You are on page 1of 564

‫كتـــــــاب‬

‫شفاء األوام‬
‫يف أحاديث األحكام‬
‫للتمييز بني احلالل واحلرام‬

‫اجمللد الثالث‬

‫‪-1-‬‬
-2-
‫كتـــــاب الشفعة‬

‫واألصل يف ثبوهتا السنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما اإلمجاع فذلك ظاهر بني املسلمني‪ ،‬وأما السنة فاألخبار الكثرية ونذكر طرف ًا منها‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الرشيك شفيع والشفعة يف كلل‬
‫يشء)) رواه ابن عباس‪.‬‬

‫(خرب) وروى سعيد بن جبري‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله‬
‫قال‪(( :‬يف العبد شفعة ويف كل يشء))‪.‬‬
‫(خرب) وروى سعيد بن جبري‪ ،‬عن أنس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪:‬‬
‫((الشفعة يف الدار ويف الفرس ويف كل يشء))‪.‬‬
‫(خرب) وعن جابر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الشفعة يف كلل ك‬
‫وحائط))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده أنه قال‪(( :‬جار الدار أحق بالدار))‪.‬‬
‫قال اهلادي‪ :‬وكذلك عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬إذا بيعت الدار فاجلار‬
‫أحق هبا‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أن كل مبيع جتب فيه الشلفعة إذا كلان مشلًك ًا ملن دور‬
‫وعقار‪ ،‬وضياع‪ ،‬ومحام‪ ،‬ورحى وحيوان‪ ،‬وعروض‪ ،‬سواء كان مما حيتمل القسمة أو مما ال‬
‫حيتملها‪ ،‬وال أعرف فيه خالف ًا بني علامئنا عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اجلار أحلق بقلقبه)) دل ذللك‬

‫‪-3-‬‬
‫عىل ثبوت الشفعة يف كل يشء من البقاع بحق اجلوار‪ ،‬سواء كان املبيع مما ينقسم أو ال‪.‬‬

‫(خرب) ويدل عليه ما رواه عمرو بن الرشيد‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قلت‪ :‬يلا رسلول اهلل أرض‬
‫ليس ألحد فيها ك وال قسم إال اجلوار؟ قال‪(( :‬اجلار أحق بققبه)) يزيده وضوح ًا‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن سعد ًا عرض بيت ًا له عىل جار له فقال‪ :‬لوال أين سمعت رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬اجلار أحق بققبه)) ملا بعت منك‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق أن أمري املؤمنني علي ًا عليه السالم قال‪ :‬إذا بيعلت اللدار‬
‫فاجلار أحق هبا إذا قامت عىل ثمن إن شاء إال أن يطيب عنها نفس ًا‪.‬‬

‫فصل‬

‫والرشيك يف األصل هو أوىل الشفعاء وهو إمجلاع‪ ،‬وال خلالف بلني القلائلني بثبلوت‬
‫الشفعة باجلوار أن الرشيك يف الرشب والرشيك يف الطريق مقدمان عىل اجلار‪ ،‬وأن اجللار‬
‫أبعد الشفعاء‪ ،‬وال خالف أن اجلار إذا مل يكلن مالققل ًا فلال شلفعة لله‪ ،‬وإنلام افلالف يف‬
‫الرشيك يف الرشب والرشيك يف الطريق أهيام أوىل؟ فعند اهلادي إىل احللق أن الرشليك يف‬
‫الرشب أوىل‪ ،‬وبه قال املؤيد باهلل (ريض اهلل عنه) وذلك ألنه أخص والرضر عليه أعظلم‪،‬‬
‫بداللة أن من كان له حق يف طريق فله أن يفتح الباب إىل أي موضع شاء‪ ،‬وأن يفتح إليهلا‬
‫ما شاء من األبواب إذا كانت الطريق مستوية غري منعرجة ومن كان ألرضه فوهلة رلر مل‬
‫جيز له أن يفتح فوهة أخرى إليه؛ ألن حق الرشيك يمنع منه فكان أخص فوجب أن يكون‬
‫أوىل‪ ،‬الفوهة ‪-‬بضم الفاء وفتح العني مشددة‪ -‬فم النهر والزقاق‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اإلسلالم يعللو وال يعلىل)) دل‬
‫ذلك عىل أنه ال شفعة لليهودي وال للنرصاين يف كل مرص مرصله املسللمون ال لبعضلهم‬
‫عىل بعض وال هلم عىل املسلمني‪ ،‬يزيده وضوح ًا قول اهلل تعلاىل‪  {:‬‬

‫‪[}      ‬التوبة‪.]40:‬‬

‫‪-4-‬‬
‫(خرب) وعن أنس قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال شفعة لليهلودي‬
‫وال للنرصاين)) وهذا نص عىل ما ذكرناه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اجلار أحق بشفعته ينتظر هبا وإن‬
‫كان غائب ًا)) دل ذلك عىل أن الغيبة ال تبطلها‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫باب كيفية أخذ الشفيع‬
‫ملا استحق فيه الشفعة من املبيع إذا ثبتت الشفعة للشفيع مل جيز له أخذه من يد املشًي‬
‫إال برضاه أو بحكم احلاكم‪ ،‬ذكره السيد الناطق باحلق ملذهب اهلادي إىل احللق‪ ،‬وبله قلال‬
‫املؤيد باهلل‪ ،‬فإذا حكم به احلاكم فله أخذه من يد من جيده يف يده بيع ًا كان أو مشًي ًا‪ ،‬وهو‬
‫مما ال نعرف فيه خالف بني علامئنا عليهم السالم‪ ،‬أعني أن له أخذه بعد حكم احلاكم‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫باب ما يبطل الشفعة‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الشفعة نشطة كنشطة عقلال إن‬
‫قيدت ثبتت وإن تركت فاللوم عىل من تركها))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الشفعة ملن واثبها)) دل ذلك علىل أن‬
‫طلبها عىل الفور‪ ،‬واختلف العلامء هل يعترب فيهلا امللللس أم ال فحقلل النلاطق بلاحلق‬
‫ملذهب حييى أن املللس معترب فإذا حرض الشفيع عند العقد وقام عن املللس من غلري أن‬
‫يطلبها من دون مانع بطلت شفعته‪ ،‬وعند املؤيد باهلل أنه ال اعتبار باملللس‪ ،‬وما تقدم يدل‬
‫عىل هذا القول‪.‬‬

‫قال أبو العباس‪ :‬فإن طالب بلسانه ومل يرافعه إىل احلاكم بطلت شفعته يعني إذا مل يكن‬
‫هنا مانع‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن رج ً‬
‫ال قال له‪ :‬عبدي هذا‬
‫تزوج بغري أمري‪ ،‬فقال له عليه السالم‪ :‬فرق بينهام‪ ،‬فقال الرجل لعبده‪ :‬طلقها يا عدو اهلل‪،‬‬
‫فقال له عيل عليه السالم‪ :‬قد أجزت النكلا‪ ،،‬فلإن شلأت أهيلا العبلد فطللق وإن شلأت‬
‫فامسك‪ ،‬دل ذلك عىل أن الشفيع إذا تر طلب الشلفعة جهل ً‬
‫ال بلتن تلر طلبهلا يبطلهلا‬
‫بطلت شفعته؛ ألن موىل العبد مل يعلم ما يوجبه قوله من ثبوت النكا‪ ،،‬وعيل عليه السالم‬
‫مل يعترب جهله بذلك‪ ،‬وعلق احلكم بقوله‪ :‬وكذلك الشفيع‪ ،‬واملعنلى أن كلل واحلد ملنهام‬
‫فعل ما جهل حكمه فلزمه حكمه‪ ،‬وعند اهلادي عليه السالم أن شفعته ال تبطل‪ ،‬واملراد به‬
‫إذا كان قريب العهد باإلسالم بتن يكون منتق ً‬
‫ال من دار احلرب فإرا ال تبطل شفعته‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬قد ذكره أصحاب الشافعي يف تعاليقهم وهذا ال يبعد عىل أصلنا‬
‫يعني أصل اهلادي إىل احلق عليه السالم‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
-8-
‫كتـاب اإلجــارة‬

‫األصل يف صحتها الكتاب والسنة وإمجاع العًة عليهم السالم‪.‬‬

‫‪[}   ‬الطالق‪ ]6:‬وقوله علز‬ ‫أما الكتاب فقول اهلل تعاىل‪{:‬‬

‫قائللل حكايللة عللن موسللى عليلله السللالم أنلله قللال لقللاحبه‪   {:‬‬

‫‪[}‬الكهف‪ ]77:‬وقوله تعاىل حاكي ًا عن ابنة شعيب عليه السالم‪   { :‬‬

‫‪[}    ‬القصص‪ ]26:‬وقوله تعاىل حكاية عن شعيب عليه السالم‬
‫أنه قال ملوسى عليه السالم‪          { :‬‬

‫‪[}      ‬القصص‪ ،]27:‬وقوله تعاىل حكاية عن يوسف عليله‬
‫‪[}      ‬يوسف‪.]72:‬‬ ‫السالم‪{:‬‬

‫قيل يف التفسري‪ :‬وهذا يكون عىل سبيل األجرة‪ ،‬دلت هذه اآليات علىل أن االسلتألار‬
‫كان يف كائعهم‪ ،‬وكذلك هو ثابت يف كيعتنا عىل ما نبينه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وأما السنة (خرب) فروى أبو هريرة‪ ،‬عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪:‬‬
‫((أعطوا األجري أجره قبل أن جيف عرقه)) وروي‪(( :‬قبل أن جيف رشحه))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬ملن اسلتتجر‬
‫أجري ًا فليعلمه أجره))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يقول لكم ربكم ثالثة أنلا خقلمهم‬
‫رجل باع حر ًا وأكل ثمنه‪ ،‬ورجل استتجر أجري ًا فلام وفاه عمله مل يوف أجرته‪ ،‬ومن أعطى‬
‫صفقة يده ثم غدر))‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫ال هاديل ًا‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا أراد اهللرة اسلتتجر رجل ً‬
‫خريت ًا فتخذ به صىل اهلل عليه وآله وسلم وبتيب بكر عىل طريق السلاحل‪ ،‬افريلت اللدليل‬
‫املاهر؛ ألنه يشق املفاقة‪ ،‬قال‪ :‬وبلده يعيا هبا افريت‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم اشلًى ياويلل وثلم وقان يلزن‬
‫باألجرة فدفع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم الثمن فقال‪(( :‬قن وارجح))‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم احلتلم واعطلى احلللام‬
‫أجرته‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬أمرين فتعطيته صاع ًا من متر‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم احتلم فتمر للحلام بقلاع ملن‬
‫متر‪.‬‬

‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إن كان دواء يبلل اللداء فاحللاملة‬
‫تبلغه))‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه بني علامء العًة عليهم السالم وهو قلول مجلاهري‬
‫علامء اإلسالم‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪[}  {:‬المائدة‪.]1:‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املؤمنلون عنلد كوطهلم)) دل‬
‫عىل أن اإلجارة القحيحة ال جيوق نقضها لغري عذر سواء كان قد وفر األجرة أم ال‪ ،‬وهو‬
‫إمجاع علامئنا فيام أعلم وال إشكال يف جواق فسخها للعذر‪.‬‬

‫‪-10-‬‬
‫باب في الرقية وأخذ األجرة على تعليم القرآن وعلى الرقية به‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اقرؤوا القلرآن وال تغللوا فيله‪،‬‬
‫وال جتفوا عنه‪ ،‬وال تتكلوا به وال تستكثروا به)) وقولله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬ال‬
‫تغلوا)) أي ال جتاوقوا احلد‪ ،‬وقوله‪(( :‬ال جتفوا عنه)) أي ال تًكوا قراءته‪ ،‬وجيوق أن يكون‬
‫نقيض الرب توسع ًا أي جفاه بً قراءته‪.‬‬

‫(خرب) وعن عبادة بن القامت قال‪ :‬كنت أعلم أهل القفة القرآن فتهلدى إَّ رجلل‬
‫منهم قوس ًا فذكرت ذلك لرسول اهلل فقال‪(( :‬إن أردت أن يطوقك اهلل هبا طوقل ًا ملن نلار‬
‫فاقبلها))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عليه السالم أن رجل ً‬
‫ال قلال لله‪ :‬إين ألحبلك يف اهلل‪ ،‬قلال عليل‪ :‬إين‬
‫ألبغضك يف اهلل‪ ،‬قال‪ :‬م‬
‫وملَ؟ قال‪ :‬ألنك تتغنى يف أذانك‪ ،‬وتتخذ عىل تعليم القلرآن أجلر ًا‪،‬‬
‫وقد سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬من أخذ عىل تعليم القرآن أجر ًا‬
‫كان حظه يوم القيامة))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم قال‪ :‬بلغنا عن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬علن‬
‫عيل عليه السالم قال‪ :‬كان رجل من األنقار يعلم القرآن يف مسلد رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فتتاه رجل ممن كان يعلمه بفرس فقال‪ :‬هذا لك أمحلك عليه يف سبيل اهلل‪،‬‬
‫فتتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فستله عن ذلك فقال له رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬أحتب أن يكون حظك غد ًا؟)) فقال‪ :‬ال واهلل‪ ،‬قال‪(( :‬فاررده)) دلت هذه األخبار‬
‫عىل أنه ال جيوق أخذ األجرة عىل تعليم القرآن‪ ،‬وهو مذهب اهلادي إىل احلق‪ ،‬واملؤيد باهلل‪،‬‬
‫وأهل القفة قهاد كانوا عىل ُصفة املسلد‪ ،‬وداوموا القالة مجاعة مع النبي صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪ ،‬وذهب القاسم بن إبراهيم إىل القول بلواق أخذ األجرة عىل تعلليم القلران‪،‬‬
‫وجه قوله‪.‬‬

‫‪-11-‬‬
‫(خرب) أيب سعيد افدري وهو أن يية لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم خرجلت‬
‫فمرت بحي من العرب فنزلت هبم فلدغ سيدهم فقلالوا‪ :‬هلل فليكم ملن يرقلي؟ فرقلاه‬
‫بعضهم بفاحتة الكتاب فعويف فتعطوه ثالثني شاة‪ ،‬فلام قدموا عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم أخلربوه افلرب فقلال‪(( :‬ارضبلوا َّ معكلم بسلهم)) وهلذا افلرب قلد رواه يف‬
‫(األحكام) عن جده القاسم عليهم السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة قال‪ :‬جاءت امرأة إىل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫فعرضت نفسها عليه فقال‪(( :‬اجليس بار اهلل فيك‪ ،‬أما نحن فال حاجة لنلا فيلك ولكلن‬
‫متلكينا أمر )) قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فنظر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف وجوه القوم فدعا‬
‫رج ً‬
‫ال منهم فقال له‪ :‬إين أريد أن أقوجك إن رضيت فقال‪ :‬ما رضيت َّ يا رسول اهلل فقد‬
‫رضيت‪ ،‬ثم قال للرجل‪(( :‬هل عند ملن يشء))؟ فقلال‪ :‬ال واهلل‪ ،‬فقلال‪ :‬ملا حتفلن ملن‬
‫القرآن؟ قال‪ :‬سورة البقرة والتي تليها‪ ،‬قال‪(( :‬قم فعلمها عرشين آية وهي امرأتك))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ملا ستله عم خارجة بلن القللت علن‬
‫رجل أتى به إليه فرقاه ثالثة أيام غدوة وعشية يقرأ عليه فاحتة الكتلاب وجيملع بزاقله ثلم‬
‫يتفل فتعطوه جعالً‪ ،‬فستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬كل ولعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو سعيد أن أناس ًا من أصحاب النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أتو حيل ًا‬
‫من أحياء العرب فلم يقروهم فبينام هم كذلك إذ لدغ سيد أولأك فقالوا‪ :‬هل فليكم ملن‬
‫راق؟ فقالوا‪ :‬مل تقرونا فال نفعل‪ ،‬أو جتعلوا لنا جع ً‬
‫ال فلعلوا هلم قطيع شاء فلعلل رجلل‬
‫يقرأ بتم القرآن وجيمع ريقه فيتفل فيربأ الرجل فتتوهم بالشاء‪ ،‬فقلالوا‪ :‬ال نتخلذها حتلى‬
‫نستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فستلوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فضحك‬
‫فقال‪(( :‬ما أدرا أرا رقية خذوها وارضبوا َّ فيها بسهم)) فدل ذلك عىل صلحة ملذهب‬
‫القاسم بن إبراهيم‪ ،‬واألخبار الدالة عىل حتريم أخلذ األجلرة علىل تعلليم القلرآن أقلوى‬
‫واملقري إليها أوىل‪.‬‬

‫‪-12-‬‬
‫فصل‬

‫ويف الرقية أيض ًا (خرب) وعن عائشة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم كلان إذا‬
‫اشتكى يقرأ عىل نفسه باملعوذات وينفث فلام اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده‬
‫رجاء بركتها‪ ،‬ذكره يف البخاري‪ ،‬وفيه‪.‬‬

‫(خرب) وعن عائشة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا أوى إىل فراشه مجع كفيه‬
‫ثم يقرأ فيهام‪[}   { :‬اإلخالال‪،]1::‬و‪[}   {:‬الفلال‪ ]1::‬و‪{:‬‬

‫‪[}  ‬النالا‪ ،]1::‬ثم يمسح هبام ما استطاع ملن جسلده يبلدأ هبلام علىل رأسله‬
‫ووجهه وما أقبل من جسد يفعل ذلك ثالث مرات‪.‬‬

‫فصل في كيفية قراءته صلى هللا عليه وآله وسلم‬

‫منه أيض ًا (خرب) وعن أنس بن مالك ملا ستله أبو قتادة عن قراءة النبلي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم فقال‪ :‬كان يمد مد ًا‪ ،‬ويف خرب آخر منله أيضل ًا كانلت قراءتله إذا قلرأ بسلم اهلل‬
‫الرمحن الرحيم يمد بسم اهلل ويمد بالرمحن ويمد بالرحيم‪ ،‬قال‪ :‬ويف قوله تعاىل‪{:‬‬

‫‪[}     ‬اإلسراء‪ ،]106:‬يفرق‪ :‬يفقل‪.‬‬


‫قال ابن عباس‪ :‬فرقناه‪ :‬فقلناه‪.‬‬
‫(خرب) منه أيض ًا عن عبد اهلل بن املغفل رأيت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وهو عىل‬
‫ناقته أو مجله وهو يسري ويقرأ عىل راحلته بسورة الفتح أو من الفتح قراءة لينة وهو يرجع‬
‫ذلك‪.‬‬
‫(خرب) منه وعن ابن عمر عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬إن هلذا‬
‫القرآن أنزل عىل سبعة أحرف فاقرؤوا بام تيرس منه))‪.‬‬

‫(خرب) وكان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يتعوذ من اجلان ومن علني اإلنلس حتلى‬

‫‪-13-‬‬
‫نزلت املعوذتان فلام نزال أخذ هبام وتر ما سوامها‪.‬‬

‫فصل في الوضوء من العين‬

‫(خرب) عن سهل بن حنيف أنه اغتسل وكان رج ً‬


‫ال أبيض حسن اجللد فلرآه علامر بلن‬
‫رأيت كاليوم وال جلد علذارء‪ ،‬ويف خلرب وال جللد ةبلتة فوعلك‬
‫ربيعة فتعلبه فقال‪ :‬ما ُ‬
‫سهيل وأعلم بذلك رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقيل‪ :‬إنه ما يرفع رأسله‪ ،‬فقلال‪:‬‬
‫هل تتهمون أحد ًا؟ فقالوا‪ :‬نتهم عامر بن ربيعة‪ ،‬فدعا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫عامر ًا فتغين عليه وقال‪(( :‬عالم يقتل أحدكم أخاه أال بركت اغتسل)) فغسل عامر وجهه‬
‫ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إقاره يف قد‪ ،‬ثم صب عليه فلرا‪ ،‬سلهل‬
‫مع الناس ليس به بتس‪ ،‬دل ذلك عىل أن العني حق‪ ،‬وعىل أن اللدواء هلو ملا فعلله بلتمر‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فينبغي فعل ذلك عند وقوع العني‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن العني لتدخل الرجلل القلرب‬
‫واجلمل القدر)) وعندنا أن العائن إذا أعلبه اليشء ودخل يف عينه غريه اهلل تعاىل ليعترب به‬
‫وليعن املعيون ال أن عينه هي التي قتلته‪.‬‬

‫باب آخر في اإلجارة‬


‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان يسقي ملرأة هيودية كل دلو بتملرة‪ ،‬فلدل ذللك‬
‫عىل أنه جيوق للمسلم أن يؤجر نفسه من الكافر‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر بن عبداهلل قال‪ :‬سافرت مع رسول اهلل فاشًى مني بعري ًا ومحلنلي‬
‫عليه إىل املدينة‪ ،‬وكان يسوقه وأنا راكبه وإنه ليرضبه بالعقا‪ ،‬دل ذلك علىل جلواق رضب‬
‫البهيمة والدابة عند الركوب‪ ،‬وألنه ال يتوصل إىل استيفاء املنفعة إىل بلذلك‪ ،‬فللاق فعلله‬

‫‪-14-‬‬
‫ويدخل يف ذلك رضب العوامل إذا مل حتلرث إال بالرضلب‪ ،‬ورضب العبلد واألملة إذا مل‬
‫خيدما بام يقدران عليه مما جرت به عادة املسلمني يف ذلك بعلة أنه ال يمكن استيفاء املنفعة‬
‫إال به‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لعن اهلل الرايش واملرتيشل)) دل‬
‫عىل حتريم االرتشاء عىل احلكم وهلو إمجلاع‪ ،‬وقلد قلال تعلاىل‪   {:‬‬

‫‪[}‬البقالرة‪ ،]188:‬وألنه ال خيلو أن يتخذه ليحكم باحلق أو لليظلم أحلد افقلمني‬


‫فاألول ال جيوق؛ ألنه قد أخذ أجر ًا عىل ماتعني وجوب القيام به فيلري جمرى األجرة عىل‬
‫القيام والقالة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬ال جيوق؛ ألنه قد مجع بني قبيحني حمظورين‪ :‬أحدمها‪ :‬أخذ الرشلوة‪ ،‬والثلاين‪:‬‬
‫ظلم الغري وهو ال جيوق ملا يشهد له الكتاب والسنة واإلمجاع وهو ظاهر‪.‬‬

‫(خرب) وعن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كان يرقق كحي ًا رقق ًا فدل عىل أنه جيلوق أن‬
‫يرقق احلاكم من بيت املال وهو إمجاع العًة وبه قال مجاهري العلامء‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن كسب احلللام وهلو حمملول‬
‫عىل احلث عىل االكتساب بالقناعات النظيفة دون الدنية بداللة افرب املتقدم‪.‬‬
‫(خرب) ومما روي أنه حني سأل عنله قلال‪(( :‬أطعمله عبلد ونواضلحك)) فلدل علىل‬
‫جواقه‪ ،‬ولو كان حرام ًا ملا أمر بإطعامه‪ ،‬والناضح‪-‬بالنون واحللاء غلري معلملة والضلاد‬
‫معلمة‪ :-‬واحد النواضح التي يسنى عليها‪.‬‬
‫(خرب) ورى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أجرة البغي‪ ،‬وحلوان الكلاهن‪ ،‬فلدل‬
‫ذلك عىل حتريمه‪ ،‬وألنه من أكل أموال الناس بالباطل وقد رلى اهلل تعلاىل عنله يف كتابله‪،‬‬
‫والكاهن واحد الكهنة‪ ،‬واحللوان ‪-‬بضم احلاء غري معلمة‪ :-‬ما يتخذه الرجل ملن مهلر‬
‫ابنته لنفسه‪ ،‬وكانت العرب تعري به‪.‬‬
‫(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن ثمن عسلب الفحلل‪ ،‬دل ذللك‬

‫‪-15-‬‬
‫عىل حتريمه‪ ،‬وألنه عوض عىل ما ال قيمة له وهو ماء الفحل فلم جيز‪ ،‬دليله امليتلة واللدم‪،‬‬
‫عسب الفحل كراه عىل الرضاب‪ ،‬وقيل‪ :‬إن العسب الرضاب نفسه فسلمي الكلرى عليله‬
‫عسب ًا به‪ ،‬وقيل‪ :‬العسب ماء الفحل‪ ،‬يقال‪ :‬قطع اهلل عسبه أي ماءه ونسله وهلو عسلب ‪-‬‬
‫بالعني مفتوحة غري معلمة والسني غري معلمة والباء معلمة بواحدة من أسفل‪.-‬‬

‫(خرب) وعن القادق جعفر بن حممد الباقر‪ ،‬علن عليل عليله السلالم أن كلان يضلمن‬
‫القناع والقواغ وقال‪ :‬ال يقلح الناس إال ذلك‪.‬‬
‫ُّ‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان يضمن األجري املشً ويقول‪ :‬ال يقللح‬
‫الناس إال هذا‪ ،‬والقول بضامن األجري املشً هو قول مجيلع عللامء أهلل البيلت علليهم‬
‫السالم وقوله‪ :‬ال يقلح الناس إال هذا ال جيوق أن يريد بله ال يقللحهم يف دنيلاهم إذ ال‬
‫خالف يف أن تضمني الغري ماالً للغري لينتفع به ذلك الغري حتلى ال يكلون إللزامله ذللك‬
‫جتوق أن يفعلوا ذللك فللم‬
‫الغري واجب‪ ،‬وجه إال أن الغري ينتفع به ال جيوق‪ ،‬فإن األئمة ال ّ‬
‫ي بق إال أرم ال يقلحهم يف ديلنهم إال تضلمني األجلري املشلً واملقلالح يف اللدين ال‬
‫يعلمها عيل عليه السالم إال بإعالم الرسول صىل اهلل عليه وآله وسللم فيللب أن يكلون‬
‫ذلك مسموع ًا عنه‪ ،‬وال يعلمها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إال بلإعالم اهلل تعلاىل‬
‫له‪ ،‬فثبت بذلك تضمني األجري املشً ‪.‬‬
‫(خرب) فتما ما روي عن عيل عليه السالم أنه كان ال يضمن فينبغي أن حيملل علىل ملا‬
‫ذهب بتمر غالب؛ ألن خربنا مثبت وهذا ناف فكان خربنا باملقري إليه أوىل‪.‬‬

‫‪-16-‬‬
-17-
‫كتـاب املزارعـة‬

‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم رى عن املخابرة‪.‬‬
‫(خرب) وعن جابر وغريه أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن املزارعة بالثلث أو‬
‫الربع‪.‬‬

‫(خرب) وعن جابر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من مل يذر املخابرة فليلتذن‬
‫بحرب من اهلل ورسوله))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عمر قال‪ :‬كنا نخابر ومل نر بذلك بتسل ًا حتلى أخلرب رافلع بلن خلدي أن‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن املخابرة فًكناها‪.‬‬
‫(خرب) وعن رافع بن خدي قال‪ :‬كنا نخابر عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فذكر أن بعض عمومته أتاه فقال‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أمر‬
‫كان لنا نافع ًا وطاعة اهلل ورسوله أنفع لنا وأنفع‪ ،‬قال‪ :‬قلنا‪ :‬وما ذلك؟ قلال‪ :‬قلال رسلول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من كانت له أرض فليزرعها وال يكرها بثلث وال ربع وال‬
‫بطعام مسمى)) دلت هذه األخبار عىل أحكام‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬وقوع املخابرة عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم كلام تقلدم يف‬
‫بعضها‪ ،‬وكام روي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم عامل أهل خيرب عىل شطر ما خيلرج منهلا‬
‫من متر وقرع‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬وقوع النسخ بام تقدم حتقيقه من النهي عن املخابرة والوعيد عىل فعلها‪ ،‬فلدل‬

‫‪-18-‬‬
‫ذلك عىل قبحها؛ ألن احلكيم ال ينهى إال عن القبيح‪.‬‬

‫وثالثها‪ :‬أن املزارعة حتت مسمى معلوم من افارج يف املستقبل يف األرض املزروعة ال‬
‫تقح ملا ال يؤمن من فساد الزرع‪ ،‬فتما إذا أجرهلا بطعلام معللوم يف الذملة صلح ذللك‪،‬‬
‫وكذلك إذا جعله بطعام مسمى حارض صح‪ ،‬وال نعلم فيه خالف ًا‪ ،‬واملخابرة ملتخوذة مملا‬
‫جرى بخيرب من معاملة أهلها عىل شطر افارج من األرض‪ ،‬يقال‪ :‬خابر بمعنى أنه فعل ما‬
‫فعله النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بخيرب‪ ،‬ثم صارت املخابرة مستعملة كام يقال‪ :‬أعلرق‬
‫الرجل من العراق وأنلد من نلد‪ ،‬وأهتم من هتامة وكذلك املساقاة؛ ألن كل واحد منهام‬
‫أعني املزارعة واملساقاة جيمعهام وجه النهي وهو أن يعامل عليها ببعض ما خيرج منهلا أي‬
‫من األرض فيكون املعقود عليه جزء ًا مملا ررجله األرض‪ ،‬وألن ملا جلرى بخيلرب كلان‬
‫ال عىل الزرع والثامر فلريا جمرى واحد ًا‪ ،‬واملزارعة القلحيحة أن يكلري صلاحب‬
‫مشتم ً‬
‫األرض نقف أرضه مشاع ًا من الزارع بتجرة معلومة يتفقان عليها‪ ،‬ثلم يسلتتجره بمثلل‬
‫تلك األجرة عىل قراعة نقف أرضه مشلاع ًا‪ ،‬ويكلون البلذر بيلنهام نقلفني‪ ،‬ويتقاصلان‬
‫باألجرة‪ ،‬وإن أراد أن تكون املزارعة بالثلث أو الربع أو أكثر أو أقل فهكذا يعمالن‪ ،‬نلص‬
‫اهلادي إىل احلق عليه السالم عىل هذا املعنى‪.‬‬

‫‪-19-‬‬
-20-
‫كتـاب املضاربـة‬

‫املضاربة‪ :‬أن يعطي الرجل آخر ماالً يتلر به عىل أن الربح بينهام‪ ،‬وأصلها من الرضب‬
‫يف األرض‪ ،‬واملضاربة‪ :‬امللالدة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم من طريق قيد بن عيل وغريه أنه قلال‬
‫يف املضارب يضيع عنه املال‪ :‬ال ضامن عليه‪ ،‬والربح علىل ملا اصلطلحا‪ ،‬والوضليعة علىل‬
‫صاحب املال‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا موسى دفع قراض ًا من مال املسلمني بالعراق إىل ولدي عمر عبلد‬
‫اهلل وعبيد اهلل بن افطاب فربحا فتراد عمر أن يتخذ الربح فقيلل لله‪ :‬للو جعلتله قراضل ًا‬
‫فلعل هلام نقف الربح‪ ،‬وموضع االستدالل منه أن عمر مل ينكر قوهلم لو جعلتله قراضل ًا‬
‫وال أحد من القحابة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عبد اهلل وعبيد اهلل ابني عمر بن افطاب خرجا يف جيش إىل العلراق‬
‫فلام قفال مرا عىل عامل لعمر فرحب هبام وسهل فقال‪ :‬لو أقدر لكام عىل أملر لفعللت ثلم‬
‫قال‪ :‬بىل هاهنا مال من مال اهلل أريد أن أبعث به إىل أمري املؤمنني فتسلفكام فتبتاعان به من‬
‫متاع العراق ثم تبيعانه يف املدينة فتوفيان رأس املال إىل أمري املؤمنني ويكون لكلام اللربح‪،‬‬
‫فقاال‪ :‬وددنا ففعل فكتب هلام إىل عمر يتخذ منهام املال قال‪ :‬فلام قدما املدينة وباعا وربحلا‬
‫قال عمر‪ :‬أكل اجليش قد أسلف كام أسلفكام؟ فقاال‪ :‬ال‪ .‬فقال عمر‪ :‬أبنلاء أملري امللؤمنني‬
‫فتسلفكام أديا املال وربحه فتما عبداهلل فسكت‪ ،‬وأما عبيداهلل فقال‪ :‬يلا أملري امللؤمنني للو‬
‫هلك املال ضمناه‪ ،‬فقال‪ :‬أدياه‪ ،‬فسكت عبداهلل وراجعه عبيد اهلل فقال رجل ملن جلسلاء‬

‫‪-21-‬‬
‫عمر‪ :‬يا أمري املؤمنني لو جعلته قراض ًا فتخذ رأس املال ونقف ربحه وأخذ عبداهلل وعبيد‬
‫اهلل نقف ربح املال‪ ،‬وما ذكره من لفن القراض هو املضلاربة بلغلة احلللاق‪ ،‬واملضلاربة‬
‫موضوعة للقراض بلغة العراق‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عثامن دفع ماالً إىل رجل وجعلله قراضل ًا‪ ،‬واألصلل يف صلحتها ملا‬
‫ذكرناه من هذه األخبار‪ ،‬وإمجاع القحابة (ريض اهلل عنهم)‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه دفع إىل رجل ماالً وجعلله قراضل ًا واسلتمر عملل‬
‫املسلمني به‪ ،‬وتفقيلها أن يدفع رجل إىل رجل ماالً نقد ًا ذهب ًا أو فضلة علىل أن يتللر بله‬
‫فيكون من صاحب املال النقد‪ ،‬ومن العامل الترصف والعمل بيده‪ ،‬ويكون اللربح بيلنهام‬
‫عىل ما يشًطان من نقف أو ربع والوضيعة عىل رأس املال‪ ،‬نلص علىل ملا ذكرنلاه ملن‬
‫يف‬ ‫التفقيل اهلادي عليه السالم يف اجلامعني إال ما ذكرناه ملن الوضليعة فإنله منقلو‬
‫(األحكام) دون (املنتخب) وال خالف فيام ذكرناه عىل اجلملة‪ ،‬والوضيعة ‪-‬بالضاد معلة‬
‫والياء معلمة باثنتني من أسفل والعني غري معلمة‪ :-‬افسارة‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل أمري املؤمنني عليه السالم أنله قلال يف رجلل‬
‫يموت وعنده مال مضاربة إن سامه بعينه قبل أن يموت فقال‪ :‬هلذا لفلالن فهلو لله‪ ،‬وإن‬
‫مات ومل يذكره فهو أسوة الغرماء‪ ،‬دل ذلك عىل أنه يتعني مال املضاربة بتعيينه‪ ،‬وعىل أنله‬
‫إذا مل يعينه ومات كان متعدي ًا بً الوصية فيكون كالدين يف ماله لذلك قال‪ :‬فهلو أسلوة‬
‫الغرماء‪.‬‬

‫‪-22-‬‬
-23-
‫كتاب الشركــة‬

‫اإلمجاع منعقد عىل جواق عقد الرشكة عىل اجلملة وعلىل أرلا تنقسلم قسلمني‪ :‬ككلة‬
‫‪[} ‬التوبالة‪ ]60:‬اآلية‪،‬‬ ‫األموال‪ ،‬وككة األبدان‪ ،‬فقد قال اهلل تعاىل‪{:‬‬

‫فلعل القدقات مشًكة بني هذه األصناف‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يد اهلل مع الرشيكني ملا مل‬
‫يتخاونا فإذا راونا حمقت جتارهتام))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪ :‬إذا فاوضلتم فتحسلنوا‬
‫املفاوضة فإن فيها أعظم اليمن وأعظم الربكة‪ ،‬وال راذلوا فإن املخاذلة من الشيطان)) دل‬
‫عىل ما ذكرناه من ذكر املفاوضة عىل جواق ككة املفاوضة‪ ،‬وهو مذهب اهلادي إىل احللق‪،‬‬
‫وبذلك قال قيد بن عيل عليه السالم‪ ،‬وتفسريها أن خيرج الرجالن اللذان يريدان عقلدها‬
‫عىل القحة مجيع مال كل منهام من النقد عين ًا كان أو ورق ًا ويكون ما يملكه أحدمها أصل‬
‫النقد مساوي ًا بام يملكه اآلخر وال يزيد ملك أحدمها بذلك علىل مللك اآلخلر ملن النقلد‬
‫بخالف العروض فال بتس يف قيادة ملك أحدمها له عىل اآلخر من النقد وخيلطان النقلد‪،‬‬
‫ويقول كل واحد منهام لخآخر‪ :‬شاركتك بامَّ والترصف بوجهي عىل أن يتللرا جمتمعلني‬
‫ومفًقني‪ ،‬ويترصف كل واحد منهام فيام يف يده وفيام يف يد صاحبه برأيه يف البيع والرشاء‪،‬‬
‫وما حيقل من الربح يكون بينهام نقفني‪ ،‬وما يتفلق ملن الوضليعة يكلون علليهام مجيعل ًا‬
‫نقللفني‪ ،‬وقللد دل عللىل ذلللك يف اجلملللة قللول اهلل تعللاىل‪   { :‬‬

‫‪[}‬المائدة‪ ،]1:‬وهي عقد فالوفاء هبا واجب‪.‬‬

‫‪-24-‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬املؤمنون عند كوطهم)) وقد اشلً‬
‫‪[}‬النساء‪.]128:‬‬ ‫ما مل يمنع منه الرشع فلزم الوفاء به‪ ،‬وقول اهلل تعاىل‪{:‬‬

‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬القلح جلائز بلني املسللمني)) وهلذه‬
‫الرشكة قد اصطلحا بينهام عليها فلاق ذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬هي متخوذة ملن املسلاواة التلي فيهلا‬
‫العقد‪ ،‬والبيع والرشاء‪ ،‬والربح وافسارة‪ ،‬دليله قول الشاعر‪:‬‬
‫ال يقلح الناس فوىض ال ياة هلم وال ياة إذا جهاهللم سلادوا‬

‫وقيل‪ :‬هي متخوذة من التفويض؛ ألن كل واحد ملنهام قلد فلوض كيكله يف حكلم‬
‫التلارة وال خالف يف اعتبار املساواة يف النقد بني القائلني هبا‪.‬‬

‫وأما افلط فاعتربه السيدان أبو العباس والناطق باحلق عىل مذهب حييى عليه السالم‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وال جيب أن يكون افلط كط ًا عىل أصل مذهب حييى عليه السالم‪.‬‬

‫فصل في شركة العنان‬

‫وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن رجلني كانا كيكني عىل عهلد‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فكان أحدمها مواظب ًا عىل السوق والتللارة واآلخلر‬
‫مواظب ًا عىل املسلد والقالة‪ ،‬فلام كان وقت قسمة الربح‪ ،‬قال‪ :‬صاحب السلوق فضللني‬
‫يف الربح فإين كنت مواظب ًا عىل التلارة‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنام كنلت‬
‫ترقق بمواظبة صاحبك عىل املسلد)) دل ذلك عىل جلواق ككلة العنلان وال خلالف يف‬
‫صحتها عىل اجلملة‪ ،‬وإنام افالف يف معنى االسم وبعض كوطها‪ ،‬ومل يزل املسلمون من‬
‫القدر األول يستعملون هذه الرشكة‪ ،‬وتفسريها أن يعقد الرجالن الرشيكان الرشكة عىل‬
‫أن يكون مال أحدمها مساوي ًا مال اآلخر أو قائلد ًا أو ناققل ًا عنله‪ ،‬ويكونلان مجيعل ًا نقلد ًا‬
‫فيتلران فيه‪ ،‬ويكون الربح بينهام علىل ملا يشلًطانه ملن النقلف أو األقلل أو األكثلر‪،‬‬
‫والوضيعة عىل قدر رأس املال‪ ،‬وجيوق أن يتفقا يف الربح ورأس املال ةتلف نحو أن يكون‬

‫‪-25-‬‬
‫ألحدمها مائة دينار واآلخر مخسون‪ ،‬والربح بينهام نقفان وال جيوق أن يتفقلا يف الوضليعة‬
‫ٍ‬
‫واحد منهام نقد مل يدخل يف الرشكة‬ ‫ورأس املال ةتلف‪ ،‬وجيوق أن يكون ألحدمها أو لكل‬
‫واختلفوا يف تسميتها‪ ،‬فعند علامئنا أرلا تسلمى ككلة عنلان ‪-‬بكرسل العلني وبفتحهلا‪-‬‬
‫فبكرسها متخوذة من عنان الفرس فإن الفارس يرصف الفرس كيف يشاء يمنيل ًا ويسلار ًا‬
‫بعنارا‪ ،‬كذلك يترصف الرشيك يف مال كيكه وهو مال الرشكة كيف يشاء‪ ،‬وأما بفتحها‬
‫فهو متخوذ من عن اليش إذا عرض وظهر ومنه قيل‪ :‬عنان السامء‪ ،‬وعند بعض القائلني هبا‬
‫ال تثبت هذه التسمية وإن كان يقول يف تفسريها بمثل قول علامئنا‪ ،‬وهذا خالف يف عبارة‬
‫مع اتفاقهم عىل املعنى فال اعتبار به‪.‬‬

‫‪-26-‬‬
‫باب في الشركة في األراضي وحقوقها‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال رضر وال رضار يف اإلسالم))‬

‫دل عىل أنه إذا كان لرجل بيت وفوقه بيت لرجل آخر فاردم البيت وأراد صاحب العللو‬
‫أن يبني بيته وامتنع صاحب السفل من بناء بيته حكم عليه ببنائه ليتمكن صلاحب العللو‬
‫من بناء علوه؛ ألن يف ذلك إقالة الرضر عنله‪ ،‬فلإن كلان صلاحب السلفل معرسل ًا أطللق‬
‫لقاحب العلو أن يبني السفل وأن يمنع صاحبه من االنتفاع به حتى يؤدي إليه ما غرم يف‬
‫بنائه؛ ألنه ال يمكن إقالة الرضر إال به‪ ،‬وقد نص اهلادي إىل احلق عىل هذا املعنى‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذا مما خالف فيه‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يمنع أحدكم جاره أن يغلرق‬
‫خشبة يف داره)) دل عىل أنه يستحب ذلك؛ ألنه من جنس اجلوار وهو مندوب إليه فكتنله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أراد اإلرشاد إىل مكارم األخالق‪.‬‬

‫ل يف سليل مهلزور ‪-‬بلالزاء‬ ‫(خرب) وعن أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ق‬
‫والراء‪ -‬بم َح ْب م‬
‫س املاء حتى يبل الكعبني ثم يرسل األعىل إىل األسفل‪ ،‬دل ذلك عىل أنله إذا‬
‫ل لقلاحب األعلىل أن‬ ‫كان جلامعة من الناس قرع ونخيل بعضها أسفل ملن بعلض ق‬
‫يمسك املاء إىل الرشاكني للزرع وإىل الكعبني للنخيل‪ ،‬ثم يرسل املاء إىل ما هو أسفل منله‬
‫حتى ينتهي املاء إىل آخر الضياع إن كلان كثلري ًا أو نقلص علن األسلفلني إن كلان قلليالً‪،‬‬
‫واألعىل فاألعىل أوىل باملاء إذا كان قلي ً‬
‫ال ذكره اهلادي إىل احلق عليه السالم‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬هذا ذكره عىل ما عرف من حاجلة تللك األرايض إىل امللاء‪ ،‬وعلىل ملا‬
‫جرت به عادة أهل تلك البالد‪ ،‬فإن كانت مزارع تكون حاجتها أكثر من هلذا التقلدير أو‬
‫أقل فالعمل عىل مقدار احلاجة‪.‬‬

‫‪-27-‬‬
‫(خرب) ملا رواه الزهري قال‪ :‬اختقم الزبري بن العوام ورجلل ملن األنقلار إىل النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يف كب ماء من واد كان يمر هبلم‪ ،‬وكانلت أرض اللزبري فلوق‬
‫أرض األنقاري‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يا قبري اسق أرضك فإذا أرويتها‬
‫فترسل املاء إىل أخيك)) فقال األنقاري‪ :‬يا رسول اهلل ال يمنعك وإن كان ابن عمتلك أن‬
‫حتكم بيننا باحلق‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يا قبري اسق أرضك ثلم أمسلك امللاء‬
‫حتى يبل املاء اجلذر‪ ،‬ثم أرسل املاء إىل أخيك)) دل عىل أنه كان صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫أمر الزبري يف األول بالتفضل واملواساة فلام تكلم الرجل بام تكلم به أمره بام أوجبله حملض‬
‫احلكم‪ ،‬وهذا إذا مل يكن اجلميع ككاء يف أصل املاء‪ ،‬وكلان حلق األسلافل يف القلبابات‬
‫دون أصل النهر فيختص أهل األعاَّ بام خيرج من مجيلع النهلر‪ ،‬ويكلون حلق أصلحاب‬
‫األسافل يف القبابات منه‪ ،‬فتما إذا كان لللميع يف أصل النهر حق وكان الكل فيه ككاء‬
‫من أصحاب األسافل وأصحاب األعاَّ فإنه جيب أن يقسم املاء بني اجلميع علىل مقلادير‬
‫حقوقهم قل املاء أو كثر ليكون النفع عائد ًا إىل اجلميع والرضر إن قل املاء الحق ًا باجلميع‪،‬‬
‫وإن كان املاء الذي هو النهر ملك ًا لقاحب السفل فليس لقاحب األعىل أن يسقي أرضه‬
‫من مائه بل جيب عليه أن يرسله إىل صاحب األسفل‪ ،‬وإذا كان طريقه يف أرض األعلىل مل‬
‫جيز له أن يمنعه من إساحته يف أرضه حتى يقل إليه‪.‬‬

‫‪-28-‬‬
-29-
‫كتـــــاب القسمة‬

‫واألصل يف صحتها وجواقها السنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قسم غنائم خيرب بلني أهلهلا‬
‫عىل ثامنية عرش سه ًام‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم غنائم بدر بني املسلمني بشعب يقلال‬
‫له‪ :‬القفراء‪ ،‬وقسم غنائم حنني بتوطاس‪ ،‬وقيل‪ :‬باجلعرانة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه كان ألمري املؤمنني عيل عليه السالم قسام يعرف بعبداهلل بن حييى‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فهو ظاهر عىل جواقها من لدن القحابة إىل يومنا هذا‪.‬‬

‫وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله كلان إذا أراد سلفر ًا أقلرع بلني نسلائه‬
‫فتخرج من ررج قرعتها معه منهن‪ ،‬دل ذلك عىل ثبوت القرعة يف هذا اجلنس‪ ،‬وعلىل أن‬
‫احلكم يتعلق هبا فيلب اعتبارها يف القسمة بني الرشكاء متى استوت األنقبا عىل مقلدار‬
‫احلقوق بينهم‪ ،‬وال ُق ْر َعة ‪-‬بضم القاف وسكون الراء وفتح العني غري معلمة‪ :-‬االسم من‬
‫املقارعة وهي املسامهة‪ ،‬يقال‪ :‬كانت له القرعة أي الغلب‪ ،‬وأجلرة القسلام اختللف فيهلا‬
‫العلامء َف َذ َهب السيد أبو العباس إىل أرا تكون عىل قدر األنقبا ال عدد اللرؤوس‪ ،‬وذكلر‬
‫السيد أبو طالب أن ذلك يكون عىل عدد الرؤوس ذكره ملذهب حييلى عليله السلالم‪ ،‬وال‬
‫يكون عىل من طلب القسمة من الرشكاء دون من مل يطلب‪ ،‬ذكلره السليد أمحلد األقرقلي‬
‫ملذهب حييى عليه السالم‪ ،‬وجيوق أن يقال‪ :‬إن القسام إن كان منقوب ًا من جهلة اإلملام أو‬
‫احلاكم من قبله كانت أجرته من بيت املال‪ ،‬ملا روي أن علي ًا عليله السلالم كلان لله قسلام‬

‫‪-30-‬‬
‫يرققه من بيت املال‪ ،‬فإن مل يكن يف بيت املال يشء وجب علىل الرشلكاء علىل حسلب ملا‬
‫قدمناه‪.‬‬
‫إذا اختلف الناس‬ ‫(خرب) وعن أيب هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق‬
‫يف الطريق أرا سبعة أذرع‪ ،‬دل ذلك عىل أن الطريق التي جتتاقها املحامل والعامريات فقد‬
‫قدر حييى عليه السالم أن تكون اثني عرش ذراع ًا‪ ،‬وأن يكون عرض الطريق التي هي دون‬
‫ذلك سبعة أذراع‪ ،‬وأن يكون عرض األققة التي ال منفذ هلا عىل عرض أوسع باب فيها‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وهذا التقدير إنام يكون عىل وجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن الشارع أو الطريق إذا كان حوله أرض موات فإنه يمنع من أراد إحياءهلا‬
‫من التعدي يف اإلحياء إىل جماوقة القدر املذكور‪ ،‬وجيب تر هذا القدر للطريق‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن تلتبس الطريق بامللك وال يتبني ذلك فريجع إىل هذا القلدر‪ ،‬فتملا إذا كلان‬
‫حد امللك معلوم ًا فالبد من تر الطريق عىل حاهلا ضيقة كانت أو واسعة‪ ،‬الطريلق يلذكر‬
‫ويؤنث واألغلب عليه التذكري‪.‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪( :‬خرب) وبذلك حكم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم يف‬
‫الطريق ذات املنافذ‪ ،‬والطريق التي ال منفذ هلا‪.‬‬
‫وأما الطرق الكبار التي جتتاقها املحامل والعامريات فلم يتت عن رسول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم تقدير فيها‪ ،‬وإنام قلنا هبذا من طريق االجتهاد‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله أملر بتنظيلف‬
‫العذرات وهي األفنية والسلاحات وأملر بقطلع الكنلف البلارقة إىل الطلرق والشلوارع‬
‫وحتويلها إىل داخل املناقل‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬نقوا عذراتكم فإن اليهود‬
‫أنتن الناس عذرات)) قال الشاعر‪:‬‬

‫‪-31-‬‬
‫قبا‪ ،‬الوجوه سيأي العلذرات‬ ‫لعمري لقد جربتكم فوجدتكلم‬

‫وسميت عذرات؛ ألرم كانوا يلقون العذرة يف أفنياهتم فسلميت علذرة‪ ،‬والعلذرات‬
‫مجع عذرة‪ ،‬ويف احلديث رى عن بيع العذرة وقد تقدم‪ ،‬وهذا يدل عىل أنله ال جيلوق إلقلاء‬
‫العذرات يف األفنية والساحات ملا يقع بله ملن أذى املسللمني واإلرضار هبلم‪ ،‬وقلد روى‬
‫اهلادي عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬ال رضر وال رضار يف‬
‫اإلسالم)) فدل عىل ما قلناه‪.‬‬

‫‪-32-‬‬
-33-
‫كتـــــاب الرهن‬

‫الرهن‪ :‬املرهون وأصله مقدر‪ ،‬يقال‪ :‬رهن رهنل ًا واجلملع رهلان ورهلن‪ ،‬واللرهن‪:‬‬
‫املقيم‪ ،‬واألصل يف ثبوته الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫أمللللا الكتللللاب فقللللول اهلل تعللللاىل‪       { :‬‬

‫‪[}‬البقرة‪.]283:‬‬

‫وأما السنة (خرب) فروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يغلق اللرهن‬
‫بام فيه لقاحبه غنمه وعليه غرمه))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الرهن حملوب‬
‫ومركوب ومعلوف)) ومل يرد أنه كذلك للمرهتن‪ ،‬فدل عىل أنه حملوب ومركوب للراهن‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬الظهر يركلب بنفقتله‬
‫إذا كان مرهون ًا وعىل الذي يركب ويرشب نفقته)) والذي يركلب ويرشلب هلو اللراهن‪،‬‬
‫فيلب أن يكون عليه نفقته‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فهو إمجاع العًة عليهم السالم‪ ،‬وهو قول مجاهري علامء اإلسالم‪ ،‬فتما من‬
‫اشً يف صحة الرهن أن يكون يف السفر فيحله (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم رهن درع ًا عند أيب شحمة اليهودي باملدينة عىل طعام أخذه منه ألهله‪ ،‬دللت هلذه‬
‫األخبار عىل صحة الرهن‪ ،‬ويشً يف صحته أمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يكون عىل وجه الًايض وهو إمجاع‪.‬‬

‫‪-34-‬‬
‫والثاين‪ :‬أن يكون بني جائزي الترصف؛ ألنه عقد عىل مال فوجب اعتبلار ذللك فيله‪،‬‬
‫دليله البيع‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬حقول القبض خالف ًا للنارص عليه السالم فإنه ذهب إىل أنه يقلح بالعقلد‬
‫والقبول‪ ،‬وجه قولنا قول اهلل تعاىل‪ } { :‬فوصف الرهن بكونه مقبوض ًا كلام‬
‫وصف الرقبة يف عتق كفارة القتل بكورا مؤمنة‪ ،‬فكام جيب اعتبار اإليامن فيها كذلك جيب‬
‫اعتبار القبض يف الرهن‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬وجوب احلق إما متقدم ًا نحو أن يكون عىل الراهن دين للمرهتن ثم يرهنه فيه‬
‫رهن ًا‪ ،‬وإما متتخر ًا نحو أن يتعاقدا عىل الرهن ثم يقرضه نقد ًا بعد قبض الرهن فإنه يكلون‬
‫رهن ًا بعد ثبوت احلق وال يكون رهن ًا قبله‪ ،‬بل إن تلف من دون تعد وال جناية قبل ثبلوت‬
‫احلق مل يكن مضمون ًا‪.‬‬

‫وخامسها‪ :‬أن يكون يف ملك خالص غري مشاع علىل ملا نقله اهللادي يف (األحكلام)‬
‫واختاره ملذهبه السادة أبو العباس واألخوان‪ ،‬وقال النارص للحق‪ :‬يقح رهن املشاع وهو‬
‫اختيار اهلادي يف (املنتخب)‪.‬‬

‫فصل‬

‫والرهن عىل وجهني‪ :‬صلحيح وفاسلد‪ ،‬فالقلحيح ملا مجلع هلذه األملور افمسلة‪،‬‬
‫واختلف علامؤنا عليهم السالم يف ضامنه‪.‬‬
‫ال فرس ًا بامل له عليه فنفق يف يد املرهتن‪ ،‬فقال له‬
‫ال رهن رج ً‬
‫(خرب) وروى عطاء أن رج ً‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ذهب حقك)) دل ذلك عىل ثبلوت ضلامن اللرهن؛ ألن‬
‫ذلك نص فيه‪ ،‬وال يقح أن يقال‪ :‬إنه أراد به حق احللبس؛ ألن ذهابله بعلد تلفله معللوم‬
‫رضورة‪ ،‬فال يقح أن يقال‪ :‬إنه أراد به حق احلبس فيعرفه بلام يعلمله رضورة فلإن ذللك‬
‫سخف من قائله‪ ،‬وألن كونه منتقب ًا لتعليم الرشائع قرينة توجب محل كالمه ما أمكن عىل‬

‫‪-35-‬‬
‫املعنى الرشعي‪ ،‬ويدل عىل ذلك أيض ًا‪.‬‬

‫(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال يغلق اللرهن لمقلاحبه غنمله وعليله‬
‫غرمه)) والغلق‪ :‬اهلال يف اللغة كقول كثري‪:‬‬
‫غلقت لضحكته رقلاب امللال‬ ‫غمر الردى إذا تبسم ضاحكل ًا‬

‫ومعلوم أنه مل يرد به أن عينه ال هتلك فيلب أن يكون املراد بله ال هيللك حكل ًام‪ ،‬فلإن‬
‫قيل‪ :‬إن معناه أن املرهتن ال يملكه عىل علادة اجلاهليلة فلإرم كلانوا يقوللون‪ :‬إن مل آتلك‬
‫بحقك إىل وقت كذا فالرهن لك‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬جيوق محله عليهام مجيع ًا؛ ألنه ال تنايف بينهام وال بني إرادتيهام وال ملا جيلري جملرى‬
‫التنايف‪ ،‬وألن كالم احلكيم جيب محله عىل ما أمكن من الفوائد‪ ،‬يزيد ذلك وضوح ًا (خرب)‬
‫وهو أن القول بضامن الرهن هو مروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم‪ ،‬وبه قلال عملر‬
‫وابن عمر‪ ،‬وكيح‪ ،‬وقول عيل عليه السالم عندنا حلة‪ ،‬وهذا هو القول الذي نص عليه‬
‫اهلادي عليه السالم يف اجلامعني‪ ،‬وبه قال قيد بن عيل وإليه ذهب املؤيد باهلل‪ ،‬وعند النارص‬
‫للحق هو يف يد املرهتن أمانة فال يضمنه إال بتعدٍّ أو جناية‪.‬‬
‫وأما الرهن الفاسد وهو ما مل جتتمع فيه األمور افمسة فإنله جيلري جملرى أمانلة فلال‬
‫بتعد أو جناية وهو إمجاع‪ ،‬واختلف القاسم بن إبراهيم وسبطه اهللادي‬‫يضمنه املرهتن إال ٍ‬
‫إىل احلق يف الرهن القحيح إذا تلف وكان فيه قيادة عىل الدين تكون مضلمونة أم ال بلل‬
‫يغلق الرهن بام فيه‪ ،‬فعن أمري املؤمنني عليه السالم يف ذلك روايتان‪:‬‬
‫إحدامها‪ :‬أن الزيادة عىل مقدار الدين غري مضمونة عىل املرهتن وهو الذي رواه املؤيلد‬
‫باهلل عن القاسم عليهام السالم بل هي يف يده أمانلة‪ ،‬وهلو ملروي علن عملر وابلن عملر‬
‫وليست بمشهورة عن عيل عليه السالم‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أرا مضمونة وأن الرهن إذا تلف فإن الراهن واملرهتن يلًادان الفضلل بيلنهام‬
‫بعد هالكه‪ ،‬فإن كان يف الرهن قيادة عىل الدين ضمنها املرهتن‪ ،‬وإن كان الدين قائد ًا علىل‬

‫‪-36-‬‬
‫قيمة الرهن ضمن الراهن تلك الزيادة‪ ،‬وهذا القول هو املشهور عن عليل عليله السلالم‪،‬‬
‫وهو الذي نص عليه يف اجلامعني‪ ،‬وبه قال عطاء‪ ،‬ووجه هذا القول قلول النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه)) معنى قوله‪(( :‬من راهنله)) أي‪:‬‬
‫ملك له‪ ،‬فدل ظاهره عىل أنه يغنم قيادته عىل كل وجه ويغرم نققانه عىل كل وجه‪ ،‬وملن‬
‫مجلة قيادته أن تكون قيمته قائدة عىل الدين فيلب أن يستحقها ويغنمها بحق الظاهر كلام‬
‫إذا نقص غرمه‪.‬‬

‫فصل‬

‫والرهن يف أصل اللغة متخوذ من الرهون وهو الثبوت‪ ،‬يقلال‪ :‬رهلن اليشلء إذا أقلام‬
‫وثبت وأرهنته أنا‪ ،‬ويقال‪ :‬نعمة راهنة أي ثابتة‪ ،‬فسمى الرهن رهن ًا لثبوته عند امللرهتن إىل‬
‫وقت االسًداد وهو مقدر يسلتعمل يف معنلى املرهلون كالرضلب يسلتعمل يف معنلى‬
‫املرضوب‪ ،‬وافلق يف معنى املخلوق‪.‬‬

‫‪-37-‬‬
-38-
‫كتـــــاب العارية‬

‫اختلفوا يف أصل اشتقاقها‪ ،‬فمنهم من قال‪ :‬إرا مشتقة من أعار يعري إعارة‪ ،‬ومنهم من‬
‫قال‪ :‬إرا مشتقة من العار؛ ألن اإلنسان ال يستعري إال إذا كان به عار ملن افللة والفاقلة‪،‬‬
‫وقد يقال هلا أيض ًا عارة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فللتخلف وأتلللف إنللام املللال عللارة وكللله مللع الللدهر الللذي هللو آكللله‬
‫عيل احلي من ال يبل احلي نائلله‬ ‫فتيرس مفقود وأهلون هاللك‬

‫أي إنام املال عارية‪ ،‬واألصل يف جواقها الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬


‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪[}   { :‬المائدة‪ ،]2:‬والعاريلة ملن اللرب‪،‬‬
‫وقوله تعاىل‪[} { :‬المالاوو‪ ،]7::‬قيل‪ :‬املاعون‪ :‬القدر‪ ،‬والرحا‪ ،‬والفلاس‪،‬‬
‫واحلبل‪ ،‬والدلو‪ ،‬وقيل‪ :‬املاعون‪ :‬الزكاة‪ ،‬وجيوق أن يكون ذلك كله مراد ًا باآلية‪.‬‬
‫وأما السنة فام روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم اسلتعار ملن صلفوان بلن أميلة‬
‫درع ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعار ملن صلفوان‬
‫بن أمية اجلمحي دروع ًا فقال له‪ :‬عارية مضمونة أو غقب ًا؟ فقال‪(( :‬بل عارية مضمونة))‪.‬‬

‫قال عليه السالم‪ :‬فضمنها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلو تلفت لضمنها‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬العارية مؤداة))‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬ما ملن‬

‫‪-39-‬‬
‫صاحب إبل ال يفعل فيها حقها إال جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت بقاع فزر تشتد عليله‬
‫بقوائمها وأخفافها)) قال رجل‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬ما حلق اإلبلل؟ قلال‪(( :‬حلبهلا علىل امللاء‪،‬‬
‫وإعادة دلوها‪ ،‬وإعارة فحلها)) الفزر‪ :‬الشق‪ ،‬فلعله أراد أن يكون يوم القيامة يف شلق ملن‬
‫األرض تشتد عليه اإلبل بقوائمها يف ذلك الفرق وهو‪-‬بالفاء والزاي بعلدها واللراء علىل‬
‫وقن فعل بفتح الفاء وسكون العني‪.-‬‬
‫(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعار من أيب طلحة فرسل ًا لله‬
‫فركبه‪.‬‬

‫وأما اإلمجاع فإنه ال خالف يف جواقها بني املسلمني والعارية إباحلة املنلافع فكلل ملا‬
‫جيوق العقد عىل منافعه فهو عارية ومنافعه مباحة وهو يف يد املستعري أمانلة والرجلوع فيله‬
‫جائز‪ ،‬وحتقيقه أن كل ما يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه فإنله تقلح عاريتله‪ ،‬وكلل ملا ال‬
‫يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه فإنه ال تقح إعارته‪ ،‬فام تضمنته األخبار من عارية األعيان‬
‫املذكورة فهي الداللة عىل جواق إعارهتا‪ ،‬وباقي األعيان مما تضمنته حقيقة العارية مقليس‬
‫عليها إال اجلارية املستعارة فإنه ال جيوق للمستعري أن يطتهلا بإمجلاع عللامء العلًة علليهم‬
‫السالم‪ ،‬وهو قول مجاهري غريهم من علامء اإلسالم‪ ،‬ويدل عليه قلول اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[} ‬المؤمنو‪ ،]7-5::‬فتبا‪ ،‬عز وجل‬ ‫‪ }  ‬إىل قوله‪{:‬‬

‫الو ء مع عقد النكا‪ ،‬أو ملك اليمني وحظر ما سواه‪ ،‬وال تُضمن العارية إال بتحد أملور‬
‫ثالثة‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن يتعدى املستعري فيها فإنه يضمنها باإلمجاع‪.‬‬
‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ليس عىل املستعري غري املغل ضلامن))‬

‫واملغل‪ :‬هو افائن فإذا تعدى يف إتالف العارية كان مغالً‪.‬‬


‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬ال حيلل ملال املرس مسللم إال بطيبلة ملن‬
‫نفسه))‪.‬‬

‫‪-40-‬‬
‫الثاين‪ :‬أنه يستهلكها املستعري‪ ،‬فاإلمجاع منعقد بني املسلمني عىل وجوب ضامرا عليله‪،‬‬
‫وافربان األوالن يدالن عىل ذلك‪ ،‬ويدل عليه (خلرب) قلول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬عىل اليد ما أخذت حتى ترد))‪.‬‬
‫ٍ‬
‫حينأذ ضامرا‪ ،‬ووجه ذللك‬ ‫الثالث‪ :‬أن يشً املعري عىل املستعري ضامرا فتتلف فعليه‬
‫(خرب) وهو ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعار من صفوان بن أمية دروع ًا‬
‫حلرب حنني فقال صفوان‪ :‬أعارية يا حممد أم غقب ًا؟ فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬بل‬
‫عارية مؤداة)) وروي ((بل عارية مضمونة)) فدل عىل أرا تكون مضمونة برش الضلامن؛‬
‫ألن الضامن لو مل يكن متعلق ًا به لكان ذكره جيري جمرى اللغو الذي ال فائدة فيه‪ ،‬فدل عىل‬
‫أرا غري مضمونة إال باشًا الضامن أو ما يفيده نحو أن يقول‪ :‬عارية ملردودة أو عاريلة‬
‫مؤداة‪ ،‬فتما إن مل يقع أحد هذه األمور الثالثة فإرا غري مضمونة‪ ،‬وهلو ملروي علن أملري‬
‫املؤمنني عيل عليه السالم وبه قال عمر بن افطاب‪ ،‬والظاهر أنه إمجاع أهل البيت علليهم‬
‫السالم‪.‬‬

‫‪-41-‬‬
-42-
‫كتاب اهلبات والصدقات‬

‫اهلبة اسم ملا يوهب ويستوهب وهو مقدر ملعنى املفعول وكان أصلها وهبة فحلذفت‬
‫الواو ونقلت حركتها إىل اهلاء كام نقل ذلك يف صلة وعدة‪ ،‬واألصل يف جواقهلا الكتلاب‬
‫والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪[}   { :‬المائدة‪ ،]2:‬واهلبة من مجلة اللرب‪،‬‬
‫وقوله جل جالله‪[}        { :‬الممتحنة‪ ،]8:‬وقوله‬
‫عز وجل‪[}         { :‬النساء‪.]4:‬‬
‫وأما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬العائلد يف هبتله‬
‫كالعائد يف قيأه))‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فال يعرف يف جواق ذلك خالف بني املسللمني ولقلحة اهلبلة والقلدقة‬
‫كائط‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬اإلجياب من الواهب وهو املالك وهو إمجاع األمة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬القبول من املوهوب له أو من جيري جمراه من وَّ أو وكيل‪ ،‬واألصل يف اعتباره‬
‫(خرب) وهو ما روي أن مج ً‬
‫ال جلابر وقف فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬بعنيه))‬

‫فقال‪ :‬هو لك يا رسول اهلل‪ ،‬فقال‪(( :‬ال‪ ،‬بل بعنيه)) فلو كانت اهلبة تقح بملرد اإلجيلاب‬
‫من دون القبول لكان ال معنى لقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال‪ ،‬بل بعنيله)) ألنله قلد‬
‫ملكه باهلبة وهي قوله‪ :‬هو لك‪ ،‬ويعترب القبول أن يكون يف جملس اهلبة‪ ،‬ذكره السيد املؤيد‬
‫باهلل ملذهب حييى؛ وذلك ألنه عقد متكليك يفتقر إىل اإلجياب والقبول‪ ،‬فوجلب أن يعتلرب‬

‫‪-43-‬‬
‫فيه املللس دليله سائر العقود‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬أن يكون املوهوب نفسه معلوم ًا وكذلك املتقدق به‪ ،‬وذلك مللا روي (خلرب)‬
‫وهو ما رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال جتوق هبة وال صلدقة‬
‫إال أن تكون معلومة مقبوضة‪ ،‬واختلفوا يف هبة املشاع فعىل مذهب حييى عليه السالم أنله‬
‫يقح إذا كان معلوم ًا عىل اجلملة دون التفقيل‪ ،‬واختلف علامؤنا هلل ملن ك صلحة‬
‫اهلبة والقدقة القبض أم ال؟ فعند القاسم وسلبطه علليهام السلالم‪ :‬أنله لليس ملن ك‬
‫صحتهام القبض بل يقحان من دونه‪ ،‬وهو املروي عن عيل عليه السالم‪ ،‬وابلن مسلعود‪،‬‬
‫وكيح‪ ،‬وذهب املؤيد باهلل إىل أرا ال تقح إال بالقبض‪ ،‬وقد روي ذلك أيضل ًا علن عليل‬
‫عليه السالم وبه قال أبوبكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وأنس‪ ،‬وجه القول األول (خرب) وهو قوله صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬العائد يف هبته كالعائد يف قيأه)) ومل يشً القبض‪.‬‬

‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬العائد يف هبته كالكلب يعود يف قيأه))‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال حيل لواهب أن يرجلع يف هبتله إال األب‬
‫فيام هيب لولده))‪.‬‬

‫(خرب) وروي‪ :‬من أعمر عمرى فهي له ولعقبه ال ترجع إىل الذي أعطاها فإنه أعطاها‬
‫عطاء وقعت فيه مواريث‪ ،‬ومل يشً صىل اهلل عليه وآله وسلم يف يشء من هذه األخبلار‬
‫القبض‪ ،‬فدل عىل أن املقبوض وغري املقبوض سلواء‪ ،‬ومللا رواه الشلعبي علن عليل عليله‬
‫السالم أنه قال يف القدقة واهلبة‪ :‬مها جائزتان إذا كانتا معلومتني وإن مل تكونا مقبوضتني‪،‬‬
‫وجه القول الثاين ما ذكرناه أوالً عن عيل عليه السالم من قوله‪ :‬ال جتوق هبة وال صدقة إال‬
‫أن تكون معلومة مقبوضلة‪ ،‬وملا روي أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أهلدى إىل‬
‫النلايش فامت النلايش قبل وصوله إليه فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إين كنت‬
‫أهديت إليه أواقي من مسك وحلة فإرا َّ وستعود إَّ فتعطيك منها)) فردت إليه فتعطى‬
‫منها كل امرأة شي ًا‪ ،‬وأعطى الباقي أم سلمة مع احللة‪ ،‬وروي‪ :‬فتعطى منها شيأ ًا ألم سلمة‬
‫وأعطى الباقي غريها من نسائه‪ ،‬فهذا افرب يدل عىل أن ذلك كان عىل ملكه؛ ألنه مل يقبضه‬

‫‪-44-‬‬
‫النلايش؛ ألنه قال‪(( :‬فإرا َّ))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف افلرب املشلهور‪(( :‬يقلول‬
‫ابن آدم ماَّ ماَّ ومالك من مالك إال ما أكلت فتثنيت‪ ،‬أو لبسلت فتبليلت‪ ،‬أو تقلدقت‬
‫فتمضيت)) واإلمضاء‪ :‬هو اإلقباض والتسليم‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم خرج من املدينة حتى أتلى الروحلاء‬
‫ومعه أصحابه فإذا هو بحامر وحش عقري فيه سهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬دعوه‬
‫حتى جييء صاحبه)) فلاء رجل فقال‪ :‬يا رسلول اهلل‪ ،‬هلذه رميتلي فكللوه فشلتنكم بله‪،‬‬
‫وروي فهو لكم‪ ،‬وروي انتفعوا به‪ ،‬فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا بكر أن يقسلم‬
‫حلمه بني الرفاق‪ ،‬دل ذلك عىل أن قول املالك لللامعة كُلوا هذا اليشلء أو شلتنكم بله أو‬
‫انتفعوا به يسوغ هلم االنتفاع به واالستهال له؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاقه‬
‫من دون قبول فدل عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن رج ً‬
‫ال جاء إليه بمثلل بيضلة ملن‬
‫الذهب فقال‪ :‬أصبتها من معدن فخذها فهي صدقة ما أملك غريها فلتعرض رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم عنه ثم أتاه من قبل يمينه فقال مثلل ذللك فلتعرض رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ثم أتاه من خلفه فتخذها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫فحذفه هبا فلو أصابته أوجعته أو عقرته‪ ،‬ثم قال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يتيت أحلدكم‬
‫بام يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس خري القدقة ما كان عن ظهلر غنلى))‬

‫دل ذلك عىل أن إخراج مجيع املال غري مستحب‪ ،‬وأنه ال قربة فيه‪ ،‬يزيده وضوح ًا قول اهلل‬
‫‪          ‬‬ ‫تعللللللللللاىل‪{:‬‬

‫‪[}‬اإلسراء‪ ،]29:‬فنهى عز وجل عن اإلياف يف اإلمسا واإلعطاء‪ ،‬وقولله تعلاىل‬


‫يف صلللللللفة امللللللللؤمنني‪         { :‬‬

‫‪[}‬الفرقا‪.]67::‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬صلدقتك علىل ذي رمحلك‬

‫‪-45-‬‬
‫صدقتان صدقة وصلة)) دل عىل جواق اهلبة لذوي األرحام ملن وللد وسلواه‪ ،‬ودل افلرب‬
‫وهو ما روي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬سووا بني أوالدكم وللو يف القبلل))‬

‫عىل وجوب التسوية بني األوالد؛ ألنه أمر بالتسوية بينهم واألمر يقت ي الوجوب‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النعامن بن بشري أنه قال‪ :‬أعطاين أيب عطية فتتى رسول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل إين أعطيت ابني عطية وإن أمه قالت‪ :‬ال أرىض حتلى‬
‫أشهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬فقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬اتقلوا اهلل‬
‫تعاىل واعدلوا بني أوالدكم أليس يرس أن يكونوا لك يف الرب سواء)) قال‪ :‬بىل‪ .‬قال‪(( :‬فال‬
‫إذ ًا)) وذكر املنقور باهلل حديث النعامن بن بشري ثم قال‪ :‬قال آباؤنلا علليهم السلالم قلول‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أشهد عليه غريي فإين ال أشلهد إال علىل حلق وال غلري‬
‫احلق إال الباطل)) يعني أن اختقا بعض األوالد باهلبة ال ألنه أكثر بلر ًا وال أصللح يف‬
‫الدين يكون باط ً‬
‫ال فال يقح‪.‬‬
‫(خرب) وروي يف حديث النعامن بن بشري أنه قال له صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أشلهد‬
‫عليه غريي)) فدل ذلك عىل ثبوت اهلبة عىل وجه التفضيل وعىل الكراهلة للوال ذللك مللا‬
‫قال‪(( :‬أشهد عليه غريي)) وروي أنه قال‪(( :‬أشهد عليه غريي فإين ال أشهد إال عىل حق))‬

‫ويف بعضها ((ارجتعه)) ويف بعضها ((اردده)) وكل ذلك يدل عىل امتناع رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم عن الشهادة عىل تفضيل بعضهم عىل بعض‪ ،‬ويف بعض األخبار قال صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬لو كنلت مفضل ً‬
‫ال لفضللت البنلات)) ودل علىل أن ذللك خلالف‬
‫الرشع‪ ،‬ومذهب اهلادي عليه السالم كراهلة تفضليل بعضلهم علىل بعلض إال أن يكلون‬
‫بعضهم أكثر بر ًا بله فإنله جيلوق تفضليله بلدليل قلول اهلل تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪[}‬الرحمن‪ ،]60:‬وكذلك إذا كان بعضهم أفضل يف الدين جاق تفضيله لفضله ذكر‬
‫ذلك النارص للحق‪ ،‬واملنقور باهلل عليهام السالم‪ ،‬ويدل قوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪:‬‬
‫((ارجتعه أو اردده)) عىل ثبوت اهلبة مع التفضيل وإن كانت مكروهة؛ إذ ال معنى لالرجتاع‬
‫وهو يف ملكه‪ ،‬يزيده وضوح ًا (خرب) روى اهلادي إىل احلق عليله السلالم علن رسلول اهلل‬

‫‪-46-‬‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يف أمر النعامن بن بشري يف ابن له أتى به رسول اهلل صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم فقال‪ :‬إين نحلت إبني هذا غالم ًا كان َّ‪ ،‬فقال له رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬أكل ولد نحلته مثل هذا))؟ فقال‪ :‬ال‪ .‬فقلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬فارجتعه)) واالستدالل به عىل نحو ما تقدم‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اعدلوا بني أوالدكم))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬سووا بني أوالدكم يف العطية‪ ،‬فإين لو‬
‫فضلت أحد ًا عىل أحد لفضلت النسلاء علىل الرجلال)) دل ذللك علىل وجلوب املسلاواة‬
‫والعدل؛ ألنه أورده مورد األمر واألمر يقت ي الوجوب‪ ،‬ومذهب حييى عليه السلالم أن‬
‫التسوية بني األوالد يعترب فيها استحقاقهم اإلرث ذكره األخوان‪ ،‬وألن تر التسوية بلني‬
‫األوالد يؤدي إىل وقوع الشحناء والبغضاء بينهم‪ ،‬وحتمل امللفو عىل عقوق األب إن كان‬
‫من طبعه قلة القرب‪ ،‬واإلمجاع منعقد عىل أن القدقة ال جيوق الرجوع فيها وكلذلك اهلبلة‬
‫إذا كانت هلل تعاىل أو لقلة الرحم فإرا تكون يف معنى القدقة‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬الواهب أحق هببتله ملا مل يثلب فيهلا إال يف ذي‬
‫رحم حمرم‪ ،‬دل عىل أنه ال جيوق الرجوع فيام وهبه لذي الرحم املحرم من ولد وغلريه‪ ،‬إال‬
‫أنا خققنا اهلبة للولد القغري يف أنه جيوق لوالده الرجوع فيها بام روي (خرب) وعن النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لبشري بن سعد فيام وهبه لوللده اللنعامن‪(( :‬ارجتعله)) ويف‬
‫ٍ‬
‫يومأذ صغري؛ ألنه ولد بعد اهللرة بتربعة عرش شلهر ًا‪ ،‬وكانلت‬ ‫بعضها ((اردده)) والنعامن‬
‫وفاة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم سنة عرش من اهللرة‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ليس ألحد أن يرجع يف صدقته‬
‫إال الوالد فيام أعطى ولده))‪.‬‬
‫قال املنقور باهلل‪ :‬وسواء كان الولد صغري ًا أو كبري ًا يف صحة الرجوع فيام أعطاه والده‬
‫قال‪ :‬وإنام قلنا ذلك للنص والنص ال يعلل عندنا وإنام يعلل ما ينبني عليه‪ ،‬فتما مطلق اهلبة‬

‫‪-47-‬‬
‫فقد ورد األثر بلواق الرجوع فيها وإن كان مكروه ًا‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الراجع يف هبته كالكلب يرجلع‬
‫يف قيأه)) وقد ثبت أن رجوعه فيه غري حمرم عليه‪ ،‬وإنلام هلو مسلتقذر ومكلروه فللم يبلق‬
‫فاصة الولد إال ما ذكرناه‪ ،‬وإال فال فرق بني الولد وغريه ومل جيعل العلة الوالية فقط‪.‬‬

‫(خرب) وعن طاووس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال حيلل ألحلد أن‬
‫يرجع يف هبته إال الوالد)) رواه عنه يف العلوم فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫ال أهدى إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعري ًا فتثابه فتبا فزاده‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫فتبا فقال‪(( :‬لقد مهمت أن ال أهتب إال من قريش أو دويس))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أعرابي ًا وهب للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم هبة فتثابه عليها وقال‪:‬‬
‫أرضيت؟ قال‪ :‬ال‪ .‬فزاده قال‪ :‬أرضيت؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬لقد مهمت أن ال أهتب إال من قريش أو أنقاري أو ثقفي)) فلام أثابه النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم دل عىل أن اهلبة تقت ي املكافتة‪ ،‬وعليه يدل ما ذكرنلاه أوالً علن عليل‬
‫عليه السالم وعمر من قوهلم‪ :‬الواهب أحق هببته ما مل يثلب فيهلا إال يف ذي رحلم حملرم‪،‬‬
‫وهذا القول هو الذي أخرجه أبو طالب عىل مذهب حييى عليه السالم‪ ،‬وذهب املؤيلد إىل‬
‫أن املكافتة غري واجبة‪ ،‬ووجه قوله‪(( :‬هتادوا حتابوا)) فلو كانت تقت يل املكافلتة مل حيقلل‬
‫التحاب‪ ،‬يدل عليه (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال تلدخلوا اجلنلة حتلى‬
‫تؤمنوا‪ ،‬وال تؤمنوا حتى حتابوا‪ ،‬أال أدلكم عىل يشء إذا فعلتموه حتلاببتم)) قلالوا‪ :‬بلىل يلا‬
‫رسول اهلل‪ .‬قال‪(( :‬أفشوا السالم وتواصلوا وتباذلوا)) واالحتلاج به عىل نحو ما تقدم‪.‬‬

‫‪-48-‬‬
‫باب العمرى والرقبى‬
‫العمرى والرقبى‪ :‬مها أن يقول الرجل آلخر‪ :‬أعمرتك داري هذه أو غريها أو أرقبتك‬
‫فتهيام قال هذا فيه وأطلقه فهو هبة تلحق أحكام اهلبة‪ ،‬يدل عىل ذلك (خرب) وهو ملا روى‬
‫جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬العمرى جائزة ألهلها))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تعمروا وال ترقبوا فمن أعمر‬
‫أو أرقب فهو سبيل املرياث)) ومعلوم أن املراد به فهو سبيل املرياث للمعمر له وللمرقلب‬
‫له‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬أيلام رجلل أعملر عملرى لله‬
‫ولعقبه فهو للذي يعطاها ال ترجع إىل اللذي أعطاهلا)) ألنله أعطاهلا عطلا ًء وقعلت فيله‬
‫املواريث‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن جابر بن عبداهلل‪ ،‬عن النبلي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أيام رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإرا لللذي أعطاهلا ال ترجلع إىل‬
‫الذي أعطاها)) ألنه أعطاها عطا ًء وقعت فيه املواريث‪.‬‬
‫قال اهلادي إىل احلق‪ :‬يريد بقوله‪ :‬وقعت فيه املواريث‪ ،‬يقلول‪ :‬املعطلي للك ولعقبلك‬
‫فهذا هو الذي ال ترجع إىل املعطي من العمرى والرقبى ما مل يذكر فيها املعطلي للمعطلي‬
‫عقب ًا فالناس عىل كوطهم‪ ،‬فتما إذا قيدمها فإرام ال يفيدان التتبيد؛ ألن قوله صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪(( :‬أيام رجل أعملر عملرى لله ولعقبله فهلي لللذي يعطاهلا)) افلرب‪ ،‬ووجله‬
‫االستدالل أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ك أرا تكون للذي أعطيها وال ترجع إىل‬
‫املعطى بتن يكون املعمر جعلها له ولعقبه فإذا انتفى الرش وجب أن ال يثبت احلكم؛ ألن‬
‫إثباته من دونه خيرجه عن كونه كط ًا وجيعل وجوده وعدمه سواء‪ ،‬وأيض ًا فإن النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم علل املنع من الرجوع بتنه أعطاها عطا ًء وقعت فيه املواريث‪ ،‬يعني أنه‬

