أديا املال وربحه فتما عبداهلل فسكت ،وأما عبيداهلل فقال :يلا أملري امللؤمنني للو
هلك املال ضمناه ،فقال :أدياه ،فسكت عبداهلل وراجعه عبيد اهلل فقال رجل ملن جلسلاء
-21-
عمر :يا أمري املؤمنني لو جعلته قراض ًا فتخذ رأس املال ونقف ربحه وأخذ عبداهلل وعبيد
اهلل نقف ربح املال ،وما ذكره من لفن القراض هو املضلاربة بلغلة احلللاق ،واملضلاربة
موضوعة للقراض بلغة العراق.
(خرب) وروي أن عثامن دفع ماالً إىل رجل وجعلله قراضل ًا ،واألصلل يف صلحتها ملا
ذكرناه من هذه األخبار ،وإمجاع القحابة (ريض اهلل عنهم).
(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه دفع إىل رجل ماالً وجعلله قراضل ًا واسلتمر عملل
املسلمني به ،وتفقيلها أن يدفع رجل إىل رجل ماالً نقد ًا ذهب ًا أو فضلة علىل أن يتللر بله
فيكون من صاحب املال النقد ،ومن العامل الترصف والعمل بيده ،ويكون اللربح بيلنهام
عىل ما يشًطان من نقف أو ربع والوضيعة عىل رأس املال ،نلص علىل ملا ذكرنلاه ملن
يف التفقيل اهلادي عليه السالم يف اجلامعني إال ما ذكرناه ملن الوضليعة فإنله منقلو
(األحكام) دون (املنتخب) وال خالف فيام ذكرناه عىل اجلملة ،والوضيعة -بالضاد معلة
والياء معلمة باثنتني من أسفل والعني غري معلمة :-افسارة.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل أمري املؤمنني عليه السالم أنله قلال يف رجلل
يموت وعنده مال مضاربة إن سامه بعينه قبل أن يموت فقال :هلذا لفلالن فهلو لله ،وإن
مات ومل يذكره فهو أسوة الغرماء ،دل ذلك عىل أنه يتعني مال املضاربة بتعيينه ،وعىل أنله
إذا مل يعينه ومات كان متعدي ًا بً الوصية فيكون كالدين يف ماله لذلك قال :فهلو أسلوة
الغرماء.
-22-
-23-
كتاب الشركــة
اإلمجاع منعقد عىل جواق عقد الرشكة عىل اجلملة وعلىل أرلا تنقسلم قسلمني :ككلة
[} التوبالة ]60:اآلية، األموال ،وككة األبدان ،فقد قال اهلل تعاىل{:
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يد اهلل مع الرشيكني ملا مل
يتخاونا فإذا راونا حمقت جتارهتام)).
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال :إذا فاوضلتم فتحسلنوا
املفاوضة فإن فيها أعظم اليمن وأعظم الربكة ،وال راذلوا فإن املخاذلة من الشيطان)) دل
عىل ما ذكرناه من ذكر املفاوضة عىل جواق ككة املفاوضة ،وهو مذهب اهلادي إىل احللق،
وبذلك قال قيد بن عيل عليه السالم ،وتفسريها أن خيرج الرجالن اللذان يريدان عقلدها
عىل القحة مجيع مال كل منهام من النقد عين ًا كان أو ورق ًا ويكون ما يملكه أحدمها أصل
النقد مساوي ًا بام يملكه اآلخر وال يزيد ملك أحدمها بذلك علىل مللك اآلخلر ملن النقلد
بخالف العروض فال بتس يف قيادة ملك أحدمها له عىل اآلخر من النقد وخيلطان النقلد،
ويقول كل واحد منهام لخآخر :شاركتك بامَّ والترصف بوجهي عىل أن يتللرا جمتمعلني
ومفًقني ،ويترصف كل واحد منهام فيام يف يده وفيام يف يد صاحبه برأيه يف البيع والرشاء،
وما حيقل من الربح يكون بينهام نقفني ،وما يتفلق ملن الوضليعة يكلون علليهام مجيعل ًا
نقللفني ،وقللد دل عللىل ذلللك يف اجلملللة قللول اهلل تعللاىل { :
-24-
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :املؤمنون عند كوطهم)) وقد اشلً
[}النساء.]128: ما مل يمنع منه الرشع فلزم الوفاء به ،وقول اهلل تعاىل{:
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :القلح جلائز بلني املسللمني)) وهلذه
الرشكة قد اصطلحا بينهام عليها فلاق ذلك ،وقيل :هي متخوذة ملن املسلاواة التلي فيهلا
العقد ،والبيع والرشاء ،والربح وافسارة ،دليله قول الشاعر:
ال يقلح الناس فوىض ال ياة هلم وال ياة إذا جهاهللم سلادوا
وقيل :هي متخوذة من التفويض؛ ألن كل واحد ملنهام قلد فلوض كيكله يف حكلم
التلارة وال خالف يف اعتبار املساواة يف النقد بني القائلني هبا.
وأما افلط فاعتربه السيدان أبو العباس والناطق باحلق عىل مذهب حييى عليه السالم.
قال املؤيد باهلل :وال جيب أن يكون افلط كط ًا عىل أصل مذهب حييى عليه السالم.
وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أن رجلني كانا كيكني عىل عهلد
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فكان أحدمها مواظب ًا عىل السوق والتللارة واآلخلر
مواظب ًا عىل املسلد والقالة ،فلام كان وقت قسمة الربح ،قال :صاحب السلوق فضللني
يف الربح فإين كنت مواظب ًا عىل التلارة ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إنام كنلت
ترقق بمواظبة صاحبك عىل املسلد)) دل ذلك عىل جلواق ككلة العنلان وال خلالف يف
صحتها عىل اجلملة ،وإنام افالف يف معنى االسم وبعض كوطها ،ومل يزل املسلمون من
القدر األول يستعملون هذه الرشكة ،وتفسريها أن يعقد الرجالن الرشيكان الرشكة عىل
أن يكون مال أحدمها مساوي ًا مال اآلخر أو قائلد ًا أو ناققل ًا عنله ،ويكونلان مجيعل ًا نقلد ًا
فيتلران فيه ،ويكون الربح بينهام علىل ملا يشلًطانه ملن النقلف أو األقلل أو األكثلر،
والوضيعة عىل قدر رأس املال ،وجيوق أن يتفقا يف الربح ورأس املال ةتلف نحو أن يكون
-25-
ألحدمها مائة دينار واآلخر مخسون ،والربح بينهام نقفان وال جيوق أن يتفقلا يف الوضليعة
ٍ
واحد منهام نقد مل يدخل يف الرشكة ورأس املال ةتلف ،وجيوق أن يكون ألحدمها أو لكل
واختلفوا يف تسميتها ،فعند علامئنا أرلا تسلمى ككلة عنلان -بكرسل العلني وبفتحهلا-
فبكرسها متخوذة من عنان الفرس فإن الفارس يرصف الفرس كيف يشاء يمنيل ًا ويسلار ًا
بعنارا ،كذلك يترصف الرشيك يف مال كيكه وهو مال الرشكة كيف يشاء ،وأما بفتحها
فهو متخوذ من عن اليش إذا عرض وظهر ومنه قيل :عنان السامء ،وعند بعض القائلني هبا
ال تثبت هذه التسمية وإن كان يقول يف تفسريها بمثل قول علامئنا ،وهذا خالف يف عبارة
مع اتفاقهم عىل املعنى فال اعتبار به.
-26-
باب في الشركة في األراضي وحقوقها
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال رضر وال رضار يف اإلسالم))
دل عىل أنه إذا كان لرجل بيت وفوقه بيت لرجل آخر فاردم البيت وأراد صاحب العللو
أن يبني بيته وامتنع صاحب السفل من بناء بيته حكم عليه ببنائه ليتمكن صلاحب العللو
من بناء علوه؛ ألن يف ذلك إقالة الرضر عنله ،فلإن كلان صلاحب السلفل معرسل ًا أطللق
لقاحب العلو أن يبني السفل وأن يمنع صاحبه من االنتفاع به حتى يؤدي إليه ما غرم يف
بنائه؛ ألنه ال يمكن إقالة الرضر إال به ،وقد نص اهلادي إىل احلق عىل هذا املعنى.
قال السيد أبو طالب :وهذا مما خالف فيه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يمنع أحدكم جاره أن يغلرق
خشبة يف داره)) دل عىل أنه يستحب ذلك؛ ألنه من جنس اجلوار وهو مندوب إليه فكتنله
صىل اهلل عليه وآله وسلم أراد اإلرشاد إىل مكارم األخالق.
ل يف سليل مهلزور -بلالزاء (خرب) وعن أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ق
والراء -بم َح ْب م
س املاء حتى يبل الكعبني ثم يرسل األعىل إىل األسفل ،دل ذلك عىل أنله إذا
ل لقلاحب األعلىل أن كان جلامعة من الناس قرع ونخيل بعضها أسفل ملن بعلض ق
يمسك املاء إىل الرشاكني للزرع وإىل الكعبني للنخيل ،ثم يرسل املاء إىل ما هو أسفل منله
حتى ينتهي املاء إىل آخر الضياع إن كلان كثلري ًا أو نقلص علن األسلفلني إن كلان قلليالً،
واألعىل فاألعىل أوىل باملاء إذا كان قلي ً
ال ذكره اهلادي إىل احلق عليه السالم.
قال املؤيد باهلل :هذا ذكره عىل ما عرف من حاجلة تللك األرايض إىل امللاء ،وعلىل ملا
جرت به عادة أهل تلك البالد ،فإن كانت مزارع تكون حاجتها أكثر من هلذا التقلدير أو
أقل فالعمل عىل مقدار احلاجة.
-27-
(خرب) ملا رواه الزهري قال :اختقم الزبري بن العوام ورجلل ملن األنقلار إىل النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم يف كب ماء من واد كان يمر هبلم ،وكانلت أرض اللزبري فلوق
أرض األنقاري ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يا قبري اسق أرضك فإذا أرويتها
فترسل املاء إىل أخيك)) فقال األنقاري :يا رسول اهلل ال يمنعك وإن كان ابن عمتلك أن
حتكم بيننا باحلق ،فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يا قبري اسق أرضك ثلم أمسلك امللاء
حتى يبل املاء اجلذر ،ثم أرسل املاء إىل أخيك)) دل عىل أنه كان صىل اهلل عليه وآله وسلم
أمر الزبري يف األول بالتفضل واملواساة فلام تكلم الرجل بام تكلم به أمره بام أوجبله حملض
احلكم ،وهذا إذا مل يكن اجلميع ككاء يف أصل املاء ،وكلان حلق األسلافل يف القلبابات
دون أصل النهر فيختص أهل األعاَّ بام خيرج من مجيلع النهلر ،ويكلون حلق أصلحاب
األسافل يف القبابات منه ،فتما إذا كان لللميع يف أصل النهر حق وكان الكل فيه ككاء
من أصحاب األسافل وأصحاب األعاَّ فإنه جيب أن يقسم املاء بني اجلميع علىل مقلادير
حقوقهم قل املاء أو كثر ليكون النفع عائد ًا إىل اجلميع والرضر إن قل املاء الحق ًا باجلميع،
وإن كان املاء الذي هو النهر ملك ًا لقاحب السفل فليس لقاحب األعىل أن يسقي أرضه
من مائه بل جيب عليه أن يرسله إىل صاحب األسفل ،وإذا كان طريقه يف أرض األعلىل مل
جيز له أن يمنعه من إساحته يف أرضه حتى يقل إليه.
-28-
-29-
كتـــــاب القسمة
أما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قسم غنائم خيرب بلني أهلهلا
عىل ثامنية عرش سه ًام.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم غنائم بدر بني املسلمني بشعب يقلال
له :القفراء ،وقسم غنائم حنني بتوطاس ،وقيل :باجلعرانة.
(خرب) وروي أنه كان ألمري املؤمنني عيل عليه السالم قسام يعرف بعبداهلل بن حييى.
وأما اإلمجاع فهو ظاهر عىل جواقها من لدن القحابة إىل يومنا هذا.
وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله كلان إذا أراد سلفر ًا أقلرع بلني نسلائه
فتخرج من ررج قرعتها معه منهن ،دل ذلك عىل ثبوت القرعة يف هذا اجلنس ،وعلىل أن
احلكم يتعلق هبا فيلب اعتبارها يف القسمة بني الرشكاء متى استوت األنقبا عىل مقلدار
احلقوق بينهم ،وال ُق ْر َعة -بضم القاف وسكون الراء وفتح العني غري معلمة :-االسم من
املقارعة وهي املسامهة ،يقال :كانت له القرعة أي الغلب ،وأجلرة القسلام اختللف فيهلا
العلامء َف َذ َهب السيد أبو العباس إىل أرا تكون عىل قدر األنقبا ال عدد اللرؤوس ،وذكلر
السيد أبو طالب أن ذلك يكون عىل عدد الرؤوس ذكره ملذهب حييلى عليله السلالم ،وال
يكون عىل من طلب القسمة من الرشكاء دون من مل يطلب ،ذكلره السليد أمحلد األقرقلي
ملذهب حييى عليه السالم ،وجيوق أن يقال :إن القسام إن كان منقوب ًا من جهلة اإلملام أو
احلاكم من قبله كانت أجرته من بيت املال ،ملا روي أن علي ًا عليله السلالم كلان لله قسلام
-30-
يرققه من بيت املال ،فإن مل يكن يف بيت املال يشء وجب علىل الرشلكاء علىل حسلب ملا
قدمناه.
إذا اختلف الناس (خرب) وعن أيب هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق
يف الطريق أرا سبعة أذرع ،دل ذلك عىل أن الطريق التي جتتاقها املحامل والعامريات فقد
قدر حييى عليه السالم أن تكون اثني عرش ذراع ًا ،وأن يكون عرض الطريق التي هي دون
ذلك سبعة أذراع ،وأن يكون عرض األققة التي ال منفذ هلا عىل عرض أوسع باب فيها.
قال األخوان :وهذا التقدير إنام يكون عىل وجهني:
أحدمها :أن الشارع أو الطريق إذا كان حوله أرض موات فإنه يمنع من أراد إحياءهلا
من التعدي يف اإلحياء إىل جماوقة القدر املذكور ،وجيب تر هذا القدر للطريق.
والثاين :أن تلتبس الطريق بامللك وال يتبني ذلك فريجع إىل هذا القلدر ،فتملا إذا كلان
حد امللك معلوم ًا فالبد من تر الطريق عىل حاهلا ضيقة كانت أو واسعة ،الطريلق يلذكر
ويؤنث واألغلب عليه التذكري.
قال حييى عليه السالم( :خرب) وبذلك حكم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم يف
الطريق ذات املنافذ ،والطريق التي ال منفذ هلا.
وأما الطرق الكبار التي جتتاقها املحامل والعامريات فلم يتت عن رسول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم تقدير فيها ،وإنام قلنا هبذا من طريق االجتهاد.
(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله أملر بتنظيلف
العذرات وهي األفنية والسلاحات وأملر بقطلع الكنلف البلارقة إىل الطلرق والشلوارع
وحتويلها إىل داخل املناقل.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :نقوا عذراتكم فإن اليهود
أنتن الناس عذرات)) قال الشاعر:
-31-
قبا ،الوجوه سيأي العلذرات لعمري لقد جربتكم فوجدتكلم
وسميت عذرات؛ ألرم كانوا يلقون العذرة يف أفنياهتم فسلميت علذرة ،والعلذرات
مجع عذرة ،ويف احلديث رى عن بيع العذرة وقد تقدم ،وهذا يدل عىل أنله ال جيلوق إلقلاء
العذرات يف األفنية والساحات ملا يقع بله ملن أذى املسللمني واإلرضار هبلم ،وقلد روى
اهلادي عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :ال رضر وال رضار يف
اإلسالم)) فدل عىل ما قلناه.
-32-
-33-
كتـــــاب الرهن
الرهن :املرهون وأصله مقدر ،يقال :رهن رهنل ًا واجلملع رهلان ورهلن ،واللرهن:
املقيم ،واألصل يف ثبوته الكتاب والسنة واإلمجاع.
أمللللا الكتللللاب فقللللول اهلل تعللللاىل { :
[}البقرة.]283:
وأما السنة (خرب) فروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يغلق اللرهن
بام فيه لقاحبه غنمه وعليه غرمه)).
(خرب) وروى أبو هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الرهن حملوب
ومركوب ومعلوف)) ومل يرد أنه كذلك للمرهتن ،فدل عىل أنه حملوب ومركوب للراهن.
(خرب) وعن أيب هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :الظهر يركلب بنفقتله
إذا كان مرهون ًا وعىل الذي يركب ويرشب نفقته)) والذي يركلب ويرشلب هلو اللراهن،
فيلب أن يكون عليه نفقته.
وأما اإلمجاع فهو إمجاع العًة عليهم السالم ،وهو قول مجاهري علامء اإلسالم ،فتما من
اشً يف صحة الرهن أن يكون يف السفر فيحله (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم رهن درع ًا عند أيب شحمة اليهودي باملدينة عىل طعام أخذه منه ألهله ،دللت هلذه
األخبار عىل صحة الرهن ،ويشً يف صحته أمور:
أحدها :أن يكون عىل وجه الًايض وهو إمجاع.
-34-
والثاين :أن يكون بني جائزي الترصف؛ ألنه عقد عىل مال فوجب اعتبلار ذللك فيله،
دليله البيع.
والثالث :حقول القبض خالف ًا للنارص عليه السالم فإنه ذهب إىل أنه يقلح بالعقلد
والقبول ،وجه قولنا قول اهلل تعاىل } { :فوصف الرهن بكونه مقبوض ًا كلام
وصف الرقبة يف عتق كفارة القتل بكورا مؤمنة ،فكام جيب اعتبار اإليامن فيها كذلك جيب
اعتبار القبض يف الرهن.
ورابعها :وجوب احلق إما متقدم ًا نحو أن يكون عىل الراهن دين للمرهتن ثم يرهنه فيه
رهن ًا ،وإما متتخر ًا نحو أن يتعاقدا عىل الرهن ثم يقرضه نقد ًا بعد قبض الرهن فإنه يكلون
رهن ًا بعد ثبوت احلق وال يكون رهن ًا قبله ،بل إن تلف من دون تعد وال جناية قبل ثبلوت
احلق مل يكن مضمون ًا.
وخامسها :أن يكون يف ملك خالص غري مشاع علىل ملا نقله اهللادي يف (األحكلام)
واختاره ملذهبه السادة أبو العباس واألخوان ،وقال النارص للحق :يقح رهن املشاع وهو
اختيار اهلادي يف (املنتخب).
فصل
والرهن عىل وجهني :صلحيح وفاسلد ،فالقلحيح ملا مجلع هلذه األملور افمسلة،
واختلف علامؤنا عليهم السالم يف ضامنه.
ال فرس ًا بامل له عليه فنفق يف يد املرهتن ،فقال له
ال رهن رج ً
(خرب) وروى عطاء أن رج ً
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ذهب حقك)) دل ذلك عىل ثبلوت ضلامن اللرهن؛ ألن
ذلك نص فيه ،وال يقح أن يقال :إنه أراد به حق احللبس؛ ألن ذهابله بعلد تلفله معللوم
رضورة ،فال يقح أن يقال :إنه أراد به حق احلبس فيعرفه بلام يعلمله رضورة فلإن ذللك
سخف من قائله ،وألن كونه منتقب ًا لتعليم الرشائع قرينة توجب محل كالمه ما أمكن عىل
-35-
املعنى الرشعي ،ويدل عىل ذلك أيض ًا.
(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال يغلق اللرهن لمقلاحبه غنمله وعليله
غرمه)) والغلق :اهلال يف اللغة كقول كثري:
غلقت لضحكته رقلاب امللال غمر الردى إذا تبسم ضاحكل ًا
ومعلوم أنه مل يرد به أن عينه ال هتلك فيلب أن يكون املراد بله ال هيللك حكل ًام ،فلإن
قيل :إن معناه أن املرهتن ال يملكه عىل علادة اجلاهليلة فلإرم كلانوا يقوللون :إن مل آتلك
بحقك إىل وقت كذا فالرهن لك.
قلنا :جيوق محله عليهام مجيع ًا؛ ألنه ال تنايف بينهام وال بني إرادتيهام وال ملا جيلري جملرى
التنايف ،وألن كالم احلكيم جيب محله عىل ما أمكن من الفوائد ،يزيد ذلك وضوح ًا (خرب)
وهو أن القول بضامن الرهن هو مروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم ،وبه قلال عملر
وابن عمر ،وكيح ،وقول عيل عليه السالم عندنا حلة ،وهذا هو القول الذي نص عليه
اهلادي عليه السالم يف اجلامعني ،وبه قال قيد بن عيل وإليه ذهب املؤيد باهلل ،وعند النارص
للحق هو يف يد املرهتن أمانة فال يضمنه إال بتعدٍّ أو جناية.
وأما الرهن الفاسد وهو ما مل جتتمع فيه األمور افمسة فإنله جيلري جملرى أمانلة فلال
بتعد أو جناية وهو إمجاع ،واختلف القاسم بن إبراهيم وسبطه اهللادييضمنه املرهتن إال ٍ
إىل احلق يف الرهن القحيح إذا تلف وكان فيه قيادة عىل الدين تكون مضلمونة أم ال بلل
يغلق الرهن بام فيه ،فعن أمري املؤمنني عليه السالم يف ذلك روايتان:
إحدامها :أن الزيادة عىل مقدار الدين غري مضمونة عىل املرهتن وهو الذي رواه املؤيلد
باهلل عن القاسم عليهام السالم بل هي يف يده أمانلة ،وهلو ملروي علن عملر وابلن عملر
وليست بمشهورة عن عيل عليه السالم.
الثانية :أرا مضمونة وأن الرهن إذا تلف فإن الراهن واملرهتن يلًادان الفضلل بيلنهام
بعد هالكه ،فإن كان يف الرهن قيادة عىل الدين ضمنها املرهتن ،وإن كان الدين قائد ًا علىل
-36-
قيمة الرهن ضمن الراهن تلك الزيادة ،وهذا القول هو املشهور عن عليل عليله السلالم،
وهو الذي نص عليه يف اجلامعني ،وبه قال عطاء ،ووجه هذا القول قلول النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه)) معنى قوله(( :من راهنله)) أي:
ملك له ،فدل ظاهره عىل أنه يغنم قيادته عىل كل وجه ويغرم نققانه عىل كل وجه ،وملن
مجلة قيادته أن تكون قيمته قائدة عىل الدين فيلب أن يستحقها ويغنمها بحق الظاهر كلام
إذا نقص غرمه.
فصل
والرهن يف أصل اللغة متخوذ من الرهون وهو الثبوت ،يقلال :رهلن اليشلء إذا أقلام
وثبت وأرهنته أنا ،ويقال :نعمة راهنة أي ثابتة ،فسمى الرهن رهن ًا لثبوته عند امللرهتن إىل
وقت االسًداد وهو مقدر يسلتعمل يف معنلى املرهلون كالرضلب يسلتعمل يف معنلى
املرضوب ،وافلق يف معنى املخلوق.
-37-
-38-
كتـــــاب العارية
اختلفوا يف أصل اشتقاقها ،فمنهم من قال :إرا مشتقة من أعار يعري إعارة ،ومنهم من
قال :إرا مشتقة من العار؛ ألن اإلنسان ال يستعري إال إذا كان به عار ملن افللة والفاقلة،
وقد يقال هلا أيض ًا عارة ،قال:
فللتخلف وأتلللف إنللام املللال عللارة وكللله مللع الللدهر الللذي هللو آكللله
عيل احلي من ال يبل احلي نائلله فتيرس مفقود وأهلون هاللك
قال عليه السالم :فضمنها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلو تلفت لضمنها.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :العارية مؤداة)).
(خرب) وروى جابر قال :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :ما ملن
-39-
صاحب إبل ال يفعل فيها حقها إال جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت بقاع فزر تشتد عليله
بقوائمها وأخفافها)) قال رجل :يا رسول اهلل ،ما حلق اإلبلل؟ قلال(( :حلبهلا علىل امللاء،
وإعادة دلوها ،وإعارة فحلها)) الفزر :الشق ،فلعله أراد أن يكون يوم القيامة يف شلق ملن
األرض تشتد عليه اإلبل بقوائمها يف ذلك الفرق وهو-بالفاء والزاي بعلدها واللراء علىل
وقن فعل بفتح الفاء وسكون العني.-
(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعار من أيب طلحة فرسل ًا لله
فركبه.
وأما اإلمجاع فإنه ال خالف يف جواقها بني املسلمني والعارية إباحلة املنلافع فكلل ملا
جيوق العقد عىل منافعه فهو عارية ومنافعه مباحة وهو يف يد املستعري أمانلة والرجلوع فيله
جائز ،وحتقيقه أن كل ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه فإنله تقلح عاريتله ،وكلل ملا ال
يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه فإنه ال تقح إعارته ،فام تضمنته األخبار من عارية األعيان
املذكورة فهي الداللة عىل جواق إعارهتا ،وباقي األعيان مما تضمنته حقيقة العارية مقليس
عليها إال اجلارية املستعارة فإنه ال جيوق للمستعري أن يطتهلا بإمجلاع عللامء العلًة علليهم
السالم ،وهو قول مجاهري غريهم من علامء اإلسالم ،ويدل عليه قلول اهلل تعلاىل{ :
الو ء مع عقد النكا ،أو ملك اليمني وحظر ما سواه ،وال تُضمن العارية إال بتحد أملور
ثالثة:
األول :أن يتعدى املستعري فيها فإنه يضمنها باإلمجاع.
(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ليس عىل املستعري غري املغل ضلامن))
-40-
الثاين :أنه يستهلكها املستعري ،فاإلمجاع منعقد بني املسلمني عىل وجوب ضامرا عليله،
وافربان األوالن يدالن عىل ذلك ،ويدل عليه (خلرب) قلول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :عىل اليد ما أخذت حتى ترد)).
ٍ
حينأذ ضامرا ،ووجه ذللك الثالث :أن يشً املعري عىل املستعري ضامرا فتتلف فعليه
(خرب) وهو ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعار من صفوان بن أمية دروع ًا
حلرب حنني فقال صفوان :أعارية يا حممد أم غقب ًا؟ فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :بل
عارية مؤداة)) وروي ((بل عارية مضمونة)) فدل عىل أرا تكون مضمونة برش الضلامن؛
ألن الضامن لو مل يكن متعلق ًا به لكان ذكره جيري جمرى اللغو الذي ال فائدة فيه ،فدل عىل
أرا غري مضمونة إال باشًا الضامن أو ما يفيده نحو أن يقول :عارية ملردودة أو عاريلة
مؤداة ،فتما إن مل يقع أحد هذه األمور الثالثة فإرا غري مضمونة ،وهلو ملروي علن أملري
املؤمنني عيل عليه السالم وبه قال عمر بن افطاب ،والظاهر أنه إمجاع أهل البيت علليهم
السالم.
-41-
-42-
كتاب اهلبات والصدقات
اهلبة اسم ملا يوهب ويستوهب وهو مقدر ملعنى املفعول وكان أصلها وهبة فحلذفت
الواو ونقلت حركتها إىل اهلاء كام نقل ذلك يف صلة وعدة ،واألصل يف جواقهلا الكتلاب
والسنة واإلمجاع.
أما الكتاب فقوله تعاىل[} { :المائدة ،]2:واهلبة من مجلة اللرب،
وقوله جل جالله[} { :الممتحنة ،]8:وقوله
عز وجل[} { :النساء.]4:
وأما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :العائلد يف هبتله
كالعائد يف قيأه)).
وأما اإلمجاع فال يعرف يف جواق ذلك خالف بني املسللمني ولقلحة اهلبلة والقلدقة
كائط:
أحدها :اإلجياب من الواهب وهو املالك وهو إمجاع األمة.
الثانية :القبول من املوهوب له أو من جيري جمراه من وَّ أو وكيل ،واألصل يف اعتباره
(خرب) وهو ما روي أن مج ً
ال جلابر وقف فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :بعنيه))
فقال :هو لك يا رسول اهلل ،فقال(( :ال ،بل بعنيه)) فلو كانت اهلبة تقح بملرد اإلجيلاب
من دون القبول لكان ال معنى لقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال ،بل بعنيله)) ألنله قلد
ملكه باهلبة وهي قوله :هو لك ،ويعترب القبول أن يكون يف جملس اهلبة ،ذكره السيد املؤيد
باهلل ملذهب حييى؛ وذلك ألنه عقد متكليك يفتقر إىل اإلجياب والقبول ،فوجلب أن يعتلرب
-43-
فيه املللس دليله سائر العقود.
الثالثة :أن يكون املوهوب نفسه معلوم ًا وكذلك املتقدق به ،وذلك مللا روي (خلرب)
وهو ما رواه قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :ال جتوق هبة وال صلدقة
إال أن تكون معلومة مقبوضة ،واختلفوا يف هبة املشاع فعىل مذهب حييى عليه السالم أنله
يقح إذا كان معلوم ًا عىل اجلملة دون التفقيل ،واختلف علامؤنا هلل ملن ك صلحة
اهلبة والقدقة القبض أم ال؟ فعند القاسم وسلبطه علليهام السلالم :أنله لليس ملن ك
صحتهام القبض بل يقحان من دونه ،وهو املروي عن عيل عليه السالم ،وابلن مسلعود،
وكيح ،وذهب املؤيد باهلل إىل أرا ال تقح إال بالقبض ،وقد روي ذلك أيضل ًا علن عليل
عليه السالم وبه قال أبوبكر ،وعمر ،وأنس ،وجه القول األول (خرب) وهو قوله صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :العائد يف هبته كالعائد يف قيأه)) ومل يشً القبض.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :العائد يف هبته كالكلب يعود يف قيأه)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال حيل لواهب أن يرجلع يف هبتله إال األب
فيام هيب لولده)).
(خرب) وروي :من أعمر عمرى فهي له ولعقبه ال ترجع إىل الذي أعطاها فإنه أعطاها
عطاء وقعت فيه مواريث ،ومل يشً صىل اهلل عليه وآله وسلم يف يشء من هذه األخبلار
القبض ،فدل عىل أن املقبوض وغري املقبوض سلواء ،ومللا رواه الشلعبي علن عليل عليله
السالم أنه قال يف القدقة واهلبة :مها جائزتان إذا كانتا معلومتني وإن مل تكونا مقبوضتني،
وجه القول الثاين ما ذكرناه أوالً عن عيل عليه السالم من قوله :ال جتوق هبة وال صدقة إال
أن تكون معلومة مقبوضلة ،وملا روي أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أهلدى إىل
النلايش فامت النلايش قبل وصوله إليه فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إين كنت
أهديت إليه أواقي من مسك وحلة فإرا َّ وستعود إَّ فتعطيك منها)) فردت إليه فتعطى
منها كل امرأة شي ًا ،وأعطى الباقي أم سلمة مع احللة ،وروي :فتعطى منها شيأ ًا ألم سلمة
وأعطى الباقي غريها من نسائه ،فهذا افرب يدل عىل أن ذلك كان عىل ملكه؛ ألنه مل يقبضه
-44-
النلايش؛ ألنه قال(( :فإرا َّ)).
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف افلرب املشلهور(( :يقلول
ابن آدم ماَّ ماَّ ومالك من مالك إال ما أكلت فتثنيت ،أو لبسلت فتبليلت ،أو تقلدقت
فتمضيت)) واإلمضاء :هو اإلقباض والتسليم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم خرج من املدينة حتى أتلى الروحلاء
ومعه أصحابه فإذا هو بحامر وحش عقري فيه سهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :دعوه
حتى جييء صاحبه)) فلاء رجل فقال :يا رسلول اهلل ،هلذه رميتلي فكللوه فشلتنكم بله،
وروي فهو لكم ،وروي انتفعوا به ،فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا بكر أن يقسلم
حلمه بني الرفاق ،دل ذلك عىل أن قول املالك لللامعة كُلوا هذا اليشلء أو شلتنكم بله أو
انتفعوا به يسوغ هلم االنتفاع به واالستهال له؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاقه
من دون قبول فدل عىل ما قلناه.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن رج ً
ال جاء إليه بمثلل بيضلة ملن
الذهب فقال :أصبتها من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غريها فلتعرض رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم عنه ثم أتاه من قبل يمينه فقال مثلل ذللك فلتعرض رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ثم أتاه من خلفه فتخذها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم
فحذفه هبا فلو أصابته أوجعته أو عقرته ،ثم قال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يتيت أحلدكم
بام يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس خري القدقة ما كان عن ظهلر غنلى))
دل ذلك عىل أن إخراج مجيع املال غري مستحب ،وأنه ال قربة فيه ،يزيده وضوح ًا قول اهلل
تعللللللللللاىل{:
[}الفرقا.]67::
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :صلدقتك علىل ذي رمحلك
-45-
صدقتان صدقة وصلة)) دل عىل جواق اهلبة لذوي األرحام ملن وللد وسلواه ،ودل افلرب
وهو ما روي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :سووا بني أوالدكم وللو يف القبلل))
عىل وجوب التسوية بني األوالد؛ ألنه أمر بالتسوية بينهم واألمر يقت ي الوجوب.
(خرب) وروي عن النعامن بن بشري أنه قال :أعطاين أيب عطية فتتى رسول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم فقال :يا رسول اهلل إين أعطيت ابني عطية وإن أمه قالت :ال أرىض حتلى
أشهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،فقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :اتقلوا اهلل
تعاىل واعدلوا بني أوالدكم أليس يرس أن يكونوا لك يف الرب سواء)) قال :بىل .قال(( :فال
إذ ًا)) وذكر املنقور باهلل حديث النعامن بن بشري ثم قال :قال آباؤنلا علليهم السلالم قلول
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أشهد عليه غريي فإين ال أشلهد إال علىل حلق وال غلري
احلق إال الباطل)) يعني أن اختقا بعض األوالد باهلبة ال ألنه أكثر بلر ًا وال أصللح يف
الدين يكون باط ً
ال فال يقح.
(خرب) وروي يف حديث النعامن بن بشري أنه قال له صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أشلهد
عليه غريي)) فدل ذلك عىل ثبوت اهلبة عىل وجه التفضيل وعىل الكراهلة للوال ذللك مللا
قال(( :أشهد عليه غريي)) وروي أنه قال(( :أشهد عليه غريي فإين ال أشهد إال عىل حق))
ويف بعضها ((ارجتعه)) ويف بعضها ((اردده)) وكل ذلك يدل عىل امتناع رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم عن الشهادة عىل تفضيل بعضهم عىل بعض ،ويف بعض األخبار قال صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :لو كنلت مفضل ً
ال لفضللت البنلات)) ودل علىل أن ذللك خلالف
الرشع ،ومذهب اهلادي عليه السالم كراهلة تفضليل بعضلهم علىل بعلض إال أن يكلون
بعضهم أكثر بر ًا بله فإنله جيلوق تفضليله بلدليل قلول اهلل تعلاىل { :
[}الرحمن ،]60:وكذلك إذا كان بعضهم أفضل يف الدين جاق تفضيله لفضله ذكر
ذلك النارص للحق ،واملنقور باهلل عليهام السالم ،ويدل قوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم:
((ارجتعه أو اردده)) عىل ثبوت اهلبة مع التفضيل وإن كانت مكروهة؛ إذ ال معنى لالرجتاع
وهو يف ملكه ،يزيده وضوح ًا (خرب) روى اهلادي إىل احلق عليله السلالم علن رسلول اهلل
-46-
صىل اهلل عليه وآله وسلم يف أمر النعامن بن بشري يف ابن له أتى به رسول اهلل صىل اهلل عليله
وآله وسلم فقال :إين نحلت إبني هذا غالم ًا كان َّ ،فقال له رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم(( :أكل ولد نحلته مثل هذا))؟ فقال :ال .فقلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :فارجتعه)) واالستدالل به عىل نحو ما تقدم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اعدلوا بني أوالدكم)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :سووا بني أوالدكم يف العطية ،فإين لو
فضلت أحد ًا عىل أحد لفضلت النسلاء علىل الرجلال)) دل ذللك علىل وجلوب املسلاواة
والعدل؛ ألنه أورده مورد األمر واألمر يقت ي الوجوب ،ومذهب حييى عليه السلالم أن
التسوية بني األوالد يعترب فيها استحقاقهم اإلرث ذكره األخوان ،وألن تر التسوية بلني
األوالد يؤدي إىل وقوع الشحناء والبغضاء بينهم ،وحتمل امللفو عىل عقوق األب إن كان
من طبعه قلة القرب ،واإلمجاع منعقد عىل أن القدقة ال جيوق الرجوع فيها وكلذلك اهلبلة
إذا كانت هلل تعاىل أو لقلة الرحم فإرا تكون يف معنى القدقة.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :الواهب أحق هببتله ملا مل يثلب فيهلا إال يف ذي
رحم حمرم ،دل عىل أنه ال جيوق الرجوع فيام وهبه لذي الرحم املحرم من ولد وغلريه ،إال
أنا خققنا اهلبة للولد القغري يف أنه جيوق لوالده الرجوع فيها بام روي (خرب) وعن النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لبشري بن سعد فيام وهبه لوللده اللنعامن(( :ارجتعله)) ويف
ٍ
يومأذ صغري؛ ألنه ولد بعد اهللرة بتربعة عرش شلهر ًا ،وكانلت بعضها ((اردده)) والنعامن
وفاة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم سنة عرش من اهللرة.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ليس ألحد أن يرجع يف صدقته
إال الوالد فيام أعطى ولده)).
قال املنقور باهلل :وسواء كان الولد صغري ًا أو كبري ًا يف صحة الرجوع فيام أعطاه والده
قال :وإنام قلنا ذلك للنص والنص ال يعلل عندنا وإنام يعلل ما ينبني عليه ،فتما مطلق اهلبة
-47-
فقد ورد األثر بلواق الرجوع فيها وإن كان مكروه ًا.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الراجع يف هبته كالكلب يرجلع
يف قيأه)) وقد ثبت أن رجوعه فيه غري حمرم عليه ،وإنلام هلو مسلتقذر ومكلروه فللم يبلق
فاصة الولد إال ما ذكرناه ،وإال فال فرق بني الولد وغريه ومل جيعل العلة الوالية فقط.
(خرب) وعن طاووس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال حيلل ألحلد أن
يرجع يف هبته إال الوالد)) رواه عنه يف العلوم فدل ذلك عىل ما قلناه.
ال أهدى إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعري ًا فتثابه فتبا فزاده
(خرب) وروي أن رج ً
فتبا فقال(( :لقد مهمت أن ال أهتب إال من قريش أو دويس)).
(خرب) وروي أن أعرابي ًا وهب للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم هبة فتثابه عليها وقال:
أرضيت؟ قال :ال .فزاده قال :أرضيت؟ قال :نعم ،فقال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :لقد مهمت أن ال أهتب إال من قريش أو أنقاري أو ثقفي)) فلام أثابه النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم دل عىل أن اهلبة تقت ي املكافتة ،وعليه يدل ما ذكرنلاه أوالً علن عليل
عليه السالم وعمر من قوهلم :الواهب أحق هببته ما مل يثلب فيهلا إال يف ذي رحلم حملرم،
وهذا القول هو الذي أخرجه أبو طالب عىل مذهب حييى عليه السالم ،وذهب املؤيلد إىل
أن املكافتة غري واجبة ،ووجه قوله(( :هتادوا حتابوا)) فلو كانت تقت يل املكافلتة مل حيقلل
التحاب ،يدل عليه (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال تلدخلوا اجلنلة حتلى
تؤمنوا ،وال تؤمنوا حتى حتابوا ،أال أدلكم عىل يشء إذا فعلتموه حتلاببتم)) قلالوا :بلىل يلا
رسول اهلل .قال(( :أفشوا السالم وتواصلوا وتباذلوا)) واالحتلاج به عىل نحو ما تقدم.
-48-
باب العمرى والرقبى
العمرى والرقبى :مها أن يقول الرجل آلخر :أعمرتك داري هذه أو غريها أو أرقبتك
فتهيام قال هذا فيه وأطلقه فهو هبة تلحق أحكام اهلبة ،يدل عىل ذلك (خرب) وهو ملا روى
جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :العمرى جائزة ألهلها)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تعمروا وال ترقبوا فمن أعمر
أو أرقب فهو سبيل املرياث)) ومعلوم أن املراد به فهو سبيل املرياث للمعمر له وللمرقلب
له.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :أيلام رجلل أعملر عملرى لله
ولعقبه فهو للذي يعطاها ال ترجع إىل اللذي أعطاهلا)) ألنله أعطاهلا عطلا ًء وقعلت فيله
املواريث.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن جابر بن عبداهلل ،عن النبلي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم أنه قال(( :أيام رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإرا لللذي أعطاهلا ال ترجلع إىل
الذي أعطاها)) ألنه أعطاها عطا ًء وقعت فيه املواريث.
قال اهلادي إىل احلق :يريد بقوله :وقعت فيه املواريث ،يقلول :املعطلي للك ولعقبلك
فهذا هو الذي ال ترجع إىل املعطي من العمرى والرقبى ما مل يذكر فيها املعطلي للمعطلي
عقب ًا فالناس عىل كوطهم ،فتما إذا قيدمها فإرام ال يفيدان التتبيد؛ ألن قوله صىل اهلل عليه
وآله وسلم(( :أيام رجل أعملر عملرى لله ولعقبله فهلي لللذي يعطاهلا)) افلرب ،ووجله
االستدالل أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ك أرا تكون للذي أعطيها وال ترجع إىل
املعطى بتن يكون املعمر جعلها له ولعقبه فإذا انتفى الرش وجب أن ال يثبت احلكم؛ ألن
إثباته من دونه خيرجه عن كونه كط ًا وجيعل وجوده وعدمه سواء ،وأيض ًا فإن النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم علل املنع من الرجوع بتنه أعطاها عطا ًء وقعت فيه املواريث ،يعني أنه
-49-
جعله له ولعقبه ،فإذا كانت العلة يف كورا هبة ما بينه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل جيز
أن يكون هبة مع عدمها؛ ألنه يؤدي إىل أن ال فائدة للتعليل من حيث كان احلكلم واحلد ًا
مع الرش وغري الرش .
-50-
-51-
كتـاب الوقـف
الوقف :احلبس ،يقال :وقفه يف موضع كذا أي حبسه ويقال :وقف ضيعته علىل فلالن
ملع نيلة القربلة، وال يقال أوقفها وهو يفيد يف الرشع حبس ًا ةقوص ًا عىل وجه ةقو
ويدل عىل صحة هذا احلد أنه يطرد املعنى فيه وينعكس وهو أجىل من املحلدود فلإن ملن
أطلق لفن الوقف أفاد ما ذكرناه يف عرف الرشع بحيث ال يسبق إىل أفهام أهل الرشع غري
ما ذكرناه ،واألصل فيه (خرب) وهو ما اشتهر أن أمري املؤمنني علي ًا عليه السالم وقف ماله
بينبع ووادي القرى ،ويف رواية قيد بن عيل أنه تقدق به وكتب كتاب ًا فيه واشلً أنله ال
يباع وال يوهب وال يورث أنا حي أو ميت إىل آخر ما ذكر ،وروي عن أيب بكر أنله وقلف
أيض ًا ،وعن عمر أنه قال :أصبت أرض ًا بخيرب ما أصبت ملاالً أنفلس منله عنلدي فتتيلت
رسول اهلل فاستتمرته فقال(( :إن شأت حبسلت أصلله وسلبلت ثمرتله)) فتقلدق عملر
بذلك ،وكتب :هذا ما تقدق به عمر صدقة ال يباع وال يوهب وال يورث ،فوجه اللدليل
من افرب من وجوه منها أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمره بتحبيس ما يمكن االنتفاع
به مع بقاء عينه ،وظاهر التحبيس يقت ي أن ال يزول وال يرتفع ،فدل ذلك عىل أن كل ملا
ال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه ال يقح وقفه ،ومنها أن عمر مل يعرف ذلك؛ ألنله جلاء
إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمره بذلك عىل وجه التعليم ،ومنها أن عملر قلال :ال
تباع وال توهب وال تورث ،فكتن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمره بذلك.
وروي أن عثامن اشًى بأر رومة فوقفها عىل مجيع املسلمني ،وروي عن عبدالرمحن بن
عوف أنه وقف ماله ،وعن جابر أنه قال :ما من ٍ
أحد من القحابة له مقدرة إال وقف فإذا
ٍ
أحلد ملنهم وال ملن ثبت جواق الوقف عن هؤالء املذكورين من القحابة ومل يلرو علن
-52-
ورثتهم أرم استلاقوا نقض هذه الوقوف وتغيريها صار هذا إمجاع ًا ،وألنه إقاللة املللك
عن الرقبة هلل تعاىل فقح بملرد القول كالعتق والقدقة ،ويدل عليه (خلرب) وهلو قلول
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف افيل(( :هي لرجل أجر وآلخر سً وآلخلر وقر)) ثلم
بني الذي له أجر فقال(( :وأما الذي له أجر فالذي حيملل عليهلا يف سلبيل اهلل)) فعمومله
يقت ي جواق حبسها للحمل عليها يف سبيل اهلل.
(خرب) وروى أبو هريرة أنه ذكر للنبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله منلع ابلن مجيلل
وخالد بن الوليد -يعني القدقة -فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ما نقم ابن
مجيل إال أنه كان فقري ًا فتغناه اهلل ورسوله ،وأما خالد فلإنكم تظلملون خاللد ًا قلد حلبس
أدرعه وأعتده يف سبيل اهلل)) ويف بعلض األخبلار قلال(( :أملا خاللد فقلد حلبس أدراعله
وأفراسه يف سبيل اهلل)) فثبت بذلك صحة وقف ما تقدم تعيينه يف هذه األخبار ،وأما وقف
املقاحف والكتب فقد اشلتهر بلني املسللمني ال يتناكرونله وال يلردون شليأ ًا منهلا علىل
األطفال من ورثة الواقف فقار ذلك إمجاع ًا منهم فثبت هبذه اجلملة صحة وقف ما عيناه
يف هذه األ خبار وسائر األموال التي يمكن االنتفاع هبا مع بقاء عينها وملا علدا ملا تقلدم
تعيينه مقيسة عليها.
(خرب) وهو ما تقدم يف حديث عمر بن افطاب وهو أنه ملك سله ًام ملن أللف سلهم
وثامنامئة ويف نسخة أخرى أنه ملك سه ًام من ثامنية عرش سه ًام ،ويف نسخة أنله مللك سله ًام
من مائة سهم وثامنية أسهم من خيرب ،فقال للنبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم :إين أصلبت
ماالً مل أصب مثله قط فإين أريد أن أتقرب به إىل اهلل فقلال لله النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :حبس األصل وسبل الثمرة)) دل ذلك عىل جواق وقف املشاع؛ ألن السهام التي
ملكها عمر من مجلة أرض خيرب كانت مشاعة ال حمالة فتذن له النبي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم بوقفها ،دل ذلك عىل جواق وقف املشاع وهو مذهب القاسم وحييى عليهام السالم،
وحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن وقلف املشلاع جلائز ،أملا
وقف املشاع الذي ال تتتيت فيه القسمة كالرحا واحلامم فال إشكال يف جواق وقف النقيب
-53-
املشاع فيه ،وأما ما تتتيت فيه القسمة فقد اختلف املتتخرون ملن علامئنلا يف ذللك ،فلذهب
املؤيد باهلل إىل أنه ال يقح وقف النقيب املشارع فيله ،وبله قلال املنقلور بلاهلل وال فلرق
عندمها بني أن يكون مستوى األجزاء يف القيملة أم ال؛ ألن ملا تتلتيت فيله القسلمة فوقفله
موقوف عىل إذن الرشيك أو إجاقته فإن أذن يف الوقف قبل الوقف أو أجاقه بعد الوقلف
صح وقف كيكه ومل تكن له املقاسمة بعد ذلك باإلفراق ولله بيعله مشلاع ًا ،وإن مل يكلن
ذلك بإذنه وال بإجاقته ،فتما أن يقال :إنه يقسم فيؤدي ذلك إىل أن جيري البيع يف الوقف؛
ألن القسمة بمعنى البيع والوقف ال جيوق بيعه ولقائل أن يقول :وأما فعل عمر فال يقلح
أن يكون حلة عىل أن وقف املشاع جائز؛ ألن عمر خرج يف سهم من ثامنية عرشل سله ًام؛
ألن القسمة وقعت عىل ألف وثامنامئة واجليش مخسلة آالف والنبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم مل يسهم جلهينة وال لبني سليم وال ملن كان معه من قبائل العرب ،وإنلام قسلم ملن
أرض خيرب عىل املهاجرين واألنقار ما قسم ،فدل عىل أن أمر األرايض إىل النبي صىل اهلل
عليه وآله وسلم وأن األرايض املغنومة بعده إىل أئمة احلق كام يلتيت بيانله إن شلاء اهلل ،ثلم
جعل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم القسمة عىل الرؤساء وكان عمر واحلد ًا ملنهم
وهو املساهم ملائة رجل وهذه حكاية فعل ال يدري عىل أي وجه فعله عمر جلواق أن يكون
ككاؤه أجاقوا فعله ووقفه ملا ثبت أرلم يرضلون بلام يقلرب إىل اهلل تعلاىل وإن أجحلف
بحاهل م ،وجيوق أن يكون النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاقه ملع كلراهتهم لله فيكلون
ال معتمد ًا عليه فيمكن االحتلاج به وااللتفات إليه وأكثر ما يتعلق به إذن النبي صلىل
أص ً
اهلل عليه وآله وسلم لعمر يف وقف ذلك ،واألوىل أن يقال :إنه فعله بلإذن الرشلكاء؛ ألنله
صىل اهلل عليه وآله وسلم معلم الرشائع وأساس الدين واهلادي إىل الرشاد ،وأما السيد أبو
طالب الناطق باحلق فتجاق ذلك يف األرايض املتساوية األجزاء يف القيمة؛ ألن القسمة فيها
عنده ال جتري جمرى البيع بل جتري جمرى إفلراق احللق واسلتيفائه كالقسلمة يف املكليالت
واملوقونات.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم ملا وقلف ضلياعه قلال :إين فعللت ذللك هلل تعلاىل
-54-
ليوجلني به اجلنة ويرققني به األمنة ويرصف به وجهي عن النار ،ويرصلف بله النلار علن
وجهي ،ثم جعل ذلك إىل ولده احلسن يتكل ما شاء ويدخر ما شلاء ألي ملدة شلاء ،ثلم
جعل ذلك بعده إىل احلسني بعد احلسن ثم قال :فعلت ذلك ترشيف ًا لنسب رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم صلة لرمحه وتكري ًام حلرمته.
(خرب) وروي أن عمر ملا وقف أرضه بخيرب ك أن ال جنا ،عىل متوليهلا أن يكلون
منها غري متمول وال متتثل ،وكان هو متوليها ويتكل منها ،ومل ينكلر رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم ذلك بل أجاقه ومل ينكره أيض ًا أحد من أصحابه فلرى جملرى اإلمجلاع،
وقوله متتثل :أي ال يتكل من أصل الوقف بل من منافعه؛ ألن اإلثل هو األصلل وهلو -
بالثاء املعلمة بثالث من أعىل ،-وروي أن عثامن بن عفان حني اشًى بأر رومة فوقفهلا
عىل املسلمني اشً أن يكون دلوه فيها كدالء املسلمني.
(خرب) وروي أن عثامن بن عفان ملا وقف ما وقفه استثنى نفقته ومؤنة عامله ومل ينكره
أحد من القحابة (ريض اهلل عنهم) فدل ذلك عىل أنه جيلوق للواقلف أن يسلتثني لنفسله
ولولده من غلة الوقف ما شاء ،وهو مذهب القاسم وحييى فإن عندمها أنه يقلح الوقلف
وإن مل خيرجه الواقف من يده وأن يقف الرجل ماله عىل نفسه وعىل ولده إذا كان يف سبيل
من سبل اهلل تعاىل وهو قول القاسمية عن ٍ
يد.
(خرب) وروي أن عبداهلل بن قيد األنقاري وقف حائط ًا لله وجعلله علىل رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعله لوالديه فللام ماتلا
جعله له.
(خرب) وروي أرام ملا ماتا جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال :قد ماتلا ،قلال
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :نعم وكله هنيأ ًا)) ،دل ذلك عىل حكمني:
أحدمها :أنه جيوق للواقف نقل املرصف؛ ألنه جعله عىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
فتمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعله لوالديه فكان نق ً
ال للمرصلف األول وهلو
-55-
مذهب القاسم بن إبراهيم عليهام السالم.
احلكم الثاين :أن منافع الوقف تورث؛ ألنه ملا مات أبو الواقف قال له النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :نعم وكله هنيأ ًا)) وسواء قال ذلك لكونه واقف ًا أو لكونه وارث ًا.
(خرب) وروي أن رج ً
ال أعطى أمه حديقة ثم ماتت فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم(( :وجبت صدقتك ورجعت حديقتك)) وألنا لو مل نلعل للواقف املرياث وجلب
أن نلعله لسائر املسلمني وهو أوىل به لتعلقله بله واختقاصله بواليتله كلام نقلول يف ذي
الرحم :أنه أوىل باإلرث ملكان رمحه ويف من غلب العدو عىل ماله ثم أحرقه املسلمون فإنه
أوىل به قبل القسمة.
-56-
-57-
كتـاب الوديعـة
أصل الوديعة الً والوضع يقال للقرب ودع؛ ألنه يوضع فيه امليت وما عليله ويلً
فيه ،ويقال للمقاحلة :موادعة؛ ألرا تر املحاربة ووضعها ،والدعة :اففض؛ ألنه تلر
التحر واالضطراب فهي اسم ملا يودع اإلنسان عند غريه ،وأودعتله إذا سلتلته أن يقبلل
وديعتك فقبلها ،وقيل :أودعته ماالً إذا دفعته إليه ليكون وديعة عنده واألصل يف جواقها
الكتاب والسنة واإلمجاع.
أما الكتاب فقول اهلل تعلاىل[} { :النسالاء،]58:
وقوله عز قائالً[} { :البقرة.]283:
وأما السنة (خرب) فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أد األمانة إىل
من ائتمنك وال رن من خانك)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من استودع وديعة فال ضامن عليه)).
(خرب) وروي عن عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده ،عن النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم أنه قال(( :من استودع وديعة فال ضامن عليه)) دلت هذه األخبار عىل أن الوديعة ال
تضمن وهو إمجاع العًة عليهم السالم ،وبه قال مجاهري العلامء من غريهم.
وأما اإلمجاع فإن جواقها وفاق بني الكل وال تضمن إال بخيانة من املسلتودع أو تعلد
منه ،وذلك إمجاع العًة عليهم السالم ،يدل عليه قلول اهلل تعلاىل {:
[} التوبالة ،]91:فام مل جين أو يتعد فلال ضلامن عليله؛ ألن ك الوديعلة معلروف
وإحسا ن ،وذلك هو قول عيل عليه السالم وأيب بكر ،وابن مسعود ،وجلابر ،وهلو إمجلاع
-58-
فقهاء األمقار فإن تلفت بتحد األمرين كان ضامن ًا بال خالف بني عللامء األملة ،ولقولله
تعللاىل[} { :البقالالرة ،]188:واسللتهالكها أكللل ملللال الغللري
بالباطل وكذلك إذا تعدى فيها ضمنها بال خالف.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ليس عىل املسلتودع غلري املغلل
الضامن)) واملغل :هو افائن ،فإذا خان فيها فلنى عليها فتلفت أو تعدى فيها فتلفت كان
ضامن ًا.
(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :عىل اليد ما أخذت حتى تلرد)) فملن
تعدى أو جنى وجب عليه الرد ،فإذا مل يقع منه أحد الوجهني فال ضامن عليه ،دليله قلول
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من استودع وديعة فهلكت فال ضامن عليه)).
(خرب) وروي أنه كان عند النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم ودائلع فللام أراد اهلللرة
سلمها إىل أم أيمن واستخلف علي ًا عليه السالم يف ردها ،دل عىل أن املسلتودع إذا أراد أن
يسافر وخياف أن حتًق الوديعة أو تضيع فإنه يودعها عند ثقة ،وقد أشار إىل ذلك السليد
الناطق باحلق عليه السالم.
-59-
-60-
كتـاب الغصـب
أما العقل فإنه يمنع من إدخال الرضر عىل الغري إذا مل يفعل الستحقاق أو للدفع رضر
أعظم منه ويف أخذ ماله لغري ما تقدم إدخال الرضر.
وأما الرشع فالكتاب والسنة واإلمجاع.
أما الكتاب فقوله تعاىل[} { :البقرة ،]188:وقوله تعاىل:
{[} هود.]85:
وأما السنة (خرب) فقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :عىل اليد ما أخذت حتى ترد)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أحيا أرض ًا موات ًا فهلي لله ولليس
لعرق ظامل حق)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يتخذن أحدكم عقا صاحبه العب ًا
وال جاد ًا وإن أخذ عقا صاحبه فلريدها إليه)).
(خرب) وروي عنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :ال يتخلذن أحلدكم متلاع
صاحبه)) مكان عقا صاحبه.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من ظلم شرب ًا من األرض
طوقه اهلل يوم القيامة من سبع أرضني)).
(خرب) وروى أبو بكرة قال :خطبنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال(( :إن
-61-
دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ،يف شهركم هذا ،يف بلدكم هذا)).
(خرب) وروى أبو محيد الساعدي عنه صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :ال حيلل
ٍ
المرس مسلم أن يتخذ مال أخيه بغري طيب نفسه)) وقال صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :ال
ٍ
امرس مسلم إال بطيبة من نفسه)). حيل مال
وروي ((الزرع ملن قرع)) دل ذلك عىل أن الزرع للغاصب وعليه الكرى باإلمجاع.
(خرب) وروى نافع ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من قرع أرض قلوم
بغري إذنه فليس له من الزرع يشء وترد عليه نفقته)) وروي ((له نفقته وليس له من اللزرع
يشء)) وهذا حممول عىل أن املراد بقوله :له نفقته أن يكونوا أذنوا له يف القيام بذلك بتجرته
فعرب بالنفقة عن األجرة قد أوما املؤيد باهلل إىل هذا واختلف العلامء ،فذهب اهلادي إىل أن
الزرع للزراع وعىل الغاصب الكرى ذكره يف املزارعة الفاسدة فإنه ذكر أن البلذر إذا كلان
للزراع كانت الغلة له وعليه كرى األرض لقاحب األرض ،وقد ذكر ذللك السلادة (ع)
ل للدين اهلل وهلو قلول األكثلر ملن واألخوان وذهبوا إليه واختاروه ،ونص عليه املرت
العلامء ،وذكر القاسم عليه السالم أن اللزرع لقلاحب األرض وللغاصلب الكلرى وال
أعرف قائ ً
ال من أهل البيت عليهم السالم هبذا القول سواه ،وذكر احلاكم أبو سعيد (رمحه
اهلل) هذا افرب ،ثم ذكر كالم ًا معناه :أن األمة أمجعت عىل أن من قرع أرض غريه فلالزرع
للزراع ولقاحب األرض نققان أرضه أو أجرة مثله ،وما أمجعت األمة عليه أوىل ،فتملا
أن يقال إنه ال يقح أو يقال :إنه منسوخ أو حيملل علىل أنله قرع أرضلهم ببلذرهم علىل
خالف كطهم فالزرع هلم وعليهم أجرة مثل عمله ،ذكره يف (جالء األبقار).
(خرب) وروي عن عروة بن الزبري أنه قلال :غلرس رجلل يف أرض آخلر فاختقلام إىل
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وأقام صاحب األرض البينة عىل أنه غقبه فتمر النبي صىل
-62-
اهلل عليه وآله وسلم برد األرض وقلع الغراس.
قال الراوي :فرأيت الغرؤس يرضب يف أصوهلا بالفؤوس ،دل ذلك عىل أن من غرس
يف أرض قوم بغري إذرم فإنه يؤمر برفع غرسه وقلعله وال يكلون لغرسله حلق يف اللبلث
واملقام فيها ،وقد دل افرب األول وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ليس لعلرق ظلامل
حق)) أي ليس له حق البقاء واملكث.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قار بعض األنقار وروي عاد بعلض
األنقار فذبحوا له شاة وصنعوا له طعام ًا فقدمت إليه فلم يسغه -يعنلي حلمهلا -فسلتل
عن حاهلا ،وروي أنه قال(( :ما شترا))؟ فقال القوم :هي شاة كانت لقاحب لنا فذبحناها
بغري إذنه عىل أن نرضيه بالثمن إذا جاء ،وروي جلرياننا مكان لقاحب لنا فقال النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :تقدقوا هبا)) وروي ((أطعموها األسارى)) دل ذلك علىل أن كلل
من ملك شيأ ًا من وجه حمظور يلزمه التقدق به وهذا افرب هو األصل يف ذلك.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الولد للفراش وللعاهر احللر))
دل عىل أنه من غقب أمة فاستولدها فإنه جيب ردها ورد األوالد وال يلحق نسبهم به هلذا
افرب وملا قدمناه أوالً من األخبار.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن اهلل إذا حرم شيأ ًا حرم ثمنه))
دل عىل أنه من استهلك شيأ ًا مما حرمه اهلل تعاىل مل يضمنه كمن يغقب مخر ًا أو خنزير ًا من
مسلم أو نحو ذلك.
-63-
-64-
كتـــــــاب العتق والتدبري
أما الكتاب فقول اهلل تعاىل { :
[}النسالاء ]92:اآليات دلت عىل عتق ثالث رقاب منها عىل قاتل املؤمن خطت فإن اهلل
أوجب فيه عتق رقبة مؤمنة مع الدية ،ومنها قتل املؤمن يف دار احللرب ففلرض فيله عتلق
رقبة من دون الدية ،ومنها قتل املعاهد ففرض فيه عتق رقبة مع الدية ،وفرض عتلق رقبلة
يف كفارة الظهار ويف كفارة اليمني.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم سلأل علن أفضلل الرقلاب فقلال:
((أكثرها ثمن ًا وأنفسها عند أهلها)).
(خرب) وروى ابن عباس عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :أيلام ملؤمن أعتلق
مؤمن ًا يف الدنيا أعتق اهلل بكل عضو منه عضو ًا منه من النار)).
(خرب) وروى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أعتلق رقبلة
أعتق اهلل بكل عضو منها عضو ًا منه من النار حتى فرجه بفرجه)).
وأما اإلمجاع فال خالف يف كونه قربة مندوب إليها.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عليل عليله
السالم عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال عتق ملن ال يملك)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال عتق قبل امللك)) دل ذلك علىل أن
-65-
من قال لعبد غريه أنت حر من ماَّ مل جيب هبذا القول يشء ومل يتعلق به حكم.
قال أبو طالب :وهذا مما ال خالف فيه ،ودل افربان علىل أن ملن قلال لعبلد غلريه إن
اشًيتك فتنت حر مل يعتق إن اشًاه ،نص عىل ذلك يف األحكام وذلك ألنله أعتلق قبلل
امللك وأعتق من ال يملك.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من نذر نذر ًا سامه فعليله الوفلاء
به)).
(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :املؤمنلون عنلد كوطهلم)) وقلال اهلل جلل
جاللللله[} { :اإلنس الالا ،]7::وقلللال تعلللاىل{:
[}المائالدة ،]1:دل ذلك كله عىل أن من قال لعبد غريه :إن اشلًيتك فللله عليل أن
أعتقك فمتى اشًاه وملكه وجب عليه أن يعتقه نص عىل ذلك يف املنتخب وال نعرف فيه
افالف.
وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ادرأوا احلدود بالشبهات)) دل ذلك علىل أن
من قال ألمته إن وطأتك فتنت حرة فوطأها مرتني عتقت ساعة التقاء افتلانني يف الدفعلة
األوىل ،والواجب عليه عند الو ء األول أن ال يق ي رمته ،فتما الو ء الثاين فلإن أقلدم
عليه جه ً
ال بالتحريم لزمه مهر مثلهلا وسلقط عنله احللد جلهلله بلالتحريم ،وكلذلك إذا
طاوعته وكانت جاهلة فال حد عليها ،وإن كانا عاملني بالتحريم لزمهام احلد لقوله تعاىل{:
[} النور ،]2:وإن كان أحدمها عامل ًا فعليه
احلد وال مهر؛ ألنه ال جيتمع حد ومهر.
-66-
عضو منه وعتق
ٍ باب عتق الشقص من المملوك وعتق جزء أو
ذي رحم محرم
ال أعتق شقق ًا له يف مملو فتعتقه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
(خرب) وروي أن رج ً
وقال(( :ليس هلل كيك)) وهذا يدل عىل حكمني:
أحدمها :أنه حكم بعتقه لذلك قال :فتعتقه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم.
والثاين :أن العتق يى إىل الباقي لقوله فليس له كيك ،فدل عىل أن العبد عتق كله؛
ألن املعلوم أنه مل يرد بيان توحيد اهلل ،وإنام أراد أنه إذا عتق نمقفه مل جيز أن يبقى فيله ك
ظاهر افرب ما قلناه. يف الرق ألحد فاقت
(خرب) وعن نافع أن ابن عمر ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أعتق
هلل كك ًا له يف مملو فقد أعتق كله)) وروي(( :فهو حر كله)) وروي(( :فهو عتيق كله)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أعتق شقق ًا من عبده عتلق
الكل)) دل عىل أن من أعتق جزء ًا من عبده عتق كله ،ودل عىل أن من قال لعبلده رأسلك
حر أو يد حرة أو رجلك أو صدر أو شعر حر أو قال :نقفك أو ثلثك أو ربعك أو
جزء منك حر عتق كله وهو الذي نقه يف (األحكام).
(خرب) وروى نافع ،عن ابن عمر ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :ملن
أعتق كك ًا له يف مملو فعليه خالصه كله من ماله فإن مل يكن له مال استسعى العبد غلري
مشقوق عليه)) دل عىل أنه إذا كان عبد بني اثنني فتعتق أحلدمها نقليبه عتلق العبلد كلله
ويضمن املعتق لرشيكه قيمة نقيبه إن كان مؤي ًا وإن كان معرس ًا استسعى العبد يف قيمة
نقيب كيكه نص عىل ذلك يف (األحكام).
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :قال رسول اهلل صىل
-67-
اهلل عليه وآله وسلم(( :من ملك ذا رحم حمرم فهو حر)).
(خرب) وروى ابن عمر عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من ملك ذا رحم حمرم
فهو حر)).
(خرب) وروى ابن عباس أن رج ً
ال جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال :يلا
رسول اهلل إين دخلت السوق فوجدت أخي يباع فاشًيته وأنا أريد أن أعتقه ،قلال النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل قد أعتقه)).
فتما ما روي عنه (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من ملك ذا رحلم فهلو
حر)) فيلب أن يكون املراد به من ملك ذا رحم حملرم؛ ألن هلذا مطللق ،وهلذه األخبلار
مقيدة بالتحريم فيلب أن حيمل املطلق عىل املقيد؛ لكورا من جنس واحد.
-68-
باب التدبير
وعن ابن عمر ،عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :امللدبر ال يبلاع وال
يشًى)) وهو حر من الثلث والتدبري هو أن يقول السيد ململوكه :قد دبرتك بعد عيني ،أو
أنت حر بعد عيني أو أنت حر بعد مويت ،أو أعتقتك بعد مويت فإنه يقري مدبر ًا ويعتق من
ثلث ماله إذا مات كام يف افرب ،وال خالف يف صحة التدبري وأنه إذا ذكر من األلفاظ فإنله
يقري مدبر ًا .قلنا :ويعتق من ثلث ماله وهو قول أمري املؤمنني عيل عليه السالم ،وبه قلال
ابن عمر ،وابن مسعود.
ال من بني عذرة أعتق عبد ًا له يقال له :يعقلوب ال ملال لله
(خرب) وروى جابر أن رج ً
غريه يعني دبره ،وروي وعليه دين فباعه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فاشًاه نعيم بلن
عبداهلل بتسعامئة درهم ،وروي بسلبعامئة ،وروي بثامنامئلة ،ثلم قلال صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :إذا احتاج أحدكم فليبدأ بنفسه)) وروي أنله قلال(( :اهلل عنله أغنلى وأنلت إليله
أحوج)) وروي أنه قال (( :اهلل عنه غني وأنت إىل ثمنه أحوج)) فتمر به النبي صىل اهلل عليه
وآله وسلم فبيع بتسعامئة درهم أو بسبعامئة ،دل ذلك عىل جواق بيع املدبر للرضورة ،ودل
افرب األول وهو قوله(( :املدبر ال يباع وال يشًى)) عىل أنه ال جيوق بيعه يف حال الرفاهية.
-69-
باب الكتابة
األصل يف ثبوهتا الكتاب والسنة واإلمجاع.
أما الكتاب فقلول اهلل تعلاىل { :
وأما اإلمجاع فال خالف يف جواقها ،وتفسريها أن يوافق سيد العبد عبده عىل أن يدفع
إليه ماالً معلوم ًا يف أنلم معلومة أو يف نلمني معلومني ويقوللوا لله :كاتبتلك علىل هلذا
ويرىض العبد به ويقبل فإذا دفع إليه ما وافقه عليه صار حر ًا ذكره يف (األحكام).
قال السيدان األخوان :إذا قال :كاتبك عىل كذا درهم صحت الكتابة ،وعتلق إذا أدى
ذلك ،وليس من ك صحتها أن يقول :فإذا أديت ذلك إَّ فتنت حر.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أيام رجل كاتب غالم ًا عىل مائلة
أوقية فتداها إال عرش أواق فهو عبد ،وأيام عبد كوتب علىل مائلة دينلار فتداهلا إال عرشلة
دنانري فهو عبد)) دل عىل أنه إذا علز عن الوفاء بام كوتب عليه رد يف الرق سواء أدى ذلك
أو مل يؤد شيأ ًا ،نص عليه يف (األحكام) وبه قال مجاهري العللامء ،وروي ذللك علن عملر،
وقيد بن ثابت ،وأم سلمة ،وعائشة ،يزيده وضوح ًا (خرب) وهو ما تقدم من قوله صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :املكاتب عبد ما بقي عليه درهم)).
(خرب) وعن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال :إذا أصاب املكاتب مرياث ًا أو حلد ًا
فإنه يرث عىل قدر ما عتق منه ويقام عليه احلد ،هذا لفظه عليه السالم أو معنى لفظه.
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف (خرب) وعن عكرمة ،عن ابن عباس قال :ق
املكاتب بتنه يؤدي بام أدى من كتابته دية احلر وما بقي دية العبد.
-70-
(خرب) وعن عكرمة ،عن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا
أصاب املكاتب مرياث ًا أو حد ًا فإنه يرث عىل قدر ما عتق منه ويقام عليه احلد عىل قلدر ملا
عتق منه)) وحتقيل مذهب حييى عليه السالم وعىل ما ذكره األخوان :أن املكاتب إذا أدى
شيأ ًا من مال الكتابة فإنه يقري يف ذلك القدر يف حكم احلر حي ًا كان أو ميت ًا فيام يتلتتى فيله
التبعيض كان عىل حسابه كاإلرث والوصية واحلد واألرش والدية نق ًا يف الدية واإلرث
واحلد وسائر ما ذكرناه مقيس ًا عليها ،وما ال يتبعض فحكمه حكم العبد كالقود واللرجم
والو ء بامللك ،وهذا هو قول عيل عليه السالم ،وإليه ذهب النارص واملؤيد باهلل.
ٍ
امرس مسلم إال بطيبلة ملن (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال حيل مال
نفسه)) دل ذلك عىل أنه ال جيب علىل سليد املكاتلب اإليتلاء يف الكتابلة ،ذكلره السليدان
األخوان ملذهب حييى عليه السالم قاال :ألنه مل يشً اإليتاء يف صفة الكتابلة ومل يوجبله
عىل سيد العبد وجيوق أن يقال :إن حييى عليه السالم أغفل ذكر اإليتاء فلم يلذكر وجوبله
وال نفي وجوبه فهو كاملسكوت عنه ،واألقلرب عنلدنا وجلوب اإليتلاء لقولله تعلاىل{:
[} النالور ،]33:فتمر باإليتاء
واألمر يقت ي الوجوب وإىل وجوب اإليتاء ذهب طائفة من العلامء ،فتما اهلادي إىل احلق
عليه السالم فذكر السيدان األخوان (ريض اهلل عنهام) أنه محل ما يف اآلية من ذكر اإليتلاء
عىل أن املكاتبني يؤتون من الزكاة نقيب ًا إذا كانوا من أهل الدين ومل يكونوا فساق ًا ،وذكلر
القايض قيد (رمحه اهلل) أن بعضلهم ذهلب إىل أن امللراد بله رقلاب يبتلاعون ملن الزكلاة
ويعتقون ويكون والؤهم جلميع املسلمني قال :وقد حكى السيد أبو العبلاس (رمحله اهلل)
عن السيد حممد بن القاسم بن إبراهيم عليه السالم ما يقرب من ذلك ،وذهب آخرون إىل
أن اإليتاء هو أن يعان املكاتب من نفس ثمنه الذي كاتب به وكى به نفسه ،ثم اختلفلوا
فمنهم من قال :ربع مال الكتابة.
(خرب) وذلك ملا رواه عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال يف
هذه اآلية :حيط عنه ربع الكتابة ،ومنهم من مل جيده إىل غري ذلك من أقوال العلامء (رمحهم
-71-
اهلل تعاىل).
-72-
باب الوالء
قال تعاىل[} {:األحزاب ،]5:أما والء
العتاق فال خالف يف ثبوته بني املسلمني ،ويدل عليه (خرب) وهو ما روي عن ابلن عملر،
عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :الوالء حلمة كلحمة النسب ال يباع وال يوهب)) وما
أهلها والءها فتمرها النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم بلتن قدمناه يف خرب بريرة ملا اشً
تشًطه هلم فاشًهتا وأعتقتها وصعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم املنرب فقال(( :ما
بال أقوام يشًطون كط ًا ليس يف كتاب اهلل ،وكل ك ليس يف كتلاب اهلل فهلو باطلل،
كتاب اهلل حق وكطه أوثق ،والوالء ملن أعتق)).
قال السيد أبو طالب :وقد أمجع العلامء عىل قبول هذا افلرب واختلفلوا يف لفظلة وهلو
قوله(( :واشًطي هلم الوالء)) فمن العلامء من أنكر ذلك وقال :هو صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم مرب ٌأ منزه عن مثله بتن جيري جمرى تغرير ملن باعهلا واالحتيلال عليله ،وقيلل :إن
هشام بن عروة كان خولط يف عقله يف آخر عمره وهو راوي افرب ،وقد ذكر اهلادي عليله
السالم هذا افرب ومل يذكر ذلك فدل عىل أنه مل يقححها ،ومنهم من أثبتهلا وتتوهللا علىل
أحد أمرين:
أحللدمها :أن يوردهللا مللورد التهديللد كقوللله تعللاىل {:
ققد صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ال ينفعهم هذا االشًا ،يدل عليه أنه غضب فقلعد
املنرب وتكلم بام ذكرناه أوالً عنه.
وثانيهام :أن تكون الالم يف قوله هلم الوالء بمعناه عىل كام قال تعاىل } { :أي
عليهم اللعنة ،فدل افربان عىل أن الوالء ال يباع وال يوهب ،وأنه ملن أعتق ذكلر ًا كلان أو
أنثى.
-73-
(خرب) وروى يونس بن احلسن أن رج ً
ال أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم برجل ثم
ك لله
قال :اشًيته وأعتقته فقال(( :هو موال إن شكر فهو خري لله وإن كفلر فهلو ٌ
وخري لك)) فقال :فام أمر مرياثه؟ قال(( :إن تر عقبة فالعقبة أحق وإال فالوالء)) يعني
لك.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :ملا أبقلت الفلرائض فلووىل
عقبة ذكر)) دل عىل أنه إذا مل يكن للمعتق عقبة من جهة النسب كان ما بقي بعد فلرض
ذوي سهامه لعقبته من السبب ويكون األوىل عقبته من جهة السبب فللو ملات املعتلق
وتر ابن مواله وأيب مواله كان املال البن مواله دون أبيله ،فقلد روي ذللك علن عملر،
وقيد بن ثابت ،ومل ينكره أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع.
(خرب) وروى سعيد بن املسيب عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املوىل أخ
يف الدين ونعمة يرثه أوىل الناس باملعتق)) يدل علىل أن أوىل النلاس بلاملعتق يرثلون العبلد
املع تق ،واملراد به أرم يرثونه إذا مل يكن له عقبة؛ ألن عقبة نفسه أوىل بمرياثه باإلمجلاع،
فإن تر ذوي سهام نفسه ومواله أو عقبة مواله لذوي سهامه سهامهم والباقي ملواله أو
عقبة مواله عىل ما هو مقرر يف موضعه ،وللو ملات وخللف أوالد ملواله وهلم ذكلور
وإناث كان الوالء للذكور دون اإلناث ،وإن خلف إخوة مواله وأخوات مواله كان املال
لوخوة دون األخوات،وال نعرف فيه افالف بني أهل البيت (عليهم السلالم) واللوالء
لوكرب ،وتفسريه أن املعتق لو مات وتر ابن مواله وابن ابن مواله كان املال البن ملواله
وال يشء البن ابنه وهو قول أمري املؤمنني عليه السالم ،وعمر ،وعبداهلل بن مسعود ،و ُأيب
بن كعب ،وقيد بن ثابت.
(خرب) وعن أمري املؤمنني عليه السالم أنه قال :إذا أعتق الوالد جر والء ولده ،وبه قال
عمر ،وعثامن ،وعبداهلل ،وال ةالف هلم يف القحابة ،وقد نص عىل ذلك يف (األحكام).
قال السيد أبو طالب :وتفسريه أن يتزوج اململو بعتيقة قوم فولدت منه يف حال رقله
فإن الولد يكون حر ًا ووالؤه ملوىل أمه ،وإن أعتق الوالد جر والء ولده إىل موىل نفسه بعد
-74-
أن كان والؤه ملعتق أمه؛ ألن معتق األم إنام كان عقبة للرضورة وهي أنه ال عقبة له فإذا
أعتق األب فهو أوىل بالتعقيب وإذا صار هو عقبة ثم مات انتقل والء القبي إىل معتق
األب؛ ألن من أعتق عبد ًا فواله ووالء من يرثه هذا املعتق يكون ملعتقه وإذا انتقل اللوالء
إىل موىل األب عند إعتاقه ثم عدم موىل األب وعقباته فإن الوالء ال يعود إىل ملوىل األم،
ويكون ماله لبيت املال وال نعلم فيه خالف ًا بني أهل البيت (علليهم السلالم) وألن النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم شبه الوالء بالنسب ،وإذا ثبت يف جهة مل ينتقل إىل جهلة أخلرى
فإن كان األب قد مات رقيق ًا وأعتق اجلد بعده وهو أبو أب الولد مل ّ
جير والءه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :امللرياث للعقلبة فلإن مل يكلن
فللموىل)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنله قلال :إذا ملات املعتلق وخللف ذوي سلهام نفسله
وعقبة مواله كان لذوي سهامه سهامهم ويرد الباقي إىل عقبة مواله ،وبه قال حممد بلن
عيل الباقر ،وولده جعفر القادق ،وحممد بن عبداهلل بن احلسن النفس الزكية ،وبه قال أبو
بكر ،وقيد بن ثابت.
(خرب) وروي أن ابنة محزة بن عبداملطلب أعتقت عبد ًا هلا فامت وتر بنت ًا فلعل النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم نقف مرياثه لبنت محزة ونقفه لبنت املعتلق ويلدل علىل ذللك
أيض ًا قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :املرأة حتوق مرياث ثالثلة عتيقهلا ولقيطهلا والوللد
الذي العنت)) يعني به ويدل عىل ذلك أيض ًا أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال(( :اللوالء
ملن أعتق)) ومل يفقل بني الذكر واألنثى ،فدل عىل أن الوالء ملن أعتق ملن النسلاء فلليس
للنساء حق يف الوالء إال وال َء من أعتقته أو كاتبته أو دبرته أو أعتقه من أعتقته أو جر والء
من أعتقته نص عىل ذلك يف (األحكام) وقد دل عليه ما ذكرناه من األخبار ،ويلدل عليله
(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الوالء ملن أعتق)) فلدل
عىل أن املوىل األسفل ال يرث من أنعم عليه بالعتق وهو سيده؛ ألنه ليس بمعتق له وسيده
إنام ورثه بامله من اإلنعام بإعتاقه وهذا ال نعمة له عىل سيده فال يكون وارث ًا له.
-75-
(خرب) وروى متيم الداري أنه قال :قلت :يا رسول اهلل ما السنة يف الرجل يسلم عىل يد
رجل؟ قال(( :هو أوىل به يف حمياه ومماته)).
(خرب) وروى راشد بن سعيد أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يف من أسلم علىل
يديه رجل هو مواله يرثه.
(خرب) وعن ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جعل املال مللن أسللم علىل
يديه ،دلت هذه األخبار عىل أن مرياث من أسلم من املرشكني ملن أسلم عىل يديه ،غري أنا
خققنا من تر وارث ًا له من عقبته أو ذوي سهم أو ذوي رحم باإلمجاع من العًة وهو
قول مجاهري العلامء ،فإنه منعقد بني علامئنا عىل أن من أسلم وتر وارث ًا ممن ذكرنلا فلإرم
أوىل باملرياث من الذي أسلم عىل يديه سواء كان الوارث عقبة أو ذا سهم أو ذا رحم.
قال املؤيد باهلل :والء املواالة هو أن يسلم احلريب عىل يد مسلم فيواليه وحيالفه ،فلريث
األعىل األسفل وال يرث األسفل األعىل وهو عىل التفقيل املتقدم ،ومل يذكر حييلى عليله
السالم املحالفة ولو كانت كط ًا لذكرها وليس يف األخبار املتقدمة ما يدل عىل اشًاطها،
فتما والء الذمي إذا أسلم فوالؤه لبيت مال املسلمني حلقول الذمة له ملن مجلاعتهم وال
يظهر فيه افالف.
-76-
-77-
كتـــــــاب األميان
قللال اهلل تعللاىل } {:وقللال عللز قللائالً {:
[}البقرة.]225:
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :ملن حللف فليحللف بلاهلل أو
ليقمت)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف بغري اهلل فقد أك )).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يمني الغموس تلدع اللديار بالقلع))
فقولللللللله تعلللللللاىل { :
[}البق الالالرة ،]225:وقوللللله تعللللاىل{:
[} المائدة ،]89:يدل عىل أن األيامن ثالث :منها اللغو التي
وعد أن ال يؤاخذنا هبا اهلل تعاىل ،ومنها اليمني الغموس وهي التي توعدنا أن يؤاخذنا بلام
كسبت قلوبنا من الققد للكذب يف اليمني عىل وجه التعمد ومل يوجب فيها وال يف اللغلو
الكفارة ،ومنها اليمني املعقودة التي أوجب فيها الكفارة بقوله تعاىل {:
-78-
أنه ال كفارة فيها. فاقت
وأما الغموس وهي أن حيلف عىل أمر ماض عامل ًا بتنه كلاذب فيققلد الكلذب فهلذه
غموس وال كفارة فيها إال التوبة ،نص عليه يف (األحكام) وبه قال قيد بن عيل ،والقاسم،
والنارص ،واملؤيد باهلل عليهم السالم ،ويدل عىل أنه ال كفارة فيها (خرب) ما روي عن النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يمني الغموس تدع الديار بالقع)) ومل يوجب الكفارة.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :مخس ال كفلارة فليهن الرشل بلاهلل،
والعقوق بالوالدين ،وقتل النفس بغري حق ،والبهت عىل املؤمن ،واليملني الفلاجرة التلي
يقطع هبا مال أخيه املسلم)).
(خرب) يف (األحكام) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم يف قلول اهلل سلبحانه {:
[} آل
ومرا.]77::
قال حييى عليه السالم :هذه اآلية نزلت يف رجل حلف لرجل عند رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم يمين ًا فاجرة باطلة فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من حلف
عىل مال أخيه فاقتطعه ظامل ًا لقي اهلل يوم القيامة وهو معرض عنه)).
وأما املع قودة :فهي التي يتعلق هبا الرب واحلنث ،وذلك أن حيلف عىل أمر مسلتقبل أنله
يفعله أو ال يفعله ونحو ذلك ،فإن بر مل يلزمه يشء وإن حنث فعليه الكفارة ،دليلله قلول
اهلل تعللاىل { :
-79-
باب ذكر ألفاظ اليمين التي يتعلق بها الحنث
(خرب) عن ابن عمر ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله كلان حيللف كثلري ًا هبلذه
اليمني ((ال ومقلب القلوب)).
(خرب) وعن أيب سعيد افدري أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم كلان إذا اجتهلد يف
اليمني قال(( :والذي نفس أيب القاسم بيده)) دل ذلك عىل أن من حللف بيشلء ملن هلذه
األلفاظ كان ذلك يمين ًا وكذلك إذا قال :واهلل أو باهلل فال خالف أرام من حروف القسلم،
ويدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله
قال(( :واهلل ألغزون قريش ًا)) ثم قال(( :إن شاء اهلل)) دل ذلك عىل ثبوت القسم بلفن واهلل،
ودل عىل أن االستثناء بعد اجلمل املتقلة يرجلع إىل مجيعهلا ونفقلل الكلالم يف حلروف
القسم ،أما الواو فدليله ما تقدم ،وقوله تعاىل[} { :الضحى-1:
،]2وفاء القسم قوله تعاىل[} { :الحجالر ،]92:وأما الباء فقد قلال تعلاىل:
{[} المائالالدة ،]106:وقللال تعللاىل { :
}وأما التاء فقد قال اهلل تعاىل حاكيل ًا علن إبلراهيم عليله السلالم { :
[}يوسف ،]85:وكذلك إين قتلت قيد ًا ونوى هبا اليمني كانت يمين ًا.
(خرب) كام روي أن ابن مسعود أتى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعلمه أنه قتل
أبا جهل فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إنك قتلته)) قال ابن مسعود :آاهلل إين
قتلته ،فدل ذلك عىل ما قلناه ،وكذلك إذا حلف بقفات اهلل الراجعلة إىل ذاتله دليلله ملا
تقدم من قوله(( :ومقلب القلوب)) وكذلك إذا قال :وحق اهلل؛ ألنه تعلاىل وصلف نفسله
بتنه حق فقال ذلك بتن اهلل هو احلق ،وقال[} { :النور،]25:
فإذا قال :وحق اهلل فكتنه قال :واهلل احلق ،كام إذا قال :وعظمة اهلل وقلدرة اهلل وجلالل اهلل
-80-
فكتنه قال :واهلل العظيم واهلل القادر واهلل اجلليل.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال حني طعن بعلض النلاس يف
إمارة أسامة(( :وأيم اهلل إن كان فليق ًا لإلمارة)) أو قال :باإلمارة ،وروي يف خلرب آخلر أن
فليق باإلمارة)) والقسم بتيم
ٌ النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يف أسامة(( :أيم اهلل إنك
اهلل كثري يف خطب عيل عليه السالم ،دل ذلك عىل أنه من ألفاظ القسم ،وكلذلك إذا قلال
وهيم اهلل بتنه بمعنى أيم اهلل أقيمت اهلاء مقلام األللف وذللك يف اللغلة كثلري كلام قلالوا:
أهرقت املاء وأرقته وهيلا وإيلا ،وكلذلك قلول اهلل تعلاىل } { :وقولله:
{[} النالور ،]53:ونحو ذلك يف القرآن كثري ،فدل ذلك علىل أن
قول القائل :أقسم باهلل يمني ،فتما قوله :أقسم ال فعلت كذا وكذا فإنه إن نوى بله القسلم
باهلل كانت يمين ًا وإن نوى القسم بغري اهلل أو مل ينو شيأ ًا مل يكن يمينل ًا ،أملا كورلا يمينل ًا إذا
نوى القسم باهلل تعاىل (خرب) وهو قول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :ال قلول إال
بعمل ،وال قول وال عمل إال بنية)) أراد ال قول وال عمل يكون كعيل ًا إال بنيلة فاقت ل
ذلك أنه إذا نوى القسم باهلل كانت يمين ًا كعية ،وأنه إذا مل ينو مل تكن يمين ًا كعية.
(خرب) وروي عن ابن عمر أنه رأى رج ً
ال حيللف بالكعبلة فقلال ابلن عملر :سلمعت
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :من حلف بغري اهلل فقد أك )).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال حتلفوا بآبائكم وال بتمهاتكم
وال باألنداد وال حتلفوا إال باهلل)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :ملن حللف فليحللف بلاهلل أو
ليقمت)) دلت هذه األخبار عىل قبح احللف بغري اهلل تعاىل وهلذا يقت يل أرلا ال تكلون
يمين ًا وإذا مل تكن يمين ًا مل جيب فيها الكفارة ،فتما من حلف بغري اهلل معظ ًام للمحللوف بله
كلام يف افلرب ،وأملا قسلم اهلل تعلاىل بقولله{ : عىل حلد تعظليم اهلل فلذلك ك
[}الطارق ،]1:ونحو ذلك مما يف كتابه الكريم فاملراد به رب هلذه األشلياء فيكلون
احللف باهلل.
-81-
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف فقال أنا بلريء
من اهلل فكان صادق ًا فهو كام قال)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف فقال أنلا بلريء ملن
اإلسالم فإن كان كاذب ًا فهو كام قال وإن كان صلادق ًا فللم يرجلع إىل اإلسلالم سلامل ًا)) ومل
يوجب يف ذلك كفارة.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال حتلفوا بآبائكم وال بالطواغيت وال
بيشء من احلدوث ،وال بيشء من الرشائع فمن حلف فليحلف باهلل أو ليقمت)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال حتلفوا بغري اهلل وال حتلفوا إال وأنتم
صادقون)) دلت هذه األخبار عىل أن احللف بام هذه حاله ال جيوق ،وأنه ال يكون يمين ًا.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف بغري اهلل فكفارته أن يقول:
ال إله إال اهلل)) يعني واهلل يعلم أن من حلف بغري اهلل معظ ًام له عىل حد تعظيم اهلل فقد صار
مرشك ًا فرجوعه من الرش هو اعتقاده للتوحيد ،يعني قوله :ال إله إال اهلل.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف عىل يشء فرأى غلريه
خري ًا منه فليتت الذي هو خري وليكفر عن يمينه)) دل عىل أنه ال جيوق االسلتثناء املنفقلل
وال حكم له يف الرشع؛ ألنه لو كان له احلكم لقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فليستثن يف
يمينه وليتت الذي هو خري)) ومل يوجب عليه الكفارة واالستثناء يقح عندنا بالنيلة فقلط
وهو ظاهر مذهب اهلادي إىل احلق ،ودليله العموم فإنه يقلري خاصل ًا بالققلد واإلرادة؛
ألن احلكيم لو مل يرد به بعض ما تناوله لبقلي علىل عمومله فكلان ال جيلوق أن يلدل علىل
خقوصه؛ ألن ذلك يكون تلبيس ًا وذلك قبيح واحلكيم ال يفعله.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أحل لكم ميتتان ودمان ،امليتتان
السمك واجلراد ،والدمان الكبد والطحال)) دل عىل أن من حلف أن ال يتكل حلل ًام وأكلل
كبد ًا أو طحاالً مل حينث؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يسمهام حل ًام.
-82-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :سليد آدام اللدنيا واآلخلرة
اللحم)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :سيد اآلدام اللحم)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه وضع مترة فوق لقمة وقال(( :هذه أدام هلذه))
دلت هذه األخبار عىل أن األدام هو ما يؤكل به افبز يف األغلب من شواء أو دهن أو مرق
أو نحو ذلك ،وحتقيقه أن ذلك يرجع إىل العرف فمن حلف من األدام فلام كلان إدامل ًا يف
عرف احلالف حنث بتناوله ،وما مل يكن كذلك مل حينث بتناوله ،أال ترى أن من أكل افبز
باملاء وامللح مل حي نث؛ ألرام ليسا بإدام يف العرف يبني ذلك أن من وكل غريه برشلاء األدام
فاشًامها كان ةالف ًا ،وإذا قيل :أكلنا خبز ًا بتدام مل يعقال منه وهذا هو الذي ينبغي اعتباره
يف مجيع األيامن.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع عن أمتي افطلت والنسليان
وما استكرهوا عليه)).
(خرب) وروى واثلة بن األسقع وأبو أمامة أن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
قال(( :ليس عىل مقهور يمني)) دل ذلك عىل أن من أكره عىل يمني فحلف مكره ًا مل يلزمه
احلنث ،ويوضحه قوله عز وجل[} { :البقالرة ،]256:وعمومه يقت ي نفي
اإلكراه يف الرشعيات كلها إال ما خقه الدليل فال يلزم عليه من أكرهه اإلملام أو احللاكم
عىل يمني واجبة عليه فحلف فإن اليمني تنعقد ويلزمه حكمها وال حكم للنية ،وإذا امتنع
من اليمني كان ظامل ًا فعىل هذا تكون النية نية املحلف ال نية احلالف.
فصل
قال اهلل تعاىل[} { :الحج ،]78:وقال تعاىل { :
-83-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :بعثت بالدين احلنيفية السلهلة))
وروي ((بالدين احلنيفية السمحة)) دل ذلك عىل أن ملن حللف علىل ملا ال يلدخل حتلت
إمكانه وال تبلغه قدرته مل يلزمه اليمني ومل يتوجه عليه حكمها نحلو أن حيللف أن يقلعد
السامء أو يرشب ماء البحر ،أو حيلف أن يزن الفيل ،أو كان احلالف يف موضع ال يوجد فيه
الفيل ويتعذر عليه حتقيله ،وال يتمكن من إحضار اآلالت التي يمكنها هبا وقن الفيل أو
نحو ذلك مما ال يقدر عليه وهو مذهب القاسم بن إبراهيم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ملن بلاع عبلد ًا ولله ملال فاملله
للبائع إال أن يشً املبتاع)) دل ذلك عىل أن من حلف أال يركب دابة عبد فلالن فركلب
دابة عبده حنث ،ذكره السيد أمحد األقرقي والقايض قيد؛ وذللك ألن الدابلة تضلاف إىل
ذلك العبد املحلوف من دابته يف العرف كام يف افرب أن من باع عبد ًا وله مال فتضاف املال
إىل العبد ملا كان يضاف إليه يف العرف وإن كان ال يملكه كام لو حلف أن ال يتكل من متلر
هذه النخلة أو ال يرشب من لبن هذه البقرة فتكل من التمر وكب من اللبن حنث؛ ألنله
يضاف إليهام عرف ًا.
(خرب) وكام قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من بلاع نخللة وهللا ثملرة فثمرهتلا
املبتاع)) وقال اهلل تعاىل[} { :األحالزاب ،]33:وقال{ : للبائع إال أن يشً
[} األحزاب ،]53:فتضاف البيوت إىل نسائه تارة بحق السكنى وإليه صىل
اهلل عليه وآله وسلم بحق امللك ،فإذا كانت اإلضافة موجودة علادة يف العلرف وجلب أن
حينث.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لليهودي الذي استسلم منه إىل يوم
معلوم فلاء يف ذلك اليوم الذي هو حمل السلم(( :لنا بقية يومنا يا هيودي)) دل عىل أن من
حلف ل ُيعطي قيد ًا حقه يوم كذا فله ذلك اليوم وال حينث إال بانقضائه.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اإلسالم جيب ملا قبلله)) دل علىل أن
الكافر إذا حلف يف حال كفره مل تنعقد يمينه وال يلزمه احلنث.
-84-
فصل
قوله تعاىل { :
[} مريم ،]11-10:دل عىل أن من حلف أال يتكلم فتشار أو أومى مل حينث؛ ألن
قكريا عليه السالم منع من الكالم فتومى ومل يكن كالم ًا ،يزيده بيان ًا ققلة ملريم يف قولله
تعللاىل[} { :مالالريم ،]26:ثللم قللال{ :
}فدل عىل أن اإلشارة ليست من الكالم ،وألن األخرس يشري ويكتب وال يقال إنله
تكلم قال اهلل تعاىل[} { :التوبة ،]103:دل عىل أن ملن حللف باملله
فإنه حيمل عىل ما جتب فيه الزكاة إال أن ينوي شليأ ًا يعينله وهلو اللذي ذكلره يف (اللوايف)
ملذهب حييى ،وذكر القايض قيد أنه إذا كان يملك ما يتمول يف العلادة حنلث ،يلدل علىل
ذلك قوله تعاىل[} { :النساء ،]24:فتبا ،االبتغاء بامللال وال خلالف أنله
جيوق االبتغاء بام ال قكاة فيه فثبت أنه مال ،وألنه متمول يف العادة فوجب أن يكلون ملاالً
ويقع به احلنث.
فصل
قال هللا تعالى.]44::[} { :
(خرب) وروي أن سعيد بن سعد بن عبادة فلر بلارية فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم بتن يرضب احلد ،قالوا :إن رضبناه قتلناه هو أضلعف ملن ذللك ،قلال(( :فخلذوا
عثكاالً فيه مائة شمراخ فارضبوه هبا واحدة)) ففعلوا ،فدل عىل أن من حللف أن يرضلب
عبده عرشة أسوا فلمعها ورضبه هبا فتصابه كل واحد منها بر يف يمينه وإال مل يرب ،وقد
ذكره يف (الوايف).
قال القايض قيد :وهو صحيح عىل أصل حييى عليه السالم لنقه عىل أن من قنى وهو
-85-
مريض دنف ومل يكن حمقن ًا فإن اإلمام لو رأى أن جتمع عرشة أسوا ويرضبه هبا يف حال
دنفه جاق.
-86-
باب كفارات األيمان
قللال اهلل تعللاىل { :
[}المائدة ،]89:واملكفر ةري بني هذه الكفارات الثالث؛ ألن اهلل تعاىل خري بينها بلفظة
أو هي موضوعة يف اللغة للتخيري ،وهي واجبة كلها عىل سبيل التخيري والبدل ،وموضلع
الكالم يف حتقيق ذلك أصول الفقله ،فلإن مل جيلد منهلا شليأ ًا فكفارتله صليام ثالثلة أيلام
متتابعات فإن فرق أعاد ،نص حييى عليه السالم عليه يف (األحكام) وهو إمجلاع األملة إال
يف التتابع ،ومذهبنا ما تقدم ،وبه قال النارص للحق عليه السالم ووجهة قراءة عبداهلل بلن
مسعود فإنه كان يقرأ { :فصيام ثالثة أيام متتابعات} وأدنى قراءته أن
جتري جمرى أخبار اآلحاد التي جيب العمل هبا وإن مل توجب العلم ،وهذا يقت ي وجوب
العمل هبذه القراءة يف إجياب التتابع وإن مل نتمسك هبا فيام طريقه العلم من إثبات ذلك يف
التالوة وجعلها قيادة يف القرآن؛ ألن ذلك ال جيوق إال بلالقراءة املشلهورة املتلواترة ،ومملا
يوضح وجوب العمل يف التتابع بقراءة عبداهلل بن مسعود و ُأيب أيض ًا ملا روي أرلا كانلت
مشهورة فيام تقدم ،وروي عن إبراهيم أنه قال :كنا نتعلم قراءة عبداهلل بن مسعود ونحلن
صبيان ،وروي عن سعيد بن جبري أنه كان يقيل ليللة بقلراءة عبلداهلل بلن مسلعود وليللة
بقراءة قيد بن ثابت ،فدل ذلك عىل استفاضتها إىل قمن سعيد بلن جبلري قلال اهلل تعلاىل:
{[} التوبالة ،]60:وال خالف أن املراد به فقراء املسلمني
ومساكينهم ،واأللف والالم داخلتان يف القدقات لللنس فكتنه قلال :القلدقات كلهلا
لفقراء املسلمني ومساكينهم ،والكفارات من مجلة القدقات ،فوجب رصفها إلليهم دون
غريهم ،دل عىل أنه ال جيوق إخراجها إىل فقراء أهل الذمة وهو قول اهلادي ،وقيد بن عيل.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أمرت أن آخذها من أغنيلائكم
-87-
وأردها يف فقرائكم)) وهذا خطاب ألهل امللة ،فدل عىل أن دفعها إىل الكفار ال جيوق.
أما اإلطعام فهو عىل وجهني :متليك وإباحة ،أما التميلك فهو أن يدفع إىل كلل واحلد
من العرشة نقف صاع من بر أو دقيقه أو صاع ًا من متر أو صاع ًا من شعري أو غري ذلك مما
يتكله ا ُمل م
كفر وأهله.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل أمري املؤمنني عيل عليله السلالم أنله قلال يف
كفارة اليمني :يعطي كل مسكني مدين مدين من حنظة أو دقيق لكل مسكني يتدمه من أي
إدام كان أو قيمته لغدائهم وعشائهم.
(خرب) وروي يف حديث أوس بن القامت حني ظاهر من قوجته خولة ابنة مالك بن
ثعلبة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعانه بعلرق ملن متلر وأعانتله هلي بعلرق آخلر،
والعرق ثالثون صاع ًا ،وذلك يكون ستني صاع ًا وأمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن
يتقدق به عىل ستني مسكين ًا ،وذلك يكون ستني صاع ًا ويرجع إىل أهله ،وذللك يوجلب
أن يكون لكل مسكني صاع من متر.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطاه وسق ًا من متر ،والوسق سلتون
صاع ًا فكانه أعطاه مخسة عرش صاع ًا مرة ومخسة عرش صاع ًا مرة ليكون مجع ًا بني افربين،
وما ذكرناه من اعتبار نقف صاع من بر دون غريها من سائر احلبوب ،لداللة (خرب) وهو
ما روي عن عيل عليه السالم أنه قال :نقف صاع من بر أو صاع من متر ،وال ةالف له يف
القحابة ،فتما قوله تعلاىل[} { :المائالدة ،]89:وهلذا يتنلاول
الطعام واإلدام؛ ألنه شبه كفارة اليمني بإطعام األهاَّ وهلم يلتكلون كلذلك ،ودل خلرب
أوس عىل أنه ال جيب اعتبار اإلدام مع احلبوب ،وألن أكثر الناس ال يطعلم أهلله بلاآلدام
دائ ًام ،فدل عىل أنه ال جيب اعتباره وهو األوىل ،ودل قولله تعلاىل { :
[}المائدة ،]89:عىل اعتبار العدد؛ ألنه نص علىل علددهم وهكلذا نلص يف كفلارة
الظهار عىل إطعام ستني مسكين ًا ،فال جيوق االقتقار علىل دون هلذا العلدد؛ ألنله يكلون
عدوالً عن الظاهر لغري داللة وذلك ال جيوق.
-88-
وأما اإلباحة فهو أن جيمعهم واجلمع ليس برش ويطعمهم طعام ًا بتدم متوسط.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان يغدهيم ويعشيهم خبز ًا وحلل ًام أو قيتل ًا ،دل
عىل أنه البد من أكلتني من غداءين وعشاءين أو غداء وعشاء ،أو عشلاء وسلحور ،وألن
اهلل تعاىل قال[} { :المائدة ،]89:وهذا من أوسلط ملا يطعلم
األهاَّ؛ ألن األعىل يف اليوم ثالث أكالت واألدنى أكلة واحدة واألوسط أكلتان فثبت يف
ذلك ما ذكرناه ،وأما الكسوة فقوله تعاىل } { :فالكسوة عبارة عام يكتسى.
قال النارص :ال تقدير يف الكسوة ،ومن أراد ذلك فإنه يكسلو ملا جتلوق القلالة فيله،
ومذهب حييى عليه السالم أن االكتساء هو أن يلبس ما يسً عامة بدنه أو كسا مسكين ًا ثم
ملكه عليه فكساه غريه حتى كسا العرشة ذلك الثوب جلاق ذلك ،وكذلك يف اإلطعلام إذا
أخرج القيمة أجزى؛ ألن كلل واحلدة ملن الكفلارة يف اإلطعلام والكسلوة قائملة مقلام
األخرى؛ إذ مها مستويتان يف صفة التعبد هبام فام جاق يف إحدامها جلاق يف األخلرى ،وألن
من مد إىل غريه بام يشًي به الطعام والكسوة يوصف بتنله أطعمله وكسلاه أال تلرى أنله
يقح أن يقال :أطعمني فالن أو كسلاين أو أطعلم صلبياين وكسلاهم ،وإذا دفلع إليله ملا
يشًي به الطعام والكسوة يف العرف ،وألن األمة أمجعت عىل أن املسكني يملك الكسوة
وإذا ثبت ذلك ثبت إخراج قيمتها بلدالً عنهلا جلائز ،وقلد قلال إبلراهيم عليله السلالم:
{[} الشعراء ،]79:وال خالف أنه ما أراد طعام ًا مفروغ ًا منه.
وأما العتق فال خالف أنه ال جيوق إخراج القيمة عنه؛ ألن العتلق ال يتقلوم والغلرض
باإلطعام والكسوة إيقال النفع إىل الفقراء وهو حيقل بدفع القيمة إليهم ،وليس كلذلك
العتق فإن الغرض املققود به نفع املعتق نفسه ،وهلذا املعنلى ال حيقلل بلدفع قيمتله إىل
الفقراء ،وجيوق يف كفارة الظهار واليمني عتق رقبة ،وال يشً فيها اإليامن؛ ألن اهلل تعاىل
ذلك جواق ما ذكرناه وال جتزي الكفلارة؛ ألن اهلل قال } { :ومل يفقل فاقت
تعاىل أمر بلهاد الكفار والغلظة عليهم ووصف املؤمنني بترم أشداء عىل الكفلار وذللك
ينايف العتق.
-89-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حلف عىل يشء فرأى غلريه
خري ًا منه فليتت الذي هو خري منه ثم ليكفر عن يمينه)) دل عىل أن الكفارة قبل احلنلث ال
جتب وال جتزي؛ ألن الكفارة إنام جتب بعد احلنث؛ ألن لفظة ثم توجب الًتيب واملهمللة
وهو جيب محل افطاب عىل حقيقته؛ ألرا أسبق إىل األفهام ،والغلرض بافطلاب إفهلام
املعنى فثبت بذلك ما ذكرناه.
-90-
باب كفارة القتل
قللال اهلل تعللاىل { :
[}النساء ،]92:فدل ذلك عىل أن من قتل مؤمن ًا بغري حق فكفارته ما ذكر اهلل تعاىل
وهو إمجاع بني األمة ،واختلفوا فيمن قتله عمد ًا فملنهم ملن ذهلب إىل أنله ال جيلب علىل
القاتل إال القود أو الدية وهو الذي نقه يف (األحكام) وهو الظاهر من مذهب القاسلم،
ونص يف (املنتخب) عىل أن الكفارة جتب عىل العامد كام جتب عىل افاطئ ،وبه قال املؤيد
باهلل؛ وذلك ألرا إذا وجبت عىل افاطئ ملع علدم اإلثلم فلون جتلب علىل العاملد أوىل
ملقارفته الكبرية وفعله اإلثم.
(خرب) وروى واثلة بن األسقع قال :أتيت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف صلاحب
لنا قد استوجب النار بالقتل فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أعتقوا عنه رقبة يعتق
اهلل عنه بكل عضو منها عضو ًا منه من النلار)) وإجيلاب النلار ال يكلون إال يف العملد ملن
القتل ،فثبت أن العامد تلزمه الكفارة ،وكذلك جتب الكفارة عىل من قتل من له أمان ملن
الكفللار لقوللله تعللاىل { :
[} النساء ،]92:دل ذلك عىل ثبوت الكفارة ووجوهبا علىل ملن قتلل ملن
م
عليه ذمة وميثاق سواء كان م ِّل َي ًا أو كافر ًا ؛ ألنه مل يفقل بينهام وقولله تعلاىل { :
[} النساء ،]92:دل عىل وجلوب الكفلارة
عىل من قتل مؤمن ًا بغري حق ،ومل يشً فيه افطت فدل عىل ما قاله يف (املنتخب).
-91-
باب النذور
النذر :أن يوجب اإلنسان عىل نفسه شيأ ًا مل يكن واجب ًا عليه ،قلال اهلل تعلاىل{ :
-92-
وأما النذر باملعقية فإذا نذر فيام هو معقية فعليه أن ال يفعله ويتثم بفعلله وذللك مللا
روي (خرب) عن أم سلمة ،عن عائشة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :ال
نذر يف معقية اهلل وكفارته كفارة يمني)).
(خرب) وروي أن امرأة أتت إىل ابن عباس فقالت :إين نذرت أن أنحر ابني ،فقال ابلن
عباس :ال تنحري ابنك وكفري عن يمينك ،وإن كان نذره متعلق ًا بقربة وجب فيه الوفلاء
به عقيب اللفن إن كان النذر مطلق ًا أو عند وجود ما قيد به إن كان مقيد ًا عىل حسلب ملا
نبينه إن شاء اهلل تعاىل.
(خرب) وروي عن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ملن نلذر
نذر ًا مل يسمه فعليه كفارة يمني)) دل ذلك عىل أن من قال :هلل عيل ثالثون نلذر ًا أو أقلل أو
أكثر ومل يسم شيأ ًا وجب عليه أن يكفر عن كل نذر كفارة يمني.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من نلذر نلذر ًا ال يطيقله فعليله
كفارة يمني)) دل ذلك عىل أن من قال :هلل عيل ألف حلة أو هو حمرم بتلف حللة ونحلو
ذلك مل جيب عليه الوفاء به ،واختللف علامؤنلا يف وجلوب الكفلارة فقلال القاسلم عليله
السالم :ال يشء عىل الناذر؛ ألنه محل نفسه ما ال يطيق ،وقال أبلو طاللب :تلزمله كفلارة
يمني؛ ألنه نذر فيام جيري جمرى العبث فيكون من قبيل املعقية ،فيلب عليه كفارة يملني
وهو األوىل ملوافقة افرب.
(خرب) وروى عطاء عن جابر أن رج ً
ال قال يوم فتح مكة :إين نذرت إن فتح اهلل علينلا
مكة أن أصيل يف بيت املقدس ،فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :صل هاهنا)) فتعاد مرتني
أو ثالث ًا ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فشتنك)) فهذا الرجل قد كان أوجب عىل
نفسه امليش إىل بيت املقدس بتن نذر أن يقيل فيه ركعتني ،والنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
مل يتمره بالوفاء بام نذر به من ذلك بل خريه ،دل ذلك عىل أن من نذر من القربة بام ال أصل
له يف الوجوب مل يلزمه الوفاء به عىل الوجه الذي نذره ،فلو نذر أن يقيل يف مسلد املدينة
أو بيت املقدس أو يف مسلد الكوفة مل يلزمه الوفاء به ،وجاق له أن يقيل يف الكعبة عوض ًا
-93-
عنه.
قال أبو طالب :إذا نذر يف املكان فاألوىل أنه إذا عدل إىل األفضل جاق يعني كام ذكرناه،
وال خالف أنه لو نذر أن يقيل أو يقوم يف بلد سوى مكة واملدينة وبيت املقلدس أجلزاه
أن يقيل يف سائر البلدان.
لدين اهلل عليه السالم :لو نذر الرجل نذر ًا بقدقة أو صيام يف بلد معللوم قال املرت
أو يف وقت حمدود ثم علز عن الوفاء بالقدقة والقيام يف ذلك الوقت أو يف ذلك البللد
فقار إىل غري ذلك البلد فإنه جتزي صدقته وصومه حيث يكون.
قال أبو طالب :وال خالف يف هذه اجلملة عىل الوجه الذي ذكره (ريض اهلل عنله) ويف
هذا خالف يف مواضع ،منها أنه إذا نذر أن يقيل يف املسلد احلرام فقىل يف غلريه ،فلذكر
السيد أمحد األقرقي أنه جيزيه ،قال :وهو قياس املذهب ويف ذللك نظلر؛ ألنله علدل علن
األفضل إىل ما دونه غري أنه قد قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :صلالة يف مسللدي
هذا تعدل ألف صالة يف غريه من املساجد إال املسلد احلرام ،وصالة يف املسللد احللرام
تعدل مائة ألف صالة وأفضل من هذا كله صالة رجل مسلم يف بيت مظلم حيث ال يلراه
أحد يطلب هبا وجه اهلل تعاىل)) وأما إذا نوى القوم يف وقت بعينه فقدمه قبل ذلك الوقت
فإنه ال جيزيه؛ ألنه فعله قبل وجوبه فلرى جمرى من يقيل الظهر قبل قوال الشمس فإنله
ال جيزيه ،واملعنى أنه فعله قبل وقته وهو مذهب اهلادي عليه السالم.
وأما القدقة فإذا نوى التقدق بمكة أو بمنى وجب عليه إخراجه هنا وال جيزيله يف
غريمها وهو مذهب القاسم وحييى ،وأما إذا نذرالقدقة يف يوم بعينه فقدمها قبله فقد ذكر
السيد أبو طالب أنه جيزيه وقال :إنه مما ال خالف فيه ،وأما إذا نذر القالة يف مسلد غلري
املساجد الثالثة وهي :املسلد احلرام ،واملسلد األقىصل وهلو بيلت املقلدس ،ومسللد
املدينة وهو مسلد النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جاق أن يقيل يف غريه من املساجد كلام
لو قال :هلل عيل أن أصيل يف هذه الزاوية من هذا املسلد فله أن يقيل يف قاوية أخرى منله
فكذلك سائر املساجد.
-94-
فصل
قلللللال اهلل تعلللللاىل[} { :البق الالالالرة ،]196:وقلللللال { :
هدي
[}المائالدة ،]95:واملراد به النعم وأدناها شاة ،دل ذلك عىل أن من قال :هلل عيل ٌ
لزمه شاة.
-95-
-96-
كتـــــــاب الضوال واللقطة
-بضم الالم وسكون القاف -ما التقط -وبضم الالم وفتح القاف -امللتقط للكالم يف
األصل ،ثم صار مستعم ً
ال يف كثري من االلتقا للكالم وغريه ملن اللقطلة ،واألصلل يف
ذلك السنة واإلمجاع.
أما السنة (خرب) وهو ما روي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله سلأل علن
ضالة الغنم فقال(( :خذها فإنام هي لك أو ألخيك أو للذئب)) وسأل عن ضلالة اإلبلل؟
فامحرت وجنتاه فقال(( :مالك وهلا ،معها احلذاء والسقاء ترشب املاء وتتكل الشلر حتلى
يلقاها رهبا)).
(خرب) وروى قيد بن خالد اجلهني أن رج ً
ال ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم
عن اللقطة فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فلإن
جاء صاحبها وإال فانتفع هبا)) وروي ((وإال فشتنك هبا)) قال :فضالة الغنم؟ قلال(( :هلي
لك أو ألخيك أو للذئب)) قال :فضالة اإلبل؟ قال(( :مالك وهلا معها سقاؤها وغذاؤها،
-بالعني غري معلمة وبالفاء ترد املاء وتتكل الشلر ،دعها حتى يلقاها صاحبها)) العفا
وبالقاد غري معلمة :-صامم القارورة وهو السامع.
وأما اإلمجاع فذلك ظاهر ،وقيل :قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أعرف عقاصها)) -
بالقاف والعني غري معلمة والقاد غري معلملة -ملع عقيقلة وهلي الظفلرية ،وقيلل:
افقلة من خقل الرأس ،والوكاء ربا القربة الذي تربط بله ووكلاء كلل يشء رباطله،
وهذا افرب الذي رواه قيد بن خالد (رمحه اهلل) أفادنا أن كل ما كان من الضوال حيتلاج إال
-97-
اللبن وال يرشب املاء بنفسه وال يمتنع من صغار السباع كالفقيل والعلل وصغار الغنم
فإنه متمور بتخذها ،وما كان ال خياف عليه الضياع بتن يرعى بنفسه ويرشلب امللاء بنفسله
ويتمن عليه من السباع ومل يكن املوضع موضع ًا خيشى عليه منها ،فالواجب تركه وما كان
ال يستقل بنفسه وال يلحق بحكم القسمني األولني فهو ةري إن شاء أخلذه ليحفظله علىل
مالكه وإن شاء تركه حتى يتخذه غريه ليحفظه عىل مالكه أو ليتكله الذئب.
(خرب) وسأل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اللقطة؟ فقال((:اعرف عفاصها ووكاءهلا
وعرفها سنة فإن جاء من يعرفها وإال فاخلطها باملك)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :احتبس عىل أخيك ضالته)) هذا
يدل عىل ما كان خيشى عليه أن يتخذه من ال يرده عىل صاحبه وجلب أخلذه حلفظله علىل
مالكه؛ ألن قوله احتبس أمر واألمر يقت ي الوجوب.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ضالة املؤمن حرق النار))
دل ذلك عىل أن من أخذ اإلبل الضالة لريكبها ال ليحفظها فلإن ذللك ال جيلوق كلام روي
(خرب) عن اجلارود بن املعىل قال :أتينا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ونحن عىل إبل
علاف ،فقلنا :يا رسول اهلل إنا نمر باجلوف فنلد إب ً
ال فنركبها .فقال لله(( :ضلالة املسللم
حرق من النار)).
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :ال يلؤوي الضلالة إال
ضال)) دل عىل أنه ال جيوق ألحد أن يؤوهيا لنفسه وال يعرفها ،فتملا إذا أخلذ بنيلة احلفلن
لقاحبها جاق بدليل ما تقدم(( :اعرف عقاصها ووكاءها)) وقوله(( :هي لك أو ألخيك أو
للذئب)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اعرف عقاصها ووكاءها)) قيل :معناه أنه أمره
بذلك ليميز هبا عن ماله فال رتلط به ،وقيل :إنه إذا أمر بحفن عقاصها ووكائها فحفظهلا
يف نفسها أوىل وأحرى ،وقيل :أمر بذلك لكي يسلمها إىل من جاء بقفتها وعالمتها.
قال املؤيد باهلل :وجيوق دفع الضوال بالعالمة إذا غللب علىل ظلن الواجلد أن امللدعي
-98-
صادق فيام يدعيه ،وأما من طريق احلكم فال جيب ردها إال بالبينة واحلكم.
وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ثم عرفها سنة)) وروي ((ثم عرفها حوالً فلإن جلاء
صاحبها وإال فانتفع هبا)) وروي ((وإال فشتنك هبا)).
قال أبو طالب :وال خالف يف وجوب التعريف قال :وال خالف أيضل ًا أن غايلة ملدة
التعريف سنة.
قال املؤيد باهلل :واألقلرب عنلدي مراعلاة األملرين يف انقضلاء السلنة ملع التعريلف
وحقول اإلياس من صاحبها ثم جيوق له ذلك ،وقال ما معناه :إذا غلب عىل ظنله أنله ال
ينال صاحبها جاق له تفريقها يف الفقراء أو إنفاقها عىل نفسه إن كان فقلري ًا علىل أن يكلون
ضامن ًا متى جاء صاحبها ،وقال يف موضلع آخلر :واملللتقط إذا كلان فقلري ًا كلان لله بعلد
التعريف أن يرصفها يف ديونه وأحواله ويترصف فيها كيف شاء ،وإن كانت قيمتها قائلدة
عىل النقاب بكثري ،يزيد ذلك وضوح ًا (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم أنه قال يف اللقطة(( :عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإال فاستمتع هبلا)) وروي ((فلإن
جاء صاحبها وإال فشتنك هبا)) وروي ((فإن جاء صاحبها فتدها إليله)) وروي أيضل ًا :أنله
يتقدق هبا فإذا جاء صاحبها خري بني األجر والضامن ،وروى مثله عن عيل عليه السلالم
وقال :خيري صاحبها بني األجر والضامن ،واملراد باألجر أجر اإلبراء.
(خرب) وروي أن علي ًا وجد دينار ًا عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فللاء
به إليه فتمره أن يعرفه فلم يعرف صاحبه فتمره أن يتكله فلاء صاحبه فتمره أن يغرمه.
(خرب) وسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اللقطة فقال(( :ما كان منها يف طريق
امليناء والقرية اجلامعة فعرفها سنة فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإن مل يتت فهي لك)).
(خرب) ووجد عيل عليه السالم دينار ًا فتتى به فاطمة فستلت عنه رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم فقال(( :هو رقق اهلل)) فتكل منه رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
وعيل وفاطمة ،فلام كان بعد ذلك أتت امرأة تنشد الدينار فقال رسول اهلل صلىل اهلل عليله
-99-
وآله وسلم(( :يا عيل أد الدينار)).
(خرب) ورخص رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم يف العقلا والسلو واحلبلل
وأشباهه يلتقطه الرجل فينتفع به.
قال املؤيد باهلل :إذا كانت اللقط ةحقرية أو يسارع إليهلا الفسلاد وأيلس أن جيليء هللا
طالب يف مدة قريبة كان له أن يتقدق هبا بعد تعريف مثلها ،وأشار يف املحقلرات كقطعلة
حبل ونحوها إىل أنه يعرف هبا ثالثة أيام ثم يتقدق هبا ،ومذهب النارص للحق قريب من
مذهب املؤيد باهلل ،فتما اهلادي عليه السالم فإنه منع من مجيع ذلك وأمر بحفظها عىل حد
حفن الوديعة ،وخيرج من ذلك كله لقطة مكة لورود افرب فيها عن النبي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم أنه ال حتل لقطتها ،فظاهر ذلك يدل عىل وجوب حبسها أبد ًا (خرب) وروي أن
أمري املؤمنني عليه السالم أمر بإراذ مربد لضوال املسلمني ،وروي أن عمر جعل حظلرية
جتمع فيها الضوال ،دل ذلك عىل أنه جيب عىل اإلمام أن يفعل كذلك وأن ينفق عليها ملن
بيت املال لأال هتلك وال جيب عليه أن ينفق عليها من خاصة ماله فإن شاء اإلمام أن ينفلق
عليها قرض ًا من بيت املال فعل إن شاء تركه لقاحبها إذا أتى وإن شلاء ضلمنه ملا أنفلق؛
ألنه إنام أنفق عليها للعوض ،وإن مات كان دين ًا عليه ولإلمام افيار بني أخذه ملن تركتله
أو تركه لورثته ،وإن مل يكن يف الزمان إمام فلملتقطها أن ينفلق عليهلا بنيلة العلوض ولله
الرجوع هبا عىل صاحبها إذا أتى؛ ألنه أنفق عىل مال خيتص برضب من الوالية له ،أال ترى
أنه جيب عليه حفظها ومنع من يتعرض ألخذها وحماكمة من يغقلبها عليله كلالوذ إذا
أنفق عىل األيتام بنية الرجوع.
-100-
باب اللقيط واللقطة
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف امرأة باعت لقيطة(( :الحق لك
اللقطة عىل املشًي إذا كان فيها)) وأنه حكم عليها للمشًي بام أعطاها من الثمن وق
وطأها بمهر مثلها ،ونحوه عن عيل عليه السالم أنه قال :اللقيط حر ،دل ذلك عىل حريلة
اللقيط واللقيطة ،وأنه ال سبيل مللتقطهام عليهام ببيع وال هبلة إال أن يوجلد اللقليط يف دار
احلرب فيكون عبد ًا؛ ألنه حيكم له بحكم الدار عند اجلهل بالنسب ذكره أبو العباس.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اإلسالم يعلو وال يعلىل عليله))
دل عىل أنه إذا ادعى اللقيط القغري رجالن فادعى كل واحد منهام أنه ابنه فكلان أحلدمها
مسل ًام واآلخر ذمي ًا كان ابن ًا للسملم دون الذمي.