‫‪-49-‬‬
‫جعله له ولعقبه‪ ،‬فإذا كانت العلة يف كورا هبة ما بينه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل جيز‬
‫أن يكون هبة مع عدمها؛ ألنه يؤدي إىل أن ال فائدة للتعليل من حيث كان احلكلم واحلد ًا‬
‫مع الرش وغري الرش ‪.‬‬

‫‪-50-‬‬
-51-
‫كتـاب الوقـف‬

‫الوقف‪ :‬احلبس‪ ،‬يقال‪ :‬وقفه يف موضع كذا أي حبسه ويقال‪ :‬وقف ضيعته علىل فلالن‬
‫ملع نيلة القربلة‪،‬‬ ‫وال يقال أوقفها وهو يفيد يف الرشع حبس ًا ةقوص ًا عىل وجه ةقو‬
‫ويدل عىل صحة هذا احلد أنه يطرد املعنى فيه وينعكس وهو أجىل من املحلدود فلإن ملن‬
‫أطلق لفن الوقف أفاد ما ذكرناه يف عرف الرشع بحيث ال يسبق إىل أفهام أهل الرشع غري‬
‫ما ذكرناه ‪ ،‬واألصل فيه (خرب) وهو ما اشتهر أن أمري املؤمنني علي ًا عليه السالم وقف ماله‬
‫بينبع ووادي القرى‪ ،‬ويف رواية قيد بن عيل أنه تقدق به وكتب كتاب ًا فيه واشلً أنله ال‬
‫يباع وال يوهب وال يورث أنا حي أو ميت إىل آخر ما ذكر‪ ،‬وروي عن أيب بكر أنله وقلف‬
‫أيض ًا‪ ،‬وعن عمر أنه قال‪ :‬أصبت أرض ًا بخيرب ما أصبت ملاالً أنفلس منله عنلدي فتتيلت‬
‫رسول اهلل فاستتمرته فقال‪(( :‬إن شأت حبسلت أصلله وسلبلت ثمرتله)) فتقلدق عملر‬
‫بذلك‪ ،‬وكتب‪ :‬هذا ما تقدق به عمر صدقة ال يباع وال يوهب وال يورث‪ ،‬فوجه اللدليل‬
‫من افرب من وجوه منها أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمره بتحبيس ما يمكن االنتفاع‬
‫به مع بقاء عينه‪ ،‬وظاهر التحبيس يقت ي أن ال يزول وال يرتفع‪ ،‬فدل ذلك عىل أن كل ملا‬
‫ال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه ال يقح وقفه‪ ،‬ومنها أن عمر مل يعرف ذلك؛ ألنله جلاء‬
‫إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمره بذلك عىل وجه التعليم‪ ،‬ومنها أن عملر قلال‪ :‬ال‬
‫تباع وال توهب وال تورث‪ ،‬فكتن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمره بذلك‪.‬‬
‫وروي أن عثامن اشًى بأر رومة فوقفها عىل مجيع املسلمني‪ ،‬وروي عن عبدالرمحن بن‬
‫عوف أنه وقف ماله‪ ،‬وعن جابر أنه قال‪ :‬ما من ٍ‬
‫أحد من القحابة له مقدرة إال وقف فإذا‬
‫ٍ‬
‫أحلد ملنهم وال ملن‬ ‫ثبت جواق الوقف عن هؤالء املذكورين من القحابة ومل يلرو علن‬

‫‪-52-‬‬
‫ورثتهم أرم استلاقوا نقض هذه الوقوف وتغيريها صار هذا إمجاع ًا‪ ،‬وألنه إقاللة املللك‬
‫عن الرقبة هلل تعاىل فقح بملرد القول كالعتق والقدقة‪ ،‬ويدل عليه (خلرب) وهلو قلول‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف افيل‪(( :‬هي لرجل أجر وآلخر سً وآلخلر وقر)) ثلم‬
‫بني الذي له أجر فقال‪(( :‬وأما الذي له أجر فالذي حيملل عليهلا يف سلبيل اهلل)) فعمومله‬
‫يقت ي جواق حبسها للحمل عليها يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة أنه ذكر للنبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله منلع ابلن مجيلل‬
‫وخالد بن الوليد ‪-‬يعني القدقة‪ -‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ما نقم ابن‬
‫مجيل إال أنه كان فقري ًا فتغناه اهلل ورسوله‪ ،‬وأما خالد فلإنكم تظلملون خاللد ًا قلد حلبس‬
‫أدرعه وأعتده يف سبيل اهلل)) ويف بعلض األخبلار قلال‪(( :‬أملا خاللد فقلد حلبس أدراعله‬
‫وأفراسه يف سبيل اهلل)) فثبت بذلك صحة وقف ما تقدم تعيينه يف هذه األخبار‪ ،‬وأما وقف‬
‫املقاحف والكتب فقد اشلتهر بلني املسللمني ال يتناكرونله وال يلردون شليأ ًا منهلا علىل‬
‫األطفال من ورثة الواقف فقار ذلك إمجاع ًا منهم فثبت هبذه اجلملة صحة وقف ما عيناه‬
‫يف هذه األ خبار وسائر األموال التي يمكن االنتفاع هبا مع بقاء عينها وملا علدا ملا تقلدم‬
‫تعيينه مقيسة عليها‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما تقدم يف حديث عمر بن افطاب وهو أنه ملك سله ًام ملن أللف سلهم‬
‫وثامنامئة ويف نسخة أخرى أنه ملك سه ًام من ثامنية عرش سه ًام‪ ،‬ويف نسخة أنله مللك سله ًام‬
‫من مائة سهم وثامنية أسهم من خيرب‪ ،‬فقال للنبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪ :‬إين أصلبت‬
‫ماالً مل أصب مثله قط فإين أريد أن أتقرب به إىل اهلل فقلال لله النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬حبس األصل وسبل الثمرة)) دل ذلك عىل جواق وقف املشاع؛ ألن السهام التي‬
‫ملكها عمر من مجلة أرض خيرب كانت مشاعة ال حمالة فتذن له النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم بوقفها‪ ،‬دل ذلك عىل جواق وقف املشاع وهو مذهب القاسم وحييى عليهام السالم‪،‬‬
‫وحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن وقلف املشلاع جلائز‪ ،‬أملا‬
‫وقف املشاع الذي ال تتتيت فيه القسمة كالرحا واحلامم فال إشكال يف جواق وقف النقيب‬

‫‪-53-‬‬
‫املشاع فيه‪ ،‬وأما ما تتتيت فيه القسمة فقد اختلف املتتخرون ملن علامئنلا يف ذللك‪ ،‬فلذهب‬
‫املؤيد باهلل إىل أنه ال يقح وقف النقيب املشارع فيله‪ ،‬وبله قلال املنقلور بلاهلل وال فلرق‬
‫عندمها بني أن يكون مستوى األجزاء يف القيملة أم ال؛ ألن ملا تتلتيت فيله القسلمة فوقفله‬
‫موقوف عىل إذن الرشيك أو إجاقته فإن أذن يف الوقف قبل الوقف أو أجاقه بعد الوقلف‬
‫صح وقف كيكه ومل تكن له املقاسمة بعد ذلك باإلفراق ولله بيعله مشلاع ًا‪ ،‬وإن مل يكلن‬
‫ذلك بإذنه وال بإجاقته‪ ،‬فتما أن يقال‪ :‬إنه يقسم فيؤدي ذلك إىل أن جيري البيع يف الوقف؛‬
‫ألن القسمة بمعنى البيع والوقف ال جيوق بيعه ولقائل أن يقول‪ :‬وأما فعل عمر فال يقلح‬
‫أن يكون حلة عىل أن وقف املشاع جائز؛ ألن عمر خرج يف سهم من ثامنية عرشل سله ًام؛‬
‫ألن القسمة وقعت عىل ألف وثامنامئة واجليش مخسلة آالف والنبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم مل يسهم جلهينة وال لبني سليم وال ملن كان معه من قبائل العرب‪ ،‬وإنلام قسلم ملن‬
‫أرض خيرب عىل املهاجرين واألنقار ما قسم‪ ،‬فدل عىل أن أمر األرايض إىل النبي صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم وأن األرايض املغنومة بعده إىل أئمة احلق كام يلتيت بيانله إن شلاء اهلل‪ ،‬ثلم‬
‫جعل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم القسمة عىل الرؤساء وكان عمر واحلد ًا ملنهم‬
‫وهو املساهم ملائة رجل وهذه حكاية فعل ال يدري عىل أي وجه فعله عمر جلواق أن يكون‬
‫ككاؤه أجاقوا فعله ووقفه ملا ثبت أرلم يرضلون بلام يقلرب إىل اهلل تعلاىل وإن أجحلف‬
‫بحاهل م‪ ،‬وجيوق أن يكون النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاقه ملع كلراهتهم لله فيكلون‬
‫ال معتمد ًا عليه فيمكن االحتلاج به وااللتفات إليه وأكثر ما يتعلق به إذن النبي صلىل‬
‫أص ً‬
‫اهلل عليه وآله وسلم لعمر يف وقف ذلك‪ ،‬واألوىل أن يقال‪ :‬إنه فعله بلإذن الرشلكاء؛ ألنله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم معلم الرشائع وأساس الدين واهلادي إىل الرشاد‪ ،‬وأما السيد أبو‬
‫طالب الناطق باحلق فتجاق ذلك يف األرايض املتساوية األجزاء يف القيمة؛ ألن القسمة فيها‬
‫عنده ال جتري جمرى البيع بل جتري جمرى إفلراق احللق واسلتيفائه كالقسلمة يف املكليالت‬
‫واملوقونات‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم ملا وقلف ضلياعه قلال‪ :‬إين فعللت ذللك هلل تعلاىل‬

‫‪-54-‬‬
‫ليوجلني به اجلنة ويرققني به األمنة ويرصف به وجهي عن النار‪ ،‬ويرصلف بله النلار علن‬
‫وجهي‪ ،‬ثم جعل ذلك إىل ولده احلسن يتكل ما شاء ويدخر ما شلاء ألي ملدة شلاء‪ ،‬ثلم‬
‫جعل ذلك بعده إىل احلسني بعد احلسن ثم قال‪ :‬فعلت ذلك ترشيف ًا لنسب رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم صلة لرمحه وتكري ًام حلرمته‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عمر ملا وقف أرضه بخيرب ك أن ال جنا‪ ،‬عىل متوليهلا أن يكلون‬
‫منها غري متمول وال متتثل‪ ،‬وكان هو متوليها ويتكل منها‪ ،‬ومل ينكلر رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم ذلك بل أجاقه ومل ينكره أيض ًا أحد من أصحابه فلرى جملرى اإلمجلاع‪،‬‬
‫وقوله متتثل‪ :‬أي ال يتكل من أصل الوقف بل من منافعه؛ ألن اإلثل هو األصلل وهلو ‪-‬‬
‫بالثاء املعلمة بثالث من أعىل‪ ،-‬وروي أن عثامن بن عفان حني اشًى بأر رومة فوقفهلا‬
‫عىل املسلمني اشً أن يكون دلوه فيها كدالء املسلمني‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عثامن بن عفان ملا وقف ما وقفه استثنى نفقته ومؤنة عامله ومل ينكره‬
‫أحد من القحابة (ريض اهلل عنهم) فدل ذلك عىل أنه جيلوق للواقلف أن يسلتثني لنفسله‬
‫ولولده من غلة الوقف ما شاء‪ ،‬وهو مذهب القاسم وحييى فإن عندمها أنه يقلح الوقلف‬
‫وإن مل خيرجه الواقف من يده وأن يقف الرجل ماله عىل نفسه وعىل ولده إذا كان يف سبيل‬
‫من سبل اهلل تعاىل وهو قول القاسمية عن ٍ‬
‫يد‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عبداهلل بن قيد األنقاري وقف حائط ًا لله وجعلله علىل رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعله لوالديه فللام ماتلا‬
‫جعله له‪.‬‬
‫(خرب) وروي أرام ملا ماتا جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪ :‬قد ماتلا‪ ،‬قلال‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬نعم وكله هنيأ ًا))‪ ،‬دل ذلك عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أنه جيوق للواقف نقل املرصف؛ ألنه جعله عىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫فتمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعله لوالديه فكان نق ً‬
‫ال للمرصلف األول وهلو‬

‫‪-55-‬‬
‫مذهب القاسم بن إبراهيم عليهام السالم‪.‬‬

‫احلكم الثاين‪ :‬أن منافع الوقف تورث؛ ألنه ملا مات أبو الواقف قال له النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬نعم وكله هنيأ ًا)) وسواء قال ذلك لكونه واقف ًا أو لكونه وارث ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال أعطى أمه حديقة ثم ماتت فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬وجبت صدقتك ورجعت حديقتك)) وألنا لو مل نلعل للواقف املرياث وجلب‬
‫أن نلعله لسائر املسلمني وهو أوىل به لتعلقله بله واختقاصله بواليتله كلام نقلول يف ذي‬
‫الرحم‪ :‬أنه أوىل باإلرث ملكان رمحه ويف من غلب العدو عىل ماله ثم أحرقه املسلمون فإنه‬
‫أوىل به قبل القسمة‪.‬‬

‫‪-56-‬‬
-57-
‫كتـاب الوديعـة‬

‫أصل الوديعة الً والوضع يقال للقرب ودع؛ ألنه يوضع فيه امليت وما عليله ويلً‬
‫فيه‪ ،‬ويقال للمقاحلة‪ :‬موادعة؛ ألرا تر املحاربة ووضعها‪ ،‬والدعة‪ :‬اففض؛ ألنه تلر‬
‫التحر واالضطراب فهي اسم ملا يودع اإلنسان عند غريه‪ ،‬وأودعتله إذا سلتلته أن يقبلل‬
‫وديعتك فقبلها‪ ،‬وقيل‪ :‬أودعته ماالً إذا دفعته إليه ليكون وديعة عنده واألصل يف جواقها‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫أما الكتاب فقول اهلل تعلاىل‪[}       { :‬النسالاء‪،]58:‬‬
‫وقوله عز قائالً‪[}       { :‬البقرة‪.]283:‬‬

‫وأما السنة (خرب) فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أد األمانة إىل‬
‫من ائتمنك وال رن من خانك))‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من استودع وديعة فال ضامن عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم أنه قال‪(( :‬من استودع وديعة فال ضامن عليه)) دلت هذه األخبار عىل أن الوديعة ال‬
‫تضمن وهو إمجاع العًة عليهم السالم‪ ،‬وبه قال مجاهري العلامء من غريهم‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فإن جواقها وفاق بني الكل وال تضمن إال بخيانة من املسلتودع أو تعلد‬
‫منه‪ ،‬وذلك إمجاع العًة عليهم السالم‪ ،‬يدل عليه قلول اهلل تعلاىل‪  {:‬‬

‫‪[} ‬التوبالة‪ ،]91:‬فام مل جين أو يتعد فلال ضلامن عليله؛ ألن ك الوديعلة معلروف‬
‫وإحسا ن‪ ،‬وذلك هو قول عيل عليه السالم وأيب بكر‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وجلابر‪ ،‬وهلو إمجلاع‬

‫‪-58-‬‬
‫فقهاء األمقار فإن تلفت بتحد األمرين كان ضامن ًا بال خالف بني عللامء األملة‪ ،‬ولقولله‬
‫تعللاىل‪[}    { :‬البقالالرة‪ ،]188:‬واسللتهالكها أكللل ملللال الغللري‬
‫بالباطل وكذلك إذا تعدى فيها ضمنها بال خالف‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ليس عىل املسلتودع غلري املغلل‬
‫الضامن)) واملغل‪ :‬هو افائن‪ ،‬فإذا خان فيها فلنى عليها فتلفت أو تعدى فيها فتلفت كان‬
‫ضامن ًا‪.‬‬
‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬عىل اليد ما أخذت حتى تلرد)) فملن‬
‫تعدى أو جنى وجب عليه الرد‪ ،‬فإذا مل يقع منه أحد الوجهني فال ضامن عليه‪ ،‬دليله قلول‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من استودع وديعة فهلكت فال ضامن عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه كان عند النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم ودائلع فللام أراد اهلللرة‬
‫سلمها إىل أم أيمن واستخلف علي ًا عليه السالم يف ردها‪ ،‬دل عىل أن املسلتودع إذا أراد أن‬
‫يسافر وخياف أن حتًق الوديعة أو تضيع فإنه يودعها عند ثقة‪ ،‬وقد أشار إىل ذلك السليد‬
‫الناطق باحلق عليه السالم‪.‬‬

‫‪-59-‬‬
-60-
‫كتـاب الغصـب‬

‫معناه معروف‪ ،‬واألصل يف املنع منه العقل والرشع‪.‬‬

‫أما العقل فإنه يمنع من إدخال الرضر عىل الغري إذا مل يفعل الستحقاق أو للدفع رضر‬
‫أعظم منه ويف أخذ ماله لغري ما تقدم إدخال الرضر‪.‬‬
‫وأما الرشع فالكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪[}    { :‬البقرة‪ ،]188:‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫{‪[}   ‬هود‪.]85:‬‬
‫وأما السنة (خرب) فقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬عىل اليد ما أخذت حتى ترد))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أحيا أرض ًا موات ًا فهلي لله ولليس‬
‫لعرق ظامل حق))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يتخذن أحدكم عقا صاحبه العب ًا‬
‫وال جاد ًا وإن أخذ عقا صاحبه فلريدها إليه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال يتخلذن أحلدكم متلاع‬
‫صاحبه)) مكان عقا صاحبه‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من ظلم شرب ًا من األرض‬
‫طوقه اهلل يوم القيامة من سبع أرضني))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو بكرة قال‪ :‬خطبنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال‪(( :‬إن‬

‫‪-61-‬‬
‫دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا‪ ،‬يف شهركم هذا‪ ،‬يف بلدكم هذا))‪.‬‬

‫(خرب) وروى أبو محيد الساعدي عنه صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال حيلل‬
‫ٍ‬
‫المرس مسلم أن يتخذ مال أخيه بغري طيب نفسه)) وقال صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬ال‬
‫ٍ‬
‫امرس مسلم إال بطيبة من نفسه))‪.‬‬ ‫حيل مال‬

‫وأما اإلمجاع فذلك مما خالف فيه بني أهل القبلة‪.‬‬


‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الزرع للزراع وإن كان غاصب ًا))‬

‫وروي ((الزرع ملن قرع)) دل ذلك عىل أن الزرع للغاصب وعليه الكرى باإلمجاع‪.‬‬

‫(خرب) وروى نافع‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من قرع أرض قلوم‬
‫بغري إذنه فليس له من الزرع يشء وترد عليه نفقته)) وروي ((له نفقته وليس له من اللزرع‬
‫يشء)) وهذا حممول عىل أن املراد بقوله‪ :‬له نفقته أن يكونوا أذنوا له يف القيام بذلك بتجرته‬
‫فعرب بالنفقة عن األجرة قد أوما املؤيد باهلل إىل هذا واختلف العلامء‪ ،‬فذهب اهلادي إىل أن‬
‫الزرع للزراع وعىل الغاصب الكرى ذكره يف املزارعة الفاسدة فإنه ذكر أن البلذر إذا كلان‬
‫للزراع كانت الغلة له وعليه كرى األرض لقاحب األرض‪ ،‬وقد ذكر ذللك السلادة (ع)‬
‫ل للدين اهلل وهلو قلول األكثلر ملن‬ ‫واألخوان وذهبوا إليه واختاروه‪ ،‬ونص عليه املرت‬
‫العلامء‪ ،‬وذكر القاسم عليه السالم أن اللزرع لقلاحب األرض وللغاصلب الكلرى وال‬
‫أعرف قائ ً‬
‫ال من أهل البيت عليهم السالم هبذا القول سواه‪ ،‬وذكر احلاكم أبو سعيد (رمحه‬
‫اهلل) هذا افرب‪ ،‬ثم ذكر كالم ًا معناه‪ :‬أن األمة أمجعت عىل أن من قرع أرض غريه فلالزرع‬
‫للزراع ولقاحب األرض نققان أرضه أو أجرة مثله‪ ،‬وما أمجعت األمة عليه أوىل‪ ،‬فتملا‬
‫أن يقال إنه ال يقح أو يقال‪ :‬إنه منسوخ أو حيملل علىل أنله قرع أرضلهم ببلذرهم علىل‬
‫خالف كطهم فالزرع هلم وعليهم أجرة مثل عمله‪ ،‬ذكره يف (جالء األبقار)‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عروة بن الزبري أنه قلال‪ :‬غلرس رجلل يف أرض آخلر فاختقلام إىل‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وأقام صاحب األرض البينة عىل أنه غقبه فتمر النبي صىل‬

‫‪-62-‬‬
‫اهلل عليه وآله وسلم برد األرض وقلع الغراس‪.‬‬

‫قال الراوي‪ :‬فرأيت الغرؤس يرضب يف أصوهلا بالفؤوس‪ ،‬دل ذلك عىل أن من غرس‬
‫يف أرض قوم بغري إذرم فإنه يؤمر برفع غرسه وقلعله وال يكلون لغرسله حلق يف اللبلث‬
‫واملقام فيها‪ ،‬وقد دل افرب األول وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ليس لعلرق ظلامل‬
‫حق)) أي ليس له حق البقاء واملكث‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قار بعض األنقار وروي عاد بعلض‬
‫األنقار فذبحوا له شاة وصنعوا له طعام ًا فقدمت إليه فلم يسغه ‪-‬يعنلي حلمهلا‪ -‬فسلتل‬
‫عن حاهلا‪ ،‬وروي أنه قال‪(( :‬ما شترا))؟ فقال القوم‪ :‬هي شاة كانت لقاحب لنا فذبحناها‬
‫بغري إذنه عىل أن نرضيه بالثمن إذا جاء‪ ،‬وروي جلرياننا مكان لقاحب لنا فقال النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬تقدقوا هبا)) وروي ((أطعموها األسارى)) دل ذلك علىل أن كلل‬
‫من ملك شيأ ًا من وجه حمظور يلزمه التقدق به وهذا افرب هو األصل يف ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الولد للفراش وللعاهر احللر))‬

‫دل عىل أنه من غقب أمة فاستولدها فإنه جيب ردها ورد األوالد وال يلحق نسبهم به هلذا‬
‫افرب وملا قدمناه أوالً من األخبار‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن اهلل إذا حرم شيأ ًا حرم ثمنه))‬

‫دل عىل أنه من استهلك شيأ ًا مما حرمه اهلل تعاىل مل يضمنه كمن يغقب مخر ًا أو خنزير ًا من‬
‫مسلم أو نحو ذلك‪.‬‬

‫‪-63-‬‬
-64-
‫كتـــــــاب العتق والتدبري‬

‫واألصل فيه الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقول اهلل تعاىل‪           { :‬‬

‫‪[}‬النسالاء‪ ]92:‬اآليات دلت عىل عتق ثالث رقاب منها عىل قاتل املؤمن خطت فإن اهلل‬
‫أوجب فيه عتق رقبة مؤمنة مع الدية‪ ،‬ومنها قتل املؤمن يف دار احللرب ففلرض فيله عتلق‬
‫رقبة من دون الدية‪ ،‬ومنها قتل املعاهد ففرض فيه عتق رقبة مع الدية‪ ،‬وفرض عتلق رقبلة‬
‫يف كفارة الظهار ويف كفارة اليمني‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم سلأل علن أفضلل الرقلاب فقلال‪:‬‬
‫((أكثرها ثمن ًا وأنفسها عند أهلها))‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬أيلام ملؤمن أعتلق‬
‫مؤمن ًا يف الدنيا أعتق اهلل بكل عضو منه عضو ًا منه من النار))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أعتلق رقبلة‬
‫أعتق اهلل بكل عضو منها عضو ًا منه من النار حتى فرجه بفرجه))‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فال خالف يف كونه قربة مندوب إليها‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عليل عليله‬
‫السالم عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال عتق ملن ال يملك))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال عتق قبل امللك)) دل ذلك علىل أن‬

‫‪-65-‬‬
‫من قال لعبد غريه أنت حر من ماَّ مل جيب هبذا القول يشء ومل يتعلق به حكم‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬ودل افربان علىل أن ملن قلال لعبلد غلريه إن‬
‫اشًيتك فتنت حر مل يعتق إن اشًاه‪ ،‬نص عىل ذلك يف األحكام وذلك ألنله أعتلق قبلل‬
‫امللك وأعتق من ال يملك‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من نذر نذر ًا سامه فعليله الوفلاء‬
‫به))‪.‬‬
‫(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬املؤمنلون عنلد كوطهلم)) وقلال اهلل جلل‬
‫‪  ‬‬ ‫جاللللله‪[} { :‬اإلنس الالا‪ ،]7::‬وقلللال تعلللاىل‪{:‬‬

‫‪[}‬المائالدة‪ ،]1:‬دل ذلك كله عىل أن من قال لعبد غريه‪ :‬إن اشلًيتك فللله عليل أن‬
‫أعتقك فمتى اشًاه وملكه وجب عليه أن يعتقه نص عىل ذلك يف املنتخب وال نعرف فيه‬
‫افالف‪.‬‬
‫وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ادرأوا احلدود بالشبهات)) دل ذلك علىل أن‬
‫من قال ألمته إن وطأتك فتنت حرة فوطأها مرتني عتقت ساعة التقاء افتلانني يف الدفعلة‬
‫األوىل‪ ،‬والواجب عليه عند الو ء األول أن ال يق ي رمته‪ ،‬فتما الو ء الثاين فلإن أقلدم‬
‫عليه جه ً‬
‫ال بالتحريم لزمه مهر مثلهلا وسلقط عنله احللد جلهلله بلالتحريم‪ ،‬وكلذلك إذا‬
‫طاوعته وكانت جاهلة فال حد عليها‪ ،‬وإن كانا عاملني بالتحريم لزمهام احلد لقوله تعاىل‪{:‬‬
‫‪[}       ‬النور‪ ،]2:‬وإن كان أحدمها عامل ًا فعليه‬
‫احلد وال مهر؛ ألنه ال جيتمع حد ومهر‪.‬‬

‫‪-66-‬‬
‫عضو منه وعتق‬
‫ٍ‬ ‫باب عتق الشقص من المملوك وعتق جزء أو‬
‫ذي رحم محرم‬
‫ال أعتق شقق ًا له يف مملو فتعتقه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫وقال‪(( :‬ليس هلل كيك)) وهذا يدل عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أنه حكم بعتقه لذلك قال‪ :‬فتعتقه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن العتق يى إىل الباقي لقوله فليس له كيك‪ ،‬فدل عىل أن العبد عتق كله؛‬
‫ألن املعلوم أنه مل يرد بيان توحيد اهلل‪ ،‬وإنام أراد أنه إذا عتق نمقفه مل جيز أن يبقى فيله ك‬
‫ظاهر افرب ما قلناه‪.‬‬ ‫يف الرق ألحد فاقت‬
‫(خرب) وعن نافع أن ابن عمر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أعتق‬
‫هلل كك ًا له يف مملو فقد أعتق كله)) وروي‪(( :‬فهو حر كله)) وروي‪(( :‬فهو عتيق كله))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أعتق شقق ًا من عبده عتلق‬
‫الكل)) دل عىل أن من أعتق جزء ًا من عبده عتق كله‪ ،‬ودل عىل أن من قال لعبلده رأسلك‬
‫حر أو يد حرة أو رجلك أو صدر أو شعر حر أو قال‪ :‬نقفك أو ثلثك أو ربعك أو‬
‫جزء منك حر عتق كله وهو الذي نقه يف (األحكام)‪.‬‬
‫(خرب) وروى نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ملن‬
‫أعتق كك ًا له يف مملو فعليه خالصه كله من ماله فإن مل يكن له مال استسعى العبد غلري‬
‫مشقوق عليه)) دل عىل أنه إذا كان عبد بني اثنني فتعتق أحلدمها نقليبه عتلق العبلد كلله‬
‫ويضمن املعتق لرشيكه قيمة نقيبه إن كان مؤي ًا وإن كان معرس ًا استسعى العبد يف قيمة‬
‫نقيب كيكه نص عىل ذلك يف (األحكام)‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل‬

‫‪-67-‬‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من ملك ذا رحم حمرم فهو حر))‪.‬‬

‫(خرب) وروى ابن عمر عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من ملك ذا رحم حمرم‬
‫فهو حر))‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أن رج ً‬
‫ال جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال‪ :‬يلا‬
‫رسول اهلل إين دخلت السوق فوجدت أخي يباع فاشًيته وأنا أريد أن أعتقه‪ ،‬قلال النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل قد أعتقه))‪.‬‬
‫فتما ما روي عنه (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من ملك ذا رحلم فهلو‬
‫حر)) فيلب أن يكون املراد به من ملك ذا رحم حملرم؛ ألن هلذا مطللق‪ ،‬وهلذه األخبلار‬
‫مقيدة بالتحريم فيلب أن حيمل املطلق عىل املقيد؛ لكورا من جنس واحد‪.‬‬

‫‪-68-‬‬
‫باب التدبير‬
‫وعن ابن عمر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬امللدبر ال يبلاع وال‬
‫يشًى)) وهو حر من الثلث والتدبري هو أن يقول السيد ململوكه‪ :‬قد دبرتك بعد عيني‪ ،‬أو‬
‫أنت حر بعد عيني أو أنت حر بعد مويت‪ ،‬أو أعتقتك بعد مويت فإنه يقري مدبر ًا ويعتق من‬
‫ثلث ماله إذا مات كام يف افرب‪ ،‬وال خالف يف صحة التدبري وأنه إذا ذكر من األلفاظ فإنله‬
‫يقري مدبر ًا‪ .‬قلنا‪ :‬ويعتق من ثلث ماله وهو قول أمري املؤمنني عيل عليه السالم‪ ،‬وبه قلال‬
‫ابن عمر‪ ،‬وابن مسعود‪.‬‬
‫ال من بني عذرة أعتق عبد ًا له يقال له‪ :‬يعقلوب ال ملال لله‬
‫(خرب) وروى جابر أن رج ً‬
‫غريه يعني دبره‪ ،‬وروي وعليه دين فباعه النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فاشًاه نعيم بلن‬
‫عبداهلل بتسعامئة درهم‪ ،‬وروي بسلبعامئة‪ ،‬وروي بثامنامئلة‪ ،‬ثلم قلال صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬إذا احتاج أحدكم فليبدأ بنفسه)) وروي أنله قلال‪(( :‬اهلل عنله أغنلى وأنلت إليله‬
‫أحوج)) وروي أنه قال‪ (( :‬اهلل عنه غني وأنت إىل ثمنه أحوج)) فتمر به النبي صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم فبيع بتسعامئة درهم أو بسبعامئة‪ ،‬دل ذلك عىل جواق بيع املدبر للرضورة‪ ،‬ودل‬
‫افرب األول وهو قوله‪(( :‬املدبر ال يباع وال يشًى)) عىل أنه ال جيوق بيعه يف حال الرفاهية‪.‬‬

‫‪-69-‬‬
‫باب الكتابة‬
‫األصل يف ثبوهتا الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقلول اهلل تعلاىل‪       { :‬‬

‫‪[}         ‬النور‪.]33:‬‬


‫وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬املكاتب عبد ما بقي عليه درهم))‪.‬‬

‫وأما اإلمجاع فال خالف يف جواقها‪ ،‬وتفسريها أن يوافق سيد العبد عبده عىل أن يدفع‬
‫إليه ماالً معلوم ًا يف أنلم معلومة أو يف نلمني معلومني ويقوللوا لله‪ :‬كاتبتلك علىل هلذا‬
‫ويرىض العبد به ويقبل فإذا دفع إليه ما وافقه عليه صار حر ًا ذكره يف (األحكام)‪.‬‬

‫قال السيدان األخوان‪ :‬إذا قال‪ :‬كاتبك عىل كذا درهم صحت الكتابة‪ ،‬وعتلق إذا أدى‬
‫ذلك‪ ،‬وليس من ك صحتها أن يقول‪ :‬فإذا أديت ذلك إَّ فتنت حر‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أيام رجل كاتب غالم ًا عىل مائلة‬
‫أوقية فتداها إال عرش أواق فهو عبد‪ ،‬وأيام عبد كوتب علىل مائلة دينلار فتداهلا إال عرشلة‬
‫دنانري فهو عبد)) دل عىل أنه إذا علز عن الوفاء بام كوتب عليه رد يف الرق سواء أدى ذلك‬
‫أو مل يؤد شيأ ًا‪ ،‬نص عليه يف (األحكام) وبه قال مجاهري العللامء‪ ،‬وروي ذللك علن عملر‪،‬‬
‫وقيد بن ثابت‪ ،‬وأم سلمة‪ ،‬وعائشة‪ ،‬يزيده وضوح ًا (خرب) وهو ما تقدم من قوله صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬املكاتب عبد ما بقي عليه درهم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬إذا أصاب املكاتب مرياث ًا أو حلد ًا‬
‫فإنه يرث عىل قدر ما عتق منه ويقام عليه احلد‪ ،‬هذا لفظه عليه السالم أو معنى لفظه‪.‬‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف‬ ‫(خرب) وعن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس قال‪ :‬ق‬
‫املكاتب بتنه يؤدي بام أدى من كتابته دية احلر وما بقي دية العبد‪.‬‬

‫‪-70-‬‬
‫(خرب) وعن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا‬
‫أصاب املكاتب مرياث ًا أو حد ًا فإنه يرث عىل قدر ما عتق منه ويقام عليه احلد عىل قلدر ملا‬
‫عتق منه)) وحتقيل مذهب حييى عليه السالم وعىل ما ذكره األخوان‪ :‬أن املكاتب إذا أدى‬
‫شيأ ًا من مال الكتابة فإنه يقري يف ذلك القدر يف حكم احلر حي ًا كان أو ميت ًا فيام يتلتتى فيله‬
‫التبعيض كان عىل حسابه كاإلرث والوصية واحلد واألرش والدية نق ًا يف الدية واإلرث‬
‫واحلد وسائر ما ذكرناه مقيس ًا عليها‪ ،‬وما ال يتبعض فحكمه حكم العبد كالقود واللرجم‬
‫والو ء بامللك‪ ،‬وهذا هو قول عيل عليه السالم‪ ،‬وإليه ذهب النارص واملؤيد باهلل‪.‬‬
‫ٍ‬
‫امرس مسلم إال بطيبلة ملن‬ ‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال حيل مال‬
‫نفسه)) دل ذلك عىل أنه ال جيب علىل سليد املكاتلب اإليتلاء يف الكتابلة‪ ،‬ذكلره السليدان‬
‫األخوان ملذهب حييى عليه السالم قاال‪ :‬ألنه مل يشً اإليتاء يف صفة الكتابلة ومل يوجبله‬
‫عىل سيد العبد وجيوق أن يقال‪ :‬إن حييى عليه السالم أغفل ذكر اإليتاء فلم يلذكر وجوبله‬
‫وال نفي وجوبه فهو كاملسكوت عنه‪ ،‬واألقلرب عنلدنا وجلوب اإليتلاء لقولله تعلاىل‪{:‬‬
‫‪[}           ‬النالور‪ ،]33:‬فتمر باإليتاء‬
‫واألمر يقت ي الوجوب وإىل وجوب اإليتاء ذهب طائفة من العلامء‪ ،‬فتما اهلادي إىل احلق‬
‫عليه السالم فذكر السيدان األخوان (ريض اهلل عنهام) أنه محل ما يف اآلية من ذكر اإليتلاء‬
‫عىل أن املكاتبني يؤتون من الزكاة نقيب ًا إذا كانوا من أهل الدين ومل يكونوا فساق ًا‪ ،‬وذكلر‬
‫القايض قيد (رمحه اهلل) أن بعضلهم ذهلب إىل أن امللراد بله رقلاب يبتلاعون ملن الزكلاة‬
‫ويعتقون ويكون والؤهم جلميع املسلمني قال‪ :‬وقد حكى السيد أبو العبلاس (رمحله اهلل)‬
‫عن السيد حممد بن القاسم بن إبراهيم عليه السالم ما يقرب من ذلك‪ ،‬وذهب آخرون إىل‬
‫أن اإليتاء هو أن يعان املكاتب من نفس ثمنه الذي كاتب به وكى به نفسه‪ ،‬ثم اختلفلوا‬
‫فمنهم من قال‪ :‬ربع مال الكتابة‪.‬‬
‫(خرب) وذلك ملا رواه عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال يف‬
‫هذه اآلية‪ :‬حيط عنه ربع الكتابة‪ ،‬ومنهم من مل جيده إىل غري ذلك من أقوال العلامء (رمحهم‬

‫‪-71-‬‬
‫اهلل تعاىل)‪.‬‬

‫‪-72-‬‬
‫باب الوالء‬
‫قال تعاىل‪[}       {:‬األحزاب‪ ،]5:‬أما والء‬
‫العتاق فال خالف يف ثبوته بني املسلمني‪ ،‬ويدل عليه (خرب) وهو ما روي عن ابلن عملر‪،‬‬
‫عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬الوالء حلمة كلحمة النسب ال يباع وال يوهب)) وما‬
‫أهلها والءها فتمرها النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم بلتن‬ ‫قدمناه يف خرب بريرة ملا اشً‬
‫تشًطه هلم فاشًهتا وأعتقتها وصعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم املنرب فقال‪(( :‬ما‬
‫بال أقوام يشًطون كط ًا ليس يف كتاب اهلل‪ ،‬وكل ك ليس يف كتلاب اهلل فهلو باطلل‪،‬‬
‫كتاب اهلل حق وكطه أوثق‪ ،‬والوالء ملن أعتق))‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وقد أمجع العلامء عىل قبول هذا افلرب واختلفلوا يف لفظلة وهلو‬
‫قوله‪(( :‬واشًطي هلم الوالء)) فمن العلامء من أنكر ذلك وقال‪ :‬هو صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم مرب ٌأ منزه عن مثله بتن جيري جمرى تغرير ملن باعهلا واالحتيلال عليله‪ ،‬وقيلل‪ :‬إن‬
‫هشام بن عروة كان خولط يف عقله يف آخر عمره وهو راوي افرب‪ ،‬وقد ذكر اهلادي عليله‬
‫السالم هذا افرب ومل يذكر ذلك فدل عىل أنه مل يقححها‪ ،‬ومنهم من أثبتهلا وتتوهللا علىل‬
‫أحد أمرين‪:‬‬
‫أحللدمها‪ :‬أن يوردهللا مللورد التهديللد كقوللله تعللاىل‪    {:‬‬

‫‪[}  ‬ا ٍإلسالراء‪ ،]64:‬فكتنله‬ ‫‪[}‬إبراهيم‪ ،]30:‬وقولله تعلاىل‪{:‬‬

‫ققد صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ال ينفعهم هذا االشًا ‪ ،‬يدل عليه أنه غضب فقلعد‬
‫املنرب وتكلم بام ذكرناه أوالً عنه‪.‬‬
‫وثانيهام‪ :‬أن تكون الالم يف قوله هلم الوالء بمعناه عىل كام قال تعاىل‪ } { :‬أي‬
‫عليهم اللعنة‪ ،‬فدل افربان عىل أن الوالء ال يباع وال يوهب‪ ،‬وأنه ملن أعتق ذكلر ًا كلان أو‬
‫أنثى‪.‬‬

‫‪-73-‬‬
‫(خرب) وروى يونس بن احلسن أن رج ً‬
‫ال أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم برجل ثم‬
‫ك لله‬
‫قال‪ :‬اشًيته وأعتقته فقال‪(( :‬هو موال إن شكر فهو خري لله وإن كفلر فهلو ٌ‬
‫وخري لك)) فقال‪ :‬فام أمر مرياثه؟ قال‪(( :‬إن تر عقبة فالعقبة أحق وإال فالوالء)) يعني‬
‫لك‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬ملا أبقلت الفلرائض فلووىل‬
‫عقبة ذكر)) دل عىل أنه إذا مل يكن للمعتق عقبة من جهة النسب كان ما بقي بعد فلرض‬
‫ذوي سهامه لعقبته من السبب ويكون األوىل عقبته من جهة السبب فللو ملات املعتلق‬
‫وتر ابن مواله وأيب مواله كان املال البن مواله دون أبيله‪ ،‬فقلد روي ذللك علن عملر‪،‬‬
‫وقيد بن ثابت‪ ،‬ومل ينكره أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع‪.‬‬
‫(خرب) وروى سعيد بن املسيب عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املوىل أخ‬
‫يف الدين ونعمة يرثه أوىل الناس باملعتق)) يدل علىل أن أوىل النلاس بلاملعتق يرثلون العبلد‬
‫املع تق‪ ،‬واملراد به أرم يرثونه إذا مل يكن له عقبة؛ ألن عقبة نفسه أوىل بمرياثه باإلمجلاع‪،‬‬
‫فإن تر ذوي سهام نفسه ومواله أو عقبة مواله لذوي سهامه سهامهم والباقي ملواله أو‬
‫عقبة مواله عىل ما هو مقرر يف موضعه‪ ،‬وللو ملات وخللف أوالد ملواله وهلم ذكلور‬
‫وإناث كان الوالء للذكور دون اإلناث‪ ،‬وإن خلف إخوة مواله وأخوات مواله كان املال‬
‫لوخوة دون األخوات‪،‬وال نعرف فيه افالف بني أهل البيت (عليهم السلالم) واللوالء‬
‫لوكرب‪ ،‬وتفسريه أن املعتق لو مات وتر ابن مواله وابن ابن مواله كان املال البن ملواله‬
‫وال يشء البن ابنه وهو قول أمري املؤمنني عليه السالم‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعبداهلل بن مسعود‪ ،‬و ُأيب‬
‫بن كعب‪ ،‬وقيد بن ثابت‪.‬‬
‫(خرب) وعن أمري املؤمنني عليه السالم أنه قال‪ :‬إذا أعتق الوالد جر والء ولده‪ ،‬وبه قال‬
‫عمر‪ ،‬وعثامن‪ ،‬وعبداهلل‪ ،‬وال ةالف هلم يف القحابة‪ ،‬وقد نص عىل ذلك يف (األحكام)‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وتفسريه أن يتزوج اململو بعتيقة قوم فولدت منه يف حال رقله‬
‫فإن الولد يكون حر ًا ووالؤه ملوىل أمه‪ ،‬وإن أعتق الوالد جر والء ولده إىل موىل نفسه بعد‬

‫‪-74-‬‬
‫أن كان والؤه ملعتق أمه؛ ألن معتق األم إنام كان عقبة للرضورة وهي أنه ال عقبة له فإذا‬
‫أعتق األب فهو أوىل بالتعقيب وإذا صار هو عقبة ثم مات انتقل والء القبي إىل معتق‬
‫األب؛ ألن من أعتق عبد ًا فواله ووالء من يرثه هذا املعتق يكون ملعتقه وإذا انتقل اللوالء‬
‫إىل موىل األب عند إعتاقه ثم عدم موىل األب وعقباته فإن الوالء ال يعود إىل ملوىل األم‪،‬‬
‫ويكون ماله لبيت املال وال نعلم فيه خالف ًا بني أهل البيت (علليهم السلالم) وألن النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم شبه الوالء بالنسب‪ ،‬وإذا ثبت يف جهة مل ينتقل إىل جهلة أخلرى‬
‫فإن كان األب قد مات رقيق ًا وأعتق اجلد بعده وهو أبو أب الولد مل ّ‬
‫جير والءه‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬امللرياث للعقلبة فلإن مل يكلن‬
‫فللموىل))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنله قلال‪ :‬إذا ملات املعتلق وخللف ذوي سلهام نفسله‬
‫وعقبة مواله كان لذوي سهامه سهامهم ويرد الباقي إىل عقبة مواله‪ ،‬وبه قال حممد بلن‬
‫عيل الباقر‪ ،‬وولده جعفر القادق‪ ،‬وحممد بن عبداهلل بن احلسن النفس الزكية‪ ،‬وبه قال أبو‬
‫بكر‪ ،‬وقيد بن ثابت‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن ابنة محزة بن عبداملطلب أعتقت عبد ًا هلا فامت وتر بنت ًا فلعل النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم نقف مرياثه لبنت محزة ونقفه لبنت املعتلق ويلدل علىل ذللك‬
‫أيض ًا قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬املرأة حتوق مرياث ثالثلة عتيقهلا ولقيطهلا والوللد‬
‫الذي العنت)) يعني به ويدل عىل ذلك أيض ًا أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال‪(( :‬اللوالء‬
‫ملن أعتق)) ومل يفقل بني الذكر واألنثى‪ ،‬فدل عىل أن الوالء ملن أعتق ملن النسلاء فلليس‬
‫للنساء حق يف الوالء إال وال َء من أعتقته أو كاتبته أو دبرته أو أعتقه من أعتقته أو جر والء‬
‫من أعتقته نص عىل ذلك يف (األحكام) وقد دل عليه ما ذكرناه من األخبار‪ ،‬ويلدل عليله‬
‫(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الوالء ملن أعتق)) فلدل‬
‫عىل أن املوىل األسفل ال يرث من أنعم عليه بالعتق وهو سيده؛ ألنه ليس بمعتق له وسيده‬
‫إنام ورثه بامله من اإلنعام بإعتاقه وهذا ال نعمة له عىل سيده فال يكون وارث ًا له‪.‬‬

‫‪-75-‬‬
‫(خرب) وروى متيم الداري أنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل ما السنة يف الرجل يسلم عىل يد‬
‫رجل؟ قال‪(( :‬هو أوىل به يف حمياه ومماته))‪.‬‬
‫(خرب) وروى راشد بن سعيد أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يف من أسلم علىل‬
‫يديه رجل هو مواله يرثه‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جعل املال مللن أسللم علىل‬
‫يديه‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أن مرياث من أسلم من املرشكني ملن أسلم عىل يديه‪ ،‬غري أنا‬
‫خققنا من تر وارث ًا له من عقبته أو ذوي سهم أو ذوي رحم باإلمجاع من العًة وهو‬
‫قول مجاهري العلامء‪ ،‬فإنه منعقد بني علامئنا عىل أن من أسلم وتر وارث ًا ممن ذكرنلا فلإرم‬
‫أوىل باملرياث من الذي أسلم عىل يديه سواء كان الوارث عقبة أو ذا سهم أو ذا رحم‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬والء املواالة هو أن يسلم احلريب عىل يد مسلم فيواليه وحيالفه‪ ،‬فلريث‬
‫األعىل األسفل وال يرث األسفل األعىل وهو عىل التفقيل املتقدم‪ ،‬ومل يذكر حييلى عليله‬
‫السالم املحالفة ولو كانت كط ًا لذكرها وليس يف األخبار املتقدمة ما يدل عىل اشًاطها‪،‬‬
‫فتما والء الذمي إذا أسلم فوالؤه لبيت مال املسلمني حلقول الذمة له ملن مجلاعتهم وال‬
‫يظهر فيه افالف‪.‬‬

‫‪-76-‬‬
-77-
‫كتـــــــاب األميان‬

‫قللال اهلل تعللاىل‪ } {:‬وقللال عللز قللائالً‪    {:‬‬

‫‪[}‬البقرة‪.]225:‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ملن حللف فليحللف بلاهلل أو‬
‫ليقمت))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف بغري اهلل فقد أك ))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يمني الغموس تلدع اللديار بالقلع))‬

‫فقولللللللله تعلللللللاىل‪         { :‬‬

‫‪     ‬‬ ‫‪[}‬البق الالالرة‪ ،]225:‬وقوللللله تعللللاىل‪{:‬‬

‫‪[}   ‬المائدة‪ ،]89:‬يدل عىل أن األيامن ثالث‪ :‬منها اللغو التي‬
‫وعد أن ال يؤاخذنا هبا اهلل تعاىل‪ ،‬ومنها اليمني الغموس وهي التي توعدنا أن يؤاخذنا بلام‬
‫كسبت قلوبنا من الققد للكذب يف اليمني عىل وجه التعمد ومل يوجب فيها وال يف اللغلو‬
‫الكفارة‪ ،‬ومنها اليمني املعقودة التي أوجب فيها الكفارة بقوله تعاىل‪ {:‬‬

‫‪ ،}  ‬فكفارهتا إطعام عرشة مساكني‪.‬‬


‫أما اللغو فهو أن حيلف اإلنسان عىل أمر ماض أنه كان أو مل يكن وهو يظن أنه صلادق‬
‫فيه وال يعلم حقيقته فهذه لغو ال كفارة فيها‪ ،‬وكذلك إذا حلف عىل احلال نحو أن قيد ًا يف‬
‫الدار من حيث ظن أنه فيها نص عليه يف (األحكام) وهو قول قيلد بلن عليل‪ ،‬والقاسلم‪،‬‬
‫والنارص للحق‪ ،‬واملؤيد باهلل عليهم السالم وذلك ألن اهلل تعاىل قد ذكر أنه ال يؤاخذنا هبلا‬

‫‪-78-‬‬
‫أنه ال كفارة فيها‪.‬‬ ‫فاقت‬

‫وأما الغموس وهي أن حيلف عىل أمر ماض عامل ًا بتنه كلاذب فيققلد الكلذب فهلذه‬
‫غموس وال كفارة فيها إال التوبة‪ ،‬نص عليه يف (األحكام) وبه قال قيد بن عيل‪ ،‬والقاسم‪،‬‬
‫والنارص‪ ،‬واملؤيد باهلل عليهم السالم‪ ،‬ويدل عىل أنه ال كفارة فيها (خرب) ما روي عن النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يمني الغموس تدع الديار بالقع)) ومل يوجب الكفارة‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬مخس ال كفلارة فليهن الرشل بلاهلل‪،‬‬
‫والعقوق بالوالدين‪ ،‬وقتل النفس بغري حق‪ ،‬والبهت عىل املؤمن‪ ،‬واليملني الفلاجرة التلي‬
‫يقطع هبا مال أخيه املسلم))‪.‬‬
‫(خرب) يف (األحكام) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم يف قلول اهلل سلبحانه‪         {:‬‬

‫‪[}             ‬آل‬
‫ومرا‪.]77::‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪ :‬هذه اآلية نزلت يف رجل حلف لرجل عند رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم يمين ًا فاجرة باطلة فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من حلف‬
‫عىل مال أخيه فاقتطعه ظامل ًا لقي اهلل يوم القيامة وهو معرض عنه))‪.‬‬
‫وأما املع قودة‪ :‬فهي التي يتعلق هبا الرب واحلنث‪ ،‬وذلك أن حيلف عىل أمر مسلتقبل أنله‬
‫يفعله أو ال يفعله ونحو ذلك‪ ،‬فإن بر مل يلزمه يشء وإن حنث فعليه الكفارة‪ ،‬دليلله قلول‬
‫اهلل تعللاىل‪           { :‬‬

‫‪[}   ‬المائدة‪ ،]89:‬وهو إمجاع‪.‬‬

‫‪-79-‬‬
‫باب ذكر ألفاظ اليمين التي يتعلق بها الحنث‬
‫(خرب) عن ابن عمر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله كلان حيللف كثلري ًا هبلذه‬
‫اليمني ((ال ومقلب القلوب))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب سعيد افدري أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم كلان إذا اجتهلد يف‬
‫اليمني قال‪(( :‬والذي نفس أيب القاسم بيده)) دل ذلك عىل أن من حللف بيشلء ملن هلذه‬
‫األلفاظ كان ذلك يمين ًا وكذلك إذا قال‪ :‬واهلل أو باهلل فال خالف أرام من حروف القسلم‪،‬‬
‫ويدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله‬
‫قال‪(( :‬واهلل ألغزون قريش ًا)) ثم قال‪(( :‬إن شاء اهلل)) دل ذلك عىل ثبوت القسم بلفن واهلل‪،‬‬
‫ودل عىل أن االستثناء بعد اجلمل املتقلة يرجلع إىل مجيعهلا ونفقلل الكلالم يف حلروف‬
‫القسم‪ ،‬أما الواو فدليله ما تقدم‪ ،‬وقوله تعاىل‪[}    { :‬الضحى‪-1:‬‬
‫‪ ،]2‬وفاء القسم قوله تعاىل‪[}  { :‬الحجالر‪ ،]92:‬وأما الباء فقد قلال تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}     ‬المائالالدة‪ ،]106:‬وقللال تعللاىل‪ { :‬‬

‫‪ }‬وأما التاء فقد قال اهلل تعاىل حاكيل ًا علن إبلراهيم عليله السلالم‪ { :‬‬

‫‪[}‬األنبيالالالاء‪ ،]57:‬وقللللال حاكيلللل ًا عللللن أوالد يعقللللوب‪  { :‬‬

‫‪[}‬يوسف‪ ،]85:‬وكذلك إين قتلت قيد ًا ونوى هبا اليمني كانت يمين ًا‪.‬‬
‫(خرب) كام روي أن ابن مسعود أتى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعلمه أنه قتل‬
‫أبا جهل فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنك قتلته)) قال ابن مسعود‪ :‬آاهلل إين‬
‫قتلته‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪ ،‬وكذلك إذا حلف بقفات اهلل الراجعلة إىل ذاتله دليلله ملا‬
‫تقدم من قوله‪(( :‬ومقلب القلوب)) وكذلك إذا قال‪ :‬وحق اهلل؛ ألنه تعلاىل وصلف نفسله‬
‫بتنه حق فقال ذلك بتن اهلل هو احلق‪ ،‬وقال‪[}     { :‬النور‪،]25:‬‬
‫فإذا قال‪ :‬وحق اهلل فكتنه قال‪ :‬واهلل احلق‪ ،‬كام إذا قال‪ :‬وعظمة اهلل وقلدرة اهلل وجلالل اهلل‬

‫‪-80-‬‬
‫فكتنه قال‪ :‬واهلل العظيم واهلل القادر واهلل اجلليل‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال حني طعن بعلض النلاس يف‬
‫إمارة أسامة‪(( :‬وأيم اهلل إن كان فليق ًا لإلمارة)) أو قال‪ :‬باإلمارة‪ ،‬وروي يف خلرب آخلر أن‬
‫فليق باإلمارة)) والقسم بتيم‬
‫ٌ‬ ‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يف أسامة‪(( :‬أيم اهلل إنك‬
‫اهلل كثري يف خطب عيل عليه السالم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه من ألفاظ القسم‪ ،‬وكلذلك إذا قلال‬
‫وهيم اهلل بتنه بمعنى أيم اهلل أقيمت اهلاء مقلام األللف وذللك يف اللغلة كثلري كلام قلالوا‪:‬‬
‫أهرقت املاء وأرقته وهيلا وإيلا ‪ ،‬وكلذلك قلول اهلل تعلاىل‪ } { :‬وقولله‪:‬‬
‫{‪[}   ‬النالور‪ ،]53:‬ونحو ذلك يف القرآن كثري‪ ،‬فدل ذلك علىل أن‬
‫قول القائل‪ :‬أقسم باهلل يمني‪ ،‬فتما قوله‪ :‬أقسم ال فعلت كذا وكذا فإنه إن نوى بله القسلم‬
‫باهلل كانت يمين ًا وإن نوى القسم بغري اهلل أو مل ينو شيأ ًا مل يكن يمينل ًا‪ ،‬أملا كورلا يمينل ًا إذا‬
‫نوى القسم باهلل تعاىل (خرب) وهو قول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬ال قلول إال‬
‫بعمل‪ ،‬وال قول وال عمل إال بنية)) أراد ال قول وال عمل يكون كعيل ًا إال بنيلة فاقت ل‬
‫ذلك أنه إذا نوى القسم باهلل كانت يمين ًا كعية‪ ،‬وأنه إذا مل ينو مل تكن يمين ًا كعية‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن ابن عمر أنه رأى رج ً‬
‫ال حيللف بالكعبلة فقلال ابلن عملر‪ :‬سلمعت‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬من حلف بغري اهلل فقد أك ))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال حتلفوا بآبائكم وال بتمهاتكم‬
‫وال باألنداد وال حتلفوا إال باهلل))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ملن حللف فليحللف بلاهلل أو‬
‫ليقمت)) دلت هذه األخبار عىل قبح احللف بغري اهلل تعاىل وهلذا يقت يل أرلا ال تكلون‬
‫يمين ًا وإذا مل تكن يمين ًا مل جيب فيها الكفارة‪ ،‬فتما من حلف بغري اهلل معظ ًام للمحللوف بله‬
‫كلام يف افلرب‪ ،‬وأملا قسلم اهلل تعلاىل بقولله‪{ :‬‬ ‫عىل حلد تعظليم اهلل فلذلك ك‬
‫‪[}‬الطارق‪ ،]1:‬ونحو ذلك مما يف كتابه الكريم فاملراد به رب هلذه األشلياء فيكلون‬
‫احللف باهلل‪.‬‬

‫‪-81-‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف فقال أنا بلريء‬
‫من اهلل فكان صادق ًا فهو كام قال))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف فقال أنلا بلريء ملن‬
‫اإلسالم فإن كان كاذب ًا فهو كام قال وإن كان صلادق ًا فللم يرجلع إىل اإلسلالم سلامل ًا)) ومل‬
‫يوجب يف ذلك كفارة‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال حتلفوا بآبائكم وال بالطواغيت وال‬
‫بيشء من احلدوث‪ ،‬وال بيشء من الرشائع فمن حلف فليحلف باهلل أو ليقمت))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال حتلفوا بغري اهلل وال حتلفوا إال وأنتم‬
‫صادقون)) دلت هذه األخبار عىل أن احللف بام هذه حاله ال جيوق‪ ،‬وأنه ال يكون يمين ًا‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف بغري اهلل فكفارته أن يقول‪:‬‬
‫ال إله إال اهلل)) يعني واهلل يعلم أن من حلف بغري اهلل معظ ًام له عىل حد تعظيم اهلل فقد صار‬
‫مرشك ًا فرجوعه من الرش هو اعتقاده للتوحيد‪ ،‬يعني قوله‪ :‬ال إله إال اهلل‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف عىل يشء فرأى غلريه‬
‫خري ًا منه فليتت الذي هو خري وليكفر عن يمينه)) دل عىل أنه ال جيوق االسلتثناء املنفقلل‬
‫وال حكم له يف الرشع؛ ألنه لو كان له احلكم لقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فليستثن يف‬
‫يمينه وليتت الذي هو خري)) ومل يوجب عليه الكفارة واالستثناء يقح عندنا بالنيلة فقلط‬
‫وهو ظاهر مذهب اهلادي إىل احلق‪ ،‬ودليله العموم فإنه يقلري خاصل ًا بالققلد واإلرادة؛‬
‫ألن احلكيم لو مل يرد به بعض ما تناوله لبقلي علىل عمومله فكلان ال جيلوق أن يلدل علىل‬
‫خقوصه؛ ألن ذلك يكون تلبيس ًا وذلك قبيح واحلكيم ال يفعله‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أحل لكم ميتتان ودمان‪ ،‬امليتتان‬
‫السمك واجلراد‪ ،‬والدمان الكبد والطحال)) دل عىل أن من حلف أن ال يتكل حلل ًام وأكلل‬
‫كبد ًا أو طحاالً مل حينث؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يسمهام حل ًام‪.‬‬

‫‪-82-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬سليد آدام اللدنيا واآلخلرة‬
‫اللحم))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬سيد اآلدام اللحم))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه وضع مترة فوق لقمة وقال‪(( :‬هذه أدام هلذه))‬

‫دلت هذه األخبار عىل أن األدام هو ما يؤكل به افبز يف األغلب من شواء أو دهن أو مرق‬
‫أو نحو ذلك‪ ،‬وحتقيقه أن ذلك يرجع إىل العرف فمن حلف من األدام فلام كلان إدامل ًا يف‬
‫عرف احلالف حنث بتناوله‪ ،‬وما مل يكن كذلك مل حينث بتناوله‪ ،‬أال ترى أن من أكل افبز‬
‫باملاء وامللح مل حي نث؛ ألرام ليسا بإدام يف العرف يبني ذلك أن من وكل غريه برشلاء األدام‬
‫فاشًامها كان ةالف ًا‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬أكلنا خبز ًا بتدام مل يعقال منه وهذا هو الذي ينبغي اعتباره‬
‫يف مجيع األيامن‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع عن أمتي افطلت والنسليان‬
‫وما استكرهوا عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وروى واثلة بن األسقع وأبو أمامة أن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫قال‪(( :‬ليس عىل مقهور يمني)) دل ذلك عىل أن من أكره عىل يمني فحلف مكره ًا مل يلزمه‬
‫احلنث‪ ،‬ويوضحه قوله عز وجل‪[}   { :‬البقالرة‪ ،]256:‬وعمومه يقت ي نفي‬
‫اإلكراه يف الرشعيات كلها إال ما خقه الدليل فال يلزم عليه من أكرهه اإلملام أو احللاكم‬
‫عىل يمني واجبة عليه فحلف فإن اليمني تنعقد ويلزمه حكمها وال حكم للنية‪ ،‬وإذا امتنع‬
‫من اليمني كان ظامل ًا فعىل هذا تكون النية نية املحلف ال نية احلالف‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪[}      { :‬الحج‪ ،]78:‬وقال تعاىل‪ { :‬‬

‫‪[}     ‬البقرة‪.]185:‬‬

‫‪-83-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬بعثت بالدين احلنيفية السلهلة))‬

‫وروي ((بالدين احلنيفية السمحة)) دل ذلك عىل أن ملن حللف علىل ملا ال يلدخل حتلت‬
‫إمكانه وال تبلغه قدرته مل يلزمه اليمني ومل يتوجه عليه حكمها نحلو أن حيللف أن يقلعد‬
‫السامء أو يرشب ماء البحر‪ ،‬أو حيلف أن يزن الفيل‪ ،‬أو كان احلالف يف موضع ال يوجد فيه‬
‫الفيل ويتعذر عليه حتقيله‪ ،‬وال يتمكن من إحضار اآلالت التي يمكنها هبا وقن الفيل أو‬
‫نحو ذلك مما ال يقدر عليه وهو مذهب القاسم بن إبراهيم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ملن بلاع عبلد ًا ولله ملال فاملله‬
‫للبائع إال أن يشً املبتاع)) دل ذلك عىل أن من حلف أال يركب دابة عبد فلالن فركلب‬
‫دابة عبده حنث‪ ،‬ذكره السيد أمحد األقرقي والقايض قيد؛ وذللك ألن الدابلة تضلاف إىل‬
‫ذلك العبد املحلوف من دابته يف العرف كام يف افرب أن من باع عبد ًا وله مال فتضاف املال‬
‫إىل العبد ملا كان يضاف إليه يف العرف وإن كان ال يملكه كام لو حلف أن ال يتكل من متلر‬
‫هذه النخلة أو ال يرشب من لبن هذه البقرة فتكل من التمر وكب من اللبن حنث؛ ألنله‬
‫يضاف إليهام عرف ًا‪.‬‬

‫(خرب) وكام قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من بلاع نخللة وهللا ثملرة فثمرهتلا‬
‫املبتاع)) وقال اهلل تعاىل‪[}  { :‬األحالزاب‪ ،]33:‬وقال‪{ :‬‬ ‫للبائع إال أن يشً‬
‫‪[}  ‬األحزاب‪ ،]53:‬فتضاف البيوت إىل نسائه تارة بحق السكنى وإليه صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم بحق امللك‪ ،‬فإذا كانت اإلضافة موجودة علادة يف العلرف وجلب أن‬
‫حينث‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لليهودي الذي استسلم منه إىل يوم‬
‫معلوم فلاء يف ذلك اليوم الذي هو حمل السلم‪(( :‬لنا بقية يومنا يا هيودي)) دل عىل أن من‬
‫حلف ل ُيعطي قيد ًا حقه يوم كذا فله ذلك اليوم وال حينث إال بانقضائه‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اإلسالم جيب ملا قبلله)) دل علىل أن‬
‫الكافر إذا حلف يف حال كفره مل تنعقد يمينه وال يلزمه احلنث‪.‬‬

‫‪-84-‬‬
‫فصل‬

‫قوله تعاىل‪            { :‬‬

‫‪[} ‬مريم‪ ،]11-10:‬دل عىل أن من حلف أال يتكلم فتشار أو أومى مل حينث؛ ألن‬
‫قكريا عليه السالم منع من الكالم فتومى ومل يكن كالم ًا‪ ،‬يزيده بيان ًا ققلة ملريم يف قولله‬
‫تعللاىل‪[}       { :‬مالالريم‪ ،]26:‬ثللم قللال‪{ :‬‬

‫‪ }‬فدل عىل أن اإلشارة ليست من الكالم‪ ،‬وألن األخرس يشري ويكتب وال يقال إنله‬
‫تكلم قال اهلل تعاىل‪[}   { :‬التوبة‪ ،]103:‬دل عىل أن ملن حللف باملله‬
‫فإنه حيمل عىل ما جتب فيه الزكاة إال أن ينوي شليأ ًا يعينله وهلو اللذي ذكلره يف (اللوايف)‬
‫ملذهب حييى‪ ،‬وذكر القايض قيد أنه إذا كان يملك ما يتمول يف العلادة حنلث‪ ،‬يلدل علىل‬
‫ذلك قوله تعاىل‪[}  { :‬النساء‪ ،]24:‬فتبا‪ ،‬االبتغاء بامللال وال خلالف أنله‬
‫جيوق االبتغاء بام ال قكاة فيه فثبت أنه مال‪ ،‬وألنه متمول يف العادة فوجب أن يكلون ملاالً‬
‫ويقع به احلنث‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال هللا تعالى‪.]44::[}      { :‬‬

‫(خرب) وروي أن سعيد بن سعد بن عبادة فلر بلارية فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم بتن يرضب احلد‪ ،‬قالوا‪ :‬إن رضبناه قتلناه هو أضلعف ملن ذللك‪ ،‬قلال‪(( :‬فخلذوا‬
‫عثكاالً فيه مائة شمراخ فارضبوه هبا واحدة)) ففعلوا‪ ،‬فدل عىل أن من حللف أن يرضلب‬
‫عبده عرشة أسوا فلمعها ورضبه هبا فتصابه كل واحد منها بر يف يمينه وإال مل يرب‪ ،‬وقد‬
‫ذكره يف (الوايف)‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬وهو صحيح عىل أصل حييى عليه السالم لنقه عىل أن من قنى وهو‬

‫‪-85-‬‬
‫مريض دنف ومل يكن حمقن ًا فإن اإلمام لو رأى أن جتمع عرشة أسوا ويرضبه هبا يف حال‬
‫دنفه جاق‪.‬‬

‫‪-86-‬‬
‫باب كفارات األيمان‬
‫قللال اهلل تعللاىل‪         { :‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪[}‬المائدة‪ ،]89:‬واملكفر ةري بني هذه الكفارات الثالث؛ ألن اهلل تعاىل خري بينها بلفظة‬
‫أو هي موضوعة يف اللغة للتخيري‪ ،‬وهي واجبة كلها عىل سبيل التخيري والبدل‪ ،‬وموضلع‬
‫الكالم يف حتقيق ذلك أصول الفقله‪ ،‬فلإن مل جيلد منهلا شليأ ًا فكفارتله صليام ثالثلة أيلام‬
‫متتابعات فإن فرق أعاد‪ ،‬نص حييى عليه السالم عليه يف (األحكام) وهو إمجلاع األملة إال‬
‫يف التتابع‪ ،‬ومذهبنا ما تقدم‪ ،‬وبه قال النارص للحق عليه السالم ووجهة قراءة عبداهلل بلن‬
‫مسعود فإنه كان يقرأ‪ { :‬فصيام ثالثة أيام متتابعات} وأدنى قراءته أن‬
‫جتري جمرى أخبار اآلحاد التي جيب العمل هبا وإن مل توجب العلم‪ ،‬وهذا يقت ي وجوب‬
‫العمل هبذه القراءة يف إجياب التتابع وإن مل نتمسك هبا فيام طريقه العلم من إثبات ذلك يف‬
‫التالوة وجعلها قيادة يف القرآن؛ ألن ذلك ال جيوق إال بلالقراءة املشلهورة املتلواترة‪ ،‬ومملا‬
‫يوضح وجوب العمل يف التتابع بقراءة عبداهلل بن مسعود و ُأيب أيض ًا ملا روي أرلا كانلت‬
‫مشهورة فيام تقدم‪ ،‬وروي عن إبراهيم أنه قال‪ :‬كنا نتعلم قراءة عبداهلل بن مسعود ونحلن‬
‫صبيان‪ ،‬وروي عن سعيد بن جبري أنه كان يقيل ليللة بقلراءة عبلداهلل بلن مسلعود وليللة‬
‫بقراءة قيد بن ثابت‪ ،‬فدل ذلك عىل استفاضتها إىل قمن سعيد بلن جبلري قلال اهلل تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}   ‬التوبالة‪ ،]60:‬وال خالف أن املراد به فقراء املسلمني‬
‫ومساكينهم‪ ،‬واأللف والالم داخلتان يف القدقات لللنس فكتنه قلال‪ :‬القلدقات كلهلا‬
‫لفقراء املسلمني ومساكينهم‪ ،‬والكفارات من مجلة القدقات‪ ،‬فوجب رصفها إلليهم دون‬
‫غريهم‪ ،‬دل عىل أنه ال جيوق إخراجها إىل فقراء أهل الذمة وهو قول اهلادي‪ ،‬وقيد بن عيل‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أمرت أن آخذها من أغنيلائكم‬

‫‪-87-‬‬
‫وأردها يف فقرائكم)) وهذا خطاب ألهل امللة‪ ،‬فدل عىل أن دفعها إىل الكفار ال جيوق‪.‬‬

‫أما اإلطعام فهو عىل وجهني‪ :‬متليك وإباحة‪ ،‬أما التميلك فهو أن يدفع إىل كلل واحلد‬
‫من العرشة نقف صاع من بر أو دقيقه أو صاع ًا من متر أو صاع ًا من شعري أو غري ذلك مما‬
‫يتكله ا ُمل م‬
‫كفر وأهله‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل أمري املؤمنني عيل عليله السلالم أنله قلال يف‬
‫كفارة اليمني‪ :‬يعطي كل مسكني مدين مدين من حنظة أو دقيق لكل مسكني يتدمه من أي‬
‫إدام كان أو قيمته لغدائهم وعشائهم‪.‬‬

‫(خرب) وروي يف حديث أوس بن القامت حني ظاهر من قوجته خولة ابنة مالك بن‬
‫ثعلبة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعانه بعلرق ملن متلر وأعانتله هلي بعلرق آخلر‪،‬‬
‫والعرق ثالثون صاع ًا‪ ،‬وذلك يكون ستني صاع ًا وأمره النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن‬
‫يتقدق به عىل ستني مسكين ًا‪ ،‬وذلك يكون ستني صاع ًا ويرجع إىل أهله‪ ،‬وذللك يوجلب‬
‫أن يكون لكل مسكني صاع من متر‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطاه وسق ًا من متر‪ ،‬والوسق سلتون‬
‫صاع ًا فكانه أعطاه مخسة عرش صاع ًا مرة ومخسة عرش صاع ًا مرة ليكون مجع ًا بني افربين‪،‬‬
‫وما ذكرناه من اعتبار نقف صاع من بر دون غريها من سائر احلبوب‪ ،‬لداللة (خرب) وهو‬
‫ما روي عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬نقف صاع من بر أو صاع من متر‪ ،‬وال ةالف له يف‬
‫القحابة‪ ،‬فتما قوله تعلاىل‪[}    { :‬المائالدة‪ ،]89:‬وهلذا يتنلاول‬
‫الطعام واإلدام؛ ألنه شبه كفارة اليمني بإطعام األهاَّ وهلم يلتكلون كلذلك‪ ،‬ودل خلرب‬
‫أوس عىل أنه ال جيب اعتبار اإلدام مع احلبوب‪ ،‬وألن أكثر الناس ال يطعلم أهلله بلاآلدام‬
‫دائ ًام‪ ،‬فدل عىل أنه ال جيب اعتباره وهو األوىل‪ ،‬ودل قولله تعلاىل‪  { :‬‬

‫‪[}‬المائدة‪ ،]89:‬عىل اعتبار العدد؛ ألنه نص علىل علددهم وهكلذا نلص يف كفلارة‬
‫الظهار عىل إطعام ستني مسكين ًا‪ ،‬فال جيوق االقتقار علىل دون هلذا العلدد؛ ألنله يكلون‬
‫عدوالً عن الظاهر لغري داللة وذلك ال جيوق‪.‬‬

‫‪-88-‬‬
‫وأما اإلباحة فهو أن جيمعهم واجلمع ليس برش ويطعمهم طعام ًا بتدم متوسط‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان يغدهيم ويعشيهم خبز ًا وحلل ًام أو قيتل ًا‪ ،‬دل‬
‫عىل أنه البد من أكلتني من غداءين وعشاءين أو غداء وعشاء‪ ،‬أو عشلاء وسلحور‪ ،‬وألن‬
‫اهلل تعاىل قال‪[}    { :‬المائدة‪ ،]89:‬وهذا من أوسلط ملا يطعلم‬
‫األهاَّ؛ ألن األعىل يف اليوم ثالث أكالت واألدنى أكلة واحدة واألوسط أكلتان فثبت يف‬
‫ذلك ما ذكرناه‪ ،‬وأما الكسوة فقوله تعاىل‪ } { :‬فالكسوة عبارة عام يكتسى‪.‬‬
‫قال النارص‪ :‬ال تقدير يف الكسوة‪ ،‬ومن أراد ذلك فإنه يكسلو ملا جتلوق القلالة فيله‪،‬‬
‫ومذهب حييى عليه السالم أن االكتساء هو أن يلبس ما يسً عامة بدنه أو كسا مسكين ًا ثم‬
‫ملكه عليه فكساه غريه حتى كسا العرشة ذلك الثوب جلاق ذلك‪ ،‬وكذلك يف اإلطعلام إذا‬
‫أخرج القيمة أجزى؛ ألن كلل واحلدة ملن الكفلارة يف اإلطعلام والكسلوة قائملة مقلام‬
‫األخرى؛ إذ مها مستويتان يف صفة التعبد هبام فام جاق يف إحدامها جلاق يف األخلرى‪ ،‬وألن‬
‫من مد إىل غريه بام يشًي به الطعام والكسوة يوصف بتنله أطعمله وكسلاه أال تلرى أنله‬
‫يقح أن يقال‪ :‬أطعمني فالن أو كسلاين أو أطعلم صلبياين وكسلاهم‪ ،‬وإذا دفلع إليله ملا‬
‫يشًي به الطعام والكسوة يف العرف‪ ،‬وألن األمة أمجعت عىل أن املسكني يملك الكسوة‬
‫وإذا ثبت ذلك ثبت إخراج قيمتها بلدالً عنهلا جلائز‪ ،‬وقلد قلال إبلراهيم عليله السلالم‪:‬‬
‫{‪[}   ‬الشعراء‪ ،]79:‬وال خالف أنه ما أراد طعام ًا مفروغ ًا منه‪.‬‬
‫وأما العتق فال خالف أنه ال جيوق إخراج القيمة عنه؛ ألن العتلق ال يتقلوم والغلرض‬
‫باإلطعام والكسوة إيقال النفع إىل الفقراء وهو حيقل بدفع القيمة إليهم‪ ،‬وليس كلذلك‬
‫العتق فإن الغرض املققود به نفع املعتق نفسه‪ ،‬وهلذا املعنلى ال حيقلل بلدفع قيمتله إىل‬
‫الفقراء‪ ،‬وجيوق يف كفارة الظهار واليمني عتق رقبة‪ ،‬وال يشً فيها اإليامن؛ ألن اهلل تعاىل‬
‫ذلك جواق ما ذكرناه وال جتزي الكفلارة؛ ألن اهلل‬ ‫قال‪ } { :‬ومل يفقل فاقت‬
‫تعاىل أمر بلهاد الكفار والغلظة عليهم ووصف املؤمنني بترم أشداء عىل الكفلار وذللك‬
‫ينايف العتق‪.‬‬

‫‪-89-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حلف عىل يشء فرأى غلريه‬
‫خري ًا منه فليتت الذي هو خري منه ثم ليكفر عن يمينه)) دل عىل أن الكفارة قبل احلنلث ال‬
‫جتب وال جتزي؛ ألن الكفارة إنام جتب بعد احلنث؛ ألن لفظة ثم توجب الًتيب واملهمللة‬
‫وهو جيب محل افطاب عىل حقيقته؛ ألرا أسبق إىل األفهام‪ ،‬والغلرض بافطلاب إفهلام‬
‫املعنى فثبت بذلك ما ذكرناه‪.‬‬

‫‪-90-‬‬
‫باب كفارة القتل‬
‫قللال اهلل تعللاىل‪            { :‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]92:‬فدل ذلك عىل أن من قتل مؤمن ًا بغري حق فكفارته ما ذكر اهلل تعاىل‬
‫وهو إمجاع بني األمة‪ ،‬واختلفوا فيمن قتله عمد ًا فملنهم ملن ذهلب إىل أنله ال جيلب علىل‬
‫القاتل إال القود أو الدية وهو الذي نقه يف (األحكام) وهو الظاهر من مذهب القاسلم‪،‬‬
‫ونص يف (املنتخب) عىل أن الكفارة جتب عىل العامد كام جتب عىل افاطئ‪ ،‬وبه قال املؤيد‬
‫باهلل؛ وذلك ألرا إذا وجبت عىل افاطئ ملع علدم اإلثلم فلون جتلب علىل العاملد أوىل‬
‫ملقارفته الكبرية وفعله اإلثم‪.‬‬
‫(خرب) وروى واثلة بن األسقع قال‪ :‬أتيت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف صلاحب‬
‫لنا قد استوجب النار بالقتل فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أعتقوا عنه رقبة يعتق‬
‫اهلل عنه بكل عضو منها عضو ًا منه من النلار)) وإجيلاب النلار ال يكلون إال يف العملد ملن‬
‫القتل‪ ،‬فثبت أن العامد تلزمه الكفارة‪ ،‬وكذلك جتب الكفارة عىل من قتل من له أمان ملن‬
‫الكفللار لقوللله تعللاىل‪          { :‬‬

‫‪[}  ‬النساء‪ ،]92:‬دل ذلك عىل ثبوت الكفارة ووجوهبا علىل ملن قتلل ملن‬
‫م‬
‫عليه ذمة وميثاق سواء كان م ِّل َي ًا أو كافر ًا ؛ ألنه مل يفقل بينهام وقولله تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}        ‬النساء‪ ،]92:‬دل عىل وجلوب الكفلارة‬
‫عىل من قتل مؤمن ًا بغري حق‪ ،‬ومل يشً فيه افطت فدل عىل ما قاله يف (املنتخب)‪.‬‬

‫‪-91-‬‬
‫باب النذور‬
‫النذر‪ :‬أن يوجب اإلنسان عىل نفسه شيأ ًا مل يكن واجب ًا عليه‪ ،‬قلال اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[}‬اإلنسا‪ ،]7::‬وقال تعاىل‪[}    { :‬المائدة‪.]1:‬‬


‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من نذر نذر ًا سامه فعليله الوفلاء‬
‫به ومن مل يسمه فعليه كفارة يمينه)) دل ذلك عىل وجوب الوفاء بالنذر‪ ،‬ويدل علىل ذللك‬
‫(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لعمر حلني سلتله علن نلذر كلان نلذره‪:‬‬
‫((أوف بنذر )) فتمره بالوفاء‪ ،‬واألمر يقت ي الوجوب‪ ،‬وال يكون النذر نذر ًا وال يتعلق به‬
‫حكم إال بملموع أمرين‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن يلفن به ويوجب عىل نفسه أمر ًا من األمور‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬أن يقًن بلفظه النية؛ ألنه لو لفن ساهي ًا أو غاف ً‬
‫ال بالنذر من دون نيلة مل يكلن‬
‫نذر ًا ولو نوى من دون لفن مل يكن نذر ًا‪ ،‬واملستلتان إمجاع‪ ،‬ثم النذر قد يكون مطلق ًا نحلو‬
‫أن يقول‪ :‬اهلل عيل أن أفعل كذا أو ال أفعل كذا‪ ،‬واملقيد نحو أن يقلول‪ :‬اهلل عليل أن أصلوم‬
‫كذا أو أتقدق بكذا إن فعلت كذا‪ ،‬وال خالف يف انقسامه إىل هذين القسمني‪ ،‬ثم املنذور‬
‫به من أهيام كان عىل ثالثة أرضب نذر تتعلق به القربة‪ ،‬ونذر بمعقية يتعلق بله اإلثلم وال‬
‫يتعلق به القربة‪ ،‬ونذر ال يتعلق به القربة وال يتعلق به اإلثم وهو املبا‪.،‬‬
‫أما ا لنذر املبا‪ ،‬فال يلزم الوفاء به وال كفارة عليه‪ ،‬ذكره السليدان‪ :‬أبلو العبلاس وأبلو‬
‫طالب عىل أصل القاسم وحييى (عليهام السالم) وذلك ألن األصل براءة الذمة فال جيلوق‬
‫إجياب الكفارة إال برشع ثابت‪ ،‬ومل يرد الرشع يف إجياهبا من املبا‪ ،‬فال جتب‪ ،‬وعنلد املؤيلد‬
‫باهلل أن من نذر يف مبا‪ ،‬فعليه كفارة يمني ويمكن نرصة قوله عليه السلالم بلام روي علن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كفارة النذر كفارة يمني)) ومل يفقل‪.‬‬