فصل
فإن كان أحدمها حر ًا واآلخر عبد ًا كان ابن ًا للحر دون العبد ،فإن كانا حرين مسللمني
كان الولد ابن ًا هلام ذكره أبو طالب ملذهب اهلادي.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف اآلبق يوجد خارج احللرم
عرشة دراهم.
وروي عن عليه السالم أنه قال :من رد آبق ًا فله دينار وعرشة دراهم ،وروي عن عليل
عليه السالم أنه َج َع َل ُج ْعل اآلبق أربعني درمه ًا إن جاء به من مسرية ثالثة أيام وإن جاء به
من دون ذلك رضخ له.
(خرب) وروي عن ابن مسعود أنه قال :من رد آبق ًا من مسرية ثالثلة أيلام فلله أربعلني
درمه ًا ،فقد قيل :إن هذه األخبار مل تثبت عنه ،وقيل :ليس يف اآلبق خلرب صلحيح ال علن
-101-
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وال عن القحابة عىل أن هذا افرب مطلرو ،علىل أوضلاع
مذهب الفقهاء؛ ألنه خرب واحد ةالف لوصول ،وما كان هذا حاله فال يقبل عندهم فإن
صح محلناه عىل أنه رد برش العوض.
-102-
كتاب الصيد والذبائح
.األصل يف جواقه الكتاب والسنة واإلمجاع
{ :أما الكتاب فقوله تعاىل
{ : وقول اهلل تعاىل،]4:}[المائدة
} يرد { : ثم قال،} فحرم بذلك امليتة وما ذبحت اجلاهلية لغري اهلل سبحانه
{ : ثم قال تعاىل،أن كل ما مل يذكر اسم اهلل عليه فمعقية
.]3:}[المائدة
وأما املنخنقة فهي الدابة ينشلب،فتما ما ُأ مهل لغري اهلل به فهو ما ذكر عليه غري اسم اهلل
وأملا املوقلوذة فهلي التلي،حلقها بني عودين أو يف حبل أو غري ذلك مما رتنق به فتموت
وأما املًدية فهي التي تًدى من رأس اجلبلل أو،ترمى عىل موقوذهتا أو ترضب فتموت
وأملا،من املطارة أو يف البأر أو غري ذلك مما تسقط فيه الدابة فتملوت فلال تلحلق ذكاهتلا
.النطيحة فهي ما تنطحه البقرة أو الشاة منهن فيموت فال يلحق ذكاهتا
-103-
وأما ما أكل السبع فهي الدابة يقتلها السبع فال تلحق ذكاهتا فحلرم اهلل سلبحانه ذللك
ٍ
حينأذ ذكيل ًا حلالالً لخآكللني كله إال أن تلحق منه ذكاة فيذبح وفيه يشء من حياة فيكون
غري حمرم عىل العاملني فكان يف اجلاهلية يعدون ذلك كله ذكي ًا وليس بميتة ثم قال سبحانه:
{[} المائالدة ،]3:والنقب يف آهلتهم املنتقبة التلي كلانوا يلذبحون هللا
وعىل اسمها ،ومعنى قوله عىل النقب فإنام هو للنقب فحرم اهلل سبحانه ما ذبح هلا وعىل
اسمها ،ثم قال جل جالله عن أن حيويه قول أو يناله { :
[} المائدة،]103:
وذلك أن قيص بن كالب أول من بحر وسيب ووصل ومحى ثم اتبعه علىل ذللك قلريش
ومن كان عىل دينها من العرب ،وكانوا جيعلون ذلك نذر ًا ويزعمون أن اهلل سبحانه حكم
به حك ًام فتكذب اهلل سبحانه يف ذلك قوهلم وقلول إخلوارم املللربة اللذين نسلبوا إىل اهلل
عليهم بكل معقية وأدخلهم يف كلل فاحشلة فقلال: سبحانه كل عظيمة وقالوا :إنه ق
{ ،} فنفى أن يكون جعل ذلك فليهم أو
ق سبحانه به عليهم إكذاب ًا منه ملن رماه بفعله ونسب إليه سيأات صنعه ،فنفى سلبحانه
به عليهم ونسبه إليهم فقال { : أن يكون جعل ذلك فيهم أو ق
[} المائدة ،]103:والبحرية التي كانوا جعلوها فهي الناقة
من اإلبل كانت إذا ولدت مخسة أبطن فنتلت افامس سقب ًا وهلو اللذكر نحلروه لللذين
يقومون عىل آهلتهم وإن كانت أنثى استبقوها وغذوها وكموا أذرا وسموها بحرية ،فال
جتوق هلم بعد ذلك يف دية وال حيلبون هلا لبن ًا وال جيزون وبر ًا إال أن حيلبوا لبنهلا إن خلافوا
عىل رضعها يف البطحاء وإن جزوها جزوها يف يوم ريح عاصف يذرون وبرها يف الريا،،
وال حيملون عىل ظهرها وخيلون سبيلها تذهب حيث شاءت ،وإن ماتت اشً يف حلمها
النساء والرجال فتكلوه.
وأما السائبة فهي من اإلبل كان الرجل منهم إذا مرض فشفي أو سافر فلتدى أو سلتل
شيأ ًا فتعطي سيب من إبله ما أراد أن يسيبه شكر ًا هلل ويسميها سائبة وخيليها تذهب حيث
-104-
.شاءت مثل البحرية وال متنع من كو وال حوض ماء وال مرعى عندهم
فهي من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة مخسة أبطن فكان افلامس جلدي ًا:وأما الوصيلة
وإن ولدت عناق ًا وجدي ًا تركوا، وإن ولدت عناقني استحبومها،ذبحوه أو جديني ذبوحهام
وأما األم فملن علرض الغلنم،اجلدي من أجلها وقالوا قد وصلته أخته فال يذبح ألجلها
يكون لبنها وحلمها بني الرجال دون النساء فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها واشًكوا
.فيها
وأما احلام فهو الفحل من اإلبل كان إذا مرت عليه عرش سنني ورضب ولد ولده يف
هذا قد محى ظهره فيًكونه ملا نت ويسمونه حامي ًا وخيلون سبيله فال يمنع:اإلبل قالوا
فهذه الثالثة،أينام ذهب ويكون مثل البحرية والسائبة فال جيوق يف دية وال حيمل عليه محل
{ : ثم قال سبحانه،من األنعام التي حرمت ظهورها
{ : فقال اهلل سبحانه، نحن نشهد: فقالوا،]150:}[األنعام
{ : ثم قال سبحانه إخبار ًا منه بام حرم عليهم فقال،]150:}[األنعام
-105-
وأما قوله } { :فإنه يقول :إنه رجس حمرم ،وأما فسق أهل لغلري اهلل بله
فالفسق هو املعقية واجلرأة عىل اهلل تعاىل بالذبح لغري اهلل.
وأما قوله[} { :األنعالام ،]145:يريد غري باغ يف فعله وال علاد
مقدم عىل املعقية يف أكله وال متعد يف ذلك ألمر ربه ولكن من اضطر إىل ذلك فلائز لله
أن يتكل منه إذا خيش عىل نفسه التلف من اجلوع فيتكل منه ما يقيم نفسه ويثبلت يف بدنله
روحه حتى جيد يف أمره فسحة ،ذكر هذه اجلملة بتفسريها اهلادي إىل احلق يف كتاب (جامع
األحكام) ثم قال :كل ما أحل اهلل للمسلمني فبني يف كتاب اهلل رب العلاملني ،وملا حرمله
عليهم فقد بينه يف كتابه ليهلك من هلك عن بينة وحييى من حيى عن بينة وإن اهلل لسلميع
عليم.
وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لعدي بن حاتم(( :إذا أرسلت كلبلك
وسميت فكل)) إىل غري ذلك من األخبار.
وأما اإلمجاع فمنعقد عىل جواقه.
-106-
باب أنواع الصيد
قال اهلل تعاىل { :
[} المائدة ،]96:قال تعاىل[} { :المائدة ،]2:أي إذا خرجتم
من إحرامكم فقد حل لكم القيد ،وقال تعاىل[} { :المائالدة،]1:
دلت هذه اآليات عىل أن القيد عىل رضبني :صيد البحر وصيد الرب.
أما صيد البحر فإنه حالل للحالل واملحرم وهلو معللوم ملن اللدين رضورة والليلل
والنهار سواء يف إباحة االصطياد منه ،ويدل عليله قولله تعلاىل} { :
فتطلق ومل يفقل بني الليل والنهار ،فدل ذلك عىل جواقه.
وأما صيد الرب فإنه مبا ،للحالل حمرم عىل املحرم إال صيد احلرمني مكة واملدينلة فإنله
حمرم عىل كل أحد ،وقد دللنا عىل جواق صيد الرب للحالل دون املحرم ملا تقدم وهو معلوم
من الدين رضورة.
وأما الذي يدل عىل حتريم صيد مكة واملدينة فيدل عىل ذلك (خرب) وهلو قلول النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل تعاىل حرم مكة إىل يوم القيامة فال خيتىل خالها وال ينفر
صيدها)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :مكة حرم اهلل واملدينة حرمي)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل حرم مكة ما بني البتيها)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املدينة حرام ال ينفر صيدها ،وال خيتىل
خالها ،وال يقطع شلرها)).
(خرب) وروى جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن إبراهيم حرم بيت
اهلل وأمنه ،وأنا حرمت املدينة ما بني البتيها ال يقطع عضاها ،وال يقطاد صيدها)).
-107-
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املدينة حرام من عري إىل ثلور)) ومهلا
جبالن.
(خرب) وعن أنس بن مالك أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أطلع علىل أحلد فقلال:
(( هذا جبل حيبنا ونحبه ،اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإين أحلرم املدينلة ملا بلني البتيهلا))
دل افربان عىل أنه ال جيوق اصطيادها يف أوكارها فإن فعل ذلك فاعل فال خالف يف جواق
أكلها بعد ذلك ،وإن كان آث ًام يف أخذها من أوكارها وقلد دخلل يف ذللك صليد الغلدران
واألرار والسواقي فإنه ال خالف يف جواق أخذه واصطياده.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال (( :أحللت لكلم ميتتلان ودملان
فامليتتان احلوت واجلراد ،والدمان الكبد والطحال)) دل ذلك عىل جواق أكل ما هذه حاله،
وعىل جواق أكل اجلراد واحلوت عىل أي حال وجدا عليه سواء كانت بسبب ملن القلائد
أم ال غري أنه قد ورد النهي عن أكل الطايف من احلوت عىل ما نبينه ،وأما اجلراد فهلو علىل
حاله جيوق أكله عىل كل حال.
(خرب) وعن جعفر القادق قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لعليل عليله
-108-
السالم(( :يا عيل كل من البيض ما اختلف طرفاه وكل من الطري ملا دف واتلر منهلا ملا
صف ،وكل من السمو ما كان هلا قشور)) قوله ((وكل ما دف)) -بالدال معلمة بواحدة
من أسفل وبالفاء -ومعناه ما حر جناحيه عند الطريان كاحلامم ونحوه فكله ،وما صلف
منها عند الطريان ومعناه مل حير جناحيله عنلد الطلريان فلال تتكلله كالنسلور والقلقور
ونحومها ،وأما البيض فإن كان مما يؤكل حلمه اختلف طرفاه فلاق أكلله وإذا كلان مملا ال
يؤكل حلمه استوى طرفاه فلم جيز أكله ،وافرب يدل عىل ما قلناه ،وافرب يدل علىل جلواق
أكل السمك التي هلا قشور.
-109-
باب ما يقع به االصطياد
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال أليب ثعلبة افشني(( :ما رد عليلك
قوسك وكلبك املعلم فكله)).
(خرب) وعن عدي بن حاتم قال :ستلت النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن صليد
الباقي؟ فقال(( :إذا أمسك عليك فكله)).
اعلم أن ما يقطاد به شيأان :حيلوان وغلري حيلوان ،فلاحليوان هلي اجللوار ،وهلي
رضبان:
أحدمها :ما يكون من ذوات األنياب كالكلب والفهد.
والثاين :ما يكون من ذوات املخالب كالققر والباقي والشاهني ،وغري احليلوان هلي
آالت الرمي وهي رضبان:
أحدمها :ما خيرق القيد ويدميه كالسهم ونحوه.
والثاين :ما ال خيرقه وال يدميه كاملعراض ونحوه ،وسندل عىل ذلك فيام بعد إن شاء اهلل
تعاىل.
-110-
باب صيد الجوارح
القيد معروف واجلوار ،معروفة وهي جوار ،اإلنسان التي يكتسلب هبلا وجلوار،
السباع والطري التي تقيد ،أما صيد ذوات األنياب فهي رضبان :معلمة وغري معلمة.
أما املعلمة فحد التعليم أن يغرى فيققلد ويزجلر فيقعلد فيلتمتر يف إقبالله ويف إدبلاره
وققده وانزجاره قلال اهلل تعلاىل } { :إىل قولله { :
[} المائدة.]4:
وروى قيد بن عيل ،عن عيل عليهم السالم أن رجاالً من طلي سلتلوا النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم عن صيد الكالب واجلوار ،وما أحل هلم من ذلك وملا حلرم علليهم؟
فلللتنزل اهلل تعلللاىل { :
ذلك جلواق صليد [}المائالدة ]4:اآلية ،ومل يفقل تعاىل بني هبيم وغري هبيم ،فاقت
الكلب املعلم سواء كان هبي ًام أو غري هبيم ،وعن أيب ثعلبة افشني أن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم قال(( :إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم اهلل عليه فكل)) قال :فقللت :وإن
قتل؟ قال(( :وإن قتل)).
(خرب) وعن أيب ثعلبة افشني قال :قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :إذا
أرسلت كلبك وذكرت اسم اهلل عليه فكل وإن كان أكل منه وكل ما ردت عليك يد )).
(خرب) وروي أن أعرابي ًا يقال له أبا ثعلبة قال :يا رسول اهلل ،إن َّ كالب ًا مكلبة فلافتني
يف صيدها؟ فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن كانت لك كالب مكلبة فكل ما أمسكن
عليك)) قلت :ذكي وغري ذكي؟ قال(( :نعم وإن أكلت منه)).
(خرب) وعن سلامن الفاريس رمحه اهلل قال :ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم
عن القيد يدر وقد أكل الكلب منه؟ فقال(( :كله وإن مل تدر إال نقفه)).
-111-
وعن سلامن الفاريس قال :ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن ذللك؟
فقال(( :كله وإن مل تدر إال نقفه)) دلت هذه األخبار عىل كو مجة يف جواق أكلل ملا
أدركه املرسل وقد أكل منه الكلب أو الفهد منها أن يكون الكلب والفهلد مرسل ً
ال وهللذا
قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إذا أرسللت كلبلك)) فلدل علىل أن اإلرسلال
مشً ،وبه قال أمري املؤمنني عليه السالم وسلامن الفاريس ،وابن عملر ،وسلعد بلن أيب
،وإليه ذهب الباقر حممد بن عيل ،ومنهلا أن يكلون املرسلل مسلل ًام؛ ألن السلائلني وقا
الذين ستلوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم هلم ملن املسللمني ،ومنهلا أن يسلمي
املرسل عند اإلرسال هلذا ،قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :وذكلرت اسلم اهلل
عليه)) وهو قول من ذكرناه أوالً إال أن يً التسمية ناسي ًا أو جاه ً
ال فإنه حيل أكله.
(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :رفع علن أمتلي افطلت والنسليان وملا
استكرهوا عليه)) ومنها أن يكون الكلب معل ًام ،ويف حكمه الفهد إذا قبل التعلليم بدالللة
قوللللللله تعللللللاىل } { :إىل قوللللللله { :
[}المائدة ،]4:فإنه مل يفقل بني الكلب وال بني الفهد ،وملا قاله أبو ثعلبة :إن َّ كالب ًا
مكلبة ،فتفتاه بلواق أكلها وإن أكلت منها اجلوار ،فتبلا ،تعلاىل صليد اجللوار ،برشل
به ما قبله من الكالب والفهود ،ومنها أن خيرقه التكليب ،والتكليب :هو تعليم ةقو
الكلب أو الفهد فإن قتله بتن يقدمه أو بتن يقع عليه بثقله أو بتن يمنعه نفسه مل حيل أكله.
(خرب) وروي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما أرر الدم وسميت
فكل)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ما أصبت بحده فكل وما أصبت يف عرضه فلال
تتكل فهو وقيذ)) وألنه لو رماه فامت من رميله ومل يدمله مل جيلز أكلله فكلذلك إذا أرسلل
الكلب وقتله من غري أن جيرحه ،واملعنى أن كل واحد منهام آلة لالصطياد هذا هو الكالم
فيام اصطاده ذوات األنياب من الكالب والفهود املعلمة ،فتما غري املعلملة منهلا فحكمله
حكم ما اصطادته ذوات املخاليب الباقي والققر والشاهني ونحوها من جوار ،الطلري،
فإن ما هذا حاله فإن وجده صاحبه حي ًا انتفع به ،وما قتلته هذه اجلوار ،مل حيل أكله ،وبله
-112-
قال ابن عمر وطاؤوس هذا هو قول القاسم ،وحييى ،والقادق ،وجعفر بن حممد البلاقر،
وقد روي ذلك عن قيد بن عيل عليهام السالم.
وروي عن قيد بن عيل أيض ًا رواية أخرى وهو أنه جيوق أكل ملا قتلتله هلذه اجللوار،
وهي جوار ،الطري ،وكذلك ما صادته ذوات األنياب غري املعلملة فقتلتله ،وجله القلول
األول قول اهلل تعاىل } { :إىل قوله تعاىل } { :فدل الظاهر علىل أن
املبا ،لنا من احليوان ما ذكيناه وما قتله الطري فلم يذكه فال جيلوق لنلا أن نتكلله؛ ألن قولله
تعاىل[} { :المائالدة ،]4:فتبا ،صيد اجلوار ،برشل التكليلب
؛ ألن ذوات املخالب ال تقبل التعليم بل تقطاد يف حال جوعها وال وهو تعليم ةقو
ررج عىل القيد إال وهي جائعة ،وإذا شبعت فإرا ال تتحر وال تنبعث فلم جيز أكل ملا
قتلته ،وألن ما يقبل التعليم من ذوات األنياب ربام حيتاج عند أهل هذه القناعات إىل أن
يرضب عند التعليم ،وذلك ال يمكن يف الطري فلم حيل أكل ما قتلته ،وكذلك حكم ماقتله
الكلب غري املعلم نحو كلب الرضع والزرع وكذلك حكم الفهد غري املعلم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لعلدي بلن حلاتم(( :إذا أرسللت
كلبك املعلم فام أخذه وقتله فكله)) فلعل اإلرسال كطل ًا يف جلواق األكلل ،دل علىل أن
الكلب املعلم إذا اسًسل عىل القيد فتخذه وقتله مل حيل أكله وبه قال مجهور العلامء.
(خرب) وروي عن عدي بن حاتم قال :قلت :يا رسول اهلل إنا أهل صيد يرملي أحلدنا
القيد فيغيب الليلتني والثالث ونتبعه فنللد فيله سلهمنا ،قلال(( :إذا وجلدت سلهمك
وعلمت أنك قتلته فكل)) دل ذلك عىل أنه إذا أرسل كلبله فعضله أو رملاه بسلهم فتثبتله
فتصاب املقتل وأفلت القيد والكلب وتواريا عنه ثم وجده وعلم أن كلبه أو سهمه قتلله
ومل ير جراح ًا أخرى حل أكله سواء كان يف طلبه أو مل يكن واالعتبار بلتن يعللم بتنله قلد
أصاب املقتل؛ ألن غريه ال يقح أن يعلمه فيلب أن حيمل كالم النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم عىل ذلك.
(خرب) وروى قيد بن عيل عن آبائه عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال مللن
-113-
ستله عن ذلك(( :ما أسميت فكل وما أنميت فال تتكل)) وفرسه قيد بن عيل بتن األسامء ما
كان بعينك ،واإلنامء ما غاب عنك فلعل غري سهمك أعلان علىل قتلله ،فلاملراد بله ملن مل
ٍ
فحينأذ ال جيوق أكله كام تقدم. يشاهد سهمه أصاب القيد أو مل ير كلبه جرحه
-114-
باب الصيد بالرمي
فكلله)) (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ملا ردت عليلك يلد
وروي ((ما ردت عليك قوسك فكل)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما أرر الدم وذكر اسم اهلل عليه
فكله)) دلت هذه األخبار عىل أن من رمى القيد بام ينغرس فيه وخيرقله ويدميله وسلمى
الرامي حني رمى فقتل القيد حل أكله سه ًام كان أو غلريه ممايعملل عملل السلهم وهلذا
إمجاع.
(خرب) ويف حديث عدي بن حا تم قال :قلت :يا رسول اهلل إنا نرمي باملعراض؟ فقال:
((ما خرق فكله وما أصاب بعرضه فال تتكله فإنه وقيذ)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ماأصبت بحده فكل وما أصبت
بعرضه فال تتكله)) دل ذلك عىل أن ما مات من وقع السهم مل حيل أكله وكذلك إذا أدملاه
من غري أن خيرقه ،واملعراض سهم طويل له أربع قذذ دقاق ،وقيل :هو سهم ال ريلش لله
يم ي عرض ًا ويقيب عرض ًا فتما إن أصاب طوالً وخرق جاق أكله والبياذق -بالقاف:-
محل شلرة واحدهتا بيذقة.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ما ردت عليك يد فكل)) وروي((ما ردت
عليك قوسك فكل)) دل عىل أن من رمى طري ًا بسهم فتصابه يف املقتل ووقع علىل األرض
جاق أكله.
(خرب) وعن عدي بن حاتم قال :قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :إذا
وقعت رميتك يف املاء يف تتكل)) دل عىل أنه إذا رماه فوقع يف املاء ومل يقلب مقتلله اللذي
يقطع عىل أنه ال يعيش معه مل حيل أكله ،فتما إذا أصاب مقتله وعلم أنه لو مل يسقط يف املاء
-115-
ملات من الرمية ال حمالة جاق أكله.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه مر بظبي حاقف فهم أصلحابه بتخلذه
فقال(( :ال تتخذوه حتى جييء صاحبه)) دل عىل أنه ملك مللن رملاه فتثخنله بلالرمي؛ ألن
احلاقف هو املثخن باجلراج.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مر بالروحاء وإذا هلو بحلامر وحلش
عقري فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :دعوه حتى جييء صاحبه)) فلاء رجل فقال:
يا رسول اهلل هذه رميتي فشتنكم هبا أو قال :فشتنكم فيها ،فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم أبا بكر أن يقسم حلمه بني الرفقاء ،أو قال :بلني الرفلاق ،ويف روايلة أقسلمه يعنلي
حلمها ،فدل ذلك عىل أنه قد وقع به امللك للرامي.
-116-
باب صيد الماء
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أحل لكم ميتتان ودمان فامليتتان
السمك واجلراد)) دل ذلك عىل أنه جيوق أكلهام عىل أي وجه وجدا من موت أو حياة.
(خرب) وعن جابر قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ما اصطدمتوه حيل ًا
فامت فكلوه ،وما وجدمتوه طافي ًا فال تتكلوه)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما ألقى البحر أو جزر عنه فكله ،وما
وجدته طافي ًا فال تتكله)) اجلزر-باجليم ثم الزاي ساكنة ثم الراء واجليم مفتوحة :-نقيض
املد ،يقال :جزر النهر إذا قل ماؤه ،ويف احلديث(( :ما ألقى النهر أو جزر عنله فكلل)) دل
عىل أن ما وجد طافي ًا عىل املاء ومل يكن موته بسبب من القائد مل حيل أكله ،فتملا إذا أخلذ
السمك من املاء وهو حي أو كان موته بسبب من القائد فإنه حيل أكلله ،هلذا هلو قلول
القاسم ،واهلادي ،والنارص للحق ،وهو قول سائر أئمتنا عليهم السالم ،وهو املروي علن
أمري املؤمنني عيل عليه السلالم قلال اهلل تعلاىل { :
[}المائالدة ،]96:ومل يفقل بني صائد وصلائد ،دل علىل جلواق أكلل ملا اصلطاده
املرشكون من السمك وجيب أن يغسل من مس أيدهيم وهو قول مجاهري العلامء من السادة
والفقهاء غري النارص للحق فإنله ذهلب إىل أن ذللك ال جيلوق ويلرى ذللك ذكلاة ملنهم،
والقحيح أنه ال ذكاة عىل التحقيق فرياعى حال املذكى بداللة أنه ال خالف أن ملا قذفله
البحر حي ًا فامت جاق أكله؛ وألن الذكاة هي قطع احللقوم وفري األوداج وهذا غري معترب
يف احليتان ،فثبت أرا ال تذكى.
(خرب) وعن ابن عباس أنه كان ال يرى بقيد امللوس بتس ًا.
وقلنا :جيب غسله من مس أيدهيم فهذا هو مذهب من يرى نلاستهم من العلامء ،فتما
من ال يرى هبا بتس ًا فال جيب الغسل عندهم ،وما قيل :إنه روي عن عيل عليه السالم ملن
-117-
كراهة صيد الكفار فقد ذكر أبو طالب ريض اهلل عنه أن هذه الروايلة مل تقلح عنلد حييلى
عليه السالم.
-118-
باب الذبائح
قللال اهلل تعللاىل } { :إىل قوللله[} { :المائالالدة ،]3:دل
ذلك عىل أن ما مل يذكه املسلم فهو حرام ،فعىل هذا ال جتوق ذبيحة الكافر أي كفر كان.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا أررت الدم وفريت األوداج
فكل)) واألوداج :عبارة عن احللقوم واملريء والودجني ،دل عىل أن فري مجيعها واجلب
عند التذكية ،وألنه ال خالف يف أن الذبح هو الذي إذا فعل باملذبو ،مل يبلق معله حيل ًا إال
مدة يسرية قدر اضطراب املذبو ،وذللك ال يكلون إال بعلد قطلع هلذه األربعلة ،وذكلر
األخوان ريض اهلل عنهام أنه إن بقي منها أو من كل واحد منها يشء يسري مل يقطلع فلذلك
مما ال جيب أن تعتد به؛ ألن الذبح يتم من دون قطع ذلك القدر.
قاال ريض اهلل عنهام :وجيوق عىل مذهبه أن يضع السكني يف وسط احلللق أو أسلفله أو
أعاله ،وظاهر افرب الذي روينلاه يلدل علىل ذللك؛ ألنله مل يشلً ملن احللق موضلع ًا
ةقوصلللللل ًا ،قللللللال اهلل تعللللللاىل { :
[}األنعالام ، ]121:وهذا ري عام عن أكل كل ما مل يذكر اسم اهلل عليه ،وقولله تعلاىل:
{[} المائالدة ،]4:ومجيع ما ذكرنلاه ملن األخبلار
األوىل يف التسمية تدل عىل اعتبارها يف الذبيحة ،وهلو قلول القاسلم واهللادي وأتبلاعهام
عليهم السالم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع عن أمتي افطلت والنسليان
ال جاق أكلل ذبيحتلهوما استكرهوا عليه)) دل ذلك عىل أن من تر التسمية ناسي ًا أو جاه ً
ودل قوله تعاىل } { :عىل جواق أكل ذبيحة املرأة املسللمة؛ ألنله علام حائضل ًا
كانت أو نفساء أو طاهر ًا؛ ألن اآلية مل تفقل.
(خرب) وروي عن نافع ،عن ابن عمر أن جارية آلل كعب كانت ترعى الغنم فخشيت
-119-
عىل شاة أن متوت فذبحتها باملروة فسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم علن ذللك فلامر
بتكلها ،دل ذلك عىل أحكام كعية منها جواق أكل ذبيحلة امللرأة ،ومنهلا أنله جيلوق وإن
كانت حائض ًا؛ ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يستل عن كورا عىل طهارة من احليض وال
من النفاس ولو كان كط ًا لذكره ،ومنها جواق اللذبح بلاملروة إذا فلرت األوداج ،ومنهلا
جواق ذبيحة الغاصب؛ ألن اجلارية مل تذبح بإذن من أهلها ودل قوله صىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :ما أرر الدم وفرى األوداج فكل)) دل عىل جواق أكل ذبيحة امللنون والسلكران
لعمومه ،وعىل جواق أكل ذبيحة القبي إذا قوي عىل فري األوداج وأرر الدم ،وإنام قلنا:
يكون مسل ًام لقوله تعاىل } { :فدل عىل أن ذكاة غري املسلمني مل جتز.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :كلل موللود يوللد عليلالفطرة
فتبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :إذا أسلم األب جر الولد إىل اإلسالم فمن أدر
من ولده ُدعي إىل اإلسالم فإن أبى قتل ،دل ذلك عىل أن حكم الكفر باألبوين مجيع ًا فلإذا
كان أحدمها مسل ًام أهيام كان وجب أن يكون القبي مسل ًام ،وقول اهلل تعاىل { :
[} الطور ،]21:فإذا كان أحلد األبلوين مسلل ًام كلان
القبي مسل ًام؛ ألن اإلسالم يعلو وال يعىل هكذا قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وإذا
كان األبوان مسلمني فهو من ذريتهام ،وجاق أكل ذبيحته.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم ستله رجل عن من حاربه فقال له :يا أمري امللؤمنني
أرأيت قومنا أمرشكون هم يعني أهل القبلة؟ فقال :ال واهلل ما هم بمرشلكني وللو كلانوا
مرشكني ما حلت لنا مناكحتهم وال ذبائحهم وال موارثتهم ،ولكلنهم كفلروا باألحكلام،
كفروا بالنعم واألعامل ،وكفر النعم غري كفر الرش ،فدل ذلك عىل جواق أكل ذبيحة من
مل يبل بمعقيته الرش ؛ وألنه من أهل امللة فلاق أكل ذبيحته ،وألن من جاقت مناكحته
جاق أكل ذبيحته دليله من ليس بفاسق.
قال األخوان :وقد دل قول القاسم واهلادي عىل جواق أكل ذبيحة الفاسق؛ ألرام نقا
-120-
عىل أن من حلت مناكحته حل أكل ذبيحته قاال :ومن أصحابنا من ذهلب إىل أن ذبيحلة
الفاسق ال جيوق أكلها ،قاال :وهذا بعيد من جهة املذهب؛ ألن القاسم وحييى عليها السالم
كالمهام ظاهر يف اعتبار امللة والتسمية يف الذكاة فقط.
قاال ريض اهلل عنهام :وقول حييلى عليله السلالم يف ملن يق شلاة فلذبحها وأذن لله
صاحبها يف أكلها جاق أكلها يدل عىل إجاقة ذبيحة الفاسق ،وقد نص حييى عليله السلالم
عىل جواق أكل ذبيحة العبد اآلبق واألغلف إذا تر افتان مترد ًا ال استحالالً.
قال األخوان :وغاية حال معقيتهام أن يكون فسق ًا وال يبل الكفر والفسلق ال خيلرج
الفاسق من امللة فلهذا يرث ويورث وتقح مناكحته فلاق أكل ذبيحته؛ ألنه من أهل امللة
ومن جتري عليه أحكام اإلسالم وجتزي له ،وألن الفاسلق إذا صلحت صلالته وصليامه
وحله ونكاحه فذبيتحه أجوق كالرب التقي.
(خرب) وروي عن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن عيل عليه السالم أن راعي ًا ستل النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم فقال :إين كنت أرعى غنم أهيل فتكون العارضلة أخلاف أن تفلوتني
بنفسها أفتذبح بسني؟ قال(( :ال)) .قال :أفتذبح بظفري؟ قال(( :ال)) .قال :فبالعظم؟ قال:
((ال)) .قال :فبالعود؟ قال(( :ال)) .قال :فبم يلا رسلول اهلل؟ قلال(( :بلاملروة وبلاحللرين
ترضب أحدمها عىل اآلخر فإن فرى فكل وإن مل يفر فال تتكل)) وخرب رافع عن النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم أنه قال :إنا نقيد وليس معنا مدى أفنذبح بالليطة ،والليطلة-بكرسل
الالم :قرشة الققب والقنا؟ قال(( :ما أرر الدم وذكر اسم اهلل عليه فكلوه إال ما كان ملن
ظفر أو سن)) وذكر أن الظفر مدى احلبشة ،دل ذلك عىل أنه ال جيوق الذبح بالشلظاظ وال
بالظفر وال بالعظم وال بالسن.
(خرب) قال النارص للحق عليه السالم :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم علن
الذبح بالشظاظ ،والظفر ،ورخص باملروة إذا فرى األوداج ،دل ذللك علىل أنله ال جيلوق
الذبح بالشلظاظ وال بلالظفر ،وعلىل أنله جيلوق اللذبح بلاملروة إذا فلرى األوداج ،قلال:
والشظاظ مثل الوتد وأنشد:
-121-
وهات وسق الناقلة املطبعللة هات الشظاظني وهات املربعلة
والشظاظ :إحدى فلق العقا ،يقال :تشظت العقلا إذا انفلقلت ،واملربعلة :افشلبة
جتعل حتت احلمل فتؤخذ بني اثنني فتوضع عىل البعري ،ودل قول النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم(( :إذا أرر الدم وفرى األوداج فكل)) عىل أن من ذبح شيأ ًا فتبان رأسه حل أكله.
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم يف رجل ذبلح شلاة
أو طري ًا أو نحو ذلك فتبان رأسه قال :ال بتس بذلك.
وعن ابن عمر أنه قال يف بطة قطع رأسها قال :تؤكل وال ةالف هلام يف القلحابة ،دل
ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ذبح يوم النحر كبشني أقرنني أملحني
فلام وجههام قال(( :وجهت وجهي -إىل قوله -وأنا من املسللمني)) ثلم قلال بعلد ذللك:
((اللهم منك وإليك فتقبل)) ثم قال(( :اهلل وأكرب وسمى وذبح)) دل ذلك علىل اسلتحباب
استقبال القبلة بالذبيحة ،وال أعلم فيه خالف ًا بني أهل البيت عليهم السالم فتما من تعمد
اإلنحراف عن القبلة معتقد ًا يف غري قبلة املسلمني أرا هي القبلة فيتوجه إليها ثم يذبح فإن
ذبيحته ال تؤكل؛ ألن ذلك يوجب الكفر وكذلك إذا تعمد االنحراف عنها استخفاف ًا هبلا
وبام عظم اهلل تعاىل من أمرها كان ذلك كفر ًا فال جيوق أكل ذبيحته.
(خرب) وهو ما قدمناه أوالً وهو أن راعي ًا ستل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
فقال :إين أرعى غن ًام ألهيل فتكون العارضة فتخاف أن تفلوتني بنفسلها أفلتذبح بلاملروة؟
فقال(( :إذا فريت فكل)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده أن راعي ًا وصلل إىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم فقال :يا رسول اهلل أذبح بعظم؟ قال(( :ال)) قلال :أفلتذبح بشلظاظ؟ قلال(( :ال)).
قال :أذبح إن خشيت أن تفوتني بنفسها بظفري؟ فقال(( :ال ،ولكن عليك باملروة فلاذبح
هبا فإن فرت فكل وإال فال تتكل)) دل ذلك عىل أن من ذبلح هبيملة مريضلة أو مًديلة أو
-122-
نطيحة فتحر منها بعد الذبح ذنب أو رأس أو عضو من أعضائها او طرفت بعينيها حلل
أكلها ،وإن مل يتحر منها يشء بعد ذبحها مل حيل أكلها ،نص عليه حييلى عليله السلالم يف
(املنتخب) ألن الراعي قال :أخاف أن تفوتني بنفسها ،فدل عىل أنله ذبحهلا يف حلال قلد
خيش أال تعيش عندها وخالف يف ذلك النارص للحق فقال :إذا انتهت إىل حالة خيلاف أن
تكيد بنفسها ال أرى أكلها.
فصل
قال اهلل تعاىل ،} { :فدل ذلك عىل أن اجلنني إذا خرج من بطن أمه
وهو ميت مل حيل أكله؛ ألنه ميتة ،وإن خرج حي ًا وذكي جاق أكلله ،وبله قلال عللامء أهلل
البيت عليهم السالم سوى قيد بن عيل فإنه ذهب إىل أنه إن تم خلقله وأشلعر حلل أكلله
وكانت ذكاة أمه ذكاة له ،وإن مل يتم خلقه مل يؤكل ،فإن قيل :روي عن النبي صىل اهلل عليه
وآله وسلم أنه قال يف اجلنني(( :ذكاته ذكاة أمه)) قلنا :حيتمل أن يكون امللراد بله أن ذكاتله
كذكاة أمه كقوله تعلاىل[} { :آل ومالرا ،]133::وكلام قلال
الشاعر:
ولكن مل َء الكشح من مي أمللح فعينا عيناها وجيد جيدهلا
وكام يقول القائل لغريه :مذهبي مذهبك واعتقادي اعتقلاد ،فلإن قيلل :روي علن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ذكاة اجلنني ذكاة امه إذا أشعر)) وكذلك ما روي
عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األجنة(( :ذكاهتلا ذكلاة أمهلا إذا أشلعرت))
فاجلواب أن معنامها ما ذكرناه أوالً ،فتما ذكر الشعر فيحتمل أن يكون السائل سلتله علن
جنني قد أشعر فتجابه عىل حسب سؤاله.
(خرب) وروى نافع قال :قسم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مغن ًام للذي احلليفلة
فند بعري فتبعه رجل من املسلمني فرضبه بسيف أو طعنه برمح فقتله فقال رسول اهلل صىل
-123-
اهلل عليه وآله وسلم(( :إن هلذه اإلبل أوابد كتوابد الوحش فام ند منها فاصنعوا به هكلذا))
ويف حديث آخر ((إن هلذه البهائم أوابد كتوابد الوحش)) األوابد-بالباء معلملة بواحلدة
من أسفل والدال معلمة بواحدة من أسفل :-وهي التي قد تتبدت أي توحشت ونفرت
من اإلنس ،قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ند)) هو -بالنون والدال معلمة من أسلفل
بواحدة -يقال :ند البعري ند ًا ونداد ًا وندود ًا إذا نفر وذهب عىل وجهه ،والداللة من افلرب
من وجهني:
أحدمها :أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أخرب بتنه رضب بسيف أو طعن بلرمح ومل
يذكر املنحر فتبا ،أكله ومل ينكر ذلك.
والثاين :أنه يشبه القيد فقال(( :إذا ند فاصنعوا به هكذا)) فتمر بتن جيري ما ند جملرى
الوحش يف تذكيته عىل هذا الوجه.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السلالم يف ناقلة أو بقلرة
ندت فرضبت بالسال ،قال :ال بتس بلحمها.
وعن ابن عباس :ما أعلز من البهائم فهو كالقيد يرمى ويؤكل ،وروي نحوه علن
ابن مسعود ومل حيك خالفه عن أحد من القحابة.
قال القايض قيد :فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة ،فلدل ذللك علىل أنله إذا امتنلع
اجلزور ونحوه من احليوان الذي يذكى ومل يقدر صاحبه عىل أخذه فرماه بسلهم أو رضبله
بسيف أو طعنه برمح فتدماه وعقره حتى قتله وسمي حني فعل ذلك جلاق أكلله وتكلون
هذه األخبار خاصة يف املمتنع من البهائم لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :اللذكاة
يف احللق ويف اللبة)) فإن فعل ذلك مترد ًا من غري رضورة وعدل عن النحر والذبح مل تؤكل
ذبيحته هلذا افرب ،وألنه ال خالف يف أن موضع التذكية مع اإلمكان هو احللق واللبة ،قال
اهلل تعاىل[} { :المائدة ،]3:دل ذلك عىل حتريم ما أكله السبع إال
ذلك أن السبع إذا عدا عىل البقرة أو الشاة أو نحومها فنثر منهلا ما ذكاه املسلمون فاقت
-124-
ققب ًا أو كرش ًا ثم ذكيت وهبا رمق جاق أكلها وأكل ما نثر منها إذا مل يبنه السبع.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما قطع من حي فهو ميت)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما أبني من حي فهو ميلت)) دل
ذلك عىل أن ما أبان السبع منها وهي حية مل جيز أكله نحو أن يقطع كرش ًا فيبينها أو عضو ًا
فيقطعه فام هذا حاله ال جيوق أكله ،وهو قول الباقر حممد بن عيل قين العابدين ،وبله قلال
القاسم بن إبراهيم عليهم السالم.
-125-
باب األضاحي
(خرب) عن ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ثالثة عيل فلرض
ولكم تطوع النحر والوتر وركعتا الفلر)) يعني سنة الفلر.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األضحية(( :هلي عليل فريضلة
وعليكم سنة)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :امرت أن أضحي ومل تؤمروا)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األضحية(( :هي كتبت عليل ومل
تكتب عليكم)) دل ذلك عىل أن األضحية سنة وليست بواجبة وهو إمجاع العًة.
(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قلال:
صعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله املنرب يوم األضحى فحمد اهلل وأثنلى عليله ثلم قلال:
((ياأهيا الناس من كانت عنده سعة فليعظم شعائر اهلل ،ومن مل يكن عنده فإن اهلل ال يكلف
نفس ًا إال وسعها)) ثم نلزل فتلقلاه رجلل ملن األنقلار فقلال :يلا رسلول اهلل إين ذبحلت
أضحيتي قبل أن أخرج وأمرهتم أن يضعوها لعلك أن تكرمني بنفسلك اليلوم ،فقلال لله
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :شتنك شاة حلم فإن كان عند غريها فضح هبا)) فقلال:
ما عندي إال عناق جذعة ،فقال(( :ضح هبا أما إرا ال م
حت ُّل ألحد بعد )) ثم قال صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :ما كان من الضتن جذع ًا سمين ًا فال بتس أن يضحى بله)) وافلرب يلدل
عىل أحكام منها أن األضحية سنة غري واجبة علينا ،ومنها أن ما ذبح من الضحايا قبلل أن
ينرصف اإلمام مل جتز أضحيته.
قال حييى عليه السالم :وال جتزي إال بعد انرصاف إمامهم ثم قال :بذلك جرت السنة
وقامت عىل الناس به احللة ،ومنها أنه جيوق أكل الضحية األوىل وال حيرمها عليه ذبحه هلا
-126-
قبل وقتها وال جيب عليه بيعها لذلك قال :إرا شاة حلم ومنها أن اجلذع من املعز ال جيلزي
إال هلذا األنقاري خاصة وال جتزي لغريه ،ومنها أن اجللذع السلمني ملن الضلتن جيلزي
لوضحية.
(خرب) وعن أيب هريرة أنه قال :من را ،اجلمعة يف السلاعة األوىل فكلتنام قلرب بدنلة،
ومن را ،يف الساعة الثانية فكتنام قرب بقرة ،ومن را ،يف الساعة الثالثة فكتنام قرب شاة.
(خرب) وعن أيب هريرة قال :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :مثل
املهلر إىل القالة كمثل الذي هيدي بدنة ،ثم الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي بقلرة ،ثلم
الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي كبش ًا ،ثم الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي دجاجلة ،ثلم
الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي بيضة)) دل ذلك علىل أن أفضلل األضلحية البدنلة ،ثلم
البقرة ،ثم الشاة ،وهو الذي نقه يف (األحكام) وهو قول مجاهري العلامء ،يزيده وضلوح ًا
(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن أفضل الرقلاب فقلال(( :أغالهلا
ثمن ًا وأنفسها عند أهلها)) والبدنة أغىل ثمن ًا ثم البقرة؛ ألن البدنة أقيمت مقام عرشل شلياه
ٍ
شلياه عنلدنا وعنلدهم فوجلب أن عندنا وسبع عند املخالفني ،والبقرة أقيمت مقام سبع
تكون أفضل من شاة واحدة.
وأما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أحب الذبح إىل اهلل اجللذع
من الضتن ولو علم اهلل تعاىل منه لفدى به إسامعيل بلن إبلراهيم)) وهلو حمملول علىل أن
اجلذعة من الضتن أفضل من غريها من جنس الغلنم تنبيهل ًا علىل أن اجللذع ملن املعلز ال
جيزي.
وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله كلان إذا ضلحى اشلًى كبشلني عظيملني
سمينني أملحني أقرنني موجودين ،وقد قيل يف تفسلري قلول اهلل تعلاىل { :
-127-
مطاياكم عىل الرصا )).
(خرب) وروى اهلادي بإسناده أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ضلحى بخيصل،
دل ذلك عىل أن أفضل األضاحي أسمنها ،وأنه يستحب فيه افقيان؛ ألرا تكون أسمن
وحلمها أطيب.
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عليل عليله السلالم أنله قلال :أمرنلا
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن نسترشف العني واألذن والثني من املعز ،واجللذع
من الضتن.
وروي عنه عليه السالم أنه قال يف األضحية :صحيحة العينني واألذنني والقوائم الثني
من املعز ،واجلذع من الضتن إذا كان سمين ًا ،ال جرباء وال جذعاء وال هرمة ،واختلفوا يف
اجلذع واألوىل ما ذكره القتيبي أنه ما متت له سنة ودخل يف الثانية.
قال األخوان ريض اهلل عنهام :وهو األوىل؛ ألنه ال خالف يف أن احلمل ال يضلحى بله
وهو يسمى يف أول السنة مح ً
ال إىل أن يتم السنة ،وال خالف أنله إذا متلت لله سلنة سلمي
جذع ًا ،وقيل :ذلك ةتلف فيه ،وإذا كان احلكم تابع ًا لالسم ومعنلى االسلم ةتللف فيله
وجب أن نعترب فيه املتيقن وهو متفق عليه وقد ثبت أن ملا ذهبنلا إليله وهلو املتفلق عليله
فيلب اعتباره.
قال أبو حممد القتيبي :والثني من املعز والبقر ما متت له سنتان ودخل يف الثالثة ،والثني
من اإلبل ما متت له مخس سنني ودخل يف السادسة.
فتما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ضحوا يف اجلذع من الضتن
إذا فر له ستة أشهر)) فاملراد به إذا فر له ستة أشهر بعد كونه جذع ًا فيضحى به هذا هو
الذي ينبغي أن حيمل عليه؛ ألنا قد بينا أنه يكون مح ً
ال يف أول السنة إىل أن تتم السلنة فلإن
متت السنة سمي جذع ًا ،وتكون فائدته عىل هذا هو احلث عىل تعظليم األضلحية ،وأن ال
تقترص مع اإلمكان عىل أدنى ما يقع عليه االسم وأن جتاوق هبا حتى تبل سنة ونقف ًا.
-128-
(خرب) ويف احلديث املروي يف األضحية جيزي فيها اجلذع من الضتن ،وإنام قلال ذللك
ألنه ينزو فيلقح ،وإذا كان من املعز مل يلقح حتى يقري ثني ًا ،ووللد املعلز أول سلنة جلدي
واألنثى عناق فإذا أتى عليها احلول فالذكر تيس واألنثى عنز ثم جذع يف السنة الثانية ثلم
ثنى ثم رباع ،ويف حديث عيل عليه السلالم :أسللمت وأنلا جذعلة ،أراد وأنلا جلذع أي
حديث السن فزاد يف آخرها هاء توكيد ًا ،كلام قلالوا :سلتهم لعظليم اإلسلت ،وقرقلم يف
األقرق وهو من افيل لسنتني مكتملتني أعني اجلذع ومن اإلبل ألربع سنني.
(خرب) وروى الرباء بن عاقب عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :أربلع ال
جتزي يف الضحايا :العورا البني عورها ،والعرجاء البني عرجها ،واملريضة البني مرضلها،
والعلفاء التي ال تنقي)) يعني ما ليس هلا نقي وال سمن ،وكذلك ما يف خرب قيد بلن عليل
أمرنا أن نسشًف العني واألذن.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن عضباء القرن وعضب القلرن
ما يكون قرنه مكسور ًا وقد عضبت تعضب وأعضبتها أنا ،وأما ناقة النبي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم التي كانت تسمى العضباء فلإن هلذا االسلم كلان لقبل ًا ،وقيلل :إن العضلباء
مشقوقة األذن.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال يف األضحية :سليمة
العينني واألذنني والقوائم ال كقاء وال خرقاء ،وال مقابلة وال مدابرة ،دل ذلك عىل أنه ال
جتزي يف األضحية عوراء وال عمياء؛ ألنه إذا ثبت أن العور عيب وجب أن يكلون العلامء
عيب ًا؛ ألن العامء أنقص وأكثر عيب ًا من العور ،وال جيزي فيها جذعاء ،وال مستتصلة القرن
كرس ًا وال خالف يف أن العلوراء والعميلاء واجللدعاء ال جتلزي يف األضلحية ،واجللدعاء
مقطوعة األذن ،ودل قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :العوراء البلني عورهلا ،والعرجلاء
البني عرجها)) أن اليسري من العيوب ال يمنع من جواق التضحية فإذا كانت إذرا مقطوعة
مل جتز وإن كان قد ذهب منها الثلث أجزت وال جتزي ذاهبة اللذنب واألليلة فلإذا بلغلت
العرجاء املنحر أجزت ،قد ذكر هذا املعنى األخوان ملذهب حييى عليه السالم.
-129-
قال قيد بن عيل :الرشقاء مشقوقة األذنني.
قال قيد :واملدابرة هي ما قطع من جانب منها ،وقال غريه :ما قطع من مؤخرها.
وأما املؤيد باهلل فقال يف الرش :،وقيل :الرشقاء املوسومة ،وقيلل :املثقوبلة ،وافرقلاء
املثقوبة ،وقد قيل :املخرقة ومها متقاربان يف املعنى ،واملقابلة هي ملا قطلع ملن أذرلا ملن
املقدم ،واملدابرة هي ما قطع من أذرا من املؤخر.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كلان إذاضلحى اشلًى كبشلني
عظيمني أقرنني أملحني حتى إذا صىل وخطب الناس أتى بتحدمها فذبحه فقال(( :اللهلم
إن هذا عن أمتي مجيع ًا من شهد لك بالوحدانية وَّ بالبالغ ،ثم يؤتى باآلخر فيذبحله ثلم
يقول :اللهم هذا عن حممد وآل حممد)).
قال القايض قيد :وقد جرت السنة عن األئمة بمثله واألملح الذي فيه بياض وسلواد
وبياضه أكثر من سواده ،دل افرب عىل حكمني:
أحدمها :يف تعيني وقت األضحية وهو بعد فراغ اإلمام من القلالة ،فملن ذبلح قبلل
انرصاف اإلمام مل جتز أضحيته ،وإذا مل يكن يف الزمان إمام املسلمني فمن صىل صالة العيد
وحده ضحى بعد فراغه من القالة.
قال أبو العباس :األضحية إذا صليت صالة العيد فوقتها مرتب عىل القلالة ،فلإذا مل
يقل فوقتها من صالة الفلر يوم العيد.
قال أبو طالب يف تفسري قول أيب العباس :أن من ال يقليل يلذبح بعلد صلالة الفللر
كاملريض واملسافر ،ويدخل فيه احلائض والنفساء.
-130-
قال القايض قيد :أما املريض واملسافر يف قوله ليس عليهام صالة العيد جيب أن يكلون
مبني ًا عىل القول بتن صالة العيد من فروض الكفايات ،فتملا املؤيلد بلاهلل فقلال :إذا كلان
للمقيل إمام يقيل به مل جتز األضحية إال بعد صالة إمامه ،وإذا مل يكن إمام وكلان يقليل
وحده فيلب أن ال جتزيه إال بعد صالة نفسه حاصل مذهب حييلى عليله السلالم أن ملن
صىل فله أن يضحي بعد القالة سواء صىل مع اإلمام او وحده ،ومن ال يقيل كاحللائض
ونحوها فإنه يذبح بعد الفلر ،دليله قول اهلل تعاىل[} { :الكوثر ،]2:والواو
تقت ي الًتيب لغة وكع ًا وحك ًام واستعامالً عىل ما بيناه يف كتاب الطهارة.
(خرب) وعن الرباء بن عاقب قال :قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :أول
نسكنا يف يومنا هذا القالة ،ثم الذبح فمن ذبح قبل القالة فليعد أضحيته فإرا شاة حللم
عللها ألهله)).
ّ
(خرب) وعن األسود بن قيس قال :شهدت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم النحلر
فمر بقوم قد ذبحوا قبل القالة فقال(( :من ذبح قبل القالة فليعد)).
(خرب) وروي أن أبا بردة ذبح قبل القالة فقلال النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم:
((شاتك شاة حلم)) ّ
فدل ذلك عىل ما قلناه.
احلكم الثاين :إن الشاة الواحدة جتزي عن ثالثة إذا كانوا من أهلل بيلت واحلد ،وأملا
الزائد يف الثالثة فإمجاع منعقد عىل أرا ال جتزي عن أكثر من الثالثة ،فتملا ملا فعلله النبلي
له واألصل فيه اإلمجاع. صىل اهلل عليه وآله وسلم فإنه خا
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله
كان يطعم من أضحيته ثلث ًا ويتكل ثلث ًا ويدخر ثلث ًا.
-131-
(خرب) وروى ابن أيب ليىل ،عن عيل عليه السالم أنه قلال :أملرين رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أن أقوم عىل بدنة وأن أقسم جلودها وجالهلا وأمرين أن ال أعطي اجللاقر
منها شيأ ًا وقال :نحن نعطيه ،دل عىل أنه ال جيوق أن يعطى اجلاقر عن أجرتله جللدها وال
من حلمها وال من أصوافها وغريها.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن وقت األضحية يوم النحر ويوملان بعلده ،وبله
قال القاسم بن إبراهيم وسبطه اهلادي إىل احلق ،وهو قول النارص للحق ،وبه قال السلادة
اهلارونيون ،وقول سائر أئمة الزيدية واملتتخرين ومثله روي عن ابن عباس ،وابلن عملر،
وأنس ،وأيب هريرة ،وال ةالف هلم يف القحابة.
قال القايض قيد :فيلري جمرى اإلمجلاع يف كونله حللة؛ وألن مثلل هلذا التقلدير ال
مدخل لالجتهاد فيه فإذا أطلقه القحايب وجب أن يكون مروي ًا عن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم.
(خرب) وعن أم سلمة أرا روت أن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :إذا
دخل العرش فتراد أحدكم أن يضحي فال يمس من شعره وال برشه)).
قال بعضهم :فدل ذلك عىل أنه يكره له أن يقلم أظفاره أو حيلق شعره ،وعندنا ال يكره
ملا روت عائشة قالت :فتلت قالئد هديه صىل اهلل عليه وآلله وسللم بيلدي وقللدها بيلده
وبعث هبا مع أيب بكر ،ثم مل حيرم عليه يشء مما أحله اهلل تعاىل حتى نحر ،فتخربت أنه صىل
اهلل عليه وآله وسلم مع وجوب األضحية عليه مل حيرم شيأ ًا عليه وال شبهة يف أنه صىل اهلل
عليه وآله وسلم كان قد أراد األضحية وإذا تعارضا سقطا.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر حكيم بلن حلزام أن يشلًي لله
أضحية فلو مل ترص أضحية لكان ال جيوق أن يتمر برشاء أضلحية مطلقل ًاّ ،
دل علىل أن ملن
نوى عند كاء الشاة أنه اشًاها ليضحي هبا صارت أضحية.
-132-
باب العقيقة
قال األخوان :العقيقة مشتقة من عققت اليشء إذا مجعته ،فلام حلق شعر املولود ومجع
ليتقدق بوقنه سمي جمموع ما يفعل ألجله عقيقة وهو ما تظاهرت به األخبلار أن النبلي
دل ذلك عىل أرا قربلة صىل اهلل عليه وآله وسلم عق عن احلسن واحلسني عليهام السالمّ ،
وسنة ،قال اهلل تعلاىل[} { :األحالزاب ،]21:والقلول
بترا سنة مروي عن فاطمة عليها السالم ومثله عن عائشة ،وابن عباس ،وابن عملر ،وال
ةالف هلم يف القحابة.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سأل عن العقيقة فقلال(( :ال حيلب اهلل
العقوق)) فقيل :يا رسول اهلل إن أحدنا ينسك لولد له مولود فقال(( :من أحب أن ينسلك
عن ولده فلينسك عن الغالم شاتني وعن اجلارية شاة)) دل عىل أرلا غلري واجبلة؛ إذ للو
كانت واجبة ملا قال من أحب أن ينسك فلينسلك ،وقولله(( :ال حيلب اهلل العقلوق)) قلال
الراوي :كتنه كره هلم االسم تفاؤالً؛ ألنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم كلان حيلب الفلتل
احلسن.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن عيل عليه السالم قال :قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :كل مولود مرهتن بعقيقته فكه أبواه أو تركاه)) قيل :وما العقيقة؟ قال(( :إذا
كان يوم السابع تذبح كبش ًا فتقطع أعضاءه ثم تطبخه بامء فتقدق منه وك ُْل ،وحتلق شعره
وتقدق بوقنه ذهب ًا أو فضة)) وال يقح أن يقال :إن للولد ذنب ًا فقار مرهتن ًا بعقيقته؛ ألن
األدلة من دليل العقل والكتاب والسنة واإلمجاع متطابقة عىل أنله ال ذنلب لله وأنله غلري
مكلف ،غري أن املراد أن اهلل يدفع هبا كثري ًا من اآلفات عنه إذا وقلع التقلرب هبلا ،وعليله
حيمل ما رواه قتادة ،عن احلسن ،عن سلمرة أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال:
((الغالم مرهتن بعقيقته تذبح عنه يوم سلابعه وحيللق رأسله ويسلمى)) واسلتحب أئمتنلا
-133-
عليهم السالم أن ال يكرس عظامها تفاؤالً ،وتفقلل األعضلاء ملن املفاصلل ،ثلم جتملع
العظام ،وتدفن حتت األرض كيال متزقها السباع تفاؤالً ،وينتف ملن منحلر الشلاة ثلالث
شعرات ورضب بالزعفران وتعلق يف عنق املولود اتباع ًا لوثر عن النبلي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم يف احلسن واحلسني عليهام السالم ،وعن فاطمة أنه قال هلا رسول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :احلقي رأسه وتقدقي بوقن شعره فضة)).
(خرب) وروى القادق جعفر بن حممد البلاقر (ع) علن أبيله أن فاطملة حلقلت رأس
احلسن واحلسني يوم سابعهام وقد وقنت شعرمها فتقدقت بوقنه ذهب ًا أو فضلة ،فتملا ملا
رواه مهام بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الولد مرهتن بعقيقته تذبح
عنه يوم سابعه وحيلق ويدمى)).
قال أبو طالب :قال أبو داود :وقد وهم مهام يف قوله ويدمى ،وإنام هلو ويسلمى ،وال
ينبغي ملن عق عن ولده أن يلطخ رأسه بدم عقيقته ،فإن هذا فعل أهل الرشل ،ولكلن إن
لطخ رأسه إذا حلق بخلوق أو قعفران فال بتس ،روي ذلك كله عن أملري امللؤمنني عليله
السالم ،وروى يزيد بن عبداهلل املزين أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :يعلق
عن املولود وال يمس رأسه بدم)).
(خرب) وروي عن عائشة أن اجلاهلية كانت تتخذ صلوفة ورضلبها بلدمها وتطليل بله
رأس املولود فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعل مكانه افلوق.
-134-
-135-
كتاب األطعمة واألشربة
[}البقرة ،]136:فدل ذلك عىل جواق أكل مجيع الطيور والسباع إال ما خقه رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بالتحريم فهو كل ذي ناب من السبع وكل ذي ةلب من
الطري فقار ذلك ناسخ ًا ملا تناوله وبقي اجلواق يف ما عداه عىل حاله ،وقال تعاىل{ :
[} المؤمنو ،]14-12::دل ذلك عىل أن اليشء النلس يطهر
باالستحالة؛ ألن اآلدمي كان نطفة ،ثم صار علقة ،ثم مضغة ،ثم عظام ًا ،ثم صار آدمي ًا
فقار طاهر ًا ،فدل عىل ما ذكرناه ،كذلك افنزير وامليتة إذا وقعا يف املالحة فاستحاال
-136-
ملح ًا استحالة تامة جاق أكل ذلك امللح ،ذكره األخوان ملذهب القاسم بن إبراهيم عليهام
السالم ،وكذلك افمر إذا صارت خالً بغري دواء واستحالت صار ذلك افل طاهر ًا،
وكذلك النلاسة كالعذرة ونحوها إذا حرقت فقارت رماد ًا طهرت ،ذكره املؤيد باهلل
عىل ما رواه ابن أيب الفوارس ،وكذلك ال بتس بتكل ما نبت عىل العذرة إذا نظف منها
وأنقى ،ذكره القاسم وهو إمجاع وذلك ألرا استحالت استحالة تامة فلم يبق هلا أثر يف
املنظر وال يف املذاق وال يف الشم ،فقارت كافمر تنقلب يف درا خالً والدم ينقلب يف
الرضع لبن ًا.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أحل لكم ميتتان ودمان فامليتتان
السمك واجلراد والدمان الكبد والطحال)) دل ذلك عىل جواق أكل اجلراد عىل أيلة حلال
وجد من حياة أو موت عىل ما تقدم حتقيقه.
(خرب) وروي عن أيب هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن سمن ماتلت
فيه فترة فقال(( :إن كان جامد ًا تلقى ويلقى ما حوهلا ،وإن كان مائع ًا فتريقوه فإن أخرجت
وهي حية كان اجلميع طاهر ًا؛ ألن الفترة حمكوم بطهارهتا إذا كانت حية)) دل افرب عىل أن
النلاسة إذا وقعت يف املائعات الطاهرة وجب إراقتها ومل جيلز االنتفلاع هبلا ،وإذا كانلت
جامدة أقيلت وأقيل ما حوهلا وكان الباقي طاهر ًا ،ودل قوله صىل اهلل عليله وآلله وسللم
فتريقوه عىل أنه ال جيوق االنتفاع باملائع من الدهن إذا صار نلس ًا وال جيوق أكلله وال بيعله
وال كاؤه وال االستقبا ،بله؛ ألنله أملر بإراقتله ،وملا روي :فاسقلبحوا بله ،وروي:
فلللانتفعوا بللله فخربنلللا حلللارض وهلللو أوىل ،فتملللا قولللله تعلللاىل { :
[}األوراف ،]157:فإنه يدل عىل أنه إذا وقع يف الطعام ما ال دم له وكثر حتى تغلري
به ،وصار مما يستخبث ويعاث أكله مل جيز أكله.
(خرب) وروي أنه أتى إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بلفنة فوجد فيها خنفساء أو
ذباب ًا فتمر به فطر ،وقال(( :سموا وكلوا)) دل ذلك عىل حكمني:
-137-
والثاين :أنه جيوق تناول ما وقع فيه ما ال دم له يسفح من الطعام ،واملائعات إذا مل ينلتن
ويقذر ويقري مستخبث ًا.
(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كان ينهى السلامكني علن بيلع اجللري
واملارماهي وهذا مما تظاهرت به األخبار عنه عليه السالم وقيل :بتن املارماهي يشبه احلية.
قال األخوان :يكره أكل سائر ما يكون يف البحر من احليوان غري السمك علىل قيلاس
قول حييى عليه السالم لنقه عىل كراهة أكل املارماهي لشبهه باحلية ،فبان أنه عليه السالم
يعترب بالقورة فإذا أشبه ما ال يؤكل يف الرب كلره أكلله ،وعلىل هلذا ال يؤكلل كللب امللاء
وخنزيره.
قال أبو طالب :وهذه الكراهة فيهام كراهة التحريم.
قال املنقور باهلل :ال حيرم من صيد البحر إال ما شابه املحرم الربي وهو معنى ما ذكره
السيد أبو طالب ملذهب حييى عليه السالم.
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أحل لكم ميتتان ودمان)) يدل علىل أن
باإلباحة؛ ألنه فرس امليتتني بالسمك واجلراد ،فدل ذلك عىل ملا قلنلاه، السمك ةقو
قال اهلل تعاىل[} { :البقرة ]173:دل عىل أنه جيوق من
اجلوع أن يتكل من امليتة قدر ما يمسك الرمق ويقيم النفس دون الشبع وهو إمجلاع أعنلي
يف جواق تناول هذا القدر وافالف فيام قاد عليه ،واختلف علامؤنا يف معنى قولله تعلاىل:
{ } فمنهم من ذهب إىل أن معناه غري باغ يف التلذذ وال عاد يف جماوقة احلد
الذي أبيح له وهو ما تقدم حتقيقه.
قال املؤيد باهلل :وهو الذي يقتضيه ظاهر قول حييى عليه السالم يف (األحكام) يف غلري
موضع فإذا جتاوق احلد الذي أبيح له مع االضطرار عارف ًا بتحريمه كان فاسق ًا وإن استحله
كان كافر ًا ،وهو قول طائفة من العلامء ،ومنهم من ذهب إىل أنه ال جيوق ملن خلرج يف غلري
طاعة اهلل أن يتكل من امليتة عند الرضورة وهو قول قيد بن عيل ،والنارص للدين اهلل أمحلد
-138-
بن اهلادي عليهم السالم ،ومما يرجح قول اهلادي عليه السلالم أن األدللة قلد دللت علىل
استواء الباغي وغري الباغي يف أكثر رخص الرشع وال خالف يف أن الباغي إذا عدم املاء يف
السفر أو خياف الرضر من استعامله جاق له التيمم ،فكذلك إذا مل جيد الطعام جاق أن يتكل
من امليتة والعلة حقول الرضورة واألصول تشهد ملا قلنلاه ،فلإن التحليلل والتحلريم يف
املآكل واملشارب يستوي فيه الرب والفاجر ،وحلم افنزير كامليتة يف أن املضطر يتنلاول منله
القدر الذي يتناول من امليتة؛ وذلك ألن اهلل تعاىل عطف باإلباحة علىل حللم افنزيلر كلام
عطف باإلباحة عليا مليتة بالرضورة فكان حكمهام واحد ًا ،وألن أحد ًا من العلامء مل يفقل
بينهام ،وقول اهلل تعاىل[} { :البقالرة ،]195:يدل عىل أن من تر
التناول من حلم افنزير عند الرضورة ألقى بالنفس إىل التهلكة ،فلدل علىل جلواقه وكلل
ذلك خرجه الناطق باحلق عىل مذهب اهلادي وذكر أيض ًا عىل مذهب حييى جواق التنلاول
من حلوم بني آدم املوتى عند الرضورة ،وقال القايض قيد :وأن يتكل من حلم احللريب دون
الذمي عىل أصلنا ،فتما افمر فذكر الناطق باحلق أنه إن كان كهبا يزيد يف العطش مل جيلز
كهبا ،وإن كان يقيم الرمق ويشد النفس ويدفع التلف جاق أن يتناول منها القلدر اللذي
أبيح له ،واتفقوا عىل أنه إذا وجد البول وافمر وكان مضطر ًا فإنه يرشب من البلول دون
افمر.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما جعل اهلل شفاءكم فليام حلرم
عليكم)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :إن اهلل أنلزل اللداء واللدواء
وجعل لكل داء دواء فتداووا وال تداووا بحرام)).
(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن التداوي باحلرام ،دل ذللك علىل
أنه ال جيوق التداوي بيشء مما حرمه اهلل كافمر ونحوه ،وهذا هو مذهب اهللادي واملؤيلد
باهلل عليهام السالم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن اجلاللة.
-139-
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن اجلاللة وكب لبنها ،افرب األول
ال ظاهر له ،وافرب الثاين يدل عىل كراهة كب لبنها ،أما إذا كانت تتناول شيأ ًا يسري ًا ملن
العذرة فال بتس بذلك؛ ألن عامة البهائم والطيور ال تكاد تسلم من ذلك.
وأما اجلاللة التي ال تعتلف إال من العذرة فإنه يكره حلمها هلذا افرب ،فتملا أنله حيلرم
تناوله فال لقول اهلل تعاىل[} { :المائالدة ،]1:وقوله تعاىل{ :
[} النحل ،]5:وألن النلاسة التلي تتكلهلا ال
تؤثر يف حلمها بل اللحم عىل حاله وإنام تكسبه رائحتها فقط ،وهذا ال يوجب حتريمله بلل
يكره تناوله فقط؛ ألن افربين مجيع ًا ال ظاهر هلام يف حتريم اللحم؛ وألن إمجاع العًة علىل
خالف القول بتحريم حلوم اجلاللة فإنا ال نعلم أحد ًا من علامئهم قال بتحريم حلمها ،فإذا
ٍ
حينأذ حكمه يف اجلواق. جاق اللحم فحكم اللبن
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :ملن بركلة
الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده ،دل عىل أنه يستحب ملن أراد األكل أن يغسلل يديله
قبل الطعام وبعده.
(خرب) وتظاهرت األخبار بتن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يغسل يديه إذا فرغ
من الطعام وهو عادة املسلمني ،فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله كلان يسلمي اهلل إذا ابتلدأ بالطعلام
وحيمده إذا فرغ منه ،دل ذلك علىل اسلتحبابه لقولله تعلاىل { :
[} األحالزاب ،]21:وملا أمر اهلل جربيل ثالث ثالثة من املالئكة عليهم السالم عىل
صورة البرش هبال قوم لو فتمرهم بالبداية بإبراهيم افليل عليله السلالم فللام أتلوه يف
مزرعة له فعند أن رآهم طر ،باملسحى من يده وصىل ركعتني فقال بعضهم لبعض :ألجل
ال سمين ًا وحنذه وقربه إليهم ومل يعلم أرم مالئكلة
هذا ارذ اهلل خليالً ،ثم ذبح هلم عل ً
قال هلم :أعطوا ثمنه ،قالوا :وما ثمنه؟ قال :أن تسموا اهلل يف أوله وحتملدوا اهلل يف آخلره،
فدل عىل أن ذلك مرشوع من وقت إبراهيم عليه السالم.
-140-
(خرب) وروى مالك ،عن أيب نعيم وهب بن كيسان أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
أتى بطعام ومعه ربيبه عمر بن أيب سلمة فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :سم اهلل
وكل مما يليك)) دل عىل استحباب التسمية يف االبتداء وعىل األكل مما ييل اآلكل.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا قرب إليه الطعام أكل من بني يديله
ومل يعده إىل غريه ،وإذا وضع التمر جالت يده يف اإلناء ،دل عىل أنه يستحب لله أن يتكلل
مما بني يديه إال التمر فإنه جيوق تناوله عىل سبيل التخيري وال يكره ،وكذلك سائر الفواكله
قياس ًا عليه.
(خرب) وعن جابر بن عبداهلل السلمي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم رلى أن
يتكل الرجل بشامله أو يميش يف نعل واحدة ،وأن يشتمل القام ،وأن حيتبي يف ثوب واحد
كاشف ًا عن فرجه ،دل ذلك عىل أن قبح ما هذا حاله غري أن األكل بالشامل اإلمجاع منعقلد
عىل جواقه وإن كان مكروه ًا ،وامليش يف فرد نعل يكره هلذا افرب وجيلوق؛ ألن عليل ًا عليله
السالم فعله ورواه عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،واشلتامل القلام أن يلتحلف
الرجل بثوب واحد ،ثم يلقي جانبه األيرس علىل األيملن ومل خيلرج يلده ،وقلد رلى علن
القالة فيه أيض ًا وذلك ملا ال يؤمن من كشف عورته ،وأما االحتبا علىل هلذا الوجله فلال
جيوق أيض ًا.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان يتكل بيمنلى يديله وأنله صلىل اهلل
عليه وآله وسلم حيب األيامن يف كل يشء ،وروي أن الشيطان يتكل بشامله ،دل علىل أنله
يستحب له أن يتكل بيمينه وال يؤكل بشامله إال عن رضورة.
(خرب) وروى قيد بن عيل عليه السالم أن رسول اله صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن
ثالث أكالت :أن يتكل الرجل بشامله ،ومستلقي ًا عىل قفاه ،ومنبطح ًا عىل بطنله ،دل ذللك
عىل كراهة األكل عىل هذه األحوال.
(خرب) وروى عبد اهلل بن عمر أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :إذا أكلل
-141-
أحدكم فليتكل بيمينه وليرشب بيمينه فإن الشيطان يتكل بشامله ويرشب بشامله)) دل ذلك
عىل ما قلناه.
وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يتكل قط متكأ ًا ،دل ذلك عىل ما قلناه.
-142-
باب ذكر ما يحرم أكله
قللللال اهلل تعللللاىل { :
[} المائ الالالالدة ،]3:دل
ذلك عىل حتريم األشياء املذكورة إال ما ذكاه املسلمون؛ ألن افطاب يف أوائل اآليات هلم،
وقال تعاىل[} { :المائدة ،]3:دل
ذلك عىل جواق تناول ما يدفع به التلف عن نفسه عند الرضورة كام تقدم.
(خرب) وعن عاصم بن ضمرة ،عن عيل عليه السالم وابن عباس ،وأيب ثعلبة افشني،
وأيب هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن أكل كل ذي ناب من السلباع
وةلب من الطري.
(خرب) وعن أيب هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :كل ذي ناب من
السباع حرام)) دل عىل أنه ال جيوق أكل كلل ذي نلاب ومملا لله نلاب الضلبع ،والدللدل،
والثعلب ،واهلر األنيس والوحيش ،فإن الكل ذو ناب وما كان له ناب من سائر السلباع مل
حيل أكله بداللة ما تقدم ،ودل افرب عىل حتريم أكل كل ذي ةلب من الطري واملخلب من
القائد من الطري هو مثل الظفر من اإلنسان وملن ذي افلف املنسلم ،وملن ذي احللافر
احلافر ،ومن ذي الظلف الظلف ،وقيل :هو من القائد من الطري ،ومن السباع املخللب،
ومن الطري التي ال تقيد والكالب الربثن ،وقيل :الربثن من السباع بمنزلة األصلبع ملن
اإلنسان ،واملخلب بمنزلة الظفر من اإلنسان ،وقال تعلاىل ،} { :دل
ذلك عىل حتريم أكل الدود بعد موته؛ ألنه ميتة.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أتى بلفنة قد أدمت فوجد فيهلا
خنفساء وذباب ًا فتمر به فطر ،،ثم قال(( :سموا وكلوا فإن هذه ال حترم شيأ ًا)) دل عىل أن ما
هذا حاله غري متكول ،وهلذا أمر بطرحله ويقلاس علليهام كلل حيلوان ال يلذكى كاللدود
-143-
والنحل بعلة أنله ال يلذكي فتشلبه اللذباب وافنلافس ،قلال اهلل تعلاىل { :
[} النحالل ،]8:دل ذلك عىل أنه ال جيوق أكلها؛ ألن اهلل تعلاىل ذكلر
خلقه هلا عىل وجه االمتنان علينا ملا لنا فيها من املنافع وذكر الركوب من مجلة تلك املنافع،
ومل يذكر األكل وهو من أعظمها وأوالها فلو جاق أكلها ملا عدل علن ذكلره وهلو أعظلم
املنافع إىل ما دورا.
(خرب) وروى خالد بن الوليد عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رلى علن حللوم
افيل والبغال واحلمري ،دل ذلك عىل حتريمها وقول من يبيحها أرا من الطيبات فدخلت
وهو جيب بناء حتت قول اهلل تعاىل } { :قلت :اآلية عامة وخربنا خا
فكتنه تعاىل قال } { :إال حلوم افيل والبغال واحلمري العام عىل افا
وحلوم كل ذي ناب من السباع وةلب من الطري ،فدل ذلك عىل ما قلنلاه ،فلإن قيلل :قلد
روى جابر أنا ذبحنا يوم خيرب البغال وافيول فنهى صىل اهلل عليه وآله وسللم علن أكلل
البغال واحلمري ومل ينه عن الفرس ،واجلواب أن هذا حكاية فعل وال ُيدرى عىل أي وجله
فعل.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم رلى علن حللوم احلملر األهليلة وأذن يف
افيل ،وهذا معارض بام قدمناه ،وخربنا ناقل حارض فهو بمعنى الناسخ الطارس فيكلون
أوىل باملقري إليه عىل أين ال أعلم قائ ً
ال من علامء العًة جيوق أكل حلوم افيل ،فلإذا كلانوا
أمجعوا عىل حتريم أكل حلومها فإمجاعهم حلة جيب العمل عليه ،وكذلك أمجع علامء أهل
البيت عليهم السالم عىل حتريم حلوم احلمر األهلية وهو إمجاع كافة علامء اإلسالم إال ملا
روي عن ابن عباس من جواق أكله.
(خرب) وروى حممد بن احلنفية عليه السالم ،أن علي ًا عليه السالم قال البلن عبلاس يف
متعة النساء :إنك امرؤ تائه فالنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن احلمر األهلية ومتعة
النساء يوم خيرب ،دل ذلك عىل حتريم أكلها ،وعىل وقوع النسخ يف جواق أكلها.
(خرب) يدل عىل ذلك أن رج ً
ال قال :يا رسول اهلل مل يبق من ماَّ ما أسلتطيع أن أطعلم
-144-
جوال القريلة))
أهيل إال محراء َّ .قال(( :فتطعم أهلك من سمني مالك وإنام كرهت لكم ّ
جوال القرية وهي األهلية ،فدل ذلك عىليدل عىل أنه أبا ،له حلم احلمر الوحشية ،وكره ّ
حتريمها ،يزيده وضوح ًا ما روى قيد بن عيل ،وحممد بن احلنفية ،عن عيل عليه السلالم أن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن أكل حلوم احلمر األهلية ،وقلد روى ذللك أيضل ًا
اهلادي عليه السالم يف كتاب (األحكام) دل ذلك عىل حتريم أكلها؛ وألنه كان أبيح أكلهلا
قدي ًام يف أول اإلسالم وكذلك املتعة ،ثم نسخ ذللك فتخبارنلا حلارضة وناسلخة فوجلب
االعتامد عليها والعمل هبا ،وأما حلوم البغال فالقول بتحريمها هو إمجاع عللامء اإلسلالم،
وقد تقدمت الداللة عىل حتريم أكلها.
(خرب) وعن صعب بن جثامة قال :مر يب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم باألبواء
فتهديت له حلم محار الوحش فرد عيل فلام رأى يف وجهي الكراهة قال(( :إنه لليس بنلا رد
ولكنا قوم حرم)) فدل ذلك عىل أن محر الوحش مباحة حيل أكلها وصيدها.
(خرب) ومما يدل عىل ذلك ما قدمناه يف كتاب اهلبات وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم خرج من املدينة حتى أتا الروحاء ومعه أصحابه فإذا هو بحلامر وحلش عقلري فيله
سهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :دعوه حتى جييء صاحبه)) فلاء رجلل فقلال :يلا
رسول اهلل هذه رميتي فكلوا وروي فشتنكم به ،وروي :فهو لكلم ،وروي :فلانتفعوا بله،
فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا بكر أن يقسم حلمه بني الرفاق ،دل ذلك عىل جواق
خرجه اإلمام املؤيد باهلل عىل مذهب اإلمام اهللادي
أكل حلوم احلمر الوحشية ،وهو الذي ّ
إىل احلق عليه السالم.
-145-
باب ما يكره أكله وما يستحب
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم قال :أتى رسلول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم راع فتهدى له أرنب ًا مشوي ًا فنظر إليه النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم فقال(( :أهدية أم صدقة))؟ فقال :بل هدية ،فنظر إىل حيائهلا فكتنله رأى فيهلا دمل ًا
وقال لقاحبها(( :خذها)) قال :آكلها؟ قال(( :نعم ،وكلوا معه)) فتكل القلوم ،فلدل أملره
صىل اهلل عليه وآله وسلم بتكلها عىل حتليلها ،ودل تركه ألكلها عىل كراهة أكل حلمها.
(خرب) وسأل عمر عن األرنب فقال :ال أقول فيها شيأ ًا أخشى أن أنقص منه أو أقيلد
عامر بن ياي وستله فقال :كنت عنلد النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
فيه ،فاستدعى ّ
فتهدي إليه أرنب فتطعمنا منه ومل يقل أكل منها معنا ،فدل عىل ما قلناه.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :الطحال لقمة الشيطان ،دل عىل كراهته؛ ألنه إذا
أكل ي الشيطان االقتداء به ،وجيوق أكله ملا ذكرنلاه أوالً ملن افلرب ((أحلل لكلم ميتتلان
وفرس الدمني بالكبد والطحال.
ودمان)) ّ
(خرب) وعن ابن عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أيت بضب فللم يتكلله ومل
حيرمه.
(خرب) وعن عائشة قالت :أهدي لنا ضب فدخل علينا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
فستلته عن أكله فنهانا ،فللاء سلائل فقاللت :أناولله إيلاه ..فقلال َّ(( :أتطعمينله ملا ال
تتكلني)).
(خرب) وروى افدري أن أعرابي ًا ستل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن الضلب
فقال(( :إن اهلل سخط عىل سبط من بني إيائيل فمسخهم دواب يدبون عىل األرض فلام
أظنهم إال هؤالء)) ويف خرب آخر ((أخشى أن تكون هذه)).
-146-
(خرب) وروى ابن عباس قال :أهدت خالتي إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم
ضب ًا وسمن ًا وإقط ًا وأكل من السمن واألقط ،ومل يتكل من الضب وأكل علىل مائدتله ،دل
تركه ألكل حلم الضب عىل كراهته ،ودل أكلهم للحمها عىل مائدته ومل ينههم عىل حتليله.
(خرب) وعن خالد بن الوليد بن املغرية أنه قال :دخلت مع رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم بيت ميمونة قوج النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتيت بضب حمنوذ فتهوى إليه
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال بعض النسلوة اللاليت يف بيلت ميمونلة أخلربوا
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقيل :هو ضب يا رسول اهلل فرفع يده ،فقلت :أحرام
هو؟ قال(( :ال ،ولكنه مل يكن بترض قومي فتجدين أعافه)) فاجًرته فتكلتله ورسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم ينظر.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن أكل القنفذ وقال(( :إنه خبيثلة
من افبائث)) دل ذلك عىل حتريم أكله لقوله إنه ملن افبائلث ،وقلد قلال تعلاىل{ :
-147-
ألجل التتذي فمن ال يؤذي أحد ًا برحيه فال بتس به.
(خرب) وعن عائشة قالت :قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يا محرياء إ ّيا وأكلل
الطني فإنه يعظم البطن ويعني عىل القتل)) دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن يتكل اإلنسان ملن
الطني مما يرضه ،فتما ما ال يرضه فال يكون منهي ًا عنه؛ ألنه قد يعقل البطن وينتفع باليسلري
منه.
(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن إدامة النظر إىل امللذومني وأملر
بالتباعد عنهم.
(خرب) وعن ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ال تلديموا النظلر إىل
امللذومني ومن كلمه منكم فليكن بينكم وبينه قاب رمح)) دل علىل كراهلة إداملة النظلر
إليهم والقرب منهم ،وذلك ملا ال يؤمن أن حيدق بعد ذلك يشء من اجلذام مع جمالسلتهم
ومقاعدهتم فيقال :سببه ذلك ،وأما حتريم ذلك فال يدل عليه.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أكل مع جمذوم يف ققعة فقال(( :بسم
اهلل ثقة باهلل وتوك ً
ال عىل اهلل)) فدل ذلك عىل جواقه كام دل األول عىل كراهته.
(خرب) وروي عن أنس قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أكرموا افبلز
فإنه من ط ّيبات الرقق ،ولوال افبز ما عبد اهلل تعاىل ،وملن أصلاب كرسلة فتماطهلا علن
األذى كتب اهلل تعاىل له مخسني ألف حسنة وحما عنه مخسني ألف سيأة ،ورفلع لله مخسلني
ألف درجة ،فإن رفعها إىل فيه فتكلها بنى اهلل له بيت ًا يف اجلنة طوله أربلع فراسلخ وعرضله
أربع فراسخ يف ارتفاع أربع فراسخ)) وصوابه أن يقال :أربعة فراسلخ يف مجيلع ذللك ،دل
ذلك عىل أنه جيوق لقط ما يؤخذ من افبز مطروح ًا إذا كانت العلادة جاريلة بطلر ،مثلله
وسائر املتكوالت مقيسة عليافبز إذا كانت عىل هذه احلال ،ودل افرب عىل حقول األجر
العظيم مللتقط ذلك وأكله تكري ًام ملا أكرمه اهلل تعاىل.
(خرب) وعن أنس قال :جاء عبدالرمحن بن عوف إىل رسول الله صلىل اهلل عليله وآلله
-148-
وسلم وبه أثر صفرة فستله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخربه أنه تزوج امرأة من
األنقار فقال له صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أومل ولو بشاة)).
(خرب) وأمره رسوله اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقد تزوج فقال(( :أومل وللو بشلاة))
أعني عبدالرمحن بن عوف ،دل ذلك عىل استحباب الوليمة بشاة يف العرس ،وليس ذللك
بواجب ملا يف خرب رواه أنس وهو أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا بنى بقفية بنت حيي بن
أخطب أومل.
قال أنس :دعوت املسلمني إىل وليمة ما كان فيها خبز وال حلم أمر باألنطاع فتلقي فيها
من التمر واألقط والسمن فكانت وليمته.
بمدِّ ين من شعري.
(خرب) وأومل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف إحدى نسائه ُ
(خرب) وعن ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا تلزوج قينلب بنلت
جحش أومل وكانت وليمته احليس ،وكان يدعو من املؤمنني عرشة عرشة فإذا أصابوا طعام
نب ّيهم استتنسوا حلديثه وكان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حيب أن خيلو لله اللدار،
فتنزل اهلل علز وجلل} { :
اآلية [األحالزاب ،]53:فمكث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بيت قينب سبعة أيلام
ولياليهن ثم حتول من بيت قينب إىل بيت أم سلمة ،واحليس طعام يتخذ من من أقط ومتر
وسمن.
(خرب) وعن ق يد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليله السلالم أنله قلال :ال وليملة إال يف
ثالث يف خرس أو عرس أو أعذار ،وافرس طعلام النفسلاء ،وافرسلة طعلام النفسلاء،
ويقال أيض ًا :بالقاد ،ويقال :التمر خرسة مريم حني ولدت عيسى عليه السالم واألعذار
طعام افتان ،والعرس -بضم العني والراء :-طعام وليمة املعرس والعرب تؤنثها ،ويقال
إلطعام القادم من سفره نقيعة قال:
افرس واألعلذار والنقيعللة كل الطعام تشتهلي ربيعللة
-149-
ويقال ملا يطعم من الوليمة يف الدار اجلديدة الوكرية.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :للو دعيلت إىل كلراع
ألجبت ولو أهدي إَّ ذراع لقبلت)).
(خرب) وعن نافع ،عن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال(( :إذا دعلي
أحدكم إىل الوليمة فليتهتا)) دل ذلك عىل أنه يستحب إجابة املسلم ولو إىل لقمة.
(خرب) وعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :سليد الطعلام يف اللدنيا
واآلخرة اللحم ،وسيد الرشاب يف اللدنيا واآلخلرة امللاء ،وعلليكم بلاللحم فإنله ينبلت
اللحم)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان حيب اللحم ويقول(( :إنلا معلاك
قريش حلم ّيون)) دل ذلك عىل أن اللحم يسمى طعام ًا وعىل أنه أكف الطعام.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا أتيتم بافبز واللحم فابلدأوا
بافبز فسدوا به كلب اجلوع ثم كلوا اللحم)) دل ذلك عىل أن األفضلل البدايلة بلافبز يف
األكل قبل اللحم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :بركلة الطعلام الوضلوء قبلله
وبعده ،والشيطان مولع بالغمر فإذا أوى أحدكم إىل فراشه فليغسل يديه من ريح الغمر))
دل عىل أن السنة الغسل قبل الطعام وبعده ،والغمر -بفتح الغني معلمة وهلو بلالراء:-
ريح الدسم واللحم ،يقال :بيدي من ريح اللحم غمرة ،ومنه منديل الغملر وهلو اللذي
متسح به األيدي بعد أكل الطعام.
-150-
باب األشربة
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليله السلالم أنله قلال :قلال
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ما أسكر كثريه فقليله حرام)).
(خرب) وعن أم سلمة قالت :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن كل مسكر.
(خرب) وعن عائشة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن البتلع فقلال(( :كلل كاب
مسكر فهو حرام)).
(خرب) وستل أبو وهب اجليشاين رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن البتع فقلال:
((كل كاب مسكر فهو حرام)) والبتع -األوىل بواحدة من أسفل والثانية باثنتني من أعىل
والعني غري معلمة بفتح الفاء وسكون العني :-رقاق الطحني ينبذ يف اإلناء ثم يلقى عليه
املاء ويً فيقري نبيذ ًا مسكر ًا.
(خرب) وعن عائشة أيض ًا قالت :رانا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قليل ملا
أسكر كثريه.
(خرب) وعن أيب موسى قال :ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم علن كاب
العسل؟ فقال(( :ذلك البتع)) فقلت :إرم ينبذون ذلك من الشعري والذرة قلال(( :فلذلك
املزر أخرب قومك أن كل مسكر حرام)).
(خرب) وعن ابن عمر وابن مسعود عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :كلل
مسكر حرام)).
(خرب) وعن نافع عن ابن عمر أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :كل مسكر حرام)).
(خرب) وعن ابن عباس أنه قال(( :كل ةمر مخر ،وكل مسكر حرام)) وقلال اهلل تعلاىل:
-151-
{[} المائالالدة،]90:
ووجه داللتها من ثالثة مواضع:
أحدها :أنه تعاىل وصفها بترا رجس وكل رجلس حملرم بدالللة قولله تعلاىل{ :
[} األوراف.]157:
وثانيها :بتنه وصفها بترا من عمل الشيطان ،أي الدعاء إىل كهبا من عملل الشليطان
وهذا يقت ي حتريمها لقوله تعاىل { :
[} يال ،]61-60::وعبادة الشيطان هي
(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعرايب فقال :يا
رسول اهلل أوصني ،قال(( :ال ترش باهلل شيأ ًا وإن قتلت أو مزقت وال تدع القالة لوقتها
فإرا ذمة اهلل عز وجل ،وال ترشب افمر فإرلا مفتلا ،كلل ك)) دل علىل أن رأس أملور
الدين التوحيد ،وأنه ال ينبغي أن يدعه وإن أكره عىل ذلك وإن قتل عليه كان ملتجور ًا مللا
فيه من إعزاق الدين ،وعىل أن القالة أفضل العبادات الرشعية ،وقوله ذمة اهلل أي عهلده
وميثاقه وأمره ،وعىل أن كب افمر من الكبلائر العظيملة ،وقلال اهلل تعلاىل{ :
[}البقرة ،]219:واإلثم اليكون إال يف املحرمات لقول اهلل تعاىل { :
[} األوالراف ،]33:واإلثلم :ملا يللتثم اإلنسلان بفعللله،
وقيل :إن اإلثم اسم للخمر وسميت باسم ما تؤدي إليه من اإلثم وأنشد بعضهم:
كذا اإلثم يذهلب بالعقلول كبت اإلثم حتى قال عقللي
وعىل الوجهني يفرس قوله تعلاىل[} { :األوالراف ،]33:وافملر
-152-
كل ما خامر العقل فتفسده بالسكر ،وامليرس هو رضب من القلامر كانلت العلرب تفعلله
{ وقال اهلل تعاىل:
[} المائالدة ،]90:والذي يدل عىل أن كل مسكر مخر (خرب) نعامن بن بشري
قال :سمعت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :إن من العنلب مخلر ًا ،وملن العسلل
مخرا ،ومن احلنطة مخر ًا ،ومن الشعري مخر ًا ،وإين أراكم عن كل مسكر)).
(خرب) وعن ابن عمر قال :سمعت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :كل مسكر
مخر)).
(مخر) وعن الشعبي ،عن ابن عمر قال :سمعت عمر عىل منرب رسول اهلل صىل اهلل عليه
ٍ
يومألذ ملن مخسلة ملن التملر، وآله وسلم يقول :أهيا الناس إنه نزل حتلريم افملر وهلو
والعنب ،والعسل ،واحلنطة ،والشعري ،فإذا قال ذلك بمشهد القحابة ريض اهلل عنهم ومل
ينكر أحد منهم جرى جمرى اإلمجاع منهم.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :افمر من هاتني الشلرتني النخل والكرم))
جتمع بني افربين فكتنه قال :هي من هاتني ومن كذا وكذا ،دلت هذه األخبار عىل أن كل
مسكر مخر ،وعىل أن ما أسكر كثريه فقليله حرام.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ال يلدخل اجلنلة قتلات وال
كطي وال مدمن مخر)) فالقتات النامم ،والرشطي واحد الرشطة وهم األعوان واألوليلاء
واألنقار فإذا كان عون ًا ألهل الباطل كان هالك ًا وهو املراد بافرب ،وإذا كان عونل ًا ألهلل
احلق كان ناجي ًا فهذا حممود واألول مذموم معاقب إن مل يتب ،ويف احللديث(( :يلا كطلة
اهلل)) أي أنقار اهلل -بفتح الشني معلمة -وما قلناه من أعلوان الباطلل ّ
دل عليله أخبلار
كثرية وهو ثابت يف اللغة ،قال األعشى:
وأين لكم يا كطة الكفر عارف شهدت عليكم أنكلم سبائيلة
(خرب) وسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أيتام ورثوا مخلر ًا فقلال(( :أهرقهلا))
-153-
قال :أال أجعلها خالً ،قال(( :ال)).
(خرب) وروي أن أبا طلحة ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أيتلام ورثلوا
مخر ًا فقال(( :أهرقها)) قال :أفال أخللها؟ قال(( :ال)).
(خرب) وعن أنس قال :جاء ٌ
رجل إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ويف حللره يتليم
وكان عنده مخر حني حرمت فقال :يا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم نقلنعها خل ً
ال
قال(( :ال)) فقبها حتى سال الوادي.
(خرب) وروي أنه ملا نزل حتريم افمر أمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بإراقتهلا
وفيها مخر أليتام ،دل ذلك عىل أنه جيوق االنتفاع بافمر علىل وجله ملن الوجلوه إال عنلد
الرضورة كام بيناه أوالً ،ودل ذلك عىل أنه ال جيوق رليلها؛ ألنه لو جاق مللا أملر بإرقاهتلا؛
ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن إضاعة املال.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :خري خ ّلكم ّ
خل مخركم)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :نعم اإلدام افل)).
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان يقنع خل مخر ،معناه أنه يلً العنلب حتلى
حيرض ،ثم يعرص ويكون خ ً
ال كالقب ،دل ذلك عىل جواق تنلاول خلل افملر علىل هلذا
الوجه وعىل طهارة افمر إذا صارت خ ً
ال بغري دواء؛ ألرا قد استحالت كام تقدم بيانه.
(خرب) وعن حذيفة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رلى علن الرشلب يف أواين اللذهب
والفضة وقال(( :هي هلم يف الدنيا ولكم يف اآلخرة)).
(خرب) وروى حذيفة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ال ترشبوا يف آنية الفضة
وال تتكلوا يف صحافها فإرا هلم يف الدنيا ولكم يف اآلخرة)).
(خرب) وعن أم سلمة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :ملن كب يف آنيلة
الذهب والفضة فإنام جيرجر يف بطنه نار جهنم)).
-154-
(خرب) وعن عبداهلل بن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال :من كب يف إنلاء
من ذهب أو فضة أو يف إناء فيه يشء من ذلك فإنه جيرجر يف بطنه نار جهنم)) دل ذلك عىل
أنه ال جيوق الرشب يف أواين الذهب والفضة وال يف املذهبة ملن األواين وال يف املفضفضلة
سواء وضع فاه عىل العود أو احللية؛ ألن افرب مل يفقل الظاهر أن ذلك كله ال جيوق.
(خرب) وروى أنس أن قد ،النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم انكرس فارذ مكلان الشلقة
سلسلة من فضة ،وهذا يدل عىل جواقه لسدّ ثلمة اإلناء ال للزينة كام تقدم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أيت إليه بلبن قد شيب بامء وعلن يمينله
أعرايب وعن يساره أبو بكر فرشب منه ثم أعطى األعرايب فقال(( :األيملن األيملن)) رواه
أنس.
(خرب) وروى حييى بن سهل بن سعد السلاعدي أنله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أيت
برشال فرشب منه وعن يمينه غالم وعن يساره أشياخ فقال للغلالم :أتلتذن َّ أن أعطلي
هؤالء األشياخ؟ فقال الغالم :ال واهلل يا رسول ال أوثر عىل نفيس بمقليبي منلك أحلد ًا،
فناوله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ما يف يده ،دل افربان عىل أن السلنة إذا كب
اإلنسان ما حيل كبه وأراد أن يسقي أصحابه أن يبدأ بمن عن يمينه ثم يدير اإلنلاء حتلى
ينتهي إىل من عن شامله.
-155-
-156-
كتـاب اللبـاس
(خرب) وعن عيل عليه السالم أهدي لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حلة حلمتها
وسداها إبريسم فقلت :يا رسول اهلل ألبسها فقال((:ال ،أكره لك ملا أكلره لنفيسل ولكلن
أقطعها ُمخر ًا لفالنة وقالنة)) وذكر فاطمة فشققتها أربعة مخر وقسمتها بني النساء ،دل ذلك
عىل حتريم احلرير املحض عىل الرجال وهو إمجاع علامء العًة عليهم السالم.
(خرب) وروى اهلروي أنه قال لعيل كرم اهلل وجهه أقسمه بني الفواطم يعنلي مخلر ًا ثلم
عددهن فقال :فاطمة بنت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وفاطملة بنلت أسلد بلن
هاشم أم عيل ريض اهلل عنه أسلمت وهي أول هاشمية ولدت هلاشمي ،ورواه عن القتيبي
قال :وال أعرف الثالثة.
-157-
قال األقهري :الثالثة فاطمة بنت محزة الشهيد.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رخص لطلحلة بلن عبلداهلل يف للبس
احلرير يف احلرب ،وروي هذا عن الزبري ،وقال اهلل تعاىل { :
[} األنفال ،]60:دل ذلك عىل أنه جيوق
لبسه يف احلروب ،وألن حال احلرب يفتقر إىل اجلنة وإرهاب العدو واحلرير جيمعهام؛ ألنه
أمنع للسال ،من القطن وأروع وأهيب منه.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كانت له جبة مكفوفة اجليب والفرج
بالديباج.
(خرب) وعن ابن عباس رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن الثوب املقمت،
وأما السدا والعلم فال ،دل ذلك عىل أن االعتبار يف احلظر واإلباحة بام ُيطللق عليله اسلم
احلرير كام تقدم بحقيقته ،فتما ما كان حمرر ًا فال فإن كان احلرير غالبل ًا علىل ملا سلواه فلال
خالف يف حتريمه؛ ألن احلكم لوغلب اس ًام وكع ًا.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من لبس احلرير يف اللدنيا مل يلبسله يف
اآلخرة)) ويف بعض األخبار ((إال أربع أصابع)) يعني أن هذا القدر جائز وإن كلان حريلر ًا
خالق ًا عام ينس معه من قطن أو غريه كالفرج واجليب.
(خرب) وعن عيل عليه السالم قال :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن للبس
احلرير إال يف موضع أصبعني أو ثالثة أو أربعة.
(خرب) وروي أنه كان للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جبة مكفوفلة اجليلب والكملني
والفرجني بالديباج ،دل ذلك عىل جواق لبس قليل احلرير افالص نحو ما تقدم ذكره.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى الرجال عن للبس اللذهب إال ملا
كان مقطع ًا ،رواه َّ الفقيه العامل كف الدين احلسن بن البقا بإسلناده إىل النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم ،دل ذلك عىل جواق لبس ما هذه حاله من الذهب املقطع للرجلال وهلو
-158-
جنس ما جيعل هذا الزمان يف لبس أهل الدول وكان يسري ًا وعىل جواق ما يعمل مقطع ًا يف
خاتم الرجل غري متقل ببعض ،فتما املموه فال خالف يف جواقه.
(خرب) وروي عن أنس أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم رخلص يف احلريلر لعبلد
احلكة ،دل ذلك عىل جواق لبس احلرير للحكة. الرمحن بن عوف وللزبري بن العوام من م
(خرب) وروى َّ السيد العامل عفيف الدين املطهر بن حييى أن يف كتاب من كتب العلامء
املسموعة لغريه ومل يقح له سامعه وال َّ عنه ما مثاله :أنه أتى بتقبية هلا إقرة من ذهب إىل
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ففرقها يف أصحابه إال واحد ًا منها فلبسه عليه القالة
والسالم ،وقدم رجل من أصحابه وكان غائب ًا فقال :أين نقيبي؟ فقال :هوذا خبتتله للك
فحله عنه وأعطاه ذلك الرجل فلبسه ونعوذ باهلل تعاىل أن نقول علىل رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم ما مل يقل أو يفعل ،فإن صح افرب دل ذلك عىل جواق ما كلان فيله قليلل
الذهب كام جر ذلك يف قليل احلرير.
(خرب) وعن إبراهيم بن عبداهلل بن احلسن بن احلسن ،عن أبيه ،عن عيل عليله السلالم
قال :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن لبس القيسل واملعقلفر وعلن التخلتم
بالذهب ،وعن قراءة القرآن يف الركوع والسلود ،دل ذلك عىل قبح فعل هلذه األشلياء،
القس -بفتح القاف :-بلدة يف مرص يعمل فيها ثياب فيها حرير كتنه كثري فنسبت الثيلاب
إليها ،واملعقفر قيل :إنه من صب آل فرعون ،القب -بكرس القاد غلري معلملة :-ملا
يقطب به وما يقب به أيض ًا ،وألن فيها تشبه ًا بالنساء وقد لعن النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم املتشبهني من الرجال بالنساء.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أن التشبه هبن يف ثالثة أشياء يف اللباس واملشية والكالم،
فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروى أنس أن رج ً
ال جاء إىل النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم وعليله ثلوب
معقفر فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :لو ألقيت ثوبك هذا يف تنور لكان خري ًا
-159-
لك)) فذهب الرجل فلعله حتت القدر أو يف التنور ،فتتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
فقال :ما فعل ثوبك؟ فقال :صنعت به ما أمرتني به .فقال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :ما بذلك أمرتك أال ألقيته عىل بعض نسائك)) فدل ذلك علىل كراهتله للرجلال
وأنه غري مكروه للنساء.
(خرب) وروي أن إسامعيل بن عبدالرمحن دخل مع عبدالرمحن عىل عمر وعليه قميص
حرير وقلبان من ذهب فشق عمر القميص وفك القلبني وقال :اذهب إىل أملك ،ومل يلرو
إنكار ذلك عن احد من القحابة ريض اهلل عنه ،فدل ذلك عىل حتريمه عىل الذكور صغار ًا
كانوا أو كبار ًا ،وافرب الذي رواه عيل عليه السالم وقد ذكرناه أوالً يدل عىل حتريم احلرير
-160-
والذهب افالقني عىل القبيان؛ ألنه عم الذكور ومل يفقل بني القغري والكبري.
ال ذهب أنفه فارذ أنف ًا من فضة فتنتن عليه فتمره النبي صلىل اهلل
(خرب) وروي أن رج ً
عليه وآله وسلم أن يتخذ ذلك من ذهب ،دل ذلك عىل جواق اسلتعامل اللذهب والفضلة
فيام جيري هذا امللرى ،وروي أن اسم هذا الرجل عرفلة بن أسعد وأنه أصيب أنفه يلوم
الكالب.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يف أنف بعريه برة من فضة.
(خرب) وروى أنس قال :كان نعل سيف رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من فضة
وقنبعة سيفه فضة ،وما بني ذلك حلق الفضة ،القنبعة-بالقلاف مضلمومة وبعلدها نلون
والنون قائدة وبعدها باء معلمة بواحدة من أسفل وبعدها عني غري معلمة :-هي التلي
تكون عىل رأس القائم ،وربام ارذت من فضة علىل رأس السلكني ،وقيلل :هلي ملا بلني
الشاربني مما يكون فوق الغمد فتليء مع قائم السيف ،دل عىل أنله ال بلتس أن يفضلض
الللام والثغر واللبب إذا مل يقع فيه إياف ،وحكى عيل بن العبلاس إمجلاع أهلل البيلت
عليهم السالم عىل جواق لبس حشية القز للمحارب وأن يتخذ للدرع جربانل ًا ملن ذهلب
وأن تكون حلية السيف من فضة وكره الذهب.
أما احلشية إذا مل حتش بالقز مل متنع السلال ،،وإذا كانلت حمشلوة بله كانلت أقلرب إىل
التزيني والًويع والتحقني ،واملنع من إصابة السال ،،واإلرهاب للعدو ،فلاق لبسلها،
وكذلك اراذ اجلربان من الذهب بلميع هذه الوجوه فلاق أيض ًا.
-161-
باب ما يحل للنساء لبسه وما يستحب لهن فعله وما يكره
حيل للنساء لبس احلرير املحض والذهب افالص كام تقلدم يف افلرب يف البلاب األول
وهو إمجاع بني املسلمني.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يتمر النساء بتن خيضلبن أيلدهين
وأظفارهن ،وأن يلبسن القالئد ،وينهاهن عن التعطل والتشبه بالرجال يف ذلك ،ويف خرب
آخر :وكان ينهى النساء عن التعطل والتشبه بالرجال ،وكرهلت عائشلة أن تقليل امللرأة
عط ً
ال-بضم العني غري معلمة واملاء مضمومة معلمة بواحدة من أسفل :-يعني ولليس
عليها قالدة وال يشء من احليل.
(خرب) وروي أن امرأة أرادت أن تبايع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرجت
يدها فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يد رجلل أو يلد املرأة))؟ فقاللت :يلد
امرأة .فقال(( :ما َّ ال أرى عليها أثر افضاب)) وروي أنه قال(( :ملا يمنلع إحلداكن أن
تغري أظفارها)).
(خرب) ويف قوله تعاىل[} { :النالور ،]31:يعني الزينة
الباطنة جيوق إبداؤها للزوج استدعاء مليله وحتريك ًا لشهوته ،ولذلك لعن رسول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم من النساء السلتا واملرها ،فالسللتا التلي ال رتضلب واملرهلا التلي ال
تكتحل ،يعني إذا فعلت ذلك النرصاف شلهوة اللزوج عنهلا ،فتمرهلا بلذلك اسلتدعاء
لشهوته.
(خرب) وقيل :هو غري مسموع ،ولعن صىل اهلل عليله وآلله وسللم املسلوفة واملفسللة،
فاملسوفة هي التي إذا دعاها قوجها إىل املباكة قالت :سوف أفعل واملفسلة هي التلي إذا
دعاها قوجها قالت :إين حائض وهي غري حائض.
-162-
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يكره للملرأة أن تقليل ولليس عليهلا
قالدة وال يشء.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :إين أكلره
أن أرى املرأة ال خضاب عليها)) وأمرهن بالقالئد يف أعناقهن وأن يلبسن احليل أو غريه مما
يقدرن عليه يف أيدهين وأرجلهن ،وكره أن يتعطلن تعطل الرجال ،وكلان صلىل اهلل عليله
وآله وسلم يقول(( :لو أن أحدكم إذا أتى أهله يقول اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان
ما رققتنا فإن كان له ولد مل يسلط عليه الشيطان)).
(خرب) وروي أن أقواج النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم كلان يطلولن أذيلاهلن حتلى
جيرررا عىل األرض.
(خرب) وروي أن أم سلمة قالت لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حني ذكر اإلقار
فاملرأة يا رسول اهلل؟ قال(( :ترخي شرب ًا)) قالت :إذ ًا ينكشف عنها ،قال(( :فذراع ًا ال تزيد
عليه)) رواه اهلادي إىل احلق وغريه ،دلت هذه األخبار عىل أنه يسلتحب للنسلاء فعلل ملا
تضمنته ،فاما إرخاء درعها أو إقارها عىل قدميها فقد تضمنه افرب ،والعلامء بلني قلائلني:
أحدمها يقول بوجوب سً القدمني فظاهر عىل قوله أنه جيلب إرخلاء درعهلا أو إقارهلا؛
ألنه اليمكن فعل الواجب الذي هو سً القدمني إال به فكان واجب ًا كوجوبه.
وأما من ال يرى القول بوجوب سًمها فذلك عنده مستحب.
(خرب) قال اهلادي إىل احلق عليه السالم بلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم
أنه قال(( :لعن اهلل الراكبة واملركوبة)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يدخل اجلنة فحلة من النساء،
ال أو هبيملة ،أو رجل ً
ال تشلبه بالنسلاء أو املرأة تشلبهت ولعن اهلل ومالئكته من أتى رجل ً
بالرجال)).
(خرب) قال عيل عليه السالم :ولعن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم الواصللة
-163-
واملستوصلة ،والواشمة واملستوشمة من غري داء ،والنامقة واملتنمقة.
(خرب) وعن عبداهلل قال :لعن اهلل الواشامت واملتوشامت ،واملتنمقلات ،واملتفلللات
املغريات خلق اهلل ،فبل ذلك امرأة من بني أسد يقال هلا :أم يعقوب فقالت :بلغنلي انلك
لعنت كيت وكيت فقال :وما َّ ال ألعن من لعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ومن
هو يف كتاب اهلل .فقالت :لقد قرأت ما بني اللوحني فام وجدت فيه ما تقول ،قال :لو كنت
قرأتيه وجدتيه ،أما قرأت[} { :الحشالر،]8:
قالت :بىل .قال :فإنه قد رى عنه ،ذكره يف البخاري.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لعلن اهلل الواصللة واملوتقللة،
والواشمة واملوتشمة ،والنامقة واملتنمقة)) دل ذلك عىل حظر ما تضمنه هذان افلربان
من ذلك.
أما الواصلة فهي التي تقل شعرها بشعر النلاس للتزويلر والتلبليس علىل ملن تريلد
تزوجيها فحرم ألجل ذلك ،فإن وصلت شعرها بشعر املعز مل تكن ملعونة؛ ألنه يتميز عن
شعر الناس وهذا خيرج منه أن تقل املرأة املتزوجة شعرها بشعر من ال حيرم عىل قوجها
وال عليها النظر إليه ،فإن معنى التزوير غري حاصل ،والواصلة هلي الفاعللة ،واملوتقللة
املفعول ذلك هبا ،وأما الوشم فقيل :هو الكي ،ذكره السيد النلاطق بلاحلق ،وذكلر أنله ال
جيوق هلا لغري رضورة ،وقيل :هي التي تشم ظهر كفها بإبرة ثم حتشوه بالنؤور وهو دخلان
البن ،ذكره يف غريب احلديث.
قال طرفة بن العبد:
تلو ،كباقي الوشم يف ظاهر اليد فولة أطالل بربقلة ثهملد
فالواشمة هي الفاعلة له ،واملوشمة هي املفعول هبلا ذللك ،وذكلر يف كتلاب (ضلياء
احللوم) أن الوشم األثر الذي يبقى واجلمع شوم ،يقال :وشم اليد أي غرقها باإلبرة وذر
الكحل ونحوه عليها لتخرضل ،وذكلر احللاكم يف كتلاب (جلالء األبقلار) أن الواشلمة
-164-
املاشطة ،واملستوشمة هي التي متشط بام يزينها ،وحيتمل أن يفعال ذلك ألجنبي كام جلرت
به العادة يف أهل الفساد ،وحيتمل أن يفعل ذلك ملن ال يعرفها فيظنها مجيلة فتخدعه لذلك
وتتخذ منه ماالً فهام يعمالن يف خديعة الناس وأخذ ماهلم من غري وجهله وموضلع هلذا
اللفن من هذا الكتاب الذي هو (جالء األبقار) املللس الثالثون ،وفيام ذكره بعلد فلإن
املعنى األول الذي يليه اوضح من هذا ،وذكر يف (ضياء احللوم) أن النؤور عىل وقن فعول
دخان الفتيلة يتخذ كح ً
ال للوشم ،قال الشاعر يقف الوشم:
أسف متون معتلرج رصيلن كتقار النؤور للله دخللان
ومهزة النؤور مبدلة من واو مثل قؤول ،والنمص نتف الشلعر ملن الوجله ،ذكلره يف
غريب احلديث ونحوه يف (ضياء احللوم) وذكر املنقور باهلل أن النمص نتف شعر العانة.
-165-
باب ما يستحب للرجال لبسه وما يحرم على الرجال استعماله أو
يكره
(خرب) وعن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر القادق ،عن أبيه ،عن جده ،علن
عيل عليه السالم قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل حيب من عبده إذا
خرج إىل إخوانه أن يتزين هلم ويتلمل)) يعضده قول اهلل تعلاىل { :
-166-
كانت جفانه كاجلواب وهي احلياض يتكل عىل اجلفنة يف الدفعة الواحدة ألف ًا ،ووصف اهلل
تعاىل قدوره لثباهتا بالراسيات.
(خرب) وعن احلسن السبط بن عيل الوذ أمري امللؤمنني علليهام السلالم قلال :أمرنلا
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن نلبس أجود ما نلد يعني يلوم العيلد وأن نتطيلب
بتجود ما نلد.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قدمت إليه دابة لريكبها فلام وضع رجله يف الركاب
رأى عىل ضفة الرسج قطعة ديباج فثنى رجله ومل يركب.
قال :ألن اضطلع عىل مجر الغضا أحب إَّ ملن (خرب) وروي أن سعد بن أيب وقا
أن اضطلع عىل براقع حرير ،دل ذلك عىل أنه ال جيوق للرجل أن جيعل فرشه ومقارمه من
املحشوة بالقز ،وهلو اختيلار املؤيلد بلاهلل عليله
ّ حرير وال أن يتكئ عىل الفرش والوسائد
السالم ،واملقرمة :السً -بكرس امليم وسكون القاف وفتح الراء ،-وخالفه أخوه النلاطق
باحلق أبو طالب عليه السالم وقال :جيوق ذلك للرجل ويمكن أن جياب عام روي عن عيل
عليه السالم عىل أن انرصافه عن الركوب ليس ألجل رؤيته لقطعة اللديباج بلل لغلرض
آخر؛ ألن هذا القدر من الديباج جيوق أن يكون جيب ًا كام روي أنه كان للنبي صىل اهلل عليه
فإنه معارض بام روي أن ابلن وآله وسلم جبة جيبها ديباج ،وأما خرب سعد بن أيب وقا
عباس اتكى عىل مزيقة من حرير.
قال القايض قيد :وأما الوسادة املحشوة بالقز فال خلالف يف جلواق اجلللوس عليهلا؛
وألن بسط اليشء والقعود عليه ةالف للبسه فال جيب من حيث رى عن لبس احلريلر أن
يكون افًاشه والقعود عليه حمظور ًا.
قال القايض قيد :وألن تعليق الثوب الذي عليه تقاوير منهي عنه وهو أبل يف النهي
من احلرير ،ثم إنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قد أجاق طرحه والقعود عليه.
(خرب) ملا روي أن عائشة جعلت سً ًا فيه تقاوير إىل القبلة فتمرها رسول اهلل صىل اهلل
-167-
عليه وآله وسلم فنزعته فلعلت منه وسادتني وكلان النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
جيلس عليهام؛ وألن اجللوس عىل الثوب ليس باستعامل له بداللة أن من جلس عىل بسا
مغقوب ومل يضمنه فإن لبس ثوب ًا مغقوب ًا ضمنه ،كذلك لو ركب دابة مغقوبة وسًها
ضمنها ،ولو ركبها ومل يسًها مل يضمنها ،وكالم القاسم بن إبراهيم عليه السلالم حيتملل
جواق ذلك للرجال كام جيوق للنساء.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الشيب نور فمن أراد أن يطفيله
فليطفأه)).
(خرب) وعن أنس قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :الشليب نلور ملن
خلع الشيبة فقد خلع نور اإلسالم فإذا بل أربعني سلنة وقلاه اهلل األدواء الثالثلة اجلنلون
)) دل افرب األول عىل جواق تغيري الشيب بافضاب ،ودل افلرب الثلاين واجلذام والرب
عىل كراهته ،وعىل أنه ال جيوق خلعه ونتفه ،وروي أن علي ًا عليه السالم قيل له حلني كثلر
شيبه لو غريت شيبك ،فقال :إين ألكره أن أغري لباس ًا ألبسنيه اهلل تعاىل.
(خرب) وروي أنه مل يشب من ولد آدم عليه السلالم أحلد قبلل إبلراهيم افليلل عليله
السالم وكان يلتبس عىل الناس بولده إسحاق لكثرة شبهه به ،فلام وقع فيه الشليب فلرق
الناس بينهام به ،وروي أنه ملا رأى الشيب قال جلربيل :ما هذا؟ قلال :الوقلار .قلال :رب
قدين وقار ًا ،وقيل يف تفسري قول اهلل تعاىل[} { :فاطر ،]37:يعني الشيب ،وقد
خضب احلسن واحلسني ابنا عيل وأخومها حممد بن احلنفية عليهم السالم وخضب غريهم
من القاحلني من القحابة والتابعني والسنة فيام خيضب به ما تضمنه.
(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن أحسن ما غريتم به الشيب احلنا
والكتم)) الكتم :عىل وقن فعل -بفتح الفاء وسكون العني والتاء معلمة باثنتني من أعىل،
ويقال أيض ًا بفتح العني لغة أخرى.
وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اليهود والنقلارى اليقلبغون فخلالفوهم)) دل
-168-
عىل استحباب افضاب ،واإلمجاع منعقد عىل أنه ال جيب.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أربع من سنن املرسلني احلنا والتعطر
والنكا ،والسوا )).
(خرب) وروي ما كان أحد يشتكي إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم وجعل ًا يف
رأسه إال قال(( :احتلم)) وال وجع يف رجليه إال قال(( :أخضبهام)).
(خرب) من كتاب (الفائق) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :افضاب باحلنا جيللو
البرص ،ويطيب النكهة ،ويطرد الشيطان)).
(خرب) منه أيض ًا وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :افضاب باحلنا يطلرد اللريح وهلو
شيمة األبرار)).
(خرب) منه أيض ًا وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :افضاب باحلنلا بلراءة للملؤمن يف
قربه من مساءلة منكر ونكري)) هذه الثالثة األخبار من الفائق مل يقح َّ سامعها ،وإنام هذا
الكتاب مشهور عند الشافعية.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :احلنا من اإليلامن)) روينلاه علن
حي الفقيه شعلة بالنون برواية الفقهاء وبراوية الزيدية -بباء معلمة باثنتني ملن أسلفل-
وذلك يدل عىل جواقه للرجال ،وقد نص القاسم عليه السالم عىل أنه ال بتس لللنب أن
حيتلم وأن خيتضب ،فإن قيل :إن قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم للمرأة التي ملدت
يدها لتبايعه(( :أيد رجل أو يد امرأة؟)) فقالت :يد امرأة .قال(( :ملاَّ ال أرى عليهلا أثلر
افضاب)) يدل عىل أن افضاب باحلنا خيتص به النساء دون الرجال وهو ناقل عن حكلم
العقل فكان أوىل باملقري إليه ،وهذا يلدل علىل جلواق ذللك للرجلال لرضلورة وغريهلا
وليست مقيدة حلكم كعي فكان افرب األول أوىل.
قلنا :هذه أكثر ورواهتا أشهر فكانت أوىل؛ ألنه اجتمع فيها وجهان:
-169-
أحدمها :أن الرشع أبا ،احلنا للرجال عىل كل حال.
قال اهلادي عليه السالم :وتكره التامثيل كلها إال ما كان رق ًام يف الثيلاب ،والتنلزه علن
مجيعها أوىل.
(خرب) وروى أبو طلحة ،عن عثامن بن حنيفة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم
رى عن القورة فقال(( :إال رق ًام يف ثوب ًا أو ثوب ًا فيه رقم)) فلام مرض أبو طلحة وهلو هلذا
الراوي ألقى حتته نمط ًا فيه صورة ،النمط- :بفتح النون -فلراش منقلوش بلالعهن وهلو
القوف املنفوش فتمر فنحي عنه فذكر قوله إال ما كان رق ًام فقال :بىل ،ولكن هلو أطيلب
لنفيس فتميطوه عني فكتنه علم أن التنزه أوىل.
(خرب) وعن أيب طلحة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :إن املالئكلة ال
تدخل بيت ًا فيه صورة)) وقاد عبيداهلل بن أيب طلحة ((إال أن يكون رق ًام يف الثياب)).
(خرب) وروي أن عائشة جعلت سً ًا فيه تقاوير إىل القبلة فتمرها رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم بنزعه وقد تقدم بتاممه.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أتاين جربيل فقال :يا حممد
أتيتك البارحة فلم أستطع أن أدخل البيت؛ ألنه كان يف البيت متثال رجلل فملر بالتمثلال
ليقطع رأسه حتى يكون كهيأة الشلرة)).
(خرب) وروي عن أسامة بن قيد أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دخل الكعبلة
فرأى فيها صور ًا فتمرين فتتيته بدلو من ماء فلعل يرضب به القورة ثم يقول (( :قاتل اهلل
قوم ًا يقورون ما ال خيلقون)).
-170-
(خرب) وروي أن جربيل نزل عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال(( :ادخل))
فقال :كيف أدخل ويف بيتك سً فيه متاثيل خيل ورجال فإما أن تقطع رؤوسها أو جتعلها
بساط ًا فإنا معاك املالئكة ال ندخل بيت ًا فيه متثال)) دلت هذه األخبار علىل أن التقلوير ال
جيوق وأن فاعله ملعون ،وعىل أن التعبد علينا بعد التقوير أن نقطع رؤوس التامثيل حتى
تكون كهيأة الشلرة أو أن نلعله بساط ًا نحن ةريون يف ذلك؛ ألن حممد ًا صلىل اهلل عليله
وحكمنا يف التكليف وحكمه واحد إال ما خقه اهلل
وآله وسلم رضب صور الكعبة باملاء ُ
تعاىل به وهو أشياء معلومة ليس هذا منها؛ وألن جربيلل عليله السلالم أملره بلتن يقطلع
رؤوسها أو جيعلها بساط ًا ،فدل عىل وقوع التعبد بذلك ،ودل أيض ًا عىل أنه جيوق التفلرش
هلا والقعود عليها.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن لبس جلود السباع ،دل ذلك
عىل أنه ال جيوق استعامل جلود ما حرم اهلل تعاىل أكل حلمه.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه كان يلبس الفرو املبطن بقوف الثعالب ليستدفء به
فإذا جاء وقت القالة نزعه ،رواه عنه يف كتاب (نزهة األبقار) ومل يقلح َّ سلامع هلذا
افرب فإن صح محلنا األول عىل أنه ال حيل لباس جلودها قبل الدب ،ومحلنا الثاين عىل أنله
جيوق لباس جلودها بعد دبغها عم ً
ال عىل ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملن
قوله(( :أيام إهاب دب فقد طهر)) وقد تقدم تفقيل الكالم يف ذلك.
(خرب) وعن عيل بن العباس قال :رى أمري املؤمنني عن أن تلبس املرأة للبس الرجلال
فتشبه هبم وكذلك رى أن تتكلم املرأة بكالم الرجال فتشبه هللم ،وكلذلك رلى أن متيشل
ميش الرجال فتشبه هبم ،وهكذا الرجل يف ذلك كله منهي عام ريت عنه املرأة.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تدخل اجلنة فحلة ملن
ال أو هبيملة ،أو رجل ً
ال تشلبه بالنسلاء ،أو املرأة النساء ،ولعن اهلل ومالئكته من أتى رجل ً
تشبهت بالرجال)).