‫‪-92-‬‬
‫وأما النذر باملعقية فإذا نذر فيام هو معقية فعليه أن ال يفعله ويتثم بفعلله وذللك مللا‬
‫روي (خرب) عن أم سلمة‪ ،‬عن عائشة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬ال‬
‫نذر يف معقية اهلل وكفارته كفارة يمني))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن امرأة أتت إىل ابن عباس فقالت‪ :‬إين نذرت أن أنحر ابني‪ ،‬فقال ابلن‬
‫عباس‪ :‬ال تنحري ابنك وكفري عن يمينك‪ ،‬وإن كان نذره متعلق ًا بقربة وجب فيه الوفلاء‬
‫به عقيب اللفن إن كان النذر مطلق ًا أو عند وجود ما قيد به إن كان مقيد ًا عىل حسلب ملا‬
‫نبينه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ملن نلذر‬
‫نذر ًا مل يسمه فعليه كفارة يمني)) دل ذلك عىل أن من قال‪ :‬هلل عيل ثالثون نلذر ًا أو أقلل أو‬
‫أكثر ومل يسم شيأ ًا وجب عليه أن يكفر عن كل نذر كفارة يمني‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من نلذر نلذر ًا ال يطيقله فعليله‬
‫كفارة يمني)) دل ذلك عىل أن من قال‪ :‬هلل عيل ألف حلة أو هو حمرم بتلف حللة ونحلو‬
‫ذلك مل جيب عليه الوفاء به‪ ،‬واختللف علامؤنلا يف وجلوب الكفلارة فقلال القاسلم عليله‬
‫السالم‪ :‬ال يشء عىل الناذر؛ ألنه محل نفسه ما ال يطيق‪ ،‬وقال أبلو طاللب‪ :‬تلزمله كفلارة‬
‫يمني؛ ألنه نذر فيام جيري جمرى العبث فيكون من قبيل املعقية‪ ،‬فيلب عليه كفارة يملني‬
‫وهو األوىل ملوافقة افرب‪.‬‬
‫(خرب) وروى عطاء عن جابر أن رج ً‬
‫ال قال يوم فتح مكة‪ :‬إين نذرت إن فتح اهلل علينلا‬
‫مكة أن أصيل يف بيت املقدس‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬صل هاهنا)) فتعاد مرتني‬
‫أو ثالث ًا‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فشتنك)) فهذا الرجل قد كان أوجب عىل‬
‫نفسه امليش إىل بيت املقدس بتن نذر أن يقيل فيه ركعتني‪ ،‬والنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫مل يتمره بالوفاء بام نذر به من ذلك بل خريه‪ ،‬دل ذلك عىل أن من نذر من القربة بام ال أصل‬
‫له يف الوجوب مل يلزمه الوفاء به عىل الوجه الذي نذره‪ ،‬فلو نذر أن يقيل يف مسلد املدينة‬
‫أو بيت املقدس أو يف مسلد الكوفة مل يلزمه الوفاء به‪ ،‬وجاق له أن يقيل يف الكعبة عوض ًا‬

‫‪-93-‬‬
‫عنه‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬إذا نذر يف املكان فاألوىل أنه إذا عدل إىل األفضل جاق يعني كام ذكرناه‪،‬‬
‫وال خالف أنه لو نذر أن يقيل أو يقوم يف بلد سوى مكة واملدينة وبيت املقلدس أجلزاه‬
‫أن يقيل يف سائر البلدان‪.‬‬

‫لدين اهلل عليه السالم‪ :‬لو نذر الرجل نذر ًا بقدقة أو صيام يف بلد معللوم‬ ‫قال املرت‬
‫أو يف وقت حمدود ثم علز عن الوفاء بالقدقة والقيام يف ذلك الوقت أو يف ذلك البللد‬
‫فقار إىل غري ذلك البلد فإنه جتزي صدقته وصومه حيث يكون‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وال خالف يف هذه اجلملة عىل الوجه الذي ذكره (ريض اهلل عنله) ويف‬
‫هذا خالف يف مواضع‪ ،‬منها أنه إذا نذر أن يقيل يف املسلد احلرام فقىل يف غلريه‪ ،‬فلذكر‬
‫السيد أمحد األقرقي أنه جيزيه‪ ،‬قال‪ :‬وهو قياس املذهب ويف ذللك نظلر؛ ألنله علدل علن‬
‫األفضل إىل ما دونه غري أنه قد قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬صلالة يف مسللدي‬
‫هذا تعدل ألف صالة يف غريه من املساجد إال املسلد احلرام‪ ،‬وصالة يف املسللد احللرام‬
‫تعدل مائة ألف صالة وأفضل من هذا كله صالة رجل مسلم يف بيت مظلم حيث ال يلراه‬
‫أحد يطلب هبا وجه اهلل تعاىل)) وأما إذا نوى القوم يف وقت بعينه فقدمه قبل ذلك الوقت‬
‫فإنه ال جيزيه؛ ألنه فعله قبل وجوبه فلرى جمرى من يقيل الظهر قبل قوال الشمس فإنله‬
‫ال جيزيه‪ ،‬واملعنى أنه فعله قبل وقته وهو مذهب اهلادي عليه السالم‪.‬‬

‫وأما القدقة فإذا نوى التقدق بمكة أو بمنى وجب عليه إخراجه هنا وال جيزيله يف‬
‫غريمها وهو مذهب القاسم وحييى‪ ،‬وأما إذا نذرالقدقة يف يوم بعينه فقدمها قبله فقد ذكر‬
‫السيد أبو طالب أنه جيزيه وقال‪ :‬إنه مما ال خالف فيه‪ ،‬وأما إذا نذر القالة يف مسلد غلري‬
‫املساجد الثالثة وهي‪ :‬املسلد احلرام‪ ،‬واملسلد األقىصل وهلو بيلت املقلدس‪ ،‬ومسللد‬
‫املدينة وهو مسلد النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جاق أن يقيل يف غريه من املساجد كلام‬
‫لو قال‪ :‬هلل عيل أن أصيل يف هذه الزاوية من هذا املسلد فله أن يقيل يف قاوية أخرى منله‬
‫فكذلك سائر املساجد‪.‬‬

‫‪-94-‬‬
‫فصل‬

‫قلللللال اهلل تعلللللاىل‪[}   { :‬البق الالالالرة‪ ،]196:‬وقلللللال‪ { :‬‬

‫هدي‬
‫‪[}‬المائالدة‪ ،]95:‬واملراد به النعم وأدناها شاة‪ ،‬دل ذلك عىل أن من قال‪ :‬هلل عيل ٌ‬
‫لزمه شاة‪.‬‬

‫‪-95-‬‬
-96-
‫كتـــــــاب الضوال واللقطة‬

‫‪-‬بضم الالم وسكون القاف‪ -‬ما التقط ‪-‬وبضم الالم وفتح القاف‪ -‬امللتقط للكالم يف‬
‫األصل‪ ،‬ثم صار مستعم ً‬
‫ال يف كثري من االلتقا للكالم وغريه ملن اللقطلة‪ ،‬واألصلل يف‬
‫ذلك السنة واإلمجاع‪.‬‬
‫أما السنة (خرب) وهو ما روي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله سلأل علن‬
‫ضالة الغنم فقال‪(( :‬خذها فإنام هي لك أو ألخيك أو للذئب)) وسأل عن ضلالة اإلبلل؟‬
‫فامحرت وجنتاه فقال‪(( :‬مالك وهلا‪ ،‬معها احلذاء والسقاء ترشب املاء وتتكل الشلر حتلى‬
‫يلقاها رهبا))‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن خالد اجلهني أن رج ً‬
‫ال ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫عن اللقطة فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فلإن‬
‫جاء صاحبها وإال فانتفع هبا)) وروي ((وإال فشتنك هبا)) قال‪ :‬فضالة الغنم؟ قلال‪(( :‬هلي‬
‫لك أو ألخيك أو للذئب)) قال‪ :‬فضالة اإلبل؟ قال‪(( :‬مالك وهلا معها سقاؤها وغذاؤها‪،‬‬
‫‪-‬بالعني غري معلمة وبالفاء‬ ‫ترد املاء وتتكل الشلر‪ ،‬دعها حتى يلقاها صاحبها)) العفا‬
‫وبالقاد غري معلمة‪ :-‬صامم القارورة وهو السامع‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر‪ ،‬وقيل‪ :‬قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أعرف عقاصها)) ‪-‬‬
‫بالقاف والعني غري معلمة والقاد غري معلملة‪ -‬ملع عقيقلة وهلي الظفلرية‪ ،‬وقيلل‪:‬‬
‫افقلة من خقل الرأس‪ ،‬والوكاء ربا القربة الذي تربط بله ووكلاء كلل يشء رباطله‪،‬‬
‫وهذا افرب الذي رواه قيد بن خالد (رمحه اهلل) أفادنا أن كل ما كان من الضوال حيتلاج إال‬

‫‪-97-‬‬
‫اللبن وال يرشب املاء بنفسه وال يمتنع من صغار السباع كالفقيل والعلل وصغار الغنم‬
‫فإنه متمور بتخذها‪ ،‬وما كان ال خياف عليه الضياع بتن يرعى بنفسه ويرشلب امللاء بنفسله‬
‫ويتمن عليه من السباع ومل يكن املوضع موضع ًا خيشى عليه منها‪ ،‬فالواجب تركه وما كان‬
‫ال يستقل بنفسه وال يلحق بحكم القسمني األولني فهو ةري إن شاء أخلذه ليحفظله علىل‬
‫مالكه وإن شاء تركه حتى يتخذه غريه ليحفظه عىل مالكه أو ليتكله الذئب‪.‬‬
‫(خرب) وسأل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اللقطة؟ فقال‪((:‬اعرف عفاصها ووكاءهلا‬
‫وعرفها سنة فإن جاء من يعرفها وإال فاخلطها باملك))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬احتبس عىل أخيك ضالته)) هذا‬
‫يدل عىل ما كان خيشى عليه أن يتخذه من ال يرده عىل صاحبه وجلب أخلذه حلفظله علىل‬
‫مالكه؛ ألن قوله احتبس أمر واألمر يقت ي الوجوب‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ضالة املؤمن حرق النار))‬

‫دل ذلك عىل أن من أخذ اإلبل الضالة لريكبها ال ليحفظها فلإن ذللك ال جيلوق كلام روي‬
‫(خرب) عن اجلارود بن املعىل قال‪ :‬أتينا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ونحن عىل إبل‬
‫علاف‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول اهلل إنا نمر باجلوف فنلد إب ً‬
‫ال فنركبها‪ .‬فقال لله‪(( :‬ضلالة املسللم‬
‫حرق من النار))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال يلؤوي الضلالة إال‬
‫ضال)) دل عىل أنه ال جيوق ألحد أن يؤوهيا لنفسه وال يعرفها‪ ،‬فتملا إذا أخلذ بنيلة احلفلن‬
‫لقاحبها جاق بدليل ما تقدم‪(( :‬اعرف عقاصها ووكاءها)) وقوله‪(( :‬هي لك أو ألخيك أو‬
‫للذئب)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اعرف عقاصها ووكاءها)) قيل‪ :‬معناه أنه أمره‬
‫بذلك ليميز هبا عن ماله فال رتلط به‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه إذا أمر بحفن عقاصها ووكائها فحفظهلا‬
‫يف نفسها أوىل وأحرى‪ ،‬وقيل‪ :‬أمر بذلك لكي يسلمها إىل من جاء بقفتها وعالمتها‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وجيوق دفع الضوال بالعالمة إذا غللب علىل ظلن الواجلد أن امللدعي‬

‫‪-98-‬‬
‫صادق فيام يدعيه‪ ،‬وأما من طريق احلكم فال جيب ردها إال بالبينة واحلكم‪.‬‬

‫وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ثم عرفها سنة)) وروي ((ثم عرفها حوالً فلإن جلاء‬
‫صاحبها وإال فانتفع هبا)) وروي ((وإال فشتنك هبا))‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وال خالف يف وجوب التعريف قال‪ :‬وال خالف أيضل ًا أن غايلة ملدة‬
‫التعريف سنة‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬واألقلرب عنلدي مراعلاة األملرين يف انقضلاء السلنة ملع التعريلف‬
‫وحقول اإلياس من صاحبها ثم جيوق له ذلك‪ ،‬وقال ما معناه‪ :‬إذا غلب عىل ظنله أنله ال‬
‫ينال صاحبها جاق له تفريقها يف الفقراء أو إنفاقها عىل نفسه إن كان فقلري ًا علىل أن يكلون‬
‫ضامن ًا متى جاء صاحبها‪ ،‬وقال يف موضلع آخلر‪ :‬واملللتقط إذا كلان فقلري ًا كلان لله بعلد‬
‫التعريف أن يرصفها يف ديونه وأحواله ويترصف فيها كيف شاء‪ ،‬وإن كانت قيمتها قائلدة‬
‫عىل النقاب بكثري‪ ،‬يزيد ذلك وضوح ًا (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم أنه قال يف اللقطة‪(( :‬عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإال فاستمتع هبلا)) وروي ((فلإن‬
‫جاء صاحبها وإال فشتنك هبا)) وروي ((فإن جاء صاحبها فتدها إليله)) وروي أيضل ًا‪ :‬أنله‬
‫يتقدق هبا فإذا جاء صاحبها خري بني األجر والضامن‪ ،‬وروى مثله عن عيل عليه السلالم‬
‫وقال‪ :‬خيري صاحبها بني األجر والضامن‪ ،‬واملراد باألجر أجر اإلبراء‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا وجد دينار ًا عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فللاء‬
‫به إليه فتمره أن يعرفه فلم يعرف صاحبه فتمره أن يتكله فلاء صاحبه فتمره أن يغرمه‪.‬‬
‫(خرب) وسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اللقطة فقال‪(( :‬ما كان منها يف طريق‬
‫امليناء والقرية اجلامعة فعرفها سنة فإن جاء صاحبها فادفعها إليه وإن مل يتت فهي لك))‪.‬‬

‫(خرب) ووجد عيل عليه السالم دينار ًا فتتى به فاطمة فستلت عنه رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬هو رقق اهلل)) فتكل منه رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫وعيل وفاطمة‪ ،‬فلام كان بعد ذلك أتت امرأة تنشد الدينار فقال رسول اهلل صلىل اهلل عليله‬

‫‪-99-‬‬
‫وآله وسلم‪(( :‬يا عيل أد الدينار))‪.‬‬

‫(خرب) ورخص رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم يف العقلا والسلو واحلبلل‬
‫وأشباهه يلتقطه الرجل فينتفع به‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬إذا كانت اللقط ةحقرية أو يسارع إليهلا الفسلاد وأيلس أن جيليء هللا‬
‫طالب يف مدة قريبة كان له أن يتقدق هبا بعد تعريف مثلها‪ ،‬وأشار يف املحقلرات كقطعلة‬
‫حبل ونحوها إىل أنه يعرف هبا ثالثة أيام ثم يتقدق هبا‪ ،‬ومذهب النارص للحق قريب من‬
‫مذهب املؤيد باهلل‪ ،‬فتما اهلادي عليه السالم فإنه منع من مجيع ذلك وأمر بحفظها عىل حد‬
‫حفن الوديعة‪ ،‬وخيرج من ذلك كله لقطة مكة لورود افرب فيها عن النبي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم أنه ال حتل لقطتها‪ ،‬فظاهر ذلك يدل عىل وجوب حبسها أبد ًا (خرب) وروي أن‬
‫أمري املؤمنني عليه السالم أمر بإراذ مربد لضوال املسلمني‪ ،‬وروي أن عمر جعل حظلرية‬
‫جتمع فيها الضوال‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيب عىل اإلمام أن يفعل كذلك وأن ينفق عليها ملن‬
‫بيت املال لأال هتلك وال جيب عليه أن ينفق عليها من خاصة ماله فإن شاء اإلمام أن ينفلق‬
‫عليها قرض ًا من بيت املال فعل إن شاء تركه لقاحبها إذا أتى وإن شلاء ضلمنه ملا أنفلق؛‬
‫ألنه إنام أنفق عليها للعوض‪ ،‬وإن مات كان دين ًا عليه ولإلمام افيار بني أخذه ملن تركتله‬
‫أو تركه لورثته‪ ،‬وإن مل يكن يف الزمان إمام فلملتقطها أن ينفلق عليهلا بنيلة العلوض ولله‬
‫الرجوع هبا عىل صاحبها إذا أتى؛ ألنه أنفق عىل مال خيتص برضب من الوالية له‪ ،‬أال ترى‬
‫أنه جيب عليه حفظها ومنع من يتعرض ألخذها وحماكمة من يغقلبها عليله كلالوذ إذا‬
‫أنفق عىل األيتام بنية الرجوع‪.‬‬

‫‪-100-‬‬
‫باب اللقيط واللقطة‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف امرأة باعت لقيطة‪(( :‬الحق لك‬
‫اللقطة عىل املشًي إذا كان‬ ‫فيها)) وأنه حكم عليها للمشًي بام أعطاها من الثمن وق‬
‫وطأها بمهر مثلها‪ ،‬ونحوه عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬اللقيط حر‪ ،‬دل ذلك عىل حريلة‬
‫اللقيط واللقيطة‪ ،‬وأنه ال سبيل مللتقطهام عليهام ببيع وال هبلة إال أن يوجلد اللقليط يف دار‬
‫احلرب فيكون عبد ًا؛ ألنه حيكم له بحكم الدار عند اجلهل بالنسب ذكره أبو العباس‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اإلسالم يعلو وال يعلىل عليله))‬

‫دل عىل أنه إذا ادعى اللقيط القغري رجالن فادعى كل واحد منهام أنه ابنه فكلان أحلدمها‬
‫مسل ًام واآلخر ذمي ًا كان ابن ًا للسملم دون الذمي‪.‬‬

‫فصل‬

‫فإن كان أحدمها حر ًا واآلخر عبد ًا كان ابن ًا للحر دون العبد‪ ،‬فإن كانا حرين مسللمني‬
‫كان الولد ابن ًا هلام ذكره أبو طالب ملذهب اهلادي‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف اآلبق يوجد خارج احللرم‬
‫عرشة دراهم‪.‬‬
‫وروي عن عليه السالم أنه قال‪ :‬من رد آبق ًا فله دينار وعرشة دراهم‪ ،‬وروي عن عليل‬
‫عليه السالم أنه َج َع َل ُج ْعل اآلبق أربعني درمه ًا إن جاء به من مسرية ثالثة أيام وإن جاء به‬
‫من دون ذلك رضخ له‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬من رد آبق ًا من مسرية ثالثلة أيلام فلله أربعلني‬
‫درمه ًا‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إن هذه األخبار مل تثبت عنه‪ ،‬وقيل‪ :‬ليس يف اآلبق خلرب صلحيح ال علن‬

‫‪-101-‬‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وال عن القحابة عىل أن هذا افرب مطلرو‪ ،‬علىل أوضلاع‬
‫مذهب الفقهاء؛ ألنه خرب واحد ةالف لوصول‪ ،‬وما كان هذا حاله فال يقبل عندهم فإن‬
‫صح محلناه عىل أنه رد برش العوض‪.‬‬

‫‪-102-‬‬
‫كتاب الصيد والذبائح‬
.‫األصل يف جواقه الكتاب والسنة واإلمجاع‬

          { :‫أما الكتاب فقوله تعاىل‬

                 

        { :‫ وقول اهلل تعاىل‬،]4:‫}[المائدة‬
           

:‫ نزلت يف مرشكي قريش وذلك أرم كانوا يقولون للمؤمنني‬،]121:‫}[األنعام‬


‫تزعمون أنكم تتبعون أمر اهلل وأنتم تًكون ما ذبح اهلل فال تتكلونه وما ذبحتم أنتم‬
      { :‫أكلتموه وامليتة فإنام هي ذبيحة اهلل فتنزل اهلل سبحانه‬

‫} يرد‬ { :‫ ثم قال‬،‫} فحرم بذلك امليتة وما ذبحت اجلاهلية لغري اهلل سبحانه‬
    { :‫ ثم قال تعاىل‬،‫أن كل ما مل يذكر اسم اهلل عليه فمعقية‬

             

               

             

               

.]3:‫}[المائدة‬
‫ وأما املنخنقة فهي الدابة ينشلب‬،‫فتما ما ُأ مهل لغري اهلل به فهو ما ذكر عليه غري اسم اهلل‬
‫ وأملا املوقلوذة فهلي التلي‬،‫حلقها بني عودين أو يف حبل أو غري ذلك مما رتنق به فتموت‬
‫ وأما املًدية فهي التي تًدى من رأس اجلبلل أو‬،‫ترمى عىل موقوذهتا أو ترضب فتموت‬
‫ وأملا‬،‫من املطارة أو يف البأر أو غري ذلك مما تسقط فيه الدابة فتملوت فلال تلحلق ذكاهتلا‬
.‫النطيحة فهي ما تنطحه البقرة أو الشاة منهن فيموت فال يلحق ذكاهتا‬

-103-
‫وأما ما أكل السبع فهي الدابة يقتلها السبع فال تلحق ذكاهتا فحلرم اهلل سلبحانه ذللك‬
‫ٍ‬
‫حينأذ ذكيل ًا حلالالً لخآكللني‬ ‫كله إال أن تلحق منه ذكاة فيذبح وفيه يشء من حياة فيكون‬
‫غري حمرم عىل العاملني فكان يف اجلاهلية يعدون ذلك كله ذكي ًا وليس بميتة ثم قال سبحانه‪:‬‬
‫{‪[}   ‬المائالدة‪ ،]3:‬والنقب يف آهلتهم املنتقبة التلي كلانوا يلذبحون هللا‬
‫وعىل اسمها‪ ،‬ومعنى قوله عىل النقب فإنام هو للنقب فحرم اهلل سبحانه ما ذبح هلا وعىل‬
‫اسمها‪ ،‬ثم قال جل جالله عن أن حيويه قول أو يناله‪       { :‬‬

‫‪[}               ‬المائدة‪،]103:‬‬
‫وذلك أن قيص بن كالب أول من بحر وسيب ووصل ومحى ثم اتبعه علىل ذللك قلريش‬
‫ومن كان عىل دينها من العرب‪ ،‬وكانوا جيعلون ذلك نذر ًا ويزعمون أن اهلل سبحانه حكم‬
‫به حك ًام فتكذب اهلل سبحانه يف ذلك قوهلم وقلول إخلوارم املللربة اللذين نسلبوا إىل اهلل‬
‫عليهم بكل معقية وأدخلهم يف كلل فاحشلة فقلال‪:‬‬ ‫سبحانه كل عظيمة وقالوا‪ :‬إنه ق‬
‫{‪ ،}           ‬فنفى أن يكون جعل ذلك فليهم أو‬
‫ق سبحانه به عليهم إكذاب ًا منه ملن رماه بفعله ونسب إليه سيأات صنعه‪ ،‬فنفى سلبحانه‬
‫به عليهم ونسبه إليهم فقال‪   { :‬‬ ‫أن يكون جعل ذلك فيهم أو ق‬
‫‪[}      ‬المائدة‪ ،]103:‬والبحرية التي كانوا جعلوها فهي الناقة‬
‫من اإلبل كانت إذا ولدت مخسة أبطن فنتلت افامس سقب ًا وهلو اللذكر نحلروه لللذين‬
‫يقومون عىل آهلتهم وإن كانت أنثى استبقوها وغذوها وكموا أذرا وسموها بحرية‪ ،‬فال‬
‫جتوق هلم بعد ذلك يف دية وال حيلبون هلا لبن ًا وال جيزون وبر ًا إال أن حيلبوا لبنهلا إن خلافوا‬
‫عىل رضعها يف البطحاء وإن جزوها جزوها يف يوم ريح عاصف يذرون وبرها يف الريا‪،،‬‬
‫وال حيملون عىل ظهرها وخيلون سبيلها تذهب حيث شاءت‪ ،‬وإن ماتت اشً يف حلمها‬
‫النساء والرجال فتكلوه‪.‬‬
‫وأما السائبة فهي من اإلبل كان الرجل منهم إذا مرض فشفي أو سافر فلتدى أو سلتل‬
‫شيأ ًا فتعطي سيب من إبله ما أراد أن يسيبه شكر ًا هلل ويسميها سائبة وخيليها تذهب حيث‬

‫‪-104-‬‬
.‫شاءت مثل البحرية وال متنع من كو وال حوض ماء وال مرعى عندهم‬

‫ فهي من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة مخسة أبطن فكان افلامس جلدي ًا‬:‫وأما الوصيلة‬
‫ وإن ولدت عناق ًا وجدي ًا تركوا‬،‫ وإن ولدت عناقني استحبومها‬،‫ذبحوه أو جديني ذبوحهام‬
‫ وأما األم فملن علرض الغلنم‬،‫اجلدي من أجلها وقالوا قد وصلته أخته فال يذبح ألجلها‬
‫يكون لبنها وحلمها بني الرجال دون النساء فإن ماتت أكل الرجال والنساء منها واشًكوا‬
.‫فيها‬
‫وأما احلام فهو الفحل من اإلبل كان إذا مرت عليه عرش سنني ورضب ولد ولده يف‬
‫ هذا قد محى ظهره فيًكونه ملا نت ويسمونه حامي ًا وخيلون سبيله فال يمنع‬:‫اإلبل قالوا‬
‫ فهذه الثالثة‬،‫أينام ذهب ويكون مثل البحرية والسائبة فال جيوق يف دية وال حيمل عليه محل‬
     { :‫ ثم قال سبحانه‬،‫من األنعام التي حرمت ظهورها‬
               

               

                

              

،‫ والسائبة‬،‫ فذكر سبحانه ذلك ملا حرموا من البحرية‬،]144-143:‫}[األنعام‬


‫ آلذكرين‬:‫ فقال‬،‫ فلعل الذكر قوج ًا وجعل األنثى قوج ًا‬،‫ وغري ذلك‬،‫ واحلام‬،‫والوصيلة‬
      { :‫ ثم قال‬،‫من الثامنية حرمت عليكم أم األُنثيني‬

     { :‫ فقال اهلل سبحانه‬،‫ نحن نشهد‬:‫ فقالوا‬،]150:‫}[األنعام‬
           

   { :‫ ثم قال سبحانه إخبار ًا منه بام حرم عليهم فقال‬،]150:‫}[األنعام‬

                 

                

.‫ فهو السائل وهو القاطر‬،‫ واملسفو‬،]145:‫}[األنعام‬

-105-
‫وأما قوله‪ } { :‬فإنه يقول‪ :‬إنه رجس حمرم‪ ،‬وأما فسق أهل لغلري اهلل بله‬
‫فالفسق هو املعقية واجلرأة عىل اهلل تعاىل بالذبح لغري اهلل‪.‬‬
‫وأما قوله‪[}     { :‬األنعالام‪ ،]145:‬يريد غري باغ يف فعله وال علاد‬
‫مقدم عىل املعقية يف أكله وال متعد يف ذلك ألمر ربه ولكن من اضطر إىل ذلك فلائز لله‬
‫أن يتكل منه إذا خيش عىل نفسه التلف من اجلوع فيتكل منه ما يقيم نفسه ويثبلت يف بدنله‬
‫روحه حتى جيد يف أمره فسحة‪ ،‬ذكر هذه اجلملة بتفسريها اهلادي إىل احلق يف كتاب (جامع‬
‫األحكام) ثم قال‪ :‬كل ما أحل اهلل للمسلمني فبني يف كتاب اهلل رب العلاملني‪ ،‬وملا حرمله‬
‫عليهم فقد بينه يف كتابه ليهلك من هلك عن بينة وحييى من حيى عن بينة وإن اهلل لسلميع‬
‫عليم‪.‬‬
‫وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لعدي بن حاتم‪(( :‬إذا أرسلت كلبلك‬
‫وسميت فكل)) إىل غري ذلك من األخبار‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فمنعقد عىل جواقه‪.‬‬

‫‪-106-‬‬
‫باب أنواع الصيد‬
‫قال اهلل تعاىل‪            { :‬‬

‫‪[}  ‬المائدة‪ ،]96:‬قال تعاىل‪[}  { :‬المائدة‪ ،]2:‬أي إذا خرجتم‬
‫من إحرامكم فقد حل لكم القيد‪ ،‬وقال تعاىل‪[}    { :‬المائالدة‪،]1:‬‬
‫دلت هذه اآليات عىل أن القيد عىل رضبني‪ :‬صيد البحر وصيد الرب‪.‬‬

‫أما صيد البحر فإنه حالل للحالل واملحرم وهلو معللوم ملن اللدين رضورة والليلل‬
‫والنهار سواء يف إباحة االصطياد منه‪ ،‬ويدل عليله قولله تعلاىل‪}   { :‬‬
‫فتطلق ومل يفقل بني الليل والنهار‪ ،‬فدل ذلك عىل جواقه‪.‬‬

‫وأما صيد الرب فإنه مبا‪ ،‬للحالل حمرم عىل املحرم إال صيد احلرمني مكة واملدينلة فإنله‬
‫حمرم عىل كل أحد‪ ،‬وقد دللنا عىل جواق صيد الرب للحالل دون املحرم ملا تقدم وهو معلوم‬
‫من الدين رضورة‪.‬‬

‫وأما الذي يدل عىل حتريم صيد مكة واملدينة فيدل عىل ذلك (خرب) وهلو قلول النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل تعاىل حرم مكة إىل يوم القيامة فال خيتىل خالها وال ينفر‬
‫صيدها))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬مكة حرم اهلل واملدينة حرمي))‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل حرم مكة ما بني البتيها))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املدينة حرام ال ينفر صيدها‪ ،‬وال خيتىل‬
‫خالها‪ ،‬وال يقطع شلرها))‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن إبراهيم حرم بيت‬
‫اهلل وأمنه‪ ،‬وأنا حرمت املدينة ما بني البتيها ال يقطع عضاها‪ ،‬وال يقطاد صيدها))‪.‬‬

‫‪-107-‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املدينة حرام من عري إىل ثلور)) ومهلا‬
‫جبالن‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس بن مالك أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أطلع علىل أحلد فقلال‪:‬‬
‫(( هذا جبل حيبنا ونحبه‪ ،‬اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإين أحلرم املدينلة ملا بلني البتيهلا))‬

‫الالبة‪ :‬احلرة‪ ،‬ويف احلديث ((حرم ما بني البتيها))‪.‬‬


‫أخذ سلب من رآه يقيد باملدينة فكللم يف ذللك‬ ‫(خرب) وروي أن سعد بن أيب وقا‬
‫فامتنع من رده وقال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من وجلدمتوه يقليد يف‬
‫يشء من هذه احلدود فمن وجده فله سلبه))‪.‬‬
‫وأما صيد البحر فقد قدمنا الداللة عىل جواقه وأرا مل تفقل بني الليل والنهار‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الطيور آمنة يف أوكارهلا بتملان‬
‫اهلل)) رواه اهلادي إىل احلق‪.‬‬
‫(خرب) وعن القادق جعفر بن حممد الباقر‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪(( :‬الطري يف أوكارها آمنة بتمان اهلل فإذا طار فانقب له فخك ورامه بسهمك))‬

‫دل افربان عىل أنه ال جيوق اصطيادها يف أوكارها فإن فعل ذلك فاعل فال خالف يف جواق‬
‫أكلها بعد ذلك‪ ،‬وإن كان آث ًام يف أخذها من أوكارها وقلد دخلل يف ذللك صليد الغلدران‬
‫واألرار والسواقي فإنه ال خالف يف جواق أخذه واصطياده‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪ (( :‬أحللت لكلم ميتتلان ودملان‬
‫فامليتتان احلوت واجلراد‪ ،‬والدمان الكبد والطحال)) دل ذلك عىل جواق أكل ما هذه حاله‪،‬‬
‫وعىل جواق أكل اجلراد واحلوت عىل أي حال وجدا عليه سواء كانت بسبب ملن القلائد‬
‫أم ال غري أنه قد ورد النهي عن أكل الطايف من احلوت عىل ما نبينه‪ ،‬وأما اجلراد فهلو علىل‬
‫حاله جيوق أكله عىل كل حال‪.‬‬
‫(خرب) وعن جعفر القادق قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لعليل عليله‬

‫‪-108-‬‬
‫السالم‪(( :‬يا عيل كل من البيض ما اختلف طرفاه وكل من الطري ملا دف واتلر منهلا ملا‬
‫صف‪ ،‬وكل من السمو ما كان هلا قشور)) قوله ((وكل ما دف)) ‪-‬بالدال معلمة بواحدة‬
‫من أسفل وبالفاء‪ -‬ومعناه ما حر جناحيه عند الطريان كاحلامم ونحوه فكله‪ ،‬وما صلف‬
‫منها عند الطريان ومعناه مل حير جناحيله عنلد الطلريان فلال تتكلله كالنسلور والقلقور‬
‫ونحومها‪ ،‬وأما البيض فإن كان مما يؤكل حلمه اختلف طرفاه فلاق أكلله وإذا كلان مملا ال‬
‫يؤكل حلمه استوى طرفاه فلم جيز أكله‪ ،‬وافرب يدل عىل ما قلناه‪ ،‬وافرب يدل علىل جلواق‬
‫أكل السمك التي هلا قشور‪.‬‬

‫‪-109-‬‬
‫باب ما يقع به االصطياد‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال أليب ثعلبة افشني‪(( :‬ما رد عليلك‬
‫قوسك وكلبك املعلم فكله))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عدي بن حاتم قال‪ :‬ستلت النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن صليد‬
‫الباقي؟ فقال‪(( :‬إذا أمسك عليك فكله))‪.‬‬

‫اعلم أن ما يقطاد به شيأان‪ :‬حيلوان وغلري حيلوان‪ ،‬فلاحليوان هلي اجللوار‪ ،‬وهلي‬
‫رضبان‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬ما يكون من ذوات األنياب كالكلب والفهد‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬ما يكون من ذوات املخالب كالققر والباقي والشاهني‪ ،‬وغري احليلوان هلي‬
‫آالت الرمي وهي رضبان‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬ما خيرق القيد ويدميه كالسهم ونحوه‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬ما ال خيرقه وال يدميه كاملعراض ونحوه‪ ،‬وسندل عىل ذلك فيام بعد إن شاء اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬

‫‪-110-‬‬
‫باب صيد الجوارح‬
‫القيد معروف واجلوار‪ ،‬معروفة وهي جوار‪ ،‬اإلنسان التي يكتسلب هبلا وجلوار‪،‬‬
‫السباع والطري التي تقيد‪ ،‬أما صيد ذوات األنياب فهي رضبان‪ :‬معلمة وغري معلمة‪.‬‬
‫أما املعلمة فحد التعليم أن يغرى فيققلد ويزجلر فيقعلد فيلتمتر يف إقبالله ويف إدبلاره‬
‫وققده وانزجاره قلال اهلل تعلاىل‪ }    { :‬إىل قولله‪ { :‬‬

‫‪[} ‬المائدة‪.]4:‬‬
‫وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليهم السالم أن رجاالً من طلي سلتلوا النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم عن صيد الكالب واجلوار‪ ،‬وما أحل هلم من ذلك وملا حلرم علليهم؟‬
‫فلللتنزل اهلل تعلللاىل‪             { :‬‬

‫ذلك جلواق صليد‬ ‫‪[}‬المائالدة‪ ]4:‬اآلية‪ ،‬ومل يفقل تعاىل بني هبيم وغري هبيم‪ ،‬فاقت‬
‫الكلب املعلم سواء كان هبي ًام أو غري هبيم‪ ،‬وعن أيب ثعلبة افشني أن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم اهلل عليه فكل)) قال‪ :‬فقللت‪ :‬وإن‬
‫قتل؟ قال‪(( :‬وإن قتل))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب ثعلبة افشني قال‪ :‬قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬إذا‬
‫أرسلت كلبك وذكرت اسم اهلل عليه فكل وإن كان أكل منه وكل ما ردت عليك يد ))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أعرابي ًا يقال له أبا ثعلبة قال‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن َّ كالب ًا مكلبة فلافتني‬
‫يف صيدها؟ فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن كانت لك كالب مكلبة فكل ما أمسكن‬
‫عليك)) قلت‪ :‬ذكي وغري ذكي؟ قال‪(( :‬نعم وإن أكلت منه))‪.‬‬
‫(خرب) وعن سلامن الفاريس رمحه اهلل قال‪ :‬ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫عن القيد يدر وقد أكل الكلب منه؟ فقال‪(( :‬كله وإن مل تدر إال نقفه))‪.‬‬

‫‪-111-‬‬
‫وعن سلامن الفاريس قال‪ :‬ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن ذللك؟‬
‫فقال‪(( :‬كله وإن مل تدر إال نقفه)) دلت هذه األخبار عىل كو مجة يف جواق أكلل ملا‬
‫أدركه املرسل وقد أكل منه الكلب أو الفهد منها أن يكون الكلب والفهلد مرسل ً‬
‫ال وهللذا‬
‫قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إذا أرسللت كلبلك)) فلدل علىل أن اإلرسلال‬
‫مشً ‪ ،‬وبه قال أمري املؤمنني عليه السالم وسلامن الفاريس‪ ،‬وابن عملر‪ ،‬وسلعد بلن أيب‬
‫‪ ،‬وإليه ذهب الباقر حممد بن عيل‪ ،‬ومنهلا أن يكلون املرسلل مسلل ًام؛ ألن السلائلني‬ ‫وقا‬
‫الذين ستلوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم هلم ملن املسللمني‪ ،‬ومنهلا أن يسلمي‬
‫املرسل عند اإلرسال هلذا‪ ،‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬وذكلرت اسلم اهلل‬
‫عليه)) وهو قول من ذكرناه أوالً إال أن يً التسمية ناسي ًا أو جاه ً‬
‫ال فإنه حيل أكله‪.‬‬
‫(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬رفع علن أمتلي افطلت والنسليان وملا‬
‫استكرهوا عليه)) ومنها أن يكون الكلب معل ًام‪ ،‬ويف حكمه الفهد إذا قبل التعلليم بدالللة‬
‫قوللللللله تعللللللاىل‪ }    { :‬إىل قوللللللله‪  { :‬‬

‫‪[}‬المائدة‪ ،]4:‬فإنه مل يفقل بني الكلب وال بني الفهد‪ ،‬وملا قاله أبو ثعلبة‪ :‬إن َّ كالب ًا‬
‫مكلبة‪ ،‬فتفتاه بلواق أكلها وإن أكلت منها اجلوار‪ ،‬فتبلا‪ ،‬تعلاىل صليد اجللوار‪ ،‬برشل‬
‫به ما قبله من الكالب والفهود‪ ،‬ومنها أن خيرقه‬ ‫التكليب‪ ،‬والتكليب‪ :‬هو تعليم ةقو‬
‫الكلب أو الفهد فإن قتله بتن يقدمه أو بتن يقع عليه بثقله أو بتن يمنعه نفسه مل حيل أكله‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما أرر الدم وسميت‬
‫فكل)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ما أصبت بحده فكل وما أصبت يف عرضه فلال‬
‫تتكل فهو وقيذ)) وألنه لو رماه فامت من رميله ومل يدمله مل جيلز أكلله فكلذلك إذا أرسلل‬
‫الكلب وقتله من غري أن جيرحه‪ ،‬واملعنى أن كل واحد منهام آلة لالصطياد هذا هو الكالم‬
‫فيام اصطاده ذوات األنياب من الكالب والفهود املعلمة‪ ،‬فتما غري املعلملة منهلا فحكمله‬
‫حكم ما اصطادته ذوات املخاليب الباقي والققر والشاهني ونحوها من جوار‪ ،‬الطلري‪،‬‬
‫فإن ما هذا حاله فإن وجده صاحبه حي ًا انتفع به‪ ،‬وما قتلته هذه اجلوار‪ ،‬مل حيل أكله‪ ،‬وبله‬

‫‪-112-‬‬
‫قال ابن عمر وطاؤوس هذا هو قول القاسم‪ ،‬وحييى‪ ،‬والقادق‪ ،‬وجعفر بن حممد البلاقر‪،‬‬
‫وقد روي ذلك عن قيد بن عيل عليهام السالم‪.‬‬
‫وروي عن قيد بن عيل أيض ًا رواية أخرى وهو أنه جيوق أكل ملا قتلتله هلذه اجللوار‪،‬‬
‫وهي جوار‪ ،‬الطري‪ ،‬وكذلك ما صادته ذوات األنياب غري املعلملة فقتلتله‪ ،‬وجله القلول‬
‫األول قول اهلل تعاىل‪ } { :‬إىل قوله تعاىل‪ }  { :‬فدل الظاهر علىل أن‬
‫املبا‪ ،‬لنا من احليوان ما ذكيناه وما قتله الطري فلم يذكه فال جيلوق لنلا أن نتكلله؛ ألن قولله‬
‫تعاىل‪[}    { :‬المائالدة‪ ،]4:‬فتبا‪ ،‬صيد اجلوار‪ ،‬برشل التكليلب‬
‫؛ ألن ذوات املخالب ال تقبل التعليم بل تقطاد يف حال جوعها وال‬ ‫وهو تعليم ةقو‬
‫ررج عىل القيد إال وهي جائعة‪ ،‬وإذا شبعت فإرا ال تتحر وال تنبعث فلم جيز أكل ملا‬
‫قتلته‪ ،‬وألن ما يقبل التعليم من ذوات األنياب ربام حيتاج عند أهل هذه القناعات إىل أن‬
‫يرضب عند التعليم‪ ،‬وذلك ال يمكن يف الطري فلم حيل أكل ما قتلته‪ ،‬وكذلك حكم ماقتله‬
‫الكلب غري املعلم نحو كلب الرضع والزرع وكذلك حكم الفهد غري املعلم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لعلدي بلن حلاتم‪(( :‬إذا أرسللت‬
‫كلبك املعلم فام أخذه وقتله فكله)) فلعل اإلرسال كطل ًا يف جلواق األكلل‪ ،‬دل علىل أن‬
‫الكلب املعلم إذا اسًسل عىل القيد فتخذه وقتله مل حيل أكله وبه قال مجهور العلامء‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عدي بن حاتم قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل إنا أهل صيد يرملي أحلدنا‬
‫القيد فيغيب الليلتني والثالث ونتبعه فنللد فيله سلهمنا‪ ،‬قلال‪(( :‬إذا وجلدت سلهمك‬
‫وعلمت أنك قتلته فكل)) دل ذلك عىل أنه إذا أرسل كلبله فعضله أو رملاه بسلهم فتثبتله‬
‫فتصاب املقتل وأفلت القيد والكلب وتواريا عنه ثم وجده وعلم أن كلبه أو سهمه قتلله‬
‫ومل ير جراح ًا أخرى حل أكله سواء كان يف طلبه أو مل يكن واالعتبار بلتن يعللم بتنله قلد‬
‫أصاب املقتل؛ ألن غريه ال يقح أن يعلمه فيلب أن حيمل كالم النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم عىل ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وروى قيد بن عيل عن آبائه عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال مللن‬

‫‪-113-‬‬
‫ستله عن ذلك‪(( :‬ما أسميت فكل وما أنميت فال تتكل)) وفرسه قيد بن عيل بتن األسامء ما‬
‫كان بعينك‪ ،‬واإلنامء ما غاب عنك فلعل غري سهمك أعلان علىل قتلله‪ ،‬فلاملراد بله ملن مل‬
‫ٍ‬
‫فحينأذ ال جيوق أكله كام تقدم‪.‬‬ ‫يشاهد سهمه أصاب القيد أو مل ير كلبه جرحه‬

‫‪-114-‬‬
‫باب الصيد بالرمي‬
‫فكلله))‬ ‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ملا ردت عليلك يلد‬
‫وروي ((ما ردت عليك قوسك فكل))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما أرر الدم وذكر اسم اهلل عليه‬
‫فكله)) دلت هذه األخبار عىل أن من رمى القيد بام ينغرس فيه وخيرقله ويدميله وسلمى‬
‫الرامي حني رمى فقتل القيد حل أكله سه ًام كان أو غلريه ممايعملل عملل السلهم وهلذا‬
‫إمجاع‪.‬‬
‫(خرب) ويف حديث عدي بن حا تم قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول اهلل إنا نرمي باملعراض؟ فقال‪:‬‬
‫((ما خرق فكله وما أصاب بعرضه فال تتكله فإنه وقيذ))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ماأصبت بحده فكل وما أصبت‬
‫بعرضه فال تتكله)) دل ذلك عىل أن ما مات من وقع السهم مل حيل أكله وكذلك إذا أدملاه‬
‫من غري أن خيرقه‪ ،‬واملعراض سهم طويل له أربع قذذ دقاق‪ ،‬وقيل‪ :‬هو سهم ال ريلش لله‬
‫يم ي عرض ًا ويقيب عرض ًا فتما إن أصاب طوالً وخرق جاق أكله والبياذق ‪-‬بالقاف‪:-‬‬
‫محل شلرة واحدهتا بيذقة‪.‬‬

‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ما ردت عليك يد فكل)) وروي((ما ردت‬
‫عليك قوسك فكل)) دل عىل أن من رمى طري ًا بسهم فتصابه يف املقتل ووقع علىل األرض‬
‫جاق أكله‪.‬‬

‫(خرب) وعن عدي بن حاتم قال‪ :‬قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬إذا‬
‫وقعت رميتك يف املاء يف تتكل)) دل عىل أنه إذا رماه فوقع يف املاء ومل يقلب مقتلله اللذي‬
‫يقطع عىل أنه ال يعيش معه مل حيل أكله‪ ،‬فتما إذا أصاب مقتله وعلم أنه لو مل يسقط يف املاء‬

‫‪-115-‬‬
‫ملات من الرمية ال حمالة جاق أكله‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه مر بظبي حاقف فهم أصلحابه بتخلذه‬
‫فقال‪(( :‬ال تتخذوه حتى جييء صاحبه)) دل عىل أنه ملك مللن رملاه فتثخنله بلالرمي؛ ألن‬
‫احلاقف هو املثخن باجلراج‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مر بالروحاء وإذا هلو بحلامر وحلش‬
‫عقري فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬دعوه حتى جييء صاحبه)) فلاء رجل فقال‪:‬‬
‫يا رسول اهلل هذه رميتي فشتنكم هبا أو قال‪ :‬فشتنكم فيها‪ ،‬فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم أبا بكر أن يقسم حلمه بني الرفقاء‪ ،‬أو قال‪ :‬بلني الرفلاق‪ ،‬ويف روايلة أقسلمه يعنلي‬
‫حلمها‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه قد وقع به امللك للرامي‪.‬‬

‫‪-116-‬‬
‫باب صيد الماء‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أحل لكم ميتتان ودمان فامليتتان‬
‫السمك واجلراد)) دل ذلك عىل أنه جيوق أكلهام عىل أي وجه وجدا من موت أو حياة‪.‬‬
‫(خرب) وعن جابر قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ما اصطدمتوه حيل ًا‬
‫فامت فكلوه‪ ،‬وما وجدمتوه طافي ًا فال تتكلوه))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما ألقى البحر أو جزر عنه فكله‪ ،‬وما‬
‫وجدته طافي ًا فال تتكله)) اجلزر‪-‬باجليم ثم الزاي ساكنة ثم الراء واجليم مفتوحة‪ :-‬نقيض‬
‫املد‪ ،‬يقال‪ :‬جزر النهر إذا قل ماؤه‪ ،‬ويف احلديث‪(( :‬ما ألقى النهر أو جزر عنله فكلل)) دل‬
‫عىل أن ما وجد طافي ًا عىل املاء ومل يكن موته بسبب من القائد مل حيل أكله‪ ،‬فتملا إذا أخلذ‬
‫السمك من املاء وهو حي أو كان موته بسبب من القائد فإنه حيل أكلله‪ ،‬هلذا هلو قلول‬
‫القاسم‪ ،‬واهلادي‪ ،‬والنارص للحق‪ ،‬وهو قول سائر أئمتنا عليهم السالم‪ ،‬وهو املروي علن‬
‫أمري املؤمنني عيل عليه السلالم قلال اهلل تعلاىل‪      { :‬‬

‫‪[}‬المائالدة‪ ،]96:‬ومل يفقل بني صائد وصلائد‪ ،‬دل علىل جلواق أكلل ملا اصلطاده‬
‫املرشكون من السمك وجيب أن يغسل من مس أيدهيم وهو قول مجاهري العلامء من السادة‬
‫والفقهاء غري النارص للحق فإنله ذهلب إىل أن ذللك ال جيلوق ويلرى ذللك ذكلاة ملنهم‪،‬‬
‫والقحيح أنه ال ذكاة عىل التحقيق فرياعى حال املذكى بداللة أنه ال خالف أن ملا قذفله‬
‫البحر حي ًا فامت جاق أكله؛ وألن الذكاة هي قطع احللقوم وفري األوداج وهذا غري معترب‬
‫يف احليتان‪ ،‬فثبت أرا ال تذكى‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أنه كان ال يرى بقيد امللوس بتس ًا‪.‬‬
‫وقلنا‪ :‬جيب غسله من مس أيدهيم فهذا هو مذهب من يرى نلاستهم من العلامء‪ ،‬فتما‬
‫من ال يرى هبا بتس ًا فال جيب الغسل عندهم‪ ،‬وما قيل‪ :‬إنه روي عن عيل عليه السالم ملن‬

‫‪-117-‬‬
‫كراهة صيد الكفار فقد ذكر أبو طالب ريض اهلل عنه أن هذه الروايلة مل تقلح عنلد حييلى‬
‫عليه السالم‪.‬‬

‫‪-118-‬‬
‫باب الذبائح‬
‫قللال اهلل تعللاىل‪ }   { :‬إىل قوللله‪[}  { :‬المائالالدة‪ ،]3:‬دل‬
‫ذلك عىل أن ما مل يذكه املسلم فهو حرام‪ ،‬فعىل هذا ال جتوق ذبيحة الكافر أي كفر كان‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا أررت الدم وفريت األوداج‬
‫فكل)) واألوداج‪ :‬عبارة عن احللقوم واملريء والودجني‪ ،‬دل عىل أن فري مجيعها واجلب‬
‫عند التذكية‪ ،‬وألنه ال خالف يف أن الذبح هو الذي إذا فعل باملذبو‪ ،‬مل يبلق معله حيل ًا إال‬
‫مدة يسرية قدر اضطراب املذبو‪ ،‬وذللك ال يكلون إال بعلد قطلع هلذه األربعلة‪ ،‬وذكلر‬
‫األخوان ريض اهلل عنهام أنه إن بقي منها أو من كل واحد منها يشء يسري مل يقطلع فلذلك‬
‫مما ال جيب أن تعتد به؛ ألن الذبح يتم من دون قطع ذلك القدر‪.‬‬
‫قاال ريض اهلل عنهام‪ :‬وجيوق عىل مذهبه أن يضع السكني يف وسط احلللق أو أسلفله أو‬
‫أعاله‪ ،‬وظاهر افرب الذي روينلاه يلدل علىل ذللك؛ ألنله مل يشلً ملن احللق موضلع ًا‬
‫ةقوصلللللل ًا‪ ،‬قللللللال اهلل تعللللللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}‬األنعالام‪ ، ]121:‬وهذا ري عام عن أكل كل ما مل يذكر اسم اهلل عليه‪ ،‬وقولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}       ‬المائالدة‪ ،]4:‬ومجيع ما ذكرنلاه ملن األخبلار‬
‫األوىل يف التسمية تدل عىل اعتبارها يف الذبيحة‪ ،‬وهلو قلول القاسلم واهللادي وأتبلاعهام‬
‫عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع عن أمتي افطلت والنسليان‬
‫ال جاق أكلل ذبيحتله‬‫وما استكرهوا عليه)) دل ذلك عىل أن من تر التسمية ناسي ًا أو جاه ً‬
‫ودل قوله تعاىل‪ }   { :‬عىل جواق أكل ذبيحة املرأة املسللمة؛ ألنله علام حائضل ًا‬
‫كانت أو نفساء أو طاهر ًا؛ ألن اآلية مل تفقل‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر أن جارية آلل كعب كانت ترعى الغنم فخشيت‬

‫‪-119-‬‬
‫عىل شاة أن متوت فذبحتها باملروة فسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم علن ذللك فلامر‬
‫بتكلها‪ ،‬دل ذلك عىل أحكام كعية منها جواق أكل ذبيحلة امللرأة‪ ،‬ومنهلا أنله جيلوق وإن‬
‫كانت حائض ًا؛ ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يستل عن كورا عىل طهارة من احليض وال‬
‫من النفاس ولو كان كط ًا لذكره‪ ،‬ومنها جواق اللذبح بلاملروة إذا فلرت األوداج‪ ،‬ومنهلا‬
‫جواق ذبيحة الغاصب؛ ألن اجلارية مل تذبح بإذن من أهلها ودل قوله صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬ما أرر الدم وفرى األوداج فكل)) دل عىل جواق أكل ذبيحة امللنون والسلكران‬
‫لعمومه‪ ،‬وعىل جواق أكل ذبيحة القبي إذا قوي عىل فري األوداج وأرر الدم‪ ،‬وإنام قلنا‪:‬‬
‫يكون مسل ًام لقوله تعاىل‪ }  { :‬فدل عىل أن ذكاة غري املسلمني مل جتز‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬كلل موللود يوللد عليلالفطرة‬
‫فتبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه))‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬إذا أسلم األب جر الولد إىل اإلسالم فمن أدر‬
‫من ولده ُدعي إىل اإلسالم فإن أبى قتل‪ ،‬دل ذلك عىل أن حكم الكفر باألبوين مجيع ًا فلإذا‬
‫كان أحدمها مسل ًام أهيام كان وجب أن يكون القبي مسل ًام‪ ،‬وقول اهلل تعاىل‪ { :‬‬

‫‪[}     ‬الطور‪ ،]21:‬فإذا كان أحلد األبلوين مسلل ًام كلان‬
‫القبي مسل ًام؛ ألن اإلسالم يعلو وال يعىل هكذا قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وإذا‬
‫كان األبوان مسلمني فهو من ذريتهام‪ ،‬وجاق أكل ذبيحته‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم ستله رجل عن من حاربه فقال له‪ :‬يا أمري امللؤمنني‬
‫أرأيت قومنا أمرشكون هم يعني أهل القبلة؟ فقال‪ :‬ال واهلل ما هم بمرشلكني وللو كلانوا‬
‫مرشكني ما حلت لنا مناكحتهم وال ذبائحهم وال موارثتهم‪ ،‬ولكلنهم كفلروا باألحكلام‪،‬‬
‫كفروا بالنعم واألعامل‪ ،‬وكفر النعم غري كفر الرش ‪ ،‬فدل ذلك عىل جواق أكل ذبيحة من‬
‫مل يبل بمعقيته الرش ؛ وألنه من أهل امللة فلاق أكل ذبيحته‪ ،‬وألن من جاقت مناكحته‬
‫جاق أكل ذبيحته دليله من ليس بفاسق‪.‬‬

‫قال األخوان‪ :‬وقد دل قول القاسم واهلادي عىل جواق أكل ذبيحة الفاسق؛ ألرام نقا‬

‫‪-120-‬‬
‫عىل أن من حلت مناكحته حل أكل ذبيحته قاال‪ :‬ومن أصحابنا من ذهلب إىل أن ذبيحلة‬
‫الفاسق ال جيوق أكلها‪ ،‬قاال‪ :‬وهذا بعيد من جهة املذهب؛ ألن القاسم وحييى عليها السالم‬
‫كالمهام ظاهر يف اعتبار امللة والتسمية يف الذكاة فقط‪.‬‬
‫قاال ريض اهلل عنهام‪ :‬وقول حييلى عليله السلالم يف ملن يق شلاة فلذبحها وأذن لله‬
‫صاحبها يف أكلها جاق أكلها يدل عىل إجاقة ذبيحة الفاسق‪ ،‬وقد نص حييى عليله السلالم‬
‫عىل جواق أكل ذبيحة العبد اآلبق واألغلف إذا تر افتان مترد ًا ال استحالالً‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وغاية حال معقيتهام أن يكون فسق ًا وال يبل الكفر والفسلق ال خيلرج‬
‫الفاسق من امللة فلهذا يرث ويورث وتقح مناكحته فلاق أكل ذبيحته؛ ألنه من أهل امللة‬
‫ومن جتري عليه أحكام اإلسالم وجتزي له‪ ،‬وألن الفاسلق إذا صلحت صلالته وصليامه‬
‫وحله ونكاحه فذبيتحه أجوق كالرب التقي‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن راعي ًا ستل النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم فقال‪ :‬إين كنت أرعى غنم أهيل فتكون العارضلة أخلاف أن تفلوتني‬
‫بنفسها أفتذبح بسني؟ قال‪(( :‬ال))‪ .‬قال‪ :‬أفتذبح بظفري؟ قال‪(( :‬ال))‪ .‬قال‪ :‬فبالعظم؟ قال‪:‬‬
‫((ال))‪ .‬قال‪ :‬فبالعود؟ قال‪(( :‬ال))‪ .‬قال‪ :‬فبم يلا رسلول اهلل؟ قلال‪(( :‬بلاملروة وبلاحللرين‬
‫ترضب أحدمها عىل اآلخر فإن فرى فكل وإن مل يفر فال تتكل)) وخرب رافع عن النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪ :‬إنا نقيد وليس معنا مدى أفنذبح بالليطة‪ ،‬والليطلة‪-‬بكرسل‬
‫الالم‪ :‬قرشة الققب والقنا؟ قال‪(( :‬ما أرر الدم وذكر اسم اهلل عليه فكلوه إال ما كان ملن‬
‫ظفر أو سن)) وذكر أن الظفر مدى احلبشة‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق الذبح بالشلظاظ وال‬
‫بالظفر وال بالعظم وال بالسن‪.‬‬

‫(خرب) قال النارص للحق عليه السالم‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم علن‬
‫الذبح بالشظاظ‪ ،‬والظفر‪ ،‬ورخص باملروة إذا فرى األوداج‪ ،‬دل ذللك علىل أنله ال جيلوق‬
‫الذبح بالشلظاظ وال بلالظفر‪ ،‬وعلىل أنله جيلوق اللذبح بلاملروة إذا فلرى األوداج‪ ،‬قلال‪:‬‬
‫والشظاظ مثل الوتد وأنشد‪:‬‬

‫‪-121-‬‬
‫وهات وسق الناقلة املطبعللة‬ ‫هات الشظاظني وهات املربعلة‬

‫والشظاظ‪ :‬إحدى فلق العقا‪ ،‬يقال‪ :‬تشظت العقلا إذا انفلقلت‪ ،‬واملربعلة‪ :‬افشلبة‬
‫جتعل حتت احلمل فتؤخذ بني اثنني فتوضع عىل البعري‪ ،‬ودل قول النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬إذا أرر الدم وفرى األوداج فكل)) عىل أن من ذبح شيأ ًا فتبان رأسه حل أكله‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم يف رجل ذبلح شلاة‬
‫أو طري ًا أو نحو ذلك فتبان رأسه قال‪ :‬ال بتس بذلك‪.‬‬
‫وعن ابن عمر أنه قال يف بطة قطع رأسها قال‪ :‬تؤكل وال ةالف هلام يف القلحابة‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ذبح يوم النحر كبشني أقرنني أملحني‬
‫فلام وجههام قال‪(( :‬وجهت وجهي ‪-‬إىل قوله‪ -‬وأنا من املسللمني)) ثلم قلال بعلد ذللك‪:‬‬
‫((اللهم منك وإليك فتقبل)) ثم قال‪(( :‬اهلل وأكرب وسمى وذبح)) دل ذلك علىل اسلتحباب‬
‫استقبال القبلة بالذبيحة‪ ،‬وال أعلم فيه خالف ًا بني أهل البيت عليهم السالم فتما من تعمد‬
‫اإلنحراف عن القبلة معتقد ًا يف غري قبلة املسلمني أرا هي القبلة فيتوجه إليها ثم يذبح فإن‬
‫ذبيحته ال تؤكل؛ ألن ذلك يوجب الكفر وكذلك إذا تعمد االنحراف عنها استخفاف ًا هبلا‬
‫وبام عظم اهلل تعاىل من أمرها كان ذلك كفر ًا فال جيوق أكل ذبيحته‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما قدمناه أوالً وهو أن راعي ًا ستل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫فقال‪ :‬إين أرعى غن ًام ألهيل فتكون العارضة فتخاف أن تفلوتني بنفسلها أفلتذبح بلاملروة؟‬
‫فقال‪(( :‬إذا فريت فكل))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده أن راعي ًا وصلل إىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فقال‪ :‬يا رسول اهلل أذبح بعظم؟ قال‪(( :‬ال)) قلال‪ :‬أفلتذبح بشلظاظ؟ قلال‪(( :‬ال))‪.‬‬
‫قال‪ :‬أذبح إن خشيت أن تفوتني بنفسها بظفري؟ فقال‪(( :‬ال‪ ،‬ولكن عليك باملروة فلاذبح‬
‫هبا فإن فرت فكل وإال فال تتكل)) دل ذلك عىل أن من ذبلح هبيملة مريضلة أو مًديلة أو‬

‫‪-122-‬‬
‫نطيحة فتحر منها بعد الذبح ذنب أو رأس أو عضو من أعضائها او طرفت بعينيها حلل‬
‫أكلها‪ ،‬وإن مل يتحر منها يشء بعد ذبحها مل حيل أكلها‪ ،‬نص عليه حييلى عليله السلالم يف‬
‫(املنتخب) ألن الراعي قال‪ :‬أخاف أن تفوتني بنفسها‪ ،‬فدل عىل أنله ذبحهلا يف حلال قلد‬
‫خيش أال تعيش عندها وخالف يف ذلك النارص للحق فقال‪ :‬إذا انتهت إىل حالة خيلاف أن‬
‫تكيد بنفسها ال أرى أكلها‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪ ،}  { :‬فدل ذلك عىل أن اجلنني إذا خرج من بطن أمه‬
‫وهو ميت مل حيل أكله؛ ألنه ميتة‪ ،‬وإن خرج حي ًا وذكي جاق أكلله‪ ،‬وبله قلال عللامء أهلل‬
‫البيت عليهم السالم سوى قيد بن عيل فإنه ذهب إىل أنه إن تم خلقله وأشلعر حلل أكلله‬
‫وكانت ذكاة أمه ذكاة له‪ ،‬وإن مل يتم خلقه مل يؤكل‪ ،‬فإن قيل‪ :‬روي عن النبي صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم أنه قال يف اجلنني‪(( :‬ذكاته ذكاة أمه)) قلنا‪ :‬حيتمل أن يكون امللراد بله أن ذكاتله‬
‫كذكاة أمه كقوله تعلاىل‪[}   { :‬آل ومالرا‪ ،]133::‬وكلام قلال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ولكن مل َء الكشح من مي أمللح‬ ‫فعينا عيناها وجيد جيدهلا‬

‫وكام يقول القائل لغريه‪ :‬مذهبي مذهبك واعتقادي اعتقلاد ‪ ،‬فلإن قيلل‪ :‬روي علن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ذكاة اجلنني ذكاة امه إذا أشعر)) وكذلك ما روي‬
‫عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األجنة‪(( :‬ذكاهتلا ذكلاة أمهلا إذا أشلعرت))‬

‫فاجلواب أن معنامها ما ذكرناه أوالً‪ ،‬فتما ذكر الشعر فيحتمل أن يكون السائل سلتله علن‬
‫جنني قد أشعر فتجابه عىل حسب سؤاله‪.‬‬
‫(خرب) وروى نافع قال‪ :‬قسم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مغن ًام للذي احلليفلة‬
‫فند بعري فتبعه رجل من املسلمني فرضبه بسيف أو طعنه برمح فقتله فقال رسول اهلل صىل‬

‫‪-123-‬‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن هلذه اإلبل أوابد كتوابد الوحش فام ند منها فاصنعوا به هكلذا))‬

‫ويف حديث آخر ((إن هلذه البهائم أوابد كتوابد الوحش)) األوابد‪-‬بالباء معلملة بواحلدة‬
‫من أسفل والدال معلمة بواحدة من أسفل‪ :-‬وهي التي قد تتبدت أي توحشت ونفرت‬
‫من اإلنس‪ ،‬قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ند)) هو ‪-‬بالنون والدال معلمة من أسلفل‬
‫بواحدة‪ -‬يقال‪ :‬ند البعري ند ًا ونداد ًا وندود ًا إذا نفر وذهب عىل وجهه‪ ،‬والداللة من افلرب‬
‫من وجهني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أخرب بتنه رضب بسيف أو طعن بلرمح ومل‬
‫يذكر املنحر فتبا‪ ،‬أكله ومل ينكر ذلك‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه يشبه القيد فقال‪(( :‬إذا ند فاصنعوا به هكذا)) فتمر بتن جيري ما ند جملرى‬
‫الوحش يف تذكيته عىل هذا الوجه‪.‬‬

‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السلالم يف ناقلة أو بقلرة‬
‫ندت فرضبت بالسال‪ ،‬قال‪ :‬ال بتس بلحمها‪.‬‬
‫وعن ابن عباس‪ :‬ما أعلز من البهائم فهو كالقيد يرمى ويؤكل‪ ،‬وروي نحوه علن‬
‫ابن مسعود ومل حيك خالفه عن أحد من القحابة‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬فلدل ذللك علىل أنله إذا امتنلع‬
‫اجلزور ونحوه من احليوان الذي يذكى ومل يقدر صاحبه عىل أخذه فرماه بسلهم أو رضبله‬
‫بسيف أو طعنه برمح فتدماه وعقره حتى قتله وسمي حني فعل ذلك جلاق أكلله وتكلون‬
‫هذه األخبار خاصة يف املمتنع من البهائم لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬اللذكاة‬
‫يف احللق ويف اللبة)) فإن فعل ذلك مترد ًا من غري رضورة وعدل عن النحر والذبح مل تؤكل‬
‫ذبيحته هلذا افرب‪ ،‬وألنه ال خالف يف أن موضع التذكية مع اإلمكان هو احللق واللبة‪ ،‬قال‬
‫اهلل تعاىل‪[}      { :‬المائدة‪ ،]3:‬دل ذلك عىل حتريم ما أكله السبع إال‬
‫ذلك أن السبع إذا عدا عىل البقرة أو الشاة أو نحومها فنثر منهلا‬ ‫ما ذكاه املسلمون فاقت‬

‫‪-124-‬‬
‫ققب ًا أو كرش ًا ثم ذكيت وهبا رمق جاق أكلها وأكل ما نثر منها إذا مل يبنه السبع‪.‬‬

‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما قطع من حي فهو ميت))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما أبني من حي فهو ميلت)) دل‬
‫ذلك عىل أن ما أبان السبع منها وهي حية مل جيز أكله نحو أن يقطع كرش ًا فيبينها أو عضو ًا‬
‫فيقطعه فام هذا حاله ال جيوق أكله‪ ،‬وهو قول الباقر حممد بن عيل قين العابدين‪ ،‬وبله قلال‬
‫القاسم بن إبراهيم عليهم السالم‪.‬‬

‫‪-125-‬‬
‫باب األضاحي‬
‫(خرب) عن ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ثالثة عيل فلرض‬
‫ولكم تطوع النحر والوتر وركعتا الفلر)) يعني سنة الفلر‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األضحية‪(( :‬هلي عليل فريضلة‬
‫وعليكم سنة))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬امرت أن أضحي ومل تؤمروا))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يف األضحية‪(( :‬هي كتبت عليل ومل‬
‫تكتب عليكم)) دل ذلك عىل أن األضحية سنة وليست بواجبة وهو إمجاع العًة‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قلال‪:‬‬
‫صعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله املنرب يوم األضحى فحمد اهلل وأثنلى عليله ثلم قلال‪:‬‬
‫((ياأهيا الناس من كانت عنده سعة فليعظم شعائر اهلل‪ ،‬ومن مل يكن عنده فإن اهلل ال يكلف‬
‫نفس ًا إال وسعها)) ثم نلزل فتلقلاه رجلل ملن األنقلار فقلال‪ :‬يلا رسلول اهلل إين ذبحلت‬
‫أضحيتي قبل أن أخرج وأمرهتم أن يضعوها لعلك أن تكرمني بنفسلك اليلوم‪ ،‬فقلال لله‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬شتنك شاة حلم فإن كان عند غريها فضح هبا)) فقلال‪:‬‬
‫ما عندي إال عناق جذعة‪ ،‬فقال‪(( :‬ضح هبا أما إرا ال م‬
‫حت ُّل ألحد بعد )) ثم قال صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬ما كان من الضتن جذع ًا سمين ًا فال بتس أن يضحى بله)) وافلرب يلدل‬
‫عىل أحكام منها أن األضحية سنة غري واجبة علينا‪ ،‬ومنها أن ما ذبح من الضحايا قبلل أن‬
‫ينرصف اإلمام مل جتز أضحيته‪.‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪ :‬وال جتزي إال بعد انرصاف إمامهم ثم قال‪ :‬بذلك جرت السنة‬
‫وقامت عىل الناس به احللة‪ ،‬ومنها أنه جيوق أكل الضحية األوىل وال حيرمها عليه ذبحه هلا‬

‫‪-126-‬‬
‫قبل وقتها وال جيب عليه بيعها لذلك قال‪ :‬إرا شاة حلم ومنها أن اجلذع من املعز ال جيلزي‬
‫إال هلذا األنقاري خاصة وال جتزي لغريه‪ ،‬ومنها أن اجللذع السلمني ملن الضلتن جيلزي‬
‫لوضحية‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة أنه قال‪ :‬من را‪ ،‬اجلمعة يف السلاعة األوىل فكلتنام قلرب بدنلة‪،‬‬
‫ومن را‪ ،‬يف الساعة الثانية فكتنام قرب بقرة‪ ،‬ومن را‪ ،‬يف الساعة الثالثة فكتنام قرب شاة‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬مثل‬
‫املهلر إىل القالة كمثل الذي هيدي بدنة‪ ،‬ثم الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي بقلرة‪ ،‬ثلم‬
‫الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي كبش ًا‪ ،‬ثم الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي دجاجلة‪ ،‬ثلم‬
‫الذي عىل أثره كمثل الذي هيدي بيضة)) دل ذلك علىل أن أفضلل األضلحية البدنلة‪ ،‬ثلم‬
‫البقرة‪ ،‬ثم الشاة‪ ،‬وهو الذي نقه يف (األحكام) وهو قول مجاهري العلامء‪ ،‬يزيده وضلوح ًا‬
‫(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن أفضل الرقلاب فقلال‪(( :‬أغالهلا‬
‫ثمن ًا وأنفسها عند أهلها)) والبدنة أغىل ثمن ًا ثم البقرة؛ ألن البدنة أقيمت مقام عرشل شلياه‬
‫ٍ‬
‫شلياه عنلدنا وعنلدهم فوجلب أن‬ ‫عندنا وسبع عند املخالفني‪ ،‬والبقرة أقيمت مقام سبع‬
‫تكون أفضل من شاة واحدة‪.‬‬
‫وأما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أحب الذبح إىل اهلل اجللذع‬
‫من الضتن ولو علم اهلل تعاىل منه لفدى به إسامعيل بلن إبلراهيم)) وهلو حمملول علىل أن‬
‫اجلذعة من الضتن أفضل من غريها من جنس الغلنم تنبيهل ًا علىل أن اجللذع ملن املعلز ال‬
‫جيزي‪.‬‬
‫وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله كلان إذا ضلحى اشلًى كبشلني عظيملني‬
‫سمينني أملحني أقرنني موجودين‪ ،‬وقد قيل يف تفسلري قلول اهلل تعلاىل‪  { :‬‬

‫‪[}‬الحج‪ ،]32:‬أي يستفرهها‪.‬‬


‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬اسلتفرهوا ضلحاياكم فإرلا‬

‫‪-127-‬‬
‫مطاياكم عىل الرصا ))‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ضلحى بخيصل‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أن أفضل األضاحي أسمنها‪ ،‬وأنه يستحب فيه افقيان؛ ألرا تكون أسمن‬
‫وحلمها أطيب‪.‬‬

‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عليل عليله السلالم أنله قلال‪ :‬أمرنلا‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن نسترشف العني واألذن والثني من املعز‪ ،‬واجللذع‬
‫من الضتن‪.‬‬

‫وروي عنه عليه السالم أنه قال يف األضحية‪ :‬صحيحة العينني واألذنني والقوائم الثني‬
‫من املعز‪ ،‬واجلذع من الضتن إذا كان سمين ًا‪ ،‬ال جرباء وال جذعاء وال هرمة‪ ،‬واختلفوا يف‬
‫اجلذع واألوىل ما ذكره القتيبي أنه ما متت له سنة ودخل يف الثانية‪.‬‬

‫قال األخوان ريض اهلل عنهام‪ :‬وهو األوىل؛ ألنه ال خالف يف أن احلمل ال يضلحى بله‬
‫وهو يسمى يف أول السنة مح ً‬
‫ال إىل أن يتم السنة‪ ،‬وال خالف أنله إذا متلت لله سلنة سلمي‬
‫جذع ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬ذلك ةتلف فيه‪ ،‬وإذا كان احلكم تابع ًا لالسم ومعنلى االسلم ةتللف فيله‬
‫وجب أن نعترب فيه املتيقن وهو متفق عليه وقد ثبت أن ملا ذهبنلا إليله وهلو املتفلق عليله‬
‫فيلب اعتباره‪.‬‬
‫قال أبو حممد القتيبي‪ :‬والثني من املعز والبقر ما متت له سنتان ودخل يف الثالثة‪ ،‬والثني‬
‫من اإلبل ما متت له مخس سنني ودخل يف السادسة‪.‬‬
‫فتما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ضحوا يف اجلذع من الضتن‬
‫إذا فر له ستة أشهر)) فاملراد به إذا فر له ستة أشهر بعد كونه جذع ًا فيضحى به هذا هو‬
‫الذي ينبغي أن حيمل عليه؛ ألنا قد بينا أنه يكون مح ً‬
‫ال يف أول السنة إىل أن تتم السلنة فلإن‬
‫متت السنة سمي جذع ًا‪ ،‬وتكون فائدته عىل هذا هو احلث عىل تعظليم األضلحية‪ ،‬وأن ال‬
‫تقترص مع اإلمكان عىل أدنى ما يقع عليه االسم وأن جتاوق هبا حتى تبل سنة ونقف ًا‪.‬‬

‫‪-128-‬‬
‫(خرب) ويف احلديث املروي يف األضحية جيزي فيها اجلذع من الضتن‪ ،‬وإنام قلال ذللك‬
‫ألنه ينزو فيلقح‪ ،‬وإذا كان من املعز مل يلقح حتى يقري ثني ًا‪ ،‬ووللد املعلز أول سلنة جلدي‬
‫واألنثى عناق فإذا أتى عليها احلول فالذكر تيس واألنثى عنز ثم جذع يف السنة الثانية ثلم‬
‫ثنى ثم رباع‪ ،‬ويف حديث عيل عليه السلالم‪ :‬أسللمت وأنلا جذعلة‪ ،‬أراد وأنلا جلذع أي‬
‫حديث السن فزاد يف آخرها هاء توكيد ًا‪ ،‬كلام قلالوا‪ :‬سلتهم لعظليم اإلسلت‪ ،‬وقرقلم يف‬
‫األقرق وهو من افيل لسنتني مكتملتني أعني اجلذع ومن اإلبل ألربع سنني‪.‬‬
‫(خرب) وروى الرباء بن عاقب عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬أربلع ال‬
‫جتزي يف الضحايا‪ :‬العورا البني عورها‪ ،‬والعرجاء البني عرجها‪ ،‬واملريضة البني مرضلها‪،‬‬
‫والعلفاء التي ال تنقي)) يعني ما ليس هلا نقي وال سمن‪ ،‬وكذلك ما يف خرب قيد بلن عليل‬
‫أمرنا أن نسشًف العني واألذن‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن عضباء القرن وعضب القلرن‬
‫ما يكون قرنه مكسور ًا وقد عضبت تعضب وأعضبتها أنا‪ ،‬وأما ناقة النبي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم التي كانت تسمى العضباء فلإن هلذا االسلم كلان لقبل ًا‪ ،‬وقيلل‪ :‬إن العضلباء‬
‫مشقوقة األذن‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال يف األضحية‪ :‬سليمة‬
‫العينني واألذنني والقوائم ال كقاء وال خرقاء‪ ،‬وال مقابلة وال مدابرة‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال‬
‫جتزي يف األضحية عوراء وال عمياء؛ ألنه إذا ثبت أن العور عيب وجب أن يكلون العلامء‬
‫عيب ًا؛ ألن العامء أنقص وأكثر عيب ًا من العور‪ ،‬وال جيزي فيها جذعاء‪ ،‬وال مستتصلة القرن‬
‫كرس ًا وال خالف يف أن العلوراء والعميلاء واجللدعاء ال جتلزي يف األضلحية‪ ،‬واجللدعاء‬
‫مقطوعة األذن‪ ،‬ودل قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬العوراء البلني عورهلا‪ ،‬والعرجلاء‬
‫البني عرجها)) أن اليسري من العيوب ال يمنع من جواق التضحية فإذا كانت إذرا مقطوعة‬
‫مل جتز وإن كان قد ذهب منها الثلث أجزت وال جتزي ذاهبة اللذنب واألليلة فلإذا بلغلت‬
‫العرجاء املنحر أجزت‪ ،‬قد ذكر هذا املعنى األخوان ملذهب حييى عليه السالم‪.‬‬

‫‪-129-‬‬
‫قال قيد بن عيل‪ :‬الرشقاء مشقوقة األذنني‪.‬‬

‫قال أبو طالب وقال غريه‪ :‬نقفني‪.‬‬


‫قال قيد‪ :‬وافرقاء املشقوقة األذنني‪ ،‬واملقابلة هي املقطوعة طرف أذرا‪ ،‬وقال غريه‪ :‬ما‬
‫قطع من مقدم طرف أذرا‪.‬‬

‫قال قيد‪ :‬واملدابرة هي ما قطع من جانب منها‪ ،‬وقال غريه‪ :‬ما قطع من مؤخرها‪.‬‬
‫وأما املؤيد باهلل فقال يف الرش‪ :،‬وقيل‪ :‬الرشقاء املوسومة‪ ،‬وقيلل‪ :‬املثقوبلة‪ ،‬وافرقلاء‬
‫املثقوبة‪ ،‬وقد قيل‪ :‬املخرقة ومها متقاربان يف املعنى‪ ،‬واملقابلة هي ملا قطلع ملن أذرلا ملن‬
‫املقدم‪ ،‬واملدابرة هي ما قطع من أذرا من املؤخر‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كلان إذاضلحى اشلًى كبشلني‬
‫عظيمني أقرنني أملحني حتى إذا صىل وخطب الناس أتى بتحدمها فذبحه فقال‪(( :‬اللهلم‬
‫إن هذا عن أمتي مجيع ًا من شهد لك بالوحدانية وَّ بالبالغ‪ ،‬ثم يؤتى باآلخر فيذبحله ثلم‬
‫يقول‪ :‬اللهم هذا عن حممد وآل حممد))‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬وقد جرت السنة عن األئمة بمثله واألملح الذي فيه بياض وسلواد‬
‫وبياضه أكثر من سواده‪ ،‬دل افرب عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬يف تعيني وقت األضحية وهو بعد فراغ اإلمام من القلالة‪ ،‬فملن ذبلح قبلل‬
‫انرصاف اإلمام مل جتز أضحيته‪ ،‬وإذا مل يكن يف الزمان إمام املسلمني فمن صىل صالة العيد‬
‫وحده ضحى بعد فراغه من القالة‪.‬‬
‫قال أبو العباس‪ :‬األضحية إذا صليت صالة العيد فوقتها مرتب عىل القلالة‪ ،‬فلإذا مل‬
‫يقل فوقتها من صالة الفلر يوم العيد‪.‬‬

‫قال أبو طالب يف تفسري قول أيب العباس‪ :‬أن من ال يقليل يلذبح بعلد صلالة الفللر‬
‫كاملريض واملسافر‪ ،‬ويدخل فيه احلائض والنفساء‪.‬‬

‫‪-130-‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬أما املريض واملسافر يف قوله ليس عليهام صالة العيد جيب أن يكلون‬
‫مبني ًا عىل القول بتن صالة العيد من فروض الكفايات‪ ،‬فتملا املؤيلد بلاهلل فقلال‪ :‬إذا كلان‬
‫للمقيل إمام يقيل به مل جتز األضحية إال بعد صالة إمامه‪ ،‬وإذا مل يكن إمام وكلان يقليل‬
‫وحده فيلب أن ال جتزيه إال بعد صالة نفسه حاصل مذهب حييلى عليله السلالم أن ملن‬
‫صىل فله أن يضحي بعد القالة سواء صىل مع اإلمام او وحده‪ ،‬ومن ال يقيل كاحللائض‬
‫ونحوها فإنه يذبح بعد الفلر‪ ،‬دليله قول اهلل تعاىل‪[}  { :‬الكوثر‪ ،]2:‬والواو‬
‫تقت ي الًتيب لغة وكع ًا وحك ًام واستعامالً عىل ما بيناه يف كتاب الطهارة‪.‬‬

‫(خرب) وعن الرباء بن عاقب قال‪ :‬قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬أول‬
‫نسكنا يف يومنا هذا القالة‪ ،‬ثم الذبح فمن ذبح قبل القالة فليعد أضحيته فإرا شاة حللم‬
‫عللها ألهله))‪.‬‬
‫ّ‬
‫(خرب) وعن األسود بن قيس قال‪ :‬شهدت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم النحلر‬
‫فمر بقوم قد ذبحوا قبل القالة فقال‪(( :‬من ذبح قبل القالة فليعد))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا بردة ذبح قبل القالة فقلال النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫((شاتك شاة حلم)) ّ‬
‫فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫احلكم الثاين‪ :‬إن الشاة الواحدة جتزي عن ثالثة إذا كانوا من أهلل بيلت واحلد‪ ،‬وأملا‬
‫الزائد يف الثالثة فإمجاع منعقد عىل أرا ال جتزي عن أكثر من الثالثة‪ ،‬فتملا ملا فعلله النبلي‬
‫له واألصل فيه اإلمجاع‪.‬‬ ‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فإنه خا‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله‬
‫كان يطعم من أضحيته ثلث ًا ويتكل ثلث ًا ويدخر ثلث ًا‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬والكل حسن ومل يرد فيه حد حمدود‪.‬‬


‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أهدى مائلة بدنلة وأملر عليل ًا أن‬
‫يتخذ من كل بدنة بضعة وأمر بتن يطبخ ذلك فتكال منه وحتسيا من املرق‪.‬‬

‫‪-131-‬‬
‫(خرب) وروى ابن أيب ليىل‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قلال‪ :‬أملرين رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أن أقوم عىل بدنة وأن أقسم جلودها وجالهلا وأمرين أن ال أعطي اجللاقر‬
‫منها شيأ ًا وقال‪ :‬نحن نعطيه‪ ،‬دل عىل أنه ال جيوق أن يعطى اجلاقر عن أجرتله جللدها وال‬
‫من حلمها وال من أصوافها وغريها‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن وقت األضحية يوم النحر ويوملان بعلده‪ ،‬وبله‬
‫قال القاسم بن إبراهيم وسبطه اهلادي إىل احلق‪ ،‬وهو قول النارص للحق‪ ،‬وبه قال السلادة‬
‫اهلارونيون‪ ،‬وقول سائر أئمة الزيدية واملتتخرين ومثله روي عن ابن عباس‪ ،‬وابلن عملر‪،‬‬
‫وأنس‪ ،‬وأيب هريرة‪ ،‬وال ةالف هلم يف القحابة‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬فيلري جمرى اإلمجلاع يف كونله حللة؛ وألن مثلل هلذا التقلدير ال‬
‫مدخل لالجتهاد فيه فإذا أطلقه القحايب وجب أن يكون مروي ًا عن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) وعن أم سلمة أرا روت أن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬إذا‬
‫دخل العرش فتراد أحدكم أن يضحي فال يمس من شعره وال برشه))‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬فدل ذلك عىل أنه يكره له أن يقلم أظفاره أو حيلق شعره‪ ،‬وعندنا ال يكره‬
‫ملا روت عائشة قالت‪ :‬فتلت قالئد هديه صىل اهلل عليه وآلله وسللم بيلدي وقللدها بيلده‬
‫وبعث هبا مع أيب بكر‪ ،‬ثم مل حيرم عليه يشء مما أحله اهلل تعاىل حتى نحر‪ ،‬فتخربت أنه صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم مع وجوب األضحية عليه مل حيرم شيأ ًا عليه وال شبهة يف أنه صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم كان قد أراد األضحية وإذا تعارضا سقطا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر حكيم بلن حلزام أن يشلًي لله‬
‫أضحية فلو مل ترص أضحية لكان ال جيوق أن يتمر برشاء أضلحية مطلقل ًا‪ّ ،‬‬
‫دل علىل أن ملن‬
‫نوى عند كاء الشاة أنه اشًاها ليضحي هبا صارت أضحية‪.‬‬

‫‪-132-‬‬
‫باب العقيقة‬
‫قال األخوان‪ :‬العقيقة مشتقة من عققت اليشء إذا مجعته‪ ،‬فلام حلق شعر املولود ومجع‬
‫ليتقدق بوقنه سمي جمموع ما يفعل ألجله عقيقة وهو ما تظاهرت به األخبلار أن النبلي‬
‫دل ذلك عىل أرا قربلة‬ ‫صىل اهلل عليه وآله وسلم عق عن احلسن واحلسني عليهام السالم‪ّ ،‬‬
‫وسنة‪ ،‬قال اهلل تعلاىل‪[}       { :‬األحالزاب‪ ،]21:‬والقلول‬
‫بترا سنة مروي عن فاطمة عليها السالم ومثله عن عائشة‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وابن عملر‪ ،‬وال‬
‫ةالف هلم يف القحابة‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سأل عن العقيقة فقلال‪(( :‬ال حيلب اهلل‬
‫العقوق)) فقيل‪ :‬يا رسول اهلل إن أحدنا ينسك لولد له مولود فقال‪(( :‬من أحب أن ينسلك‬
‫عن ولده فلينسك عن الغالم شاتني وعن اجلارية شاة)) دل عىل أرلا غلري واجبلة؛ إذ للو‬
‫كانت واجبة ملا قال من أحب أن ينسك فلينسلك‪ ،‬وقولله‪(( :‬ال حيلب اهلل العقلوق)) قلال‬
‫الراوي‪ :‬كتنه كره هلم االسم تفاؤالً؛ ألنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم كلان حيلب الفلتل‬
‫احلسن‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم قال‪ :‬قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬كل مولود مرهتن بعقيقته فكه أبواه أو تركاه)) قيل‪ :‬وما العقيقة؟ قال‪(( :‬إذا‬
‫كان يوم السابع تذبح كبش ًا فتقطع أعضاءه ثم تطبخه بامء فتقدق منه وك ُْل‪ ،‬وحتلق شعره‬
‫وتقدق بوقنه ذهب ًا أو فضة)) وال يقح أن يقال‪ :‬إن للولد ذنب ًا فقار مرهتن ًا بعقيقته؛ ألن‬
‫األدلة من دليل العقل والكتاب والسنة واإلمجاع متطابقة عىل أنله ال ذنلب لله وأنله غلري‬
‫مكلف‪ ،‬غري أن املراد أن اهلل يدفع هبا كثري ًا من اآلفات عنه إذا وقلع التقلرب هبلا‪ ،‬وعليله‬
‫حيمل ما رواه قتادة‪ ،‬عن احلسن‪ ،‬عن سلمرة أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪:‬‬
‫((الغالم مرهتن بعقيقته تذبح عنه يوم سلابعه وحيللق رأسله ويسلمى)) واسلتحب أئمتنلا‬

‫‪-133-‬‬
‫عليهم السالم أن ال يكرس عظامها تفاؤالً‪ ،‬وتفقلل األعضلاء ملن املفاصلل‪ ،‬ثلم جتملع‬
‫العظام‪ ،‬وتدفن حتت األرض كيال متزقها السباع تفاؤالً‪ ،‬وينتف ملن منحلر الشلاة ثلالث‬
‫شعرات ورضب بالزعفران وتعلق يف عنق املولود اتباع ًا لوثر عن النبلي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم يف احلسن واحلسني عليهام السالم‪ ،‬وعن فاطمة أنه قال هلا رسول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬احلقي رأسه وتقدقي بوقن شعره فضة))‪.‬‬
‫(خرب) وروى القادق جعفر بن حممد البلاقر (ع) علن أبيله أن فاطملة حلقلت رأس‬
‫احلسن واحلسني يوم سابعهام وقد وقنت شعرمها فتقدقت بوقنه ذهب ًا أو فضلة‪ ،‬فتملا ملا‬
‫رواه مهام بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الولد مرهتن بعقيقته تذبح‬
‫عنه يوم سابعه وحيلق ويدمى))‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬قال أبو داود‪ :‬وقد وهم مهام يف قوله ويدمى‪ ،‬وإنام هلو ويسلمى‪ ،‬وال‬
‫ينبغي ملن عق عن ولده أن يلطخ رأسه بدم عقيقته‪ ،‬فإن هذا فعل أهل الرشل ‪ ،‬ولكلن إن‬
‫لطخ رأسه إذا حلق بخلوق أو قعفران فال بتس‪ ،‬روي ذلك كله عن أملري امللؤمنني عليله‬
‫السالم‪ ،‬وروى يزيد بن عبداهلل املزين أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬يعلق‬
‫عن املولود وال يمس رأسه بدم))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عائشة أن اجلاهلية كانت تتخذ صلوفة ورضلبها بلدمها وتطليل بله‬
‫رأس املولود فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيعل مكانه افلوق‪.‬‬

‫‪-134-‬‬
-135-
‫كتاب األطعمة واألشربة‬

‫باب ذكر ما يستباح أكله‬


‫(خرب) وعن اهلادي إىل احلق عليه السالم أنه روى بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم أنه رى عن أكل كل ذي ناب من السباع وةلب من الطري‪ ،‬رواه أمري املؤمنني عليه‬
‫السالم وابن عباس‪ ،‬وأبو ثعلبة‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وروي وما يتكل اجليف من الطري‪ ،‬دل ذلك‬
‫عىل أن ما عدا هذا جيوق أكله‪ ،‬وألن األصل يف كل الدواب هو اإلباحة؛ ألن اهلل تعاىل قال‬
‫لنو‪ ،‬عليه السالم‪ :‬وجعلت كل دابة متك ً‬
‫ال لك ولذريتك ما خال الدم فال تتكلوه‪ ،‬ونحن‬
‫‪[}‬األنعام‪،]90:‬‬ ‫{‪‬‬ ‫متعبدون برشائع األنبياء املتقدمني بدليل قوله تعاىل‪:‬‬
‫{‪           ‬‬ ‫ولقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪[}‬البقرة‪ ،]136:‬فدل ذلك عىل جواق أكل مجيع الطيور والسباع إال ما خقه رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بالتحريم فهو كل ذي ناب من السبع وكل ذي ةلب من‬
‫الطري فقار ذلك ناسخ ًا ملا تناوله وبقي اجلواق يف ما عداه عىل حاله‪ ،‬وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪[}   ‬المؤمنو‪ ،]14-12::‬دل ذلك عىل أن اليشء النلس يطهر‬
‫باالستحالة؛ ألن اآلدمي كان نطفة‪ ،‬ثم صار علقة‪ ،‬ثم مضغة‪ ،‬ثم عظام ًا‪ ،‬ثم صار آدمي ًا‬
‫فقار طاهر ًا‪ ،‬فدل عىل ما ذكرناه‪ ،‬كذلك افنزير وامليتة إذا وقعا يف املالحة فاستحاال‬

‫‪-136-‬‬
‫ملح ًا استحالة تامة جاق أكل ذلك امللح‪ ،‬ذكره األخوان ملذهب القاسم بن إبراهيم عليهام‬
‫السالم‪ ،‬وكذلك افمر إذا صارت خالً بغري دواء واستحالت صار ذلك افل طاهر ًا‪،‬‬
‫وكذلك النلاسة كالعذرة ونحوها إذا حرقت فقارت رماد ًا طهرت‪ ،‬ذكره املؤيد باهلل‬
‫عىل ما رواه ابن أيب الفوارس‪ ،‬وكذلك ال بتس بتكل ما نبت عىل العذرة إذا نظف منها‬
‫وأنقى‪ ،‬ذكره القاسم وهو إمجاع وذلك ألرا استحالت استحالة تامة فلم يبق هلا أثر يف‬
‫املنظر وال يف املذاق وال يف الشم‪ ،‬فقارت كافمر تنقلب يف درا خالً والدم ينقلب يف‬
‫الرضع لبن ًا‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أحل لكم ميتتان ودمان فامليتتان‬
‫السمك واجلراد والدمان الكبد والطحال)) دل ذلك عىل جواق أكل اجلراد عىل أيلة حلال‬
‫وجد من حياة أو موت عىل ما تقدم حتقيقه‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن أيب هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن سمن ماتلت‬
‫فيه فترة فقال‪(( :‬إن كان جامد ًا تلقى ويلقى ما حوهلا‪ ،‬وإن كان مائع ًا فتريقوه فإن أخرجت‬
‫وهي حية كان اجلميع طاهر ًا؛ ألن الفترة حمكوم بطهارهتا إذا كانت حية)) دل افرب عىل أن‬
‫النلاسة إذا وقعت يف املائعات الطاهرة وجب إراقتها ومل جيلز االنتفلاع هبلا‪ ،‬وإذا كانلت‬
‫جامدة أقيلت وأقيل ما حوهلا وكان الباقي طاهر ًا‪ ،‬ودل قوله صىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫فتريقوه عىل أنه ال جيوق االنتفاع باملائع من الدهن إذا صار نلس ًا وال جيوق أكلله وال بيعله‬
‫وال كاؤه وال االستقبا‪ ،‬بله؛ ألنله أملر بإراقتله‪ ،‬وملا روي‪ :‬فاسقلبحوا بله‪ ،‬وروي‪:‬‬
‫فلللانتفعوا بللله فخربنلللا حلللارض وهلللو أوىل‪ ،‬فتملللا قولللله تعلللاىل‪ { :‬‬

‫‪[}‬األوراف‪ ،]157:‬فإنه يدل عىل أنه إذا وقع يف الطعام ما ال دم له وكثر حتى تغلري‬
‫به‪ ،‬وصار مما يستخبث ويعاث أكله مل جيز أكله‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه أتى إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بلفنة فوجد فيها خنفساء أو‬
‫ذباب ًا فتمر به فطر‪ ،‬وقال‪(( :‬سموا وكلوا)) دل ذلك عىل حكمني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أنه ال جيوق أكل ما هذا حاله؛ ألنه أمر بطرحهام‪.‬‬

‫‪-137-‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه جيوق تناول ما وقع فيه ما ال دم له يسفح من الطعام‪ ،‬واملائعات إذا مل ينلتن‬
‫ويقذر ويقري مستخبث ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كان ينهى السلامكني علن بيلع اجللري‬
‫واملارماهي وهذا مما تظاهرت به األخبار عنه عليه السالم وقيل‪ :‬بتن املارماهي يشبه احلية‪.‬‬

‫قال األخوان‪ :‬يكره أكل سائر ما يكون يف البحر من احليوان غري السمك علىل قيلاس‬
‫قول حييى عليه السالم لنقه عىل كراهة أكل املارماهي لشبهه باحلية‪ ،‬فبان أنه عليه السالم‬
‫يعترب بالقورة فإذا أشبه ما ال يؤكل يف الرب كلره أكلله‪ ،‬وعلىل هلذا ال يؤكلل كللب امللاء‬
‫وخنزيره‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذه الكراهة فيهام كراهة التحريم‪.‬‬
‫قال املنقور باهلل‪ :‬ال حيرم من صيد البحر إال ما شابه املحرم الربي وهو معنى ما ذكره‬
‫السيد أبو طالب ملذهب حييى عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أحل لكم ميتتان ودمان)) يدل علىل أن‬
‫باإلباحة؛ ألنه فرس امليتتني بالسمك واجلراد‪ ،‬فدل ذلك عىل ملا قلنلاه‪،‬‬ ‫السمك ةقو‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}        { :‬البقرة‪ ]173:‬دل عىل أنه جيوق من‬
‫اجلوع أن يتكل من امليتة قدر ما يمسك الرمق ويقيم النفس دون الشبع وهو إمجلاع أعنلي‬
‫يف جواق تناول هذا القدر وافالف فيام قاد عليه‪ ،‬واختلف علامؤنا يف معنى قولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪ }   ‬فمنهم من ذهب إىل أن معناه غري باغ يف التلذذ وال عاد يف جماوقة احلد‬
‫الذي أبيح له وهو ما تقدم حتقيقه‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهو الذي يقتضيه ظاهر قول حييى عليه السالم يف (األحكام) يف غلري‬
‫موضع فإذا جتاوق احلد الذي أبيح له مع االضطرار عارف ًا بتحريمه كان فاسق ًا وإن استحله‬
‫كان كافر ًا‪ ،‬وهو قول طائفة من العلامء‪ ،‬ومنهم من ذهب إىل أنه ال جيوق ملن خلرج يف غلري‬
‫طاعة اهلل أن يتكل من امليتة عند الرضورة وهو قول قيد بن عيل‪ ،‬والنارص للدين اهلل أمحلد‬

‫‪-138-‬‬
‫بن اهلادي عليهم السالم‪ ،‬ومما يرجح قول اهلادي عليه السلالم أن األدللة قلد دللت علىل‬
‫استواء الباغي وغري الباغي يف أكثر رخص الرشع وال خالف يف أن الباغي إذا عدم املاء يف‬
‫السفر أو خياف الرضر من استعامله جاق له التيمم‪ ،‬فكذلك إذا مل جيد الطعام جاق أن يتكل‬
‫من امليتة والعلة حقول الرضورة واألصول تشهد ملا قلنلاه‪ ،‬فلإن التحليلل والتحلريم يف‬
‫املآكل واملشارب يستوي فيه الرب والفاجر‪ ،‬وحلم افنزير كامليتة يف أن املضطر يتنلاول منله‬
‫القدر الذي يتناول من امليتة؛ وذلك ألن اهلل تعاىل عطف باإلباحة علىل حللم افنزيلر كلام‬
‫عطف باإلباحة عليا مليتة بالرضورة فكان حكمهام واحد ًا‪ ،‬وألن أحد ًا من العلامء مل يفقل‬
‫بينهام‪ ،‬وقول اهلل تعاىل‪[}    { :‬البقالرة‪ ،]195:‬يدل عىل أن من تر‬
‫التناول من حلم افنزير عند الرضورة ألقى بالنفس إىل التهلكة‪ ،‬فلدل علىل جلواقه وكلل‬
‫ذلك خرجه الناطق باحلق عىل مذهب اهلادي وذكر أيض ًا عىل مذهب حييى جواق التنلاول‬
‫من حلوم بني آدم املوتى عند الرضورة‪ ،‬وقال القايض قيد‪ :‬وأن يتكل من حلم احللريب دون‬
‫الذمي عىل أصلنا‪ ،‬فتما افمر فذكر الناطق باحلق أنه إن كان كهبا يزيد يف العطش مل جيلز‬
‫كهبا‪ ،‬وإن كان يقيم الرمق ويشد النفس ويدفع التلف جاق أن يتناول منها القلدر اللذي‬
‫أبيح له‪ ،‬واتفقوا عىل أنه إذا وجد البول وافمر وكان مضطر ًا فإنه يرشب من البلول دون‬
‫افمر‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما جعل اهلل شفاءكم فليام حلرم‬
‫عليكم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬إن اهلل أنلزل اللداء واللدواء‬
‫وجعل لكل داء دواء فتداووا وال تداووا بحرام))‪.‬‬
‫(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن التداوي باحلرام‪ ،‬دل ذللك علىل‬
‫أنه ال جيوق التداوي بيشء مما حرمه اهلل كافمر ونحوه‪ ،‬وهذا هو مذهب اهللادي واملؤيلد‬
‫باهلل عليهام السالم‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن اجلاللة‪.‬‬

‫‪-139-‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن اجلاللة وكب لبنها‪ ،‬افرب األول‬
‫ال ظاهر له‪ ،‬وافرب الثاين يدل عىل كراهة كب لبنها‪ ،‬أما إذا كانت تتناول شيأ ًا يسري ًا ملن‬
‫العذرة فال بتس بذلك؛ ألن عامة البهائم والطيور ال تكاد تسلم من ذلك‪.‬‬
‫وأما اجلاللة التي ال تعتلف إال من العذرة فإنه يكره حلمها هلذا افرب‪ ،‬فتملا أنله حيلرم‬
‫تناوله فال لقول اهلل تعاىل‪[}   { :‬المائالدة‪ ،]1:‬وقوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪[}       ‬النحل‪ ،]5:‬وألن النلاسة التلي تتكلهلا ال‬
‫تؤثر يف حلمها بل اللحم عىل حاله وإنام تكسبه رائحتها فقط‪ ،‬وهذا ال يوجب حتريمله بلل‬
‫يكره تناوله فقط؛ ألن افربين مجيع ًا ال ظاهر هلام يف حتريم اللحم؛ وألن إمجاع العًة علىل‬
‫خالف القول بتحريم حلوم اجلاللة فإنا ال نعلم أحد ًا من علامئهم قال بتحريم حلمها‪ ،‬فإذا‬
‫ٍ‬
‫حينأذ حكمه يف اجلواق‪.‬‬ ‫جاق اللحم فحكم اللبن‬

‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ملن بركلة‬
‫الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده‪ ،‬دل عىل أنه يستحب ملن أراد األكل أن يغسلل يديله‬
‫قبل الطعام وبعده‪.‬‬

‫(خرب) وتظاهرت األخبار بتن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يغسل يديه إذا فرغ‬
‫من الطعام وهو عادة املسلمني‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله كلان يسلمي اهلل إذا ابتلدأ بالطعلام‬
‫وحيمده إذا فرغ منه‪ ،‬دل ذلك علىل اسلتحبابه لقولله تعلاىل‪     { :‬‬

‫‪[} ‬األحالزاب‪ ،]21:‬وملا أمر اهلل جربيل ثالث ثالثة من املالئكة عليهم السالم عىل‬
‫صورة البرش هبال قوم لو فتمرهم بالبداية بإبراهيم افليل عليله السلالم فللام أتلوه يف‬
‫مزرعة له فعند أن رآهم طر‪ ،‬باملسحى من يده وصىل ركعتني فقال بعضهم لبعض‪ :‬ألجل‬
‫ال سمين ًا وحنذه وقربه إليهم ومل يعلم أرم مالئكلة‬
‫هذا ارذ اهلل خليالً‪ ،‬ثم ذبح هلم عل ً‬
‫قال هلم‪ :‬أعطوا ثمنه‪ ،‬قالوا‪ :‬وما ثمنه؟ قال‪ :‬أن تسموا اهلل يف أوله وحتملدوا اهلل يف آخلره‪،‬‬
‫فدل عىل أن ذلك مرشوع من وقت إبراهيم عليه السالم‪.‬‬

‫‪-140-‬‬
‫(خرب) وروى مالك‪ ،‬عن أيب نعيم وهب بن كيسان أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫أتى بطعام ومعه ربيبه عمر بن أيب سلمة فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬سم اهلل‬
‫وكل مما يليك)) دل عىل استحباب التسمية يف االبتداء وعىل األكل مما ييل اآلكل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا قرب إليه الطعام أكل من بني يديله‬
‫ومل يعده إىل غريه‪ ،‬وإذا وضع التمر جالت يده يف اإلناء‪ ،‬دل عىل أنه يستحب لله أن يتكلل‬
‫مما بني يديه إال التمر فإنه جيوق تناوله عىل سبيل التخيري وال يكره‪ ،‬وكذلك سائر الفواكله‬
‫قياس ًا عليه‪.‬‬

‫(خرب) وعن جابر بن عبداهلل السلمي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم رلى أن‬
‫يتكل الرجل بشامله أو يميش يف نعل واحدة‪ ،‬وأن يشتمل القام‪ ،‬وأن حيتبي يف ثوب واحد‬
‫كاشف ًا عن فرجه‪ ،‬دل ذلك عىل أن قبح ما هذا حاله غري أن األكل بالشامل اإلمجاع منعقلد‬
‫عىل جواقه وإن كان مكروه ًا‪ ،‬وامليش يف فرد نعل يكره هلذا افرب وجيلوق؛ ألن عليل ًا عليله‬
‫السالم فعله ورواه عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬واشلتامل القلام أن يلتحلف‬
‫الرجل بثوب واحد‪ ،‬ثم يلقي جانبه األيرس علىل األيملن ومل خيلرج يلده‪ ،‬وقلد رلى علن‬
‫القالة فيه أيض ًا وذلك ملا ال يؤمن من كشف عورته‪ ،‬وأما االحتبا علىل هلذا الوجله فلال‬
‫جيوق أيض ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان يتكل بيمنلى يديله وأنله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم حيب األيامن يف كل يشء‪ ،‬وروي أن الشيطان يتكل بشامله‪ ،‬دل علىل أنله‬
‫يستحب له أن يتكل بيمينه وال يؤكل بشامله إال عن رضورة‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل عليه السالم أن رسول اله صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن‬
‫ثالث أكالت‪ :‬أن يتكل الرجل بشامله‪ ،‬ومستلقي ًا عىل قفاه‪ ،‬ومنبطح ًا عىل بطنله‪ ،‬دل ذللك‬
‫عىل كراهة األكل عىل هذه األحوال‪.‬‬
‫(خرب) وروى عبد اهلل بن عمر أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إذا أكلل‬

‫‪-141-‬‬
‫أحدكم فليتكل بيمينه وليرشب بيمينه فإن الشيطان يتكل بشامله ويرشب بشامله)) دل ذلك‬
‫عىل ما قلناه‪.‬‬
‫وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يتكل قط متكأ ًا‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫‪-142-‬‬
‫باب ذكر ما يحرم أكله‬
‫قللللال اهلل تعللللاىل‪          { :‬‬

‫‪[}         ‬المائ الالالالدة‪ ،]3:‬دل‬
‫ذلك عىل حتريم األشياء املذكورة إال ما ذكاه املسلمون؛ ألن افطاب يف أوائل اآليات هلم‪،‬‬
‫وقال تعاىل‪[}           { :‬المائدة‪ ،]3:‬دل‬
‫ذلك عىل جواق تناول ما يدفع به التلف عن نفسه عند الرضورة كام تقدم‪.‬‬
‫(خرب) وعن عاصم بن ضمرة‪ ،‬عن عيل عليه السالم وابن عباس‪ ،‬وأيب ثعلبة افشني‪،‬‬
‫وأيب هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن أكل كل ذي ناب من السلباع‬
‫وةلب من الطري‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كل ذي ناب من‬
‫السباع حرام)) دل عىل أنه ال جيوق أكل كلل ذي نلاب ومملا لله نلاب الضلبع‪ ،‬والدللدل‪،‬‬
‫والثعلب‪ ،‬واهلر األنيس والوحيش‪ ،‬فإن الكل ذو ناب وما كان له ناب من سائر السلباع مل‬
‫حيل أكله بداللة ما تقدم‪ ،‬ودل افرب عىل حتريم أكل كل ذي ةلب من الطري واملخلب من‬
‫القائد من الطري هو مثل الظفر من اإلنسان وملن ذي افلف املنسلم‪ ،‬وملن ذي احللافر‬
‫احلافر‪ ،‬ومن ذي الظلف الظلف‪ ،‬وقيل‪ :‬هو من القائد من الطري‪ ،‬ومن السباع املخللب‪،‬‬
‫ومن الطري التي ال تقيد والكالب الربثن‪ ،‬وقيل‪ :‬الربثن من السباع بمنزلة األصلبع ملن‬
‫اإلنسان‪ ،‬واملخلب بمنزلة الظفر من اإلنسان‪ ،‬وقال تعلاىل‪ ،}  { :‬دل‬
‫ذلك عىل حتريم أكل الدود بعد موته؛ ألنه ميتة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أتى بلفنة قد أدمت فوجد فيهلا‬
‫خنفساء وذباب ًا فتمر به فطر‪ ،،‬ثم قال‪(( :‬سموا وكلوا فإن هذه ال حترم شيأ ًا)) دل عىل أن ما‬
‫هذا حاله غري متكول‪ ،‬وهلذا أمر بطرحله ويقلاس علليهام كلل حيلوان ال يلذكى كاللدود‬

‫‪-143-‬‬
‫والنحل بعلة أنله ال يلذكي فتشلبه اللذباب وافنلافس‪ ،‬قلال اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}  ‬النحالل‪ ،]8:‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق أكلها؛ ألن اهلل تعلاىل ذكلر‬
‫خلقه هلا عىل وجه االمتنان علينا ملا لنا فيها من املنافع وذكر الركوب من مجلة تلك املنافع‪،‬‬
‫ومل يذكر األكل وهو من أعظمها وأوالها فلو جاق أكلها ملا عدل علن ذكلره وهلو أعظلم‬
‫املنافع إىل ما دورا‪.‬‬
‫(خرب) وروى خالد بن الوليد عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رلى علن حللوم‬
‫افيل والبغال واحلمري‪ ،‬دل ذلك عىل حتريمها وقول من يبيحها أرا من الطيبات فدخلت‬
‫وهو جيب بناء‬ ‫حتت قول اهلل تعاىل‪ }  { :‬قلت‪ :‬اآلية عامة وخربنا خا‬
‫فكتنه تعاىل قال‪ }  { :‬إال حلوم افيل والبغال واحلمري‬ ‫العام عىل افا‬
‫وحلوم كل ذي ناب من السباع وةلب من الطري‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلنلاه‪ ،‬فلإن قيلل‪ :‬قلد‬
‫روى جابر أنا ذبحنا يوم خيرب البغال وافيول فنهى صىل اهلل عليه وآله وسللم علن أكلل‬
‫البغال واحلمري ومل ينه عن الفرس‪ ،‬واجلواب أن هذا حكاية فعل وال ُيدرى عىل أي وجله‬
‫فعل‪.‬‬

‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم رلى علن حللوم احلملر األهليلة وأذن يف‬
‫افيل‪ ،‬وهذا معارض بام قدمناه‪ ،‬وخربنا ناقل حارض فهو بمعنى الناسخ الطارس فيكلون‬
‫أوىل باملقري إليه عىل أين ال أعلم قائ ً‬
‫ال من علامء العًة جيوق أكل حلوم افيل‪ ،‬فلإذا كلانوا‬
‫أمجعوا عىل حتريم أكل حلومها فإمجاعهم حلة جيب العمل عليه‪ ،‬وكذلك أمجع علامء أهل‬
‫البيت عليهم السالم عىل حتريم حلوم احلمر األهلية وهو إمجاع كافة علامء اإلسالم إال ملا‬
‫روي عن ابن عباس من جواق أكله‪.‬‬
‫(خرب) وروى حممد بن احلنفية عليه السالم‪ ،‬أن علي ًا عليه السالم قال البلن عبلاس يف‬
‫متعة النساء‪ :‬إنك امرؤ تائه فالنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن احلمر األهلية ومتعة‬
‫النساء يوم خيرب‪ ،‬دل ذلك عىل حتريم أكلها‪ ،‬وعىل وقوع النسخ يف جواق أكلها‪.‬‬
‫(خرب) يدل عىل ذلك أن رج ً‬
‫ال قال‪ :‬يا رسول اهلل مل يبق من ماَّ ما أسلتطيع أن أطعلم‬

‫‪-144-‬‬
‫جوال القريلة))‬
‫أهيل إال محراء َّ‪ .‬قال‪(( :‬فتطعم أهلك من سمني مالك وإنام كرهت لكم ّ‬
‫جوال القرية وهي األهلية‪ ،‬فدل ذلك عىل‬‫يدل عىل أنه أبا‪ ،‬له حلم احلمر الوحشية‪ ،‬وكره ّ‬
‫حتريمها‪ ،‬يزيده وضوح ًا ما روى قيد بن عيل‪ ،‬وحممد بن احلنفية‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن أكل حلوم احلمر األهلية‪ ،‬وقلد روى ذللك أيضل ًا‬
‫اهلادي عليه السالم يف كتاب (األحكام) دل ذلك عىل حتريم أكلها؛ وألنه كان أبيح أكلهلا‬
‫قدي ًام يف أول اإلسالم وكذلك املتعة‪ ،‬ثم نسخ ذللك فتخبارنلا حلارضة وناسلخة فوجلب‬
‫االعتامد عليها والعمل هبا‪ ،‬وأما حلوم البغال فالقول بتحريمها هو إمجاع عللامء اإلسلالم‪،‬‬
‫وقد تقدمت الداللة عىل حتريم أكلها‪.‬‬
‫(خرب) وعن صعب بن جثامة قال‪ :‬مر يب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم باألبواء‬
‫فتهديت له حلم محار الوحش فرد عيل فلام رأى يف وجهي الكراهة قال‪(( :‬إنه لليس بنلا رد‬
‫ولكنا قوم حرم)) فدل ذلك عىل أن محر الوحش مباحة حيل أكلها وصيدها‪.‬‬
‫(خرب) ومما يدل عىل ذلك ما قدمناه يف كتاب اهلبات وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم خرج من املدينة حتى أتا الروحاء ومعه أصحابه فإذا هو بحلامر وحلش عقلري فيله‬
‫سهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬دعوه حتى جييء صاحبه)) فلاء رجلل فقلال‪ :‬يلا‬
‫رسول اهلل هذه رميتي فكلوا وروي فشتنكم به‪ ،‬وروي‪ :‬فهو لكلم‪ ،‬وروي‪ :‬فلانتفعوا بله‪،‬‬
‫فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا بكر أن يقسم حلمه بني الرفاق‪ ،‬دل ذلك عىل جواق‬
‫خرجه اإلمام املؤيد باهلل عىل مذهب اإلمام اهللادي‬
‫أكل حلوم احلمر الوحشية‪ ،‬وهو الذي ّ‬
‫إىل احلق عليه السالم‪.‬‬

‫‪-145-‬‬
‫باب ما يكره أكله وما يستحب‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم قال‪ :‬أتى رسلول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم راع فتهدى له أرنب ًا مشوي ًا فنظر إليه النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم فقال‪(( :‬أهدية أم صدقة))؟ فقال‪ :‬بل هدية‪ ،‬فنظر إىل حيائهلا فكتنله رأى فيهلا دمل ًا‬
‫وقال لقاحبها‪(( :‬خذها)) قال‪ :‬آكلها؟ قال‪(( :‬نعم‪ ،‬وكلوا معه)) فتكل القلوم‪ ،‬فلدل أملره‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم بتكلها عىل حتليلها‪ ،‬ودل تركه ألكلها عىل كراهة أكل حلمها‪.‬‬
‫(خرب) وسأل عمر عن األرنب فقال‪ :‬ال أقول فيها شيأ ًا أخشى أن أنقص منه أو أقيلد‬
‫عامر بن ياي وستله فقال‪ :‬كنت عنلد النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫فيه‪ ،‬فاستدعى ّ‬
‫فتهدي إليه أرنب فتطعمنا منه ومل يقل أكل منها معنا‪ ،‬فدل عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬الطحال لقمة الشيطان‪ ،‬دل عىل كراهته؛ ألنه إذا‬
‫أكل ي الشيطان االقتداء به‪ ،‬وجيوق أكله ملا ذكرنلاه أوالً ملن افلرب ((أحلل لكلم ميتتلان‬
‫وفرس الدمني بالكبد والطحال‪.‬‬
‫ودمان)) ّ‬
‫(خرب) وعن ابن عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أيت بضب فللم يتكلله ومل‬
‫حيرمه‪.‬‬

‫(خرب) وعن عائشة قالت‪ :‬أهدي لنا ضب فدخل علينا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫فستلته عن أكله فنهانا‪ ،‬فللاء سلائل فقاللت‪ :‬أناولله إيلاه‪ ..‬فقلال َّ‪(( :‬أتطعمينله ملا ال‬
‫تتكلني))‪.‬‬

‫(خرب) وروى افدري أن أعرابي ًا ستل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم علن الضلب‬
‫فقال‪(( :‬إن اهلل سخط عىل سبط من بني إيائيل فمسخهم دواب يدبون عىل األرض فلام‬
‫أظنهم إال هؤالء)) ويف خرب آخر ((أخشى أن تكون هذه))‪.‬‬

‫‪-146-‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس قال‪ :‬أهدت خالتي إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫ضب ًا وسمن ًا وإقط ًا وأكل من السمن واألقط‪ ،‬ومل يتكل من الضب وأكل علىل مائدتله‪ ،‬دل‬
‫تركه ألكل حلم الضب عىل كراهته‪ ،‬ودل أكلهم للحمها عىل مائدته ومل ينههم عىل حتليله‪.‬‬
‫(خرب) وعن خالد بن الوليد بن املغرية أنه قال‪ :‬دخلت مع رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم بيت ميمونة قوج النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتيت بضب حمنوذ فتهوى إليه‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال بعض النسلوة اللاليت يف بيلت ميمونلة أخلربوا‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقيل‪ :‬هو ضب يا رسول اهلل فرفع يده‪ ،‬فقلت‪ :‬أحرام‬
‫هو؟ قال‪(( :‬ال‪ ،‬ولكنه مل يكن بترض قومي فتجدين أعافه)) فاجًرته فتكلتله ورسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم ينظر‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن أكل القنفذ وقال‪(( :‬إنه خبيثلة‬
‫من افبائث)) دل ذلك عىل حتريم أكله لقوله إنه ملن افبائلث‪ ،‬وقلد قلال تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[} ‬األوراف‪ ،]157:‬وسائر افبائث ال تؤكل قياس ًا عىل ما تقدم‪.‬‬


‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أكل من خرضلاوتكم هلذه‬
‫ذوات الروائح فال يقربن مسلدنا فإن املالئكة تتتذى مما يتلتذى منله بنلو آدم)) رواه ابلن‬
‫عباس‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من أكل ثومل ًا أو‬
‫بق ً‬
‫ال فليعتزلنا أو ليعتزل مسلدنا وليقعد يف بيته))‪.‬‬
‫(خرب) وعن نافع‪ ،‬عن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من أكل ملن‬
‫هذه البقلة فال يدخل املسلد حتى تذهب رحيها ‪-‬يعني الثوم‪ ))-‬فدل ذلك عىل أنه يكلره‬
‫أكلها ملن يريد حضور مساجد اجلامعات‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عليه السالم أنه قال‪ :‬أمرين رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫عيل ألكلته)) دل ذللك علىل أن النهلي إنلام ورد‬
‫بتكل الثوم وقال‪(( :‬لوال أن املالئكة تنزل ّ‬

‫‪-147-‬‬
‫ألجل التتذي فمن ال يؤذي أحد ًا برحيه فال بتس به‪.‬‬

‫(خرب) وعن عائشة قالت‪ :‬قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يا محرياء إ ّيا وأكلل‬
‫الطني فإنه يعظم البطن ويعني عىل القتل)) دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن يتكل اإلنسان ملن‬
‫الطني مما يرضه‪ ،‬فتما ما ال يرضه فال يكون منهي ًا عنه؛ ألنه قد يعقل البطن وينتفع باليسلري‬
‫منه‪.‬‬
‫(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن إدامة النظر إىل امللذومني وأملر‬
‫بالتباعد عنهم‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ال تلديموا النظلر إىل‬
‫امللذومني ومن كلمه منكم فليكن بينكم وبينه قاب رمح)) دل علىل كراهلة إداملة النظلر‬
‫إليهم والقرب منهم‪ ،‬وذلك ملا ال يؤمن أن حيدق بعد ذلك يشء من اجلذام مع جمالسلتهم‬
‫ومقاعدهتم فيقال‪ :‬سببه ذلك‪ ،‬وأما حتريم ذلك فال يدل عليه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أكل مع جمذوم يف ققعة فقال‪(( :‬بسم‬
‫اهلل ثقة باهلل وتوك ً‬
‫ال عىل اهلل)) فدل ذلك عىل جواقه كام دل األول عىل كراهته‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن أنس قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أكرموا افبلز‬
‫فإنه من ط ّيبات الرقق‪ ،‬ولوال افبز ما عبد اهلل تعاىل‪ ،‬وملن أصلاب كرسلة فتماطهلا علن‬
‫األذى كتب اهلل تعاىل له مخسني ألف حسنة وحما عنه مخسني ألف سيأة‪ ،‬ورفلع لله مخسلني‬
‫ألف درجة‪ ،‬فإن رفعها إىل فيه فتكلها بنى اهلل له بيت ًا يف اجلنة طوله أربلع فراسلخ وعرضله‬
‫أربع فراسخ يف ارتفاع أربع فراسخ)) وصوابه أن يقال‪ :‬أربعة فراسلخ يف مجيلع ذللك‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه جيوق لقط ما يؤخذ من افبز مطروح ًا إذا كانت العلادة جاريلة بطلر‪ ،‬مثلله‬
‫وسائر املتكوالت مقيسة عليافبز إذا كانت عىل هذه احلال‪ ،‬ودل افرب عىل حقول األجر‬
‫العظيم مللتقط ذلك وأكله تكري ًام ملا أكرمه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس قال‪ :‬جاء عبدالرمحن بن عوف إىل رسول الله صلىل اهلل عليله وآلله‬

‫‪-148-‬‬
‫وسلم وبه أثر صفرة فستله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخربه أنه تزوج امرأة من‬
‫األنقار فقال له صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أومل ولو بشاة))‪.‬‬
‫(خرب) وأمره رسوله اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقد تزوج فقال‪(( :‬أومل وللو بشلاة))‬

‫أعني عبدالرمحن بن عوف‪ ،‬دل ذلك عىل استحباب الوليمة بشاة يف العرس‪ ،‬وليس ذللك‬
‫بواجب ملا يف خرب رواه أنس وهو أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا بنى بقفية بنت حيي بن‬
‫أخطب أومل‪.‬‬
‫قال أنس‪ :‬دعوت املسلمني إىل وليمة ما كان فيها خبز وال حلم أمر باألنطاع فتلقي فيها‬
‫من التمر واألقط والسمن فكانت وليمته‪.‬‬
‫بمدِّ ين من شعري‪.‬‬
‫(خرب) وأومل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف إحدى نسائه ُ‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا تلزوج قينلب بنلت‬
‫جحش أومل وكانت وليمته احليس‪ ،‬وكان يدعو من املؤمنني عرشة عرشة فإذا أصابوا طعام‬
‫نب ّيهم استتنسوا حلديثه وكان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حيب أن خيلو لله اللدار‪،‬‬
‫فتنزل اهلل علز وجلل‪}          { :‬‬
‫اآلية [األحالزاب‪ ،]53:‬فمكث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بيت قينب سبعة أيلام‬
‫ولياليهن ثم حتول من بيت قينب إىل بيت أم سلمة‪ ،‬واحليس طعام يتخذ من من أقط ومتر‬
‫وسمن‪.‬‬

‫(خرب) وعن ق يد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليله السلالم أنله قلال‪ :‬ال وليملة إال يف‬
‫ثالث يف خرس أو عرس أو أعذار‪ ،‬وافرس طعلام النفسلاء‪ ،‬وافرسلة طعلام النفسلاء‪،‬‬
‫ويقال أيض ًا‪ :‬بالقاد‪ ،‬ويقال‪ :‬التمر خرسة مريم حني ولدت عيسى عليه السالم واألعذار‬
‫طعام افتان‪ ،‬والعرس ‪-‬بضم العني والراء‪ :-‬طعام وليمة املعرس والعرب تؤنثها‪ ،‬ويقال‬
‫إلطعام القادم من سفره نقيعة قال‪:‬‬
‫افرس واألعلذار والنقيعللة‬ ‫كل الطعام تشتهلي ربيعللة‬

‫‪-149-‬‬
‫ويقال ملا يطعم من الوليمة يف الدار اجلديدة الوكرية‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬للو دعيلت إىل كلراع‬
‫ألجبت ولو أهدي إَّ ذراع لقبلت))‪.‬‬
‫(خرب) وعن نافع‪ ،‬عن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال‪(( :‬إذا دعلي‬
‫أحدكم إىل الوليمة فليتهتا)) دل ذلك عىل أنه يستحب إجابة املسلم ولو إىل لقمة‪.‬‬
‫(خرب) وعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬سليد الطعلام يف اللدنيا‬
‫واآلخرة اللحم‪ ،‬وسيد الرشاب يف اللدنيا واآلخلرة امللاء‪ ،‬وعلليكم بلاللحم فإنله ينبلت‬
‫اللحم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان حيب اللحم ويقول‪(( :‬إنلا معلاك‬
‫قريش حلم ّيون)) دل ذلك عىل أن اللحم يسمى طعام ًا وعىل أنه أكف الطعام‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا أتيتم بافبز واللحم فابلدأوا‬
‫بافبز فسدوا به كلب اجلوع ثم كلوا اللحم)) دل ذلك عىل أن األفضلل البدايلة بلافبز يف‬
‫األكل قبل اللحم‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬بركلة الطعلام الوضلوء قبلله‬
‫وبعده‪ ،‬والشيطان مولع بالغمر فإذا أوى أحدكم إىل فراشه فليغسل يديه من ريح الغمر))‬

‫دل عىل أن السنة الغسل قبل الطعام وبعده‪ ،‬والغمر‪ -‬بفتح الغني معلمة وهلو بلالراء‪:-‬‬
‫ريح الدسم واللحم‪ ،‬يقال‪ :‬بيدي من ريح اللحم غمرة‪ ،‬ومنه منديل الغملر وهلو اللذي‬
‫متسح به األيدي بعد أكل الطعام‪.‬‬

‫‪-150-‬‬
‫باب األشربة‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليله السلالم أنله قلال‪ :‬قلال‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ما أسكر كثريه فقليله حرام))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أم سلمة قالت‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن كل مسكر‪.‬‬
‫(خرب) وعن عائشة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل عن البتلع فقلال‪(( :‬كلل كاب‬
‫مسكر فهو حرام))‪.‬‬
‫(خرب) وستل أبو وهب اجليشاين رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن البتع فقلال‪:‬‬
‫((كل كاب مسكر فهو حرام)) والبتع ‪-‬األوىل بواحدة من أسفل والثانية باثنتني من أعىل‬
‫والعني غري معلمة بفتح الفاء وسكون العني‪ :-‬رقاق الطحني ينبذ يف اإلناء ثم يلقى عليه‬
‫املاء ويً فيقري نبيذ ًا مسكر ًا‪.‬‬
‫(خرب) وعن عائشة أيض ًا قالت‪ :‬رانا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قليل ملا‬
‫أسكر كثريه‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب موسى قال‪ :‬ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم علن كاب‬
‫العسل؟ فقال‪(( :‬ذلك البتع)) فقلت‪ :‬إرم ينبذون ذلك من الشعري والذرة قلال‪(( :‬فلذلك‬
‫املزر أخرب قومك أن كل مسكر حرام))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عمر وابن مسعود عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كلل‬
‫مسكر حرام))‪.‬‬

‫(خرب) وعن نافع عن ابن عمر أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬كل مسكر حرام))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أنه قال‪(( :‬كل ةمر مخر‪ ،‬وكل مسكر حرام)) وقلال اهلل تعلاىل‪:‬‬

‫‪-151-‬‬
‫{‪[}         ‬المائالالدة‪،]90:‬‬
‫ووجه داللتها من ثالثة مواضع‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه تعاىل وصفها بترا رجس وكل رجلس حملرم بدالللة قولله تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[} ‬األوراف‪.]157:‬‬

‫وثانيها‪ :‬بتنه وصفها بترا من عمل الشيطان‪ ،‬أي الدعاء إىل كهبا من عملل الشليطان‬
‫وهذا يقت ي حتريمها لقوله تعاىل‪          { :‬‬

‫‪[}     ‬يال‪ ،]61-60::‬وعبادة الشيطان هي‬ ‫‪   ‬‬

‫طاعته فيام يدعو إليه ويتمر به‪.‬‬


‫وثالثها‪ :‬أنه قال فاجتنبوه‪ ،‬وما جيب اجتنابه فإنه يكون حمرم ًا؛ ألنه أمر باجتنابه‪ ،‬واألمر‬
‫يقت ي الوجوب‪.‬‬

‫(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعرايب فقال‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل أوصني‪ ،‬قال‪(( :‬ال ترش باهلل شيأ ًا وإن قتلت أو مزقت وال تدع القالة لوقتها‬
‫فإرا ذمة اهلل عز وجل‪ ،‬وال ترشب افمر فإرلا مفتلا‪ ،‬كلل ك)) دل علىل أن رأس أملور‬
‫الدين التوحيد‪ ،‬وأنه ال ينبغي أن يدعه وإن أكره عىل ذلك وإن قتل عليه كان ملتجور ًا مللا‬
‫فيه من إعزاق الدين‪ ،‬وعىل أن القالة أفضل العبادات الرشعية‪ ،‬وقوله ذمة اهلل أي عهلده‬
‫وميثاقه وأمره‪ ،‬وعىل أن كب افمر من الكبلائر العظيملة‪ ،‬وقلال اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪            ‬‬

‫‪[}‬البقرة‪ ،]219:‬واإلثم اليكون إال يف املحرمات لقول اهلل تعاىل‪   { :‬‬

‫‪[}      ‬األوالراف‪ ،]33:‬واإلثلم‪ :‬ملا يللتثم اإلنسلان بفعللله‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬إن اإلثم اسم للخمر وسميت باسم ما تؤدي إليه من اإلثم وأنشد بعضهم‪:‬‬
‫كذا اإلثم يذهلب بالعقلول‬ ‫كبت اإلثم حتى قال عقللي‬

‫وعىل الوجهني يفرس قوله تعلاىل‪[}   { :‬األوالراف‪ ،]33:‬وافملر‬

‫‪-152-‬‬
‫كل ما خامر العقل فتفسده بالسكر‪ ،‬وامليرس هو رضب من القلامر كانلت العلرب تفعلله‬
‫{‪          ‬‬ ‫وقال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪[} ‬المائالدة‪ ،]90:‬والذي يدل عىل أن كل مسكر مخر (خرب) نعامن بن بشري‬
‫قال‪ :‬سمعت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬إن من العنلب مخلر ًا‪ ،‬وملن العسلل‬
‫مخرا‪ ،‬ومن احلنطة مخر ًا‪ ،‬ومن الشعري مخر ًا‪ ،‬وإين أراكم عن كل مسكر))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عمر قال‪ :‬سمعت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬كل مسكر‬
‫مخر))‪.‬‬

‫(مخر) وعن الشعبي‪ ،‬عن ابن عمر قال‪ :‬سمعت عمر عىل منرب رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫ٍ‬
‫يومألذ ملن مخسلة ملن التملر‪،‬‬ ‫وآله وسلم يقول‪ :‬أهيا الناس إنه نزل حتلريم افملر وهلو‬
‫والعنب‪ ،‬والعسل‪ ،‬واحلنطة‪ ،‬والشعري‪ ،‬فإذا قال ذلك بمشهد القحابة ريض اهلل عنهم ومل‬
‫ينكر أحد منهم جرى جمرى اإلمجاع منهم‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬افمر من هاتني الشلرتني النخل والكرم))‬

‫جتمع بني افربين فكتنه قال‪ :‬هي من هاتني ومن كذا وكذا‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أن كل‬
‫مسكر مخر‪ ،‬وعىل أن ما أسكر كثريه فقليله حرام‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال يلدخل اجلنلة قتلات وال‬
‫كطي وال مدمن مخر)) فالقتات النامم‪ ،‬والرشطي واحد الرشطة وهم األعوان واألوليلاء‬
‫واألنقار فإذا كان عون ًا ألهل الباطل كان هالك ًا وهو املراد بافرب‪ ،‬وإذا كان عونل ًا ألهلل‬
‫احلق كان ناجي ًا فهذا حممود واألول مذموم معاقب إن مل يتب‪ ،‬ويف احللديث‪(( :‬يلا كطلة‬
‫اهلل)) أي أنقار اهلل ‪-‬بفتح الشني معلمة‪ -‬وما قلناه من أعلوان الباطلل ّ‬
‫دل عليله أخبلار‬
‫كثرية وهو ثابت يف اللغة‪ ،‬قال األعشى‪:‬‬
‫وأين لكم يا كطة الكفر عارف‬ ‫شهدت عليكم أنكلم سبائيلة‬

‫(خرب) وسأل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أيتام ورثوا مخلر ًا فقلال‪(( :‬أهرقهلا))‬

‫‪-153-‬‬
‫قال‪ :‬أال أجعلها خالً‪ ،‬قال‪(( :‬ال))‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن أبا طلحة ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن أيتلام ورثلوا‬
‫مخر ًا فقال‪(( :‬أهرقها)) قال‪ :‬أفال أخللها؟ قال‪(( :‬ال))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس قال‪ :‬جاء ٌ‬
‫رجل إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ويف حللره يتليم‬
‫وكان عنده مخر حني حرمت فقال‪ :‬يا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم نقلنعها خل ً‬
‫ال‬
‫قال‪(( :‬ال)) فقبها حتى سال الوادي‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه ملا نزل حتريم افمر أمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بإراقتهلا‬
‫وفيها مخر أليتام‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيوق االنتفاع بافمر علىل وجله ملن الوجلوه إال عنلد‬
‫الرضورة كام بيناه أوالً‪ ،‬ودل ذلك عىل أنه ال جيوق رليلها؛ ألنه لو جاق مللا أملر بإرقاهتلا؛‬
‫ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن إضاعة املال‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬خري خ ّلكم ّ‬
‫خل مخركم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬نعم اإلدام افل))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان يقنع خل مخر‪ ،‬معناه أنه يلً العنلب حتلى‬
‫حيرض‪ ،‬ثم يعرص ويكون خ ً‬
‫ال كالقب ‪ ،‬دل ذلك عىل جواق تنلاول خلل افملر علىل هلذا‬
‫الوجه وعىل طهارة افمر إذا صارت خ ً‬
‫ال بغري دواء؛ ألرا قد استحالت كام تقدم بيانه‪.‬‬
‫(خرب) وعن حذيفة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم رلى علن الرشلب يف أواين اللذهب‬
‫والفضة وقال‪(( :‬هي هلم يف الدنيا ولكم يف اآلخرة))‪.‬‬
‫(خرب) وروى حذيفة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ال ترشبوا يف آنية الفضة‬
‫وال تتكلوا يف صحافها فإرا هلم يف الدنيا ولكم يف اآلخرة))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أم سلمة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ملن كب يف آنيلة‬
‫الذهب والفضة فإنام جيرجر يف بطنه نار جهنم))‪.‬‬

‫‪-154-‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪ :‬من كب يف إنلاء‬
‫من ذهب أو فضة أو يف إناء فيه يشء من ذلك فإنه جيرجر يف بطنه نار جهنم)) دل ذلك عىل‬
‫أنه ال جيوق الرشب يف أواين الذهب والفضة وال يف املذهبة ملن األواين وال يف املفضفضلة‬
‫سواء وضع فاه عىل العود أو احللية؛ ألن افرب مل يفقل الظاهر أن ذلك كله ال جيوق‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس أن قد‪ ،‬النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم انكرس فارذ مكلان الشلقة‬
‫سلسلة من فضة‪ ،‬وهذا يدل عىل جواقه لسدّ ثلمة اإلناء ال للزينة كام تقدم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أيت إليه بلبن قد شيب بامء وعلن يمينله‬
‫أعرايب وعن يساره أبو بكر فرشب منه ثم أعطى األعرايب فقال‪(( :‬األيملن األيملن)) رواه‬
‫أنس‪.‬‬
‫(خرب) وروى حييى بن سهل بن سعد السلاعدي أنله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أيت‬
‫برشال فرشب منه وعن يمينه غالم وعن يساره أشياخ فقال للغلالم‪ :‬أتلتذن َّ أن أعطلي‬
‫هؤالء األشياخ؟ فقال الغالم‪ :‬ال واهلل يا رسول ال أوثر عىل نفيس بمقليبي منلك أحلد ًا‪،‬‬
‫فناوله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ما يف يده‪ ،‬دل افربان عىل أن السلنة إذا كب‬
‫اإلنسان ما حيل كبه وأراد أن يسقي أصحابه أن يبدأ بمن عن يمينه ثم يدير اإلنلاء حتلى‬
‫ينتهي إىل من عن شامله‪.‬‬

‫‪-155-‬‬
-156-
‫كتـاب اللبـاس‬

‫باب ما يحل لبسه للرجال وما يكره‬


‫(خرب) وروى أمري عيل عليه السالم قال‪ :‬خرج رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫ويف إحدى يديه ذهب ويف األخرى حرير فقال‪(( :‬هذان حراملان علىل ذكلور أمتلي حلل‬
‫إلناثها)) وهذا افرب يقت ي حلقيقته حتريم لبس ما ُيطلق عليه اسم اللذهب واحلريلر علىل‬
‫الرجال فكل ما كان عىل غري هذه القورة ال‪ ،‬بل يقال هذا ثوب حمر ٌر وخاتم مذهب فإنه‬
‫ال يتناوله افرب‪ ،‬وجيوق لبسه عندنا وهذا ظاهر‪.‬‬
‫(خرب) وعن عمران بن حقني أن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم رلى علن للبس‬
‫احلرير‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أهدي لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حلة حلمتها‬
‫وسداها إبريسم فقلت‪ :‬يا رسول اهلل ألبسها فقال‪((:‬ال‪ ،‬أكره لك ملا أكلره لنفيسل ولكلن‬
‫أقطعها ُمخر ًا لفالنة وقالنة)) وذكر فاطمة فشققتها أربعة مخر وقسمتها بني النساء‪ ،‬دل ذلك‬
‫عىل حتريم احلرير املحض عىل الرجال وهو إمجاع علامء العًة عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلروي أنه قال لعيل كرم اهلل وجهه أقسمه بني الفواطم يعنلي مخلر ًا ثلم‬
‫عددهن فقال‪ :‬فاطمة بنت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وفاطملة بنلت أسلد بلن‬
‫هاشم أم عيل ريض اهلل عنه أسلمت وهي أول هاشمية ولدت هلاشمي‪ ،‬ورواه عن القتيبي‬
‫قال‪ :‬وال أعرف الثالثة‪.‬‬

‫‪-157-‬‬
‫قال األقهري‪ :‬الثالثة فاطمة بنت محزة الشهيد‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رخص لطلحلة بلن عبلداهلل يف للبس‬
‫احلرير يف احلرب‪ ،‬وروي هذا عن الزبري‪ ،‬وقال اهلل تعاىل‪     { :‬‬

‫‪[}       ‬األنفال‪ ،]60:‬دل ذلك عىل أنه جيوق‬
‫لبسه يف احلروب‪ ،‬وألن حال احلرب يفتقر إىل اجلنة وإرهاب العدو واحلرير جيمعهام؛ ألنه‬
‫أمنع للسال‪ ،‬من القطن وأروع وأهيب منه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كانت له جبة مكفوفة اجليب والفرج‬
‫بالديباج‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن الثوب املقمت‪،‬‬
‫وأما السدا والعلم فال‪ ،‬دل ذلك عىل أن االعتبار يف احلظر واإلباحة بام ُيطللق عليله اسلم‬
‫احلرير كام تقدم بحقيقته‪ ،‬فتما ما كان حمرر ًا فال فإن كان احلرير غالبل ًا علىل ملا سلواه فلال‬
‫خالف يف حتريمه؛ ألن احلكم لوغلب اس ًام وكع ًا‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من لبس احلرير يف اللدنيا مل يلبسله يف‬
‫اآلخرة)) ويف بعض األخبار ((إال أربع أصابع)) يعني أن هذا القدر جائز وإن كلان حريلر ًا‬
‫خالق ًا عام ينس معه من قطن أو غريه كالفرج واجليب‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم قال‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن للبس‬
‫احلرير إال يف موضع أصبعني أو ثالثة أو أربعة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه كان للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم جبة مكفوفلة اجليلب والكملني‬
‫والفرجني بالديباج‪ ،‬دل ذلك عىل جواق لبس قليل احلرير افالص نحو ما تقدم ذكره‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى الرجال عن للبس اللذهب إال ملا‬
‫كان مقطع ًا‪ ،‬رواه َّ الفقيه العامل كف الدين احلسن بن البقا بإسلناده إىل النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،‬دل ذلك عىل جواق لبس ما هذه حاله من الذهب املقطع للرجلال وهلو‬

‫‪-158-‬‬
‫جنس ما جيعل هذا الزمان يف لبس أهل الدول وكان يسري ًا وعىل جواق ما يعمل مقطع ًا يف‬
‫خاتم الرجل غري متقل ببعض‪ ،‬فتما املموه فال خالف يف جواقه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أنس أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم رخلص يف احلريلر لعبلد‬
‫احلكة‪ ،‬دل ذلك عىل جواق لبس احلرير للحكة‪.‬‬ ‫الرمحن بن عوف وللزبري بن العوام من م‬

‫(خرب) وروى َّ السيد العامل عفيف الدين املطهر بن حييى أن يف كتاب من كتب العلامء‬
‫املسموعة لغريه ومل يقح له سامعه وال َّ عنه ما مثاله‪ :‬أنه أتى بتقبية هلا إقرة من ذهب إىل‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ففرقها يف أصحابه إال واحد ًا منها فلبسه عليه القالة‬
‫والسالم‪ ،‬وقدم رجل من أصحابه وكان غائب ًا فقال‪ :‬أين نقيبي؟ فقال‪ :‬هوذا خبتتله للك‬
‫فحله عنه وأعطاه ذلك الرجل فلبسه ونعوذ باهلل تعاىل أن نقول علىل رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم ما مل يقل أو يفعل‪ ،‬فإن صح افرب دل ذلك عىل جواق ما كلان فيله قليلل‬
‫الذهب كام جر ذلك يف قليل احلرير‪.‬‬
‫(خرب) وعن إبراهيم بن عبداهلل بن احلسن بن احلسن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عيل عليله السلالم‬
‫قال‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن لبس القيسل واملعقلفر وعلن التخلتم‬
‫بالذهب‪ ،‬وعن قراءة القرآن يف الركوع والسلود‪ ،‬دل ذلك عىل قبح فعل هلذه األشلياء‪،‬‬
‫القس‪ -‬بفتح القاف‪ :-‬بلدة يف مرص يعمل فيها ثياب فيها حرير كتنه كثري فنسبت الثيلاب‬
‫إليها‪ ،‬واملعقفر قيل‪ :‬إنه من صب آل فرعون‪ ،‬القب ‪-‬بكرس القاد غلري معلملة‪ :-‬ملا‬
‫يقطب به وما يقب به أيض ًا‪ ،‬وألن فيها تشبه ًا بالنساء وقد لعن النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم املتشبهني من الرجال بالنساء‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أن التشبه هبن يف ثالثة أشياء يف اللباس واملشية والكالم‪،‬‬
‫فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروى أنس أن رج ً‬
‫ال جاء إىل النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم وعليله ثلوب‬
‫معقفر فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬لو ألقيت ثوبك هذا يف تنور لكان خري ًا‬

‫‪-159-‬‬
‫لك)) فذهب الرجل فلعله حتت القدر أو يف التنور‪ ،‬فتتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫فقال‪ :‬ما فعل ثوبك؟ فقال‪ :‬صنعت به ما أمرتني به‪ .‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬ما بذلك أمرتك أال ألقيته عىل بعض نسائك)) فدل ذلك علىل كراهتله للرجلال‬
‫وأنه غري مكروه للنساء‪.‬‬

‫(خرب) وروي يف خرب عيل عليه السالم أنه رى عن التختم بالذهب‪.‬‬


‫(خرب) وعن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ارذ خامت ًا من ذهب وأمر بتن‬
‫ينقش عليه اسمه فارذ الناس خواتم من ذهب فرمى به النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫وارذ خامت ًا من فضة‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه كان مباح ًا ثلم نسلخ‪ ،‬وعلىل أن التخلتم بالفضلة‬
‫جائز‪ ،‬واألخبار متطابقة عىل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يتختم يف اليمني‪،‬‬
‫وكذلك عيل كان أيض ًا يتختم يف اليمني‪ ،‬ويف خرب القادق‪ ،‬علن آبائله أن النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم كان يتختم بيمينه وكان فقه مما ييل باطن كفه‪ ،‬وروي أنه أمر باراذ خاتم‬
‫من فضة وأن ينقش عليه حممد رسول اهلل ثالثة أسطر‪ ،‬وكلان عليل عليله السلالم يتخلتم‬
‫بيمينه‪ ،‬وكان نقش خامته اهلل امللك‪ ،‬وروي أن احلسن واحلسني عليهام السالم كانا يتختامن‬
‫يف اليسار‪ ،‬وروي ذلك عن حممد بن احلنفية وغريهم من القحابة‪ ،‬وجيوق أن يكون فعلل‬
‫ذلك لعذر وال شبهة يف جواق ذللك كلله؛ ألن الكراهلة يف لبسله يف اليسلار كراهلة ضلد‬
‫االستحباب فقط‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رخص لعبدالرمحن بن عوف‪ ،‬والزبري‬
‫بن العوام يف قميص احلرير يف السفر من حكة كانت هبام‪ ،‬دل عىل أنه جيلوق للبس احلريلر‬
‫عند الرضورة‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن إسامعيل بن عبدالرمحن دخل مع عبدالرمحن عىل عمر وعليه قميص‬
‫حرير وقلبان من ذهب فشق عمر القميص وفك القلبني وقال‪ :‬اذهب إىل أملك‪ ،‬ومل يلرو‬
‫إنكار ذلك عن احد من القحابة ريض اهلل عنه‪ ،‬فدل ذلك عىل حتريمه عىل الذكور صغار ًا‬
‫كانوا أو كبار ًا‪ ،‬وافرب الذي رواه عيل عليه السالم وقد ذكرناه أوالً يدل عىل حتريم احلرير‬

‫‪-160-‬‬
‫والذهب افالقني عىل القبيان؛ ألنه عم الذكور ومل يفقل بني القغري والكبري‪.‬‬

‫ال ذهب أنفه فارذ أنف ًا من فضة فتنتن عليه فتمره النبي صلىل اهلل‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫عليه وآله وسلم أن يتخذ ذلك من ذهب‪ ،‬دل ذلك عىل جواق اسلتعامل اللذهب والفضلة‬
‫فيام جيري هذا امللرى‪ ،‬وروي أن اسم هذا الرجل عرفلة بن أسعد وأنه أصيب أنفه يلوم‬
‫الكالب‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يف أنف بعريه برة من فضة‪.‬‬
‫(خرب) وروى أنس قال‪ :‬كان نعل سيف رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من فضة‬
‫وقنبعة سيفه فضة‪ ،‬وما بني ذلك حلق الفضة‪ ،‬القنبعة‪-‬بالقلاف مضلمومة وبعلدها نلون‬
‫والنون قائدة وبعدها باء معلمة بواحدة من أسفل وبعدها عني غري معلمة‪ :-‬هي التلي‬
‫تكون عىل رأس القائم‪ ،‬وربام ارذت من فضة علىل رأس السلكني‪ ،‬وقيلل‪ :‬هلي ملا بلني‬
‫الشاربني مما يكون فوق الغمد فتليء مع قائم السيف‪ ،‬دل عىل أنله ال بلتس أن يفضلض‬
‫الللام والثغر واللبب إذا مل يقع فيه إياف‪ ،‬وحكى عيل بن العبلاس إمجلاع أهلل البيلت‬
‫عليهم السالم عىل جواق لبس حشية القز للمحارب وأن يتخذ للدرع جربانل ًا ملن ذهلب‬
‫وأن تكون حلية السيف من فضة وكره الذهب‪.‬‬
‫أما احلشية إذا مل حتش بالقز مل متنع السلال‪ ،،‬وإذا كانلت حمشلوة بله كانلت أقلرب إىل‬
‫التزيني والًويع والتحقني‪ ،‬واملنع من إصابة السال‪ ،،‬واإلرهاب للعدو‪ ،‬فلاق لبسلها‪،‬‬
‫وكذلك اراذ اجلربان من الذهب بلميع هذه الوجوه فلاق أيض ًا‪.‬‬

‫‪-161-‬‬
‫باب ما يحل للنساء لبسه وما يستحب لهن فعله وما يكره‬
‫حيل للنساء لبس احلرير املحض والذهب افالص كام تقلدم يف افلرب يف البلاب األول‬
‫وهو إمجاع بني املسلمني‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يتمر النساء بتن خيضلبن أيلدهين‬
‫وأظفارهن‪ ،‬وأن يلبسن القالئد‪ ،‬وينهاهن عن التعطل والتشبه بالرجال يف ذلك‪ ،‬ويف خرب‬
‫آخر‪ :‬وكان ينهى النساء عن التعطل والتشبه بالرجال‪ ،‬وكرهلت عائشلة أن تقليل امللرأة‬
‫عط ً‬
‫ال‪-‬بضم العني غري معلمة واملاء مضمومة معلمة بواحدة من أسفل‪ :-‬يعني ولليس‬
‫عليها قالدة وال يشء من احليل‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن امرأة أرادت أن تبايع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرجت‬
‫يدها فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يد رجلل أو يلد املرأة))؟ فقاللت‪ :‬يلد‬
‫امرأة‪ .‬فقال‪(( :‬ما َّ ال أرى عليها أثر افضاب)) وروي أنه قال‪(( :‬ملا يمنلع إحلداكن أن‬
‫تغري أظفارها))‪.‬‬
‫(خرب) ويف قوله تعاىل‪[}    { :‬النالور‪ ،]31:‬يعني الزينة‬
‫الباطنة جيوق إبداؤها للزوج استدعاء مليله وحتريك ًا لشهوته‪ ،‬ولذلك لعن رسول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم من النساء السلتا واملرها‪ ،‬فالسللتا التلي ال رتضلب واملرهلا التلي ال‬
‫تكتحل‪ ،‬يعني إذا فعلت ذلك النرصاف شلهوة اللزوج عنهلا‪ ،‬فتمرهلا بلذلك اسلتدعاء‬
‫لشهوته‪.‬‬

‫(خرب) وقيل‪ :‬هو غري مسموع‪ ،‬ولعن صىل اهلل عليله وآلله وسللم املسلوفة واملفسللة‪،‬‬
‫فاملسوفة هي التي إذا دعاها قوجها إىل املباكة قالت‪ :‬سوف أفعل واملفسلة هي التلي إذا‬
‫دعاها قوجها قالت‪ :‬إين حائض وهي غري حائض‪.‬‬

‫‪-162-‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يكره للملرأة أن تقليل ولليس عليهلا‬
‫قالدة وال يشء‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬إين أكلره‬
‫أن أرى املرأة ال خضاب عليها)) وأمرهن بالقالئد يف أعناقهن وأن يلبسن احليل أو غريه مما‬
‫يقدرن عليه يف أيدهين وأرجلهن‪ ،‬وكره أن يتعطلن تعطل الرجال‪ ،‬وكلان صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم يقول‪(( :‬لو أن أحدكم إذا أتى أهله يقول اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان‬
‫ما رققتنا فإن كان له ولد مل يسلط عليه الشيطان))‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن أقواج النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم كلان يطلولن أذيلاهلن حتلى‬
‫جيرررا عىل األرض‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أم سلمة قالت لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حني ذكر اإلقار‬
‫فاملرأة يا رسول اهلل؟ قال‪(( :‬ترخي شرب ًا)) قالت‪ :‬إذ ًا ينكشف عنها‪ ،‬قال‪(( :‬فذراع ًا ال تزيد‬
‫عليه)) رواه اهلادي إىل احلق وغريه‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أنه يسلتحب للنسلاء فعلل ملا‬
‫تضمنته‪ ،‬فاما إرخاء درعها أو إقارها عىل قدميها فقد تضمنه افرب‪ ،‬والعلامء بلني قلائلني‪:‬‬
‫أحدمها يقول بوجوب سً القدمني فظاهر عىل قوله أنه جيلب إرخلاء درعهلا أو إقارهلا؛‬
‫ألنه اليمكن فعل الواجب الذي هو سً القدمني إال به فكان واجب ًا كوجوبه‪.‬‬
‫وأما من ال يرى القول بوجوب سًمها فذلك عنده مستحب‪.‬‬

‫(خرب) قال اهلادي إىل احلق عليه السالم بلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫أنه قال‪(( :‬لعن اهلل الراكبة واملركوبة))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يدخل اجلنة فحلة من النساء‪،‬‬
‫ال أو هبيملة‪ ،‬أو رجل ً‬
‫ال تشلبه بالنسلاء أو املرأة تشلبهت‬ ‫ولعن اهلل ومالئكته من أتى رجل ً‬
‫بالرجال))‪.‬‬
‫(خرب) قال عيل عليه السالم‪ :‬ولعن رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم الواصللة‬

‫‪-163-‬‬
‫واملستوصلة‪ ،‬والواشمة واملستوشمة من غري داء‪ ،‬والنامقة واملتنمقة‪.‬‬

‫(خرب) وعن عبداهلل قال‪ :‬لعن اهلل الواشامت واملتوشامت‪ ،‬واملتنمقلات‪ ،‬واملتفلللات‬
‫املغريات خلق اهلل‪ ،‬فبل ذلك امرأة من بني أسد يقال هلا‪ :‬أم يعقوب فقالت‪ :‬بلغنلي انلك‬
‫لعنت كيت وكيت فقال‪ :‬وما َّ ال ألعن من لعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ومن‬
‫هو يف كتاب اهلل‪ .‬فقالت‪ :‬لقد قرأت ما بني اللوحني فام وجدت فيه ما تقول‪ ،‬قال‪ :‬لو كنت‬
‫قرأتيه وجدتيه‪ ،‬أما قرأت‪[}       { :‬الحشالر‪،]8:‬‬
‫قالت‪ :‬بىل‪ .‬قال‪ :‬فإنه قد رى عنه‪ ،‬ذكره يف البخاري‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لعلن اهلل الواصللة واملوتقللة‪،‬‬
‫والواشمة واملوتشمة‪ ،‬والنامقة واملتنمقة)) دل ذلك عىل حظر ما تضمنه هذان افلربان‬
‫من ذلك‪.‬‬

‫أما الواصلة فهي التي تقل شعرها بشعر النلاس للتزويلر والتلبليس علىل ملن تريلد‬
‫تزوجيها فحرم ألجل ذلك‪ ،‬فإن وصلت شعرها بشعر املعز مل تكن ملعونة؛ ألنه يتميز عن‬
‫شعر الناس وهذا خيرج منه أن تقل املرأة املتزوجة شعرها بشعر من ال حيرم عىل قوجها‬
‫وال عليها النظر إليه‪ ،‬فإن معنى التزوير غري حاصل‪ ،‬والواصلة هلي الفاعللة‪ ،‬واملوتقللة‬
‫املفعول ذلك هبا‪ ،‬وأما الوشم فقيل‪ :‬هو الكي‪ ،‬ذكره السيد النلاطق بلاحلق‪ ،‬وذكلر أنله ال‬
‫جيوق هلا لغري رضورة‪ ،‬وقيل‪ :‬هي التي تشم ظهر كفها بإبرة ثم حتشوه بالنؤور وهو دخلان‬
‫البن ‪ ،‬ذكره يف غريب احلديث‪.‬‬
‫قال طرفة بن العبد‪:‬‬
‫تلو‪ ،‬كباقي الوشم يف ظاهر اليد‬ ‫فولة أطالل بربقلة ثهملد‬

‫فالواشمة هي الفاعلة له‪ ،‬واملوشمة هي املفعول هبلا ذللك‪ ،‬وذكلر يف كتلاب (ضلياء‬
‫احللوم) أن الوشم األثر الذي يبقى واجلمع شوم‪ ،‬يقال‪ :‬وشم اليد أي غرقها باإلبرة وذر‬
‫الكحل ونحوه عليها لتخرضل‪ ،‬وذكلر احللاكم يف كتلاب (جلالء األبقلار) أن الواشلمة‬

‫‪-164-‬‬
‫املاشطة‪ ،‬واملستوشمة هي التي متشط بام يزينها‪ ،‬وحيتمل أن يفعال ذلك ألجنبي كام جلرت‬
‫به العادة يف أهل الفساد‪ ،‬وحيتمل أن يفعل ذلك ملن ال يعرفها فيظنها مجيلة فتخدعه لذلك‬
‫وتتخذ منه ماالً فهام يعمالن يف خديعة الناس وأخذ ماهلم من غري وجهله وموضلع هلذا‬
‫اللفن من هذا الكتاب الذي هو (جالء األبقار) املللس الثالثون‪ ،‬وفيام ذكره بعلد فلإن‬
‫املعنى األول الذي يليه اوضح من هذا‪ ،‬وذكر يف (ضياء احللوم) أن النؤور عىل وقن فعول‬
‫دخان الفتيلة يتخذ كح ً‬
‫ال للوشم‪ ،‬قال الشاعر يقف الوشم‪:‬‬
‫أسف متون معتلرج رصيلن‬ ‫كتقار النؤور للله دخللان‬

‫ومهزة النؤور مبدلة من واو مثل قؤول‪ ،‬والنمص نتف الشلعر ملن الوجله‪ ،‬ذكلره يف‬
‫غريب احلديث ونحوه يف (ضياء احللوم) وذكر املنقور باهلل أن النمص نتف شعر العانة‪.‬‬

‫‪-165-‬‬
‫باب ما يستحب للرجال لبسه وما يحرم على الرجال استعماله أو‬
‫يكره‬
‫(خرب) وعن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر القادق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬علن‬
‫عيل عليه السالم قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل حيب من عبده إذا‬
‫خرج إىل إخوانه أن يتزين هلم ويتلمل)) يعضده قول اهلل تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪[}  ‬األوالراف‪ ،]31:‬وقوله عز قائالً‪[}   { :‬الضالحى‪،]11:‬‬


‫فاقت افرب أنه يستحب للرجل واملرأة التلمل باجليد من الثياب وليس ذللك برسلف‪،‬‬
‫وإنام الرسف اإلنفاق يف املعقية‪ ،‬واقتضت اآلية األوىل استحباب ذلك أيض ًا؛ ألن اإلمجاع‬
‫منعقد عىل أن التزين غري واجب‪ ،‬فدل عىل استحبابه‪ ،‬ودلت اآلية الثانيلة علىل أنله جيلب‬
‫إظهار نعمة اهلل عىل عبده وذلك يعم القول والفعل فيلب عليله إظهارهلا بقولله ولبسله‬
‫ونحو ذلك مما يقع به الظهور‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬إذا أنعلم اهلل علىل عبلده نعملة‬
‫أحب أن يرى عليه أثر نعمته))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن اهلل إذا أنعم عىل العبد نعمة أحلب‬
‫أن ترى عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬التحدث بالنعم شكر))‪.‬‬
‫(خرب) ونبينا حممد صىل اهلل عليه وآله وسلم أقهد الزاهدين‪ ،‬وأفضل املرسلني‪ ،‬وكلان‬
‫يلبس العاممة افز واجلبة افز واملطرف افز‪ ،‬وكان سيفه حمىل بفضة‪ ،‬والنبي سلليامن بلن‬
‫داود عليهام السالم أعطاه اهلل ملك ًا ال ينبغي أحد من بعده‪ ،‬وسخر له اجلن‪ ،‬وملكه اإلنس‬
‫فكانت اجلن يعملون له ما يشاء من حماريب ومتاثيل وجفان كاجلواب وقلدور راسليات‪،‬‬

‫‪-166-‬‬
‫كانت جفانه كاجلواب وهي احلياض يتكل عىل اجلفنة يف الدفعة الواحدة ألف ًا‪ ،‬ووصف اهلل‬
‫تعاىل قدوره لثباهتا بالراسيات‪.‬‬
‫(خرب) وعن احلسن السبط بن عيل الوذ أمري امللؤمنني علليهام السلالم قلال‪ :‬أمرنلا‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن نلبس أجود ما نلد يعني يلوم العيلد وأن نتطيلب‬
‫بتجود ما نلد‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قدمت إليه دابة لريكبها فلام وضع رجله يف الركاب‬
‫رأى عىل ضفة الرسج قطعة ديباج فثنى رجله ومل يركب‪.‬‬

‫قال‪ :‬ألن اضطلع عىل مجر الغضا أحب إَّ ملن‬ ‫(خرب) وروي أن سعد بن أيب وقا‬
‫أن اضطلع عىل براقع حرير‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق للرجل أن جيعل فرشه ومقارمه من‬
‫املحشوة بالقز‪ ،‬وهلو اختيلار املؤيلد بلاهلل عليله‬
‫ّ‬ ‫حرير وال أن يتكئ عىل الفرش والوسائد‬
‫السالم‪ ،‬واملقرمة‪ :‬السً ‪-‬بكرس امليم وسكون القاف وفتح الراء‪ ،-‬وخالفه أخوه النلاطق‬
‫باحلق أبو طالب عليه السالم وقال‪ :‬جيوق ذلك للرجل ويمكن أن جياب عام روي عن عيل‬
‫عليه السالم عىل أن انرصافه عن الركوب ليس ألجل رؤيته لقطعة اللديباج بلل لغلرض‬
‫آخر؛ ألن هذا القدر من الديباج جيوق أن يكون جيب ًا كام روي أنه كان للنبي صىل اهلل عليه‬
‫فإنه معارض بام روي أن ابلن‬ ‫وآله وسلم جبة جيبها ديباج‪ ،‬وأما خرب سعد بن أيب وقا‬
‫عباس اتكى عىل مزيقة من حرير‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬وأما الوسادة املحشوة بالقز فال خلالف يف جلواق اجلللوس عليهلا؛‬
‫وألن بسط اليشء والقعود عليه ةالف للبسه فال جيب من حيث رى عن لبس احلريلر أن‬
‫يكون افًاشه والقعود عليه حمظور ًا‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬وألن تعليق الثوب الذي عليه تقاوير منهي عنه وهو أبل يف النهي‬
‫من احلرير‪ ،‬ثم إنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قد أجاق طرحه والقعود عليه‪.‬‬
‫(خرب) ملا روي أن عائشة جعلت سً ًا فيه تقاوير إىل القبلة فتمرها رسول اهلل صىل اهلل‬

‫‪-167-‬‬
‫عليه وآله وسلم فنزعته فلعلت منه وسادتني وكلان النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫جيلس عليهام؛ وألن اجللوس عىل الثوب ليس باستعامل له بداللة أن من جلس عىل بسا‬
‫مغقوب ومل يضمنه فإن لبس ثوب ًا مغقوب ًا ضمنه‪ ،‬كذلك لو ركب دابة مغقوبة وسًها‬
‫ضمنها‪ ،‬ولو ركبها ومل يسًها مل يضمنها‪ ،‬وكالم القاسم بن إبراهيم عليه السلالم حيتملل‬
‫جواق ذلك للرجال كام جيوق للنساء‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الشيب نور فمن أراد أن يطفيله‬
‫فليطفأه))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أنس قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬الشليب نلور ملن‬
‫خلع الشيبة فقد خلع نور اإلسالم فإذا بل أربعني سلنة وقلاه اهلل األدواء الثالثلة اجلنلون‬
‫)) دل افرب األول عىل جواق تغيري الشيب بافضاب‪ ،‬ودل افلرب الثلاين‬ ‫واجلذام والرب‬
‫عىل كراهته‪ ،‬وعىل أنه ال جيوق خلعه ونتفه‪ ،‬وروي أن علي ًا عليه السالم قيل له حلني كثلر‬
‫شيبه لو غريت شيبك‪ ،‬فقال‪ :‬إين ألكره أن أغري لباس ًا ألبسنيه اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه مل يشب من ولد آدم عليه السلالم أحلد قبلل إبلراهيم افليلل عليله‬
‫السالم وكان يلتبس عىل الناس بولده إسحاق لكثرة شبهه به‪ ،‬فلام وقع فيه الشليب فلرق‬
‫الناس بينهام به‪ ،‬وروي أنه ملا رأى الشيب قال جلربيل‪ :‬ما هذا؟ قلال‪ :‬الوقلار‪ .‬قلال‪ :‬رب‬
‫قدين وقار ًا‪ ،‬وقيل يف تفسري قول اهلل تعاىل‪[} { :‬فاطر‪ ،]37:‬يعني الشيب‪ ،‬وقد‬
‫خضب احلسن واحلسني ابنا عيل وأخومها حممد بن احلنفية عليهم السالم وخضب غريهم‬
‫من القاحلني من القحابة والتابعني والسنة فيام خيضب به ما تضمنه‪.‬‬
‫(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن أحسن ما غريتم به الشيب احلنا‬
‫والكتم)) الكتم‪ :‬عىل وقن فعل ‪-‬بفتح الفاء وسكون العني والتاء معلمة باثنتني من أعىل‪،‬‬
‫ويقال أيض ًا بفتح العني لغة أخرى‪.‬‬
‫وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اليهود والنقلارى اليقلبغون فخلالفوهم)) دل‬

‫‪-168-‬‬
‫عىل استحباب افضاب‪ ،‬واإلمجاع منعقد عىل أنه ال جيب‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أربع من سنن املرسلني احلنا والتعطر‬
‫والنكا‪ ،‬والسوا ))‪.‬‬
‫(خرب) وروي ما كان أحد يشتكي إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم وجعل ًا يف‬
‫رأسه إال قال‪(( :‬احتلم)) وال وجع يف رجليه إال قال‪(( :‬أخضبهام))‪.‬‬
‫(خرب) من كتاب (الفائق) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬افضاب باحلنا جيللو‬
‫البرص‪ ،‬ويطيب النكهة‪ ،‬ويطرد الشيطان))‪.‬‬

‫(خرب) منه أيض ًا وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬افضاب باحلنا يطلرد اللريح وهلو‬
‫شيمة األبرار))‪.‬‬
‫(خرب) منه أيض ًا وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬افضاب باحلنلا بلراءة للملؤمن يف‬
‫قربه من مساءلة منكر ونكري)) هذه الثالثة األخبار من الفائق مل يقح َّ سامعها‪ ،‬وإنام هذا‬
‫الكتاب مشهور عند الشافعية‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬احلنا من اإليلامن)) روينلاه علن‬
‫حي الفقيه شعلة بالنون برواية الفقهاء وبراوية الزيدية ‪-‬بباء معلمة باثنتني ملن أسلفل‪-‬‬
‫وذلك يدل عىل جواقه للرجال‪ ،‬وقد نص القاسم عليه السالم عىل أنه ال بتس لللنب أن‬
‫حيتلم وأن خيتضب‪ ،‬فإن قيل‪ :‬إن قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم للمرأة التي ملدت‬
‫يدها لتبايعه‪(( :‬أيد رجل أو يد امرأة؟)) فقالت‪ :‬يد امرأة‪ .‬قال‪(( :‬ملاَّ ال أرى عليهلا أثلر‬
‫افضاب)) يدل عىل أن افضاب باحلنا خيتص به النساء دون الرجال وهو ناقل عن حكلم‬
‫العقل فكان أوىل باملقري إليه‪ ،‬وهذا يلدل علىل جلواق ذللك للرجلال لرضلورة وغريهلا‬
‫وليست مقيدة حلكم كعي فكان افرب األول أوىل‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬هذه أكثر ورواهتا أشهر فكانت أوىل؛ ألنه اجتمع فيها وجهان‪:‬‬

‫‪-169-‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن الرشع أبا‪ ،‬احلنا للرجال عىل كل حال‪.‬‬

‫بحسن ذلك‪.‬‬ ‫الثاين‪ :‬أن العقل قد ق‬


‫قلنا‪ :‬قد اجتمع فيها دليل العقل ودليل الرشع فكانلت أوىل؛ ألرلا أقلوى الجلتامعهام‬
‫وألرا أشهر وأكثر‪.‬‬

‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬وتكره التامثيل كلها إال ما كان رق ًام يف الثيلاب‪ ،‬والتنلزه علن‬
‫مجيعها أوىل‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو طلحة‪ ،‬عن عثامن بن حنيفة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫رى عن القورة فقال‪(( :‬إال رق ًام يف ثوب ًا أو ثوب ًا فيه رقم)) فلام مرض أبو طلحة وهلو هلذا‬
‫الراوي ألقى حتته نمط ًا فيه صورة‪ ،‬النمط‪- :‬بفتح النون‪ -‬فلراش منقلوش بلالعهن وهلو‬
‫القوف املنفوش فتمر فنحي عنه فذكر قوله إال ما كان رق ًام فقال‪ :‬بىل‪ ،‬ولكن هلو أطيلب‬
‫لنفيس فتميطوه عني فكتنه علم أن التنزه أوىل‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب طلحة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬إن املالئكلة ال‬
‫تدخل بيت ًا فيه صورة)) وقاد عبيداهلل بن أيب طلحة ((إال أن يكون رق ًام يف الثياب))‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عائشة جعلت سً ًا فيه تقاوير إىل القبلة فتمرها رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم بنزعه وقد تقدم بتاممه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أتاين جربيل فقال‪ :‬يا حممد‬
‫أتيتك البارحة فلم أستطع أن أدخل البيت؛ ألنه كان يف البيت متثال رجلل فملر بالتمثلال‬
‫ليقطع رأسه حتى يكون كهيأة الشلرة))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أسامة بن قيد أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دخل الكعبلة‬
‫فرأى فيها صور ًا فتمرين فتتيته بدلو من ماء فلعل يرضب به القورة ثم يقول‪ (( :‬قاتل اهلل‬
‫قوم ًا يقورون ما ال خيلقون))‪.‬‬

‫‪-170-‬‬
‫(خرب) وروي أن جربيل نزل عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬ادخل))‬

‫فقال‪ :‬كيف أدخل ويف بيتك سً فيه متاثيل خيل ورجال فإما أن تقطع رؤوسها أو جتعلها‬
‫بساط ًا فإنا معاك املالئكة ال ندخل بيت ًا فيه متثال)) دلت هذه األخبار علىل أن التقلوير ال‬
‫جيوق وأن فاعله ملعون‪ ،‬وعىل أن التعبد علينا بعد التقوير أن نقطع رؤوس التامثيل حتى‬
‫تكون كهيأة الشلرة أو أن نلعله بساط ًا نحن ةريون يف ذلك؛ ألن حممد ًا صلىل اهلل عليله‬
‫وحكمنا يف التكليف وحكمه واحد إال ما خقه اهلل‬
‫وآله وسلم رضب صور الكعبة باملاء ُ‬
‫تعاىل به وهو أشياء معلومة ليس هذا منها؛ وألن جربيلل عليله السلالم أملره بلتن يقطلع‬
‫رؤوسها أو جيعلها بساط ًا‪ ،‬فدل عىل وقوع التعبد بذلك‪ ،‬ودل أيض ًا عىل أنه جيوق التفلرش‬
‫هلا والقعود عليها‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن لبس جلود السباع‪ ،‬دل ذلك‬
‫عىل أنه ال جيوق استعامل جلود ما حرم اهلل تعاىل أكل حلمه‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه كان يلبس الفرو املبطن بقوف الثعالب ليستدفء به‬
‫فإذا جاء وقت القالة نزعه‪ ،‬رواه عنه يف كتاب (نزهة األبقار) ومل يقلح َّ سلامع هلذا‬
‫افرب فإن صح محلنا األول عىل أنه ال حيل لباس جلودها قبل الدب ‪ ،‬ومحلنا الثاين عىل أنله‬
‫جيوق لباس جلودها بعد دبغها عم ً‬
‫ال عىل ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملن‬
‫قوله‪(( :‬أيام إهاب دب فقد طهر)) وقد تقدم تفقيل الكالم يف ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل بن العباس قال‪ :‬رى أمري املؤمنني عن أن تلبس املرأة للبس الرجلال‬
‫فتشبه هبم وكذلك رى أن تتكلم املرأة بكالم الرجال فتشبه هللم‪ ،‬وكلذلك رلى أن متيشل‬
‫ميش الرجال فتشبه هبم‪ ،‬وهكذا الرجل يف ذلك كله منهي عام ريت عنه املرأة‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تدخل اجلنة فحلة ملن‬
‫ال أو هبيملة‪ ،‬أو رجل ً‬
‫ال تشلبه بالنسلاء‪ ،‬أو املرأة‬ ‫النساء‪ ،‬ولعن اهلل ومالئكته من أتى رجل ً‬
‫تشبهت بالرجال))‪.‬‬

‫‪-171-‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة قال‪ :‬رى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم علن لبسلتني‬
‫وعن بيعتني وعن املالمسة‪ ،‬وعن املنابذة‪ ،‬وعن أن حيتبي الرجل يف ثوب واحد ليس علىل‬
‫فرجه منه يشء‪ ،‬وعن أن يشتمل بثوب واحد عىل أحد شقيه‪ ،‬وقلد تقلدم ملن تفسلريه يف‬
‫كتاب البيوع ما يليق به‪ ،‬والباقي منه يلدل علىل أنله ال جيلوق أن يشلتمل الرجلل بلالثوب‬
‫الواحد عىل أحد شقيه‪ ،‬وأن حيتبي بالثوب إذا مل يكن عىل عورته ما يسًها‪.‬‬

‫‪-172-‬‬
‫باب الستر‬
‫قال اهلل تعاىل‪            { :‬‬

‫‪[}   ‬النور‪ ،]30:‬الغض أن ال ينظر واحلفن أن ال يكشف وال يفلر‪،‬‬
‫قيل‪ :‬يا رسول اهلل عوراتنا ما نتيت منها وما نذر‪ ،‬قال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬احفن‬
‫عورتك إال عن قوجتك أو ما ملكت يمينك)) قيل‪ :‬يا رسول اهلل لو كان أحدنا خالي ًا؟‬
‫قال‪(( :‬فاهلل أحق أن يستحى منه))‪.‬‬
‫أما النظر إىل عورة الزوجة وملك اليمني من اإلماء فقد دلت عىل جواقه اآلية وافلرب‬
‫األول‪ ،‬واملراد به األمة التي جيوق وطؤها فإن كانت ممن حيرم عليه وطؤها لرضاع أو نحوه‬
‫فحكمه معها حكم األجنبي يف أنه حيرم عليه أن ينظر إىل ما دون يهتلا إىل ركبتهلا وهلو‬
‫إمجاع‪ ،‬وكذلك إذا كانت ممن حيل له وطؤها ثم قوجها ملا روي (خرب) وهو ملا روي علن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا قوج أحدكم جاريته ملن عبلده أو أجلريه ال‬
‫ينظر إىل ما دون الرسة وفوق الركبة)) وصوابه إىل الركبة وأرا تدخل يف التحريم مللا روي‬
‫(خرب) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الركبة علورة)) فلدل ذللك علىل ملا‬
‫قلناه‪ ،‬وقال اهلل تعاىل يف صفة املؤمنني‪       { :‬‬

‫‪[}      ‬المؤمنو‪ ،]6-5::‬دل ذلك كله عىل جواق النظر لكل‬
‫واحد من الزوجني إلال فرج صاحبه وأنه العورة بينهام وهذا قول القاسم وسبطه اهللادي‬
‫وأسباطهام وهو قول أئمتنا عليهم السالم‪ ،‬وقال اهلل سبحانه‪   { :‬‬

‫‪[}         ‬النور‪ ،]31:‬قيل‪ :‬يغضضن‬
‫من أبقارهن فال ينظرن إىل ما ال جيوق النظر إليه ملن العلورات وحيفظلن فلروجهن ملن‬
‫احلرام‪ ،‬وقيل‪ :‬حيفظنها حتى ال ينظر إىل فروجهن أحد‪ ،‬والقلول األول أوىل وهلو حفلن‬
‫فروجهن من احلرام ملا قدمناه من افرب‪ ،‬واآلية‪ ،}  { :‬قيل‪ :‬ال يظهلرن‬

‫‪-173-‬‬
‫مو اضع الزينة لغري حمرم أي ما يتزين به من الثياب وغريها‪ ،‬وقيل‪ :‬مواضع الزينة منها فال‬
‫يبدينها لغري حمرم واختلفوا يف مواضع الزينلة فقيلل‪ :‬موضلع الزينلة افلخلال والسلوار‬
‫والدملوج والقر والقالئد ونحوها قوله تعاىل‪ }   { :‬واختللف فيله عللامء‬
‫التفسري فقيل‪ :‬ما ظهر منها من الثياب دليله قوله تعاىل‪     { :‬‬

‫‪[}‬األوراف‪ ،]31:‬وقيل‪ :‬ما ظهر منها عىل حلد الغفللة‪ ،‬وقيلل‪ :‬مواضلع الزينلة ثلم‬
‫اختلفوا فقيل‪ :‬الكحل‪ ،‬وافاتم‪ ،‬والسوار‪ ،‬وافضاب‪ ،‬وقيلل‪ :‬الوجله والكفلان‪ ،‬وقيلل‪:‬‬
‫الوجه والبنان‪ ،‬وإنام رخص يف هذه املواضع؛ ألرا ليسلت بعلورة{‪  ‬‬

‫‪[}‬النالالور‪ ،]31:‬أي‪ :‬بمقللنعهن عللىل جيللوهبن فللتراد أن تغطللي شللعرها وصللدرها‬


‫وعنقها{‪[}  ‬النالور‪ ،]31:‬اففية التي مل يبح كشفها وهي ما عدا الوجله‪،‬‬
‫والكفني‪ ،‬وظهور القدمني‪.‬‬

‫(خرب) ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ألسامء بنت أيب بكر‪(( :‬إن امللرأة‬
‫إذا بلغت احليض ال يقلح أن يرى منها إال هذا)) وأشار إىل الوجه والكفلني‪ ،‬فلدل علىل‬
‫أرللام ليسللا بعللورة{‪          ‬‬

‫‪[}        ‬النور‪ ،]31:‬فيلوق لكل واحد من‬
‫هؤالء النظر إىل مواضع الزينة الظاهرة‪ ،‬واختلفوا يف تلك املواضع ما هي؟ فقيل‪ :‬إنه جيوق‬
‫النظر إىل شعر ذوات رمحه وثدهين أم ًا كانت أو بنت ًا أو أخت ًا من نسب أو رضاع‪ ،‬وصدرها‬
‫ويدهيا وعضدها وساقها وقدمها ما مل يقارن نظره لذلك شهوة‪ ،‬فإن قارن النظلر شلهوة مل‬
‫جيز‪ ،‬وكذلك إذا كان يقارن نظره شهوة حرم عليه السفر هبا وإن أمن ذلك جلاق أن ينظلر‬
‫إىل هذه املواضع وأن يسافر هبا هذا هو الذي حقله السيد أبو طالب مللذهب حييلى عليله‬
‫السالم وهو اختيار املؤيد باهلل‪.‬‬
‫قال أمحد بن حييى اهلادي‪ :‬ال جيوق للمرأة أن تبدي ملحرمها شيأ ًا سوى أطراف اليلدين‬
‫والرجلني والوجه‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬جيب أن حيمل كالمه عىل أرا ال تبدي سواها للمحرم إذا مل تكن حاجة‬

‫‪-174-‬‬
‫داعية إىل ذلك‪ ،‬أو كان املحرم شاب ًا ال يؤمن أن يقارن نظره شهوة قال‪ :‬ألن اإلمجاع ظاهر‬
‫يف جواق نظر الرجل إىل شعر أمه وصدرها‪.‬‬
‫(خرب) غري مسموع َّ وروي أن احلسن واحلسني (عليهام السالم) كانا يلدخالن علىل‬
‫أختهام أم كلثوم وهي متشط‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل أن كلام جاق النظر إليله ملن ذوات املحلارم‬
‫جاق أن يمسه املحرم إذا أمن عىل نفسه حركة ساكن منه‪ ،‬فتما ما ال جيوق له النظر إليه فلال‬
‫جيوق أن يمسه مكشوف ًا وإن مل يره وال غري مكشوف إال لرضورة فإن احتاج إىل ذلك وهي‬
‫ساترة فال بتس بذلك‪ ،‬وظاهر اآلية ال يدل عىل أحلد هلذه األقلوال وال يشلهد لقلحته‬
‫فيلب الرجوع إىل دليل آخر‪ ،‬وقد روى السيد الناطق باحلق وقوع اإلمجاع يف جواق نظلر‬
‫الرجل إىل شعر أمه وصدرها‪ ،‬وحكى عيل بن العباس إمجاع آل الرسول عىل أنله ال بلتس‬
‫أن يمس الرجل شعر أمه وابنته ويدهنه ويمرخه‪ ،‬وقد دخل يف اخلتالف عللامء التفسلري‬
‫إمجاع يف املعنى عىل جواق النظر إىل الوجه والكفني‪ ،‬وأن ذلك ليس بعورة‪ ،‬ومعنلى ذللك‬
‫أنه جيوق لوجنبي النظر إليه لغري شهوة‪ ،‬فتما مع الشهوة فال جيوق باإلمجلاع‪ ،‬قولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪ } ‬وكل نساء املؤمنني فال حيل المرأة مؤمنة أن تتلرد بني أيدي املرأة مرشلكة‬
‫إال أن تكون أمة هلا‪ ،‬وذكر املنقور باهلل عليه السالم أنه ال جيوق للملرأة املسللمة الظهلور‬
‫عىل املرأة الكتابية‪.‬‬
‫قال املنقور باهلل عليه السالم يف وصيته لبناته يف من ترجا قواجتها فتمرهلا بلان تللزم‬
‫احللاب‪ ،‬وال تبدي إىل النساء الدورات‪ ،‬وال ترهين شيأ ًا من حماسنها‪ ،‬قوله تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪ } ‬قيل‪ :‬اجلواري املرشكات‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد العبيد واإلماء؛ ألن اللفن يشملهم‬
‫عن احلسن‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد مملوك ًا مل يبل عن أيب عيل‪.‬‬
‫لدين اهلل حممد بن حييى اهلادي‪ :‬ال جيوق للملرأة أن تسلفر ململوكهلا علن‬ ‫قال املرت‬
‫وجهها‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬امللراد بله واهلل أعللم إذا مل تكلن حاجلة داعيلة إىل ذللك قلال‪:‬‬
‫و حتقيله أن حكم العبد حكم األجنبي يف أنه ال جيوق لله النظلر إىل موالتله إال ملا جيلوق‬

‫‪-175-‬‬
‫ال كان العبد أو خقي ًا إذا كان بالغ ًا‪ ،‬وإليه ذهب املؤيد باهلل‪.‬‬
‫لوجنبي أن ينظر إليه فح ً‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وحيمل قول اهلل تعاىل‪ }   { :‬عىل رؤية الوجه والكفني‬
‫وجه رقيقهم بالذكر إن حاجة موالة العبد أن تسفر بوجهها له يكون أكثلر وأدوم ملن‬
‫احلاجة إىل األجنبي فلذلك خقه بالذكر‪ ،‬قوله ريض اهلل عنه إذا مل تكن حاجلة داعيلة إىل‬
‫ذلك يدل عىل جواق ذلك عند احلاجة الداعية ووجهه‪( :‬خرب) وهو ما روى أنس أن النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطى فاطمة غالم ًا فتقبل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ومعله‬
‫الغالم فتقنعت بثوب إذا قنعت رأسها مل يبل رجليها‪ ،‬وإذا غطت رجليها مل يبل رأسلها‪،‬‬
‫فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ليس عليك بتس إنام هو أبو وغالمك)) فدل عىل‬
‫أنه جيوق لغالمها ما جيوق ألبيها‪ ،‬وجه القول األول أن يقال‪ :‬وألنه جيوق ملا جيلوق ألبيهلا‬
‫وجه القول األول أن يقال‪ :‬وألنه جيوق أن يتزوج هبا يف حال فال يكون ُحمرمل ًا ‪-‬يعنلي إذا‬
‫اشًاه منها رجل ثم قوجها منه برضاها ورىض وليهلا‪ -‬قولله تعلاىل‪  { :‬‬

‫‪[}   ‬النور‪ ،]32:‬قيل‪ :‬الذي يتبعك ليقيب من طعامك وال حاجة له يف‬
‫النساء عن ابن عباس‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وجماهد‪ ،‬وقيل‪ :‬الذين يقفورم كترم منهم ولليس لله يف‬
‫نسائه إربة‪ ،‬وقيل‪ :‬هو األبله العنني عن ابن عباس أيض ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬األبله الذي ال يعرف شيأ ًا‬
‫من النساء عن جماهد وقيل‪ :‬عهو الذي ينرش عن احلسن‪ ،‬وقيل‪ :‬املعتوه‪ ،‬وقيل‪ :‬امللنلون‪،‬‬
‫قوللله تعللاىل‪[}       { :‬النالالور‪ ،]32:‬بلامعهللن‪،‬‬
‫والطفل قد يكون واحد ًا ومجع ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الذي ال يقدر عىل اجلامع‪ ،‬فتملا ملن قلدر علىل‬
‫اجلامع كاملراهق فحكمه حكم الرجال يف أنه ال جيوق له ذلك ملكان الشلهوة‪ ،‬قولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}       ‬النالور‪ ،]32:‬مبالغة يف األملر بلالتعفف ‪-‬‬
‫يعني ال حيركن أرجلهن إذا مشني ليعلم ما خيفني من قينتهن من احليل‪ -‬وقيل‪ :‬ربام سلمع‬
‫صوت الزينة اففية فيطمع فيها الرجال‪ ،‬وقيل‪ :‬يكون بعث ًا للشهوات ودعا ًء للرجلال إىل‬
‫نفسها‪ ،‬وعن احلسن قال‪ :‬كانت البغايا يف اجلاهلية جيعلن يف أرجلهن افلخال فإذا ملرت‬
‫باملللس حركته فنزلت اآلية‪.‬‬

‫‪-176-‬‬
‫(خرب) وروي أن امرأة من خثعم جلاءت إىل رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫والفضل بن العباس رديف معه فكان ينظر إليها وهي تنظر إليه فحول رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم وجه فضل عنها وقال‪(( :‬شاب وشابة خشينا أن يدخل الشيطان بيلنهام))‬

‫دل ذلك عىل أنه ال جيوق لوجنبي أن ينظر إىل وجه املرأة األجنبية نظرة شهوة وال للملرأة‬
‫األجنبية أن تنظر إىل وجه األجنبي نظرة شهوة‪ ،‬واإلمجاع منعقد عىل أن النظر للشلهوة ال‬
‫جيوق إال نظر الزوج إىل قوجته أو إىل ما ملكت يمينه من اإلماء اللوايت جيوق له وطلؤهن‪،‬‬
‫وأنه ال جيوق للمرأة أن تنظر نظر شهوة إال إىل قوجها‪ ،‬وعورة الرجل من يته إىل ركبتله‬
‫وهو إمجاع األمة واختلفوا يف الرسة والركبة‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة أنه قال للحسن بن عيل عليهام السالم‪ :‬أرين املوضع الذي كلان‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقبله منك فكشف له عن يته فقبلها‪ ،‬فدل ذلك عىل‬
‫أن الرسة ليست بعورة‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الركبة عورة)) دل ذلك علىل أن‬
‫الركبة عورة‪ ،‬واإلمجاع منعقد عىل أن كل ما جاق للرجل أن ينظره من الرجل جاق للملرأة‬
‫أن تنظر من املرأة‪ ،‬واإلمجاع منعقد أنه جيوق للطبيب النظر إىل موضع العلة مغلظلة كانلت‬
‫أو ال‪ ،‬وعىل أنه جيوق للقابلة أن تنظر إىل فرج املرأة إذا مل يمكنها معاجلة املرأة إال بالنظر فإن‬
‫أمكنها بدونه مل جيز باإلمجاع‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رخلص للخاطلب أن ينظلر إىل وجله‬
‫املرأة املخطوبة وكفيها‪.‬‬
‫وروى جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬إذا خطلب أحلدكم املرأة‬
‫فقدر أن يرى منها ما يعلبه فليفعل)) قال‪ :‬فكنت أربت يف أصول النخل حتى رأيت منهلا‬
‫بعض ما يعلبني فخطبتها‪.‬‬
‫(خرب) وعن سهل بن أيب خيثمة أنه راى حممد بن مسلمة وهو يطلارد املرأة يبرصلها‬

‫‪-177-‬‬
‫ببرصه فقال‪ :‬يا سبحان اهلل رجل من أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم ينظلر‬
‫إىل امرأة‪ ،‬فقال حممد بن مسلمة‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬إذا‬
‫ألقى اهلل يف قلب أحدكم أن خيطب امرأة فال بتس أن ينظر إليها))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إليهلا‬
‫فإنه أحرى أن يؤدم بينهام))‪.‬‬
‫وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا خطب أحدكم امرأة فال جنلا‪ ،‬عليله أن‬
‫ينظر إليها إذا كان إنام ينظر إليها للخطبة وإن كانت ال تعلم))‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن أبا هريرة أراد أن يتزوج امراة من نساء األنقار فقال له النبلي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬انظر إالهيا فإن يف أعني األنقار شيأ ًا وال تنظر إال ما سوى الوجله‬
‫والكفني)) دل عىل جواق النظر له إذا أراد نكاحها إىل الوجه والكفني‪ ،‬وعىل حتلريم النظلر‬
‫إىل ما عدا ذلك‪ ،‬وجيوق للمرأة إذا أرادت أن تتزوج برجل أن تنظر إىل وجهه وكفيه قياس ًا‬
‫عىل الرجل‪.‬‬
‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬النساء شقائق الرجال))‪.‬‬

‫(خرب) قال عمر بن افطاب‪ :‬ال تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم فإنه يعلبهن منكم‬
‫ما يعلبكم منهن‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيوق له النظر إىل ما ليس بعورة وهو الوجه والكفلان‬
‫وهو نص اهلادي عليه السالم فإنه قال‪ :‬جيوق له أن ينظر منها إىل ما ليس بعورة فلينظر إىل‬
‫وجهها‪.‬‬
‫قال السيدان األخوان ريض اهلل عنهام‪ :‬إذا دعت احلاجة إىل النظر إليها كالشهادة عليها‬
‫أو أراد التزوج هبا أو أراد حتمل الشهادة للرضاع أو أراد احلاكم أن حيكم عليها فإنه جيلوق‬
‫النظر إىل وجهها وكفيها‪ ،‬وقوله ((يؤدم بينهام)) أي تكلون بيلنهام املحبلة واملوافقلة‪ ،‬قلال‪:‬‬
‫والبيض ال يؤدمن إال مؤدم ًا‪ ،‬قوله يؤدم ‪-‬الياء معلمة باثنتني من أسفل والدال بواحلدة‬
‫من أسفل‪ -‬وذكر أبو طالب أنه جيوق النظر ألجل املعاجلة إىل مجيع بلدرا ‪-‬يعنلي املعاجللة‬

‫‪-178-‬‬
‫بالدواء من الطبيب‪ -‬قال‪ :‬وال خالف فيه‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عمر أنه رضب مملوكة كانت قد تقنعت وقال هلا‪ :‬أتشبهني باحلرائر‪،‬‬
‫دل عىل أنه ال عورة للمملوكة إال عىل حد عورة الرجل؛ ألرا تقيل بغري قناع بال خالف‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬علورة امللؤمن علىل امللؤمن‬
‫حرام))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ريت أن أميش وأنا عريان)) دل‬
‫عىل أنه ال ينبغي أن يكشف عورته لدخول املاء واحلامم‪ ،‬وروي للامء سكان‪.‬‬

‫قال األخوان‪ :‬واملراد به واهلل أعلم املالئكة واجلن‪.‬‬


‫(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سأل أينحنلي بعضلنا للبعض؟‬
‫قال‪(( :‬ال))‪ .‬قال‪ :‬فيعانق بعضنا بعض ًا إذا التقينا؟ قال‪(( :‬ال))‪ .‬قال‪ :‬فيقافح بعضنا بعض ًا؟‬
‫قال‪(( :‬فتقافحوا)) دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن ينحني بعضنا لبعض وال أن يعانقه غري أنه‬
‫معارض بام هو أكثر منه وأشهر وهو أخبار منها‪:‬‬
‫(خرب) أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عانق جعفر بن أيب طالب وق ّبلل بلني عينيله‬
‫عند قدومه من احلبشة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه عانق علي ًا عليه السالم عند قدومه من اليمن وقبل بني عينيه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن كعب بن مالك ق ّبل يدي رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أعرابي ًا استتذن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يق ّبلل رأسله ويلده‬
‫ففعل ذلك‪.‬‬

‫‪-179-‬‬
‫باب االستئذان‬
‫قال اهلل تعاىل‪         { :‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪[}           ‬الن الالالالور‪ ،]58:‬قولللللله تعلللللاىل‪:‬‬
‫{‪ }‬أي ليطلب اإلذن الذي ملكت أيامنكم‪ ،‬قيل‪ :‬هو يف أطفال املامليك والعبيد‬
‫عن أيب عيل‪.‬‬
‫قال احلاكم‪ :‬وهو الوجه ألنه لو كان املراد به البلال لكانلت هلذه األوقلات وغريهلا‬
‫سواء‪ ،‬فإن قيل‪ :‬القبي غري مكلف‪ ،‬قلنا‪ :‬صحيح ولكنا كلفنا منعهم يف هذه األوقات من‬
‫الدخول إال بإذن وفيه لطف لنا وتتديب هلم‪ ،‬أال ترى أرم يلؤمرون بالقلالة ويرضلبون‬
‫عىل تركها ويمنعون من القبلائح‪ ،‬يزيلده وضلوح ًا قولله تعلاىل يف آخلر اآليلة‪ { :‬‬

‫‪ }‬يف ثالثة أوقلات‬ ‫‪[}   ‬النالور‪ ،]59:‬قوله تعاىل‪{:‬‬

‫{‪               ‬‬

‫‪[}‬النور‪ ،]58:‬ألن هذه األوقات ساعات الغفللة وافللوة ووضلع الثيلاب والكسلوة‬
‫فتبا‪ ،‬لقغار املامليك والطفال الدخول يف سائر األوقلات سلوى هلذه الثالثلة؛ ألرلا ال‬
‫تعري من كشف العورات؛ ألن وقت الفلر وقت القيلام ملن الفلراش والظهلرية وقلت‬
‫القيلولة وخلع الثياب‪ ،‬ووقت العشاء يتعرى للنوم‪.‬‬
‫وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال‪(( :‬ال تغلبلنكم األعلراب علىل اسلم‬
‫صالتكم فإنه تعاىل قال‪ }   { :‬وإنام العتمة عتمة اإلبلل)) وعنلد أهلل‬
‫اللغة العتمة الظلمة‪ ،‬وقال افليل‪ :‬العتمة من الليل بعد غيبوبة الشلفق فلإذا ثبلت ذللك‬
‫فسميت العشاء اآلخرة عتمة؛ ألرا كانلت ال تفعلل إال يف هلذا الوقلت فسلميت باسلم‬

‫‪-180-‬‬
‫الوقت توسع ًا‪.‬‬

‫(خرب) وعن البخاري أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ال تغلبنكم األعلراب‬
‫عىل اسم صالتكم)) قال‪ :‬وتقول األعراب هي العشاء‪ ،‬قوله‪ :‬هي األرعلاب سلكت علن‬
‫قوهلم ملعرفتهم به وهو أرم يسمورا العتمة ثلم اسلتقبل الكلالم فقلال‪ :‬العشلاء أي أرلا‬
‫العشاء {‪ }  ‬يعني هذه األوقات الثالثلة {‪}    ‬‬
‫ضيق وحرج {‪ }‬بعد هذه الثالثة{‪ } ‬يدخلون علليكم وخيرجلون‬
‫يًددون عليكم بغري إذن‪ ،‬وقيل‪ :‬االستأذان منسوخ‪ ،‬وقيل ثابت عن الشلعبي وهلو رأي‬
‫اهلادي عليه السالم فإن عنده أن حكم اآليات باق مع اراذ الستور واحلللب وال دالللة‬
‫عىل النسخ‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة أنه سمع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬ملن اطللع يف‬
‫دار قوم من غري إذرم ففقتوا عينه فقد هدرت عينه))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو داود‪ ،‬عن األعمش‪ ،‬عن هذيل قال‪ :‬جاء رجلل فوقلف علىل بلاب‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يستتذن فقام عىل الباب‪.‬‬

‫قال عثامن بن أيب شيبة يف حديثه مستقبل الباب فقلال لله النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬هكذا عنك أو هكذا فإنام االستأذان من النظر))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن برش قال‪ :‬كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا أتى باب‬
‫قوم مل يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه األيمن أو األيرس فيقلول‪(( :‬السلالم‬
‫عليكم السالم عليكم)) دل جمموع هذه األخبار عىل أنه ال جيوق االطالع يف بيت قلوم إال‬
‫بإذرم فإن فعل بغري إذرم ففقتوا عينه مل يكن هلا أرش‪ ،‬وعىل أن السنة يف االستأذان ثالث‬
‫مرات كام روي‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن احلسن روى أن أبا موسى روى عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه‬
‫قال‪(( :‬االستأذان ثالث مرات فإن أذنوا وإال فارجع)) فدعاه عمر وقال‪ :‬لتتتيني عىل هذا‬

‫‪-181-‬‬
‫بالبينة‪ ،‬فقال أبو سعيد‪ :‬ال يقوم معك إال صغري القوم فقام أبو سعيد فشهد لله‪ ،‬وال فلرق‬
‫يف وجوب االستأذان بني املحارم وغريهم إال الزوج‪ ،‬وجه ذلك‪:‬‬
‫(خرب) عن عطاء أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ستله رجل فقال‪ :‬يلا رسلول‬
‫اهلل استتذن عىل أمي؟ قال‪(( :‬نعم)) قال الرجل‪ :‬إين معها يف البيت‪ ،‬قلال رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬استتذن عليها)) فقال الرجل‪ :‬إين خادمها‪ ،‬قال رسول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬استتذن عليها أحتب أن تراها عريانة)) قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪(( :‬فاستتذن عليها))‬

‫دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫قال حييى عليه السالم‪ :‬واالستأذان يكون إما بالسالم عىل أهل الدار‪ ،‬وإما أن يقلول‪:‬‬
‫ندخل عليكم فاألوىل لينبههم والثانيلة ليتلتهبوا ويسلتعدوا ويتخلذوا لباسلهم‪ ،‬والثالثلة‬
‫ليقولوا‪ :‬ادخل أو ال تدخل‪ ،‬ودلت عىل أنه إذا استتذن فليكن متنحي ًا عن الباب لأال ينظر‬
‫إليهم من خروق الباب فينظر عوراهتم‪ ،‬ودلت عىل أنه ال فرق بلني أن يسلتتذن علىل ملن‬
‫جيوق له الظهور عليه أوال؛ ألنه مل يفقل بني املحارم وغريهلا‪ ،‬فالظلاهر يعلم اجلميلع إال‬
‫الزوج فله الدخول عىل قوجته بغري إذن؛ ألنه ال عورة بينهام وال نعللم أحلد ًا ملن األملة‬
‫يقول بتنه جيب عليه أن يستتذن يف الدخول عىل قوجته‪.‬‬

‫‪-182-‬‬
-183-
‫كتاب الدعاوى والبيّنات‬

‫(خرب) وعن ابن عباس قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬الب ّينلة علىل‬
‫املدعي واليمني عىل املدعى عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وعن علقمة بن وائل عن أبيه أن رج ً‬
‫ال من أهل حرضموت جاء إىل النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم مع كندي فقال‪ :‬يلا رسلول اهلل هلذا غلبنلي علىل أرض كانلت أليب‪،‬‬
‫وروي عىل أرض َّ‪ ،‬فقال الكندي‪ :‬إرا أريض ويف يدي أقرعها وال حق لك فيها‪ ،‬فقلال‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ألك ب ّينة)) قال‪ :‬ال‪ .‬قال‪(( :‬فلك يمينه)) فقال‪ :‬إنه فلاجر‬
‫ال يباَّ بام حيلف عليه وال يتورع من يشء‪ ،‬قال‪(( :‬ليس لك منه إال ذلك))‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن عباس عنه صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬للو يعطلى النلاس‬
‫بدعاوهيم الدعى ناس دماء قوم وأمواهلم الب ّينة عىل املدعي واليمني عىل املدعى عليه))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أم سلمة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إنام أنا برشل ملثلكم وإنكلم‬
‫رتقمون إَّ ولعل بعضكم أحلن بحلته من بعض وإنام أق ي بام أسمع فمن قضيت لله‬
‫بيشء من مال أخيه فال يتخذنه فإنام أقطع له قطعة من نلار)) دللت هلذه األخبلار الثالثلة‬
‫األوىل عىل أن من يدعي خالف الظاهر فيطلب بدعواه أخذ يشء من غريه أو إلزامه حقل ًا‬
‫ال يلزمه من جهة الظاهر أوإسقا حق ثابت عليه يف الظاهر فهو املدعي وجنبته أضلعف‬
‫اجلنبتني فيكلف أقوى احللتني وهي البينة ومن معه الظلاهر أو بلراءة الذملة يف دفلع ملا‬
‫حياول املدعي إلزامه فهو املدعى عليه وجنبته أقوى اجلنبتلني فيكللف أضلعف احللتلني‬
‫وهي اليمني‪.‬‬

‫‪-184-‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذه اجلملة ال خلالف فيهلا‪ ،‬ودل افلرب الرابلع علىل أن ملن‬
‫أحسن الدعوى فنال بحسن دعواه ما ادعى حتي ً‬
‫ال فحكم هبا له احلاكم يف الظاهر والباطن‬
‫بخالفه فإنه ال جيوق له أن يتخذه وأنه قطعة من النار‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم يف الورثة يقر بعضلهم بلدين‬
‫قال‪ :‬يدفع الذي أقر حقته من الدين‪ ،‬ومل يرو خالفه عن أحد من القحابة فلرى جمرى‬
‫اإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬دل ذلك عىل أنه إذا أقر بالدين بعض الورثة وأنكر الباقون لزمه يف‬
‫حقته القدر الذي خيقه لو أقروا مجيع ًا‪ ،‬وبه قال املؤيد بلاهلل‪ ،‬فلإن شلهد لله ملن الورثلة‬
‫رجالن أو رجل وامرأتان وكانوا من أهل العدالة وجب أن حيكم له بلميع دينه‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬ويدل عليه قول اهلل تعاىل‪ { :‬‬

‫‪[}            ‬البقرة‪،]282:‬‬
‫فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروى عن أيب موسى أن رجلني ادعيا بعري ًا وثبت عىل كل واحد منهام شاهدان‬
‫فقسمه صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام نقفني‪.‬‬

‫(خرب) وروى عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أن رجلني اختقلام إىل رسلول اهلل‬
‫رسول اهلل صلىل‬ ‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعري فتقام كل واحد منهام البينة أنه له فق‬
‫اهلل عليه وآله وسلم بينهام نقفني يعني ق ي بله بيلنهام نقلفني وذللك ألرلام اسلتويا يف‬
‫السبب املوجب لالستحقاق‪ ،‬دليله إذا ادعى كل واحد منهام أن امليت أوىص له بثلث ماله‬
‫وأقام البينة‪ ،‬وكذلك الغريامن إذا أقاما الب ّينلة‪ ،‬وكلذلك األخلوان واإلبنلان وال يللزم إذا‬
‫ادعيا نكا‪ ،‬امرأة فتقاما الب ّينة فال حيكم هبا لواحد منهام؛ ألنلا قلنلا واليشلء مملا يتلبعض‪،‬‬
‫وصورته أن يكون اليشء يف يد غريمها ممن ال يدعيه‪ ،‬وروي هذا القلول علن ابلن عملر‪،‬‬
‫وابن الزبري‪ ،‬وعند النارص للحق أن البينتني يتهاتران ويسقطان‪ ،‬وما قدمناه ملن األخبلار‬
‫حيله‪.‬‬

‫‪-185-‬‬
‫(خرب) وعن أيب موسى أن رجلني تداعيا دابة ليس ألحدمها ب ّينلة فلعلهلا رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام‪ ،‬دل عىل أن اليشء إذا كان يف أيدهيام ومل يدعه سوامها ألنه‬
‫هلام؛ ألن كل منهام يده عىل النقف فكان القول قوله فيه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رجلني اختقام إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم يف خلص مكلان‬
‫به ملن إليه القمط‪ ،‬دل ذلك عىل أنه إذا تشاجر رجالن يف‬ ‫فبعث بحذيفة لينظر بينهام وق‬
‫جدار بينهام وكان وجه اجلدار إىل أحدمها دون االخر ومل تكن ألهيام ب ّينة حكم به ملن ليس‬
‫إليه وجهه قياس ًا عىل القمط؛ ألن أحد ًا مل يفقل بينهام‪ ،‬وافص ‪-‬بافاء معلملة بواحلدة‬
‫من أعىل مضمومة والقاد غري معلملة‪ -‬بيلت متخلذ ملن ققلب‪ ،‬والقملط ‪-‬بالقلاف‬
‫مكسورة وبالطاء معلمة بواحدة من أسفل‪ -‬أصله احلبل تشد به قوائم الشاة عند الذبح‪،‬‬
‫يقال‪ :‬قمط الشاة يقمطها إذا شد قوائمها ثم استعري يف احلبل الذي يشاكل به بني الققب‬
‫ويربط به بينهام لأال يتناثر‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم يف الرجل واملرأة يتناقعان يف آلة البيت أو ورثلتهام‬
‫وال ب ّينة أنه حيكم للرجل بام خيص الرجال وللملرأة بلام رلتص بله النسلاء‪ ،‬وملا يقللح‬
‫للرجال والنساء يكون بينهام‪ ،‬وقد أومى إليه القاسم يف بعض مسائله‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهو القحيح عندنا وإليه ذهب املؤيد باهلل‪.‬‬

‫باب الحكم بشاهد ويمين‬


‫(خرب) وعن مالك وحييى بن أيوب‪ ،‬عن جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه عليهم السالم‪ ،‬علن‬
‫بالشلاهد‬ ‫بشاهد ويمني‪ ،‬ويف بعض األلفاظ ق‬ ‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق‬
‫ويمني الطالب‪.‬‬
‫باليمني مع الشاهد‪.‬‬ ‫(خرب) وعن ابن عباس أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم ق‬

‫‪-186-‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أمرين جربيل عليله السلالم أن‬
‫أق ي بالشاهد واليمني))‪.‬‬
‫هبام يف الكوفة‪.‬‬ ‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه ق‬
‫(خرب) وروي أن أبا بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثامن كانوا يقضون باليمني ملع الشلاهد الواحلد‪،‬‬
‫وروي القضاء هبام عن ُأيب بن كعب‪ ،‬وكيح‪ ،‬وعمر بن عبدالعزيز ومل حيلك خالفله علن‬
‫أحد من القحابة‪ ،‬فلرى جمرى اإلمجاع يف االحتلاج‪.‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪ :‬يق ي هبام يف األموال واحلقوق‪ ،‬وأملا يف سلائر األشلياء فلال‪،‬‬
‫وبذلك قال النارص للحق إال أنه اعترب يف جواق ذلك كون املدعي علدالً ومل يعتلربه أحلد‬
‫غريه‪ ،‬وعند قيد بن عيل ال حيكم بشاهد ويمني‪.‬‬
‫قال القاذ قيد‪ :‬وحكى عن السيد املؤيد باهلل أنه كان متوقف ًا عليه‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أجلاق شلهادة رجلل ملع يملني‬
‫فال خلالف أنله ال‬ ‫املدعي يف احلقوق‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪ ،‬فتما يف احلدود والققا‬
‫حيكم فيها بالشاهد الواحد ويمني املدعي ذكره أبو طالب‪.‬‬

‫ال من بني سعد أجرى فرس ًا له فوطئ أصبع رجل فامت فًافعوا‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫إىل عمر فقال للمدعى عليهم‪ :‬أحتلفون؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬فخرجلوا‪ ،‬فقلال للملدعي‪ :‬أحتللف؟‬
‫فكان هذا رد ًا منه لليمني علياملدعي‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن الشعبي أن املقداد استقرض من عثامن سبعة آالف درهم فللام كلان‬
‫وقت القضاء جاء بتربعة آالف درهم فًافعا إىل عمر‪ ،‬فقال املقداد‪ :‬حيلف ويتخذ‪ ،‬فقلال‬
‫عمر‪ :‬لقد أنقفك‪ ،‬فلم حيلف عثامن‪ ،‬فلام قام املقداد قال‪ :‬واهلل لقد استقرض منلي سلبعة‬
‫آالف‪ ،‬وقول عمر لقد أنقفك كان رد ًا لليمني عىل علثامن؛ وألن رد اليملني ملروي علن‬
‫عمر‪ ،‬وعثامن‪ ،‬وحذيفة‪ ،‬واملقداد‪ ،‬ومل يرو خالفه أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أن املدعى عليه إذا رد اليمني عىل املدعي كان ذللك حقل ًا ويللزم امللدعي أن‬

‫‪-187-‬‬
‫حيلف‪ ،‬نص عليه حييى عليه السالم‪ ،‬ويدل عليه ظاهر قول اهلل تعاىل {‪    ‬‬

‫‪[} ‬المائدة‪ ،]108:‬وال موضع ترد فيه اليمني إال ما ذكرناه‪.‬‬


‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه كان يرى استحالف افقلم ملع‬
‫ب ّينته إذا طلب املدعى عليه ذلك وهو مروي عن كيح‪ ،‬ومل يرو خالفه علن غريمهلا ملن‬
‫القحابة فكان كاإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬دل ذلك عىل أن املدعى عليه إذا طلب يمني بعلد‬
‫إقامة الب ّينة عىل ما ادعاه أنه حق واجب وجب أن حي ّلف وهلو اللذي ّ‬
‫خرجله السليد أبلو‬
‫طالب عىل أصل حييى عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬الب ّينة العادللة أوىل‬
‫من اليمني الفاجرة‪ ،‬دل ذلك عىل أن من ادعى عىل غريه حق ًا وأنكره املدعى عليه وحلف‬
‫ثم أتى املدعي بالب ّينة سمعت بينته‪ ،‬وهو الذي نص عليه اهلادي يف (املنتخب)‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ح ّلف رج ً‬
‫ال فقال‪(( :‬قل واهلل الذي ال‬
‫إله إال هو)) دل عىل أن اليمني التي حيلف هبا من يتوجب عليه اليملني أن يقلول كلذلك‪،‬‬
‫وقد نص عىل هذا املعنى يف (املنتخب)‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن ركانة بن عبداهلل قلال لرسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ :‬إين‬
‫طلقت امرأيت سهيمة البتة واهلل ما أردت إال واحلدة‪ ،‬فقلال رسلول صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬واهلل ما أردت إال واحدة)) قال ركانة‪ :‬واهلل ما أردت إال واحدة‪ ،‬دل ذللك علىل‬
‫حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن اليمني التي حيلف هبا من توجهت عليه اليمني يف احلكم أنه إن اقترص فيها‬
‫عىل أن يقول واهلل أجزاه وهو الذي نص عليه يف (املنتخب)‪.‬‬

‫وثانيهام‪ :‬أنه ال يقح اليمني يف الدعاوي إال أن يستحلفه احللاكم‪ ،‬للذلك أعلاد عليله‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم اليمني ومل حيتسب بام حلفه قبل ذلك؛ وألن االعتبلار‬
‫بنية احلاكم فإذا حلف من غري استحالفه نوى ما ال حينث به فيلعل ذلك طريق ًا إىل إبطال‬

‫‪-188-‬‬
‫احلقوق‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من حللف علىل منلربي بيملني‬
‫آثمة فليتبوأ مقعده من النار)) دل عىل تعظيم إثم من حلف فاجر ًا عىل منربه صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪ ،‬وال يدل عىل أنه جيب عىل افقم أن تتعلق يمينه به وال علىل تغللين اليملني‬
‫باملكان وال بالزمان لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اليمني عىل املدعى عليله)) ومل‬
‫يشً الزمان وال املكان‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن حرضمي ًا ادعى عىل كندي أرض ًا غقبها عليه أبوه فقال له النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ليس لك إال شاهدا أو يمينه)) قال‪ :‬فإذن حيلف باهلل الذي ال إلله‬
‫إال هو أنه ال يعلم أن أباه غقبها فطلب اليمني عىل العلم؛ ألرا علىل فعلل أبيله‪ ،‬والنبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أقره عىل ذلك‪ ،‬دل ذلك عىل أن من ادعى عليه حق يتعلق بغريه‬
‫وال يتعلق به بل من جهة غريه نحو أن يدعي املدعي أنه كان له عىل مؤرثه من أب أو غريه‬
‫حق من احلقوق يلزمه افروج منه فعليه اليمني عىل العلم ال عىل القطع‪ ،‬فتما إذا كانت يف‬
‫حق خيقه وال يتعللق بغلريه فعليله اليملني علىل القطلع‪ ،‬وقلد نلص علىل ذللك كلله يف‬
‫(املنتخب)‪.‬‬

‫‪-189-‬‬
-190-
‫كتـاب اإلقـرار‬

‫اإلقرار ضد اإلنكار واألصل فيه السنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما السنة (خرب) فام روي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم رجلم ملاعز ًا حلني أقلر‬
‫بالزنا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬أغد يا أنيس إىل امراة هذا فإن‬
‫اعًفت بالزنا فارمجها)) وهذا كان يف ققة العامرية‪ ،‬فبعث أنيس ًا لريمجها إن أرصت علىل‬
‫اإلقرار‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أتى ملن هلذه القلاذورات شليأ ًا‬
‫فليستً بسً اهلل فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حق اهلل))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم جلد كاحة اهلمذانية ورمجهلا حلني أقلرت بالزنلا‬
‫عنده فقال‪ :‬جلدهتا بكتاب اهلل‪ ،‬ورجتمها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وأملا‬
‫اإلمجاع فذلك ظاهر‪.‬‬

‫‪-191-‬‬
‫باب من يصح إقراره ومن ال يصح‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع القلم عن ثالثلة علن‬
‫القبي حتى يبل ‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقن‪ ،‬وعن امللنون حتى يفيق)) دل ذلك علىل أن‬
‫القبي وامللنون ال يقح إقرارمها‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع عن أمتي افطلت والنسليان‬
‫وما استكرهوا عليه)) دل عىل أن إقرار املكره ال يقح‪ ،‬ويدل عليه أيضل ًا قلول اهلل تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}   ‬البقالرة‪ ،]256:‬وال يقح إقرار اهلاقل فيام يعلم من ققده رضورة أنله‬
‫ققد به اهلزل واهلزؤ كام ال حيمل ما لفظه لفن األمر ويعلم أنه أراد التهديد عىل األمر نحو‬
‫‪[}  { ،]41:‬األنعالالام‪،]153:‬‬ ‫قللول اهلل تعللاىل‪[}  { :‬فصالالل‬
‫{‪ } ‬وكام يقول املعلم لووالد الذين يعلمهم‪ :‬العبوا ويعلم من ققده التهديد‪،‬‬
‫فكذلك ما نحن فيه‪ ،‬وكذلك ال يقح إقرار من يعلم أنه كاذب يف إقراره نحو أن يقر بقتل‬
‫رجل قد علم أنه قتل قبل مولده أو نحو ذلك وهو إمجاع فحقل مما ذكرنلاه أن كلل بلال‬
‫عاقل حر غري حملور عليه أقر بحق عليه ةتار ًا غري مكره وهو غري هاقل وال يعللم كذبله‬
‫فيام أقر به صح إقراره‪ ،‬واشًطنا احلرية؛ ألنا أردنا من يقح إقراره علىل اإلطلالق‪ ،‬فتملا‬
‫يف بدنه؛ ألنه إقرار بام خيقه وهو غلري ملتهم فيله‬ ‫العبد فيقح إقراره بام يوجب الققا‬
‫وال يقح إقراره باملال؛ ألنه إقرار عىل غريه وهو مواله كلام ال يقلح إقلرار ملواله عليله‬
‫بالققا واحلد‪ ،‬وإذا أقر العبد بامل أتلفه ومل يكن متذون ًا وأنكلره ملواله طوللب بله إذا‬
‫عتق وإذا أقر عليه مواله بامل صح إقراره؛ ألنه إقرار يف ماله‪ ،‬فتما امللتذون فيقلح إقلراره‬
‫يف ما يتعلق بتلارته حر ًا كان أو عبد ًا؛ ألنه يقح أن يكون القبي متذون ًا إذا كان له متييز‪،‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}     { :‬النساء‪ ]6:‬اآلية‪ ،‬وال يمكن ابتالؤهم‬
‫إال بتن يؤذن هلم يف البيع والرشاء‪ ،‬ويقح إقرار األخرس إذا أشار بإشارة يفهم هبا مراده‪،‬‬

‫‪-192-‬‬
‫ووجه ذلك (خرب) وروي أن هيودي ًا عدا عىل جارية وأخذ أوضاحها ورضخ رأسلها بلني‬
‫حلرين فقال هلا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬هل فعل هذا بلك فلالن)) يعنلي‬
‫بعض اليهود فتشارت برأسها ال‪ ،‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬ففلالن))‬

‫يعني قاتلها‪ ،‬فتشارت نعم‪ ،‬فتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فرضخ رأسه بلني‬
‫حلرين))‪.‬‬
‫أصمتت فقلال هللا احلسلن واحلسلني علليهام‬ ‫(خرب) وروي أن أمامة بنت أيب العا‬
‫السالم ألفالن كذا ألفالن كذا فتشارت برأسها أي نعم‪ ،‬فلربأت وأجلاقت وصليتها‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه يقح إقرار األخرس إذا أشار بإشارة يفهم منها معنى اإلقرار‪ ،‬وما ذكرناه يف‬
‫املحلور سيتيت بيانه يف باب احللر إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫وأما السكران ففيه خالف بني العلامء‪ ،‬فعند القاسم عليه السالم أنه إن كان يعقلل ملا‬
‫أقر به لزمه حكم إقراره‪ ،‬وإن كان ال يعقل مل يقح إقراره‪.‬‬

‫فصل‬

‫قلللال اهلل تعلللاىل‪             { :‬‬

‫‪[}  ‬البقرة‪ ،]282:‬السفيه‪ :‬نقيض احلليم‪ ،‬والسفيه‪ :‬الذي جيهل قدر املال‬
‫وال يمتنع عن تبذيره وال يرغب يف تثمريه‪ ،‬والضلعيف‪ :‬هلو األمحلق‪ ،‬واألمحلق‪ :‬نلاقص‬
‫الوَّ عن السفيه ومن‬
‫العقل‪ ،‬قيل‪ :‬واإلمالل اإلقرار واالعًاف‪ ،‬فدلت اآلية عىل أن فعل ّ‬
‫هو يف معناه يقوم مقامه فعله يف إظهار احلق الذي عليه واالعًاف بله واإلقلرار جيلب أن‬
‫يكون مثله عىل قول من مل جيعل اإلمالل هو اإلقرار‪ ،‬فتما من جعله اإلقرار فظاهر صحته‬
‫عنه‪.‬‬

‫(خرب) وعن عمر أنه كتب إىل أمرائه‪ :‬أن ال تورثوا احلميل إال ببينة‪ ،‬وقد تكلم فيه أهل‬
‫الرشع وأهل اللغة‪.‬‬

‫‪-193-‬‬
‫فتما أهل الرشع فقالوا‪ :‬احلميل حيتمل ما جيلب من بالد الكفلر‪ ،‬وحيتملل ملن حيملل‬
‫يقر بتخ له فيلب أن يكون افرب حمموالً عليهام‪ ،‬وهلذا ال‬
‫نسب إنسان إىل غريه‪ ،‬نحو من ّ‬
‫يعرف خالفه فهو كاإلمجاع يف كونه حلة‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬عىل أن األقرب أن يكون مسموع ًا كاملسند؛ ألن طريقة االجتهاد‬
‫تضعف فيه‪ ،‬وهذا كله ذكره ملذهب حييى عليه السالم‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬وقد أشار املؤيد باهلل إىل جواق إقرار النسب يعني ملذهب نفسه‪.‬‬
‫وأما أهل اللغة فقالوا‪ :‬احلميل اللذي يلؤتى بله ملن بللدة غريبل ًا‪ ،‬واحلميلل اللدعي‪،‬‬
‫واحلميل‪ :‬الكفيل‪ ،‬ويف احلديث‪(( :‬احلميل غارم)) وقالوا يف هذا افلرب امللروي علن عملر‬
‫قيل‪ :‬املراد بذلك إرث مواله الذي أعتقه‪ ،‬وجه قول املؤيد باهلل أن اإلقرار باإلبن يقح مع‬
‫األب واألخوة وإن سقط حلق التعقليب فكلذلك يقلح وإن سلقط حلق اللوالء؛ ألن‬
‫تعقيب النسب أقوى من تعقيب السبب‪.‬‬

‫‪-194-‬‬
-195-
‫كتاب الشهادات‬

‫األصل فيها الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬


‫أمللا الكتللاب فقللول اهلل تعللاىل‪[}   { :‬البقالالرة‪،]282:‬‬
‫{‪[}   ‬الطالق‪ ،]2:‬وقوله تعاىل‪[}  { :‬البقرة‪،]282:‬‬
‫وقوللله تعللاىل {‪[}     ‬البقالالرة‪ ،]282:‬وقوللله تعللاىل‪ { :‬‬

‫‪[}‬البقرة‪.]283:‬‬
‫وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملن ادعى عىل غريه شيأ ًا‪(( :‬ليس للك‬
‫إال شاهدا أو يمينه))‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر‪.‬‬

‫‪-196-‬‬
‫باب حكم الدخول في الشهادة وبيان ما يفتقر إلى الشهادة من‬
‫العقود وما ال يفتقر‬
‫أملللا اللللدخول فيهلللا فيلللدل عليللله قلللول اهلل تعلللاىل‪    { :‬‬

‫‪[}‬البقالرة‪ ،]282:‬فإنه يدل عىل أنه جيب عىل الشهود أن يشهدوا باحلق الذي علموه إذا‬
‫طلب منهم إقامة الشهادة ومتكنوا من أدائها‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وال خالف أن أداء الشهادة مع اإلمكان واجب إذا طلب ذلك من لله‬
‫وتتوله القاسم عليه السالم مع ذلك عىل أرم ال يتبوا إذا دعوا ليشهدوا عىل التابع‪،‬‬
‫طلبه‪ّ ،‬‬
‫وتتوله السيدان أبو العباس وأبو طالب عىل أن املستشهد ال جيد ملن يشلهد غلري أولألك‬
‫ّ‬
‫الشهود‪ ،‬واملشهود عليه غري مؤمتن فيخاف تلف احلق إذا مل يشهد عليله فيكلون اللدخول‬
‫فيها واجب ًا مع اإلمكان عىل طريق دفع الرضر عن املسلم؛ لأال يضليع مالله‪ ،‬فلإن املسللم‬
‫يلزمه أن يمنع من تضييع مال املسلم إذا أمكنه ذلك قلول اهلل تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪[}‬البقرة‪ ،]282:‬فيه تتويالن‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن اهلل تعاىل رى الكاتب عن أن يمتنع من كتابة الشهادة أو أن حيرفها ويغريها‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}       { :‬البقالرة‪ ،]282:‬ورلى الشلاهد أن‬
‫يتمتنع عن أدائها أو يغري الشهادة أو حيرفها ويشهد هبا عىل مقتضاها‪ ،‬وهلذا التتويلل هلو‬
‫الذي ذكره حييى عليه السالم‪.‬‬
‫وثانيهام‪ :‬أن املراد {‪[}    ‬البقرة‪ ،]282:‬أي ال يمنعان من إشغاهلام‬
‫وترصفهام وحيمالن عىل الكتابة والشهادة‪ ،‬أي ال يضار هبام فيكون اسم ما مل يسم فاعلله‪،‬‬
‫ويكون الفعل لغريمها هبام قلول اهلل تعلاىل‪[}      { :‬اإلسالراء‪،]36:‬‬
‫وقوله تعاىل‪[}     { :‬الزخرف‪ ،]86:‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن‬

‫‪-197-‬‬
‫يشهد إنسان بام ال يعلمه ويتيقنه فعىل هذا ال جيوق له أن يشهد بام يراه مكتوب ًا بخطله ملا مل‬
‫يعلمه ويتيقنه‪ ،‬وهو الذي نص عليه اهلادي يف (األحكام)‪ ،‬يزيده وضلوح ًا (خلرب) وهلو‬
‫قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد وإال فدع))‪.‬‬
‫(خرب) وروى طاووس عن ابن عباس قال‪ :‬سأل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫عن الشهادة فقال‪(( :‬هل ترى الشمس))؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قلال‪(( :‬علىل مثلهلا فاشلهد أو دع))‬

‫{‪     ‬‬ ‫قول اهلل تعاىل للنبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫‪[}           ‬المنالالالالالافقو‪ ،]1::‬دل‬
‫ذلك عىل أن من شهد بلاحلق وهلو ال يعلمله حقل ًا وإن كلان حقل ًا عنلد اهلل تعلاىل وعنلد‬
‫القادقني فإنه كاذب يف شهادته لفساد اعتقاده وهو أنه يعتقده باط ً‬
‫ال وألن قول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫{‪[}     ‬الزخالرف‪ ،]86:‬يدل علىل أن الشلهادة بلاحلق مرشلوطة‬
‫بالعلم فمتى مل يعلم الشاهد املشهود به مل تكن شهادته واقعة باحلق‪ ،‬وقوله تعلاىل حكايلة‬
‫عن األسبا عليهم السالم‪[}    { :‬يوسالف‪ ،]81:‬فدل ذللك علىل ملا‬
‫قلناه‪ ،‬وقول اهلل تعاىل‪[}   { :‬الطالق‪ ،]2:‬وقوله تعاىل‪ { :‬‬

‫‪[} ‬البقرة‪ ،]282:‬يدل كله عىل اعتبار عدالة الشهود‪ ،‬وأنه جيب علىل احللاكم إذا‬
‫أراد أن حيكم بشهادهتم ومل يكن يعرف عدالتهم أن يستل عن عدالتهم‪ ،‬وألن البحث عن‬
‫عدالتهم حق اهلل تعاىل بداللة أن افقم لو ريض بتن احلاكم يقبل شهادة من ليس بعدل مل‬
‫يقر بثبوت حق بعد ثبوت شهادة من ليس بعدل حكلم عليله بلإقراره‪،‬‬
‫يلتفت إليه إال أن ّ‬
‫وقول اهلل تعاىل‪           { :‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪[}      ‬المائدة‪ ،]106:‬نزلت اآلية يف متيم الداري وأخيه عدي‬
‫خرجا إىل الشام وكانا نرصانيني ومعهام بديل موىل وهو مسلم مهلاجر خرجلوا جتلار ًا إىل‬
‫الشام فلام قدموا الشام مرض بديل وكتب كتاب ًا فيه نسخة مجيع ما معه وطرحه يف جوالقه‬

‫‪-198-‬‬
‫ومل خيرب صاحبيه بتوقيعه وأوىص إليهام وأمرمها أن يدفعا متاعه إذا رجعا إىل أهلله وملات‬
‫بديل‪ ،‬فتخذا من متاعه إناء من فضة منقوش ًا بالذهب ودفعا باق املتاع إىل أهلله مللا قلدما‪،‬‬
‫ففتشوا فتصابوا القحيفة يذكر ما كان معه وفيها ذكر اإلناء‪ ،‬فقلالوا لتمليم وعلدي‪ :‬إنلا‬
‫فقدنا من متاعنا إنا ًء من فضة فيه ثالثامئة مثقال؟ قاال‪ :‬ما ندري؟ إنلام أوىص إلينلا بيشلء‬
‫وأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا باإلناء من علم‪ ،‬فرفعومها إىل رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فتنزل اهلل تعلاىل هلذه اآليلة والتلي بعلدها‪ ،‬وقولله‪ } { :‬أي‬
‫ليشللهدكم {‪ }   ‬أي أسللبابه ومقدماتلله{‪ } ‬أي‪ :‬وقللت‬
‫الوصية {‪ }   ‬أي من أهل مللتكم وديلنكم {‪ }   ‬أي‬
‫من غري أهل ملتكم‪ ،‬وكانت شهادة غري أهل امللة مقبولة ثم نسخ ذلك‪ ،‬وقيل‪ { :‬‬

‫‪ }‬أي من قبيلتكم وح ّيكم{‪ }   ‬من غري رفقتكم وقبيللتكم كلهلم‬
‫مسلمون{‪ }    ‬أي سافرتم فيها {‪    ‬‬

‫‪[}  ‬المائالدة‪ ،]106:‬قال عامة املفرسين‪ :‬من بعد صالة العرص وأهلل األديلان‬
‫يعظمون ذللك الوقلت‪ ،‬ويتلنبلون فيله األكاذيلب احلللف الكلاذب {‪  ‬‬

‫‪ }‬أي شككتم يف صدق اآلخرين اللذين ليسا من أهل ملتكم{‪}   ‬‬
‫أي ال نبيع عهد اهلل بعوض نتخذه من الدنيا{‪ }   ‬أي ولو كان املشلهود لله ذا‬
‫قربى‪ ،‬أي واملعنى ال نحلايب يف شلهادتنا أحلد ًا وللو كلان ذا قربلى{‪}   ‬‬
‫أضيفت إىل اهلل تعلاىل؛ ألملره بإقامتهلا والنهلي علن كتامرلا{‪ }   ‬أي إن‬
‫كتمناها‪ ،‬وملا رفعوعهام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نزلت اآلية فتمر رسول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يستحلفومها باهلل الذي ال إله إال هو ما قبضنا له غري هذا وما‬
‫وخيل سبيلهام‪ ،‬ثم اطلع عىل ٍ‬
‫إناء من فضة معهام فارتفعوا إىل النبي‬ ‫كتمنا‪ ،‬فحلفا عىل ذلك ّ‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فنزل قلول اهلل تعلاىل‪ }     { :‬أي إن‬
‫ُأط ّلع عىل أرام أتيا خيانة فاستوجبا إث ًام بيميلنهام الكاذبلة {‪ }  ‬أي‬
‫مقام الشاهدين اللذين من غريكم أي من ورثة امليت {‪ }‬أي األقربلان إىل امليلت‪،‬‬
‫وقرأ محزة األولني وهو نعت جلميع الورثة{‪     ‬‬

‫‪-199-‬‬
‫‪[}     ‬المائدة‪.]107:‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬ليميننا أحق من يمينهام وسم ّيت اليمني شهادة؛ ألرا كالشلهادة فقلام‬
‫اثنان من مواَّ بديل فحلفا فدفع اإلنلاء إلليهام وإىل أوليلاء امليلت{‪ } ‬أي اللذي‬
‫حكمنا به أقرب {‪[}    ‬المائالدة‪ ،]108:‬عىل أوليلاء امليلت {‪} ‬‬
‫فيقضون عىل خيانتهم وكذهبم فيفتضحوا ويغرملوا‪ ،‬وهلذه اآليلة داللة علىل أن للحلاكم‬
‫حتليف الشهود عند االرتياب هو رأي اهلادي عليه السالم‪ ،‬فإن قيلل‪ :‬إن اآليلة نزللت يف‬
‫أهل الذمة وهي منسوخة؛ ألنه ال جتوق شهادهتم عىل املسلمني‪ ،‬قلنا‪ :‬اآلية تضلمنت ذكلر‬
‫الشهود من املسلمني ومن غريهم‪ ،‬ثم عقب هذه اجلملة بتن الشهود تقسم عند االرتيلاب‬
‫من غري رقيص‪ ،‬فإذا نسخ منها حكم أهل الذمة كان احلكم الذي هو جلواق التحليلف‬
‫عند االرتياب وهو الشك يف شهادهتم ثاني ًا‪ ،‬فإن قيل‪ :‬ذلك حكم خيتص أهل الذمة‪ ،‬قلنا‪:‬‬
‫اإلرتياب ال خيقهم ومل يقل تعاىل‪ :‬فيقسامن باهلل؛ ألرلام ملن أهلل الذملة بلل قلال‪{:‬‬

‫‪ }‬فرش الريبة‪ ،‬وحيث حقل الرش ثبت احلكم‪.‬‬


‫وروي أن أبا بكر بن يعقوب عامل أهل الري وحافظهم ملا ورد عىل اهلادي إىل احللق إىل‬
‫اليمن وجاراه يف العلم قال‪ :‬لقد ضل فكري يف هذا الرجل‪-‬يعني اهلادي عليله السلالم‪-‬‬
‫فإين كنت ال أعرف ألحد مثل حفظي ألصول أصلحابنا‪ ،‬وأنلا اآلن إىل جنبله جلذع بينلا‬
‫أجاريه يف الفقه وأحكي عن أصحابنا قوالً إذ يقول‪ :‬يا أبا بكر لليس هلذا قلولكم فلتراده‬
‫فيخرج إىل املستلة من كتبنا عىل ما حكي وادعى فقلد رصت إذا ادعلى شليأ ًا عنلا أو علن‬
‫غرينا ال أطلب معه أثر ًا‪ ،‬وحرض جملسه فقيه عامل يقال له‪ :‬أبا احلسن اهلمداين وكان رجل ً‬
‫ال‬
‫فقيه ًا عىل مذهب الشافعي تاجر ًا جيمع بني الفقه والتلارة وله ققص مع اهلادي إىل احلق‬
‫عليه السالم فيها بعض الطول إىل أن قال‪ :‬وعرف أين من أهل العلم فتنس يب وأكرمني إىل‬
‫أن قال‪ :‬قيل َّ‪ :‬إن غد ًا يوم املظامل وإنه يقعد فيه للنظر بني النلاس فحرضلت غلداة هلذا‬
‫والقواد والرجالة وقوف ًا بلني يديله علىل‬
‫ّ‬ ‫اليوم فشاهدت منه هيبة عظيمة‪ ،‬ورأيت األمراء‬
‫مراتبهم‪ ،‬وهو ينظر يف الققص ويسمع الظالملات‪ ،‬ويفقلل األملور‪ ،‬فكلتين شلاهدت‬

‫‪-200-‬‬
‫ال غري ما كنت شاهدته وهبرتني هيبته‪ ،‬فادعى رجل عىل رجلل حقل ًا فلتنكره امللدعى‬
‫رج ً‬
‫عليه وستله البينة‪ ،‬فتتى هبا وح ّلف الشهود‪ ،‬فعلبت من ذلك فلام تفرق النلاس ودنلوت‬
‫منه فقلت‪ :‬أهيا اإلمام رأيتك ح ّلفت الشهود‪ ،‬فقال‪ :‬هذا رأيلي أنلا أرى حتليلف الشلهود‬
‫احتياط ًا عند بعض التهمة‪ ،‬وما تنكر من هذا؟ وهذا قول طاووس من التابعني‪ ،‬وقد قلال‬
‫اهلل تعاىل‪[}     { :‬المائدة‪.]107:‬‬
‫قال الفقيه‪ :‬فاستفدت يف تلك احلال مذهبه‪ ،‬وقول من قال به من التلابعني‪ ،‬والدالللة‬
‫عليه‪ .‬إىل آخر الققة وهي طويلة وفيها فوائد‪.‬‬

‫فصل‬

‫وألنه جيوق تفريق الشهود عن الشهادة نص عليله اهللادي‪ ،‬وكلان عليل عليله السلالم‬
‫يفعله‪ ،‬فالتحليف عند الريبة والتهمة مقيس عليه‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما بيان ما يفتقر إىل الشهادة من العقود فهو النكا‪ ،‬كام تقدم بيانه‪.‬‬
‫وأما سائر العقود فتقح من دون اإلشهاد‪ ،‬دليله (خرب) وهو ما روي أن النبلي صلىل‬
‫ال من جلابر ومل يشلهد عليله فللو كلان العقلد مفتقلر ًا إىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم اشًى مج ً‬
‫الشهادة ألشهد‪.‬‬
‫ل والفلرس‬ ‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم اشًى فرس ًا من أعرايب وم‬
‫مع األعرايب فتنكر األعرايب البيع فقال النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬قلد اشلًيته))‬

‫فقال األعرايب‪ :‬من يشهد‪ ..‬فقال‪ :‬صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من يشهد)) فشهد له خزيمة‬
‫بن ثابت األنقاري‪ ،‬فقال‪(( :‬كيلف شلهدت؟)) فقلال‪ :‬أصلدقك يف أخبلار اآلخلرة وال‬

‫‪-201-‬‬
‫أصدقك يف أخبار الدنيا‪ ،‬ووجه الدليل من موضعني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أنه لو كان أشهد لكان حيرض من يشهد ولن حيت إىل أن يقول‪(( :‬ملن يشلهد‬
‫َّ))‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه قال فزيمة‪ :‬كيف شهدت؟ وأجاب بام أجاب‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه مل يشهد‪،‬‬
‫ودل افربان عىل صحة البيع من دون اإلشهاد‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ثالثة ال يستلاب هلم‪ ،‬رجلل‬
‫باع شيأ ًا ومل يشهد عليه‪ ،‬ورجل معه امرأة سيأة ومل يطلقها‪ ،‬ورجل دفع إىل سفيه ماله)) دل‬
‫ذلك عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬إثبات البيع من دون اإلشهاد؛ ألنه قال باع شيأ ًا فتثبت البيع‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن تضييع املال ال جيوق‪ ،‬ومن مجلة تضييعه أن يبيعه ممن ال يثق منله بالوفلاء أو‬
‫يدفع ماله إىل سفيه فيضيعه‪.‬‬

‫‪-202-‬‬
‫باب بيان من تجوز شهادته ومن ال تجوز‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}       { :‬البقرة‪،]143:‬‬
‫والوسط‪ :‬العدل وافيار‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إذا نزلت إحدى اللياَّ بمعظلم‬ ‫وهم وسط يرىض األنام بحكمهم‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تقبل شهادة ملة عىل ملة إال‬
‫ملة اإلسالم فإرا جتوق عىل امللل كلها)) دل ذلك عىل جواق شلهادة العلدل‪ ،‬ودل علىل أن‬
‫الكفر ملل ةتلفة وأن شهادهتم مجيع ًا ال تقبل عىل مللة اإلسلالم‪ ،‬وأن شلهادة أهلل مللة‬
‫اإلسالم تقبل عىل مجيع أهل امللل‪ ،‬وقوله تعاىل‪[}   { :‬الطالالق‪،]2:‬‬
‫وقوله عز قائالً‪[}   { :‬البقالرة‪ ،]282:‬يدل ذلك علىل جلواق احلكلم‬
‫بشهادة العدل إذا كان عدالً لغري مواله‪ ،‬وهو الذي نقه اهلادي يف كتاب (الفنون) مطلقل ًا‬
‫من غري ذكر املوىل‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬يعني لغري مواله وهو الذي نص القاسم عليه السالم‪ ،‬وهو مروي عن‬
‫عيل عليه السالم‪ ،‬وروي ذلك عن أنس‪ ،‬وكيح‪ ،‬وبه قال النارص للحق‪ ،‬ورواية أخلرى‬
‫عن القاسم عليه السالم أنه ال يقبل‪ ،‬وقد روي ذلك عن ابن عباس‪ ،‬فلإن قيلل‪ :‬إن قولله‬
‫تعاىل‪ }  { :‬إشارة إىل األحرار ولوال ذلك لكان ال فائدة يف قوله منكم بل‬
‫كان يكفي ذوى عدل‪ ،‬ومن للتبعيض وليس العبد بعض األحرار‪ ،‬قيل‪ :‬بل هلو خطلاب‬
‫للمسلمني والعبيد القاحلون من مجلة املسلمني‪ ،‬ومن تقبل شهادته من املسلمني البلد أن‬
‫يكون ذا عدالة يف نفسه إذ ال خالف يف أن من اشلتهر بالكلذب وشلهادة اللزور ال تقبلل‬
‫شللهادته‪ ،‬وقوللله تعللاىل‪          { :‬‬

‫‪[}     ‬البقرة‪ ،]282:‬وقوله تعاىل‪  { :‬‬

‫‪[}‬الطالق‪ ،]2:‬يدل ذلك كله عىل جواق شهادة ذي اللرحم لرمحله إذا كلان ملن أهلل‬

‫‪-203-‬‬
‫العدالة وممن يرىض‪ ،‬وهو قول أكثر العًة عليهم السالم‪ ،‬وهو مروي عن عمر‪ ،‬وكيح‪،‬‬
‫وعمر بن عبدالعزيز‪ ،‬أما شهادة األخ ألخيه فقد روي أن ابلن عملر وابلن مسلعود قلبال‬
‫شهادة األخ ألخيه وال ةالف هلام يف القحابة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم رواية أخرى وهي القول بتنه ال تقبل شلهادة وللد‬
‫لوالده إال احلسن واحلسني فإن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم شهد هلام باجلنة‪.‬‬
‫أجوق شهادة الولد لوالده‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬إن صح هذا عن عيل عليه السالم فال ِّ‬
‫(خرب) وروي أن عمر ملا جلد الثالثة الذي شهدوا عىل املغرية بن شعبة بن الزنا وهلم‬
‫أبو بكرة‪ ،‬وسهل بن معبد‪ ،‬وثالث قيل‪ :‬قيادة‪ ،‬وقيل‪ :‬نافع‪ ،‬قال‪ :‬توبلوا تقبلل شلهادتكم‬
‫فتاب اثنان فقبل شهادهتام‪ ،‬ومل يتب أبو َبك َْرة فرد شهادته ومل خيالفه أحد‪ ،‬دل عىل أنه تقبل‬
‫شهادة القاذف إذا تاب‪ ،‬وهو الذي نص عليه القاسم عليه السالم وقال‪ :‬أملارة توبتله أن‬
‫يكذب نفسه إذا كان كاذب ًا‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬وهو الذي ذهب إليه سائر أصحابنا‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا قنا من ظاهره العدالة أو فعل كبرية مل تقبل شهادته إال بعد التوبلة باإلمجلاع فلإن‬
‫تاب فعندنا أنه البد من اختباره مدة يقلح فيها عمله‪ ،‬واألقرب أن االعتبار باختبار توبته‬
‫سنة؛ ألنه قل أن يستقيم يف كل السنة إال وقد صلحت ييرتله وثبتلت توبتله وحسلنت‬
‫طريقته‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪[}   { :‬النسالاء‪ ،]146:‬فاعترب اإلصال‪ ،،‬وهلذه‬
‫املدة يتبني هبا صالحه من فساده فوجب اعتبارها‪ ،‬والذي يدل علىل وجلوب قبلول توبلة‬
‫القاذف قول اهلل تعاىل‪        { :‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪[}     ‬النور‪ ،]5-4:‬دل قوله تعاىل‪ }  { :‬عىل أن‬

‫‪-204-‬‬
‫القاذف إذا تاب خرج بالتوبة من الفسق وقبللت شلهادته‪ ،‬وبله قلال حييلى اهللادي عليله‬
‫السالم‪ ،‬وهو قول عمر وعطاء‪ ،‬وطاووس‪ ،‬وسعيد بن جبري‪ ،‬والضحا ‪ ،‬وقد ثبت رجوع‬
‫االستثناء يف آية املحاربني إىل مجيع ما تقلدم فكلذلك هاهنلا وهلذا مبنلي علىل أن اجلملل‬
‫املعطوف بعضها عىل بعض بحرف العطف وهو الواو جيري جمرى مجلة واحدة بدليل أنله‬
‫ال فرق بني قول القائل‪ :‬أعدائي ال حتسن إليهم وبني قوله‪ :‬أعدائي وهلم بنلو متليم وبنلو‬
‫هذيل وفزارة ال حتسن إليهم يف أن قوله‪ :‬ال حتسن إليهم يرجع إىل اجلميلع كلام يرجلع إىل‬
‫اجلملة الواحدة فإذا ثبت هذا فاالستثناء جيب أن يرجع إىل مجيع اجلمل املعطوف بعضلها‬
‫عىل بعض بالواو كام يرجع إىل اجلمل الواحدة إال بلدليل يمنلع ملن رجوعله إىل مجيعهلا‬
‫ويوجب محله عىل آخر مجلة وليس هلذا موضلع الكلالم يف ذللك‪ ،‬وروي أن عليل ًا عليله‬
‫السالم كان يتمر بحك أصابع القبيان عىل احللائط إذا يقلوا‪ ،‬دل ذللك علىل أنله جيلوق‬
‫تتديبهم هبذا القدر‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان حيكم بشهادة بعض القبيان عىل بعلض ملا مل‬
‫يتفرقوا‪ ،‬وهو حممول عند أئمتنلا علليهم السلالم علىل أنله يرجلع إىل قلوهلم يف التتديلب‬
‫واإلفزاع ال يف إمضاء احلكم بشهادهتم إال اهلادي عليه السالم فإنه محله عىل ظلاهره‪ ،‬وبله‬
‫قال عبد اهلل بن الزبري فإنه كان يق ي بشهادة القبيان فيام بينهم‪ ،‬وهلو قلول ماللك‪ ،‬فإنله‬
‫ذهب إىل أنه حيكم بشهادة بعض القبيان عىل بعض يف اجلرا‪ ،‬دون غريها ما مل يتفرقوا أو‬
‫خيالطوا الكفار إال أن يكونوا قد أشهدوا العدول عىل شهادهتم قبل أن يتفرقوا‪ ،‬ودل قول‬
‫اهلل تعاىل‪[}   { :‬البقرة‪ ،]282:‬علىل أن شلهادة القلبيان ال‬
‫جتوق؛ ألرم ليسوا من الرجال‪ ،‬وكذلك شهادة امللنون ال تقح باإلمجاع‪ ،‬ودل ما ذكرناه‬
‫يف اآليات املتقدمة يف قوله تعاىل‪ }  { :‬ويف قوله عز قائالً‪  { :‬‬