-171-
(خرب) وروى أبو هريرة قال :رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم علن لبسلتني
وعن بيعتني وعن املالمسة ،وعن املنابذة ،وعن أن حيتبي الرجل يف ثوب واحد ليس علىل
فرجه منه يشء ،وعن أن يشتمل بثوب واحد عىل أحد شقيه ،وقلد تقلدم ملن تفسلريه يف
كتاب البيوع ما يليق به ،والباقي منه يلدل علىل أنله ال جيلوق أن يشلتمل الرجلل بلالثوب
الواحد عىل أحد شقيه ،وأن حيتبي بالثوب إذا مل يكن عىل عورته ما يسًها.
-172-
باب الستر
قال اهلل تعاىل { :
[} النور ،]30:الغض أن ال ينظر واحلفن أن ال يكشف وال يفلر،
قيل :يا رسول اهلل عوراتنا ما نتيت منها وما نذر ،قال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :احفن
عورتك إال عن قوجتك أو ما ملكت يمينك)) قيل :يا رسول اهلل لو كان أحدنا خالي ًا؟
قال(( :فاهلل أحق أن يستحى منه)).
أما النظر إىل عورة الزوجة وملك اليمني من اإلماء فقد دلت عىل جواقه اآلية وافلرب
األول ،واملراد به األمة التي جيوق وطؤها فإن كانت ممن حيرم عليه وطؤها لرضاع أو نحوه
فحكمه معها حكم األجنبي يف أنه حيرم عليه أن ينظر إىل ما دون يهتلا إىل ركبتهلا وهلو
إمجاع ،وكذلك إذا كانت ممن حيل له وطؤها ثم قوجها ملا روي (خرب) وهو ملا روي علن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا قوج أحدكم جاريته ملن عبلده أو أجلريه ال
ينظر إىل ما دون الرسة وفوق الركبة)) وصوابه إىل الركبة وأرا تدخل يف التحريم مللا روي
(خرب) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الركبة علورة)) فلدل ذللك علىل ملا
قلناه ،وقال اهلل تعاىل يف صفة املؤمنني { :
[} المؤمنو ،]6-5::دل ذلك كله عىل جواق النظر لكل
واحد من الزوجني إلال فرج صاحبه وأنه العورة بينهام وهذا قول القاسم وسبطه اهللادي
وأسباطهام وهو قول أئمتنا عليهم السالم ،وقال اهلل سبحانه { :
[} النور ،]31:قيل :يغضضن
من أبقارهن فال ينظرن إىل ما ال جيوق النظر إليه ملن العلورات وحيفظلن فلروجهن ملن
احلرام ،وقيل :حيفظنها حتى ال ينظر إىل فروجهن أحد ،والقلول األول أوىل وهلو حفلن
فروجهن من احلرام ملا قدمناه من افرب ،واآلية ،} { :قيل :ال يظهلرن
-173-
مو اضع الزينة لغري حمرم أي ما يتزين به من الثياب وغريها ،وقيل :مواضع الزينة منها فال
يبدينها لغري حمرم واختلفوا يف مواضع الزينلة فقيلل :موضلع الزينلة افلخلال والسلوار
والدملوج والقر والقالئد ونحوها قوله تعاىل } { :واختللف فيله عللامء
التفسري فقيل :ما ظهر منها من الثياب دليله قوله تعاىل { :
[}األوراف ،]31:وقيل :ما ظهر منها عىل حلد الغفللة ،وقيلل :مواضلع الزينلة ثلم
اختلفوا فقيل :الكحل ،وافاتم ،والسوار ،وافضاب ،وقيلل :الوجله والكفلان ،وقيلل:
الوجه والبنان ،وإنام رخص يف هذه املواضع؛ ألرا ليسلت بعلورة{
(خرب) ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ألسامء بنت أيب بكر(( :إن امللرأة
إذا بلغت احليض ال يقلح أن يرى منها إال هذا)) وأشار إىل الوجه والكفلني ،فلدل علىل
أرللام ليسللا بعللورة{
[} النور ،]31:فيلوق لكل واحد من
هؤالء النظر إىل مواضع الزينة الظاهرة ،واختلفوا يف تلك املواضع ما هي؟ فقيل :إنه جيوق
النظر إىل شعر ذوات رمحه وثدهين أم ًا كانت أو بنت ًا أو أخت ًا من نسب أو رضاع ،وصدرها
ويدهيا وعضدها وساقها وقدمها ما مل يقارن نظره لذلك شهوة ،فإن قارن النظلر شلهوة مل
جيز ،وكذلك إذا كان يقارن نظره شهوة حرم عليه السفر هبا وإن أمن ذلك جلاق أن ينظلر
إىل هذه املواضع وأن يسافر هبا هذا هو الذي حقله السيد أبو طالب مللذهب حييلى عليله
السالم وهو اختيار املؤيد باهلل.
قال أمحد بن حييى اهلادي :ال جيوق للمرأة أن تبدي ملحرمها شيأ ًا سوى أطراف اليلدين
والرجلني والوجه.
قال أبو طالب :جيب أن حيمل كالمه عىل أرا ال تبدي سواها للمحرم إذا مل تكن حاجة
-174-
داعية إىل ذلك ،أو كان املحرم شاب ًا ال يؤمن أن يقارن نظره شهوة قال :ألن اإلمجاع ظاهر
يف جواق نظر الرجل إىل شعر أمه وصدرها.
(خرب) غري مسموع َّ وروي أن احلسن واحلسني (عليهام السالم) كانا يلدخالن علىل
أختهام أم كلثوم وهي متشط ،وذكر املؤيد باهلل أن كلام جاق النظر إليله ملن ذوات املحلارم
جاق أن يمسه املحرم إذا أمن عىل نفسه حركة ساكن منه ،فتما ما ال جيوق له النظر إليه فلال
جيوق أن يمسه مكشوف ًا وإن مل يره وال غري مكشوف إال لرضورة فإن احتاج إىل ذلك وهي
ساترة فال بتس بذلك ،وظاهر اآلية ال يدل عىل أحلد هلذه األقلوال وال يشلهد لقلحته
فيلب الرجوع إىل دليل آخر ،وقد روى السيد الناطق باحلق وقوع اإلمجاع يف جواق نظلر
الرجل إىل شعر أمه وصدرها ،وحكى عيل بن العباس إمجاع آل الرسول عىل أنله ال بلتس
أن يمس الرجل شعر أمه وابنته ويدهنه ويمرخه ،وقد دخل يف اخلتالف عللامء التفسلري
إمجاع يف املعنى عىل جواق النظر إىل الوجه والكفني ،وأن ذلك ليس بعورة ،ومعنلى ذللك
أنه جيوق لوجنبي النظر إليه لغري شهوة ،فتما مع الشهوة فال جيوق باإلمجلاع ،قولله تعلاىل:
{ } وكل نساء املؤمنني فال حيل المرأة مؤمنة أن تتلرد بني أيدي املرأة مرشلكة
إال أن تكون أمة هلا ،وذكر املنقور باهلل عليه السالم أنه ال جيوق للملرأة املسللمة الظهلور
عىل املرأة الكتابية.
قال املنقور باهلل عليه السالم يف وصيته لبناته يف من ترجا قواجتها فتمرهلا بلان تللزم
احللاب ،وال تبدي إىل النساء الدورات ،وال ترهين شيأ ًا من حماسنها ،قوله تعلاىل { :
} قيل :اجلواري املرشكات ،وقيل :أراد العبيد واإلماء؛ ألن اللفن يشملهم
عن احلسن ،وقيل :أراد مملوك ًا مل يبل عن أيب عيل.
لدين اهلل حممد بن حييى اهلادي :ال جيوق للملرأة أن تسلفر ململوكهلا علن قال املرت
وجهها.
قال السيد أبو طالب :امللراد بله واهلل أعللم إذا مل تكلن حاجلة داعيلة إىل ذللك قلال:
و حتقيله أن حكم العبد حكم األجنبي يف أنه ال جيوق لله النظلر إىل موالتله إال ملا جيلوق
-175-
ال كان العبد أو خقي ًا إذا كان بالغ ًا ،وإليه ذهب املؤيد باهلل.
لوجنبي أن ينظر إليه فح ً
قال أبو طالب :وحيمل قول اهلل تعاىل } { :عىل رؤية الوجه والكفني
وجه رقيقهم بالذكر إن حاجة موالة العبد أن تسفر بوجهها له يكون أكثلر وأدوم ملن
احلاجة إىل األجنبي فلذلك خقه بالذكر ،قوله ريض اهلل عنه إذا مل تكن حاجلة داعيلة إىل
ذلك يدل عىل جواق ذلك عند احلاجة الداعية ووجهه( :خرب) وهو ما روى أنس أن النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطى فاطمة غالم ًا فتقبل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ومعله
الغالم فتقنعت بثوب إذا قنعت رأسها مل يبل رجليها ،وإذا غطت رجليها مل يبل رأسلها،
فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ليس عليك بتس إنام هو أبو وغالمك)) فدل عىل
أنه جيوق لغالمها ما جيوق ألبيها ،وجه القول األول أن يقال :وألنه جيوق ملا جيلوق ألبيهلا
وجه القول األول أن يقال :وألنه جيوق أن يتزوج هبا يف حال فال يكون ُحمرمل ًا -يعنلي إذا
اشًاه منها رجل ثم قوجها منه برضاها ورىض وليهلا -قولله تعلاىل { :
[} النور ،]32:قيل :الذي يتبعك ليقيب من طعامك وال حاجة له يف
النساء عن ابن عباس ،وقتادة ،وجماهد ،وقيل :الذين يقفورم كترم منهم ولليس لله يف
نسائه إربة ،وقيل :هو األبله العنني عن ابن عباس أيض ًا ،وقيل :األبله الذي ال يعرف شيأ ًا
من النساء عن جماهد وقيل :عهو الذي ينرش عن احلسن ،وقيل :املعتوه ،وقيل :امللنلون،
قوللله تعللاىل[} { :النالالور ،]32:بلامعهللن،
والطفل قد يكون واحد ًا ومجع ًا ،وقيل :هو الذي ال يقدر عىل اجلامع ،فتملا ملن قلدر علىل
اجلامع كاملراهق فحكمه حكم الرجال يف أنه ال جيوق له ذلك ملكان الشلهوة ،قولله تعلاىل:
{[} النالور ،]32:مبالغة يف األملر بلالتعفف -
يعني ال حيركن أرجلهن إذا مشني ليعلم ما خيفني من قينتهن من احليل -وقيل :ربام سلمع
صوت الزينة اففية فيطمع فيها الرجال ،وقيل :يكون بعث ًا للشهوات ودعا ًء للرجلال إىل
نفسها ،وعن احلسن قال :كانت البغايا يف اجلاهلية جيعلن يف أرجلهن افلخال فإذا ملرت
باملللس حركته فنزلت اآلية.
-176-
(خرب) وروي أن امرأة من خثعم جلاءت إىل رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
والفضل بن العباس رديف معه فكان ينظر إليها وهي تنظر إليه فحول رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم وجه فضل عنها وقال(( :شاب وشابة خشينا أن يدخل الشيطان بيلنهام))
دل ذلك عىل أنه ال جيوق لوجنبي أن ينظر إىل وجه املرأة األجنبية نظرة شهوة وال للملرأة
األجنبية أن تنظر إىل وجه األجنبي نظرة شهوة ،واإلمجاع منعقد عىل أن النظر للشلهوة ال
جيوق إال نظر الزوج إىل قوجته أو إىل ما ملكت يمينه من اإلماء اللوايت جيوق له وطلؤهن،
وأنه ال جيوق للمرأة أن تنظر نظر شهوة إال إىل قوجها ،وعورة الرجل من يته إىل ركبتله
وهو إمجاع األمة واختلفوا يف الرسة والركبة.
(خرب) وعن أيب هريرة أنه قال للحسن بن عيل عليهام السالم :أرين املوضع الذي كلان
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقبله منك فكشف له عن يته فقبلها ،فدل ذلك عىل
أن الرسة ليست بعورة.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الركبة عورة)) دل ذلك علىل أن
الركبة عورة ،واإلمجاع منعقد عىل أن كل ما جاق للرجل أن ينظره من الرجل جاق للملرأة
أن تنظر من املرأة ،واإلمجاع منعقد أنه جيوق للطبيب النظر إىل موضع العلة مغلظلة كانلت
أو ال ،وعىل أنه جيوق للقابلة أن تنظر إىل فرج املرأة إذا مل يمكنها معاجلة املرأة إال بالنظر فإن
أمكنها بدونه مل جيز باإلمجاع.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رخلص للخاطلب أن ينظلر إىل وجله
املرأة املخطوبة وكفيها.
وروى جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :إذا خطلب أحلدكم املرأة
فقدر أن يرى منها ما يعلبه فليفعل)) قال :فكنت أربت يف أصول النخل حتى رأيت منهلا
بعض ما يعلبني فخطبتها.
(خرب) وعن سهل بن أيب خيثمة أنه راى حممد بن مسلمة وهو يطلارد املرأة يبرصلها
-177-
ببرصه فقال :يا سبحان اهلل رجل من أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم ينظلر
إىل امرأة ،فقال حممد بن مسلمة :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :إذا
ألقى اهلل يف قلب أحدكم أن خيطب امرأة فال بتس أن ينظر إليها)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إليهلا
فإنه أحرى أن يؤدم بينهام)).
وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا خطب أحدكم امرأة فال جنلا ،عليله أن
ينظر إليها إذا كان إنام ينظر إليها للخطبة وإن كانت ال تعلم)).
(خرب) وروي أن أبا هريرة أراد أن يتزوج امراة من نساء األنقار فقال له النبلي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :انظر إالهيا فإن يف أعني األنقار شيأ ًا وال تنظر إال ما سوى الوجله
والكفني)) دل عىل جواق النظر له إذا أراد نكاحها إىل الوجه والكفني ،وعىل حتلريم النظلر
إىل ما عدا ذلك ،وجيوق للمرأة إذا أرادت أن تتزوج برجل أن تنظر إىل وجهه وكفيه قياس ًا
عىل الرجل.
(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :النساء شقائق الرجال)).
(خرب) قال عمر بن افطاب :ال تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم فإنه يعلبهن منكم
ما يعلبكم منهن ،دل ذلك عىل أنه جيوق له النظر إىل ما ليس بعورة وهو الوجه والكفلان
وهو نص اهلادي عليه السالم فإنه قال :جيوق له أن ينظر منها إىل ما ليس بعورة فلينظر إىل
وجهها.
قال السيدان األخوان ريض اهلل عنهام :إذا دعت احلاجة إىل النظر إليها كالشهادة عليها
أو أراد التزوج هبا أو أراد حتمل الشهادة للرضاع أو أراد احلاكم أن حيكم عليها فإنه جيلوق
النظر إىل وجهها وكفيها ،وقوله ((يؤدم بينهام)) أي تكلون بيلنهام املحبلة واملوافقلة ،قلال:
والبيض ال يؤدمن إال مؤدم ًا ،قوله يؤدم -الياء معلمة باثنتني من أسفل والدال بواحلدة
من أسفل -وذكر أبو طالب أنه جيوق النظر ألجل املعاجلة إىل مجيع بلدرا -يعنلي املعاجللة
-178-
بالدواء من الطبيب -قال :وال خالف فيه.
(خرب) وروي عن عمر أنه رضب مملوكة كانت قد تقنعت وقال هلا :أتشبهني باحلرائر،
دل عىل أنه ال عورة للمملوكة إال عىل حد عورة الرجل؛ ألرا تقيل بغري قناع بال خالف.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :علورة امللؤمن علىل امللؤمن
حرام)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ريت أن أميش وأنا عريان)) دل
عىل أنه ال ينبغي أن يكشف عورته لدخول املاء واحلامم ،وروي للامء سكان.
-179-
باب االستئذان
قال اهلل تعاىل { :
[} الن الالالالور ،]58:قولللللله تعلللللاىل:
{ }أي ليطلب اإلذن الذي ملكت أيامنكم ،قيل :هو يف أطفال املامليك والعبيد
عن أيب عيل.
قال احلاكم :وهو الوجه ألنه لو كان املراد به البلال لكانلت هلذه األوقلات وغريهلا
سواء ،فإن قيل :القبي غري مكلف ،قلنا :صحيح ولكنا كلفنا منعهم يف هذه األوقات من
الدخول إال بإذن وفيه لطف لنا وتتديب هلم ،أال ترى أرم يلؤمرون بالقلالة ويرضلبون
عىل تركها ويمنعون من القبلائح ،يزيلده وضلوح ًا قولله تعلاىل يف آخلر اآليلة { :
{
[}النور ،]58:ألن هذه األوقات ساعات الغفللة وافللوة ووضلع الثيلاب والكسلوة
فتبا ،لقغار املامليك والطفال الدخول يف سائر األوقلات سلوى هلذه الثالثلة؛ ألرلا ال
تعري من كشف العورات؛ ألن وقت الفلر وقت القيلام ملن الفلراش والظهلرية وقلت
القيلولة وخلع الثياب ،ووقت العشاء يتعرى للنوم.
وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال(( :ال تغلبلنكم األعلراب علىل اسلم
صالتكم فإنه تعاىل قال } { :وإنام العتمة عتمة اإلبلل)) وعنلد أهلل
اللغة العتمة الظلمة ،وقال افليل :العتمة من الليل بعد غيبوبة الشلفق فلإذا ثبلت ذللك
فسميت العشاء اآلخرة عتمة؛ ألرا كانلت ال تفعلل إال يف هلذا الوقلت فسلميت باسلم
-180-
الوقت توسع ًا.
(خرب) وعن البخاري أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ال تغلبنكم األعلراب
عىل اسم صالتكم)) قال :وتقول األعراب هي العشاء ،قوله :هي األرعلاب سلكت علن
قوهلم ملعرفتهم به وهو أرم يسمورا العتمة ثلم اسلتقبل الكلالم فقلال :العشلاء أي أرلا
العشاء { } يعني هذه األوقات الثالثلة {}
ضيق وحرج { }بعد هذه الثالثة{ } يدخلون علليكم وخيرجلون
يًددون عليكم بغري إذن ،وقيل :االستأذان منسوخ ،وقيل ثابت عن الشلعبي وهلو رأي
اهلادي عليه السالم فإن عنده أن حكم اآليات باق مع اراذ الستور واحلللب وال دالللة
عىل النسخ.
(خرب) وعن أيب هريرة أنه سمع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :ملن اطللع يف
دار قوم من غري إذرم ففقتوا عينه فقد هدرت عينه)).
(خرب) وروى أبو داود ،عن األعمش ،عن هذيل قال :جاء رجلل فوقلف علىل بلاب
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يستتذن فقام عىل الباب.
قال عثامن بن أيب شيبة يف حديثه مستقبل الباب فقلال لله النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :هكذا عنك أو هكذا فإنام االستأذان من النظر)).
(خرب) وعن عبداهلل بن برش قال :كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا أتى باب
قوم مل يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه األيمن أو األيرس فيقلول(( :السلالم
عليكم السالم عليكم)) دل جمموع هذه األخبار عىل أنه ال جيوق االطالع يف بيت قلوم إال
بإذرم فإن فعل بغري إذرم ففقتوا عينه مل يكن هلا أرش ،وعىل أن السنة يف االستأذان ثالث
مرات كام روي.
(خرب) وهو أن احلسن روى أن أبا موسى روى عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه
قال(( :االستأذان ثالث مرات فإن أذنوا وإال فارجع)) فدعاه عمر وقال :لتتتيني عىل هذا
-181-
بالبينة ،فقال أبو سعيد :ال يقوم معك إال صغري القوم فقام أبو سعيد فشهد لله ،وال فلرق
يف وجوب االستأذان بني املحارم وغريهم إال الزوج ،وجه ذلك:
(خرب) عن عطاء أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ستله رجل فقال :يلا رسلول
اهلل استتذن عىل أمي؟ قال(( :نعم)) قال الرجل :إين معها يف البيت ،قلال رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :استتذن عليها)) فقال الرجل :إين خادمها ،قال رسول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :استتذن عليها أحتب أن تراها عريانة)) قال :ال ،قال(( :فاستتذن عليها))
قال حييى عليه السالم :واالستأذان يكون إما بالسالم عىل أهل الدار ،وإما أن يقلول:
ندخل عليكم فاألوىل لينبههم والثانيلة ليتلتهبوا ويسلتعدوا ويتخلذوا لباسلهم ،والثالثلة
ليقولوا :ادخل أو ال تدخل ،ودلت عىل أنه إذا استتذن فليكن متنحي ًا عن الباب لأال ينظر
إليهم من خروق الباب فينظر عوراهتم ،ودلت عىل أنه ال فرق بلني أن يسلتتذن علىل ملن
جيوق له الظهور عليه أوال؛ ألنه مل يفقل بني املحارم وغريهلا ،فالظلاهر يعلم اجلميلع إال
الزوج فله الدخول عىل قوجته بغري إذن؛ ألنه ال عورة بينهام وال نعللم أحلد ًا ملن األملة
يقول بتنه جيب عليه أن يستتذن يف الدخول عىل قوجته.
-182-
-183-
كتاب الدعاوى والبيّنات
(خرب) وعن ابن عباس قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :الب ّينلة علىل
املدعي واليمني عىل املدعى عليه)).
(خرب) وعن علقمة بن وائل عن أبيه أن رج ً
ال من أهل حرضموت جاء إىل النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم مع كندي فقال :يلا رسلول اهلل هلذا غلبنلي علىل أرض كانلت أليب،
وروي عىل أرض َّ ،فقال الكندي :إرا أريض ويف يدي أقرعها وال حق لك فيها ،فقلال
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ألك ب ّينة)) قال :ال .قال(( :فلك يمينه)) فقال :إنه فلاجر
ال يباَّ بام حيلف عليه وال يتورع من يشء ،قال(( :ليس لك منه إال ذلك)).
(خرب) وعن ابن عباس عنه صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :للو يعطلى النلاس
بدعاوهيم الدعى ناس دماء قوم وأمواهلم الب ّينة عىل املدعي واليمني عىل املدعى عليه)).
(خرب) وعن أم سلمة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :إنام أنا برشل ملثلكم وإنكلم
رتقمون إَّ ولعل بعضكم أحلن بحلته من بعض وإنام أق ي بام أسمع فمن قضيت لله
بيشء من مال أخيه فال يتخذنه فإنام أقطع له قطعة من نلار)) دللت هلذه األخبلار الثالثلة
األوىل عىل أن من يدعي خالف الظاهر فيطلب بدعواه أخذ يشء من غريه أو إلزامه حقل ًا
ال يلزمه من جهة الظاهر أوإسقا حق ثابت عليه يف الظاهر فهو املدعي وجنبته أضلعف
اجلنبتني فيكلف أقوى احللتني وهي البينة ومن معه الظلاهر أو بلراءة الذملة يف دفلع ملا
حياول املدعي إلزامه فهو املدعى عليه وجنبته أقوى اجلنبتلني فيكللف أضلعف احللتلني
وهي اليمني.
-184-
قال السيد أبو طالب :وهذه اجلملة ال خلالف فيهلا ،ودل افلرب الرابلع علىل أن ملن
أحسن الدعوى فنال بحسن دعواه ما ادعى حتي ً
ال فحكم هبا له احلاكم يف الظاهر والباطن
بخالفه فإنه ال جيوق له أن يتخذه وأنه قطعة من النار.
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم يف الورثة يقر بعضلهم بلدين
قال :يدفع الذي أقر حقته من الدين ،ومل يرو خالفه عن أحد من القحابة فلرى جمرى
اإلمجاع يف كونه حلة ،دل ذلك عىل أنه إذا أقر بالدين بعض الورثة وأنكر الباقون لزمه يف
حقته القدر الذي خيقه لو أقروا مجيع ًا ،وبه قال املؤيد بلاهلل ،فلإن شلهد لله ملن الورثلة
رجالن أو رجل وامرأتان وكانوا من أهل العدالة وجب أن حيكم له بلميع دينه.
قال أبو طالب :وهذا مما ال خالف فيه ،ويدل عليه قول اهلل تعاىل { :
[} البقرة،]282:
فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروى عن أيب موسى أن رجلني ادعيا بعري ًا وثبت عىل كل واحد منهام شاهدان
فقسمه صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام نقفني.
(خرب) وروى عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده أن رجلني اختقلام إىل رسلول اهلل
رسول اهلل صلىل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعري فتقام كل واحد منهام البينة أنه له فق
اهلل عليه وآله وسلم بينهام نقفني يعني ق ي بله بيلنهام نقلفني وذللك ألرلام اسلتويا يف
السبب املوجب لالستحقاق ،دليله إذا ادعى كل واحد منهام أن امليت أوىص له بثلث ماله
وأقام البينة ،وكذلك الغريامن إذا أقاما الب ّينلة ،وكلذلك األخلوان واإلبنلان وال يللزم إذا
ادعيا نكا ،امرأة فتقاما الب ّينة فال حيكم هبا لواحد منهام؛ ألنلا قلنلا واليشلء مملا يتلبعض،
وصورته أن يكون اليشء يف يد غريمها ممن ال يدعيه ،وروي هذا القلول علن ابلن عملر،
وابن الزبري ،وعند النارص للحق أن البينتني يتهاتران ويسقطان ،وما قدمناه ملن األخبلار
حيله.
-185-
(خرب) وعن أيب موسى أن رجلني تداعيا دابة ليس ألحدمها ب ّينلة فلعلهلا رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام ،دل عىل أن اليشء إذا كان يف أيدهيام ومل يدعه سوامها ألنه
هلام؛ ألن كل منهام يده عىل النقف فكان القول قوله فيه.
(خرب) وروي أن رجلني اختقام إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم يف خلص مكلان
به ملن إليه القمط ،دل ذلك عىل أنه إذا تشاجر رجالن يف فبعث بحذيفة لينظر بينهام وق
جدار بينهام وكان وجه اجلدار إىل أحدمها دون االخر ومل تكن ألهيام ب ّينة حكم به ملن ليس
إليه وجهه قياس ًا عىل القمط؛ ألن أحد ًا مل يفقل بينهام ،وافص -بافاء معلملة بواحلدة
من أعىل مضمومة والقاد غري معلملة -بيلت متخلذ ملن ققلب ،والقملط -بالقلاف
مكسورة وبالطاء معلمة بواحدة من أسفل -أصله احلبل تشد به قوائم الشاة عند الذبح،
يقال :قمط الشاة يقمطها إذا شد قوائمها ثم استعري يف احلبل الذي يشاكل به بني الققب
ويربط به بينهام لأال يتناثر.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم يف الرجل واملرأة يتناقعان يف آلة البيت أو ورثلتهام
وال ب ّينة أنه حيكم للرجل بام خيص الرجال وللملرأة بلام رلتص بله النسلاء ،وملا يقللح
للرجال والنساء يكون بينهام ،وقد أومى إليه القاسم يف بعض مسائله.
قال أبو طالب :وهو القحيح عندنا وإليه ذهب املؤيد باهلل.
-186-
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أمرين جربيل عليله السلالم أن
أق ي بالشاهد واليمني)).
هبام يف الكوفة. (خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه ق
(خرب) وروي أن أبا بكر ،وعمر ،وعثامن كانوا يقضون باليمني ملع الشلاهد الواحلد،
وروي القضاء هبام عن ُأيب بن كعب ،وكيح ،وعمر بن عبدالعزيز ومل حيلك خالفله علن
أحد من القحابة ،فلرى جمرى اإلمجاع يف االحتلاج.
قال حييى عليه السالم :يق ي هبام يف األموال واحلقوق ،وأملا يف سلائر األشلياء فلال،
وبذلك قال النارص للحق إال أنه اعترب يف جواق ذلك كون املدعي علدالً ومل يعتلربه أحلد
غريه ،وعند قيد بن عيل ال حيكم بشاهد ويمني.
قال القاذ قيد :وحكى عن السيد املؤيد باهلل أنه كان متوقف ًا عليه.
(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أجلاق شلهادة رجلل ملع يملني
فال خلالف أنله ال املدعي يف احلقوق ،فدل ذلك عىل ما قلناه ،فتما يف احلدود والققا
حيكم فيها بالشاهد الواحد ويمني املدعي ذكره أبو طالب.
ال من بني سعد أجرى فرس ًا له فوطئ أصبع رجل فامت فًافعوا
(خرب) وروي أن رج ً
إىل عمر فقال للمدعى عليهم :أحتلفون؟ قالوا :ال ،فخرجلوا ،فقلال للملدعي :أحتللف؟
فكان هذا رد ًا منه لليمني علياملدعي.
(خرب) وروي عن الشعبي أن املقداد استقرض من عثامن سبعة آالف درهم فللام كلان
وقت القضاء جاء بتربعة آالف درهم فًافعا إىل عمر ،فقال املقداد :حيلف ويتخذ ،فقلال
عمر :لقد أنقفك ،فلم حيلف عثامن ،فلام قام املقداد قال :واهلل لقد استقرض منلي سلبعة
آالف ،وقول عمر لقد أنقفك كان رد ًا لليمني عىل علثامن؛ وألن رد اليملني ملروي علن
عمر ،وعثامن ،وحذيفة ،واملقداد ،ومل يرو خالفه أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع،
دل ذلك عىل أن املدعى عليه إذا رد اليمني عىل املدعي كان ذللك حقل ًا ويللزم امللدعي أن
-187-
حيلف ،نص عليه حييى عليه السالم ،ويدل عليه ظاهر قول اهلل تعاىل {
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :الب ّينة العادللة أوىل
من اليمني الفاجرة ،دل ذلك عىل أن من ادعى عىل غريه حق ًا وأنكره املدعى عليه وحلف
ثم أتى املدعي بالب ّينة سمعت بينته ،وهو الذي نص عليه اهلادي يف (املنتخب).
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ح ّلف رج ً
ال فقال(( :قل واهلل الذي ال
إله إال هو)) دل عىل أن اليمني التي حيلف هبا من يتوجب عليه اليملني أن يقلول كلذلك،
وقد نص عىل هذا املعنى يف (املنتخب).
(خرب) وروي أن ركانة بن عبداهلل قلال لرسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم :إين
طلقت امرأيت سهيمة البتة واهلل ما أردت إال واحلدة ،فقلال رسلول صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :واهلل ما أردت إال واحدة)) قال ركانة :واهلل ما أردت إال واحدة ،دل ذللك علىل
حكمني:
أحدمها :أن اليمني التي حيلف هبا من توجهت عليه اليمني يف احلكم أنه إن اقترص فيها
عىل أن يقول واهلل أجزاه وهو الذي نص عليه يف (املنتخب).
وثانيهام :أنه ال يقح اليمني يف الدعاوي إال أن يستحلفه احللاكم ،للذلك أعلاد عليله
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم اليمني ومل حيتسب بام حلفه قبل ذلك؛ وألن االعتبلار
بنية احلاكم فإذا حلف من غري استحالفه نوى ما ال حينث به فيلعل ذلك طريق ًا إىل إبطال
-188-
احلقوق.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من حللف علىل منلربي بيملني
آثمة فليتبوأ مقعده من النار)) دل عىل تعظيم إثم من حلف فاجر ًا عىل منربه صىل اهلل عليه
وآله وسلم ،وال يدل عىل أنه جيب عىل افقم أن تتعلق يمينه به وال علىل تغللين اليملني
باملكان وال بالزمان لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اليمني عىل املدعى عليله)) ومل
يشً الزمان وال املكان.
(خرب) وروي أن حرضمي ًا ادعى عىل كندي أرض ًا غقبها عليه أبوه فقال له النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :ليس لك إال شاهدا أو يمينه)) قال :فإذن حيلف باهلل الذي ال إلله
إال هو أنه ال يعلم أن أباه غقبها فطلب اليمني عىل العلم؛ ألرا علىل فعلل أبيله ،والنبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم أقره عىل ذلك ،دل ذلك عىل أن من ادعى عليه حق يتعلق بغريه
وال يتعلق به بل من جهة غريه نحو أن يدعي املدعي أنه كان له عىل مؤرثه من أب أو غريه
حق من احلقوق يلزمه افروج منه فعليه اليمني عىل العلم ال عىل القطع ،فتما إذا كانت يف
حق خيقه وال يتعللق بغلريه فعليله اليملني علىل القطلع ،وقلد نلص علىل ذللك كلله يف
(املنتخب).
-189-
-190-
كتـاب اإلقـرار
أما السنة (خرب) فام روي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم رجلم ملاعز ًا حلني أقلر
بالزنا.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :أغد يا أنيس إىل امراة هذا فإن
اعًفت بالزنا فارمجها)) وهذا كان يف ققة العامرية ،فبعث أنيس ًا لريمجها إن أرصت علىل
اإلقرار.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أتى ملن هلذه القلاذورات شليأ ًا
فليستً بسً اهلل فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حق اهلل)).
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم جلد كاحة اهلمذانية ورمجهلا حلني أقلرت بالزنلا
عنده فقال :جلدهتا بكتاب اهلل ،ورجتمها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وأملا
اإلمجاع فذلك ظاهر.
-191-
باب من يصح إقراره ومن ال يصح
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع القلم عن ثالثلة علن
القبي حتى يبل ،وعن النائم حتى يستيقن ،وعن امللنون حتى يفيق)) دل ذلك علىل أن
القبي وامللنون ال يقح إقرارمها.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع عن أمتي افطلت والنسليان
وما استكرهوا عليه)) دل عىل أن إقرار املكره ال يقح ،ويدل عليه أيضل ًا قلول اهلل تعلاىل:
{[} البقالرة ،]256:وال يقح إقرار اهلاقل فيام يعلم من ققده رضورة أنله
ققد به اهلزل واهلزؤ كام ال حيمل ما لفظه لفن األمر ويعلم أنه أراد التهديد عىل األمر نحو
[} { ،]41:األنعالالام،]153: قللول اهلل تعللاىل[} { :فصالالل
{ } وكام يقول املعلم لووالد الذين يعلمهم :العبوا ويعلم من ققده التهديد،
فكذلك ما نحن فيه ،وكذلك ال يقح إقرار من يعلم أنه كاذب يف إقراره نحو أن يقر بقتل
رجل قد علم أنه قتل قبل مولده أو نحو ذلك وهو إمجاع فحقل مما ذكرنلاه أن كلل بلال
عاقل حر غري حملور عليه أقر بحق عليه ةتار ًا غري مكره وهو غري هاقل وال يعللم كذبله
فيام أقر به صح إقراره ،واشًطنا احلرية؛ ألنا أردنا من يقح إقراره علىل اإلطلالق ،فتملا
يف بدنه؛ ألنه إقرار بام خيقه وهو غلري ملتهم فيله العبد فيقح إقراره بام يوجب الققا
وال يقح إقراره باملال؛ ألنه إقرار عىل غريه وهو مواله كلام ال يقلح إقلرار ملواله عليله
بالققا واحلد ،وإذا أقر العبد بامل أتلفه ومل يكن متذون ًا وأنكلره ملواله طوللب بله إذا
عتق وإذا أقر عليه مواله بامل صح إقراره؛ ألنه إقرار يف ماله ،فتما امللتذون فيقلح إقلراره
يف ما يتعلق بتلارته حر ًا كان أو عبد ًا؛ ألنه يقح أن يكون القبي متذون ًا إذا كان له متييز،
قال اهلل تعاىل[} { :النساء ]6:اآلية ،وال يمكن ابتالؤهم
إال بتن يؤذن هلم يف البيع والرشاء ،ويقح إقرار األخرس إذا أشار بإشارة يفهم هبا مراده،
-192-
ووجه ذلك (خرب) وروي أن هيودي ًا عدا عىل جارية وأخذ أوضاحها ورضخ رأسلها بلني
حلرين فقال هلا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :هل فعل هذا بلك فلالن)) يعنلي
بعض اليهود فتشارت برأسها ال ،فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :ففلالن))
يعني قاتلها ،فتشارت نعم ،فتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فرضخ رأسه بلني
حلرين)).
أصمتت فقلال هللا احلسلن واحلسلني علليهام (خرب) وروي أن أمامة بنت أيب العا
السالم ألفالن كذا ألفالن كذا فتشارت برأسها أي نعم ،فلربأت وأجلاقت وصليتها ،دل
ذلك عىل أنه يقح إقرار األخرس إذا أشار بإشارة يفهم منها معنى اإلقرار ،وما ذكرناه يف
املحلور سيتيت بيانه يف باب احللر إن شاء اهلل تعاىل.
وأما السكران ففيه خالف بني العلامء ،فعند القاسم عليه السالم أنه إن كان يعقلل ملا
أقر به لزمه حكم إقراره ،وإن كان ال يعقل مل يقح إقراره.
فصل
قلللال اهلل تعلللاىل { :
[} البقرة ،]282:السفيه :نقيض احلليم ،والسفيه :الذي جيهل قدر املال
وال يمتنع عن تبذيره وال يرغب يف تثمريه ،والضلعيف :هلو األمحلق ،واألمحلق :نلاقص
الوَّ عن السفيه ومن
العقل ،قيل :واإلمالل اإلقرار واالعًاف ،فدلت اآلية عىل أن فعل ّ
هو يف معناه يقوم مقامه فعله يف إظهار احلق الذي عليه واالعًاف بله واإلقلرار جيلب أن
يكون مثله عىل قول من مل جيعل اإلمالل هو اإلقرار ،فتما من جعله اإلقرار فظاهر صحته
عنه.
(خرب) وعن عمر أنه كتب إىل أمرائه :أن ال تورثوا احلميل إال ببينة ،وقد تكلم فيه أهل
الرشع وأهل اللغة.
-193-
فتما أهل الرشع فقالوا :احلميل حيتمل ما جيلب من بالد الكفلر ،وحيتملل ملن حيملل
يقر بتخ له فيلب أن يكون افرب حمموالً عليهام ،وهلذا ال
نسب إنسان إىل غريه ،نحو من ّ
يعرف خالفه فهو كاإلمجاع يف كونه حلة.
قال السيد أبو طالب :عىل أن األقرب أن يكون مسموع ًا كاملسند؛ ألن طريقة االجتهاد
تضعف فيه ،وهذا كله ذكره ملذهب حييى عليه السالم.
قال القايض قيد :وقد أشار املؤيد باهلل إىل جواق إقرار النسب يعني ملذهب نفسه.
وأما أهل اللغة فقالوا :احلميل اللذي يلؤتى بله ملن بللدة غريبل ًا ،واحلميلل اللدعي،
واحلميل :الكفيل ،ويف احلديث(( :احلميل غارم)) وقالوا يف هذا افلرب امللروي علن عملر
قيل :املراد بذلك إرث مواله الذي أعتقه ،وجه قول املؤيد باهلل أن اإلقرار باإلبن يقح مع
األب واألخوة وإن سقط حلق التعقليب فكلذلك يقلح وإن سلقط حلق اللوالء؛ ألن
تعقيب النسب أقوى من تعقيب السبب.
-194-
-195-
كتاب الشهادات
[}البقرة.]283:
وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملن ادعى عىل غريه شيأ ًا(( :ليس للك
إال شاهدا أو يمينه)).
وأما اإلمجاع فذلك ظاهر.
-196-
باب حكم الدخول في الشهادة وبيان ما يفتقر إلى الشهادة من
العقود وما ال يفتقر
أملللا اللللدخول فيهلللا فيلللدل عليللله قلللول اهلل تعلللاىل { :
[}البقالرة ،]282:فإنه يدل عىل أنه جيب عىل الشهود أن يشهدوا باحلق الذي علموه إذا
طلب منهم إقامة الشهادة ومتكنوا من أدائها.
قال أبو طالب :وال خالف أن أداء الشهادة مع اإلمكان واجب إذا طلب ذلك من لله
وتتوله القاسم عليه السالم مع ذلك عىل أرم ال يتبوا إذا دعوا ليشهدوا عىل التابع،
طلبهّ ،
وتتوله السيدان أبو العباس وأبو طالب عىل أن املستشهد ال جيد ملن يشلهد غلري أولألك
ّ
الشهود ،واملشهود عليه غري مؤمتن فيخاف تلف احلق إذا مل يشهد عليله فيكلون اللدخول
فيها واجب ًا مع اإلمكان عىل طريق دفع الرضر عن املسلم؛ لأال يضليع مالله ،فلإن املسللم
يلزمه أن يمنع من تضييع مال املسلم إذا أمكنه ذلك قلول اهلل تعلاىل { :
أحدمها :أن اهلل تعاىل رى الكاتب عن أن يمتنع من كتابة الشهادة أو أن حيرفها ويغريها
قال اهلل تعاىل[} { :البقالرة ،]282:ورلى الشلاهد أن
يتمتنع عن أدائها أو يغري الشهادة أو حيرفها ويشهد هبا عىل مقتضاها ،وهلذا التتويلل هلو
الذي ذكره حييى عليه السالم.
وثانيهام :أن املراد {[} البقرة ،]282:أي ال يمنعان من إشغاهلام
وترصفهام وحيمالن عىل الكتابة والشهادة ،أي ال يضار هبام فيكون اسم ما مل يسم فاعلله،
ويكون الفعل لغريمها هبام قلول اهلل تعلاىل[} { :اإلسالراء،]36:
وقوله تعاىل[} { :الزخرف ،]86:دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن
-197-
يشهد إنسان بام ال يعلمه ويتيقنه فعىل هذا ال جيوق له أن يشهد بام يراه مكتوب ًا بخطله ملا مل
يعلمه ويتيقنه ،وهو الذي نص عليه اهلادي يف (األحكام) ،يزيده وضلوح ًا (خلرب) وهلو
قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد وإال فدع)).
(خرب) وروى طاووس عن ابن عباس قال :سأل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم
عن الشهادة فقال(( :هل ترى الشمس))؟ فقال :نعم ،قلال(( :علىل مثلهلا فاشلهد أو دع))
{ قول اهلل تعاىل للنبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم:
[} المنالالالالالافقو ،]1::دل
ذلك عىل أن من شهد بلاحلق وهلو ال يعلمله حقل ًا وإن كلان حقل ًا عنلد اهلل تعلاىل وعنلد
القادقني فإنه كاذب يف شهادته لفساد اعتقاده وهو أنه يعتقده باط ً
ال وألن قول اهلل تعاىل:
{[} الزخالرف ،]86:يدل علىل أن الشلهادة بلاحلق مرشلوطة
بالعلم فمتى مل يعلم الشاهد املشهود به مل تكن شهادته واقعة باحلق ،وقوله تعلاىل حكايلة
عن األسبا عليهم السالم[} { :يوسالف ،]81:فدل ذللك علىل ملا
قلناه ،وقول اهلل تعاىل[} { :الطالق ،]2:وقوله تعاىل { :
[} البقرة ،]282:يدل كله عىل اعتبار عدالة الشهود ،وأنه جيب علىل احللاكم إذا
أراد أن حيكم بشهادهتم ومل يكن يعرف عدالتهم أن يستل عن عدالتهم ،وألن البحث عن
عدالتهم حق اهلل تعاىل بداللة أن افقم لو ريض بتن احلاكم يقبل شهادة من ليس بعدل مل
يقر بثبوت حق بعد ثبوت شهادة من ليس بعدل حكلم عليله بلإقراره،
يلتفت إليه إال أن ّ
وقول اهلل تعاىل { :
[} المائدة ،]106:نزلت اآلية يف متيم الداري وأخيه عدي
خرجا إىل الشام وكانا نرصانيني ومعهام بديل موىل وهو مسلم مهلاجر خرجلوا جتلار ًا إىل
الشام فلام قدموا الشام مرض بديل وكتب كتاب ًا فيه نسخة مجيع ما معه وطرحه يف جوالقه
-198-
ومل خيرب صاحبيه بتوقيعه وأوىص إليهام وأمرمها أن يدفعا متاعه إذا رجعا إىل أهلله وملات
بديل ،فتخذا من متاعه إناء من فضة منقوش ًا بالذهب ودفعا باق املتاع إىل أهلله مللا قلدما،
ففتشوا فتصابوا القحيفة يذكر ما كان معه وفيها ذكر اإلناء ،فقلالوا لتمليم وعلدي :إنلا
فقدنا من متاعنا إنا ًء من فضة فيه ثالثامئة مثقال؟ قاال :ما ندري؟ إنلام أوىص إلينلا بيشلء
وأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا باإلناء من علم ،فرفعومها إىل رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم فتنزل اهلل تعلاىل هلذه اآليلة والتلي بعلدها ،وقولله } { :أي
ليشللهدكم { } أي أسللبابه ومقدماتلله{ } أي :وقللت
الوصية { } أي من أهل مللتكم وديلنكم { } أي
من غري أهل ملتكم ،وكانت شهادة غري أهل امللة مقبولة ثم نسخ ذلك ،وقيل { :
}أي من قبيلتكم وح ّيكم{ } من غري رفقتكم وقبيللتكم كلهلم
مسلمون{ } أي سافرتم فيها {
[} المائالدة ،]106:قال عامة املفرسين :من بعد صالة العرص وأهلل األديلان
يعظمون ذللك الوقلت ،ويتلنبلون فيله األكاذيلب احلللف الكلاذب {
}أي شككتم يف صدق اآلخرين اللذين ليسا من أهل ملتكم{}
أي ال نبيع عهد اهلل بعوض نتخذه من الدنيا{ } أي ولو كان املشلهود لله ذا
قربى ،أي واملعنى ال نحلايب يف شلهادتنا أحلد ًا وللو كلان ذا قربلى{}
أضيفت إىل اهلل تعلاىل؛ ألملره بإقامتهلا والنهلي علن كتامرلا{ } أي إن
كتمناها ،وملا رفعوعهام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نزلت اآلية فتمر رسول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يستحلفومها باهلل الذي ال إله إال هو ما قبضنا له غري هذا وما
وخيل سبيلهام ،ثم اطلع عىل ٍ
إناء من فضة معهام فارتفعوا إىل النبي كتمنا ،فحلفا عىل ذلك ّ
صىل اهلل عليه وآله وسلم فنزل قلول اهلل تعلاىل } { :أي إن
ُأط ّلع عىل أرام أتيا خيانة فاستوجبا إث ًام بيميلنهام الكاذبلة { } أي
مقام الشاهدين اللذين من غريكم أي من ورثة امليت { }أي األقربلان إىل امليلت،
وقرأ محزة األولني وهو نعت جلميع الورثة{
-199-
[} المائدة.]107:
قال ابن عباس :ليميننا أحق من يمينهام وسم ّيت اليمني شهادة؛ ألرا كالشلهادة فقلام
اثنان من مواَّ بديل فحلفا فدفع اإلنلاء إلليهام وإىل أوليلاء امليلت{ } أي اللذي
حكمنا به أقرب {[} المائالدة ،]108:عىل أوليلاء امليلت {}
فيقضون عىل خيانتهم وكذهبم فيفتضحوا ويغرملوا ،وهلذه اآليلة داللة علىل أن للحلاكم
حتليف الشهود عند االرتياب هو رأي اهلادي عليه السالم ،فإن قيلل :إن اآليلة نزللت يف
أهل الذمة وهي منسوخة؛ ألنه ال جتوق شهادهتم عىل املسلمني ،قلنا :اآلية تضلمنت ذكلر
الشهود من املسلمني ومن غريهم ،ثم عقب هذه اجلملة بتن الشهود تقسم عند االرتيلاب
من غري رقيص ،فإذا نسخ منها حكم أهل الذمة كان احلكم الذي هو جلواق التحليلف
عند االرتياب وهو الشك يف شهادهتم ثاني ًا ،فإن قيل :ذلك حكم خيتص أهل الذمة ،قلنا:
اإلرتياب ال خيقهم ومل يقل تعاىل :فيقسامن باهلل؛ ألرلام ملن أهلل الذملة بلل قلال{:
-200-
ال غري ما كنت شاهدته وهبرتني هيبته ،فادعى رجل عىل رجلل حقل ًا فلتنكره امللدعى
رج ً
عليه وستله البينة ،فتتى هبا وح ّلف الشهود ،فعلبت من ذلك فلام تفرق النلاس ودنلوت
منه فقلت :أهيا اإلمام رأيتك ح ّلفت الشهود ،فقال :هذا رأيلي أنلا أرى حتليلف الشلهود
احتياط ًا عند بعض التهمة ،وما تنكر من هذا؟ وهذا قول طاووس من التابعني ،وقد قلال
اهلل تعاىل[} { :المائدة.]107:
قال الفقيه :فاستفدت يف تلك احلال مذهبه ،وقول من قال به من التلابعني ،والدالللة
عليه .إىل آخر الققة وهي طويلة وفيها فوائد.
فصل
وألنه جيوق تفريق الشهود عن الشهادة نص عليله اهللادي ،وكلان عليل عليله السلالم
يفعله ،فالتحليف عند الريبة والتهمة مقيس عليه.
فصل
وأما بيان ما يفتقر إىل الشهادة من العقود فهو النكا ،كام تقدم بيانه.
وأما سائر العقود فتقح من دون اإلشهاد ،دليله (خرب) وهو ما روي أن النبلي صلىل
ال من جلابر ومل يشلهد عليله فللو كلان العقلد مفتقلر ًا إىل
اهلل عليه وآله وسلم اشًى مج ً
الشهادة ألشهد.
ل والفلرس (خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم اشًى فرس ًا من أعرايب وم
مع األعرايب فتنكر األعرايب البيع فقال النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :قلد اشلًيته))
فقال األعرايب :من يشهد ..فقال :صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من يشهد)) فشهد له خزيمة
بن ثابت األنقاري ،فقال(( :كيلف شلهدت؟)) فقلال :أصلدقك يف أخبلار اآلخلرة وال
-201-
أصدقك يف أخبار الدنيا ،ووجه الدليل من موضعني:
أحدمها :أنه لو كان أشهد لكان حيرض من يشهد ولن حيت إىل أن يقول(( :ملن يشلهد
َّ)).
والثاين :أنه قال فزيمة :كيف شهدت؟ وأجاب بام أجاب ،فدل ذلك عىل أنه مل يشهد،
ودل افربان عىل صحة البيع من دون اإلشهاد.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ثالثة ال يستلاب هلم ،رجلل
باع شيأ ًا ومل يشهد عليه ،ورجل معه امرأة سيأة ومل يطلقها ،ورجل دفع إىل سفيه ماله)) دل
ذلك عىل حكمني:
أحدمها :إثبات البيع من دون اإلشهاد؛ ألنه قال باع شيأ ًا فتثبت البيع.
والثاين :أن تضييع املال ال جيوق ،ومن مجلة تضييعه أن يبيعه ممن ال يثق منله بالوفلاء أو
يدفع ماله إىل سفيه فيضيعه.
-202-
باب بيان من تجوز شهادته ومن ال تجوز
قال اهلل تعاىل[} { :البقرة،]143:
والوسط :العدل وافيار ،قال:
إذا نزلت إحدى اللياَّ بمعظلم وهم وسط يرىض األنام بحكمهم
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تقبل شهادة ملة عىل ملة إال
ملة اإلسالم فإرا جتوق عىل امللل كلها)) دل ذلك عىل جواق شلهادة العلدل ،ودل علىل أن
الكفر ملل ةتلفة وأن شهادهتم مجيع ًا ال تقبل عىل مللة اإلسلالم ،وأن شلهادة أهلل مللة
اإلسالم تقبل عىل مجيع أهل امللل ،وقوله تعاىل[} { :الطالالق،]2:
وقوله عز قائالً[} { :البقالرة ،]282:يدل ذلك علىل جلواق احلكلم
بشهادة العدل إذا كان عدالً لغري مواله ،وهو الذي نقه اهلادي يف كتاب (الفنون) مطلقل ًا
من غري ذكر املوىل.
قال املؤيد باهلل :يعني لغري مواله وهو الذي نص القاسم عليه السالم ،وهو مروي عن
عيل عليه السالم ،وروي ذلك عن أنس ،وكيح ،وبه قال النارص للحق ،ورواية أخلرى
عن القاسم عليه السالم أنه ال يقبل ،وقد روي ذلك عن ابن عباس ،فلإن قيلل :إن قولله
تعاىل } { :إشارة إىل األحرار ولوال ذلك لكان ال فائدة يف قوله منكم بل
كان يكفي ذوى عدل ،ومن للتبعيض وليس العبد بعض األحرار ،قيل :بل هلو خطلاب
للمسلمني والعبيد القاحلون من مجلة املسلمني ،ومن تقبل شهادته من املسلمني البلد أن
يكون ذا عدالة يف نفسه إذ ال خالف يف أن من اشلتهر بالكلذب وشلهادة اللزور ال تقبلل
شللهادته ،وقوللله تعللاىل { :
[} البقرة ،]282:وقوله تعاىل { :
[}الطالق ،]2:يدل ذلك كله عىل جواق شهادة ذي اللرحم لرمحله إذا كلان ملن أهلل
-203-
العدالة وممن يرىض ،وهو قول أكثر العًة عليهم السالم ،وهو مروي عن عمر ،وكيح،
وعمر بن عبدالعزيز ،أما شهادة األخ ألخيه فقد روي أن ابلن عملر وابلن مسلعود قلبال
شهادة األخ ألخيه وال ةالف هلام يف القحابة.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم رواية أخرى وهي القول بتنه ال تقبل شلهادة وللد
لوالده إال احلسن واحلسني فإن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم شهد هلام باجلنة.
أجوق شهادة الولد لوالده.
قال املؤيد باهلل :إن صح هذا عن عيل عليه السالم فال ِّ
(خرب) وروي أن عمر ملا جلد الثالثة الذي شهدوا عىل املغرية بن شعبة بن الزنا وهلم
أبو بكرة ،وسهل بن معبد ،وثالث قيل :قيادة ،وقيل :نافع ،قال :توبلوا تقبلل شلهادتكم
فتاب اثنان فقبل شهادهتام ،ومل يتب أبو َبك َْرة فرد شهادته ومل خيالفه أحد ،دل عىل أنه تقبل
شهادة القاذف إذا تاب ،وهو الذي نص عليه القاسم عليه السالم وقال :أملارة توبتله أن
يكذب نفسه إذا كان كاذب ًا.
قال القايض قيد :وهو الذي ذهب إليه سائر أصحابنا.
فصل
وإذا قنا من ظاهره العدالة أو فعل كبرية مل تقبل شهادته إال بعد التوبلة باإلمجلاع فلإن
تاب فعندنا أنه البد من اختباره مدة يقلح فيها عمله ،واألقرب أن االعتبار باختبار توبته
سنة؛ ألنه قل أن يستقيم يف كل السنة إال وقد صلحت ييرتله وثبتلت توبتله وحسلنت
طريقته ،قال اهلل تعاىل[} { :النسالاء ،]146:فاعترب اإلصال ،،وهلذه
املدة يتبني هبا صالحه من فساده فوجب اعتبارها ،والذي يدل علىل وجلوب قبلول توبلة
القاذف قول اهلل تعاىل { :
[} النور ،]5-4:دل قوله تعاىل } { :عىل أن
-204-
القاذف إذا تاب خرج بالتوبة من الفسق وقبللت شلهادته ،وبله قلال حييلى اهللادي عليله
السالم ،وهو قول عمر وعطاء ،وطاووس ،وسعيد بن جبري ،والضحا ،وقد ثبت رجوع
االستثناء يف آية املحاربني إىل مجيع ما تقلدم فكلذلك هاهنلا وهلذا مبنلي علىل أن اجلملل
املعطوف بعضها عىل بعض بحرف العطف وهو الواو جيري جمرى مجلة واحدة بدليل أنله
ال فرق بني قول القائل :أعدائي ال حتسن إليهم وبني قوله :أعدائي وهلم بنلو متليم وبنلو
هذيل وفزارة ال حتسن إليهم يف أن قوله :ال حتسن إليهم يرجع إىل اجلميلع كلام يرجلع إىل
اجلملة الواحدة فإذا ثبت هذا فاالستثناء جيب أن يرجع إىل مجيع اجلمل املعطوف بعضلها
عىل بعض بالواو كام يرجع إىل اجلمل الواحدة إال بلدليل يمنلع ملن رجوعله إىل مجيعهلا
ويوجب محله عىل آخر مجلة وليس هلذا موضلع الكلالم يف ذللك ،وروي أن عليل ًا عليله
السالم كان يتمر بحك أصابع القبيان عىل احللائط إذا يقلوا ،دل ذللك علىل أنله جيلوق
تتديبهم هبذا القدر.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان حيكم بشهادة بعض القبيان عىل بعلض ملا مل
يتفرقوا ،وهو حممول عند أئمتنلا علليهم السلالم علىل أنله يرجلع إىل قلوهلم يف التتديلب
واإلفزاع ال يف إمضاء احلكم بشهادهتم إال اهلادي عليه السالم فإنه محله عىل ظلاهره ،وبله
قال عبد اهلل بن الزبري فإنه كان يق ي بشهادة القبيان فيام بينهم ،وهلو قلول ماللك ،فإنله
ذهب إىل أنه حيكم بشهادة بعض القبيان عىل بعض يف اجلرا ،دون غريها ما مل يتفرقوا أو
خيالطوا الكفار إال أن يكونوا قد أشهدوا العدول عىل شهادهتم قبل أن يتفرقوا ،ودل قول
اهلل تعاىل[} { :البقرة ،]282:علىل أن شلهادة القلبيان ال
جتوق؛ ألرم ليسوا من الرجال ،وكذلك شهادة امللنون ال تقح باإلمجاع ،ودل ما ذكرناه
يف اآليات املتقدمة يف قوله تعاىل } { :ويف قوله عز قائالً { :
[}البقالرة ،]282:عىل أن شهادة الفاسق غري مقبولة؛ ألنه ممن ال يرت ي وألنه ليس
مللللن أهللللل العدالللللة ،ولقللللول اهلل تعللللاىل { :
[}الحجرات ،]6:فتمر اهلل تعاىل بالتبني والتثبت عند خرب الفاسق ،فدل عىل أن شهادته
-205-
وأكل، وقد ذكر اهلادي عليه السالم عىل التعيني أن من الكبائر الفرار من الزحف،ال تقبل
يعنلي- والقتلل، وكب افملر، والزنا، وقذف املحقنات، واللوا، ومال اليتيم،الربا
والكذب عىل اهلل تعاىل وعىل رسوله، وأكل أموال الناس ظل ًام، وشهادة الزور-بغري احلق
.صىل اهلل عليه وآله وسلم
وشلهادة املخنلث ال،ذلك أن شهادهتم عنلده ال تقبلل فاقت:قال السيد أبو طالب
وال صلاحب، وال من يقلامر، وال من يرشب املسكر، وال شهادة من يلعب باحلامم،تق بل
. وال نايح وال ناحية،غنا
:أما الفرار من الزحف فلقول اهلل تعاىل
{ :ًقائال وقوله عز،]155::}[آل ومرا
،
.]6-5:}[األنفال
{ :وأما الربا فلقوله علز وجلل
،
-206-
من كتابنا هذا إن شا اهلل تعاىل.
وأما قذف املحقنة فلقول اهلل تعاىل { :
(خرب) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال جتوق شهادة خاين وال خاينلة،
وال قان وال قانية ،وال ذي غمر عىل أخيه)) دل عىل أن من فعل شيأ ًا من هذه الكبائر ردت
شهادته وسائر الكبائر مقيسة عليها.
وأما كب افمر فلقوله تعاىل { :
[} المائالدة ،]90:وقللد ذكرنللا طرفل ًا مللن السللنة يف كتللاب
األطعمة واألكبة من هذا الكتاب.
وأما القتل بغري حق فلقول اهلل تعلاىل { :
-207-
((شاهد الزور ال تزول قدماه حتى يوجب اهلل له النار)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال بعد انرصافه ملن صلالة القلبح:
باهلل ثالث ملرات)) ثلم تلال قلول اهلل تعلاىل{ : ((عدلت شهادة الزور باإلكا
[} الحج ]30:اآلية.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن لشاهد الزور لعل ًام يعرف بله
يوم القيامة يبعثه اهلل عاض ًا عىل لسانه يقرضه بتسنانه يلهث هلثان الكلب يف الرعي)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ومن شهد شهادة اللزور علىل رجلل
مسلم أو ذمي أو أحد من الناس علق بلسانه مع املنافقني يف الدر األسفل من النار)).
وأما أكل أموال النلاس ظلل ًام فلقلول اهلل تعلاىل { :
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق ،عن قيد بن عيل ،عن عيل عليه السلالم أنله قلال :قلال
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :عرشة من عملل قلوم للو فاحلذروهن :إسلبال
-208-
الشارب ،وتقفيف الشعر ،ومتضلي العللك ،ورليلل اإلقار ،وإسلبال اإلقار ،وإطلارة
احلامم ،والرمي باجلالهق ،والقفري ،واجتامعهم عىل الرشاب ،ولعلب بعضلهم بلبعض))
دل ذلك عىل قبح هذه األفعال وحظرها ،إسبال الشارب تر تققريه حتى يسًخي عىل
فيه ،وتقفيف الشعر ظاهر ،ورليل اإلقار افلل الفرجة بني الشيأني وهو كل فرجة تقع
يف يشء ولعله أراد بذلك أن حيلل إقاره عىل وجه تبدو عورته ،وإسبال اإلقار علىل وجله
افيال والتكرب ،وإطارة احلامم عىل وجه املقامرة واملباراة بني احلامم ،والرمي باجلالهق هلو
قوس البندق ،والقفري ظاهر ،واجتامعهم عىل الرشاب.
(خرب) وعن احلسن أنه قال :ما اجتمع قوم قط قلوا أو كثروا عىل هلو ولعب وباطل إال
أغلقت عنهم أبواب الرمحة ،ونزلت عليهم اللعنة ،ومثل هذا ال يكون إال عن النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم؛ ألنه ال يعلم أحكام األفعال إال اهلل تعاىل ،فليعلم هبلا رسلله علليهم
السالم.
وأما لعب بعضهم ببعض فالذكر يعلو الذكر وقد قدمنا حكمه.
وأما كب املسكر (خرب) فلقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إذا سكر فاجللدوه
،ثم إذا سكر فاجلدوه ،ثم إذا سكر فاجلدوه ،ثم إذا سكر فارضبوا عنقه)).
مر بقوم يلعبون
وأما القامر بالشطرن ونحوه فلام روي (خرب) عن عيل عليه السالم أنه ّ
بالشطرن فلم يسلم عليهم ثم أمر رج ً
ال من فرسانه فنزل فكرسها وحرق رقعتها وعقلل
كل واحد ممن كان يلعب هبا وأقامه ،فقالوا :يا أملري امللؤمنني ال نعلود ،فقلال :إن علدتم
عدنا.
(خرب) وروى حممد بن منقور ،عن عيل عليه السالم أنه قال :سلتة ال يسللم علليهم:
اليهللود والنقللارى ،وامللللوس ،واملتفكهللون باألمهللات ،والللذين بللني أيللدهيم افمللر
وا لرياحني ،والذين يلعبلون بالشلطرن ،املتفكهلون بتمهلاتم اللذين يعيبلون النلاس بلام
يكرهون ،ذكره أبو جعفر الباقر عليه السالم.
-209-
(خرب) وعن ابن مسعود أن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم رلى علن اللعلب
بالشطرن ،دل ذلك عىل قبح اللعب هبا؛ ألن احلكيم ال ينهى عن احلسن إنلام ينهلى علن
القبيح.
(خرب) وعن القادق جعفر بن حممد ،علن أبيله قلال :قلال عليل عليله السلالم النلرد
والشطرن هو امليرس.
(خرب) وعن ابن موسى أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من لعب بالنردشلري
فقد عىص اهلل ورسوله)).
(خرب) وروى بريدة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :ملن لعلب بالنردشلري
فكتنام غمس يده يف حلم خنزير ودمه)).
قال املؤيد باهلل عليه السالم :ال أعرف خالف ًا يف حتريم النرد.
وأما الغنا فلام ورد من األخبار نحو (خرب) وعن عيل عليه السالم قال :قال رسول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :بأس البيت بيت ال يعرف إال بالغنا)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لست من الد ّد وال الد ّد مني)) وروي:
((ما أنا من الد ّد وال الدد مني)) والدد :هو اللهو واللعب.
(خرب) وهبذا اإلسناد إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إيلاكم والغنلا فإنله
ينبت النفاق يف القلب كام ينبت املاء الشلر)).
(خرب) وقيل يف تفسري قوله تعاىل { :
[}لقمالالالا ، ]6::إنللله الغنلللا ،وقيلللل يف تفسلللري قولللله تعلللاىل { :
[}المالدثر ، ]45:يريد به سامع اللهو ،وقيلل يف تفسلري قولله تعلاىل { :
[} العنكبوت ]29:هو اللهو واللعب ،وقال تعاىل {:
[}األوراف.]51:
-210-
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أول
من تغنى إبليس ثم قمر ثم حد ثم نا.))،
أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال: (خرب) وروى عبداهلل بن عمرو بن العا
((إن اهلل حرم عىل أمتي افمر ،وامليرس ،واملزملار ،والكوبلة ،والقنلني)) فالكوبلة الطبلل،
والقنني الرببط ،وقيل :القنينة -بالقاف ونونني بينهام ياء معلمة باثنتني من أسفل :-لعبة
للروم ،وقيل :هلو يشء يتقلامرون بله ،وقيلل :التقنلني الرضلب بلالقنني وهلو الطنبلور
باحلبشية ،والكوبة :النرد ويقال :الطبل.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :متسلخ أملة ملن أمتلي لرشلهبم
افمر ورضهبم بالكوبة واملعاقف)).
(خرب) وعن ابن عباس أنه قال :الدف حرام ،والكوبة حرام ،واملعاقف حرام ،واملزمار
حرام.
(خرب) وعن كعب األحبار قال يف الكتاب الذي أنزله اهلل عىل اموسى يف التلوراة :إنلا
أنزلنا احلق لنذهب به الباطل ،ونبطل اللعب ،والزفن واملزامري ،وامللزاهري ،والكبلارات،
والشعر ،وافمر ،وأقسم اهلل بعزته بعد أن حرمتها إال سقيته إياها يف حظرية القدس .ويف
كلعبله بامرأتله احلديث أن اهلل أنزل احلق ليذهب به الباطل واللعب إال ما هو ةقلو
ولعبه بفرسه ،ومناضلته بقوسه ،وعىل حتريم الرقص؛ ألن الزفن اللرقص ،وعلىل حتلريم
الزمر باملزمار ،وعىل حتريم املزاهر مجع مزهر -بكرس امليم وسكون الزاي -واملزهلر :هلو
العود الذي يرضب به.
أما املزامري فهي التي ينفخون هبا ،واملزاهري :الدفوف ،والكبارات :الطنابري؛ ألن الكرب
-بالباء معلمة بواحدة من أسفل والباء مفتوحة :-الطبل الذي له وجه واحد.
(خرب) وروينا عن الشيخ العامل أيب احلسني البرصي أنه روي بإسناده أن رج ً
ال قال:يلا
رسول اهلل قد ُجعل َّ رقق يف الغنا فعسى أن تتذن َّ فيه ،فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم:
-211-
((ال تفعل فإن عدت إليه ألربن مالك أو آلمرن بنهب مالك)) ذكره يف كتاب الغلرر فليام
حكاه َّ من أثق به ،دلت هذه األخبار وما أشبهها مما مل نذكره عم ً
ال عىل االختقلار علىل
أن مجيع املالهي ال جتوق ،وعند أئمتنا عليهم السالم أن ملن فعلل شليأ ًا ملن ذللك ردت
يف اللعب هبا كام تقدم حتقيقه فتما من مل يفعل شهادته إال ما ذكرناه يف احلامم فإنه ةقو
ذلك فإنه جيوق له متلكها ،لداللة (خرب) وهو ما روى عبادة بن القامت أن رج ً
ال شكا إىل
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم الوحشة فقال(( :ارذ قوج ًا من احللامم)) فلدل ذللك علىل
جواق اقتنائها والتسمع ألصواهتا ،فتما األكل منها ومن فراخهلا وبيضلها فلال خلالف يف
جواقه ،فإن قيل :إن يف األخبار ما يدل عىل جواق الغناء نحو (خرب) وهو ما روي أن عمر
كان إذا خال يف داره ترنم بالبيت والبيتني ،واستؤذن عليه لعبدالرمحن بن عوف وهو يًنم
فقال :أسمعتني يا عبدالرمحن؟ قال :نعم ،قال :إنا إذا خلونا يف مناقلنلا نقلول كلام يقلول
الناس.
(خرب) وكذلك ما روي عن أيب الدرداء أنه قلال :إين أجلم قلبلي بيشلء ملن الباطلل
ألستعني به عىل احلق.
(خرب) وروي أن علثامن كلان يسلمع الغنلا إىل وقلت السلحر ثلم يقلول هلذا وقلت
االستغفار.
مر بلارية حلسان بن ثابلت
(خرب) وكذلك ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ّ
وهي تقول :هل عيل وحيكام إن هلوت من حرج ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال
حرج إن شاء اهلل تعاىل)).
(خرب) وكذلك ما روت عائشة قالت :كان عندي جاريتلان تغنيلان فلدخل أبلو بكلر
فقال :مزمار الشيطان يف بيت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :دعهام فإرا أيام عيد)) فاجلواب أن ذلك حممول عندنا عىل احللدا أو
عىل نشيد األعراب وذلك جائز ،وال نعلم فيه خالف ًا ،دليلله (خلرب) وروى ابلن مسلعود
قال :كان مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ليلة نام بالوادي حاديان.
-212-
(خرب) وروت عائشة قالت :كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف سفر وكان
عبداهلل بن رواحة جيد احلدا وكان مع الرجال ،وكان أنلشة مع النساء فقال النبلي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم لعبداهلل بن رواحة :حر بالقوم فاندفع يرجتز فتبعه أنلشلة فتعنقلت
اإلبل يف السري فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يا أنلشة رويد رفق ًا بالقوارير)).
(خرب) وروى عمرو بن الرشيد عن أبيه قال :أردفني رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم وراءه فقال(( :أمعك من شعر أمية بن القلت يشء؟)) قلت :نعم .قلال(( :هلات))
فتنشدته بيت ًا فقال :هيه ،فتنشدته بيت ًا آخر ،فقال :هيه ،فتنشدته إىل أن بلل مائلة بيلت ،دل
ذلك عىل جواق احلدا ونشيد األعراب.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال للحادي(( :أسمعنا من غنائلك))
أراد احلدي دون ما رى عنه من الغنا؛ وألن أخبارنا يف الغنا حارضة وهي أكثر وأشهر فإن
ما ذكرناه هنا يف النهي عن الغنا إال ما هو كامللة يف الللة والقطرة من مطرة فهي باملقري
إليها أوىل ،فإن قيل :فام تقولون يف األخبار الواردة عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
املبيحة للغنا ونحوه يف النكا ،،فمنها ما نورده هاهنا.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أعلنوا النكا ،،وارضبلوا عليله
بالغربال)) روته عائشة ،والغربال :املنخل.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سلمع دفل ًا يف بعلض بيلوت األنقلار
فقال(( :ما هذا))؟ فقيل :فالن يا رسول اهلل نكح ،فقال(( :احلمد هلل أشيدوا بالنكا.))،
(خرب) من صحيح البخاري عن عائشة أرا قفت امرأة إىل رجل من األنقار فقال نبي
اهلل(( :يا عائشة ما كان معكم هلو فإن األنقار يعلبهم اللهو)).
(خرب) منه أيض ًا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت :جاء النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم فدخل حني بني َّ فللس علىل فلرايش فلعللت جويريلات لنلا يرضلبن باللدف
ويندبن من قتل من آبائي فقالت إحداهن :وفينا نبي يعلم ملا يف ٍ
غلد ،فقلال :دعلي هلذا
-213-
وقوَّ الذي كنت تقولني.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أعلنوا هذا النكا ،،واجعلوه يف
املساجد ،وارضبو عليه بالدفوف)).
قال املؤيد باهلل :وهذا ال عىل طريقة الغنا والتطريب فإنه كان كالعالمة للنكا ،ذكره يف
الرش.،
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أعلنوا النكا.))،
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سمع صوت دف ملن بعلض بيلوت
األنقار فقال(( :ما هذا))؟ فقيل :فالن يا رسول اهلل نكلح ،فقلال(( :احلملد هلل النكلا ،ال
السفا ،،أشيدوا بالنكا ،وارضبوا عليه بالغربال)).
(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم
أنه رى عن نكا ،الرس.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أعلنلوا هلذا النكلا ،وارضبلوا
عليه بالدف)).
قلنا :عن ذلك أجوبة منها أن أئمة العًة سالم اهلل عليهم أكثرهم ال يرى بلواق ذلك
يف النكا ،إال الغربال ،ونحوه من الدبادب ال للطرب فال ينبغي العدول علن طلريقتهم،
ومنها أرا حممولة عند بعضهم عىل اإلشادة للنكا ،بام جيوق هذه األشياء عىل وجه التشبيه
وامللاق ،يقال :طبل هبذا األمر أي شيع وهذ قلد ذكلره بعضلهم ،وبعلض هلذه األخبلار
حيتمل هذا التتويل وبعضها ال حيتمله بحقيقته وال جماقه ،ومنها أن األخبار األوىل عامة يف
وهلذه األخبلار خاصلة للنكلا، مجيع املالهي ويف مجيع األوقات ومجيع هذه األشخا
والقضاء بلواق مجيع ذلك يف النكا ،خاصة ،وجيب االنقيلاد فيلب بنا العام عىل افا
للرشع فإن ما كان عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فإنه متخوذ عن اهلل تعاىل لقوله
تعاىل[} { :الالنجم ،]4-3:فإذا كان ذللك ملن اهلل
-214-
تعاىل فهو حكمة وصواب{[} األنبيالاء ،]23:فإن قيل :قلد
أجزتم شعر األعراب فام تقولون يف قول النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :ألن يملتيل
جوف أحدكم قيح ًا فرييه خري له من أن يمتيل شعر ًا)).
قلنا :املراد به ما كان قبيح ًا من الشعر نحو الشعر املتضمن هللا رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أو سب غريه من القلاحلني أو يتضلمن الكفلر بلاهلل تعلاىل أو الترصليح
بالكذب أو نحو ذلك ،وكالشعر يف امرأة معينة ال جيوق للشاعر يلذكرها باسلمها وعينهلا
فيكون ذلك سبب ًا للقالة فيها ،يعضده (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال:
((إن الشعر بمنزلة الكالم حسنه كحسن الكالم وقبيحه كقبيح الكالم)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن من الشلعر حلكملة)) وكلان
للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم شعراء منهم حسان بن ثابت ،وكعب بن مالك يف آخرين،
وكانت الوفود يقدمون عليه بعد فتح مكة فيقوم شلاعرهم فيشلعر وخطيلبهم فيخطلب،
ويقوم شاعر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يشعر وخطيبه خيطب ،وقد كلان مجاعلة ملن
أئمة اهلدى وغريهم من األولياء يقوللون الشلعر وقلد قلال اهلل تعلاىل { :
[} الش الالعراء-224:
،]227فدل ذلك عىل ما قلناه.
وأما النائح والنائحة فلام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ليس منلا
من حلق وال سلق ،وال من خرق ،وال من دعى بالويل والثبور)).
قال قيد بن عيل عليه السالم :احللق حلق الشعر ،والسللق القليا ،،وافلرق خلرق
اجليب ،ومما يدل علىل أن السللق القلوت الشلديد قلول اهلل تعلاىل { :
[}األحالزاب ،]19:يقال :سلقه بلسانه إذا أذاه وبه فرست اآلية ،وسلق أي صلا ،،ويف
احلديث(( :لعن اهلل السالقة واحلالقة وافارقة)) تعني التلي ترصلخ عنلد املقليبة وحتللق
شعرها وررق ثياهبا.
-215-
(خرب) وروي أن جعفر بن أيب طاللب ريض اهلل عنله مللا قتلل اجتمعلت النسلاء عنلد
علمهن بموته فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رج ً
ال ينهاهن فنهاهن فلم ينللع ريله
فقال له(( :أسكتهن فإن سكتن وإال فاحث يف أفواههن الًاب)).
(خرب) وروي أن النساء ملا بكني عىل محزة ريض اهلل عنه قال النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :أما محزة فال بواكي له)) اجتمع نساء املسلمني فبكني عليه وكلان ذللك يف غلزاة
ٍ
يومأذ عن النو ،والنياحة ،وهذا أحد قال هلن بعد فراغهن(( :ارجعن متجورات)) ثم رى
ناسخ؛ ألنه رى بعد بكائهن عىل محزة ريض اهلل عنه ،وافرب األول يدل عىل النسخ أيضل ًا؛
ألن جعفر بن أيب طالب رمحه اهلل قتل بعد محزة بزمان؛ ألنه قتل يف غلزاة مؤتلة ،والنياحلة
هي تعديد حماسن امليت ،وإذ قد فرغنا من الكالم يف بيان أحكام هلذه األفعلال فلنعلد إىل
متام الباب وهو فيمن جتوق شهادته ومن ال جتوق.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تقبل شهادة ذي الظنلة
وال العدو عىل عدوه ،وال تقبل شهادة الغمر عىل أخيه)) وصلوابه ذي الغملر علىل أخيله
والغمر :احلقد وهو -بالغني معلمة -يقال :غمر صدره عليه -بكرس املليم وبلالراء -إذا
حقد.
(وخرب) وروى طلحة بن عبيد اهلل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أملر مناديل ًا
ينادي(( :أال ال جتاق شهادة خقم وال ظنّني)) دلت هذه األخبار عىل أنله ال تقبلل شلهادة
واحد من هؤالء وترد شهادة من يعرف بكثرة السهو والنسليان والغفللة؛ ألنله ال يلؤمن
عليه ذلك ،وعند املؤيد باهلل تقبل شهادة افقم عىل خقمه إذا كلان علدالً ،وقلال عليله
السالم :إنه ينظر يف حال الشاهد فإذا كانت حماسنه أكثر قبلت شهادته وإذا كانت مساويه
أكثر ر ّدت ،وهذا جيب أن يكون بعد اجتنابه الكبائر أمجع.
وقال املؤيد باهلل :إذا ارتكب معقية ال شبهة عنده أرا معقية ويفعلها جراءة علىل اهلل
مل تقبل شهادته ،وهذا إنام قال ذلك ملا ثبلت ملن تغللين حكلم اإلسلاءة عملد ًا ورفيلف
حكمها غلط ًا وخط ًت إذ ال يوجد من يفعل الطاعة وال خيلطها بمعقية خطت كام يف (خلرب)
-216-
وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما منا إال ملن عىصل أو هلم بمعقلية إال
حييى بن قكريا)) فلهذا فرق املؤيد باهلل بني العمد وغريه.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :حيكم بشهادة اليهود بعضهم عىل بعض.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان حيكم بني أهل الكتاب بشهادة بعضهم عىل
بعض ويستحلفهم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم رج ً
ال وامرأة قنيلا ملن اليهلود
بشهادة أربعة منهم ،دل ذلك عىل أنه تقبل شهادة أهل الكتاب بعضهم عىل بعض.
(خرب) وروي أن القحابة ملا اختلفوا يف حكم امللوس قال عمر :كيف أصنع بقوم ال
كتاب هلم؟ قال عبدالرمحن بن عوف :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول:
((سنوا هبم سنة أهل الكتاب غري ناكحي نسائهم ،وال آكيل ذبلائحهم)) دل ذللك علىل أن
امللوس ليسوا بتهلل كتلاب ،وعلىل أن أحكلامهم أحكلام أهلل الكتلاب إال يف النكلا،
والذبيحة.
(خرب) وروى حذيفة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أجاق شلهادة القابللة ،دل
ذلك عىل أنه جيوق قبول شهادة امرأة واحلدة فليام ال يطللع عليله الرجلال ملن اسلتهالل
املولود ،وأمراض الفروج ونحو ذللك ،وهلو اللذي نلص عليله حييلى عليله السلالم يف
اجلامعني وهو املروي عن عيل عليه السالم.
(خرب) وعن الزهري قال :مضت السنة ملن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
. وافليفتني من بعده أال جتوق شهادة النساء يف احلدود والققا
ال (خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :ال تقبل شهادة النساء يف احلدود والققلا
مع الرجال وال وحدهن ،دل ذلك عىل أن شهادهتن ال تقبل يف ذلك.
-217-
باب الشهادة على الشهادة
، (خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :ال تقبل شهادة عىل شهادة يف حد وال ققلا
رواه قبد ين عيل عليه السالم عنه؛ وألن طريق إثبات الشهادة عىل الشلهادة اإلمجلاع وال
إمجاع إال يف األموال دون احلدود والققا ،فوجب أن يكلون جواقهلا مققلور ًا علىل
األموال ،وقوله تعاىل[} { :البقرة ،]282:ومل يفقل ،دل
ذلك عىل أنه جيوق شهادة رجل وامرأتني عىل شهادة رجلني وأن يشهد رجالن عىل شهادة
رجل وامرأتني ،وإذا ثبت ذلك فاعلم أن الشهادة ال جتوق إال لعذر نحو أن يكون املشهود
ال أو خائف ًا وال يمكنه حضور جملس احلكم ،نص عىل مجيع هلذاعىل شهادته غائب ًا أو علي ً
املعنى يف (املنتخب) وكذلك إذا كان شاهد األصل ميتل ًا ،فلدل عليله كلالم حييلى عليله
السالم ذكره أبوطالب ،وذكر املؤيد باهلل ،وعيل بن بالل يف مقدار الغيبة التي جيلوق معهلا
الشهادة عىل الشهادة أربعة فراسخ ررجي ًا عىل أصل القاسم وحييى عليهام السالم.
قال القايض قيد :وهذا صحيح ،وعند املؤيد باهلل جيب أن يكون شهود األصلل فلوق
مسرية يوم.
-218-
باب اختالف الشهادات
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لن يغلب عرسل يرسلين)) رواه
احلسن وقتادة.
(خرب) يف رواية احلسن أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :أتاكم اليرس أتاكم اليرسل))
فكانوا يقولون :ال يغلب عرس واحد يرسين؛ ألرم محلوا قلول اهلل تعلاىل { :
[ الشالر ،]6-5::عىل أن العرس إن ثني فهو واحلد؛ ألن الثلاين هلو
األول؛ ألنه كالعهد الذي يوجب رصف افطلاب إىل املعهلود ،فلدل ذللك علىل أن كلل
أقر بعرشة فهام نكرتان فكتنه قال:
أقر بعرشة ثم ّ
نكرتني تكررتا تكرر معنامها فعىل هذا إذا ّ
عيل عرشون بخالف ما إذا قال :عيل العرشة ،ثم قال :عيل العرشة؛ ألن العرشة األخلرى
ّ
ترجع إىل العرشة األوىل ،فكتنه قال :عيل العرشة.
-219-
باب ما يبطل الشهادة وما ال يبطلها
قوله تعاىل[} { :الزخرف ،]86:وقوله { :
.}
وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد وإال فدع)) يدل
عيل بام تسمعه مني ثم سمع منله إقلرار ًا بحلق ذلك عىل أن رج ً
ال لو قال لرجل :ال تشهد ّ
بغري جاق أن يشهد به ،نص عليه يف (املنتخب).
(خرب) وأما قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :خري أمتي القرن الذي بعثت فيهم،
ثم الذين يلورم ،ثم الذين يلورم حتى ينشت قوم يشهدون وال يستشهدون وينذرون وال
يوفون)) فاملراد به من يشهد بام ال يعلم؛ ألن األغلب أن الشاهد إنام يعلم عند االستشلهاد
وحيتمل أرم ال يستشهدون لعظم جرمهم وفسقهم فيكون قوله(( :وال يستشهدون)) ذمل ًا
هلم كام ذمهلم بقولله(( :وينلذرون وال يوفلون)) وقولله تعلاىل { :
-220-
-221-
كتاب الوكاالت
أما الكتاب فقوله تعاىل يف ققة أصلحاب أهلل الكهلف { :
[} الكهالف ،]19:وقوله يف ققة يوسف { :
[} يوسف ،]55:وهذا رضب من التوكيل ،وقوله تعاىل { :
وأما الطهارة فيلوق أن يقب املاء علىل أعضلائه ويطهرهلا عنلد الرضلورة ،وذلكلم
-222-
معاونة ال نيابة.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر عمر بلن أيب سللمة وكلان صلبي ًا
يتزوي أمه أم سلمة منه ،دل ذلك عىل أن القبي إذا كان مميز ًا بفعل البيلع والرشلاء جلاق
توكيله ،وألنه يقح أن يكون متذون ًا كام تقدم (خرب) وهو ما تقدم أن عليل ًا عليله السلالم
ل لله وكل عقي ً
ال فلام أسن وكرب وكل عبداهلل بن جعفر فقال :ما ق ي عليه فعيل وملا ق
فيل ،فخاصم عبداهلل بن جعفر طلحة بن عبيد اهلل يف ظفري أحدثه متخوذ ملن هلذا املعنلى
رجع ولو ك لنقل ألن الداعي إىل نقل ذلك واحد ،دل عىل جواق التوكيل من غري إذن
افقم ،ودل عىل أنه جيوق وكالة احلارض ،وإن مل حيرض بنفسه؛ ألن علي ًا عليه السالم وكل
يف خقللوماته مللع حضللوره يف اجلهللة ،وأخللرب أنلله إنللام يؤكللل فيهللا وال حيرضللها؛ ألن
افقومات قحم يتقحمها الشيطان ومل خيافه أحد فلرى جمرى امللمع عليه لكونه حلة،
والقحم :املهالك.
(خرب) وهو أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم دفع إىل عروة البارقي دينار ًا وأمره أن يشًي
شاة ،دل ذلك عىل أن من وكل غريه ليشًي له شيأ ًا فعني اجلنس والثمن صحت الوكالة.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعلث جيشل ًا وأملر علليهم قيلد بلن
حارثة مواله وقال(( :إن قتل قيد فتمريكم جعفر ،فإن قتلل جعفلر فلتمريكم عبلداهلل بلن
رواحة)) دل ذلك عىل أنه لو قال :إذا جلاء رأس الشلهر فقلد وكلتلك بكلذا صلح ذللك
التوكيل؛ وذلك ألنه أذن يف الترصف يف املال فلاق تعليقه برش كالوصية واإلمارة.
(خرب) وروى ثوبان موىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال :قال رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :رأس الدين النقيحة)) قلنا :يا رسلول اهلل مللن؟ قلال(( :هلل ولرسلوله
ولكتابه وألئمة املسلمني وللمسلمني عامة)) دل ذلك عىل أن الوكيل إذا تعلقلت وكالتله
بتمرين:
أحدمها :فيه نظر للموكل وجب عىل الوكيل أن ينظر ما فيه احلن واملقلحة للموكلل؛
-223-
ألن ليس من النقح أن يً ذلك ،ودل هذا افرب (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :ال رضر وال رضار يف اإلسالم)) عىل أنه إذا كان يف بعلض ملا وكلله فيله إرضار
باملوكل مما مل جير به العرف ومل يلزمه احلكم مل يقح ترصفه فيه ومل يكن فيله وكاللة ،فلدل
ذلك عىل أن إقرار الوكيل عىل املوكل ال يقح؛ ألن يف ذللك رضر ًا حاصلالً ،وألنله إنلام
وكله لدفع احللة وإسقا احلق إذ لو كان غرضه اإلقرار بله مللا احتلاج إىل توكيلل غلريه
بذلك وال أتى به من نفسه وهذا واضح واحلمدهلل.
(خرب) وما روي أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم دفلع إىل علروة البلارقي دينلار ًا
ليشًي به شاة فاشًى شاتني فباع إحدامها بدينار وأتى النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم
بشاة ودينار فدعا له بالربكة فكان لو اشًى الًاب لربح فيه ،دل ذلك عىل أنه لو وكله أن
يشًي له عبد ًا أو هبيمة بامئة وأعطاه املائة فاشًى ما وكله فيه بنقف ما أعطاه ورد إليله
الباقي صح ذلك؛ ألنه قاد خري ًا.
-224-
كتاب الكفالة بالبدن
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اللزعيم غلارم)) واللزعيم هلو
الكفيل فاقت أن كل قعيم يغرم ما صار قعي ًام فيه وهو حيتملل الكفاللة بلالنفس وامللال
فيحمل عليهام ،وقال تعاىل حاكي ًا عن يعقوب عليه السالم :قلال {
[} يوسف ]66:وهذه كفالة بالنفس.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أن رج ً
ال كفل لرجل بنفس
رجل.
(خرب) وروي أنه عليه السالم طلب الكفيل عن ابن عمر حني استتجله فتكفلت به أم
كلثوم ابنته.
(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه خرج فسمع رج ً
ال وهو يؤذن وهو يقول :أشهد أن
مسيلمة رسول اهلل ،قال :فكذبت سمعي ووقفت حتى سمعت أصحابه يرصخون بذلك
فرجعت وبعثت إليه فتحرضته وقلت :سمعت ما سلمعت ملا فعلل القلرآن؟ قلال :إنلام
أتقيكم به ،فتمر برضب رقبته ثم استشار أصحابه فقالوا :يستتابون ويكفلون عشلائرهم،
فإذا ثبت هذا عن عيل وعبداهلل بن مسعود ومل يثبت عن غريمها خالفه جرى جمرى اإلمجاع
فيكون حلة ،وألن أخذ الكفيل من املدعى عليه قد جرى بله عملل املسللمني ملن أيلام
القحابة والتابعني إىل يومنا هذا من غري نكري.
(خرب) وعن جابر قال :صليت مع عبداهلل بن مسعود الغداة فلام سلم قام رجل فحمد
اهلل وأثنى عليه وقال :أما بعد ..فواهلل لقلد بلت البارحلة وملا يف نفيسل أحنلة وإن كنلت
استطرقت رج ً
ال من بني حنيفة وكان أمرين أن آتيه بغلس فانتهيت إىل مسلد بني حنيفلة
مسلد عبداهلل بن النواحة فسمعت مؤذرم يشهد أن ال إله إال اهلل وأن مسيلمة رسول اهلل
فكذبت سمعي وكففت فريش حتى سمعت أهل املسللد قلد تواطلؤا علىل ذللك فقلال
-225-
عبداهلل بن مسعود :عيل بعبداهلل بن النواحة فحرض واعًف ،فقال له عبداهلل :أين ما كنت
فحلز
ّ تقرأ من القرآن؟ قال :كنت أتقيكم به ،قال له :تب ،فتبى فتمر به فتخرج إىل السوق
رأسه ،ثم شاور أصحاب حممد صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بقيلة القلوم فقلال علدي بلن
حاتم :ثؤلول كفر قد أطلع رأسه فتحسمه ،وقال جابر بن عبداهلل ،واألشعث بلن قليس:
استتبهم فإن تابوا فكفلهم عشائرهم فاستتاهبم فتابوا وكفلهم عشائرهم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال كفالة يف حد)) دل عىل أنله ال
تقح الكفالة يف احلدود.
-226-
باب الكفالة بالمال وضمانه
ال خالف يف صحة الضامن واألصل فيه.
(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :الزعيم غارم)) والزعيم هو الكفيل وهو
حيتمل الكفالة بالنفس واملال ،فوجب محله عليهام؛ ألنه جيب محل كلالم احلكليم علىل ملا
أمكن من الفوائد ،وكذلك قول اهلل تعلاىل { :
[ يوسف ،]72:والزعيم هو الكفيلل كلام
تقدم.
(خرب) وعن جابر قال مات منا رجل فغسلناه وكفناه ووضلعناه لرسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم حيث توضع اجلنائز ثم آذنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فللاء
معنا خطا ثم قال(( :لعل عىل صاحبكم دين ًا)) قالوا :نعم ديناران ،فتخلف فقال لله رجلل
منا يقال له أبو قتادة :يا رسول اهلل مها عيل فلعل رسول اهلل يستوثق عىل أيب قتادة ويقول:
ّ
فقلىل عليله مها عليك ويف مالك وحق الرجل عليك وامليت منهام بلريء ..قلال :نعلم.
فلعل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول :ما صنعت يف الدينارين حتى كان
آخر ذلك قال :قد قضيتهام يا رسول اهلل ،فقال(( :اآلن بردت عليه جلدته)).
(خرب) وكذلك أجاق صىل اهلل عليه وآله وسلم ضامن عيل عليه السالم عن امليت الذي
كان عليه دين إذ قال :هل عىل صاحبكم من دين؟ قالوا :نعم درمهان ،فامتنع من القلالة
عليه ،فقال عيل عليه السالم :مها عيل يا رسول اهلل ،فلام ضمنه عيل عليه السالم صىل عليه
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ويف خرب آخر أنه ستل علي ًا عليه السالم بعلد ذللك:
أقضيت دين أخيك؟ فال :نعم .قال(( :اآلن بردت عليه جلدته)) وقد قيل :مل يقلل عليله
تعظي ًام ألمر الدين واملظامل ،فقد قيل :إنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يكن يقيل عىل أحلد
عليه دين وربام فعل ذلك حث ًا للناس عىل قضاء ديورم ،وقيل :مل يقل عليله؛ ألنله لليس
-227-
ومن بتهل للقالة ،ولكن يف صالة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من االختقا
السكينة ومن الرمحة ما ليس يف صالة غريه فلم يقل هو وأمر غريه بالقلالة عليله ،فللام
ضمن عيل عليه السالم دينه صىل بنفسه صىل اهلل عليه وآلله وسللم وقلد روي أنله قلال:
((ص ّلوا عىل صاحبكم)) وقيل :حيتمل أن ذلك القدر مل يكن فسق ًا؛ ألنه مل يثبت أنه ماطلله
وال أنه كثري فلذلك صىل عليه.
-228-
بنا ًء عىل مذهبنا يف الوعيد.
-229-
باب الحوالة
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :إذا أحيلل أحلدكم علىل غنلي
فليحتل)) رواه أبو هريرة ،وروي(( :إذا أحيل أحدكم عىل ميل فليتبلع)) دل افلربان علىل
جواق احلوالة وعىل صحتها ،وعىل أنه ليس من ك صلحتها رىض املحلال عليله؛ ألنله
أطلق صىل اهلل عليه وآله وسلم ومل يشً رضاه ،وإنام الذي يعترب رىض املحيل واملحتال
صحت احلوالة وانتقل املال من املحيل إىل املحال عليه وبرس املحيل.
فإذا رضيا بذلك ّ
(خرب) وروي أن جد سعيد بن املسيب كان له عىل عيل حلق فسلتله أن حييلل لله علىل
رجل كان له عليه السالم حق عليه ففعل ومل يقل إىل حقه فللاء إىل عليل عليله السلالم
فتخربه بذلك ،فقال له عيل عليه السالم :اخًت علينا غرينا أبعلد اهلل ،وذللك يف أيلام
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدل ذلك عىل أن انتقاله كان معلوم ًا مقرر ًا.
-230-
-231-
كتاب التفليس
باب الحبس
(خرب) وروي أن أناس ًا من أهل احللاق اقتتلوا بينهم قتي ً
ال فبعث إليهم رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم فحبسهم.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس رج ً
ال يف هتمة.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :مطل الغني ظلم)) فإذا جاق حبسه يف
التهمة ففي الظلم أجوق.
ال أعتق شقق ًا له يف مملو حتى
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس رج ً
باع غنيمة له.
وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه كان حيبس يف النفقلة،
ويف الدين ،والققا ،واحلدود ،ويف مجيع احلقوق ،واحللبس يف احلقلوق مملا جيلري بله
عمل املسلمني من لدن القحابة إىل يومنا هذا قد أطبقوا عليه قوالً وفعالً ،دل ذلك علىل
أنه إذا ثبت احلق عىل رجل لغريه واهتم بالغنا وأنكر فإنه حيبس حتى ينكشف حاله ويتبني
أمره؛ ألنه مل يرو عن أحد من السلف أنه طالب من ثبت له احلق عىل غريمه بإقاملة البينلة
عىل أنه موي ،فإذا ثبت حبسه فمدة احلبس غري مؤقتة وإنام هي مقدار ما ينكشلف أملره
ويتبني حاله ،وقول اهلل تعلاىل[} { :البقالرة ،]280:يلدل
عىل أن الغريم إذا ثبت إعساره عند احلاكم بالبينة العادلة فإنله حيلال بينله وبلني غرمائله،
-232-
ويمنع احلاكم غرماءه عن مالقمته؛ ألن اهلل تعاىل قد أنظره إىل وقت يساره.
فتما خرب قياد بن حبيب عن أبيه قال :أتيت النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم بغلريم
فقال(( :إلزمه)) فليس فيه أن احلاكم قد حكم بإعساره وهو موضع النزاع مع أنه معارض
هبذه اآلية.
-233-
باب ذكر من أفلس
والسلعة املشًاة قائمة بعينها (خرب) وروى سمرة بن جندب قال :قال رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :من وجد متاعه عند مفلس فهو أحق به)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق حييى بن احلسني عليه السالم علن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أدر ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غريه)).
(خرب) وروى اهلادي أيض ًا عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أيام رجل ملات أو
أفلس فقاحب املتاع أوىل باملتاع إذا وجد بعينه)).
ٍ
امرس أفللس ثلم وجلد (خرب) وعن أيب هريرة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :أيام
رجل سلعته عنده بعينها فهو أوىل هبا من غريه)) وروي(( :إذا أفلس الرجل وعنده سللعة
قائمة بعينها لرجل فهو أوىل هبا من غريه)) وروي(( :إذا أفلس الرجل وعنده سلعة قائملة
بعينها لرجل وعليه دين فهو أحق هبا من الغرماء)).
(خرب) وعن أيب هريرة أيض ًا أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :إذا باع الرجل السلعة
وأفلس مشًهيا فوجدها البايع بعينها ومل يقبض من ثمنهلا يشء فهلي لله ،وإن كلان قلد
قبض من ثمنها شيأ ًا فهو أسوة الغرماء)) دل ذلك عىل أن من اشًى سلعة ثم أفلس قبلل
توفري ثمنها والسلعة قائمة بعينها كان البائع أوىل هبا بتخذها بزيادهتلا ونققلارا إن شلاء،
وإن شاء كان أسوة الغرماء ،هذا قول حييى عليله السلالم ومعنلى قولنلا :إنله أفللس أنله
أنكشف أن ماله ال يفيء بديونه؛ إذ املفلس من عليه ديون ال يفيء ماله هبا ،والقلول بتنله
أوىل بالسلعة مروي عن عيل عليه السالم وعثامن وال ةالف هلام يف القحابة فكان حللة
كاإلمجاع ،وعند قيد بن عيل هو أسوة الغرماء.
(خرب) وعن أيب هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ملن ملات أو
-234-
أفلس فقاحب املتاع أحق بمتاعه إذا وجد بعينه)) دل ذلك عىل أنه ال فرق بني أن يكلون
املشًي حي ًا وبني أن يموت مفلس ًا يف أن البائع أوىل بالسلعة.
-235-
باب احلجر على املفلس
(خرب) وروى كعب بن مالك أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حلر عىل معلاذ
وباع عليه ماله ،دل ذلك عىل أن من عليه دين يقرص ماله عنه فإن احلاكم حيلر عليه ،وقد
روي افرب عن عيل عليه السالم وعن مجاعة من القحابة ومل يرو عن أحد منهم إنكاره.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم باع عىل معاذ ماله للدين.
(خرب) وروى عبدالرمحن بن كعب بن مالك قال :كان معاذ بلن جبلل أفضلل شلباب
قومه ،ومل يكن يمسك شيأ ًا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله يف الدين فكلم النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم غرماؤه فلو تر أحد من أجل أحد لًكوا معلاذ ًا ملن أجلل رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم فباع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مالله حتلى قلام بغلري
يشء.
(خرب) وروي عن عمر يف ققة أسيفع :من كلان لله ديلن فليحرضل فإنلا بلايعو مالله
م
وقاس ُموه بني غرمائه ،ومل يرو خالفه فكان حلة كاإلمجاع وال خالف أنه ال يباع عليه ملا
حيتاج إليه وال يستغني عنه لنفسه من كسوة أو طعام لقوته وعياله دليله (خرب) وهو قولله
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أبدأ بنفسك ثم بعيالك)) دل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه حلر عىل معاذ فقال لغرمائه بعد
ما باع ماله والتموسا منه صىل اهلل عليه وآله وسلم معاذ منهم(( :خذوا ما معكم وملالكم
غريه)) وروي(( :ال سبيل لكم عليه)) دل عىل أن املفلس إذا باع احلاكم ماله فإنه ال جيوق أن
يؤجر للغرماء.
-236-
-237-
كتاب الصلـح
أما الكتاب فقول اهلل تعاىل { :
[} النساء ،]128:وقوله تعاىل { :
[} النسالالالالالالالالالاء،]35:
وقوله تعاىل[} { :الحجرات ،]10:وقوله عز قائالً:
{
[}النساء.]114:
وأما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :القللح جلائز بلني
املسلمني إال صلح ًا أحل حرام ًا أو حرم حرام ًا ،واملسلمون عند كوطهم إال كط ًا حرم
حالالً أو أحل حرام ًا)).
أما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه ،دل ذلك عىل جواق القلح يف احلقلوق واألملوال
من الديون والدماء ،والديات ،وسائر احلقوق بلني البلالغني ملن الرجلال والنسلاء ،بلني
رضه ويمنع الرشع منه ،وما ذكرناه أوالً من أن
حي ُ ُ
املسلمني والذميني إذا مل يدخل فيه وجه َ ْ
القلم رفع عن ثالثة يدل عىل أن القلح ال يقح من امللنون والقلبي ،وقولله صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :أحل حرام ًا أو حرم حالالً)) نحو أن يقالح عىل وجه يتضمن الرباء،
ونحو أن يقالح عن موقون أو مكيل عىل يشء من جنسله إىل أجلل ،أو علىل أن يمكلن
افقم من و ء جاريته مدة ،أو عىل أن ال يترصف يف ملكه مدة ،أو عىل أن ال يطت امرأته
-238-
أو جاريته وما أشبه ذلك ،دل عىل أن ذلك ال جيلوق وهلو إمجلاع أيضل ًا ،وأملا ملا ينتقلل
بالقلح من التحريم إىل التحليل أو من التحليل إىل التحريم وال يمنع من الرشع فللائز،
نحو أن يقالح عىل دار بلارية؛ ألن ذلك يف معنى البيع فينتقل به حتريم و ء اجلارية عىل
األجنبي إىل التحليل ،وينتقل به حتليل وطأها لقاحبها األول بعد مقاحلة خقمه عليهلا
إىل التحريم ،ويدخل يف ذلك القلح عىل وجه اإلنكار نحو أن يدعي رجل عىل رجل دين ًا
فينكره ثم يقاحله عىل يشء يدفعه إليه مع إنكاره فإنه ال يقح مع اإلنكار كالبيع ،ويدخل
يف ذلك القلح يف احلدود واألنساب فإنه ال جيوق؛ ألنه ال خيلو إما أن يقع عىل اإلثبات أو
عىل النفي فإن كان عىل اإلثبات مل جيز؛ ألن فيه حتليل ما حرم اهلل تعاىل؛ ألنله تعلاىل حلرم
إثبات نسب غري ثابت وإثبات حد غري ثابت ،وإن كان عىل النفي مل جيز؛ ألن فيه حتريم ما
أحل اهلل تعاىل؛ ألنه تعاىل قد أوجب إقامة كل حد ثابت وألزم إثبات كل نسب ثابت.
(خرب) وروي أن كعب بن مالك القم غري ًام له يف املسلد فقال له النبي صىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :خذ النقف)) فريض بذلك فدل ذلك عىل أن من ادعى شيأ ًا فقولح عىل ما
دونه صح القلح.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دفع إىل عيل عليه السالم ملاالً وبعثله
إىل بني جذيمة حني قتل خالد بن الوليد القتىل منهم بغري حق ،وذلك أن رسول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم بعثه إىل أهل الغميقاء وهم بنو جذيمة داعي ًا ومل يبعثه مقات ً
ال فحملوا
السال ،فقال :إن الناس قد أسلموا فوضعوا السال ،فلام متكن منهم قتل مقاتليهم وسبى
ذرا رهيم قيل :إنه قتل مخسامئة ،وقيل :ثالثامئة ،وكان بينه وبينلنهم يف اجلاهليلة يشء ،فللام
بل ذلك رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قام قائ ًام ثم رفع يديه حتى رأى بياض أبطيه
وقال(( :اللهم إين أبرأ إليك مما صنع خالد)) ثم أمر عيل عليه السلالم فلوداهم حتلى أنله
ليدي َم ْي َل َغة الكلب وبقي من املال بقية.
روي عن عيل بن موسى الريض عليه السالم أنه قال :هي مخسامئة فقاحلهم هبلا عليل
عليه السالم عام ال يعلم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وال يعلمون ،ثم جاء فلتخرب
-239-
بذلك النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال(( :ما يرسين أو أن َّ هبا محر اللنعم)) دل ذللك
عىل جواق القلح باملعلوم عن املحهول وهو الذي صلححه السليدان أبلو العبلاس وأبلو
طالب عىل مذهب حييى عليه السالم وهو اختيار املؤيد باهلل لنفسهَ ،
وخرج املؤيد باهلل عىل
مذهب حييى عليه السالم أنه ال يقح ،وبه قال النارص للحق عليه السالم.
-240-
باب اإلبراء
ما قدمناه يف خرب بني جذيمة يدل عىل أن اإلبراء من احلقوق امللهولة صلحيح؛ ألنله
اشتمل عىل اإلبراء من امللهول عىل مال فيقح من دون مال؛ ألن أحد ًا مل يفقلل بيلنهام
ذكره أبو طالب.
-241-
باب اإلكراه
قال اهلل تعاىل[} { :البقرة.]256:
وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع علن أمتلي افطلت والنسليان وملا
استكرهوا عليه)) واملراد به حكم افطت والنسيان ما أكره عليه اإلنسان ،فدل ذلك عىل أن
كلام يكره عليه اإلنسان من إقرار بيشء ،أو طالق أو نكا ،،أو حلف بالعتق ،أو الطلالق،
أو بيع ،أو هبة أو عفو عن جناية عىل النفس ،أو ما دورا ونحلو ذللك فإنله ال يقلح وال
يلللزم اإلنسللان حكملله ،وقوللله تعللاىل { :
[}األنعالالام ،]119:وقولللله تعلللاىل { :
[} النحل ،]106:دل ذلك عىل أن من أكره عىل
فعل ما أبا ،الرشع فعله عند الرضورة جلاق فعلله عنلد اإلكلراه؛ ألن اإلكلراه نلوع ملن
الرضورة وهذا نحو اإلفطار يف شهر رمضان وكب افمر ،وأما ما ال جيوق فعلله كعل ًا
عند الرضورة فإنه ال يبيحه اإلكراه كقتل من ال حيل قتله أو قطع عضو من أعضائه ،ونحو
ذلك فإنه ال يبيحه اإلكراه ،واختلف السيدان األخوان يف أخذ مال املسلم عند اإلكراه هل
جيوق أم ال؟ فمنع السيد أبو طالب ،وأجاقه السيد املؤيد باهلل فإنله ذكلر يف مجاعلة خلافوا
الغرق ويف السفينة أموال الناس جاق إلقلاء ذللك يف البحلر برشل الضلامن وهلو األوىل
عندنا؛ ألنه قد أبيح للمضطر عند خشيته من اجلوع أن يتناول من مال الغري القلدر اللذي
يسد به حاجته دون الشبع لرش الضامن ،فإذا جاق ذلك يف الرشع جاق ذلك عند اإلكلراه
ويقح إكراه املرأة عىل الزنا؛ ألرا ال حتتاج إىل أكثر من التمكني وإذا قنت
ّ كام تقدم حتقيقه
مكرهة فال خالف يف أنه ال جيب عليها احلد ،واختلفوا يف الرجل هل يقح إكراهله علىل
الزنا؟ فذكر بعضهم أنه ال يقح.
قال األخوان :وهذا بعيد؛ ألن الرجل قد يشتهي الزنا وإنام يكرهه ألجل الرشع ،فلإذا
-242-
أكره عليه مل يقطع اإلكراه شهوته ،واختلفوا يف وجوب احلد عليه إذا قنا مع اإلكراه ،فقال
املؤيد باهلل :حيدّ ،وذكر السيد أمحد األقرقي أنه إذا أكرهه سلطان مل حيدّ وظاهر األدلة تدل
عللىل القللول األول ،نحللو قوللله تعللاىل {
[}النالور ،]2:ومل يفقل ،وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :الولد للفلراش وللعلاهر
احللر)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :البكر بالبكر جلد مائة)).
ووجه القول الثاين قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :رفع عن أمتي افطت والنسيان وما
استكرهوا عليه)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ادوأرا احلدود بالشبهات)) وال شبهة
أعظم من اإلكراه ،واإلكراه الذي ال جيوق معه فعل ما ال جيوق فعله أن يتوعده من يمكنله
فعل ما توعد به من قتل أو رضب أو حبس جمحفني بحاله ،واملراد بالرضب أن يتوعده مما
يعلم املكره أنه يؤثر يف نفسه وأن يكون احلبس طوي ً
ال بحيث ال يلؤثر رضورة يف اللنفس،
وكذلك إذا توعده بالقيد مدة تؤثر يف نفسه الرضر ،وروي عن عمر أنه قال :ليس الرجل
يتمن عىل نفسه إذا رضبت أو أوثقت أو جوعلت ،فلملع بلني الرضلب واإليثلاق وهلو
احلبس وبني الت لويع ،وعن كيح أن القيلد كلره ،والسللن كلره ،والرضلب كلره ،وال
ةالف هلام يف القحابة.
-243-
باب السبق والرمي
(خرب) وعن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سابق بني افيل املضمرة ملن
احلفيا إىل ثنية الوداع وبني افيل التي مل تضمر من ثنية الوداع إىل مسلد بني قريق.
قال سفيان :من احلفيا إىل ثنية الوداع من مخسة أميال إىل سلتة ،وملن ثنيلة اللوداع إىل
مسلد بني قريق ميل.
(خرب) وروى سلمة بن األكوع قال :أتى علينا رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم
ونحن نًامى فقالَ (( :ح ُس َن هذا لعب ًا ارموا يا بني إسامعيل فإن أبلاكم كلان راميل ًا ارملوا
وأنا مع ابن األكوع)) فكف القوم أيدهيم وقسيهم وقالوا :غلب يلا رسلول اهلل ملن كنلت
معه ،فقال(( :ارموا وأنا معكم مجيع ًا)).
(خرب) وروى عقبة قال :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقلول(( :ارملوا
إَّ من أن تركبوا وليس من اللهو إال ثالثة مالعبة الرجل أهله
واركبوا وألن ترموا أحب ّ
وتتديبه فرسه ،ورميه بقوسه ،ومن علمه اهلل الرمي فًكه رغبة عنه فنعمة كفرها ،وأن اهلل
ليدخل بالسهم الواحد ثالثة اجلنة صانعه املحتسب فيه افري ،والرامي ،ومنبله)).
(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كانت له ناقة يقال هلا :العضلباء
ال تسبق فلاء أعرايب عىل قعود له فسبقها فشق عىل املسلمني فقالوا :يا رسول اهلل سلبقت
العضباء؟ فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إنه حق علىل اهلل أن ال يرتفلع ملن
هذه القذرة يشء إال وضعه اهلل)) ورواية أخرى ((حق عىل اهلل أن ال يرفلع يشء ملن هلذه
الدنيا إال وضعه)).
(خرب) وروي أنه ُسأل عثامن :أكنتم تراهنون عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله
وسلم؟ قال :نعم ،رهن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل فرس له فلاءت سلابقه
-244-
فهش لذلك وأعلبه.
(خرب) وعن أيب هريرة أنه صىل اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :ال سلبق إال يف
خف أو ن ََض ٍل أو حافر)) والنضل :دليل الرمي.
(خرب) وعن عقبة عن عامر أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :إال أن القلوة الرملي
ثالث ًا)) دلت هذه األخبار عىل أن املسابقة عقد جائز غري القم ،وكذلك الرمي ،وأن السبق
والرمي مباحان إذا عريا من ك جيعلهام حمظورين ،وصورة الرشل اللذي حيظرمهلا أن
يكون الرش من كل واحد منهام نحو أن يقول كل واحد منهام لقاحبه :إن سبق فرسلك
فريس أو رميت فتصبت اهلدف ومل أصبه فعيل كلذا وكلذا؛ وذللك ألنله يكلون يف حكلم
القامر؛ ألن القامر ما يوجب أن يكون الفائز بفعله من املقامرين يتخذ املرشو وإن مل يفلز
أخذ منه ،فتحدمها ال ينفك من الغرم أو الغنم ،وقد رى اهلل تعاىل علن القلامر بقولله علز
قلللائالً[} { :المائالالالدة،]90:
وامليرس هو القامر ،فإن كان الرش من أحدمها دون اآلخر ال عىل وجه اللزوم جاق أخذه،
أما جواقه فلام قدمنا من األخبار ،وأما جواق أخذ املرشو فونه يستحب الوفاء به لقولله
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :املؤمنون عنلد كوطهلم)) وكلذلك إذا ك للسلابق ملنهام
غريمها عوض ًا عن السبق أو اإلصابة جاق أخذه سواء كان من اإلمام أو غريه ،أملا اإلملام
فال خالف أنه جيوق أن خيرج عوض ًا ويقول من سبق أخذه ،وعندنا أن غري اإلملام جيلري
جمراه يف ذلك؛ ألن هذا احلكم مما ال خيتص به األئمة وإن كان النضلال بلالرمي فالبلد أن
يكون الغرض معلوم ًا يف نفسه يف طوله وعرضه وقدر انخفاضه وارتفاعله ملن األرض؛
ألن اإلصابة رتلف بإختالفه ،وإن كان النضال يف غرض قد صار منقوب ًا معين ًا جاق وإن
مل يعرف تعيني ذلك فيه.
(خرب) وروى عبداهلل بن دينار أنه قال :بلغني أن ما بلني اهللدفني روضلة ملن ريلاض
اجلنة ،دل عىل أنه يستحب أن يكون الرمي بني غرضني.
(خرب) وعن عقبة بن عامر أنه كان يرمي بني غرضني بينهام أربعامئة ذراع ،دل علىل أن
-245-
عقبة كان يستحب البعد فيام بينهام ،كام روي عن عمر أنه كان خيتفي بني الغرضني ،وكلان
أنس يرمي بني اهلدفني ،دل ذلك عىل أرم كانوا يستحبون ذلك فيام بينهام.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لعيل(( :قد جعلت لك هذه السبقة
بني الناس)) فخرج عيل فدعا ياقة بن مالك فقال :يا ياقة إين جعلت إليك ما جعل إَّ
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنقي من هلذه السلبقة يف عنقلك فلإذا أتيلت ا َمل ْيطلآن
فقف افيل ثم ناد ثالث ًا هل من مقلح لللام أو حامل لغلالم أو طلار ،حلملل فلإذا مل
جيبك أحد فكرب ثالث ًا ،ثم خلها عند الثالثة يسعد اهلل بسبقه من يشاء من خلقه ،دل عىل أنه
ينبغي أن ُت ْطلمق الفرسان من مكان واحد يف وقت واحد.
(خرب) وروى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من أجلب عىل افيلل
يوم الرهان فليس منا)) واجللب -بفتح اجليم والالم والباء معلمة بواحلدة ملن أسلفل-
ومعنى اجللب قيل :أن جيلب الفرس حني يدنوا وحير وراءه الشن يستحث بله السلبق،
وقيل :هو أن يتيت السابقان أو أحدمها برجل جيلب عىل فرسه أي يقليح لله ليكلون هلو
السابق.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه صارع يزيد بن ركانة عىل شاء فرصلعه
ثم عاد فرصعه ثم عاد فرصعه فتسلم ورد عليه الغنم ،دل ذلك عىل أنه جيوق الرصاع عىل
عوض يكون من أحدمها دون اآلخر.
وأما الرضب بالقوجلان عىل افيل فكرهه اهلادي عليه السالم وقال :ليس فيه إال قتل
افيل ،وجوقه النارص للحق وقال :هو رضب من الرياضة ،وكان يرضب به.
-246-
-247-
كتاب آداب القاضي
أمللا الكتللاب فقوللله تعللاىل { :
[}النساء ،]106:وقوله عز قلائالً[} { :المائالدة ،]49:وقولله
تعاىل { :
،]26::[} وقولللله تعلللاىل { :
-248-
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،علن عليل عليله السلال أنله قلال :أول
القضاء ما يف كتا ب اهلل ،ثم ما قاله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ثم ما أمجلع عليله
القاحلون ،فإن مل يوجد ذلك يف كتاب اهلل وال يف سلنة رسلول اهلل وال يف ملا أمجلع عليله
القاحلون اجتهد اإلمام يف ذلك احتياط ًا ،وال يتلوا ،واعترب وقاس األمور بعضها ببعض،
فإذا تبني له احلق أمضاه ،ولقايض املسلمني من ذلك ما إلمامهم ،ويف خرب آخر وللقايض
ما إلمامهم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث معاذ ًا إىل اليمن وقال لله :بلامذا
حتكم؟ قال :بكتاب اهلل .قال :فإن مل جتد يف كتاب اهلل؟ قال :بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم .قال :فإن مل جتد؟ قال :أجتهد رأيي وال آلو .فقال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :احلمدهلل الذي وفق رسول رسوله)).
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :القضلاة ثالثلة :واحلد يف
بام علم فهو يف اجلنة ،ورجل عرف احلق فلار اجلنة واثنان يف النار ،رجل علم عل ًام فق
فهو يف النار ،ورجل مل يعرف احلق فحكم بني الناس باجلهلل فهلو يف النلار)) وروى هلذا
افرب اهلادي إىل احلق بإسناده إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بام لفظله(( :القضلاة
ثالثة اثنان يف النار وواحد يف اجلنة ،فتما الذي يف اجلنة فقاض علم احلق فقضا بله فهلو يف
اجلنة ،وأما القاضيان اللذان يف النار فقاض عرف احلق فلار متعمد ًا ،وقاض ق ل بغلري
علم واستحيا أن يقول ال أعلم فهو يف النار فدل ذلك عىل أن من قضا بغلري عللم فهلو يف
النار سواء وافق احلق أم خالفه؛ ألنه مل يعرف احلق من الباطل.
وأما اإلمجاع فذلك ظاهر ،دلت هذه األخبار عىل أن احلاكم املنقوب للقضاء جيب أن
يكون جمتهد ًا.
-249-
باب صفات القاضي
قد ذكرنا أن ما تقدم من األخبار يدل عىل اعتبار كونله جمتهلد ًا؛ ألنله يتوصلل بلالعلم
واالجتهاد إىل احلكم بالقواب ومتييز احلق من الباطل والقحيح من الفاسد فإذا مل يكلن
عامل ًا بكتاب اهلل وسنة رسوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم مل يلؤمن أن حيكلم بلام خلالفهام،
وكذلك إذا مل يكن عامل ًا بتقاويل العلامء ومتيز ما أمجعوا عليه عام اختلفلوا فيله مل يلؤمن أن
جيتهد يف مواضع اإلمجاع وأن يتقور إمجاع ًا معلوم ًا فيام هو من مسائل االجتهاد وجيب أن
يكون ذكر ًا بالغ ًا عاقالً ،أما اشًا كونه ذرك ًا بالغ ًا عاق ً
ال فذلك جممع عليه ،وروي أنه ملا
هلك كرسى قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم :من استخلفوا؟ قالوا :ابنته بوران .فقال
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)) فبني أن تولية املرأة ضد
الفال ،،فدل عىل أنه ال يقح ،وألنه البد للحاكم من جمالسة الرجال من العلامء والشهود
وافقوم واملرأة ممنوعة من ذلك ملا خياف من االفتتان ولقول النبي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :النساء عي وعورات فاسًوا ع ّيهن بالسكوت وعوراهتن بلالبيوت)) وجيلب أن
يكون ورع ًا ،واإلمجاع املعلوم منعقد عىل اشًاطه ،وجيلب أن يكلون عفيفل ًا علن أملوال
املسلمني وذكرناه للتتكيد؛ ألن عامة األحكام تتعلق باألموال والورع يشتمل عىل العفلة؛
ألنه ال ورع ملن ال عفة له ،وجيب أن يكون حلي ًام وثيق العقل جيد التمييز؛ ألنه ال يتوصل
إىل الفرق بني احلق والباطل ،والقحيح ملن الفاسلد إال بلذلك ،وإذا كلان مملن يسلتفزه
الغضب والطيش اضطرب عليه رأيه واشتبه عليه احلق والباطل ،يؤكد ذلك.
(خرب) وهو ما روى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السلالم أن النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :يا عيل ال تقض بلني النلاس وأنلت غضلبان)) وجيلب أن
يكون صلب ًا يف أمر اهلل؛ ألنه إذا كان فيه وهن وضعف فإنه جيًس عليله افقلوم فيلؤدي
ذلك إىل أن يغلب القوي الضعيف والرشيف املرشوف ،وخيتل أمر احلاكم ،قال اهلل تعاىل:
-250-
{[} المائدة.]54:
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إياكم واإلقراد)) قالوا :يا
ال فتلتيت األرمللة واملسلكنيرسول اهلل وما اإلقراد؟ قال(( :يكون احلدكم أملري ًا أو علام ً
واليتيم فيقول :أقعد حتى ننظر يف حاجتك يًكون مقردين ال يق ي هللم حاجلة ،ويلتيت
الرجل الغني أو الرشيف فيقعد إىل جنبه فيقلول :ملا حاجتلك؟ فيقلول :حلاجتي كلذا.
وعللوا هبا)) وإذا كان صلب ًا يف أمر اهلل تعلاىل أملن هلذه األحلوال
ّ فيقول :اقضوا حاجته
وقدم األول فاألول من أهل احلوائ ،واختلف أئمتنلا علليهم السلالم هلل يعتلرب كلون
القايض املنقوب جمتهد ًا أم ال ،فقال اهلادي عليه السالم :جيب أن يكون القايض عامل ًا بلام
يق ي فهام.
قال السيد ألو العباس وأبو طالب وهذا يقت ي أن يكون جمتهد ًا واشًطا عىل مذهبله
عليه السالم أن يكون جمتهد ًا ،وذكر السيد املؤيلد بلاهلل أن األوىل أن يكلون جمتهلد ًا قلال:
وجيوق أن يكون مقلد ًا عىل مذهب حييى عليه السالم؛ ألنه قال :حيتاج القلايض أن يكلون
عامل ًا بام يق ي ومل يرص ،أن يكون كونه عامل ًا عىل هذا الوجه كط ًا يف صحة قضائه أم هلو
عىل أن يكو ن أوىل ،ثم قال يف آخر كالمه عليه السالم :إن نقص يشء ملن هلذه افقلال
كان ناقق ًا ،فبني أن يكون عامل ًا عىل هذا الوجه هلو األوىل ال أنله جعلله كطل ًا يف صلحة
قضائه وهو اختيار املؤيد باهلل لنفسه ،واختلفوا أيض ًا يف حتقيل مذهب حييى عليه السلالم
هل جيوق تولية القضاء من جهة الظلملة أم ال ،فقلال املؤيلد بلاهلل بللواقه وخرجله ملن
مستلتني ليحيى عليه السالم:
إحدمها :يف أحكام البغاة يقر من أحكامهم ما وافق احلق وينقض ما كان باطالً ،ذكلره
يف كتاب السري من األحكام.
ال مات وخ ّلف أوالد ًا صغار ًا وكبلار ًا ومل يلو
والثانية :قوله يف املنتخب :لو أن رج ً
فلعل بعض السالطني أمر القغار إىل بعص الكبار وجعلله وصلي ًا علليهم جلاق ذللك،
وحكي عن السيد أمحد بن عيسى بن قيد بن عيل عليهم السالم ما يدل عىل جواقه ومنلع
-251-
من ذلك السيد أبو طالب عىل مذهب حييى عليه السلالم ،وهلو اللذي اختلاره السليدان
األخوان ملذهبهام.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم نقب كحيل ًا للقضلاء وكلان يرققله يف كلل سلنة
مخسامئة درهم.
قال اهلادي عليه السالم :وكان عيل عليه السالم يرقق كحي ًا مخسامئة درهم ،وروي أن
القحابة ريض اهلل عنهم أجروا أليب بكر درمهني؛ ألنه روي أن أبا بكر ملا وَّ خرج برقمة
ثياب إىل السوق فقيل :ما هذا؟ فقال :أنا كاسب أهيل ،فتجروا له كل يوم درمهني.
وعن عمر أنه قال :أنزلت نفيسل ملن هلذا امللال بمنزللة وَّ اليتليم وملن كلان غنيل ًا
فليستعفف ومن كان فقري ًا فليتكل باملعروف ،وبعث عمر إىل الكوفة عامر بن ياي واليل ًا،
وعبداهلل بن مسعود قاضي ًا ،وعثامن بن حنيف ماسح ًا ،وفرض هلم كل يلوم شلاة نقلفها
وأطرافها لعامر والنقف اآلخر بني عبداهلل وعثامن ،دل ذلك عىل أن جيوق أخذ الرقق عىل
القضاء؛ وألن القضاء البد منه والكفاية البد منها ،فلاق أن يتخذ عليه الرقق.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ملا بعث عمرو بن حزم إىل اليمن قاضي ًا
كتب له عهد ًا يشتمل عىل أحكام كثرية ،دل ذلك عىل أنه ينبغي لإلمام أن يكتلب العهلود
لقضاته وعىل ذلك جرت عادة القحابة وساروا به ،وكان عيل عليه السالم يكتب العهود
لوالته وعامله كاألشً النخعي وغريه ،وملا بعث أبو بكر أنس ًا إىل البحرين كتب لله كتابل ًا
وختمه بخاتم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم ،وعنلدنا ال جيلوق أن حيكلم احللاكم
لنفسه ،فإن اتفقت له حكومة بينه وبني غريه حاكم عىل سواه من العلامء.
(خرب) كام روي أن عمر حتاكم هو وأيب بن كعب إىل قيلد بلن ثابلت ،وحتلاكم علثامن
وطلحة إىل جبري بن مطعم ،وحتاكم عيل عليه السالم هو واليهودي إىل كيح.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم حاكم الذمي يف الدرع إىل كيح ،دل عىل أن اإلمام
وكذلك القايض املنقوب إذا كانت احلكومة بينه وبني غريه فإنه حيلاكم إىل غلريه ،وذكلر
-252-
اهلادي عليه السالم أن علي ًا عليه السلالم حلاكم النرصلاين إىل كيلح يف درعله ذكلره يف
األحكام ،ومل يقل اليهودي بل قال النرصاين.
-253-
باب ما يجب على القاضي أن يستعمله في قضائه وما يستحب له
وما يكره
(خرب) وروى أبو بكرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ال ينبغي للقلايض أن
يق ي بني اثنني وهو غضبان)).
(خرب) وروى أبو سعيد افدري قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :ال
يق ي القايض إال وهو شبعان ريان)) دل عىل أنه يكره للحاكم أن حيكم وهلو علىل أحلد
هذه األحوال فيشغله اجلوع والعطش أو الغضب عن توفري النظر حالة احلكم فإن حكلم
وهو عىل أحد هذه األحوال صح احلكم.
(خرب) ملا روي أن الزبري ورج ً
ال من األنقار اختقام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم يف كاج احلرة فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم للزبري(( :اسق قرعك ثلم
أرسل املاء إىل جار )) فقال األنقاري :وإن كان ابن عمتك ،فغضب رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم حتى امحر وجهه ثم قال للزبري(( :اسق قرعك واحبس امللاء حتلى يبلل
اجلدار ،ثم أرسله إىل جار )) فحكم يف حال الغضب.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :جنبلوا مسلاجدكم صلبيانكم
وجمللانينكم ،ورفللع أصللواتكم وخقللوماتكم ،وحللدودكم ،وسللل سلليوفكم ،وكاكللم
وبيعكم)) دل عىل كراهة احلكومات يف املساجد ،وهو الذي ذكره يف الوايف الشيخ عيل بن
بالل وهو خالف مذهب اهلادي فإنه روى بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله
كان جيلس للقضاء وجيتبي بربدته عند مقام إبراهيم يف املسلد ،وأقلام اللعلان يف املسللد
وقال(( :من حلف عىل منربي يمين ًا آثمة تبوأ مقعده من النار)) قال :وقد كان أمري املؤمنني
يتمر كحي ًا باجللوس يف املسلد األعظم ،فدل ذلك عىل أنه ال يكره القضلاء يف املسلاجد،
-254-
ال عن حكم العقل؛ ألنله حكل َام
بحظر القضاء يف املساجد وكان ناق ً وافرب األول إذا ق
كعي ًا فإن هذا أوىل؛ ألنه دليل كعي وانضاممه إىل كون العقل يق ي بحسن ذلك يكون
أقوى؛ ألنه دل عىل دليل العقل ودليل الرشع بخلالف األول فإنله مل يلدل إال ملن وجله
واحد فكان استناد األخبار الثانية إىل دليل العقل أقوى والعمل هبلا أوىل؛ وألن ذللك مملا
كانت تفعله القحابة كام يف (خرب) وهو ما روي عن احلسن البرصي قال :دخلت املسلد
بينهام. فرأيت عثامن قد ألقى رداءه ونام فتتاه سقا بقربة ومعه خقم فللس عثامن وق
(خرب) وروت أم سلمة قالت :اختقم إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجالن
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام يف بيتي، من األنقار يف مواريث متقادمة فق
دل ذلك عىل أنه إذا جلس احلاكم يف بيته فاختقم إليه خقامن مل يكره أن حيكلم بيلنهام يف
بيته.
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيلس افقامن (خرب) وعن عبداهلل قال :ق
بني يدي القايض ،دل ذلك عىل أنه ينبغي أن جيلس افقامن بني يدي القايض.
(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لعيل
بن أيب طالب(( :إذا تقاىض إليك خقامن فال تقض لوول حتى تسمع كلالم اآلخلر)) دل
عىل صحة ما ذكره حييى عليه السالم وهو أنه إذا يتقاىض افقامن فال يقض احلاكم بينهام
حتى يسمع كالم اآلخر ويفهم معنى كالمهام ويثبت يف حللهلام ،وقلد قيلل :إن سلبب
املالمة التي أصابت النبي داود عليه السالم أنه كان حكم بلني افقلمني قبلل أن يسلمع
كالمهام وأظنه قبل أن يسمع كالم الثاين ،فلتنزل اهلل تعلاىل { :
،]26::[} ذكره القايض قيد يف التعليق.
(خرب) وروت أم سلمة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من ابتيل بالقضاء بني
املسلمني فليعدل بينهم يف حلظه ولفظه وإرشاده ومقعده)).
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم حاكم ذمي ًا يف درع له إىل كيح فللام رآه تنحلى لله
-255-
عن مكانه فقال عيل عليه السالم :مكانك ،وجلس إىل جنبه ،وقال :لو كان خقمي مسل ًام
ملا جلست إال معه ولكنلي سلمعت رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم يقلول(( :ال
تساووهم يف املللس ،وال تعودوا مرضاهم ،وال تشهدوا جنلاقهتم)) واحللديث مشلهور
فدل ذلك عىل أنه جيب عىل احلاكم أن يسوي بني افقمني يف اللدخول واإلقبلال علليهام
واالستامع منهام.
(خرب) وروي أن عملر كتلب إىل أيب موسلى األشلعري آس بلني النلاس يف وجهلك
وعدلك ،وجملسك حتى ال يطمع كيف يف حيفك ،وال ييتس ضعيف من عدلك ،وقلد
كان بعث أبا موسى األشعري إىل البرصة قاضي ًا.
(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان له كُتاب منهم أمري املؤمنني
عيل بن أيب طالب ومنهم قيد بن ثابت وغريمها ،دل عىل أن القايض إذا احتلاج إىل كاتلب
ارذ كاتب ًا؛ ألنه من املعاونة عىل الرب والتقوى وقد أمر اهلل تعاىل هبلام ،وال جيلوق أن يكلون
الكاتب كافر ًا بال خالف بني أهل البيت عليهم السالم.
(خرب) وروي أن أبا موسى األشعري قدم عىل عمر ومعه كاتب نرصاين فانتهره عملر
وقال :ال تتمنوهم وقد خورم اهلل ،وال تدنوهم وقد أبعدهم اهلل ،وال تعزوهم وقد أذهللم
اهلل؛ وألن ذلللك ركللون إللليهم وقللد قللال تعللاىل { :
[}هالود ،]113:وألن الكافر عدو املسلمني فال يلؤمن أن يكتلب ملا يرضلهم ويبطلل
حقوقهم ،وال جيوق أن يكون فاسق ًا ملا ال يؤمن أن خيون؛ وألن يكون ركون ًا إليه ،وقد رى
اهلل عنه ،وقلول اهلل تعلاىل[} { :آل ومالرا ،]59::يلدل علىل أنله يسلتحب
للحاكم أن حيرض العلامء والفقهاء جملسه لوجهني:
أحدمها :أرم يسلتحقون التعظليم والتلوقري وتقلريبهم يف جملسله يكلون تلوقري ًا هللم
وتعظي ًام.
والثاين :أرم ينبهونه عىل ما جيب تنبيهه عليه يف هفوة أو ق ّلة.
-256-
(خرب) وروى عبد الرمحن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر كان إذا نزل به أملر يريلد فيله
مشاورة أهل الرأي والفقه دعا رجاالً من املهلاجرين ورجلاالً ملن األنقلار دعلا عملر،
وعثامن ،وعلي ًا ،وعبدالرمحن بن عوف ،ومعاذ بن جبل ،و ُأيب بن كعب ،وقيد بلن ثابلت،
أبو بكر عىل ذلك ،ثم وَّ عمر ،وكان يدعو هؤالء النفر ،وذكر السادة أبو العباس فم
واألخوان ريض اهلل عنهم أن حضور العلامء جملسه يف حلال احلكلم إذا كلان يمنعله علن
التوفر عىل النظر ويشغله عنه ناحهم وأفرد هلم مكان ًا آخر.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أضاف رج ً
ال فلام نزل عنده أدىل إليه افقومة فقال
عيل عليه السالم :ارحل عنا فقد سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقلول(( :ال
يضيفن أحدكم أحد افقمني إال وخقمه اآلخر معله)) دل ذللك علىل أنله ال جيلوق أن
يضيف أحد افقمني دون خقمه؛ ألن ذلك يضعف قلب خقمه وربام يتقلور صلغو
القايض إليه وميله عليه.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم اسلتعمل رجل ً
ال علىل قلبض بعلض
القدقات فلام رجع قال :هذا لكم وهذا َّ فقد أهدي إَّ فقعد النبي صىل اهلل عليه وآله
وسلم املنرب فقال(( :ما بال أقوام نستعملهم عىل أعاملنا فريجعون ثلم يقوللون هلذا لكلم
وهذا أهدي إَّ فهال يقعد يف بيت أمه لينظر من هيدي إليه ،ثم قال :ما جيبي أحلدكم ملن
ذلك شيأ ًا إال وجييء يوم القيامة وهو معه إن كان بعري ًا له رغاء ،وإن كانت بقرة هلا خوار،
وإن كانت شاة تبعر ،ثم قال :أال هل بلغت أال هل بلغت)).
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ملن اسلتعملناه علىل عملنلا
ورققناه فام أخذ بعد ذلك فهو غلول)) وروي(( :هدايا األملراء غللول)) وروي(( :هلدايا
العامل غلول)) والغلول :هو احلرام.
(خرب) وروى أبو محيد الساعدي قال :استعمل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم
رج ً
ال من بني أسد عىل القدقة فلام قدم قال :هذا لكم وهذا أهدي إَّ فقام النبي صىل اهلل
عليه وآله وسلم عىل املنرب فقال(( :ما بال العامل نبعثه عىل بعض أعاملنا فيقول هلذا لكلم
-257-
وهذا أهدي إَّ أال جلس يف بيت أبيه وأمه فينظر أهيدى إليه أم ال ،والذي نفيسل بيلده ال
يتخذ أحد منها شيأ ًا إال جاء يوم القيامة حيمله عىل رقبتله)) دل ذللك علىل أن كلل هديلة
جرهتا الوالية للحاكم وللواَّ فإنه ال جيوق قبوهلا إال ملقلحة يراها إمام احلق فإنه جيوق ملا
يشهد له (خرب) معاذ بن جبل وهو أنه أهدي له يف حال إمارته ثالثون رأس ًا من الرقيق فلام
قدم هبم بعد موت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أراد أبو بكر انتزاعهم من يده إىل بيلت
املال فكره وقال :طعمة أطعمنيها رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم ثلم أتلى وهلم
يقلون فقال :ملن تقلون؟ فقالوا :هلل .فقال :قد وهبتكم له فتعتقهم ،فدل ذلك علىل ملا
قلناه ،وهو رأي املنقور باهلل عليه السالم ،وروي أنه كان للمؤيد باهلل صديق وكان يتحفه
يف كل سنة بعدد من الرمان فلام كان يف بعض السنني قاد عىل رسلمه وعادتله فسلأل علن
ذلك فقال :ألن اهلل قاد يف قماننا فزدنلا يف رسلمك ،فللام أراد افلروج شلكا علن بعلض
ذللك الناس ،فقال :ردوا عليه رمانه كله وأمرنا بإقالة شكايته ،ودفع األذى عنه ،فاقت
جواق هدية من اعتاد اإلهداء إىل القايض والواَّ قبل الوالية ،وكذلك إذا أهلدى إليله ذو
رحم جاق قبوهلا ،واملعنى أرا هدية مل جترها الوالية فلاق قبوهلا لظاهر قول النبي صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :ال حيل مال امرس مسلم إال بطيبة من نفسه)) وهذه هدية قد طابت هبلا
نفس مالكها فلاقت.
(خرب) وروى الضحا بن سفيان بن قيس قال :كتب إَّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبايب من دية قوجها ،دل عىل أنه جيوق للقلايض أن يكتلب
إىل القايض فيام يثبت عنده ليحكم به ،وأن يكتب إليه فيام حكم به لينفذه ،وعندنا ال يقبل
الكتاب إال أن يشهد به شاهد ًا عدل ،وال اعتبار بخط القايض وال بختمه؛ ألن افط يشبه
افط وافتم يشبه افتم ،وال يؤمن أن يزور عليهام ،وما قدمناه من األدلة عىل أن الشلاهد
جيب أن يعلم ما يشهد به يمنع من العمل عىل افط وافتم دون شاهدي علدل وال يلؤثر
انكسار افتم مع شهادة الشهود ،ذكره السادة اهلارونيون أبوالعبلاس واألخلوان مللذهب
حييى عليه السالم؛ ألن العمل عىل شهادة الشهود دون غريها وال يقبل كتاب القايض إىل
-258-
،ذكره األخوان ملذهب حييى عليه السالم. القايض يف احلدود ،وال يف الققا
(خرب) وروي أن عمر قال لعبد الرمحن بن عوف :أرأيت لو رأيت رج ً
ال قتل أو يق
أو قنا؟ فقال :أرى شهادتك شهادة رجل من املسلمني .قال :أصبت ،وبه قال ابن عباس،
وال ةالف هلم يف القحابة.
قال السيد أبو طالب :فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة ،فإن قيلل :يف افلرب القتلل
فيه كقتل املرتد من وعند حيكم بعلمه فيه ،قيل :ال يمتنع أن يريد القتل الذي ال ققا
دون إذن اإلمام ،وألن اإلمام ينوب مناب املسلمني يف إقاملة احللد فيكلون هلو افقلم،
وقال أبو بكر :لو وجدت أحد ًا عىل حدّ من حدود اهلل تعاىل مل أحلده ومل أدع أحلد ًا حيلده
حتى تكون بينة ،دل ذلك عىل أنه ال جيوق للقايض أن حيكم بعلمه يف احلدود.
قال أبو العباس :إال يف القذف؛ ألنه حق من حقوق اآلدميني ،وبه قال السيدان املؤيلد
باهلل وأبو طالب ررجي ًا عىل أصل حييى عليه السالم ،وهو اختيار املؤيد باهلل عليله السلالم
قوله تعاىل[} { :المائالدة ،]48:وقوله تعلاىل{ :
[} النس الالالاء ،]106:وقوللللله تعللللاىل{:
[}المائالدة ،]42:دل ذلك عىل أنه جيوق للقايض أن حيكم بعلمله سلواء علمله قبلل
القضاء أو بعده إال فيام ذكرناه أوالً فإنه ةقو فليام بينلاه؛ وألن احللاكم إذا حكلم بلام
علمه وتيقنه فذلك أوضح ،وألنه لو شهد شاهدان وغلب عىل ظنه صدقهام ملا ثبلت ملن
عدالتهام فتكثر ما حيقل له غالب الظن ومن اجلائز أن يكونلا كلاذبني ،فلإذا جلاق احلكلم
بشهادهتام مع ذلك فتوىل وأحرى أن جيوق له احلكم بعلمه.
(خرب) وروي أن معاوية ستل أبا موسى األشعري فقال :أنشلد اهلل هلل علملت أن
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا حرضله افقلامن فاتفقلا علىل موعلد فوافلا
ملن وافا منهام؟ قال :نعم. أحدمها ومل يواف اآلخر أنه ق
(خرب) فإن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف ققة عبداهلل بن سهل مللا وجلد قتلي ً
ال يف
-259-
قليب من قلب خيرب حكم عىل اليهود وألزمهم القسامة وهم غ ّيلب وقولله تعلاىل{ :
خيص حارض ًا دون [} المائالدة ،]49:ونحوها من اآليات املتقدمة مل ّ
غائب ،دل عىل أنه جيوق القضاء عىل الغائب ،فتما إذا كان حارض ًا أو كان غائبل ًا يف مكلان
يعرف مكانه فإنه يعرف أنه مل حيرض ليدفع نفسه أو يوكل من ينوب عنه حكم عليه.
(خرب) وروى أبو األسود املالكي ،عن أبيه ،عن جلده أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم قال(( :ما عدل ٍ
وال أجتر يف رعيته)) دل ذلك عىل كراهة البيع والرشاء للواَّ حلاك ًام
عيل عمر حني والين القضاء أن ال أبيع وال أبتلاع ،وال
ّ كان أو عامالً ،وقال كيح :ك
أرتيش وال أق ي وأنا غضبان.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :لعلن اهلل اللرايش واملرتيشل
والرائش)) يعني الذي يسعى بينهام ،ورواه أبو هريرة.
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :القايض إذا أخلذ الرشلوة بلغلت بله
الكفر وإذا جار يف حكمه نزع منه اإليلامن فلدخل النلار)) رواه عليل أملري امللؤمنني عليله
السالم ،عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :الرايش واملرتيش يف النار)) فيه تنبيه عىل أن من أعطى
ماالً ليتوصل به إىل باطل فهلو حلرام واملعطلي واآلخلذ مسلتحقان للنلار نحلو احلكلام
والشهود والسالطني فتما إن أعطى بالرضورة جاق له ومل جيز لخآخذ بل يكلون اآلخلذ يف
النار ،وذكر املؤيد باهلل عليه السالم أنه إذا ظهر احلاكم ارتشا أو جور يف احلكم كان منعزالً
بنفسه وحكمه باطل وإن حكم بالعدل ،وجيب عىل من واله أن يظهر ذللك ويمنعله ملن
احلكم وكذلك من شهد شهادة قور وجب عىل القايض أن يؤدبه ويشهر أمره ،ذكر ذللك
كله املؤيد باهلل قدس اهلل روحه وذكر الشيخ عيل خليل يف قول املؤيد باهلل قدس اهلل روحه
أن حكمه باطل وإن حكم بالعدل ،املراد به كان ذلك يف مسائل االجتهاد ،فتما إذا حكلم
فيام هو جممع عليه وحال ما تقدم فحكمه جائز وإن كان فاسلق ًا ،والرشلوة -بضلم اللراء
وكرسها -وهي التي جتعل عىل احلكم.
-260-
(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :لعلن اهلل اللرايش
واملرتيش يف احلكم)) دل ذلك عىل أن الرشوة حرام.
قال اهلادي إىل احلق عليه السالم :من ارتشى يف حكمه فهو سحت حمرم وهو ملعلون
عند اهلل فاسق جمرم ،ذكره يف اجلزء الثاين من (األحكام).
(خرب) وروي أن كعب بن مالك تقاىض دين ًا له يف املسلد فارتفعلت أصلواهتام حتلى
سمعهام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وهو يف بيته فخرج إليهام فقال(( :يلا كعلب))
فقال :لبيك ،فتشار بيده أن ضع الشطر من دينك ،فقال :قد فعلت يلا رسلول اهلل .وعلن
عمر :ردوا فقومات كلي يتقلاحلوا ،وقلال تعلاىل { :
[} النساء ،]128:دل ذلك عىل
عىل القلح بني افقومات ويرددهم ما مل يتبني لله احللق أنه يستحب للقايض أن حير
فإذا بان له احلق فطلب افقم احلكم ومل يرض بالقلح وجب عليه أن حيكلم بحكلم اهلل
وال خالف فيه.
-261-
باب ما يبطل حكم القاضي وبيان حكم خطائه إذا حكم فأخطأ
إذا حكم احلاكم بحكم خيالف الكتاب والسنة املعلومة واإلمجاع املعلوم وجب نقلض
حكمه ووجب عليه أن يرجع عنه ،وال يتقور وقوع افالف فيه ،وإذا أخطلت يف مسلائل
احلكم به نفذ ومل ينقض وهو الذي اختاره السليدان االجتهاد خطت ةالف اجتهاد وأم
املؤيد باهلل وأبو طالب ،ومحل عليه أبو طالب كالم السيد أيب العباس.
(خرب) وعن أيب هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا اجتهد احلاكم
فتصاب فله أجران وإن احت فتخطت فله أجر واحد)).
(خرب) وعن عقبة بن عامر قال :جاء خقامن إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقلال
َّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اقض بينهام يا عقبة)) فقلت :يا رسول اهلل أأق ي
بينهام وأنت حارض! فقال(( :إقض بينهام فإن أصبت فللك عرشل حسلنات وإن أخطلتت
فلك حسنة واحدة)) دل ذلك عىل أن احلاكم إذا وَّف االجتهاد حقه ثم أصلاب يف مسلائل
االجتاهد كان له الثواب العظيم ،وإن قرص يف االجتهاد ومل يوف االجتهاد حقه ومل يتعمد
معقية وال اتبع اهلوى والتشهي فله أجر دون ذلك.
وأماما يتعلق بخطائه من األرض فإن كان عن شهادة الشهود ألزمهم حكم فعلهم كام
روي.
(خرب) وهو أن علي ًا عليه السالم قطع يد رجل بشهادة شلاهدين فللام فلرغ قلاال :إنلا
أخطتنا .فقال :لو علمت أنكام تعمدمتا لقطعتكام وألزمهام األرش ،وإن مل يكن عن شهادة
وقد وَّف االجتهاد حقه كان ذلك يف بيت املال.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :ملن طللب القضلاء وكملل إىل
نفسه)) وروي(( :من قلد القضاء فقد ذبح بغري سكني)) وروى هذين افلربين اهللادي إىل
-262-
احلق عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال يف األول(( :ملن سلتل
وَّ القضاء فقد ذبح بغري سكّني)).
القضاء وكل إىل نفسه)) وقال يف الثاين(( :من ّ
(خرب) وروي أن أبا ذر ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم اإلمارة فقال صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :إنك ضعيف وإرا أمانة وإرا يوم القيامة حزن وندامة إال ملن أخلذها
بحقها وأ ّدى الذي عليه فيها)) دل ذلك عىل أنه يكره لإلنسلان طللب القضلاء واحللرض
عليه وكذلك اإلمارة واإلمامة ،وألنه يوقع يف التهمة يف طلب ذلك فكره له ،وذكر املؤيلد
باهلل ما معناه هذا ومل يثق من نفسه بالوفاء وكان باملسلمني بغريه عنه غناء ،فتما إن وثق من
نفسه وكان باملسلمني إليه حاجة بحيث إن مل يطلب ذلك حلق املسلمني رضر لزمه طللب
ذلك والتعرض له ،وعن احلسن أنه قال :ألجر حاكم عدل يوم ًا أفضل من رجل يقيل يف
بيته سبعني سنة أو قال :ستني سنة ،قال :ألنه يدخل يف عدله يف اليوم عىل أهل كلل بيلت
من املسلمني خري ًا ،فهذا مما ال يعلم إال توقيف ًا؛ ألن مقادير ثواب األعامل ال تعلم بالعقلل
بل بالسمع.
-263-
باب الحبس
قد ذكرنا أوالً يف احلبس ما ذكرناه يف كتاب التفليس ونذكر طرف ًا مما بقي.
(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر ببناء حبس يف البرصة وحبس يف الكوفة.
(خرب) وعن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال َّّ (( :الواجلد حيلل عرضله
وعقوبته)).
وروي أن علي ًا اشًى دار ًا بمكة بتربعة آالف درهم وجعلهلا حبسل ًا ،دل ذللك علىل
جواق احلبس يف احلقوق لكل من ثبت عليه حق أو عنده حق لغلريه وامتنلع منله وطللب
صاحب احلق حبسه ،وقد ذكرنا تفقيل ذلك يف كتاب التفليس قوله تعاىل{ :
[} لقما ،]15::يدل عىل أن الوالدين ال حيبسان يف ديون أوالدمها إال يف نفقة
الولد خيفة التلف؛ ألنه ليس من املعروف حبسهام.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أنت ومالك ألبيلك)) يقت يل أن تكلون لله
مزية فيام يتعلق بامل االبن بام ليس لوجانب وال لسائر األقارب ،وقد أمجعوا عىل أن األب
إذا كان معرس ًا جيوق له أن يتناول نفقته من مال ابنه من غري حكم حلاكم أو أملره ولليس
ذلك لغريه من األقارب ،فإنه ال جيوق هلم أخذ النفقة إال أن يدفعها قريبه املوي إليله فلإن
امتنع مل يكن للفقري أخذها من ماله إال بحكم احلاكم.
-264-
-265-
كتاب احلدود
{ :أمللللا الكتللللاب فقللللول اهلل تعللللاىل
{ بلس بلس: وقوله تعاىل،]2:}[النالور
{ : وقوللله تعللاىل،]83:}[المائالدة
{ : وقوله تعاىل،]4:}[النور
وأما السنة فام أثبت من األخبار املتواترة أن رسول اله صىل اهلل عليه وآله وسللم أقلام
.احلدود
.وأما اإلمجاع فذلك ظاهر
-266-
باب حد الزاني
الزنا حرام حرمه اهلل تعاىل ورسوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم ،وحتريمله ملعلوم ملن
رضورة الدين ،والفاعل له فاسق ،واملستحل له كافر ،قال اهلل تعاىل { :
[} اإلسراء ،]32:وقال تعاىل { :
احلريب املستتمن إذا قنا ،واشًطنا أن يكون ةتار ًا للزنا؛ ألنا قد بينا حكم املكره عىل الزنلا
فيام تقدم ،واشًطنا أن يكون عامل ًا بالتحريم؛ ألن األعملى للو وجلد املرأة علىل فراشله
فوطأها وظن أرا امرأته يف ليلة إهدائها إليه ومل يعرف امرأته قبل ذلك فإنه ال حدّ عليه.
(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :ادرأوا احللدود بالشلبهات)) وكلذلك
-267-
حكم املزفوفة إىل غري قوجها غلط ًا فوطأها ظن ًا منه أرا امرأته وسلمت نفسها منه ظن ًا منها
أنه قوجها فوطأها جه ً
ال فال حد عىل واحد منهام ملا بيناه.
(خرب) وروي أن ماعز بن مالك األسلمي ملا جاء واعًف بالزنلا قلال لله رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم بعد أن أقر أربع مرات(( :أتعرف الزنا))؟ قال :نعم .قلال(( :فلام
هو))؟ قال :أن يات الرجل امرأة حرامل ًا كلام يلتيت امرأتله حلالالً .قلال :مثلل امللرود يف
املكحلة؟ قال :نعم .دل ذلك عىل أنه البد أن يتتيها حرام ًا عىل هذا الوجه.
(خرب) وبه تعلق عمر يف تر رجم املغرية بن شعبة وقد شلهد عليله أبلو بكلرة ونلافع
وسهل بن معبد وبقي قياد ،فقال له عمر :أرى وجه ًا مبارك ًا أرجو أن ال يفضلح اهلل علىل
ال من أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم ،قلال :رأيلت اسلت ًا تنبلولسانه رج ً
ونفس ًا يعلو ورجلني عىل عنقه كتذين محار وال أشهد بام وراء ذلك ،فقال عملر :اهلل أكلرب،
وتر رجم املغرية وجلد الثالثة ،وال فرق يف اإليالج بني أن يكلون يف قبلل أو دبلر عنلد
اهلادي إىل احللق ،والنلارص للحلق علليهام السلالم وذللك لقولله تعلاىل { :
اآلية ،ومل يفقل بني أن يكون الو ء يف قبل أو دبر والظاهر تناول [}النور]4:
الفعلني فإن من يقول رمى فالن فالن ًا بفاحشة ثم فرس ذلك بتحدمها كلان صلحيح ًا عنلد
أهل اللغة بل إذا فرسه بالدبر كان أوكد يف الرمي بفاحشة ،وإذا ثبت هذا صلح أن يكلون
قاذف ًا به ووجب احلد يف املقذوف؛ وألن العقوبات تتفاضل بتفاضل اإلجرام فكللام كلان
اجلرم أعظم كانت العقوبة أغلن ،وإتيان املرأة يف دبرها أعظم؛ ألنه ال يستبا ،يف حال من
األحوال ،ومن قنا بامرأة دفعات عدة أو قنا بنساء عدة مل جيب عليه إال حد واحد لظلاهر
النص وهو إمجاع ،وسواء كان املزين هبا بالغة أو غري بالغة إذا كانت تقلح لللامع عاقللة
أو غري عاقلة حرة أو غري حرة وهو إمجاع ،والظاهر من الكتاب والسنة يدل عىل ذلك وال
فرق يف وجوب احلدّ عىل البالغة العاقلة بني أن يكون الزاين هبا بالغ ًا أو غري بال ،عاق ً
ال أو
غري عاقل حر ًا أو ليس بحر إذا أول عىل مجيع ذلك تدل الظواهر من الكتاب والسنة فإرا
عامة ومل تفقل بني فعل وفعل ،وإذا ثبت ذلك فالزاين ال خيلو إما أن يكون عبد ًا أو ال إن
-268-
كان عبد ًا فال خيلو إما أن يكون مكاتب ًا أو مدبر ًا أو عبد ًا مطلقل ًا إن كلان مكاتبل ًا مل خيلل أن
يكون قد أدى شيأ ًا من مال املكاتبة أو ال إن كان قد أ ّدى شيأ ًا من مال الكتابة فحلده علىل
حسب ما أدى من مال الكتاب ،فإن كان قد أدى نقفه فحده مخسة وسبعون جلدة.
(خرب) ملا روي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه جللد عبلد ًا أعتلق نقلفه مخسل ًا
وسبعني جلدة نقف حد احلر ونقف حد العبد ،ورواه عنه قيد بن عيل ،عن آبائه عليهم
السالم.
(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن ابن عباس عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم أنه قال(( :إذا اصاب املكاتب مرياث ًا أو حد ًا فإنه يرث عىل قدر ما عتلق منله ويقلام
عليه احلد عىل قدر ما أعتق منه)) وكذلك القول يف املكاتبة فإن حكمها حكمله باإلمجلاع،
ومعنى قولنا إن املكاتب يعتق بقدر ما أ ّدى أنه جيري عليه حكم احلر بقلدر ملا أدرى فليام
يتبعض من األحكام كاجللد واألرش والد ّيات والعورة؛ ألنه يعتق عىل احلقيقة كام قلدمنا
ذلك يف كتاب العتق ،وأما ما ال يتبعض من األحكام كالرجم وشبهه فحكمه حكم العبد
وهذا كله مذهب حييى عليه السالم فإن مل يكن مكاتب ًا بل كان عبد ًا مطلق ًا أو مدبر ًا فحلده
نقف حد البكر وهو مخسون جلدة ،وكذلك القول يف األمة املدبرة وأم الوللد لقلول اهلل
تعللللللللللللاىل { :
ذلك أن حد األمة نقف حد احلرة وهو اجلللد دون ملا ال [}النسالاء ،]25:فاقت
يتبعض وهو الرجم ،وقسنا العبد الذكر عىل األنثى وهو إمجاع العًة والقحابة فيام أعلم.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن عيل عليه السالم أنه قال :حد العبد نقف حد احلر ومل
يرو عن أحد من القحابة خالفه فكان حلة.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ُسأل عن األمة إذا قنت؟ فقلال:
((إذا قنت فاجلدوها ثم إذا قنلت فاجللدوها ثلم إذا قنلت فاجللدوها ثلم بيعوهلا وللو
بضفرية)) ويف بعض األخبار(( :ثم بيعوها ولو بضفرية -بالضاد بضفرية معلمة -افقلة
من خقل الشعر ،وإن كان حر ًا فال خيلو إما أن يكون حمقن ًا أو ال ،بل يكون بكلر ًا وهلو
-269-
من مل يتزوج امرأة فحده مائلة جللدة لقلول اهلل تعلاىل {
(خرب) وروي أن عمر نفى واحد ًا فارتد وحلق هبرقل فقال :ال أنفلي بعلده أحلد ًا ،ومل
ينكره أحد من القحابة ،فلو كان النفي حدّ ًا ثابت ًا ألنكروه عليه.
وروي أن عثامن نفى واحد ًا فارتد ،وإن كلان اللزاين حلر ًا حمقلن ًا فحلده مائلة جللدة
-270-
والرجم يرجم باحللارة حتى يموت جيمع بيلنهام ،وكلذلك القلول يف الزانيلة إذا كانلت
حمقنة وذلبك ملا رواه قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :الثيب بالثيلب
جلد مائة والرجم.
(خرب) وحديث عبادة بن القامت خذوا عني قد جعل اهلل هللن سلبي ً
ال البكلر بلالبكر
ذلك جلد مائة والثيب بالثيب جلد ورجم ،فعطف الرجم بواو العطف عىل اجللد فاقت
أنه جيمع بينهام؛ ألن الواو يقت ي اجلمع بني الشيأني بحقيقتها عند أهل اللغة وهلذا قلول
اهلادي إىل احلق ،والنارص للحق عليهام السالم ،وهو قول القاسمية والنارصية ،فإن قيلل:
هذا افرب منسوخ ،قلنا :ال دليل عىل إثبات النسخ وال يثبت إال بدليل ،ثم نقلول :قلد دل
الدليل عىل أنه غري منسوخ وهو ما قد روى مجاعة بتلفاظ ةتلفة منهم عبدالرمحن بلن أيب
ليىل ،وحبة العرين ،والشعبي ،عن عيل عليه السالم أنه جلد كاحة اهلمذانية ورمجها فليام
روى ابن أيب ليىل أرا جاءت فقالت :إين قنيت فردها حتى شهدت عىل نفسها أربع مرات
فتمر هبا فللدت ،ثم أمر هبام فرمجت ،وفيام روى احبة العرين أن علي ًا عليه السالم قال هلا:
لعلك ُغ مقبت نفسك .قالت :أتيت طائعة غري مكرهة فتخرها حتى ولدت وفطملت ثلم
جلدها احلد ثم دفنها يف الرحبة إىل منكبيها ثم رمى هو أول الناس ثم قال :ارموا ،ثم قال:
جلدهتا بكتاب اهلل ورمجتها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ويف رواية الشلعبي
أ" ن عيل عليه السالم جلد كاحة اهلمذانية يلوم افمليس ورمجهلا يلوم اجلمعلة وقلال:
جلدهتا بكتاب اهلل ورمجتها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،واإلحقلان اللذي
هو ك يف إجياب الرجم ما مجع كائط وهي احلرية والبلوغ والعقل مع الو ء يف نكا،
صحيح أو خلوة إذا كانت املرأة عاقلة تقلح للو ء ،فإذا تزوج بلاحلرة البالغلة صلبي مل
يبل ودخل هبا وكان مثله يتيت النساء ومثلها تؤتى فهو حمقن ،ذكره حممد بن حييى ،وهذا
كله مذهب حييى عليه السالم.
قال القايض قيد :ما ذكره حييى عليه السالم يف افلوة القحيحة أرا جتلب اإلحقلان
فيه نظر ،واألوىل أن املحقن هو الو ء دون افلوة لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم:
-271-
((الثيب بالثيب جلد ورجم)) والثيوبة ال حتقل إال باجلامع.
فصل
واإلحقان يف اللغة هو املنع ،ومنه قرس حمقنة ولتحقنكم من بتسلكم ،ويف الرشلع
أربعة أمور :الزوجية ،واإلسالم ،واحلرية ،والعفة.
أملللللا الزوجيلللللة فلقلللللول اهلل تعلللللاىل { :
[}النسالاء ،]24:أراد هبا ذوات األقواج من املسببات ،وكذلك قوله تعاىل{ :
وأما اإلسالم فلقوله تعاىل } { :أي أسلمن هذا عىل قراءة من قلرأ أحقلن
بفتح اهلمزة.
وأما احلرية فلقوله تعاىل[} { :النور ،]4:أراد به احلرائر.
وأما العفة فلقولله تعلاىل[} { :النسالاء ،]24:يريلد أعفلا غلري
قانني ،فإذا ثبت أن اسم اإلحقان يف الرشع يفيد هذه األشياء األربعلة وجلب أن يكلون
مجيعها كط ًا يف الرجم لقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أو قنا بعد إحقان)) إال خقله
الدليل ،وقد خص الدليل اإلسالم أنه ليس برش يف اإلحقان.
(خرب) وهو ما روي عن ابن عملر أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم رجلم
هيويدين قنيا.
(خرب) وعن ابن عمر أنه قال :جاءت اليهود إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم
فذكروا له أن رج ً
ال منهم وامرأة قنيا فقال هلم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :ملا
جتدون يف التوراة؟)) قالوا :نفضحهم وجيلدون .فقال عبداهلل بلن سلالم :كلذبتم إن فيهلا
الرجم ،فاتوا بالتوراة فانرشوها فوضح أحدهم يده عىل آية الرجم ثم قلرأ ملا قبلهلا وملا
-272-
بعدها ،فقال له عبداهلل بن سالم :ارفع يد فرفع يده فإذا فيها آية الرجم ،فقالوا :صدق يا
حممد فيها آية الرجم فتمر هبام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فرمجا ،فقال عبداهلل بلن
عمر :فرأيت الرجل جيني عىل املرأة يقيهيا احللارة يعني يكب عليها حتى تقلع احلللارة
عليه ،قوله جيني عليها األوىل -بالياء معلمة باثنتني من أسفل وباجليم وبعده نون -يقال:
اجنى عليها جيني إجنا ًء إذا أكب عيله يقيه شيأ ًا ،ويف رواية جياين عليها أي يقيها.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث إىل جاريلة
قنت ليقيم عليها احلد فإ اذ هبا دم يسيل ال ينقطلع وروي فوجلدها مل جيلف دمهلا فرجلع
وعرف النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال(( :دعها حتى ينقطلع دمهلا ثلم أقلم عليهلا
احلد)) دل ذلك عىل أن البكر املريض إذا قنا انتظر برؤه فإذا برس حد.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت برجل مريض أصفر قد خرجلت
عروق بطنه قد قنا فدعا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعثكول فيه مائة شلمراخ فرضلبة
رضبة واحدة ،دل عىل أن املريض إذا قنا مل يرج برؤه ،وخيف موته قبل إقاملة احللد عليله
نحو أن يكون مرضه الغالب يف العادة منه املوت كالسل ونحوه فإنه يقام عليه احللد علىل
هذا الوجه وال يقام احلد عىل الزاين البكر يف وقت شديد احلر وال شديد اللربد إذا خيلف
عليه منه وهذا يف البكر ،وأما املحقن املرجوم فاملققود قتله فال يراعى فيه ذلك ،وحكم
املرأة والرجل فيام ذكرناه واحد بال خالف.
(خرب) روي يف ققة العامرية أرا ملا اعًفت بالزنا أمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
بردها إىل أن تضع ما يف بطنها ثم جاءت فردها إىل أن تكفل ولدها.
(خرب) وعن عيل عليه السالم مثله يف اهلمذانية حني اعًفلت بالزنلا أنله ردهلا حتلى
وضعت فلام جاءت بعد الوضع ردها فقال :أكفليها ،فقال رجل :يا أمري املؤمنني أنا أكفل
ولدها ،فتغري وجه أمري املؤمنني عليه السالم وظهرت فيه الكراهة فقلال الرجلل :أملا إذا
كرهت فال ،فقال :بعد أن بذلت ذلك من نفسك فال فكفله إياها فرمجها.
-273-
(خرب) وروي أن عمر كان أمر برجم امرأة قنت وهي حبىل ومل يكن علم ذلك فقال له
عيل عليه السالم :هذا سلطانك عليها فام سلطانك علىل ملا يف بطنهلا فلً عملر رمجهلا
وقال :لوال عيل هللك عمر ،وقال :ال أبقاين اهلل ملعضلة ال أرى فيها ابن أيب طالب.
(خرب) وروي أن معاذ ًا قال له ذلك فقال :لوال معاذ هللك عمر ،دل ذلك عىل أنه جيب
ال حلدّ ها وإن كانلت حلام ً
ال عىل اإلمام أن يستربس رحم املرأة إذا قنت فإن مل تكلن حلام ً
انتظر هبا حتى ترضع ولدها اللبا؛ ألنه إذا مل ترضعه تلف ثم ينظر فلإن كلان للقلبي ملن
يكفله رمجت وإن مل يكن آخر رمجها حتى تفطمه ويستغني عنها.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أتى برجل سكران يف شلهر رمضلان فًكله حتلى
ضحى ثم رضبه ثامنني ثم أمر به إىل السلن ،ثم أخرجه من الغد فرضلبه عرشلين فقلال:
ّ
ثامنون للخمر وعرشون جلرأتك عىل اهلل تعاىل يف رمضان ،دل ذلك عىل أن من قنى بذات
رحم حمرم أو قنا ذمي بمسلمة أقيم عليه احلد وأدب تتديب ًا قايد ًا عليه ،وعند النارص للحق
أن الذمي إذا قنا بمسلمة فإنه يكون ناقض ًا للعهد فيقتل.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال :إذا قنا الذمي بمسلمة قتلناه.
فصل
قال املؤيد باهلل :فإن كان احلد املستحق هو الرجم قدم التعزير عليه لأال يفوت بتقلديم
الرجم.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم ((ادرؤا احللدود بالشلبهات)) ،يلدل علىل أن
املرهتن إذا وطئ اجلارية املرهونة عنده وادعى اجلهل بالتحريم درس عنه احللد ،ودل علىل
أن من وطئ امرأة قد طلقها ثالث ًا وهي يف عدة منه غري عامل بالتحريم وادعى اجلهل صلار
-274-
ذلك شبهة ودرس عنه احلد.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه ملا أتى برجلل وقلع علىل جاريلة امرأتله قلال:
ألرمجنه.
وروي عن عمر أنه جلد فيه مائة جلدة دل عىل أن ملن وطلئ جاريلة امرأتله وادعلى
اجلهل؛ ألن ذلك مما ال يشتبه حتريمه بني املسلمني.
(خرب) وما روي عن عيل عليه السالم أنه أيت برجل وقع عىل جارية امرأته فقال له عيل
عليه السالم :ما محلك عىل ما صنعت؟ فقال :هي َّ وماهلا َّ ،فدرأ عنه احلد ،فإنه حممول
عندنا عىل أن تكون املرأة قد صدقته عىل ذلك ،وقالت له قبل الفعل :قد أبحت لك وطأها
والترصف يف ماَّ فإرا إذا قالت ذلك ومل يعلم الزوج بتحريمله درس عنله احللد للشلبهة
ليكون مجع ًا بني افربين.
فصل
وقللللال اهلل تعللللاىل { :
[}النساء ]15:اآلية .قال اهلل تعاىل[} { :النور ،]4:دل عىل أن
الزنا ال يثبت إال بشهادة أربعة.
(خرب) وروي أن سعد بن عبادة قال :يا رسول اهلل أرأيت لو وجدت مع امرأيت رجل ً
ال
أمهله حتى آيت بتربعة شهداء؟ قال(( :نعم)).
(خرب) وروي يف افرب األول يف الثالثة الذين شهدوا عىل املغرية بلن شلعبة ومل يشلهد
قياد بمثل امليل يف املكحلة جلد عمر الثالثة ومل جيلد املغرية.
(خرب) وروي أن ثالثة شهدوا عىل رجل بالزنا وقال الرابع :رأيتهام يف ثوب واحد فإن
كان هذا قنا فهو ذلك فللد عيل عليه السالم الثالثة وعزر الرجل واملرأة ،دل ذللك علىل
-275-
أنه ال يقبل يف الزنا من الشهود إال أربعة وال تقح الشهادة حتى يشهدوا أرلم رأوه يلزين
وشاهدوا اإليالج يف وقت واحد يف مكان واحد ال جيدون بعد كامهلم أربعة لقوله تعلاىل:
{[} النور ،]4:وقد كملوا أربعة شهداء فإذا صحت شلهادة أربعلة
ستل اإلمام إن كان حارض ًا أو احلاكم عن إسالمهم؛ ألن من ليس بمسلم ال تقبل شهادته
كام تقدم ثم يستل عن عدالتهم؛ ألرا ك يف صحة شهادهتم يف سائر احلقوق كام تقدم يف
الزنا بذلك أوىل ثم يسلتل علن صلحة عقلوهلم؛ ألن شلهادة ملن لليس بعاقلل ال تقلح
باإلمجاع ،ويستل عن صحة أبقارهم؛ ألن من كان كليل البرص خفي عليه مشاهدة مثلل
امليل يف املكحلة فإذا كملت شهادهتم عىل هذا الوجه مل جيب عليهم النظر وال الشهادة بال
خالف ،فإن عزموا عىل الشهادة جاق هلم تكرير النظر إىل الفرجني ليتحققلوا الشلهادة إذا
كانوا أربعة عدوالً وكان يف الزمان إمام حق ،وجيبى عىل أن يستل بني الشلهود واملشلهود
عليه عداوة؛ ألن العداوة شبهة تدرأ هبا احلدود ،ويستل عن حال مشهود عليله يف احلريلة
والرق وصحة العقل واجلنون والبكارة والثيوبة ال الثيوبة يقال تثيبت املرأة إذا صارت ثيب ًا
رجع؛ ألن احلد خيتلف بحسب اختالف هذه األمور فيبحث عنها ليقيمه برشو ويسلتل
شاهدي اإلحقان عن معنى اإلحقان ،ويكفي يف ثبوت اإلحقان شلهادة رجللني بلال
خالف وشهادة رجل وامرأتني عندنا عىل ما تقدم بيانه.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عليل عليله السلالم أن رجل ً
ال ملن
أسلم جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فشهد عىل نفسه بالزنا فرده النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أربع مرات فلام جاءه يف افامسة قال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم:
((أتدري ما الزنا؟)) قال :نعم ،أتيتها حرام ًا حتى غاب ذلك مني يف ذلك منها كلام يغيلب
امليل يف املكحلة والرشا يف البأر فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم برمجه فرجم.
(خرب) وروى سعيد بن جبري ،عن ابن عباس قال جاء أعرايب فلاعًف بالزنلا ملرتني
فطرده ثم جاءه فاعًف بالزنا مرتني فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم :شهدت عىل
نفسك أربع مرات فاذهبوا به فارمجوه ،وهي ققة مروية من طرق بتلفاظ يف كلها أنله رده
-276-
حتى أقر أربع مرات وفيه دليل من وجهني:
أحدمها :أن املرة الواحدة لوكفت مل جيز تتخري احلد مع قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم:
((ال ينبغي لواَّ قوم أن يؤتى إليه بحد إال أقامه)).
والثاين :أنه قال :اآلن تم اإلقرار أربعا فارمجوه فعلل احلكم الذي هو وجوب اللرجم
بتكامل اإلقرار أربع ًا.
(خرب) وروي أن أبا بكر قال ملاعز وقد أقر ثالث ملرات إن اعًفلت الرابعلة رمجلك
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدل عىل أن اعتبار العدد أربلع ملرات كلان معلومل ًا
عندهم من جهة الرشع.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم رجم امرأة اعًفت بالزنا بعد أن ردها حتى أقرت
أربع ًا وال حيفن يف خالفه فكان كاإلمجاع دل ذلك عىل حكمني:
أحدمها :أنه جيب أن يستل الزاين عن تفسري الزنا وال يعرف فيه افالف.
والثاين :أنه ال يرجم بإقراره حتى يقر أربع مرات ذكر ًا كان أو أنثى.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن عبد ًا أقر عنده بالرسقة مرتني فقط وأن عبد ًا أقر
عنده بالزنا فرده أربع مرات ثم جلده مخسني ،وعن عائشة مثله يف قطعه بلإقراره بالرسلقة
ومل يرو خالفه عن أحد غريها من القحابة ،دل ذلك عىل أنه ال فرق فليام ذكرنلاه بلني أن
يكون حر ًا أو عبد ًا وأن حكم العبد قفي ذلك حكم احلر.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ملاعز بعلد أن أقلر أربلع ملرات:
لعلك ملست لعلك قبلت لعلك نظرت فكان النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم يلقنله بعلد
ثبوت احلد بإقراره ما لو تلقنه لسقط به احلد .وروي أنه حني رمي باحللارة هرب فرملي
حتى قتل ،وروي أنه قال :ردوين إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم حني أخربوه بلذلك(( :هلال تركتملوه)) وروي ((هلال رددمتلوه)) ويف
-277-
حديث أيب سعيد قال :جاء ماعز إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم وذكلر ققلته إىل أن
قال :اذهبوا هبذا فارمجوه فتتينا به مكان ًا قليل احللارة فلام رميناه اشتد من بني أيدينا يسعى
فتبعناه فتتى بنا حرة كثرية األحلار فقام ونقب ونفسه فرميناه حتى قتلناه ،ثلم اجتمعنلا
إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخربناه فقال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم:
((سبحان اهلل فهال خليتم عنه حني سعى من بني أيديكم)) دل عىل أن من أقر بالزنلا أربلع
مرات ثم رجع ُقبمل رجوعه ،وهذا القول مروي عن عيل عليه السلالم وعملر وأيب بكلر،
وابن مسعود ،وال ةالف هلم يف القحابة فوجب أن جيري جمرى اإلمجاع يف كونله حللة
وال فقل بني اإلقرار بالزتا وكب افمر أو الرسقة ويف أنه يقبلل رجوعله بعلد اإلقلرار
قياس ًا عىل اإلقرار بالزنلا إال أن يف الرسلقة يسلقط القطلع دون الضلامن ،والللوا حملرم
وحمظور وفاعله فاسق ومستحلة كافر قال اهلل تعاىل { :
[،} األوراف ]81-80:فسامه فاحشلة وأقلره اهلل عليله
فلللدل علللىل أنللله صلللحيح وقلللد قلللال تعلللاىل { :
[}األنعالام ، ]151:وألن اهلل تعاىل عذب قوم لو بتن جربيل عليه السالم بتن اقتللع
مدرم وهي أربع قرى فحملها بام فيها وفيها من بني آدم ستامئة ألف نفس مع ما معهم من
سائر احليوانات ،ورفعهم إىل أن سمع أهل السامء نبا ،الكالب وصليا ،الديكلة وضلغا
األوالد ،ثم رموا باحللارة من السامء {[} هود ،]83:ثم نكس
هبم فلعل عاليها سافلها.
(خرب) وعن أيب موسى األشعري ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال :إذا أتلى
ال رج ً
ال فهام قانيان قال :وإذا أتت املرأة املرأة فهام قانيتان. رج ً
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال يف الذكرين ينكح أحدمها صاحبه أن حدمها حد
الزاين إن كاناإحقنا رمجا وإن كانا مل حيقنا جلدا ،وعن عيل عليه السالم أنه قال :اللوطي
بمنزلة الزاين وهو أعظمهام جرم ًا ،دل ذلك عىل أن حد الذكرين يعللو أحلدمها صلاحب
-278-
حدا الزاين عىل التفقيل الذي قدمناه أوالً ،وهذا هو مذهب اهلادي عليه السالم نقله يف
(األحكام) وهو مذهب القاسم عىل ما حكاه الناطق باحلق وهو اختيار املؤيد باهلل وحكى
املؤيد باهلل من مذهب القاسم أنه يقتل بكر ًا كان أو ثيب ًا وهو قلول النلارص عليله السلالم،
وهو الذي فعله اهلادي عليه السالم عىل ما حكاه مقنف سريته أنه شهد عىل رجل عنلده
أنه يؤتى كام تؤتى املرأة فتمربه فرضبت عنقه وصلب وكان ذلك ببلدة يقلال هللا منكلث،
ويف العلوم قال القاسم عليه السالم :حده يف ذلك الرجم ،وكذلك فعلل اهلل بقلوم للو
رمجهم من سامئه ،وذكر مثل ذلك عن عيل عليه السالم يف رجل أيت به يف ذلك.
(خرب) وفيه عن القادق جعفر بن حممد ،عن أبيه قال أيت عملر بفاعلل أو مفعلول بله
فاستشار علي ًا عليه السالم فتمره أن يرضب عنقه ،ثم قال :قد بقي حلدّ آخلر ،قلال :وملا
هو؟ قال :حترقه بالنار.
قال عليه السالم :إن هلم أرحام ًا كترحام النساء ،قيل :فلام بلاهلم ال يللدون؟ قلال :إن
أرحامهم منكوسة.
(خرب) وفيه عن ابن احلنفية قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من أمكن
من نفسه ثالث ًا جعل اهلل له يف دبره رمح ًا كرحم املرأة يشتهي به كام تشتهي املرأة)) قلال :يلا
رسول اهلل فام باهلم ال يلدون؟ قال(( :إن أرحامهم منكوسة)) ويف خرب ملن هلذا الكتلاب
هذا افرب عن غري ابن احلنفية وخالفه يف موضعني:
-279-
واحدة وقد علمتم ما صنع اهلل هبم ،واتفقوا عىل أنه حيرق بالنار ،فتمر أبو بكلر بإحراقله،
وعن عيل عليه السالم أنه قال :يلقى عليه حائط ،ومثله عن عثامن ،وعن ابلن عبلاس أنله
يلقى من أعىل بناء يف قرية.
(خرب) وروى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :اقتللوا الفاعلل
واملفعول به)).
(خرب) وروى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من وجدمتوه يعمل
عمل قوم لو فاقتلوا الفاعل واملفعول به)) دل ذلك عىل جواق قتله عىل كلل حلال بكلر ًا
كان أو حمقن ًا.
(خرب) وروى ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من ُو مجد ملع
البهيمة فاقتلوه مع البهيمة)) قيل البن عباس :ما شتن البهيمة؟ قال :إرا تُرى فيقال :هذه
وهذا وقد فعل هبا ما فعل ،فدل ظاهر افرب عىل وجوب قتل كل ملن يفعلل هلذا الفعلل
وهو مذهب القاسم عليه السالم فإذا كانت البهيمة مما ال يؤكل حلمه كلالفرس ونحوهلا
فقيمتها عىل الواطئ ذكره الناطق باحلق ملذهب القاسم عليه السالم.
قال املؤيد باهلل :من أتى بقرة الغري ثم اشتبهت عليه فال يشء عليه.
(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من وقع عىل هبيملة
فاقتلوه واقتلوها معه)) وذكر الناطق باحلق أن من أتى البهيمة فإنه جيلد إن كان بكر ًا فقلط
ويرجم مع ذلك إن كان حمقن ًا وذكر حممد بن حييى اهلادي أنه يعزر وبه قال املؤيد.
(خرب) وروي أن شاهدين شهدا عند عيل عليه السالم بالرسقة عىل رجل فتمر بقطعله
ثم جاءا بآخر فقاال :يا أمري املؤمنني غلطنا هذا الذي يق واألول بريء ،فقال عيل عليله
السالم :عليكام دية األول وال أصدقكام عىل هذا اآلخر ولو علمت أنكام تعمدمتا قطع يده
لقطعت أيديكام ،وروي مثله عن أيب بكر ومل يرو عن أحد ملن القلحابة خالفله فللرى
جمرى اإلمجاع يف كونه حلة دل عىل أن شهود احللد إذا رجعلوا كلهلم واعًفلوا بالعملد
-280-
ال قتلو ققاص ًا وإن كان قطع ًا قطعوا كذلك وإن ادعوا افطت كلان الواجلب فيله
وكان قت ً
الدية ،فإذا كان يف الزنا ورجعوا كلهم لزم كل واحد منهم ربع الدية وإن رجع واحد منهم
لزمه ربع الدية ،وإن رجع أحد شاهدي القطع لزمه نقف دية اليد.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه أتى بامرأة بكر قعموا أرا قنت فتمر النساء أن ينظرن
إليها فقلن :هي عذراء .فقال عيل عليه السالم ما كنت ألرضب من عليهلا خلاتم اهلل ،دل
ذلك عىل أن املرأة لو شهد عليها أربعة بالزنا وأقيم عليها احلدّ ثم نظر النساء إليها فشهدن
بترا عذراء مل يكن عىل اإلمام ضامن األرش؛ ألنه أنفذ احلكم بشهادة أربعة وال جيب علىل
الشهود يشء؛ ألنه لو لزم لكان ذلك أرش الرضب أو حدّ القذف وال يثبت واحلد منهلا
بشهادة النساء وحدهن ،ودل افرب عىل أن علي ًا عليله السلالم كلان جييلز شلهادة النسلاء
وحدهن يف مثل هذا.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أتلى ملنكم ملن هلذه
القاذورات شيأ ًا فليستً بسً اهلل فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عيل احلدّ )).
أقر أنه قنا بامرأة فبعث إليهلا رسلول
ال ّ(خرب) وروى سهل بن سعد الساعدي أن رج ً
أقر بالزنا بامرأة
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلحدت فللد الرجل ،دل ذلك عىل أن من ّ
بعينها وجحدت ذلك فإنه حيد.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يؤتى يلوم القياملة بطلون
أيدهيم كبطون احلوامل)) دل ذلك عىل أنه ال جيوق إنزال املاء األعظم وهو املني باليد.
قال السيد أبو طاللب :ملن أنلزل امللاء بيلده فقلد عىصل ربله ووجبلت عليله التوبلة
واالغتسال.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لعن اهلل ناكح البهيمة ولعلن اهلل
ناكح اليد)) دل ذلك عىل حتريم هذين الفعلني وحظرمها؛ وألرام مباكة يق يل إىل قطلع
،ويلدل علىل ذللك قلول اهلل تعلاىل { : النسل فكانت حمرمة كلاللوا
-281-
ومن أنزل املني بيده فلم حيفن فرجه مملا وراء،]7-5::}[المؤمنو
.ذلك وجب تعزيره عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل
-282-
باب حد القاذف
القذف :حمرم حمظور وهو الرمي ملن ظاهره السلً بلالفلور ،واألصلل فيله قلول اهلل
تعاىل[} { :النور ]4:اآلية.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه جلد يف قذف عائشة حسلان بلن
ثابت ،ومسطح ًا ،ومحنة بنت جحش ،قال يف ذلك شاعر من املسلمني:
حسللان الللذي هللو أهللله ومحنللة إذ قللالوا هلللري ًا ومسللطح
لقللد ذاق ّ
وسخطة ذي العرش العظيم وأبر، تعللاطوا بللرجم الغيللب قوج نب ل ّيهم
شآبيب قطر من ذرى املزن تسفح فقبت عليهم حمقبات كترلا
وما روي أن علي ًا عليه السالم جلد الثالثة الذين شهدوا عنده عىل الرجلل بالزنلا مللا
قال الرابع :رأيتهام حتت ثوب واحد ومل يشهد ،وكذلك ما روي عن عمر يف ققة املغرية.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع القلم عن ثالثة)) افربّ ،
دل
ذلك عىل أن القبي وامللنون إذا قذفا غريمها مل جيب عليهام حدّ القذف كام ال حيدّ قاذفهام
إذا قذفهام بام يوجب احلدّ عىل غريمها؛ ألنه لو قامت الب ّينة بقحة قذفهام به مل حيل حلدّ مها
لرفع القلم عنهام.
فصل
وال خالف يف وجوب حد القذف عىل من قذف حمقن ًا أو حمقنة بام به جيب احلد لقول
اهلل تعلللللللاىل { :
-283-
أحدمها :أن من قذف حمقنة فإنه جيلد هذا القدر.
والثاين :أنه إذا قذف من أقام البينة عىل أنه فعل ما جيب عليه به احلد من الزنلا مل جيلب
عليه احلدّ ّ
فدل عىل أن من قذف من هو معروف بالزنا مل حيدّ .
(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :اجتنبلوا السلبع
وماهن؟ قال(( :اإلكا باهلل تعاىل ،والسحر،
املوبقات)) قالوا :وما املوبقات يا رسول اهلل ُ
وقتل النفس التي حرم اهلل إال باحلق ،وأكل الربا ،وأكل مال اليتيم ،والتوَّ يوم الزحلف،
وقذف املحقنات)) ويشً يف املقذوف الذي حيد قاذفه البللوغ ،واإلسلالم ،واحلريلة،
والعقل ،والعفة يف الظاهر من الزنا ،فإن كان غري معروف به وكان فاسق ًا بغريه حد قاذفه،
وأما اشًا البلوغ والعقل فهو إمجاع.
وأما اشًا احلرية فون اهلل تعاىل اشً وجوب احلدّ عىل القاذف إحقان املقذوف
[}النور ،]4:والرق ينايف اإلحقان بدليل قوله تعاىل: { بقوله:
{
[}النساء.]25:
وأما اشًا اإلسالم فقد قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ملن اك بلاهلل
فليس بمحقن)) وألن الذمي ال خيتص بحرمة جيب ألجلها عىل قاذفه احلد كلام ال يقتلل
قاتله املسلم ققاص ًا به.
وأما اشًا العفة فاشًطنا عفته يف الظاهر عن الزنا؛ ألن من كان معروف ًا به فالقذف
به صدق فال يلزم قاذفه احلد ،وهلذا ُأسقط احلد عىل القلاذف إذا أقلام البينلة علىل صلدق
قذفه.
(خرب) وروي أن رج ً
ال قال للنبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم :إن املرأيت ال تلرد يلد
المس ،قال :طلقها ،قال :فإن نفيس تتبعها ،وروي فإين أحبها :قال(( :فتمسكها)) دل عىل
أن الرشع قد فرق بني التعريض يف القذف والترصيح به ،فالتعريض نحلو أن يقلول :أنلا
-284-
لست بزان أو يعرف من الزاين مني ومنك أو يا ولد احلالل أو لسلت ابلن قان وال قانيلة
وحتقيقه هو ما مل يوضع للزنا لغة وال عرف ًا.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه كان يعلزر يف التعلريض
والترصيح أن يقول :يا قاين أو يا قانية ونحو ذلك ،والكناية نحو أن يقلول :لسلت بلابن
فالن املشهور النسب ونحو ذلك ،والفرق بني الرصيح والكناية أن الرصيح هو كل لفلن
ال حيتمل إال ما رماه به من الزنا ،والكناية هو ما كان موضوعه للرمي بالزنلا وإن احتملل
غريه؛ ألنه إذا قال :لست بابن فالن فهو حيتمل أنه أراد أنه ولد قنا وحيتمل أنله أراد أنله مل
يولد عىل فراشه ،وحيتمل أنك لست تشبهه خلق ًا فام أفاد من الكنايات الرمي بالزنا وجب
عليه حدّ القاذف ،وما احتمل الزنا وغريه سأل عن نيته فإن قال :أردت به الزنا كان قلذف ًا
فيحد إلقراره ،وإن قال أردت غريه درس عنه احلد للشبهة ،فإذا ثبت القذف وجلب حلد
القاذف وإن كان حر ًا فحده ثامنون جلدة كام نطق بله الكتلاب ،وإن كلان عبلد ًا فلتربعون
جلدة هذا هو املروي عن عيل عليه السالم ،وأيب بكر ،وعمر ،وعثامن ،وابن عباس.
(خرب) وروى حييى بن سعيد األنقاري قال :رضب أبو بكر بن حممد بن عمرو مملوك ًا
افًى عىل حر ثامنني جلدة فبل ذلك عبداهلل بن عامر بن ربيعة فقال :أدركت الناس ملن
قمن عمر بن افطاب إىل اليوم فام رأيت أحد ًا رضب اململو املفًي عىل احلر ثامنني قبل
أيب بكر بن حممد ،دل ذلك عىل أن حدّ العبد كان عندهم معروف ًا وأن أبلا بكلر بلن حمملد
خالفه.
(خرب) كام روى جالس أن علي ًا عليه السالم قال يف عبد قذف حر ًا نقف احلد وهلذا
القول هو الظاهر من قول علامء العًة وهو قول اجلمهور ،وهو امللروي علن عليل عليله
السالم ،وأيب بكر ،وعمر ،وعثامن ،وابن عباس ،وذلك ألن الداللة قد دلت علىل أن حلد
العبد عىل النقف من حد احلر فيام هو أعظم من القذف ،فكذلك حد القذف ،واملعنى أنه
حد يمكن تنقيفه وقد قدمنا حكم املكاتب يف احلدّ ،فعىل هذا إذا قلذف املكاتلب ملن ال
حيل قذفه فإنه حيدّ عىل حساب ما أ ّدى من مال الكتابة كام تقدم بيانه ،وإن مل يؤد شيأ ًا ملن
-285-
مال املكاتبة فحده حد العبد وال خالف يف أن االبن إذا قذف أباه لزمه احلد ،واختلفلوا يف
األب إذا قذف ابنه فعند القاسم وحييى عليهام السالم :يلزمه احلمد ،وعند املنقور بلاهلل:
ال يلزمه احلدّ وال التعزير ،وجه األول الظواهر الدالة عىل وجوب احلدّ فإرا مل تفقل بني
األب وغريه ،وجه الثاين قوله تعاىل[} { :اإلسراء ]23:ولو علم
اهلل أدنى من أف يف األذى لنهى عنه ،فإذا رى عن التتفيف هبا وعن ررمها كان ذلك شبهة
يف درء احلدّ والتعزير عنه ،واحلدود تدرأ بالشبهات كام تقدم وهذا أوىل؛ ألرا عقوبة جتب
عىل ما يلتيت بيانله بحق اآلدمي فال جتب للولد عىل الوالد فوجب سقوطه دليله الققا
إن شاء اهلل تعاىل.
(خرب) وروى األشعث بن قيس أن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :ال أويت
برجل يقول :إن كنانة من قريش إال جلدته)).
(خرب) عن ابن عباس قال :قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إذا قال رجل لرجل
يا ةنث فاجلدوه عرشين وإذا قال :يا هيودي فاجلدوه عرشين)) دل ذلك عىل أن من رمى
غريه بيشء من رضوب الفسق سوى الزنا فإنه ُيعزر.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :تعافوا احللدود فليام بيلنكم فلام
بلغني من حدّ فقد وجب)) دل ذلك عىل أن حدّ القذف حلق هلل تعلاىل واملطالبلة بله حلق
لخآدمي فله أن يعفو؛ ألنه حق له وله أن يطالب به؛ ألنه حق له فإذا طاللب ثلم عفلا بعلد
الطلب مل يسقط بعفوه؛ ألنه حق هلل تعاىل.
(خرب) وروت عاشة قالت :أيت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم بسلارق فقطلع،
فقيل :يا رسول اهلل ما كنا نرا تبل به هذا .قال(( :لو كانت فاطملة بنلت حمملد ألقملت
عليها احلدّ )) دل عىل أنه ال جيوق لإلمام أن يعفو عن احلدّ بعد رفعه إليه.
(خرب) وروى عروة قال :شفع الزبري يف سارق فقيل :حتى يتيت السللطان ،قلال :فلإذا
بل السلطان ذلك فلعن اهلل الشافع واملشفع لغريه كام قال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله
-286-
وسلم ،دل ذلك عىل أنه ال جتوق الشفاعة فيه بعد رفعه إىل اإلمام ،وإذا قال لغريه ونتت يف
اجلبل باهلمزة فإنه يرجع إليه يف تفسريه ،ذكره حممد بن اهلادي عليهام السالم وذللك ألنله
بقذف من غري نية؛ ألن الزنا هو القعود يف اجلبل ،قال الشاعر:
وارق إىل افريات مق ْن ًت يف اجلبلل
-287-
باب حدّ شرب الخمر
افمر حرام مع الرفاهية وحتريمه معللوم برضلورة اللدين فشلاربه لغلري رضورة ملع
اعتقاده لتحريمه فاسق ،ومستحله مع الرفاهية كافر ،واملسكر من كلل كاب حملرم ،فلام
أسكر كثريه فقليله حرام ولو جرعة واحدة.
(خرب) عن عبداهلل بن عمر ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :إذا كب
أحدكم افمر فاجلدوه)).
(خرب) وروي عن أيب هريرة أنه قال :إذا سكر فاجلدوه ،ثم إذا سكر فاجلدوه ،ثلم إذا
سكر فاجلدوه ،ثم إذا سكر فارضبوا عنقه.
(خرب) وروى عمرو بن الرشيد ،عن أبيه قال :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله
وسلم يقول(( :إذا سكر أحدكم فارضبوه ،ثم إذا عاد فارضبوه ،ثم إذا عاد فارضبوه ،ثلم
إذا عاد الرابعة فاقتلوه)) وال خالف يف وجوب احلدّ يف كب افمر.
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق حييى بن احلسني عليله السلالم أن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم جلد شارهبا ثامنني جلدة.
(خرب) وروى اهلادي عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم :أنله أيت
بشارب مخر فللده ثامنني ،ثم قال(( :فإن عاد فلاقتلوه)) فعلاد قلال اللراوي :فانتظرنلا أن
يتمرنا بقتله فتمر بللده ثانية فللده.
وأما املسكر فهو كافمر عندنا يف أن كب قليله وكثريه سواء عندنا يف أنه جيلب احللدّ
برشب قليله كام جيب احلدّ برشب كثريه.
قال املؤيد باهلل :ال أحفن يف ذلك خالف ُا بيت أهل البيت عليهم السالم.
(خرب) وروي أن عليا عليه السالم كان جيللد يف قليلل ملا أسلكر كثلريه كلام جيللد يف
الكثريه ،رواه اهلادي إىل احلق عليه السالم وغريه.
-288-
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه قال :ال أجد أحد ًا كب مخر ًا وال نبيذ ًا مسلكر ًا
إال جلدته احلدّ ؛ وألنه مسكر فوجب أن يكون قليله وكثريه سواء يف إجياب احلدّ فيه ،دليله
افمر.
قال اهلادي إىل احلق عليه السالم :حدثني عمي احلسن بن القاسم قال :حدثني من أثق
بإسناده يرفعه إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أتاه ديلم احلملريي ملن أهلل الليمن
ال شلديد ًا وإنلا نتخلذ كابل ًا ملن هلذا
فقال :يا رسول اهلل إنا بترض باردة نعال فيها عم ً
القمح نتقوى به عىل أعاملنا وعىل برد بالدنا فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :هلل
يسكر؟)) قال :نعم .قال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فلاجتنبوه)) فقللت :إن النلاس غلري
تاركيه .فقال(( :فإن مل يًكوه فاقتلوهم)).
(خرب) وروى اهلادي عليه السالم عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :كل مسلكر
حرام)).
وروى اهلادي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما أسكر كثلريه فقليلله حلرام))
(خرب) وروي يف ققة الوليد أنه شهد شاهد عند عثامن أن الوليد بن عقبة كهبا وشهد
شاهد أنه تقيتها فقال :ما تقيتها حتى كهبا ،فتجرى عثامن ما ال حيقل ملن اإلنسلان إال
بالرشب كمعاينة الرشب فقال هذا بحرضة عيل ،واحلسن عليهام السلالم وبمحرضل ملن
مجاعة القحابة ،وأقيم عليه احلدّ دل ذلك عىل أنه إذا شهد رجل عىل رجل أنله رآه كب
افمر وشهد آخر وشهد آخر أنه شم رائحتها فيه وتيقن ذلك أو شهد أنه تقيتها فإنه ُحيد.
(خرب) رووي أن علي ًا عليه السالم أيت النلايش الشاعر وقد كب افمر يف رار شهر
رمضانم فرضبه ثامنني ثم أمر به إىل السلن ثم أخرجه من الغد فرضبه عرشين وقال :إنلام
جلدتك هذه إلفطار يف شهر رمضان وجرأتك عىل اهلل ،دل ذلك عىل حكمني:
أحدمها :أن حدث الشارب ثامنون جلدة.
-289-
ال عنه إذا ارتكب قبيح ًا مثل هلذا وإن حبسله
والثاين :أنه جيوق الزيادة عىل احلد منفق ً
عوض ًا عن الرضب جاق ،وإن مجع بينهام جاق عىل حسب ما يرى من القال.،
(خرب) وروى عبداهلل بن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر بشارب افمر أن
جيلد ثامنني.
(خرب) وروي أن عمر استشار علي ًا عليه السالم يف حدّ شارب افمر فقال عليل عليله
السالم :إذا كب سكر ،وإذا سكر هذى ،وإذا هذى افًى ،وحدُّ املفًي ثامنون جللدة،
فقبله عمر وعمل به ومل خيالفه فيه أحد من القحابة ،وإنام استشلاره عملر ألنله جيلوق أن
يكون مل يعرفه و ال ظهر عنده ظهور ًا تام ًا ،وال عند أكثر القحابة وحرض مشورته طلحة،
والزبري ،وعبدالرمحن ،وكانوا يف املسلد فلرى ذلك منهم عىل سبيل اإلمجاع فإن قيل :إن
يف ققة الوليد بن عقبة ما خيالف هذا ،وذلك أنه روي أنه كب افمر بالكوفلة وتقيتهلا
وتقدم يف صالة القبح وهو سكران فقالها أربع ًا فلام سلم قال :أقيدكم ،فرفعلوا خلربه
إىل عثامن فاستدعاه وشهد عليه فقال لعيل عليه السالم أجلده ،فقلال عليل عليله السلالم
للحسن بن عيل :اجلده ،فقال :يتوىل حارها من يتوىل قارها ،فقلال لعبلد اهلل بلن جعفلر:
اجلده فللده وعيل يعد حتى بل احلدّ أربعني فقال حسبك كان رسول اهلل صىل اهلل عليله
وآله وسلم يرضب أربعني.
قلنا :ليس يف افرب خالف ما ذكرنا؛ ألن يف افرب أنه كان لسوطه رأسان رواه الباقر بن
حممد بن عيل السلاد قين العابدين وغريه ،فيكون ثامنني.
(خرب) وروى اهلادي قال :صىل الوليد بن عقبة بالنلاس القلبح أربلع ركعلات فقلاء
افمر ثم رفع رأسه إىل الناس فقال :أقيدكم فشهد عليه بالرشب ورفلع خلربه إىل علثامن
أحب أن ُيقيم عليه فليقم فتما أنا فال آمر فقال :أمري املؤمنني عيل
برفعه إليه فقال عثامن من ّ
عليه السالم :واهلل ال يعطل هلل حد وأنا يف اإلسالم ،ثم قام فرضبه بيده ثامنني.
قال اهلادي :وكان ذلك احلد متقادم ًا؛ ألنه كب افمر يف هذه الققة بالكوفة ،استدل
-290-
بذلك عىل أنه جيب إقامة احلد عىل فاعله إذا شهد عند اإلمام به قدم عهده أو مل يتقدم.
(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رضب شارب افمر بلريلدتني
نحو أربعني وهذا يقت ي أن يكون اجللد ثامنني ،وكتن معنى قول عيل عليه السلالم وكلان
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يرضب أربعني ملا تضلمنه خلرب أنلس ،وإنلام رضب
الوليد كان مثل ما يف هذا افرب؛ وألن األربعني حدّ املامليك فال يكون يف اإلسالم حدّ احلر
كافمسني؛ وألنه حدّ يقام عىل احلر فوجب أال يكون مقدار األربعني كحدّ القذف.
(خرب) فإن قيل :روي أن علي ًا عليه السالم قال :ما حددت أحد ًا فوجدت يف نفيس منه
شيأ ًا إال افمر فإن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يبني لنا فيها ،وروي :فإنله يشء
صنعناه ،وروي :رأي رأيناه ،قيل :حيتمل أنه حفن من النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
سقو الضامن ملن مات يف حدّ الزنا وحدّ القذف ومل حيفن ذلك يف حدّ افملر؛ ألن حلد
افمر قد روي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كام تقدم بيان فون حيملل قولله مل
يبني لنا فيه شيأ ًا عىل ما مل يرو أوال من أن نحمله عىل ما قد روي فيه اللنص ،وقلد قلدمنا
طرف ًا منه ،ذكر هذا املعنى املؤيد باهلل عليه السالم.
(خرب) فإن قيل :إنه أيت برجل وقد كب افمر فقال النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم
للناس :ارضبوه فمنهم من رضبه بالنعال ومنهم من رضبه بالعيصل ،وملنهم ملن رضبله
باجلريد ،ثم أخذ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ترابل ًا ملن تلراب األرض فرملاه يف
وجهه فيحتمل أن يكون قد بل رضب اجلميع عدد ثامنني جلدة ،ذكر هلذا املعنلى السليد
املؤيد باهلل عليه السالم.
(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن قلال:
((مدمن افمر كعابد وثن)).
قال اهلادي حييى بن احلسني عليهام السالم :ومدمنه هو الذي كلام وجده كبه ولو عىل
رأس كل حول إذا كان مرص ًا عليه غري جممع عىل تركه وال تائب منه إىل ربه.
-291-
(خرب) وروي أيض ًا بإسلناده إىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله لعلن افملر
وعارصها ومعترصها ،وبائعها ومشلًهيا ،وسلاقيها وشلارهبا ،وآكلل ثمنهلا وحاملهلا،
واملحمولة إليه.
(خرب) وروي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أمر بإهراق افمر وحلرم
ملكها.
(خرب) وروي أيض ًا بإسناده إىل أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال :قال رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :كل ُمسكمر حرام)).
-292-
باب كيفية إقامة الحدود
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ادرؤوا احلدد بالشبهات)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :لأن أخطئ يف العفو أحب إَّ من أن أخطلئ يف
العقوبة ،دل ذلك عىل أن وطئ وطي ًا حرام ًا عىل وجه الشلبهة وا ّدعلى اجلهلل درىء عنله
احلدّ ألجلها نحو من أبا ،له رجل و ء جاريته فوطأها جه ً
ال بتحريمها أو وطلئ جاريلة
مشًكة بينه وبني غريه ،أو طئ جاريلة ابنله ،أو وطلئ جاريتله التلي كاتبهلا ،أو اجلاريلة
املوقوفة ،أو اجلارية املعمرة إذا وطأها وهي عملرا لله ،وكلذلك اللقيطلة إذا وطأهلا ملن
وجدها ،واجلارية التي تزوج عليها امرأته إذا وطأهلا قبلل أن تقبضلها قوجتله ،وكلذلك
اجلارية املرهونة إذا وطأها املرهتن ،وكذلك اجلارية التي باعها من غريه ثم وطأها قبلل أن
يقبضها املشًي فإن يف هذه املسائل كلها و ء واحدة ممن ذكرناه وا ّدعى اجلهل بالتحريم
سقط عنه احلدّ للشبهة؛ ألن كثري ًا من اجلهالء يلتبس عليه ذلك.
فصل
[}النور ،]2:وقوله { قوله تعاىل:
تعاىل{:
األوامر عىل وجوب إقامة احلد؛ ألن األمر يقتي الوجوب وليس لكل واحد من املسلمني
إقامتها منفرد ًا ،واجامتاع اجلميع عليها متعذر فوجب أن يكون افطاب يف ذلك متوجه ًا
إىل واحد معني وليس ذلك إال اإلمام؛ وألن احلدود وليس لنا أن نؤمل أحد ًا إال بداللة وال
دليل عىل ذلك إال اآلية؛ وألن احلد مل يقم عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم
-293-
إال بإذنه وال أقيم يف أيام القحابة إال بتمر من انتقب لومر ،دل ذلك عىل أن إقامة
احلدود إىل األئمة أو من ييل من قبلهم ،وعن ابن عمر ،وعامر بن ياي :أربعة إىل الوالة
الفيء ،واحلدود ،واجلمعة ،والقدقات.
(خرب) وروي نحوه عن أمري املؤمنني عليه السالم موقوف ًا.
(خرب) وقد روي نحو هذا مرفوع ًا إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،دل ذلك عىل أن
هذه األربععة األمور ال يقيمها إال الوالة وهي أئمة احلق يف وقتهم وإن مل يكن يف الزملان
إمام حق فإن كان من وجب عليه احلد مملوك ًا حدّ ه مالكه ملا يشهد له.
(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أقيموا احلدود علىل
ما ملكت أيامنكم)).
وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا قنت أمة أحلدكم فليلللدها ،فلإن
عادت فليللدها ،فإن عادت فليللدها ،فإن عادت فليبيعها ولو بضفرية)).
(خرب) وروي أن فاطمة عليها السالم جلدت أمةو هلا قنت ،وروي أن أبا بلردة جللد
أم ًة له قنيت ،وروي أن ابن عمر قطع عبد ًا له يق ،وقطعلت عائشلة أمل ًة هللا يقلت،
وقتلت حفقة أم ًة هلا سحرهتا ،دل ذلك عىل أن للسليد أن يقليم احللد علىل عبلده وأمتله
وكذلك السيدة.
قال املؤيد باهلل عليه السالم :والذي جييء عىل مذهب حييى عليه السالم أن لسيد العبد
أن يقطع يده إذا يق ،كام أن له أن حيده إذا قنا ،ووجهه ما تقدم.
فصل
إذا رفع من جيب عليه احلد إىل اإلمام وشهدت الشهود وكانت افيانة وقعت يف وقت
واليته أو يف مكان ينفذ فيه أمره أقام احلد إذا وقعلت اجلنايلة املوجبلة للحلدّ ،وال واليلة
-294-
لإلمام مل حيد إذا وَّ وكذلك إذا وقعت يف مكان يليه ذكر هذا الفقل يف (املنتخب) قال:
فإنه يستوَّف عىل كل حال؛ ألنه حق آلدمي فله استيفاؤه. إال الققا
قال املؤيد باهلل عليه السالم :إذا وقعت اجلناية -يعني املوجبلة للحلد -يف غلري واليلة
اإلمام يف قمانه فله أن يقيمه إذا ظفر به قال :وكذلك إذا وقعت يف والية اإلمام ويف قمانه
وخرجله علىل ملذهب حييلى
ثم مات ذلك اإلمام وخلفه إمام آخر أقام احلد اإلمام الثاين ّ
عليه السالم وذلك ألن والية اإلمام ثابتة يف الدنيا بتيها؛ وألن واليته عامة وألن آيات
احلدود تدل عىل عموم ذلك بعمومها.
فصل
وإن باك احلر البال العاقل احلد يف غري قمان األئمة فذكر الشيخ خليلل رمحله اهلل أن
احلد مل جيب لعدم املستوَّف فإذا وَّ اإلمام بعد ذلك وظهر مل جيب إقامة ذلك احلد؛ ألنه مل
يكن واجب ًا يف ذلك الوقت قال :هذا عقد ذكرته فإن مل يثبت يف األصول ما يدفعه فال بتس
به.
فصل
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أقاد من مسلم ملعاهد وقال(( :أنا أحلق
من وَّف ذمته)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم أن مسل ًام قتل ذمي ًا فقتله عيل ابن معني :وقال :أنلا أحلق
من ويف بذمة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أو قال :بذمة حممد صىل اهلل عليله وآلله
وسلم ،ونحوه عن عيل بن احلسني عليهام السالم ،فدل ذلك عىل أن من قتلل اللذمي ملن
املسلمني غري حمتفل بذمة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل قتله مستخف ًا بالذمة جاق
قتله.
-295-
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :من مات
يف ح الزنا والقذف فال دية له كتاب اهلل الذي قتله.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :من مات
يف حدّ افمر فديته يف بيت املال ،دل ذلك عىل أن من مكات يف حدّ الزنا والقذف فال قود
فيه وال دية ،دليله الباغي وقطاع الطريق يقتلهم أهل العدل ،واملرجوم ،واملعنى أنه مقتول
بحدّ فال دية وال قود كاملرجوم وقاطع الطريق ،واملرتلد ،ودل علىل أن ملن ملات يف حلد
افمر فديته يف بيت املال ،وكذلك إذا مات يف التعزير كانت ديته عىل بيت ملال املسللمني
إن كان قت ً
ال وأرشه وإن مل يمت نص عليه يف (األحكام) فتما ما روي عن عمر انه جعل ما
لزمه يف افطت يف ذلك عىل عاقلته فلعله رأي رآه أو كان يف وقت مل يكن فيه بيت مال.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :خري األمور أوسطها)) دل علىل
أنه جيب أن يكون السو الذي يرضب به بني الغلين والدقيق؛ ألنه إذا كان غيلظ ًا مل يؤمن
أن يؤدي إىل التلف وإن كان دقيق ًا مل يؤمل.
(خرب) وروى ابن أيب بكر ،عن أبيه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم امرأة
فحفر هلا إىل الرسة ثم رماها بمثل احلمقة ثم قال(( :ارموا واتقوا الوجه)).
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال لرجل أمره أن جيلد رج ً
ال يف افمر :اتق الوجه
ومذاكريه ،دل ذلك عىل أنه يرضب مجيع األعضاء إال ما ذكرناه.
(خرب) وعن ابن مسعود أنه قال :لليس يف هلذه األملة جتريلد وال ملد ،وال غلل ،وال
صفد ،،وروى هنيدة بن خالد الكندي أنه شهد علي ًا عليه السلالم أقلام علىل رجلل حلد ًا
وقال لللالد :ارضبه واعط كل عضو حقه ،واتق وجهه ومذاكريه.
-296-
وعن عمر أنه أيت بلارية قد فلرت فقال :اذهبا هبا وارضباها وال ررقا هلا جللد ًا ،دل
ذلك عىل أن السنة أن يفرق بني األعضاء ،وأن يتقى الوجه واملواضع املخوفة.
قال عيل بن العباس :أمجع علامؤنا أن حد الزنا أشد أشدّ رضب ًا من حلد الرشلب ،وان
حدّ التعزير أشدَ رضب ًا من حد القذف ،وأن التعزير أشد من الرضب يف افمر ،وبله قلال
املؤيد باهلل.
(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن القتال يف احلرم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أحلت َّ ساعة من رار)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن أعتى الناس عىل اهلل ثالثة :رجل قتل غري
قاتله ،ورجل قتل برجل يف اجلاهلية ،ورجل قتل يف احلرم)) قلال اهلل تعلاىل {:
[} آل ومالرا ]97::دل ذلك عىل أن وجب عليه حدّ ملن احللدود بقلذف أو غلريه
فالتلت إىل احلرم مل يقم عليه احلدّ إال أن خيرج عنه فإذا خرج أقيم عليه ،وحكلى عليل بلن
العباس إمجاع أهل البيت عليه السالم عىل ذلك ،فتما إذا راتكب ما يستوجب به احللد يف
أقيم عليه احلد خارج مكة ،قال اهلل تعاىل{ احلرم أو ما يستوجب به الققا
[} البقرة.]:191:
فصل
فتقر رجل
(خرب) وعن أيب ذر قال :كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف سفر ّ
عنده بالزنا أربع مرات ثم أمر به فحفر له حفرة ليست بطويلة فرمجوه.
أقر
(خرب) وعن خالد بن احللاج ،عن أبيه أن النبي صقلم ملا أمر برجم الرجل الذي ّ
لديه لديه بالزنا أخرجناه فحفرنا لهّ ،
دل ذلك علىل أنله حيفلر للرجلل املرجلوم كلام حيفلر
يته؛ ألن بذلك القدر يسً عورته.
للمرجومة إال أن عندنا أنه حيفر له إىل ّ
-297-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن رجم امرأة هللا إىل الثنلدوة ثلم رماهلا
بمثل احلمقة ثم قال :ارموا واتقوا الوجه ،القندوة-بضم الثاء معلمة بثالث من أعلىل
وبعدها نون ساكنة والدال معلمة بواحدة من أسلفل مضلمومة -للرجلل كثلدي امللرأة
ويقال :هي طرف اثدي.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حفر للعامرية حني رمجها.
(خرب) وروي قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أم امرأة أتت عنده
فاعًفت بالزنا فردها حت فعلت ذلك أربع مرات ثم حبسها حتى وضعت ملا يف بطنهلا
فلام وضعت مل يرمجها حتى وجد من تكفل بولدها ،ثم أمر هبا فحفر هلا إىل ثدييها ثم رجم
ثم اقتدى الناس فرمجها ،دل ذلك عىل أنه حيفر للمرجوملة إىل ثلدييها ويلً للمرجلوم
واملرجومة أيدهيام يتقيان هبام عىل وجهيهام.
(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم امرأة بمثل احلمقة كانت
قد اعًفت بالزنا ثم قال(( :ارموا)) بعد أن بدأ برمجها قبل الناس.
(خرب) وعن عيل عليه السالم من طريق قيد بن عليل وغلريه بتلفلاظ ةتلفلة يف رجلم
كاحة اهلمذانية حني اعًفت عنده بالزنا كلها ترجع إىل أن أول من رماها كان علي ًا عليه
السالم.
(خرب) وروى القاسم بن عبد الرمحن عن أبيه قال :رأيت علي ًا عليه السالم :حني رجم
كاحة اهلمذانية لفها يف عباءة وحفر هلا حفرة ثم قام فحمد اهلل تعاىل ثم قال :أهيا النلاس
ي ورجم عالنية فلرجم الرسل أن يشلهد الشلهود فيبلدأ الشلهود
إن الرجم رمجان رجم ّ
فريمجون ثم يرجم اإلمام ثم الناس ،ورجم عالنية أن تشهد املرأة عىل نفسها بلام يف بطنهلا
فيبدأ اإلمام فريجم ثم يرجم الناس ،أال وإين أرجم فارمجوها فرمى بحلر فام أخطت أذرا،
وكان من أصوب الناس رمية ،ومل يرو خالفه عن أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع
يف كونه حلة ،دل ذلك عىل أن الرجم إذا ثبت بشهادة وجلب أن يكلون اول ملن يلرجم
-298-
الشهود ثم اإلمام ثم الناس ،وإن ثبت اإلقرار فتول من يرجم اإلملام ثلم سلائر النلاس،
وهذا إذا حرض اإلمام فتما إذا مل حيرض اإلمام جاق له أن يستخلف كام روي أن النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم أمر برجم ماعز ومل حيرض وأمر أنيس ًا األسلمي برجم امرأة ومل حيرض،
فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال للمرأة التي اعًفت عنلده بالزنلا:
((لقد تابت توبة لو تاهبا أهل املدينة لغفر هللم)) وروي مثلل ذللك يف ملاعز وقلد حلدمها
مجيع ًا ،وروي أن كاحة اهلمذانية قالت لعيل :طهرين ،دل ذلك عىل أن حدّ الزنا والرشب
والرسقة ال يسقط بالتوبة.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ملاعز مل أقر عنده بالزنلا(( :لعللك
غقبت نفسك)) وروي أن عمر جيء بامرأة حبىل باملوسم تبكلي ،فقلالوا :قنلت ،فقلال
عمر :ما يبكيك فإن املرأة ربام استكرهت عىل نفسها يلقنها ذلك فتخربت أن رج ً
ال ركبها
وهي نائمة فخىل عمر سبيلها ،دل ذلك عىل أن احلدود تدرأ بالشبهات ،وعىل أنه يستحب
تلقني أهلها ما يسقط من احلد.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تقام احلدود يف املسلاجد وال
يقتل الوالد بالولد)) ويف خرب آخلر عنله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :جنبلوا
مساجدكم صبيانكم إىل أن قال :وإقامة حدودكم)).
-299-
باب حد السرقة
الرسق من مال املسلمني بغري حق معلوم حتريمه مع فقد االضطرار من رضورة الدين
ففاعله مع اعتقاده لتحريكه فاسق بإمجاع املسلمني ومسلتحله كلافر ملع االختيلار بيقلني
واألصل يف وجوب احلدّ فيه الكتاب والسنة واإلمجاع.
[} المائدة.]83: أما الكتاب فقول اهلل تعاىل{:
وأما السنة فلام روي أن صفوان بن أمية يق رداؤه من حتت رأسه يف مسللد املدينلة
و هو نائم فانتبه فقا ،فتخذ السارق وجيء به إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فلتمر
بقطع يده ،وروي أنه نام يف املسلد فتوسد رداؤه فلاء سارق فتخذ رداؤه من حتت رأسه
فتخذ صفوان السارق فتتى به النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم فلتمر رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم بقطع يده ،فقال صفوان :ما أردت هذا هو صدقة له ،فقال له النبي صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :ه ّ
ال كان قبل أن تتتيني به)).
-300-
حكم ذلك متى يق عليالوجه الذي بينته ،وأن النساء واملامليلك كالرجلال األحلرار يف
القطع.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تقطع اليد إال يف دينلار
أو عرشة دراهم)) رواه عنه عيل عليه السالم.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :ال تقطلع
اليد إال يف عرشة دراهم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ال تقطلع اليلد إال يف عرشلة
دراهم)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال ال يقطلع السلارق يف دون ثملن
امللن)).
(خرب) وعن عائشة ريض اهلل عنها أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال(( :ال تقطلع
يد السارق إال فيام يبل ثمن امللن فام فوقه)).
(خرب) وعن أيمن احلبيش أنه صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال(( :أدنلى ملا يقطلع فيله
السارق ثمن امللن)) واختلف الناس يف قيمة امللن ،فروي عن ابن عباس أن قيمته عرشة
دراهم ،وفيه أقوال أخر خيالف بعضها بعض ًا ،وما قلناه هو أكثر ما قيلل يف ذللك فيللب
األخذ باألكثر؛ ألن احلدود ال جيوق إثباهتا إال توقيف ًا أو إمجاع ًا وقد حقلال فليام قلنلاه ومل
حيقال فيام دونه ،ودرهم الرسقة هو ثامن وأربعون حبة من الشعري الوسط ،ودرهم الزكاة
هو اثنتان وأربعون كام تقدم ،وتعترب يف نقاب الرسقة وهي عرشة دراهم من الفضة النقية
من الغش.
(خرب) وسأل عن حريسة اجلبل فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فيهلا غراملة مثلهلا
وجلد أو نكال فإذا أواه املرا ،وبل ثمن امللن ففيه القطع)) رواه عمرو بن شلعيب ،علن
أبيه ،عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ليس يف املاشية قطع إال ما أواه امللرا ،وال يف
-301-
الثمر املعلق إال إذا أواه اجلرين)).
(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال قطلع يف
ثمر وال كثر)).
قال اهلادي عليه السالم :الثمر الذي ال يقطع فيه فهو ما كان يف أشلاره معلق ًا ،والكثر
فهو اجلامر الذي يؤخذ من رأس النخلة.
وأما إذا كان يف حرق فرسق منه ما يساوي عرشة دراهم وجب عليه فيه القطع ،ويلدل
عىل صحة ما قاله اهلادي.
(خرب) ويف احديث(( :ال قطع يف كثر وال ثمر)) الثمر الرطب ما دام علىل النخللة فلإذا
رصم فهو رطب ،فإذا كثر فهو التمر والكثر مجار النخل وهو لب النخل وهو يشء أبيض
كهيأة الفواد ،دل ذلك عىل صحة ما قال عليه السالم حاشية حريسة اجلبل ،قيل :ما يق
من اجلبل من حرس حيرس إذا يق ،وقيل :هي التي حترس يف اجلبل فترسلق يف اجلبلل،
دل ذلك عىل أن احلر ك يف إجياب القطع ،فدل ذلك عىل أن كلل موضلع كلان حمقلن ًا
مستوثق ًا منه بحاجز يمنع املارة من الوصوصل إليه فهو حرق فيدخل يف ذلك بيت الشلعر
وفيمة ،وكذلك ما حرض من اجلرين ومراحات املايش ،ونحو ذلك.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :بيت الرجلل ومراحله ومربلده
املحقن حرق)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :فإذا أواه اجلرين ففيه القطع)).
ال أقر أنه يق مجل ً
ال لبنلي فلالن (خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قطع رج ً
فدل عىل ذلك أن مراحات اإلبل ومربد اإلبل حرق ،ودل عىل أن احلضاير سواء كانت من
جريد او ققب أو خشب أو غري ذلك تكون حرق ًا واملربد -بكرس امليم وفتح الباؤ -شلبه
احللرة يف الدار واملربد اجلرين الذي جيعل فيه التملر إذا رصم ومراحلات اإلبلل والغلنم
والبقر ظاهرة وقهي ما تتوي فيه ليالً.
-302-
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :حدّ النباش حلد السلارق وهلو أعظلم جرمل ًا،
وروي أن عبداهلل بن مسعود قطع نباش ًا بعرفات يف ف عميق ،وعلن عائشلة أرلا قاللت:
سارق موتانا كسارق أحيانا صوابه أحيائنا ،وعن عمر بن عبدالعزيز مثله ،وروي أن ابلن
مسعود أخذ نباش ًا فكتب فيه إىل عمر فكتب إليه فقطع يده ،وهلذا جيلري جملرى اإلمجلاع
منهم ،دل ذلك عىل أن من نبش قرب ًا ،أو أخذ الكفن وكانت قيمته تبل عرشة دراهم فإنله
يقطع؛ ألن القرب حرق للكفن ،وعىل هذا لو كفن اإلمام رج ً
ال من بيت املال فرسقه النباش
وجب أن يستحق القطع؛ ألن تكفني اإلمام له من بيت املال يكون رصف ًا للكفن إىل جهلة
ةقوصة ذكره الناطق باحلق قال :وإن قلنا إنه ليس بملك للميت وال لورثتله وإنلام هلو
ملك هلل تعاىل مل يمتنع أن جيب عىل السلارق فيله القطلع إن مل يكلن ملن مالله فيله شلبهو
كالسارق من أستار الكعبة ،وروي أن عثامن قطلع سلارق ًا يق قطيفلة قبطيلة ملن منلرب
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،القبطية -بالقاف والباء معلمة بواحدة من أسفل-
ثياب بيض من كتان تنس بمرص.
(خرب) وعن الرباء بن عاقب أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :ملن حلرق
غرق غرقناه ،ومن نبش قطعناه)).
حرقناه ،ومن ّ
(خرب) وروى أبو الزبري عن جابر قال :أضاف رجل رج ً
ال فتنزله يف مرشبة لله فوجلد
متاع ًا له قد أختانه فيه فتتى به أبا بكر فقالّ :
خل عنه فليس بسارق وإنام هي أمانة اختارا،
دل عىل أن الضيف إذا يق من مال املضيف الذي مل حيرقه عنه مل يقطع ،وعند نص علىل
ذلك املؤيد باهلل.
(خرب) وروي أن رج ً
ال قدم املدينة فكان يكثلر القلالة يف املسللد وهلو أطقلع اليلد
والرجل فقال له أبو بكر :ما ليلك بليل سارق ،فلبثوا ما شاء اهلل وفقدوا حلي ًا هلم وجعلل
فمر رجل بقائ فرأى حلي ًا فقال :ما الرجل يدعو عىل من يق أهل هذا البيت القالح ّ
أشبه هذه بحيل آل أيب بكر ،فقال للقائ :ممن أشًيته؟ فقال :من ضيف ظايب بكر ،فتخذ
فتفقر فلعل أبوب كرب يبكي ،فقالوا :مكا يبكيك من رجل يق؟ فقال :أبكي لغرته باهلل
-303-
فتمر به فقطعت يده ،دل ذلك عىل أن الشيف إذا يق من مال املضيف من بيت قد أغلق
عىل متاعه فإنه يقطع.
عمن يق من بيت املال املسلمني ،قال: (خرب) وروي أن عام ً
ال لعمر كتب إليه يستله ّ
ال تقطعه فام من ٍ
أحد إال وله فيه حق.
ال يق من بيت املال فبل علي ًا عليه السالم فقال :إن له
(خرب) وروى الشعبي أن رج ً
فيه سه ًام ومل يقطعه ،دل ذلك عىل أن من يق من بيت املال فال قطع عليله ،وهلو اللذي
نص عليه اهلادي حممد بن حييى.
(خرب) وعن رافع بن خدي ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال قطلع يف
ثمر ،وال كثر)) الكثر اجلامر ،وقيل :هو النخل ،دل ذلك عىل أنه ال قطع فيام يق من غري
حرق.
-304-
فصل
وقد ذكرنا فيام تقدم يف كتاب الشهادات أن الرسقة ال تثبت بشهادة رجلني فال فائدة يف
إعادته.
(خرب) وروي عن أيب أمية املخزومي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت بلص
اعًف اعًاف ًا ومل يوجد معه املتاع فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ملا أخاللك
يقت)) قال :بىل يا رسول اهلل ،فتعادها عليه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :ملا
أخالك يقت)) فقال :بىل يا رسول اهلل مرتني أو ثالث ًا فتمر به فقطع ،فدل ظاهر افلرب أن
اإلقرار إذا كان مرة واحدة مل يتعلق به القطع.
أقر عنلده
ال ّ(خرب) وعن القاسم بن عبدالرمحن ،عن أبيه ،عن عيل عليه السالم أن رج ً
برسقة مرتني فقال :شهدت عىل نفسك مرتني فتمر بع فقطع ،فدل عىل أنله عليله السلالم
علق القطع بإقراره مرتني.
(خرب) وما قدمناه من قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اردؤا احلدود بالشبهات)) يدل
عىل أنه إذا عرض يف إقرارخ ذوي القطع من رجوع عن اإلقرار أو غريه درس عنه القطلع،
وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لقن من أقر بالرسقة ما يدعوه إىل الرجوع بقوله(( :ما
أخالك يقت ما أخاملك يقت)) ويدل أيض ًا عىل أن من يق ملن حلرق ملا جيلب فيله
القطع وا ّدعا أنه أخذه من اجلوع ،وكان الوقت حيتمل ذلك مل يقطع وعليه حيمل ملا روي
عن عيل عليه السالم أنه قال( :ال قطع يف عام َسنضة -يعني جماعة.))-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سأل عن حريسة اجلبلل فقلال(( :فيهلا
غرامة مثلها وجلد ونكال إذا أواه املرا ،وبل ثمن امللن ففيه القطع)) دل ذلك عىل أنه ال
قطع فيام يق من غري حرق وأن فيه الغرامة واألدب فتما ما جيتمع به من أن النبلي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم قطع سارق ثوب صفوان وكلان نلائ ًام يف املسللد فقلد قلدمنا ذكلره،
فقيل :إنه كان ذلك قبل اعتبار احلرق ثم نسخ ذلك بقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم:
-305-
((ليس عىل افائن ،وال عىل املختلس ،وال عىل املنتهب قطع)) فدل ذلك عىل أنله ال قطلع
عىل من يق من غري حرق؛ وألن الطراق باملختلس أشبه به منه بالسارق؛ ألنله َي ُط ّلر علىل
وجه اففية كام أن املختلس خيتلس عىل وجه اففية ،فإن قيل :هو يشبه السارق من وجله
ويشبه النختلس من وجه ،قلنا :ولو صح ذلك فاألوىل أن يدرأ القطلع للشلبهة الواقعلة،
وقد دخل حتت ذلك أن الكم ليس بحرق فمن أدخل يده يف كم إنسان فرسق منه شيأ ًا فال
قطع عليه ،وإذا وجب القطع عىل السارق يف أول ما يق فقد ورد.
(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال يف السلارق(( :إذا يق قطعلت
يمينه)).
(خرب) وروي أن ساق ًا ُأيت به إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقطع يمينله ،وعنلدنا
ارا تقطع من مفقل الكف ،وهو قول اجلمهور ،وروي عن فقيه آل حممد أمحد لن عيسى
بن قيد أنه يقطع من أصول األثابع افمس ،ووجه قولنا:
(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت بسارق فقطع يده من الكلوع ،وقلد
روي هذا القول عن أيب بكر ،وعمر وال ةالف هلم يف القحابة فكان حلة.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال يف السلارق(( :إذا يق
فاقطعوا يده ،قم إن عاد فاقطعوا رجله)) وهو مروي عن عيل عليه السالم ،وعن أيب بكر،
وعمر ،وال ةالف هلم يف القحابة ،وعندنا أرا تقطع رجله اليرسى من مفقل الساق من
القدم ،كام روي عن عيل عليه السالم أنه قال :يً له الكعب يعتمد عليه.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السلالم أنله كلان يقطلع
يمني السارق فإن عاد قطع رجله اليرسى من مفقل الساق من القدم ،فلإن علاد فرسلق
استودعه السلن وقال :إين ألستحي من اهلل أن أتركه ليس له يشء يتكل به ويرشب ،وما
رويناه عن عيل أنه كان حيبس بعد الدفعة الثالثة حتى يظهر توبته قد قال به مع عليل عليله
السالم أبو بكر ،وروي أن عمر استشار القحابة يف السارق فاجتمعوا عىل أنه تقطع يلده
-306-
اليمنى فإن عاد فرجله اليرسى ،ثم ال يقطع أمثر ملن ذللك ،وقلد روي نحلوه علن ابلن
عباس.
(خرب) ودل قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لقفوان بن أمية حني قلال مللن يق
ثوبه هو صدقة عليك فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :هال قبلل أن تلتتيني بله))
رووي (ه ّ
ال قبل أن ترفعه إَّ)) دل ذلك عىل أن للمرسوق منه أن يعفو عن السلارق ،وال
يرفعه إىل اإلمام.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال هلزال(( :يا هزال للو سلًته
بثوبك كان خري ًا لك مما صنعت)) وكان هزال أملر ملاعز ًا أن يعلًف ،دل ذللك علىل أن
للشاهد أن يعفو وال يرفعه إىل اإلمام وأن ذلك خري ًا له من رفعه إىل افامم.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :تعافوا احلدود فيام بينكم فام بلغني ملن حلد
فقد وجب دل ذلك عىل أن األوىل للشاهد أن يعفو عن رفعه إىل اإلمام ،وعىل أنه إذا رفعه
إىل اإلمام وجبت إقامته ومل يسقط العفو.
-307-
باب ذكر من يكون حدّه القتل
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من بدل دينه فاقتلوه)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال حيل دم امرىء مسلم إال قإحلدى ثلالث
كفر بعد إيامن ،أو قنا بعد إحقان ،أو قتل نفس بغري نفس)) دل ذللك علىل أن ملن ارتلد
فعليه القتل ذكر ًا كان أو أنثى ،حر ًا كان أو عبد ًا لعموم اللفن ،وهو قول اهلادي إىل احلق،
واملؤيد باهلل عليهام السالم ،وذهب القاسم بن إبراهيم عليه السالم إىل أن املراة املرتلدة ال
تقتل ،واحت له القايض قيد بام روي.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه مر عىل امراة مقتولة يف بعلض غزواتله
فقال(( :أو تقاتل هذه؟ فقيل :ال .فنهى عن قتلها)) أي علن قتلل مثلهلا غلري أنله ال يليلق
باملستلة إنام ذلك يف نساء أهل دار احلرب وقلد أملر اهلل تعلاىل بقلتلهم وأخلذهم عمومل ًا
فلعلهم لنا بمنزلة األموال بعد األخذ ويمكن أن حيت بقول القاسم عليه السالم بام روي
أن املرتدين ملا ارتدّ وا وحارهبم املسلمون أجروا عليهم أحكام أهل دار احلرب من القتلل
والسبي وأخذ األموال ،وهذا إمجاع منهم من غري تناكر فيكون افرب األول حلة بانضاممه
إىل اإلمجاع غري أنا نعني الكالم يف امرأة مسلمة ثم ارتدت وال يكون يف دار احلرب فيتعني
ٍ
حينذ افالف ،فعند اهلادي واملؤيد باهلل عليهام السالم أرا تستتاب فإن تابت وإال قتلت ملا
تقدم من األدلة ،وعند القاسم أرا ال تقتل.
فصل
قال اهلل تعاىل[} { :األنفال ]:38:دل ذلك
عىل أن الكافر يستتاب حربي ًا كان او مرتد ًا ،وذلك مروي عن عليل عليله السلالم ،وعلن
-308-
عمر ،وابن عباس ،وال ةالف هلم يف القحابة فكان حلة.
(خرب) وروي عن عائشة أن امرأة ارتدت يوم أحلد فلتمر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم بتن تستتاب فإن تابت وإال قتلت واألمر يقت ي الوجوب دل ذلك عىل أرلا تقتلل
إن مل تتب ،فدل عىل صحة مذهب اهللادي واملؤيلد بلاهلل علليهام السلالم ،ودل علىل أرلا
تستتاب فإن تابت خيل سبيلها ،واختلف العلامء يف ملدة االسلتتابة وعنلد أئمتنلا علليهم
السالم أرا ثالثة أيام وذلك ملا روي.
(خرب) عن عيل عليه السالم أن كان يستتيب املرتد ثالثل ًا فلإن تلاب وإال قتلله وقسلم
مرياثه بني ورثته من املسلمني ،وعن عمر وابن عباس أنله يسلتتاب ثالثلة ايلام وحيلبس،
وروي عن عمر أنه قدم عليه رجل من عند أيب موسى فقال :هل من مغرب خرب؟ قلالوا:
نعم ،رجل أسلم ثم راتد..قال :ما صنعتم به؟ فقال :قتلناه .قلال :هلال حبسلتموه ثالثل ًا
وأطعتموه كل يوم رغيف ًا فاستتبتموه لعله يعود أو يراجع اللهم إين مل أحرضه ومل أرض إذ
بلغني ويف بعض األخبار أن عمر كتب إىل أيب موسى حني بلغه ذلك هال حبستموه ثالثل ًا
وأطعمتموه كل يوم رغيف ًا فلعله كان يتوب اللهم إين مل أشهده ومل أرض ،وال ةلالف لله
يف القحابة؛ وألن ثالثة أيام تعترب يف أشياء منها تتجيل الشفيع ،ومنها يف خرب حبلان بلن
منقذ قل ال خال به ولك افيار ثالث ًا ،وكلذلك قلد ورد يف ققلة ثملود {:
[} هود ]65:وقوله تعاىل يف ققة قكريا{ :
[} مالريم ،]10:وقلال يف اآليلة الثانيللة { :
[} آل ومرا ]41::وهلو اإليلامء بالشلفتينن واحللاجبني ،والعينلني،
حبس لسانه عن التكلم بتمور الدنيا وما يدور بني الناس ومل حيبس لسلانه علن التسلبيح،
وعن ذكر اهلل تعاىل ،وكذلك تعترب ثالثة ايام يف مسافة القرص عند مجاعة من أئمتنا علليهم
السالم فكذلك ما ذكرناه يف االستتابة ،وإذا ارتد املسلم ثم أسلم ثم ارتد ثم أسلم حكلم
بإسالمه يف كل دفعة عندنا ،وهو قول مجهور العلامء لقلول اهلل تعلاىل { :
[} النسالاء ]137:فتثبت إيامن بعد كفر قد تقدمه إيامن فدل علىل ملا
-309-
قلناه.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه حلرق قنادقلة
من اسلواد بالنار ،دل ذلك عىل جواق قتل الزنديق ،وجيب استتابته كام تقدم بيانه.
قال أبو طالب :الزنديق اسم للثنوي يف األصل ،ثم اعتيد يف كل ملحد فقتلهم واجب
عىل الكفر او الرده ،وذكر املؤيد باهلل أن الزنديق مرتدّ ؛ ألنه جاحد هلل وكتبه ورسله فيلب
قتله كاملرتد ،ومنهم الباطنية مل فيهم من يبطل الرشائع ،ويتتول هللا تلتويالت وذللك ردة
منهم ،ومنهم من ينكر القانع وعامتهم عىل إنكار الرسل ،وكلهم مرتدون جيلب قلتلهم
كسائر املرتدين وال خالف يف وجوب قتلهم لقوله تعاىل } { :وقوله صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :من بدل دينه فاقتلوه)).
قال املؤيد باهلل عليه السالم :قال قوم يف الباطنية أرلم ال يسلتتابون؛ ألرلم أبلد ًا علىل
إظهار اإلسالم واألقرب عندي أرم يستتابون؛ ألن أحواهلم مثل أحوال املنلافقني اللذين
كانوا يظهرون اإلسالم ويبطنون الكفر ،وكانت كلمة الكفر تبدر منهم الوقت بعد الوقت
كام تبدر من الباطنية فكانوا إذا أتوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم تربؤوا ملن ذللك
وتسًوا باإلسالم فتجراهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل الظاهر ،وملا ذكلره
هو القحيح عندنا للوجه الذي ذكره عليه السالم ولقول اهلل تعاىل { :
(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن عيل عليه السلالم أنله قلال :حلدّ السلاحر
القتل.يب
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :اقتللوا السلاحر والسلاحرة))
واملراد به من يظهر من نفسه انه يقدر عىل تبديل خلق اهلل كلعل اإلنسان هبيملة وعكسله
فهو كافر بذلك باإلمجاعن فاما املشعبذ الذي خي ّيل ففة يده يشيأ ًا ال أصل له ويعًف انله
إهيام وةرقة فإنه ال يكفر بذلك ،وال حيل قتله ولإلمام تتديبه إن رأى ذلك.
-310-
قال املؤيد باهلل :وقد رأيت مشعبذ ًا دقيق الشعبذة فكان كام فعل فع ً
ال من ذلك قال هو
يقر أنه حيله ومتويه وخفة ثديد فمن كان كذلك مل يكن ساحر ًا ومل
مليح ولكنه ريح وكان ّ
حيل قتله.
(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن عبداهلل بن احلسن بن احلسن ،عن أبيه ،عن
عي عليه السالم قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اقتللوا اللديوث حيلث
وجدمتوه)) دل ذلك عىل جواق قتل الديوث بل عىل وجوبه؛ لنه لفن أملر واألملر يقت يل
الوجوب ،والديوث هو الذي يمكن الرجل من حرمه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا أبق العبد إىل الرش فقد ّ
حل
دمه)) حيتمل أن يكون افرب يف ٍ
عبد كان مسل ًام ،ثم أبق إىل الرش ،وحيتمل أن يكون امللراد
به العبد املرش إذا بيع إىل دار اإلسالم ،ثم أبق إىل دار الرش ةتار ًا للكفر علىل اإلسلالم
فهو يقتل يف الوجهني مجيع ًا.
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من سبني فاقتلوه)).
(خرب) وروي أن رج ً
ال سمع جاريته تشتم النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم فقتلهلا
فتهدر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها.
سب نبينا قتلناه.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم :من ّ
(خرب) وروي أن رج ً
ال كانت له أم تشتم النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقتلها فتهدر
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها.
سب نبي ًا قتلل ،وملن سلب
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من ّ
صاحب نبي جلد)).
ال قال له :سمعت راهب ًا يشتم النبي صلىل اهلل عليله وآلله
(خرب) وعن ابن عمر أن رج ً
وسل م فقال :لو سمعته أنا لقتلته مل نعطه األمان قوله مل نعطه األمان جرى جملرى احلكايلة
-311-
عن مجيع املسلمني؛ ألنه ذكره بلفن احلكاية.
(خرب) وروي أن رج ً
ال اعًض أليب بكر فقال أبو بردة :دعني أرضب رقبته يا خليفلة
رسول اهلل ،فقال :ما كان ذلك ألحد بعد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم ومل ُيلروا
سب نبي ًا سواء كلان
خالفه فلرى جمرى اإلمجاع ،دلت هذه األخبار عىل وجوب قتل من ّ
الساب مسل ًام قبل السب أو ذمي ًا؛ ألرا مل تفقل بلني املسللم واللذمي ،ودل افلرب اللذي
رويناه يف القحايب أن من سب صحابي ًا فإنه يعزر ،وحكم من استحل ما علم حتريمه من
رضورة الدين أنه يكون مرتد ًا ،فلميع ما ذكرناه يستتاب كام ذكرناه أوالً فلإن تلاب خليل
سبيله وإن مل يتب وجب قتله ،ويلحق بذلك قتلل احللريب غلري املسلتتمن ،قوتلل البلاغي
بملرد بغيه ،وقتل املحاربني وقطاع الطريق عىل ما يتيت بيانله ،وقتلل ملن قتلل ققاصل ًا،
وقتل من قتل عىل وجه افساد يقتل ألجل فساده عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعلاىل ،وقلد
قدمنا جواق قتل الزاين املحقن بل وجوبه ،ومجيع ملن علددناه يف هلذا البلاب قلد نلص
اهلادي عليه السالم عىل جواق قتلهم إال ما ذكرناه يف الذمي فقد خرجه السيد أبلو طاللب
عىل أصل حييى عليه السالم.
-312-
باب حدّ المحاربين
{ قال اهلل تعلاىل:
أحدمها :يف معنى املحارب؛ ألنه ال حيسن أن نتكلم يف أحكام أمر وملا يعلم ذلك األمر
ملا ثبت من أن العلم بتحكام الذات فرع عىل العلم بالذات.
وثانيهام :أن نتكلم يف حكم املحارب.
أما الوجه األول فهو الذي خييلف السلبيل ،وحيملل السلال ،،ويتعلرض للمسللمني
واملعاهدين ،وحياول قطع الطريق ،وأخذ األموال ،نص عىل هذا يف (األحكام) واملراد بله
من يفعل ذلك يف غري املرص كالرباري والقحاري ،وملا ذكلره يف اآليلة ملن املحاربلة هلل
ورسوله فاملراد به من حارب أولياء اهلل من املسللمني فقلد حلارب اهلل ورسلوله؛ ألن اهلل
تعاىل ال يقح أن حيارب عىل احلقيقة وإنام حيارب أولياؤه.
(خرب) وهلذا قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يقول اهلل سبحانه من أهان ولي ًا فقد
بللللارقين باملحاربللللة ،وقللللال اهلل تعللللاىل يف أكلللللة الربللللا { :
[}البقرة.]279:
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :آكل الربا ،وغلال الزكلاة حربلاي يف
الدنيا واآلخرة)).
وأما الوجه الثاين فهو يف حكم املحارب فهذه اآلية ذهب بعض الناس إىل أرلا نزللت
يف املرشللكني وهللذا قللول سللاقط لقوللله تعللاىل { :
-313-
[}المائدة ]34:وليس هذا حكم املرشكني؛ ألن توبة املرش مقبولة قبل القدر وبعدها
ويسقط عنهم بالتوبة مجيع هذه العقوبات سواء أسللموا قبلل القلدرة علليهم أو بعلدها،
وذهب أهل البيت عليهم السالم إىل أرا يف قطاع الطريق وبه قال مجهور العلامء ،قال حييى
عليه السالم :نزلت بعدما كان من قوم من بليلة من قتل الرعاة واسلتياق إبلل القلدقة،
وقد كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنفذهم إىل إبل القدقة حني اجتووا املدينلة
ومرضوا هبا ليرشبوا من ألبارا وأبواهلا ،فلام قال مرضهم فعلوا ما فعللوا فتخلذهم النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم وسمل عيورم وقطع أيدهيم وأرجلهم من خالف وطرحهم يف
الشمس حتى ماتوا.
قال عليه السالم :فنزلت هذه اآلية يف من يفعل مثل أفعاهلم.
قال املؤيد باهلل :فكانت اآلية يف مثل من فعل مثل أفعاهلم ناسخة ملا كان النبي صىل اهلل
عليه وآله وسلم فعله هبم قال :وكان هؤالء الذين فعلوا ما فعلوا من بليلة آخلر العلرب
إسالم ًا قال :ومل يقل حييى عليه السالم أرا نزلت فيهم بل نزلت فيمن يفعل مثل فعلهلم،
وقيل :نزلت يف العرنيني ،عن أنس بن مالك أن رهط ًا من عكل وعرينلة أتلوا رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم فقالوا :يا رسلول اهلل إنلا كنلا أهلل رضع ومل نكلن أهلل ريلف
فاستومخنا املدينة فتمر هم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم بلذود أن خيرجلوا إليهلا
فرشبوا من ألبارا وأبواهلا فقتلوا راعي رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم واسلتاقوا
الذود ،فبعث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف آثلارهم فقطلع أيلدهيم وأرجلهلم
وسمل أعينهم وتركهم يف احلرة حتى ماتوا عىل حاهلم فنزلت هذه اآلية فيهم.
(خرب) وروي أن أناس ًا من عكل وعرينة قدموا املدينة عىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم وتكلموا بإلسالم فقالوا :يا نبي اهلل إنا كنا أهل رضع ومل نكن اهل ريف فاستومخنا
املدينة فامر هلم رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم بلذود وراع وأملرهم أن خيرجلوا
فيرشبوا من ألبارا وأبواهلا فانطلقوا حتى إذا كانوا يف ناحية احلرة كفلروا بعلد إسلالمهم،
وقتلوا راعي النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم واستاقوا الذود فبل النبي صىل اهلل عليه وآله
-314-
وسلم فبعث الطلب يف آثارهم فتمر هبم فسملوا أعينهم وقطعوا أيدهيم وتركهم يف ناحية
احلرة حتى ماتوا عىل حاهلم.