‫‪[}‬البقالرة‪ ،]282:‬عىل أن شهادة الفاسق غري مقبولة؛ ألنه ممن ال يرت ي وألنه ليس‬
‫مللللن أهللللل العدالللللة‪ ،‬ولقللللول اهلل تعللللاىل‪      { :‬‬

‫‪[}‬الحجرات‪ ،]6:‬فتمر اهلل تعاىل بالتبني والتثبت عند خرب الفاسق‪ ،‬فدل عىل أن شهادته‬

‫‪-205-‬‬
‫ وأكل‬،‫ وقد ذكر اهلادي عليه السالم عىل التعيني أن من الكبائر الفرار من الزحف‬،‫ال تقبل‬
‫يعنلي‬-‫ والقتلل‬،‫ وكب افملر‬،‫ والزنا‬،‫ وقذف املحقنات‬، ‫ واللوا‬،‫ ومال اليتيم‬،‫الربا‬
‫ والكذب عىل اهلل تعاىل وعىل رسوله‬،‫ وأكل أموال الناس ظل ًام‬،‫ وشهادة الزور‬-‫بغري احلق‬
.‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‬

‫ وشلهادة املخنلث ال‬،‫ذلك أن شهادهتم عنلده ال تقبلل‬ ‫ فاقت‬:‫قال السيد أبو طالب‬
‫ وال صلاحب‬،‫ وال من يقلامر‬،‫ وال من يرشب املسكر‬،‫ وال شهادة من يلعب باحلامم‬،‫تق بل‬
.‫ وال نايح وال ناحية‬،‫غنا‬

‫فصل في بيان طرف ما جاء في الوعيد على هذه المعاصي‬

        :‫أما الفرار من الزحف فلقول اهلل تعاىل‬

  { :ً‫قائال‬ ‫ وقوله عز‬،]155::‫}[آل ومرا‬    
        ،        

.]6-5:‫}[األنفال‬            
          { :‫وأما الربا فلقوله علز وجلل‬

              ،
  

‫ ويدل عىل ذلك من السنة أخبار كثرية قد‬،]279-278:‫}[البقرة‬   


.‫ضمنا طرف ًا منها يف ما م يف كتاب البيوع‬ّ
      { :‫وأما أكل مال اليتيم فلقلول اهلل سلبحانه‬

.]10:‫}[النساء‬      


         { :‫فلقول اهلل تعلاىل‬ ‫وأما اللوا‬
           ،  
ً ‫ وسيتيت الكالم يف ذلك من السنة مفق‬،]81-80:‫}[األوالراف‬
‫ال يف كتاب احلدود‬

-206-
‫من كتابنا هذا إن شا اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وأما قذف املحقنة فلقول اهلل تعاىل‪     { :‬‬

‫‪[}   ‬النور‪ ]23:‬اآلية‪.‬‬


‫وأما الزنا فلقول اهلل تعاىل‪[}        { :‬اإلسراء‪.]32:‬‬

‫(خرب) عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال جتوق شهادة خاين وال خاينلة‪،‬‬
‫وال قان وال قانية‪ ،‬وال ذي غمر عىل أخيه)) دل عىل أن من فعل شيأ ًا من هذه الكبائر ردت‬
‫شهادته وسائر الكبائر مقيسة عليها‪.‬‬

‫وأما كب افمر فلقوله تعاىل‪       { :‬‬

‫‪[}   ‬المائالدة‪ ،]90:‬وقللد ذكرنللا طرفل ًا مللن السللنة يف كتللاب‬
‫األطعمة واألكبة من هذا الكتاب‪.‬‬

‫وأما القتل بغري حق فلقول اهلل تعلاىل‪      { :‬‬

‫‪[}        ‬النساء‪.]93:‬‬


‫(خرب) وعن ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أول ما يق‬
‫بني العباد يوم القيامة يف الدماء)) فدل ذلك عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن اهلل يق ي بني العباد يوم القيامة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن أول ما يق ي فيه بينهم الدماء‪ ،‬فدل ذلك عىل عظم جرم الظاملني‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬لقتلل املرس‬
‫مؤمن أعظم عند اهلل من قوال الدنيا))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال‪(( :‬للو أن أهلل السلامء‬
‫واألرض اشًكوا يف قتل مؤمن لعذهبم اهلل إال أن ال يشاء اهلل يف ذلك)) واألخبار كثرية‪.‬‬
‫وأما شهادة الزور فلام رواه ابن عمر عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪:‬‬

‫‪-207-‬‬
‫((شاهد الزور ال تزول قدماه حتى يوجب اهلل له النار))‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال بعد انرصافه ملن صلالة القلبح‪:‬‬
‫باهلل ثالث ملرات)) ثلم تلال قلول اهلل تعلاىل‪{ :‬‬ ‫((عدلت شهادة الزور باإلكا‬
‫‪[}     ‬الحج‪ ]30:‬اآلية‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن لشاهد الزور لعل ًام يعرف بله‬
‫يوم القيامة يبعثه اهلل عاض ًا عىل لسانه يقرضه بتسنانه يلهث هلثان الكلب يف الرعي))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ومن شهد شهادة اللزور علىل رجلل‬
‫مسلم أو ذمي أو أحد من الناس علق بلسانه مع املنافقني يف الدر األسفل من النار))‪.‬‬
‫وأما أكل أموال النلاس ظلل ًام فلقلول اهلل تعلاىل‪     { :‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪[}    ‬إبراهيم‪ ،]43-42:‬وغري ذلك يف الكتاب والسنة‪.‬‬


‫وأما الكذب عىل اهلل تعاىل وعىل رسوله فاإلمجاع املعلوم منعقد عىل كفر قائله وفاعله‪.‬‬
‫وأما املخنث فلقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اقتلوا الفاعل واملفعول به)) فإذا‬
‫جاق قتلهام دل ذلك عىل فسقهام‪ ،‬وإذا كان فسق ًا ردت شهادهتام‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬ثالثة ال يناهلم شفاعتي يوم القياملة نلاكح البهيملة‪ ،‬والوي‬
‫القدقة‪ ،‬واملنكو‪ ،‬من الذكور مثلام تنكح النساء))‪.‬‬
‫وأما من يلعب باحلامم (خرب) فروي أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم رأى رجل ً‬
‫ال‬
‫يسعى حلاممه فقال‪(( :‬شيطان يتبع شيطانه))‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق‪ ،‬عن قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أنله قلال‪ :‬قلال‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬عرشة من عملل قلوم للو فاحلذروهن‪ :‬إسلبال‬

‫‪-208-‬‬
‫الشارب‪ ،‬وتقفيف الشعر‪ ،‬ومتضلي العللك‪ ،‬ورليلل اإلقار‪ ،‬وإسلبال اإلقار‪ ،‬وإطلارة‬
‫احلامم‪ ،‬والرمي باجلالهق‪ ،‬والقفري‪ ،‬واجتامعهم عىل الرشاب‪ ،‬ولعلب بعضلهم بلبعض))‬

‫دل ذلك عىل قبح هذه األفعال وحظرها‪ ،‬إسبال الشارب تر تققريه حتى يسًخي عىل‬
‫فيه‪ ،‬وتقفيف الشعر ظاهر‪ ،‬ورليل اإلقار افلل الفرجة بني الشيأني وهو كل فرجة تقع‬
‫يف يشء ولعله أراد بذلك أن حيلل إقاره عىل وجه تبدو عورته‪ ،‬وإسبال اإلقار علىل وجله‬
‫افيال والتكرب‪ ،‬وإطارة احلامم عىل وجه املقامرة واملباراة بني احلامم‪ ،‬والرمي باجلالهق هلو‬
‫قوس البندق‪ ،‬والقفري ظاهر‪ ،‬واجتامعهم عىل الرشاب‪.‬‬

‫(خرب) وعن احلسن أنه قال‪ :‬ما اجتمع قوم قط قلوا أو كثروا عىل هلو ولعب وباطل إال‬
‫أغلقت عنهم أبواب الرمحة‪ ،‬ونزلت عليهم اللعنة‪ ،‬ومثل هذا ال يكون إال عن النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم؛ ألنه ال يعلم أحكام األفعال إال اهلل تعاىل‪ ،‬فليعلم هبلا رسلله علليهم‬
‫السالم‪.‬‬
‫وأما لعب بعضهم ببعض فالذكر يعلو الذكر وقد قدمنا حكمه‪.‬‬
‫وأما كب املسكر (خرب) فلقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إذا سكر فاجللدوه‬
‫‪ ،‬ثم إذا سكر فاجلدوه‪ ،‬ثم إذا سكر فاجلدوه‪ ،‬ثم إذا سكر فارضبوا عنقه))‪.‬‬
‫مر بقوم يلعبون‬
‫وأما القامر بالشطرن ونحوه فلام روي (خرب) عن عيل عليه السالم أنه ّ‬
‫بالشطرن فلم يسلم عليهم ثم أمر رج ً‬
‫ال من فرسانه فنزل فكرسها وحرق رقعتها وعقلل‬
‫كل واحد ممن كان يلعب هبا وأقامه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أملري امللؤمنني ال نعلود‪ ،‬فقلال‪ :‬إن علدتم‬
‫عدنا‪.‬‬
‫(خرب) وروى حممد بن منقور‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬سلتة ال يسللم علليهم‪:‬‬
‫اليهللود والنقللارى‪ ،‬وامللللوس‪ ،‬واملتفكهللون باألمهللات‪ ،‬والللذين بللني أيللدهيم افمللر‬
‫وا لرياحني‪ ،‬والذين يلعبلون بالشلطرن ‪ ،‬املتفكهلون بتمهلاتم اللذين يعيبلون النلاس بلام‬
‫يكرهون‪ ،‬ذكره أبو جعفر الباقر عليه السالم‪.‬‬

‫‪-209-‬‬
‫(خرب) وعن ابن مسعود أن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم رلى علن اللعلب‬
‫بالشطرن ‪ ،‬دل ذلك عىل قبح اللعب هبا؛ ألن احلكيم ال ينهى عن احلسن إنلام ينهلى علن‬
‫القبيح‪.‬‬
‫(خرب) وعن القادق جعفر بن حممد‪ ،‬علن أبيله قلال‪ :‬قلال عليل عليله السلالم النلرد‬
‫والشطرن هو امليرس‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن موسى أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من لعب بالنردشلري‬
‫فقد عىص اهلل ورسوله))‪.‬‬

‫(خرب) وروى بريدة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬ملن لعلب بالنردشلري‬
‫فكتنام غمس يده يف حلم خنزير ودمه))‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬ال أعرف خالف ًا يف حتريم النرد‪.‬‬

‫وأما الغنا فلام ورد من األخبار نحو (خرب) وعن عيل عليه السالم قال‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬بأس البيت بيت ال يعرف إال بالغنا))‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لست من الد ّد وال الد ّد مني)) وروي‪:‬‬
‫((ما أنا من الد ّد وال الدد مني)) والدد‪ :‬هو اللهو واللعب‪.‬‬
‫(خرب) وهبذا اإلسناد إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إيلاكم والغنلا فإنله‬
‫ينبت النفاق يف القلب كام ينبت املاء الشلر))‪.‬‬
‫(خرب) وقيل يف تفسري قوله تعاىل‪        { :‬‬

‫‪[}‬لقمالالالا‪ ، ]6::‬إنللله الغنلللا‪ ،‬وقيلللل يف تفسلللري قولللله تعلللاىل‪  { :‬‬

‫‪[}‬المالدثر‪ ، ]45:‬يريد به سامع اللهو‪ ،‬وقيلل يف تفسلري قولله تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[} ‬العنكبوت‪ ]29:‬هو اللهو واللعب‪ ،‬وقال تعاىل‪   {:‬‬

‫‪[}‬األوراف‪.]51:‬‬

‫‪-210-‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أول‬
‫من تغنى إبليس ثم قمر ثم حد ثم نا‪.))،‬‬
‫أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪:‬‬ ‫(خرب) وروى عبداهلل بن عمرو بن العا‬
‫((إن اهلل حرم عىل أمتي افمر‪ ،‬وامليرس‪ ،‬واملزملار‪ ،‬والكوبلة‪ ،‬والقنلني)) فالكوبلة الطبلل‪،‬‬
‫والقنني الرببط‪ ،‬وقيل‪ :‬القنينة ‪-‬بالقاف ونونني بينهام ياء معلمة باثنتني من أسفل‪ :-‬لعبة‬
‫للروم‪ ،‬وقيل‪ :‬هلو يشء يتقلامرون بله‪ ،‬وقيلل‪ :‬التقنلني الرضلب بلالقنني وهلو الطنبلور‬
‫باحلبشية‪ ،‬والكوبة‪ :‬النرد ويقال‪ :‬الطبل‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬متسلخ أملة ملن أمتلي لرشلهبم‬
‫افمر ورضهبم بالكوبة واملعاقف))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أنه قال‪ :‬الدف حرام‪ ،‬والكوبة حرام‪ ،‬واملعاقف حرام‪ ،‬واملزمار‬
‫حرام‪.‬‬
‫(خرب) وعن كعب األحبار قال يف الكتاب الذي أنزله اهلل عىل اموسى يف التلوراة‪ :‬إنلا‬
‫أنزلنا احلق لنذهب به الباطل‪ ،‬ونبطل اللعب‪ ،‬والزفن واملزامري‪ ،‬وامللزاهري‪ ،‬والكبلارات‪،‬‬
‫والشعر‪ ،‬وافمر‪ ،‬وأقسم اهلل بعزته بعد أن حرمتها إال سقيته إياها يف حظرية القدس‪ .‬ويف‬
‫كلعبله بامرأتله‬ ‫احلديث أن اهلل أنزل احلق ليذهب به الباطل واللعب إال ما هو ةقلو‬
‫ولعبه بفرسه‪ ،‬ومناضلته بقوسه‪ ،‬وعىل حتريم الرقص؛ ألن الزفن اللرقص‪ ،‬وعلىل حتلريم‬
‫الزمر باملزمار‪ ،‬وعىل حتريم املزاهر مجع مزهر ‪-‬بكرس امليم وسكون الزاي‪ -‬واملزهلر‪ :‬هلو‬
‫العود الذي يرضب به‪.‬‬
‫أما املزامري فهي التي ينفخون هبا‪ ،‬واملزاهري‪ :‬الدفوف‪ ،‬والكبارات‪ :‬الطنابري؛ ألن الكرب‬
‫‪-‬بالباء معلمة بواحدة من أسفل والباء مفتوحة‪ :-‬الطبل الذي له وجه واحد‪.‬‬
‫(خرب) وروينا عن الشيخ العامل أيب احلسني البرصي أنه روي بإسناده أن رج ً‬
‫ال قال‪:‬يلا‬
‫رسول اهلل قد ُجعل َّ رقق يف الغنا فعسى أن تتذن َّ فيه‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬

‫‪-211-‬‬
‫((ال تفعل فإن عدت إليه ألربن مالك أو آلمرن بنهب مالك)) ذكره يف كتاب الغلرر فليام‬
‫حكاه َّ من أثق به‪ ،‬دلت هذه األخبار وما أشبهها مما مل نذكره عم ً‬
‫ال عىل االختقلار علىل‬
‫أن مجيع املالهي ال جتوق‪ ،‬وعند أئمتنا عليهم السالم أن ملن فعلل شليأ ًا ملن ذللك ردت‬
‫يف اللعب هبا كام تقدم حتقيقه فتما من مل يفعل‬ ‫شهادته إال ما ذكرناه يف احلامم فإنه ةقو‬
‫ذلك فإنه جيوق له متلكها‪ ،‬لداللة (خرب) وهو ما روى عبادة بن القامت أن رج ً‬
‫ال شكا إىل‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم الوحشة فقال‪(( :‬ارذ قوج ًا من احللامم)) فلدل ذللك علىل‬
‫جواق اقتنائها والتسمع ألصواهتا‪ ،‬فتما األكل منها ومن فراخهلا وبيضلها فلال خلالف يف‬
‫جواقه‪ ،‬فإن قيل‪ :‬إن يف األخبار ما يدل عىل جواق الغناء نحو (خرب) وهو ما روي أن عمر‬
‫كان إذا خال يف داره ترنم بالبيت والبيتني‪ ،‬واستؤذن عليه لعبدالرمحن بن عوف وهو يًنم‬
‫فقال‪ :‬أسمعتني يا عبدالرمحن؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إنا إذا خلونا يف مناقلنلا نقلول كلام يقلول‬
‫الناس‪.‬‬
‫(خرب) وكذلك ما روي عن أيب الدرداء أنه قلال‪ :‬إين أجلم قلبلي بيشلء ملن الباطلل‬
‫ألستعني به عىل احلق‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن علثامن كلان يسلمع الغنلا إىل وقلت السلحر ثلم يقلول هلذا وقلت‬
‫االستغفار‪.‬‬
‫مر بلارية حلسان بن ثابلت‬
‫(خرب) وكذلك ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ّ‬
‫وهي تقول‪ :‬هل عيل وحيكام إن هلوت من حرج‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال‬
‫حرج إن شاء اهلل تعاىل))‪.‬‬
‫(خرب) وكذلك ما روت عائشة قالت‪ :‬كان عندي جاريتلان تغنيلان فلدخل أبلو بكلر‬
‫فقال‪ :‬مزمار الشيطان يف بيت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬دعهام فإرا أيام عيد)) فاجلواب أن ذلك حممول عندنا عىل احللدا أو‬
‫عىل نشيد األعراب وذلك جائز‪ ،‬وال نعلم فيه خالف ًا‪ ،‬دليلله (خلرب) وروى ابلن مسلعود‬
‫قال‪ :‬كان مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ليلة نام بالوادي حاديان‪.‬‬

‫‪-212-‬‬
‫(خرب) وروت عائشة قالت‪ :‬كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف سفر وكان‬
‫عبداهلل بن رواحة جيد احلدا وكان مع الرجال‪ ،‬وكان أنلشة مع النساء فقال النبلي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم لعبداهلل بن رواحة‪ :‬حر بالقوم فاندفع يرجتز فتبعه أنلشلة فتعنقلت‬
‫اإلبل يف السري فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يا أنلشة رويد رفق ًا بالقوارير))‪.‬‬

‫(خرب) وروى عمرو بن الرشيد عن أبيه قال‪ :‬أردفني رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم وراءه فقال‪(( :‬أمعك من شعر أمية بن القلت يشء؟)) قلت‪ :‬نعم‪ .‬قلال‪(( :‬هلات))‬

‫فتنشدته بيت ًا فقال‪ :‬هيه‪ ،‬فتنشدته بيت ًا آخر‪ ،‬فقال‪ :‬هيه‪ ،‬فتنشدته إىل أن بلل مائلة بيلت‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل جواق احلدا ونشيد األعراب‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال للحادي‪(( :‬أسمعنا من غنائلك))‬

‫أراد احلدي دون ما رى عنه من الغنا؛ وألن أخبارنا يف الغنا حارضة وهي أكثر وأشهر فإن‬
‫ما ذكرناه هنا يف النهي عن الغنا إال ما هو كامللة يف الللة والقطرة من مطرة فهي باملقري‬
‫إليها أوىل‪ ،‬فإن قيل‪ :‬فام تقولون يف األخبار الواردة عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫املبيحة للغنا ونحوه يف النكا‪ ،،‬فمنها ما نورده هاهنا‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أعلنوا النكا‪ ،،‬وارضبلوا عليله‬
‫بالغربال)) روته عائشة‪ ،‬والغربال‪ :‬املنخل‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سلمع دفل ًا يف بعلض بيلوت األنقلار‬
‫فقال‪(( :‬ما هذا))؟ فقيل‪ :‬فالن يا رسول اهلل نكح‪ ،‬فقال‪(( :‬احلمد هلل أشيدوا بالنكا‪.))،‬‬
‫(خرب) من صحيح البخاري عن عائشة أرا قفت امرأة إىل رجل من األنقار فقال نبي‬
‫اهلل‪(( :‬يا عائشة ما كان معكم هلو فإن األنقار يعلبهم اللهو))‪.‬‬

‫(خرب) منه أيض ًا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت‪ :‬جاء النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فدخل حني بني َّ فللس علىل فلرايش فلعللت جويريلات لنلا يرضلبن باللدف‬
‫ويندبن من قتل من آبائي فقالت إحداهن‪ :‬وفينا نبي يعلم ملا يف ٍ‬
‫غلد‪ ،‬فقلال‪ :‬دعلي هلذا‬

‫‪-213-‬‬
‫وقوَّ الذي كنت تقولني‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أعلنوا هذا النكا‪ ،،‬واجعلوه يف‬
‫املساجد‪ ،‬وارضبو عليه بالدفوف))‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهذا ال عىل طريقة الغنا والتطريب فإنه كان كالعالمة للنكا‪ ،‬ذكره يف‬
‫الرش‪.،‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أعلنوا النكا‪.))،‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سمع صوت دف ملن بعلض بيلوت‬
‫األنقار فقال‪(( :‬ما هذا))؟ فقيل‪ :‬فالن يا رسول اهلل نكلح‪ ،‬فقلال‪(( :‬احلملد هلل النكلا‪ ،‬ال‬
‫السفا‪ ،،‬أشيدوا بالنكا‪ ،‬وارضبوا عليه بالغربال))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫أنه رى عن نكا‪ ،‬الرس‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أعلنلوا هلذا النكلا‪ ،‬وارضبلوا‬
‫عليه بالدف))‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬عن ذلك أجوبة منها أن أئمة العًة سالم اهلل عليهم أكثرهم ال يرى بلواق ذلك‬
‫يف النكا‪ ،‬إال الغربال‪ ،‬ونحوه من الدبادب ال للطرب فال ينبغي العدول علن طلريقتهم‪،‬‬
‫ومنها أرا حممولة عند بعضهم عىل اإلشادة للنكا‪ ،‬بام جيوق هذه األشياء عىل وجه التشبيه‬
‫وامللاق‪ ،‬يقال‪ :‬طبل هبذا األمر أي شيع وهذ قلد ذكلره بعضلهم‪ ،‬وبعلض هلذه األخبلار‬
‫حيتمل هذا التتويل وبعضها ال حيتمله بحقيقته وال جماقه‪ ،‬ومنها أن األخبار األوىل عامة يف‬
‫وهلذه األخبلار خاصلة للنكلا‪،‬‬ ‫مجيع املالهي ويف مجيع األوقات ومجيع هذه األشخا‬
‫والقضاء بلواق مجيع ذلك يف النكا‪ ،‬خاصة‪ ،‬وجيب االنقيلاد‬ ‫فيلب بنا العام عىل افا‬
‫للرشع فإن ما كان عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فإنه متخوذ عن اهلل تعاىل لقوله‬
‫تعاىل‪[}        { :‬الالنجم‪ ،]4-3:‬فإذا كان ذللك ملن اهلل‬

‫‪-214-‬‬
‫تعاىل فهو حكمة وصواب{‪[}     ‬األنبيالاء‪ ،]23:‬فإن قيل‪ :‬قلد‬
‫أجزتم شعر األعراب فام تقولون يف قول النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬ألن يملتيل‬
‫جوف أحدكم قيح ًا فرييه خري له من أن يمتيل شعر ًا))‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬املراد به ما كان قبيح ًا من الشعر نحو الشعر املتضمن هللا رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أو سب غريه من القلاحلني أو يتضلمن الكفلر بلاهلل تعلاىل أو الترصليح‬
‫بالكذب أو نحو ذلك‪ ،‬وكالشعر يف امرأة معينة ال جيوق للشاعر يلذكرها باسلمها وعينهلا‬
‫فيكون ذلك سبب ًا للقالة فيها‪ ،‬يعضده (خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫((إن الشعر بمنزلة الكالم حسنه كحسن الكالم وقبيحه كقبيح الكالم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن من الشلعر حلكملة)) وكلان‬
‫للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم شعراء منهم حسان بن ثابت‪ ،‬وكعب بن مالك يف آخرين‪،‬‬
‫وكانت الوفود يقدمون عليه بعد فتح مكة فيقوم شلاعرهم فيشلعر وخطيلبهم فيخطلب‪،‬‬
‫ويقوم شاعر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يشعر وخطيبه خيطب‪ ،‬وقد كلان مجاعلة ملن‬
‫أئمة اهلدى وغريهم من األولياء يقوللون الشلعر وقلد قلال اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪[}           ‬الش الالعراء‪-224:‬‬
‫‪ ،]227‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫وأما النائح والنائحة فلام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ليس منلا‬
‫من حلق وال سلق‪ ،‬وال من خرق‪ ،‬وال من دعى بالويل والثبور))‪.‬‬
‫قال قيد بن عيل عليه السالم‪ :‬احللق حلق الشعر‪ ،‬والسللق القليا‪ ،،‬وافلرق خلرق‬
‫اجليب‪ ،‬ومما يدل علىل أن السللق القلوت الشلديد قلول اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}‬األحالزاب‪ ،]19:‬يقال‪ :‬سلقه بلسانه إذا أذاه وبه فرست اآلية‪ ،‬وسلق أي صلا‪ ،،‬ويف‬
‫احلديث‪(( :‬لعن اهلل السالقة واحلالقة وافارقة)) تعني التلي ترصلخ عنلد املقليبة وحتللق‬
‫شعرها وررق ثياهبا‪.‬‬

‫‪-215-‬‬
‫(خرب) وروي أن جعفر بن أيب طاللب ريض اهلل عنله مللا قتلل اجتمعلت النسلاء عنلد‬
‫علمهن بموته فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رج ً‬
‫ال ينهاهن فنهاهن فلم ينللع ريله‬
‫فقال له‪(( :‬أسكتهن فإن سكتن وإال فاحث يف أفواههن الًاب))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النساء ملا بكني عىل محزة ريض اهلل عنه قال النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬أما محزة فال بواكي له)) اجتمع نساء املسلمني فبكني عليه وكلان ذللك يف غلزاة‬
‫ٍ‬
‫يومأذ عن النو‪ ،‬والنياحة‪ ،‬وهذا‬ ‫أحد قال هلن بعد فراغهن‪(( :‬ارجعن متجورات)) ثم رى‬
‫ناسخ؛ ألنه رى بعد بكائهن عىل محزة ريض اهلل عنه‪ ،‬وافرب األول يدل عىل النسخ أيضل ًا؛‬
‫ألن جعفر بن أيب طالب رمحه اهلل قتل بعد محزة بزمان؛ ألنه قتل يف غلزاة مؤتلة‪ ،‬والنياحلة‬
‫هي تعديد حماسن امليت‪ ،‬وإذ قد فرغنا من الكالم يف بيان أحكام هلذه األفعلال فلنعلد إىل‬
‫متام الباب وهو فيمن جتوق شهادته ومن ال جتوق‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تقبل شهادة ذي الظنلة‬
‫وال العدو عىل عدوه‪ ،‬وال تقبل شهادة الغمر عىل أخيه)) وصلوابه ذي الغملر علىل أخيله‬
‫والغمر‪ :‬احلقد وهو ‪-‬بالغني معلمة‪ -‬يقال‪ :‬غمر صدره عليه ‪-‬بكرس املليم وبلالراء‪ -‬إذا‬
‫حقد‪.‬‬
‫(وخرب) وروى طلحة بن عبيد اهلل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أملر مناديل ًا‬
‫ينادي‪(( :‬أال ال جتاق شهادة خقم وال ظنّني)) دلت هذه األخبار عىل أنله ال تقبلل شلهادة‬
‫واحد من هؤالء وترد شهادة من يعرف بكثرة السهو والنسليان والغفللة؛ ألنله ال يلؤمن‬
‫عليه ذلك‪ ،‬وعند املؤيد باهلل تقبل شهادة افقم عىل خقمه إذا كلان علدالً‪ ،‬وقلال عليله‬
‫السالم‪ :‬إنه ينظر يف حال الشاهد فإذا كانت حماسنه أكثر قبلت شهادته وإذا كانت مساويه‬
‫أكثر ر ّدت‪ ،‬وهذا جيب أن يكون بعد اجتنابه الكبائر أمجع‪.‬‬
‫وقال املؤيد باهلل‪ :‬إذا ارتكب معقية ال شبهة عنده أرا معقية ويفعلها جراءة علىل اهلل‬
‫مل تقبل شهادته‪ ،‬وهذا إنام قال ذلك ملا ثبلت ملن تغللين حكلم اإلسلاءة عملد ًا ورفيلف‬
‫حكمها غلط ًا وخط ًت إذ ال يوجد من يفعل الطاعة وال خيلطها بمعقية خطت كام يف (خلرب)‬

‫‪-216-‬‬
‫وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما منا إال ملن عىصل أو هلم بمعقلية إال‬
‫حييى بن قكريا)) فلهذا فرق املؤيد باهلل بني العمد وغريه‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬حيكم بشهادة اليهود بعضهم عىل بعض‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه كان حيكم بني أهل الكتاب بشهادة بعضهم عىل‬
‫بعض ويستحلفهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم رج ً‬
‫ال وامرأة قنيلا ملن اليهلود‬
‫بشهادة أربعة منهم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه تقبل شهادة أهل الكتاب بعضهم عىل بعض‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن القحابة ملا اختلفوا يف حكم امللوس قال عمر‪ :‬كيف أصنع بقوم ال‬
‫كتاب هلم؟ قال عبدالرمحن بن عوف‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪:‬‬
‫((سنوا هبم سنة أهل الكتاب غري ناكحي نسائهم‪ ،‬وال آكيل ذبلائحهم)) دل ذللك علىل أن‬
‫امللوس ليسوا بتهلل كتلاب‪ ،‬وعلىل أن أحكلامهم أحكلام أهلل الكتلاب إال يف النكلا‪،‬‬
‫والذبيحة‪.‬‬
‫(خرب) وروى حذيفة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أجاق شلهادة القابللة‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه جيوق قبول شهادة امرأة واحلدة فليام ال يطللع عليله الرجلال ملن اسلتهالل‬
‫املولود‪ ،‬وأمراض الفروج ونحو ذللك‪ ،‬وهلو اللذي نلص عليله حييلى عليله السلالم يف‬
‫اجلامعني وهو املروي عن عيل عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وعن الزهري قال‪ :‬مضت السنة ملن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫‪.‬‬ ‫وافليفتني من بعده أال جتوق شهادة النساء يف احلدود والققا‬
‫ال‬ ‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال تقبل شهادة النساء يف احلدود والققلا‬
‫مع الرجال وال وحدهن‪ ،‬دل ذلك عىل أن شهادهتن ال تقبل يف ذلك‪.‬‬

‫‪-217-‬‬
‫باب الشهادة على الشهادة‬
‫‪،‬‬ ‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال تقبل شهادة عىل شهادة يف حد وال ققلا‬
‫رواه قبد ين عيل عليه السالم عنه؛ وألن طريق إثبات الشهادة عىل الشلهادة اإلمجلاع وال‬
‫إمجاع إال يف األموال دون احلدود والققا ‪ ،‬فوجب أن يكلون جواقهلا مققلور ًا علىل‬
‫األموال‪ ،‬وقوله تعاىل‪[}     { :‬البقرة‪ ،]282:‬ومل يفقل‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه جيوق شهادة رجل وامرأتني عىل شهادة رجلني وأن يشهد رجالن عىل شهادة‬
‫رجل وامرأتني‪ ،‬وإذا ثبت ذلك فاعلم أن الشهادة ال جتوق إال لعذر نحو أن يكون املشهود‬
‫ال أو خائف ًا وال يمكنه حضور جملس احلكم‪ ،‬نص عىل مجيع هلذا‬‫عىل شهادته غائب ًا أو علي ً‬
‫املعنى يف (املنتخب) وكذلك إذا كان شاهد األصل ميتل ًا‪ ،‬فلدل عليله كلالم حييلى عليله‬
‫السالم ذكره أبوطالب‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل‪ ،‬وعيل بن بالل يف مقدار الغيبة التي جيلوق معهلا‬
‫الشهادة عىل الشهادة أربعة فراسخ ررجي ًا عىل أصل القاسم وحييى عليهام السالم‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬وهذا صحيح‪ ،‬وعند املؤيد باهلل جيب أن يكون شهود األصلل فلوق‬
‫مسرية يوم‪.‬‬

‫‪-218-‬‬
‫باب اختالف الشهادات‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لن يغلب عرسل يرسلين)) رواه‬
‫احلسن وقتادة‪.‬‬
‫(خرب) يف رواية احلسن أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬أتاكم اليرس أتاكم اليرسل))‬

‫فكانوا يقولون‪ :‬ال يغلب عرس واحد يرسين؛ ألرم محلوا قلول اهلل تعلاىل‪  { :‬‬

‫‪[      ‬الشالر‪ ،]6-5::‬عىل أن العرس إن ثني فهو واحلد؛ ألن الثلاين هلو‬
‫األول؛ ألنه كالعهد الذي يوجب رصف افطلاب إىل املعهلود‪ ،‬فلدل ذللك علىل أن كلل‬
‫أقر بعرشة فهام نكرتان فكتنه قال‪:‬‬
‫أقر بعرشة ثم ّ‬
‫نكرتني تكررتا تكرر معنامها فعىل هذا إذا ّ‬
‫عيل عرشون بخالف ما إذا قال‪ :‬عيل العرشة‪ ،‬ثم قال‪ :‬عيل العرشة؛ ألن العرشة األخلرى‬
‫ّ‬
‫ترجع إىل العرشة األوىل‪ ،‬فكتنه قال‪ :‬عيل العرشة‪.‬‬

‫‪-219-‬‬
‫باب ما يبطل الشهادة وما ال يبطلها‬
‫قوله تعاىل‪[}     { :‬الزخرف‪ ،]86:‬وقوله‪   { :‬‬

‫‪.}‬‬
‫وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن عرفت مثل هذه الشمس فاشهد وإال فدع)) يدل‬
‫عيل بام تسمعه مني ثم سمع منله إقلرار ًا بحلق‬ ‫ذلك عىل أن رج ً‬
‫ال لو قال لرجل‪ :‬ال تشهد ّ‬
‫بغري جاق أن يشهد به‪ ،‬نص عليه يف (املنتخب)‪.‬‬
‫(خرب) وأما قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬خري أمتي القرن الذي بعثت فيهم‪،‬‬
‫ثم الذين يلورم‪ ،‬ثم الذين يلورم حتى ينشت قوم يشهدون وال يستشهدون وينذرون وال‬
‫يوفون)) فاملراد به من يشهد بام ال يعلم؛ ألن األغلب أن الشاهد إنام يعلم عند االستشلهاد‬
‫وحيتمل أرم ال يستشهدون لعظم جرمهم وفسقهم فيكون قوله‪(( :‬وال يستشهدون)) ذمل ًا‬
‫هلم كام ذمهلم بقولله‪(( :‬وينلذرون وال يوفلون)) وقولله تعلاىل‪     { :‬‬

‫ال أو حمرض ًا بخطه وختمه‬


‫‪[}‬اإلسراء‪ ،]36:‬يدل عىل أن القايض إذا وجد يف ديوانه سل ً‬
‫مل جيز أن حيكم به ألجل افط إال أن يذكره‪.‬‬

‫‪-220-‬‬
-221-
‫كتاب الوكاالت‬

‫األصل يف جواقها الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقوله تعاىل يف ققة أصلحاب أهلل الكهلف‪  { :‬‬

‫‪[}  ‬الكهالف‪ ،]19:‬وقوله يف ققة يوسف‪     { :‬‬

‫‪[}  ‬يوسف‪ ،]55:‬وهذا رضب من التوكيل‪ ،‬وقوله تعاىل‪  { :‬‬

‫‪[}  ‬يوسف‪ ]62:‬وهذا توكيل هلم‪.‬‬


‫وأما السنة فام روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر عروة البارقي وحكليم بلن‬
‫حزام باشًاء األضحية له‪ ،‬ووكّل عمرو بن أمية الضمري يتزوج له أم حبيبة وهي رمللة‬
‫بنت أيب سفيان‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر (خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم ّ‬
‫وكل عقلي ً‬
‫ال بخقلوماته‬
‫له فيل وماق ي عليله فعليل‪ ،‬رواه قيلد بلن‬ ‫فلام كرب وكل عبداهلل بن جعفر‪ ،‬وقال‪ :‬ما ق‬
‫عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم‪ ،‬دل عىل أن كل ما يقح من املوكل أن يقوم‬
‫به ويستوفيه بنفسه جاق أن يوكل فيه‪ ،‬وما ال يقح أن يستوفيه بنفسه ويقوم بله مل جيلز أن‬
‫يوكل فيه‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وال خالف يف جواق التوكيل يف افقومات والبيع والرشاء‪ ،‬والقبض‪،‬‬
‫والنكا‪ ،،‬والطالق‪ ،‬وافلع واإلجارة‪ ،‬وجيوق التوكيل يف إخراج الزكاة‪.‬‬
‫أما القالة والقيام فال جيوق النيابة فيهام‪ ،‬وأما احل فقد تقدم الكالم فيه‪.‬‬

‫وأما الطهارة فيلوق أن يقب املاء علىل أعضلائه ويطهرهلا عنلد الرضلورة‪ ،‬وذلكلم‬

‫‪-222-‬‬
‫معاونة ال نيابة‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر عمر بلن أيب سللمة وكلان صلبي ًا‬
‫يتزوي أمه أم سلمة منه‪ ،‬دل ذلك عىل أن القبي إذا كان مميز ًا بفعل البيلع والرشلاء جلاق‬
‫توكيله‪ ،‬وألنه يقح أن يكون متذون ًا كام تقدم (خرب) وهو ما تقدم أن عليل ًا عليله السلالم‬
‫ل لله‬ ‫وكل عقي ً‬
‫ال فلام أسن وكرب وكل عبداهلل بن جعفر فقال‪ :‬ما ق ي عليه فعيل وملا ق‬
‫فيل‪ ،‬فخاصم عبداهلل بن جعفر طلحة بن عبيد اهلل يف ظفري أحدثه متخوذ ملن هلذا املعنلى‬
‫رجع ولو ك لنقل ألن الداعي إىل نقل ذلك واحد‪ ،‬دل عىل جواق التوكيل من غري إذن‬
‫افقم‪ ،‬ودل عىل أنه جيوق وكالة احلارض‪ ،‬وإن مل حيرض بنفسه؛ ألن علي ًا عليه السالم وكل‬
‫يف خقللوماته مللع حضللوره يف اجلهللة‪ ،‬وأخللرب أنلله إنللام يؤكللل فيهللا وال حيرضللها؛ ألن‬
‫افقومات قحم يتقحمها الشيطان ومل خيافه أحد فلرى جمرى امللمع عليه لكونه حلة‪،‬‬
‫والقحم‪ :‬املهالك‪.‬‬
‫(خرب) وهو أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم دفع إىل عروة البارقي دينار ًا وأمره أن يشًي‬
‫شاة‪ ،‬دل ذلك عىل أن من وكل غريه ليشًي له شيأ ًا فعني اجلنس والثمن صحت الوكالة‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعلث جيشل ًا وأملر علليهم قيلد بلن‬
‫حارثة مواله وقال‪(( :‬إن قتل قيد فتمريكم جعفر‪ ،‬فإن قتلل جعفلر فلتمريكم عبلداهلل بلن‬
‫رواحة)) دل ذلك عىل أنه لو قال‪ :‬إذا جلاء رأس الشلهر فقلد وكلتلك بكلذا صلح ذللك‬
‫التوكيل؛ وذلك ألنه أذن يف الترصف يف املال فلاق تعليقه برش كالوصية واإلمارة‪.‬‬
‫(خرب) وروى ثوبان موىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬رأس الدين النقيحة)) قلنا‪ :‬يا رسلول اهلل مللن؟ قلال‪(( :‬هلل ولرسلوله‬
‫ولكتابه وألئمة املسلمني وللمسلمني عامة)) دل ذلك عىل أن الوكيل إذا تعلقلت وكالتله‬
‫بتمرين‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬فيه نظر للموكل وجب عىل الوكيل أن ينظر ما فيه احلن واملقلحة للموكلل؛‬

‫‪-223-‬‬
‫ألن ليس من النقح أن يً ذلك‪ ،‬ودل هذا افرب (خرب) وهو قوله صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬ال رضر وال رضار يف اإلسالم)) عىل أنه إذا كان يف بعلض ملا وكلله فيله إرضار‬
‫باملوكل مما مل جير به العرف ومل يلزمه احلكم مل يقح ترصفه فيه ومل يكن فيله وكاللة‪ ،‬فلدل‬
‫ذلك عىل أن إقرار الوكيل عىل املوكل ال يقح؛ ألن يف ذللك رضر ًا حاصلالً‪ ،‬وألنله إنلام‬
‫وكله لدفع احللة وإسقا احلق إذ لو كان غرضه اإلقرار بله مللا احتلاج إىل توكيلل غلريه‬
‫بذلك وال أتى به من نفسه وهذا واضح واحلمدهلل‪.‬‬
‫(خرب) وما روي أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم دفلع إىل علروة البلارقي دينلار ًا‬
‫ليشًي به شاة فاشًى شاتني فباع إحدامها بدينار وأتى النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫بشاة ودينار فدعا له بالربكة فكان لو اشًى الًاب لربح فيه‪ ،‬دل ذلك عىل أنه لو وكله أن‬
‫يشًي له عبد ًا أو هبيمة بامئة وأعطاه املائة فاشًى ما وكله فيه بنقف ما أعطاه ورد إليله‬
‫الباقي صح ذلك؛ ألنه قاد خري ًا‪.‬‬

‫‪-224-‬‬
‫كتاب الكفالة بالبدن‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اللزعيم غلارم)) واللزعيم هلو‬
‫الكفيل فاقت أن كل قعيم يغرم ما صار قعي ًام فيه وهو حيتملل الكفاللة بلالنفس وامللال‬
‫فيحمل عليهام‪ ،‬وقال تعاىل حاكي ًا عن يعقوب عليه السالم‪ :‬قلال {‪   ‬‬

‫‪[}      ‬يوسف‪ ]66:‬وهذه كفالة بالنفس‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن رج ً‬
‫ال كفل لرجل بنفس‬
‫رجل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه عليه السالم طلب الكفيل عن ابن عمر حني استتجله فتكفلت به أم‬
‫كلثوم ابنته‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه خرج فسمع رج ً‬
‫ال وهو يؤذن وهو يقول‪ :‬أشهد أن‬
‫مسيلمة رسول اهلل‪ ،‬قال‪ :‬فكذبت سمعي ووقفت حتى سمعت أصحابه يرصخون بذلك‬
‫فرجعت وبعثت إليه فتحرضته وقلت‪ :‬سمعت ما سلمعت ملا فعلل القلرآن؟ قلال‪ :‬إنلام‬
‫أتقيكم به‪ ،‬فتمر برضب رقبته ثم استشار أصحابه فقالوا‪ :‬يستتابون ويكفلون عشلائرهم‪،‬‬
‫فإذا ثبت هذا عن عيل وعبداهلل بن مسعود ومل يثبت عن غريمها خالفه جرى جمرى اإلمجاع‬
‫فيكون حلة‪ ،‬وألن أخذ الكفيل من املدعى عليه قد جرى بله عملل املسللمني ملن أيلام‬
‫القحابة والتابعني إىل يومنا هذا من غري نكري‪.‬‬
‫(خرب) وعن جابر قال‪ :‬صليت مع عبداهلل بن مسعود الغداة فلام سلم قام رجل فحمد‬
‫اهلل وأثنى عليه وقال‪ :‬أما بعد‪ ..‬فواهلل لقلد بلت البارحلة وملا يف نفيسل أحنلة وإن كنلت‬
‫استطرقت رج ً‬
‫ال من بني حنيفة وكان أمرين أن آتيه بغلس فانتهيت إىل مسلد بني حنيفلة‬
‫مسلد عبداهلل بن النواحة فسمعت مؤذرم يشهد أن ال إله إال اهلل وأن مسيلمة رسول اهلل‬
‫فكذبت سمعي وكففت فريش حتى سمعت أهل املسللد قلد تواطلؤا علىل ذللك فقلال‬

‫‪-225-‬‬
‫عبداهلل بن مسعود‪ :‬عيل بعبداهلل بن النواحة فحرض واعًف‪ ،‬فقال له عبداهلل‪ :‬أين ما كنت‬
‫فحلز‬
‫ّ‬ ‫تقرأ من القرآن؟ قال‪ :‬كنت أتقيكم به‪ ،‬قال له‪ :‬تب‪ ،‬فتبى فتمر به فتخرج إىل السوق‬
‫رأسه‪ ،‬ثم شاور أصحاب حممد صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بقيلة القلوم فقلال علدي بلن‬
‫حاتم‪ :‬ثؤلول كفر قد أطلع رأسه فتحسمه‪ ،‬وقال جابر بن عبداهلل‪ ،‬واألشعث بلن قليس‪:‬‬
‫استتبهم فإن تابوا فكفلهم عشائرهم فاستتاهبم فتابوا وكفلهم عشائرهم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال كفالة يف حد)) دل عىل أنله ال‬
‫تقح الكفالة يف احلدود‪.‬‬

‫‪-226-‬‬
‫باب الكفالة بالمال وضمانه‬
‫ال خالف يف صحة الضامن واألصل فيه‪.‬‬

‫(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬الزعيم غارم)) والزعيم هو الكفيل وهو‬
‫حيتمل الكفالة بالنفس واملال‪ ،‬فوجب محله عليهام؛ ألنه جيب محل كلالم احلكليم علىل ملا‬
‫أمكن من الفوائد‪ ،‬وكذلك قول اهلل تعلاىل‪      { :‬‬

‫‪[          ‬يوسف‪ ،]72:‬والزعيم هو الكفيلل كلام‬
‫تقدم‪.‬‬
‫(خرب) وعن جابر قال مات منا رجل فغسلناه وكفناه ووضلعناه لرسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم حيث توضع اجلنائز ثم آذنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فللاء‬
‫معنا خطا ثم قال‪(( :‬لعل عىل صاحبكم دين ًا)) قالوا‪ :‬نعم ديناران‪ ،‬فتخلف فقال لله رجلل‬
‫منا يقال له أبو قتادة‪ :‬يا رسول اهلل مها عيل فلعل رسول اهلل يستوثق عىل أيب قتادة ويقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫فقلىل عليله‬ ‫مها عليك ويف مالك وحق الرجل عليك وامليت منهام بلريء‪ ..‬قلال‪ :‬نعلم‪.‬‬
‫فلعل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول‪ :‬ما صنعت يف الدينارين حتى كان‬
‫آخر ذلك قال‪ :‬قد قضيتهام يا رسول اهلل‪ ،‬فقال‪(( :‬اآلن بردت عليه جلدته))‪.‬‬
‫(خرب) وكذلك أجاق صىل اهلل عليه وآله وسلم ضامن عيل عليه السالم عن امليت الذي‬
‫كان عليه دين إذ قال‪ :‬هل عىل صاحبكم من دين؟ قالوا‪ :‬نعم درمهان‪ ،‬فامتنع من القلالة‬
‫عليه‪ ،‬فقال عيل عليه السالم‪ :‬مها عيل يا رسول اهلل‪ ،‬فلام ضمنه عيل عليه السالم صىل عليه‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ويف خرب آخر أنه ستل علي ًا عليه السالم بعلد ذللك‪:‬‬
‫أقضيت دين أخيك؟ فال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪(( :‬اآلن بردت عليه جلدته)) وقد قيل‪ :‬مل يقلل عليله‬
‫تعظي ًام ألمر الدين واملظامل‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إنه صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يكن يقيل عىل أحلد‬
‫عليه دين وربام فعل ذلك حث ًا للناس عىل قضاء ديورم‪ ،‬وقيل‪ :‬مل يقل عليله؛ ألنله لليس‬

‫‪-227-‬‬
‫ومن‬ ‫بتهل للقالة‪ ،‬ولكن يف صالة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من االختقا‬
‫السكينة ومن الرمحة ما ليس يف صالة غريه فلم يقل هو وأمر غريه بالقلالة عليله‪ ،‬فللام‬
‫ضمن عيل عليه السالم دينه صىل بنفسه صىل اهلل عليه وآلله وسللم وقلد روي أنله قلال‪:‬‬
‫((ص ّلوا عىل صاحبكم)) وقيل‪ :‬حيتمل أن ذلك القدر مل يكن فسق ًا؛ ألنه مل يثبت أنه ماطلله‬
‫وال أنه كثري فلذلك صىل عليه‪.‬‬

‫(خرب) وعن َقبم َ‬


‫يقة بن ةارق اهلالَّ قال‪ :‬حتملت محالة فلأت إىل رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أطلب منه فيها فقال‪(( :‬أقم حتى تتتينا القدقة فآمر لك هبا‪ ،‬ثم قلال‪ :‬يلا‬
‫قبيقة‪ :‬إن املستلة ال حتل إال ألحد ثالثة‪ :‬رجل حتمل محالة فحلت له املستلة حتى يؤدهيا‪،‬‬
‫ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله‪ ،‬ورجل أصابته فاقة وما سواهن من املستلة سحت‬
‫يتكلها صاحبها سحت ًا)) واحلاملة والضامنة واحد‪ ،‬دلت هذه األخبار علىل صلحة الضلامنة‬
‫عن احلي وعن امليت‪ ،‬وأرا تقح تربع ًا من دون إذن املضمون عنه‪ ،‬وأن املضمون عنله ال‬
‫يربأ بملرد الضامنة بل لقاحب الدين مطالبة املضمون عليه ومطالبة الضامن‪ ،‬وهللذا مللا‬
‫أبو قتادة عن امليت فقال صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬اآلن بلردت جلداتله)) وَّ يف‬ ‫ق‬
‫ك وكلون‬ ‫افربين األولني نظر؛ ألن امليت قد ختم له عند موته بام ختم له به من خلري أو ّ‬
‫الدين عليه ال يقد‪ ،‬يف كونه مؤمن ًا إذا أكثر ما يف وسعه أن يوذ به إذا مل يتمكن من أدائه‪،‬‬
‫وقد مات النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وعليه ثالثون صاع ًا من شلعري وملات احلسلني‬
‫السبط بن عيل بن أيب طالب عليه السالم وعليه سبعون ألف دينار ذكره حييى بن احلسلني‬
‫العقيقي رمحه اهلل فقضاها عنه ولده قين العابدين عليه السالم بلاع مضلياع ًا هبلا‪ ،‬وكلذلك‬
‫احلسني بن عيل الفخي عليه السالم مات عن مائة لف فقضاها حييى بن عبداهلل بن احلسن‬
‫عليه السالم وغريهم من القاحلني كثري غري قليل‪ ،‬فهذا حكمه إن كان ملات مؤمنل ًا وإن‬
‫كان مات فاسق ًا وأخل بوصيته ومل يو بام عليه فقد مات ميتة جاهلية‪.‬‬
‫(خرب) كام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من مات عىل غري وصية‬
‫مات ميتة جاهلية)) فإذا كان كذلك مل خيرج بفعل غريه من سمة الفسلق ومل يلدخل اجلنلة‬

‫‪-228-‬‬
‫بنا ًء عىل مذهبنا يف الوعيد‪.‬‬

‫‪-229-‬‬
‫باب الحوالة‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬إذا أحيلل أحلدكم علىل غنلي‬
‫فليحتل)) رواه أبو هريرة‪ ،‬وروي‪(( :‬إذا أحيل أحدكم عىل ميل فليتبلع)) دل افلربان علىل‬
‫جواق احلوالة وعىل صحتها‪ ،‬وعىل أنه ليس من ك صلحتها رىض املحلال عليله؛ ألنله‬
‫أطلق صىل اهلل عليه وآله وسلم ومل يشً رضاه‪ ،‬وإنام الذي يعترب رىض املحيل واملحتال‬
‫صحت احلوالة وانتقل املال من املحيل إىل املحال عليه وبرس املحيل‪.‬‬
‫فإذا رضيا بذلك ّ‬
‫(خرب) وروي أن جد سعيد بن املسيب كان له عىل عيل حلق فسلتله أن حييلل لله علىل‬
‫رجل كان له عليه السالم حق عليه ففعل ومل يقل إىل حقه فللاء إىل عليل عليله السلالم‬
‫فتخربه بذلك‪ ،‬فقال له عيل عليه السالم‪ :‬اخًت علينا غرينا أبعلد اهلل‪ ،‬وذللك يف أيلام‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدل ذلك عىل أن انتقاله كان معلوم ًا مقرر ًا‪.‬‬

‫‪-230-‬‬
-231-
‫كتاب التفليس‬

‫باب الحبس‬
‫(خرب) وروي أن أناس ًا من أهل احللاق اقتتلوا بينهم قتي ً‬
‫ال فبعث إليهم رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم فحبسهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس رج ً‬
‫ال يف هتمة‪.‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬مطل الغني ظلم)) فإذا جاق حبسه يف‬
‫التهمة ففي الظلم أجوق‪.‬‬
‫ال أعتق شقق ًا له يف مملو حتى‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس رج ً‬
‫باع غنيمة له‪.‬‬

‫وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه كان حيبس يف النفقلة‪،‬‬
‫ويف الدين‪ ،‬والققا ‪ ،‬واحلدود‪ ،‬ويف مجيع احلقوق‪ ،‬واحللبس يف احلقلوق مملا جيلري بله‬
‫عمل املسلمني من لدن القحابة إىل يومنا هذا قد أطبقوا عليه قوالً وفعالً‪ ،‬دل ذلك علىل‬
‫أنه إذا ثبت احلق عىل رجل لغريه واهتم بالغنا وأنكر فإنه حيبس حتى ينكشف حاله ويتبني‬
‫أمره؛ ألنه مل يرو عن أحد من السلف أنه طالب من ثبت له احلق عىل غريمه بإقاملة البينلة‬
‫عىل أنه موي‪ ،‬فإذا ثبت حبسه فمدة احلبس غري مؤقتة وإنام هي مقدار ما ينكشلف أملره‬
‫ويتبني حاله‪ ،‬وقول اهلل تعلاىل‪[}      { :‬البقالرة‪ ،]280:‬يلدل‬
‫عىل أن الغريم إذا ثبت إعساره عند احلاكم بالبينة العادلة فإنله حيلال بينله وبلني غرمائله‪،‬‬

‫‪-232-‬‬
‫ويمنع احلاكم غرماءه عن مالقمته؛ ألن اهلل تعاىل قد أنظره إىل وقت يساره‪.‬‬

‫فتما خرب قياد بن حبيب عن أبيه قال‪ :‬أتيت النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم بغلريم‬
‫فقال‪(( :‬إلزمه)) فليس فيه أن احلاكم قد حكم بإعساره وهو موضع النزاع مع أنه معارض‬
‫هبذه اآلية‪.‬‬

‫‪-233-‬‬
‫باب ذكر من أفلس‬
‫والسلعة املشًاة قائمة بعينها (خرب) وروى سمرة بن جندب قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من وجد متاعه عند مفلس فهو أحق به))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق حييى بن احلسني عليه السالم علن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أدر ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غريه))‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي أيض ًا عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أيام رجل ملات أو‬
‫أفلس فقاحب املتاع أوىل باملتاع إذا وجد بعينه))‪.‬‬
‫ٍ‬
‫امرس أفللس ثلم وجلد‬ ‫(خرب) وعن أيب هريرة أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬أيام‬
‫رجل سلعته عنده بعينها فهو أوىل هبا من غريه)) وروي‪(( :‬إذا أفلس الرجل وعنده سللعة‬
‫قائمة بعينها لرجل فهو أوىل هبا من غريه)) وروي‪(( :‬إذا أفلس الرجل وعنده سلعة قائملة‬
‫بعينها لرجل وعليه دين فهو أحق هبا من الغرماء))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب هريرة أيض ًا أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إذا باع الرجل السلعة‬
‫وأفلس مشًهيا فوجدها البايع بعينها ومل يقبض من ثمنهلا يشء فهلي لله‪ ،‬وإن كلان قلد‬
‫قبض من ثمنها شيأ ًا فهو أسوة الغرماء)) دل ذلك عىل أن من اشًى سلعة ثم أفلس قبلل‬
‫توفري ثمنها والسلعة قائمة بعينها كان البائع أوىل هبا بتخذها بزيادهتلا ونققلارا إن شلاء‪،‬‬
‫وإن شاء كان أسوة الغرماء‪ ،‬هذا قول حييى عليله السلالم ومعنلى قولنلا‪ :‬إنله أفللس أنله‬
‫أنكشف أن ماله ال يفيء بديونه؛ إذ املفلس من عليه ديون ال يفيء ماله هبا‪ ،‬والقلول بتنله‬
‫أوىل بالسلعة مروي عن عيل عليه السالم وعثامن وال ةالف هلام يف القحابة فكان حللة‬
‫كاإلمجاع‪ ،‬وعند قيد بن عيل هو أسوة الغرماء‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ملن ملات أو‬

‫‪-234-‬‬
‫أفلس فقاحب املتاع أحق بمتاعه إذا وجد بعينه)) دل ذلك عىل أنه ال فرق بني أن يكلون‬
‫املشًي حي ًا وبني أن يموت مفلس ًا يف أن البائع أوىل بالسلعة‪.‬‬

‫‪-235-‬‬
‫باب احلجر على املفلس‬
‫(خرب) وروى كعب بن مالك أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حلر عىل معلاذ‬
‫وباع عليه ماله‪ ،‬دل ذلك عىل أن من عليه دين يقرص ماله عنه فإن احلاكم حيلر عليه‪ ،‬وقد‬
‫روي افرب عن عيل عليه السالم وعن مجاعة من القحابة ومل يرو عن أحد منهم إنكاره‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم باع عىل معاذ ماله للدين‪.‬‬
‫(خرب) وروى عبدالرمحن بن كعب بن مالك قال‪ :‬كان معاذ بلن جبلل أفضلل شلباب‬
‫قومه‪ ،‬ومل يكن يمسك شيأ ًا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله يف الدين فكلم النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم غرماؤه فلو تر أحد من أجل أحد لًكوا معلاذ ًا ملن أجلل رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فباع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مالله حتلى قلام بغلري‬
‫يشء‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عمر يف ققة أسيفع‪ :‬من كلان لله ديلن فليحرضل فإنلا بلايعو مالله‬
‫م‬
‫وقاس ُموه بني غرمائه‪ ،‬ومل يرو خالفه فكان حلة كاإلمجاع وال خالف أنه ال يباع عليه ملا‬
‫حيتاج إليه وال يستغني عنه لنفسه من كسوة أو طعام لقوته وعياله دليله (خرب) وهو قولله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أبدأ بنفسك ثم بعيالك)) دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه حلر عىل معاذ فقال لغرمائه بعد‬
‫ما باع ماله والتموسا منه صىل اهلل عليه وآله وسلم معاذ منهم‪(( :‬خذوا ما معكم وملالكم‬
‫غريه)) وروي‪(( :‬ال سبيل لكم عليه)) دل عىل أن املفلس إذا باع احلاكم ماله فإنه ال جيوق أن‬
‫يؤجر للغرماء‪.‬‬

‫‪-236-‬‬
-237-
‫كتاب الصلـح‬

‫األصل يف جواقه الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقول اهلل تعاىل‪          { :‬‬

‫‪[}      ‬النساء‪ ،]128:‬وقوله تعاىل‪   { :‬‬

‫‪[}            ‬النسالالالالالالالالالاء‪،]35:‬‬
‫وقوله تعاىل‪[}     { :‬الحجرات‪ ،]10:‬وقوله عز قائالً‪:‬‬
‫{‪              ‬‬

‫‪[}‬النساء‪.]114:‬‬

‫وأما السنة فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬القللح جلائز بلني‬
‫املسلمني إال صلح ًا أحل حرام ًا أو حرم حرام ًا‪ ،‬واملسلمون عند كوطهم إال كط ًا حرم‬
‫حالالً أو أحل حرام ًا))‪.‬‬
‫أما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه‪ ،‬دل ذلك عىل جواق القلح يف احلقلوق واألملوال‬
‫من الديون والدماء‪ ،‬والديات‪ ،‬وسائر احلقوق بلني البلالغني ملن الرجلال والنسلاء‪ ،‬بلني‬
‫رضه ويمنع الرشع منه‪ ،‬وما ذكرناه أوالً من أن‬
‫حي ُ ُ‬
‫املسلمني والذميني إذا مل يدخل فيه وجه َ ْ‬
‫القلم رفع عن ثالثة يدل عىل أن القلح ال يقح من امللنون والقلبي‪ ،‬وقولله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬أحل حرام ًا أو حرم حالالً)) نحو أن يقالح عىل وجه يتضمن الرباء‪،‬‬
‫ونحو أن يقالح عن موقون أو مكيل عىل يشء من جنسله إىل أجلل‪ ،‬أو علىل أن يمكلن‬
‫افقم من و ء جاريته مدة‪ ،‬أو عىل أن ال يترصف يف ملكه مدة‪ ،‬أو عىل أن ال يطت امرأته‬

‫‪-238-‬‬
‫أو جاريته وما أشبه ذلك‪ ،‬دل عىل أن ذلك ال جيلوق وهلو إمجلاع أيضل ًا‪ ،‬وأملا ملا ينتقلل‬
‫بالقلح من التحريم إىل التحليل أو من التحليل إىل التحريم وال يمنع من الرشع فللائز‪،‬‬
‫نحو أن يقالح عىل دار بلارية؛ ألن ذلك يف معنى البيع فينتقل به حتريم و ء اجلارية عىل‬
‫األجنبي إىل التحليل‪ ،‬وينتقل به حتليل وطأها لقاحبها األول بعد مقاحلة خقمه عليهلا‬
‫إىل التحريم‪ ،‬ويدخل يف ذلك القلح عىل وجه اإلنكار نحو أن يدعي رجل عىل رجل دين ًا‬
‫فينكره ثم يقاحله عىل يشء يدفعه إليه مع إنكاره فإنه ال يقح مع اإلنكار كالبيع‪ ،‬ويدخل‬
‫يف ذلك القلح يف احلدود واألنساب فإنه ال جيوق؛ ألنه ال خيلو إما أن يقع عىل اإلثبات أو‬
‫عىل النفي فإن كان عىل اإلثبات مل جيز؛ ألن فيه حتليل ما حرم اهلل تعاىل؛ ألنله تعلاىل حلرم‬
‫إثبات نسب غري ثابت وإثبات حد غري ثابت‪ ،‬وإن كان عىل النفي مل جيز؛ ألن فيه حتريم ما‬
‫أحل اهلل تعاىل؛ ألنه تعاىل قد أوجب إقامة كل حد ثابت وألزم إثبات كل نسب ثابت‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن كعب بن مالك القم غري ًام له يف املسلد فقال له النبي صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬خذ النقف)) فريض بذلك فدل ذلك عىل أن من ادعى شيأ ًا فقولح عىل ما‬
‫دونه صح القلح‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دفع إىل عيل عليه السالم ملاالً وبعثله‬
‫إىل بني جذيمة حني قتل خالد بن الوليد القتىل منهم بغري حق‪ ،‬وذلك أن رسول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم بعثه إىل أهل الغميقاء وهم بنو جذيمة داعي ًا ومل يبعثه مقات ً‬
‫ال فحملوا‬
‫السال‪ ،‬فقال‪ :‬إن الناس قد أسلموا فوضعوا السال‪ ،‬فلام متكن منهم قتل مقاتليهم وسبى‬
‫ذرا رهيم قيل‪ :‬إنه قتل مخسامئة‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالثامئة‪ ،‬وكان بينه وبينلنهم يف اجلاهليلة يشء‪ ،‬فللام‬
‫بل ذلك رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قام قائ ًام ثم رفع يديه حتى رأى بياض أبطيه‬
‫وقال‪(( :‬اللهم إين أبرأ إليك مما صنع خالد)) ثم أمر عيل عليه السلالم فلوداهم حتلى أنله‬
‫ليدي َم ْي َل َغة الكلب وبقي من املال بقية‪.‬‬
‫روي عن عيل بن موسى الريض عليه السالم أنه قال‪ :‬هي مخسامئة فقاحلهم هبلا عليل‬
‫عليه السالم عام ال يعلم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وال يعلمون‪ ،‬ثم جاء فلتخرب‬

‫‪-239-‬‬
‫بذلك النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬ما يرسين أو أن َّ هبا محر اللنعم)) دل ذللك‬
‫عىل جواق القلح باملعلوم عن املحهول وهو الذي صلححه السليدان أبلو العبلاس وأبلو‬
‫طالب عىل مذهب حييى عليه السالم وهو اختيار املؤيد باهلل لنفسه‪َ ،‬‬
‫وخرج املؤيد باهلل عىل‬
‫مذهب حييى عليه السالم أنه ال يقح‪ ،‬وبه قال النارص للحق عليه السالم‪.‬‬

‫‪-240-‬‬
‫باب اإلبراء‬
‫ما قدمناه يف خرب بني جذيمة يدل عىل أن اإلبراء من احلقوق امللهولة صلحيح؛ ألنله‬
‫اشتمل عىل اإلبراء من امللهول عىل مال فيقح من دون مال؛ ألن أحد ًا مل يفقلل بيلنهام‬
‫ذكره أبو طالب‪.‬‬

‫‪-241-‬‬
‫باب اإلكراه‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}   { :‬البقرة‪.]256:‬‬

‫وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع علن أمتلي افطلت والنسليان وملا‬
‫استكرهوا عليه)) واملراد به حكم افطت والنسيان ما أكره عليه اإلنسان‪ ،‬فدل ذلك عىل أن‬
‫كلام يكره عليه اإلنسان من إقرار بيشء‪ ،‬أو طالق أو نكا‪ ،،‬أو حلف بالعتق‪ ،‬أو الطلالق‪،‬‬
‫أو بيع‪ ،‬أو هبة أو عفو عن جناية عىل النفس‪ ،‬أو ما دورا ونحلو ذللك فإنله ال يقلح وال‬
‫يلللزم اإلنسللان حكملله‪ ،‬وقوللله تعللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}‬األنعالالام‪ ،]119:‬وقولللله تعلللاىل‪         { :‬‬

‫‪[}      ‬النحل‪ ،]106:‬دل ذلك عىل أن من أكره عىل‬
‫فعل ما أبا‪ ،‬الرشع فعله عند الرضورة جلاق فعلله عنلد اإلكلراه؛ ألن اإلكلراه نلوع ملن‬
‫الرضورة وهذا نحو اإلفطار يف شهر رمضان وكب افمر‪ ،‬وأما ما ال جيوق فعلله كعل ًا‬
‫عند الرضورة فإنه ال يبيحه اإلكراه كقتل من ال حيل قتله أو قطع عضو من أعضائه‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك فإنه ال يبيحه اإلكراه‪ ،‬واختلف السيدان األخوان يف أخذ مال املسلم عند اإلكراه هل‬
‫جيوق أم ال؟ فمنع السيد أبو طالب‪ ،‬وأجاقه السيد املؤيد باهلل فإنله ذكلر يف مجاعلة خلافوا‬
‫الغرق ويف السفينة أموال الناس جاق إلقلاء ذللك يف البحلر برشل الضلامن وهلو األوىل‬
‫عندنا؛ ألنه قد أبيح للمضطر عند خشيته من اجلوع أن يتناول من مال الغري القلدر اللذي‬
‫يسد به حاجته دون الشبع لرش الضامن‪ ،‬فإذا جاق ذلك يف الرشع جاق ذلك عند اإلكلراه‬
‫ويقح إكراه املرأة عىل الزنا؛ ألرا ال حتتاج إىل أكثر من التمكني وإذا قنت‬
‫ّ‬ ‫كام تقدم حتقيقه‬
‫مكرهة فال خالف يف أنه ال جيب عليها احلد‪ ،‬واختلفوا يف الرجل هل يقح إكراهله علىل‬
‫الزنا؟ فذكر بعضهم أنه ال يقح‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وهذا بعيد؛ ألن الرجل قد يشتهي الزنا وإنام يكرهه ألجل الرشع‪ ،‬فلإذا‬

‫‪-242-‬‬
‫أكره عليه مل يقطع اإلكراه شهوته‪ ،‬واختلفوا يف وجوب احلد عليه إذا قنا مع اإلكراه‪ ،‬فقال‬
‫املؤيد باهلل‪ :‬حيدّ ‪ ،‬وذكر السيد أمحد األقرقي أنه إذا أكرهه سلطان مل حيدّ وظاهر األدلة تدل‬
‫عللىل القللول األول‪ ،‬نحللو قوللله تعللاىل {‪      ‬‬

‫‪[}‬النالور‪ ،]2:‬ومل يفقل‪ ،‬وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬الولد للفلراش وللعلاهر‬
‫احللر)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬البكر بالبكر جلد مائة))‪.‬‬
‫ووجه القول الثاين قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬رفع عن أمتي افطت والنسيان وما‬
‫استكرهوا عليه)) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ادوأرا احلدود بالشبهات)) وال شبهة‬
‫أعظم من اإلكراه‪ ،‬واإلكراه الذي ال جيوق معه فعل ما ال جيوق فعله أن يتوعده من يمكنله‬
‫فعل ما توعد به من قتل أو رضب أو حبس جمحفني بحاله‪ ،‬واملراد بالرضب أن يتوعده مما‬
‫يعلم املكره أنه يؤثر يف نفسه وأن يكون احلبس طوي ً‬
‫ال بحيث ال يلؤثر رضورة يف اللنفس‪،‬‬
‫وكذلك إذا توعده بالقيد مدة تؤثر يف نفسه الرضر‪ ،‬وروي عن عمر أنه قال‪ :‬ليس الرجل‬
‫يتمن عىل نفسه إذا رضبت أو أوثقت أو جوعلت‪ ،‬فلملع بلني الرضلب واإليثلاق وهلو‬
‫احلبس وبني الت لويع‪ ،‬وعن كيح أن القيلد كلره‪ ،‬والسللن كلره‪ ،‬والرضلب كلره‪ ،‬وال‬
‫ةالف هلام يف القحابة‪.‬‬

‫‪-243-‬‬
‫باب السبق والرمي‬
‫(خرب) وعن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سابق بني افيل املضمرة ملن‬
‫احلفيا إىل ثنية الوداع وبني افيل التي مل تضمر من ثنية الوداع إىل مسلد بني قريق‪.‬‬
‫قال سفيان‪ :‬من احلفيا إىل ثنية الوداع من مخسة أميال إىل سلتة‪ ،‬وملن ثنيلة اللوداع إىل‬
‫مسلد بني قريق ميل‪.‬‬

‫(خرب) وروى سلمة بن األكوع قال‪ :‬أتى علينا رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫ونحن نًامى فقال‪َ (( :‬ح ُس َن هذا لعب ًا ارموا يا بني إسامعيل فإن أبلاكم كلان راميل ًا ارملوا‬
‫وأنا مع ابن األكوع)) فكف القوم أيدهيم وقسيهم وقالوا‪ :‬غلب يلا رسلول اهلل ملن كنلت‬
‫معه‪ ،‬فقال‪(( :‬ارموا وأنا معكم مجيع ًا))‪.‬‬
‫(خرب) وروى عقبة قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقلول‪(( :‬ارملوا‬
‫إَّ من أن تركبوا وليس من اللهو إال ثالثة مالعبة الرجل أهله‬
‫واركبوا وألن ترموا أحب ّ‬
‫وتتديبه فرسه‪ ،‬ورميه بقوسه‪ ،‬ومن علمه اهلل الرمي فًكه رغبة عنه فنعمة كفرها‪ ،‬وأن اهلل‬
‫ليدخل بالسهم الواحد ثالثة اجلنة صانعه املحتسب فيه افري‪ ،‬والرامي‪ ،‬ومنبله))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كانت له ناقة يقال هلا‪ :‬العضلباء‬
‫ال تسبق فلاء أعرايب عىل قعود له فسبقها فشق عىل املسلمني فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل سلبقت‬
‫العضباء؟ فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنه حق علىل اهلل أن ال يرتفلع ملن‬
‫هذه القذرة يشء إال وضعه اهلل)) ورواية أخرى ((حق عىل اهلل أن ال يرفلع يشء ملن هلذه‬
‫الدنيا إال وضعه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه ُسأل عثامن‪ :‬أكنتم تراهنون عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬رهن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل فرس له فلاءت سلابقه‬

‫‪-244-‬‬
‫فهش لذلك وأعلبه‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب هريرة أنه صىل اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬ال سلبق إال يف‬
‫خف أو ن ََض ٍل أو حافر)) والنضل‪ :‬دليل الرمي‪.‬‬
‫(خرب) وعن عقبة عن عامر أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬إال أن القلوة الرملي‬
‫ثالث ًا)) دلت هذه األخبار عىل أن املسابقة عقد جائز غري القم‪ ،‬وكذلك الرمي‪ ،‬وأن السبق‬
‫والرمي مباحان إذا عريا من ك جيعلهام حمظورين‪ ،‬وصورة الرشل اللذي حيظرمهلا أن‬
‫يكون الرش من كل واحد منهام نحو أن يقول كل واحد منهام لقاحبه‪ :‬إن سبق فرسلك‬
‫فريس أو رميت فتصبت اهلدف ومل أصبه فعيل كلذا وكلذا؛ وذللك ألنله يكلون يف حكلم‬
‫القامر؛ ألن القامر ما يوجب أن يكون الفائز بفعله من املقامرين يتخذ املرشو وإن مل يفلز‬
‫أخذ منه‪ ،‬فتحدمها ال ينفك من الغرم أو الغنم‪ ،‬وقد رى اهلل تعاىل علن القلامر بقولله علز‬
‫قلللائالً‪[}        { :‬المائالالالدة‪،]90:‬‬
‫وامليرس هو القامر‪ ،‬فإن كان الرش من أحدمها دون اآلخر ال عىل وجه اللزوم جاق أخذه‪،‬‬
‫أما جواقه فلام قدمنا من األخبار‪ ،‬وأما جواق أخذ املرشو فونه يستحب الوفاء به لقولله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬املؤمنون عنلد كوطهلم)) وكلذلك إذا ك للسلابق ملنهام‬
‫غريمها عوض ًا عن السبق أو اإلصابة جاق أخذه سواء كان من اإلمام أو غريه‪ ،‬أملا اإلملام‬
‫فال خالف أنه جيوق أن خيرج عوض ًا ويقول من سبق أخذه‪ ،‬وعندنا أن غري اإلملام جيلري‬
‫جمراه يف ذلك؛ ألن هذا احلكم مما ال خيتص به األئمة وإن كان النضلال بلالرمي فالبلد أن‬
‫يكون الغرض معلوم ًا يف نفسه يف طوله وعرضه وقدر انخفاضه وارتفاعله ملن األرض؛‬
‫ألن اإلصابة رتلف بإختالفه‪ ،‬وإن كان النضال يف غرض قد صار منقوب ًا معين ًا جاق وإن‬
‫مل يعرف تعيني ذلك فيه‪.‬‬
‫(خرب) وروى عبداهلل بن دينار أنه قال‪ :‬بلغني أن ما بلني اهللدفني روضلة ملن ريلاض‬
‫اجلنة‪ ،‬دل عىل أنه يستحب أن يكون الرمي بني غرضني‪.‬‬

‫(خرب) وعن عقبة بن عامر أنه كان يرمي بني غرضني بينهام أربعامئة ذراع‪ ،‬دل علىل أن‬

‫‪-245-‬‬
‫عقبة كان يستحب البعد فيام بينهام‪ ،‬كام روي عن عمر أنه كان خيتفي بني الغرضني‪ ،‬وكلان‬
‫أنس يرمي بني اهلدفني‪ ،‬دل ذلك عىل أرم كانوا يستحبون ذلك فيام بينهام‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال لعيل‪(( :‬قد جعلت لك هذه السبقة‬
‫بني الناس)) فخرج عيل فدعا ياقة بن مالك فقال‪ :‬يا ياقة إين جعلت إليك ما جعل إَّ‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنقي من هلذه السلبقة يف عنقلك فلإذا أتيلت ا َمل ْيطلآن‬
‫فقف افيل ثم ناد ثالث ًا هل من مقلح لللام أو حامل لغلالم أو طلار‪ ،‬حلملل فلإذا مل‬
‫جيبك أحد فكرب ثالث ًا‪ ،‬ثم خلها عند الثالثة يسعد اهلل بسبقه من يشاء من خلقه‪ ،‬دل عىل أنه‬
‫ينبغي أن ُت ْطلمق الفرسان من مكان واحد يف وقت واحد‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من أجلب عىل افيلل‬
‫يوم الرهان فليس منا)) واجللب ‪-‬بفتح اجليم والالم والباء معلمة بواحلدة ملن أسلفل‪-‬‬
‫ومعنى اجللب قيل‪ :‬أن جيلب الفرس حني يدنوا وحير وراءه الشن يستحث بله السلبق‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬هو أن يتيت السابقان أو أحدمها برجل جيلب عىل فرسه أي يقليح لله ليكلون هلو‬
‫السابق‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه صارع يزيد بن ركانة عىل شاء فرصلعه‬
‫ثم عاد فرصعه ثم عاد فرصعه فتسلم ورد عليه الغنم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيوق الرصاع عىل‬
‫عوض يكون من أحدمها دون اآلخر‪.‬‬

‫وأما الرضب بالقوجلان عىل افيل فكرهه اهلادي عليه السالم وقال‪ :‬ليس فيه إال قتل‬
‫افيل‪ ،‬وجوقه النارص للحق وقال‪ :‬هو رضب من الرياضة‪ ،‬وكان يرضب به‪.‬‬

‫‪-246-‬‬
-247-
‫كتاب آداب القاضي‬

‫واألصل يف القضاء الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أمللا الكتللاب فقوللله تعللاىل‪         { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]106:‬وقوله عز قلائالً‪[}     { :‬المائالدة‪ ،]49:‬وقولله‬
‫تعاىل‪             { :‬‬

‫‪ ،]26::[}  ‬وقولللله تعلللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}     ‬النساء‪.]58:‬‬


‫وأما السن فام روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه بعث علي ًا عليه السالم عىل‬
‫القضاء باليمن‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم قال‪ :‬بعثني رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إىل اليمن فقلت‪ :‬يا رسول اهلل تبعثني وأنلا شلاب العللم َّ‬
‫بالقضاء قال‪ :‬فرضب بيده يف صدري ودعا َّ وقال‪(( :‬اللهم أهد قلبه وثبت لسانه‪ ،‬ولقنه‬
‫القواب‪ ،‬وثبته بالقول الثابت‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عيل إذا جلس بني يديك افقامن فلال تعللل‬
‫بالقضاء بينهام حتى تسمع ما يقول اآلخر‪ ،‬يا عيل ال تقض بني اثنني وأنلت غضلبان‪ ،‬وال‬
‫تقبل هدية ةاصم‪ ،‬وال تضيفه دون خقمه فإن اهلل سيهدي قلبك ويثبت لسانك))‪.‬‬
‫قال عيل عليه السالم‪ :‬فوالذي فلق احلبة وبرأ النسمة ما شككت يف قضاء بعده‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬عليل أعللم‬
‫القوم وأقضاهم))‪.‬‬

‫‪-248-‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬علن عليل عليله السلال أنله قلال‪ :‬أول‬
‫القضاء ما يف كتا ب اهلل‪ ،‬ثم ما قاله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ثم ما أمجلع عليله‬
‫القاحلون‪ ،‬فإن مل يوجد ذلك يف كتاب اهلل وال يف سلنة رسلول اهلل وال يف ملا أمجلع عليله‬
‫القاحلون اجتهد اإلمام يف ذلك احتياط ًا‪ ،‬وال يتلوا‪ ،‬واعترب وقاس األمور بعضها ببعض‪،‬‬
‫فإذا تبني له احلق أمضاه‪ ،‬ولقايض املسلمني من ذلك ما إلمامهم‪ ،‬ويف خرب آخر وللقايض‬
‫ما إلمامهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث معاذ ًا إىل اليمن وقال لله‪ :‬بلامذا‬
‫حتكم؟ قال‪ :‬بكتاب اهلل‪ .‬قال‪ :‬فإن مل جتد يف كتاب اهلل؟ قال‪ :‬بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪ .‬قال‪ :‬فإن مل جتد؟ قال‪ :‬أجتهد رأيي وال آلو‪ .‬فقال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬احلمدهلل الذي وفق رسول رسوله))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬القضلاة ثالثلة‪ :‬واحلد يف‬
‫بام علم فهو يف اجلنة‪ ،‬ورجل عرف احلق فلار‬ ‫اجلنة واثنان يف النار‪ ،‬رجل علم عل ًام فق‬
‫فهو يف النار‪ ،‬ورجل مل يعرف احلق فحكم بني الناس باجلهلل فهلو يف النلار)) وروى هلذا‬
‫افرب اهلادي إىل احلق بإسناده إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بام لفظله‪(( :‬القضلاة‬
‫ثالثة اثنان يف النار وواحد يف اجلنة‪ ،‬فتما الذي يف اجلنة فقاض علم احلق فقضا بله فهلو يف‬
‫اجلنة‪ ،‬وأما القاضيان اللذان يف النار فقاض عرف احلق فلار متعمد ًا‪ ،‬وقاض ق ل بغلري‬
‫علم واستحيا أن يقول ال أعلم فهو يف النار فدل ذلك عىل أن من قضا بغلري عللم فهلو يف‬
‫النار سواء وافق احلق أم خالفه؛ ألنه مل يعرف احلق من الباطل‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أن احلاكم املنقوب للقضاء جيب أن‬
‫يكون جمتهد ًا‪.‬‬