(خرب) قال قتادة بلغنا أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم بعلد ذللك كلان حيلث علىل
القدقة وينهى عن املثلة ،ثم جرى حكم اآلية عىل املحلاربني ملن املسللمني وهلم قطلاع
الطريقُ ،عكل-بضم العني غري معلمة وسكون الكاف -قبيلة ،وعرين وعرينلة -بضلم
العني غري معلمة وفتح الراء -حيان من العرب اشتق هلام ملن العلرن-بلالنون مفتوحلة
والعني مكسورة والراء ساكنة وهو الرجل افبيث الذي ال يطاق ،فإذا قرت هذه القاعدة
فاملحارب ال خيلو إما أن يظفر به اإلمام أم ال،إن مل يظفر به ابتعه افيل والرجاللة وطلرده
ونفاه من كل موضع يقدر عىل نفيه منه ،وذكر الناطق باحلق أن النفي املتمور بله هلو نفيله
عىل هذا الوجه قبل الظفر به ،وقال املؤيد باهلل :النفي لله قبلل الظفلر وبعلده ذكلر ذللك
ملذهب حييى عليه السالم ،واختلفوا يف النفي ما هو فعندنا أنه الطلرد لله ،وعنلد النلارص
للحق هو احلبس ،ووجه األول ما روي عن ابن عبلاس يف تفسلري قولله تعلاىل { :
[} المائالدة ،]33:قال نفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتلى يوجلدوا فيقلام علليهم
احلد ،وألن لفن النفي يف الطرد الاحلبس؛ ألن املحبوس ال يوصلف بتنله منفلي والنفلي
والطرد سواء يف اللغة ،فإن قيل :الغرض بالنفي دفع ّأاه وهلو إذا طلرد كلان كه يف كلل
يقر قرار ًا بلل حيلث رئلي أو دخلل فإنله يطلرد
مرص ةوف ًا ،قلنا :ال جرم فإنه ال يً أن ّ
وينفى حتى ينفى من بالد اإلسالم لينحسم رضره ،وإن ظفر به اإلمام قبل التوبة وكان قد
أخذ املال قطعت يده اليمنى ورجله اليرسى نص عليه يف (األحكام) ويشً يف ذلك أن
يؤخذ من املال القدر الذي جيب يف مثله القطع قد رواه حممد بن مقنور عن القاسم عليله
السالم ،وال خالف عىل اجلملة أنه إذا أخذ املال قطعت يدع ورجله من خالف ،وإن كان
قد قتل جيب أن يكون برضب الرقبة ذكره يف (املنتخب).
قال عيل بن العباس :حرضت حييى بن احلسني عليهام السلالم وقلد أتلى بلرجلني قلد
قطعا الطريق وقتال فتمر بقتلهام وصلبهام حتى تناثرا عىل الشلر.
-315-
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا قتلتم فتحسلنوا القتلل)) دل
ذلك عىل ما قلناه ويقلب بعد القتل مستور العورة وذلك لقوله تعلاىل } {:وال
يقلب وهو حي لكن بعد القتل.
(خرب) ملا روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن تعذيب احليوان وصلبه
قبل القتل حتى يبع بالرما ،يكون تعذيب ًا.
(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال جتعلوا ذا الرما ،غرض ًا)).
(خرب) وقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :إذا قتللتم فتحسلنوا القتلل ،وإذا ذبحلتم
فتحسنوا الذبح ،وال تعذبوا خلق اهلل)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إذا قتلتم فتحسنوا القتلة)) دل ذلك عىل انله
اليقلب إال بعد القتل فإذا كان قد محل السال ،وأخاف املسلمني يف غري املرصل وحلاول
قطع الطريق ومل يقتل أحد ًا وال أخذ ماالً عزره وأدبه فقط ذكره أبو طالب للذمهب حييلى
عليه السالم ولو كان هذا املظفور به ممن أعان من بلاك القتلل وأخلذ امللال ومل يقتلل ومل
يتخذ ماالً مل يقتل ومل يقطع لقوله تعاىل {:
[}األنعام.]164:
فصل
قلللال اهلل تعلللاىل { :
[}المائدة.]34:
قال اهلادي عليه السالم :إذا تاب قبل القدرة عليه سقط مجيع ما يستحقه من الققا
والقتل حد ًا ،ومن القطع والضامن والنفي ،واستدل بظاهر هذه اآلية قال :فإن قتله قاتلل
بعد التوبة عىل قتل كان من قبلها قتل اإلمام قاتله ،نص عليه يف (األحكام).
-316-
(خرب) وروي عن الشعبي أن حارثة حارثة بن بدر حارب اهلل ورسلوله يف السلعي يف
األرض بالفساد ثم تاب قبل أن يقدر عليه فكتب عيل عليه السالم إىل عامله بالبرصلة أن
حارثة بن بدر ممن حارب اهلل ورسوله ثم تاب من قبل أن تقدروا عليه فال تعرضن لله إال
بخري.
قال القايض قيد :وهذا حيقق أن قول عيل عليه السالم مثل قول اهلادي ،وذهب املؤيد
باهلل إىل أن املحاربني لو تابوا قبل أن يؤخذوا ضمنوا األموال واقتص منهم ومل حيدوا ،وقد
روي ذلك عن عيل عليه السالم رواه قيد بن عيل.
فصل
[} المائدة ،]33:عىل أرا بمعنى الواو وهي تقت يل التخيلري
حتقيقها عند أهل اللغة ،قلنا :هي وإن كانت هبذه املنزلة فلإن هنلا قرينلة لفظيلة كعيلة
منفقلة هي ما قدمنا أوالً من أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عمل بام يالئم ذلك فإنله
سمل أعني املحاربني وقطع أيدهيم وأرجلهم وطرحهم يف الشمس مقللوبني ،فللام مجلع
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بني هذه األشياء دل عىل ما قاله اهلادي عليه السالم وعلىل
أن لفظة (أو) قد وردت يف اللغة بمعنى الواو فيكون جواق ًا بالزيادة ،وقد ورد ذلك يف لغة
العرب كام بيناه يف كتاب (اجلونة املرشقة بالرباهني املوثقة) وكلالم اهلل تعلاىل نلزل عليهلا
لقوله تعاىل[} { :الشعراء ]195:فيلب أن يلدخل املللاق يف خطابله؛ ألن
العرب راطب بامللاق فيللب أن جيلري يف خطابله علىل طلريقتهم وإال مل يكلن ةاطبل ًا
بلغتهم ،وقد ورد ذلك يف قوله تعاىل[} { :الصافات]147:
معناه ويزيدون وإنام محلناه عىل ذلك لقرينة معوية عقلية وهلي أن الشلك جيلوق علىل اهلل
تعاىل ملا ثبتن من كونه عامل ًا لذاته وذاته ال رتص بمعللوم جلون معللوم ،فثبلت انله علامل
بلميع املعلومات عىل كل الوجوه التي يقح أن يعللم عليهلا ،يزيلد ذللك وضلوح ًا أن
-317-
القلب ليس بحد مستقل بنفسه باإلمجاع؛ ألن أحد ًا من العلامء مل يذهب إىل أن املحلارب
يقلب من دون عقوبة أخرى ألخذ املال وال للقتل وال إلخافة السبيل فيلب أن يكلون
ذلك مطروح ًا ،وقد روي عن عبداهلل بن العباس رمحه اهلل يف تفسري النفي قول آخر وهلو
أن هيدر اإلمام دمه فيقول :من لقيه فليقتله هذا يف من مل يقدر عليه ،فتملا ملن قلدر عليله
فنفيه من األرضن احبس؛ ألنه إذا حبس ومنع من التقلب يف البالد فقد نفي منها جليلله
قول بعض من حبس من الشعراء:
فلسنا من األموات فيها وال األحيلا خرجنا من الدنيا ونحن ملن أهلهلا
علبنا وقلنا جاء هذا من الدنيلا ٍ
حلاجلة إذا جاءنا السلان يومل ًا
ويدل عليه (خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل ،عن عيل عليه السالم أنه قلال :إذا قطلع
الرطيق اللقو ،وأشهروا السال ،،ومل يتخذوا ماالً ،ومل يتقلوا مسل ًام ثم أخذوا حبسوا
حتى يموتوا فذلك نفيهم من األرض فإذا أخذوا املال ومل يقتلوا قطعت أيدهيم وأرجلهم
من خالف ،فإذا قتلوا وأخذوا املال قطعت أيدهيم وأرجلهم من خالف ،ثم صلبوا حتلى
يموتوا ،فإن تابوا قبل أن يؤخذوا ضمنوا املوال واقتص منهم ومل حيدوا وإىل هذه الروايلة
ذهب السيد املؤيد باهلل عليه السالم ،وبه قال مجاعة كثري من علامء العًة علليهم السلالم،
فلقلول اهلل تعلاىل { : وعلامء غريهم من الفقهلاء ،أملا الققلا
[}البقرة.]178:
وأما األموال فلقول اهلل تعاىل[} { :هود ،]85:وقلول النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :عىل اليد ما أخذت حتى تلرد)) وقولله صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :ال حيل مال امرس مسلم إال بطيبة من نفسه)) وقد أخذ ماله بغري طيبة ملن نفسله
فكالن حرام ًا ووجب رده لقوله حتى ترد.
-318-
باب التعزير
(خرب) وعن عيل عليه السالم أن جلد رج ً
ال وجدمع امرأة ومل تقم الشهادة بالزنا مائلة
جلدة غري سو أو سوطني.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أفتى بذلك وعن عمر مثله.
(خرب) وعن حممد بن منقور املرادي ،عن جعفر بن حممد ،عن أبيه عليهم السلالم أن
علي ًا عليه السالم قال :إذا وجد الرجل مع املرأة يف حلاف واحد جلد كل واحد منهام مائلة
جلدة غري سو ،وال ةالف لعيل وعمر يف القحابة ،دل ذللك علىل أنله يراعلي املعلزر
واجلناية ،فإن كا اجلاين حر ًا واجلناية من جنس ما حد مائة كالسو ونحوه نقص قدر ملا
يراه اإلمام من األسوا ،وإن كان من جنس ما حده ثامنون كالقذف والشتم والتعلريض
لفن قبيح أو يتناول شيأ ًا من املحرمات من متكول ومرشوب كالن التعزير فيه دون ثامنني
جلدة ذكره الناطق باحلق ملذهب اهلادي إىل احلق وذكر املؤيد باهلل ملذهب اهلادي أيض ًا أنله
إذا كان املعزر فيه من جنس الرسقة فلاألقرب أن يكلون التعزيلر دون املائلة؛ ألن القطلع
أعظم من جلد مائة ذكر ذلك عىل ما فعلناه وهو مقيس عىل ما فعلله عليل عليله السلالم،
وعىل ما روي عنه وعمر وعىل اجلملة أن كل ملن أتلى بمعقلية ال حلدّ فيهلا وال كفلارة
كمباكة األجنبية فيام دون الفرج ويقة ما دون النقلاب أو الرسلقة ملن غلري حلرق أو
فيها فإنله جيلب يف مجيلع ذللك التعزيلر علىل القذف بغري الزنا أو اجلناية التي ال ققا
حسب ما فقلناه أوالً ،يزيده وضوح ًا.
(خرب) و هو ما روى عبدامللك بن عمري قال :سأل عيل عليه السالم عن قلول الرجلل
للرجل يا فاسق يا خبيث؟ قالُ :هن فواحش فيهن العزير ولليس فليهن حلد ولإلملام أن
حيبسه بعد تلعزير إن رأى ذلك صالح ًا؛ ألن احلبس من مجلة التعزير.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس قوم ًا بالتهمة.
-319-
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان يقيد ّ
الدعارة بقيود هلا أقفال ،يووكل من حيلها
يف أوقات القالة من أحد اجلانبني ،وعنه عليه السالم :أن السلارق حيلبس بعلد اللثالث
خشية الدعار -بالدال معلمة بواحدة من أسفل مضمومة والعني غري معلملة واللراء-
متخذو من الدعرة وهي أخذ اليشء اختالس ًا وهي-بالدال معلملة بواحلدة ملن أسلفل
والعني غري معلمة وهي ساكنة والراء -يقال :دعر علىل القلوم أ دخلل علليهم واللدعر
االقتحام متت ،وإن كان اجلاين عبد ًا ووجد مع امرأة يف فلراش واحلد علزر دون مخسلني
جلدة ،وإذا وقعت املرأة عىل املرأة وكانتا حرتني عزرت كل واحدة مائة سو ،وإن كانتلا
مملوكتني فدون مخسني جلدة عىل كل واحدة وهذه اجلملة هلي علىل ملذهب حييلى عليله
السالم وإىل ذلك ذهب النارص للحق ،واألقرب أن التعزير يرجع إىل رأي اإلمام فإن رأى
فعله أصوب يف الدين فعله وإن رأى تركه أصلح يف الدين تركه وذلك ملا روي يف (خلرب)
وهو ما رواه ابن مسعود أن رج ً
ال جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقاللك غنلي
وجدت امرأة يف البستان وأصبت منها كل يشء غري أين مل أنكحها فاعمل يف ما شأت فقرأ
عليه[} { :هود.]114:
وأما عىل مذهب حييى عليه السالم فقد ذكر القايض قيد أنه واجب وقد ذكرنا يف كمية
الرضب يف التعزير ما ذكرناه وافالف فيه عن املؤيد باهلل عليه السلالم فإنله ذهلب إىل أن
التعزير دون األربعني ووجهه ما روي عن ابن عباس أنه ملا خرج ملن البرصلة اسلتخلف
أبا األسود الدؤَّ فتتى بلص نقب عىل قوم فتخلذوه ملن النقلب فقلال :مسلكني أراد أن
يرسق فتجلتموه فضبه مخسة وعرشين سوط ًا ّ
وخىل عنه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من رضب حد ًا يف غري حد فهو
من املعتدين)).
(خرب) وروي عن عمر أنه كتب إىل أيب موسى أنه ال يبلل بنكلال أكثلر ملن عرشلين
سوط ًا ،ويف رواية أخرى من ثالثني سوط ًا،رووي عنه يف خلرب آخلر ملا بلني الثالثلني إىل
األربعني سوط ًا ،فتما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال جيلد فلوق
-320-
عرش جلدات إال يف حد من حدود اهلل)) فافرب مل يقححه أحد من علامؤنا فإن صح فإنله
منسوخ برشع منقول قد علموه وإن مل نعلمه؛ لن اآلية قد أمجعت عىل خالفه ،واإلمجاع مما
ال نسخ به.
فصل
ول دل رجل سارق ًا عىل يشء فرسقه لزم الدليل األدب واحلبس الطويل ،ذكره حمملد
بن اهلادي يف كتاب (اإليضا.)،
قال علامؤنا :وال خالف يف وجوب التعزير يف مثل هذه اجلنايات بام يلراه اإلملام ملن
رضب أو حبس ليكون قجر ًا عن املحظورات.
فصل
يف قوله تعاىل[} { :األنبيالاء ]58:أي قطع ًا قطعل ًا قلال تعلاىل { :
[}هالود ]108:أي غري مقطوع ،وقيل :جعلهم فتات ًا بمعنى مفتلوت ،وقيلل :حطامل ًا
بمعنى حمطوم ،فإذا كان ذلك كع إبراهيم صىل اهلل عليه وآله وسلم فهو كع لنلا إال ملا
نسخ عنا ،فدل ذلك عىل أنه جيوق كرس ما يكون موضوع ًا للمحظور وإن أمكلن اإلنتفلاع
هبا يف غريه؛ ألن األصنام مما يمكن أن جيعل كالكرايس وأن يوضع عليها ما خيشلى عفنله
بنداوة األرض ومع ذلك كرسها إبراهيم صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وألن اإلمجاغع منعقد
عىل جواق كرسها عىل ما ذكره بعض العلامء.
(خرب) وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أصعد علي ًا عليه السالم عىل ظهلره إىل أن
صعد الكعبة وأمر بكرس األصنام.
(خرب) وقد قال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :بعثت بكرس املزامري واملعاقف)).
-321-
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن اهلل بعثني آية ورمحة للعاملني،
وأمرين بمحق املعاقف واملزامري وكرس األصنام والقليب)) وقد قدمنا أوالً عن عيل عليه
السالم يف رقعة الشطرن وكرسها ما يدل عىل ذلك.
فصل
وذكر املؤيد باهلل أن افتان واجب ،وعليه دل كالم حييى عليه السالم وذلك ملا روي.
(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لرجل أسللم(( :اللق عنلك شلعار
الكفر واختتن)) فتمر به واألمر يقت ي الوجوب ،فتما قوله افتان سلنة للرجلال مكرملة
للنساء فهو حممول عىل أنه سنة واجبة؛ ألن السنة عىل رضبني واجبة ومندوب إليها ،وهذا
من السنن الواجبة ملا قدمناه أوالً.
-322-
-323-
كتاب اجلنايات والقصاص
أما الكتاب فقوله تعاىل[} { :البقرة ،]178:وقوله تعاىل:
{[} البقرة ]179:وقوله تعاىل { :
-324-
وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه عىل ما يتيت تفقيله فإذا ثبت ذلك فإن قتل رجلل
بال عاقل أو امرأة عاقلة حر ًا مسل ًام مهد ًا من غري استحقاق وجب عليه القتل سلواء كلان
املقتول بالغ ًا أو غري بال ملا قدمناه من األدلة وهو إمجاع ،واختلف أئمتنا عليهم السالم يف
فقلال اهللادي الرجل إذا قتل امرأة حرة عىل هذا الوجه مع إمجاعهم عىل ثبوت الققا
برش التزام أولياء املقتولة نقف دية الرجل ألولياء القاتل عليه السالم :جيب الققا
وهو قول أمري املؤمنني عيل عليه السالم وهو قول النلارص للحلق وذللك لقولله تعلاىل:
{[} البقالالالالالالالرة،]178:
فلوال أن التامثلل ك وكلان يقتلل احللر بالعبلد واللذكر بلاألنثى مل يكلن للتحقليص
والتلنيس فائدة فليب أن يعترب رقيق ًا ومتييز ًا وليس ذلك إال ما ذكرناه وهلذا ال يقتلل
املسلم بالكافر وال احلر بالعبد وال تكافؤ بني الرجل واملرأة لنققان ديتها عن ديته فوجب
أن الي قتص إال عىل الوجه الذي ذكرناه ،وذهب املؤيد باهلل إىل أري قتل القاتل وال يلزم
ورثة املقتول يشء ،وكذلك القول يف جناية الرجل عىل املرأة فليام دون اللنفس ملن سلائر
األطراف الكالم فيه عىل مثل ما ذكرناه يف النفس وافالف واحد ،وجه قول املؤيد باهلل ما
روي يف (خرب) وهو أنه روي أن مما كتبه صىل اهلل عليه وآله وسلم ىل أهل اليمن أن الرجل
يقتل باملرأة فتما إذا قتلت املرأة رج ً
ال فإرا تقتل وال يستحق عىل ورثتها يشء عند اجلميع.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قتل ثالثة بواحد ،رووى سعيد بن املسليب أن عملر
قتل سبعة بواحد ،وقال :لو متاال عليه أهل صنعاء لقتلتهم به ،ويف بعض األخبار أنه قتلل
سبعة من أهل صنعاء قتلوا رج ً
ال وقال :لو متاأل عليه أهل صنعاء لقتلتهم حاشلية متلاألوا
عىل األمر أي اجتمع رأهيم عليه ،وعن عيل عليه السالم أنه قال :واهلل ما قتلت علثامن وال
ماألت عىل قتله أي ما ساعدت وال عاونت.
(خرب) وقال ابن عباس تقتل املاءة بواحد ،دل ذللك علىل أنله إذا اشلً مجاعلة ملن
الرجل أو الرجال والنساء يف قتل رجل عمد ًا بغري حق قتلوا به كلهم وهو اختيار اهللادي
إىل احلللللق يزيللللده بيانلللل ًا قللللول اهلل تعللللاىل { :
-325-
[}اإلسالراء،]33:أي عىل القاتل وال خالف أن القتل مراد به وعمومه يوجب القلود
عىل كل واحد من القاتلني.
ويدل عليه أيض ًا (خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ثم أنتم يا خزاعلة
قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وإنا واهلل عاقلته)).
(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :نت قتل له قتيل فتهلله بلني خريتلني إن
أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية)) وفيه دليالن:
أحدمها :أن عمومه يقت ي أن لوَّ الدم أو ألولياء الدم قتل كل قاتل؛ ألن لفظله ملن
ألفاظ العموم.
والثاين :أن هذا افرب ورد يف مجاعة قتلوا واحد ًا ،وإذا ثبت ذلك فلإن املعتلرب أن جينلي
كل واحد منهم جناية لو انفردت لكانت قاتلة يف جمرى العادى.
(خرب) وروى أنس أن هيودي ًا رضخ رأس جارية أنقارية بني حلرين فوجلدت وهبلا
رمق فقال هلا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أقتلك فالن)) فتشارت بام يفهم منهلا بلال
إىل أن ذكر اليهودي فتشارت برأسها برأسها أي نعم فتخذ اليهودي واعًف بذلك فلتمر
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بتن يرضخ رأسه بني حلرين ،دل ذلك عىل أن الققلا
واجب بتي آلة وقع هبا القتل ،ودل عىل أن القتل إذا وقع باملثقل وجلب فيله القلود ،ودل
عىل أن اإلقرار بالقتل يكفي مرة واحدة ،ودل عىل أن اإلشارة إذا فهم هبا املراد تعللق هبلا
احلكم فإن قيل إن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إنام قتله ألنه نقض العهد بقتل املسللمة
ال عىل وجه القود ،قلنا :هذا ال يقح لوجوه :منها لو قتله لنقض العهد لنقل هذا السبب؛
ألن الداعي إىل تعرف األحكام هو بعينه يدعو إىل نقل األسباب املوجبة إلنفاق األحكام،
ومنها أن قتل املسلم ال يوجب نقض العهد عند كثري من أئمتنا عليهم السالم ،ومنها أنله
لو قتله لنقض العهد لكان ال يرضخ رأسه وإنام ترضب رقبته.
(خرب) وروي عن محل بن مالك أنه قال :كنت بني امرأتني فاقتتلنلا فرضلبت إحلدمها
-326-
األخرى بمسطح فقتلتها وما يف جوفها فقضال صىل اهلل عليه وآله وسلم بغرة عبد او أملة
وبتن تقتل يف مكارا ،فدل افقر عىل أن القتل إذا وقع بافشلبة الكبلرية وجلب القلود إذ
املسطح عمود الفسطا وافباء ،ويدل عليه أيض ًا ما قدمناه من الظلواهر نحلو قلول اهلل
تعاىل[} { :البقرة ،]178:فإنه مل يفقل بني آلة وآلة بام يقع به
القتل سواء كان بعقا أو بحلر شادخ أو تغريق يف املاء أو بنى باب بيته فمنع من الطعلام
والرشاب حتى مات أو ناوله الطعام الذي قد جعل فيه السم فتناوله منه وحتساه فامت.
(خرب) وروي أن رجلني شهدا عند عيل عليه السالم عىل رجل بالرسقة فقطعه ثم جاءا
بآخر فقاال :غلطانا يف شهادتنا ،وهذا هو السارق ،فقال عيل عليه السالم :لو علمت أنكام
تعمدمتا لقطعتكام وغرمهام دية ،رواه قيد بن عيل ،فدل ذلك عىل أن أخذ يدين بيد واحلد
يقح عنده ،ومل حيك خالفه عن غريه فهو كاإلمجاع عند بعض علامئنا ،ودل عىل أن مجاعة
لو شهدوا عند اإلمام عىل رجل بام يوجب قتله فقتله بشهادهتم ثلم رجعلوا عنله وأقلروا
بالعمد وجب القتل عىل كل واحد منهم.
ويدل عىل ذلك خرب أيب بكر وهو قوله ملن قتل بشهادته إنسان ًا :لو علمت انك تعمدت
لقتلتك به ،وال ةالف هلام يف القحابة ،فدل ذلك عىل ما قلناه.
فصل
قلللللللللال اهلل تعلللللللللاىل { :
إذا وقع فاألداء بدل منله واجلب [}البقالرة ]178:دل ذلك عىل العفو يف الققا
من حيث أمر القاتل باألداء ومل يشً رضاه.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أصيب بقتل أو خبلل
فإنه خيتار إحدى ثالث إما أن يقتص أو يعفو أو يتخذ الدية)) وافبل هلو اجللرا ،وهلو-
بافاء معلمة بواحدة من أعىل والباء بواحدة من أسفل -وافبلل ي غلري هلذا املوضلع
-327-
الفساد يف العقل أو يف بعض األعضاء ويف احلديث(( :بني يدي الساعة افبل)) أي الفساد،
وإذا اشً يف قتل الرجل من يلزمه القود ومن ال يلزمه القود وجب القود عىل من يلزمه
كالبال العاقل وجيب عىل من ال يلزمه القود حقته من الدية كالقبي وامللنون ،واللذي
،ويدل عىل الثاين ما ذكرناه من قوله(( :رفلع يدل عىل األول ما ذكرناه يف إجياب الققا
القلم عن ثالثة)) افرب.
-328-
باب ما يوجب سقوط القصاص
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يقتل مؤمن بكافر)) دل ذلك
عىل أن املسلم إذا قتل كافر ًا ذمي ًا كان أو غري ذمي فال قود عليه ،هذا هو قول اهلادي.
قال أبو طالب :وهو الظاهر من مذهب النارص ،وروي عن عيل عليه السالم ،وعملر،
وعثامن :أن املسلم ال يقتل بكافر.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :من السنة أن ال يقتل حر بعبد ،وإطلالق السلنة
يفيد سنة النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،دل ذلك عىل أن احلر ال يقال بالعبد ،وقلد روي
ذلك عن ابن عباس ،وابن عمر ،وابن الزبري.
(خرب) وروى إبراهيم بن عبداهلل بن احلسن الريض بن احلسن ،عن أبيه ،عن عيل عليه
السالم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت برجل قتل عبده كتعمد ًا فلللده رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم مائة جلدة ونفاه سنة ،وحما سهمه من املسلمني ومل يقده بله ،دل
حر بعبد ،ودل عىل أنه جيوق جلده تعزير ًا؛ ألنله ال خلالف أنله لليس
ذلك عىل أنه ال يقاد ّ
بحد ،ويدل عىل أنه جيوق أن يبل التعزير مبل احلد فيام هذا حاله ،ويدل عىل السيد خلرج
بالقتل بغري حق عن سمة اإلسالم لوال ذلك مل يمح سهمه من املسلمني ،فتما ما روي عن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من قتل عبلده قتلنلاه ،وملن جدعله جلدعناه))
فاجلواب عنه من وجوه منها أنه قد طعن يف إسناده ،ومنها أن املراد به ملن كلان عبلد ًا لله
فتعتقه لأال يظن أن حر األصل واملعتق خيتلفان فيه احلال ،ومنها أن هذا كان مرشلوع ًا يف
صدر اإلسالم ثم نسخ؛ ألن األمة قد أمجعت علىل أن السليد ال جيلدع بلدعله وال يقتلل
لقتله ،فدل ذلك عىل أرم قد علموا نسخه كع ًا فلذلك أمجعلوا علىل خالفله ،ومنهلا أن
يكون احلر ممن جعل قتل العبيد عادة وفساد ًا يف األرض فيلزمه القتل حد ًا ال علىل سلبيل
القود به ،قاله اهلادي عليه السالم والنارص للحق.
-329-
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يقتل والد بولده)).
(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال تقام احلدود يف املساجد ،وال يقلاد
الوالد بولده)).
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن دده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :قال رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال يقتص ولد من والده ،وال عبد من سيده)) دل ذلك عىل
أن األب إذا قتل ابنه مل يلزمه قود ويلزمه الدية ،وهو قول اهلادي عليه السالم ،وحكي عن
عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن األم بمنزلة األب يف ذلك فال تقتل
بولدها ،وأن اجلدّ ة أم األم بمنزلة األم.
(خرب) وعن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يرث القاتل))
(خرب) وروى عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يقاد واللد بوللده
وال يرث القاتل)) قال :سمعت النبي يقول ذلك ،وهو مروي عن عيل عليه السالم ،وابن
عباس ،وابن مسعود ،وعمر ،وكيح ،وال ةالف هلم فلرى جمرى اإلمجاع ،وذللك كلله
يدل عىل أن القاتل ال يرق وأن الدية القمة له يف ماله ،وأنه ال يرث منها وهو إمحاع ،فلإن
قتل خطت ورث من ماله دون ديته عىل ما يتيت بيانه ،واملراد به من قتله عمد ًا بغري حق ،فتما
من قتله عمد ًا بحق فإنه يرث عىل ما يتيت تفقيله يف كتاب الفرائض إن شاء اهلل تعاىل.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع عن أمتي افطلت والنسليان
وما استكرهوا عليه)) دل ذلك عىل أنه ال قود يف يشء من افطت وهو إمجاع.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :رفلع القللم علن ثالثلة علن
امللنون حتى يفيق ،وعن النائم حتى يستيقن ،وعن القبي حتى يبل )) دل ذلك عىل أنله
يف عمد القبي وامللنون ،وأنه يكون خطت وهو إمجاع ،وروي عن عليل عليله ال ققا
السالم قطع أنملة صبي فهذا خرب قد رده علامؤنا عليهم السالم وقيفوه وقالوا هذه رواية
-330-
غري موثوق هبا.
وأما ما روي عن عيل عليه السالم من حط أصابع القبيان فذلك قجر وتتديب وليس
حلد.
(خرب) وروى قيد بن وهب أن عمر أيت برجل فلاء ورثة املقتول ليقتلوه فقالت أخت
املقتول وهي امرأة القاتل :قد عفوت عن حقي ،فقال عمر :عتق من القتل.
(خرب) وروي أن عمر رفع إليه رج ً
ال فلاء أوالد املقتول وقد عفا أحدهم فقلال عملر
البن مسعود وهو إىل دجنبه :ما تقول؟ فقال :إنه قد أحرق من التقلل فرضلب علىل كتفله
وقال :كنيف مىلء معل ًام ،وصغره عمر تقغري التعظيم ،وقيل :وهو وعار جيعل فيه التلاجر
أداته ،الكنف -بالنون والفاء وكرس الكاف -الوعاء وتقغريه كنيف.
(خرب) وروى قيد بن وهب قال :دخل رجل عىل امرأته فوجد عنلدها رجل ً
ال فقتلهلا
فاستعدا إخوهتا عمر فقال بعض إخوهتا :قد تقدقت بحقي ،فدل ذلك عىل أن الققا
إذا كان جلامعة فعفا أحدهم عن القود سقط عن الباقني؛ ألنه ال يتبعض.
فلال (خرب) وروي عن عيل عليه السالم وعمر أرام قاال :من مات من حد أو ققا
ضامن احلق قتله ،كل ذلك يدل عىل أن من اقتص منه فيام دون النفس فامت فال يشء علىل
املقتص وهذا هو قول القاسم واهلادي عليهام السالم ،والنارص للحق عليه السالم.
سن القلبي يشء(خرب) ويف حديث جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ليس يف ّ
إذا مل ُي ْث مغر معناه النبات بعد السقو دل ذلك عىل أن من جنى عىل صبي صغري بام أذهلب
سنه بحيث ينبت غريه مكانه فإنه ال ققا فيه وعليه حكومة يف جنايته عليه.
(خرب) وروي أن معاوية كتب إىل أيب موسى ي ًا يستل علي ًا عليه السالم عن من رأى
مع امرأته رج ً
ال يزين هبا فقتله وأتى بتربعة يشهدون عىل ذلك فللام وقعلت احلادثلة عنلد
معاوية مل يعرف جواهبا فلام ستله أبو موسى قال عليل عليله السلالم :هلذا يشء ملا وقلع
بترضنا فاخربين من الذي أمر بتن تستل عنه فتخربه بتن معاوية كتلب إليله يسلتله عنله
-331-
ال لو رأى مع امرأته رجل ً
ال فتفتاه عيل عليه السالم بتنه ال يشء عليه ،دل ذلك عىل أنه رج ً
يوين هبا حل له قتله فإذا أتى بشهود أربعة أربعة عدول سلقط عنله القلود واألرش؛ ألنله
قال :ال يشء عليه ،وعند أئمتنا عليهم السالم أن رج ً
ال للو راود املرأة علىل الفللور ومل
تتمكن من دفعه عن نفسها إال بقتله فقتلته فال قود عليها وال دية ،ووجه ذلك ملا حاولله
منكر فإقالته واجبة ،فإذا مل يزل إال بقتل فاعله جاق له ذلك وهلو إمجلاع إذا كلان الفاعلل
عاقالً.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :يقتلل القاتلل ويقلرب
القابر)).
قال أبو عبيد :معنى يقرب حيبس؛ ألن القرب يف اللغة هو احلبس.
ال أمسك عىل رجل رج ً
ال فقتلله فقتلل أملري (خرب) قال حممد بن منقور بلغنا أن رج ً
ال لو أمسلك رجل ً
ال املؤمنني القاتل وحبس الذي أمسك حتى مات ،دل ذلك عىل أن رج ً
لرجل حتى ذبحه ذلك الرجل فالقود عىل الذابح وعىل املمسك احلبس حتى يموت.
(خرب) وروى مالك بن عوف األشلعي أن ابلاه رضب مرشلك ًا بالسليف فعلاد نبلوة
السيف عىل نفسه فقتل نفسه فامتنعوا من القالة عليه فقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم:
((هو شهيد قتل نفسه خطت)) ومل جيب ديته عىل عاقلته ،دل عىل أن من قتلل نفسله خطلت مل
يكن متثوم ًا ومل جتب ديته عىل أحد.
(خرب) وروي أن عوف بن مالك األشلعي رضب مرشلك ًا بالسليف فرجلع السليف
عليه فقتله فامتنع أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من القالة فقالوا :أطبل
جهاده فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :بل مات جماهد ًا)) فدل ذلك عىل أنه ال
يشء عىل عاقلته؛ ألنه مل يلزمهم ديته ،ودل عىل أنه غري متثوم.
(خرب) وروى عمران بن حقني أنر ج ً
ال عض يد رجل فنزع املعضوض يده ملن فيله
فوقعت ثنيتاه فاختقام إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال(( :يعض أحدكام أخاه كلام
-332-
يعض الفحل ال دية لك)).
ال علض (خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السلالم أن رجل ً
عىل يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثنيتاه فلم جيعل عليه شليأ ًا فقلال :أيلً يلده يف
فيك تقضمها كام يقضم الفحل ،دل ذلك عىل أن من جنا عىل غريه جنايلة ظلامنل ًا مل يكلن
امللني عليه أن يدفع تلك اجلناية أو يتخلص منها إال برضر يوصله إىل اجلاين كلان الثلاين
مباح ًا ال دية فيه وال أرش وال ققا ،واملعنى أنه مل يمكنه دفع هذ الرضلر وإقاللة هلذا
املنكر إال به فلاق وسقط ضامنه ،دليله ما تقدم.
فصل
قوله تعاىل[} { :المائدة ]45:يدل عىل وجوب املقاصة فيام ال جيوق فعله
من اجلرا ،مما يمكن فيه املامثلة ويرمن التعدي فيه إىل أكثر من اجلر ،املقتص بله ،ولليس
ذلك إال يف املوضحة دون ما عداه وهو أن يقدر طوهلا وعرضها بمقدار معلوم ثم جتعل يف
املوضع املامثل بموضع املوضحة من اجلانب ثم يعلم عىل ذلك القدر بسلواد أو غلريه ثلم
يقتص ،وإن كان ال تؤمن الزيادة والنققان مل يقلتص فيهلا ،واملوضلحة هلي كلل جلر،
أوضح العظم.
فيها وهي احلارصة وهي التي تقرشل ظلاهر اجلللد وال وأما سائر اجلرايح فال ققا
وجله األرض تدميه ،متخوذة من احلريقة وهي السحابة الشديدة الواقعة التلي حتلر
بمطرها أي تقرشه وجترحه ،والدامية من دميت من اجلرا ،ومل تضم اللحم ،والباضعة ما
شقت شيأ ًا من اللحم ،يقال :بضع اللحم إذا قطعه وشقه ،ويف حلديث عملر أنله رضب
ال ثالثني سوط ًا طلها تبضع وحتدر قوله تبضع أي تشق اجلللد وتقطلع ،وقولله حتلدر
رج ً
معناه أن يرم يقال :أحدره الرضب إذا أورمه وهو باحللاء غلري معلملة واللدال معلملة
بواحدة من أسفل وبالراء_ واملتالمحة ما دخلت يف اللحم كثري ًا فإن كانت يف الرأس فهلي
-333-
التي بلغت اللحم ومل تبل السمحاق ،والسمحاق ما شقت اللحم شق ًا ال يبقي بينها وبني
قحف الرأس إال قرشة رقيقة وتلك اجللدة تسمى السمحاق فسميت الشلة التي يبلغهلا
باسمها وكل جلدة رقيقة فهي سمحاق يقال يف السامء سامحيق من غيم وعىل ثرب الشلاة
سامحيق من الشحم واملوضحة وهي التي توضح عظم الرأس أو الوجله فلإذا أوضلحت
بياض العظم فهي موضحة والوضح بياض القبح وبياض الغرة والتحليل وضح أيض ًا
وضح ،ووضح القدم باطنه واللبن يقال له :وضح وكلان النبلي صلىل اهلل عليله والرب
وآله وسلم يلعب وهو صغري بعظم وضا ،وهي لعبة للقبيان يعملدون إىل عظلم بليض
فريمونه بعيد ًا يف الليل ثم يتفرقون يف طلبه فمن وجده ركب صاحبه فاحتمله ،واهلاشلمة
هي التي هتشم عظم الرأس أي ررج منها فراش العظام وفراش الرأس طرائق رقاق تليل
القحف والفراش بالفاء والراء معلمة واآلمة هي التي تبل أم الدناغ.
قال القايض قيد :هكذا ذكره السيد أبو طالب وهي تسمى الدامغة-بالغني معلملة-
وهي التي تبل الدماغ ،والدامعة -بالعني غري معلمة -والشلة غري معلمة وهي الشلة
التي تسيل دم ًا ذكره أهل اللغة ،وروي عن الشيخ أبو طالب هذا املعنى فقال :الدامعة هي
يف يشء ملن هلذه الشللاج إال يف املوضلحة فليمن جلر، ما تدما بمثل املع وال ققا
موضحة يف رأسه أو وجهه فو بافيار إن شاء اقتص وإن شاء أخلذ نقلف عرشل الديلة،
يف قطلع الرجلل ملن يف اجلائفة وهي التي تبل اجلوف ،وال ققا وكذلك ال ققا
الساق أو كرسها منه وال يف قطع اليد من بعض الساعد وال يف كرسلها منله ،وكلذلك ال
مبني علىل املامثللة ملن غلري ققا يف كرس اليد من بعض العضد ،وذلك ألن الققا
قيادة ،فإذا مل تؤمن الزيادة كان الققا حمظور ًا.
-334-
باب كيفية استيفاء القصاص
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال قود إال بالسيف)) وروي ((ال
قود إال بحديدة أو بالسيف)) دل ذلك عىل أن من قتل رجل ً
ال بسلهم أو جرحله أو رضبله
حتى مات ما مل يكن ألولياء املقتول أن يفعلوا به مثل فعله.
(خرب) فإن قيل :إن علي ًا عليه السالم أحرق قنادقة من السواد بالنار وأحرق أبلو بكلر
الفلاءة بتلنار حني ارتدّ ،قلنا :هذا مما فعل للمقلحة العامة ،وكل ما هلذه حالله يسلوغ
لإلمام فعله أال ترى أن علي ًا عليه السالم هدم دار من هرب إىل معاوة كلدار مقلقلة بلن
هبرية ،ودار جرير بن عبداهلل ،وهدم من دار ثور وحرقها؛ ألنه كان حلق بلرير حني خرج
ال بام ال جيوق فعله كتن يسقيه ُس ًام أو يفعل به فعل قلوم
ال لو قتل رج ً
إىل معاوية ،وألن رج ً
لو حتى أف ذلك إىل قتله فال خالف بلزوم القود ،وإنام ال جيوق بمثل فعله إمجاع ًا فلم
يبق إىل أن يقتل بالسيف.
(خرب) وما روي عن احلسن بن عيل عليهام السالم قتل ابن مللم لعنه اهلل تعاىل ولعيل
عليه السالم أوالد صغار فعندنا أنه مل يقتله ققاص ًا بل قتلله حلد ًا؛ لنله سلعى يف األرض
فساد ًا فقتله لفساده وقد ورد يف ذلك القرآن يف قوله تعاىل { :
[} المائدة ،]32:فإذا جاق قتلل اللنفس بلالنفس
ققاص ًا جاق قتل النفس بالفساد وال فساد أعظم من قتل اإلمام املعقوم ،وجيوق أن يقال:
إنه قتله؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعلمنا أن قاتله يكون كلافر ًا لقولله صلىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :أشقى األولني عاقر ناقة ثملود ،وأشلقى اآلخلرين قاتللك يلا عليل))
وأشقى الناس يكون كافر ًا فإن قيل :فلم انتظر احلسن موت عيل عليه السالم؟ قيل :جيوق
أن يكون تر ذلك ليتيقن أنه قاتل فيتيقن كفره ودخوله حتت افرب؛ ألن اجلرا ،ال تكون
قاتلة إال إذا مات امللرو.،
-335-
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من قتل له قتيل فتهله بلني خريتلني إن
أحبوا قتلوا ،وإن أحبوا أخذوا الدية)) يدل عىل أن أولياء الدم الذين هلم استيفاء الققا
هم ورثة القتيل من الرجال والنساء فيدخل فيه األقواج والزوجات؛ ألن اسم األهل يتم
من ذكرنا.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ألولياء اللدم أن حيللزوا
األول فاألول وإن كانت امراة)).
قال أبو عبيدة :معنى حيلزوا يعفون عن الدم ،ولعله اشتق من احلللزة -بفلتح احللاء
األول غري معلم واجليم والزاء كل حرف من ذلك مفتو -،وهم الذين يمنعلون بعلض
الناس من بعض ويفقلون بينهم باحلق فتراد أرم إذا عفا بعضهم سلقط القلود؛ ألنله ال
يتبعض،فكتنه بعفوه منع القاتل من ورثة املقتول وفقلل بيلنهم بلاحلق وهلو العفلو واهلل
أعلم.
(خرب) وروي أن عمر كان يقول :ال ترث املرأة من دية قوجها ،حتلى قلال قليس بلن
الضحا كتب إَّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أن أورث امراة أشليم الضلبايب
من دية قوجها)) فرجع عمر ،دل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروى حييى بن جعدة أن رج ً
ال قدم بللوبة له إىل املدينلة فسلاومه فيهلا ملوىل
لعثامن بن عفان فناقعه فلطمه ففقت عينه فقال له عثامن :هل للك أن أضلاعف للك الديلة
وتعفو عنه؟ فتبى فرفعهام إىل عيل كرم اهلل وجهه فدعا عيل عليه السالم بمرآة فتمحاهلا ثلم
وضع القط عىل عينه األخرى ثم أخذ املرآة بكلبتني وأدناها من عينله حتلى ينلال إنسلان
يف فقو العني بام يزيل الضوء عنهلا ملن كلافور عينه ،دل ذلك عىل أنه ال جيوق االقتقا
يطر ،يف العني أو حديدة حامية.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه عمرو بن دينار ،عن حمملد
بن طلحة قال :طعن رجل رج ً
ال بقرن يف رجله فلاء النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
-336-
فقال :أقدين ،قال :دعه حتى تربأ فتعادها عليه مرتني أو ثالث ًا والنبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم يقول :حتى تربأ فتبى فتقاده منه ثم عرج املستقيد فلاء النبي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم فقال :برس صاحبي صاحب يوعرجت رجيل فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم:
ال حق لك فدلك حني رى أن يستفيد أحد من جر ،حتى يربأ صاحبه.
(خرب) وروي أن رج ً
ال طعن حسان بن ثابت فاجتمعت األنقار ليتخلذو هللم النبلي
فقال(( :انتظروا حتى يربأ ثم اقتص لكم)) فلربس ثلم صىل اهلل عليه وآله وسلم الققا
عفا ،دل ذلك عىل أنه ال يقتص من اجلر ،إال بعد الربء ،وأنه جيب انتظلاره وذللك مللا ال
يؤمن أن يرسي اجلناية إىل النفس فلهذا وجب االنتظار.
-337-
باب جناية المماليك وأن حكم الجنين منفرد عن حكم األم
قال اهلل تعاىل[} { :البقرة]178:اآلية دل عىل أن العبد إذا
قتلللل عبلللد ًا لغلللري ملللواله فعليللله القلللود ،وقلللال تعلللاىل { :
فيام بني العبيد يف األطراف نحو ملا [}المائدة ]45:اآلية ،يدل عىل وجوب الققا
ذكرناه يف النفس.
(خرب) وعن املغرية بن شعبة وغريه يف املرأة التي رضبت امرأة فتلقت جنين ًا ثم ماتلت
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل عاقلتها بالدية ،ويف اجلنني بالغرة ،دل هذا فق
عىل أن حكم اجلنني منفرد عن حكم األم ،وأنه ليس كبعض أعضلائها ،وللو كلان جيلري
ٍ
بعض من أبعاضها لدخلت الغرة يف الدية كمن قطع يدهيا ثم ماتت من القطع فلإن جمرى
دية اليدين خيدل يف النفس ،وإذا ثبت يف اجلنني ما ذكرناه فيلب أن يورث عىل فرائض اهلل
تعاىل عىل ما يتيت بيانه يف الفراض إن شاء اهلل تعاىل.
-338-
-339-
كتاب الدّيات
-340-
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية املقتولة عىل العاقلة وغرة مللا يف بطنهلا فقلال رجلل ملن
عقبة القاتلة قيل إنه محل بن مالك وهلو عمهلا :أتغلرم ديلة ملن ال كب وال أكلل وال
استهل ،فمثل ذلك يطل ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أسلع كسلع العرب))
وروي ((كسلع اجلاهلية)) والكهان)) وألزم الدية؛ ألن ذلك اتفاق من القحابة من عليل
وعمر وغريمها وال ةالف هلم فهو حلة ،دل ذلك عىل أن من جنلى جنايلة مل يققلد هبلا
القتل وجب ذلك عىل العاقلة.
يف اجلنني بغرة عبد أو أمة قيمته (خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ق
مخسامئة درهم وأوجبها عىل العاقلة ،دل ذلك عىل أن أرش ما دون املوضحة يللزم اجللاين
دون العاقلة عمد ًا كانت اجلناية أو خطت ،وما كان من املوضحة يف الرأس والوجه فقاعد ًا
او كانت اجلناية خطت لزمت العاقلة.
(خرب) وروي أن املسلمني قتلوا يوم أحد أبا حذيفة بن اليامن ظنلوه مرشلك ًا فتوجلب
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فيه الدية ،دل ذلك عىل أن من قتل إنسان ًا ظنه مرشك ًا وهو
مسلم كان قتله خطت ،ويدخل يف ذلك كل من يققد رمي إنسلان ليقتلله فتخطلت يف رميله
فتصاب إنسان ًا فقتله كان ذلك خطت أيض ًا ،وكذلك إذا رمى طائر ًا فتصلاب إنسلان ًا ،وقلد
ذكرنا فيام تقدم أن عمد القبي وامللنون خطت فمن قتاله فديته عىل عاقلتهام.
-341-
باب تفسير العاقلة وذكر ما يلزم كل واحد منهم
أما العاقلة فهم العقبة األدنون فاألدنون من اجلاين إىل أن يبلغوا إىل أحد حيتمل الدية
هذا هو الذي ذكره األخوان من مذهب حييى عليه السالم.
قال أمحد بن حييى :العاقلة هم العقبة الذين يرثونه ،وإليه ذهب املؤيد باهلل قلدس اهلل
روحه.
قال النارص للحق :العاقلة هم أهل الديوان وتفسريه أن اإلمام إذا حزب جيشه وجعل
كل حزب عدد ًا معلوم ًا ،وجعل عىل كل حزب عريف ًا ليقبض هللم اللديوان فكلل حلزب
جيتمعون يف العطاء وهم العاقلة عنده ،فإن مل يوجد منهم أحد رجع إىل العقلبات ،وجله
القول األول :أن العاقلة هم أهل التنارص والتنارص يقع بالتناسب فكتن املتنلارصون هلم
أهل ذوي األنساب ،والنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أوجبهلا علىل هلؤالء ،ومل يكلن يف
ذلك الوقت ديوان.
(خرب) وروى جابر أن امرأتني من هذيل قتلت إحدمها األخرى ولكل واحلدة ملنهام
قوج وولد فلعل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ديلة املقتوللة علىل عاقللة القاتللة وبلرأ
قوجها وولدها ،دل ذلك عىل أن العاقلة هم ذوو األنساب غري الزوج والولد ،ودل افرب
عىل أن اجلاين حطت ال يتحمل من العقل شيأ ًا؛ ألن العاقللة إذا أضليفت إىل القاتلل فقيلل
عاقلة القاتل مل تدخل يف مجلتهم؛ ألن املضاف ال يدخل يف املضاف إليه.
(خرب) وروي عن عائشة أرا قالت :مل تقطع اليد عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم باليشء التافه ،دل ذلك عىل أن ما دون نقاب الرسقة يكلون تافهل ًا ،وأن ملن
نقاهبا إىل فوق ال يكون كذلك فعىل قول من يعترب بنقاب الرسقة عرشة دراهم قفلة إنلام
يلزم كل واحد من العاقلة يكون تسعة دراهم يف ثالث سنني غنيل ًا كلان أو فقلري ًا ،وإليله
ذهب املؤيد باهلل ُيسوى فيه بنلي الفقلري والغنلي ،وإذا مل يكلن للللاين عاقللة أو كلان يف
-342-
عددهم قلة وجبت الدية كلها أو ما فضل عىل العاقلة ففي ماله ،فإن مل يكن له ملال ففلي
بيت مال املسلمني ،وكذلك إذا كان مسل ًام وعاقلته مرشكني عقل عنه املسللمون ،وذكرنلا
فيام تقدم أن الدية تكون مؤجلة وهو مروي عن عمر وابلن عبلاس ومل يلرو ملن غريمهلا
خالفه فقار كاإلمجاع عند بعض العلامء.
-343-
باب ذكر الجنايات التي تجب فيها الدية أو نصف الدية أو دون
النصف وفي بيان دية المرأة وفي بيان ما يوجب الغرة أو
الحكومة وبيان الطريق إلى الحكومة
أما ما جتب فيه الدية فتلب يف قتل املسلم ظل ًام دية كاملة وقلدج قلدمنا الدالللة علىل
ذلك من الكتاب والسنة ،يزيد ذلك بيان ًا.
(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يف النفس مائة من اإلبل)) وقوله تعلاىل:
{[} المائالدة ،]92:فتوجب
يف الذمي دية ،وعطف ذلك عىل ما أوجب يف املؤمن فوجب أن تكون ديته ما تثبت كونله
دية كع ًا أنه دية املسلم ،ولو قدرنا أن لفلن الديلة يف اللذمي كامللملل حيتلاج إىل بيانله،
فبيانه:
(خرب) وهو ما روي أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلني من املرشكني من بني عامر
وهلام امن من رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلتراد أن يثلتر هبلام يف قلتىل بألر معونلة
فودامها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية احلرين املسلمني.
(خرب) وروى ابن عباس أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلني من املرشكني ومل يعلم
بذلك يعني بتمارام فودامها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية حرين مسلمني.
(خرب) وروى عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده ،أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
قال(( :دية اليهودي والنرصاين مثل دية املسلم)).
(خرب) وعن الزهري قال :كانت دية املسلم واملعاهد سواء عىل عهد رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم ،وأيب بكر ،وعمر ،وعثامن حتى جاء معاوية فدجعل هلم النقف.
-344-
(خرب) وروي أن رفاعة بن السموءل اليهودي قتل بالشام فلعل عمر ديته ألف دينار.
(خرب) وروى حممد بن منقور ،عن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جلده ،علن عليل عليله
السالم أنه قال :دية اليهودي والنرصاين مثل دية املسلم فكان ذلك بيانل ًا مللملل الديلة يف
اآلية لو سلمنا كون ذلك جممالً.
(خرب) وعن أيب بكر بن حممد بن عمرو بن حزم ،عن أبيه ،عن جده أنه صىل اهلل عليله
وآله وسلم قال(( :يف األنف إذا استوعب جدعله الديلة ،ويف العينلني اليلة ،ويف الشلفتني
الدية ،ويف البيضتني الدية)) وهو مذهب حييى عليه السالم إال أن قال :تفضل الشفىل ملن
الشفتني عىل العليا ،وقد حكي عن قيد بن ثابت أنه قال :يف السفىل ثلثلا الديلة ويف العليلا
ثلثها.
(خرب) ويف كتاب عمرو بن حزم ويف البرص إذا ذهب ملن العينلني مجيعل ًا الديلة ،وإذا
فقأت العينان ففيهام الدية ،وكذلك إذا عميتا ،ويف افلرس الديلة ،وكلذلك يف الشلم إذا
ذهب من األنف الدية أيض ًا.
ل يف (خرب) وعن أشعث فيام رواه بإسناده أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ق
الذكر الدية ،ويف األنف إذا استوعب جدعه الدية.
رسول اهلل (خرب) وروى أبو احلسن الكرخي بإسناده عن رجل من آل عمر قال :ق
صىل اهلل عليه وآله وسلم يف الذكر الدّ ية ،ويف األنف إذا استوعب مارنه الدية ،ويف اللسان
الدية ،واملارن ما الن وانحدر من ققبة األنف.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :يف اللسان
إذا استؤصل الدية ،ويف الذكر إذا استؤصل الدية ،ويف احلشفة الدية.
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن عيل عليه السالم أن رج ً
ال رضب لسلان رجلل فقلار
عليه من الدية بحساب ما استعلم ملن حلروف بعض كالمه يبني وبعضه ال يبني فق
اهللاء.
-345-
(خرب) وروى عمر بن حزم أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :يف األذنلني اللدين))
ونحوه عن عيل عليه السالم ،وعمر ،وال ةالف هلام يف القحابة فقلارت هلذه األخبلار
أصوالً فيام جتب فيه الدية ،وهذا كله هو أري القاسم ومجيع أسباطه وال أعلم فيله خالفل ًا
بني أهل البيت عليهم السالم إال ما ذكرناه يف حروف اهللاء عن عيل عليه السالم فتحسبه
ذكر ذلك اجتهاد ًا ،وللناظر يف ذلك نظره.
يف الذكر بدية ،وعلن عليل عليله (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق
يف الذكر بالدية ويف األنثيني الدية. السالم أنه ق
(خرب) وروى عمرو بن حزم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف الشفتني
الدية)).
ل وروى حممد منقور بإسناده ،عن جعفر بن حممد ،علن عليل عليله السلالم أنله ق
بالدية ملن رضب حتى سلس بوله ،وكذلك يف الغائط إذا مل يستمسلك الديلة قياسل ًا علىل
البول ،وقد نص عىل ذلك اهلادي عليه السالم.
(خرب) ويف كتاب عمرو بن حزم أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم كتلب يف
العقل إذا الدية ،دل ذلك عىل أن من جنى عىل رجل جناية أفضت إىل قوال عقله وجبلت
عليه دية كاملة؛ وألن العقل أكف من احلواس؛ ألن به يتميز اإلنسان من البهيملة ،وبله
تعرف حقائق املعلومات ،وبه يدخل يف التكليف.
ال رمى رجل ً
ال بحللر يف رأسله فلذهب (خرب) وروى أبو املهلب عن أيب قالبة أن رج ً
حلي ،وذكلر أئمتنلا علليهم
فيه عمر بتربع ديات وهو ّ عقله وسمعه ولسانه وذكره فق
السالم إنام كان يف اإلنسان يشء واحد ففيه إذا ذهب الدية كالقوت والعقل ونحومها.
(خرب) وعن عمرو بن حزم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف القللب
الدية)) دل ذلك عىل أن الظهر إذا انكرس ومل جيرب وجبت يف الدية ،وقد روي ذلك عن عيل
عليلله السللالم ،والقلللب هللو الظهللر ،قللال اهلل تعللاىل} { :
-346-
[الطالارق ]7:يعني من صلب الرجل ورتائب املرأة ويف الثديني إذا قطعتا الدية ،وكلذلك يف
الرجلني إذا قطعتا مجيع ًا الدية ،وهذا جممع عليه بني األمة ،ويف ثديي املرأة إذا ذهب نفعهام
وبطل حفن اللبن وإرضاع القبي وجب فيهام الدية.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :يف اللحية إذا مل تنبت الدية ،دل ذلك عىل أن من
ج نى عىل غريه جناية أقالت شعر حليته بعد أن نبتت فلم تنبت بعد ذللك ألجلل جنايتهلا
ففيها الدية ويف األجفان إذا قطعت الدية ،وجيب يف أسكتي املرأة ومها الشفران املحيطلان
الفرج الدية؛ ألن فيهام مجاالً ومنفعة يف املباكة دية قياس ًا عىل كل اثنني قوجني يف البدن،
وإن وطئ املرأة فتفضاها وجبت عليه الدية واإلفضاء وهلو أن يزيلل احللاجز اللذي بلني
الفرج والدبر لعل ذلك متخوذ من الفضاء وهو املكان الوسيع.
وأما ما جيب فيه نقف الدية فتلب يف كل عضو قوج يف بدن اإلنسان يف كلل واحلد
نقف الدية عىل ما تقدمت اإلشارة إليه وهو إمجاع.
(خرب) وروى أبو احلسن الكرخي بإسناده عن رجل من آل عمر أنه روى عن رسلول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف الرجل مخسون ويف العني مخيون من اإلبل)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف الرجل مخسون من اإلبل)).
وعن عيل عليه السالم أنه قال :يف العلني نقلف الديلة ويف األذن نقلف الديلة ،ويف
إحدى األنثيني نقف الدية ،ويف إحدى الشفتني نقف الدية.
-347-
اإلبل)) ومثله عن عيل عليه السالم.
(خرب) وعن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :األسنان سلواء
والرضس والثتنية سواء هذه وهذه)) دل ذلك عىل أنه ال يفضل سن عىل سن ،فإذا قلعلت
األسنان كلها وجبت فيها كلها دية ونقف دية وعرش دية؛ ألن يف كل سلن نقلف عرشل
الدية وهذا هو مذهب حييى عليه السالم وحتقيقه هذا احلساب أن يف الفم اثنلني وثالثلني
سن ًا فإذا كان يف كل سن مخس من اإلبل ففي عرشين ين ًا مائة من اإلبل وهلي ديلة كامللة،
ويف عرش مخسون من اإلبل وهو نقف الدية ،ويف اثنني منها عرش من اإلبلل وهلو عرشل
الدية ،فثبت أن يف مجيعها دية ونقف وعرش دية؛ ألرا أربع ثنايا ،وأربع رباعيات ،وأربعة
أنياب ،وأربع ضواحك ،وأربع نواجذ ،واثنتا عرشة رحا ،والناجذ آخر ما ينبت.
فصل
(خرب) وعن عمرو بن حزم ،عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :يف كلل
اصبع مما هنالك عرش)) وعنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :واألصلابع سلواء
واألسنان سواء)) دل ذلك عىل أن يف كل أصلبع عرشل الديلة ،وعلىل أنله ال تفاضلل بلني
نلص علىل مجيلع ذللك
األصابع يف اليد ،وبني أصابع الرجل بل الكل عىل سواء يف الديلة ّ
اهلادي عليه السالم وبه قالت الكافة ،وهو املروي عن عليل عليله السلالم وهلي إحلدى
الروايتني عن عمر التي روي أنه رجع إليها فإذا ثبت ذلك ففي كل مفقل من كل أصلبع
ثلث الدية إال أصبع اإلهبام فإن يف كل نقف منها نقف ديتها إذ فيها مفقالن ال غري.
(خرب) وروى أبو بكر بن حممد بن عمرو بن حزم ،عن أبيه ،علن جلده أن رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم كتب إىل أهل اليمن(( :ويف كل أصلبع ملن األصلابع ملن اليلد
والرجل عرش من اإلبل ،وال تفضل أصبع عىل أصبع)) ملا ذكرناه.
(خرب) وملا روي عن عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن دجده مسند ًا األصابع كلها سواء
-348-
عرش عرش من اإلبل.
فصل
وأما شلاج الرأس ففي األمة منها ثلث الدية هذا هو مذهب حييى عليه السالم وهلو
مروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وعن عيل عليه السالم ويف املنقلة مخس عرشلة
من اإلبل ،وهو الذي رواه عمرو بن حزم ،عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم ،وهلو
املروي عن عيل عليه السالم.
وأما اهلاشمة ففيها عرش من اإلبل.
قال املؤيد باهلل :روى ذلك عن قيد بن عيل ،عن عيل عليه السالم ،وقد روي عن قيلد
بن ثابت ومل يرو خالفه فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة ،وهو الذي نلص عليله حييلى
عليه السالم ،ويف املوضحة مخس من اإلبل ،روى ذلك عمرو بن حزم ،علن روسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وهو الذي نلص عليله اهللادي عليله السلالم وجيلب ذللك يف
القغري والكبرية والباروة عن الشعر واملستورة وبه قال املنقور باهلل عليه السالم ولليس
يف طول الشلة وعرضها أثر عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل كفى فليام تقلدم
من هذه الشلاج أن يكون إحدى ما ذكرناه ،وهذا إذا كانت املوضحة يف الرأس أو الوجه
فإن كانت يف عضو غريمها وجب فيه نقف عرش دية ذلك العضو الذي وقعلت فيله ذره
القايض العامل شمس الدين رمحه اهلل ،وهو القول الذي يرجع إليه ،ويف السمحاق أربع من
اإلبل ،نص عىل ذلك اهلادي وهو مروي عن عيل عليله السلالم ،وهلو امللروي يف كتلاب
عمرو بن حزم ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وهو املروي عن عيل عليه السالم.
فصل
وأما دية املرأة (خرب) فروى عمرو بن حزم ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن دية
-349-
املرأة عىل ا لنقف من دية الرجل وهو إمجاع علامء العًة الكلرام ،وبله قلال غلريهم ملن
مجاهري علامء اإلسالم ،ومنهم أمري امللؤمنني عليل عليله السلالم ،وعملر ،وعلثامن ،وابلن
عباس ،وابن عمر ،وقيد بن ثابت ،مع غلريهم ،وديلة أعضلاء امللرأة وجراحاهتلا قليلهلا
وكثريها نقف دية أعضاء الرجل وجراحاته ،نص عليه اهلادي إىل احلق عليه السالم وال
أعلم قائ ً
ال من علامئنا بخالفه وذلك ألن هذا مروي عن أمري املؤمنني عليه السالم ،وهلو
قول مجهور العلامء ،فإن قيل :روي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :امللرأة تعاقلل
الرجل إىل ثلث ديتها))؟.
قال القايض قيد :إن هذا افرب غري معروف عند الفقهاء عن النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم.
فصل
وأما ما يوجب الغرة ففي جنني املرأة إذا طرحته بلناية غريها غرة عبلد أو املة قيملة
الغرة مخسامئة درهم ،فإن ألقت أكثر من جنني واحد ففي كل واحد غرة ،هذا هو ملذهب
حييى عليه السالم ،وقد ب ّينا الداللة عليه بام رويناه من خرب محل بن مالك ،يزيلده بيانل ًا ملا
يف جنني املرأة بعبد أو أمة ،فتما رواه قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه ق
ما روي من أن يف اجلنني غرة عبد أو أمة أو فرس ًا أو بغ ً
ال فإن هذه الزيادة ذكر العلامء أرلا
غري معروفة فال تقبل ولو قبلت لكان ذلك حمموالً عىل أن تكون قيمتهلا قيملة الغلرة وال
فرق عندنا بني أن يكون اجلنني ذكر ًا أو أنثى؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجب فيه
غرة عبد ًا او أمة من غري أن يفقل بني ذكر أو أنثى.
قلنا :فإن كان اجلنني أكثر من واحد ففي كل واحد غرة؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم أوجب يف اجلنني غرة فإذا ثبت يف اجلنني غرة وجب أن يكون يف اإلثنني غرتان ويف
الثالثة ثالث ،فإن خرج اجلنني حي ًا ثم مات ففيه الدية.
-350-
فصل
َ َّ َ َ َّ
اجلنني جنين ًا الجتنائه يف البطن وتواريه وبه قلال اهلل تعلاىل{ :فلماا َا
وسمي َّ ْ
َ َ ْ
عليهِ الليل}[األنعام ،]76:أي واراه بظلمته وسًه ،يقال :أجنّه الليل وجنه وسم ّيت
اجلن جن ًا؛ ألرم موارون ،وسمي الًس جمدن ًا؛ ألنه يتوارى بله ،ويف حلديث عليل عليله
السالم أنه كتب إىل ابن عباس قلبت البن عمك ظهر امللن ،وهذه كلمة يرضب هبا املثل
لكل من كان لقاحبه عىل مودة أو رعاية ثم حاد عن ذلك ،وسمكي القلب جنان ًا؛ ألنه يف
صدر يواريه ،وسمي امللنون جمنون ًا ألنه مستور الفهم مقلوب العقل.
بالغرة عىل العاقلة ،دل ذلك عىل (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق
لزومها للعاقلة ،وهو قول القاسم عليه السالم.
فصل
وأما بيان ما جتب فيه احلكومة (خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عليل
عليه السالم أنه قال :يف لسان األخرس ،ورجل األعرج ،وذكر افيص والعنلني حكوملة
اإلمام ،فقار ذلك أص ً
ال يقت ي أن كل ما مل يرد فيه نص عن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم بتقدير معلوم ففيه حكومة فثبت بذلك أن كل ما كان خارج ًا علام قلد ذكرنلاه أوالً
من الشلاج والنققان احلادث يف احلواس وسائر اجلسد ففيه احلكومة.
فصل
وأما بيان الطريق إىل احلكومة يف ذلك ثالثة أقوال عن بعض علامء املذهب:
أحدها :أنه يعترب بنققان نفع التالف يف نفسه فام نقص من نفعه وجب من ديته بقدره
وهذا ذكره الناطق باحلق أبو طالب عليه السالم.
-351-
وثانيها :أنه جيب اعتبار صال ،الضارب واملرضوب وحيسب ما ذهب ألجرة الطبيلب
مر عليه من األمل والقعوبة ،وما تعطل من أيامه لوقوفه علىل الفلراش،
وقيمة الدواء وما ّ
وما ضعف من أعقابه لدخول العيب فيها ،وهذا ذكره القايض الناطق باحلق الشيخ أبلو
جعفر يف كتاب اجلامع املسمى بل(الكايف).
وثانيهام :أن ينظر إىل دية العضو املقاب فكل ما نقص من نفعه لزم ملن ديتله بقلدره،
وهذاذكره املؤيد باهلل عليه السالم ،وقد ذكر القايض شمس الدين جعفر بن أمحد إنام ذكره
املؤيد باهلل صحيح عىل مذهب اهلادي للحق عليهم السالم.
قال القايض شمس اللدين :وقلد قيلل إن االعتبلار يف ذللك هلو أن ينظلر إىل أقلرب
الشلاج التي هلا أرش مقدّ ر إىل هذه اجلناية فيعرف كم مقدارها منها يف السلعة والضليق
وحيكم من األرش بمقدار ذلك من أرش اجلراحة املقدرة ،واألمر فيه موكول إىل اجتهلاد
احلاكم ،وذكر يف تعليق اإلفادة أن احلكومة حكم وليست بقلح.
-352-
باب الجنايات على المماليك
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم أن احلر إذا قتل عبد ًا عمد ًا أو خطت وجبلت
فيه قيمة العبد عىل القاتل بالغة ما بلغت ،وهو اختيار حييى يف (األحكام) وبه قال النارص
للحق ،وجه ذلك أنه مملو مترصف فيه فوجبلت قيمتله بالغلة ملا بلغلت ،دليلله سلائر
األمال واملقومات ،وذكر يف (املنتخب) أن قيمته إذا قادت عىل دية احللر مل يللزم القاتلل
أكثر من دية احلر ،وهذا القول هو الذي اختلاره السلادة اهللارونيون علليهم السلالم أبلو
العباس واألخوان ريض اهلل عنهم ،ورووا ذلك عن قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،علن
عيل عليه السالم ،ووجه ذلك أنه إنسان ةلوق أو عاقل أو حمقون الدم فوجبت قيمته فلم
جتب الزيادة فيها عىل دية احلر ،دليله احلر.
فصل
وجراحات العبيد وأروشها معترب بقيمتهم ففي عني العبد نقف قيمته وكذلك يف يده
ورجله وسائر جوارحه وكذلك ويف الشلاج املنقوصلة أروشلها علىل حسلاب القيملة
أيض ًا ،ففي اجلائفة ثلث قيمة العبد ويف سائر املنقوصات عىل هذا احلساب ،واألصلل يف
ذلك.
(خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أن جراحلات العبيلد
عىل نحو جراحات األحرار يف عني العبلد نقلف قيمتله ،والروي نحلوه علن عملر وال
ةالف هلام يف القحابة فظاهر ملذهب اهللادي يلدل علىل أن العبلد إذا ُجنلي عيلله هلذه
اجلنايات فليسد أن يتخذ أرش جنايته ويبقى العبد عىل حاله ملك ًا لله سلواء كلان األرش
مثل قيمته أو دورا فقد رص ،بذلك بقوله يف (األحكام) من خىص عبد ًا او قطع ملذاكريه
لزمه قيمتان قيمة لذكره وقيمة ألنثييه ،وعىل هذا األصل يلزم يف جنني األمة إذا ألقته ملن
-353-
جناية عليها ومل يكن من سيدها نقف عرش قيمته حي ًا ،ويستوي فيه الذكر واألنثى؛ ألنله
قد ثبت أن يف جنني احلرة نقف ك ديتها ،ويف جنني األمة ما ذكرناه قياس ًا عليه ،وكذلك
نص اهلادي عليه السالم عىل ذلك ،ونص أيض ًا علىل أن يف جنلني البهيملة إذا ألقتله ميتل ًا
بلناية الغري نقف عرش قيمته فإن طرحته حي ًا ففيه قيمة مثله.
فصل
وما كان غري مقدر من الشلاج يف األحرار فهو غري مقلدر يف العبيلد ويرجلع فيله إىل
احلكومة كام يفعل يف األحرار ،وما كان مقدر ًا يف األحرار كاملوضحة ونحوها حسب ذلك
احلر.
من قيمتهم إذ هي قائمة مقام الدية يف ّ
-354-
باب الجنايات التي تضمن بها النفس وغيرها
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليله السلالم أنله قلال :افطلت ملا أراد
القاتل غريه فتخطت فقتله ،وهو إمجاع دل ذلك عىل أن من رملى طلائر ًا أو نحلوه فتصلاب
إنسان ًا أو غريه مما مل يققده ضمن وكانت ديته عىل عاقلته ،وال خالف أن هذا الفعل خطت
حمض ،وال خالف أن الواجب يف افطت املحض يف القتل الدية ،وأرا علىل العاقللة وعلىل
هذا فقس نظائره ،واختلف أهلنا يف حكم رجلني تعلقا بطريف حبل فانقطع احلبل وسلقط
الرجالن وماتا ،فقال اهلادي عليه السالم :جيب دية كل واحد ملنهام علىل عاقللة اآلخلر،
وقال املؤيد باهلل :يلزم كل واحد منهام نقف دية صاحبه ،ومحلا علىل قولله كلالم اهللادي
وقال بانه عرب عن القتل الواجب من الدية بالدية؟
قال أبو طالب :وهذا خالف الظاهر وال وجه لً النص والعدول إىل تتويل ةلالف
من غري داللة تدل عليه أو رضورة حتوج إليه ،وذكر أن ظاهر قول حييلى هلو اللذي كلان
يذهب إليه أبو العباس عليه السالم ،ونظريه هذه املستلة الفارسلان إذا تالقيلا واصلطدما
وماتا لزمت دية كل واحد منهام عاقلة اآلخر ،حكلي ذللك علن عليل بلن العبلاس ،علن
القاسم وامحدج بن عيسى ،وعىل قول املؤيد يلزم نقف دية كل واحد منهام عاقلة اآلخر.
وجه قول اهلادي (خرب) وهو ما روي عن عيل عليه السالم أنه قالك علىل كلل واحلد
منهام دية اآلخر ،وال ةالف له يف الثحابة فكان حلة.
(خرب) ولو أن شيخ ًا جامع امرأته فلكزته أو ضمته ض ًام شديد ًا أو فعلت بله ملا أشلبه
ذلك فامت فعليها ديته ةهي جتب عىل عاقلتها؛ ألرا قتلته قت ً
ال خطلت ،ذكلره اهللادي عليله
بديته عليها. السالم ،وقد بلغنا عن عيل أنه ق
(خرب) وروي أن عمر أرسل إىل امرأة مغيبة كان يدخل عليها فقالت :يلا ويلهلا ماهللا
ولعمر فبينام هي يف الطريق إذ فزعت فرضهبا الطلق فتلقت ولد ًا فقا ،القبي صليحتني
-355-
ثم مات فاستشار عمر أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فتشلار بعضلهم أن
ليس عليك يشء إنام أنت ٍ
وال ومؤدب وصمت عيل عليه السالم فتقبلل عليله فقلال :ملا
تقول يا أبا احلسن؟ فقال :إن كان قالوا برأهيم فقد أخطت رأهيم وإن كان قالوا يف هوا فلم
ينقحوا لك أن ديته عليك ألنك أنت أفزعتها فتلقته.
(خرب) وروي أن عمر بلغه عن امراة يشء فترسل إليها ففزعلت فتلقلت جنينل ًا فزعل ًا
فاستشار عمر فيها مجاعة من القحابة فقالوا :ال يشء عليك ألنك مؤدب ،فقال عيل عليه
السالم :إن كانوا جهلوا فقد أخطتوا ،وإن كانوا عرفوا فقد غشو ،فقال عملر :أقسلمت
عليك إال قسمتها يف قومك يعني عاقلة عمر وأرادبه ارم قومك؛ ألرم قريش فتلزم عمر
ال يؤدي إىل هذا أو مثله فإنله يكلون ضلامن ًا
الضامن فالتزمه ،دل ذلك عىل أت من فعل فع ً
وهذا أصل يقاس عليه ما أشبهه ،ويلحق بام تقدم من مستلة متللادين احلبلل واصلطدام
الفارسني واصطدام السفينتني إذا اصطدمتا وتلف ما يف كل واحدة منهام ضلمن اجملرو،
هلام القائمون بسريمها من املالحني وأصحاب املخاريق دون املال والراكب ،إال أن يعمال
مها أيض ًا مع املالحني فيدخالن يف الضامن هذا هو مذهب حييى.
قال أبو العباس عليه السالم :يضمن أصحاب كل واحدة ملا تللف يف األخلرى ملن
املال ،فتما النفوس التالفة فديتها عىل عواقلهم وهو ما حقله ملن ملذهب اهللادي عليله
السالم.
(خرب) وعن حممد بن كعب القرضي وعبداهلل بن عبيدة قاال :كان رجل منم األنقلار
يسني عىل بقرة فإذا فرغت من عملها أرسلها رتيل وكان لرجل من املهاجرين محار فلربط
محاره وألقى علفه ،قال الراقي :فترسل بقرته فلاءت إىل احلامر تتناول من علفله فرحمهلا
ونطحته بقررا فقتلته فاختقام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال :اذهبا إىل أيب
فققا عليه الققة فقال :العللامء جبلار وال يشء لقلاحب
بكر يق ي بينكام فتتيا أبا بكر ّ
احلامر فتتيا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرباه فقال :اذهبا إىل عيل يق يل بيلنكام
فتتيا علي ًا عليه السالم ّ
فققا عليه الققة فقال لقاحب :اربطت محار ؟ قال :نعم ،وقال
-356-
لقاحب البقرة :أرسلت بقرتك؟ قال :نعم ،قال :هذا ربط محاره وأنت أرسلت أغرم لله
محاره ،قال فتتيا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرباه فقلال(( :احلملدللهخ اللذي
جعل يف أمتي من يق ي هبذا القضاء)) دل ذلك عىل أن من ربط محاره أو دابته يف ملكله أو
هبيمته يف ملكه وأرسل إنسان هبيمته أو دابته ودخلت عىل ذلك املربو وهو يف ملك أهله
فعقرته كان مواله ضامن ًا وهو قريب من قول أيب حنيفة؛ ألنله يقلول إذا أرسللها يف غلري
ملكه فتصابت من فورها ضمن وهو خالف مذهب اهلادي إىل احلق.
وعن عيل عليه السالم قال :دخلت دار قوم بإذرم وعقر كلبهم فهلم ضلامنون وإذا
دخلت بغري إذرم فال ضامن عليهم ،دل ذلك عىل أنه إذا دخل علليهم بلإذرم فهلو غلري
متعد يف ذلك ،فإذا أكله كلبهم املعروف بالعقر فقد تعدّ وا بً حفظه عن أكلله فيللرون
جمرى من يقفه يف شارع من شوارع املسلمني يف أنه يكون ضامن ًا ،فتما إذا كان الكلب غري
معروف بالعقر مل يضمن أهله.
(خرب) لداللة قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :جر ،البري جبار ،واملعدن جبار،
والعلام جبار)) يريد أنه ال دية فيه وال أرش.
(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كلان يضلمن
صاحب الكلب إذا عقر رار ًا وال يضمنه إذا عقر ليالً ،دل ذلك عىل أن العقور إذا أرسلله
صاحبه رار ًا كان متعدي ًا يف إرساله؛ ألن مواله ال يفتقر إىل حفن الكلب له رار ًا فيضلمن
وإن كان جنى الليل فإنه ال يضمن؛ ألنه ال يكون متعدي ًا يف إرساله؛ ألن له أن يتحفن بله
لي ً
ال عىل نفسه وماله ،ودل افرب عىل أن من وقف دابته التي تعقلر يف شلارع ملن شلوارع
املسلمني فلنت بيدها أو رجلها أو بعضو منها أو صدمها ضلمن ملا حلدث منهلا؛ ألنله
يكون متعدي ًا يف ربطها يف الطريق.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :العللام جيلار ،والبألر جبلار،
والرجل جبار)) دل ذلك عىل أن ما كان غري معروف بالعقر من دابة أو هبيمة فلنت فإنله
ّ
ال ضامن عىل صاحبها إذا مل يكن معها ،ودل عىل أن البري إذا ارارت عىل األجلراء اللذين
-357-
حيفرورا فال ضامن عىل املستحفر ،وكذلك املعدن قياس ًا عىل البأر ،ودل عليله السلالم أن
الدابة أو البهيمة إذا جنت برجلها من دون تعد من صاحبها يف سريها فلال ضلامن عليله؛
ألنه غري متعد ،فتما إذا أسارها يف طريق من طرق املسلمني ير ًا شديد ًا وأعنقها عنق ًا عظي ًام
حتى نفحت برجلها حلارة فتصابت الغري أو جنت عليه كان صاحبها ضامن ًا؛ ألنه متعدّ
يف ذلك أال ترى أنه يمكنه التحفن بلتن يسلريها صلاحبها سلري ًا ه ّينل ًا وعلىل مهلل فتقلع
السالمة من ذلك.
(خرب) وروي أن ناقة بن الرباء بن عاقب دخلت حائط ًا فتفسدته فتتى النبي صلىل اهلل
أن عىل أهل املاشية حفظها بالليل وعىل أهل الزرع حفظه بالنهلار عليه وآله وسلم فق
وضمن أهل املاشية ما أفسدته ،ويف بعض األخبار ((وعىل أهل املاشية ما أفسدته لي ً
ال)) دل
ذلك عىل أن البهيمة أو الدابة إذا دخلت قرع قوم لي ً
ال فتفسداته ضمن أرباهبلا لقلاحب
الزرع ما أفسدت من قرعه وأنه ال ضامن عليه فيام أفسدته رار ًا؛ وألن النبي صىل اهلل عليه
وآله وسلم ملا ق عىل أهل املاشية بحفظها بالليل كان من مل حيفظهلا متعلدي ًا يف إرسلاهلا
فلزمه الضامن ،كام أن من أوقف دابة يف شارع من شوارع املسلمني فإنه يضمن ،فإن قيلل:
إن هذا احلكم هو حكم سليامن بن داود عليهام السالم وهو منسوخ يف كيعتنا لقول النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم (( :العلام جبار)) قلنا :هذه دعوى غري مسلمة ،بل هلذا احلكلم
غري منسوخ؛ ألنا قد بينا بثبوته أوالً ،وقوله العلام جبار ال يتناوله وإنام هو لظف حمتملل،
واملحتمل ال يوجب النسخ وتتويله إذا مل يلزم صاحبها حفظها ومل يكن معتدي ًا يف إرساهلا
وتر حفظها فيكون عام ًا وما ذكرناه من افلرب األول خلا بله؛ ألن العلادة يف املاشلية
حفظها بالليل كام العادة فيها أرا ال تربط يف طريق املسلمني فكام يضلمن ملا يكلون منهلا
رابطها يف طريق املسلمني كذلك يضمن ما يكون منها إذا أرسلها واملعنى أنه يكون كتعدي ًا
يف فعله.
(خرب) وعن أمري املؤمنني عليل عليله السلالم يف أربعلة يف الليمن اطلعلوا علىل قبيبلة
حفروها ليقطادوا سبع ًا فلام وقع فيها أسد اطلعلوا فيهلا فانحلدر واحلد وتعللق بلآخر
-358-
وكذلك االخر تعلق بآخر حتى سقطوا كلهم يف الزبية فلرحهم األسلد ،وقتلله بعضلهم
ل عليله السلالم أن فتراد أولياء الثالثة أن يطلبوا أولياء األول الذي جذب بلديتهم فق
يكون لوول ربع الدية؛ ألنه مات فوقه ثالثة وللثاين ثلثها ألنه مات فوقه اثنان ،وللثالث
نقف الدية ألنه مات فوقه واحد ،وللرابع دية كاملة ألنه مل يمت فوقه أحد ،وقال جتملع
من القبائل هذا القدر من الدية إذا رضيتم بام قضيت وإال فتتوا رسول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم ليحكم بينكم ،فتتوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فققوا عليه الققلة
فلام ذكروا له قضاء عيل عليه السالم أجاقه وأمضاه.
قال السيد أبو طالب :فإن أصحابنا ذكروا فيه أن علي ًا أوجب ذلك عن طريق القللح
فيام بينهم عىل طريق احلكم اجلزم بداللة أنه قال هلم :إن رضيتم به وإال فلتتوا رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم فلو كان حكم به حك ًام جزم ًا مل يشً فيه رضاهم؛ ألن احلكلم
ال يكون موقوف ًا عىل رضاء افقوم ،والنبي يقللم جيلوق أن يكلون أمضلاه علىل طريلق
القلح ،وقيل فإنه وإن ثبت وكان حك ًام كعي ًا جاق أن يكون منسوخ ًا ،وقيل :هذا افلرب
ضعيف ألنه رواية احلسن بن املعتمر وهو ضعيف ،قيل :فإن حلدثت هلذه احلادثلة اآلن
كان اجلواب فيها عىل أصل اهلادي عليه السالم أن األول تكون ديته من بيت املال نقلفه
عىل من مات باقدحام من الناس يف طريق أو مسلد كانت ديته من بيت املال ،ودية الثاين
عىل عاقلة األول؛ ألنه هو اجلار له ،ودية الثالث عىل عاقلة الثاين ،ودية الرابع علىل عاقللة
الثالث ،ذكر هذا املعنى املؤيد باهلل.
قال الناطق باحلق :أما إجياب دية األول يف بيت املال عىل اصل حييى عليه السالم فغلط
ٍ
ألحد يف قتله أو يكون عىل احلافر إن كان احلفلر يف بل جتب أن يكون دمه هدر ًا إذ ال صنع
موضع ال جيوق له أن حيفر فيه وال يشبه هذا من مات يف اقدحام الناس؛ ألنله ملات بقتلل
غريه له ،وإن كان ذلك الغري ال يتعني ،وحكى السيد أبو العباس رمحه اهلل تعاىل :وجه ًا يف
به أمري املؤمنني وهو أن األول لو مل يسقط فوقه ثالثة كانت ديتله علىل االجتهاد فيام ق
احلافركاملة فلام وقع عليه الثالثة كانت عليه ثالثة أرباع الدية ،إال أن سبب جنايلاهتم مللا
-359-
كان وقوعه من جهته بطل نقيب جناياهتم وهو ثالثة أرباع الدية التي كانت تلزمهم لو مل
جيذهبم فبقي له ربعها عىل احلافر ،وكذلك الثاين تكون ديته عىل األول الذي جذبله ،فللام
جذب هو االثنني اللذين وقعا بلذبه هلام صارت أثالث ًا وسقط ثلثا الديلة التلي اسلتحقها
فوجب له ثلث الدية عىل األول ،وكذلك الثالث تكون ديته علىل الثلاين ،فللام وقلع علىل
اآلخر الذي جذبه هو بطل نقيبه وهو نقف الديلة ،ووجلب نقلفها علىل الثلاين ،فتملا
الرابع فله الدية كاملة ألنه جمذوب عىل كل حال ،هذا ذكره أبو العباس.
-360-
باب مقادير الديات وكيفية أخذها
أما فهي أصناف إبل وبقر وشاء وذهب وفضة ويؤخذ كل صنف منها ملن أصلحاب
ذلك القنف نص عليه السالم يف (األحكام) وبه قال النارص للحق ،واملؤيد بلاهلل ،وقلال
القاسم بن إبراهيم األصل مائة من اإلبل وما عداها صلح.
وجه القول األول (خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليله
السالم أنه قال :يف النفس يف قتل افطت من الورق عرشة آالف درهم ،ومن الذهب أللف
مثقال ،ومن اإلبل مائة بعري ،ربع جذاع وربع حقلاق ،وربلع بنلات لبلون ،وربلع بنلات
ةاض ،ومن الغنم ألف شاة ،ومن البقر مائتا بقرة ،ومن احللل مائتا حلة.
(خرب) وروي عن عمر أنه جعل بمشهد من القحابة الدية علىل أهلل اللذهب أللف
دينار وعىل أهل الورق عرشة آالف درهم ،وعىل أهل البقر مائتي بقرة ،وعىل أهل الغلنم
أل َفي ٍ
شاة ،وعل أهل احللل مائتي حلة ،وما ذكره أمري املؤمنني عيل وعمر من احللل فكلل ْ
حلة ثوبان وإقار ورداء وال تسمى حلة حتى كون ثوبني إقار ورداء ،وف احلديث ((خلرب
الكفن احل ّلة)).
(خرب) وروي أن رفاعة بن السموءل اليهودي ُقتم َل بالشام فلعل عمر ديته ألف دينار،
ووجه قول القاسم عليه السالم.
(خرب) وروي يف كتاب عمرو بن حزم الذي كتب بتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله
وسلم هذا كتاب اجلرو ،،يف النفس مائة من اإلبل ،ويف العني مخسون من اإلبل إىل آخلر
ما ذكره ،وما رويناه عن عيل عليه السالم أن يف النفس مائة من اإلبل تؤخلذ أرباعل ًا ربلع
جذاع وربع حقاق ،وربع بنات لبون ،وربع بنات ةاض ،وهذا هو قول عيل عليه السالم
رواه قيد بن عيل وغريه ،ومل خيتلف يف أنه قوله وهو قول اهلادي يف (األحكام).
-361-
قال السيدان األخوا ريض اهلل عنهام :وهو القحيح املعمول عليه وإليله ذهلب املؤيلد
باهلل.
(خرب) وروي عن السائب بن يزيد عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ديلة
اإلنسان مخس وعرشون حقة ،ومخس وعرشون جذعة ،ومخلس وعرشلون بنلات لبلون،
ومخس وعرشون بنات ةاض)).
(خرب) ومثل هذا مروي أيض ًا عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سواء من غري قيلادة
وال نققان ،دل ذلك عىل ما ذكرناه ،ودل عىل أن دية الرجل واملرأة يف ذلك سواء يف أرلا
تؤخذ أرباع ًا؛ ألن اسم اإلسنان يشمل الذكر واألنثى ،ونص يف (األحكلام) علىل أن ديلة
املوضحة تؤخذ عىل هاذ الوجه أرباع ًا ،وما يذكر يف تغلين الدية بتن يقتل املقتول يف احلرم
أو يف األشهر احلرم او كان املقتلول ذا رحلم حملرم فقلد روي يف ذللك أقلوال علن آحلاد
ابن عبلاس فليمن قتلل يف عمر فيمن قتل يف احلرم بدية وربع دية ،وق القحابة فق
البلد احلرام يف الشهر احلرام بدية وثلثي دية فهذه األشياء املزيدة عىل الدية الرشلعية علىل
وجه العقوبة كام قاد عيل عليه السالم للشلارب للخملر يف رلار شلهر رمضلان عرشلين
جلدة ،وكام قاد عمر السارق الذي كذب عىل ربه عرشين درة أو ثالثني درة ،وقد ذكرنلاه
يف احلدود فهذه األشياء عقوبات وليست بديات كعية؛ ألن اهلل تعاىل قال:
(خللرب) {[} النسالالاء،]92:
وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يف النفس مائة من اإلبل)) فإطالق الديلة يف اآليلة
ذللك ال يقت ي التغلين؛ ألنه صفة قائدة عليها ،ويف افرب أوجب املائة ومل يفقل فاقت
أن الدية الرشعية ما ذكرناه ملن دون تغللين ،والتغللين علىل وجله العقوبلة هلتلك هلذه
املحرمات ال بتس فيه ولكل راسخ يف العلم فيه نظره ،ولسلنا نلذكر جلواق العقوبلة علىل
اجلملة ولكن البد يف تعيينها من داللة كعية غري أن التغلين ليس من الدية يف يشء وهلذا
يف اختلفوا يف مقداره وباهلل التوفيق.
-362-
فصل
وأما كيفية أخذ الدية فتؤخذ الدية الكاملة يف ثالث سنني يف كل سلنة ثلثهلا ،وتؤخلذ
نقف الدية يف سنتني ،يوؤخذ ثلثا الدية يف سنتني وكذلك ثالثة أثالث أربعاها ،وتؤخلذ
ثلث الدية يف نسة واحدة ،نص عىل ذلك يف (األحكام).
قال السيد أبو طالب :وهذا مما ال خالف فيه ،واألصل فيه أن عملر حكلم بلتن الديلة
تؤخذ يف ثالث سنني ووافقه سائر القحابة عليه ومل خيتلفلوا فيله ملع ظهلوره وانشلتاره
فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة ،فإذا ثبت أن الدية تؤخذ يف ثالث سنني يف كلل سلنة
ثلثها ثبت أن الثلث فيام دونه يؤخذ يف سنة واحلدة ،وأن النقلف يؤخلذ يف سلنتني؛ ألن
الثلث يؤخذ يف سنة واحدة والباقي وهو السدس يؤخذ يف سنة أخرى ،ثوبت أن الثلثلني
يؤخذ يف سنتني يف كل سنة ثلث الدية ،وكذلك ثالثة أرباع الدية يؤخذ يف سنتني؛ ألن كل
ثلث يؤخذ يف سنة ،والباقي وهو نقف السدس قد اعترب فيه أئمتنا عليه السالم أن ما كان
يسري ًا جعل تابع ًا لوكثر فتحلق به يف السنيتن.
قال القايض قيد :هذا قد اعتربخ السيد املؤيد باهلل ونص يف (األحكلام) علىل أن ملنم
لزمه ديات عدة أخذ كلها يف ثالث سنني.
قال أبو طالب :وهذا مما ال خالف فيه واألصل فيه ما ب ّيناه.
-363-
باب القسمة
فصل
-364-
(خرب) وروى عمر بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم
فرق ديته عليهم يعني اليهود وأعارم ببعضلها ،وقلنلا :وتكلون الديلة بعلد اليملني علىل
عواقلهم بان العمد مل يثبت عليهم وافطت وإن مل يثبت أيض ًا فتقلل أحلواهلم أن يشلبه ملا
يلزمهم بلناية افطت؛ ألن هذا أدنى ما يلزم ليلب أن يتحملها عواقلهم ،ودل ما ذكرنلاه
من األخبار عىل أنه ال فرق يف الدخول بني أرباب افطة وبني الساكنني فيها من مسلتتجر
ومشً بل تلزم القسامة مجيعهم؛ لن الظواهر مل تفقل وال خيرج من ذلك من احللارضين
غري مخسة أصناف عند أئمتنا عليهم السالم وهلم النسلاء والقلبيان والعبيلد واملللانني
واملرىض ،وخيرج من القسامة عندنا من كان غائب ًا من أهل املحلة وقت وجود القتيل.
(خرب) وروي أن قتي ً
ال وجد بني قريتني فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فلذرع
بينهام فوجد إحدامها أقرب إليه فتلقاه عىل أقرهبام.
ل بمشلهد (خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه أمر بذلك ،وروي عن عمر أنله ق
من القحالبة هبذا وال ةالف هلام فيه ،دل ذلك عىل صحة ما نقه اهلادي عليه السالم من
أن القتيل إذا وجد بني قريتني ومل ُيعلم أن قاتله من أهل أهيام قيس بني القريتني فتهيام كلان
أقرب إىل القتيل فالقسامة تلزم أهلها.
قال الناطق باحلق :قال أصحابنا فإن كانت القريتان عىل سوى يف القلرب ملن القتيلل
فالقسامة عليهام.
فصل
ولو وجد قتيل عىل باب أو يف ساحتها كانت القسامة عىل أهلها قد ذكلره حييلى عليله
السالم يف (األحكام).
(خرب) ورواه عن أمري املؤمنني عليه السالم.
-365-
فصل
ولو أن ميت ًا ودجد بني قوم ليس عليه أثر القتل واجلراحة فال قسامة علليهم وال ديلة،
نص عليه يف (املنتخب).
بالقسامة فيمن كلان قتلي ً
ال (خرب) وذلك ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إنام ق
فظهر عليه أثر القتل ،فتما من مل يوجد فيه أثر القتل واجلراحة فالظاهر أنه مات حتف أنفه
فال قود فيه وال دية وال قسامة ،وال تقح القسامة إال بعد ا ّدعاء أولياء القتيلل قتلله علىل
أهل اجلهة من دون تعيني واحد منهم أو مجاعة مع ّينني؛ لنه حق من احلقوق فال يثبلت إال
بعد ا ّدعاء وإن ادعوا قتله عىل قوم بتعيارم بطلت القسامة ،فإن أقلر امللدعي علليهم للزم
حكم القتل وإن أنكروا فعىل األولياء والبينى وإال فعىل املدعى عليهم اليملني كلام قلدمنا
بيانه يف الدعاوي ،وكذلك ذكر السيد أبو العباس أن القتيل إذا كان به رمق فقال قبل موته
دمي عند بني فالن وشهد عىل قوله عدالن من غري القبيلة التي وجد القتيل فيهلا بطللت
القسامة وال دية عليهم.
وأما بطالن القسامة فورا ال جتب كع ًا ومل يرد فيام هذا حاله.
وأما بطالن الدية فال جتب إال ببنية كسائر الدعاوي عىل ما تقلدم بيانله يف اللدعاوي،
وقد ورد يف أخبار القسامة.
(خرب) وهو ما رواه ابن أيب ليىل ،عن عبدالرمحن بن سهل بلن أب خييثملة أنله أخلربه
رجال كثري من قومه أن عبداهلل بن سهل وحميقة خرجا إىل خيرب فلتتى حميقلة فلتخرب أن
عبداهلل بن سهل قتل فطر ،يف بأر أو عني فتتى اليهود فقال هللم :واهلل لقتلتملوه ،فقلالوا:
واهلل ما قتلناه ،فتقبل حتى أتى عىل قومه فذكره هلم ثم أقبل هو واخوه حويقة وهو أكرب،
ويف بعض األخبار وعبلدالرمحن أخلو املقتلول فلذهب حميقلة يلتكلم فقلال رسلول اهلل
ملحيقة(( :الكرب الكرب)) يريد السن فتكلم حويقة ،ثم تكلم حميقة فقال رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يتذنوا بحرب)) فكتب إليهم رسلول
-366-
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فكتبوا إليه فقالوا :ال ،قال :حتلف لكم اليهود ،فقالوا :ليسوا
بمسلمني ،فوداه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنده فبعلث إلليهم بامئلة ناقلة،
وروي هذا افرب بلفن آخر رواه برش بن يسار بتنه أخربه سهل بن أيب خيثمة أن نفلر ًا ملن
قومه انطلقوا إىل خيرب فوجدوا فيها قتي ً
ال فقالوا للذين وجدوه عنلدهم :قتللتم صلاحبنا،
فقالوا :واهلل ما قتلناه وال علمنا له قاتالً ،فانطلقوا إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم
فقالوا :انطلقنا إىل خيرب فوجدنا أحدنا قتيالً ،فقال :أتتتون بالبينة عىل من قتله؟ فقالوا :ما
لنا بينة ،قال:أفيحلفون لكم؟ قلنا :ال نرىض بتيامن اليهود ،وكره رسول اهلل صىل اهلل عليله
وآله وسلم أن يبطل دمه فوداه بامئة من إبل القدقة ،دل افربان عىل أن رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم طلب البينة من املدعني فلام أخربوه أنه ال ب ّينة هلم قال :يلفون لكم ومل
يقل فيحلفون إذ مل يكن لكم ثم ب ّينة.
(خرب) وعن حممد بن عبدالرمحن القريض أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
أوجب البينة يف القسامة عىل املدعني يعني األنقار واليمني عىل املدعى عليهم؛ وألن قوله
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :البينة عىل املدعي واليمني عىل املدعى عليه)) عمومه يدل عىل
مكا قلناه ،ويف بعض األخبار أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كتب إليهم فكتبلوا:
إنا واهلل ما قتلناه ،فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم حلويقة وحميقة وعبدالرمحن(( :حتلفون
وتستحقون دم صاحبكم ،فقالوا :ال ،قال :حتلف لكم اليهود ،فقالوا :ليسوا بمسللمني))
فوداه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنده فبعث إليهم بامئة ناقة،
قال سهل :لقد ركضتني منها ناقة محراء ،وهذه األخبار متضمنة أن رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم ملا أمر أولياء الدم باستحالف اليهود وامتنعوا كره أن يبطل دمه فوداه
هذا يقت ي أن إمام احلق خيري بني أن ينفذ القسامة كام أنفذها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم إن ريض بذلك أولياء الدم وإن مل يرضوا دفع إليهم من أملوال الزكلاة للأال تبطلل
دماء املسلمني ،فإن قيل :إن افرب وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :البينة عىل املدعي
واليمني عىل املنكر)) وقلد روي فيله قيلادة وهلي :واليملني علىل املنكلر إال يف القسلامة،
-367-
فاجلواب أنه مل يقل إال يف القسامة فإنه ال يمني فيها عىل املدعى عليهم فلإذا صلحت هلذه
الزيادة فاللفن مطلق فهو حيتمل وجوه ًا ،منها إال يف القسامة فإنه حيلف فيهلا ملن مل ّ
يلدع
عليه بعينه ومنها إال يف القسامة فلإن امللدعى علليهم ال يلربأون بلاليمني لوجلوب الديلة
بعدها؛ ألرا القمة بوجود القتيلل فليام بيلنهم ،ويف سلائر اللدعاوي ال جتلب اليملني إال
بالدعوى ،وإذا حلف املدعى عليهم وسقط عنهم احللق وال يقلح أن يقلال إن العللة يف
وجوب القسامة هي التهمة؛ ألن ذلك يبطل بام قرره الرشع من وجوب القسامة عىل ملن
كان حارض ًا وقت وجود القتيل يف القربة واملحلة التي يوجد فيها ولو كان غري ملتهم وال
ظنني من عامل وقاهد متعبد بعيد عن التهمة بل هذه مقالح يستتثر اهلل تعاىل بلالعلم هبلا،
وال يقح أن يقال إن أخبار القسامة معارضة للمعلوم نحو قول اهلل تعلاىل { :
[} النجم ]38:ونحو ذلك هي أخبار آحاد فيللب سلقوطها؛ ألنلا لليس إجيلاب
الييمن عىل الذين وجد القتيل فيام بينهم عقوبة وال أن الدية واجبة عىل عواقلهم عقوبة بل
هذه مقالح قد علم اهلل ثبوهتا كام نطق القرآن بوجوب الدية يف قتل افطت وال ذنلب علىل
القاتل ول إثم يعاقب عليه ،وكذلك أمجع الكافة من علامء اإلسالم عىل وجوب دية قتلل
به الرشلع فلال افطت عىل عاقلة القاتل فتي ذنب للعاقلة يعاقبون بل جيب التسليم ملا ق
تثبت العلة إال بطريق يقت ي ثبوهتا وال يتكلف اإلنسان ما مل يعلم؛ ألن املالئكة صللوات
اهلل عليهم مع عظلم حلاهلم وارتفلاع درجلاهتم وكلورم بلتعىل درجلة ملن التفضليل يف
املخلوقني يروا نقق ًا يف أنفسهم إن قالوا :ال علم لنا إال ما علمتنا.
-368-
-369-
كتاب الوصايا
-370-
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يقومه وهلو يلوم العلاك ملن
املحرم ،وال يقح أن يقال :إن اجلواق يتبع الوجوب ملن حيلث أن كلل واجلب البلد أن
يكون جائز ًا؛ ألن اجلواق منفقل عن اجلواب بدليل النوافل جائزة وليست بواجبة ،ويدل
عليه الظواهر نحو قوله تعاىل[} { :النسالاء ،11:وقوله تعلاىل:
{[} النساء ،]12:وقوله عز قائالً { :
[}النسالاء ،]12:فتطلق سبحانه ذلك ومل يفقل بني أن تكلون الوصلية للوارث أو غلري
وارث؛ وألن افطاب إذا تناول أمرين فنسخ أحدمها ال يكون نسخ ًا آلخلر ،فكلذلك إذا
تناول افطاب حكمني اثنني فنسخ أحدمها ال يكون نسخ ًا آلخر ،والعلة أرام اثنان.
(خرب) وعن ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال جيوق للوارث
وصية إال أن يشاء الورثة)) دل ذلك عىل صحة الوصية وجواقها لللوارث إذا شلاء سلائر
الورثة؛ وألن الوصية يف ملك املوذ وإنام يتعلق هبا حق الورثة بعد موته فلم يمنع كبيلع
ما فيه الشفقة ،وألن الوصية للوارث فيام قاد عىل الثلث جلائزة إذا أجاقهلا بلاقي الورثلة
وإذا أوىص له بالثلث وجلب أن يكلون جلائز ًا ملن دون إجلاقهتم كالوصلية لوجنبلي،
واختلف العلامء يف األمر الناسخ واملنسوخ وهو مفقود هاهنا ،وقال قوم :إن الناسخ ملن
السنة هو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل قد أعطى كل ذي حلق حقله فلال
وصية لوارث)) يعني ترتيب اإلرث عىل الوصية ،وقيل أيض ًا ما معناه :ال وصية له فيام قاد
عىل الثلث ،وفائدة ذكر الوارث أن افنسان قد يفضل بعض ورثته بحسب ميله إليه فيؤدي
إىل الوحشة بني سائر الورثة فخلص اللوارث باللذكر وإن كلان غلريه فليام فلوق الثللث
مثلهلهذا الغرض.
قال السيدان األخوان :وهذا تتويل حييى بن احلسني فرب قيد بلن عليل عليله السلالم
وهذا هو األصل من الكتاب.
وأما السنة (فخرب) ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ملا حلق املرس
-371-
مسلم له يشء يوذ يف أن يبيت ليلتني إال ووصيته عنده)).
(خرب) وأوىص النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عليل وقلال(( :أنلت وصليي ،وقلايض
ديني)) وأوىص عيل عليه السالم إىل ولده احلسن عليه السالم وجعل إليه النظر يف صدقاته
ثم جعله من بعده إىل احلسني عليه السالم.
(خرب) وروى سفيان بن عيينة ،عن هشام بن عروة ،قال :أوىص إَّ الزبري سلبعة ملن
أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم منهم عثامن ،واملقداد ،وعبدالرمحن ،وابلن
مسعود كان ييحفن أمواهلم وينفق عىل أبنائهم ،وأوصت فاطملة الزهلراء إىل عليل عليله
السالم وجعلت إليه النظر يف وقفها فإذا مات عيل فإىل ابنيها عليهام السالم.
(خرب) وأوىص عمر إىل ابنته حفقة فإذا ماتت فإىل ذوي الرأي من أهلها.
وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه فإن اإلمجاع عىل جواق الوصية واستبحاهبا ظلاهر
إال يف الوارث فقد ب ّينا افالف فيه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :رفع القلم عن ثالثة)) افرب ،دل
ذلك عىل أن وصية القبي وامللنون غري جائزة واملراد به مطبق اجلنون فإذا كان يفيق يف
وقت صحة وصيته فيوقت إفاقته لثبوت عقله وال يقد ،فيام تقدم كام ال يقلد ،يف صلحة
وصية البال قوال عقله يف مدة كونه صغري ًا ،واختلف علامؤنا عليهم السلالم يف حتقليل
مذهب حييى عليه السالم يف وصية القبي املميز إاذ كان له عرش سنني هل تقلح وصليته
أم ال؟ فقللال املؤيللد بللاهلل قللدس اهلل روحلله :إن وصلليته صللحيحة ررجي ل ًا عللىل قوللله يف
(األحكام) كل من أوىص فوصيته جائزة إال أن يكون صغري ًا ال يعقل كابن مخس أو ست
أو سبع وما دون العرش قال :فحده أن يكون دون ابن العرش تنبيه ًا عىل أن ابن العرش جتوق
وصيته ،وذكر الناطق باحلق أن الوصية ال تقح إال من بال ،ومحلل قولله يف (األحكلام)
عىل أنه أراد ابن عرش يرجى منه االحتالم ،قال :وأظن أن العباس كان يلذهب إىل هلذا،
وجلله األول قللول اهلل تعللاىل { :
-372-
[}البقرة ،]180:اآلية ،وقوله تعاىل { :
-373-
عليهام السالم ،وكانت فاطمة ستلت علي ًا أن يتزوجها بعدها ففعل.
قال اهلادي عليه السالم بعد ذكر ما تقدم :فلام أشارت برأها للحسن واحلسني علليهام
السالم أجاقا وصيتها.
فصل
وال خالف أن ماال خياف منه املوت كعارض القداع أو رمد أو ابتداء محى أو للقوة أو
الفال عند انتهائه وطوله والسل يف ابتدائه فإن سبيله سبيل القحة ،ومعنى ها أن للعليل
بإحدى هذه العلل أن يترصف يف ماله بام شاء من هبة أو عتق أو نحومها فإذا كان امللرض
ةوف ًا بحيث خيشى عىل العليل منه أو كلان ملن األملراض املخوفلة ،كالطلاعون ،وذات
اجلن،ب والقولن ،والرعاف الدائم ،واإلسهال املتواتر ،ونحلو ذللك فلإن حكلم أولله
وآخره سواء وهو أنام أوىص به وقطعه يف احلل من هبة أو عتق او نحومها فإنله يعتلرب فيله
الثلث فام قاد عليه كان موقوف ًا عىل إجاقة الورثة واختلفوا يف احلامل ،فقال حييلى :هللا أن
تترصف يف ماهلا بام أحبت يف أول احلمل فإذا جاوق محلها ستة أشهر مل جيز يشء من ذللك
إال الثلث ،وقال املؤيد باهلل :حكمها حكم القحيح ما مل يرضهبا الطلق وقلد روي ذللك
عن أيب العباس.
(خرب) وحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن من يقدم للقتل
ققاص ًا او رمج ًا فحكمه حكم املريض يف أنله ال جيلوق ملن وصليته إال الثللث ،وقلال يف
(األحكام) :وكذلك املحارب ما مل يبارق عدو ًا ومل يقافه ،ومل يباك قتاالً ،فإذا انتهلى إىل
هذه احلالة مل جيز مما يفعله إال الثلث ،والعلة يف مجيع ذلك أنه انتهى إىل حالة خيشلى معهلا
املوت.
-374-
فصل
تعاىل { : قال اهلل
[} الممتحنة.]8:
(خرب) وروي أن صفية أوصت ألخيها وهو هيودي بثالثني ألف ًا فاجاقه املسلمون ،دل
ذلك عىل جواق وصية املسلم للذمي ،وهو الذي نص عليه يف (األحكام) وكلذلك جتلوق
الوصية للحريب املستتمن ،ذكره الناطق باحلق قياس ًا عىل الذمي.
فصل
قال اهلل تعاىل[} { :النسالاء ]141:دل ذلك عىل
أنه ال جيوق للمسلم أن يوذ إىل ذمي ،وألن الوصية والية واملي غلري ملؤمتن عليهلا وال
بثقة ،وألرم ال يستحلون أموالنا فال جيوق الركون إليهم يف أموال اليتامى ،قال اهلل تعاىل:
{[} آل ومرا.]75::
-375-
باب ما يجوز من الوصية وما ال يحوز
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لو أن رج ً
ال عبد اهلل ستني سنة،
ثم ختم وصيته برضار ألحبط الرضار عبادته ثم أدخله النار)) دل ذلك عىل أن كل وصية
ةالفة للرشع النبوي ومقتضية لتفضل بعض الورثة عىل بعض أو إلخلراج امللال مضلارة
ال عن احلق ،وجتنب َا للرشع ال جيوق ،وأرا من الكبائر لذلك أحبطت العبلادات
للورثة ومي ً
الواجبة.
(خرب) وعن عامر بن سعد ،عن أبيه ،عن سعد بن مالك قال :مرضت فتتلاين رسلول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يعودين فقلت :يا رسول اهلل إن َّ ماالً كثري ًا وليس يرثني إال
ابنتي ف ُتوذ بامَّ كله ،ويف بعض األخبار بثلثي ماَّ؟ قال(( :ال)) قلت :فالنقف؟ قلال:
((ال)) .قلت :فالثلث؟ قال(( :الثلث والثلث كثري إنك إن تً ورثتك أغنياء خري لك من
أن تًكهم عالة يتكففون الناس)) دل ذلك عىل أن له أن يوذ بثلث ماله ولليس للورثلة
نقضه ورده؛ ألنه ال حق هلم فيه.
ويدل عليه (خرب) وهو ما قدمناه وهو أن اهلل تعاىل جعل الثلث يف آخر أعامركم قيادة
يف أعاملكم ،دل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروى قيد بن عيل أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :لليس للقاتلل
وصية)) وقد رواه قيد بن عيل موقوف ًا عىل عيل عليه السالم.
(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال يقاد والد بوللده
وال يشء للقاتل)) دل ذلك عىل أن الوصية للقاتل باطلة.
قال املؤيد باهلل :إن قتله عمد ًا فالوصية له باطلة ،وإن قتله خطلت فالويلة لله صلحيحة،
ذكره ملهب حييى عليه السالم ،وفرق املؤيد باهلل عىل مذهب حييلى بلني أن تكلون اجلنايلة
-376-
متقدمة عىل الوصية وبني أن تكون متتخرة عنها؛ ألنه نص يف (املنتخب) عىل أن رج ً
ال لو
رضب بالسيف يبعد أن يكون قال ويبد أن يكون املراد به املخطئ؛ ألن الرضب بالسليف
يبعد أن يكون خطت فإجاقة الورثة إنام هو لتقدم اجلناية.
قال األخوان :فإن أوصال لرجل ثم جرحه املوىص له فعفا املللرو ،فعلىل اللوجهني
جيب أن ال تقح وصيته؛ ألنه قد أبطلها اجلراحة والعفو ال يعيدها إال أن تستتنف الوصية
فيقح عىل قول من يثبتها إذا تقدمت اجلناية.
قال املؤيد باهلل :ولو أجاق الورثة الوصية له فاألقرب أن ال جتوق إجلاقهتم علىل أصلل
حييى عليه السالم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :إن اهلل أعطاكم ثلث أملوالكم
يف آخر آجالكم قيادة يف حسناتكم)) دل عىل أن مسل ًام لو أوىص لذمي بمقحف أو دفلً
فيه ذكر الرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم تقح الوصية عىل اصل حييى عليه السالم؛
ألنه ليس من احلسنات ،ودل عىل أن الوصية للحرب يباطلة؛ ألرا ليست من احلسنات.
قال عيل بن العباس :أمجعوا عىل أن الوصية للحرب باطلة حكاه عنه يف (الوايف) وألنا
قد أمرنا يف آية السيف بقتلهم حيث وجدناهم وأخذهم وحرصلهم وان نقعلد هللم كلل
مرصد فال معنى للوصية له ،ألرا تنايف ذلك ،وأفضل القدقات ما يوذ به اإلنسلان يف
حال حياته وخيرجه قبل وفاته ،بدليل افرب وهو ما رواه أبو هريرة قلال ُسلأل رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم :أي القدقات أفضل؟ قلال(( :أن تقلدق هبلا وأنلت صلحيح
شحيح تتمل الغنى ورشى الفقر ،وال متهل حتى إذا بلغت احللقوم)) قلت :فالن كذا.
فصل
والذي ينبغي ملن حرض الرميض فرآه حييف يف وصيته أو اسشتاره فيها وفهلم منله أن
رغضه أن حييف فيها أن ينهاه كام ذكرناه يف خرب سعد بن مالك ولقول اهلل تعاىل{ :
-377-
[}النساء ،]9:جاء يف التفسري أن من حرض املريض فرآخ حييف عىل ولده أن يقول له
باملك كله. اتق اهلل وال تو
فصل
قوله تعاىل { :
[}آل ومرا ،]118::دل ذلك عىل أنه ال جتوق الوصية إىل كافر يف حق املسللم؛ ألنله
غري م تمون علىل أملواهلم ،ويلدل عليله قولله علز وعلال { :
[} التوبة ]10:وال تقح الوصية إىل العبد وال إىل القبي وال إىل
امللنون؛ ألن هؤالء ال والية هلم علىل أنفسلهم فلون ال يكونلوا والة علىل غلريهم أوىل
وأحرى؛ وألنه الحظت للميت وال ألطفاله يف نظرهم وقهلذامل تثبت هلم الواليلة كعل ًا
قوول اهلل تعاىل[} { :هالود ،]113:يدل علىل أنله ال
جتوق الوصية إىل الفاسق؛ ألن ذلك يكون ركون ًا إليه يف تنفيذ وصلية امليلت وحفلن امللال
لليتيم ،وقوله تعاىل[} { :الحجرات ،]6:يدل عىل
املنع من اإليقاء إىل الفاسق وقوللنا إن الوصية ال جتوق إىل الفاسق امللاهر ،فتما الفاسلق
من جهة التتويل فلسنا نبطل كفاءته يف النكا ،كامتقدم ونقبل خربه الذي نلعله أصل ً
ال يف
األحكام الرشعية إلمجاع القحابة ريض اهلل عنهم عىل قبول أخبار البغاة عىل أمري املؤمنني
وإمجاعهم حلة ،فإذا ثبت ذلك جاقت الوصية إليه وال يبطلها فسقه من جهة التتويل.
فصل
قال اهلل تعاىل { :
-378-
[} البقالرة ،]220:دل ذلك عىل أنه ليس لللوذ أن يبيلع لويتلام
شيأ ًا من أموالعم إال عن رضورة وحاجة عىل سبيل الغبطة فإن باع عىل غلري هلذا الوجله
كان هلم أن ينقضوا البيع إذا بلغوا وهو الذي نص عليه اهلادي يف اجلامعني ،وبه قال السيد
املؤيد باهلل ،ودلت اآلية عىل أنه جيوق ةالطة اليتيم يف الطعام إذا كان يتكل مثل الذي خلط
له من طعامه أو فوقه؛ ألنه قد مفي مؤنة الطحن وإنلا ،الطعام مطحون ًا مفروغ ًا منه وال
خالف يف جواقه عىل هذا الوجه.
فصل
قول اهلل تعاىل[} { :الالنجم ]39:أي ثوابه ،ويدل عىل مجيع ما
يفعله احلي عن امليت من وجوه الرب من احل والقدقة والعتق فهلو للحلي اللذي يفعلله
دون امليت إال أن يكون امليت أوىص به نص يف األحكام عىل هذا املعنى ،وذهب املنقلور
باهلل إىل أن ما يفعله الولد من وجوه الرب للوالدين مما مل يوصسيا به فإنه يلحقهام ثوابه ومها
ةقوصان من سائر األقارب وهو أوىل ،ويدل عىل ذلك.
(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إذا مات ابن آدم انقطلع عملله إىل
عن ثالث :صدقة جارية ،أو علم ينتفع به ،أو ولد صالح يدعو له)).
ويدل عليه (خرب) وهو أن سعد بن عبادة خلرج ملع رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم يف بعض مغاقيه فامتت أمه فقيلل هللا :أوذ ،فقاللت :فليم أوذ؟ إن امللال ملال
سعد،ف توفيت قبل أن يقدم سعد فلام قدم ذكر ذلك له فقال سلعد :يلا رسلول اهلل هلل
ينفعها أن يتقدق عليها؟ فقال :رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :نعم)) فقال سعد:
حائط كذا وكذا صدقة عليها بحائط سامه قوله عليها أي عنها ،ويدل عليه أيض ًا.
(خرب) وهو ما روي أن امرأة من خثعم ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن
احل عن أبيها فتذن هلا فقالت :أينفعه ذلك؟ قال(( :نعم .كام لو كان عن أبيك ديم فقضيته
-379-
نفعه)).
(خرب)وروى ابن عباس أن رج ً
ال قال لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أن أمله
توفيت فينفعها أن أتقدق عنها؟ قال(( :نعم)) قال :فإن َّ ةرف ًا فتشهد اين قد تقدقت
بلله عنهللا ،قللال اهلل تعللاىل { :
[} الحشالر ]10:اآلية .فتثنى اهلل عليهم عىل دعائهم إلخوارم ملن
املؤنني ،يودل ذلك عىل أن الدعاء هلم مستحب ًا ومندوب ًا ،يزيده وضوح ًا.
(خرب) وهو ما رواه اهلادي بإشسناده إىل عيل عليه السالم قال :إن الرجل ليكون بلار ًا
بوالديه يف حياهتام قيموتان فالال يستغفر هلام فيكتبه اهلل عاق ًا ،وإن الرجل ليكون عاق ًا هللام
يف حياهتام فيموتان فيستغفر هلام فيكتبه اهلل بلار ًا ،وعللم أن الوصلايا علىل رضبلني وصلية
بواجب ووصية بغري واجب ،فالوصية بغري الواجب نحو ما يوذ بله امليلت ملن أنلواع
القرب النافلة ال يثبت إال بالوصية ،وال جيب إخراجه إال من الثللث وملا قاد علىل ذللك
يكون موقوف ًا عىل إجاقة الورثة ،فإن أجاقوه جاق وإن مل جييزوه مل جيز ،وإن أجاق بعضهم
دون بعض ثبت يف حقة من أجاق القدر الذي خيقه لو أجاق اجلميع ،والوصية بالواجب
رضبان:
أحدمها :ما خيرج من رأس املا لكالزكاة فإرا واجبة من مجيع املال أوىص هبا امليت أو مل
أو اجزهتا الورثة أو مل جتز ،وكذلك األمخاس ،وكذلك النذور املطلقة واملظامل وبيت يو
املال ،هكذا مذهب حييى عليه السالم ،وذكر الناطق باحلق بمذهب حييى عليه السالم أرا
من الثلث ذكره يف التحرير ،واألول أوىل ألن أحد ًا قبله مل يفقله بينها وبني الزكلاة ذكلره
املؤيد باهلل،
والرضب الثاين :ما كات من الوصايا متعلق ًا وجوبه بالبدن ،ثلم انتقلل إىل امللال علىل
سبيل التبع والبدل وهو ثالثة أمور :احل الواجب ،وكفارة القالة إذا أوىص هبا ،وكفارة
القيام ،فهذه ال جتب إال بالوصية وال جتب إال من الثلث وحكمها حكم الوصية بالنفلل
يف أوجه:
-380-
أحدها :أنه إذا كان عىل امليت دين يستغرق مجيع ماله بطلت الوصية باجلميع منها.
وثانيها :أن ما أوىص به من أنواع القرب النوافل تشًتك هي وهذه األمور الثالثلة يف
الثلث وتزاحم الثلث ويقسط بينها إذا مل تقع إجاقة فيام قاد عليه.
وثالثها :أرا مجيع ًا تتعلق بثلث ما يبقى من املال بعد إخراج ملا خيلرج ملن رأس امللال
فيكونوا كتنه هو النال كله.
ورابعها :أرا ال جتب إال بالوصية.
فتما كفارة القالة فال أعرف أحد ًا من علامئنا يقول بتنه جيب اإليقاء هبا فهي نفل عىل
هذا األصل ،وذكر يف (الكايف) أنه إمجاع.
،عن أبيه قلال :جلاءين رسلول اهلل صلىل اهلل (خرب) وعن عامر بن سعد بن أيب وقا
عليه وآله وسلم عام حلة الوداع من وجع اشتد يب فقللت :يلا رسلول اهلل قلد بلل ملن
الوجع ما ترى وأنا ذو مال وال يرثني إال ابنتي أفتقدق بثلثي ماَّ؟ قال رسول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :ال)) قلت :فالشطر؟ قال(( :ال)) ثم قال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :الثلث والثلث كثري إنك إن تذر ورثتك أغنياء خري لك من أن تذرهم عاللة
يتكففون الناس ،وإنك إن تنفق نفقة تبتغي هبا وجه اهلل ال أجرت جحتى ملا جتعلل يف يف
امرأتك)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ابتغلوا يف أملوال اليتلامى ال
تتكلها القدقة)) وروي أن عمر دفع اليتيم مضاربة ،ومثله عن ابن عملر ومل يلرو خالفله
عن غريمها.
وروي أن أمري املؤمنني عيل عليه السالم كان وصي ًا يف مال بني أيب رافع فلام بلغوا دفعه
إليهم وأخرج توقيعه فقالوا :إنا نلدده ناقق ًا ،فقال :احسبوا قكاته ،فحسلبوا فلتتوا وملا
نققه سواها ،فدل عىل أنه كان خيرج قكاته ،وقد قيلل :إنله ال خلالف يف أن األب خيلرج
قكاة مال ولده وكذلك وصيه؛ ألن أولياء اإلخراج عندنا هم املترصفون يف ملال القلغري
-381-
وهم األب ثم وصيه فعهو عند اهلادي أوىل من جده ،ثم اجلد ،ثلم وذ اجللد ،ثلم إملام
احلق أو من ييل من قبله ال غري.
فصل
قول اهلل تعلاىل { :
(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ال صدقة وذو رحم حمتاج)).
(خرب) وروى سلامن بن عامر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :صلدقتك
عىل املساكني وعىل ذوي الرحم اثنتان صدقة وصلة)) يدل ذللك علىل أملن أوىص بيشلء
للفقراء من غري واجب وله أب فقري جاق أن يعطيه الوذ منها ،وهو ملذهب اهللادي إىل
احلق.
-382-
فصل
قلللول اهلل تعلللاىل { :
[} األنفال ]41:اآلية .وملا نزلت هذه اية قسم رسول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم سهم ذي القربى عىل بني هاشم وهاشم هو اجلد الثاللث ،ومللا نلزل قلول اهلل
تعاىل[} { :الشالعراء ]214:دعا رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم بني هاشم فتنذرهم ،فدل ذلك عىل أن من أوىص ألقاربه فإنه يرصف إىل أقاربه من
قبل أب يه وأمه؛ ألن اسم القرابة يشملهم ودل عىل أن القرابة حكم حيتص من يقلرب علىل
هذا احلد فاعتربنا االنتساب إىل اجلد الثالث؛ ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطى السلهم
وبلني صلىل اهلل عليله
املستحق بالقرابة من ينتسب معه إىل األب الثالث وهم بنو هاشمّ ،
وآله وسلم أن من بعد عن األب الثالث وهم بنو املطلب إنام أعطاهم للنرصلة ال للقرابلة
بيانه. كام م
فصل
ويستوي يف ذلك الذكر واألنثى؛ ألن اسم القرابة جيمعهم ويستوي فيه الغني والفقري؛
ألن سمة القرابة تعمهم ويدخل فيه الولد وولد الولد يف كتاب افمس؛ ألن النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم ملا نزل[} { :الشعراء ]214:دعا فاطمة عليها
السللللالم فتنللللذرها قللللول اهلل تعللللاىل { :
[}النساء ]11:دل ذلك عىل أن من أوىص بثلث ماله لولد فالن دل فيه بنوه وبناته؛
لن اسم الولد يعمهم مجيع ًا ،فإن كان له بنات وبنو ابن فالوصية لبناته دون بني ابنه.
(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه قال :ليس حي من العرب أحرى أن يموت الرجل
منهم وال يعرف له وارث منكم معرش مهدان وإذا كان كذلك فليضع مالله حيلث أحلب
وال يعرف فيه خالف ،دل ذلك عىل أن ملن ملات وال وارث للع فلتوىص بلميلع مالله
-383-
صحت وصيته بلميعه.
فصل
قللول اهلل تعللاىل[} { :النسالالاء ،]12:وقوللله{ :
[} البقرة ،]181:دل ذلك عىل أن الوصلية
تقخ باملنافع والغالت كام تقح باألعيان؛ ألن ما ذكرناه عام يف مجيع ما ذكرناه.
(خرب) وعن عائشة قالت :يا رسول اهلل ما حدّ اجلوار؟ قال(( :أربعون دار ًا)) فدل ذلك
عىل أن من أوىص بيشء جلريانه فإنه يرصف إىل جرانه يف أربعني دار ًا من مجيع اجلوانب.
(خرب) وعن عائشة أرا قالت :يا رسلول اهلل ،إن َّ جلارين فلإىل أهيلام أهلدي؟ قلال:
((أقرهبام منك باب ًا)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :إذا اجتملع اللداعيان فتجلب
أقرهبام باب ًا فإن أقرهبام باب ًا أقرهبم جوار ًا)) دل ذلك عىل أن من أوىص بيشء ألقرب جريانه
أنه يكون ألقرب جريانه باب ًا منه.
فصل
األرملة يف اللغة من ال قوج هلا ،واألرمل الذي ال قوج له ،وقيلل إلن ذللك ال جيلوق
ذكره أهل اللغة.
(خرب) وعن ابن عباس قال :قدمت عري عىل املدين فاشًى منه النبلي صلىل اهلل عليله
وآله وسلم متاع ًا فباع فربح أواق من فضة فتقدق هبا عىل أرامل بني عبداملطلب ثم قال:
((ال أعةد أن أشًي بعدها شيأ ًا وليس ثمنه عندي)) قيل :وإنام أراد بذلك النساء من بنلي
عبداملطلب ومل يرد الذين ال حتل هلم القدقة ،وإنام سميت أرملة لشيأني:
-384-
أحدمها :فقد عهد الزوج.
الثاين :فقد عهدها للامل ،فإن كان هلا قوج ينفق عليها فليست أرملة ،وإذا كان هلا مال
وفقدت قوجها فليست أرملة لوجود ما يمنعها من هلذه القلفة ،دل ذللك علىل أن ملن
أوىص بيشء ألرامل لبني فالن أخرج ذلك أن اللوايت فقدن الزواج واملال هلن بوالل إذا
كن حيقني وإن كن ال حيقني أخرج يف الفقريات منهن ،فإن قيل :فإن الرجل قلد يسلمى
أرمل ،ودليله قول الشاعر:
فمن حلاجة هذا األرمل الذكلر هذي األرامل قد قضيت حاجتها
قلنا :هذا جماق واألول حقيقة ،وحل افطاب عىل حقيقته هو الواجب وال حيمل معها
عىل امللاق أو عىل امللاق دورا إال بقرينة وهي مفقودة هاهنا فثبت بذلك ما ذكرناه.
فصل
ومن أوىص أليتام بني فالن دخل فيهم من ال أب له وال يدخل فيه بال لقلول النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال يتم بعد احتالم)) ويقال لليتيم من الطيور من فقد أبويه أو
أحدمها؛ ألرام مجيع ًا يزقانه ،واليتيم من السباع من فقد أمه وليس هذا مما نحن فيه وسلائر
نوادر الوصايا وتفقيالهتا قد ب ّيناه يف كتا التقرير بحمد اهلل تعاىل.
-385-
-386-
كتاب الفرائض
{ :أما الكتاب فاآليات املذكورات يف سهام الفرائض كقول اهلل عز وجل
والكاللة اسم ملا عدا،]13-11:}[النساء
ً الوالد والولد ملا روي أن رج
ال ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم علن الكالللة؟
(( أما سمعت اآلية التي نزلت يف القيف يستفتو قل اهلل يفتيكم يف الكاللة ملن مل:فقال
ورواه أيض ًا عن عيل عليه،لً ولد ًا وال والد ًا فورثته الكاللة)) رواه اهلادي عليه السالم
السالم فتوىل اهلل تعاىل قسمة السهام بني أهلها وب ّينهلا وفرضلها ولليس بيانله بيلان وهلو
.معلوم جممع عليه بني أهل اإليامن
-387-
وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فليام رواه ابلن مسلعود( :تعلملوا
الفرائض وعلموها الناس فإن امرؤ مقبوض وإن العللم سليقبض ،وتظهلر الفلتن حتلى
خيتلف االثنان يف الفريضة فال جيدان من يفقل بينهام)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال:
((تعلموا القرآن وعلموه الناس ،وتعلموا الفرائض وعلموها الناس ،فإن العلم مقبلوض
وإن امرؤ سيقبض ،وتظهر الفتن حتى خيتلف االثنان يف الفريضة فال جيلدان ملن يفقلل
بينهام)).
قال اهلادي عليه السالم :بلغنا عن بعض الرواة أنه قلال :ملن تعللم القلرآن فليلتعلم
الفرائض وال يكن كرجل لقيه أعرايب فقال له :يا مهاجر تقرأ القرآن؟ فقال :نعلم ،فقلال
له :إن إنسان من أهل بيتي مات وقص عليه فريضته فإن حدثه فهو تعليم قيضه اهلل تعلاىل
وقيادة قاده اهلل فإن مل قال :فبامذا تفضلون يا معرش املهاجرين.
وأما اإلمجاع فذلك ظاهر بني املسلمني.
(خرب) وملا قتل مقعب بن عمري وليس له إال نمرة واحدة قال الراوي :وهلو خبلاب
فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجله وإذاغطينا رجله خرج رأسه فقال النبي صىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :غ ّطوا هبا رأسه واجعلوا عىل رجليه من األذخر)) النمرة-بفتح النون وكرس
امليم وفتح الراء -بردة ةططة ومجعا نمرات ونامر ،دل ذلك عىل أنه يبدأ من ماله بام حيتاج
إليه يف نفسه من أجرة غسله وأجرة محله ومن حيفر له ،وثمن البقعة إن احتي إليها ،وثمن
عليه بخرب النمرة وسلائر حنوطه ،ومثن كفنه أو ما احتي إليه من ذلك الكفن ،منقو
ما ذكرناه إذا احت إليه مقيس عىل الكفن وهو إمجاع العًة الكرام ،وهو قول غريهم من
مجاهري علامء اإلسالم ،ثم يبدأ بعد ذلك من ماله بنفقة من يلزمله كعلدة قوجتله ومؤنتهلا
وكسوهتا يف مدة العدة عىل ما تقدم بيانه ،ثم ررج ديونه بعد ذللك لقلول اهلل تعلاىل{ :
-388-
ل (خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أال ال وصية وال مرياث حتى يق
الدين)) واإلمجاع منعقد عىل وجوب تقديم الدين عىل الوصية املتعلقة بالثلث ،وإذا ثبلت
ذلك فالدين عىل رضبني :دين املالك معني ،ودين ملالك غري معلني ،فاللذي ملاللك معلني
نحو مهور املنكوحات وأجرة املستتجرات ،وقيم املتلفات ،وأثامن املبيعات املبتاعات ،وما
جرى جمرى ذلك من سائر املعامالت.
وأما الذي ملالك غري معني فتعشار ،والزكوات ،والفطرة ،واألمخلاس ،وبيلت امللال،
واملظامل ،والنذور املطلقة ،وكفارة اليمني باهلل ،وكفارة القتل ،وكفارة الظهار ،فهذه األمور
تتعلق برأس املال أيض ًا ،فتما كفارة القالة والقليام واحلل إىل بيلت اهلل احللرام فرضل ًا
ونافلة ،وكذلك ما يوذ به امليت من سائر القرب فإن ذلك يتعلق بثلث املال الباقي بعلد
إخراج ما تقدم ،وقد قدمنا حكم ذلك مفقالً.
(خرب) وروي يف خرب افثعمية أرا قالت لرسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم :إن
فريضة احل أدركت أيب شيخ ًا كبري ًا أفتح عنه؟ قال(( :أرأيت إن كلان علىل أبيلك ديلن
ل)) .روي خلرب آخلر يف فقضيته أكان ينفعه؟ قالت نعلم .قلال :فلدين اهلل أحلق أن يق
افثعمية أيضا أرا قالت لرسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم :إن فريضلة اهلل يف احلل
أدركت أيب وهو شيخ كبري أفتح عنه؟ فقال(( :أرأيت لو كان علىل أبيلك دبلن فقضليته
أكان جيزي عن أبيك؟ قالت :نعم .قال :فدين اهلل أحق)) دل ذلك علىل أن امللال إذا قرصل
قرر ثبوت حق
عن احلقوق التي ررج من رأس املال وجب البداية بحق اهلل تعاىل؛ ألنه قد ّ
املخلوقني ،ثم قال(( :فدين اهلل أحق)) وهو رأي املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليه السالم،
لدين اهلل ،وامحد النارص بن اهلادي :أن الًكة إذا كانت ال تفي باحلقني وعند حممد املرت
قسطت الًكه بني احلقني ،وذكر الشيخ أبو جعفر يف (اجلامع الكايف) أن هذا هو ملذهب
حييى عليه السالم ،ويمكن أن يقال يف نرصة هذا القول أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
فقرر وجوب حق بني بقوله(( :أرأيت لو كان أبيلك
قاس حق اهلل تعاىل عىل حق اآلدميني ّ
ل ذللك دين ،ثم قال :فدين اهلل أحق)) فدل ذلك عىل ثبوت احلقني مجيعل ًا يف امللال فاقت
-389-
وجوب إخراجهام مجيع ًا وال يمكن مع قلة املال إال بالتقسيط ،فوجب بوجوب إخراجهام
مجيع ًا ،وعند قيد بن عيل عليه السالم أنه يقدم حق اآلدميني وديورم عىل حلق اهلل تعلاىل،
وبه قال السيدان األخوان.
وأما الوصية افارجة من الثلث فقد قدمنا حكمها مفق ً
ال يف موضعه.
-390-
باب تعيين أسباب الميراث
وهو رضبان :أنساب وأسباب وهو إمجاع األمة ،واألنساب ثالثلة وهلم ذو السلهام،
والعقبات ،وذوو األرحام.
قال السيدان األخوان :وهذا مما ال خالف فيه ،وذوو السلبب رضبلان :عقلد نكلا،،
ووال ،والوالء رضبان :والء عتاق ،ووالء مواالة ،واألعىل يف والء العتالق ووالء املواالة
يرث األسفل ،واألسفل فيهام ال يرث األعىل.
-391-
باب تعيين العلل المانعة عن الميراث
وهي ثالثة :اختالف امللتني ،والقتل عىل ما نبينه ،والرق.
أما اختالف امللتني (خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم بإسناده إىل النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم(( :ال يتوارث أهل مليتن)) واملراد بذلك ما عدا املرتد فلإن لله حكل ًام
آخر وسنبينه إن شاء اهلل تعاىل.
وأما القتل فيدل عليه (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال:
((ال يرث القاتل شيأ ًا)) رواه ابن عباس ،ونفقل الكالم يف ذلك فنقلول :إذا قتلله عملد ًا
ظل ًام بغري حق وهو وارثه فإنه ال يرث من ماله وال من ديته لظاهر افرب وهو إمجاع ،وأملا
إذا قتله عمد ًا بحق كالعدَّ يقتل الباغي عىل بغيه أو من يقتله ققاصل ًا بحكلم احللاكم أو
بحدّ بإذن اإلمام إذا قتل أباه أو ابنه ققاص ًا أو رمج ًا فإنه يرث عىل كل حال وهو ةقو
من افرب بإمجاع األمة ،وأما من قتله خطت فإنه ال يرث من ديته.
قال املؤيد باهلل عليه السالم :وال خالف أحفظه يف أن القاتل عملد ًا ال يلرث ملن ديلة
املقتول ،وأما من املال فريث قاتل افطت منه عند أئمتنا عليهم السالم ،ووجهه أنه مل يقتلله
ظل ًام فوجب أن يرثه ،دليله العدَّ إذا قتل الباغي.
وأما الرق فإن العبد ال يملك شيأ ًا وإن ملكه الغري شيأ ًا فقل ملكه مواله؛ ألنه املاللك
له وملا يف يده.
قال اهلادي عليه السالم :ال يرث حر مملوك ًا وال مملوكل ًا حلر ًا مثالله أن يملوت العبلد
وخي ّلف بنني أحرار ًا أو يموت أحدمها وخيلفه عبد ًا.
قال حييى عليه السالم :ألرم إذا ورثوه فقد أخذوا مال سيده ،وإن ورثهم أبوهم فقلد
أخذ سيده ماهلم وهو قول أئمتنا عليهم السالم ،وهو قول مجاهري العلامء من غريهم.
-392-
فصل
وأما مرياث املرتد (خرب) فروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السلالم أنله كلان يسلتتب
املرتد ثالث ًا فإن تاب وإال قتله وقسم مرياثه بني ورثتله املسللمني ،وهلو رأي األكثلر ملن
السادة عليهم السالم ،واملرتد ال يرث أحد ًا اإلمجاع سواء كان عىل ملته أو عىل غري ملتله،
وسواء كان الذي هو عىل ملته مرتد ًا مثله أو غري مرتد فعىل هذا ال تلوارث بلني املرتلدين
ملة واحدة. عن اإلسالم وإن ارتدوا إىل ٍ
-393-
باب ميراث ذوي السهام
باب السهام كل من له سهم مفروض يف كتاب اهلل تعاىل ،أو يف سنة رسلوله صلىل اهلل
عليه وآله وسلم.
أما السهام املفروضة يف كتاب اهلل تعاىل سبع عرشة فريضة ونحن نذكر ما ذكره اهلادي
عليه السالم وفقله يف هذه الفرائض السبع عرشة فمنها فريضة اإلبنلة وذللك قلول اهلل
تعاىل[} { :النسالاء ]11:فريضة البنتني أو البنات الثلثان وذلك
قول اهلل تعاىل[} { :النسالاء ،]11:وفريضة الواللدين
السدسان وذلك قول اهلل سلبحانه وتعلاىل { :
[} النسالاء ،]11:وفريضة األم أيض ًا الثللث وذللك قلول اهلل
سبحانه وتعاىل[} { :النسالاء ،]11:وفريضة األخت النقف وذلك
قللول اهلل تعللاىل[} { :النسالالاء،]176:
وفريضلللة األختلللان الثلثلللان وذللللك قلللول اهلل سلللبحانه { :
[} النساء]13:
ويف قراءة بعض القحابة وله أخ أو أخت من أم ،فحملها القحابة عىل كون ذلك تفسري ًا
له من النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إذ القراءة متخذوة عنه ،وفريضة اللزوج ملع الوللد
الربع ،وفريضته إن مل يكن هلن ولد فإن كان هللن وللد النقلف ،وذللك قولله سلبحانه:
{
[}النساء ،]12:وفريضة الزوجة الربع إذا مل يكن للزوج ولد ،والثمن مع الولد وذلك
-394-
قوله سلبحانه { :
[} النسالاء ،]12:فهذه ثالثة عرشل فريضلة آيلات مفقلالت يف الكتلاب
الكريم ويلحق أربع يف الكتاب مذكورات عىل اجلملة:
األوىل فريضة األوالد وذلك قوله تعلاىل { :
[}النساء.]11:
والثاين :فريضة األب إذا مل يكن وللد وذللك قلول اهلل سلبحانه { :
[} النساء ،]11:فلم يعني يف هذا املوضع مرياث األب وال سامه.
مللرياث األخ مللع أختلله وذلللك قوللله سللبحانه { : والثالثللة:
[}النسالاء ، ]176:وفريضة األخوة واألخلوات وذللك قولله سلبحانه { :
[} النسالاء ،]176:ألن األخوة قد بني حكمهلم يف آيلة
الكاللة.
وأما الفرائض املذكورة يف السنة فهي التي قد عدّ ها اهلادي عليه السلالم ورواهلا علن
رسول اهلل وذكر أنه مما امجع عليه وهي فريضة بنت االبن النقف إذا مل يكن ولد ،وفريضة
بنات االبن الثلثان إذا مل يكن ولد ،وفريضة بنت االبن مع االبنه للقلب السلدس ،قلال:
ل فيهلا وهي من الفرائض التي رووها عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله ق
بذلك ،وفريضة بنات االبن مع االبنة للقلب السدس تكملة الثلثني ،وذلك مملا أمجعلوا
عليه ،وفريضة األخت ألب النقف ،وفريضة األخوات ألب الثلثان ،وفريضة األخوات
ألب مع األخت ألب وأم السدس تكملة الثلني ال ينظر يف ذلك إىل عددهن واحدة كانت
أو أكثر ،وفريضة اجلد مع الولد السدس الختالف فيه عنلدنا ،وفريضلة األم ملع اللزوج
واألب ثلث ما يبقى بعد فريضة الزوج وهو نقف املال ،وفريضلة األم أيضل ًا ملع امللرأة
واألب ثلث ما يبقى من بعد الربع للزوجة.
(خرب) وروى اهلذيل بن كحبيل ال ما لفظه :جاء رجل إىل أيب موسلى وسللامن بلن
-395-
ربيعة فستهلام عن بنت وبنت ابن وأخت فتجاباه بتن للبنلت النقلف ولوخلت النقلف
و ْأ م
ت عبداهلل فإنه سيتابعنا فتتى عبداهلل فقال :إين قد ضللت إذاأ وما أنا من املهتدين يعنلي َ
بله رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم للبنلت إن اتبعتهام ثم ألقضني بينهام بام ق
النقف ،ولبنت االبن السدس تكملة الثلني ،وما بقي لوخت ،وهذا هو مذهب اهللادي
عليه السالم.
(خرب) وروى جابر بن عبداهلل قال :جاءت امرأة سعد بن الربيلع إىل رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم فقالت :يا رسول اهلل هاتان ابنتا سعد قتل أبومها معك يلوم ُأحلد ومل
عمهام ماالً إال أخذه فام ترى يا رسول اهلل فواهلل ال تنكحان إال وهللام ملال؟ فقلال
يدع هلام ّ
رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :يق يل اهلل يف ذللك)) فنزللت سلورة النسلاء:
{[} النساء ،]11:فقال رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم(( :ادعوا َّ االمرأة وصاحبها فقال لعمهام :أعطهام الثلثلني وأعلط امهلام
الثمن وما بقي فلك)) فدل افرب األول عىل أن للبنلت الواحلدة النقلف ،والبنلة االبلن
السدس تكملة الثلثني ،وأن األخت مع البنت عقبة تتخذ الباقي ،ودل هذا افرب عىل أن
للبنتني الثلثني ،ودل الكتاب الكريم عىل أن البنات إن كن فوق اثنتني فلهن ثلثلا ملا تلر
فإن تر بنت ًا وبنتي ابن وابن ابن فللبنت النقف وما بقي فهلو بلني ابلن االبلن وإختويله
للذكر مثل حن األنثيني فإن تر ثالث بنات ابن بعضهن أسفل من بعلض وأسلفل ملن
البنات غالم فللعلياء النقف وللتي تليها السدس ،والباقي بني السلفىل والغلالم لللذكر
مثل حن األنثيني ،فإن تر ثالث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض مع كل واحدة أختها
وأسفل من السفىل غالم فللعلياء وأختها الثلثان ،وما بقي فإن الغالم يلرده علىل السلفىل
وأختها والوسطى وأختها ويكون ذلك بينهن وبينه للذكر مثل حن األنثيني ،ذكره اهلادي
عليه السالم ،وهو قول عيل عليه السالم ،وبه قال عبداهلل بن عباس ،وعبداهلل بن مسعود.
(خرب) وروى قبقة بن ذؤيب قال :جاءت اجلدة إىل أيب بكر تستله مرياثها فقال هلا أبو
بكر :ليس لك يف كتاب اله يشء وما علمت لك يف سنة رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
-396-
وسلم شيأ ًا فارجعي حتى استل الناس ،فستل عنها فقال املغرية بن شعبة :حرضت رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطاها السدس ،فقال أبو بكر :هل معك غري ؟ فقام حممد
بن مسلمة األنقاري فقال مثلام قال فتنفذه هلا أبو بكر ،ثم جاءت اجلدة األخرى إىل عمر
بله إال لغلري ، فستلته مرياثها فقال :ما لك يف كتاب اهلل يشء وما كان القضاء الذي ق
وما انا بزائد يف الفرائض شيأ ًا ،ولكن هو ذلك السلدس ،فلإن اجتمعلتام فيله فهلو بيلنكام
وأيكام خلت به فهو هلا ،ونفقل هذا الكالم فنقول وباهلل التوفيق :أما اجلدة أم األم فهخي
من ذوات األرحام وال يشء هلا مع أحد من ذوي السلهام وال ملن العقلبات ،وكلذلك
حكم اجلدة التي هي أم األم.
قال الناطق باحلق :كل جدة أدرجت أ ّما بني أبني أو أب ًا بني أ ّمني فهي سلاقطة ال تلرث
مع أحد من اجلدّ ات نقيبهن هو السدس ،فتما اجللدة أم أب امل فقلد نلص اهللادي عليله
السالم عىل أرا ال ترث.
قال السيد الناطق باحلق :وهو قول عيل عليه السلالم ،وأملا اجللدة أم أب األب فقلد
روى ما ذكرناه قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السلالم ،وبله قلال مجهلور
القحابة.
وأما اجلدات اللوايت من ذوي السهام فإرن يشلًكن يف السلدس نحلو اجللدة أم األم
واجلدة أم األب ،وكذلك لو تر جدّ تيه أم أب أبيه وأم أم أمله اشلًكت كلل جلدتني يف
السدس والباقي للعقبة ،وكذلك لو تر جدّ ته أم أم أمه وجدته أم أب أبيه وجدته أم أم
األب فإرن يشًكن مجيع ًا يف السدس فيكلون بيلنهن أثالثل ًا والبلاقي للعقلبة وإن كلان
بعضهن أسفل يف الدرج أسقطت السفىل العلياء.
فصل
وأما األب إذا كان مع الذكر من الولد أو الولد أو لود الولد فحكمه أنه يرث بالتسهيم
-397-
السدس فقط ،فتما مع الولد فهو نص الكتاب وحكم وللد الوللد حكلم الوللد يف ذللك
باإلمجاع وحكم اجلدّ حكم األب يف ذلك باإلمجاع بني أهلنا ،واملراد به أنه إذا كلان الوللد
وولد الولد ذكر ًا فإن كان الوللد أنثلى ورث احلاصلل ملن األب أو اجللد معله السلدس
بالتسهيم وما بقي بعد فرض األنثى وبعد السدس بالتعقيب وهو اتفاق العلامء كافة عىل
ما ذكره السيد الناطق باحلق يعني إمجاع من يورث العقبة مع البنت ،وقلد قلدمنا احلللة
عىل ذلك بخرب امرأة ابن الربيع ،وأما إذا مل يكن أحد من الولد وال ولد الولد ال ذكلر ًا وال
أنثى وخ ّلف امليت إخوته وأباه أو أخوته وجد ّه اختلف أحواهلام ،أملا إذا تلر األب ملع
اإلخوة فإنه يسقطهم ويتخذ املرياث كله دورلم وهلذا نلذكره يف العقلبات إن شلاء اهلل
تعاىل.
وأما اجلد فإذا تر امليت جده أبا أبيه وأختويه ألبيه وأمه أو ألبويه فلاملروي علن عليل
عليه السالم أنه كان يعطي األختوين الثلثني ويعطي اجلد الباقي هكذا جاء عن عيل عليله
السالم أنه كان يعطي األختوين الثلثني ويعطي اجلد البلاقي ،وإن تلر أختل ًا ألب وأم أو
ألب وجد ًا أعطي األخت النقف وأعطي اجلد الباقي هكذا جاء عن عليل عليله السلالم
فدل ذلك عىل أن اجلد ال يقاسم اإلناث من األخوات إذا انفردن عن الذكور من األخلوة
وأنه يكون عقبة يتخذ الباقي فإن كانوا ذكور ًا أو ذكور ًا وإناث ًا فهي حالة املقاسمة ومعنى
ذلك أن اجلدّ يقاسمهم ما مل تنققه املقاسمة عن السدس فإن نققته عنه كان له السلدس
فإن تر أختوين ألب وأخ ًا ألب وجد ًا كان لوختوين الثلثان والثللث بلني اجللد واألخ
ألب نقفان ،وإن تر أخت ًا ألب وأم وأخ ًا من األب وجد ًا كان لوخت النقف والباقي
نقفان بني األخ ألب وبني اجلد ،هذا كله هو مذهب اهلادي إىل احلق وهو املشلهور علن
عيل عليه السالم يف مجيع ذلك ،وقوله املتبع املتخوذ به عندنا.
-398-
باب العصبات
قد ذكرنا يف الباب األول حالة األب مع األخوة وأنه بسقطهم ويتخذ املال كله وهوق
ول اهلادي وأتباعه العًة الكرام وذلك ألنه يلدَّ بنفسله ويلرث هبلا ملن دون واسلطة،
واألخوة ال يرثون بتنفسههم وإنام يدلون بله ويعلقلون بسلببه فللذلك كلان أوىل ملنهم،
والعقبة هم كل ذكر ينتسب إىل امليت بنفسه كالبنني واألب إذا انفردا أو بذكر نحلو بنلي
البنني واجلد ونحوه األخوة وبني األخوة واألعامم وبنلي األعلامم إذا كلاتنوا ألب وأم أو
ألب ومن جرى جمرى هؤالء وهذا حقيقة العقبة من الذكور ،فتما العقبة ملن اإلنلاث
فهن البنات مع البنني وبنات البنني مع بني البنني واألخوات مع األخلوة أو ملع البنلات
ّ
ذكر هذا املعنى اهلادي إىل احلق.
أما العقبات فتقرهبم االبن ثم ابن االبن وإن سفل نص عليه اهلادي.
قال الناطق باحلق أبو طالب :وهو إمجاع وألن اهلل تعاىل فرض فرض ًا لوب ملع الوللد
وحكم ولد الولد يف ذلك حكمه باإلمجاع وهلذا جعلنا األب عقبة مع عدمهم ثلم األب
ملا ب ّيناه وهو نص اهلادي وهو إمجاع ،ثم اجلد أب األب وإن عال وال يسقط األخلوة عنلد
أمري املؤمنني عيل عليه السالم وإنام جعلناه أقرب العقبات بعد األب ملزيتني:
إحدمها :أنه ال يسقط إال مع األب واألخوة يسقطون مع األب ومع البنني وبني بنيهم
وإن سفلوا.
والثاين :أنه يتخذ السدس إذا كانت املقاسمة ك ًا له من السدس فلهاذ قلنا هو اقلرب
العقبات ،ثم األخ ألب وأم ثم األخ ألب ،ثم ابلن األخ ألب وأم ،ثلم ابلن األخ ألب،
نص عليه اهلادي يف (األحكلام) وقلال السليدان األخلوان :بنلو األخلوة ألب وأم وبنلو
األخوة ألب أوىل بالتعقيب ممن مل يلدهم أبو امليت؛ ألن العقبة من أوالد األب حيلبون
هاهنا هو اإلسقا ،ثم العم ألب وأم ،ثم العم ألب ،ثم ابن العم ألب وأم ،ثم ابن العم
ألب ،نص عليه يف (األحكام).
-399-
عم األب ألب وأم ،ثم عم األب ،ثم
قال السيد أبوطالب :وهذا مما ال خالف فيه ،ثم ّ
ابن عم األب ألب وأم ،ثم ابن عم األب ألب ،ذكلره يف (اللوايف) مللذهب اهللادي عليله
السال م ،واألعامم وبنوهم وإن سفلوا أوىل من أعامم األب؛ لن األعامم وبنيهم هم بنو اجلد
وأعامم األب ،وهم بنو أب جلد وأوالد اجلد وهم األعامم وبنوهم ثم عىل هذا الًتيب.
قال السيد أبو طالب :وهذا مما الخالف فيه ،فعىل هذا ال يرث بنو أب أبعد مع وجود
بني أب أقرب منهم ثم موىل العتاق بعد عقبات النسب ،ثم عقبات املوىل علىل ترتيلب
عقبات النسب ،وال خالف يف أن عقبات العبد املعتق أوىل باملال من امللوىل؛ ألن امللوىل
وعقباته أبعد العقبات.
وأما العقبات من اإلناث فقد ذكرنا أرُن البنات ملع البنلني وبنلات البنلني ملع بنلي
البنني ،واألخوات ألب وأم مع األخوى ألب وأم ،أو األخلوات أب ملع األخلوة ألب
فهؤالء للذكر منهم مثل حن األنثيني فهذا واضح ،ومنهم األخلوات ملع البنلات فلإرن
عقبة ،وهو املروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم وسائر القحابة غري ابلن عبلاس،
ذكره األخوان ريض اهلل عنهام ،واألصل فيام قدمناه يف خرب اهلذيل بلن يحبيلل يف بنلت
فيها عبداهلل بتن للبنت النقلف والبنلة االبلن السلدس تكمللة وبنت ابن وأخت فق
الثلثني والباقي لوخت ،ورواه عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
فينا معاذ بن جبل عىل عهد رسول اهلل (خرب) وروى إبراهيم عن األسودي قال :ق
صىل اهلل عليه وآله وسلم يف امرأة تركت بنتها وأختها للبنت النقف ولوخت النقف.
فصل
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :احلقوا الفرائض بتهلها فام بقلي
فهو ألوَّ رجل ذكر)) رواه ابن عباس ،ويف خرب آخر ((وما بقي فووَّ عقلبة ذكلر)) دل
عىل حكمني:
-400-
أحدمها :عىل ثبوت مرياث العقبات يف اجلمةل.
والثاين :عىل أنه إذا اجتمع يف امللال ذو سلهام وعقلبة أعطلي ذوو السلهام سلهامهم
والباقي ألقرب العقبات عىل الفتقيل الذي قلدمناه فلإن مل يبلق يشء بعلد فلرض ذوي
السهام فال يشء للعقبات ويدخل يف ذلك مستلتان:
األلوى :من تر ابني عم ألب وأم وأحدمها أخ من أم ومها يف درجة واحدة فإن لوخ
من األم سدس الًكة والباقي نقفان بينه وبني اآلخرين ،هذا هو قول أمري املؤمنني عليل
عليه السالم ،وقال عبداهلل :املال البن العم الذي هو أخ.
قال اهلادي إىل احلق عليه السالم :والقواب عندنا ما قاله أملري امللؤمنني عليل بلن أيب
طالب عليه السالم.
الثانية :املستلة املشًكة وهي يف املرأة هلكلت وتركلت قوجهلا وأمهلا وسلتة أخلوة
متفرقني فلوم السدس ولوخوين من األم الثلث وللزوج النقف ويسقط األخلوة ألب
وأم واألخوة ألب يف قول أمري املؤمنني عليه السالم.
قال اهلادي عليه السالم :وهذا مملا أمجلع عليله ،علن عليل عليله السلالم ،وروي ملن
احتلاجه عىل صحة قوله أنه كان يقول :أنا ال أقيد عىل الثلث الذي هللم يف القلرآن وللو
كانوا مائة -يعني ولد األم -كذلك ال أنققهم ،ويقول :لليس لوخلوة ملن األب واألم
سهم مفروض إنام هم كالغانم مرة يتخذ ومرة ال يتخذ فإن فضل يشء علن ذوي السلهام
أخذو ه وإال فال يشء هلم ،واختلف الرواة عن عبداهلل بن مسعود وقيد بلن ثابلت فلروى
قوم عنهام ارام أككا بني األخوة ألب وأم وبني األخوة ألم يف الثلث وقاال :مل يزمها األب
إال قربى فلذلك سميت املشًكة ،وروي نحو ذلك عن عبداهلل بن عبلاس ،وعلن عملر،
وروى آخرون عنهم مجيع ًا أرم مل يرشكوا بني األخلوة واحتللوا بلتن السلهام املسلامة يف
القرآن قد استغرقت املال كقول عيل عليه السالم ،واملستلة حادثة يف عرص القلحابة كلام
روي عن حكيم بن جابر قال :اتوفيت منا امرأة فًكلت قوجهلا وأمهلا وأخوهتلا ألمهلا
-401-
وأبيها وأخوهتا ألمها فتتوا علي ًا عليه السالم فتتى بلام قلدمنا ذكلره وتسلمى أيضل ًا هلذه
املستلة احلامية؛ ألنه حكي عن ولد األب وامل ملا مل حيقل هلم يشء أرم قالوا :هبو أن أبانلا
كان محار ًا أليس أمنا وأمهم كانت واحد ويلحق بذلك املستلة العثامنية وهي يف رجل مات
وخ ّلف أم ًا وأخت ًا ألب وأم وجدة فلوم ولوخت النقف والباقي لللد وهو السلدس،
وهذا هو قول عيل عليه السالم بناء عىل أصله أن اجلدّ ملع األخلت عقلبة وأن األخلت
يفرض هلا مع اجلد.
قال السيد أبو طالب :وسميت العثامنية؛ ألن عثامن ال يعلرف لله قلول خيلتص بله يف
الفرائض إال هذه فإنه قال قسم املال بينهم أثالث ًا من غري أن يكون له أصل يبني عليله ملا
قاله ،وعند بت عباس ،وأيب بكر :لوم الثلث ،والباقي لللد بنلاء علىل أصللهام أن اجللد
بمنزلة األب ،وعند ابن مسعود قال :لوم السدس ولوخت النقف ،والباقي لللد بنلاء
عىل أصله أن األم ال تفضل عىل اجلد ،ويف قول قيد بن ثابت :لوم الثللث ،والبلاقي بنلي
األخت واجلد للذكر مثل حن األنثيني بناء عىل أصله أن اجلد يقاسم األخت ،والقلحيح
عندنا ما قاله عيل عليه السالم؛ ألنه معقوم وألنه باب املدينة ،وألنه مع احللق والقلرآن،
واحلق والقرآن معه ،هكذا جاء يف احلديث علن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
وتفقيل املسائل يف كتب الفرائض املبسوطة فإن الفرائض نوع من انواع العلم وتعليمهلا
واجب ملا ذكرناه من افرب يف أول كالمنا.
-402-
عليه السالم ،وذكر أنه مبني يف كتاب (األحكام) قال :وال خالف يف أن من استثنيناه منهم
هم ذوو األرحام.
فصل
اختلف علامؤنا عليهم السالم يف توريث ذوي األرحام فمنع منه القاسم بلن إبلراهيم
عىل ما حكاه املؤيد باهلل ،وبه قالت طائفة ،ومنهم من قضة بتوريثهم وهم اهلادي إىل احلق
وأسباطه ،وبه قال قيد بن عيل ،والسيد أبو عبداهلل اللداعي ،والسلادة اهللارونييون ،وأبلو
العباس ،واألخوان عليهم السالم ،وبه قال من القحابة أمري املؤمنني عيل عليه السلالم،
وعمر بن افطاب ،وعبداهلل بن مسعود ،وأبو اللدرداء يف آخلرين وهلو القلحيح عنلدنا
ووجه قول اهلل تعاىل[} { :األنفال ،]75:وهذه اآلية ناسخة
جلميع اآليات التي قبلها يف اللتالوة والنلزول املوجبلة للملرياث بلاهللرة؛ ألرلم كلانوا
يتوارثون قبل نزول هذه اآلية باهللرة ،وكان األخوان إذا أسلام فهلاجر أحلدمها فلامت مل
يرثه أخوه الذي مل هياجر؛ ألن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم آخلا بلني القلحابة
فكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت هذه اآلية ،فلتمجع املفرسلون مجيعل ًا علىل أرلا ناسلخة
للمواريث باهللرة فدلت هذه اآلية عىل أن ذوي األرحام بعضهم أول بلبعض ،فوقعلت
املواريث بعد ذلك عىل حسب ما تقدم ذكره ،وقد قدمنا ترتيب املرياث بني ذوي السلهام
والعقبات ،وبني العقلبات فليام خيقلعهم وأن كلل ذي سلهم يتخلذ سلهمه فلام بقلي
فللعقبة ،وأن العقبة يسقط األقرب منهم األبعد إال اجلد فإنه أقلرب ملن األخلوة فلال
يسقطهم يف قول عيل عليه السالم وهو القحيح عندنا ،وكذلك حيلب األم ملن الثللث
إىل السدس الولد وولد االبن واالثنان من األخوة فقاعد ًا كام ذكرناه فيام م ،وافالف
يف حلب األم عن ابن عباس والنارص للحلق عليله السلالم ،أملا ابلن عبلاس فيقلول ال
حيلبها من افوة إال ثالثة و حيلبها االثنان ،وأما النارص للحق عليه السالم فإنه ذهب إىل
أنه ال حيلبها من األخوة مل أحدوترث مع األخوة ألم الثلث وهلو قلول طائفلة ،واألول
-403-
أوىل لقوله تعاىل[} { :النسالاء ،]11:فعم لوم يفقل فاقت
ذلك ما ذكرناه وعندنا أنه يسقط أوالد األم ذكور ًا كانوا أو إناث ًا الولد ووللد الوللد ذكلر ًا
كان أو أنثى ،واألب واجلد أب األب وإن عال ،ووجه ذلك إمجاع القحابة فإرم أمجعلوا
عىل أن مجيع أوالد األم يسقطون مع أربعلة وهلم األب واجللد أب األب والوللد ووللد
الولد ،ذكره الناطق باحلق قال :وال خالف فيه بني علامئنا عليهم السالم إال ما ذهب إليله
النارص للحق من أن اجلد ال يسقط األخوة ،وأنه جيري اجلد جمرى األخوة سواء.
قال املؤيد باهلل وإمجاع القحابة عليه السالم ما ذكرناه حلة.
قال السيدان األخوان :وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليله السلالم
أنه كان يورث أخ ًا ألم مع جد وإذا ثبت ذلك فاعلم أنه ال يرث أحد ملن ذوي األرحلام
مع وجود أحد من ذوي السهام إال الزوج والزوجة ،وال يرث أحد منهم مع وجود أحلد
من العقبات ،فإذا مل يبق غريهم كانوا أوىل باملال لظاهر اآلية التي قدمناه وملا روي.
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إنام افالة أم)).
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :افلال وارث ملن وارث لله)) معنلاه
افال وارث من ال وارث له سواه ،وورد يف بعض األخبار ((افال وارث من ال وارث له
يرثه ويعقل عنه)).
فصل
وأما كيفية توريث ذوي األرحام قهم يرثون عندنا بالتنزيل فينزلون منزلة من يمتون به
إىل امليت فيلعل هلم ما يكون ألولأك لو كانوا أحياء ويرفعون يف التوسط إليهم ،ذكر هذا
املعنى يف (األحكام) وإىل ذلك ذهب أسباطه من العًة الكرام ،وبه قال قيد بن عيل وأبلو
عبداهلل الداعي ،والسادة اهللارونييون ،أبلو العبلاس ،واألخلوان ريض اهلل علنهم ،ورواه
هؤالء عن عيل عليه السلالم ،وهلو إمجلاع القلائلني بتوريلث ذوي األرحلام ملن أعيلان
-404-
القحابة منهم عيل عليه السالم ،وعمر ،وابن مسعود ،وأبو الدرداء ،وروي أن عملر بلن
افطاب أعطى املنذر مرياث خاله ألنه ابن أخته.
قال املؤيد باهلل :وهذا رصيح يف توريث ذوي األرحام فإرم رووا عن القحابة املقدم
ذكرهم أن من مات خ ّلف ّ
عمته وخالته فللعمة الثلثان وللخالة الثلث ،فال خيلو القحابة
أن يكونوا قالوا ذلك؛ ألرم راعوا القربى أو ألرم أعطوا كل واحلد ملنهام نقليب ملن
أدلت به عىل التنزيل فاألول باطل؛ ألن قرهبام قرب واحد إذ العملة أخلت األب وافاللة
أخت األم ،ولو راعوا القربى لقالوا :املال بينهام نقفان فلم يبق إال أرم راعوا التنزيل.
وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليله السلالم أنله قلال( :بنلت األخ
بمنزلة األخ وبنت األخت بمنزلة األخت) رواه السيد الناطق باحلق ،وروى املؤيد بلاهلل،
عن عيل عليه السالم نحو هذا.
قال املؤيد باهلل :وهذا هو التنبيه عىل القول بالتنزيل ،قال :وإن شأت القياس يف العملة
وافالة قلت ملا ثبت أن للعمة نقيب األب وللخالة نقيب األم باإلمجاع يعني أنه إمجلاع
القائلني بتوريث ذوي األرحام وجب أن يكون لكل ذي رحم نقليب ملن يملت بله إىل
امليت قياس ًا عليه السالم العمة وافالة بع ّلة أنه ذو رحم ،ذكر هذا السيدان األخوان ريض
اهلل عنهام.
فصل
وإذا ثبت أن ذوي األرحام ال يرثون إال بالتنزيل فال خيلو حاهلم أن يكون بينهم وبلني
من يدلون به إىل امليت وسائط من ذوي األرحام أو ال يكون ،إن مل يكن بيلنهم وبلني ملن
يدلون به وسائط كان حكمهم حكم ملن يلدلون بله فليام بيلنهم يف امللرياث ،واحلللب،
عمتله
ّ واإلسقا ،والتعقيب ،واملشاركة ،والعول ،والر ّد ،مثاله ما ذكرنلاه يف ملن تلر
وخالته فإن العمة أخذت نقيب األب وهو الثلثلان وأخلذت افاللة نقليب األم وهلو
-405-
الثلث ،ولو تر بنت أخيه ألبيه وأمه وبنت عمه كان املال لبنلت أخيله دون بنلت عمله؛
ألنك ترفع بنت األخ إىل األخ وبنت العم إىل العم فكتنه تر أخ ًا وعل ًام كلان امللال للوخ
جون العم وهذا هو مذهب اهلادي إىل احلق عليه السلالم وعلىل هلذا فقلس يف سلائر ملا
ذكرناه.
فصل
وإذا كان بينهم وبني ما يدلون به وسائط مل خيل حلاهلم أن يكونلوا مسلتويني يف علدد
الوسائط أو يكون بني بعضهم وبني يدَّ به الوسائط أكثر مما بني اآلخر وبني من يلدَّ بله
فإن كانوا مستويني كان احلكم ما تقدم وإن كان بني بعضهم وبني الوارث الذي يلدَّ بله
من الوسائط أكثر مما بني اآلخر وبنني من يدَّ به كان املرياث ملن كان أقل وسائط ويسقط
األخري ألنك إذا رفعتهام درجة درجة وصل األقل وسائط إىل من يلرث بله قبلل وصلول
اآلخر إىل من يرث به؛ ألن قليل الوسائط يقل قبل كثريها إىل ذي سهم أو عقبة فينزلله
منزلته فيكون أوىل ممن ينزل منزله ذي رحم كام أن ذا السهم والعقلبة أوىل بلاملرياث ملن
ذي الرحم وهذا واضح ،وكذلك احلكم إذا كان منهم من بينه وبني من يلدَّ بله واسلطة
ومنهم من ال واسطة بينه وبني من يدَّ به كان املرياث للذي ليس بينه وبني ملن يلدَّ بله
بواسطة دون اآلخر ملثل ما قدمناه هذا كله هو قول اهلادي عليه السالم.
فصل
واعلم أنه ال يفضل اتلذكر من ذوي األرحام عىل األنثى عند اهلادي وأتباعه؛ ألرمي
يرثون برحم ال نعقيب فيه فيلب أن يسلتوي ذكلورهم وإنلاثهم ،دليلل ذللك األخلوة
واألخوات من األم فإرم ملا كانوا يرثون برحم وهي األم مل يفضلب ذكورهم عىل إناثهم،
وألرم إنام يتخذون اإلرث بغريهم ال يف أنفسهم يف الذكورة واألنوثة وغلنام يعتلرب حاللة
-406-
من يدلون به ،وعند النارص للحق أنه يفضل الذكر علىل األنثلى يف سلائر املواريلث إال يف
أوالد األم ،وعندنا ما تقدم فإنه الي فضل الذكر عىل األنثى وكذلك مجيلع ملن يلدَّ إىل
امليت باألم كاجلد أيب األم واجلدة املدرجة ،وافال وافاللة وأوالدمهلا ،وهلذا هلو قلول
اهلادي عليه السالم.
فصل
والعامت املتفرقات كاألخوات املتفرقات ،والعلم ألم كلاألخ ألم يف كيفيلة إرثهلم يف
مرياث سببهم الذي هو األب وافلاالت املتفرقلات كلاألخوات املتفرقلات ،واألخلوال
املتفرقون إذا اجتمعوا كاألخوة واألخوات املتفرقني إذا اجتمعوا يف كيفية إرثهلم مللرياث
سببهم الذي هو األم وذلك ألن جهة قراباهتم ةتلفة وهلم يرثلون بقرابلاهتم فوجلب أن
تعترب جهة القرابة كام تعترب يف العمة وافاللة ذكلره النلاطق بلاحلق مللذهب اهللادي عليله
السالم.
قال املؤيد باهلل :وهذا هو قول األكثر من أهل التنزيل ،وعند النارص للحلق ملن تلر
ثالث خاالت متفرقات فلال يشء للخاللة ملن األب ،وكلذلك ملن تلر ثلالث علامت
متفرقات فال يشء للعمة من األب ،وإنام السدس للتي من قبل األم والباقي للتي من قبل
األب واألم.
فصل
ومن مات وخ ّلف ذوي أرحامه ومل خيلف من العقبات أحلد ًا وال ملن ذوي السلهام
غري الزوج أو الزوجة فقد اختلف علامؤنا علىل قلولني ملنهم ملن جعلل امللرياث للذوي
األرحام وجعلهم أوىل به من بيت املال بعد فرض الزوج والزوجة وهلذا هلو قلول عليل
عليه السالم ،وهو قول سائر أهل البيت عليهم السالم سوى القاسم بلن إبلراهيم أنله ال
-407-
بالرد علىل ذوي اسللهام ،وكلل ملن قلال بملرياث ذوي
يورث ذوي األرحام ةوال يقود ّ
األرحام قال بالرد ،وكل من مل يقل بتوريثهم مل يقل بالرد ،ثلم اختللف علامؤنلا القلائلون
بتوريثهم فقول عيل عليه السالم وقول سائر أهل البيت سلوى النلارص للحلق أن اإلرث
لذوي األرحام عىل التنزيل ،وذهب النارص إىل اعتبار القرابة ،مثالله أن يلً بنلت بنتله
والنة عمه فعند من يقول بالتنزيل يكون البنة االبن النقف والباقي البنة العم كتنه تلر
بنت ًا ّ ً
وعام ،وعند النارص يكون لبنت البنت مجيع امللال؛ ألرلا أقلرب إذ هلي وللد امليلت،
وتفقيل مذهبنا أن ذوي األرحام ال يدخلون نقق ًا عىل الزوجني ال بحلب وال عول بل
يتخذ الزوج مرياثه كام ً
ال وهو النقف وجيري جمرى الدين ،والباقي بعد النقف كتنه مال
امليت املوروث عنه بني ذوي األرحام يرثونله كلام يرثلون امللال للو مل يكلن معهلم قوج،
وكذلك احلكم لو كانت معهم قوجة أخذت الربع والباقي يفعل فيه ما تقدم ،ونحو هلذا
القول قد رواه القايض أبو مرض ،عن السيد املؤيد باهلل ،وهو الذي رجحله وقلواه شليخنا
مجال الدين ،كعبة الرشعيني ،عيل بن احلسني صاحب اللامه رمحة اهلل عليه ،والقول الثلاين
يدخلون عىل الزوجني نقيبهام من النقص صورته أن متوت ورلف قوجها وبنت أختهلا
ألبيها وأمها وبنت أختها ألبيها فيكون للزوج النقلف ثالثلة ولبنلت األخلت ألب وأم
النقف ثالثة ،ولبنت األخت السدس ،وتعول املستلة إىل سبعة ،والقلول هلو القلحيح
عندنا.
فصل
وذوو األرحام أوىل باملرياث من مواَّ املواالة نص عليه يف (األحكام) وهو إمجاع ملن
يقول بتوريثهم من األئمة ومجاهري علامء األمة.
-408-
باب الحجب
ونريد به من يمنع من بعض مرياثه فمن هذه اله فإنه حيلب وحيلب وهو الذي يمنلع
عن أخذ مجيع ما يرثه ألجل غريه وال يمنعه ذلك الغري عن أخلذ بعلض حقله ،فتملا ملن
امتنع ألجل حال هو عليها فإنه ال حيلب أحد ًا وهو الكافر ،وقاتل العمد ،والرقيق.
قال عيل عليه السالم يف اململوكني وأهل الكتاب :ال يرثون وال حيلبون.
وروي عن القاسم ،وأمحد بن عيسى يف مسلم يموت ويً ابن ًا هيوديل ًا وأمل ًا مسللمة
فإن لوم الثلث والباقي للعقبة.
قال السيد أبو طالب :والذين حيلبون عن بعض سهامهم مخسة وهم األم والزوجلان
وبنات االبن واألخوات ألب ،أما األم فإرا حتلب من الثلث إىل السدس وحيلبها ثالثة
وهم الولد وولد الولد ذكر ًا كان أو أنثى ،واالثنان من األخوة واألخوات فقاعد ًا.
أملللا حلبهلللا بالثالثلللة األخلللوة فلقلللول اهلل تعلللاىل { :
[}النساء ،]11:وقد خالف النارص للحق يف ذلك وقلال بلتن األخلوة ملن األم ال
حيلبون األم عن الثلث وقوله سلاقط؛ ألن اسلم األخلوة يتنلاول األخلوة ملن األم وال
ةقص.
وأما حلبها باالثنني من األخوة فهو إمجاع القحابة سلوى ابلن عبلاس فإنله كلان ال
حيلبها غال بالثالثة دون االثنني وقد انقطع خالفه بموته.
وأما الزوج فإنه حيلب من النقف إىل الربع.
وأما الزوجة فإرا حتلب من الربع إىل الثمن والذي حيلبها الولد ووللد الوللد ذكلر ًا
كان أو أنثى.
-409-
وأما بنات االبن فإن كانت واحدة حتلب من النقف إىل السدس وإن كلن أكثلر ملن
واحد فإرن حيلبن من الثلثني إىل السدس ،والذي حيلبهن البنت الواحدة أو بنلت ابلن
عال منهم درجة ما مل تستكمل الثلثان قبلهن ،فإن كان قد استكمل قبلهن حلبن عن مجيع
مرياثهن عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل ،وإن كُلن أكثلر فلإرن حيللبن ملن الثلثلني إىل
السدس والذي حيلبهن األخت الواحدة ألب وأم عىل ما قدمناه يف باب السهام.
-410-
باب اإلسقاط
ويسميه بعض العلامء باب احللب عن مجيع املرياث ،واحللب يف أصل اللغة و ملنلع،
وهو منع وارث لوارث عن بعض مرياثله أو علن وهو يف عرف الفرضيني منع ةقو
مجيعه وتسميتنا للحاجب بتنه وارث قد يكون حقيقة وهو إذا كان يرث ملن امللال ،وقلد
يكون جماق ًا إذا كان ال يرث شيأ ًا؛ ألنه حيلب غريه وإن مل يرث شليأ ًا إذا مل يكلن فيله ملن
عليه السالم املرياث ،فإذا كان غري سامل احلال منها مل حيلب ومل يسقط ويف باب اإلسلقا
مسائل:
األوىل :أن االبن ال يرث معه أحد من أوالد البنني ذكورهم وغناثهم ،نص عىل ذللك
يف (األحكام).
قال السيد أبو طالب :وهو أمجاع نحو أن يً امليت ابن ًا وابن ابلن فامللال كلله لالبلن
ويسقط ابن االبن ،وعليه فقس والبنات ال يسقطن أوالد البنني إذا كانوا ذكور ًا أو ذكلور ًا
وإناث ًا ،بل يكونون مع البنات عقبة ،نص عليه يف (األحكام).
قال األخوان :وهو قول مجاعة القحابة ومن بعدهم سوى النارص للحق ومن تابعه.
قال املؤيد :وهذه املستلة ليست مكن مسائل االجتهاد بالحلق فيها واحد وهو ما ذهبنا
إليه ،قال :فعىل هذا املخالف فيها ةطأ ًا غري مقليب واعللم أن حكلم أوالد البنلني مثلل
حكم األوالد حيلبون من حيلبه األوالد ،وحكم األسفل منهم ملع األعلال مثلل حكلم
األعال من أوالد البنني مع األوالد.
-411-
طالب أنه إمجاع القحابة وتبعهم سائر العلامء ،وعند النارص للحق أن الولد يسقط اجلدة
من جهة األم وإن علت ،واجلدة من جهة األب وإن علت جون اجللدة أم األم واجللدة أم
األب.
قال أبو طالب :واإلمجاع املتقدم يبطل هذا القول.
الثالثة :أن بنات القلب إذا استكملن الثلني يسقطن بنات االبن إال أن يكلون معهلن
أخ هلن أو أسفل منهن ابن ابن ذكر فيعقبهن فيام بقى لللذكر مثلل حلن األنثيلني ،ذكلره
السيدان األخوان ،وهو مذهب اهلادي إىل احلق عليه السالم ،وكلذا إذا اسلتكملن بنلات
البنني الثلثني سقط من هو أسفل منهن من بنات بنات البنني إال أن يكون معهن أو أسفل
منهن ذكر كام تقدم ،وكذلك إذا كان املستكمل للثلثني بنلت القللب وبنلت االبلن كلان
احلكم ما تقدم وهو مذهب اهلادي إىل احلق.
الرابعة :أن األب يسقط مجيع األجداد ويسقط اجلدات الاليت من قبله ويسلقط مجيلع
األخوة واألخوات وسائر العقبات التي بعد األخوة وهلو قلول اهللادي إىل احللق وهلو
إمجاع إال يف موضعني:
-412-
السالم ،والعىل هي القرب إىل امليت ،ذكر هذا املعنى األخوان.
السادسة :أن قياس األخوة واألخوات ألب وأم يف اإلرث قياس عىل البنني والبنلات
إذا مل يكن بنون وبنات وقياس األخوة واألخوات من األب قياس ولد البنني ملع البنلني،
وقد نص عىل هذه اجلملة يف أبواب متفرقة يف (األحكام) ويف ذلك فوائد:
األوىل :أن األخ ألب وأم يسللقط األخ واألخللت ألب ،نللص عللىل هللذا املعنللى يف
(األحكام).
قال أبو طالب :وهو إمجاع ،وكذلك األخت ألب تسقط مع األخ ألب وأم قياس ًا عىل
األوىل.
عقبتها البنت أو بنت االبن فإرا تسلقط ملن يسلقطه
الثانية :أن األخت ألب وأم إذا ّ
عقبتها البنت أو بنت االبلن فإرلا تسلقط ملن
األخ ألب وأم ،وكذلك األخت ألب إذا ّ
يسقطه األخ ألب ،وهذا ظاهر عىل تعليل األخوين ،وقد ذكر ذلك أبو جعفر يف (الكايف).
الثالثة :أن األخوة واألخوات ألم يسقطهم من املرياث أربعة :الولد وولد الولد ذكلر ًا
كان أو أنثى ،واألب واجلد أب األب وهو مذهب حييى.
قال أبو طالب :وهو إمجاع القحابة ومن بعدهم إال النارص عليه السلالم فإنله يقلول
بتن اجلد ال يسقط األخوة من األم.
قال األخوان :وإمجاع القحابة بحلة.
الرابعة :أن ابن األخ ال يرث مع اجللد أب األب عنلد عليل عليله السلالم يف الروايلة
املشهورة عنه وبه قال مجاهري القحابة ،وقد روي عن عيل عليه السالم خالفه.
قال أبو طالب :وهي رواية شاذة وهي غري صحيحة عندنا.
-413-
باب أصول المسائل
إن كان الورثة عقبات منفردين فتصل مستلتهم من مبل عدد صنفهم بالغل ًا ملا بلل
بعد أن جيعل الذكر منهم بمنزلة انثيني إنكان معهم إناث ،وإن كانوا ذوي سهام منفلردين
أو ذوي سهام وعقبات جمتمعني فتصل مستلتهم من ةرج فرائض سهامهم امللذكورة يف
تلك املستلة ومجيع ذلك سبع مسائل:
األوىل :كل مستلة فيها نقف ونقف أو نقف وما بقي فتصللها ملن اثنلني فلاألوىل
نحو أن متوت املرأة ور ّلف رقوجها وأختها ألبيها وأمها.
والثانية :أن خيلف الرجل ابنته وأخاه ألبيه وأمه ،كل مستلة فيها ثلث وثلثان أو ثللث
وما بقي فتصلها من ثالثة فالثلث والثلثان كمن خي ّلف إختويه ألبيه وأمه وإختويه ألمله،
والثلث وما بقي كمن خيلف أمه وأخاه ألبيه وأمه ،والثلثان وملا بقلي كلم خي ّللف ابنتيله
وأخاه.
الثالثة :كل مستلة فيها ربع ونقف وما بقي أو ربع ما بقلي أو ربلع وثللث ملا يبقلى
فتصلها من أربعة ،فاألوىل قوج وبنت عم ،والثانية قوج وابلن أو قوجلة وأخ ،والثالثلة:
أبوان وقوجة.
الرابعة :كل مستلة فيها ثمن وما بقي أو ثمن ونقف ما بقي فتصلها من ثامنية فاألوىل
نحو قوجة وابن ،والثانية قوجة وابنة عم ،وهذه املسائل ال تعول أبد ًا.
افامسة :كل مستلة فيها ثلث ونقف أو ثلثان ونقلف أو ثللث ونقلف أو سدسلد
ونقف أو سدسد وثلث أو سدس وثلثان أو سدس وما بقي أو نقف وثلث وملا بقلي،
فتصلها من ستة وأمثلتها ظاهرة.
السادسة :كل مستلة فيها ربع وثلث أو ربع وثلثان أو ربع وسدس فتصلها ملن اثنلى
-414-
عرش.
السابعة :كل مستلة فيها ثمن وثلثان أو ثمن وسدس فتصللها ملن أربعلة وعرشلين،
وهذه املسائل الثالث قد تعول وقد ال تعول ،وقد نص يف (األحكام) عىل معنلى أصلول
مجيع هذه املسائل ،وكل ذلك صحيح ال شبهة فيه عىل طريقة أهل احلساب.
-415-
باب العول
وفيه فقالن:
قال املؤيد باهلل :أمجعت القحابة عىل القول بالعول غري ابن عباس فإنه أنكره وأدخلل
النقص عىل البنات واألخوات إذا كُن ألب وأم أو ألب ،وتابعه النارص للحلق وبله قلال
الباقر ،رواه أبو طالب يف كحه.
قال ابن عباس :إن الذي أحىص رمل عال يعلم أن املال ال يكون له نقلف ونقلف
وثلث ذهب النقفان باملال فتين الثلث.
قال املؤيد باهلل :وهذا كالم من مل يفهم أغراض القائلني بالعول وسلك طريقة التعامي
اجلهال الذين ال يفهمون؛ وذللك ألن القلائلني بلالعول ال يقوللون إن الورثلة
ليموه عىل ّ
ّ
يتخذون نقف ًا ونقف ًا وثلث ًا كيف يقولون به وقد قال سيد القلائلني بلالعول صلار ثمنهلا
تسع ًا ورص ،بتن ثمنها قد رجع إىل التسع ،قال :وإنام يذكرون النقف والنقف والثللث
ليعرفوا أصل السهام يعرفوا كم جيب أن يكون مقدار النقص عىل كل واحد منهم.
-416-
فصل
وأما قول ابن عباس بإدخال النقص عىل البنات واألخوات إذا كُلن ألب وأم أو ألب
فغري سديد لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :احلقوا الفرائض بتهلها)) فال خيلو املال
عن ققوره عن السهام املحدودة يف الكتاب أو السنة أو جمموعهام ،أما أن يدخل اللنقص
عىل مجيع أهل السهام فهو الذي نقول ،وأما أن ال يدخل النقص عىل واحد منهم مل يتسلع
املال جلميع السهام ،وأما أن يدخل النقص علىل بعضلهم دون بعلض ملن دون ةقلص
فذلك ال جيوق.
-417-
متفرقات وأمثلتها كثرية.
وأما التي أصلها من اثنى عرش فقد تعول بسهم واحد فتكون من ثالثة عرش ،والثللث
أربعة أسهم من ثالثة عرش ،وإن عالت بثالثة أسهم من اثنى عرش فإرا تقلري ملن مخسلة
عرش فيقري السدس فيها ثلثي مخس ،والثلث مخس ًا وثلثا مخس ،والثلثلان مخسلني وثلثلي
مخس ،والنقف مخسني والربع مخس ًا ،نحو أن يً الرجل املرأة وأمل ًا وثلالث أخلوات
متفرقات وإن عالت بخمسة من اثني عرش فإرا تقري من سبعة عرش ،والثلثان ثامنية ملن
سبعة عرش ،والنقف ستة من سبعة عرش ،والربع ثالثة ملن سلبعة عرشل نحلو أن يلً
الرجل امرأته وأمه وإختوين ألب وأم وإختوين ألم.
املستلة الثالثة :وهي التي أصلها من أربعة وعرشين فإرا تعول بثالثة أسهم وال تعول
بدورا وال بتكثر منها فإذا عالت هبا فإنه يقري الثمن فيها تسع ًا ،والسدس تسلع ًا ،وثللث
تسع الثلثان مخسة أتساع وثلث تسع ،والنقف فيها أربعة أتساع وهذه املستلة هي املنربية
سميت بذلك؛ ألن علي ًا عليه السالم ُس مأل عنها وهو خيطب فقال :صار ثمنها تسع ًا نحلو
أن يً رجل ابنتني وأبوين وقوجة وال تعول هلذه املسلائل إىل أكثلر مملا ذكرنلاه ،ذكلره
السيدان ،وهذا كله عىل مذهب اهلادي إىل احلق عليه السلالم ،وإذا انكرسلت الشلهام يف
مسائ ل العول واحتي فيها إىل الرضب يف أصل الفريضة كان الرضب يف أصللها بعوهللا؛
تقح منه القسمة فام بل املال كان لكل ذي سهم من ذلك مثلل نسلبة
ألن ذلك هو الذي ّ
سهامه من املستلة مع العول.
-418-
باب الردّ
وفيه ثالثة فقول:
فالرد هو قسمة ما بقي من املال بعد الشهام املحدودة عليه السلالم ذوي السلهام ملن
النسب عىل قدر سهامهم مع عدم العقبة سواء كان عقبة من النسلب أو اللوالء ،وهلو
مذهب اهلادي ،نص عىل معنى ذلك يف (األحكام).
أما العقبة من النسب فظاهر ،وأما من الوالء فنص علىل أن العبلد املعتلق يكلون ملا
فضل عن سهم ابنته البن املوىل املعتق إذا كان له ابن.
فري ّد عىل كل ذي سهم من الفاضل عن سهمه إال عىل الزوج والزوجة فال ر ّد علليهام،
نص عىل ذلك يف (األحكام) ورواه عن أملري امللؤمنني ،فتملا ملا روي أن املرأة هلكلت
وتركت قوجها فتعطاه عيل عليه السالم مجيع ماهلا فيحتمل أن يكون الزظوج عقلبة هللا
وال عقبة هلا غريه ،وال خالف أنه ال رد عىل الزوجني.
-419-
وأما الفصل الثالث وهو في اإلشارة إلى أصول مسائل الرد
فقد ب ّينا أنه ال رد عىل الزوجني وإذا مل يكن يف املستلة أحدمها ،فإن كانوا أهلل فلرض
واحد فقط نحو أن خيلف بنت ًا أو أخت ًا أو أخوات أو أم ًا أو جدة أو جدات فإن أصل مستلة
الرد من بمل عدد رؤوس القنف املردود عليه؛ ألرلم يقتسلمون املفلروض علىل علدد
رؤوسهم ويقتسمون املردود أيض ًا عىل عدد رؤوسهم فيقري املال كلله بيلنهم علىل علدد
الرؤوس ،ويكون أصل مستلتهم من مبل عدد رؤوسهم ،مثالله :أن خي ّللف بنتل ًا واحلدة
فلها املال كله بالفرض والر ّد ،وأصل املستلة من واحد نقفه نقلف فلرض ونقلفه ر ّد،
وإذا خ ّلف أرلع بنات فلهن املال كله فرض ًا ورد ًا وأصل مستلتهم من أربعة كام ب ّيناه أوالً،
وعىل هذا فقس ،وإن كان يف املستلة أهل فرضني فقاعد ًا كان أصل مستلتهم من عد تلك
السهام املردود عليها؛ ألن الر ّد فيها يكون عىل عدد السهام حتى يستويف كل صنف ملنهم
من الر ّد بقدر سهامه ،وإذا كان الرد عىل عدد السهام كان أصلها بعد الر ّد من مبلل تللك
السهام املردود عليها؛ ألن الباقي من أصل املستلة بعد السهام املفروضة تقسم علىل علدد
السهام فيكون املال كله مقسوم ًا بالفرض والر ّد عىل عدد تلك السهام ،واألصلل يف اللرد
أن تنظر إىل ما يف أيدي الورثة من السهام فلإن كلان اللذي يف أيلدهيم سلهمني ر ّد البلاقي
عليهام نقفني ويكون الفاضل أنقاف ًا ،وإن كان الباقي يف أيدهيم ثالثة أسهم ر ّد الفاضلل
عليهم أثالث ًا ،وإن كان الفاضل أربعة أسهم أو مخسة أسهم ر ّد عليهم أرباع ًا أو أمخاس ًا عىل
قدر ما يف أيدهيم من السهام ،قد ذكر هذا املعنلى السليد أبلو طاللب مللذهب حييلى عليله
السالم ،قال :وال يوجد الر ّد عىل أمثر من مخسة أسهم أبد ًا؛ ألنه إذا اجتمع ستة أسلداس
استغرقت املال وبطل الر ّد إذ السهم يف مسائل الر ّد عبارة عن السدس؛ ألنه أقلل السلهام
فقلناه يف كتاب التقرير ،وإن كان يف مسائل اللرد قوج أو قوجلة مل
املردودة عليها عىل ما ّ
خيل أن يكون الرد معهام عىل أهل فرض واحد فتصل املستلة بعد الر ّد ملن ةلرج فلرض
الزوج أو الزوجة؛ ألن الزوج يتخذ فرضه من نقف أو ربع ،والزوجة تتخذ فرضها ملن
ربع أو ثمن والباقي لذوي السهام بالفرض والر ّد فإن كان للزوج النقف كان أصلها من
-420-
اثنني؛ ألن فيها نقف ًا وما بقي وإن كان له الربلع فكلذلك إذا كلان لللزوج الربلع فتصلل
املستلة بعد الرد من أربعة للزوج أو الزوجة الربع والباقي لذوي السهام فهلو علىل ثالثلة
بالفرض والر ّد ،وإن كان للزوجة الثمن فتصل املستلة بعد الر ّد من ثامنية للزوجلة اللثمن
والبلاقي سلبعة للذوي السلهام بلالفرض واللر ّد فللرى ذوو السلهام جملرى العقللبات
املوجودين مع الزوج أو الزوجة يف أن ألحلد اللزوجني فرضله والبلاقي للذوي السلهام
بالفرض والر ّد ،وإن كان الر ّد مع الزوج أو الزوجة عىل أهل فرضني فقاعد ًا فإنك تدفع
للزوج أو الزوجة فرضه وتقسم الباقي عىل عدد األنقباء التي قدمنا ذكرها ويكون أصل
الكستلة يف مجيع ذلك من العدد الذي خيرج منه فرض الزوج أو الزوجلة والبلاقي يقسلم
جبور ًا عليه السالم عدد األنقباء املردودة عليها عىل ما ب ّيناه يف التقرير ممث ً
ال مفقالً.
-421-
باب كيفية العمل في تصحيح مسائلهم وقسمتها
وفيه فقالن:
فهي ثالثة وهي :االنقسام عىل الرؤوس واملوافقة هلا واملباينة ،فاالنقسلام مقلدم علىل
املوافقة ،واملوافقة مقدمة عىل املباينة ،ومعنى ذلك أن تنظلر إىل سلهام الورثلة ملن أصلل
مستلتهم فإن انقسمت عليهم سهامهم من أصل مستلتهم جبور ًا مل حتت فليمن اقنسلمت
عليهم سهامه إىل رضب وال عناية قإن مل تنقسم السهام عىل اللرؤوس جيلور ًا نظلرت إىل
سهام كل صنف هل هي موافقة لعدد ذلك القنف أم ال ،فإن كانت موافقة أقملت وفلق
القنف الذي وافقته سهامه مقام مجيعه ورجعت بعد ذللك إىل أحكلام اللرؤوس ،وإن مل
تكن موافقة تركت القنف الذي مل توافقه سهامه عىل حاله ورجعت بعد ذلك إىل أحكام
الرؤوس عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل ،واملوافقة هي أن يتفلق علدد القلنف وعلدد
سهامه يف جزء واحد فيكون هلذا نقف وهلذا نقف وهلذا نقف أو ثلث وثلث ،أو ربلع
وربع أو غري ،وال يوافق إال بتقل األجزاء التي تفقان فيها ،ومجيع أحكام السلهام مقدملة
عىل أحكام الرؤوس.
فتحكام الرؤوس أربعة وهي املامثلة ،واملداخلة ،واملوافقة ،واملباينة ،فاملامثللة هلي أن
-422-
يستوي عدد األصناف ،واملداخلة هي أن يكون القنف األكثر مملا ينقسلم علىل القلنف
األقل ،واملوافقة هي أن يتفق القنفان أو األصناف يف جزء واحد كام قدمناه ،واملباينة هي
أن ال يكون يف األصناف يشء من هذه الوجوه ،واملامثلة مقدمة عىل املداخللة ،واملداخللة
مقدمة عىل املوافقة ،واملوافقة مقدمة عىل املباينة ،وقد يقع االنكسلار علىل صلنف واحلد،
وقد يقع عىل صنفني ،وقد يقلع علىل ثالثلة أصلناف ،وقلد يكلون علىل أربعلة ،وال يقلع
االنكسار يف مسائل العقبات وذوي السهام عىل مخسة أصناف أبد ًا ،وال جيتمع يف املستلة
الواحدة من العقات وذوي السهام أكثر من مخسلة أصلناف ،فلإن اجتملع ملنهم محسلة
أصناف يف مستلة مل ينكرس عىل مجيعهم بل البد أن ينقسم عىل بعض منهم يف سهامه علىل
كل حال.
فصل
فتما االنكسار عىل صنف واحد فإذا كان كذلك نظرت هل هلي موافقلة لعلدد ذللك
القنف أم ال ،فإن كانت موافقة جعلت وفق ذلك القنف هو احلال ،وإن مل تكن موافقة
جعلت مجيع القنف هو احلال ثم رضبت احلال يف أصل الفريضة بعوهلا وردهلا إن كلان
فيها عول أو ر ّد أو يف أصلها أو مللرد إن مل يكن فيها عول وال ر ّد فام بل فهو املال املنقسم
واحلال هو العدد الذي يرضب يف أصل الفريضة لقح منقس ًام عىل الورثة جبور ًا.
فصل
وأما االنكسار عىل صنفني فال خيلو حاهلام بعد موافقة سهامهام إن كانت موافقى هلام أو
ألحدمها من أربعة وجوه أن يكونا متامثلني أو متداخليت أو متلوافقني أو متبلاينني ،فلإن
أن يكون لكل واحد ملن القلنف كانات متامثلني اجتزيت بتحدمها وهو احلال وافا
مثل عدد ما كان جلامعتهم قبل التقحيح أو مثل علدد وفلق سلهامهم إن كانلت موافقلة
-423-
لرؤوسهم ،وأن كانا متداخلن اجتزيت باألكثر مثل عدد ما كان جلامعتهم قبل التقلحيح
أو مثل وفق سهامهم إن كانت موافقة ،وأن يكون لكل واحد من القنف األقل ملا كلان
جلامعتهم قبل التقحيح أو مثل وفق سهامهم إن كانت موافقة ،وأن يكون لكل واحد من
القنف األقل ما كان جلامعتهم أيض ًا أو مثل وفق سهامهم إن كانلت موافقلة مرضلوب ًا يف
ةرج نسبة ذلك القنف األقل من القنف األكثر ،فإن كانا متوافقني ذربت وفق أحدمها
يف كامل الثاين ما بل فهو احلال وافا فيه أن يكون لكل واحد من القنف مل عدد ما
كان جلامعتهم أو مثل عدد وفق سهامهم إن كانلت موافقلة مرضلوب ًا يف وفقله ملن النلف
يف ذللك أن اآلخر ،وإن كانا متباينني رضبت أحدمها يف الثاين ،فام بل فهو احلال وافا
يكون لكل واحد من القنف مثل عدد ما كان جلملتهم أو مثلل علدد وفلق سلهامهم إن
كانت موافقة مرضوب ًا يف عدد اتلقنف اآلخر ،فإذا عرفت احلال رضبته يف أصلل املسلتلة
كام تقدم فام بل فهو املال املنقسم.
إذا انكرست السهام عىل ثالثة أصناف أو أربعة مل رلل تللك األصلناف بعلد موافقلة
سهامها إن كانت موافقة هلا أو لبعضها أن تكون متامثلة مع ًا او متداخلة مع ًا أو متوافقة مع ًا
أو متباينة مع ًا ،أو جيتمع فيها وصفان أو ثالثة أوصاف من ذلك فلإن كانلت متامثللة معل ًا
اجتزيت بقنف واحد منها وهو احلال ،وإن كانت متداخلة معل ًا اجتزيلت بلاألكثر منهلا
وهو احلال ،وإن كانت متوافقة مع ًا فإنك تسلك طريقه العلام يف ذللك وجتتلزي هبلا علن
غريها طلب ًا لالختقار وهي أن توافق بني القنفني منها وترضب وفلق أحلدمها يف كاملل
الثاين فام بل عرضته عىل القنف الثالث فإن كانا متداخلني اجتزيلت بلاألكثر وعرضلته
عىل الرابع ،وإن كانا متوافقني رضبت وفق أحدمها يف كامل الثاين فام بل فهلو احللال وإن
كانت األصناف ثالثة وإن كانت أربعة قدت وعرضت ما بلل معلك ملن عملل الثالثلة
األصناف عىل القنف الرابع فإن تداخال اجتزيت باألكثر منهام وهلو احللال وإن توافقلا
-424-
رضبت وفق أحدمها يف كامل الثاين فام بل فهو احلال وإن كانلت األصلناف متباينلة معل ًا
ذربت بعضها يف بعض فام بل فهو احلال ثم ترضب احلال يف أصل املستلة كم تقدم فام بل
فهو املال املنقسم.
فصل
فإن اجتملع يف األصلناف الثالثلة أو األربعلة وصلفان مملا ذكرنلا أو ثالثلة أوصلاف
الوصفني نحو أن يكون فيها متامثل ومتداخل أو متوافق ومتادخلل ،أو متوافلق ومتبلاين
وما أشبه ذلك ،والعمل يف مجيلع ذللك أن جتتلزي بقلنف واحلد ملن املتامثلل وجتتلزي
بالتنقف األكثر من املتداخل عن األقل ثم تنظر بعد ذلك إىل ما بقي معك من األصناف
فإن بقي معك متوافق مع ًا أو متامثل مع ًا عملت فيه عىل ما تقدم ،وإن بقي معلك متوافلق
ومتباين رضبت وفق أحد املتوافقني يف كامل الثاين فام حقل رضبته يف املتلابني ،فلام بلل
فهو احلال صم ترضب احلال يف أصل املستلة كام تقدم فام بل فهلو امللال املنقسلم ذوكرنلا
طريقة احلال وحدها طلب ًا لالختقار وقلد فقللنا غريهلا ملن الطلرق يف كتلاب التقريلر
(بفوائد التحرير) وحذفنا كثري ًا من األمثلة هاهنا وب ّيناها هنا .
-425-
باب المناسخة
املناسخة باهبا واسع ونذكر قبدة يقاس عليها فنقول وباهلل التوفيق :املناسخة أن يموت
املكيت وال يقسم الورثة ماله حتى يموت من الورثة ثان وثالث ورابع وخلامس أو أكثلر
من ذلك أو أقل ،وكيفية أعامل مسائلهم أنه ال خيلو أن يكون ورثة امليت األول هم ورثلة
الثاين وتستوي سهامهم من األول والثاين مثاله رجل مات وخ ّلف مخسة بنلني ثلم ملات
أحد البنني وخلف إخوته ،ثم مات الثاين وخ ّلف إخوته واملال مل يقسم فلإن امللال يكلون
بينهم أثالث ًا لستواء مواريثهم يف األول والثاين والعمل يف ذلك كام تقدم يف أعامق املسلائل
فقد ذكر السيد أبو طالب هذا املعنى او ال تكون كذلك بل قد حدث للميت الثلاين ورثلة
غري ورثة األول ورتل فاملواريث مع كون ورثة الثاين هم ورثلة األول ،وإذا كلان كلذلك
فإنك تعمل للميا األول مستلة وتقححها كام تقدم وتقسمها بني الورثة ثم تنن ما حقل
للميت الثاين من مال األول هل هو ينقسم عىل ورثته أوال ،فإن انقسم مل حتت إىل عنايلة،
وإن انكرس نظرت هل توافق أو تباين مستلة امليت الثاين بعد تقحيحها أوالً ،فلإن وافلق
رضبت وفق املستلة الثانية يف مستلة امليت األول ثم أقسم ما ورثه امليت الثلاين ملن األول
عىل ورثته ثم اعمل يف امليلت الثاللث كلام علملت للثلاين وكلذا تفعلل للميلت الرابلع
وافامس إىل آخرهم،وينبغي أن حتفن مستةل امليت األول ما ورثه الورثة منهلا وكلذلك
حتفن مستلة امليت الثاين وما ورثه الورثة منها لتعرف أيض ًا ما ورثه هذا امليلت ملن امليلت
الذي قبله وكذلك تفعل يف كل مستلة ،والغرض يف ذلك أن تسلك فيها إن شأت طريقلة
يف املناسخات وأمثاة هذه املسائل قد ذكرهلا السليد أبلو طاللب عليله السلالم يف افا
كحه ،والغرض االختقار.
-426-
باب النوادر
وفيها سبعة فقول ونشري إىل كل فقل منها.
األوىل :أنه إذا غرق قوم أقارب أوماتوا حتت هدم أو أصاهبم حريق فلم يدر أهيم مات
أوالً ورث بعضهم من بعض من خا أمواهلم ثم يورث األحياء مكن األملوات حتلى
يرث األحياء من ورثة الغريق ما روثه ذلك الغريق من سائر الغرقى مع ما حيقل هلم من
-427-
خاصة ماله.
الثانية :أنه ال يرث غريق من غريق مما ورثه ذلك الغريق من غريق آخر بلل يكلون ملا
ورثه الغريث من الغرقى لورثته أحاء فقط ،وإنام يرث الغريق من غريق آخر بل يكون ملا
ورثه الغريق من الغرقى لورثته أحياء فقط ،وإنام يرث الغريق خا ّ مال الرغيق لخآخلر
فقط.
(خرب) واألصل يف املستلتني مجيع ًا هوق ول أمري املؤمنني عليه السالم فإن املشهور عنه
أنه كان يورث بعضهم من بعض ثلم يلورث األحيلاء ملن األملوات وال يلورث بعلض
األموات مما ورث عن بعض شيأ ًا.
قال السيد أبو طالب :واألظهر أنه إمجاع أهل البيت علليهم السلالم ،وذللك ألنله إذا
جاق تقدم موت أحد الغريقني عىل اآلخر كام جاق موهتام مع ًا وجب من جهة الرشلع عنلد
الوقوع بعض هذا االلتباس أن سحتا يف توريث بعضهم من بعض فإن قيل :إن توريث
الغرقى بعضهم من بعض عىل األحوال أصح يف القياس؛ ألنه ال يتحقق ّأهيلم ملات أوالً
فنقول إن كل واحد يف حال ال يرث فيحقل له نقف اإلرث فقد أجاب السليد النلاطق
باحلق عليه السالم بتن هذا القول وإن كان القياس يوجبه فإنه ساقط باإلمجاع ،قلال :ألن
من ال يرى توريث بعضهم من بعض هذا القول عنده باطل ،ومن يرى توريلث بعضلهم
من بعض فإري عترب يف ذلك الطريقة التي ذكرناها وال يلرى اعتبلار األحلوال يف ذللك،
قال :وقد وقع افلامع عىل خالفه يعني القياس.
وأما املطلب الثاين :وهو يف كيفية توريثهم فتفسريه ما ب ّينه اهلادي إىل احلق عليه السالم
وهو أنه جيب أن يامت أهيم كان وحييى هيم الباقون ،ثم حييى الذي أميت ويامت من الباقني
واحد بعد واحد حتى يرثوه وال يبنغي أن يامت اثنانان ملنهم يف حلال واحلدة بلل جيعلل
امليت يف كل حال واحد ًا ،والباقون أحياء حى يقح العمل فإذا فرغ من ذلك أميتلوا معل ًا
ويرثهم األحياء وال يورث بعضهم من بعض بعد اإلماتة الثانية حكاه السيد أبلو طاللب،
وقوله عليه السالم بعد اإلماتة الثانية يعني بعد إماتتهم مع ًا؛ ألن كل واحد منهم ال يلامت
-428-
إال مرتني مرة لريثه ورثته األحياء واألموات الذن غرقوا معه عىل الفرائض املتقدمة حتى
ماله إال ما يسلتحقونه ملع ورثتله اللذين غرقلوا معله ال يكون لورثته األحياء من خا
ويكون يف هذه احلالة كتنه مات قبل مجيعهم فريث األحياء والغرقى ما تركله ملن خلا
ماله عىل فرائض اهلل تعاىل ،ثم حييى هذا الغريق للريث ملن كلل واحلد ملن الغرقلى ملا
يستحقه من املرياث من خا أمواهلم مع ورثتهم األحياء والغرقى أيض ًا ثم يلامت امللرة
الثانية لريث ورثته األحياء ما روثه من األموات؛ ألن ما ورثه من األموت يكلون خاصل ًا
لورثته األحياء عىل ما تقدم ،ويكون التقدير يف هذه احلال كتن موته تاخر عن ملوت كلل
واحد من الغرقى قورث نقيب ًا من مال كل واحد منهم ثم مات قبل قسمة ذلك النقيب
فيقري ذلك النقيب فيقري ذلك النقيب لروثته األحياء بطريق املناسخة علىل ملا تقلدم
بيانه وهكذا يفعل فيكل واحد من الغرقى كر معنلى هلذه اجلمللة السليدان األخلوان يف
الرشحني ،وقد مثل ذلك حييى عليه السالم بمثال ،ومثله السيد أبو طالب بمثال آخر ومها
موجودان والغرض االختقار.
-429-
قال السيدان األخوان :وهذا هو قول عيل عليه السالم.
وأما املوضع الثاين وهو يف بيان حكمه يف املرياث فإذا كان ةكوم ًا له بحكم اللذكور
فله يف اإلرث نقيب الذكر ،وإن كان حمكوم ًا لله بحكلم اإلنلاث فلله يف اإلرث نقليب
األنثى ،وإن كان مشك ً
ال ال حيكم له بحكم الذكور وال بحكم اإلناث فله يف اإلرث نقف
نقيب الذكر ونقف نقيب األنثى سواء كان معه غريه أو بم يكن إال يف مستلة يسلتوي
فيها الذكور واإلناث فإنه يكون له نقيبه املفروض.
قال السيد أبو طالب :قد نص عىل ما ذكرناه يف (األحكام) وهو قول أمري املؤمنني عيل
عليه السالم املشهور عنه.
أما املستلة التي يستوي فيها مياث الذكر واألنثى فنحو أن يموت ويً أخويله ألمله
أحدمها خنثى لبسة فإن نقيبه ال ينقص؛ ألن مرياث ولد األم ال يفضلل فله اللذكر علىل
األنثى وهكذا قولنا يف ذوي األرحام ،ذكر هذا املعنى الناطق باحلق.
وأما املستلة التي يسقط فيها إذا كان ذكر ًا فنحو ما ذكرناه يف املستلة املشًكة وقد تقدم
-430-
تفقيلها ونحو أن تً امرأة قوجها وأمها وأخوهيا ألمهلا وأخاهلا ألبيهلا وأمهلا وهلو
خنثى مشكل وهو الذي نقول خنثى لبسة فإذا قدرنا أنه أنثى كلان لله نقلف امللال؛ ألن
لوخت ألب وأم النقف وللزوج النقف ولوم السدس ،ولوخوة ألم الثلث ،فيكلون
هلذا افنثى نقف النقف وهو الربع ،وقد ذكره املؤيلد بلاهلل ،وقلال :إرلا تعلول بسلهم
ونقف ذكره الشيخ أبو جعفر وقال :صحتها من مخسة عرش يكلون لللزوج سلتة وللوم
سهامن ولووين من األم أربعة وللخنثى ثالثة.
وأما املستلة التي تسقط فيها افنثى فنحو أن يً ابني عمه أحدمها خنثى فإنه لو كان
أنثى مل ترث فيهذا املوضع مع أخيها ،وإذا كلان ذكلر ًا أخلذ نقلف امللال فيعطلى نقلف
النقف وهو الربع.
وأما املستلة التي يرث فيها افنثى ذكر ًا كان أو أنثى فقد ذكرنلا صلورهتا أوالً نحلو أن
يً الرجل أباه ولد ًا خنثى فلو كان ذكر ًا لكان لوب معه السدس ،وباقي امللال لله وللو
كان أنثال كان هلا نقف املال ،والباقي لوب بالتسهيم والتعقليب معل ًا ويعطلى افنثلى
نقف نقيب األنثى ،ونص نقيب الذكر فلوب ثلث املال وللخنثى ثلثاه وعلىل هخلذا
فقس.
-431-
مرياث ًا بني ورثته عىل وفق الرشع ،وإن كان مع الزوجة غريها من سائر الورثة فالذي نقه
اهلادي إىل احلق يف كتاب األحكام أنه يعزل من الًكة نقيب أربعة ذكور ثم يقسم الورثة
الباقي يعني عىل فرائض اهلل تعاىل ،وإذا وضلعت امللرأة احلملل صلححت القسلمة علىل
حسب ما تضع.
قال السيد أبو طالب :وحتقيل املذهب أن نقيب أربعة ذكرو إنلام يعلزل يف املواضلع
التي يفضل فيها الذكر عىل األنثى فتما املوضع الذي يستوي فيله اللذكور واإلنلاث فإنله
جيب أن يعزل نقيب أربعة وال يشً يف ذلك الذكور ،قال :وذلك ألن احلمل بتربعة قد
صح هذا وجب االحتيا بان تعزل أنقلباؤهم وبعطلى البلاقون ملا
جرت العادة به فلام ّ
يتيقن أنه خيقهم وأكثر من ذلك مل جتر به عادة ومل يعرف ،وذكر املؤيد باهلل هذا املعنلى يف
ك ،التلريد ووجه ما ذكراه يف أنه يعزل للحمل أكثر ما يمكن تقديره ويعطى الورثة ما
يتيقن أنه خيقهم قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال رضر وال رضار يف اإلسلالم))
واملراد حكم الرضر وقد علمنا وقوع الرضر عىل احلمل إذا تم وخ ح ّي ًا وقد اقتسم املال
كله وعلمنا وقوع الرضر عىل باقي الورثة إذا منعوا مما يتيقن أنه خيقهم ملن الًكلة علىل
حال غري أن لقائل أن يقول :إن العادة جيوق اختالفها وإذا جاق ذلك مل تؤمن الزيلادة علىل
أربعة يف بطن واحد دليله ما ذكره الشافعي حممد بن إدريس فإنه روي عنه أنه قال :دخلت
عىل شيخ باليمن ألسمع منه احلديث فلاء مخسة كهول وسلموا عليه وقب ّلوا رأسه ثم جاء
مخسة شباب وسلموا عليه وقبلوا رأسه ،ثم جاء مخسة صبيان وسلموا عليه وقبلوا رأسله
فقلت :من هؤالء؟ فقال :أوالدي كل مخسة منهم يف بطن ويف املهد مخية أطفال.
وروي عن ابن املربقبان أنه قال :أسقطت امرأة باألنبار كيس ًا فيه اثنا عرشل وللد ًا كلل
اثنني متقابلني ،وإذا كان ذلك جائز وال مانع منه مل يكن القطع عىل التقرير األول غلري أن
أئمتنا عليهم السالم قد ذكروا مسائل نذكر طرف ًا منها:
األوىل :أن يكون احلمل مما يسقط مجيع الورثة عىل كل حال نحلو أن يلً محل ً
ال ملع
ال مع قوجة ابن له قد مات قبله فيلً أخل ًا ألم أو أخلوة فلال شليئ للوخ
قوجته أو مح ً
-432-
واألخوة من املرياث مع الولد ذكر ًا كان أو أنثى ففي هذا جيلب أين وقلف مجيلع امللال إال
الثمن إذا كان احلمل مع قوجته كام ب ّيناه.
وثانيها :أن يكون احلمل ممن يسقط الورثة إذا كان ذكر ًا أو ذكور ًا وال يسقطهم إذا كان
أنثى أو أناثى فاحلكم فيه تً قسمته حتى يتبني املر وصورته أن تً مح ً
ال وتً ابن ابن
أو بنت ابن ونحو ذلك.
وثالثها :أن يكون احلمل ممن ال ينقض الورثة عن ملرياثهم علىل كلل حلال ويف هلذه
املستلة جتب القسمة عند أن يطلبها الورثة وتكون صحيحة غري موقوفة عىل ظهور احلمل
وذلك يتقور يف مسائل عدة نذكر فيها مستلتني ليدال عىل ما وراءمها أحدمها :يف النسلب
واألخرى يف الوالء.
أما التي يف النسب فهي أن يً الرجل قوجته وحك ً
ال مع أ ّمه من أبيله فلإن للزوجلة
الربع ال يزاد عليه وال ينقص منه سواء كان احلمل ذكر ًا أو أنثى واحد ًا أو أكثر.
وأما التي يف الوال فتن يكون والء العبد املعتق لرشيكني فيموت أحلدمها قبلل ملوت
احلي ومح ً
ال مع امرأة مواله امليلت ،فإنله لليس مللواله العبد ثم يموت العبد ويً مواله ّ
احلي إال نقف املرياث عىل أية حال كان ويكون النقف اآلخر موقوف ًا ،فإن خلرج حيل ًا
فهو له سواء كان واحد ًا أو أكثر من واحد سواء كان ذكر ًا أو أنثلى ،وإن خلرج ميتل ًا كلان
لبيت املال فتقح هذه املستلة فيام هذا حاله وال تكون موقوفة عليه السالم ظهور احلملل
ومتامه.
ورابعها :أن يكون الورثة سواء احلمل يستحقون سهام ًا معلومة وال ينققلهم احلملل
عنها يف حال من األحوال فإن الروثة تعطي تلك السلهام علىل كلل حلال ملن األحلوال
ويوقف الباقي حتى يتبني األمر مثاله أن يً رجل ابنته وأمه ومح ً
ال مع أمه من أبيله فلإن
للبنت النقف عىل كل حال ولوم السدس عىل كل حال والباقي للحملل ذكلر ًا كلان أو
أنثى واحد ًا كان أو أكثر وهو ثلث املال فهو للحمل بالتعقيب؛ ألنه إذا كلان ذكلر ًا فهلو
-433-
عقبة أو ذكور ًا فكذلك ،وإن كان أنثى فاألخت مع البنت عقبة وكذلك األخوات معها
عقبة وإن خرج هذا احلمل ميت ًا كان هذا الثلث رد ًا عىل البنت واألم عىل قدر سهامهام.
وخامسها :أن يكون مرياث احلمل خيتلف بحسب كونه ذكر ًا أو أنثى فإنه يلً أوفلر
النقيبني ويسلم للوارث الظاهر أقلهام؛ ألنه ال يؤمن أن يكون من أهل النقيب األوفلر،
ال مع امرأة أبيله فلإن لوخلت ملن األب مثال ذلك أن يرتك الرجحل أخت ًا ألل وأم ومح ً
واألم النقف عىل كل حال والباقي لوخ من األب إن وقع احلمل ذكر ًا أو ذكور ًا فإن كان
أنثى أو أناثى فلها وهلن السدس تكملة الثلني والباقي مردود عليهلا وعلىل األخلت ملن
األب أو األخوات من األب فيكون لوخت من األب واألم ثالثة أربلاع امللال بلالفرض
والرد ولوخت من األب أو األخوات من األب الربع بلالفرض واللر ّد ون خلرج ذكلر ًا
أوذكور ًا فال رد ويكون له أو هلم الباقي بالتعقيب.
وسادسها :أن يكون احلمل ممن يرث يف حال كونه ذكر ًا وال يرث يف حال كونه أنثلى،
فإنه يوقف له نقيب الذكر؛ ألنه ال يؤمن أن يكون كذلك مثال ذلك أن يً الرجل بنتل ًا
ال مع أمراة أخيه فإن احلمل إن كان ذكر ًا أو ذكور ًا فللبنت النقف عىل كل حال وهلم
ومح ً
الباقي ،وإن كان احلمل أنثى أو أناثى كان املال كله للبنت بالفرض والر ّد وال يشء لبنات
األخ ألرن من ذوي األرحام.
وسابعها :أن يكون احلمل ممن يرث يف حال كونه أنثى وال يرق حال كونه ذكلر ًا فإنله
يوقف له نقيب األنثى فقط ،مثاله أن تً املرأة قوج ًا وأخت ًا ألب وأم ومح ً
ال ملع املرأة
أبيها فإن احلمل إن كان ذكر ًا أوذكور ًا فال يشء هللم وال لله ولللزوج النقلف ولوخلت
وهلن السلدس تكمللة الثلثلني وتعلول املسلتلة
النقف وإن كان احلمل أنثى أو أنثى فلها ّ
بينهم فتكون من سبعة للزوج ثالثة أسلباع ولوخلت ألب وأم ثالثلة أسلباع ،وإذا كلان
أوهلن سلبع امللال وهلذا هلو ّ كذلك وقف سبع املال ،فإن خرج احلمل أنثى أو أناثى فلها
املوقوف ،فإن كان ذكر ًا كان هذا املوقوف كله بني الزوج واألخت فرض ًا ال ر ّد ًا ،ففي مجيع
هذه املسائل ال تتثري احلمل يف تزايد مرياثه.
-434-
فصل
فإن كان لتزايد احلمل يف تزايد مرياثه ففيه مسائل ونذكر منها واحدة لتدل عىل غريهلا
وهي أن متوت املرأة وتً قوج ًا وأختني ألم ومح ً
ال مع امراة أبيها ،فتصل الفريضلة ملن
ستة للزوج النقف وهو ثالثة ولوختني من األم الثلث وهو سهامن ويبقلى ملن املسلتلة
سهم وهو السدس ،فإن كان احلمل ذكر ًا أو ذكور ًا مل يكن هلم هذا البلاقي؛ ألرلم عقلبة
وإن كان احلمل أنثى فلها تسمية النقف وهو ثالثلة؛ ألرلا أخلت ألب وتعلول املسلتلة
بسهمني من ستة فتكون من ثامنية بعد العول هلا ثالثة أثامن املال وللزوج ثالثة أثامن أيضل ًا
ولوختني من األم ربع املال ،وإن كان احلمل اثنتني فقاعد ًا فلهلن تسلمية الثلثلني وهلو
أربعة أسهم من ستة فتعول بثالثة وتقري بعد العول من تسعة أسلهم لللزوج ثالثلة ملن
تسعة وهو ثلث املال ،ولوختني من األم سهامن ومها تسعا املال ،ولوختني أو األخلوات
من األرب أربعة من تسعة وهو أربعة أتساع املال فيلب أن يعزل احلمل أربعة أتساع املال
وهو اكثر النقيبني ويدفع للزوج أقل النقيبني وهو ثلث املال ولوختني ملن األم تسلعا
املال ويوقف ما ذكرناه حتى يتبني احلمل ويظهر األمر بخروجه حي ًا فتقح القسلمة علىل
حسب افارج وعىل هذا فقس ،وف ياجلملة مسائل ينتلها النظر وفيهلا كثلرة وحسلاهبا
عىل ما قدمناه من الفروض املحدودة واملواريث املذكورة وقد ع ّينلا طرفل ًا منهلا يف كتلاب
التقرير.
قد ذكرنا يف كتاب الضوال واللقطة ،أن اللقطلة واللقيطلة حلران ال سلبيل ملللتقطهام
عليهام وهذا إمجاع ،،وب ّينا كيفية احلكم هبام إذا ادعى نسب الققليط واللقيطلة منلالتقطهام،
وب ّينا احلكم فيام تقدم ،وأما مرياثها فإذا ادعى نسبهام مدع يثبت ا ّدعاءه ثبت نسبه واملرياث
له فإن لد يدع ذلك مدع فاملرياث لبيت املال فإذا أضاف ما جيب فيه عىل العاقلة الدية كان
-435-
ذلك يف بيت املال.
وأما الفقل افامس وهو يف مرياث ولد الزنا وابن املالعنة ،أما ولد الزنلا فًثله أمله
ويرثها وكذلك إخوته وأخواته من أمه يرثهم ويرثونه إذا مل يكن معه ملن هلو أحلق منله
باملرياث املراد به أن خي ّلف بنني أو بنات ونحو ذلك فإنه إذا كان له ذرية كلان مرياثله هللم
عىل حسب ما فقلناه أوالً يف مواريث غريه ال خيرج من ذلك إال األب وورثته ألنه ال أب
له.
فصل
وأما مرياث ابن املالعنة فإن مات وخ ّلف ذرية ذكور ًا وإناث ًا مل يرث معهم غري أمه عىل
يكذب نفسه وال وارث منلقحسب ما فقلناه يف مرياث غريه وال يرثه املالعن ألمه إن مل ّ
لبه وهاذ الظاهر فإن أكذب نفسه وا ّدعى نسب الولد كان الولد باقي ًا فقد ذكر السليد أبلو
طالب أن االبن إذا كان حي ًا فادعاه املالعن ألمه بعد النفي فتكذب نفسه ثبت نسلبه منله،
وإذا ثبت ذلك كان مرياثه عىل نحو ما ب ّيناه أوالً ممن مات وله نسب ثابت من األب وذلك
ظاهر.
فصل
-436-
فصل
وإن مل يقع يشء مما تقدم فقد ذكر املؤيد باهلل عليه السالم أن مرياثله ألمله وقرابلة أمله
قال :قد أمجعوا عىل مجلتها ،واختلفوا يف كيفيتها ،قال :واملشهور عن عيل عليه السالم أنله
قال يف ابن املالعنة مرياثه ألمه إذا مل يكن غريها فلإن كلان معهلا أخلوة أو قوج أو املرأة
أعطي كل وارث الذي يسمى له فإن فضل من املرياث يشء رد عليله السلالم أمله وعلىل
الورثة إال الزوج واملرأة ومثله ذكر السيد أبو طالب يف كحه الزبدة أنه يرث من أمه ماي
رثه الوالد وحيلب عىل من حيلدبه الولد فإن ماتت أمه وله جدة فلها ما يكون لللدة عىل
أصل حييى عليه السالم ،ذكره السي أبو طالب ،وال ترث جدة أب أمه شيأ ًا ملا عاشلت
أمه فإن مكات وليس له أم فإن عقبته عثبة أمه فإن ماتت جدته أو واحد من عقلبة أمله
فهو منهم بمنزلة ابن االبنة ال مرياث لله ،ذكلره يف (اللوايف) قولله :ال ملرياث لله يعنلي
بالتسهيم أو التعقيب ،فتما بالرحم فهو من مجلة ذوي أرحامهم فإن مات وتر أمه فلها
الثلث والباقي ر ّد عليها فإن تر ام ًا وبنت ًا فلوم السدس ولببنت النقف وما بقي فهو رد
عليهام عىل أربعة فإن تر بنت ًا وأب ًا لوم فاملال للبينت كلله يف الفلرض واللر ّد ذكلر عهلذا
المسائل أبو طالب ورواها أيض ًا عن السيد أيب العباس وذكر إنام ذكره يف مجيعها هو قلول
عيل عليه السالم.
وأما الفقل السادس وهو يف مرياث امللوس وغلريهم ملن سلائر أهلل الذملة ،أملا
نلص علىل ذللك يف مرياث امللوس فامللوس يلرث بعضلهم باألنسلاب ملن وجهلنيّ ،
(األحكام) ذكره السيد أبو طالب قال :وتفقيل ذلك أن تكون املرأة امللوسية أم ًا وأختل ًا
نحو أن يثب امللويس عىل ابنته فتلد منه ابن ًا فتكون أم ًا لالبن وأخت ًا له ألب فًث منله إذا
مات مرياث األم ومرياث األخت ،وذكر السيدان األخوان أن هذا كله قول أمري املؤمنني
عيل عليه السالم وذلك ألرا قد اختقلت بقلرابتني للو كانلت موجلودتني يف شخقلني
الستحقا اإلرث هبام كذلك إاذ وجد يف شخص واحد كام قلنلاه يف ابنلي علم أحلدمها أخ
البن وكام لو اعتق رجل جاريته ثم تزوج هبا فإنه يرثه بالزوجية وبالوالء.
-437-
فصل
وهذا كله إذا وثب عليها بعد النكا ،فإنام إذا كان بغري عقد فهو قنا.
فصل
وال يتوارثون بالنكا ،إال أن يكون صحيح ًا كنكا ،املسلمني وقد نص يف (األحكلام)
عىل أرم ال يرثون بالزوجية إال إذا كان النكا ،صحيح ًا وهو قول أمري املؤمنني عيل عليله
السالم فإنه كان ال يورثهم بنكا ،وال يقح يف اإلسالم.
قال أبو طالب :وهذاما ال خالف فيه.
فصل
وقد حيلب الوارث منهم نفسه بنفسه نحو جملويس وثلب علىل ابنتله فتوللدها ابنتلني
وماتت إحدى االبنتني بعد أبيها وخ ّلفت أختها ألبيها وأمها وأختها ألبيها التي هي أمهلا
فوختها من أبيها وأمها النقف والختها من أبيها التي هي أمهلا السلدس لكورلا أمهلا،
وإنام كان هلا السدس دون الثلث؛ ألرا حلبت نفسها مع بنتها التلي هلي أخلت املتوفلاة
ألب وأم ،ذكر هذه املستلة السيدان األخوان عن اهلادي إىل احلق عليه السلالم ثلم قلاال:
وهذا مما ال خالف فيه بني القائلني بتوريثهم من وجهني.
فصل
وأما سائر أهل الذمة فإرم إذا ترافعو إلينا حكمنا بينهم باملورايث وغريهلا بتحكامنلا
لقول اهلل تعاىل[} { :المائدة ]42:وهو يقت ي أن اهلل
-438-
خري نبيه صىل اهلل عليه وآله وسلم أن حيكم بيلنهم إذا ترافعلوا إليله وبلني أن يلً
تعاىل ّ
احلكم قيل :هذا احلكم باق إىل اليوم فيكلون معنلاه علىل هلذا القلول { } أي
ترافعوا إليك { } قوولله { } معنلاه أنله إن مل يًافعلوا إليلك
فاعرض عنهم وقيل :إن التخيري منسوخ لقولله تعلاىل { :
[} المائالدة ،]49:قيل :قالت
عام هو عليله فلإنام هلو
رؤساء اليهود بعضهم لبعض انطلقوا بنا إىل حممد لعلنا نفتنه ونرد ّ
برش ،وقالوا له :قد علمت أنا إن اتبعنا اتبعك الناس ،وإن لنا خقومة فلاقض لنلا علىل
خقومنا إذا حتاكمنا إليك ونحلن نلؤمن للك ونقلدقك فلتنزل اهلل { :
-439-
-440-
كتاب السري
أحدها :يف بيان اإلمام بعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من القحابة.
والثاين :يف بيان منقب اإلمامية اآلن ،وبيان الطريق إليها ،وبيان كو صحة اإلمامة
التي متى تكاملت يف الداعي إليها كان إمام ًا.
-441-
[} البقرة ،]134:ويف
الكايف وال خالف بني العًة أنه جيب عىل كل مك ّلف عامل وعامي رجلل أو املرأة معرفلة
إمامة عيل عليه السالم ،ويف (الكايف) :لكورا من أصول الدين ولكورا نق ًا.
فصل
واإلمام بعده ولده احلسن ثم بعده ولده احلسني عليهم السالم وهذا موضع إمجاع بني
األمة ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم(( :احلسلن واحلسلني إماملان قاملا أو قعلدا
وأبومها خري منهام)) وذكر يف (الكايف) أن من مل يعرف إمامتهام مل يفسق عند مجيع العللامء،
قال :وليس معرفة إمامتهام من اصول الدين.
وأما الفقل الثاين :وهو يف بيان منقب اإلملام وبيلان الطريلق إليهلا ،وبيلان كو
صحة اإلمامة التي متى تكاملت يف الداعي إليها كان إمام ًا ،أما منقبها فال جيلوق يف غلري
قريش وال جتوق يف قريش إال يف ولد فاطمة متى كان الداعي فاطمة األب ،أما ما اعتربناه
من كونه من قريش فلقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :األئمة من قريش)) واألخذ بام وقع
عليه إمجاع الزيدية واملعتزلة ،وأما ما عتربناه ثاني ًا من كونه فاطمي األب وأرا عىل من هذه
حاله من ولد فاطمة عليها السالم حمظورة عىل سلواهم ملن قلريش وغلريهم مهلام بقلي
التكليف حمظور ًا بذلك إلمجاع العًة الزكية وإمجاع أتباعهم من الزيدية فإرم أمجعوا علىل
جواقها فيمن هذه حاله ،ويف حظرها فيمن من مل يكن فلاطمي األب وأن العقلل يق يل
الترصف يف أمور ضارة من جلد وقطع وقتل وأخذ مال ،واألصلل
ّ بحظرها؛ ألنه يقت ي
ال وكع ًا إال بدليل خيقص ،والدليل هو إمجاع العلًة خاصلة ويلتلخص
فيها احلظر عق ً
إمجاع األمة من حيث أن من أجاقها يف مجيعالناس فقد أجاقها يف الفاطمني ومن أجاقهلا
يف قريش فقد أجاقهم فيهم؛ ألرم خري الناس وخري قريش ،فهذا اإلمجاعال ينلايف افلرب؛
ألنه أفاد بيان اجلنس وهم قريش فإذا كان اإلمجاع منعقد ًا عىل جواقها فيهم ومل يدل دليل
عىل جواقها يف غريهم بقي ذلك احلظر ويكون اإلمجلاع خاصل ًا يف افلرب فتملا ملا خا
-442-
ترويه اإلمامية فلو صح لوجب أن يكون ظاهر ًا مشهور ًا ومعلوم أنه ليس كذلك.
فصل
وأما بيان الطريق إىل اإلمامية فطريقها عند القاسم واهلادي وسائر علامئنا هلو اللدعوة
فمتى حقلت كو امامة يف شخص ذكر ،بال ،عاقل ،وكان فلاطمي األب ،ودعلا إىل
نفسه ،وباين الظاملني ،ونقب نفسه ورايته كان إمام ًا.
قال املؤيد باهلل :الدغعوة موجبة لإلمامة وليست بداللة عليها ،وقال يف موضع :هلي
موجبة لإلمامة ال يمتنع أن تكون داللة عليها.
فصل
وثالثها :أن يكون عامل ًا بام حيتاج إىل معرفته من أصول اللدين وفروعله ،وامللراد بله أن
نص عىل معناه يف (األحكام)
يكون مع علمه بتصول الدين من أهل االجتهاد يف الفروعّ ،
وجيب أن يكون علمه بالفقيه أكثر من علمه بسائر الفنون؛ ألنه يتعلق به احلالل واحللرام،
-443-
واالحتياج إليه أكثر.
ورابعها :أن يكون ورع ًا تقي ًا ،واملراد به أن يكون قائ ًام بالواجبات ،وكاف ًا علن الكبلائر
من املقبحات.
وخامسها :أن يكون شلاع ًا كمي ًا.
وسادسها :أن يكون ذا رأي وتدبري ،سائس ًا لومور بحيث يكون له من ثبلات اللرأي،
والقلب ،والعلم بتلدبري احللروب وسياسلة اجلمهلور ملا يقللح أن يكلون مثلله ملدبر ًا
للليوش واحلروب.
وسابعها :أن يكون سخي ًا بوضع حقوق اهلل تعاىل يف أهلها فلال يقلح يف إخراجهلا يف
الوجوه التي ق الرشع بإخراجها فيها فيدخل يف اجلملة أن يكون قويل ًا علىل األملر وال
يكون معه صعف يمنعه ،وال آفة تقعده وال جراحة تنفر املسلمني عن قربه ،ويلدل عليله
السالم اشًا هذه الرشو مع كونه فاطمي ًا إمجاع القحابة علىل اشلًاطها ،وقلد روي
إمجاعهم عىل ذلك عللامء اإلسلالم ،والعلارفون بلاحلالل واحللرام ،ورواه أيضل ًا فرسلان
الكالم.
فصل
والطريق إىل معرفة تكامل هذه افقال حقول اإلمجاع واإلطباق عىل كونله فلاطمي
األب ،وحقول ذلك عىل توفر ح ّظه من الورع والفقه عىل مجيع افقال املذكورة ،وهذا
إذا كان يف بلد ناق ،فالبد من حقول العلم بذلك ،ذكره يف (الكلايف) وإذا كلان حلارض ًا
فالعلامء يعلمون توفر ح ّظه يف باب العلم فمتى علموه وأطبقوا عليه وحقل اللعم للعامة
بذلك من خربهم للزمهم إجابتله وترصلته ،وسلائر افقلال يشلً يف معرفتهلا العلامل
واجلاهل ،وال يؤخذ يف ذلك باألمارات املظنونة ،وإتنام جيب العمل عليله السلالم العللم
عند أئمتنا عليهم السالم؛ ألن هذا احلكم عندم من أصول الدين فال جيوق فيهالعمل علىل
-444-
الظن.
وأما الفقل الثالث وهو يف فوائد ما منها يتعلق بذلك فهي ثالث:
األوىل :أن اإلمام إن أيه العدو وغلب عىل الظن أنه ال ينلو من األي رلض غلريه
باألمر ودعا لنفسه ثم ر ّلص األول ففيه قوالن:
أحدمها :أنه يلزم املفضول تسليم األمر إىل األفضلل ،وبله قلال القاسلم بلن إبلراهيم
والنارص.
والثاين :أن الفمضول يتحمل أعباء هذا األمر والقرب عىل مضض اجلهاد يف سبيل اهلل
تعاىل يقري به أفضل فال يلزمه تسليم األمر إىل األفضل منه قيل ذلك وهذا قول السيدين
األخوين ،والسيد أيب عبداهلل الداعي ،وهو املروي عن َق ْيلن العابلدين عليل بلن احلسلني
النفس الزكية املهدي لدين اهلل حممد بن عبداهلل عليهم السالم ،ذكره يف الكايف.
الثانية :إن اإلمام إذا فسق بطلت إمامته إذا تاب ي ًا من دون جتديد الدعوة أم ال البد
من جتديدها ،فذهب اهلادي إىل احلق واملؤيد باهلل إىل أنه جيب عليه أن يتوب فإذا تاب ي ًا
مل جيب عليه جتديد الدعوة ،وعنلد النلارص للحلق تبطلل اإلماملة بالفسلق وال تعلود إال
بتلديد الدعوة وهو مننوع عام لوئمة القيام به إال أن يتوب وجيدّ د الدعوة ،وقيل هو أحد
قوَّ املؤيد باهلل ،واألول أن حيمل األول عىل أنه فسق ي ًا ثم تاب ي ًا فإنه ال جيب عليله
إظهار فسقه وتوبته ،ويدل حتت قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من أتى شليأ ًا ملن
هذه القاذورات فليستً بسً اهلل)) ومجيع الكبائر قاذورات فتمر الفاعل بالسً عىل نفسله
وهو الكتامن والتوبة مقبولة ي ًا فيام بينه وبني اهلل؛ وألن إظهار الكبلرية التلي فعلهلا ي ًا
يقد ،يف عدالته ويضعف أ ْم ُر ُه يف القلوب فال جيوق أن يفعل ما يؤدي إىل هلذا ،وقلد قلال
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أقيلوا الكرام عثراهتم)) والكلريم هلو التقلي لقلول اهلل
تعاىل[} { :الحجرات ،]13:وأما إذا فعل الكبرية ظاهر ًا فالبد من
وقوع النوبة ظاهر ًا ووقع االختبار بعدها ،وأقل مدة االختبار سنة ثم جيلدد اللدعوة بعلد
-445-
ذلك؛ ألن حاله ال يقرص عليه السالم حال الشاهد الذي يكون عدالً ثلم يرتكلب كبلرية
فقد ذكر العلامء أنه إذا تاب اختربت توبته مدة وقدر بعضهم سنة واإلمام بذلك أوىل؛ ألنه
يترصف يف الدماء والنفوس واألموال ،واهلل اهلادي.
فصل
وإذا ثبت ذلك فلنذكر طرف ًا مما اختلف فيه علامؤنا عليهم السلالم فهلو يشلتمل علىل
فوائد:
األوىل :أنه جيوق ققد أهل احلرب إىل ديارهم بغري إمام ووجهه (خرب) وهوقول عليل
عليه السالم :ال يفسد اجلهاد واحل جور جائر كام ال يفسد األمر باملعروف والنهلي علن
املنكر غلبة أهل الفساد؛ وألنه قد ثبت عن أقوام صاحلني أرم حاربوا وغزوا مع الفسلقة
ومل حيفن عن أحد من السلف إنكار ذلك فذلك جلائز عنلدنا ،وبله قلال قيلد بلن عليل،
والنفس الزكية حممد بن عبداهلل ،وأمحد بن عيسى ،والنارص للحلق ،والسليد أبلو عبلداهلل
الداعي ،رواه عنهم الكايف ،وهو قول املتوكل عىل اهلل ،واملنقلور بلاهلل عبلداهلل بلن محلزة
عليهم السالم ،ويف الكايف وروى القاسم عن النفس الزكية أنله جيلوق قتلال البغلاة بغلري
علوي وبغري إمام فون جيوق مع العلوي أوىل وأحرى ،وذكر املنقور باهلل عليه السلم أنله
جيوق ققدهم أيض ًا إىل بالدهم مع إمام حق ،فإن مل يكن جاق ذلك وهلذا قال يف شعره:
لللدر لسلللافكها يف غلللري وقلللت إملللام
أهللللل بغللللي دمللللاؤهم هل ُ
لع وما طرقت حرهبم بعلام لتامدي طغيارم ليس للدفلل
وهو قول السيد اإلمام احلسن بن إسامعيل اجلرجاين عليه السلالم قلال :وهلو اللذي
ذهب إليه حمقلو حمدّ ثي أصحابنا وهو اختيار احلاكم أب سعيد ،ثم رجع املنقور باهلل إىل
القول بتنه ال جيوق ققد البغاة إىل ديارهم إال إلمام حق عادل وهو رأي اهللادي إىل احللق
عليه السالم وهو القحيح عندنا؛ وذلك ألرم مالكون الدار التي هم فيها واألموال التي
-446-
يف أيدهيم أيض ًا ،وإنام جيوق قتاهلم مللرد البغلي لقولله تعلاىل { :
[}الحجالرات ]9:فإذا فقد البغي عاد إىل أصلله وهلو املنلع واحلظلر؛ ألن األصلل حتلريم
األموال والدماء إال ملبيح كعي ،وهو رأي القايض شمس الدين جعفر بن أمحلد ،وهلو
مذهب اهلادي إىل احلق أنه ال جيوق ققد أهل احلرب إىل ديارهم إال إلمام حق وهو قلول
مجاعة من أهل البيت عليهم السالم ،رواه السيد أبو طالب والقول األول أوىل لظاهر قوله
تعللللللاىل { :
[}التوبة ،]5:فتمر تعاىل بتخذهم وقتلهم وحرصهم ومل يشً أن يكون ذللك ملع
إمام فظاهره يقت ي جواق ذلك مع فقده؛ وألن القحابة ريض اهلل علنهم ملدة حرصلهم
لعثامن املرة األوىل واملرة الثانية ومدهتا مخسة أشهر وعرشة أيام فهم يف هذه املدة حلافظون
لثغورهم كافون ألمورهم يف فروج أرض اهلند ،والباب يف خراسان ،وثغور ملرعش ملن
املغرب ،وما تركوها مهملة وقال خ ّلوها معطللة؛ وألن القلحابة ريض اهلل علنهم كلانوا
حياربون يف قمان معاوية عىل ثغور املسلمني ويغزون أهل احللرب حتلى قتلل أبلو أيلوب
األنقاري رمحه اهلل يف بعض هذه احلروب.
(خرب) وقد حارب النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قبل البعثلة يف حلرب الفللار بلني
قيس وكنانة وهو ابن مخس عرشة سنة وقيل :عرشين سنة ،وقال :كنت أنبل عىل أعاممي،
قيل :يردد عليهم النبال ،وقيل :يناوهلم احللارة القغار ،وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم:
((لقد شهدت حلف ًا يف دار عبداهلل بن جدعان لو ا ْدعى إىل مثله يف اإلسالم ألجبت)) يعني
حلف الفضول حني حتالفت بطون قريش منهم بنلو هاشلم علىل أن ال يقلروا ظاملل ًا علىل
ظلمه ،وال يًكوا آث ًام عىل إثمه ،وأن يتمروا باملعروف وينهلوا علن املنكلر ،وهللذه العللة
حرصت القحابة عثامن بن عفان ملا اعتقدوا فيه أنه فعل املنكلرات حرصلوه ملرتني ملرة
حرصوه أربعني يوم ًا وهي املرة األوىل ،ومرة أربعة أشهر حتى كان آخرها أرم قتللوه وال
يقح أن يقال :إرم فعلوا ذلك عن أمر عن عيل عليه السلالم وهلو اإلملام عنلدكم؛ ألن
-447-
ال بتمامته؛ وألنه ملا ُس مأل عن قتل عثامن هل أمر بله
أكثر القحابة يف تلك احلال مل يكن قائ ً
ال ولو ريت لكنت نارص ًا ما أمرت وال ريلت وال أو رى عنه؟ قال :لو أمرت لكنت فاع ً
رضيت وال كرهت فتجرى قتله جمرى املبا،؛ ألنه لو كان قبيح ًا لوجب عليه أن ينهى عنه
مع اإلمكان ولو وجب عليه أن يكرهه عىل كل حلال وللو كلان واجبل ًا لوجلب عليله أن
يرىض به عىل كل حال وأن يتمر به ويعني عليه مع اإلمكان ،وأما دفع الظاملني عن ظلمهم
فذلك جائز بل واجب مع اإلمكان يف ديارهم وغريها ملع إملام حلق إن كلان وإال فملع
قعيم ورع سائس ينقبه املسلمون أن حيتسب يف ذلك هلل تعلاىل ،وقلد ب ّينلا هلذه اجلمللة
وفقلناها فيكتاب الرسالة املفقحة بالرباهني املوضحة وأودعنا كتاب التقرير طرفل ًا ملن
ذلك.
املستلة الثانية :أن إقامة احلدود ال جتوق إال ألئمة احلق وعند اهلادي عليه السالم وهلو
الظاهر من قول العًة غري املؤيد باهلل فإنه ذكر جواق ذلك لغلري األئملة ملن اللوالة؛ ألن
تركه يؤدي إىل تضييع احلقوق ،وقيل :هذا قوله األول :وأنه قد رجع عنه وقال :ألن جتويز
ذلك يؤدي إىل االستغناء عن اإلمام ،وقد أمجعلت األملة علىل أن األملة ال تسلتغني علن
اإلمام؛ وألنه إنام جاق نقب القايض للرضورة وهلي فقلد اإلملام وال رضورة إىل إقاملة
احلدود ،وذكر الشيخ العامل أبو الفضل بن كوى أنله جيلز إقاملة احللدود علىل األحلرار
واملامليك يف غري وقت األئمة لغريهم من املسلمني ألن ال يؤدي ذلك إىل تضييع احلدود.
املستلة الثالثة :أنه ال جيوق أخذ احلقوق الواجبة من الزكوات وأعشار ونحومها يف غري
وقته أال يؤدي إىل تضييع احلقوق وإليه ذهب القايض شمس الدين جعفر بلن أمحلد فإنله
ذكر أنه جيوق لوالة املسلمني من قضاة احلق ،ووالة العدل أن يستويف احلقوق الواجبة ممن
وجبت عليه طوع ًا وكره ًا وأن له أن يضمن الظاملني ما استهلكوه من أموال اهلل تعاىل قال:
وال فرق يف هذه القضية بني من ينقبه اإلمام من القضاة وبني من ينقبه املسللمون قلال:
وكذلك ملن واله مجاعة من املسلمني القيام هبذا األمر ،قال :وكان قائ ًام بالعدل وفاع ً
ال من
ذلك ما يفعله القايض املنقوب ،ينبغي أن جيوق له ذلك ملا جيلوق لقاضليهم؛ ألن اللذي
-448-
ألجله جاق فل القايض هو الوالية الثابتة من قبل املسلمني ،فإذا ثبتت الوالة يف ذلك لغريه
جاق له ما جاق للقايض ،قال :فلإذا قلبض القلايض أو اللواَّ أملوال الظلملة علىل وجله
التضمني هلم بام استهلكوه من األموال ظل ًام ملن ال يعلرف جلاق رصف ذللك يف مقلالح
املسلمني وفقرائهم كام جيوق رصف األموال التي الي عرف مالكها إىل ذلك ،وذكر الشيخ
عيل خليل ملذهب املؤيد باهلل عىل أن التضمني ال يكون إال لإلمام أو احلاكم دن غريمها.