‫‪-249-‬‬
‫باب صفات القاضي‬
‫قد ذكرنا أن ما تقدم من األخبار يدل عىل اعتبار كونله جمتهلد ًا؛ ألنله يتوصلل بلالعلم‬
‫واالجتهاد إىل احلكم بالقواب ومتييز احلق من الباطل والقحيح من الفاسد فإذا مل يكلن‬
‫عامل ًا بكتاب اهلل وسنة رسوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم مل يلؤمن أن حيكلم بلام خلالفهام‪،‬‬
‫وكذلك إذا مل يكن عامل ًا بتقاويل العلامء ومتيز ما أمجعوا عليه عام اختلفلوا فيله مل يلؤمن أن‬
‫جيتهد يف مواضع اإلمجاع وأن يتقور إمجاع ًا معلوم ًا فيام هو من مسائل االجتهاد وجيب أن‬
‫يكون ذكر ًا بالغ ًا عاقالً‪ ،‬أما اشًا كونه ذرك ًا بالغ ًا عاق ً‬
‫ال فذلك جممع عليه‪ ،‬وروي أنه ملا‬
‫هلك كرسى قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬من استخلفوا؟ قالوا‪ :‬ابنته بوران‪ .‬فقال‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)) فبني أن تولية املرأة ضد‬
‫الفال‪ ،،‬فدل عىل أنه ال يقح‪ ،‬وألنه البد للحاكم من جمالسة الرجال من العلامء والشهود‬
‫وافقوم واملرأة ممنوعة من ذلك ملا خياف من االفتتان ولقول النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬النساء عي وعورات فاسًوا ع ّيهن بالسكوت وعوراهتن بلالبيوت)) وجيلب أن‬
‫يكون ورع ًا‪ ،‬واإلمجاع املعلوم منعقد عىل اشًاطه‪ ،‬وجيلب أن يكلون عفيفل ًا علن أملوال‬
‫املسلمني وذكرناه للتتكيد؛ ألن عامة األحكام تتعلق باألموال والورع يشتمل عىل العفلة؛‬
‫ألنه ال ورع ملن ال عفة له‪ ،‬وجيب أن يكون حلي ًام وثيق العقل جيد التمييز؛ ألنه ال يتوصل‬
‫إىل الفرق بني احلق والباطل‪ ،‬والقحيح ملن الفاسلد إال بلذلك‪ ،‬وإذا كلان مملن يسلتفزه‬
‫الغضب والطيش اضطرب عليه رأيه واشتبه عليه احلق والباطل‪ ،‬يؤكد ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أن النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬يا عيل ال تقض بلني النلاس وأنلت غضلبان)) وجيلب أن‬
‫يكون صلب ًا يف أمر اهلل؛ ألنه إذا كان فيه وهن وضعف فإنه جيًس عليله افقلوم فيلؤدي‬
‫ذلك إىل أن يغلب القوي الضعيف والرشيف املرشوف‪ ،‬وخيتل أمر احلاكم‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬

‫‪-250-‬‬
‫{‪[}       ‬المائدة‪.]54:‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إياكم واإلقراد)) قالوا‪ :‬يا‬
‫ال فتلتيت األرمللة واملسلكني‬‫رسول اهلل وما اإلقراد؟ قال‪(( :‬يكون احلدكم أملري ًا أو علام ً‬
‫واليتيم فيقول‪ :‬أقعد حتى ننظر يف حاجتك يًكون مقردين ال يق ي هللم حاجلة‪ ،‬ويلتيت‬
‫الرجل الغني أو الرشيف فيقعد إىل جنبه فيقلول‪ :‬ملا حاجتلك؟ فيقلول‪ :‬حلاجتي كلذا‪.‬‬
‫وعللوا هبا)) وإذا كان صلب ًا يف أمر اهلل تعلاىل أملن هلذه األحلوال‬
‫ّ‬ ‫فيقول‪ :‬اقضوا حاجته‬
‫وقدم األول فاألول من أهل احلوائ ‪ ،‬واختلف أئمتنلا علليهم السلالم هلل يعتلرب كلون‬
‫القايض املنقوب جمتهد ًا أم ال‪ ،‬فقال اهلادي عليه السالم‪ :‬جيب أن يكون القايض عامل ًا بلام‬
‫يق ي فهام‪.‬‬
‫قال السيد ألو العباس وأبو طالب وهذا يقت ي أن يكون جمتهد ًا واشًطا عىل مذهبله‬
‫عليه السالم أن يكون جمتهد ًا‪ ،‬وذكر السيد املؤيلد بلاهلل أن األوىل أن يكلون جمتهلد ًا قلال‪:‬‬
‫وجيوق أن يكون مقلد ًا عىل مذهب حييى عليه السالم؛ ألنه قال‪ :‬حيتاج القلايض أن يكلون‬
‫عامل ًا بام يق ي ومل يرص‪ ،‬أن يكون كونه عامل ًا عىل هذا الوجه كط ًا يف صحة قضائه أم هلو‬
‫عىل أن يكو ن أوىل‪ ،‬ثم قال يف آخر كالمه عليه السالم‪ :‬إن نقص يشء ملن هلذه افقلال‬
‫كان ناقق ًا‪ ،‬فبني أن يكون عامل ًا عىل هذا الوجه هلو األوىل ال أنله جعلله كطل ًا يف صلحة‬
‫قضائه وهو اختيار املؤيد باهلل لنفسه‪ ،‬واختلفوا أيض ًا يف حتقيل مذهب حييى عليه السلالم‬
‫هل جيوق تولية القضاء من جهة الظلملة أم ال‪ ،‬فقلال املؤيلد بلاهلل بللواقه وخرجله ملن‬
‫مستلتني ليحيى عليه السالم‪:‬‬
‫إحدمها‪ :‬يف أحكام البغاة يقر من أحكامهم ما وافق احلق وينقض ما كان باطالً‪ ،‬ذكلره‬
‫يف كتاب السري من األحكام‪.‬‬
‫ال مات وخ ّلف أوالد ًا صغار ًا وكبلار ًا ومل يلو‬
‫والثانية‪ :‬قوله يف املنتخب‪ :‬لو أن رج ً‬
‫فلعل بعض السالطني أمر القغار إىل بعص الكبار وجعلله وصلي ًا علليهم جلاق ذللك‪،‬‬
‫وحكي عن السيد أمحد بن عيسى بن قيد بن عيل عليهم السالم ما يدل عىل جواقه ومنلع‬

‫‪-251-‬‬
‫من ذلك السيد أبو طالب عىل مذهب حييى عليه السلالم‪ ،‬وهلو اللذي اختلاره السليدان‬
‫األخوان ملذهبهام‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم نقب كحيل ًا للقضلاء وكلان يرققله يف كلل سلنة‬
‫مخسامئة درهم‪.‬‬

‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬وكان عيل عليه السالم يرقق كحي ًا مخسامئة درهم‪ ،‬وروي أن‬
‫القحابة ريض اهلل عنهم أجروا أليب بكر درمهني؛ ألنه روي أن أبا بكر ملا وَّ خرج برقمة‬
‫ثياب إىل السوق فقيل‪ :‬ما هذا؟ فقال‪ :‬أنا كاسب أهيل‪ ،‬فتجروا له كل يوم درمهني‪.‬‬

‫وعن عمر أنه قال‪ :‬أنزلت نفيسل ملن هلذا امللال بمنزللة وَّ اليتليم وملن كلان غنيل ًا‬
‫فليستعفف ومن كان فقري ًا فليتكل باملعروف‪ ،‬وبعث عمر إىل الكوفة عامر بن ياي واليل ًا‪،‬‬
‫وعبداهلل بن مسعود قاضي ًا‪ ،‬وعثامن بن حنيف ماسح ًا‪ ،‬وفرض هلم كل يلوم شلاة نقلفها‬
‫وأطرافها لعامر والنقف اآلخر بني عبداهلل وعثامن‪ ،‬دل ذلك عىل أن جيوق أخذ الرقق عىل‬
‫القضاء؛ وألن القضاء البد منه والكفاية البد منها‪ ،‬فلاق أن يتخذ عليه الرقق‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ملا بعث عمرو بن حزم إىل اليمن قاضي ًا‬
‫كتب له عهد ًا يشتمل عىل أحكام كثرية‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ينبغي لإلمام أن يكتلب العهلود‬
‫لقضاته وعىل ذلك جرت عادة القحابة وساروا به‪ ،‬وكان عيل عليه السالم يكتب العهود‬
‫لوالته وعامله كاألشً النخعي وغريه‪ ،‬وملا بعث أبو بكر أنس ًا إىل البحرين كتب لله كتابل ًا‬
‫وختمه بخاتم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪ ،‬وعنلدنا ال جيلوق أن حيكلم احللاكم‬
‫لنفسه‪ ،‬فإن اتفقت له حكومة بينه وبني غريه حاكم عىل سواه من العلامء‪.‬‬
‫(خرب) كام روي أن عمر حتاكم هو وأيب بن كعب إىل قيلد بلن ثابلت‪ ،‬وحتلاكم علثامن‬
‫وطلحة إىل جبري بن مطعم‪ ،‬وحتاكم عيل عليه السالم هو واليهودي إىل كيح‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم حاكم الذمي يف الدرع إىل كيح‪ ،‬دل عىل أن اإلمام‬
‫وكذلك القايض املنقوب إذا كانت احلكومة بينه وبني غريه فإنه حيلاكم إىل غلريه‪ ،‬وذكلر‬

‫‪-252-‬‬
‫اهلادي عليه السالم أن علي ًا عليه السلالم حلاكم النرصلاين إىل كيلح يف درعله ذكلره يف‬
‫األحكام‪ ،‬ومل يقل اليهودي بل قال النرصاين‪.‬‬

‫‪-253-‬‬
‫باب ما يجب على القاضي أن يستعمله في قضائه وما يستحب له‬
‫وما يكره‬
‫(خرب) وروى أبو بكرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ال ينبغي للقلايض أن‬
‫يق ي بني اثنني وهو غضبان))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو سعيد افدري قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬ال‬
‫يق ي القايض إال وهو شبعان ريان)) دل عىل أنه يكره للحاكم أن حيكم وهلو علىل أحلد‬
‫هذه األحوال فيشغله اجلوع والعطش أو الغضب عن توفري النظر حالة احلكم فإن حكلم‬
‫وهو عىل أحد هذه األحوال صح احلكم‪.‬‬
‫(خرب) ملا روي أن الزبري ورج ً‬
‫ال من األنقار اختقام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم يف كاج احلرة فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم للزبري‪(( :‬اسق قرعك ثلم‬
‫أرسل املاء إىل جار )) فقال األنقاري‪ :‬وإن كان ابن عمتك‪ ،‬فغضب رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم حتى امحر وجهه ثم قال للزبري‪(( :‬اسق قرعك واحبس امللاء حتلى يبلل‬
‫اجلدار‪ ،‬ثم أرسله إىل جار )) فحكم يف حال الغضب‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬جنبلوا مسلاجدكم صلبيانكم‬
‫وجمللانينكم‪ ،‬ورفللع أصللواتكم وخقللوماتكم‪ ،‬وحللدودكم‪ ،‬وسللل سلليوفكم‪ ،‬وكاكللم‬
‫وبيعكم)) دل عىل كراهة احلكومات يف املساجد‪ ،‬وهو الذي ذكره يف الوايف الشيخ عيل بن‬
‫بالل وهو خالف مذهب اهلادي فإنه روى بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله‬
‫كان جيلس للقضاء وجيتبي بربدته عند مقام إبراهيم يف املسلد‪ ،‬وأقلام اللعلان يف املسللد‬
‫وقال‪(( :‬من حلف عىل منربي يمين ًا آثمة تبوأ مقعده من النار)) قال‪ :‬وقد كان أمري املؤمنني‬
‫يتمر كحي ًا باجللوس يف املسلد األعظم‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه ال يكره القضلاء يف املسلاجد‪،‬‬

‫‪-254-‬‬
‫ال عن حكم العقل؛ ألنله حكل َام‬
‫بحظر القضاء يف املساجد وكان ناق ً‬ ‫وافرب األول إذا ق‬
‫كعي ًا فإن هذا أوىل؛ ألنه دليل كعي وانضاممه إىل كون العقل يق ي بحسن ذلك يكون‬
‫أقوى؛ ألنه دل عىل دليل العقل ودليل الرشع بخلالف األول فإنله مل يلدل إال ملن وجله‬
‫واحد فكان استناد األخبار الثانية إىل دليل العقل أقوى والعمل هبلا أوىل؛ وألن ذللك مملا‬
‫كانت تفعله القحابة كام يف (خرب) وهو ما روي عن احلسن البرصي قال‪ :‬دخلت املسلد‬
‫بينهام‪.‬‬ ‫فرأيت عثامن قد ألقى رداءه ونام فتتاه سقا بقربة ومعه خقم فللس عثامن وق‬
‫(خرب) وروت أم سلمة قالت‪ :‬اختقم إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجالن‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بينهام يف بيتي‪،‬‬ ‫من األنقار يف مواريث متقادمة فق‬
‫دل ذلك عىل أنه إذا جلس احلاكم يف بيته فاختقم إليه خقامن مل يكره أن حيكلم بيلنهام يف‬
‫بيته‪.‬‬

‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن جيلس افقامن‬ ‫(خرب) وعن عبداهلل قال‪ :‬ق‬
‫بني يدي القايض‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ينبغي أن جيلس افقامن بني يدي القايض‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لعيل‬
‫بن أيب طالب‪(( :‬إذا تقاىض إليك خقامن فال تقض لوول حتى تسمع كلالم اآلخلر)) دل‬
‫عىل صحة ما ذكره حييى عليه السالم وهو أنه إذا يتقاىض افقامن فال يقض احلاكم بينهام‬
‫حتى يسمع كالم اآلخر ويفهم معنى كالمهام ويثبت يف حللهلام‪ ،‬وقلد قيلل‪ :‬إن سلبب‬
‫املالمة التي أصابت النبي داود عليه السالم أنه كان حكم بلني افقلمني قبلل أن يسلمع‬
‫كالمهام وأظنه قبل أن يسمع كالم الثاين‪ ،‬فلتنزل اهلل تعلاىل‪    { :‬‬

‫‪ ،]26::[}      ‬ذكره القايض قيد يف التعليق‪.‬‬

‫(خرب) وروت أم سلمة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من ابتيل بالقضاء بني‬
‫املسلمني فليعدل بينهم يف حلظه ولفظه وإرشاده ومقعده))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم حاكم ذمي ًا يف درع له إىل كيح فللام رآه تنحلى لله‬

‫‪-255-‬‬
‫عن مكانه فقال عيل عليه السالم‪ :‬مكانك‪ ،‬وجلس إىل جنبه‪ ،‬وقال‪ :‬لو كان خقمي مسل ًام‬
‫ملا جلست إال معه ولكنلي سلمعت رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم يقلول‪(( :‬ال‬
‫تساووهم يف املللس‪ ،‬وال تعودوا مرضاهم‪ ،‬وال تشهدوا جنلاقهتم)) واحللديث مشلهور‬
‫فدل ذلك عىل أنه جيب عىل احلاكم أن يسوي بني افقمني يف اللدخول واإلقبلال علليهام‬
‫واالستامع منهام‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عملر كتلب إىل أيب موسلى األشلعري آس بلني النلاس يف وجهلك‬
‫وعدلك‪ ،‬وجملسك حتى ال يطمع كيف يف حيفك‪ ،‬وال ييتس ضعيف من عدلك‪ ،‬وقلد‬
‫كان بعث أبا موسى األشعري إىل البرصة قاضي ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان له كُتاب منهم أمري املؤمنني‬
‫عيل بن أيب طالب ومنهم قيد بن ثابت وغريمها‪ ،‬دل عىل أن القايض إذا احتلاج إىل كاتلب‬
‫ارذ كاتب ًا؛ ألنه من املعاونة عىل الرب والتقوى وقد أمر اهلل تعاىل هبلام‪ ،‬وال جيلوق أن يكلون‬
‫الكاتب كافر ًا بال خالف بني أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا موسى األشعري قدم عىل عمر ومعه كاتب نرصاين فانتهره عملر‬
‫وقال‪ :‬ال تتمنوهم وقد خورم اهلل‪ ،‬وال تدنوهم وقد أبعدهم اهلل‪ ،‬وال تعزوهم وقد أذهللم‬
‫اهلل؛ وألن ذلللك ركللون إللليهم وقللد قللال تعللاىل‪     { :‬‬

‫‪[}‬هالود‪ ،]113:‬وألن الكافر عدو املسلمني فال يلؤمن أن يكتلب ملا يرضلهم ويبطلل‬
‫حقوقهم‪ ،‬وال جيوق أن يكون فاسق ًا ملا ال يؤمن أن خيون؛ وألن يكون ركون ًا إليه‪ ،‬وقد رى‬
‫اهلل عنه‪ ،‬وقلول اهلل تعلاىل‪[}  { :‬آل ومالرا‪ ،]59::‬يلدل علىل أنله يسلتحب‬
‫للحاكم أن حيرض العلامء والفقهاء جملسه لوجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أرم يسلتحقون التعظليم والتلوقري وتقلريبهم يف جملسله يكلون تلوقري ًا هللم‬
‫وتعظي ًام‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أرم ينبهونه عىل ما جيب تنبيهه عليه يف هفوة أو ق ّلة‪.‬‬

‫‪-256-‬‬
‫(خرب) وروى عبد الرمحن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر كان إذا نزل به أملر يريلد فيله‬
‫مشاورة أهل الرأي والفقه دعا رجاالً من املهلاجرين ورجلاالً ملن األنقلار دعلا عملر‪،‬‬
‫وعثامن‪ ،‬وعلي ًا‪ ،‬وعبدالرمحن بن عوف‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬و ُأيب بن كعب‪ ،‬وقيد بلن ثابلت‪،‬‬
‫أبو بكر عىل ذلك‪ ،‬ثم وَّ عمر‪ ،‬وكان يدعو هؤالء النفر‪ ،‬وذكر السادة أبو العباس‬ ‫فم‬
‫واألخوان ريض اهلل عنهم أن حضور العلامء جملسه يف حلال احلكلم إذا كلان يمنعله علن‬
‫التوفر عىل النظر ويشغله عنه ناحهم وأفرد هلم مكان ًا آخر‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أضاف رج ً‬
‫ال فلام نزل عنده أدىل إليه افقومة فقال‬
‫عيل عليه السالم‪ :‬ارحل عنا فقد سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقلول‪(( :‬ال‬
‫يضيفن أحدكم أحد افقمني إال وخقمه اآلخر معله)) دل ذللك علىل أنله ال جيلوق أن‬
‫يضيف أحد افقمني دون خقمه؛ ألن ذلك يضعف قلب خقمه وربام يتقلور صلغو‬
‫القايض إليه وميله عليه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم اسلتعمل رجل ً‬
‫ال علىل قلبض بعلض‬
‫القدقات فلام رجع قال‪ :‬هذا لكم وهذا َّ فقد أهدي إَّ فقعد النبي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم املنرب فقال‪(( :‬ما بال أقوام نستعملهم عىل أعاملنا فريجعون ثلم يقوللون هلذا لكلم‬
‫وهذا أهدي إَّ فهال يقعد يف بيت أمه لينظر من هيدي إليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما جيبي أحلدكم ملن‬
‫ذلك شيأ ًا إال وجييء يوم القيامة وهو معه إن كان بعري ًا له رغاء‪ ،‬وإن كانت بقرة هلا خوار‪،‬‬
‫وإن كانت شاة تبعر‪ ،‬ثم قال‪ :‬أال هل بلغت أال هل بلغت))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ملن اسلتعملناه علىل عملنلا‬
‫ورققناه فام أخذ بعد ذلك فهو غلول)) وروي‪(( :‬هدايا األملراء غللول)) وروي‪(( :‬هلدايا‬
‫العامل غلول)) والغلول‪ :‬هو احلرام‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو محيد الساعدي قال‪ :‬استعمل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫رج ً‬
‫ال من بني أسد عىل القدقة فلام قدم قال‪ :‬هذا لكم وهذا أهدي إَّ فقام النبي صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم عىل املنرب فقال‪(( :‬ما بال العامل نبعثه عىل بعض أعاملنا فيقول هلذا لكلم‬

‫‪-257-‬‬
‫وهذا أهدي إَّ أال جلس يف بيت أبيه وأمه فينظر أهيدى إليه أم ال‪ ،‬والذي نفيسل بيلده ال‬
‫يتخذ أحد منها شيأ ًا إال جاء يوم القيامة حيمله عىل رقبتله)) دل ذللك علىل أن كلل هديلة‬
‫جرهتا الوالية للحاكم وللواَّ فإنه ال جيوق قبوهلا إال ملقلحة يراها إمام احلق فإنه جيوق ملا‬
‫يشهد له (خرب) معاذ بن جبل وهو أنه أهدي له يف حال إمارته ثالثون رأس ًا من الرقيق فلام‬
‫قدم هبم بعد موت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أراد أبو بكر انتزاعهم من يده إىل بيلت‬
‫املال فكره وقال‪ :‬طعمة أطعمنيها رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم ثلم أتلى وهلم‬
‫يقلون فقال‪ :‬ملن تقلون؟ فقالوا‪ :‬هلل‪ .‬فقال‪ :‬قد وهبتكم له فتعتقهم‪ ،‬فدل ذلك علىل ملا‬
‫قلناه‪ ،‬وهو رأي املنقور باهلل عليه السالم‪ ،‬وروي أنه كان للمؤيد باهلل صديق وكان يتحفه‬
‫يف كل سنة بعدد من الرمان فلام كان يف بعض السنني قاد عىل رسلمه وعادتله فسلأل علن‬
‫ذلك فقال‪ :‬ألن اهلل قاد يف قماننا فزدنلا يف رسلمك‪ ،‬فللام أراد افلروج شلكا علن بعلض‬
‫ذللك‬ ‫الناس‪ ،‬فقال‪ :‬ردوا عليه رمانه كله وأمرنا بإقالة شكايته‪ ،‬ودفع األذى عنه‪ ،‬فاقت‬
‫جواق هدية من اعتاد اإلهداء إىل القايض والواَّ قبل الوالية‪ ،‬وكذلك إذا أهلدى إليله ذو‬
‫رحم جاق قبوهلا‪ ،‬واملعنى أرا هدية مل جترها الوالية فلاق قبوهلا لظاهر قول النبي صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬ال حيل مال امرس مسلم إال بطيبة من نفسه)) وهذه هدية قد طابت هبلا‬
‫نفس مالكها فلاقت‪.‬‬
‫(خرب) وروى الضحا بن سفيان بن قيس قال‪ :‬كتب إَّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبايب من دية قوجها‪ ،‬دل عىل أنه جيوق للقلايض أن يكتلب‬
‫إىل القايض فيام يثبت عنده ليحكم به‪ ،‬وأن يكتب إليه فيام حكم به لينفذه‪ ،‬وعندنا ال يقبل‬
‫الكتاب إال أن يشهد به شاهد ًا عدل‪ ،‬وال اعتبار بخط القايض وال بختمه؛ ألن افط يشبه‬
‫افط وافتم يشبه افتم‪ ،‬وال يؤمن أن يزور عليهام‪ ،‬وما قدمناه من األدلة عىل أن الشلاهد‬
‫جيب أن يعلم ما يشهد به يمنع من العمل عىل افط وافتم دون شاهدي علدل وال يلؤثر‬
‫انكسار افتم مع شهادة الشهود‪ ،‬ذكره السادة اهلارونيون أبوالعبلاس واألخلوان مللذهب‬
‫حييى عليه السالم؛ ألن العمل عىل شهادة الشهود دون غريها وال يقبل كتاب القايض إىل‬

‫‪-258-‬‬
‫‪ ،‬ذكره األخوان ملذهب حييى عليه السالم‪.‬‬ ‫القايض يف احلدود‪ ،‬وال يف الققا‬
‫(خرب) وروي أن عمر قال لعبد الرمحن بن عوف‪ :‬أرأيت لو رأيت رج ً‬
‫ال قتل أو يق‬
‫أو قنا؟ فقال‪ :‬أرى شهادتك شهادة رجل من املسلمني‪ .‬قال‪ :‬أصبت‪ ،‬وبه قال ابن عباس‪،‬‬
‫وال ةالف هلم يف القحابة‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬فإن قيلل‪ :‬يف افلرب القتلل‬
‫فيه كقتل املرتد من‬ ‫وعند حيكم بعلمه فيه‪ ،‬قيل‪ :‬ال يمتنع أن يريد القتل الذي ال ققا‬
‫دون إذن اإلمام‪ ،‬وألن اإلمام ينوب مناب املسلمني يف إقاملة احللد فيكلون هلو افقلم‪،‬‬
‫وقال أبو بكر‪ :‬لو وجدت أحد ًا عىل حدّ من حدود اهلل تعاىل مل أحلده ومل أدع أحلد ًا حيلده‬
‫حتى تكون بينة‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق للقايض أن حيكم بعلمه يف احلدود‪.‬‬
‫قال أبو العباس‪ :‬إال يف القذف؛ ألنه حق من حقوق اآلدميني‪ ،‬وبه قال السيدان املؤيلد‬
‫باهلل وأبو طالب ررجي ًا عىل أصل حييى عليه السالم‪ ،‬وهو اختيار املؤيد باهلل عليله السلالم‬
‫قوله تعاىل‪[}      { :‬المائالدة‪ ،]48:‬وقوله تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪  ‬‬ ‫‪[}    ‬النس الالالاء‪ ،]106:‬وقوللللله تعللللاىل‪{:‬‬

‫‪[}‬المائالدة‪ ،]42:‬دل ذلك عىل أنه جيوق للقايض أن حيكم بعلمله سلواء علمله قبلل‬
‫القضاء أو بعده إال فيام ذكرناه أوالً فإنه ةقو فليام بينلاه؛ وألن احللاكم إذا حكلم بلام‬
‫علمه وتيقنه فذلك أوضح‪ ،‬وألنه لو شهد شاهدان وغلب عىل ظنه صدقهام ملا ثبلت ملن‬
‫عدالتهام فتكثر ما حيقل له غالب الظن ومن اجلائز أن يكونلا كلاذبني‪ ،‬فلإذا جلاق احلكلم‬
‫بشهادهتام مع ذلك فتوىل وأحرى أن جيوق له احلكم بعلمه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن معاوية ستل أبا موسى األشعري فقال‪ :‬أنشلد اهلل هلل علملت أن‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان إذا حرضله افقلامن فاتفقلا علىل موعلد فوافلا‬
‫ملن وافا منهام؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫أحدمها ومل يواف اآلخر أنه ق‬
‫(خرب) فإن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف ققة عبداهلل بن سهل مللا وجلد قتلي ً‬
‫ال يف‬

‫‪-259-‬‬
‫قليب من قلب خيرب حكم عىل اليهود وألزمهم القسامة وهم غ ّيلب وقولله تعلاىل‪{ :‬‬

‫خيص حارض ًا دون‬ ‫‪[}    ‬المائالدة‪ ،]49:‬ونحوها من اآليات املتقدمة مل ّ‬
‫غائب‪ ،‬دل عىل أنه جيوق القضاء عىل الغائب‪ ،‬فتما إذا كان حارض ًا أو كان غائبل ًا يف مكلان‬
‫يعرف مكانه فإنه يعرف أنه مل حيرض ليدفع نفسه أو يوكل من ينوب عنه حكم عليه‪.‬‬

‫(خرب) وروى أبو األسود املالكي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جلده أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم قال‪(( :‬ما عدل ٍ‬
‫وال أجتر يف رعيته)) دل ذلك عىل كراهة البيع والرشاء للواَّ حلاك ًام‬
‫عيل عمر حني والين القضاء أن ال أبيع وال أبتلاع‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫كان أو عامالً‪ ،‬وقال كيح‪ :‬ك‬
‫أرتيش وال أق ي وأنا غضبان‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬لعلن اهلل اللرايش واملرتيشل‬
‫والرائش)) يعني الذي يسعى بينهام‪ ،‬ورواه أبو هريرة‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬القايض إذا أخلذ الرشلوة بلغلت بله‬
‫الكفر وإذا جار يف حكمه نزع منه اإليلامن فلدخل النلار)) رواه عليل أملري امللؤمنني عليله‬
‫السالم‪ ،‬عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬

‫وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬الرايش واملرتيش يف النار)) فيه تنبيه عىل أن من أعطى‬
‫ماالً ليتوصل به إىل باطل فهلو حلرام واملعطلي واآلخلذ مسلتحقان للنلار نحلو احلكلام‬
‫والشهود والسالطني فتما إن أعطى بالرضورة جاق له ومل جيز لخآخذ بل يكلون اآلخلذ يف‬
‫النار‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل عليه السالم أنه إذا ظهر احلاكم ارتشا أو جور يف احلكم كان منعزالً‬
‫بنفسه وحكمه باطل وإن حكم بالعدل‪ ،‬وجيب عىل من واله أن يظهر ذللك ويمنعله ملن‬
‫احلكم وكذلك من شهد شهادة قور وجب عىل القايض أن يؤدبه ويشهر أمره‪ ،‬ذكر ذللك‬
‫كله املؤيد باهلل قدس اهلل روحه وذكر الشيخ عيل خليل يف قول املؤيد باهلل قدس اهلل روحه‬
‫أن حكمه باطل وإن حكم بالعدل‪ ،‬املراد به كان ذلك يف مسائل االجتهاد‪ ،‬فتما إذا حكلم‬
‫فيام هو جممع عليه وحال ما تقدم فحكمه جائز وإن كان فاسلق ًا‪ ،‬والرشلوة‪ -‬بضلم اللراء‬
‫وكرسها‪ -‬وهي التي جتعل عىل احلكم‪.‬‬

‫‪-260-‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬لعلن اهلل اللرايش‬
‫واملرتيش يف احلكم)) دل ذلك عىل أن الرشوة حرام‪.‬‬
‫قال اهلادي إىل احلق عليه السالم‪ :‬من ارتشى يف حكمه فهو سحت حمرم وهو ملعلون‬
‫عند اهلل فاسق جمرم‪ ،‬ذكره يف اجلزء الثاين من (األحكام)‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن كعب بن مالك تقاىض دين ًا له يف املسلد فارتفعلت أصلواهتام حتلى‬
‫سمعهام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وهو يف بيته فخرج إليهام فقال‪(( :‬يلا كعلب))‬

‫فقال‪ :‬لبيك‪ ،‬فتشار بيده أن ضع الشطر من دينك‪ ،‬فقال‪ :‬قد فعلت يلا رسلول اهلل‪ .‬وعلن‬
‫عمر‪ :‬ردوا فقومات كلي يتقلاحلوا‪ ،‬وقلال تعلاىل‪      { :‬‬

‫‪[}          ‬النساء‪ ،]128:‬دل ذلك عىل‬
‫عىل القلح بني افقومات ويرددهم ما مل يتبني لله احللق‬ ‫أنه يستحب للقايض أن حير‬
‫فإذا بان له احلق فطلب افقم احلكم ومل يرض بالقلح وجب عليه أن حيكلم بحكلم اهلل‬
‫وال خالف فيه‪.‬‬

‫‪-261-‬‬
‫باب ما يبطل حكم القاضي وبيان حكم خطائه إذا حكم فأخطأ‬
‫إذا حكم احلاكم بحكم خيالف الكتاب والسنة املعلومة واإلمجاع املعلوم وجب نقلض‬
‫حكمه ووجب عليه أن يرجع عنه‪ ،‬وال يتقور وقوع افالف فيه‪ ،‬وإذا أخطلت يف مسلائل‬
‫احلكم به نفذ ومل ينقض وهو الذي اختاره السليدان‬ ‫االجتهاد خطت ةالف اجتهاد وأم‬
‫املؤيد باهلل وأبو طالب‪ ،‬ومحل عليه أبو طالب كالم السيد أيب العباس‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا اجتهد احلاكم‬
‫فتصاب فله أجران وإن احت فتخطت فله أجر واحد))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عقبة بن عامر قال‪ :‬جاء خقامن إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقلال‬
‫َّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اقض بينهام يا عقبة)) فقلت‪ :‬يا رسول اهلل أأق ي‬
‫بينهام وأنت حارض! فقال‪(( :‬إقض بينهام فإن أصبت فللك عرشل حسلنات وإن أخطلتت‬
‫فلك حسنة واحدة)) دل ذلك عىل أن احلاكم إذا وَّف االجتهاد حقه ثم أصلاب يف مسلائل‬
‫االجتاهد كان له الثواب العظيم‪ ،‬وإن قرص يف االجتهاد ومل يوف االجتهاد حقه ومل يتعمد‬
‫معقية وال اتبع اهلوى والتشهي فله أجر دون ذلك‪.‬‬
‫وأماما يتعلق بخطائه من األرض فإن كان عن شهادة الشهود ألزمهم حكم فعلهم كام‬
‫روي‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن علي ًا عليه السالم قطع يد رجل بشهادة شلاهدين فللام فلرغ قلاال‪ :‬إنلا‬
‫أخطتنا‪ .‬فقال‪ :‬لو علمت أنكام تعمدمتا لقطعتكام وألزمهام األرش‪ ،‬وإن مل يكن عن شهادة‬
‫وقد وَّف االجتهاد حقه كان ذلك يف بيت املال‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ملن طللب القضلاء وكملل إىل‬
‫نفسه)) وروي‪(( :‬من قلد القضاء فقد ذبح بغري سكني)) وروى هذين افلربين اهللادي إىل‬

‫‪-262-‬‬
‫احلق عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقلال يف األول‪(( :‬ملن سلتل‬
‫وَّ القضاء فقد ذبح بغري سكّني))‪.‬‬
‫القضاء وكل إىل نفسه)) وقال يف الثاين‪(( :‬من ّ‬
‫(خرب) وروي أن أبا ذر ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم اإلمارة فقال صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬إنك ضعيف وإرا أمانة وإرا يوم القيامة حزن وندامة إال ملن أخلذها‬
‫بحقها وأ ّدى الذي عليه فيها)) دل ذلك عىل أنه يكره لإلنسلان طللب القضلاء واحللرض‬
‫عليه وكذلك اإلمارة واإلمامة‪ ،‬وألنه يوقع يف التهمة يف طلب ذلك فكره له‪ ،‬وذكر املؤيلد‬
‫باهلل ما معناه هذا ومل يثق من نفسه بالوفاء وكان باملسلمني بغريه عنه غناء‪ ،‬فتما إن وثق من‬
‫نفسه وكان باملسلمني إليه حاجة بحيث إن مل يطلب ذلك حلق املسلمني رضر لزمه طللب‬
‫ذلك والتعرض له‪ ،‬وعن احلسن أنه قال‪ :‬ألجر حاكم عدل يوم ًا أفضل من رجل يقيل يف‬
‫بيته سبعني سنة أو قال‪ :‬ستني سنة‪ ،‬قال‪ :‬ألنه يدخل يف عدله يف اليوم عىل أهل كلل بيلت‬
‫من املسلمني خري ًا‪ ،‬فهذا مما ال يعلم إال توقيف ًا؛ ألن مقادير ثواب األعامل ال تعلم بالعقلل‬
‫بل بالسمع‪.‬‬

‫‪-263-‬‬
‫باب الحبس‬
‫قد ذكرنا أوالً يف احلبس ما ذكرناه يف كتاب التفليس ونذكر طرف ًا مما بقي‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر ببناء حبس يف البرصة وحبس يف الكوفة‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪ َّّ (( :‬الواجلد حيلل عرضله‬
‫وعقوبته))‪.‬‬

‫وروي أن علي ًا اشًى دار ًا بمكة بتربعة آالف درهم وجعلهلا حبسل ًا‪ ،‬دل ذللك علىل‬
‫جواق احلبس يف احلقوق لكل من ثبت عليه حق أو عنده حق لغلريه وامتنلع منله وطللب‬
‫صاحب احلق حبسه‪ ،‬وقد ذكرنا تفقيل ذلك يف كتاب التفليس قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪[}  ‬لقما‪ ،]15::‬يدل عىل أن الوالدين ال حيبسان يف ديون أوالدمها إال يف نفقة‬
‫الولد خيفة التلف؛ ألنه ليس من املعروف حبسهام‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أنت ومالك ألبيلك)) يقت يل أن تكلون لله‬
‫مزية فيام يتعلق بامل االبن بام ليس لوجانب وال لسائر األقارب‪ ،‬وقد أمجعوا عىل أن األب‬
‫إذا كان معرس ًا جيوق له أن يتناول نفقته من مال ابنه من غري حكم حلاكم أو أملره ولليس‬
‫ذلك لغريه من األقارب‪ ،‬فإنه ال جيوق هلم أخذ النفقة إال أن يدفعها قريبه املوي إليله فلإن‬
‫امتنع مل يكن للفقري أخذها من ماله إال بحكم احلاكم‪.‬‬

‫‪-264-‬‬
-265-
‫كتاب احلدود‬

.‫األصل يف احلدود الكتاب والسنة واإلمجاع‬

      { :‫أمللللا الكتللللاب فقللللول اهلل تعللللاىل‬

     {‫ بلس بلس‬:‫ وقوله تعاىل‬،]2:‫}[النالور‬

     { :‫ وقوللله تعللاىل‬،]83:‫}[المائالدة‬   

   { :‫ وقوله تعاىل‬،]4:‫}[النور‬    

              

.]33:‫ }[المائدة‬    

‫وأما السنة فام أثبت من األخبار املتواترة أن رسول اله صىل اهلل عليه وآله وسللم أقلام‬
.‫احلدود‬
.‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر‬

-266-
‫باب حد الزاني‬
‫الزنا حرام حرمه اهلل تعاىل ورسوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪ ،‬وحتريمله ملعلوم ملن‬
‫رضورة الدين‪ ،‬والفاعل له فاسق‪ ،‬واملستحل له كافر‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪    { :‬‬

‫‪[}   ‬اإلسراء‪ ،]32:‬وقال تعاىل‪      { :‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪[}      ‬الفرقا‪.]69-68::‬‬


‫(خرب) وروى عبداهلل قال‪ :‬ستلت رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أي اللذنب‬
‫أعظم؟ قال‪(( :‬أن جتعل هلل ند ًا وهو خلقك)) قلت‪ :‬إن ذلك لعظيم‪ ،‬قلال‪ :‬قللت ثلم أي؟‬
‫قال‪(( :‬أن تقتل ولد ةافة أن يطعم معك)) قال‪ :‬قلت ثلم أي؟ قلال‪(( :‬أن تلزين بحليللة‬
‫جار )) ويف بعضها ((تزاين حليلة جار )) والزنا هو أن يطت الرجل ملن أهلل املللة املرأة‬
‫حرة حمرمة من غري عقد وال شبهة أو شبهة عقد أو يطت أمة حمرمة عليه من غلري مللك وال‬
‫شبهة ملك وهو بال عاقل ةتار عامل بالتحريم فهذا هو الزنا الذي جيب بله احللدّ ‪ ،‬وهلذا‬
‫ال عامل ًا (خرب) لقول النبي صىل‬
‫جممع عليه بني أهل اإلسالم‪ ،‬واشًطنا أن يكون بالغ ًا عاق ً‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬رفع القلم عن ثالثة‪ :‬عن القبي حتى حيتلم‪ ،‬وعن امللنلون حتلى‬
‫يفيق‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقن))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رجم هيوديني مللا قنيلا‪ ،‬وعملوم‬
‫‪ }‬اآلية يدل عمومها عىل وجوب احلد عليالذمي إذا قنا وعلىل‬ ‫قوله تعاىل‪{:‬‬

‫احلريب املستتمن إذا قنا‪ ،‬واشًطنا أن يكون ةتار ًا للزنا؛ ألنا قد بينا حكم املكره عىل الزنلا‬
‫فيام تقدم‪ ،‬واشًطنا أن يكون عامل ًا بالتحريم؛ ألن األعملى للو وجلد املرأة علىل فراشله‬
‫فوطأها وظن أرا امرأته يف ليلة إهدائها إليه ومل يعرف امرأته قبل ذلك فإنه ال حدّ عليه‪.‬‬

‫(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬ادرأوا احللدود بالشلبهات)) وكلذلك‬

‫‪-267-‬‬
‫حكم املزفوفة إىل غري قوجها غلط ًا فوطأها ظن ًا منه أرا امرأته وسلمت نفسها منه ظن ًا منها‬
‫أنه قوجها فوطأها جه ً‬
‫ال فال حد عىل واحد منهام ملا بيناه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن ماعز بن مالك األسلمي ملا جاء واعًف بالزنلا قلال لله رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم بعد أن أقر أربع مرات‪(( :‬أتعرف الزنا))؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلال‪(( :‬فلام‬
‫هو))؟ قال‪ :‬أن يات الرجل امرأة حرامل ًا كلام يلتيت امرأتله حلالالً‪ .‬قلال‪ :‬مثلل امللرود يف‬
‫املكحلة؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬دل ذلك عىل أنه البد أن يتتيها حرام ًا عىل هذا الوجه‪.‬‬
‫(خرب) وبه تعلق عمر يف تر رجم املغرية بن شعبة وقد شلهد عليله أبلو بكلرة ونلافع‬
‫وسهل بن معبد وبقي قياد‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬أرى وجه ًا مبارك ًا أرجو أن ال يفضلح اهلل علىل‬
‫ال من أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪ ،‬قلال‪ :‬رأيلت اسلت ًا تنبلو‬‫لسانه رج ً‬
‫ونفس ًا يعلو ورجلني عىل عنقه كتذين محار وال أشهد بام وراء ذلك‪ ،‬فقال عملر‪ :‬اهلل أكلرب‪،‬‬
‫وتر رجم املغرية وجلد الثالثة‪ ،‬وال فرق يف اإليالج بني أن يكلون يف قبلل أو دبلر عنلد‬
‫اهلادي إىل احللق‪ ،‬والنلارص للحلق علليهام السلالم وذللك لقولله تعلاىل‪ { :‬‬

‫اآلية‪ ،‬ومل يفقل بني أن يكون الو ء يف قبل أو دبر والظاهر تناول‬ ‫‪[}‬النور‪]4:‬‬

‫الفعلني فإن من يقول رمى فالن فالن ًا بفاحشة ثم فرس ذلك بتحدمها كلان صلحيح ًا عنلد‬
‫أهل اللغة بل إذا فرسه بالدبر كان أوكد يف الرمي بفاحشة‪ ،‬وإذا ثبت هذا صلح أن يكلون‬
‫قاذف ًا به ووجب احلد يف املقذوف؛ وألن العقوبات تتفاضل بتفاضل اإلجرام فكللام كلان‬
‫اجلرم أعظم كانت العقوبة أغلن‪ ،‬وإتيان املرأة يف دبرها أعظم؛ ألنه ال يستبا‪ ،‬يف حال من‬
‫األحوال‪ ،‬ومن قنا بامرأة دفعات عدة أو قنا بنساء عدة مل جيب عليه إال حد واحد لظلاهر‬
‫النص وهو إمجاع‪ ،‬وسواء كان املزين هبا بالغة أو غري بالغة إذا كانت تقلح لللامع عاقللة‬
‫أو غري عاقلة حرة أو غري حرة وهو إمجاع‪ ،‬والظاهر من الكتاب والسنة يدل عىل ذلك وال‬
‫فرق يف وجوب احلدّ عىل البالغة العاقلة بني أن يكون الزاين هبا بالغ ًا أو غري بال ‪ ،‬عاق ً‬
‫ال أو‬
‫غري عاقل حر ًا أو ليس بحر إذا أول عىل مجيع ذلك تدل الظواهر من الكتاب والسنة فإرا‬
‫عامة ومل تفقل بني فعل وفعل‪ ،‬وإذا ثبت ذلك فالزاين ال خيلو إما أن يكون عبد ًا أو ال إن‬

‫‪-268-‬‬
‫كان عبد ًا فال خيلو إما أن يكون مكاتب ًا أو مدبر ًا أو عبد ًا مطلقل ًا إن كلان مكاتبل ًا مل خيلل أن‬
‫يكون قد أدى شيأ ًا من مال املكاتبة أو ال إن كان قد أ ّدى شيأ ًا من مال الكتابة فحلده علىل‬
‫حسب ما أدى من مال الكتاب‪ ،‬فإن كان قد أدى نقفه فحده مخسة وسبعون جلدة‪.‬‬
‫(خرب) ملا روي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه جللد عبلد ًا أعتلق نقلفه مخسل ًا‬
‫وسبعني جلدة نقف حد احلر ونقف حد العبد‪ ،‬ورواه عنه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن ابن عباس عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم أنه قال‪(( :‬إذا اصاب املكاتب مرياث ًا أو حد ًا فإنه يرث عىل قدر ما عتلق منله ويقلام‬
‫عليه احلد عىل قدر ما أعتق منه)) وكذلك القول يف املكاتبة فإن حكمها حكمله باإلمجلاع‪،‬‬
‫ومعنى قولنا إن املكاتب يعتق بقدر ما أ ّدى أنه جيري عليه حكم احلر بقلدر ملا أدرى فليام‬
‫يتبعض من األحكام كاجللد واألرش والد ّيات والعورة؛ ألنه يعتق عىل احلقيقة كام قلدمنا‬
‫ذلك يف كتاب العتق‪ ،‬وأما ما ال يتبعض من األحكام كالرجم وشبهه فحكمه حكم العبد‬
‫وهذا كله مذهب حييى عليه السالم فإن مل يكن مكاتب ًا بل كان عبد ًا مطلق ًا أو مدبر ًا فحلده‬
‫نقف حد البكر وهو مخسون جلدة‪ ،‬وكذلك القول يف األمة املدبرة وأم الوللد لقلول اهلل‬
‫تعللللللللللللاىل‪          { :‬‬

‫ذلك أن حد األمة نقف حد احلرة وهو اجلللد دون ملا ال‬ ‫‪[}‬النسالاء‪ ،]25:‬فاقت‬
‫يتبعض وهو الرجم‪ ،‬وقسنا العبد الذكر عىل األنثى وهو إمجاع العًة والقحابة فيام أعلم‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬حد العبد نقف حد احلر ومل‬
‫يرو عن أحد من القحابة خالفه فكان حلة‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ُسأل عن األمة إذا قنت؟ فقلال‪:‬‬
‫((إذا قنت فاجلدوها ثم إذا قنلت فاجللدوها ثلم إذا قنلت فاجللدوها ثلم بيعوهلا وللو‬
‫بضفرية)) ويف بعض األخبار‪(( :‬ثم بيعوها ولو بضفرية ‪-‬بالضاد بضفرية معلمة‪ -‬افقلة‬
‫من خقل الشعر‪ ،‬وإن كان حر ًا فال خيلو إما أن يكون حمقن ًا أو ال‪ ،‬بل يكون بكلر ًا وهلو‬

‫‪-269-‬‬
‫من مل يتزوج امرأة فحده مائلة جللدة لقلول اهلل تعلاىل {‪    ‬‬

‫‪[}  ‬النور‪.]2:‬‬


‫وروى أبو هريرة‪ ،‬وعباد بن متيم‪ ،‬عن عمه‪ ،‬وعبداهلل بن مالك أيض ًا عنه صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم أنه أمر بإقامة احلدّ ومل يتمر بالتغريب؛ وألن نفي املرأة إذا قنت ال خيلو إملا أن‬
‫يكون مع حمرم أو غري حمرم ونفيها من غري حمرم الجيوق‪ ،‬واملحرم ال ذنب له فال ينفى‪.‬‬
‫ال قال‪ :‬يا رسول اهلل إن ابني كان عسيف ًا عىل هذا وأنله قنلا‬
‫(خرب) فتما ما روي أن رج ً‬
‫بامرأته فافتديته منه بامئة شاة‪ ،‬فقال‪(( :‬يرد عليك الغنم وعىل ابنك جلد مائة وتغريب عام‬
‫واغد يا أنس إىل امرأته فإن اعًفت فارمجها)) فغدا عليها فاعًفت فرمجها‪.‬‬
‫(خرب) وكذلك ما روى أبو هريرة‪ ،‬وقيد بن خالد اجلهني قلاال‪ :‬كنلا عنلد رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فقام إليه رجل فقال‪ :‬إن ابني كان عسيف ًا عىل هذا فزنلا بامرأتله‪،‬‬
‫فقال‪(( :‬عىل ابنك جلد مائة وتغريب عام واغلد يلا أنلس علىل املرأة هلذا فلإن اعًفلت‬
‫فارمجها)) فغدا عليها فاعًفت فرمجها‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬خذوا عنلي قلد جعلل اهلل هللن‬
‫سبيال البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام‪ ،‬والثيب بالثيب اجللد والرجم)) فإن ما تضمنته‬
‫هذه األخبار من النفي إنام قاله عىل وجه التتديب‪ ،‬ولإلمام عندنا أن يؤدب بذلك وبغلريه‬
‫إذا رآه ال عىل سبيل احلد كام روي (خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيله‪ ،‬علن جلده‪،‬‬
‫عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يف الزاين البكر جلد مائة وحبس سنة‪ ،‬ومعلوم كون احلبس‬
‫تتديب ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم قال‪ :‬كفى بالنفي فتنة‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عمر نفى واحد ًا فارتد وحلق هبرقل فقال‪ :‬ال أنفلي بعلده أحلد ًا‪ ،‬ومل‬
‫ينكره أحد من القحابة‪ ،‬فلو كان النفي حدّ ًا ثابت ًا ألنكروه عليه‪.‬‬
‫وروي أن عثامن نفى واحد ًا فارتد‪ ،‬وإن كلان اللزاين حلر ًا حمقلن ًا فحلده مائلة جللدة‬

‫‪-270-‬‬
‫والرجم يرجم باحللارة حتى يموت جيمع بيلنهام‪ ،‬وكلذلك القلول يف الزانيلة إذا كانلت‬
‫حمقنة وذلبك ملا رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬الثيب بالثيلب‬
‫جلد مائة والرجم‪.‬‬
‫(خرب) وحديث عبادة بن القامت خذوا عني قد جعل اهلل هللن سلبي ً‬
‫ال البكلر بلالبكر‬
‫ذلك‬ ‫جلد مائة والثيب بالثيب جلد ورجم‪ ،‬فعطف الرجم بواو العطف عىل اجللد فاقت‬
‫أنه جيمع بينهام؛ ألن الواو يقت ي اجلمع بني الشيأني بحقيقتها عند أهل اللغة وهلذا قلول‬
‫اهلادي إىل احلق‪ ،‬والنارص للحق عليهام السالم‪ ،‬وهو قول القاسمية والنارصية‪ ،‬فإن قيلل‪:‬‬
‫هذا افرب منسوخ‪ ،‬قلنا‪ :‬ال دليل عىل إثبات النسخ وال يثبت إال بدليل‪ ،‬ثم نقلول‪ :‬قلد دل‬
‫الدليل عىل أنه غري منسوخ وهو ما قد روى مجاعة بتلفاظ ةتلفة منهم عبدالرمحن بلن أيب‬
‫ليىل‪ ،‬وحبة العرين‪ ،‬والشعبي‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه جلد كاحة اهلمذانية ورمجها فليام‬
‫روى ابن أيب ليىل أرا جاءت فقالت‪ :‬إين قنيت فردها حتى شهدت عىل نفسها أربع مرات‬
‫فتمر هبا فللدت‪ ،‬ثم أمر هبام فرمجت‪ ،‬وفيام روى احبة العرين أن علي ًا عليه السالم قال هلا‪:‬‬
‫لعلك ُغ مقبت نفسك‪ .‬قالت‪ :‬أتيت طائعة غري مكرهة فتخرها حتى ولدت وفطملت ثلم‬
‫جلدها احلد ثم دفنها يف الرحبة إىل منكبيها ثم رمى هو أول الناس ثم قال‪ :‬ارموا‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫جلدهتا بكتاب اهلل ورمجتها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ويف رواية الشلعبي‬
‫أ" ن عيل عليه السالم جلد كاحة اهلمذانية يلوم افمليس ورمجهلا يلوم اجلمعلة وقلال‪:‬‬
‫جلدهتا بكتاب اهلل ورمجتها بسنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬واإلحقلان اللذي‬
‫هو ك يف إجياب الرجم ما مجع كائط وهي احلرية والبلوغ والعقل مع الو ء يف نكا‪،‬‬
‫صحيح أو خلوة إذا كانت املرأة عاقلة تقلح للو ء‪ ،‬فإذا تزوج بلاحلرة البالغلة صلبي مل‬
‫يبل ودخل هبا وكان مثله يتيت النساء ومثلها تؤتى فهو حمقن‪ ،‬ذكره حممد بن حييى‪ ،‬وهذا‬
‫كله مذهب حييى عليه السالم‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬ما ذكره حييى عليه السالم يف افلوة القحيحة أرا جتلب اإلحقلان‬
‫فيه نظر‪ ،‬واألوىل أن املحقن هو الو ء دون افلوة لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬

‫‪-271-‬‬
‫((الثيب بالثيب جلد ورجم)) والثيوبة ال حتقل إال باجلامع‪.‬‬

‫فصل‬

‫واإلحقان يف اللغة هو املنع‪ ،‬ومنه قرس حمقنة ولتحقنكم من بتسلكم‪ ،‬ويف الرشلع‬
‫أربعة أمور‪ :‬الزوجية‪ ،‬واإلسالم‪ ،‬واحلرية‪ ،‬والعفة‪.‬‬

‫أملللللا الزوجيلللللة فلقلللللول اهلل تعلللللاىل‪     { :‬‬

‫‪[}‬النسالاء‪ ،]24:‬أراد هبا ذوات األقواج من املسببات‪ ،‬وكذلك قوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪ }‬عىل قراءة من قرأ بضم اهلمزة يف أحقن أي تزوجن‪.‬‬

‫وأما اإلسالم فلقوله تعاىل‪ } { :‬أي أسلمن هذا عىل قراءة من قلرأ أحقلن‬
‫بفتح اهلمزة‪.‬‬
‫وأما احلرية فلقوله تعاىل‪[}  { :‬النور‪ ،]4:‬أراد به احلرائر‪.‬‬

‫وأما العفة فلقولله تعلاىل‪[}  { :‬النسالاء‪ ،]24:‬يريلد أعفلا غلري‬
‫قانني‪ ،‬فإذا ثبت أن اسم اإلحقان يف الرشع يفيد هذه األشياء األربعلة وجلب أن يكلون‬
‫مجيعها كط ًا يف الرجم لقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أو قنا بعد إحقان)) إال خقله‬
‫الدليل‪ ،‬وقد خص الدليل اإلسالم أنه ليس برش يف اإلحقان‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روي عن ابن عملر أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم رجلم‬
‫هيويدين قنيا‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عمر أنه قال‪ :‬جاءت اليهود إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫فذكروا له أن رج ً‬
‫ال منهم وامرأة قنيا فقال هلم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬ملا‬
‫جتدون يف التوراة؟)) قالوا‪ :‬نفضحهم وجيلدون‪ .‬فقال عبداهلل بلن سلالم‪ :‬كلذبتم إن فيهلا‬
‫الرجم‪ ،‬فاتوا بالتوراة فانرشوها فوضح أحدهم يده عىل آية الرجم ثم قلرأ ملا قبلهلا وملا‬

‫‪-272-‬‬
‫بعدها‪ ،‬فقال له عبداهلل بن سالم‪ :‬ارفع يد فرفع يده فإذا فيها آية الرجم‪ ،‬فقالوا‪ :‬صدق يا‬
‫حممد فيها آية الرجم فتمر هبام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فرمجا‪ ،‬فقال عبداهلل بلن‬
‫عمر‪ :‬فرأيت الرجل جيني عىل املرأة يقيهيا احللارة يعني يكب عليها حتى تقلع احلللارة‬
‫عليه‪ ،‬قوله جيني عليها األوىل ‪-‬بالياء معلمة باثنتني من أسفل وباجليم وبعده نون‪ -‬يقال‪:‬‬
‫اجنى عليها جيني إجنا ًء إذا أكب عيله يقيه شيأ ًا‪ ،‬ويف رواية جياين عليها أي يقيها‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث إىل جاريلة‬
‫قنت ليقيم عليها احلد فإ اذ هبا دم يسيل ال ينقطلع وروي فوجلدها مل جيلف دمهلا فرجلع‬
‫وعرف النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬دعها حتى ينقطلع دمهلا ثلم أقلم عليهلا‬
‫احلد)) دل ذلك عىل أن البكر املريض إذا قنا انتظر برؤه فإذا برس حد‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت برجل مريض أصفر قد خرجلت‬
‫عروق بطنه قد قنا فدعا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بعثكول فيه مائة شلمراخ فرضلبة‬
‫رضبة واحدة‪ ،‬دل عىل أن املريض إذا قنا مل يرج برؤه‪ ،‬وخيف موته قبل إقاملة احللد عليله‬
‫نحو أن يكون مرضه الغالب يف العادة منه املوت كالسل ونحوه فإنه يقام عليه احللد علىل‬
‫هذا الوجه وال يقام احلد عىل الزاين البكر يف وقت شديد احلر وال شديد اللربد إذا خيلف‬
‫عليه منه وهذا يف البكر‪ ،‬وأما املحقن املرجوم فاملققود قتله فال يراعى فيه ذلك‪ ،‬وحكم‬
‫املرأة والرجل فيام ذكرناه واحد بال خالف‪.‬‬
‫(خرب) روي يف ققة العامرية أرا ملا اعًفت بالزنا أمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫بردها إىل أن تضع ما يف بطنها ثم جاءت فردها إىل أن تكفل ولدها‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم مثله يف اهلمذانية حني اعًفلت بالزنلا أنله ردهلا حتلى‬
‫وضعت فلام جاءت بعد الوضع ردها فقال‪ :‬أكفليها‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا أمري املؤمنني أنا أكفل‬
‫ولدها‪ ،‬فتغري وجه أمري املؤمنني عليه السالم وظهرت فيه الكراهة فقلال الرجلل‪ :‬أملا إذا‬
‫كرهت فال‪ ،‬فقال‪ :‬بعد أن بذلت ذلك من نفسك فال فكفله إياها فرمجها‪.‬‬

‫‪-273-‬‬
‫(خرب) وروي أن عمر كان أمر برجم امرأة قنت وهي حبىل ومل يكن علم ذلك فقال له‬
‫عيل عليه السالم‪ :‬هذا سلطانك عليها فام سلطانك علىل ملا يف بطنهلا فلً عملر رمجهلا‬
‫وقال‪ :‬لوال عيل هللك عمر‪ ،‬وقال‪ :‬ال أبقاين اهلل ملعضلة ال أرى فيها ابن أيب طالب‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن معاذ ًا قال له ذلك فقال‪ :‬لوال معاذ هللك عمر‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيب‬
‫ال حلدّ ها وإن كانلت حلام ً‬
‫ال‬ ‫عىل اإلمام أن يستربس رحم املرأة إذا قنت فإن مل تكلن حلام ً‬
‫انتظر هبا حتى ترضع ولدها اللبا؛ ألنه إذا مل ترضعه تلف ثم ينظر فلإن كلان للقلبي ملن‬
‫يكفله رمجت وإن مل يكن آخر رمجها حتى تفطمه ويستغني عنها‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أتى برجل سكران يف شلهر رمضلان فًكله حتلى‬
‫ضحى ثم رضبه ثامنني ثم أمر به إىل السلن‪ ،‬ثم أخرجه من الغد فرضلبه عرشلين فقلال‪:‬‬
‫ّ‬
‫ثامنون للخمر وعرشون جلرأتك عىل اهلل تعاىل يف رمضان‪ ،‬دل ذلك عىل أن من قنى بذات‬
‫رحم حمرم أو قنا ذمي بمسلمة أقيم عليه احلد وأدب تتديب ًا قايد ًا عليه‪ ،‬وعند النارص للحق‬
‫أن الذمي إذا قنا بمسلمة فإنه يكون ناقض ًا للعهد فيقتل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال‪ :‬إذا قنا الذمي بمسلمة قتلناه‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬مل يثبت ذلك عندنا عنه‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬فإن كان احلد املستحق هو الرجم قدم التعزير عليه لأال يفوت بتقلديم‬
‫الرجم‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآلله وسللم ((ادرؤا احللدود بالشلبهات))‪ ،‬يلدل علىل أن‬
‫املرهتن إذا وطئ اجلارية املرهونة عنده وادعى اجلهل بالتحريم درس عنه احللد‪ ،‬ودل علىل‬
‫أن من وطئ امرأة قد طلقها ثالث ًا وهي يف عدة منه غري عامل بالتحريم وادعى اجلهل صلار‬

‫‪-274-‬‬
‫ذلك شبهة ودرس عنه احلد‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه ملا أتى برجلل وقلع علىل جاريلة امرأتله قلال‪:‬‬
‫ألرمجنه‪.‬‬
‫وروي عن عمر أنه جلد فيه مائة جلدة دل عىل أن ملن وطلئ جاريلة امرأتله وادعلى‬
‫اجلهل؛ ألن ذلك مما ال يشتبه حتريمه بني املسلمني‪.‬‬
‫(خرب) وما روي عن عيل عليه السالم أنه أيت برجل وقع عىل جارية امرأته فقال له عيل‬
‫عليه السالم‪ :‬ما محلك عىل ما صنعت؟ فقال‪ :‬هي َّ وماهلا َّ‪ ،‬فدرأ عنه احلد‪ ،‬فإنه حممول‬
‫عندنا عىل أن تكون املرأة قد صدقته عىل ذلك‪ ،‬وقالت له قبل الفعل‪ :‬قد أبحت لك وطأها‬
‫والترصف يف ماَّ فإرا إذا قالت ذلك ومل يعلم الزوج بتحريمله درس عنله احللد للشلبهة‬
‫ليكون مجع ًا بني افربين‪.‬‬

‫فصل‬

‫وقللللال اهلل تعللللاىل‪       { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ]15:‬اآلية‪ .‬قال اهلل تعاىل‪[}    { :‬النور‪ ،]4:‬دل عىل أن‬
‫الزنا ال يثبت إال بشهادة أربعة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن سعد بن عبادة قال‪ :‬يا رسول اهلل أرأيت لو وجدت مع امرأيت رجل ً‬
‫ال‬
‫أمهله حتى آيت بتربعة شهداء؟ قال‪(( :‬نعم))‪.‬‬
‫(خرب) وروي يف افرب األول يف الثالثة الذين شهدوا عىل املغرية بلن شلعبة ومل يشلهد‬
‫قياد بمثل امليل يف املكحلة جلد عمر الثالثة ومل جيلد املغرية‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن ثالثة شهدوا عىل رجل بالزنا وقال الرابع‪ :‬رأيتهام يف ثوب واحد فإن‬
‫كان هذا قنا فهو ذلك فللد عيل عليه السالم الثالثة وعزر الرجل واملرأة‪ ،‬دل ذللك علىل‬

‫‪-275-‬‬
‫أنه ال يقبل يف الزنا من الشهود إال أربعة وال تقح الشهادة حتى يشهدوا أرلم رأوه يلزين‬
‫وشاهدوا اإليالج يف وقت واحد يف مكان واحد ال جيدون بعد كامهلم أربعة لقوله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}    ‬النور‪ ،]4:‬وقد كملوا أربعة شهداء فإذا صحت شلهادة أربعلة‬
‫ستل اإلمام إن كان حارض ًا أو احلاكم عن إسالمهم؛ ألن من ليس بمسلم ال تقبل شهادته‬
‫كام تقدم ثم يستل عن عدالتهم؛ ألرا ك يف صحة شهادهتم يف سائر احلقوق كام تقدم يف‬
‫الزنا بذلك أوىل ثم يسلتل علن صلحة عقلوهلم؛ ألن شلهادة ملن لليس بعاقلل ال تقلح‬
‫باإلمجاع‪ ،‬ويستل عن صحة أبقارهم؛ ألن من كان كليل البرص خفي عليه مشاهدة مثلل‬
‫امليل يف املكحلة فإذا كملت شهادهتم عىل هذا الوجه مل جيب عليهم النظر وال الشهادة بال‬
‫خالف‪ ،‬فإن عزموا عىل الشهادة جاق هلم تكرير النظر إىل الفرجني ليتحققلوا الشلهادة إذا‬
‫كانوا أربعة عدوالً وكان يف الزمان إمام حق‪ ،‬وجيبى عىل أن يستل بني الشلهود واملشلهود‬
‫عليه عداوة؛ ألن العداوة شبهة تدرأ هبا احلدود‪ ،‬ويستل عن حال مشهود عليله يف احلريلة‬
‫والرق وصحة العقل واجلنون والبكارة والثيوبة ال الثيوبة يقال تثيبت املرأة إذا صارت ثيب ًا‬
‫رجع؛ ألن احلد خيتلف بحسب اختالف هذه األمور فيبحث عنها ليقيمه برشو ويسلتل‬
‫شاهدي اإلحقان عن معنى اإلحقان‪ ،‬ويكفي يف ثبوت اإلحقان شلهادة رجللني بلال‬
‫خالف وشهادة رجل وامرأتني عندنا عىل ما تقدم بيانه‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عليل عليله السلالم أن رجل ً‬
‫ال ملن‬
‫أسلم جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فشهد عىل نفسه بالزنا فرده النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أربع مرات فلام جاءه يف افامسة قال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪:‬‬
‫((أتدري ما الزنا؟)) قال‪ :‬نعم‪ ،‬أتيتها حرام ًا حتى غاب ذلك مني يف ذلك منها كلام يغيلب‬
‫امليل يف املكحلة والرشا يف البأر فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم برمجه فرجم‪.‬‬
‫(خرب) وروى سعيد بن جبري‪ ،‬عن ابن عباس قال جاء أعرايب فلاعًف بالزنلا ملرتني‬
‫فطرده ثم جاءه فاعًف بالزنا مرتني فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬شهدت عىل‬
‫نفسك أربع مرات فاذهبوا به فارمجوه‪ ،‬وهي ققة مروية من طرق بتلفاظ يف كلها أنله رده‬

‫‪-276-‬‬
‫حتى أقر أربع مرات وفيه دليل من وجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أن املرة الواحدة لوكفت مل جيز تتخري احلد مع قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫((ال ينبغي لواَّ قوم أن يؤتى إليه بحد إال أقامه))‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه قال‪ :‬اآلن تم اإلقرار أربعا فارمجوه فعلل احلكم الذي هو وجوب اللرجم‬
‫بتكامل اإلقرار أربع ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا بكر قال ملاعز وقد أقر ثالث ملرات إن اعًفلت الرابعلة رمجلك‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدل عىل أن اعتبار العدد أربلع ملرات كلان معلومل ًا‬
‫عندهم من جهة الرشع‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم رجم امرأة اعًفت بالزنا بعد أن ردها حتى أقرت‬
‫أربع ًا وال حيفن يف خالفه فكان كاإلمجاع دل ذلك عىل حكمني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أنه جيب أن يستل الزاين عن تفسري الزنا وال يعرف فيه افالف‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه ال يرجم بإقراره حتى يقر أربع مرات ذكر ًا كان أو أنثى‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن عبد ًا أقر عنده بالرسقة مرتني فقط وأن عبد ًا أقر‬
‫عنده بالزنا فرده أربع مرات ثم جلده مخسني‪ ،‬وعن عائشة مثله يف قطعه بلإقراره بالرسلقة‬
‫ومل يرو خالفه عن أحد غريها من القحابة‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال فرق فليام ذكرنلاه بلني أن‬
‫يكون حر ًا أو عبد ًا وأن حكم العبد قفي ذلك حكم احلر‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ملاعز بعلد أن أقلر أربلع ملرات‪:‬‬
‫لعلك ملست لعلك قبلت لعلك نظرت فكان النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم يلقنله بعلد‬
‫ثبوت احلد بإقراره ما لو تلقنه لسقط به احلد‪ .‬وروي أنه حني رمي باحللارة هرب فرملي‬
‫حتى قتل‪ ،‬وروي أنه قال‪ :‬ردوين إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم حني أخربوه بلذلك‪(( :‬هلال تركتملوه)) وروي ((هلال رددمتلوه)) ويف‬

‫‪-277-‬‬
‫حديث أيب سعيد قال‪ :‬جاء ماعز إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم وذكلر ققلته إىل أن‬
‫قال‪ :‬اذهبوا هبذا فارمجوه فتتينا به مكان ًا قليل احللارة فلام رميناه اشتد من بني أيدينا يسعى‬
‫فتبعناه فتتى بنا حرة كثرية األحلار فقام ونقب ونفسه فرميناه حتى قتلناه‪ ،‬ثلم اجتمعنلا‬
‫إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخربناه فقال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫((سبحان اهلل فهال خليتم عنه حني سعى من بني أيديكم)) دل عىل أن من أقر بالزنلا أربلع‬
‫مرات ثم رجع ُقبمل رجوعه‪ ،‬وهذا القول مروي عن عيل عليه السلالم وعملر وأيب بكلر‪،‬‬
‫وابن مسعود‪ ،‬وال ةالف هلم يف القحابة فوجب أن جيري جمرى اإلمجاع يف كونله حللة‬
‫وال فقل بني اإلقرار بالزتا وكب افمر أو الرسقة ويف أنه يقبلل رجوعله بعلد اإلقلرار‬
‫قياس ًا عىل اإلقرار بالزنلا إال أن يف الرسلقة يسلقط القطلع دون الضلامن‪ ،‬والللوا حملرم‬
‫وحمظور وفاعله فاسق ومستحلة كافر قال اهلل تعاىل‪     { :‬‬

‫‪            ‬‬

‫‪[،}      ‬األوراف‪ ]81-80:‬فسامه فاحشلة وأقلره اهلل عليله‬
‫فلللدل علللىل أنللله صلللحيح وقلللد قلللال تعلللاىل‪      { :‬‬

‫‪[}‬األنعالام‪ ، ]151:‬وألن اهلل تعاىل عذب قوم لو بتن جربيل عليه السالم بتن اقتللع‬
‫مدرم وهي أربع قرى فحملها بام فيها وفيها من بني آدم ستامئة ألف نفس مع ما معهم من‬
‫سائر احليوانات‪ ،‬ورفعهم إىل أن سمع أهل السامء نبا‪ ،‬الكالب وصليا‪ ،‬الديكلة وضلغا‬
‫األوالد‪ ،‬ثم رموا باحللارة من السامء {‪[}    ‬هود‪ ،]83:‬ثم نكس‬
‫هبم فلعل عاليها سافلها‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب موسى األشعري‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪ :‬إذا أتلى‬
‫ال رج ً‬
‫ال فهام قانيان قال‪ :‬وإذا أتت املرأة املرأة فهام قانيتان‪.‬‬ ‫رج ً‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال يف الذكرين ينكح أحدمها صاحبه أن حدمها حد‬
‫الزاين إن كاناإحقنا رمجا وإن كانا مل حيقنا جلدا‪ ،‬وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬اللوطي‬
‫بمنزلة الزاين وهو أعظمهام جرم ًا‪ ،‬دل ذلك عىل أن حد الذكرين يعللو أحلدمها صلاحب‬

‫‪-278-‬‬
‫حدا الزاين عىل التفقيل الذي قدمناه أوالً‪ ،‬وهذا هو مذهب اهلادي عليه السالم نقله يف‬
‫(األحكام) وهو مذهب القاسم عىل ما حكاه الناطق باحلق وهو اختيار املؤيد باهلل وحكى‬
‫املؤيد باهلل من مذهب القاسم أنه يقتل بكر ًا كان أو ثيب ًا وهو قلول النلارص عليله السلالم‪،‬‬
‫وهو الذي فعله اهلادي عليه السالم عىل ما حكاه مقنف سريته أنه شهد عىل رجل عنلده‬
‫أنه يؤتى كام تؤتى املرأة فتمربه فرضبت عنقه وصلب وكان ذلك ببلدة يقلال هللا منكلث‪،‬‬
‫ويف العلوم قال القاسم عليه السالم‪ :‬حده يف ذلك الرجم‪ ،‬وكذلك فعلل اهلل بقلوم للو‬
‫رمجهم من سامئه‪ ،‬وذكر مثل ذلك عن عيل عليه السالم يف رجل أيت به يف ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وفيه عن القادق جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه قال أيت عملر بفاعلل أو مفعلول بله‬
‫فاستشار علي ًا عليه السالم فتمره أن يرضب عنقه‪ ،‬ثم قال‪ :‬قد بقي حلدّ آخلر‪ ،‬قلال‪ :‬وملا‬
‫هو؟ قال‪ :‬حترقه بالنار‪.‬‬

‫قال عليه السالم‪ :‬إن هلم أرحام ًا كترحام النساء‪ ،‬قيل‪ :‬فلام بلاهلم ال يللدون؟ قلال‪ :‬إن‬
‫أرحامهم منكوسة‪.‬‬
‫(خرب) وفيه عن ابن احلنفية قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من أمكن‬
‫من نفسه ثالث ًا جعل اهلل له يف دبره رمح ًا كرحم املرأة يشتهي به كام تشتهي املرأة)) قلال‪ :‬يلا‬
‫رسول اهلل فام باهلم ال يلدون؟ قال‪(( :‬إن أرحامهم منكوسة)) ويف خرب ملن هلذا الكتلاب‬
‫هذا افرب عن غري ابن احلنفية وخالفه يف موضعني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف قوله من نفسه ثالث ًا فإن فيه ثالث مرات‪.‬‬


‫وثانيهام‪ :‬يف قوله‪ :‬قال‪ :‬رسول اهلل فام باهلم ال يلدون؟ فإن فيه قيل يلا رسلواهلل‪ ،‬وهلو‬
‫األصوب ويقحح هذا القول أن القحابة أمجعت عىل قتل فاعليه‪ ،‬وإنام اختلفوا يف كيفية‬
‫القتل‪ ،‬روي أن خالد بن الوليد كتب إىل أيب بكر أنه وجد يف بعض نواحي العلرب رجل ً‬
‫ال‬
‫ُينكح كام تُنكح النساء فاستشار أبو بكر فيه أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫وكان أشدهم قوالً فيه عيل عليه السالم وقال‪ :‬هذا ذنب مل يعص اهلل به من األمم إال أملة‬

‫‪-279-‬‬
‫واحدة وقد علمتم ما صنع اهلل هبم‪ ،‬واتفقوا عىل أنه حيرق بالنار‪ ،‬فتمر أبو بكلر بإحراقله‪،‬‬
‫وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يلقى عليه حائط‪ ،‬ومثله عن عثامن‪ ،‬وعن ابلن عبلاس أنله‬
‫يلقى من أعىل بناء يف قرية‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬اقتللوا الفاعلل‬
‫واملفعول به))‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من وجدمتوه يعمل‬
‫عمل قوم لو فاقتلوا الفاعل واملفعول به)) دل ذلك عىل جواق قتله عىل كلل حلال بكلر ًا‬
‫كان أو حمقن ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من ُو مجد ملع‬
‫البهيمة فاقتلوه مع البهيمة)) قيل البن عباس‪ :‬ما شتن البهيمة؟ قال‪ :‬إرا تُرى فيقال‪ :‬هذه‬
‫وهذا وقد فعل هبا ما فعل‪ ،‬فدل ظاهر افرب عىل وجوب قتل كل ملن يفعلل هلذا الفعلل‬
‫وهو مذهب القاسم عليه السالم فإذا كانت البهيمة مما ال يؤكل حلمه كلالفرس ونحوهلا‬
‫فقيمتها عىل الواطئ ذكره الناطق باحلق ملذهب القاسم عليه السالم‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬من أتى بقرة الغري ثم اشتبهت عليه فال يشء عليه‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من وقع عىل هبيملة‬
‫فاقتلوه واقتلوها معه)) وذكر الناطق باحلق أن من أتى البهيمة فإنه جيلد إن كان بكر ًا فقلط‬
‫ويرجم مع ذلك إن كان حمقن ًا وذكر حممد بن حييى اهلادي أنه يعزر وبه قال املؤيد‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن شاهدين شهدا عند عيل عليه السالم بالرسقة عىل رجل فتمر بقطعله‬
‫ثم جاءا بآخر فقاال‪ :‬يا أمري املؤمنني غلطنا هذا الذي يق واألول بريء‪ ،‬فقال عيل عليله‬
‫السالم‪ :‬عليكام دية األول وال أصدقكام عىل هذا اآلخر ولو علمت أنكام تعمدمتا قطع يده‬
‫لقطعت أيديكام‪ ،‬وروي مثله عن أيب بكر ومل يرو عن أحد ملن القلحابة خالفله فللرى‬
‫جمرى اإلمجاع يف كونه حلة دل عىل أن شهود احللد إذا رجعلوا كلهلم واعًفلوا بالعملد‬

‫‪-280-‬‬
‫ال قتلو ققاص ًا وإن كان قطع ًا قطعوا كذلك وإن ادعوا افطت كلان الواجلب فيله‬
‫وكان قت ً‬
‫الدية‪ ،‬فإذا كان يف الزنا ورجعوا كلهم لزم كل واحد منهم ربع الدية وإن رجع واحد منهم‬
‫لزمه ربع الدية‪ ،‬وإن رجع أحد شاهدي القطع لزمه نقف دية اليد‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه أتى بامرأة بكر قعموا أرا قنت فتمر النساء أن ينظرن‬
‫إليها فقلن‪ :‬هي عذراء‪ .‬فقال عيل عليه السالم ما كنت ألرضب من عليهلا خلاتم اهلل‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أن املرأة لو شهد عليها أربعة بالزنا وأقيم عليها احلدّ ثم نظر النساء إليها فشهدن‬
‫بترا عذراء مل يكن عىل اإلمام ضامن األرش؛ ألنه أنفذ احلكم بشهادة أربعة وال جيب علىل‬
‫الشهود يشء؛ ألنه لو لزم لكان ذلك أرش الرضب أو حدّ القذف وال يثبت واحلد منهلا‬
‫بشهادة النساء وحدهن‪ ،‬ودل افرب عىل أن علي ًا عليله السلالم كلان جييلز شلهادة النسلاء‬
‫وحدهن يف مثل هذا‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أتلى ملنكم ملن هلذه‬
‫القاذورات شيأ ًا فليستً بسً اهلل فمن أبدى لنا صفحته أقمنا عيل احلدّ ))‪.‬‬
‫أقر أنه قنا بامرأة فبعث إليهلا رسلول‬
‫ال ّ‬‫(خرب) وروى سهل بن سعد الساعدي أن رج ً‬
‫أقر بالزنا بامرأة‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلحدت فللد الرجل‪ ،‬دل ذلك عىل أن من ّ‬
‫بعينها وجحدت ذلك فإنه حيد‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يؤتى يلوم القياملة بطلون‬
‫أيدهيم كبطون احلوامل)) دل ذلك عىل أنه ال جيوق إنزال املاء األعظم وهو املني باليد‪.‬‬
‫قال السيد أبو طاللب‪ :‬ملن أنلزل امللاء بيلده فقلد عىصل ربله ووجبلت عليله التوبلة‬
‫واالغتسال‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لعن اهلل ناكح البهيمة ولعلن اهلل‬
‫ناكح اليد)) دل ذلك عىل حتريم هذين الفعلني وحظرمها؛ وألرام مباكة يق يل إىل قطلع‬
‫‪ ،‬ويلدل علىل ذللك قلول اهلل تعلاىل‪  { :‬‬ ‫النسل فكانت حمرمة كلاللوا‬

‫‪-281-‬‬
               

‫ ومن أنزل املني بيده فلم حيفن فرجه مملا وراء‬،]7-5::‫}[المؤمنو‬   
.‫ذلك وجب تعزيره عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل‬

-282-
‫باب حد القاذف‬
‫القذف‪ :‬حمرم حمظور وهو الرمي ملن ظاهره السلً بلالفلور‪ ،‬واألصلل فيله قلول اهلل‬
‫تعاىل‪[}       { :‬النور‪ ]4:‬اآلية‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه جلد يف قذف عائشة حسلان بلن‬
‫ثابت‪ ،‬ومسطح ًا‪ ،‬ومحنة بنت جحش‪ ،‬قال يف ذلك شاعر من املسلمني‪:‬‬
‫حسللان الللذي هللو أهللله ومحنللة إذ قللالوا هلللري ًا ومسللطح‬
‫لقللد ذاق ّ‬
‫وسخطة ذي العرش العظيم وأبر‪،‬‬ ‫تعللاطوا بللرجم الغيللب قوج نب ل ّيهم‬
‫شآبيب قطر من ذرى املزن تسفح‬ ‫فقبت عليهم حمقبات كترلا‬

‫وما روي أن علي ًا عليه السالم جلد الثالثة الذين شهدوا عنده عىل الرجلل بالزنلا مللا‬
‫قال الرابع‪ :‬رأيتهام حتت ثوب واحد ومل يشهد‪ ،‬وكذلك ما روي عن عمر يف ققة املغرية‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع القلم عن ثالثة)) افرب‪ّ ،‬‬
‫دل‬
‫ذلك عىل أن القبي وامللنون إذا قذفا غريمها مل جيب عليهام حدّ القذف كام ال حيدّ قاذفهام‬
‫إذا قذفهام بام يوجب احلدّ عىل غريمها؛ ألنه لو قامت الب ّينة بقحة قذفهام به مل حيل حلدّ مها‬
‫لرفع القلم عنهام‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال خالف يف وجوب حد القذف عىل من قذف حمقن ًا أو حمقنة بام به جيب احلد لقول‬
‫اهلل تعلللللللاىل‪         { :‬‬

‫‪[}‬النور‪ ،]4:‬دلت اآلية عىل حكمني‪:‬‬

‫‪-283-‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن من قذف حمقنة فإنه جيلد هذا القدر‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬أنه إذا قذف من أقام البينة عىل أنه فعل ما جيب عليه به احلد من الزنلا مل جيلب‬
‫عليه احلدّ ّ‬
‫فدل عىل أن من قذف من هو معروف بالزنا مل حيدّ ‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬اجتنبلوا السلبع‬
‫وماهن؟ قال‪(( :‬اإلكا باهلل تعاىل‪ ،‬والسحر‪،‬‬
‫املوبقات)) قالوا‪ :‬وما املوبقات يا رسول اهلل ُ‬
‫وقتل النفس التي حرم اهلل إال باحلق‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال اليتيم‪ ،‬والتوَّ يوم الزحلف‪،‬‬
‫وقذف املحقنات)) ويشً يف املقذوف الذي حيد قاذفه البللوغ‪ ،‬واإلسلالم‪ ،‬واحلريلة‪،‬‬
‫والعقل‪ ،‬والعفة يف الظاهر من الزنا‪ ،‬فإن كان غري معروف به وكان فاسق ًا بغريه حد قاذفه‪،‬‬
‫وأما اشًا البلوغ والعقل فهو إمجاع‪.‬‬
‫وأما اشًا احلرية فون اهلل تعاىل اشً وجوب احلدّ عىل القاذف إحقان املقذوف‬
‫‪[}‬النور‪ ،]4:‬والرق ينايف اإلحقان بدليل قوله تعاىل‪:‬‬ ‫{‪ ‬‬ ‫بقوله‪:‬‬
‫{‪          ‬‬