-449-
باب ما يجب على اإلمام أن يسير به في رعيته وما يتصل بذلك
{ قال اهلل تعاىل:
{ [}آل ومرا ]104::اآلية .وقال تعاىل:
[} المائالدة ،]78:قوله عىل لسان داود يعني أصحاب السبت فإن اهلل تعلاىل
راهم عن القيد يف يوم السبت وأذن هلم يف سائر األيام وكان احليتان تتتيهم يوم سلبتهم
كع َا ظاهرة عىل املاء شارع وشارعة وقيل :كع ًا واردة إىل املاء تتيت بيض ًا سلامن ًا كتمثلال
يوم السبت مل جيدوها كلام قلال املخاض حتى تقف عىل أبواب دورهم وأبنيتهم فإذا م
-450-
اهلل تعللاىل[} { :األوالالراف ،]163:فانقسللموا ثللالث طوائللف،
فطائفة نقبوا الشبا يوم اجلمعة وقالوا :ال حترم علينا يف اجلمعة وتركوهلا فلإذا جلاءت
يوم السبت وجلت فيها فإذا كان يوم األحد أخذوها وقالوا :ال حترم علينا يف يلوم األحلد
وصادت هذه الطائفة وأكلت ،وطائفة رت عن ذلك وقجلرت ،وطائفلة أمسلكت علن
القيد وسكتت عن اإلنكار عىل من صاد وأكل ،وقالت الطائفلة التلي سلكتت للطائفلة
الناهية مل تعظون قوم ًا اهلل مهلكهم يف الدنيا بمعقيتهم أو معذهبم عذاب ًا شديد ًا يف اآلخرة،
ملوهم عىل موعظتم لقوم يعلمون أرم غري مقلعني ،فقاللت الطائفلة الناهيلة :معلذرة إىل
ربكم أي موعظتنا إياهم معذرة ،فقال داود عليه السلالم :اللهلم العلنهم واجعلهلم آيلة
ومث ً
ال فلقك فمسخوا قردة ومسخ اهلل الطائفلة الفاعللة والطافلة السلاكتة علن اإلنكلار
املنكرة عىل الطائفة التي رتهم ووعظتهم قردة ،وأما عيسى عليله السلالم فلإن قومله مللا
اقًحوا عليه مائدة من السامء فدعا اهلل تعاىل فتنزهلا عليهم فلام أكلوا من املائدة ومل يؤمنوا
قال عيسى عليه السالم :اللهم العنهم كام لعنت أصحاب السبت فتصبحوا خناقير.
(خرب) وعن أنس بن مالك قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :دوروا مع
القرآن حيث دار ،قالوا :يا رسول اهلل أرأيت إن مل نطق ذلك؟ قال :كونا كحواري عيسلى
بن مريم شقوا باملناشري يف اهلل ،وصلبوا يف جذوع النخل يف اهلل ،قالو :يا رسول اهلل أرأيت
إن مل نطق ذلك؟ قال :قتل يف طاعة اللهخلري ملن حيلاة يف معقلية اهلل إن بنلي إيائيلل
ملكتهم ملو بعد أنبياء فغريوا سنتهم وعملوا فيها بغلري احللق فللم يملنعهم ذللك ملن
جورهم أن حابوهم وصافحوهم وواكلوهم وشاربوهم فلام رأى اهلل ذللك ملنهم رضب
بقلوب بعضهم عىل بعض ،ولعنوا عىل لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بام عقوا وكانوا
ّ
ولتنهون عن املنكر أو ليسللطن اهلل علليكم كاركلم فيلدعوا يعتدون ،لتتمرن باملعروف
عليهم خياركم فال يستلاب هلم)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه
ّ
ولتنهون عن املنكر أو ليسلطن اهلل عليكم كاركلم فيسلومونكم قال(( :لتتمرن باملعروف
-451-
سوء العذا ب ثم يدعوا خياركم فال يستلاب هلم حتلى إذا بلل الكتلاب أجلله كلان اهلل
سبحانه هو املنترص لنفسه ثم يقول :ما منعكم إذا رأيتموين إعىص أن ال تغضبوا َّ)) دلت
هذه اجلملة عىل وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكلر ،وقلال اهلل تعلاىل{ :
[} المائالدة ،]83:وقال تعاىل { :
[} النالالور ،]2:قللال تعللاىل { :
[} النور ،]4:دلت هذه اآليات علىل وجلوب إقاملة األملر
باملعروف والنهي عن املنكر ،وإقامة احلدود ،وإمجاع املسلمني منعقلد علىل أن لوئملة أن
يفعلوا ذلك وأن يقوموا به ويتو ّلوه ويو ّلوا عليه ،وقد قدمنا افالف يف أن ذللك مققلور
عليهم دون غريهم ،ودل قول اهلل تعاىل[} { :النالور ،]2:عىل
أنه جيب عىل اإلمام أن يشتد غضبه عىل من عىص اهلل وللو كلان أبلاه أو ابنله وهلذا نلص
اهلادي أعني أعيان هذه املسائل.
فصل
قال اهلل تعاىل[} { :التوبة ،]103:دل عىل أن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يتخذ القدقات طوع ًا وكره ًا.
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ملعلاذ بلن جبلل حلني بعثله إىل الليمن:
((أعلمهم أن يف أمواهلم حقوق ًا تتخذ من أغنيائهم وترد عىل فقرائهم)).
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أمرت أن آخذها ملن أغنيلائكم وأر ّدهلا إىل
فقرائكم)) دل ذلك عىل أن للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يتخلذ احلقلوق ملن أهلهلا
وهم الذين جتب عليهم وأن عليه أن ير ّدها يف أرباهبا وحم ّلها ممن عينله اهلل تعلاىل ورسلوله
صىل اهلل عليه وآله وسلم وال خالف إنام كان صىل اهلل عليه وآله وسللم أن يسلتوفيه ملن
األموال فإلما م احلق أن يستوفيه وأن ما كان صىل اهلل عليله وآلله وسللم يفعلله فيله بعلد
-452-
استيفائه فذلك جيب عىل إمام احلق أن فعله وهلذا قال أبو بكر ملا اعتقد اإلماملة يف نفسله:
واهلل لو منعوين عقاالً ويف بعض األخبار عناق ًا مما أعطوا رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم لقاتلتهم عليه ،وكان ذلك بمحرض من القحابة ومل ينكروا عليه ،فدل علىل ذللك
عىل صحته وأرم جممعون عىل ذلك.
(خرب) وقد كان صىل يبعث عامله وسعاته جلمع القدقات واجلزة وكذلك عليل عليله
السالم أنه قال لبعض والتع وعامله :ولكني آمر اآلن بام تتخذهم به فإن أنت فعلته وإال
تبليعن هللم رققل ًا
ّ آخذ اهلل به دوين ،وإن بلغني عنك خالف ما آملر بله عزلتلك ،وال
ال منهم سوط ًا يف طلب درهلم فإنلا مل
يتكلونه وال كسوة شتاء وال صيف ،وال ترضبن رج ً
نتمر بذلك ،وال تبيعن هلم دابة يعملون عليها ،إنام أمرنا أن نتخذ منهم العفو ،قال عاملله:
إذ ًا أجيأك كام ذهبت ،قال :فرجعت واهلل ما بقلي درهلم إال وفيتله العفلو اليسلري اللذي
تسمح به النفس من أخالق الناس وأعامهلم وهو جماق هاهنا يف هذا القدر من أمواهلم.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من استعمل عام ً
ال وهلو يعللم
أن يف املسلمني خري ًا منه أعلم لكتاب اهلل وسنة نبيه فقد خان اهلل ورسوله ومجيع املسلمني،
ومن توىل شيأ ًا من حوائ الناس مل ينظلر اهلل فيحاجتله حتلى يق يل حلوائلهم ويلؤدي
حقوقهم)) دل ذلك عىل أنه جيب عىل اإلمام أن خيتار الواَّ عىل املسلمني وأن ال يعدل عىل
األعىل ما وجده.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من وَّ أمر ًا من أمور املسللمني
ثم أغلق بابه دون املسكني والضعيف وذوي احلاجة أغلق اهلل دونه باب رمحته عند حاجته
وفقره أحوج ما يكون إليها)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من وَّ من أمر املسلمني شيأ ًا فاحتلب
دون خ ّلتهم وفاقتهم احتلب اهلل عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته وفقره)) يعني حلب
رمحته عنه ،دل ذلك عىل أنه حيرم عىل اإلمام أن حيتلب عن رعيته احتلاب ًا يرض هبم
أويؤ ّدي إىل اإلرضار هبم يف مقاحلهم ،وقد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام) وقول اهلل
-453-
تعاىل { :
{ [} األحزاب ،]53:وقوله تعاىل:
[}الحجرات ،]5-4:دل ذلك عىل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان خيلو
أمورهم وخيلون بتهاليهم بنفسه وأهله وكذلك فعل من بعده وكانوا ينظرون يف خا
فلاق مثل ذلك لإلمام؛ ألنه مما يسًيح به وخيلو خاطره معه فهو تقوية له عىل القيام
بمقالح املسلمني ،واالحتلاب املذموم هوما يمنع من النظر بمقالح املسلمني وكام
يفعله سالطني الظاملني وقوله غري ناظرين أنا ُه أي غري منتظرين نضله وبلوغوقته.
(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :ال حيلل
للخليفة من مال اهلل إال ققعتان ققعة يتكلها هو وأهله وققعة يضعها بني يدي الناس))
دل ذلك عىل وجوب احًاق من االسًسال يف مال اهلل تعاىل للخليفة وأهله وأن الزيلادة
عىل ذلك حمظورة.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من وَّ أمر ًا من أمور املسللمني
ومل حيطهم كام حيو أهل بيته فليتبوأ مقعده من النار)).
(خرب) وعن معقل أنه قال :سمع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :ما ملن ٍ
عبلد
يسًعيه اهلل رعية يمون يوم يموت غاش ًا لرعيته إال حرم اهلل عليه اجلنة)) دل ذلك عىل أنه
جيب عىل اإلمام أن ينقح رعيته يف الدين والدنيا ،وأنه ال جيوق له أن يغشهم ،وال جيوق له
أن يدع حياطتهم من كل ما ينوهبم من املكاره إذا كانت ما يمكنه دفعها.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعان باملشكني يف يوم حنني وكلان
ٍ
يومأذ بالغنائم فكان يعطي الواحد منهم أربعامئة ناقلة ،ويعطلي معه منهم ألفان وتتلفهم
الواحد من املسلمني الشاة والبعري ،فقال عباس بن مرداس ملا أعطاه أربع ًا من اإلبلل ورآه
يؤلف عيينة بن حقن الفزاري واألقرع بن حابس قال يف شعره:
-454-
ويعطلللللى عيينلللللة واألقرعلللللا أيؤخلللذ ربلللي ورلللب العبيلللد
مينلللل ًا وأعطللللى أنللللا أربعللللا ويعطلللى الفتلللى ملللنهم أربعلللا
يفوقان مرداس للو أمجعلا وما كان حقن وال حابلس
دل ذلك عىل أنه جيوق لإلمام احلق أن يستعني باملرشيكن ،واختلف أهلنا علىل قلولني
منهم من اشً أن يكون معه طائفة من املؤمنني يلتمكن هبلم ملن إنفلاذ األحكلام علىل
املرشكني الذين يستعني هبم وهو قول اهلادي وأحسب ذلك قول النفس الزكيلة ،وذهلب
سائر أهل البيت إىل جواق االستعانة هبم من دون ك إذا غلب عىل ظنله أرلم ينقلادون
ألمره ويقفون عند قواجره.
(خرب) وقد كان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يستعني باملنافقني ويتقلوى هبلم حتلى
نزلت اآلية[} { :التوبالة ،]83:ثم ّبني العلة يف
تر خلروجهم فقلال علز قلائال[} { :التوبالة ،]47:أي
فساد ًا ،دل ذلك عىل أنه ال جتوق االستعانة بمن هذه حاله.
(خرب) وقد كان عيل عليه السالم يستعني بمن ال يرىض طريقته ويقول هلم :يلت أشلباه
الرجال وال رجال ،حلوم األطفال ،وعقول ربات احللال ،واهلل لوددت أن يكون معاوية
بن أيب سفيان صارفني بكم رصف الدينار بالدرهم ،فيتخذ منكم عرشة ويعطلي واحلد ًا،
دل ذلك عىل أنه جيوق إلمام احلق أن يستعني بمن هذه حاله عند الرضورة فإن خرجوا عن
العدو كام فعل عيل عليه السالم يف حرب صفني فإنه مللا
ّ أمره حارهبم وبدأ بحرهبم وهادن
خالف عليه من أصحابه مجاعة هادن معاوية تسعة أشهر وحارب ملن خلالف عليله ملن
أصحابه وهم افوارج عىل ما يتيت بيانه بمشيأة اهلل تعاىل.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال لبعض افوارج :ما نمنعك نقيبكم من الفيء
ما دامت أيديكم مع أيدينا ،وال نمنعكم مساجدنا ما دمتم عىل ديننا ،وال نبدأكم بلاحلرب
حتى تبدؤونا ،وكان يستعني بملن ال يلرىض طريقتله كاألشلعث بلن قليس وأيب موسلى
-455-
األشعري وذلك يؤكد ما ذكرناه.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم وقف عن أخذ حقه بعد وفاة رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم لعدم النارص وفشية شق العقا ال سيام بعد ارتداد من ارتدّ عن اإلسالم
نحو متيم وأحالفها ،و َم َه َره ،وكندة ،وحرضموت ،وبني حنيفة ،وعامر ،وغطفان ،وأسد،
من املشلائخ الثالثلة ووجلد وغريهم ،ملا خيش عىل البحبوحة وأطراف احلوقة ،فلام م
النارص واألعوان مل يسلتحل الوقلوف وهللذا قلال يف بعلض كالمله :واهلل للوال حضلور
احلارض ،ووجوب احللة لوجود النارص ،أللقيت حبلها علىل غارهبلا ،وسلقيت آخرهلا
بكتس أوهلا ،الكالم بطوله ،فعند أن وجد ذلك مل يستحل الوقوف وهلذا قلال عليل عليله
السالم :مل أجد بد ًا من قتاهلم أو الكفر بام أنزل عىل حممد صىل اهلل عليله وآلله وسللم ،دل
ذلك عىل أنه ال جيوق لإلمام تر القيام باألمر وجيوق له التنحي عنه واالعتلزال إذا مل جيلد
أعوان ًا وعىل أنه جيب عليه القيام عند وجد األعوان ،وقد اعتزل احلسلن بلن عليل علليهم
السالم مع كونه منقوص ًا عليهّ ،
ورىل عن األمر ملا خذله أنقاره ودخلل املفسلدون ملن
أعوانه واملتمردون من عسكر فسطاطه حتى انتبهبوا متاعه ،وسلبوا حرمه ونساءه ،وحتى
أخذوا مطرفه من عىل عاتقه ،وحتى رضب بعضهم باملعول فخذه فقدهتا حتلى خالطلت
ٍ
حينأذ بني معاوية واألمر ،وفيه ود احلديث عن النبي صىل اهلل ّ
فخىل أربيته يف مظلم سابا
عليه وآله وسلم أنه قال(( :إن ولدي هذا س ّيد وسيقلح اهلل به بلني فأتلني عظيمتلني ملن
املسلمني)) وهكذا القاسم بن إبراهيم عليه السالم بويع له واجتمع عليه افلق فلام وقع يف
لدين اهلل حممد بن اهلادي تنحى عنهم واعتزل ،وهكذا املرت
عسكره منكر فعله بعضهم ّ
عليهم السالم وغريهم من أهلنا.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قتل يلوم أحلد بلدر نفلر ًا ملن أيى
املرشكني أمر برضب أعناقهم صرب ًا ،منهم عقبة بن أيب معليط ،والنرضل بلن احللارث بلن
كلدة ،وأمية بن خلف ،دل ذلك عىل أنه جيوق قتل أيى أهل احلرب ،ويدل عليه قول اهلل
تعاىل[} { :األنفال ،]67:فعاتبله اهلل
-456-
تعاىل عىل أخذ الفداء من بعضهم فدل عىل جواق قتىل أياهم من الكتاب والسنة ،وكلان
ال فلام كثروا واشتدّ سلطارم قال اهلل تعاىل { :
ٍ
يومأذ قلي ً ذلك ملا كان املسلمون
[} محمد ،]4:فخري املسلمني بعد ذلك بني القتل وبني أخذ الفداء ،يدل عىل ذللك
أن أسري أهل الغبي إن كان قد قتل أحد ًا قتل ققاص ًا وإنكان قد جر ،فكذلك يقتص منه
والضامن التي ذكرناهلا ويؤخذ األرش فيام عداه ،وأدلة الققا فيام جيب فيه الققا
يف املغقوب واجلنايات يدل عىل ما ذكرنا هاهنا ،ويدل عىل أنه يضمن مجيع ما أتلفله ملن
أموال املسلمني ،وإن مل يكن فعل شيأ ًا من ذلك فمذهب اهلادي عليه السلالم أن احللرب
إذا كانت قائمة بني البغاة وبني املسلمني أو كانت للبغة فأة والفأة هي الرئيس أو املعقل أو
املعسكر جاق قتله وجاق تركه عىل حسلب ما يراه اإلمام ،وإنام قلنلا :أنله ال جيلوق قتلله يف
هذه احلال لظاهر خرب ابن مسعود قال عبداهلل بن مسلعود أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم قال(( :يا أم بني عبد ما حكم من بغى من أمتي؟ قلت :اهلل ورسوله أعلم .فقال :ال
يتبع مدبرهم ،وال جياق عىل جرحيهم ،وال يقتل أسريهم ،وال يقسلم فيلؤهم)) وألن عليل ًا
عليه السالم كان إذا أتى بتسري يف أيام صفني يتخذ سالحه ودابته وحي ّلفه عىل أن ال يعلود
ويطلقه رواه الواقدي ،عن أيب جعفر الباقر حممد بن عيل قين العابلدين علليهم السلالم،
وروي عن عيل عليه السالم يف أيام صفني أنه كان إذا أيت بتسري قلال :إين للن أقتللك ،إين
أخاف اهلل رب العاملني ،وكان أخذ سالحه وخييل سلبيله ،وحيلفله أن الي قاتلل ويعطيله
أربعة دراهم.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن عامر بن ياي أي ابن اليثريب يوم صفني فلتمر
به عيل عليه السالم فرضبت عنقه ،فدل ذلك علىل أن األملر موقلوف عليله السلالم رأي
اإلمام متى كانت احلرب قائمة ،أو كانت للبغاة فأة إن رأى حبسله؛ ألنله أكلس لقللوب
البغاة ،وألن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس قوم ًا بالتهملة ،فارلذ عليل عليله
الدعار وقيلدهم بقيلود عليهلا أقفلال كانلت تفلتح يف أوقلات
السالم حبس فحبس فيه ّ
القالة ،ودلت األدلة املتقدمة فيام قدمناه عىل جواق قتلل اجلاسلوس ملن أهلل احللرب،
-457-
ودلت األدلة التي دللنا هبا يف الباغي عىل أن جاسلوس أهلل البغلي إن كلان قتلل أحلد ًا
بلاسيته يعني أنه لوال جساسته ملا قتل فإنه يقتل وإال حبس ودليل احلبس ما قدمناه.
-458-
باب ما يلزم الرع ّية إلمام الحق
قال اهلل تعاىل[} { :النساء ،]59:وأوَّ األمر
هم األئمة.
(خرب) وعن قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :قال رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم (( :ثالثة ال ينظر اهلل إليهم يوم القيامة وال يزكيهم وهلم علذاب ألليم،
رجل بايع إمام ًا إذاأهطاه شيأ ًا من الدنيا وَّف له وإن مل يعطه شيأ ًا مل يف له ،ورجل لنى عىل
ظهر الطريق شيأ ًا ليسد الطريق ،ورجل حلف بعد العرص لقد أعطي يف سلعته كذا وكلذا
فتخذها اآلخر مقدق ًا للذي قال وهو كاذب)).
(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ثالثلة
ال ينظر اهلل إليهم وال يزكيهم وهلم عذاب أليم ،رجل بايع إمام ًا عادالً فإنتعطاه شليأ ًا ملن
الدنيا وَّف له وإن مل يعطه مل يف له ،ورجل له ماء عىل ظهر الطريق يمنلع سلابلة الطريلق،
ورجل حلف لقد أعطي يف سللعته كلذا وكلذا فتخلذها اآلخلر بقولله مقلدق ًا لله وهلو
كاذب)).
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :حق علىل
اإلمام أم حيكم بام أنزل اهلل عز وجل ويعدل يف الرعية ،فإذا فعلل ذللك فحلق علليهم أن
يسمعوا وان يطيعوا وأن جييبوا إذا دعا ،وأن إم ُا مل حيكم بام أنزل فال طاعة له.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ملن سلمع داعيتنلا أهلل
البيت فلم جيبها ك ّبه اهلل عىل منخريه يف نار جهنم)).
روي عن حممد بن حييى اهلادي عليهام السالم أنه قال :الداعية هو اإلملام اللداعي إىل
اهلل عز وجل فمن سمع دعوته وندءاه فلم جيبه فقد قطع حبله من اهلل وخرج بال شك من
-459-
طاعته ،ومتكن يف معقيته ،ويف هبض األخبار :فلم جيب ويف بعضها :من سمع داعي ًا لنلا.
افرب.
(خرب) وعن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من نزع يده عن طاعلة
اإلمام فإنه جييء يوم القيامة وال حلة له ،ومن مات وهو مفارق لللامعة فإنه يموت يمتة
اجلاهلية)).
(خرب) وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :متسكوا بطاعة أئملتكم فلال رلالفوهم
فإن طاعتهم طاعة اهلل ،ومعقيتهم معقية اهلل ،فإن اهلل بعثني أدعلوا إىل سلبيله باحلكملة
واملوعظة احلسن فمن خالفني يف ذلك فتنا بريء ومنه وهلو بلريء منلي)) وراه أبلو لليىل
األشعري.
(خرب) وعن أنس بن مالك قال :كنا يف بيت فقام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم
عىل باب البيت وقال(( :األئمة من قريش ،وَّ عليكمحق وهللم علليكم مثلله ملا فعللوا
ثالث ًا ،إذا اسًمحوا رمحوا ،وإذا حكموا عدلوا ،وإذا عاهدوا وفوا ،فمن مل يفعل ذلك منهم
فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني)).
(خرب) وعن أنس أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ما من ٍ
أحد ألفضلل منزللة ملن
إمام إن قال صدق ،وإن حكم عدل ،وإن اسًحم رحم)).
(خرب) وعن ابن عباس انه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :والذي نفس حممد بيده أن
الواَّ العادل لريفع له كل يوم مثل عمل رع ّيته وصالته تعدل سبعني ألف صالة)).
(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :علدل سلاعة خلري
من عبادة سنة ،وإنام قامت الساموات واألرض بالعدل)).
(خرب) وعن أيب سعيد افدري أنه قال :إن أحب العباد إىل اهلل تعاىل وأقرهبم منه جملس ًا
إمام عادل ،وإن أبغض العباد إىل اهلل وأشدهم عذاب ًا يوم القيامة إمام جائر.
-460-
(خرب) وعن أيب هريرة ،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ثالثة اليلرد اهلل
هلم دعوة ،اإلمام العلادل ،والقلائم حتلى يفطلر ،واملظللوم يقلول اهلل وعلزيت وجلالَّ
وارتفاعي فوق عريش ألنرصنك ولو بعد حني)).
(خرب) وروى أبو بكر عىل املنرب قال :سمعت رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
يقول(( :الواَّ العدل املتواضع ظل اهلل ورحمه يف أرضه ،فمن نقحه يف نفسه ويف عباد اهلل
تعاىل حرشه اللفه يف وفده يوم ال ظل إال ظله ،وإن غشه يف نفسه ويف عباد اهلل تعاىل خذله
اهلل يوم القيامة ،ويرفع للواَّ العادل يف كل يوم وليلة عمل ستني صديق ًا كلهم عبد جمتهد
يف نفسه)).
(خلرب) وقللال صلىل اهلل عليلله وآلله وسلللم(( :إال إن اللدين النقلليحة ،أال إن الللدين
النقحية ،أال إن الدين النقيحة ،قيلل :مللن يلا رسلول اهلل؟ قلال :هلل ولرسلوله وألئملة
املسلمني وعامتهم)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :الواَّ
العادل املتوضاع يف ظل اهلل وذمته ،فمن نقحه يف نفسه ويف عباد اهلل حرشله اهلل يف وفلده
يوم ال ظل إال ظله ،ومن غشه يف نفسه ويف عباد اهلل أخذه اهلل يوم القياملة ،قلال :ويرفلع
للواَّ العادل املتواضع يف كل يوم وليلة كعمل ستني صديق ًا كلهم عامل جمتهد يف نفسه)).
(خرب) قال اهلادي :وبلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :يقلال
لإلمام العادل يوم القيامة أبرش فإنك رفيق حممد)).
(خرب) قال اهلادي :وبلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أرق ال(( :من أحيا
سنة من سنتي قد أميتت من بعدي فله أجر من عمل هبا من النلاس ال يلنقص ذللك ملن
أجور الناس شيأ ًا ،ومن ابتدع بدعة ال يرضاها اهلل ورسوله كان عليه إثم من عمل هبلا ال
ينقص ذلك من إثم الناس شيأ ًا)).
(خرب) وقال اهلادي عليه السالم :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :ثلالث
-461-
من كن فيه فقد استكمل خقال اإليامن :الذي إذا قدر مل يتعا ما ليس فيله ،وإن ريض مل
يدخله رضاه بالباطل ،وإن غضب خيرجه غضبه من احلق)) وفيام كرناه داللة عىل ما نلص
عليهخ يف (األحكام) من أنه جيب يف األمة أن ينرصوا اإلمام العادل ،ويلؤاقروه ويعينلوه
عىل أمره وعىل أنه حيرم عليهم أن خيذلوقه ،وعىل أنه يللزمهم أن يطيعلوه بلام أوجلب اهلل
عليهم طاعته فينقادوا ألحكامه ،وينهضوا إذا استنهضلهم لقتلال أعدائله ،ويقلاتلوا ملن
يتمرهم بقتاله ويساملوا من سامله ويعادوا من يعاديه ،وال يكتمون شيأ ًا حيتاج إىل معرفتله،
وأن ينقحوه ي ًا وجهر ًا ،وعىل أن ال يمتنعوا من بيعته ،وعىل اجلملة قد ذكر السليد أبلو
طالب أن ذلك مما ال خالف فيه ،ويدل أيض ًا عىل عظم حال اإلمام العادل الناصح لرعيته
الرحيم هبم ،وعىل علو أمره عند اهلل وعظم ثوابه ،وجيلب عليله أن يلرحم املسللمني ملن
رعيته ،وأن حيكم فيهم بحكم اهلل تعاىل ،غري حماب وال مداهن ،وعىل عظم عقاب اإلملام
اجلائر ،شودة غضب اهلل عليه وأنه متى حاف يف حكمه أو جار يف فعله أو غش رع ّيته فال
طاعة له ،وقد نص اهلادي عليه السالم عىل معنى هذا حيث قال وبيلده املقلحف :بينلي
وبينكم هذا آية آية ،فإن خالفت ما فيه فال طاعة َّ عليكم ،بلعليكم أن تقاتلوين أنا ،ويدل
عىل صحة قوله.
(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه عوف بن مالك (( :إن خيلار أئملتكم
الذين حتبورم وحيبلونكم ،وتقللون علليهم ويقللون علليكم ،وكار أئملتكم اللذين
تبغضورم ويبغضونكم ،وتلعنورم ويلعنونكم ،قيل :يا رسول اهلل أفال ننابذهم؟ قال :ال
وَّ عليه وال فرأى يتيت شيأ ًا من معاذ اهلل تعال فليكلره
ما أقاموا فيكم القالة ،أال من ّ
ما يتيت من معاذ اهلل تعاىل وال ينزع يد ًا من طاعة)).
(خرب) وروى عبداهلل بن عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال(( :فليفتلي
عىل الناس السمع والطاعة ما ساترمحوا ورمحوا ،وحكموا فعدلوا ،وعاهدوا فوفوا ،وملن
مل يفعل ذلك فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني)).
(خرب) وروي عن حممد بن عيل قين العابدين أنه قال :إين ال أعلم قبيلتني تعبدان ملن
-462-
دون اهلل ،قالوا :من هم؟ قالوا :بنو هاشم وبنو أمية وأما واهلل ما نعبدهم ليسلدوا هلم وال
ليقلوا هلم ولكن أطاعوهم واتبعوهم عىل ما أمروهم والطاعة عبادة.
(خرب) وروى ابن عباس أنه صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال(( :ليسلخطن اهلل تعلاىل
برضاء أحد من خلقه ،وال تقربوا إىل أحد من افلق بتباعد من اهلل تعاىل إن اهلل تعاىل ليس
أحد من خلقه قرابة يعطليهم هبلا ،وال يرصلف هنتحلد ك ًا إال بطاعتله واتبلاعبينه وبني ٍ
مرضاته ،واجتناب سخطه ،إن اهلل تعاىل يعظم من أطاعه وال يعظم من عقلاه ،وال جيلد
اهلارب منه مهرب ًا)).
(خرب) وروى عمرو بن احلكم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم بعلص ييلة
وأ ّمر عليهم رج ً
ال من أصحابه فتمر ذلك الرجل عبداهلل بن حذافة وكان ذا دعابلة فتوقلد
نار ًا وقال :ألستم سامعني مطيعني ألمريكم؟ قالوا :بىل .قال :عزملت علليكم إال وقعلتم
فيها ،ثم قال :إنام كنت ألعب معكم فبل ذلك رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال:
((من أمركم من األمراء بيشء من معقية فال تطيعوه)).
(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله
قال(( :من جبى درمه ًا إلمام ًا جائر كبه اهلل يف النار عىل منخريه)).
(خرب) قال حدثني أيب ،عن أبيه بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال:
(( يقول اهلل جلربيل يف اإلمام اجلائر املعتدي ياجربيل أرفلع النرصل علنهم وعلنهم فلإين ال
أرىض هذا الفعل يف قرع هذا النبي)).
(خرب) وقال اهلادي إىل احلق بلغنا عن أيب جعفر حممد بن عيل رمحه تعاىل أنه كان يروي
ويقول :إذا كان يوم القيامة جعل يادق من نار ،وجعل فيه أعوان الظاملني ،وجيعل هللم
أظافر من حديد حيكون هبا أقدامهم حت تبدوا أفأدهتم فيقلون :ربناأمل نعبك؟ قلال :بلىل
ولكنكم كنتم أعوان ًا للظاملني ،وهذه األخبار تدل عليه السالم أنه جيب عىل الواَّ أن يسري
بالسرية العادلة غري اجلائرة ،وأنه جيب عىل افلق كافة أن الي عينوا ظامل ًا وال ينرصوا آث ًام،
-463-
وعىل عظم عقوبة من سار سرية جائرة وعقوبة من أعان فاعلها.
فصل
قال اهلل تعلاىل[} { :البقالرة ،]216:وقلال علز قلائالً:
{[} التوب الالالالة ،]41:وقلللللال
سللبحانه { :
}
[البقرة]191-190:إىل آخر اآليات.
بلر
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اجلهاد واجب عليكممع كل املري ّ
وفاجر)) دل ذلككله عىل وجوب اجلهاد وهو معلوم من اللدين وقلد يكلون فرضل ًا علىل
الكفاية إذا كان البعض يكفي ويسقط الفرض عن الباقني إذا قام به بعضلهم فقلد يكلون
فرض ًا عىل األعيان إذا كان ال يكفي بعضهم ،أما إذا ققد العلدو ديلار اإلسلالم ومل يقلم
بدفعه بعضهم وجب دفعه عىل مجيع املسلمني ويكون ذلك فرضل ًا علىل األعيلان متضليق ًا
وهو إمجاع ،وأما إذا قام بدفعه بعض املسلمني وكفوا بإنفرادهم سقط الفرض عن الباقني،
وهذه القضية ثابتة يف ققد غامم احلق إىل ديار الكافرين فإن احلكم عىل هلذين اللوجهني،
والذي يدل عىل أنه إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقني قول اهلل تعاىل { :
[} النسالاء ،]95:ولو كان يف هذه احلاللة فرضل ًا علىل األعيلان مللا
فاضل بني من جاهد ومن مل جياهد وال وعد ك ً
ال منهم احلسنى ،فدل عىل أنه ليس بفلرض
عىل اجلميع.
(خرب) وروى أبو سعيد افدري أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث إىل بنلي
-464-
حليان وقال :خيرج من كل رجلني رجل ،ثم قال للقاعدين(( :أيكم خلف افارج من أهله
وماله بخري كان له مثل نقف أحر افار ))،فقح بذلك ما ذكرناه ،ويؤيده.
(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من جهز غاقي ًا فقلد
غزا ،ومن خلف غاقي ًا يف أهله فقد غزا)).
(خرب) وروى أبو هريرة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :واللذي بعثنلي
باحلق نبي ًا لودتت أن أقاتل يف سبيل اهلل فاقتل ثم أحيا فتقتل ثم أحيلا فتقتلل)) وكلان أبلو
هريرة يقول ثالث ًا :أشهد يعني أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال ذللك ،وغلزا
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم تسع ًا وعرشين غزوة وبعث مخس ًا وثالثني يية.
(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :إن اهلل
حراث ًا وال تاجر ًا أال إن من
بعثني بالرمحة واللحمة ،وجعل رققي يف ظل رحمي ،ومل جيعلني ّ
كار عباد اهلل احلارثني والتلار إال من أعطى احلق وأخذ احلق)) وقوله اللحمة لعلله أراد
هبا الرقق؛ ألن حلمة الباري رققه.
(خرب) قال اهلادي عليه السالم وعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما
أغربت قدما ٍ
عبد يف سبيل اهلل فطعمته النار)). ّ
(خرب) وروى بإسناده أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال(( :لنوملة يف سلبيل اهلل
أإلضل من بعادة ستني سنة يف أهلك تقوم ليلك ال تفً وتقوم رار ال تفطر)).
وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :مثل أعامل الرب مع اجلهاد كمثلل املللة الواحلدة يف
البحر الللي)).
وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :لغدوة أو روحة يف سلبيل اهلل خلري ملن اللدنيا وملا
فيها)).
(خرب) وروى بإسناده عن حسان بن ثابت أنه قال :يا رسول اهلل إن عندي عرشة آالف
-465-
ّ
بلاحلط فإن أنفقتها أيكون َّ أجر جماهلد؟ فقلال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :وكيلف
واالرحتال)) وال جيب اجلهاد عىل القبي وامللنون وال شيئ من التكاليف الرشلعية؛ ألن
القلم مرفوع عنهم كام تقدم.
(خرب) وروي أن النبي صالمك ر ّد يوم بدر نفر ًا من اصحابه استقغرهم منهم عبداهلل
ٍ
يومأذ ابن أربع عرش سنة ،وأسامة بن قيد ،واللرباء بلن علاقب ،وقيلد بلن بن عمر وهو
ثابت ،وقيد بن أرقم ،وغريهم ،فلعلهم حرس ًا للذراري والنساء ،قال اهلل تعلاىل{ :
[} النالالور ،]61:أمجللع أهللل
التفسري أرا يف سورة الفتح نزلت يف اجلهاد ،دل ذلك علىل سلقو اجلهلاد علىل هلؤالء،
وقلللال اهلل تعلللاىل { :
[} التوبة ،]91:وهذا يدل عىل أن الضعيف واملريض ليس عليهام جهاد.
قال ابن عباس :ليس عىل الضعفاء يعني الزنى واملشائخ والعلزة ،وال عىل املرىض يف
القعود عن الغزو إذا نقحوا هلل ورسوله إذا أخلقوا إيامرم وأعامهلم يف الغلش والنفلاق
ومل يغتنموا عذرهم بل يتمنون الال عذر هلم فيتمكنون من اجلهاد وهم اللذي أرادهلم اهلل
تعاىل بقوله[} { :التوبالة ،]91:أي من طريق العقوبة؛ ألنه قد
بإحسانه طريق العقاب ،قال اهلل تعاىل { : سدّ
[}التوبة ،]92:هوالء الستة نفر من قبائل شتى ستلوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم احلمالن.
قال ابن عباس :ستلوه أن حيملهم عىل الدواب فقال :ال أجلد ملا أمحلكلم عليله؛ ألن
الشقة بعيدة ،والرجل حيتاج إىل بعريين أحدمها لزاده ومائه ،واآلخر يركبه فلرت أعينهم
عن امتالء من حزن يف قلوهبم ،فدل ذلك عىل أن اجلهاد غري واجب عىل من ال جيد ما هذه
حاله للمسافرة إىل بلد بعيد فإن عرض عليهم اإلمام ذلك وجلب علليهم اجلهلاد بلزوال
العذر.
-466-
(خرب) وروى أبو قتادة أن رج ً
ال أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال :يلا رسلول
اهلل إن قتلت يف سبيل اهلل يكفر اهلل خطاياي؟ فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم:
((إن قتلت يف سبيل اهلل صابر ًا حمتسب ًا ،مقب ً
ال غري مدبر ،كفر اهلل خطايا إال الدين)) كذلك
قال جربيل عليه السالم :دل ذلك عىل أن من عليه دين حال مطالب بله فإنله ال جيلوق أن
خيرج لللهاد من دون إذن غريمه.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لنومك عىل الرسير بر ًا بوالديك
تضحكهام وتضحك أفضل من جالد بالسيف يف سبيل اهلل)).
قال :جاء رجل إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله (خرب) وعن عبداهلل بن عمرو بن العا
وسلم يستتذن فياجلهاد فقال(( :أحي والدا ؟ فقال :نعم ،قال :ففيهام فلاهد)).
(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم أليب هريرة وقد أراد أن خيرج إىل اجلهلاد وأمله
عمياء فذكرت ذلك لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال(( :إنلك فلارج وتلار
علوق ًا كبرية ال تستطيع أن ررج إىل مرفقها وترى أنك لست يف جهاد إن كنلت عنلدها،
بل إنك يف أفضل اجلهاد ولو أنك خرجت إىل مشارق األرض ومغارهبا وأشار بيده إليهام
ويقول ولو خرجت هاهنا وهاهنا ورجعت وهي عليك ساخطة لكنت من أهل النار)).
(خرب) وعن ابن مسعود قال :سلتلت رسلول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أي
األعامل أفضل؟ فقال(( :القالة مليقاهتا ،قلت :ثم ماذا؟ قالّ :بر الوالدين ،قلت :ثم ماذا؟
قال :اجلهاد يف سبيل اهلل)).
(خرب) وعن ابن عباس أنه قال له رجل :نذرت أن أغلزوا اللروم وإن أبلوي يمنعلاين
فقال له(( :أطع أبويك فإن الروم ستلدمن يغزوها غري )) دلت هذه األخبار علىل أنله ال
جيوق للرجل اجلهاد إذا منعه أبواه ومها سملامن أو منعه أحدمها وهلو مسللم ال سل ّيام ملع
حاجتها إليه ،واشً اإلسالم أنه ال خالف أنه جيوق له حرب والديله املرشلكني ،وهللاذ
حارب أبو بكر أباه و ّملا أراد قتله راه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقال(( :دع يقتله
-467-
غري )) وهذا افرب يدل عىل صحة ما قاله أبو العباس فإنه قال وعىل املسلم أن جيتنب قتل
أبيه املرش يف دار احلرب.
قال أبو طالب :وهذا مما ال خالف فيه ،قال :وهكذا ذكر حممد بن عبداهلل عليه السالم
عمه وأخاه وكذلك قال حممد بن عبد اهلل يف البلاغي
قال :وكذلك يستحب له أن ال يقتل ّ
أحب إَّ أن الي قتله وييل قتله غريه ،فإن ابتيل
فإنه قال :إن لقي العدَّ أباه وهو من البغاة ّ
بذلك وخاف من تر قتله فليقتله وال إثم عليه ويرثه إذا قتله ،وذكر مثل ذللك يف أخيله
وعمه وخاله.
(خرب) وروي أن أبا عبيدة بن اجلرا ،قتل أباه وقال لرسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم :سمعته يسبك ،ومل ينكر عليه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،دل ذللك علىل
أنه إذا أخاف االبن من تر قتل أبيه عليه أو عىل بعض املسلمكني جاق له قتله.
(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عيل (عليه السلالم) أنله قلال :أملرت بقتلال النلاكثني
والقاسطني واملارقني ،دل ذلك عىل أن من نكث بيعة إمام حق من أهل امللة وقاتله وجب
قتاله ،وكان حكمه حكم البغاة عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل كام فعله عيل عليه السالم
مع الزبري وطلحة وقال هلام :بايعتامين ثم نكثتامين ،وأن من امتنع من بيعته ومل يقاتلله كلان
مرتكب ًا لكبرية ومل جيز قتاله بملرد امتناعه ،وهلذا مل يقاتل أمري املؤمنني عيل عليله السلالم
، من امتنع من بيعته ومل يقاتله كعبداهلل بن عمر ،وحممد بن مسلمة ،وسعد بلن أيب وقلا
وهذا مبني عىل االمتناع من البيعة مع لزومها يف حكم النكلث؛ ألن العللة يف كلل واحلد
منهام تر اإلئتامم باإلمام والعدول عن طاعته بل ال يبعد أن يكون االمتناع أعظم إذا كان
بحيث يقتدي به ويقع بامتناعه شق العقا والفت يف عضد امللة وتفريلق اللكملة ،ورفلع
رؤوس أعداء اإلسالم ،وإن كان الرشع فرق بني من قاتل مبني مل يقاتل فمن قاتل وامتنلع
من أهل امللة لغري علة وعذر فقد خرج من اإلسالم.
(خرب) كام روى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال(( :ملن محلل
علسنا السال ،فليس منا)) وملا اعتقد أبو بكر يف نفسه اإلمامة حلارب ملانع الزكلاة منله،
-468-
وقاتل عيل عليه السالم يوم اجلمل أهل البرصة ،وقاتل أهلل صلفني ،وخلرج عليله ملن
أصحابه خوارج ومرقوا من اإلسالم ونزلوا بترض يقال هللا حلروراء فحلارهبم وقلتلهم
سالم اهلل عليه ،وعىل اجلملة فإنام ذكرناه يدل عىل أن إلمام احللق أن حيلارب بلاملقبلني إىل
الدين وإىل طاعته ملن املسللمني امللدبرين عنله ملن املللرمني حتلى يفيألوا إىل أملر اهلل،
ويًكوت حربه وقتاله ،وإن ذكروا علة يمكن إقاحتها أقاحها وإن ذكلروا شلبهة كشلفها
وأوضحها كام قال قيد بن عيل عليه السالم يف كالم له :فاستلوين عن معامل ديلنكم فلإن مل
آتكم بكل ما ستلتم عنه فو ّلةوا أمركم من شأتم ممن علملتم أنله أعللم منلي ،وكلام قالله
املهدي لدين اهلل النفس الزكية عليه السالم :ما يرسين أن األمة أمجعت عيل فكانت كعالقة
سوطي هاذ وإين سألت عن باب حالل أو حرام مل أجئ باملخرج منه ،ثم قلال :إن أضلل
الناس بل أكفر الناس من ادعى أمر هذه األمة ثم سأل عن باب حالل وحرام فلال جيليء
باملخرج منه.
قال النارص للحق عليه السالم يف بعضه خطبه :فستلوين عن مجيلع أملر ديلنكم ،وملا
يعنيكم من العلم وتفسري القرآن ،فإنا نحن ترامجتع ،وأوىل افلق به ،وهو الذي قلرن بنلا
وقرنا به ،وقال املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليله السلالم وقلد أملر النلاس بإمتحانله يف
من الربية أو دان فال تتخلذوا ألنفسلكم إال العلم :فهذا الفرس وهذا امليدان ،لكل قا
بالوثيقة ،وال تعملوا إال عىل احلقيقة ،كالم هذا معنلاه ،وإنلام أخلذوا ذللك ملن الكتلاب
والسنة ،أما الكتاب فقوله تعاىل { :
[}آل ومرا ،]189::وقال تعاىل { :
[} البقالالرة ]159:إىل نحللو
ذلك.
وأما السنة (خرب) فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من سأل علن عللم يعلمله
فكتمه أجلمه اهلل بللام من نار)) وكان أمري املؤمنني يستل تعنت ًا وغريه فكلان جييلب حتلى
وهو عىل املنرب مع أنه كان يقول :سلوين قبل أن تفقدوين.
-469-
فصل
وقد ذكرنا حكم النكث من أهل امللة فلنذكر حكم من نكث من غلريهم ملن اللذمي
واملرش احلريب.
أما الذمي فنكثه بتن يمتنع من أداء اجلزية بعد قبوهلا فعند أئمتنا عليهم السالم أن ذلك
ال يكون نقض ًا للعهد إذا مل ينضم إليه املقاتلة ولكن يكره عىل إخلراج اجلزيلة وجيلرب علىل
ذلك كام جيرب عىل سائر احلقوق من جبلت عليله كرهل ًا وجلرب ًا ،فتملا إذا قاتلل املسللمني
وحارهبم وكان له فأة وقوة حلق حكمه بحكم أهل احلرب وسيتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل.
وأما نكث املرش فهو بان ينقض الذمة واهلدنة فلإاذ كلان كلذلك نبلذ اإلملام إلليهم
عهدهم كام قال اهلل عز وجل { :
[} األنفال ]58:ثم له قتاهلم وأخذهم وحرصهم كلام يف آيلة السليف ،وسليتيت
تفقيل ذلك إن شاء اهلل تعاىل ،وإن نقضها دون بعض فحكم من مل ينقض حكم من نقض
إذا مل يباينوهم بً ديارهم وإظهار معاداهتم فوالً وفع ً
ال عند أئمتنا علليهم السلالم ،وال
جيوق الغدر هبم يف مدة اهلدنة لقول اهلل تعاىل[} { :التوبة،]4:
قال عز قائالً[} { :التوبة.]7:
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم قال :قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم:
((لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ومن نكث بيعة إمامه لقي اهلل أجذم)).
-470-
باب ما يوصي به اإلمام سراياه
(خرب) وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنله قلال :كلان رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا بعث جيش ًا من املسلمني بعث عليهم أمري ُا ثم قال(( :انطلقوا
بسم اهلل وباهلل ،ويف سبيل اهلل ،وعىل ملة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم ،أنلتم جنلد
اهلل ،تقاتلون من كفر باهلل ،ادعوا القوم إىل شهادة أن ال إله إال اهلل وأن حمملد ًا رسلول اهلل،
واإلقرار بام جاء به حممد بن عبداهلل ،فإن آمنوا فإخوانكم هلم مالكم وعليهم ملا علليكم،
وإن هم أبوا فناصبوهم حرب ًا واستعينوا باهلل عليهم ،فإن أظفركم اهلل فال تقتلوا وليد ًا ،وال
امتة ،وال شيخ ًا كبري ًا ال يطيقوا قتالكم ،وال تغوروا عين ًا ،وال تقطعلوا شللر ًا إال شللر ًا
يرضكم ،وال متثلوا بآدمي وال هبيمة ،وال تظلموا وال تعتدوا ،وأيام رجل ملن اققلاكم أو
ال ملنهم أمانل ًا فتشلار إليله بيلده فتقبلل إليله
أدناكم ،من أحراركم او عبيدكم أعطى رج ً
بإشارته فله األمان حتى يسمع كالم اهلل تعاىل ،فإن قيل فتخوكم يف الدين وإن أبى فلردوه
إىل متمنه ،واستعينوا باهلل ال تعطوا القوم ذمتي وال ذمة اهلل ،واملخفر ذمة اهلل القى اهلل وهو
عليه ساخط ،أعطوهم ذممكم وذمم آبائكم وفوا هلم ،فإن أحدكم ال خيفر ذمته وذمة ابيله
خري له من أن خيفر ذمة اهلل وذمة رسوله)).
(خرب) وروى بريدة قال :كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا بعث أمري ًا علىل
جيش أو يية قال(( :إذا لقيت عدو ًا من املرشكني فادعهم إىل إحدى ثالث خثال فتيتهن
ما أجابو إألهيا فاقبل وكف عنهم ،وادعهم إىل الدخول يف اإلسالم فإن أجلابو فاقبلل
من هم وكف عنهم ،ثم ادعهم إىل التحول من دارهم إىل دار اهللرة فإن فعلوا فتخربهم أن
هلم ما للمهاجرين عليهم ما عليهم فإندخلوا يف اإلسالم وأبوا أن يتحولوا إىل دار اهلللرة
فتخربهم أرم كتعراب املؤمنني الذين جيري علليهم حكلم اهلل وال يكلون هللم يف الفليء
والغنيمة يشء حتى جياهدوا مع املؤمنني ،فإن فعلوا فاقبلل ملنهم وكلف علنهم فلإن أبلو
-471-
فادعهم إىل إعطاء اجلزية فإن فعلوا فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بلاهلل علليهم
ثم قاتلهم)) ويف خرب آخر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :وإن حلارصت
حقن ًا فراودو أن جتعل هلم ذمة اهلل وذمة نبيك فال جتعل هلم ذمة اهلل وال ذمة نبيك ولكن
اجعل هلم ذمتك وذمة أبيك وذمة اصحابك فإنكم إن رفروا بذممكم وذمم آبائكم اهلون
عليكم أن رفروا ذمة اهلل وذمة رسوله ،وإن حلارصت حقلن ًا فلراودو أن تنلزهلم علىل
حكم اهلل تعاىل فال تنزهلم عىل حكم اهلل ولكن أنزهلم عىل حكمك فإنك ال تدري أتقيب
فيه حكم اهلل أم ال)) فههذ األلفاظ تدل عىل أنه ينبغي إلملام احللق أن يلوذ هباعسلاكره
وأمريهم وهذان افربان يدالن عىل أنه البد لكل عسكر من رئيس وأمري يقلدرون علن
رأيه ،وذلك معلوم بالنقل عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فإنله ملا كلان يبعلث
عسكر ًا وال يية وال قوم ًا يغريون إال وقد أمر عليهم أمري ًا فيلب أن يفعل اإلملام مثلل
ذلك ليقدر القوم عن رأيه ويقفوا عىل حكمه ،ويتمر فيهم بتقوى اهلل تعاىل ،وأن حيملهم
عىل النقيحة اجلميلة ،وأن ينزهلم مناقهلم يف الفضل ،وال حيط أحلد ًا علن منزلتله لقلول
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أنزللوا النلاس منلاقهلم)) ويوصليهم خلري ًا ،ويلتمرهم
بطاعته يف طاعة اهلل تعاىل ،وينهاهم عن ةالفته يف ذلك ،فإنذ التشلاجر والتنلاقع يورثلان
الشعف والوهن ،وربام اثمر شق العقا وإباحة احلمى ،وسفك الدماء.
فقل وما تقمنه افربان من الدعاء إىل اإلسالم يدل عىل وجوب دعاء العدو إذا كان
من أهل احلرب إىل ذلك ،فإن كان من أهل البغلي وجلب اللدعاء إىل اللدخول لللامعلة
وطاعة اإلمام كام فعله أمري املؤمنني عيل عليه السالم عند قتال أهل اجلمل وافوارج.
-472-
باب قتال أهل الحرب
قد بينا فيام تقدم بيان اختالف أئمتنا عليهم السالم يف ققد أهلل احللرب إىل ديلارهم
وأن منهم من منع من ققدهم إىل ديارهم لغري اإلمام ،وأن منهم من جيوق ذلك ملع فقلد
إمام احلق ،فاما دفعهم عن اجلور ومنعهم ملن ديلار املسللمني فلنلذكر كيفيلة السلرية يف
قتاهلم ،فنقول وباهلل التوفيق.
(خرب) وروى أنس بن مالك أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل وأن حممد ًا رسول اهلل ،فإذا شهدوا بلذلك وصللوا
صالتنا واسقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأمواهلم إال بحقها ،هللم ملا
للمسلمني وعليهم ما عىل املسلمني)) فدل هذا افرب عىل أنه جيب دعلاء أهلل احللرب إىل
اإلسالم وشهادة أن ال إله إال اهلل وحده ال كيك له ،وأن حممد ًا رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم فإن أجابوا إىل ذلك فهم مسلمون هلم ما للمسلمني وليهم ما عليهم ،نص عىل
هذا املعنى يف (األحكام).
قال السيدان األخوان ريض اهلل عنهام :وقول حييى عليه السالم ندعوهم إىل اإلسلالم
والشهادتني تقت ي أن ثبوت اإلسالم من الكفار من كطه إظهار الدخول فيه مع إظهلار
الشهادتني وإن إظهارمها ال يكفي فيه ،وافرب يدل عىل أن حقن دملائهم لليس بمققلور
عىل إظهار الشهادتني فقط دون التزام اإلسالم.
(خرب) وروي أن قوم ًا من اليهود يتلوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اشلياء فللام
أخرب هبا قبلوا يده وقالوا :نشهد أنك نبي ،قال وما يمعكم أن تتبعوين؟ قالوا :إن داود دع
أن ال يزال يف ذريته نبي ونحن نخشى إن اتبعنا أن تقتلنا اليهود ،دل هذا افلرب علىل أن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل حيكلم بإسلالمهم بمللرد الشلهادتني؛ ألنله قلال بعلد
شهادهتم بنبوته(( :فام يمنعكم أن تتبعوين)).
-473-
(خرب) وروى سهل بن سعد الساعدي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا وجه علي ًا
عليه السالم إىل خيرب أعطاه الراية قال(( :عىل رسلك حتى تنزل بساحتهم ثلم ادعهلم إىل
ال واحد ًا خري
اإلسالم واخربهم بام جيب عليهم من حق اهلل تعاىل ،فون هيدي اهلل بك رج ً
لك من محر النعم)) دل ذلك عىل أنه ينبغي أن يقدم الدعاء ألهل احلرب قبل القتال ،وهذا
رأي القاسم بن إبراهيم عليه السالم إما أذا مل تكن الدعوة قد بلغتهم فذلك واجلب قبلل
القتال واألخبار التي رويناها تدل عىل ذلك وهو إمجاع علامء األملة ،وأملا إذا كانلت قلد
بلغتهم فتكريرها ثاني ًا مستحب قبل القتال ،وهو قول حممد بن عبلد اهلل اهللادي إىل احللق
وأتباعه عليهم السالم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أغار عىل بني النقطلق وهم علارون
ٍ
يومأذ جويرية بنت احللارث وأنعامهم عىل املاء فقتل مقاتلتهم ،وسبى ذرارهيم ،وأصاب
واصطفاها ،دل ذلك عىل ما قلناه وبنو املقطلق بطن من خزاعة وملا علم أصحاب رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه وطأها بعد مقريهم إىل اجلهة التي كانوا فيها قال بعضهم
لبعض :أصهار رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعتق بسببها مائة رأس ملن السلبايا
كرامة لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
(خرب) وكان يتمر بالغارة عىل املرشكني وكان يغري إذا مل يسمع أذان القبح ،دل ذللك
عىل أنه ال جيب تكرير الدعوة وأن فعلها وتركها بعد بلوغها أوالً يكون بحسب ما يقتضيه
احلال من امقلحة.
(خرب) وذكر اهلادي إىل احلق أنه ُأذن لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف قلريش
وجاهليتهم أن يضع فيهم السيف حتى يسلموا ومنعم من كل هدنة ومل يرض من العرب
إال بالقتل أو اإلسالم ،ونص اهلادي عىل وجوب أخذ اجلزية من نقارى بني تغلب ،فدل
ذلك عىل أن مراد حييى عليه السالم مرشلكوا العلرب اللذين ال يتلدينون بكتلاب فقلار
حتقيل مذهب اهلادي عىل ما ذكره أبو العباس واألخوان ريض اهلل عنهم أن اجلزية تؤخذ
من مجيع املرشكني إال من مرشكي العرب أهل األوثان الذين اليتدينون بكتاب فهؤالء ال
-474-
يرىض منهم إال اإلسالم ،يدل عىل ذلك قلول اهلل تعلاىل { :
[} التوبة ،]5:وال خالف أن امللراد هبلذه اآليلة
مرشكو العرب؛ ألن العهد إنام كان بينهم وبني رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم دون
مرشكي العلم ،فثبت أنه ليس هلم إال القتل أو اإلسالم لظاهر اآلية.
(خرب) وروي أن رهط ًا من قريش شكوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إىل أيب طاللب
فقال(( :يا عم إين أديرهم عىل كلمة واحدة يقولورا تدينهم العلم باجلزية)).
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال(( :هلل لكلم يف كلملة إذا
قلتموها دانت لكم العرب وأدت إليكم اجلزية فعلم العللم بإجيلاب اجلزيلة علليهم ومل
خيص)) فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) رواه قيد بن عيل ،عن أبيه ،عن جده ،عن عيل عليه السالم أنه قال :ال يقبل من
مرشكي العرب إال اإلسالم أو السيف أما مرشكو العلم فتقبل منهم اجلزية.
أما قبول اجلزية من أهل الكتاب فذلك مما ال خالف فيه وهو معلوم من الدّ ين رضورة
قال اهلل تعاىل { :
[}التوبة.]29:
فصل
وقد ذكرنا فيام تقدم أن نقارى بني تغلب تؤخذ منهم اجلزية واملراد به ما يقوم مقامها
وذلك ألرم أنفوا عن اجلزيلة فتعفلاهم النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم علن اجلزيلة
وصاحلهم عىل أن يؤخذ من أمواهلم ضعف الزكاة املتخوذة من املسلمني فيؤخذ منهم من
الذهب إذا بل النقاب نقف العرش ومن اإلبل إذا بلغت مخسل ًا شلاتان وملن البقلر إذا
-475-
بلغت ثالثني تبيعان ومن الغنم إذا بغلت أربعني شاتان ،ومما أخرجت األرض إذا بغللت
مخسة أوسق عرشان أو عرش واحد بحسلب السلقي ،وذكلر يف (األحكلام) أن ذللك مملا
وقعت عليه املقاحلة معهم بدالً عن اجلزية ،ويؤخذ ذلك من صبيارم ونسائهم وقال فيه:
وإنام يؤخذ ذلك منهم إذا مل تظهر كلمة حق ورفق راية صدق ،فتما سلبيهم واسلًقاقهم
إذا أظهر اهلل إمام حق رأيت له أن يلدعوهم إىل اإلسلالم فلإن أبلوا أن يلدخلوا فيله قتلل
مقاتلتهم وسبي ذرارهيم ،واصطفى أمواهلم؛ ألرم نقضوا العهد ،قال :وكذلك يروى عن
أمري املؤمنني عيل بن أيب طالب رمحة اهلل عليه أنه كان يقول :لأن مكن اهلل وطأتلي ألقلتلن
وألسبني ذرارهيم ،وآلخذن أمواهلم؛ ألرم نقضلوا عهلدهم ،وخلالفوا كطهلم
ّ رجاهلم
بإدخاهلم أوالدهم يف دينهم ،وإىل هذا القول ذهب املنقور بلاهلل رمحله اهلل،واحلت هبلذا
افرب وقاد فيه أن علي ًا عليه السالم قال :فإين كتبت الكتاب بينهم وبني رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم عىل أن ال يقبغوا أوالدجهم بالنرصانية فقلبغوهم يعنلي أدخللوهم يف
م ّلتهم ودينهم.
فصل
قال اهلل تعاىل { :
[} األنعالالام ]156-155:اآليللة ،املللراد بالطللائفتني اليهللود
والنقارى فلو كان امللوس أهل كتاب لكانوا ثالث طوائف ،دل ذلك عىل أن املللوس
ليسوا بتهل كتاب.
(خرب) وملا افتتح عمر بالد امللوس قال ما أصنع بقوم ال كتاب هلم :أنشلد اهلل رجل ً
ال
سمع فيهم شيأ ًا من رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إال ذكلره ،فقلام عبلدالرمحن بلن
عوف :سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :سنوا هبم سنة أهلل الكتلاب
غري ناكحي نسائهم وال آكيل ذبائحهم)) فقبل ذلك اصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وخقوا به عموم آية السيف ،وهذا يدل عىل أرم ليسوا بتهلل كتلاب،
ّ وسلم وعملوا به،
-476-
هلذا قال(( :سنوا هبم سنة أهل الكتاب غري ناكحي نسائهم ،وال آكيل ذبلائحهم)) فتملا ملا
روي عن عيل عليه السالم أنه كان هلم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه ،وان ملكهك سكر
فوقع عىل ابنته أو أخته فاطلع عليه ببعض أهل مملكته فلاؤوا يقيمون عليه احلد ،فلامتنع
فرفع الكتاب من بني أظهرهم وذهب العلم من صدورهم فيلوق أن يكلون كلذلك ،إال
أنه إذا كان قد رفع ومل يبق يف أيدهيم كتاب مبتدأة من عند اهلل تعاىل يتدينون بله مل يكونلوا
من أهل الكتاب كام أن نرصاني ًا أو هيودي ًا لو انتقل إىل عبادة األوثان مل يكن كتابيل ًا ومل يبلق
يف أيدي امللوس كتاب إال كتاب وضعه قرادشت ،وكان كذاب ًا متنبأل ًا ،وإذا انتقللوا ملن
كتاب مرفوع إىل كتاب موضوع من صنع كذاب لعني مل يكونوا من أهل الكتاب؛ وألرلم
يعبدون النريان ومل ينزل ذلك يف كتاب ،قلنا :تؤخذ منهم اجلزية ملا بيناه أوالً.
(خرب) وملا روى عبد الرمحن بن عوف أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أخلذ اجلزيلة
من جموس هلر واختلفوا يف القابأني يقولون هلم كتاب وهم فرقة من النقارة علىل دين
املسيح بناحية الكوفة ،ذكره يف (الكايف).
فصل
وإذا أراد اإلمام حرب العدو جهز اجليوش وعرضهم ومل يتذن ملخذل وال ملفسلد وال
ملن يغلب عىل ظنه أنله يكاتلب الكفلار ويطلعهلم علىل أيار املسللمني ويطلعهلم علىل
عوراهتم لقوله تعاىل[} { :التوبالة ،]47:وافبال الفسلاد
والرش فيكل يشء.
قال ابن عباس :يزيدونكم علز ًا وجبنل ًا أي أرلم كلانوا جيبنلونكم علن لقلاء العلدو
ويفسللدون بتهويللل األمللر عللليكم[} { :التوبالالة ،]47:أي أليعللوا يف
الدخول بينكم بالترضيب واإلفساد والنميمة واإليضاع اإلياع وخالل اليش وسطه.
-477-
فصل
وال يؤذن لكافر يف افروج مع املسلمني إذا كان خيشى منه ذلك ملا بيناه.
(خرب) وروت عائشة أن رسول اللخ صىل اهلل عليه وآله وسلم خلرج إىل بلدر فتتبعله
رجل من املشكرين فقال(( :أتؤمن باهلل ورسوله؟ قلال :ال .قلال :فلارجع فللن نسلتعني
بمرش )) فدل ذلك عىل ما قلناه ،وأما إذا كان حسن املنارصة للدين وأهلله غلي رةلوف
منه يف أمر املسلمني مما ذكرناه فال بتس باالستعانة به كام استعان النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم باملؤلفة قلوهبم يوم حنني بقفوان بن أمية وأصحابه ،وكام اسلتعان باملنلافقني غلري
مرة ،وسمعقفوان رج ً
ال يقول يون حنني غلبت هواقن ،وخير يقول :قتل حمملد ،فقلال:
إَّ من رب من هواقن. لفيك العفر وقال :لفيك احللر َل َرب من قريش أحب ّ
فصل
ويؤمر عليهم أمري ًا ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ما بعلث جيشل ًا وال ييلة إال
وأ ّمر عليهم أمري ًا ،وذلك معلوم ألهل النقل.
(خرب) وروى جابر قال :كنا يوم احلديبية ألف ًا وأربعامئة فبايعنا رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم حتت الشلرة عىل أن ال نفر ومل نبايعه عىل املوت ،دل ذلك علىل أنله يسلتحب
ألمري اجليش أن يبايعهم عىل مثل ذلك.
(خرب) وروى جابر قال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم افنلدق(( :ملن
يتتينا بخرب القوم؟ فقال الزبري :أنا ،فقال :إن لكل نبي حواريل ًا وإن حلواريي اللزبري)) دل
ذلك عىل أنه يستحب ألمي راجليش أن يوجه الطالئع ومن يتلسس األخبار ،ويستحب
أن يمنع القبيان وامللانني من احلضور وافروج؛ لنه ال جهاد علليهم وال منفعلة فليهم،
وملا ال يؤمن أن يكون خروجهم معهم َك ًّ
ال ومشلقة ،وللأال يعرضلوا للهلال ودليلله يف
-478-
القبيان ما ذكرناه أوالً ومن عداهم مقيس عليهم.
فصل
وينبغي أن يتفقد يف الغزوات افيل امللردة فال خيرج منها ما ال ينقع وما ال يلؤمن أن
يكون سبب ًا للهزيمة أو لنقص افيل اجليدة من سهامها بتن يسلهم لله وال نفلع فيله مثلل
الكسري والقحم الكبري والقغري واهلزيل واحلقري.
(خرب) وروى العباس بن عبد املطلب أن أبا سفيان يوم افتح مللا أتلى النبلي صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أمره رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بتن حيبسه عىل الوادي حتى متر
به جنود اهلل فرياها فقال العابس :فحبسته حيث أمرين رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم
مر به رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف الكتيبلة
ومرت به القبائل عىل راياهتا حتى ّ
ّ
افرضاء فيها املهاجرون واألنقار ال يرى منهم إال احلدق من احلديد ،فقال :من هؤالء يا
عباس؟ قال :قلت :هذا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف املهلاجرين واألنقلار،
فقال :ما ألحد هبؤالء قبل ،واهلل يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيلك الغلداة عظلي ًام،
دل عىل أنه يستحب ألمري اجليش أن يتمر بعقد الرايات ،وجيعل حتلت كلل رايلة عسلكر ًا
وقعي ًام عليهم؛ أن ذلك يكون أضبط وأقرب إىل اجلدّ يف األمر.
(خرب) ملا روى أبو هريرة قال :كنت مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فلعلل
خالد بن الوليد عىل أحد امللنبتني ،وجعل الزبري عىل اآلخر ،وأبا عبيلدة علىل السلاقة يف
بطن الوادي ،وقد مجع ذلك كله قول اهلادي عليه السلالم فإنله ذكلر ملا لفظله :وإذا أراد
اإلمام تعبية عسكره يقف أصحابه فليقفهم صلف ًا ملن وراء صلف كلام يقلف النلاس
للقالة ،ويسوي بلني منلاكبهم وحيكلم رصلهم ،فلإن اهلل سلبحانه يقلول { :
[} الصف ،]4:وإذا صففهم صفوف ًا
صف ًا من بعد صف يكون طول صفوفهم عىل قلدر صلفة معسلكرهم وجيعلل يف القلف
-479-
األول خيارهم ومحاهتم ،ويكون عىل ميمنته رجل شلاع ،وعلىل ميرسلته رجلل كلذلك،
ويكون هو يف القلب أو بني القفني يف حرجة من افيل والرجال موثوق ًا هبم ومتك ً
ال عىل
دينهم ورجلتهم ،فإن أراد أن يكون بغري لك املكان كان ،ويوقف من وراء القفوف كلها
مجاعة من الفرسان ترد كل من شذ من العسكر أو انثنى من العدو جيعل جناحني كثيفلني
ال شلاع ًا ،دين ًا ،وناصح ًا ،خيتار له
عىل قدر قلة من معه وكثرهتم ويوَّ عىل كل جنا ،رج ً
محاة الرجال وأبطاهلا ،وففرة افيل وعراهبا ،ويتمرهم إذا رأوا فرصة اوغرة ملن علدوهم
أن ينتهزوها ويفًضوها ويتتوا من ورائهم من أمكنهم ذلك فليتتوا من ورائهم وليحمل
القف األول عليهم من أمامهم ،وتتبعه القفوف شيأ ًا فشيأ ًا قحف ًا وحف ًا من غري افًاق
وال اختال ،فإن مل ير اجلناحان فرصة وال رزة ثبتا عىل حاهلام مل يربحا ملن ملوقفهام فلإن
دمهت امليمنة وغشيت أمدها اجلنلا ،األيملن بتدنلاه إليهلا ،وكلذلك إن دمهلت امليرسلة
وغشيت أمدها اجلنا ،األيرس بتقرهبا إليها وال يتضعضع كله ،وكلذلك إاذ غيشل القللب
وكثر أمدته امليمنة وامليرسة ببعض رجاهلا ويوذ اإلمام أصحابه بقلة الكلالم والقليا،
واهلرج ،فإذا أقام صفوفه ونرش جناحيه وأوقف من يرد شذاذ العسكر من ورائهم ووقف
الناس عىل راياهتم ووىل عىل افيل كلها وىل الرجالة الوالة حاربوا أعداء اهلل وتوكلوا عليه
السالم اهلل ،وهذا كله متخوذ من كتاب اهلل ومن السرية النبوية والطرائق القحابية.
فصل
فإذا مل يقبلوا ما عرض عليهم إمام اإلسالم وكانوا من عبدة ألوثان وقع فيهم السيف،
وإن كانوا كفرة العلم ومل يدخلوا يف اإلسالم ،وال قبلوا اجلزية حوربوا واستعني علليهم
وأي القللنفني كللانوا وضللع السلليف فلليهم وقتلللوا مقبلللني ومللدبرين وأيوا وسللبيوا
واستبيحت بالدهم ،ثم جتمع غناؤهم وتقسم ،قد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام) ،أما
قتلهم فلقول اهلل تعاىل[} { :التوبالة ]5:اآلية ،وقد قتلهم
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف الغزوات املشهورة كبدر وحنني وخيربوغري ذلك،
-480-
قال تعاىل[} { :محمد.]4:
وأما سبيهم واسًقاقهم فكام اسًق رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كثلري ًا ملنهم
كسبايا أوطاس وبني املقطلق ،وكام سبا صفية بنت حيي بن أخطب وغري ذلك.
أما أيهم فلقول اهلل تعاىل[} { :محمالد .]4:وأملا امللن
من رسلول اهلل صلىل اهلل
عليهم فلقول اهلل تعاىل[} { :محمد ،]4:وقد ّ
وملن علىل أيب
ّ ومن علىل أيب علروة اجلمحلي،
عليه وآله وسلم عىل قريش يوم فتح مكةّ ،
من عىل هواقن بنسائهم وصلبيارم حلني
ومن عىل ثاممة احلنفي ،وكام ّ
بن الربيعّ ، العا
أسلموا وهم ستة آالف نسمة ،وكام فعل القحابة أيام عمر فإرم ملا افتتحوا بالد السلواد
ومل يقسموها ،رواه يف الكايف وله بعد أيهم أن يفدهيم ملن أسلارى بلدر نحلو العبلاس
وغريه وإن شا قتل األسارى كام فعله يف بعض أسارى بدر نحو عقبلة بلن أيب معليط وملا
جرى جمراه ،إنه أمر برضب أعناقهم فرضبت صرب ًا ،وعىل اجلملة فإن الواجب عىل اإلمام
امللن أو
أن يفعل األصلح يف غالب ظنه لإلسالم وأهلله ملن القتلل واالسلًقاق أو ملن ّ
احلبس بعد األي أو الفداء ،وإن شاء فداء أي املسلمني بتيى الكفار.
(خرب) كام روى عمران بن احلقني أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فلدا األسلري
العقييل بتسريين من أصحابه أيهتام ثقيف.
وأما األرايض فإن اإلمام يفعل يف أرض احلرب ما رآه صالح ًا لإلسلالم وأهلله ،وإن
رأى القال ،يف خراهبا أو إحراقها فعل.
(خرب) كام امر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بتحريلق نخيلل بنلي النظلري ،ورريلب
حقورم ،قال اهلل تعاىل[} { :الحشر ]2:وإن شاء أمر
بقطع أشلارهم ونخيلهم وأعناهبم كام فعله النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ،يلدل عليله
قوللللله تعللللاىل { :
[}الحشر ،]5:اللينة النخلة ملن الن يللني ،وإن قلال أرى القلال ،يف اسلتبقائها
-481-
استبقاها.
(خرب) وهلذا قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لرساياه(( :ال تقطعوا شللر ًا إال
شلر ًا يرضكم ،وال تغوروا عين ًا)) فدل ذلك عىل أن املعترب يف ذلك أنه يفعل ما يفعل منله
عىل حسب ما يرى من القال ،،وإن أرى أن يقسمها بني الغانمني فعل.
(خرب) كام فعل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعض خيرب فإنله قسلم بعضلها بلني
بعض الغانمني وهم من حرض من املهاجرين واألنقار ،فقلارت مملكل ًا هللم ،ومل يقسلم
ٍ
يومألذ يومأذ جلهينة ومزينة وكانوا يف من حرض ،وقد ذكرنا أن عمر بن افطلاب أصلابٍ
من بعض خيرب مائة سهم مشاع ًا فوقفه وسبله بتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم،
وقد ذكرناه يف ما تقدم ،وإن رأى اإلمام أن يًكها يف أيدي أهلها عىل خراج يؤدونله ملن
افارج من األرض فعل ذلك كام فعله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعض خيرب
فإنه أق بعضها يف أيدي أهلها عىل أرم يعملورا ويؤدون نقف افارج من الثملر ،ومنله
اشتقت املخابرة ،وإن شلاء اإلملام رضب عليهلا خراجل ًا معلومل ًا ملن دراهلم أو دنلانري
معلومة ،أو كيل معللوم كلا فعلله القلحابة ريض اهلل علنهم يف سلواد الكوفلة ،ومرصل،
والشام ،وخراسان ،ونحو ذلك ،ويف الكايف وعىل رقاب أهلها اجلزية ،وقد قيلل إن عملر
ابن افطاب قد وقف أرض السواد ومل يقح لنا دليل يف ثبوت ذلك.
(خرب) واملروي يف كتاب العلوم عن احلسن بن صالح بن أيب ليىل أن احلسن واحلسلني
عليهام السالم اشًيا أرض ًا من أرض السواد فدل ذلك علىل أنله ال يقلح ملن املنتقلب
املدعي لإلمامة أن يقف أرض ًا من األرض التي هذه حاهلا ،لذلك اشلًى منهلا احلسلنان
صلوات اهلل عليهام ،ولو صح وقفهام ملا جاق فيها البيع باإلمجاع.
فصل
ٍّ
متخل إال أن يقاتلل فلإن قاتلل قال القاسم عليه السالم :و يقتل شيخ فان وال راهب
-482-
قتل ،و تقتل امرأة وال صبي إال أن يقاتال.
قال السيد أبو طالب :وعىل هلذا ال يقتلل العملى وال املقعلد إذا مل يكلن هللام رأي يف
احلروب وتدبري ،وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا مر بامرأة مقتوللة قلال :ملا
كانت هذه تقاتل.
(خرب) وروى نافع أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رأى يف بعض مغاقيه املراة
مقتولة فتنكر ذلك ورى عن قتل النساء والقبيان ،دل ذلك علىل أن هلؤالء إذا كلانوا ال
يقاتلون فإنه ال يقتلون.
(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قتلل امللرأة والعسليف ،وامللراد
بالعسيف األجري لغري قتال.
(خرب) ورى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قتل النساء والقبيان فإن قاتلوا جلاق
قتلهم.
(خرب) ملا رأى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مر بامرأة مقتولة يوم حنني
فقال :من قتل هذه؟ فقال رجل :أنا يا رسول اهلل غنمتها وأردفتها خلفي فلام رأت اهلزيمة
فينا أهوات إىل سيفي أو قال إىل قائم سيفي لتقتلني فقتلتها ،فقا النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم (( :ما بال النساء ما شتن قتل النساء)) ولو حرم ذلك ألنكره عليه.
(خرب) وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :وال تقتلوا وليد ًا ،وال امرأة ،وال شيخ ًا
كبري ًا ،ال يطيق قتالكم)) فتما إذا قاتلوا فإرم يقتلوا بإمجاع علامء األئمة إ أن يكون الشليخ
الكبري ذا رأي وتدبري يف احلرب فإنه يقتل كام قتل املسلمون دريد بن القمة عام أوطلاس
وأصله.
(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اقتلوا شيوخ املرشكني اللذين هللم
رأي وتدبري)) وقد روي أن مالك بن عوف كان أخرج معه دريد للرأي والتدبري.
-483-
قال املؤيد باهلل عليه السالم :وعىل هذا أن املرأة إذا كانت مملن يقاتلل أو مملن هللا رأي
وتدبري فإرا تقتل.
(خرب) وروي أن حنظلة بن الراهب عقر بتيب سفيان فرسه فسلقط عنله فلللس علىل
صدره فلاء ابن شعوب فقال:
بطعنة مثل شعلاع الشملس ألمحني صاحلبي ونفسللي
وقتل حنظلة واستنقذ أبا سفيان ،فلم ينكلر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم فعلل
حنظلة ،فدل ذلك عليه السالم جواق قتل ما يقاتل عليه العدو من اللدواب وعقلر ،وقلد
ذكره السيد أبو طالب قال :وال خالففي جواق قتل الدابة التي يكلون عليهلا فلارس ملن
املرشكني.
فصل
{ قال اهلل تعاىل:
[} األنفال ]66:اآلية ،هذا افطاب لفظه
لفن افرب وهو يف معنى األمر؛ ألنه لو أراد به خرب ملا وقع ةربه بخالف ما أخرب وإذا ثبت
ذلك دل عىل أنه جيب لقاء العدو إذاكان عددهم مثنى عدد املسلمني وهو أن يكفي املسلم
رجلني من املرشكني ويلقامها ،وال جيوق له الفرار منهام إذا التقى القفان ،ومل خيشى
املسلمون اهلال واالستأقال ،فإذا خشو ذلك جاق التنحي إىل فأة املسلمني وإن بعدت
تعاىل { : لقول اهلل تعاىل[} { :البقرة ،]195:قال اهلل
يف [}األنفال ،]16-15:اختلف علامء التفسري فذهب أكثرهم إىل أن هذا الوعيد خا
ٍ
يومأذ فأة من املسلمني غريهم ،فبعضهم فأة لبعض من كان ينهزم يوم بدر ومل يكن هلم
-484-
وهذا هو قول أيب سعيد افدري ،وابن عباس يف رواية الكلبي ،واحلسن ،وقتادة،
والضحا ،وذهب آخرون إىل أن الفرار من الزحف من الكبائر إذا مل يزيدوا عىل مثيل
املسلمني ،وأن من فعل ذلك حلقه الوعيد ،وهذا أوىل ألن الدليل هو افطاب ،وقد ورد
الوعد ملن لقي قحف املرشكني فلقاهم دبره منهزم ًا غري متحرف لقتال أي غري منعطف
كتنه يطلب عورة يمكنه إصابتها فينحرف عن وجهه ويرى أنه منهزم ،ثم يكر عىل العدو
أو متحيز ًا أي يتحيز وينضم أىل فأة املسلمني يتقوى هبم ويقوي شوكتهم ويعود معهم إىل
القتال والزحف مقدر ًا ال يثني وال جيمع.
(خرب) وملا روى ابن عمر قال :بعثنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف كية فلقوا
الناس حيقة فتتينا املدينة فتخبتنا هبا وقلنا :يا رسول اهلل نحلن الفلرارون، العدو فحا
قال :ال بل أنتم الكرارون ،وأنا فأتمكم ويف بعضها عن ابن عملر أنله كلان يف ييلة ملن
الناس حيقة عظيملة قلال :فكنلت يف يايا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحا
فلام رددنا قلت :كيف تقنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بغض ربنلا فللسلنا من حا
لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم قبلل صلالة الفللر فللام خلرج قمنلا فقلنلا :نحلن
الفرارون فقال(( :ال ،بل أنتم الكرارون)) فدنونا فقبلنا يده فقال(( :أنا فأة املسلمني))فلدل
ذلك عىل ثبوت احلكم بعد يوم بدر كلام اقتضلاه الظلاهر وهلو اللذي وقلع عنلد هلؤالء
أصحاب الرسية ورصحوا به للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتقرهم عليه ،فدل ذلك عىل
ثبوت احلكم واستمراره ،ولو مل يكن كذلك ألنكر عليهم ما تقلوروه ولقلال :إنلام كلان
ذلك يف أهل بدر ،فدل ذلك عىل ما قلناه ،ويلدل ذللك أيضل ًا علىل أنله ملن حتيلز إىل فألة
املسلمني وإنكانت بعيدة خشية اهلال كان ناجي ًا إذا كان ققده وعزمه هلو أن يعلود ملن
الناس ،أي ملالوا -باحللاء فأة املسلمني وأنه غري مقلع من حرب املرشكني ،قوله :حا
القاد غري معلمتني -وقيل أيض ًا :فلاض الناس جيضة -باجليم والضاد معلمتني.-
(خرب) وملا قدم رسوالن إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من مسيلمة الكلذاب
يقال ألحدمها :عبداهلل بن نواحة ،واآلخر يقال له :ابن أثال ،فقال هلام رسول اهلل صىل اهلل
-485-
عليه وآله وسلم(( :أتشهدان أين رسول اهلل؟ قلاال :نشلهد أن مسليلمة رسلول اهلل .فقلال
ال رسوالً لرضبت أعنلاقمكام)) فللرترسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم :لو كنت قات ً
السنة األن ال تقتل الرسل ،رواه عبداهلل بن مسعود ،وال أعلم أن أحد ًا من علامئنا جييز قتل
الرسل.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ُسأل عن الدار للمرشكني يبيتون هبلا
وفيها من ذرارهيم ونسائهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم (( :هم ملنهم)) دل ذللك علىل
صحة ما نص عليه النفس الزكية حممد بن عبداهلل عليه السالم ،فإنه نص عىل أن املرشكني
إذا حتقنوا فحارصهم اإلمام يف مدينة جاق أن حيرقها عليهم ،وأن يرملوا باملللانيق ،وأن
يرسل عىل املدينة املاء ،وأن يفعل هبم غري ذلك ملن األللوان التلي تلؤدي إىل استأقلاهلم
والظفر هبم ،وإن كان فيهم ٌ
شيخ فان ونساء وصبيان ،ذكره يف السرية.
فصل
قلال اهلل تعللاىل { :
[}الفالت ، ]25::فبني أنه تعاىل كف أيدي املؤمنني عنهم لأال يلحق هبم منه بني ظهلارين
املسلمني بمكة من ضعفاء املسلمني القتل ،دل ذلك عىل أنه إذا كان بني ظهراين املرشلكني
أيى أو جتاق وغلريهم ملن املسللمني مل جيلز أن يرملوا باملللانيق وال أن حيرقلوا وال أن
يغرقوا ،وقد ذكره أبو طالب عىل مذهب اهلادي إىل احلق ،قال :إإل أن تدعوا الرضورة إليه
-486-
نحو أن يعلم أنه إن مل توع عليهم املنلنيقات ونحوها كان منهم من النكاية من املسللمني
منا ال يتالفا جاق ذلك ،فإن رموا عن عذر دفع ًا عن اإلسالم ونرصلة لله فتصليب مسللم
وجبت الدية والكفارة ،وهكذا احلكم إذا تتالس املرشكون بمن معهم من املسلمني كلان
احلكم يف ذلك واحد ًا ،وهو أنه جيوق رميهم عنلد خشلية االتقلال بله إن مل يرملوا ذكلره
األخوان عىل أصل اهلادي واختلفوا يف وجوب الكفارة والدية ،فذكر أبو طالب ما تقدم،
ووجه اآلية املتقدمة فإن قولله تعلاىل[} { :الفالت ،]25::قيلل :الديلة يف
الرجال واملهور يف النساء ،وذكر املؤيد باهلل أن املسلم إذا أصيب يف هذه احللال كلان دمله
عليله السلالم قلال يف خطبتله بمحرضل ملن هدر ًا،وال جتب الكفارة ،ووجه أن عليا
أصحابه ومل ينكروا عليه :أما علمت أن دار احلرب حيل ما فيها وأن دار اهلللرة حيلرم ملا
فيها إال باحلق ،ملا أقروه عىل ذلك ذلك ومل ينكروا عليه ،دل ذلك عليه السالم صحة قوله
وإن كان قوله صحيح ًا عىل كل حال لكونه معقوم ًا.
(خرب) وروي أن ثالثة من قريش يوم بدر برقوا بني القفني وستلوا املسلمني املبلارقة
وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فربق إليهم ثالثة ملن أاألنقلار وهلم علوف،
ومعوذ ابنا احلارث ،وعبداهلل بن رواحة ،فلام دنو منهم قالوا :من أنتم؟ قلالوا :رهلط ملن
األنقار.فقالوا :ما لنا بكم من حاجة ،ثم نادى منادهيم يا حممد اخلرج إلينلا أكفاءنلا ملن
قومنا ،فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :قم يا عبيدة بن احلارث ،وقم يا محلزة،
وقم يا عيل)) فعاد األنقاريون وبرق محزة بلن عبلد املطللب وأملري امللؤمنني وعبيلدة بلن
احلارث ريض اهلل عنهم فتبارق أسد اهلل أبو يعىل محزة بن عبداملطلب هو وشيبة بلن ربيعلة
وتبارق أمري املؤمنني هو والوليد بن عتبة ،وتبارق عبيدة بن احلارث هو وعتبلة بلن ربيعلة،
فتما محزة فلم يمهل شيبة أن قتله وكذلك عيل قتل الوليد ومل يمهله ،واختلف عبيدة وعتبة
بن ربيعة بينهام رضبتان أثبتت كل واحدة منهام صاحبه وكر عيل ومحزة بتسيافهام عىل عتبة
فقتاله ،واحتمال صاحبهام فحاقاه إىل أصحابه فدل ذلك عىل أنه ينبغي إاذ دعا مرشل إىل
الرباق أن جييبه رجل من املسلمني وال خيرج إليه إال منه قوي جمرب ،وأنه إذا بارقه ضعيف
-487-
فقتله كان يف ذلك الوهن عىل اإلسالم وأهلله ،وانكسلار قللوهبم وكلان يف قلوة لقللوب
املرشكني.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا حارص بني قريظلة اسلتنزهلم علىل
حكم سعد بن معاذ رمحه اهلل وكان من حلفائهم يف اجلاهلية فرضوا بحكمه وبعث رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا لبابة إىل قريظة ملا حلارصهم ،وكلان أهلله ووللده فليهم
فقالوا :يا أبا لبابة ما ترى لنا أن ننزل عىل حكم سعد؟ فتشار هلم أبو لبابة إىل حلقله يعنلي
أنه الذبح فال تفعال ،فكانمت تلك خيانة هلل ولرسوله قال أبو لبابة :ما قالت قلدماي ملن
مكاين حتى علمت أين خنت اهلل ورسلوله ،ويف لبابلة نلزل قلول اهلل تعلاىل { :
[} األنفال ،]27:فكان من رجوعه
وتوبته من ذلك ما هو ظاهر ،وروي أنه حني تاب اهلل عليه قال :يا رسول اهلل أأهللر دار
قومي التي أصبت فيها الذنب وأجاور ،وأنخلع من ملاَّ صلدقة إىل اهلل وإىل رسلوله؟
فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :جيزيك من ذلك كله الثلث)) وهو أبو لبابة بن
عبد املنذر من األنقار ،ولبابة -بضلم اللالم وبعلدها بلاء معلملة بواحلدة ملن أسلفل
مفتوحة -وكذلك الثاين أيض ًا -باء معلمة بواحدة من أسفل مفتوحة -فللام نزللوا علىل
حكم سعد حكم بقتال رجاهلم وسبي نسائهم وذرارهيم ،فقال له البي صىل اهلل عليه وآله
وسلم(( :لقد حكمت فيهم بحكم اهلل من فوق سبعة أرقعة)) فساقوهم إىل خندق املدينلة
ثم رضبوا أعناق الرجال ومن شكو يف بلوغه نظروا إليه فإن كان قد أخرض مأزره رضبلوا
ٍ
يومأذ فقال قوم: عنقه ،وإن مل يكن كذلك أعفوه عن القتل ،واختلف الرواة يف عدد القتىل
كانوا سبعامئة ،وقال آخرون :كانوا ثامنامئة ،وقال قوم :كانوا تسلعامئة ،دل ذللك علىل أنله
جيوق لإلمام احلق إاذ حارص أهل احلرب يف حقن أو مدينة أن يستنزهلم علىل حكلم ملن
يوثق بمعرفته وورع ودينه من عقالء الرجال ،وقد ذكرناه فيام تقدم يف وصايا النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم لرساياه أنه قال(( :وإن حارصت حقن ًا فراودو أن تنزهلم عىل حكم
اهلل تعاىل فال تنزهلم عىل حكم اهلل تعاىل ولكن أنزهلم عىل حكمك فإنك ال تدري أتقليب
-488-
فيهم حكم اهلل أم ال)) فدل ذلك عىل أنه ال ينزله عىل حكم اهلل تعلاىل بلل علىل حكمله أو
حكم من يثق به ليكون أبعد من احلرج وعم ً
ال بالوثيقة واليقني فيام حيكم به عليهم.
باب ذكر أحكام المشركين في دار الحرب وما يجوز أن يفعل فيها
وما ال يجوز
(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم يف أيام اجلمل بكالم من مجلته أنه قال :أما
علمت أن دار احلرب حيل ما فيها ،وأن دار اهللرة حيرم ما فيهلا إال بحقله ،ذكلر ذللك يف
خطبته بحرضة القحابة ،وهم أهل العدل وهم الذين يعتربون يف اإلمجاع ومل ينكر عليله
أحد منهم بخالف افارجني عليه ،فإرم بغاة ال يعتد هبم يف اإلمجاع ،فدل ذللك علىل أن
دار احلرب دار إباحة إذا قهر بعض املرشكني فيها بعض ًا واسًاقه بالسباء كان مملوكل ًا لله؛
ألنه قد ملكه بالقهر والغلبة وقد ذكره السيد أبو طالب ،وإذا ثبت ذلك جاق أن يشًي يف
دار احلرب بعض املرشكني من بعض ،وجاق أن يشًي الوالد من ولده واألخ من أخيله،
وقد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام) أما إذا باع بعضهم ال جيز أن يمكله كالوالد إذا باع
ولده واألخ إذا باع أخاه فإنه جيوق أن يتخذ ذلك منه عىل وجه الرشاء ،وإن مل يكلن ذللك
كاء صحيح ًا؛ ألن لنا أن نسبيه ونسًقه فإذا مل يمكنلا ذللك إال ببلذل العلوض جلاق أن
نبذله ،ذكره الناطق باحلق ،قال :وقد أشار اهلادي إىل هذا املعنى فقال :ما نبذله من اللثمن
جيري جمرى ما يبذل عىل االستألار ،واملعنى أنه ال يكون كاء عىل احلقيقة واملعلوم عنلد
الرواة أن قيد بن حارثة من صميم العرب ،وأنه سبي يف حال كفلره ثلم انتقلل ملكله إىل
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعتقه وققته ظاهرة.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :أنا بريء من كل مسلم أقلام يف
دار الرش )) دل ذلك عىل أن األسري املسلم إذا أطلقله الكفلار واشلًطوا عليله أن يقليم
عندهم وال خيرج من بالدهم جاق له افروج وةالفة الرش ؛ ألنه ك أحل حرام ًا ،وقد
-489-
تقدم أن كل ك هذا حاله ال جيوق الوفاء به ،وإن ك هلم فدية يبعث هبا إىل إليهم ملن
املال فقد ذكر السيدان األخوان أنه جيوق هبذا الرش ،ويدل عليه (خرب) وهو قلول النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :املؤمنون عند كوطهم)).
(خرب) وروي أن أبا بكرة كان من عبيد أهل الطائف فلام حارصهم النبي صىل اهلل عليه
وآله وسلم خرج مع مجاعة من عبيدهم إليه مسلمني فقلال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم:
((هؤالء عتقاء اهلل)).
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم الطائف(( :أيام عبدٌ خرج إلينا
مسل ًام فهو حر)) دل ذلك عىل أن مملو احلرب إذا أسلم وهاجر إىل دار اإلسالم كان حر ًا،
وكذلك إذا خرج إىل حمطة املسلمني مسل ًام كان حر ًا ،أو مل يكن ملواله عليه سبيل إن أسللم
بعد ذلك.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :كل موللود يوللد علىل الفطلرة
فتبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه)) ويف بعض األخبار(( :كل نسلمة توللد علىل الفطلرة
وأبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه حتى يعرب عنها لسانه إما شلاكر ًا وإملا كفلورا)) دل
ذلك عىل أن احللريب إذا خلرج إىل دار اإلسلالم فتسللم فيهلا فلتوالده القلغار يكونلون
مسلمني بإسالمه ال سبيل عليهم وألن قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :كل مولود يوللد
عىل الفطرة)) يدل عىل أن األصل يف كل مولود أن حيكمه حكم اإلسالم إذ ظاهره يقت يل
ذلك عىل ما قلناه ،فاملستلة ذكرها السيد أبو طالب قال :وهي صحيحة عىل أصل اهللادي
عليه السالم ومل يفقل افرب بني أن يكون اإلسالم يف دار احلرب أو دار اإلسالم ،فالظاهر
عىل أرام عىل سواء ،ويدل عليه أيضل ًا قولله تعلاىل { :
[} الطور ،]21:فإنه يدل عىل أن حكم الذرية
القغار حكم اآلباء ،فتما البالغون فمخققون من الظاهر باإلمجاع وبافرب األول فبقلي
القغار داخلني يف ذلك.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :إذا اسلم أحد األبلوين والوللد صلغار فالوللد
-490-
مسلمون بإسالم من أسلم من األبوين ،فإن كرب الولد فتبوا اإلسالم قتلوا ،وإن كان الولد
كبار ًا بالغني مل يكونوا مسلمني بإسالم األبوين ،فدل ذلك عىل ما قلنلاه وهلذا افلرب رواه
قيد بن عيل عليهام السالم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كلان إذا افتلتح بلالد الرشل مل يتبلع
أحكامهم بنقض وال تغيري وتركهم عىل حاهلم ،دل ذلك عىل صلحة ملا حكلاه عليل بلن
العباس من إمجاع العًة عليهم السالم عىل أن ما َحك ََم به حاكمم املرشلكني يف دار احللرب
بام بينهم ال يتبع بنقض ،قال :وكذلك جنايات بعضهم عىل بعض وعىل املسلمني يكونون
هدر ًا ،وكذلك إذا غلب بعضهم عىل بعض حكا هذا يف جمموعه.
-491-
باب حكم أمان المسلمين ألهل الشرك
قال اهلل تعلاىل { :
[}التوبة ،]6:يعني إن أحد من املرشكني طلب منك األمان واجلوار فتجره من القتل
حتى يسمع كالم اهلل القرآن ،وما أمره به ورا عنه ،ثم أبلغه متمنه املوضع الذي يتمن فيله
ذلك عىل جواق األمان من املسلمني للمرشكني ،وقال تعاىل بعد التربي من كل عهلد بينله
وبني املرشكني { :
[} التوبة ،]4:وقال تعاىل{ :
[} التوبالة ،]7:فلاق ذللك علىل جلواق
املعاهدة معهم وعىل جواق األمان هلم ،وملا أخذت العرب تنقض عهود ًا بينها وبني رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نزل قول اهلل تعاىل[} { :التوبة ]1:اآليلة،
فتمره اهلل أن ينقض عهودهم وأجلهم أربعة أشهر فمن كانت مدة عهلده أقلل ملن أربعلة
رفعه إىل أربعة ،ومن كانت مدة عهده أكثر من أربعة أشهر حطة إال أربعة إال من استثناه،
وقد ذكرناه أوالً ،ومتى قيل :كيف جيوق أن ينقض النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم العهد؟
قلنا :ال جيوق إال عىل أحد وجوه ثالثة:
أحدها :أن يكون مرشوط ًا أن يبقى العهد إىل أن يرفعه اهلل بوحي كلام روى بمعاهدتله
لبعضهم أنه قال(( :أقركم ما أقركم اهلل تعاىل)).
وثانيها :أن تظهر منهم خيانة كام قال تعلاىل { :
ٍ
فحينأذ ينبذ إليهم عهدهم. [} األنفال،]58:
الثالث :أن يكون مؤج ً
ال إىل مدة معلومة فتنق ي املدة وينق ي العهد بمضيها ،والذين
استثناهم اهلل بقوله[} { :التوبة ،]4:قال املفرسون :استثنى
-492-
اهلل طائفة وهم بنو ضمرة حي من كنانة وأمر بإمتام عهدهم وكان قد بقى من عدهم تسعة
العهد { أشهر ،وقوله تعاىل[} { :التوبة ،]4:أي من كو
[}التوبالة ،]4:ومل يعاونوا علليكم علدو ًا ،وقولله تعلاىل { :
[} التوبة ]7:هم بنلو ضلمرة اللذين ذكرنلا { ،} يف وفلاء
العهد { ،} عىل الوفاء بإمتام أجلهم { ،} ملن اتلق يف
أداء فريضته والوفاء بعده ملن عاهدته.
(خرب) وهكذا هادن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قريش ًا ملا صدوه عن مكة عام
احلديبية عرش سنني ،وهكذا أمري املؤمنني عيل عليله السلالم هلادن معاويلة يف آخلر أيلام
صفني تسعة أشهر ،وكل ذلك يدل عىل ما ذكرناه من جواقاملعاهدة معهم واألمان هلم.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املسلمون تتكافئ دماؤهم
ويسعى بذمتهم أدناهم)).
(خرب) وروي أن قينب ابنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أجلارت قوجهلا أبلا
بن الربيع. العا
(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم فتح مكة(( :من ألقلى سلالحه فهلو آملن،
ومن دخل دار أيب سفيان فهو آمن)).
(خرب) وروي أن أم هانئ بنت أيب طالب أجارت يوم فتح مكلة رجللني ملن أمحائهلا
دخال دارها ،وأن علي ًا عليه السالم أراد قتلهام فلاءت إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم
تشكو عليه علي ًا عليه السالم فقال(( :قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت)) فدل ذلك كله
عىل أنه جيوق أمان املرأة واململو ؛ ألن اململو يدخل يف أدنا املسلمني.
-493-
فصل
ونص يف األحكام عىل أنه ال جيوق أملان أحلد ملن املسللمني للمرشلكني إال إىل ملدة
مرضوية ،وال جيوق عىل التتبيد وذلك ألن الرشع مل يرد بلواقه إال إىل مدة مرضوبة ،أو يف
حكم املدة املرضوبة فاملدة املرضوبة أصلها الكتاب والسنة.
ويدل عليه (خرب) وهو قول النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :املسللمون تتكافلت
دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم)) وقوله :أدناهم حيتمل أن يكون املراد به أدنلاهم منزللة،
وحيتمل أدناهم يف القدر وأرام كان دخل فيه العبد مع أنه جيمع املعنيني.
-494-
(خرب) وروى فضل بن يزيد الرقايش قال :جهز عمر بلن افطلاب جيشل ًا كنلت فيله
فحرضنا قرية من قرى رام هرمز فكتب عبد منا أمان ًا يف صحيفة وشدها يف سهم رمى بله
إليهم فتخذوها وخرجوا بتمانه فكتبوا بلذلك إىل عملر فقلال :العبلد املسللم رجلل ملن
املسلمني ذمته ذمتهم ،ويقح األمان باإلشارة كام ذكرناه يف افرب يف قولله صلىل اهلل عليله
وآله وسلم(( :أيام رجل من أققاكم أو أدناكم ،أو أحراركم أو عبيدكم أعطى رج ً
ال منهم
أمان ًا أو أشار إليه بإشارة فله األمان حتى يسمع كالم اهلل)) فدل ذلك عىل أنه يقح األمان
باإلشارة.
(خرب) وروى أبو سلمة قال :قال عمر :والذي نفس عمر بيلده للو أن أحلدكم أشلار
بتصبعه إىل مرش ثم نزل إليه عىل ذلك ثم قتله لقتلته ،وهذا يؤيده ما ذكرناه.
(خرب) وقد ذكرنا فيام تقدم أمان قينب بنلت رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
لزوجها ،وأمان أم هانئ ألمحائها ،وأن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاق أمارام ،فلدل
ذلك عىل أنه جيوق أمان املرأة املسلمة ،كام نص القاسم عليه السالم ،وما ذكرنلاه أوالً ملن
عموم األدلة يدل عىل جواق أمان املريض املسلم.
(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ((:رفع القلم عن ثالثة)) افرب يلدل علىل
أنه ال يقح أمان القبي وامللنون.
قال السيد أبو طالب :إال أرام إن أمنّا أحد ًا من املرشكني مل جيز أن يقتل يف احلال فيلب
رده إىل متمنه؛ ألنه مغرور بذلك األمان.
فصل
قال اهلل تعاىل { :
[} الممتحنة ]10:دل
-495-
ذلك عىل صحة ما نقه يف (األحكام) من أن احلربية إذا أسلمت وحلقلت بلدار اإلسلالم
فال سبيل لزوجها عليها ،وهلا أن تتزوج بعد أن يستربس رمحها بثالث حيض.
قال أبو طاللب :وال خلالف أرلا إذا أسللمت وهلاجرت إىل دار اإلسلالم انقطعلت
الزوجية بينهام.
فصل
وأما قوله تعاىل } { :فكان ذلك يف صللح احلدبيبيلة قبلل حتلريم رد
النساء وهو أن يرد عىل قوجها املهر ،واملراد به إذا كان قد دفع إليها مهرهلا ملاالً حلالالً،
فإن مل يدفع إليها شيأ ًا أو دفع إليها ما ال قيمة له مل جيب له يشء ،وإن كان قد أعطى بعضه
رد له ما أعطى ،وإنام يرد له ذلك من مال اهلل تعاىل كافمس وغريه ألجل حرملة األملان
واملعاهدة بينهم ،وقد منع اهلل تعاىل من رد النساء إذا أتني مسلامت بقوله علز قلائالً{ :
فصل
وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وادع بني قريظة فتعان بعضهم أبا سفيان بن
حرب عىل حرب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف افندق ،وقيل :الذي أعان منهم
ثالثة حيي بن أخطب وأخوه وثالث معهام فنقض صلىل اهلل عليله وآلله وسللم عهلدهم
وغزاهم وقتل رجاهلم وسبى ذرارهيم.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم هادن قريش ًا باحلديبية وبنو بكر كانت
حلفاء لقريش وخزاعة كانت حلفاء لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحارب بنو بكر
خزاعة وأعارم نفر من قريش عىل خزاعة وأمسك سائر قريش ،فلعل رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم ذلك نقض ًا لعهدهم فسار إليهم وذلك يوم فتح مكة ،دل ذلك عىل أن
-496-
نقض بعض املعاهدين يعم حكمه سائرهم ،كام أن عقد بعضهم اهلدنة يكون أمان ًا ملن عقد
وملن مل يعقد اللهم إال أن يباينوهم ويعتزلوهم ويكلاتبوا اإلملام بلذلك ويراسللوه إذ قلد
اهلل تعاىل يف وجوب الوفاء هلم ملا تضلمنه قولله تعلاىل { : ك
[} التوبالة ]4:ومما يوضح ما ذكرناه من فعل بني بكر بخزاعة أن خزاعة
أتوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم طالبني للنرصة واألخذ بثترهم فقال شاعرهم:
محلللللف أبينللللا وأبيلللله األتلللللدا رب إين ناشلللللد حمملللللدا
يلللللا ّ
ونقضللللوا ميثاقللللك املؤكللللدا إن قريشلللل ًا أخلفتللللك املوعللللدا
ّ
وقتّلونلللللا ركعللللل ًا ُ
وسللللللدا وب ّيتونلللللا بلللللاحلطيم ُهللللللدا
فلللادع عبللللاد اهلل يلللتتوا مللللددا ّ
أقلللللل وأذل علللللددا وهلللللم
إن سيم خسف ًا وجهل ُه تربلدا جتلردا
فيهم رسول اهلل قلد ّ
فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال نرصة إن مل أنرصكم)) فخرج إىل مكلة فنرصله اهلل
تعاىل وشفاء صدور خزاعة ،وذلك قلول اهلل تعلاىل[} { :التوبالة،]15:
يعني كرهبا ووجدها بمعونة قريش بني بكر عىل خزاعة.
فصل
وإذ قد ذكرنا مكة فعند أئمتنا عليهم السالم أرا فتحت قهلر ًا ال صللح ًا ،وهلو اللذي
لدين اهلل حممد بن اهلادي ،والسيدان األخوان ريض اهلل علنهم ،ووجله نص عليه املرت
ذللللك قلللول اهلل تعلللاىل { :
[} التوبالة ،]13:يعني بقوله :نكثوا أيامرم نقضوا عهودهم مع أن النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم وجعل عهد القلح ياحلديبية بمعونة بني بكر عىل خزاعة وهلم
كانوا حلفاء النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وهذا يدل عىل أن حرب الناكث من الكفلار
أوىل من حرب سائر الكفار ليكون ردع ًا عن النكث ،وقوله تعاىل { :
-497-
}يعني بالقتال يوم بدر؛ ألرم قالوا حني سلمت العلري :ال ننرصلف حتلى نستتصلل
حممد ًا ومن معه ،وقال مجاعة من املفرسين :أراد أرم قاتلوا حلفلاء ملن خزاعلة فبلدأوا
بنقض العهلد ،قلال اهلل تعلاىل }{ :أي رلافون أن ينلالكم ملن قتلاهلم مكلروه
فتًكونه فاهلل أحق أن رشوه ،إىل قوله {[} التوبة ،]14:أي:
يقتلهم بسيوفكم ورماحكم يعني يتمركم بقتاهلم ثم ينرصكم عليهم فتقتلورم فتضافه اهلل
تعاىل إىل نفسه؛ ألنه بتمره ونرصه وخيزهيم ويذهلم بلالقهر واألي{
[} التوبالة ،]14:يعني مسلمي خزاعة ،فدل ذلك عىل أنه امتثل أمر اهلل
تعاىل يف أمره بقتاهلم وكيف يتقور أنه يقاحلهم مع هذا األمر املغلن ملن اهلل تعلاىل وقلد
كان يف غاية القوة واالستعالء ،وقد نزل عليله قولله تعلاىل { :
[} محمد ، ]35:هذا ما ال جيوق؛ ألنه خالف أمر اهلل تعاىل ،وقوله تعاىل{ :
[} الفت ،]24::فلو
كان دخلها صلح ًا مل يكن له ظفر عليهم ،وال يقح أن يقال املراد باآلية قلوم ملن قلريش
نزلوا عليهم باحلديبية من جبل التنعيم فظفر هبم رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
وأطلقهم؛ ألن اآلية أفادت ظفره هبم ببطن مكة ،واحلديبية ليسلت بلبطن مكلة بلل هلي
خارج احلرم قيل :هي بأر متضمض رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فيهلا ،وكلان قلد
غار ماؤها فلاشت باملاء ،فكان ذلك من معلزاته عليه السالم.
(خرب) ومما تظاهر به النقل أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم فتح مكلة(( :إن
مكة حرام حرمها اهلل تعاىل مل حيل فيها القتلال إال سلاعة ملن النهلار ومل حتلل ألحلد ملن
بعدي)).
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :ك ّفوا السلال ،إال خزاعلة ملن بنلي
بكر)) فتذن هلم يف قتاهلم حتى صالة العرص ،ثم قال(( :كفوا السال.))،
(خرب) وروي أن ابن عباس ذكر ققة الفتح فقال فيها :إن النبي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم دخل مكة فقال ألصحابه(( :كفوا السال ،إال خزاعة ملن بنلي بكلر)) ثلم أملرهم
-498-
فكفوا ثم أمن الناس كلهم إال أربعة :عبداهلل بن سعد بلن أيب ي ،،وابلن خطلل ،وابلن
ضبابة ،وامرأة ورابع غفل الراوي عن اسمه.
(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر بقتل قينتني كانت تغنيان هبلائله ،فللو
كان دخلها صلح ًا مل جير يشء من هذا.
(خرب) وروي أنه جعل خالد بن الوليد عىل امليمنة والزبري عىل امليرسة ،وأن خالد ًا قتل
منهم بضعة عرشة نفس ًا فارزموا وكان ممن هزم وهرب ملن مكلة عكرملة بلن أيب جهلل
وصفوان بن أمية ،ولو كان القلح قد تقدم مل خيف عىل خالد وال عىل هؤالء األعيان ملن
قريش الذين ارزموا ،فتما احتلاج املخالفني عىل أنه دخلها صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
صلح ًا بام مثل له.
(خرب) وروى أيب بن كعب أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم أحد ملا قتل ملن
األنقار نيف وستون نفس ًا وقتل اجلامعة من املهاجرين ومثل هبم(( :ألن كان لنا مثل هلذا
لنربني عليهم)) فلام كان يوم فتح مكة دخلها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم عنلوة
فقال رجل :ال تعرف قريش بعد اليوم ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم (( :األسلود
واألبيض آمن إال مقيس بن ضبابة ،وابن خطل وقينتني البلن خطلل)) فلتنزل اهلل تعلاىل:
{[} النح الالالالالالل،]126:
فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :نقرب وال نعاقب)) فهو دليلنا من وجوه:
أحدها :قول ُأيب بن كعب دخلها صىل اهلل عليه وآله وسلم عنوة؛ ألن العنوة افضوع،
وهلذا يسمى األسري عاني ًا ،قال اهلل تعاىل[} { :طال ]111::وقوهلم
إن العنوة عبارة عن القلح واحتلوا بقول الشاعر:
ولكن بحد املرشفلي استقاهللا فام أخذوها عنوة عن ملودة
(خرب) وروي ولكن برضب املرشقي استقاهلا ،أي اسًدها يعني افالفة فاملراد أرم مل
يتخذوها ي ًا بمخادعة وإظهار مودة هلا لكن أخذوها بالسيف.
-499-
وثانيها :قول الرجل :ال تعرف قريش بعد اليوم.
وثالثها :قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :األسود واألبيض آمن إال كذا وكلذا))
(خرب) وروي أن أم هانئ بنت أب يطالب أجارت رجلني من أمحائها دخال دارها وأن
علي ًا عليه السالم أراد قتلهام فشكت ذلك إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال:
((قد أجرنا من أجرت ،وأمنّا من أمنّت)) ولو تقدم القلح مل خيفى ذللك علىل عليل عليله
السالم .
فصل
(خرب) وعن عوف بن مالك قال :خرجت مع قيد بن حارثلة يف غلزاة مؤتلة فرافقنلي
مدري ،وأن رومي ًا كان اشتد عىل املسلمني أغراهبم فتلطف له ذللك امللدري وقعلد حتلت
وخر الرومي لقفاه وعلاله بالسليف فقتلله فتقبلل بفرسله
صخرة فلام مر به عرقب فرسه ّ
-500-
ويجه وجلامه وسيفه ومنطقته وسالحه إىل خالد بن الوليد فتخذ منه طائفة ونفله خالدد
بقيته فقلت :يا خالد أما تعلم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نفل القاتل السلب؟
فقال :بىل ،ولكن استكثرته ،فقلت :لًدن وإال عرفتكها عنلد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم فتبى أن يرد عليه ،فلام قدمنا عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أخربتله
افرب فقال :يا خالد ما محلك عىل ما صنعت؟ فقال :يا رسول اهلل اسلتكثرته .فقلال(( :رد
عليه ما أخذته منه)) قال عوف :فلام ّ
وىل خالد ليفعل ذلك ،قلت له :كيف رأيت يا خاللد
أمل أوف لك ما وعدتك ،فغضب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال(( :يا خاللد ال
ترد عليه ،هل أنتم تاركوا أمرائي لكم صفوه وعليهم كدره)) دل افرب عىل أحكام منها أن
السلب ال يستحقه القاتل بملرد القتل إذ لو كان ذلك ملا رى خالد ًا عن رده إليه ،ومنهلا
أنه جيوق أن ينفل القاتل سلب املقتول للوال ذلك أيض ًا ملا أمر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم خالد ًا بتن يرد عليه ما أخذ منه من السلب ،ومنها أنه ينبغي للوَّ األملر أال يفعلل
فع ً
ال يكن فيه وكس ونقص عىل من أمره عىل غريه ما مل يمنع منه مانع كعي؛ وألنه ملن
إنزال الناس مناقهلم وهو واجب ،ومنها أن السلب من مجلة الغنائم وهذا ظاهر يف افرب؛
ألرم غنموه ،فإذا ثبت أنه غنيمة وجب فيه افمس لظاهر قول اهلل تعلاىل { :
[} األنفال ]41:اآلية ،فلدل الظلاهر علىل أن كلل غنيملة فيهلا
افمس إذ مل يفقل بني غنيمة وغنيمة ،وإذا ثبت كونه غنيمة وأن فيها افمس وجلب أن
يكون أربعة أمخاسه مقسوم ًا بني الغانمني إذ مل يقع به التنفيل للقاتل ،وقال يف (األحكلام)
فإن قال من قتل فالن ًا فله سلبه فاشً يف قتله رجالن كان السلب بينهام.
قال السيد أبوطالب :وكذلك لو قال :من قتل قتي ً
ال فله سلبه فاشً يف قتله رجلالن
قياس ًا عىل هذه املستلة ألرا يف معناه وأصله.
(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من قتلل قتلي ً
ال فلله
سلبه)).
ل بالسللب (خرب) وروى عوف بن مالك أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم ق
-501-
للقاتل ،دل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وروى أبو قتادة قال :خرجنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم حنني
فرأيت رج ً
ال من املرشكني عىل رجل من املسللمني فاسلتللت لله حتلى أتيتله ملن ورائله
فرضبته عىل حبل عاتقه فتقبل عيل فضمني ضمة وجلدت فيهلا ريلح امللوت ،ثلم أدركله
املوت فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من قتل قتي ً
ال له عليه بينة فله سللبه)) فقققلت
عليه فقال رجل :صدق يا رسول اهلل وسلب ذلك الرجل عندي فارضه ،فقال أبلو بكلر:
الها اهلل ال يعمد إال أسد من أسد اهلل يقاتل عن دين اهلل فيعطيك سلبه ،فقلال رسلول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :صدق فتعطه إياه)) فتعطاين إياه فبعلت اللدرج فابتعلت فيله
ةرف ًا يف بني سلمة وأنه ألول ما تتثلته يف اإلسالم ،دل ذلك عىل أن من فعل مثل ما فعلله
كان أوىل بالسلب.
(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :من قتل كافر ًا فله سلبه))
ونص يف (األحكام) عىل أن السلب هو ما ظهر عىل املقتول ومعه ملن الثيلاب واملنطقلة،
والدرع والسيف ،والفرس والرسج ،وحليته ،فإن كان معه ما خيفى من جواهر أو ذهلب
أو فضة مل يدخل ذلك يف السلب ،وكان من مجلة الغنيمة ،ويلحق بام ذكره عليه السالم ما
كان يف رحله من األموال من خيمة وغريها فإنه ليس من السلب عرف ًا وال لغة؛ ألنه عبارة
عام كان عليه ومعه كام يقال :شلرة سليبة إذا أخذت أغقارا وورقها.
ّ
(خرب) وروى قيد بن عيل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا برق يوم بدر فقال:
ال فله كذا ،ومن أي أسري ًا فله كذا من غنائم القوم)) دل ذلك عىل صحة ملا ((من قتل قتي ً
نص عليه يف (األحكام) من أن اإلمام إذا جعل لرجل ماالً معلومل ًا إن قتلل رجل ً
ال فقتلله
وجب أن يعطيه ذلك من الغنيمة ،قال يف هذا الكتاب :وإن مل جيده يف الغنيمة أو مل حيقل
أعطاه من بيت املال ،فإن مل يوجد يف بيت املال أعطاه من القدقات ،وذلك ألن بيت املال
معد ومرصد ملقالح املسلمني ،ودفع النوائب التي تنوهبم فإذا مل جيد بيت مال أعطى ملن
القدقات.
-502-
قال األخوان :وهذا صحيح عىل أصلله؛ ألن سلهم ابلن السلبيل مرصلوف عنلده يف
مقالح املسلمني ومعاونة امللاهدين.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يوم بدر(( :من أخذ شيأ ًا فهو لله))
دل ذلك عىل صحة ما ذكره الناطق باحلق ررجي ًا عىل مذهب اهلادي إىل احلق أن اإلمام إذا
قال :من أخذ شيأ ًا فهو له جاق ذلك واستحقه من أخذه.
(خرب) وروى ابن عمر قال :كنا نقيب يف املغاقي العسل والفاكهة فنتكله وال نرفعه.
(خرب) وعن ابن أيب أوفا قال :كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بخيلرب يلتيت
أحدنا إىل الطعام الغنيمة فيتخذ منه قدر حاجته.
(خرب) وعن عبداهلل بن املغفل قال :أدَّ إَّ جراب من شحم يوم خيرب فتتيته والتزمته
وجاء صاحب الغنائم يعني الواَّ عليها يناشدين ذلك اجلراب فقلت :ال أعطي ملن هلذا
أحد ًا اليوم شيأ ًا فالتفت فإذا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يبتسم إَّ فقال لقاحب
الغنائم دعه فتخذته ،دل ذلك عىل صحة ما ذهب إليه القاسم فإنه نص عىل أن ملا يقليبه
املسلمون من أرض العدو ملن الطعلام والعللف فإنله يسلهل فيله ألهلله وال يردهلا إىل
املقاسم.
يدل عليه (خرب) وهو ما رواه ابن عمر أن جيش ًا غنموا يف قمان النبلي صلىل اهلل عليله
ال فلم يتخذ منهم افمس ،فدل ذلك عىل ما ذكرناه. وآله وسلم طعام ًا وعس ً
فصل
وقللول اهلل تعللاىل{ :
-503-
[} الممتحنالة ]1:نزلت يف حاطب بن بلتعلة مللا جتهلز
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لفتح مكة كتب كتاب ًا إىل مكة يشعرهم بتن رسول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم يريدهم فيتخذوا حذرهم ،وأعطاه امرأة من أهلل مكلة جلاءت
تستميح النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فكساها عليه السالم فدفعه إليها حاطب وجعلل
ال فتخذته وجعلته بني ذوائبها ونزل الوحي بذلك فتمر رسلول اهلل صلىل اهلل عليله هلا جع ً
وآله وسلم علي ًا عليه السالم يف مجاعة وقال :إن مل تدفعه إليكم فارضبوا عنقها ،فلحقوها
وقالوا هلا ررجه فتنكرت أن يكون معها يشء ففتشوا متاعها فلم جيدوا فسلل عليل عليله
السالم سيفه فقال :أخرجي الكتاب وال رضبلت عنقلك فتخرجتله ملن ذوائبهلا فخللوا
سبيلها ورجعوا به إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدعا حاطب ًا فقال(( :ملا محللك
عىل ما صنعت))؟ فقلال :واهلل ملا كفلرت ،أردت أن أرلذ عنلدهم يلد ًا؛ ألن أهليل بلني
أظهرهم ،وعلمت أن اهلل ينزل هبم بتسه ،وأن كتايب ال يغني عنهم فقبل رسلول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم عذره ،فقام عمر فقال :دعني أرضب عنقه ،فمنعه رسول اهلل صىل اهلل
عليه وآله وسلم ،دل ذلك عىل أحكام منها أن مثل هذا القنيع ال جيلوق أن يفعلله مسللم
فيكتب برس اإلمام واملسلمني وما حياولون من كيد الكفار وحرهبم إىل الكفلار ،ومنهلا أن
ذلك من الكبائر بداللة قوله تعاىل } { :ومنها أن من
وفد عىل اإلمام من الكفار فتنعم عليه وأعطاه ثم ّ
وىل عنه حام ً
ال مثل هذا الكتلاب اللذي
فيه أيار املسلمني وامتنع من تسليمه جاق قتله ألجله ،وهلذا قال رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم(( :فإن مل تدفعه إليكم فارضبوا عنقها)).
-504-
باب ما يؤخذ من أهل الذمة بالتزامه
(خرب) واألصل يف ذلك ما اتفق عليه مجاعة القحابة يف أيام عمر بن افطاب وذللك
أشياء منها ما رواه رافع بن أسلم أن عمر أمر أن جتز نواصيهم ،وأن يركبلوا علىل األكلف
عرض ًا وال يركبوا كام يركب املسلمون ،وأن يوثقوا للمناطق يعني الزنانري.
ومنها (خرب) وروى عبدالرمحن بن غلنم يف الكتلاب اللذي كتبله لعملر حلني صلالح
نقارى الشام فرش أن اليتشبه بيشء من لباسهم من قلنسوة وال عامملة وال نعللني ،وال
فرق شعر ،وأن نشد الزنانري يف أوساطنا ،وك أن نلز مقادم رؤوسلنا ،وكطنلا أن ال
نتشبه باملسلمني يف مراكبهم وال نركب الرسوج ،وال نتقلد السيوف ،وال نتخذ شليأ ًا ملن
السال ،،وال نحمله ،وأن نوقر املسللمني ونقلوم هللم ملن جمالسلنا إذا أرادوا اجلللوس،
وكطنا أن ال نبيع افمور ،وال نظهلر صللباننا وكتبنلا يف يشء ملن طلرق املسللمني وال
أسواقهم ،وال نرضب ناقوسنا إال رضب ًا خفيف ًا ،وال نرفع أصواتنا بلالقراءة يف كنائسلنا يف
يشء من حرضة املسلمني ،وال نخرج شعانيننا وال بباغوثنا ،وال نرفع أصواتنا عىل موتانا،
وال نحدث يف مدائننا وال يف ما حواها دبر ًا ،وال قالية وال كنيسة وال صومعة وال راهلب
وال جيدد ما خرب منها ،ومنها ما روي عن حذيفة بن قيس قال :قال عمر لريفا :اكتب إىل
أهل األمقار يف أهل الكتاب أن جيلزوا نواصليهم وأن يربطلوا الطيلسلان يف أوسلاطهم
ليعرف قهيم من قي أهل اإلسالم.
وعن اهلادي عليه السالم أرم يمنعون من إحداث الكنس وبنيت عىل عهده هلم بيعلة
حمدثة فتمر هبدمها.
قال عليه السالم :وال يمنعون من عامرة ما خرب منها.
قال القايض قيد :ألرم عوهدوا عىل أال يمنعوا منها ،فال جيوق أن يمنعوا عن إعادة ما
خرب منها؛ ألن العهد يقت ي ذلك.
-505-
ومنها (خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السلالم أنله رلى أهلل الذملة علن رضب
النواقيس يف أمقار املسلمني خارج ًا عن كنائسلهم التلي صلوحلوا عليهلا ،وأن خيرجلوا
القلبان يف أعيادهم ومل يمنعهم من أن يظهروا يف كنائسهم ما أحبوا من ذلك.
ومنها (خرب) روى ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال(( :بعثلت بلني يلد
الساعة بالسيف حتى يعبد اهلل وال يرش به شيأ ًا ،وجعل القغار والذلة عىل ملن خلالف
أمري)).
وروي أن عمر كتب إىل أهل اآلفاق أن مروا نساء أهل األديلان أن يعقلدن قنلانريهم
حتت اإلقار؛ وذلك ألرا إذا كانت فوق اإلقار انكشفت رؤوسهن.
ومنها (خرب) وروى أبو هريرة قال :قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم(( :إذا
لقيتم املرشكني يف طريق فال تبدؤهم السالم واضطروهم إىل أضيقها)).
وعن ابن عباس أنه قال(( :أيام مرص مرصه املسلمون فليس فيله للعللم أن يبنلوا فيله
كنيسة)).
ومنها (خرب) وروي عن عمر بن افطاب قال :قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :ال تبينى الكنيسة يف اإلسالم ،وال جيدد ما خرب منها)).
ومنها (خرب) روي أن نرصاني ًا استكره امرأة مسلمة عىل الزنا فرفع الزاين إىل أيب عبيدة
بن اجلرا ،فقال :ما عىل هذا صاحلناكم ورضب عنقه ،ومل ينكر فقار إمجاع ًا.
-506-
نبي جلد)).
ومنها (خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :من شتم نبي ًا قتلناه ،ومن قنلى ملن أهلل
الذمة بامرأة مسلمة قتلناه ،فإنا أعطيناهم الذمة عىل أن ال يشتموا نب ّي ًا ،وال ينكحوا نساءنا.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن هيودية كانت تشلتم رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم وتقع فيه فخنقها ،فتبطل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها.
ومنها (خرب) وعن ابن عباس أنه قال :اشتد برسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
وجعه فقال(( :أخرجا املرشكني من جزيرة العرب)).
(خرب) وعن أيب عبيدة بن اجلرا ،أنه قال :آخر ما تكلم بله رسلول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم أنه قال(( :أخرجوا اليهود من احللاق)).
وروي أن عمر أجىل اليهود والنقارى من احللاق ،مل ينقل أن أحد ًا من افلفاء أجلىل
من كان باليمن من أهل الذمة ،وإن كان اليمن من جزيرة العرب ،إال أن قول النبي صلىل
لغريه من األخبار؛ ألنه ق ّيلد اهلل عليه وآله وسلم(( :أخرجوا اليهود من احللاق)) كافا
إخراجهم باحللاق فكان كاملقيد ،ومحلنا عليه قوله أخرجلوهم ملن جزيلرة العلرب واهلل
أعلم بالقواب ،ومنها أن أئمتنا عليهم السالم اختلفوا هل يمنع املرشلكون ملن دخلول
املساجد سوى املسلد احلرام ،فتما املسلد احلرام فظاهر يف القرآن يلدل علىل املنلع وهلو
قوللللللللله تعللللللللاىل { :
[}التوبالة ]28:واملسلد احلرام عبارة عن احلرم املحرم بدالللة قولله تعلاىل{ :
[}اإلسراء ،]1:وأراد به مكة؛ ألنه أيى به من منزله ،فعند القاسم واهلادي إىل احلق
عليهام السالم أنه جيب منع سائر املرشكني من دخول سلائر املسلاجد ،وبله قلال النلارص
للحق ،واملنقور باهلل عليهام السالم.
(خرب) وذلك ملا روي أن علي ًا عليه السالم كان عىل املنرب وبرص بملويس فنزل فرضبه
-507-
وأخرجه من باب كندة ،وذهب املؤيد باهلل أنه ال جيب منعهم وهو القحيح عندنا ،وذلك
أن دخوله قد يكون سبب ًا إلسالمه بتن يسمع قراءة القرآن فيسلم.
(خرب) كام روي أن عمر بن افطاب سمع أخته تقرأ سورة طه فتسلم.
(خرب) وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان ينزل وفد املرشكني املسلد ،فقيل له:
يا رسول اهلل قوم أنلاس ،قال(( :ألنه لليس علىل األرض ملن أنللاس النلاس يشء إنلام
أنلاس الناس عىل أنفسهم)).
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنزل سلبي بنلي قريظلة والنضلري يف
مسلد املدينة.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ربلط مرشلك ًا يف املسللد فتملا خلرب
امللويس املقدم ذكره فهو يمكن محله وتتويله علىل أنله دخلل بلدون إذن بعلد املنلع ملن
الدخول فعزره عيل عليه السالم ألجلل ذللك؛ ألن هلذه األخبلار أشلهر وأظهلر وأكثلر
استمرار ًا فإن بعضها كان بعد الفتح كام ال جيهله العارفون بالسرية النبوية.
-508-
باب الموادعة وعقد الهدنة
واألصل يف ما قدمناه من عقد اهلدنة باحلديبية مع قريش ومع بنلي النضلري يف املدينلة
ومما كان من أمري املؤمنني من عقد اهلدنة بقفني مع أهل الشام ،دل ذلك علىل أن لإلملام
العقد للهدنة مع الكفار والبغاة إىل مدة معلومة إذا رأى ذللك صلالح ًا للمسللمني ،وإذا
فعل ذلك وجب الوفاء هلم بالعهد وتر قتاهلم إىل انقضاء املدة ما مل يكلن ملنهم نقضله،
ونص يف (األحكام) عىل أن للمرشكني من الوفاء واألمان والعهد ما للباغني.
قال السيد أبو طالب :وهذه اجلملة مما ال خلالف فيله وقلد قلدمنا األدللة علىل ذللك
وسمعت ممن ينتحل العلم يف وقتنا هذا والزهد من يقول :إنه ال جيلب الوفلاء بالعهلد إال
للمرشكني وهذا خطل من القول وخلف من الكالم ،كتنه مل يسمع قول اهلل تعاىل{ :
[} المائدة ،]1:وهذا أمر واألملر يقت يل الوجلوب ،فوجلب
الوفاء بالعقود سواء كانت مع مسلم أو كافر؛ ألنه أطلق ومل خيص عقد كلافر ملن مسللم
وقوله[} { :اإلسراء ،]34:واالحتلاج به عىل نحو ما
تقدم؛ ألنه إذا وجب الوفاء بالعهد الذي هو الذمة والعقد ملن أبلا ،اهلل قتلله وأملر بقتلله
فون جيب ذلك يف معاهدة املسلم الذي حرم اهلل تعاىل دمه وماله وعرضه وأذاه ،وأن يظن
به ظن السوء عىل لسان نبيه صىل اهلل عليه وآله وسلم أوىل وأحرى ،ومللا ثبلت ملن عقلد
الذمة بني عيل عليه السالم وبني القاسطني وهم أهل الشام تسلعة أشلهر ،ومللا ثبلت ملن
املعاهدة بني احلسن بن عيل عليه السالم وبني معاوية كام تقدم حتقيقه.
(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف وصية ابن مسعود يف صفة امللؤمنني:
((إذا ابتلوا صربوا ،وإذا أعطوا شلكروا ،وإذا حكملوا علدلوا ،وإذا قلالوا صلدقوا ،وإذا
عاهدوا وفوا)) ومل يفقل بني أن يعاهدوا ملي ًا أو مرشك ًا فالظاهر أرام علىل سلواء ،ويلدل
عليه (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ثالث ليس ألحد
-509-
فيهن رخقة ّبر الوالدين مسلمني كانا أو كافرين ،والوفاء بالعهلد ملسللم أو كلافر ،وأداء
األمانة إىل مسلم أو كافر)) يا وحيه لو نظر يف قول اهلل تعاىل { :
[}الطالق ]1:هل من عذر عنده يف عهده وذمته يكون متعدي ًا حلدود اهلل فقد قلال اهلل
تعاىل ،} { :أو ال يكون متعدي ًا حلدود اهلل عنده فلذلك
مما ال خالف فيه بني املسلمني.
فصل
وإذا ثبت ذلك فحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن اإلملام
إنام يوادع أهل احلرب إىل مدة معلومة ،وأنه متى فعل ذلك ال يدخل شيأ ًا ملن حلدودهم
حتى تنق ي املدة ،فإذا انقضت املدة جاق أن ينزل بساحة القوم ويعرفهم أن املدة قد متلت
وال حيارهبم قبل ذلك ،وال يغدر بتهل احلرب وال البغاة ذكره يف جمموعه ،أملا قولله :وال
حيارهبم قبل أن يعرفهم أن املدة قد انقضت فون قتاهلم قبل ذلك يكون تغرير ًا هلم فيكون
من مجلة الغدر ذكره السيد أبو طالب.
وأما قوله :وال يغدر بتهل احلرب وال البغاة فون الغدر بتهل احلرب والبغاة ال جيلوق
فقد ذكر أنه مما ال خالف فيه ،ونقول بتن قبحه وحتريمه معلوم من رضورة الدين.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إنا يلا بنلي هاشلم ال نغلدر وال
نلبن)).
فصل
وحكى أيض ًا إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن القللح إذا وقلع بلني املسللمني
وبني أهل احلرب عىل أن كل من خرج إلينا منهم مسل ًام فإنا نرده إليهم كان ذلك جائز ًا إذا
مل يكن للمسلمني قوة وكذلك إن وقع القلح عىل أن يعطي املسلمون الكفلار ملاالً علىل
-510-
تركهم التعرض للمسلمني جاق ذلك ،ذكره يف جمموعه.
أما املستلة األوىل فدليلها (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح قريشل ًا
عام احلديبية عرش سنني واشًطوا فيه هذه الرشو فتتى رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم أبو بقري مسل ًام فبعث قريش إليه يف أمره فقال له رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم(( :يا أبا بقري إنا قد أعطينا هؤالء القوم ما قد علمت ،وال يقلح بنا يف ديننا الغدر،
وأن اهلل جاعل لك وملن معك من املستضعفني فرج ًا وةرج ًا فانطلق)) قال :يا رسلول اهلل
أتردين إىل املرشكني يفتنوين يف ديني أو قال :يسبونني يف ديني ،قال(( :يا أبلا بقلري انطللق
فإن اهلل سيلعل لك وملن معك من املستضعفني فرج ًا وةرج ًا)) فانطلق ملع رجللني ملن
املرشكني فلام كان يف بعض الطريق قتل أحدمها وعمد إىل الساحل واجتمع معه مجاعة قدر
ال وحارب قريش ًا ،وققته ظاهرة ،ومعنى قولنا :إنه يرد املسلم منهم إليهم أنله
سبعني رج ً
خييل بينهم وبني من جاء يف طلبه ،هذا هو الذي جيوق ال أرم يردون ابتداء.
قال السيد أبو طالب :وهو صحيح عىل أصلنا يعني عىل أصل حييى عليه السالم ،فدل
ذلك عىل جواق فعله عند الرضورة ،فتما عقد اهلدنة عىل رد من جاء ملن نسلائهم مسللمة
فال جيوق؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عقد القلح باحلديبية عىل ذلك ،وجاءت أم
كلثوم ابنة عقبة بن أيب معيط مسلمة فلاء أخواها يطلبارا ،فتنزل اهلل { :
[}الممتحنالة ،]10:فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن اهلل قد منلع القللح يف
النساء)).
وأما جواق عقد اهلدنة عىل مال يؤخذ من املسلمني للكفار عند الرضورة وهي أن حييط
الكفار عىل املسلمني وخيافوا االصطدم أو أي رجل من املسلمني وخيف تعذيبه جاق بذل
املال لذلك ،دليله (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح األحزاب يوم
افندق ملا أحاطوا باملسلمني وحارصوهم واشتد األمر عىل املسلمني كام حكى اهلل يف قوله
تعاىل { :
[} األحزاب ]11:اآلية؛
-511-
{ ألنه نلم نفاق املنافقني قال اهلل تعاىل:
اآلية ،فلام رأى ذلك النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح [}األحزاب]13-12:
املرشكني عىل ثلث ثامر املدينة وينرصفون وأمر بكتابة القحيفة بعد أن ريض املرشكون
بذلك ،ثم شاور السعود بعد كتابتها وهم سعد بن معاذ ،وسعد بن عبادة ،وأسعد بن
قرارة فقالوا :هذا يشء أمر اهلل به فتسليم ألمر اهلل ،وإن كان شيأ ًا نتبع فيه هوا فرأينا
تبع لرأيك وهوا ،وإن كان هذا األمر ال بتمر من اهلل وال هبوا فقد كنا كهم وال يقيبون
منا مترة وال برسة يف اجلاهلية إال برشاء أو قراء فكيف وقد أعزنا اهلل باإلسالم ،ثم تناولوا
القحيفة فمزقوها ،وروي بخرب آخر أن احلارث بن عمرو الغطفاين رئيس غطفان جاء
إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال :اجعل َّ شطر ثامر املدينة وإال موهتا عليك خيالً
ورجالً ،فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :حتى نستتمر السعود)) يعني من
تقدم ذكرهم فاستتمرهم فتجابوا بام تقدمه ،فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :أتسمع
ما يقولون ومل جيب إىل طلبه)) فدل ذلك عىل أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قد هم بتن يدفع
كهم وكلبهم ببعض من أموال املسلمني وهو صىل اهلل عليه وآله وسلم ال هيم إال
باجلائز ،فدل ذلك عىل ما ذكرناه من جواق عقد اهلدنة معهم عىل مال يدفع هلم ،وملا أي
املؤيد باهلل عليه السالم يف حرب شوقيل وحبسه شوقيل أيام ًا بعد أن أبىل يف نكاية العدو
وحتى أحيص يف جوشنه نيف وثالثون طعنة وقتل معه ثامنون مسل ًام ال ترى عىل التوَّ
عن العدو مع وعده من الفساق وحبسه يف قرية يف داخل جيالن ،واملسلمون خيتلفون إىل
شوقيل يستلونه إطالقه فيتبى ويقول :إنه ضاع بسببه مخسة وعرشون ألف درهم فضمن
فخىل سبيل املؤيد باهلل عليه السالم وأفرج عنه وأطلقه فدفع ذلك له رجل هبذا املال ّ
الرجل من ماله الضامن لشوقيل عرشين ألف ًا وأعطاه املؤيد باهلل ثالثة آالف ،دل ذلك عىل
ما قلناه.
-512-
باب حكم قتال البغاة وحكم السيرة فيهم
أما حكم قتاهلم فمن خرج عىل إمام املسلمني وتعرض للقيام بام سبيل اإلمام أن يقلوم
به وكان له فأة ومنعه وانتقب ملحاربته أو كان جممع ًا عىل ذلك فمن فعل ذلك كان باغيل ًا
يف الرشيعة ،ذكره السيدان األخوان ملذهب اهلادي إىل احلق.
قال املنقور باهلل :الباغي هو الذي حارب اإلمام عىل أنه حمق واإلملام مبطلل فيكلون
متتوالً يف حربه.
قال اهلادي يف (األحكام) :لو أن قوم ًا من املسلمني بغوا عىل إمام احلق واستعقلوا ومل
يلتزموا طاعته وجب عىل اإلمام وعىل سائر املسلمني قتاهلم بعد أن حيت علليهم ،وذللك
لقول اهلل تعاىل { :
(خرب) واملعلوم أن أمري املؤمنني عليه السالم حارب أهل اجلمل لبغيهم ونكثهم وهم
الزبري وطلحة ومن انضم إليهام من أشياعهام وأتباعهام ومن مجلتهم عائشة ،وأنه قاتل أهل
الشام ومعاوية وأصحابه وهم القاسطون ،ومعناه اجلائرون ملتخوذ ملن القسلط -بفلتح
القاف -صح وهو اجلور لبغيهم عليه وامتناعهم من طاعته ،وحلارب افلوارج لبغليهم
وخروجهم عليه ومروقهم عن الدين ،وقال عليل عليله السلالم :أملرت بقتلال النلاكثني
والقاسطني واملارقني ،فدل ذلك عىل أنه قد كان عرف من نص النبي صىل اهلل عليله وآلله
وسلم إجياب قتاهلم وحرهبم وأنه مرشوع عىل وجه يكون اإلخالل به كفر ًا؛ ألنله قلال :مل
أجد بد ًا من قتاهلم أو الكفر بام أنزل عىل حممد ،يعني البغاة وهم من قدمنا ذكلره؛ ألن ملا
طريقه االجتهاد فاإلخالل به ال يوجب الكفر.
(خرب) ويدل عىل ذلك قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم للزبري(( :إنك ستقاتل علي ًا
-513-
وأنت له ظامل)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال له(( :إنك ستقاتل
الناكثني والقاسطني واملارقني)).
(خرب) وروينا عن السيد أيب طالب ما رفعه بإسناده إىل عبداهلل بن مسعود أنه قال :أمر
عيل بقتال الناكثني والقاسطني واملارقني.
قال السيد أبو طالب :وهذا حديث مستحسلن؛ ألن عبلداهلل بلن مسلعود تلويف وقلد
حدث بتمر هؤالء القوم قبل وقوعه بمدة ،وقبل حدوث هذه احلوادث.
(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :منكم ملن
يقاتل عىل تتويل القرآن كام قاتلت عىل تنزيله ،فقال أبو بكر :أنا ،قال :ال ،قال عمر :فتنا،
قال(( :ال ،ولكن خاصف النعل)) يعني علي ًا عليه السالم.
(خرب) وروي عن ابن عباس ،عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال يف آخلر
حديث طويل(( :يا أم سلمة اسمعي وافهمي هذا عليل أملري امللؤمنني ،وسليد املسللمني،
وعيبة علمي ،وبايب الذي أوتى منه ،والوذ عىل األموات من أهلل بيتلي ،افليفلة علىل
األحياء من أمتي ،أخي يف الدنيا وقريني يف اآلخرة ،وهو معي يف السنام األعىل ،فاشهدي
يا أم سلمة أنه يقاتل الناكثني والقاسطني واملارقني)).
(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يا عيل أنت
فارس العرب ،وقاتل الناكثني والقاسطني واملارقني ،أنت أخي وموىل كل مؤمن ومؤمنة،
وأنت سيف اهلل الذي ال خيطئ ،وأنت رفيقي يف اجلنة)).
(خرب) وعن علقمة بن قيس واألسود بن يزيد قاال :أتينا أبا أ ّيوب األنقاري فقلنا :يلا
أبا أيوب إن اهلل عز وجل قد أكرمك بنبيك إذ أوحى إىل راحلته فربكت عىل بابلك وكلان
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ضيف ًا لك فضليلة ملن اهلل فضللك هبلا فتخربنلا علن
ةرجك مع عيل بن أيب طالب؟ قال أبو أيوب :فإين أقسم لكام لقد كان رسول اهلل صىل اهلل
-514-
عليه وآله وسلم معي يف هذا البيت الذي أنتام فيه وما يف البيت غلري رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم وعيل جالس عن يمينه ،وأنا جالس عن يساره ،وأنس بن ماللك جلالس
بني يديه إذ حتر الباب فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يا أنس انظر ملن بالبلاب،
فخرج أنس فنظر فقال :يا رسول اهلل هذا عامر ،فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم:
((افتح لعامر الطيب املطيب)) ففتح أنس الباب فدخل عامر فس ّلم عىل رسول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم فرحب به ثم قال(( :إنه ستكون من بعدي يف أمتي هنات حتلى خيتللف
السيف فيام بينهم وحتى يقتل بعضهم بعض ًا وحتى يتربأ بعضهم ملن بعلض فلإذا رأيلت
ذلك فعليك هبذا األصلع -يعني عيل بن أيب طالب -فإن سلك الناس وادي ًا وسلك عليل
وادي ًا فاسلك وادي عيل وخل عن الناس ،يا عامر إن علي ًا ال يرد عن هلدى ،وال يلدلك
عىل ردى ،يا عامر طاعة عيل طاعتي ،وطاعتي طاعة اهلل عز وجل)).
(خرب) وعن أيب قتادة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لعامر حني مسح اللًاب
عن رأسه(( :بؤس ًا لك بؤس ًا يابن سمية تقتلك الفأة الباغية)) وهذا افرب يدل علىل أملور،
منها إكرام النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لعامر بام أثناه عليه ولذلك مسح اللًاب عنله،
ومنها الرمحة ألنه قال :بؤس ًا لك قاله إشفاق ًا عليه مما يناله من البلؤس والقتلل ،ومنهلا أن
معاوية وأتباعه هم الفأة الباغية؛ ألرم قتلوا عامر ًا وبغوا عىل إمام املسلمني وقاتلوه ظلل ًام،
فلام ذكر هذا افرب ملعاوية مل جيد ما يدفعه فقال :إنام قتله من جاء به يعني علي ًا عليه السالم،
فقال عبداهلل بن عمرو :مل ذكرت ذلك يا معاوية فحمزة قتله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله
وسلم فبهت معاوية أي انقطع وحتري ،ومنها أنه معلزة للنبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم؛
ألنه أخرب بوقوع يشء قبل وقوعه وكونه فكان األمر كام أخرب.
(خرب) وعن أيب ذر الغفاري رمحه اهلل تعاىل عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال:
((من ناصب علي ًا افالفة بعدي فهو كافر وقد حارب اهلل ورسوله ومن شك يف عيل فهلو
ل هلذا افلرب، كافر)) وإذا ثبت ذلك فالذي ناصبه افالفة معاويلة فيكلون كلافر ًا بمقت
والذي شك فيه افوارج؛ ألرم كفروا علي ًا بتحكيمله حلكملني وبمكاتبتله ،أملا حتكيمله
-515-
فقالوا بتنه حكم يف القرآن ويف دين اهلل فكفر فتجاهبم عيل عليله السلالم بلتن قلال :بينلي
وبينكم كتاب اهلل يقول اهلل تعاىل يف رجل وامرأة { :
[} النسالالاء ،]35:وأمللة حممللد عليهللا
السالم أعظم دم ًا وحرمة من رجل وامرأة.
وأما املكاتبة فلام كتب أمري املؤمنني يف كتابه امتنع معاوية وأصحابه وقالوا :لو سللمنا
ذلك ما حاربنا فحذف اسم أمري املؤمنني ،فقال افوارج :انسلخت من قميص ألبسلك
اهلل ،فاستدل عليهم أمري املؤمنني بنحو ذلك يف النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم مللا جلاءه
سهيل بن عمر وقال :ونحن مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم باحلديبية حني صالح
قريش ًا فقال َّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اكتب ،فكتبت هذا ما قلاىض عليله
حممد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال سلهيل :للو نعللم أنلك رسلول اهلل ملا
نخالفك ،فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم :هذا ما قاىض عليه حممد ًا قريش ًا ولك
مثلها يا عيل)) واهلل تعاىل يقول { :
[} األحزاب ،]21:فلام أرصوا بعث إلليهم عبلداهلل بلن العبلاس لينلاظرهم
ويبني هلم فواضعوا عبداهلل كتاب اهلل ثالثة أيام ،وقيلل :كلانوا ثامنيلة آالف فرجلع ملنهم
أربعة آالف وبقي أربعة آالف أرصوا واستكربوا بعد أن علرفهم عبلداهلل بلن العبلاس أن
احلق مع عيل عليه السالم فقال عيل عليه السالم :واهلل ال بقي منهم عرشلة وال قتلل منلا
عرشة فقتلوا إال تسعة ،وقتل من أصحابه عليه السالم تسعة ،وكانوا أهل نسك وعبلادة،
وعلم وقهادة ،وكان اإلنسان إذا دنا من حمطتهم سلمع هللم بلتالوة القلرآن رجلة كلترم
أصوات النحل ،وكان الواحد منهم خيتم القرآن يف ركعتني ،وفيهم ذو الثديلة اللذي ورد
فيه خرب يف آماَّ السيد أيب طالب وهو أن علي ًا عليه السلالم سلار حلني فارقتله افلوارج
فاعًضوا الناس وأخذوا األموال والدواب والكراع والسلال ،وقتللوا ودخللوا القلرى
وساروا حتى انتهوا إىل النهروان فلام حلقهم ووصل النهروان أقام هبا أيام ًا يدعوهم وحيت
عليهم فتبوا أن جييبوا وتعبتوا لقتاله فعبت الناس ثم خرج إليهم فدعاهم فلتبوا أن يلدخلوا
-516-
وبدؤوا بالقتال فقاتلهم فقتلهم وظهر عليهم فقال ألصلحابه :فليهم رجلل فيله عالملة،
قالوا :وما هي يا أمري املؤمنني؟ قال :رجل أسود منتن الريح ،إحدى يديه مثل ثدي امللرأة
إذا مدت كانت بطول األخرى وإذا تركت كانت كثدي املرأة عليها شعرات مثل شعرات
اهلرة ،فذهبوا ثالث مرات يطلبونه وكل ذلك ال جيدونه فرجعوا وقالوا :يا أمري املؤمنني ما
وجدناه ،فقال :واهلل ما كذبت وال كذبت وإين لعىل ب ّينلة ملن اهلل إنله لفلي القلوم إئتلوين
بالبغلة فتتوه هبا فركب وتبعه الناس فانتهى إىل هدة من األرض وفيها قلتىل بعضلهم علىل
بعض ،فقال :اقلبوا قتي ً
ال عىل قتيل فاستخرج الرجل وعليه قميص جديد ،وقلال :شلقوا
عنه ،فشقوا عنه فقال :مدوا يده فإذا هي بطول األخرى ،فقال :دعوها فإذا هي مثل ثدي
املرأة ،فقال :إن به عالمة أخرى شامة محراء عىل كتفه األيمن فقال عيل عليه السلالم :اهلل
أكرب وكرب املسلمون ،فقال :صدق اهلل وصدق رسوله أملرين رسلول اهلل بقتلاهلم يقلدق
قوله عليه السالم أخبار منها قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إنه يمرق مارقلة ملن
املسلمني يقتلها أوىل الطائفتني باحلق)) رواه أبو سعيد افدري رمحه اهلل ،ومنها قول النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يكون فيكم قوم حتقرون صالتكم مع صالهتم ،وأعاملكم مع
أعامهلم ،يقرأون القرآن ال يتلاوق تراقيهم يمرقون من الدين كام يمرق السهم من الرمية،
ثم تنظر يف الريش فال ترى شيأ ًا ثم تتامرى يف الفوق)) -بضم الفلاء وهلي األوىل والثانيلة
قاف -موضع الوتر من السهم ،ويف احلديث فتمرنا عثامن ومل نتل عن خرينا ذا فوق ،قوله:
نتل أي نقرص ،وقوله ذا فوق ،أي سه ًام تام ًا يف اإلسالم ،ومنها ما رواه أبو أمامة عن النبي
صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :كالب النار افوارج)) ويف خرب آخر ((افوارج كالب
النار)) ومنها ما رواه النارص ،ويف خرب للحق احلسن بن عيل فتنه روي أن أبا أيلوب رمحله
اهلل بعد قتال أهل البرصة دخل عليه مجاعة من القحابة ريض اهلل علنهم ملنهم علامر بلن
ياي رمحه اهلل تعاىل فقال أبو أيوب :ال ترون أنا سفكنا الدماء ،واستحللنا األموال يعنلي
األموال املتخوذة من البغاة بغري أمر أمرنا به ،فنحن إذ ًا ال عىل يشء لكن رسول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم أمرنا بقتال ثالثة :الناكثني ،والقاسطني ،واملارقني ،فتما الناكثون فقلد
كفاناهم اهلل تعاىل طلحة والزبري وأشياعهام.
-517-
وأما القاسطون فقد أوجهنا إليهم إن شاء اهلل تعاىل معاوية وأهل الشام.
وأما املارقون فواهلل ما رأيتهم بعد ولكن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حدثنا أن
قوم ًا خيرجون بطرقات أرض يقال هلا النهروان ،فقللت :يلا رسلول اهلل أمرتنلا أن نقاتلل
هؤالء مع من؟ قال(( :مع عيل بن أيب طالب)) ،فرسنا هذا املسري بتمر اهلل وأمر رسوله.
فصل
وروينا باإلسناد املوثوق به إىل احلاكم أيب سعيد ما رفعه بإسلناده إىل سلعيد بلن جبلري
رمحه اهلل تعاىل قال :كان مع عيل عليه السالم يوم صفني ثامنامئة من األنقار وتسعامئة مملن
بايع حتت الشلرة ،وروينا عنه أيض ًا ما رفع بإسناده إىل احلكم بن عيينة أنه قال :شهد ملع
عيل عليه السالم ثامنون بدري ًا وكان معه سيد التابعني أويس القرين رمحه اهلل.
وروي أن عسكر عيل عليه السالم يف صفني كانوا تسعني ألف ًا ،وكلان عسلكر معاويلة
مائة وعرشين ألف ًا ،وروينا عن اإلمام املنقور باهلل عليه السالم أن مجللة القلتىل يف حلرب
اجلمل ثالثون ألف ًا ،وأن مجلة القتىل يف يوم صفني سبعون ألفل ًا ملن أصلحاب عليل عليله
السالم مخسة وعرشون ألف ًا ومن أصحاب معاوية مخسلة وأربعلون ألفل ًا ذكلره يف اجللزء
الرابع من (الشايف) وهو لنا سامع ،وقتل عيل عليه السلالم يف ليللة اهلريلرة بيلده الطلاهرة
ستامئة قتيل من افوارج ،وقيل :قتل مخسامئة قتيل ومخسة وثالثني قتيالً.
فصل
وقد ذكرنا فيام تقدم كيفية تعبأة العسكر عند القتلال فليلتم ملا استحسلنه حييلى عليله
السالم يف قتال البغاة ،قال ما معناه :وإذا قحلف اإلملام إىل املحاربلة فإنله يكلرر علليهم
الدعوة ثالثة أيام ويبعلث إلليهم نفلر ًا ملن أهلل الفضلل واللدين ليبرصلوهم رشلدهم
وينقحوهم فإن مل يؤثر ذلك صف عسكره ونرش املقاحف عىل الرما ،وأيدي الرجلال
-518-
يدعوهم إىل ما فيها ثالثة أيام وإن مل يؤثر ذلك فيهم يف كل يوم يشهد عليهم بذلك فلإن مل
يؤثر ذلك حارهبم والعسكر عىل تعبأة فيزحفون إليهم قحفل ًا قحفل ًا ملع النيلة والبقلرية
واملعرفة واحللة الكريمة بوقار وخشوع وذكر اهلل سبحانه وخضوع يكربون التكبرية بعد
التكبرية فإن خرجت إليهم خيل خرج إليها خيل وإن برقت رجالة برقت إليهلا رجاللة،
وإن مل خيرج من ذلك يشء قحف القوم مع ًا حتى يقعلوا يف علدوهم ويظهلروا شلعارهم
ويضع يف أعداء اهلل سيوفهم ويستله العون والنرص عليهم فإذا نرصهم اهلل وأيدهم وخذل
عدوهم فيحتفظون من أن يدخلهم علب أو خيامرهم بغي ،تم كالمه عليه السالم.
فصل
وإنام اخًنا الدعاء هلم تكرير ًا وحتقيق ًا وتقلدير ًا مقرونل ًا باالحتلاج الظلاهر والربهلان
ال بام أمر اهلل تعاىل به بقوله } { :وعم ً
ال عىل ما فعلله عليل عليله القاهر عم ً
السالم من ذلك مع البغاة ،وجري ًا عىل منهاج ما ذكلره اهللادي عليله السلالم وذللك ألن
اإلمام إذا ستل من يغاليه عليه من أهل امللة الذين ينقمون عليه ليخرج فيه غدر ًا فإرم إن
ذكروا مغرمة عنده وحققوها أقاهلا وإن اهتموها وهي باطلة بني بطالرا وإن ذكلروا عللة
يمكن إقاحتها أقاحها ،وإن ذكروا شبهة كشفها ليكون األمر عىل معللوم ،وإن مل يلذكروا
شيأ ًا من ذلك اقداد بقرية عىل حرهبم فتوقف أصحابه معه عىل البقرية فلزادهتم قلوة يف
قلوهبم ويقين ًا عىل يقينهم وحرص ًا عىل بلوغ الكناية فيهم.
فصل
وما ذكلره يف األحكلام ملن أن أهلل القبللة ال يبينلون يف ملدرم وال توضلع علليهم
املنلنيقات ،وال يفتق عليهم ما يغرقهم ،وال يرضمون بالنار ،وال يمنعلون ملن ملرية وال
كاب ،وكذلك احلكم يف العساكر التي ال يؤمن أن يكون فيام أجد ممن ال جيوق قتلله ملن
-519-
أبناء السبيل ،والتلار ،والنساء ،والولدان ،فإن أملن ملن ذللك فلال بلتس أن يبيتلوا وأن
ينقب عليهم املنلنيق وإأ يغرقوا أو حيرقوا هذه نقه يف (األحكام).
قال الناطق باحلق :واملراد به إذا مل يكلن هنلا رضورة إن دعلت الرضلورة إىل ذللك
جاقت وقد ذكرنا يف ما تقدم أن الرضورة خشية االستأقال.
فصل
وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم حارب قريش ًا يوم بدر وكلان علدة أصلحابه
ثالثامئة وبضعة عرش ومل يكن معه من افيل غري أربعة منها السيل فرس مرثد بن أيب مرثد
الغنوي ،ومنها فرس املقداد بن األسود وكان يقال لله سلبحة ،وقيلل :الفرجلة ،وفلرس
الزبري وكان يقال هلا اليعسوب ،دل ذلك عىل أن اإلمام إذا كان يف قلة ملن العلدد مل جيلب
عليه قتال أهل البغي ،فإن كان أصحابه ثالثامئة وبضعة عرش عدة أهل بدر قاتلهم ،وهلو
الذي ذكره قيد بن عيل عليه السالم.
وأما والدنا فلم جيد يف ذلك حد ًا بل قال :جيب القتال إذا كانت مجاعة أهل احلق مثلها
تغلب وتقهر فإذا ضعفت وقلت قال ذلك عنه.
قال السيد أبو طالب :حتقيل املذهب عىل ما قاله القاسم عليه السالم ،وتتول عليه أبو
العباس قول قيد بن عيل عليه السالم أن االعتبار يف وجوب القتال بتن يبل عدد املسلمني
القدر الذي جرت العادة بتن أمثاهلم يف عددهم يكفلون ويغلبلون ويقهلرون العلدو وأن
يغلب ذلك عىل الظن ،فتما إذا حقل العلم بفقد االستقالل لقلة العدد أو لضعفه فالقتال
غري واجب ،قال :واألصل يف ذلك ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم واألئملة
عليهم السالم مل يقاتلوا إال بعدد حقل فيه االستقالل فريجى هبم النكاية يف األعداء.
-520-
باب السيرة في أهل البغي
(خرب) وعن القادق جعفر الباقر بن حممد بن عيل قين العابلدين علليهم السلالم أنله
قال :إن علي ًا عليه السالم قال يوم اجلمل :ال تتبعوا مولي ًا ليس بمنحاق إىل فأة.
(خرب) وروى جعفر بن حممد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال ملا وافق
أهل اجلمل :يا أهيا الناس إين أحت عليكم بخقال فليبل الشاهد الغائب فهو حيث قال:
ال تتبعوا مولي ًا ليس بمنحاق إىل فأة ،وال تستحلوا ملكل ًا إال ملا اسلتعني بله علليكم ،وال
تدخلوا دار ًا وال خباء ،وال تستحلوا ماالً ،إال ما جباه القوم أو وجدمتوه يف بيت ماهلم.
(خرب) وعن أيب مجيلة قال :قال عيل عليه السالم :لكم املعسكر وما حوى إال ملا كلان
من حرة أو مال تاجر.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم خطب بعدما فرغ من حرب اجلمل يف اجلامع فقلام
إليه رجل يقال له :ع ّباد بن قيس فقال :ما قسمت بالسو ّية فإنك قسمت ما حلواه عسلكر
عدونا وتركت األموال والنساء والذراري ،فقال عيل عليه السالم :أما علمت أنا ال نتخذ
القغري بذنب الكبري ،وأن األموال كانت هلم قبل الفرقة ،وتزوجوا عىل بقلرية ،ووللدوا
عىل الفطرة ،وإنام لكم ما حوى عسكرهم وما كان يف دورهم فهو مرياث للذريتهم وهلي
خطبة طويلة إىل أن قال :أما علمت أن دار احلرب حيل ما فيها وأن دار اهللرة حيرم ما فيها
إال بحق ،ثم قال :فإن أبيتم فتيكم يتخذ عائشة يف سهمه؟ فقالوا :يا أمري املؤمنني أصلبت
وأخطتنا َف ُت ْبنَا فقال يف ذلك بعض األنقار:
إن رأيللللل ًا رأيتملللللوه سلللللفاه ًا فطللللت اإليللللراد واإلصللللدار
ذلللك قيلل القلللوب واألبقللار لللليس قوج النبلللي يقسلللم فيأللل ًا
إنلللام الفللليء ملللا تضلللم األوار للليس مللا ضللمت البيللوت بفلليء
-521-
ومتا ٍع تبيع أيلدي التلللار من كراع يف عسكر وسلال،
وروى قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال :ال يسبي أهل القبيللة وال
ينقب عليهم منلنيق وال يمنع من املرية ،و الطعام وال كاب ،فإن كانت هلم فيله أجلز
عىل جرحيهم .افرب.
(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أمر قيلاد بلن خقلفة التميملي بقطلع امللرية علن
معاوية ،ومنع أيض ًا عن التعرض هلم يف املاء ،دل ذلك عىل أنه موقلوف علىل رأي اإلملام
وعىل قدر ما يوجبه احلال ،دلت هذه األخبار عىل أحكام منها أن ما أجلوا به يكون غنيمة
جيب فيه افمس ويقسم أربعة أمخاس وهو قول أكثر أهل البيت عليهم السلالم ،ودليلله
قول املنكرين عىل عيل عليه السالم إنك قسمت ما حوى عسكر عدونا ،ويدل عليه قلول
عيل عليه السالم ال يستحل ملك ًا إال ملا اسلتعني بله علليكم ،وقولله عليله السلالم :وال
تستحلوا ماالً إال ما جباه القوم أو وجدمتوه يف بيت ماهلم ،وقوله عليه السالم يف خلرب أيب
مجيلة لكم :العسكر وما حوى ،وقوله عليه السالم :إنام لكم ما حوى عسكر البرصة.
(خرب) وروى النارص للحق ،عن عبداهلل بن احلسن ،عن أمه فاطمة ابنة احلسني عليهم
السالم قالت :قتل املسلمون عبيداهلل بلن عملر يلوم صلفني وأخلذوا سللبه وكلان ملاالً
وافالف يف ذلك من أهلنا عن النفس الزكية حممد بن عبداهلل عليه السالم فإنه ذهلب إىل
أن ماهلم ال يغنم.
قال حممد بن منقور :ستلت أمحد بن عيسى عليه السالم يف قوم من املسلمني تلقلاهم
اللقو فظفر هبم املسلمون وأخذوهم؟ فقال :هو غنيمة وفيه افمس ،وهذا قول أكثر
أهل البيت عليهم السالم كام حكيناه أوالً.
فلم يره غنيمة. قال حممد بن منقور :وستلت القاسم بن إبراهيم عن سلب اللقو
قال السيد أبو طالب :وهكذا قول حممد بن عبداهلل عليه السلالم ،ومنهلا أنله ال تغلنم
-522-
األموال التي يف ديارهم وال تغنم نساؤهم وذرارهيم .قد قدمنا الداللة عليه من قول عليل
عليه السالم وهو إمجاع األمة ،ومنهلا أن العللة يف أنله ال جيهلز علىل جلرحيهم وال يقتلل
مدبرهيم وهو أنه ال فأة هلم ،وقد قال عيل عليه السالم :احلكم به فقلال :ال تتعبلوا موليل ًا
ليس بمنحاق إىل فأة ،وعليه حيمل (خرب) وهو ما روى ابن مسعود أن النبي صىل اهلل عليله
وآله وسلم قال(( :يا ابن أم عبد ما حكم من بغى من أمتلي؟ فقللت اهلل ورسلوله أعللم،
قال :ال يتبع مدبرهم وال جيهز عىل جرحيهم،وال يقتل أسريهم وال يقسم فيؤهم)).
(خرب) وما روي عن عليه السالم أنه قال :ال جتهزوا عىل جرحيهم ،وال تتبعوا ملدبر ًا،
فإن كان هذا كله حممول عىل الباغي الذي ال فأة له بدليلنا ،فتما قوله :وال يقسلم فيلؤهم
فهو معارض بام تقدم من األخبار وهي أوىل؛ ألرا أكثر وأشهر؛ وألن رواهتا علامء العلًة
األخيار ورواهتم عندنا أوىل ،يزيده وضوح ًا (خرب) وهو ما رواه عبلداهلل بلن احلسلن بلن
احلسن بن عيل بن أيب طالب عليه السالم أن عبيداهلل بن عمر بن افطاب قتلله املسللمون
يوم صفني وأخذوا سلبه وكان ماالً.
السلاد وقال :إياكم
ّ (خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم راهم عن قتل حممد بن طلحة
وصاحب الربنس فقتله رجل وأنشت يقول:
قليل األذى فيام تلرى العلني مسللم وأشلللعث قلللوام بآيلللات ربللله
للر رصيعللل ًا لليلللدين وللفلللم
فخل ّ هتكت يقدر الرمح جيب قميقله
عليلل ًا ومللن ال يتبللع احلللق ينللدم عىل غلري يشء غلري أن لليس تابعل ًا
فهال تال حم قبلل التقللدم يناشدين حم والرملح شاجلر
فلام قتله فلم ينكر عيل عليه السالم عىل القاتلل؛ ألنله صلار رد ًا هللم ومعينل ًا ومكثلر ًا
يف دمائنلا)) سود علينا فقلد ك
سوادهم وقد قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من ّ
وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من كثر سواد قوم فهو منهم)).
قال اهلادي عليه السالم :التسويد :هو التكثري بالنفس واملال.
-523-
(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر بتن حيوي ما يف عسكر أهل النهروان من يشء،
فتما السال ،والدواب وما شهر به عليه فقسمه بني املسلمني.
وأما املتاع والعبيد واإلماء فإنه حني قدم رده عىل أهله وإنام فعل عيل عليه السالم ذلك
يف املتاع والعبيد واإلماء؛ ألنله مل يكلن مملا اسلتعني فيله علىل املسللمني ،ذكلره السليدان
األخوان.
قال املؤيد باهلل :وجيوق أن يقال هلا :إرا كانت يف مناقهلم ومواضلعهم التلي هلي غلري
املعسكر وما كان كذلك فإنه عندنا ال يتعرض له ،ويدل عىل صلحة ملا قالله املؤيلد بلاهلل
(خرب) وهو ما روي عن عليه السالم أنه قال يلوم اجلملل :أملا ملا كثلروا بله علليكم يف
املعسكر من عبد أو أمة أو يشء فهو لكم ،وأما ما كان يف البيوت فهو لعياهلم فإرم ولدوا
عىل الفطرة ،وال فضل فيام يغنم من أموال البغاة بني أملوال التللارة وغلريهم ،وال بلني
الرجال والنساء والقبيان؛ وذلك ألن علة املغنم إنام هو مستعني به علىل املحقلني ،ذكلره
السيد الناطق باحلق ،فإن غقب بعض أهل البغي من غريه شيأ ًا فاستعان به عىل املحقلني
فيلب أن ال يغنم؛ ألن مالكه مل جيعله معونة عىل املحق وإن استعاره الباغي ليسلتعني بله
عىل املحقني فالقياس أن يتغنمه جائز؛ ألن مالكه ريض بتن يستعان به عىل املحقني ،ذكلره
املؤيد باهلل ريض اهلل عنه ملذهب حييى عليه السالم.
فصل
اعلم أن اإلمام منقوب ملقالح املسلمني واستيفاء احلقوق ممن وجبت عليه إذا تقاعد
عن إيفائها ووضعها يف أهلها سواء كانت من حقوق اهلل تعاىل أو ملن حقلوق املخللوقني
فيدفع حقوق اهلل تعاىل إىل بيت مال املسلمني أو الفقراء واملساكني ويدفع حقوق اآلدميني
إليهم إن كانوا معينني وإال رصف ذلك إىل الفقراء واملسلاكني لقلول اهلل تعلاىل { :
-524-
(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملعاذ حني بعثه إىل اليمن(( :أعلمهلم أن
يف أمواهلم حقوق ًا تؤخذ من أغنيائهم وتر ّد يف فقرائهم)) وهلذا قال أبو بكر ملا اعتقد اإلمامة
يف نفسه بمحرض من القحابة :واهلل لو منعوين عقاالً مما أعطوا رسول اهلل صلىل اهلل عليله
وآله وسلم لقاتلتهم عليه ،وروي عناق ًا بدل قوله عقاالً.
قال السيد أبو طالب :وكذلك كانت سرية أمري امللؤمنني عليله السلالم واألئملة ملن
بعده ،قال :وال خالف أن من كان يف ذمته حق فتقاعد به ووجد اإلمام له عين ًا أو ورق ًا أنه
يتخذه ويوفر به الغريم حقه ،قال :وعندنا أنه يبيع عوضه وعقاره عليه ويلوفر ملن ثمنهلا
حق الغريم ،وكذلك ينتزع من املشًي ما يستحق الشفيع عليه ويسلمه منه ،فلدل ذللك
كله عىل صحة ما نص عليه القاسم واهلادي وصححه السيدان األخوان ريض اهلل علنهم،
ومعناه أن الظلمة الذين أخذوا أمواالً كثرية عىل سبيل الظلم من أرباهبا وخلطوا بعضلها
عىل بعض حتى ال يعرف التمييز بينها بل صارت مستهلكة ،ومل يمكن التوصل إىل معرفة
أرباهبا الذين أخذوها منهم ،وأخلذوا حقلوق اهلل تعلاىل ملن بيلوت األملوال ،وحقلوق
الفقراء ،واستهلكوها ورصفوها يف غري وجهها فقاروا ضامنني جلميعها وصارت مجيعها
ملقالح املسلمني والفقراء ،ووجب عىل اإلمام أن يقوم بتخذها منهم ،وأن يتخذ مجيع ملا
يف أيدي أئمة اجلور من قليل وكثري ،وجليل ودقيق من الضياع والعقار وغري ذللك إال أن
تكون جارية قد استولدها أحدهم ،وكذلك يؤخذ من مجيع ما يف أيدي مجيع أعوارم ملن
الظلمة ويعترب أحواهلم يف ترصفهم ويعترب طول مدهتم وقرصها وكثرة ما يف أيدهيم وقلته
عىل وجه يكون املتخوذ منهم مواقي ًا ملا عليهم من ذلك أو قارص ًا عنه ،وال تؤخذ أملواهلم
جزاف ًا ومن مل يترصف يف األموال ومل تثبت عليه أنه استهلك شيأ ًا منها مل يؤخذ ملن مالله
يشء ،وال يعًض عىل أمالكه كام أن أمري املؤمنني عليه السلالم مل يتعلرض ألملال ملن
قاتله من أهل البرصة من حيث مل يثبت عليهم استهال أموال املسلمني واستهال أموال
اهلل تعاىل التي هي حقوق الفقراء واملساكني ،وأخذ عيل عليه السلالم ملا وجلده يف بيلت
ماهلم مما جبوه وأعدّ وه وقسمه بني امللاهدين املحقني من أصحابه فتصلاب لكلل واحلد
-525-
منهم مخسامئة مخسامئة.
فصل
فإن كان يف أيدي أئمة اجلور مال معني إلنسان معني وقامت به الب ّينلة العادللة وجلب
تسليمه إليه كام نقه يف األحكام وهو إمجاع املسلمني ،ذكره الناطق باحلق ،قال :وإن كلان
يف يد أحدهم عبد مدبر فإنه ينظر فإن كان ماله يقرص عن وفاء ما عليه فإلمام احلق أخلذه
وبيعه وإخراجه فيام عليه وإن كان ماله يكفي دونه مل جيز أخذه ومل حيل بيعه ذكره مللذهب
اهلادي عليه السالم.
فصل
ومل يثبت عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه فسخ شيأ ًا من أحكام البغاة الذين حلاربوه
وال ظهر عنه جواق ذلك فبان بذلك أن املتتول أحكامه ماضية ما وافق احلق وإنلام يلنقض
من أحكام ما ينقض من أحكام املحقني إذا أخطتوا فيه خطت يكون رد ًا للنقو املعلومة
أو اإلمجاع املعلوم ويشمل ذلك قوله يف األحكام :يقر من أحكام البغاة ما كان حق ًا ينقض
ما كان باط ً
ال وهذا هو حتقيل ما ذكره املؤيد باهلل من مذهب اهللادي عليله السلالم وهلو
احلق عندنا.
وأما السيدان أبو العباس وأبو طالب فحقلال ملن ملذهب اهللادي إنلام كلان طريقله
االجتهاد فإن أحكام البغاة تنقض فيه فيكون وجوده وعدمله سلواء ،وهلذا هلو موضلع
افالف بينهام وبني املؤيد باهلل عليه السالم.
يقر وال ينقض كلام ذكرنلاه أوالً عنلد
فتما ما كان حق ًا معلوم ًا مقطوع ًا من صحته فإنه ّ
اجلميع وهو إمجاع.
-526-
ال من املرشكني وقلع يف افنلدق مقتلوالً يف غلزاة افنلد فطللب
(خرب) وروي أن رج ً
املرشكون جثته بعرشة آالف درهم فامتنع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمر برد اجليفلة
إليهم ،دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن يباع جسد املقتول مرشك ًا كلان أو باغيل ًا ،وهلو اللذي
حكاه عيل بن العباس عن إمجاع أهل البيت عليهم السالم ،وحكي علن إمجلاعهم كراهلة
محل الرؤوس إىل األئمة واألمراء وهي كراهة ضد االستحباب.
(خرب) وألن عبداهلل بن مسعود قطع رأس أيب جهل بن هشام وكان قد أثخنه غالملان
فاحتز رأسه فتمر أبو جهل أن حيزه بسيفه
ّ من األنقار فتتاه وهو ال يستطيع دفع ًا عن نفسه
فهو أحد من سيف عبداهلل فتبى فلام جزه أتى به إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم
ومل ينكر عليه محله إليه وقد كان أمره بتن يلتمسه بني القتىل ،قال :فلأت وبله رملق قلال:
فقتلته وجأت برأسه إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحملد اهلل ،ثلم أملر بلالقتىل
فطرحوا يف القليب ،وأمر مجاعة من أصحاب اإلمام النارص بلن اهللادي علليهم السلالم،
وهم إبراهيم بن املحسن العلوي ،وعبداهلل بن عمر ،وأبو جعفر أمحد بن حمملد الضلحا
بحلز رؤوس قلوم ملن
يوم قتلة نفاش وهي يف املالحدة قتلهم عسكر النلارص للدين اهلل ّ
شعب ما عدوه إىل غريه وهي مائة رأس فوجهوا هبا وما وجب من افمس يف الغنلائم إىل
صعدة ،ووجهوا إليه مرة أخرى بمقدار ثالثني رأس ًا يف حرب أخرى ،ومحلوا أشلياء ملن
الرؤوس إىل املنقور باهلل عبداهلل بن محزة يوم أقناب ويوم قلارة وغريمهلا ،ومل ينكلر علىل
احلمل أحد منهم ،فتما وجه الكراهة فلخرب وهلو ملا روي عقبلة بلن علامر قلال :بعثنلي
كحبيل وعمرو بن العا بريد ًا إىل أيب بكر برأس البطريق فقلال :حيمللون اجليلف إىل
مدينة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقلت :يا خليفة رسلول اهلل إرلم يفعللون بنلا
هكذا قال :ال حتملو إلينا من هذا شيأ ًا.
-527-
باب األنفال
قال اهلل تعلاىل { :
[} األنفال ،]1:النفل :هو الغنيمة ومجعه
أنفال ،وملا اختلف أهل بدر يف الغنائم فقلال الشلباب :لنلا الغنلائم؛ ألنلا أبلينلا ،وقاللت
األشياخ :كنا ردء ًا لكم ولو ارزمتم النحزتم إلينا فال تذهبوا هبا دوننا فنزل قولله تعلاىل:
{ } أي :عن حكمها وهو سؤال استفتاء وقيل :يستلونك عنهلا مللن
هي يدل عىل هذا قوله } { :حيكامن فيهلا ملا أرادا ويضلعارا هبلا
حيث شاءا انتزعها اهلل من أيدهيام وجعلها مرصوفة إىل حكمله وحكلم رسلوله صلىل اهلل
عليه وآله وسلم.
قال اهلادي عليه السالم :لإلمام أن ينفل من مجيع الغنائم قبل قسمتها من أحب تنفيله؛
ألن اهلل قد جعل أمر األنفال إىل رسوله صىل اهلل عليه وآله وسلم واحت عىل ذلك باآليلة
قال :وما كان من احلق واحلكم لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من ذلك فهو لوئمة
املحقني من أهل بيته التابعني الذين هم به مقتدون ،وبسريته صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
سائرون ،وبسنته وحكمه حاكمون ،وروي ذلك يف األحكام عن جده القاسم ومثله ذكره
النارص للحق ،ويف (الكايف) :أن التمثيل قبل إحراق الغنيمة إىل دار اإلسالم أو قسمتها يف
دار احلرب جائز باإلمجاع ،وأملا بعلد إحراقهلا فللائز عنلد النلارص للحلق وهلو قلول
القاسمية ،وقال قيد بن عيل :التنفيل جائز يف البداية والرجعة ،وال جيوق بعد إحراقهلا إىل
دار اإلسالم.
فصل
وأما قدر التنفيل فال حدّ له عند حييى ذكره أبو طالب يعني أنه يرجع إىل اجتهاد اإلمام
-528-
العادل.
(خرب) وقد نفل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بدأته الربع ويف الرجعة الثلث
بعد افمس ،ومعنى إعطائهم الربع أن ينفذ يية إىل دار احلرب ويعطيهم الربع ،ومعنلى
الثلث أن ينرصف بدار احلرب قبل أن يدخلها فريد يية إليها فيعطيهم الثلث ،قلد ذكلر
هذا املعنى السيد أبو العباس ،وقد ذكرنا أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أعطلى
رجاالً من املؤلفة كل واحد أربعامئة ناقة من غنائم حنني ،وأعطى رجاالً من مؤلفة قريش
كل رجل مائة ناقة ،ومل يعط املسلمني مثل ذلك حتى غضبت األنقلار واجتمعلوا وقلال
قائلهم :أما حممد فعرف قومه فلام علم هبم أتاهم بنفسه وتكلم معهم وكان من كالمله أن
قال(( :أما ترضون أن ينرصف الناس بالشاة والبعري وتنرصفون برسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم قال :واهلل إين ألعطي قوم ًا وما أحب أن أعطيهم وأمنلع قومل ًا وملا أحلب أن
أمنعهم ،ولكني أكل املؤمن عىل إيامنه)) فرضوا بذلك وقالوا :قد رضينا؛ ألنه قد كان وقع
عندهم أنه ينرصف مع قومه إىل مكة فلام عرفوا ما عنده صىل اهلل عليه وآله وسللم طابلت
أنفسهم وقال ما كان يف خواطرهم ،وقد ذكرنا فيام تقدم أبيات عباس بن مرداس وهي- :
أيؤخذ ربي .إىل آخرها ،فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اقطعوا عني لسانه فتعطوه شيأ ًا
من املغنم)).
-529-
باب أصناف الغنائم
أما غنائم أهل احلرب فهي أنفسهم ودروهم وعقارهم وسائر أمواهلم ويدل عىل ذلك
آية السيف ،وقد ب ّينا أنه جيوق أخذهم واسًقاقهم بالسبا ،وقلد فقلل لنلا ذللك قلال اهلل
تعاىل[} { :األحزاب ،]27:وقد ب ّينا ذلك
مفق ً
ال وذكرنا يف كتاب الوقف أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم بعض أرض خيرب
بني من حرض من املهاجرين األنقار ومل يقسم منها ملن حرض منهم من سائر القبائل.
فصل
حكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن عساكر اإلمام لو تفرقوا
يف دار احلرب فوجد بعضهم ركاق ًا لكان ذللك غنيملة ،وكلذلك سلائر ملا يوجلد يف دار
احلرب من اآلالت واألدوية التي هلا أثامن فتما القلبان واألصنام فإرا تكرس ،فإن كان هلا
قيمة بعد كرسها نحو أن يكون من عود أبنوس أو صندل فإرا تلرد إىل الغنيملة وكلذلك
كلب القيد والبزاة والققور والسنانري ،وأما جلد ما ال يؤكل حلمله وعظلم الفيلل فإنله
حيرق وال يغنم ،أما حتريقه فلأال ينتفع به الكفار ،وأما أنه ال يغنم فال ألنه نللس اللذات
حمرم وال قيمة له ،وحكي عن إمجاعهم أن مقحف ًا أو صحيفة لو وجد يف دار احللرب وال
ندري أتوراة أو إنليل وال يعرف حقيقته فإنه يغسلل أو يلً يف افلل وال حيلرق ويلرد
اجللد إىل املغنم ،وأما ما كان من الكتب وفيه ما ال جيوق تركه من أنواع الكفر فإنه حيرق.
قال السيد أبو طالب :إنام حيرق إذا مل يكن غسله عىل وجه يبقى معله اجلللد املكتلوب
فيه ،فإن أمكن ذلك وجب غسله ورده إىل املغنم يعني اجللد وهلذا مبنلي علىل أن ذبلائح
الكفار وجلود ذبائحهم تطهر باالستيالء عليها.
-530-
(خرب) وذلك ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم غنم ملن مجللة الغنلائم يلوم
الطائف شيأ ًا من األنطاع واألدم وكان غنيمة ،ودل ذلك عىل ملا قلنلاه ،وألن امللروي أن
أهل الطائف كانو أهل أدم فلم يتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم باجتنلاب أدمهلم بلل
ظهرت حك ًام.
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم دخلل املدينلة ونواضلحهم تسلني
بللود ذبائحهم وذبائح غريهم من الكفار قرهبم وغروهبم وآنيتهم من اجلللود فلام أمرنلا
بإبعاد يشء منها وال بتبديله.
(خرب) وروى عبداهلل بن املغفل املزين أنه قال :أصبت يف خيرب جراب شحم فاحتملتله
عىل عنقي إىل رحيل وأصحايب فلقيني صاحب املغانم الذي جعلل عليهلا فتخلذ بناحيتله
فقال :هلم هذا حتى نقسمه بني املسلمني ،قال :فقلت :ال واهلل ال أعطيتكه قلال :فلعلل
جياذبني اجلراب قال فرآنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ونحن نقنع ذللك فتبسلم
ضاحك ًا ثم قال لقاحب املغنم(( :ال أبا لك خل بينه وبينك)) قال :فترسله فانطلقلت بله
إىل رحيل وقومي فدل ذلك عىل ما قلناه.
وروي أن القحابة ريض اهلل عنهم غلبوا املرشلكني علىل حمطلة هللم قلد ذبحلوا فيهلا
وطحنوا وطبخوا وصنعوا الطعام فلال عليه املسلمون قتناولوه وأكلوه ،فدل ذلك أيض ًا
عىل ما قلناه.
فصل
فتما غنائم اهل البغي فقد ذكرنا فيام تقدم حكم غنائمهم إذا مل يكن هلم فأة ،وأوضحنا
طرف ًا من سرية أمري املؤمنني عليه السالم يف أهل اجلمل؛ ألنه مل تكن هلم فيهم فأة ،وأما إذا
كان هلم فأة والفأة عندنا هي الرئيس كام رويناه عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله
قال(( :أنا فأة كل مسلم هذا حاله)) وهو يف املدينة وامللاهدون يف الثغور جياهدون الكفار
-531-
الفأة أيض ًا عند اهلادي عليه السالم :هي املعقل وكلذلك املعسلكر ،ووجله ذللك ملا هلو
املعروف يف سرية عيل عليه السالم يف البغاة فإنه سلار يف أهلل الشلام بلتن قتلل ملدبرهم
وأجهز عىل جرحيهم ملا كنت هلم فأة وقد كان هلم العسكر واملدن من ورائهم هو دليل ملا
قاله اهلادي يف األحكام :إن البغاة إذا كان هلم فأة يرجعون إليها قتل مدبرهم وأجهز علىل
جللرحيهم؛ ألن اهلل تعللاىل قللال[} { :الحجالالرات،]9:
واملنهزم وامللرو ،إذا كانا عىل اعتقادمها يف جواق قتال املسللمني املحقلني فهلام يف حكلم
املقاتلني والثابتني عىل البغي فوجب قتاهلام لظاهر اآلية يدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روى
قيد بن عيل ،عن آبائه ،عن عيل عليه السالم أنه قال يف أهل القبلة :إن كان هلم فألة أجهلز
عىل جرحيهم وأتبع مدبرهم ،وإن مل يكن هلم فأة مل جيهز عىل جرحيهم ومل يتبع مدبرهم.
(خرب) وروي أنه خرج يف يوم من أيام صفني رجل من مواَّ بني أمية فربق إليه كيسان
موىل عيل عليه السالم فاختلفا رضبتني فقتله موىل بني أمية فحمل عليه عيل عليه السلالم
فوقعت يده يف جيب درعه فلذبه ثم محله عىل عاتقه ،قال الراوي :كتين أنظلر إىل رجليله
رتلفان ثم رضب به األرض فكرس منكبيه وعضديه وشلد ابنلاه احلسلني وحمملد علليهام
السالم فرضباه بتسيافهام حتى قتاله واحلسن قائم عىل رأسه مع أبيه فقلال لله عليل عليله
السالم :يا بني ما منعك أن تفعل ما فعل أخوا ؟ فقال :كفياين يا أمري املؤمنني ،فدل ذلك
عىل جواق اإلجهاق عىل اجلريح فإن احلسني وحممد ًا أجهلزا عليله بعلد أن انكرسل منكبلاه
وعضداه من رضب عيل عليه السالم به ،ثم قوله للحسن :ملا منعلك أن تفعلل ملا فعلل
أخوا ؟ يدل عىل ذلك أيض ًا.
(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر برجل قد كان أي يوم البرصة فرضلبت عنقله،
وكانت احلرب حني قتل قائمة ،وكل ذلك يدل علىل صلحة ملا قلنلاه ،ويزيلده وضلوح ًا
(خرب) رواه املؤيد باهلل ورويناه عنه وهو أن ابن اليثريب ملا أيه عامر أمره عيل عليه السالم
أن يرضب عنقه.
-532-
باب قسمة الغنائم
قد ذكرنا ف يام تقدم أن أموال أهل احلرب مغنومة وأنفسهم كذلك عند القلدرة علليهم
وب ّينا ما يغنم من أموال أهل البغي ،وفقلنا ذلك تفقي ً
ال ال لبس فيه بحمد اهلل وتوفيقله،
فلنذكر طرف ًا من الداللة عىل حتريم افيانة يف الغنائم ،ثم نذكر كيفية قسمتها ،أما ما يلدل
عىل حتريم افيانة فيها (خرب) فروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من كان
يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال يركب دابة من يفء املسلمني حتى إذا أعلفها ر ّدها فيه ،ومن
كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال يلبس ثوب ًا من يفء املسلمني حتى إذا أخلقه رده)).
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان إذا أصاب غنيمة أمر بالالً فنلادى
بالناس فيلأون بغنائمهم فيخمسه يقسمه فلاء رجل يوم ًا بعلد ذللك بزملام ملن شلعر،
فقال :يا رسول اهلل هذا فيام كنا أصبناه من الغنيمة فقال(( :أسمعت بلالالً ينلادي ثالثل ًا؟
قال :نعم .قال :فام منعك أن جتيء به ،فاعتذر قال :كذلك جتيء أنت يوم القيامه فلم أقبله
عنك)).
نحبه فقال رسلول اهلل صلىل اهلل ال ّ
غل شملة من الغنائم ثم ق (خرب) وروي أن رج ً
عليه وآله وسلم(( :إنه اآلن ليحرق بشملته يف نار جهنم)).
وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قام بعد انرصافه من حنني يف النلاس فقلال:
((أ ّدوا افيط واملخيط فإن الغلول عار ونار وشنار عىل أهله يوم القيامة)).
(خرب) وروي أن رج ً
ال توف يوم خيرب ذكر لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم إىل
غل يف سبيل اهلل)) قال :فوجدنا متاعه فوجدنا خراقات من خرقة قوله(( :إن صاحبكم قد ّ
هي ما يساوي درمهني.
(خرب) عن ابن عباس أنه قال :ملا ظهلر الغللول يف يلوم قلط إال ألقلى اهلل يف قللوهبم
-533-
الرعب ،وال فيش الزنا يف قوم قط إال كثر فيهم املوت ،وال نقص املكيال وامليزان إال قطع
اهلل عنهم الرقق ،وال حكم قوم بغري احلق إال فشا فيهم اللدم ،وال خلً قلوم بالعهلد إال
سلط اهلل عليهم العدو ،وهذا ال يكون إال توقيف ًا.
وأما كيفية القسمة يف الغنيمة فيخرج اإلمام من الغنيمة ما أراد أن ينقله أو يتلتلف بله
حتقيقه وتقريره ،وخيرج القفي وهو يشء واحد من سيف أو ال كان أو كثري ًا كام م
قلي ً
درع أو فرس ،ذكره يف (األحكام).
(خرب) وذلك ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يتخذ القفي من الغنيمة
كام روي أنه أخذ من غنائم بني قريظة رحيانة ابنة عمرو بن حذافة وكانت عنده حتى مات
عنها وهي ملكه وكان عرض عليها أن يتزوجها يعني بتن يعتقها ثم يتزوجها ،ثم يرضب
عيل وعليك.
عليها احللاب فقالت :يا رسول اهلل اتركني يف ملكك فهو أخف ّ
(خرب) وروي أنه ملا افتتح خيرب أيت بقفية ابنة حيلي بلن أخطلب فلتلقى عليهلا رداءه
فعرف املسلمون أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم اصطفاها لنفسه.
(خرب) وروى ابن عباس أنه قدم وفد عبد القيس عىل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله
وسلم فقالوا :إن بيننا وبينك هذا احلي من مرضل ،وإنلا ال نسلتطيع أن نتتيلك إال يف هلذا
الشهر احلرام فمرنا فيام نتخذ به ونحدث به من بعدنا ،فقال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم:
(( آمركم بتربع ،وأراكم عن أربلع ،آملركم بشلهادة أن ال إلله إال اهلل ،وتقيملوا القلالة،
وتؤتوا الزكاة ،وتعطوا أسهم اهلل من الغنائم والقفي)) افرب إىل آخره ،فتثبت النبي صلىل
اهلل عليه وآله وسلم القفي من الغنائم وأطلق ومل يفقل بلني أن يكلون غنيملة قليلله أو
كثريه ،فثبت وجوبه يف كل غنيمة ،وإذا ثبت ذلك له صىل اهلل عليه وآله وسلم ثبت ذللك
ألئمة احلق بعده كام قدمنا بيانه.
(خرب) وروى أبو بكر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :إذا أطعم اهلل نبيله
شيأ ًا كان ذلك ملن يقوم مقامه)) وهذا يدل عىل ما قلناه.
-534-
فصل
وجيوق عندنا ألمري اجليش الذي ينقبه اإلمام وهلو ملن أهلل االجتهلاد أن يقلطفي
لنفسه وقد أشار إليه السيد أبو طالب من دون اشًا االجتهاد ،ويدل عىل ذلك (خلرب)
وهو ما روى السيد أبو العباس بإسناده إىل عمران بن حقني قال :بعث رسول اهلل صلىل
اهلل عليه وآله وسلم جيش ًا واستعمل عليهم عيل بن أيب طالب فتصلاب جاريلة فتقلفاها
لنفسه فتنكروا عليه وتعاقد أربعة من أصلحاب رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
فقالوا :إذا لقينا رسول اهلل أخربنا بام صنع عيل وكان املسلمون إذا رجعوا من السفر بدأوا
برسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقام أحد األربعة فقال :يا رسول اهلل أمل ترى إىل عيل
بن أيب طالب صنع هكذا فسلموا ثم رجعوا إىل رجاهلم فلام قدمت الرسية فتعرض رسول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عنه ثم قام الثاين فقال مثل ما قاله فتعرض عنه ثم قام الثالث
فقال مثل مقاله فتعرض عنه ثم قام الرابع فقال مثلام قالوا فتقبل رسول اهلل صىل اهلل عليه
وآله وسلم والغضب يف وجهه يعرف فقال(( :ما تريدون من عيل ،إن علي ًا مني وأنا منله،
وهو وَّ كل مؤمن ومؤمنة بعدي)) ووجه االستدالل هبذا افلرب أن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أنكر عىل القوم ما أنكروا عىل عيل عليه السالم من اصطفائه تلك اجلارية
لنفسه بحق إمارة اجليش فتجاق ذلك ومل يتمر بردها إىل الغنيمة ،فثبلت أن مللن قلام مقلام
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يقطفي لنفسه ملن إملام أو قائلد جلليش اإلملام بلتمر
اإلمامة.
(خرب) وعن ابن عباس أن العبيد والنساء كانوا حيرضون مع النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم احلرب فال يسهم هلم ويرضخ.
(خرب) وعن ابن عمر أنه قال :عرضت عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم يلوم
أحد وأنا ابن أربع عرشة سنة فلك جيزين يف املقاتلة.
(خرب) وروي عن الرباء بن عاقب قال :عرضني رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم
-535-
ٍ
يومأذ ابن أربع عرشة سلنة ،فلدل وابن عمر يوم بدر فاستقغرنا ثم أجاقنا يوم أحد وهو
ذلك عىل أنه ال سهم للنساء والقبيان وأنه يرضخ هلم ،ودل افربان األخلريان علىل أنله
رضخ يوم أحد للقبي لكونه ابن أربع عرشة سنة وأسهم يوم افنلدق؛ ألنله ابلن مخلس
عرشة سنة؛ ألن الرباء قال :أجاقنا يوم أحد وابن عمر قال :مل جيزين يف املقاتلة ،فلدل علىل
أنه رضخ له يوم أحد وأسهم له يوم افندق.
(خرب) وعن عمري موىل بن أيب اللحم قال :شهدنا خيرب مع ساديت فك ّلملوا َّ رسلول
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وأخربوه أين مملو فتمر فقلدت السيف فإذا أنا أجره فتمر َّ
بيش من خرثي املتاع افرثي :أثاث البيت ،فإن احت (بخرب) وهو ما روي عن األوقاعي
أنه قال :أسهم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم للنسلاء يلوم خيلرب ،فلاجلواب أنله
معارض بام ذكرناه أوالً من خرب ابن عباس ،ومعارض (بخرب) وهو ما روي أن رسول اهلل
صىل اهلل عليه وآله وسلم رضخ لنساء من نساء املسلمني شهدن معه خيرب ومل يرضب هلن
بسهم فإن صح افرب محلناه عىل أنه أسهم من مخس الغنيمة للنساء من ذوي القربلى؛ ألن
ذلك لو كان من الغنيمة وجب أن يسهم هلن من سائر الغزوات ويرضخ للذمي إذا أعلان
عىل القتال؛ ألنه إذا أعان ومل يعط شيأ ًا قهده ذلك يف معاونة املحقني وال سهم لله ،دليلله
العبد والقبي واملرأة.
فصل
وال فرق عند قسمة الغنائم بني التلار وغريهم إذا قاتلوا مع املسلمني يف أنه يسهم هلم
سهم أمثاهلم من الفرسان والرجالة ،وقد ذكره األخوان ملذهب اهلادي إىل احلق.
فصل
ثم تقسم الغنائم بعد ذلك مخسة أسهم ررج يف أهل افمس ويقسم عىل ما يتيت بيانله
-536-
يف باب افمس بمشيأة اهلل تعاىل وتقسلم أربعلة أمخلاس الغنيملة بلني الرجلال األحلرار
البالغني املسلمني الذين حرضوا الوقعة فحاربوا وأعانوا ،نص علىل ذللك يف (األحكلام)
وهو إمجاع العًة عليهم السالم.
وأما كيفية القسمة فاختلوا فعند القاسلم عليله السلالم أنله يسلهم للفلارس سلهامن
ولفرسه سهم فيكو له ثالثة أسهم وللراجل سهم واحد وهو قول طائفة ،وجله ذللك أن
قسم أمواهلم ونسلاءهم وأبنلاءهم علىل
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا غنم بني قريظة ّ
املسلمني بعد أن أخرج منها افمس ،ثم أسهم للفارس سهمني ولفرسه سله ًام وللراجلل
ٍ
يومألذ سلتة وثالثلني فرسل ًا ،وكلان ذللك أول يفء من ليس له فرس سه ًام وكانت افيل
من رسول اهلل صىل اهلل عليه وقعت فيه السهامن وأخرج منه افمس فعىل سننها وما م
وآله وسلم وقعت املقاسم ومضت السنة يف املغاقي ،وهكذا روينلاه ملن طريلق روايتنلا
لسرية رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
(خرب) ورويى ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أسلهم يلوم خيلرب
أربعة أسهم للفرس سهامن وللفارس سهامن وللراجل سهم-يعني الراجل وذهب اهلادي
إىل احلق أن للفارس سهمني له سهم واحد ولفرسه سهم واحد وللراجل سهم وجه قوله
ما روى ابن عمر أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أسهم للفارس سهمني وللراجل
سه ًام ،وروي مثل ذلك يوم حنني وهذا هو الظاهر َّ من قول األئمة املتتخرين ملن أهلل
البيت عليهم السالم فإين ال أعلم قائ ً
ال منهم بخالفه.
فصل
وال يسهم ألكثر من فرس واحد ولو كان مع رجل خيل جملبة وهلو قلول العللامء إال
رواية شاذة رويت عن القاسم أنه يسهم لفرسني ،ومل يقح ذلك عنه بعض علامئنا؛ وذلك
ألنه مل يرو يف يشء من السري وال من املغاقي أن الرسول صىل اهلل عليه وآله وسلم أسلهم
-537-
ألكثر من فرس واحد مع أنه كان معه كثري من املغاقي من له فرسان.
فصل
ويسهم للرباذين كام يسهم للخيل؛ ألن اسم افيل يشملها فوجب أن يسهم هلا؛ وألنه
يسهم للرجل احلر عربي ًا كان أو علمي ًا فكذلك يسهم للفرس عربي ًا كان أو علمي ًا.
فصل
الفرس العتيق الذي أبواه عربيان والربذون الذي أبواه علميان ،واملقرف اللذي أمله
عربية وأبوه علمي واهللني الذي أبوه عريب وأمه علميلة ويسلهم جلميعهلا؛ ألن اسلم
افيل يشملها ،قد ذكر السيد أبو العباس رمحه اهلل هذا املعنى ،ويف فقل افيل ورد.
(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :افيل معقلود بنواصليها افلري إىل
يوم القيامة)).
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يمن افيل يف شقرها)).
(خرب) روي أن أيب هريرة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال(( :افيل لرجلل
أجر ،ولرجل سً ،وعىل رجل وقر ،فتما الذي هي لله أجلر فرجلل ربطهلا يف سلبيل اهلل
فتطال هلا مرج ًا أو روضة فام أصابت يف طيلها ذلك من املرج والروضة كانت له حسنات
ولو أرا قطعت طيلها ذلك فاستلت كف ًا أو كفني كانت آثارها وأرواثهلا حسلنات لله
ولو أرا مرت بنهر فرشبت منه مل يرد أن تسقي به كان ذلك لله حسلنات فهلي لله أجلر،
ورجل ربطها تغني ًا وتعفف ًا ومل ينس حق اهلل يف رقاهبا وال يف ظهورها فهي له سً ،ورجل
ربطها فخر ًا وريا ًء ولواء ألهل اإلسالم فهي عىل ذللك وقر)) قولله ملرج -بلاجليم وهلو
بامليم مفتوحة والراء ساكنة -إرساهلا ترعى وباحلاء غري معلمة والراء مفتوحة النشلا ،
-538-
يقال :فرس مراج ومجل ممراج قال:
ذا ق ّبلة ممللوة أجراجلا إين أقول مجل ً
ال ممراجلا
والطول -بكرس الطاء معلمة بواحدة من أسفل وفتح الواو حبل يطول للدابة ترعى
فيه قال طرفة:
لك الطول املرخى وثنياه باليلد لعمر أن املوت ما أخطت الفتلى
والطيل بكرس الطاء أيض ًا وفتح الباء معلمة باثنتني من أسلفل لغلة يف الطلول ،قلال
القطامي:
وإن بليت وإن طالت بك الطيلل إنا حم ّيو فاسلم ّأهيا الطللل
وقوله نواء ألهل اإلسالم -بكرس النون وفتح الواو -معاداة هلم يقال ناوأت الرجلل
مناوأة إذا عاديته.
ال وجد بعري ًا له كان املرشكون أصلابوه فقلال رسلول
(خرب) وروى ابن عباس أن رج ً
اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :إن وجدته قبل القسمة فهو لك وإن وجدته بعلد القسلمة
أخذته بالقيمة)) وظاهر افرب هو الذي ذهب إليه اهللادي ،وبله قلال قيلد بلن عليل عليله
السالم.
فصل
-539-
[}الحشر ،]7:فسامهم اهلل تعاىل فقراء ،وهذا يدل عىل قوال ملكهم عنها لوال ذلك
مل يكونوا فقراء وقوله تعاىل } { :هو عىل طريلق املللاق بدالللة أول
اآلية.
وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :من أسلم عىل مال فهو له)).
(خرب) وملا افتتح النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مكة قيل له :هال نلً دار ؟ فقلال:
((وهل تر عقيل لنا من رباع)) وروي من ربع وذلك ألن عقي ً
ال ملا غلب عليها وهو كافر
ملكها ثم باعها فلو مل يقح ملكه هلا مل يقح بيعه هلا ولو مل يقح بيعه مل يقل صىل اهلل عليه
وآله وسلم(( :وهل تر عقيل لنا من رباع)).
ال بخالف ذلك من علامء العًة ،ويدل علىل ذللك أيضل ًا أن
فتما اإلمجاع فال أعلم قائ ً
هذا القول مروي من القحابة بخالفه فلرى جمرى اإلمجاع عىل ما خيتاره بعض علامئنا.
(خرب)وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم غنائم أوطلاس بتوطلاس وهلي
غنائم حنني ،وأوطاس واد من أودية حنني ،قسم غنائم بدر بشعب من شلعاب القلفراء
قريب من بدر ،وقسم غنائم بني املقطلق عىل مياههم.
(خرب) روى األوقاعي عن أهل املغاقي أن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم ملا
قسم الغنائم إال يف دار الرش .
(خرب) وروى جابر وجبري بن مطعم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قسلم غنلائم
حنني باجلعرانة ،دل ذلك عىل أن الغنائم يستحب قسمتها يف دار الرش ،وقد ذكره السيد
أبو العباس ملذهب القاسم وحييى.
قال السيد أبو طالب :هو القحيح وبه قال حممد بن اهللادي ،ويكلره تلتخري قسلمتها
لغري عذر إتباع ًا للسنة.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :املؤمنون يلد واحلدة علىل
-540-
من سواهم يرد أدناهم عىل أققاهم واملستوي عىل القاعد ،والقوي عىل الضلعيف)) .دل
ال من اجلند لو مرض قبل الدخول إىل دار احلرب فلم يزل مريض ًا حتلى
ذلك عىل أن رج ً
أحرقت الغنائم رضب له بسهم قد ذكره حممد بن عبداهلل اللنفس الزكيلة عليله السلالم،
وذلك ألنه إذا كان القوي ير ّد عىل الضعيف فقد يكون الضلعف ملن جهلة امللريض كلام
يكون من جهة امليش ،فدل ذلك عىل ما قلناه.
(خرب) وعن أيب هريرة قال :بعث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أبان بلن سلعيد
عىل يية قبل نلد فقدم أبان خيرب بعدما فتحت فقلال :أقسلم لنلا يلا رسلول اهلل ،فقلال
رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :اجلس يا أبان فلم يقسم هلم)) دل ذلك عىل صلحة
ما قاله القاسم عليه السالم فإنه قال :من جاء بعد الواقعة ومل تقسم الغنيمة فال يسلهم لله
وليست الغنيمة إال ملن حرض الوقعة.
(خرب) وروى أنس قال :كان موضع مسلد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قبور
املرشكني وكان فيه حرث ونخل فتمر بقبور املرشكني فنبشت وباحلرث فسوي ،وبالنخلل
فقطع ،دل ذلك عىل أنه ال حرمة لقبور املرشكني كام أنه الحرمة هلم يف حياهتم ،وأنه جيوق
نبشها وإحياؤها ،وهو الذي نص عليه املؤيد باهلل عليه السالم.
-541-
باب الخمس
قللال اهلل تعللاىل { :
[} األنفال ،]41:أما سهم اهلل تعاىل فاختلفوا فيه فاألكثر
عىل أنه مفتا ،كالم وأن هلل الدنيا واآلخرة ،ذكره احلاكم.
قال أبو العالية :يرصف إىل نفقات الكعبة.
قال احلاكم رمحه اهلل تعاىل :هذا ال يقح؛ ألنه قلد ثبلت علن افلفلاء األربعلة أرلم مل
يقرروا لذلك سه ًام.
قال احلاكم :وألنه يؤدي أن افمس يكون مقسوم ًا عىل ستة وهو خالف اإلمجاع.
قال ابن عباس :سهم اهلل تعاىل وسهم رسوله واحد ،وبه قال قتادة وعطاء.
فصل
وخيرج سهم اهلل تعاىل يف مقالح املسلمني بداللة (خرب) وهو ملا روي علن قبلري بلن
مطعم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حني صدر من حنني تناول شيأ ًا من األرض
أو برة من بعريه وقال(( :والذي نفيس بيده ما َّ من ما أفاء اهلل إال افمس مردود عليكم))
-542-
وسلم أم أهله؟ قال :بل أهله .قالت :فام بال سهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم؟
قال :إين سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول(( :إن اهلل إذا أطعم نبيه طعملة
ثم قبضه جلعها للذي يقوم بمقامه)) فقالت :أنت وما سلمعت ملن رسلول اهلل صلىل اهلل
عليه وآله وسلم أعلم.
وأما سهم ذوي القربى فهو لقرابة النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم واختلفوا فقيل هلم:
بنو هاشم عن ابن عباس وجماهد ،وعيل بن احلسن قين العابدين وعبداهلل بن احلسلن بلن
احلسن السبط ريض اهلل عنهم ،وقيل :هم بنو هاشم وبنو املطللب ،ووجهله (خلرب) وملا
روى جبري بن مطعم قال :ملا قسم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم سهم ذوي القربلى
يف بني هاشم وبني عبد املطلب جأت أنا وعثامن فقلنا :يا رسول اهلل هؤالء بنلو هاشلم ال
ننكر فضلهم ملكانك الذي وضعك اهلل به منهم أرأيت إخواننا من بني املطللب أعطيلتهم
وتركتنا ،وإنام نحن وهم منك بمنزلة واحلدة ،فقلال(( :إرلم مل يفلارقوين يف جاهليلة وال
إسالم ،وإنام بنو هاشم وبنو املطلب يشء واحد ،ثم شبك بني أصلابعه)) وقلد روي هلذا
افرب يف (األحكام) عن جبري بن مطعم بكامله ،ثم تتوله عىل أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم
إنام قسم هلم منه هبة وشكر ًا عىل ما قدم فعلهم وصربهم ال عىل أنه سهم هلم ،وهلذا عللل
إعطاؤه هلم بام يدل عىل صحة هذا املعنى ،وقيل :بنو هاشم هم آل عليل وآل العبلاس وآل
جعفر ،وآل عقيل ،وولد احلارث بن عبداملطلب.
(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه قال :قلت يا رسول إن رأيت أن تولينا
حقنا من افمس يف كتاب اهلل فتقسمه يف حياتك حتى ال يناقعنيه أحد بعد فتفعل ،قال:
((قد فعلت ذلك)) وقسمته يف حياة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ثلم يف واليلة أيب
بكر فقسمته أيام أيب بكر ،ثم والنيه عمر يف حياته حتى كان آخر سنة من سنني عمر فلتيت
بامل كثري فعزل حقنا ،ثم أرسل إَّ به فقلت :إنا بنا العام عنه غنا وباملسلمني إليله حاجلة
فاررده إليهم ،فقال العباس :لقد نزعت منا اليوم شيأ ًا ال يرجع إىل يوم القيامة ،وهذا يدل
عىل أحكام ،منها أنه ثبات يف كتاب اهلل؛ ألنه قال :حقنا من افملس يف كتلاب اهلل تعلاىل،
-543-
فلم ينكره رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل أقره عليه وواله إياه يف حياته ،ومنها أنه
ثابت بعد موت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لذلك قلال :فتقسلمه يف حياتلك حتلى ال
يناقعنيه أحد بعد ،وهلذا واله عليه ،ومل ينكر عليه قوله ،فلدل ذللك علىل ثبوتله بعلده،
أن تركه يف آخر سنة من سنني عمر إنام كان بإختيار عيل عليه السالم ورضاه ،وهلو ومنها ّ
اإلمام عندنا ولإلمام إخراجه كله يف صنف واحد عىل ما حيققه إن شاء اهلل تعلاىل ،ومنهلا
أنه تضمن أنه مقرون ثبوته واستمرار ثبوته بعد موته صىل اهلل عليه وآله وسلم هلذا أعطاه
إياه أبو بكر ،ثم عمر ومل ينكر ذلك أحد من القحابة.
-544-
ومنها قول عيل عليه السالم :إرم أعطوا سهمهم بالقرابة التي ال تزول عنهم فقح ثبوته
هلم إىل يوم القيامة ،ومنها قوله عليه السالم :إنه لغنينا وفقرينا فثبت جواقه للغنلي ،وقلد
كان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يعطيه العباس ،وكان معروف ًا باليسلار ،وكلان ُيملون
عامة بني عبداملطلب ،ومذهب اهلادي عليه السلالم أنله يسلتحقه األغنيلاء كلام يسلتحقه
الفقراء ،ووجه ما تقدم وهو قول قين العابدين وولده الباقر وهو اختيار املؤيد باهلل ،وهو
الظاهر من قول القاسمية.
فصل
وال يفضل فيه الذكر عىل األنثى عند اهلادي إىل احلق ،وبه قال قيد بن عيل؛ وذلك ألنه
مستحق بالقرابة من دون رقيص لفقري دون غني ،وال لغني دون فقلري ،وال للذكر دون
أنثى ،وال ألثنى دون ذكر ومن غري رقيص بمقدار معلوم لبعضهم دن بعلض ،فوجلب
اشًا اجلميع فيه عىل سواء كمن أوىص بيشء لقرابة فالن أنه يستحقه غنيهم وفقلريهم
وذكرهم وأنثاهم ،و اليفضل فيه بعضهم عىل بعض كذلك ما نحن فيه.
قال السيد أبو طالب :وال يلزم عىل ذلك ما نقول من أنه جيوق التفضيل عىل ملا نبينله؛
ألن كالمنا يف أن االستحقاق يف األصل ال يقت ي تفضيل الذكر عىل األنثى.
فصل
وإنام يستحب ذلك منهم من كان متمسك ًا باحلق تابع ًا إلمام احلق ،فتما من انحرف إىل
أهل البغي فال حق له فيه ،نص عىل هذا املعنى حييى عليه السالم.
قال السيد أبو طالب :واملراد به املعاونة واملتابعة بام يمكن من قول أو فعل ،وذلك ألن
النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل جيعل أليب هلب وأوالده نقيب ًا فيه مللانبتهم للحق.
-545-
فصل
وأما سهم اليتامى وسهم املساكني وسهم ابن السبيل فاآلية دالة عىل اسلتمرار ثبوتله؛
ألرا مل رص وقت ًا دون وقت فكان ذلك عام ًا يف مجيع األوقات إىل يلوم القياملة ،واليتليم
وهو من ال أب له وهو صغري فإن كان له أب مل يكن يتي ًام باإلمجاع ،فإن كان ال أب له وهو
بال مل يكن يتي ًام.
(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :ال يتم بعد االحتالم)) وروي(( :ال يتم
بعد حلم)).
وأما املسكني فاختلفوا هل هو أعىل حاالً من الفقري أم ال بل الفقري أعال حاالً منه فعند
أئمتنا عليهم السالم الذين هم أئمة الرسوس وأتباعهم أن الفقري أحسن حاالً من املسكني
وهو من يملك ما ال يستغنى عنه من دار تظله ،وثوب يلبسه وخادم خيدمه وفرس يركبه،
قال الشاعر:
وفق العيال فلم تً له سبلد أما الفقري الذي كانت جلوبتله
واملسللكني مللن ال يملللك شلليأ ًا أو يملللك دون ذلللك قللال تعللاىل { :
[}البلد ]16:فوصف بالتًيب؛ ألنه ال جيد ما حيلول بلني جسلمه وبلني اللًاب ملن
الشللعار فهللو متللًب بلله ،فتمللا قوللله تعللاىل { :
-546-
ومن أوىص بيشء للفقراء فقد اختلف حمقلوا مذهب حييى فقال قوم :ال جيوق رصفله إىل
املساكني ،وقال آخرون :جيوق أن يرصفه إىل املساكني ،وقلد ب ّينلا تفقليل ذللك يف كتلاب
التقرير بمسائل التحويل.
فصل
واختلف العلامء هل يعترب الفقر يف اليتيم وابن السبيل أو ال؟ فذكر احللاكم أنله يعتلرب
وسري القحابة تق ي ال عىل صحة هذا القول ،م فيهام الفقر وادعا فيه اإلمجاع وال أعلم دلي ً
بخالف ذلك ال سيام ابن السبيل ،واألوىل أن ال يعتلرب فليهام الفقلر؛ ألن اهلل تعلاىل عللق
استحقاقهام بسهميهام بقنفني يف كل صنف منهام واحدة فعلقه باليتم يف القغر وهو ملن
ال أب له وهو صغري ،وعلقه يف البال بكونه ابن سبيل فلو كان الفقر كط ًا فليهام للذكره
اهلل تعاىل وب ّينه؛ إذ لو كلفناه من دون بيان لكان التكليف به قبيح ًا؛ ألنه يكون تكليف ًا ملا ال
يعلم وهو قبيح باإلمجاع.
فصل
واختلفوا أيض ًا هل هذه األصناف الثالثة وهي اليتامى واملساكني وابن السبيل يشً
فيهم أن يكونوا من أهل البيت وسائر بني هاشم فال جيوق إخراجها يف غريهم ما وجلدوا
أم جيوق ذلك فيهم ويف غريهم إال أرم مع وجودهم بله أوىل؟ فلذكر يف (األحكلام) أرلا
ررج يف هذه األصناف من أهل البيت عليهم السالم فإن مل يوجد فيهم كانت مرصوفة إىل
هذه األصناف من أوالد املهاجرين فإنم مل يوجد فيهم كانت مرصوفة إىل هلذه األصلناف
من أوالد األنقار ،وإنام قلنا :إرا تكون من بعد آل الرسول ألبناء املهاجرين ثم من بعلد
استغنائهم عنها ألوالد األنقار ،ثم من بعد استغناء األنقار عنها مللن جلاء بعلدهم ملن
املللؤمنني لقللول اهلل تعللاىل { :
-547-
قال السليد املؤيلد بلاهلل :إطلالق حييلى عليله السلالم يقت يل أن هلذا الًتيلب علىل
االستحباب ،ثم قال :ويمكن أن جيعل ذلك وجه ًا للوجوب.
قال السيد أبو طالب :إطالق حييى عليه السالم يقت ي أن يرى هلذا الًتيلب واجبل ًا،
ووجه ذلك ما رواه اهلادي عليه السالم عن قين العابدين عليه السالم أنه قرأ آية افملس
فرسها فقال :هم يتامانا ومساكيننا وابن سبيلنا.
ثم ّ
(خرب) ويدل عليه أيض ًا ما رواه الطربي يف تفسري القرآن فإنه ملا أتى إىل آية افمس هذه
روي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قيلل لله :إن اهلل تعلاىل يقلول { :
فصل
وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا غنم يلوم حنلني غنلائم هلواقن أتلو إليله
مسلمني فر ّد عليهم ذرارهيم ونسائهم من دون إخراج افملس منهلا وكلانوا سلتة آالف
نسمة.
(خرب) وروي أن أمري املؤمنني عليه السالم ملا غنم ما غنمه يوم صلفني ملن سلالحهم
وكراعهم أخرج مخسه يف مقالح املسلمني.
ال أصاب كنز ًا يف خربة وهو أربعة آالف ومخسامئة فتتى بله عليل ًا
(خرب) وروي أن رج ً
عليه السالم فقال :مخسها لبيت املال وقد وهبناه لك.
-548-
ال أصاب جرة فيها أربعة آالف مثقال فتتى هبا علي ًا عليه السلالم
(خرب) وروي أن رج ً
فقال :اعتد أربعة أمخاسها ومخس ًا فتقسمه يف فقراء أهلك ،دلت هذه األخبار عىل أنه جيوق
إخراج افمس يف صنف واحد؛ ألن هذا كله من باب املقالح.
(خرب) وروي أن عثامن بن عفان أخرج مخس غنائم إفريقية ،وأمر به آل احلكم قيل أمر
به آل مروان ومل ينكر عليه أحد من القحابة ريض اهلل علنهم نفلس اإلخلراج يف صلنف
واحد ،وإنام أنكروا عليه نفس األثرة ،فإنه آثرهم وهم من بني أمية عىل املسلمني ،وأنكروا
عليه اإليثار هلم والتبذير؛ ألن الغنيمة كانت ألفي ألف دينار ،رواه املنقور باهلل عبداهلل بن
محزة عليه السالم ،وروى الطربي يف تترخيه أن الغنيمة كانت ألفي أللف دينلار وعرشلين
ألف دينار ومخسامئة ألف دينار ،قيل :جمموعهلا ثالثامئلة قنطلار ملن ذهلب واختلفلوا يف
القنطار فقيل :هو املال الكثري ،وقيل :هو سبعون ألف دينار عن جماهد ،وقيل :ألف ومائتا
أوقية عن معاذ وابن عمر ،وأيب بن كعب.
قال أبو نرصة :هو ملء مسك ثور ذهب ًا ،وهو قول أيب مسلم ،وقيل :هو ثالثامئة رطل
وهذا كافارج مما نحن فيه إال أن احلديث ذو شلون عدنا إىل ملا ذكرنلاه بللواق إخلراج
افمس يف صنف واحد هو قول اهلادي للحق وفعله ،أما قوله فنص يف كتاب السري علىل
أنه جيوق لإلمام أن خيرج افمس كله يف صنف واحد إذا رأى ذلك صالح ًا ،وأما فعله فهو
أنه ملا أخذ غنائم املهاذر وهم قبيلة بحقل صعدة قوم من الربيعة من خلوالن قسلم أربعلة
أمخاسها عىل الغانمني وأتى أهلها مطيعني ،ومل يبق يف يده غري افمس فطلبوا منه القلفح
فرده عليهم ملا رأى ذلك صالح ًا وإىل هذا القول ذهب اإلمامان املتوكل عىل اهلل أمحد بلن
سليامن ،واملنقور باهلل عبداهلل بن محزة ،والداعي إىل اهلل شيخ العًة والدنا حممد بن أمحد،
والقايض مجال اإلسالم جعفر بن أمحد ريض اهلل عنهم.
-549-
فصل
لدين اهلل حممد بن اهلادي إىل احلق يف فإن قيل :ففيم جيب افمس؟ قلنا :روى املرت
كتاب (اإليضا )،عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :ما خرج ملن البحلر فهلو
غنيمة ،وما خرج من املعادن فهو غنيمة)).
قال حممد بن حييى :ستلت أيب اهلادي إىل احلق عن البحر وما خيرج منله أغنيملة هلو؟
قال :هو أوكد الغنائم ،وفيه افمس واجب ال اختالف فيه عند عللامء آل الرسلول صلىل
اهلل عليه وآله وسلم عليهم مجيع ًا وسلم تسلي ًام.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف الركاق افمس)).
(خرب) وعلن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال(( :يف السليوب افملس))
والس ّيوب :الركاق وهو مجع سيب ،والسيب :العطاء ،وال خالف أنله ال جيلب يف العطلاء
فلم يبق إال أنه جيب يف الركاق لأال تبطل فائدة افطاب.
(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :يف الركاق افمس ،قيل :يا
رسول اهلل وما الركاق؟ قال :الذهب والفضة اللذان خلقهام اهلل يف األرض يوم خلقها)).
(خرب) وروي عن عيل عليه السلالم قلال مللن اسلتخرج املعلادن :أيلن الركلاق اللذي
أصبت؟ فسامه ركاق ًا.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه أخذ مخس املعدن.
(خرب) وروي عن عيل أنه وضع عىل أمجلة الفلرس أربعلة آالف درهلم يف كلل سلنة،
ومعلوم أنه ال يشء فيها يؤخذ منه اليشء إال السمك؛ ألرا مواضع صيد السلمك ،دللت
هذه األخبار عىل أنه جيب افمس يف مجيع ما يستخرج ملن البحلر ويف الركلاق واملعلادن،
ودل افرب املروي عن عليه عليه السالم أنه املعدن يسمى ركاق ًا.
أما املعادن فنحلو اللذهب ،والفضلة ،واليواقيلت ،ولزملرد ،والفلريقوج ،والشلب،
-550-
،واحلديلد ،والشلبه، والكحل ،والزرنيخ ،والزيبلق ،والعقيلق ،والنحلاس ،والرصلا
،واجلواهر ،وما أشبه ذللك ملن وامللح ،والنفط ،والقري واملقرة ،والكربيت ،والفقو
املعادن.
وأما ما يستخرج من البحر فهو الخآلئ ،والدر وهو كبار اللؤلؤ ،واملرجان ،واملسلك،
والعنرب ،وكل ما يؤكل من احليوانات التي تؤخذ منه ،وقد ع ّيناها أوالً يف كتلاب القليد،
وإىل القول بوجوب افمس يف مجيع ذلك ذهب القاسم وسبطه اهلادي إىل احللق ووللداه
والنارص وهو اختيار املنقور باهلل ،ويف ذلك خالف بني أئمتنا ،وتفقيله فنقول: املرت
أما املعادن فافمس فيها مجيعها واجب عند النارص للحلق وهلو قلول املؤيلد بلاهلل إال يف
النفط وامللح والقري فال مخس فيها عنده.
وأما السيو فقد ذكرنا أن عند القاسم واهلادي افمس واجب يف مجيع ما يقلطاد يف
بر أو بحر أو رر من السمو والطيور وغريمها ،وبه قال املنقور باهلل ،وذهب قيد بن عيل
وأمحد بن عيسى ،واملؤيد باهلل إىل أنه ال مخس فيها ،واختلف حمقلو مذهب النارص للحق
البيس إىل أن افمس واجب يف مجيع ذلك عنده ،وذكر الشيخ أبو جعفلر يف
ّ فذهب الشيخ
(اإلبانة) أنه ال مخس فيها عنده ،وقد ذكرنلا بلتن املرشلكني أنفسلهم وأملواهلم وذرارهيلم
ونسائهم ومجيع أمواهلم من سلب وغريه غنيمة ففي مجيع ذللك افملس ،واألصلل فيله
(خرب) وهو ما تواتر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان خيمس األملوال املغنوملة
من أهل احلرب كتهل الطائف وخيرب وبني املقطلق وغريهم ،وكلذلك فعلل املسللمون
بعده وتوارثوه خلف ًا عن سلف ،وكذلك قد فقلنا ما يغنم من أملوال البغلاة ،وكلل ملن
قال :إرا غنيمة أوجب فيها افمس لظاهر اآلية ،وملا روي (خرب) وهو أن أهل العدل مللا
قتلوا عبيداهلل بن عمر بن افطاب أخذوا سلبه وعدّ وه غنيمة وأخرجوا مخسه ،ويدل علىل
وجوب افمس يف السلب عىل كل حال ما روي أن الرباء بن ماللك قتلل املرقبلان فقلوم
سلبه بثالثني ألف درهم فطالبه عمر بخمسه فدفع إليه الرباء ستة آالف درهم بغري نكلري
من أحد من القحابة ،وحيب افمس يف مال القلح ويف ملال افلراج ويف اجلزيلة وفليام
-551-
يؤخذ من احلريب املستتمن وفيام يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا سافروا وباعوا فيه واشًوا
يؤخذ يف مجيع ذلك افمس ،ووجه ذلك أنه مال مظهور عليه باإلسالم يف األصل فوجب
أن يلزم فيه افمس قياس ًا عىل ما يغنم من أملوال أهلل احللرب وافلراج فلإن أخلذ ملن
امل سلمني بتن اشًوا األرض افراجية بعد وضلعه عليهلا فيؤخلذ ملنهم وذللك كتنله يف
األصل مستحق للمسلمني عىل الكفار متعلق برقبة األرض فال يتغري مرصفه بلتن يؤخلذ
من املسلمني ،وجيب عند اهلادي عليه السالم يف العمل املستخرج من الغياض واألشلار
ذكره القايض شمس الدين جعفر بن أمحد يف القطعة التي وصل هبلا جمملوع الشليخ عليل
خليل وذلك ألنه من مجلة الغنائم ،ويف الغنائم افمس بداللة ما تقدم.
فصل
واختلفوا هل جيب افمس يف العني أو يف القيمة؟ فعند اهلادي عليه السالم أنه جيب يف
العني إذا كان مما يتلزأ أو ينقسم وبه قال املنقور باهلل ،فإنه نص عىل أن افمس القم مللن
أكل القيد سواء كان نضيل ًا أو ن ّي ًا؛ ألن افمس يف العني وهي باقية وذلك لقلول النبلي
ذللك وجوبله يف عينله ،وكلذلك صىل اهلل عليه وآله وسلم(( :يف الركاق افمس)) فاقت
قول اهلل تعاىل[} { :األنفال ]41:اآلية ،يدل عىل
ما ذكرناه وإن كان مما ال يتلزأ وال ينقسم فقد نص يف املنتخب عىل أن ملن وجلد ياقوتلة
أخرج افمس من قيمتها.
وروي أن املؤيد باهلل كان يقول أوالً :بتن افمس جيب يف العني ثم رجع إىل القول بتنه
ةري فيام شاء من ذلك.
جيب يف القيمة أو اجلنس أو العني واملالك ّ
(خرب) وروي عن احلارث بن احلارث األقدي أن أباه كان من أعللم النلاس باملعلادن
وأنه أتى عىل رجل قد استخرج معدن ًا فاشًاه منه بامئة شاة متبع فتتى أ ّمه فقالت :يا بنلي
إن الشاة ثالثامئة أمهاهتا مائة وأوالدها مائة وكفايتها مائلة فلارجع إىل صلاحبك فاسلتقله
-552-
فتبى ذلك فاستخرج منه ثمن ألف شاة فلذكر ذللك لعليل عليله السلالم أن أبلا احللارث
أصاب معدن ًا فقال له عيل عليه السالم :أين الركاق الذي أصبته؟ فقال :ما أصبت ركلاق ًا،
إنام أصابه هذا فاشًيته منه بامئة شاة متبع .فقال عيل عليله السلالم :ملا أرى افملس إال
عليك فخمس مائة شاة وإنام مخسها؛ ألرا كانت قيمة املعدن يوم العقد ،فدل ذلك عىل أنه
وأن ذلك هو الواجلب دون إللزام ألزمه قيمة مخس املستهلك؛ ألنه استهلكه باإلخال
وهو ألف شاة فيكون الواجب هو مخس ألف شاة وهذا واضح. قيمته بعد اإلخال
-553-
باب العقوبة
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من أعطى قكاة ماله طائعل ًا فلله
أجرها ،ومن قال ال أخذناها منه وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا)) ويف خرب آخر أنه قال
يف الزكاة(( :من أداها طائع ًا فله أجرها ومن قال ال أخذناها منله وشلطر مالله عزملة ملن
عزمات ربنا)) دل ذلك عىل أن آلخذ املال عىل وجه العقوبة أص ً
ال من رسول اهلل صىل اهلل
رأى عبلد ًا عليه وآله وسلم ،ويدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روي أن سعد بن أيب وقلا
يقيد يف احلرم باملدينة فتخذ سلبه فكلموه فتبى وقال :قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله
وسلم(( :من وجدمتوه يقيد يف يشء من هذه املواضع واحلدود فمن وجده فله سلبه)) فال
أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،ويف بعض األخبلار أنله
قال :معاذ اهلل أن أرد شيأ ًا نفلنيه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم.
(خرب) ويزيده بيان ًا ما أخربنا به الفقيه العامل حسام الدين عبداهلل بلن قيلد بإسلناده إىل
ال قال :يا رسول اهلل قد جعل َّ رققل ًا
الشيخ أيب احلسني البرصي أنه روي بإسناده أن رج ً
يف الغناء فعسى أن تتذن َّ فيه ،فقال صىل اهلل عليه وآلله وسللم(( :ال تفعلل فلإن علدت
ألربن مالك)) أو قال ((آلمرن بنهب مالك)) قال :ذكلره أبلو احلسلني يف كتلاب (الغلرر)
يزيده بيان ًا (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لقلد مهملت
أن آمر رجاالً من قريش فيحملون حزم ًا من حطب فتوقد عىل قوم ال حيرضلون القلالة
بيوهتم)).
(خرب) وكذلك ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :لقلد مهملت أن
أحرق دار من يتخلف عن اجلامعة)) وال جيوق أن هيم إال باجلائز ،فدل ذلك عىل حكمني:
أحدمها :أن صالة اجلامعة واجبة لوال ذلك مل هيم بإحراق بيلوهتم علليهم أو بلإحراق
بيوهتم دورم ،واملراد به أرا واجبة عىل الكفاية؛ ألن اإلمجاع منعقد عىل أرا ال جتلب علىل
-554-
األعيان.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال(( :إذا وجلدتم الرجلل قلد ّ
غلل
فتحرقوا متاعه وارضبوه)).
(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر مالك ًا وعاصم بن عدي بلإحراق
مسلد الرضار باملدينة وقال(( :انطلقا إىل هذا الظامل أهله)) فذهبا فتخذا سعف ًا فلعال فيله
نار ًا وأحرقا به ذلك املسلد.
(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال(( :من كتم غاالً فإنه مثله)).
قال املؤيد باهلل :وروي ((أن من غل أحرق متاعه)) دلت هذه األخبار عىل أن الترصف
الرشعي مرسح ًا يف األموال واألبدان عىل وجه العقوبة ،وأن جلميع ذلك أص ً
ال من النبلي
صىل اهلل عليه وآله وسلم ،وعىل ذلك فعل األئمة السابقون سالم اهلل علليهم أوهللم أملري
املؤمنني عيل عليه السالم فإنه روي عنه يف ذلك ما نققه فمن ذلك (خرب) أخربنا به الفقيه
حسام الدين عبداهلل بن قيد بإسناده إىل قلايض القضلاة أنله روي بإسلناده إىل عليل عليله
السالم أنه قال لرجل حمتكر :ال حتتكر الطعام وإال واهلل أربت مالك.
قال الرواي :فواهلل لقد رأيته أرب ماله ،وكنت ممن رب منله قلال هلذا الفقيله ذكلره
قايض القضاة يف أماليه.
ومن ذلك (خرب) وهو ما روي أن أمري املؤمنني عليه السالم قسم مال املحتكر نقفني
رصف نقفه إىل بيت املال فدل عىل جواق أخذ املال عىل جهة العقوبة وأحرق نقفه ،فدل
عىل جواق استهال املال عىل وجه العقوبة ،وملا أخذ مال املحتكر قال املحتكر :لو تر َّ
أمري املؤمنني ماَّ لربحت فيه مثل عطاء أهل الكوفة ،وكان جند الكوفة مائة ألف مقاتل،
ويف بعض الروايات أنه كان عطاء أهل الكوفة مائة ألف مثقال.
ومن ذلك (خرب) روى حممد بن اهلادي إىل احلق ،عن حييى بن احلسني عليهم السلالم
بإسناده ،عن عيل عليه السالم أنه قال يف خطبته :إن اهلل أدب هذه األمة بالسيف والسو
-555-
واحللر ،فاستًوا ببيوتكم والتوبة من ورائكم من أبدى صفحته لللحد هلك.
ومنها (خرب) وروي أن أمري املؤمنني عليه السالم أمر بتحريق رقعة الشلطرن وإقاملة
كل واحد ممن لعب به معقوالً عىل فرد رجل إىل صالة الظهر ،ومن ذلك ما روي أن أملري
املؤمنني عليه السالم أنه كان يعقل صاحب الشطرن إىل الظهر ويعقل صاحب النلرد إىل
الليل.
-556-
األشياء املزيدة عىل الدية الرشعية عىل وجه العقوبة ،كام قاد عليل عليله السلالم الشلارب
للخمر يف رار رمضان عرشين جلدة ،وكام قاد عمر السارق الذي كذب علىل ربله تعلاىل
عرشين درة أو ثالثني درة شك الراوي.
(خرب) وروي أن قوم ًا امتنعوا من بيع دروهم ليلعلهلا املسللمون يف احللرم لتوسليعه
فلعل عمر بن افطاب أثامرا يف بيت املال ومل ينكر عليه أحد من القحابة ،وكان ذلك يف
وفارهتم.
(خرب) وروي أن عمر بن افطاب ألزم الناس يف وقته املبايعة بدينار وقطعه من جللود
اإلبل ملا صعب عليه حرب األكاية ورأى املسلمون ذلك صالح ًا فقال يف ذلك أبو متام:
جلودها النقد حتى عزت الذهب مل ينتدب عمر لإلبل جيعل ملن
وروي أن قين العابدين عيل بن احلسني عليه السالم أشار عىل عبدامللك بن مروان أن
يمنع املسلمني من املبايعة بنقود املرشكني يف دار اإلسالم والققة أنه كان حيمل القرطاس
إىل الروم وكان يكتب عليه ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل فشق ذلك علىل صلاحب اللروم
فكتب إىل عبدامللك :إما تزيلوا ملا يكتبلون علىل القرطلاس أو يلتتيكم علىل اللدرهم ملا
تكرهون فتحري به عبدامللك واستحرض عيل بن احلسني واستشلاره فيله فقلال عليل عليله
السالم :حرم التبايع إال بام يرض به من الدراهم مباح ًا لكلن أملر عليله عليل بلن احلسلني
الدرهم وأمر أن يكتب عليه[}... { :اإلخال ]1::إىل آخر السورة.
قال املؤيد باهلل عليه السالم :وكان التبايع بتللك اللدراهم مباحل ًا لكلن أملر عليل بلن
احلسني باملنع منه لرضب من القال ،وهو أن ال يشيع يف املسللمني ملا يكرهونله ،قلال:
وذكر حييى عليه السالم يف (األحكام) يف باب الرصف أن عبدامللك بلن ملروان أول ملن
رضب الدراهم يف اإلسالم.
(خرب) وروى عبداهلل بن عمري األشلعي أنه سمع النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
يقول(( :إذا خرج عليكم خارج يريد أن يشق عقا املسلمني ويفرق مجعهم فلاقتلوه)) ملا
-557-
استثنى أحد ًا ،ذكره يف كتاب (االستيعاب) البن عبدالرب وهو لنا سامع ،دل ذلك عىل أنله
جيوق قتله من دون اشًا اإلمام.
(خرب) ويف احلديث يف الضالة إذا كتمها آخذها قال :فيها قرينتها مثلها ،ذكره يف كتاب
ال ُعرنيني وهو لنا سامع.
قال أبو عبيدة :معناه الرجل جيد ضالة من احليوان فيكتمها وال ينشلدها حتلى توجلد
عنده فإن صاحبها يتخذها ويتخذ أيض ًا مثلها منه ،وهذا علىل وجله التتديلب لله حلني مل
يعرفها ،وأقول :إن هذا يدل عىل أنه جيوق عقوبته بمثل ما كتمه لوالة احلق وأئملة العلدل
ومن جرى جمراهم ،كام تقدم مثل ذلك يف مانعي الزكاة.
-558-
ذلك قيل له :ابدأ بنفسك ،قال :ال ،بل أبدأ بعم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم ثلم
األقرب فاألقرب منهم برسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعطى القحابة عىل حسب
ما يعتقده يف فضلهم ،وأنزهلم مناقهلم يف الفضل عنده ،ورتبهم عىل ذلك فبدأ بتهلل بلدر
ففرض لكل واحد منهم مخسة آالف مخسة آالف وقيل :فرض للعبلاس مخسلة وعرشلين
ألف ًا ،وقيل :اثنى عرش ألف ًا ،وأدخل يف أهل بدر أربعة ليسوا من أهلل بلدر وهلم احلسلن
واحلسني وأبو ذر وسلامن ريض اهلل عنهم ،ثم فرض ملن بعد أهل بلدر إلياحلديبيلة أربعلة
آالف أربعة آالف ،ثم ملن بعد احلديبية إىل أن أقلع أبو بكر ملن حلرب أهلل اللردة ثالثلة
آالف ثالثة آال ف يف ذلك من شهد الفتح ،ثم فرض ألهل القادسية والريمو ألفني ألفني
لكل واحد ،ثم فرض ألهل البالء البارع منهم ألفني ومخسامئة لكل واحد ملن اللروادف
ال ُّثنى الثاين مخسامئة مخسامئة ثم الروادف الثلث ثالثامئة سوى كل طبقلة يف العطلاء لليس
بينهم تفاضل قوهيم وضعيفهم وعرهبم وعلمهم ،ثم الروادف الربع فرض لكل واحلد
منهم مخسني ومائتني ،ثم الروادف افمس فرض لكل واحد منهم مائتني وهم أهل ُعلر،
فتما النساء ففرض لنساء بدر مخسامئة مخسامئة وبعلد بلدر إىل احلديبيلة أربعامئلة أربعامئلة،
سوى بني النسلاء بعلدوبعد ذلك إىل ثالثامئة ثالثامئة ،ثم نساء القادسية مائتني مائتني ،ثم ّ
ذلك وجعل القبيان من أهل بدر وغريهم سواء عىل مائة مائة ،ثم دعا ستني مسكين ًا ثلم
أطعمهم خبز ًا بملح وأحقوا ما أكلوه فوجدوه خيرج من جلر ْي َبني ففلرض لكلل مسللم
يقزوم باألمر له ولعياله لكل إنسان منهم جريبني مسلمهم وكافرهم يف كلل شلهر ،فتملا
نساء النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ففرض لكل واحدة عرشة آالف عرشة آالف إال من
أجري عليه امللك فقلن نسوة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم :ما كان رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم يفضلنا عليهن لكن يسوي بيننا وبيلنهن فلعلهلن علىل عرشلة آالف
عرشة آالف.
(خرب) وروي أنه ملا انق أمر أهل اجلمل دخل أمري املؤمنني عيل عليه السلالم بيلت
املال فرأى فيه البدر من الذهب والفضة فقالَ :ص ْل مقيل صلقالك فلست ملن أشلكالك
-559-
ثم قسمه من وقته بني الناس بالسوية ،ثم رشه وقال :أشلهد َّ عنلد اهلل أين مل أدخلر علن
املسلمني شيأ ًا.
(خرب) وروي أن أبا بكر وعملر كانلا يفرقلان احلقلوق واألملوال بلني املسللمني وال
يدخران منها شيأ ًا كام كان يفعل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ،فللام وَّ علثامن بلن
عفان ا ّدخرها عن املسلمني فعدوا ذلك من مجلة أحداثه التي قتل ألجلها.
(خرب) وروي أن عمران بن حقني بعثه بعض األمراء عىل القدقة فلام رجع قال لله:
أين املال؟ قال :أو للامل أرسلتني أخذناها من حيث كنا نتخذها عىل عهد رسول اهلل صىل
اهلل عليه وآله وسلم ووضعناها حيث كنا نضعها عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله
وسلم فنبه بذلك عىل أن التفرقة كانت عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم
حيث كان األخذ.
ال قال لعمر بن افطاب :لو ا ّدخرت شيأ ًا من أموال اهلل تعاىل لكلون إن
وروي أن رج ً
كان ،فقال له :هذه كلمة ألقاها الشيطان عىل قلبك وفيك وهي فتنة ملن بعدي بل أعدّ هلم
ما أعدّ اهلل ورسوله طاعة اهلل وطاعة رسوله فهام عدتنا التي هبا أفضينا إىل ما ترى.
(خرب) وذكر عند عمر بن افطاب يف أيامه حيل الكعبة وكثرته فقال قلوم :للو أخذتله
وجهزت به جيوش املسلمني كان أعظم لوجر وما تقنع الكعبة باحليل فهم عمر وسلتل ّ
عنه علي ًا أمري املؤمنني فقال عيل عليه السالم :إن القرآن نزل عىل النبي صىل اهلل عليه وآلله
وسلم واألموال أربعة أموال املسلمني فقسمها بني الورثة يف الفرائض وألقى قسلمة علىل
مستحقه وافمس فوضعه اهلل حيث وضعه والقدقات فلعلها اهلل حيث جعلهلا وكلان
ٍ
يومأذ فًكه اهلل عىل حاله ومل يًكه نسليان ًا ومل خيلف عليله مكانله فلتقره حيل الكعبة فيها
حيث أقره اهلل سبحانه ورسوله ،فقال عمر :لوال الفتضحنا ،وتر احليل عىل حاله ،دل
ذلك عىل أنه ال جيوق تناول حيل الكعبة لللهاد وإذا مل جيز إنفاقه فيه وهلو سلنام اللدين مل
جيز يف غريه من األمور املقتضية لإلنفاق وسائر حيل املساجد مقيسة عىل الكعبة بعلة كون
اجلميع مساجد ،فدل ذلك عىل حتريم اجلميع ،وهذا افرب نقلناه بلفظه ملن كتلاب (رل
-560-
البالغة) وهو لنا سامع وهو خرب قوي؛ ألن فيه إشارة إىل أنه اجتملع فيله رأي عليل عليله
السالم ورأي عمر ورأي من حرض من القحابة ومل ينقلل خالفله ،وكلان ذللك يف وفلاة
القحابة ريض اهلل عنهم ،وعدّ عمر بن افطاب أخذه فضيحة ويف ذلك كفاية.
فصل
وإذا قد ذكرنا طرفل ًا مملا يلدل علىل جلواق العقوبلة يف امللال واللنفس أخلذ ًا وانتفاعل ًا
واستهالك ًا وإتالف ًا من جهة الرشع فلنذكر مما يضلاهي ذللك ملن أقلوال علامئنلا علليهم
خرب اهلادي عليه السالم القرى ،وقطع النخيلل،
السالم وأفعاهلم فنقول وباهلل التوفيقّ :
والزرع ،واألعناب بنلران ،وقطع نخيل أمللح وأعنلاب علالف بحقلل صلعدة مللا أراد
اإلرضار بتهلها عقوبة هلم عىل تر انقيادهم ألحكام اهلل تعاىل ،وهكذا صنع السيد العلامل
عبداهلل بن احلسني احلافن عليه السالم فإنه صنع رصم بني احلامس من بني احلارث وأخذ
أمواهلم وبيوهتم ،وكان والي ًا ألخيه اهلادي إىل احلق ،وهكذا إبراهيم بن موسى بن جعفلر
خرب سد افانق بقعدة وكان عليه حظائر وبساتني مما جيل ويعظم.
ّ
قال املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليه السلالم :وكلان داعيلة حمملد بلن إبلراهيم بلن
إسامعيل بن إبراهيم بن احلسن بن احلسن بن عيل بن أيب طالب ريض اهلل علنهم أمجعلني،
وهكذا النارص لدين اهلل أمحد بن اهلادي عليهام السلالم أملر هبلدم منلاقل أهلل افطلا يف
نلران وقطع نخيلهم وأعناهبم وفعل ذلك بامل من هرب مع أهل افطلا ملن أصلحاهبم
وخرب أيض ًا بالد قدم وقطابه ونحوها ،وكذلك أمر هبدم حقن
وأخرب يف ذلك بنفسه ّ
عمران وما حوله وذلك باجلوف ،وهدم مناقل بني داعم وأحرقهلا وقطلع قرعهلم كلل
ذلك عقوبة عىل ما فعلوه من سفك الدماء املحرملة ،وأخلذ األملوال املحظلورة ،وتلر
االنقياد ألحكام اهلل تعاىل ،وهكذا املؤيد باهلل قال :ويقلوى عنلدي جلواق إحلراق اللدور
وهدمها إذا عادوا اإلمام ورأى ذلك صلالح ًا يعنلي علادى أربلاب اللديار اإلملام ورأى
حتريقها صالح ًا ،وهكذا اإلمام املتوكل عىل اهلل أمحد بن سليامن فإنه هدم درب عمرو بلن
-561-
وحرقه وأرب الزرايع عقوبة عىل ما فعله من خلراب درب
منيع السلامين وأصحابه بعيان ّ
الرشيف القاسم بن جعفر القاسمي فإرم أحرقوه وأخذوا ما كان فيه وأخرجوا حرائمله
بالنهار ،وكذلك فعل هذا اجليش غري مرة وهكذا اإلملام ملنقلور بلاهلل فعلل ذللك تلارة
باحلرب وتارة بتخذ املال من املخطأني ،وروي أن أهل عيان ذبحوا محار ًا أهليل ًا وطبخلوه
وأطعموه مع طعام بعض امللاهدين عاقبهم املنقور باهلل أحسلب أنله علاقبهم بتسلعامئة
درهم منقوري ،وملا بلغه أن مجاعة من أهلل املعلالة ملن آل قيلدان وآل خاللد بقلعدة
استدخلوا جبري ًا األحوري إىل بعض مناقهلم وهو جار هلم وساكن بينهم فقتلوه ،وقطعوا
أعضا َء ُه وطرحوه يف بعض احلشوش أمر بالشدة عليهم وبالعقوبة هلم بامل كثري.
روي َّ أنه عرشة آالف درهم وهذا اجلنس مما ال حيىص تعلداد وربلام يسلمح إيلراده،
والغرض التنبيه عىل بيان األحكام الرشعية وذكر ما يقع مع إثلارة الظلن يف تقلويب ملا
فعله هؤالء األئمة عليه السالم وقد ب ّينا األصول النبوية والسري القلحابية التلي سللكوا
منهاجها وقفوا أدراجها.
فصل
غريت أشياء.
(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال :لو ثنى َّ الوساد لقد ّ
قال املنقور باهلل :فدل عىل أنه كان يغ ي عىل أشياء يريلد تغيريهلا ةافلة تكثلري مجلع
العدو ،ودل ذلك عىل أن إلمام احلق أن يغ ي عىل أشياء ال يستطيع تغيريها إذا رأى ذلك
صالح ًا.
قال النارص للحق احلسن بن عيل :جيوق لإلمام أن يغ ي عىل ما علدى مظلامل افللق،
فتما عىل مظامل افلق فال جيوق قوالً واحد ًا.
(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه رى عن إقامة احلدود بترض العدو ،فقال عليل
عليه السالم :ال يقام عىل أحد حدّ بترض العدو ،دل ذلك عىل أنه ال ينبغي إقامة احللدود
-562-
ملا ال يؤمن من الفساد ،وذلك يتقور من وجهني:
أحدمها :أنه يتنف املحدود ألجل ما حلقه من احللدّ فيلحلق بالعلدو فيكثلر سلوادهم
ويعمر بالدهم ويكون أعرف بمكائد املسلمني من املرشكني فيدهلم عىل عوراهتم.
وثانيهام :أن يكون املحدود من قوم أهل قوة ينرصون اإلمام مح ّيلة وملروءة ال لللدين
فإذا حدّ صاحبهم أنفوا وغضبوا وفارقوا املحقني فنققوهم وقووا جنبلة الكلافرين ،ويف
احلديث(( :ال تغضبوا العرب فتكفر)) وهذا آخر ما أردنا إيراده يف هذا اجلزء ،ونحن نستل
اهلل رب العاملني أن جيعله لنا ذخرية يوم الدين وأن ال جيعله حلة علينا يوم جتد كل نفلس
ما عملت من خري حمرض ًا وما عملت من سوء تو ّد لو أن بينها وبينه أمد ًا بعيد ًا ،وأن جيعل
لنا برمحته يف آخر أعامرنا توفيق ًا وتسديد ًا ،وعقمة وتتييد ًا ،وأن ينفعنا وكافة أهل اإلسالم
بام ب ّيناه يف كتابنا هذا من أصول األحكام ،واحلمدهلل محد ًا مقرون ًا بالدوام ،عىل مجيع نعمله
اجلسام ،ومتام قسمه الوسام ،وصلواته عىل حممد خري األنام ،وعىل آله الربرة الكرام.
قال يف آخر الشفاء :تم ذلك بعون اهلل وكرمه وحسن صنيعه ،وعظيم منته ،فله احلملد
كثري ًا ،وأصيل وأسلم عىل سيدنا حممد وآله الطيبني من صحابته وقوجاتله واملتبعلني هللم
بإحسان من أمته ،وذلك بعد العرص يف يوم الثالث بعد العرص حادي عرشل ملن شلعبان
سنة 1063ه.
-563-
-564-