‫‪[}‬النساء‪.]25:‬‬

‫وأما اشًا اإلسالم فقد قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ملن اك بلاهلل‬
‫فليس بمحقن)) وألن الذمي ال خيتص بحرمة جيب ألجلها عىل قاذفه احلد كلام ال يقتلل‬
‫قاتله املسلم ققاص ًا به‪.‬‬

‫وأما اشًا العفة فاشًطنا عفته يف الظاهر عن الزنا؛ ألن من كان معروف ًا به فالقذف‬
‫به صدق فال يلزم قاذفه احلد‪ ،‬وهلذا ُأسقط احلد عىل القلاذف إذا أقلام البينلة علىل صلدق‬
‫قذفه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال قال للنبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ :‬إن املرأيت ال تلرد يلد‬
‫المس‪ ،‬قال‪ :‬طلقها‪ ،‬قال‪ :‬فإن نفيس تتبعها‪ ،‬وروي فإين أحبها‪ :‬قال‪(( :‬فتمسكها)) دل عىل‬
‫أن الرشع قد فرق بني التعريض يف القذف والترصيح به‪ ،‬فالتعريض نحلو أن يقلول‪ :‬أنلا‬

‫‪-284-‬‬
‫لست بزان أو يعرف من الزاين مني ومنك أو يا ولد احلالل أو لسلت ابلن قان وال قانيلة‬
‫وحتقيقه هو ما مل يوضع للزنا لغة وال عرف ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه كان يعلزر يف التعلريض‬
‫والترصيح أن يقول‪ :‬يا قاين أو يا قانية ونحو ذلك‪ ،‬والكناية نحو أن يقلول‪ :‬لسلت بلابن‬
‫فالن املشهور النسب ونحو ذلك‪ ،‬والفرق بني الرصيح والكناية أن الرصيح هو كل لفلن‬
‫ال حيتمل إال ما رماه به من الزنا‪ ،‬والكناية هو ما كان موضوعه للرمي بالزنلا وإن احتملل‬
‫غريه؛ ألنه إذا قال‪ :‬لست بابن فالن فهو حيتمل أنه أراد أنه ولد قنا وحيتمل أنله أراد أنله مل‬
‫يولد عىل فراشه‪ ،‬وحيتمل أنك لست تشبهه خلق ًا فام أفاد من الكنايات الرمي بالزنا وجب‬
‫عليه حدّ القاذف‪ ،‬وما احتمل الزنا وغريه سأل عن نيته فإن قال‪ :‬أردت به الزنا كان قلذف ًا‬
‫فيحد إلقراره‪ ،‬وإن قال أردت غريه درس عنه احلد للشبهة‪ ،‬فإذا ثبت القذف وجلب حلد‬
‫القاذف وإن كان حر ًا فحده ثامنون جلدة كام نطق بله الكتلاب‪ ،‬وإن كلان عبلد ًا فلتربعون‬
‫جلدة هذا هو املروي عن عيل عليه السالم‪ ،‬وأيب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثامن‪ ،‬وابن عباس‪.‬‬
‫(خرب) وروى حييى بن سعيد األنقاري قال‪ :‬رضب أبو بكر بن حممد بن عمرو مملوك ًا‬
‫افًى عىل حر ثامنني جلدة فبل ذلك عبداهلل بن عامر بن ربيعة فقال‪ :‬أدركت الناس ملن‬
‫قمن عمر بن افطاب إىل اليوم فام رأيت أحد ًا رضب اململو املفًي عىل احلر ثامنني قبل‬
‫أيب بكر بن حممد‪ ،‬دل ذلك عىل أن حدّ العبد كان عندهم معروف ًا وأن أبلا بكلر بلن حمملد‬
‫خالفه‪.‬‬
‫(خرب) كام روى جالس أن علي ًا عليه السالم قال يف عبد قذف حر ًا نقف احلد وهلذا‬
‫القول هو الظاهر من قول علامء العًة وهو قول اجلمهور‪ ،‬وهو امللروي علن عليل عليله‬
‫السالم‪ ،‬وأيب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثامن‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وذلك ألن الداللة قد دلت علىل أن حلد‬
‫العبد عىل النقف من حد احلر فيام هو أعظم من القذف‪ ،‬فكذلك حد القذف‪ ،‬واملعنى أنه‬
‫حد يمكن تنقيفه وقد قدمنا حكم املكاتب يف احلدّ ‪ ،‬فعىل هذا إذا قلذف املكاتلب ملن ال‬
‫حيل قذفه فإنه حيدّ عىل حساب ما أ ّدى من مال الكتابة كام تقدم بيانه‪ ،‬وإن مل يؤد شيأ ًا ملن‬

‫‪-285-‬‬
‫مال املكاتبة فحده حد العبد وال خالف يف أن االبن إذا قذف أباه لزمه احلد‪ ،‬واختلفلوا يف‬
‫األب إذا قذف ابنه فعند القاسم وحييى عليهام السالم‪ :‬يلزمه احلمد‪ ،‬وعند املنقور بلاهلل‪:‬‬
‫ال يلزمه احلدّ وال التعزير‪ ،‬وجه األول الظواهر الدالة عىل وجوب احلدّ فإرا مل تفقل بني‬
‫األب وغريه‪ ،‬وجه الثاين قوله تعاىل‪[}     { :‬اإلسراء‪ ]23:‬ولو علم‬
‫اهلل أدنى من أف يف األذى لنهى عنه‪ ،‬فإذا رى عن التتفيف هبا وعن ررمها كان ذلك شبهة‬
‫يف درء احلدّ والتعزير عنه‪ ،‬واحلدود تدرأ بالشبهات كام تقدم وهذا أوىل؛ ألرا عقوبة جتب‬
‫عىل ما يلتيت بيانله‬ ‫بحق اآلدمي فال جتب للولد عىل الوالد فوجب سقوطه دليله الققا‬
‫إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(خرب) وروى األشعث بن قيس أن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬ال أويت‬
‫برجل يقول‪ :‬إن كنانة من قريش إال جلدته))‪.‬‬

‫(خرب) عن ابن عباس قال‪ :‬قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إذا قال رجل لرجل‬
‫يا ةنث فاجلدوه عرشين وإذا قال‪ :‬يا هيودي فاجلدوه عرشين)) دل ذلك عىل أن من رمى‬
‫غريه بيشء من رضوب الفسق سوى الزنا فإنه ُيعزر‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬تعافوا احللدود فليام بيلنكم فلام‬
‫بلغني من حدّ فقد وجب)) دل ذلك عىل أن حدّ القذف حلق هلل تعلاىل واملطالبلة بله حلق‬
‫لخآدمي فله أن يعفو؛ ألنه حق له وله أن يطالب به؛ ألنه حق له فإذا طاللب ثلم عفلا بعلد‬
‫الطلب مل يسقط بعفوه؛ ألنه حق هلل تعاىل‪.‬‬
‫(خرب) وروت عاشة قالت‪ :‬أيت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم بسلارق فقطلع‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬يا رسول اهلل ما كنا نرا تبل به هذا‪ .‬قال‪(( :‬لو كانت فاطملة بنلت حمملد ألقملت‬
‫عليها احلدّ )) دل عىل أنه ال جيوق لإلمام أن يعفو عن احلدّ بعد رفعه إليه‪.‬‬
‫(خرب) وروى عروة قال‪ :‬شفع الزبري يف سارق فقيل‪ :‬حتى يتيت السللطان‪ ،‬قلال‪ :‬فلإذا‬
‫بل السلطان ذلك فلعن اهلل الشافع واملشفع لغريه كام قال رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله‬

‫‪-286-‬‬
‫وسلم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جتوق الشفاعة فيه بعد رفعه إىل اإلمام‪ ،‬وإذا قال لغريه ونتت يف‬
‫اجلبل باهلمزة فإنه يرجع إليه يف تفسريه‪ ،‬ذكره حممد بن اهلادي عليهام السالم وذللك ألنله‬
‫بقذف من غري نية؛ ألن الزنا هو القعود يف اجلبل‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وارق إىل افريات مق ْن ًت يف اجلبلل‬

‫‪-287-‬‬
‫باب حدّ شرب الخمر‬
‫افمر حرام مع الرفاهية وحتريمه معللوم برضلورة اللدين فشلاربه لغلري رضورة ملع‬
‫اعتقاده لتحريمه فاسق‪ ،‬ومستحله مع الرفاهية كافر‪ ،‬واملسكر من كلل كاب حملرم‪ ،‬فلام‬
‫أسكر كثريه فقليله حرام ولو جرعة واحدة‪.‬‬
‫(خرب) عن عبداهلل بن عمر‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬إذا كب‬
‫أحدكم افمر فاجلدوه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أيب هريرة أنه قال‪ :‬إذا سكر فاجلدوه‪ ،‬ثم إذا سكر فاجلدوه‪ ،‬ثلم إذا‬
‫سكر فاجلدوه‪ ،‬ثم إذا سكر فارضبوا عنقه‪.‬‬

‫(خرب) وروى عمرو بن الرشيد‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم يقول‪(( :‬إذا سكر أحدكم فارضبوه‪ ،‬ثم إذا عاد فارضبوه‪ ،‬ثم إذا عاد فارضبوه‪ ،‬ثلم‬
‫إذا عاد الرابعة فاقتلوه)) وال خالف يف وجوب احلدّ يف كب افمر‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق حييى بن احلسني عليله السلالم أن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم جلد شارهبا ثامنني جلدة‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ :‬أنله أيت‬
‫بشارب مخر فللده ثامنني‪ ،‬ثم قال‪(( :‬فإن عاد فلاقتلوه)) فعلاد قلال اللراوي‪ :‬فانتظرنلا أن‬
‫يتمرنا بقتله فتمر بللده ثانية فللده‪.‬‬

‫وأما املسكر فهو كافمر عندنا يف أن كب قليله وكثريه سواء عندنا يف أنه جيلب احللدّ‬
‫برشب قليله كام جيب احلدّ برشب كثريه‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬ال أحفن يف ذلك خالف ُا بيت أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عليا عليه السالم كان جيللد يف قليلل ملا أسلكر كثلريه كلام جيللد يف‬
‫الكثريه‪ ،‬رواه اهلادي إىل احلق عليه السالم وغريه‪.‬‬

‫‪-288-‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال أجد أحد ًا كب مخر ًا وال نبيذ ًا مسلكر ًا‬
‫إال جلدته احلدّ ؛ وألنه مسكر فوجب أن يكون قليله وكثريه سواء يف إجياب احلدّ فيه‪ ،‬دليله‬
‫افمر‪.‬‬
‫قال اهلادي إىل احلق عليه السالم‪ :‬حدثني عمي احلسن بن القاسم قال‪ :‬حدثني من أثق‬
‫بإسناده يرفعه إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أتاه ديلم احلملريي ملن أهلل الليمن‬
‫ال شلديد ًا وإنلا نتخلذ كابل ًا ملن هلذا‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل إنا بترض باردة نعال فيها عم ً‬
‫القمح نتقوى به عىل أعاملنا وعىل برد بالدنا فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬هلل‬
‫يسكر؟)) قال‪ :‬نعم‪ .‬قال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فلاجتنبوه)) فقللت‪ :‬إن النلاس غلري‬
‫تاركيه‪ .‬فقال‪(( :‬فإن مل يًكوه فاقتلوهم))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي عليه السالم عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كل مسلكر‬
‫حرام))‪.‬‬
‫وروى اهلادي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما أسكر كثلريه فقليلله حلرام))‬

‫قال‪ :‬ويف حديث آخر‪(( :‬فالذوق منه حرام))‪.‬‬

‫(خرب) وروي يف ققة الوليد أنه شهد شاهد عند عثامن أن الوليد بن عقبة كهبا وشهد‬
‫شاهد أنه تقيتها فقال‪ :‬ما تقيتها حتى كهبا‪ ،‬فتجرى عثامن ما ال حيقل ملن اإلنسلان إال‬
‫بالرشب كمعاينة الرشب فقال هذا بحرضة عيل‪ ،‬واحلسن عليهام السلالم وبمحرضل ملن‬
‫مجاعة القحابة‪ ،‬وأقيم عليه احلدّ دل ذلك عىل أنه إذا شهد رجل عىل رجل أنله رآه كب‬
‫افمر وشهد آخر وشهد آخر أنه شم رائحتها فيه وتيقن ذلك أو شهد أنه تقيتها فإنه ُحيد‪.‬‬
‫(خرب) رووي أن علي ًا عليه السالم أيت النلايش الشاعر وقد كب افمر يف رار شهر‬
‫رمضانم فرضبه ثامنني ثم أمر به إىل السلن ثم أخرجه من الغد فرضبه عرشين وقال‪ :‬إنلام‬
‫جلدتك هذه إلفطار يف شهر رمضان وجرأتك عىل اهلل‪ ،‬دل ذلك عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن حدث الشارب ثامنون جلدة‪.‬‬

‫‪-289-‬‬
‫ال عنه إذا ارتكب قبيح ًا مثل هلذا وإن حبسله‬
‫والثاين‪ :‬أنه جيوق الزيادة عىل احلد منفق ً‬
‫عوض ًا عن الرضب جاق‪ ،‬وإن مجع بينهام جاق عىل حسب ما يرى من القال‪.،‬‬
‫(خرب) وروى عبداهلل بن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر بشارب افمر أن‬
‫جيلد ثامنني‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عمر استشار علي ًا عليه السالم يف حدّ شارب افمر فقال عليل عليله‬
‫السالم‪ :‬إذا كب سكر‪ ،‬وإذا سكر هذى‪ ،‬وإذا هذى افًى‪ ،‬وحدُّ املفًي ثامنون جللدة‪،‬‬
‫فقبله عمر وعمل به ومل خيالفه فيه أحد من القحابة‪ ،‬وإنام استشلاره عملر ألنله جيلوق أن‬
‫يكون مل يعرفه و ال ظهر عنده ظهور ًا تام ًا‪ ،‬وال عند أكثر القحابة وحرض مشورته طلحة‪،‬‬
‫والزبري‪ ،‬وعبدالرمحن‪ ،‬وكانوا يف املسلد فلرى ذلك منهم عىل سبيل اإلمجاع فإن قيل‪ :‬إن‬
‫يف ققة الوليد بن عقبة ما خيالف هذا‪ ،‬وذلك أنه روي أنه كب افمر بالكوفلة وتقيتهلا‬
‫وتقدم يف صالة القبح وهو سكران فقالها أربع ًا فلام سلم قال‪ :‬أقيدكم‪ ،‬فرفعلوا خلربه‬
‫إىل عثامن فاستدعاه وشهد عليه فقال لعيل عليه السالم أجلده‪ ،‬فقلال عليل عليله السلالم‬
‫للحسن بن عيل‪ :‬اجلده‪ ،‬فقال‪ :‬يتوىل حارها من يتوىل قارها‪ ،‬فقلال لعبلد اهلل بلن جعفلر‪:‬‬
‫اجلده فللده وعيل يعد حتى بل احلدّ أربعني فقال حسبك كان رسول اهلل صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم يرضب أربعني‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬ليس يف افرب خالف ما ذكرنا؛ ألن يف افرب أنه كان لسوطه رأسان رواه الباقر بن‬
‫حممد بن عيل السلاد قين العابدين وغريه‪ ،‬فيكون ثامنني‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي قال‪ :‬صىل الوليد بن عقبة بالنلاس القلبح أربلع ركعلات فقلاء‬
‫افمر ثم رفع رأسه إىل الناس فقال‪ :‬أقيدكم فشهد عليه بالرشب ورفلع خلربه إىل علثامن‬
‫أحب أن ُيقيم عليه فليقم فتما أنا فال آمر فقال‪ :‬أمري املؤمنني عيل‬
‫برفعه إليه فقال عثامن من ّ‬
‫عليه السالم‪ :‬واهلل ال يعطل هلل حد وأنا يف اإلسالم‪ ،‬ثم قام فرضبه بيده ثامنني‪.‬‬
‫قال اهلادي‪ :‬وكان ذلك احلد متقادم ًا؛ ألنه كب افمر يف هذه الققة بالكوفة‪ ،‬استدل‬

‫‪-290-‬‬
‫بذلك عىل أنه جيب إقامة احلد عىل فاعله إذا شهد عند اإلمام به قدم عهده أو مل يتقدم‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رضب شارب افمر بلريلدتني‬
‫نحو أربعني وهذا يقت ي أن يكون اجللد ثامنني‪ ،‬وكتن معنى قول عيل عليه السلالم وكلان‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يرضب أربعني ملا تضلمنه خلرب أنلس‪ ،‬وإنلام رضب‬
‫الوليد كان مثل ما يف هذا افرب؛ وألن األربعني حدّ املامليك فال يكون يف اإلسالم حدّ احلر‬
‫كافمسني؛ وألنه حدّ يقام عىل احلر فوجب أال يكون مقدار األربعني كحدّ القذف‪.‬‬
‫(خرب) فإن قيل‪ :‬روي أن علي ًا عليه السالم قال‪ :‬ما حددت أحد ًا فوجدت يف نفيس منه‬
‫شيأ ًا إال افمر فإن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم مل يبني لنا فيها‪ ،‬وروي‪ :‬فإنله يشء‬
‫صنعناه‪ ،‬وروي ‪ :‬رأي رأيناه‪ ،‬قيل‪ :‬حيتمل أنه حفن من النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫سقو الضامن ملن مات يف حدّ الزنا وحدّ القذف ومل حيفن ذلك يف حدّ افملر؛ ألن حلد‬
‫افمر قد روي عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كام تقدم بيان فون حيملل قولله مل‬
‫يبني لنا فيه شيأ ًا عىل ما مل يرو أوال من أن نحمله عىل ما قد روي فيه اللنص‪ ،‬وقلد قلدمنا‬
‫طرف ًا منه‪ ،‬ذكر هذا املعنى املؤيد باهلل عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) فإن قيل‪ :‬إنه أيت برجل وقد كب افمر فقال النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫للناس‪ :‬ارضبوه فمنهم من رضبه بالنعال ومنهم من رضبه بالعيصل‪ ،‬وملنهم ملن رضبله‬
‫باجلريد‪ ،‬ثم أخذ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ترابل ًا ملن تلراب األرض فرملاه يف‬
‫وجهه فيحتمل أن يكون قد بل رضب اجلميع عدد ثامنني جلدة‪ ،‬ذكر هلذا املعنلى السليد‬
‫املؤيد باهلل عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن قلال‪:‬‬
‫((مدمن افمر كعابد وثن))‪.‬‬
‫قال اهلادي حييى بن احلسني عليهام السالم‪ :‬ومدمنه هو الذي كلام وجده كبه ولو عىل‬
‫رأس كل حول إذا كان مرص ًا عليه غري جممع عىل تركه وال تائب منه إىل ربه‪.‬‬

‫‪-291-‬‬
‫(خرب) وروي أيض ًا بإسلناده إىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله لعلن افملر‬
‫وعارصها ومعترصها‪ ،‬وبائعها ومشلًهيا‪ ،‬وسلاقيها وشلارهبا‪ ،‬وآكلل ثمنهلا وحاملهلا‪،‬‬
‫واملحمولة إليه‪.‬‬
‫(خرب) وروي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أمر بإهراق افمر وحلرم‬
‫ملكها‪.‬‬
‫(خرب) وروي أيض ًا بإسناده إىل أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬قال رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬كل ُمسكمر حرام))‪.‬‬

‫ال أيت به إىل أمري املؤمنني وقد كب مسكر ًا فللده‬


‫(خرب) وروي أيض ًا بإسناده أن رج ً‬
‫احلد ثامنني‪.‬‬
‫(خرب) وروى عليه السالم أيض ًا عن قيد بن عيل؛ عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أنله‬
‫قال‪ :‬املسكر بمنزلة افمر‪.‬‬

‫‪-292-‬‬
‫باب كيفية إقامة الحدود‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ادرؤوا احلدد بالشبهات))‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬لأن أخطئ يف العفو أحب إَّ من أن أخطلئ يف‬
‫العقوبة‪ ،‬دل ذلك عىل أن وطئ وطي ًا حرام ًا عىل وجه الشلبهة وا ّدعلى اجلهلل درىء عنله‬
‫احلدّ ألجلها نحو من أبا‪ ،‬له رجل و ء جاريته فوطأها جه ً‬
‫ال بتحريمها أو وطلئ جاريلة‬
‫مشًكة بينه وبني غريه‪ ،‬أو طئ جاريلة ابنله‪ ،‬أو وطلئ جاريتله التلي كاتبهلا‪ ،‬أو اجلاريلة‬
‫املوقوفة‪ ،‬أو اجلارية املعمرة إذا وطأها وهي عملرا لله‪ ،‬وكلذلك اللقيطلة إذا وطأهلا ملن‬
‫وجدها‪ ،‬واجلارية التي تزوج عليها امرأته إذا وطأهلا قبلل أن تقبضلها قوجتله‪ ،‬وكلذلك‬
‫اجلارية املرهونة إذا وطأها املرهتن‪ ،‬وكذلك اجلارية التي باعها من غريه ثم وطأها قبلل أن‬
‫يقبضها املشًي فإن يف هذه املسائل كلها و ء واحدة ممن ذكرناه وا ّدعى اجلهل بالتحريم‬
‫سقط عنه احلدّ للشبهة؛ ألن كثري ًا من اجلهالء يلتبس عليه ذلك‪.‬‬

‫فصل‬

‫‪[}‬النور‪ ،]2:‬وقوله‬ ‫{‪      ‬‬ ‫قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪        ‬‬ ‫تعاىل‪{:‬‬

‫‪[}‬المائدة‪ ،]83:‬وقوله‬ ‫تعاىل‪  {:‬‬ ‫‪[}‬النور‪ ،]4:‬وقوله‬


‫‪[}‬المائدة‪ ،]33:‬اآلية‪ .‬دلت هذه بس بس‬ ‫تعاىل‪    {:‬‬

‫األوامر عىل وجوب إقامة احلد؛ ألن األمر يقتي الوجوب وليس لكل واحد من املسلمني‬
‫إقامتها منفرد ًا‪ ،‬واجامتاع اجلميع عليها متعذر فوجب أن يكون افطاب يف ذلك متوجه ًا‬
‫إىل واحد معني وليس ذلك إال اإلمام؛ وألن احلدود وليس لنا أن نؤمل أحد ًا إال بداللة وال‬
‫دليل عىل ذلك إال اآلية؛ وألن احلد مل يقم عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬

‫‪-293-‬‬
‫إال بإذنه وال أقيم يف أيام القحابة إال بتمر من انتقب لومر‪ ،‬دل ذلك عىل أن إقامة‬
‫احلدود إىل األئمة أو من ييل من قبلهم‪ ،‬وعن ابن عمر‪ ،‬وعامر بن ياي‪ :‬أربعة إىل الوالة‬
‫الفيء‪ ،‬واحلدود‪ ،‬واجلمعة‪ ،‬والقدقات‪.‬‬
‫(خرب) وروي نحوه عن أمري املؤمنني عليه السالم موقوف ًا‪.‬‬

‫(خرب) وقد روي نحو هذا مرفوع ًا إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬دل ذلك عىل أن‬
‫هذه األربععة األمور ال يقيمها إال الوالة وهي أئمة احلق يف وقتهم وإن مل يكن يف الزملان‬
‫إمام حق فإن كان من وجب عليه احلد مملوك ًا حدّ ه مالكه ملا يشهد له‪.‬‬

‫(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أقيموا احلدود علىل‬
‫ما ملكت أيامنكم))‪.‬‬
‫وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا قنت أمة أحلدكم فليلللدها‪ ،‬فلإن‬
‫عادت فليللدها‪ ،‬فإن عادت فليللدها‪ ،‬فإن عادت فليبيعها ولو بضفرية))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن فاطمة عليها السالم جلدت أمةو هلا قنت‪ ،‬وروي أن أبا بلردة جللد‬
‫أم ًة له قنيت‪ ،‬وروي أن ابن عمر قطع عبد ًا له يق‪ ،‬وقطعلت عائشلة أمل ًة هللا يقلت‪،‬‬
‫وقتلت حفقة أم ًة هلا سحرهتا‪ ،‬دل ذلك عىل أن للسليد أن يقليم احللد علىل عبلده وأمتله‬
‫وكذلك السيدة‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬والذي جييء عىل مذهب حييى عليه السالم أن لسيد العبد‬
‫أن يقطع يده إذا يق‪ ،‬كام أن له أن حيده إذا قنا‪ ،‬ووجهه ما تقدم‪.‬‬

‫فصل‬

‫إذا رفع من جيب عليه احلد إىل اإلمام وشهدت الشهود وكانت افيانة وقعت يف وقت‬
‫واليته أو يف مكان ينفذ فيه أمره أقام احلد إذا وقعلت اجلنايلة املوجبلة للحلدّ ‪ ،‬وال واليلة‬

‫‪-294-‬‬
‫لإلمام مل حيد إذا وَّ وكذلك إذا وقعت يف مكان يليه ذكر هذا الفقل يف (املنتخب) قال‪:‬‬
‫فإنه يستوَّف عىل كل حال؛ ألنه حق آلدمي فله استيفاؤه‪.‬‬ ‫إال الققا‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬إذا وقعت اجلناية‪ -‬يعني املوجبلة للحلد‪ -‬يف غلري واليلة‬
‫اإلمام يف قمانه فله أن يقيمه إذا ظفر به قال‪ :‬وكذلك إذا وقعت يف والية اإلمام ويف قمانه‬
‫وخرجله علىل ملذهب حييلى‬
‫ثم مات ذلك اإلمام وخلفه إمام آخر أقام احلد اإلمام الثاين ّ‬
‫عليه السالم وذلك ألن والية اإلمام ثابتة يف الدنيا بتيها؛ وألن واليته عامة وألن آيات‬
‫احلدود تدل عىل عموم ذلك بعمومها‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإن باك احلر البال العاقل احلد يف غري قمان األئمة فذكر الشيخ خليلل رمحله اهلل أن‬
‫احلد مل جيب لعدم املستوَّف فإذا وَّ اإلمام بعد ذلك وظهر مل جيب إقامة ذلك احلد؛ ألنه مل‬
‫يكن واجب ًا يف ذلك الوقت قال‪ :‬هذا عقد ذكرته فإن مل يثبت يف األصول ما يدفعه فال بتس‬
‫به‪.‬‬

‫فصل‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه أقاد من مسلم ملعاهد وقال‪(( :‬أنا أحلق‬
‫من وَّف ذمته))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أن مسل ًام قتل ذمي ًا فقتله عيل ابن معني‪ :‬وقال‪ :‬أنلا أحلق‬
‫من ويف بذمة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أو قال‪ :‬بذمة حممد صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪ ،‬ونحوه عن عيل بن احلسني عليهام السالم‪ ،‬فدل ذلك عىل أن من قتلل اللذمي ملن‬
‫املسلمني غري حمتفل بذمة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل قتله مستخف ًا بالذمة جاق‬
‫قتله‪.‬‬

‫‪-295-‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬من مات‬
‫يف ح الزنا والقذف فال دية له كتاب اهلل الذي قتله‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬من مات‬
‫يف حدّ افمر فديته يف بيت املال‪ ،‬دل ذلك عىل أن من مكات يف حدّ الزنا والقذف فال قود‬
‫فيه وال دية‪ ،‬دليله الباغي وقطاع الطريق يقتلهم أهل العدل‪ ،‬واملرجوم‪ ،‬واملعنى أنه مقتول‬
‫بحدّ فال دية وال قود كاملرجوم وقاطع الطريق‪ ،‬واملرتلد‪ ،‬ودل علىل أن ملن ملات يف حلد‬
‫افمر فديته يف بيت املال‪ ،‬وكذلك إذا مات يف التعزير كانت ديته عىل بيت ملال املسللمني‬
‫إن كان قت ً‬
‫ال وأرشه وإن مل يمت نص عليه يف (األحكام) فتما ما روي عن عمر انه جعل ما‬
‫لزمه يف افطت يف ذلك عىل عاقلته فلعله رأي رآه أو كان يف وقت مل يكن فيه بيت مال‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬خري األمور أوسطها)) دل علىل‬
‫أنه جيب أن يكون السو الذي يرضب به بني الغلين والدقيق؛ ألنه إذا كان غيلظ ًا مل يؤمن‬
‫أن يؤدي إىل التلف وإن كان دقيق ًا مل يؤمل‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن أيب بكر‪ ،‬عن أبيه أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم امرأة‬
‫فحفر هلا إىل الرسة ثم رماها بمثل احلمقة ثم قال‪(( :‬ارموا واتقوا الوجه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال لرجل أمره أن جيلد رج ً‬
‫ال يف افمر‪ :‬اتق الوجه‬
‫ومذاكريه‪ ،‬دل ذلك عىل أنه يرضب مجيع األعضاء إال ما ذكرناه‪.‬‬

‫ال قاعد ًا وعليه كساء قسطالين‪ ،‬وروى عنله‬


‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه جلد رج ً‬
‫قيد بن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬جيلد القاذف وعليه ثيابه‪ ،‬وينتزع عنه احلشو واجللد‪ ،‬وال‬
‫تشد يد إال عنقه‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن مسعود أنه قال‪ :‬لليس يف هلذه األملة جتريلد وال ملد‪ ،‬وال غلل‪ ،‬وال‬
‫صفد‪ ،،‬وروى هنيدة بن خالد الكندي أنه شهد علي ًا عليه السلالم أقلام علىل رجلل حلد ًا‬
‫وقال لللالد‪ :‬ارضبه واعط كل عضو حقه‪ ،‬واتق وجهه ومذاكريه‪.‬‬

‫‪-296-‬‬
‫وعن عمر أنه أيت بلارية قد فلرت فقال‪ :‬اذهبا هبا وارضباها وال ررقا هلا جللد ًا‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أن السنة أن يفرق بني األعضاء‪ ،‬وأن يتقى الوجه واملواضع املخوفة‪.‬‬
‫قال عيل بن العباس‪ :‬أمجع علامؤنا أن حد الزنا أشد أشدّ رضب ًا من حلد الرشلب‪ ،‬وان‬
‫حدّ التعزير أشدَ رضب ًا من حد القذف‪ ،‬وأن التعزير أشد من الرضب يف افمر‪ ،‬وبله قلال‬
‫املؤيد باهلل‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم رى عن القتال يف احلرم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أحلت َّ ساعة من رار))‪.‬‬

‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن أعتى الناس عىل اهلل ثالثة‪ :‬رجل قتل غري‬
‫قاتله‪ ،‬ورجل قتل برجل يف اجلاهلية‪ ،‬ورجل قتل يف احلرم)) قلال اهلل تعلاىل‪ {:‬‬

‫‪[} ‬آل ومالرا‪ ]97::‬دل ذلك عىل أن وجب عليه حدّ ملن احللدود بقلذف أو غلريه‬
‫فالتلت إىل احلرم مل يقم عليه احلدّ إال أن خيرج عنه فإذا خرج أقيم عليه‪ ،‬وحكلى عليل بلن‬
‫العباس إمجاع أهل البيت عليه السالم عىل ذلك‪ ،‬فتما إذا راتكب ما يستوجب به احللد يف‬
‫أقيم عليه احلد خارج مكة‪ ،‬قال اهلل تعاىل{‪ ‬‬ ‫احلرم أو ما يستوجب به الققا‬
‫‪[}         ‬البقرة‪.]:191:‬‬

‫فصل‬

‫فتقر رجل‬
‫(خرب) وعن أيب ذر قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف سفر ّ‬
‫عنده بالزنا أربع مرات ثم أمر به فحفر له حفرة ليست بطويلة فرمجوه‪.‬‬
‫أقر‬
‫(خرب) وعن خالد بن احللاج‪ ،‬عن أبيه أن النبي صقلم ملا أمر برجم الرجل الذي ّ‬
‫لديه لديه بالزنا أخرجناه فحفرنا له‪ّ ،‬‬
‫دل ذلك علىل أنله حيفلر للرجلل املرجلوم كلام حيفلر‬
‫يته؛ ألن بذلك القدر يسً عورته‪.‬‬
‫للمرجومة إال أن عندنا أنه حيفر له إىل ّ‬

‫‪-297-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن رجم امرأة هللا إىل الثنلدوة ثلم رماهلا‬
‫بمثل احلمقة ثم قال‪ :‬ارموا واتقوا الوجه‪ ،‬القندوة‪-‬بضم الثاء معلمة بثالث من أعلىل‬
‫وبعدها نون ساكنة والدال معلمة بواحدة من أسلفل مضلمومة‪ -‬للرجلل كثلدي امللرأة‬
‫ويقال‪ :‬هي طرف اثدي‪.‬‬

‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم حفر للعامرية حني رمجها‪.‬‬
‫(خرب) وروي قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أم امرأة أتت عنده‬
‫فاعًفت بالزنا فردها حت فعلت ذلك أربع مرات ثم حبسها حتى وضعت ملا يف بطنهلا‬
‫فلام وضعت مل يرمجها حتى وجد من تكفل بولدها‪ ،‬ثم أمر هبا فحفر هلا إىل ثدييها ثم رجم‬
‫ثم اقتدى الناس فرمجها‪ ،‬دل ذلك عىل أنه حيفر للمرجوملة إىل ثلدييها ويلً للمرجلوم‬
‫واملرجومة أيدهيام يتقيان هبام عىل وجهيهام‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رجم امرأة بمثل احلمقة كانت‬
‫قد اعًفت بالزنا ثم قال‪(( :‬ارموا)) بعد أن بدأ برمجها قبل الناس‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم من طريق قيد بن عليل وغلريه بتلفلاظ ةتلفلة يف رجلم‬
‫كاحة اهلمذانية حني اعًفت عنده بالزنا كلها ترجع إىل أن أول من رماها كان علي ًا عليه‬
‫السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى القاسم بن عبد الرمحن عن أبيه قال‪ :‬رأيت علي ًا عليه السالم‪ :‬حني رجم‬
‫كاحة اهلمذانية لفها يف عباءة وحفر هلا حفرة ثم قام فحمد اهلل تعاىل ثم قال‪ :‬أهيا النلاس‬
‫ي ورجم عالنية فلرجم الرسل أن يشلهد الشلهود فيبلدأ الشلهود‬
‫إن الرجم رمجان رجم ّ‬
‫فريمجون ثم يرجم اإلمام ثم الناس‪ ،‬ورجم عالنية أن تشهد املرأة عىل نفسها بلام يف بطنهلا‬
‫فيبدأ اإلمام فريجم ثم يرجم الناس‪ ،‬أال وإين أرجم فارمجوها فرمى بحلر فام أخطت أذرا‪،‬‬
‫وكان من أصوب الناس رمية‪ ،‬ومل يرو خالفه عن أحد من القحابة فلرى جمرى اإلمجاع‬
‫يف كونه حلة‪ ،‬دل ذلك عىل أن الرجم إذا ثبت بشهادة وجلب أن يكلون اول ملن يلرجم‬

‫‪-298-‬‬
‫الشهود ثم اإلمام ثم الناس‪ ،‬وإن ثبت اإلقرار فتول من يرجم اإلملام ثلم سلائر النلاس‪،‬‬
‫وهذا إذا حرض اإلمام فتما إذا مل حيرض اإلمام جاق له أن يستخلف كام روي أن النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم أمر برجم ماعز ومل حيرض وأمر أنيس ًا األسلمي برجم امرأة ومل حيرض‪،‬‬
‫فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال للمرأة التي اعًفت عنلده بالزنلا‪:‬‬
‫((لقد تابت توبة لو تاهبا أهل املدينة لغفر هللم)) وروي مثلل ذللك يف ملاعز وقلد حلدمها‬
‫مجيع ًا‪ ،‬وروي أن كاحة اهلمذانية قالت لعيل‪ :‬طهرين‪ ،‬دل ذلك عىل أن حدّ الزنا والرشب‬
‫والرسقة ال يسقط بالتوبة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال ملاعز مل أقر عنده بالزنلا‪(( :‬لعللك‬
‫غقبت نفسك)) وروي أن عمر جيء بامرأة حبىل باملوسم تبكلي‪ ،‬فقلالوا‪ :‬قنلت‪ ،‬فقلال‬
‫عمر‪ :‬ما يبكيك فإن املرأة ربام استكرهت عىل نفسها يلقنها ذلك فتخربت أن رج ً‬
‫ال ركبها‬
‫وهي نائمة فخىل عمر سبيلها‪ ،‬دل ذلك عىل أن احلدود تدرأ بالشبهات‪ ،‬وعىل أنه يستحب‬
‫تلقني أهلها ما يسقط من احلد‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تقام احلدود يف املسلاجد وال‬
‫يقتل الوالد بالولد)) ويف خرب آخلر عنله صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬جنبلوا‬
‫مساجدكم صبيانكم إىل أن قال‪ :‬وإقامة حدودكم))‪.‬‬

‫‪-299-‬‬
‫باب حد السرقة‬
‫الرسق من مال املسلمني بغري حق معلوم حتريمه مع فقد االضطرار من رضورة الدين‬
‫ففاعله مع اعتقاده لتحريكه فاسق بإمجاع املسلمني ومسلتحله كلافر ملع االختيلار بيقلني‬
‫واألصل يف وجوب احلدّ فيه الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫‪[}  ‬المائدة‪.]83:‬‬ ‫أما الكتاب فقول اهلل تعاىل‪{:‬‬

‫وأما السنة فلام روي أن صفوان بن أمية يق رداؤه من حتت رأسه يف مسللد املدينلة‬
‫و هو نائم فانتبه فقا‪ ،‬فتخذ السارق وجيء به إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فلتمر‬
‫بقطع يده‪ ،‬وروي أنه نام يف املسلد فتوسد رداؤه فلاء سارق فتخذ رداؤه من حتت رأسه‬
‫فتخذ صفوان السارق فتتى به النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم فلتمر رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم بقطع يده‪ ،‬فقال صفوان‪ :‬ما أردت هذا هو صدقة له‪ ،‬فقال له النبي صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ه ّ‬
‫ال كان قبل أن تتتيني به))‪.‬‬

‫وأما اإلمجاع فال خالف أن السارق يقطع عىل اجلملة‪.‬‬


‫(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬رفع القلم عن ثالثة)) دل ذللك علىل أن‬
‫من ليس ببال عاقل فال حدّ عليه فخرج من ذلك القبي وامللنون فتمات غرم املال فيلزم‬
‫يف ماهلام‪ ،‬فتما ما روي عن عيل عليه السالم أنه كان يقلرض أناملل القلبي إذا يق فللم‬
‫يقححه أئمتنا عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن مسعود أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أتلى بلاريلة يقلت‬
‫فوجدها مل حتض فلم يقطعها‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه وال قطع عىل مكلره‪ ،‬لقولله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬رفع عن أمتي افطت والنسيان وما ستكرهوا عليه))‪.‬‬
‫‪ } ‬اآلية‪ .‬عىل دخول كلل بلال عاقلل يف‬ ‫ودل قوله تعاىل‪{:‬‬ ‫(خرب)‬

‫‪-300-‬‬
‫حكم ذلك متى يق عليالوجه الذي بينته‪ ،‬وأن النساء واملامليلك كالرجلال األحلرار يف‬
‫القطع‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تقطع اليد إال يف دينلار‬
‫أو عرشة دراهم)) رواه عنه عيل عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال تقطلع‬
‫اليد إال يف عرشة دراهم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال تقطلع اليلد إال يف عرشلة‬
‫دراهم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال ال يقطلع السلارق يف دون ثملن‬
‫امللن))‪.‬‬

‫(خرب) وعن عائشة ريض اهلل عنها أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال‪(( :‬ال تقطلع‬
‫يد السارق إال فيام يبل ثمن امللن فام فوقه))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيمن احلبيش أنه صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال‪(( :‬أدنلى ملا يقطلع فيله‬
‫السارق ثمن امللن)) واختلف الناس يف قيمة امللن‪ ،‬فروي عن ابن عباس أن قيمته عرشة‬
‫دراهم‪ ،‬وفيه أقوال أخر خيالف بعضها بعض ًا‪ ،‬وما قلناه هو أكثر ما قيلل يف ذللك فيللب‬
‫األخذ باألكثر؛ ألن احلدود ال جيوق إثباهتا إال توقيف ًا أو إمجاع ًا وقد حقلال فليام قلنلاه ومل‬
‫حيقال فيام دونه‪ ،‬ودرهم الرسقة هو ثامن وأربعون حبة من الشعري الوسط‪ ،‬ودرهم الزكاة‬
‫هو اثنتان وأربعون كام تقدم‪ ،‬وتعترب يف نقاب الرسقة وهي عرشة دراهم من الفضة النقية‬
‫من الغش‪.‬‬

‫(خرب) وسأل عن حريسة اجلبل فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فيهلا غراملة مثلهلا‬
‫وجلد أو نكال فإذا أواه املرا‪ ،‬وبل ثمن امللن ففيه القطع)) رواه عمرو بن شلعيب‪ ،‬علن‬
‫أبيه‪ ،‬عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ليس يف املاشية قطع إال ما أواه امللرا‪ ،‬وال يف‬

‫‪-301-‬‬
‫الثمر املعلق إال إذا أواه اجلرين))‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال قطلع يف‬
‫ثمر وال كثر))‪.‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬الثمر الذي ال يقطع فيه فهو ما كان يف أشلاره معلق ًا‪ ،‬والكثر‬
‫فهو اجلامر الذي يؤخذ من رأس النخلة‪.‬‬
‫وأما إذا كان يف حرق فرسق منه ما يساوي عرشة دراهم وجب عليه فيه القطع‪ ،‬ويلدل‬
‫عىل صحة ما قاله اهلادي‪.‬‬

‫(خرب) ويف احديث‪(( :‬ال قطع يف كثر وال ثمر)) الثمر الرطب ما دام علىل النخللة فلإذا‬
‫رصم فهو رطب‪ ،‬فإذا كثر فهو التمر والكثر مجار النخل وهو لب النخل وهو يشء أبيض‬
‫كهيأة الفواد‪ ،‬دل ذلك عىل صحة ما قال عليه السالم حاشية حريسة اجلبل‪ ،‬قيل‪ :‬ما يق‬
‫من اجلبل من حرس حيرس إذا يق‪ ،‬وقيل‪ :‬هي التي حترس يف اجلبل فترسلق يف اجلبلل‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أن احلر ك يف إجياب القطع‪ ،‬فدل ذلك عىل أن كلل موضلع كلان حمقلن ًا‬
‫مستوثق ًا منه بحاجز يمنع املارة من الوصوصل إليه فهو حرق فيدخل يف ذلك بيت الشلعر‬
‫وفيمة‪ ،‬وكذلك ما حرض من اجلرين ومراحات املايش‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬بيت الرجلل ومراحله ومربلده‬
‫املحقن حرق))‪.‬‬

‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬فإذا أواه اجلرين ففيه القطع))‪.‬‬
‫ال أقر أنه يق مجل ً‬
‫ال لبنلي فلالن‬ ‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قطع رج ً‬
‫فدل عىل ذلك أن مراحات اإلبل ومربد اإلبل حرق‪ ،‬ودل عىل أن احلضاير سواء كانت من‬
‫جريد او ققب أو خشب أو غري ذلك تكون حرق ًا واملربد ‪-‬بكرس امليم وفتح الباؤ‪ -‬شلبه‬
‫احللرة يف الدار واملربد اجلرين الذي جيعل فيه التملر إذا رصم ومراحلات اإلبلل والغلنم‬
‫والبقر ظاهرة وقهي ما تتوي فيه ليالً‪.‬‬

‫‪-302-‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬حدّ النباش حلد السلارق وهلو أعظلم جرمل ًا‪،‬‬
‫وروي أن عبداهلل بن مسعود قطع نباش ًا بعرفات يف ف عميق‪ ،‬وعلن عائشلة أرلا قاللت‪:‬‬
‫سارق موتانا كسارق أحيانا صوابه أحيائنا‪ ،‬وعن عمر بن عبدالعزيز مثله‪ ،‬وروي أن ابلن‬
‫مسعود أخذ نباش ًا فكتب فيه إىل عمر فكتب إليه فقطع يده‪ ،‬وهلذا جيلري جملرى اإلمجلاع‬
‫منهم‪ ،‬دل ذلك عىل أن من نبش قرب ًا‪ ،‬أو أخذ الكفن وكانت قيمته تبل عرشة دراهم فإنله‬
‫يقطع؛ ألن القرب حرق للكفن‪ ،‬وعىل هذا لو كفن اإلمام رج ً‬
‫ال من بيت املال فرسقه النباش‬
‫وجب أن يستحق القطع؛ ألن تكفني اإلمام له من بيت املال يكون رصف ًا للكفن إىل جهلة‬
‫ةقوصة ذكره الناطق باحلق قال‪ :‬وإن قلنا إنه ليس بملك للميت وال لورثتله وإنلام هلو‬
‫ملك هلل تعاىل مل يمتنع أن جيب عىل السلارق فيله القطلع إن مل يكلن ملن مالله فيله شلبهو‬
‫كالسارق من أستار الكعبة‪ ،‬وروي أن عثامن قطلع سلارق ًا يق قطيفلة قبطيلة ملن منلرب‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬القبطية ‪-‬بالقاف والباء معلمة بواحدة من أسفل‪-‬‬
‫ثياب بيض من كتان تنس بمرص‪.‬‬
‫(خرب) وعن الرباء بن عاقب أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬ملن حلرق‬
‫غرق غرقناه‪ ،‬ومن نبش قطعناه))‪.‬‬
‫حرقناه‪ ،‬ومن ّ‬
‫(خرب) وروى أبو الزبري عن جابر قال‪ :‬أضاف رجل رج ً‬
‫ال فتنزله يف مرشبة لله فوجلد‬
‫متاع ًا له قد أختانه فيه فتتى به أبا بكر فقال‪ّ :‬‬
‫خل عنه فليس بسارق وإنام هي أمانة اختارا‪،‬‬
‫دل عىل أن الضيف إذا يق من مال املضيف الذي مل حيرقه عنه مل يقطع‪ ،‬وعند نص علىل‬
‫ذلك املؤيد باهلل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال قدم املدينة فكان يكثلر القلالة يف املسللد وهلو أطقلع اليلد‬
‫والرجل فقال له أبو بكر‪ :‬ما ليلك بليل سارق‪ ،‬فلبثوا ما شاء اهلل وفقدوا حلي ًا هلم وجعلل‬
‫فمر رجل بقائ فرأى حلي ًا فقال‪ :‬ما‬ ‫الرجل يدعو عىل من يق أهل هذا البيت القالح ّ‬
‫أشبه هذه بحيل آل أيب بكر‪ ،‬فقال للقائ ‪ :‬ممن أشًيته؟ فقال‪ :‬من ضيف ظايب بكر‪ ،‬فتخذ‬
‫فتفقر فلعل أبوب كرب يبكي‪ ،‬فقالوا‪ :‬مكا يبكيك من رجل يق؟ فقال‪ :‬أبكي لغرته باهلل‬

‫‪-303-‬‬
‫فتمر به فقطعت يده‪ ،‬دل ذلك عىل أن الشيف إذا يق من مال املضيف من بيت قد أغلق‬
‫عىل متاعه فإنه يقطع‪.‬‬
‫عمن يق من بيت املال املسلمني‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫(خرب) وروي أن عام ً‬
‫ال لعمر كتب إليه يستله ّ‬
‫ال تقطعه فام من ٍ‬
‫أحد إال وله فيه حق‪.‬‬

‫ال يق من بيت املال فبل علي ًا عليه السالم فقال‪ :‬إن له‬
‫(خرب) وروى الشعبي أن رج ً‬
‫فيه سه ًام ومل يقطعه‪ ،‬دل ذلك عىل أن من يق من بيت املال فال قطع عليله‪ ،‬وهلو اللذي‬
‫نص عليه اهلادي حممد بن حييى‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع‪.‬‬


‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أنت ومالك ألبيلك)) دل ذللك‬
‫عىل أن األب إذا يق من مال االبن فإنه ال قطع عليله؛ ألن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم أضافه وماله إىل أبيه فقار ذلك شبهة يف درء احلدّ عنه‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن علي ًا عليله السلالم أتلاه رجلل فقلال‪ :‬يلا أملري‬
‫املؤمنني عبدي يق متاعي فقال‪ :‬مالك يق بعضه بعض ًا‪.‬‬
‫وعن عمر أن أتاه رج ً‬
‫ال أتاه فقال‪ :‬يا أمري املؤمنني اقطع هذا فإنله يق ملرآة الملرأيت‬
‫خري ًا من ستني درمه ًا فقال‪ :‬فتاكم أخذ متاعكم ال قطع عليه‪ ،‬ومل يرو خالفه عن غريمهلا‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أن مملوك ًا لو يق من مال سيده ما جيب فيه القطع مل يلزمه القطع‪.‬‬

‫(خرب) وعن رافع بن خدي ‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال قطلع يف‬
‫ثمر‪ ،‬وال كثر)) الكثر اجلامر‪ ،‬وقيل‪ :‬هو النخل‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال قطع فيام يق من غري‬
‫حرق‪.‬‬

‫‪-304-‬‬
‫فصل‬

‫وقد ذكرنا فيام تقدم يف كتاب الشهادات أن الرسقة ال تثبت بشهادة رجلني فال فائدة يف‬
‫إعادته‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أيب أمية املخزومي أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت بلص‬
‫اعًف اعًاف ًا ومل يوجد معه املتاع فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ملا أخاللك‬
‫يقت)) قال‪ :‬بىل يا رسول اهلل‪ ،‬فتعادها عليه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬ملا‬
‫أخالك يقت)) فقال‪ :‬بىل يا رسول اهلل مرتني أو ثالث ًا فتمر به فقطع‪ ،‬فدل ظاهر افلرب أن‬
‫اإلقرار إذا كان مرة واحدة مل يتعلق به القطع‪.‬‬
‫أقر عنلده‬
‫ال ّ‬‫(خرب) وعن القاسم بن عبدالرمحن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن رج ً‬
‫برسقة مرتني فقال‪ :‬شهدت عىل نفسك مرتني فتمر بع فقطع‪ ،‬فدل عىل أنله عليله السلالم‬
‫علق القطع بإقراره مرتني‪.‬‬
‫(خرب) وما قدمناه من قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اردؤا احلدود بالشبهات)) يدل‬
‫عىل أنه إذا عرض يف إقرارخ ذوي القطع من رجوع عن اإلقرار أو غريه درس عنه القطلع‪،‬‬
‫وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لقن من أقر بالرسقة ما يدعوه إىل الرجوع بقوله‪(( :‬ما‬
‫أخالك يقت ما أخاملك يقت)) ويدل أيض ًا عىل أن من يق ملن حلرق ملا جيلب فيله‬
‫القطع وا ّدعا أنه أخذه من اجلوع‪ ،‬وكان الوقت حيتمل ذلك مل يقطع وعليه حيمل ملا روي‬
‫عن عيل عليه السالم أنه قال‪( :‬ال قطع يف عام َسنضة ‪-‬يعني جماعة‪.))-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه سأل عن حريسة اجلبلل فقلال‪(( :‬فيهلا‬
‫غرامة مثلها وجلد ونكال إذا أواه املرا‪ ،‬وبل ثمن امللن ففيه القطع)) دل ذلك عىل أنه ال‬
‫قطع فيام يق من غري حرق وأن فيه الغرامة واألدب فتما ما جيتمع به من أن النبلي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم قطع سارق ثوب صفوان وكلان نلائ ًام يف املسللد فقلد قلدمنا ذكلره‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬إنه كان ذلك قبل اعتبار احلرق ثم نسخ ذلك بقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪:‬‬

‫‪-305-‬‬
‫((ليس عىل افائن‪ ،‬وال عىل املختلس‪ ،‬وال عىل املنتهب قطع)) فدل ذلك عىل أنله ال قطلع‬
‫عىل من يق من غري حرق؛ وألن الطراق باملختلس أشبه به منه بالسارق؛ ألنله َي ُط ّلر علىل‬
‫وجه اففية كام أن املختلس خيتلس عىل وجه اففية‪ ،‬فإن قيل‪ :‬هو يشبه السارق من وجله‬
‫ويشبه النختلس من وجه‪ ،‬قلنا‪ :‬ولو صح ذلك فاألوىل أن يدرأ القطلع للشلبهة الواقعلة‪،‬‬
‫وقد دخل حتت ذلك أن الكم ليس بحرق فمن أدخل يده يف كم إنسان فرسق منه شيأ ًا فال‬
‫قطع عليه‪ ،‬وإذا وجب القطع عىل السارق يف أول ما يق فقد ورد‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم قلال يف السلارق‪(( :‬إذا يق قطعلت‬
‫يمينه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن ساق ًا ُأيت به إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقطع يمينله‪ ،‬وعنلدنا‬
‫ارا تقطع من مفقل الكف‪ ،‬وهو قول اجلمهور‪ ،‬وروي عن فقيه آل حممد أمحد لن عيسى‬
‫بن قيد أنه يقطع من أصول األثابع افمس‪ ،‬ووجه قولنا‪:‬‬
‫(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت بسارق فقطع يده من الكلوع‪ ،‬وقلد‬
‫روي هذا القول عن أيب بكر‪ ،‬وعمر وال ةالف هلم يف القحابة فكان حلة‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال يف السلارق‪(( :‬إذا يق‬
‫فاقطعوا يده‪ ،‬قم إن عاد فاقطعوا رجله)) وهو مروي عن عيل عليه السالم‪ ،‬وعن أيب بكر‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬وال ةالف هلم يف القحابة‪ ،‬وعندنا أرا تقطع رجله اليرسى من مفقل الساق من‬
‫القدم‪ ،‬كام روي عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يً له الكعب يعتمد عليه‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أنله كلان يقطلع‬
‫يمني السارق فإن عاد قطع رجله اليرسى من مفقل الساق من القدم‪ ،‬فلإن علاد فرسلق‬
‫استودعه السلن وقال‪ :‬إين ألستحي من اهلل أن أتركه ليس له يشء يتكل به ويرشب‪ ،‬وما‬
‫رويناه عن عيل أنه كان حيبس بعد الدفعة الثالثة حتى يظهر توبته قد قال به مع عليل عليله‬
‫السالم أبو بكر‪ ،‬وروي أن عمر استشار القحابة يف السارق فاجتمعوا عىل أنه تقطع يلده‬

‫‪-306-‬‬
‫اليمنى فإن عاد فرجله اليرسى‪ ،‬ثم ال يقطع أمثر ملن ذللك‪ ،‬وقلد روي نحلوه علن ابلن‬
‫عباس‪.‬‬
‫(خرب) ودل قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لقفوان بن أمية حني قلال مللن يق‬
‫ثوبه هو صدقة عليك فقال له النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬هال قبلل أن تلتتيني بله))‬

‫رووي (ه ّ‬
‫ال قبل أن ترفعه إَّ)) دل ذلك عىل أن للمرسوق منه أن يعفو عن السلارق‪ ،‬وال‬
‫يرفعه إىل اإلمام‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال هلزال‪(( :‬يا هزال للو سلًته‬
‫بثوبك كان خري ًا لك مما صنعت)) وكان هزال أملر ملاعز ًا أن يعلًف‪ ،‬دل ذللك علىل أن‬
‫للشاهد أن يعفو وال يرفعه إىل اإلمام وأن ذلك خري ًا له من رفعه إىل افامم‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬تعافوا احلدود فيام بينكم فام بلغني ملن حلد‬
‫فقد وجب دل ذلك عىل أن األوىل للشاهد أن يعفو عن رفعه إىل اإلمام‪ ،‬وعىل أنه إذا رفعه‬
‫إىل اإلمام وجبت إقامته ومل يسقط العفو‪.‬‬

‫‪-307-‬‬
‫باب ذكر من يكون حدّه القتل‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من بدل دينه فاقتلوه))‪.‬‬

‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال حيل دم امرىء مسلم إال قإحلدى ثلالث‬
‫كفر بعد إيامن‪ ،‬أو قنا بعد إحقان‪ ،‬أو قتل نفس بغري نفس)) دل ذللك علىل أن ملن ارتلد‬
‫فعليه القتل ذكر ًا كان أو أنثى‪ ،‬حر ًا كان أو عبد ًا لعموم اللفن‪ ،‬وهو قول اهلادي إىل احلق‪،‬‬
‫واملؤيد باهلل عليهام السالم‪ ،‬وذهب القاسم بن إبراهيم عليه السالم إىل أن املراة املرتلدة ال‬
‫تقتل‪ ،‬واحت له القايض قيد بام روي‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه مر عىل امراة مقتولة يف بعلض غزواتله‬
‫فقال‪(( :‬أو تقاتل هذه؟ فقيل‪ :‬ال‪ .‬فنهى عن قتلها)) أي علن قتلل مثلهلا غلري أنله ال يليلق‬
‫باملستلة إنام ذلك يف نساء أهل دار احلرب وقلد أملر اهلل تعلاىل بقلتلهم وأخلذهم عمومل ًا‬
‫فلعلهم لنا بمنزلة األموال بعد األخذ ويمكن أن حيت بقول القاسم عليه السالم بام روي‬
‫أن املرتدين ملا ارتدّ وا وحارهبم املسلمون أجروا عليهم أحكام أهل دار احلرب من القتلل‬
‫والسبي وأخذ األموال‪ ،‬وهذا إمجاع منهم من غري تناكر فيكون افرب األول حلة بانضاممه‬
‫إىل اإلمجاع غري أنا نعني الكالم يف امرأة مسلمة ثم ارتدت وال يكون يف دار احلرب فيتعني‬
‫ٍ‬
‫حينذ افالف‪ ،‬فعند اهلادي واملؤيد باهلل عليهام السالم أرا تستتاب فإن تابت وإال قتلت ملا‬
‫تقدم من األدلة‪ ،‬وعند القاسم أرا ال تقتل‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪[}         { :‬األنفال‪ ]:38:‬دل ذلك‬
‫عىل أن الكافر يستتاب حربي ًا كان او مرتد ًا‪ ،‬وذلك مروي عن عليل عليله السلالم‪ ،‬وعلن‬

‫‪-308-‬‬
‫عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وال ةالف هلم يف القحابة فكان حلة‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عائشة أن امرأة ارتدت يوم أحلد فلتمر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم بتن تستتاب فإن تابت وإال قتلت واألمر يقت ي الوجوب دل ذلك عىل أرلا تقتلل‬
‫إن مل تتب‪ ،‬فدل عىل صحة مذهب اهللادي واملؤيلد بلاهلل علليهام السلالم‪ ،‬ودل علىل أرلا‬
‫تستتاب فإن تابت خيل سبيلها‪ ،‬واختلف العلامء يف ملدة االسلتتابة وعنلد أئمتنلا علليهم‬
‫السالم أرا ثالثة أيام وذلك ملا روي‪.‬‬
‫(خرب) عن عيل عليه السالم أن كان يستتيب املرتد ثالثل ًا فلإن تلاب وإال قتلله وقسلم‬
‫مرياثه بني ورثته من املسلمني‪ ،‬وعن عمر وابن عباس أنله يسلتتاب ثالثلة ايلام وحيلبس‪،‬‬
‫وروي عن عمر أنه قدم عليه رجل من عند أيب موسى فقال‪ :‬هل من مغرب خرب؟ قلالوا‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬رجل أسلم ثم راتد‪..‬قال‪ :‬ما صنعتم به؟ فقال‪ :‬قتلناه‪ .‬قلال‪ :‬هلال حبسلتموه ثالثل ًا‬
‫وأطعتموه كل يوم رغيف ًا فاستتبتموه لعله يعود أو يراجع اللهم إين مل أحرضه ومل أرض إذ‬
‫بلغني ويف بعض األخبار أن عمر كتب إىل أيب موسى حني بلغه ذلك هال حبستموه ثالثل ًا‬
‫وأطعمتموه كل يوم رغيف ًا فلعله كان يتوب اللهم إين مل أشهده ومل أرض‪ ،‬وال ةلالف لله‬
‫يف القحابة؛ وألن ثالثة أيام تعترب يف أشياء منها تتجيل الشفيع‪ ،‬ومنها يف خرب حبلان بلن‬
‫منقذ قل ال خال به ولك افيار ثالث ًا‪ ،‬وكلذلك قلد ورد يف ققلة ثملود‪  {:‬‬

‫‪[}       ‬هود‪ ]65:‬وقوله تعاىل يف ققة قكريا‪{ :‬‬

‫‪[}     ‬مالريم‪ ،]10:‬وقلال يف اآليلة الثانيللة‪  { :‬‬

‫‪[}    ‬آل ومرا‪ ]41::‬وهلو اإليلامء بالشلفتينن واحللاجبني‪ ،‬والعينلني‪،‬‬
‫حبس لسانه عن التكلم بتمور الدنيا وما يدور بني الناس ومل حيبس لسلانه علن التسلبيح‪،‬‬
‫وعن ذكر اهلل تعاىل‪ ،‬وكذلك تعترب ثالثة ايام يف مسافة القرص عند مجاعة من أئمتنا علليهم‬
‫السالم فكذلك ما ذكرناه يف االستتابة‪ ،‬وإذا ارتد املسلم ثم أسلم ثم ارتد ثم أسلم حكلم‬
‫بإسالمه يف كل دفعة عندنا‪ ،‬وهو قول مجهور العلامء لقلول اهلل تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪[}    ‬النسالاء‪ ]137:‬فتثبت إيامن بعد كفر قد تقدمه إيامن فدل علىل ملا‬

‫‪-309-‬‬
‫قلناه‪.‬‬

‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه حلرق قنادقلة‬
‫من اسلواد بالنار‪ ،‬دل ذلك عىل جواق قتل الزنديق‪ ،‬وجيب استتابته كام تقدم بيانه‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬الزنديق اسم للثنوي يف األصل‪ ،‬ثم اعتيد يف كل ملحد فقتلهم واجب‬
‫عىل الكفر او الرده‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل أن الزنديق مرتدّ ؛ ألنه جاحد هلل وكتبه ورسله فيلب‬
‫قتله كاملرتد‪ ،‬ومنهم الباطنية مل فيهم من يبطل الرشائع‪ ،‬ويتتول هللا تلتويالت وذللك ردة‬
‫منهم‪ ،‬ومنهم من ينكر القانع وعامتهم عىل إنكار الرسل‪ ،‬وكلهم مرتدون جيلب قلتلهم‬
‫كسائر املرتدين وال خالف يف وجوب قتلهم لقوله تعاىل‪ } { :‬وقوله صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من بدل دينه فاقتلوه))‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬قال قوم يف الباطنية أرلم ال يسلتتابون؛ ألرلم أبلد ًا علىل‬
‫إظهار اإلسالم واألقرب عندي أرم يستتابون؛ ألن أحواهلم مثل أحوال املنلافقني اللذين‬
‫كانوا يظهرون اإلسالم ويبطنون الكفر‪ ،‬وكانت كلمة الكفر تبدر منهم الوقت بعد الوقت‬
‫كام تبدر من الباطنية فكانوا إذا أتوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم تربؤوا ملن ذللك‬
‫وتسًوا باإلسالم فتجراهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل الظاهر‪ ،‬وملا ذكلره‬
‫هو القحيح عندنا للوجه الذي ذكره عليه السالم ولقول اهلل تعاىل‪   { :‬‬

‫‪[}   ‬النساء‪ ]94:‬فالظاهر يدل عىل ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن عيل عليه السلالم أنله قلال‪ :‬حلدّ السلاحر‬
‫القتل‪.‬يب‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬اقتللوا السلاحر والسلاحرة))‬

‫واملراد به من يظهر من نفسه انه يقدر عىل تبديل خلق اهلل كلعل اإلنسان هبيملة وعكسله‬
‫فهو كافر بذلك باإلمجاعن فاما املشعبذ الذي خي ّيل ففة يده يشيأ ًا ال أصل له ويعًف انله‬
‫إهيام وةرقة فإنه ال يكفر بذلك‪ ،‬وال حيل قتله ولإلمام تتديبه إن رأى ذلك‪.‬‬

‫‪-310-‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وقد رأيت مشعبذ ًا دقيق الشعبذة فكان كام فعل فع ً‬
‫ال من ذلك قال هو‬
‫يقر أنه حيله ومتويه وخفة ثديد فمن كان كذلك مل يكن ساحر ًا ومل‬
‫مليح ولكنه ريح وكان ّ‬
‫حيل قتله‪.‬‬
‫(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن عبداهلل بن احلسن بن احلسن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عي عليه السالم قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اقتللوا اللديوث حيلث‬
‫وجدمتوه)) دل ذلك عىل جواق قتل الديوث بل عىل وجوبه؛ لنه لفن أملر واألملر يقت يل‬
‫الوجوب‪ ،‬والديوث هو الذي يمكن الرجل من حرمه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا أبق العبد إىل الرش فقد ّ‬
‫حل‬
‫دمه)) حيتمل أن يكون افرب يف ٍ‬
‫عبد كان مسل ًام‪ ،‬ثم أبق إىل الرش ‪ ،‬وحيتمل أن يكون امللراد‬
‫به العبد املرش إذا بيع إىل دار اإلسالم‪ ،‬ثم أبق إىل دار الرش ةتار ًا للكفر علىل اإلسلالم‬
‫فهو يقتل يف الوجهني مجيع ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من سبني فاقتلوه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال سمع جاريته تشتم النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم فقتلهلا‬
‫فتهدر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها‪.‬‬
‫سب نبينا قتلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم‪ :‬من ّ‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال كانت له أم تشتم النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقتلها فتهدر‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها‪.‬‬
‫سب نبي ًا قتلل‪ ،‬وملن سلب‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من ّ‬
‫صاحب نبي جلد))‪.‬‬

‫ال قال له‪ :‬سمعت راهب ًا يشتم النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫(خرب) وعن ابن عمر أن رج ً‬
‫وسل م فقال‪ :‬لو سمعته أنا لقتلته مل نعطه األمان قوله مل نعطه األمان جرى جملرى احلكايلة‬

‫‪-311-‬‬
‫عن مجيع املسلمني؛ ألنه ذكره بلفن احلكاية‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال اعًض أليب بكر فقال أبو بردة‪ :‬دعني أرضب رقبته يا خليفلة‬
‫رسول اهلل‪ ،‬فقال‪ :‬ما كان ذلك ألحد بعد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم ومل ُيلروا‬
‫سب نبي ًا سواء كلان‬
‫خالفه فلرى جمرى اإلمجاع‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل وجوب قتل من ّ‬
‫الساب مسل ًام قبل السب أو ذمي ًا؛ ألرا مل تفقل بلني املسللم واللذمي‪ ،‬ودل افلرب اللذي‬
‫رويناه يف القحايب أن من سب صحابي ًا فإنه يعزر‪ ،‬وحكم من استحل ما علم حتريمه من‬
‫رضورة الدين أنه يكون مرتد ًا‪ ،‬فلميع ما ذكرناه يستتاب كام ذكرناه أوالً فلإن تلاب خليل‬
‫سبيله وإن مل يتب وجب قتله‪ ،‬ويلحق بذلك قتلل احللريب غلري املسلتتمن‪ ،‬قوتلل البلاغي‬
‫بملرد بغيه‪ ،‬وقتل املحاربني وقطاع الطريق عىل ما يتيت بيانله‪ ،‬وقتلل ملن قتلل ققاصل ًا‪،‬‬
‫وقتل من قتل عىل وجه افساد يقتل ألجل فساده عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعلاىل‪ ،‬وقلد‬
‫قدمنا جواق قتل الزاين املحقن بل وجوبه‪ ،‬ومجيع ملن علددناه يف هلذا البلاب قلد نلص‬
‫اهلادي عليه السالم عىل جواق قتلهم إال ما ذكرناه يف الذمي فقد خرجه السيد أبلو طاللب‬
‫عىل أصل حييى عليه السالم‪.‬‬

‫‪-312-‬‬
‫باب حدّ المحاربين‬
‫{‪          ‬‬ ‫قال اهلل تعلاىل‪:‬‬
‫‪               ‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪[}      ‬المائدة‪ ،]34-33:‬وينبغي أن نتكلم يف وجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف معنى املحارب؛ ألنه ال حيسن أن نتكلم يف أحكام أمر وملا يعلم ذلك األمر‬
‫ملا ثبت من أن العلم بتحكام الذات فرع عىل العلم بالذات‪.‬‬
‫وثانيهام‪ :‬أن نتكلم يف حكم املحارب‪.‬‬

‫أما الوجه األول فهو الذي خييلف السلبيل‪ ،‬وحيملل السلال‪ ،،‬ويتعلرض للمسللمني‬
‫واملعاهدين‪ ،‬وحياول قطع الطريق‪ ،‬وأخذ األموال‪ ،‬نص عىل هذا يف (األحكام) واملراد بله‬
‫من يفعل ذلك يف غري املرص كالرباري والقحاري‪ ،‬وملا ذكلره يف اآليلة ملن املحاربلة هلل‬
‫ورسوله فاملراد به من حارب أولياء اهلل من املسللمني فقلد حلارب اهلل ورسلوله؛ ألن اهلل‬
‫تعاىل ال يقح أن حيارب عىل احلقيقة وإنام حيارب أولياؤه‪.‬‬
‫(خرب) وهلذا قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يقول اهلل سبحانه من أهان ولي ًا فقد‬
‫بللللارقين باملحاربللللة‪ ،‬وقللللال اهلل تعللللاىل يف أكلللللة الربللللا‪   { :‬‬

‫‪[}‬البقرة‪.]279:‬‬
‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬آكل الربا‪ ،‬وغلال الزكلاة حربلاي يف‬
‫الدنيا واآلخرة))‪.‬‬
‫وأما الوجه الثاين فهو يف حكم املحارب فهذه اآلية ذهب بعض الناس إىل أرلا نزللت‬
‫يف املرشللكني وهللذا قللول سللاقط لقوللله تعللاىل‪      { :‬‬

‫‪-313-‬‬
‫‪[}‬المائدة‪ ]34:‬وليس هذا حكم املرشكني؛ ألن توبة املرش مقبولة قبل القدر وبعدها‬
‫ويسقط عنهم بالتوبة مجيع هذه العقوبات سواء أسللموا قبلل القلدرة علليهم أو بعلدها‪،‬‬
‫وذهب أهل البيت عليهم السالم إىل أرا يف قطاع الطريق وبه قال مجهور العلامء‪ ،‬قال حييى‬
‫عليه السالم‪ :‬نزلت بعدما كان من قوم من بليلة من قتل الرعاة واسلتياق إبلل القلدقة‪،‬‬
‫وقد كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنفذهم إىل إبل القدقة حني اجتووا املدينلة‬
‫ومرضوا هبا ليرشبوا من ألبارا وأبواهلا‪ ،‬فلام قال مرضهم فعلوا ما فعللوا فتخلذهم النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم وسمل عيورم وقطع أيدهيم وأرجلهم من خالف وطرحهم يف‬
‫الشمس حتى ماتوا‪.‬‬
‫قال عليه السالم‪ :‬فنزلت هذه اآلية يف من يفعل مثل أفعاهلم‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬فكانت اآلية يف مثل من فعل مثل أفعاهلم ناسخة ملا كان النبي صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فعله هبم قال‪ :‬وكان هؤالء الذين فعلوا ما فعلوا من بليلة آخلر العلرب‬
‫إسالم ًا قال‪ :‬ومل يقل حييى عليه السالم أرا نزلت فيهم بل نزلت فيمن يفعل مثل فعلهلم‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬نزلت يف العرنيني‪ ،‬عن أنس بن مالك أن رهط ًا من عكل وعرينلة أتلوا رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فقالوا‪ :‬يا رسلول اهلل إنلا كنلا أهلل رضع ومل نكلن أهلل ريلف‬
‫فاستومخنا املدينة فتمر هم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم بلذود أن خيرجلوا إليهلا‬
‫فرشبوا من ألبارا وأبواهلا فقتلوا راعي رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم واسلتاقوا‬
‫الذود‪ ،‬فبعث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف آثلارهم فقطلع أيلدهيم وأرجلهلم‬
‫وسمل أعينهم وتركهم يف احلرة حتى ماتوا عىل حاهلم فنزلت هذه اآلية فيهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أناس ًا من عكل وعرينة قدموا املدينة عىل النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم وتكلموا بإلسالم فقالوا‪ :‬يا نبي اهلل إنا كنا أهل رضع ومل نكن اهل ريف فاستومخنا‬
‫املدينة فامر هلم رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم بلذود وراع وأملرهم أن خيرجلوا‬
‫فيرشبوا من ألبارا وأبواهلا فانطلقوا حتى إذا كانوا يف ناحية احلرة كفلروا بعلد إسلالمهم‪،‬‬
‫وقتلوا راعي النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم واستاقوا الذود فبل النبي صىل اهلل عليه وآله‬

‫‪-314-‬‬
‫وسلم فبعث الطلب يف آثارهم فتمر هبم فسملوا أعينهم وقطعوا أيدهيم وتركهم يف ناحية‬
‫احلرة حتى ماتوا عىل حاهلم‪.‬‬
‫(خرب) قال قتادة بلغنا أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم بعلد ذللك كلان حيلث علىل‬
‫القدقة وينهى عن املثلة‪ ،‬ثم جرى حكم اآلية عىل املحلاربني ملن املسللمني وهلم قطلاع‬
‫الطريق‪ُ ،‬عكل‪-‬بضم العني غري معلمة وسكون الكاف‪ -‬قبيلة‪ ،‬وعرين وعرينلة‪ -‬بضلم‬
‫العني غري معلمة وفتح الراء‪ -‬حيان من العرب اشتق هلام ملن العلرن‪-‬بلالنون مفتوحلة‬
‫والعني مكسورة والراء ساكنة وهو الرجل افبيث الذي ال يطاق‪ ،‬فإذا قرت هذه القاعدة‬
‫فاملحارب ال خيلو إما أن يظفر به اإلمام أم ال‪،‬إن مل يظفر به ابتعه افيل والرجاللة وطلرده‬
‫ونفاه من كل موضع يقدر عىل نفيه منه‪ ،‬وذكر الناطق باحلق أن النفي املتمور بله هلو نفيله‬
‫عىل هذا الوجه قبل الظفر به‪ ،‬وقال املؤيد باهلل‪ :‬النفي لله قبلل الظفلر وبعلده ذكلر ذللك‬
‫ملذهب حييى عليه السالم‪ ،‬واختلفوا يف النفي ما هو فعندنا أنه الطلرد لله‪ ،‬وعنلد النلارص‬
‫للحق هو احلبس‪ ،‬ووجه األول ما روي عن ابن عبلاس يف تفسلري قولله تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[} ‬المائالدة‪ ،]33:‬قال نفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتلى يوجلدوا فيقلام علليهم‬
‫احلد‪ ،‬وألن لفن النفي يف الطرد الاحلبس؛ ألن املحبوس ال يوصلف بتنله منفلي والنفلي‬
‫والطرد سواء يف اللغة‪ ،‬فإن قيل‪ :‬الغرض بالنفي دفع ّأاه وهلو إذا طلرد كلان كه يف كلل‬
‫يقر قرار ًا بلل حيلث رئلي أو دخلل فإنله يطلرد‬
‫مرص ةوف ًا‪ ،‬قلنا‪ :‬ال جرم فإنه ال يً أن ّ‬
‫وينفى حتى ينفى من بالد اإلسالم لينحسم رضره‪ ،‬وإن ظفر به اإلمام قبل التوبة وكان قد‬
‫أخذ املال قطعت يده اليمنى ورجله اليرسى نص عليه يف (األحكام) ويشً يف ذلك أن‬
‫يؤخذ من املال القدر الذي جيب يف مثله القطع قد رواه حممد بن مقنور عن القاسم عليله‬
‫السالم‪ ،‬وال خالف عىل اجلملة أنه إذا أخذ املال قطعت يدع ورجله من خالف‪ ،‬وإن كان‬
‫قد قتل جيب أن يكون برضب الرقبة ذكره يف (املنتخب)‪.‬‬
‫قال عيل بن العباس‪ :‬حرضت حييى بن احلسني عليهام السلالم وقلد أتلى بلرجلني قلد‬
‫قطعا الطريق وقتال فتمر بقتلهام وصلبهام حتى تناثرا عىل الشلر‪.‬‬

‫‪-315-‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا قتلتم فتحسلنوا القتلل)) دل‬
‫ذلك عىل ما قلناه ويقلب بعد القتل مستور العورة وذلك لقوله تعلاىل‪ } {:‬وال‬
‫يقلب وهو حي لكن بعد القتل‪.‬‬
‫(خرب) ملا روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه رى عن تعذيب احليوان وصلبه‬
‫قبل القتل حتى يبع بالرما‪ ،‬يكون تعذيب ًا‪.‬‬
‫(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال جتعلوا ذا الرما‪ ،‬غرض ًا))‪.‬‬
‫(خرب) وقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬إذا قتللتم فتحسلنوا القتلل‪ ،‬وإذا ذبحلتم‬
‫فتحسنوا الذبح‪ ،‬وال تعذبوا خلق اهلل))‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إذا قتلتم فتحسنوا القتلة)) دل ذلك عىل انله‬
‫اليقلب إال بعد القتل فإذا كان قد محل السال‪ ،‬وأخاف املسلمني يف غري املرصل وحلاول‬
‫قطع الطريق ومل يقتل أحد ًا وال أخذ ماالً عزره وأدبه فقط ذكره أبو طالب للذمهب حييلى‬
‫عليه السالم ولو كان هذا املظفور به ممن أعان من بلاك القتلل وأخلذ امللال ومل يقتلل ومل‬
‫يتخذ ماالً مل يقتل ومل يقطع لقوله تعاىل‪          {:‬‬

‫‪[}‬األنعام‪.]164:‬‬

‫فصل‬

‫قلللال اهلل تعلللاىل‪            { :‬‬

‫‪[}‬المائدة‪.]34:‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬إذا تاب قبل القدرة عليه سقط مجيع ما يستحقه من الققا‬
‫والقتل حد ًا‪ ،‬ومن القطع والضامن والنفي‪ ،‬واستدل بظاهر هذه اآلية قال‪ :‬فإن قتله قاتلل‬
‫بعد التوبة عىل قتل كان من قبلها قتل اإلمام قاتله‪ ،‬نص عليه يف (األحكام)‪.‬‬

‫‪-316-‬‬
‫(خرب) وروي عن الشعبي أن حارثة حارثة بن بدر حارب اهلل ورسلوله يف السلعي يف‬
‫األرض بالفساد ثم تاب قبل أن يقدر عليه فكتب عيل عليه السالم إىل عامله بالبرصلة أن‬
‫حارثة بن بدر ممن حارب اهلل ورسوله ثم تاب من قبل أن تقدروا عليه فال تعرضن لله إال‬
‫بخري‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬وهذا حيقق أن قول عيل عليه السالم مثل قول اهلادي‪ ،‬وذهب املؤيد‬
‫باهلل إىل أن املحاربني لو تابوا قبل أن يؤخذوا ضمنوا األموال واقتص منهم ومل حيدوا‪ ،‬وقد‬
‫روي ذلك عن عيل عليه السالم رواه قيد بن عيل‪.‬‬

‫فصل‬

‫فإن قيل مل محل اهلادي‪َ ( :‬ل ْف َظة ْ‬


‫أو) يف قوله تعاىل‪     { :‬‬

‫‪[}     ‬المائدة‪ ،]33:‬عىل أرا بمعنى الواو وهي تقت يل التخيلري‬
‫حتقيقها عند أهل اللغة‪ ،‬قلنا‪ :‬هي وإن كانت هبذه املنزلة فلإن هنلا قرينلة لفظيلة كعيلة‬
‫منفقلة هي ما قدمنا أوالً من أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عمل بام يالئم ذلك فإنله‬
‫سمل أعني املحاربني وقطع أيدهيم وأرجلهم وطرحهم يف الشمس مقللوبني‪ ،‬فللام مجلع‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بني هذه األشياء دل عىل ما قاله اهلادي عليه السالم وعلىل‬
‫أن لفظة (أو) قد وردت يف اللغة بمعنى الواو فيكون جواق ًا بالزيادة‪ ،‬وقد ورد ذلك يف لغة‬
‫العرب كام بيناه يف كتاب (اجلونة املرشقة بالرباهني املوثقة) وكلالم اهلل تعلاىل نلزل عليهلا‬
‫لقوله تعاىل‪[}  { :‬الشعراء‪ ]195:‬فيلب أن يلدخل املللاق يف خطابله؛ ألن‬
‫العرب راطب بامللاق فيللب أن جيلري يف خطابله علىل طلريقتهم وإال مل يكلن ةاطبل ًا‬
‫بلغتهم‪ ،‬وقد ورد ذلك يف قوله تعاىل‪[}     { :‬الصافات‪]147:‬‬

‫معناه ويزيدون وإنام محلناه عىل ذلك لقرينة معوية عقلية وهلي أن الشلك جيلوق علىل اهلل‬
‫تعاىل ملا ثبتن من كونه عامل ًا لذاته وذاته ال رتص بمعللوم جلون معللوم‪ ،‬فثبلت انله علامل‬
‫بلميع املعلومات عىل كل الوجوه التي يقح أن يعللم عليهلا‪ ،‬يزيلد ذللك وضلوح ًا أن‬

‫‪-317-‬‬
‫القلب ليس بحد مستقل بنفسه باإلمجاع؛ ألن أحد ًا من العلامء مل يذهب إىل أن املحلارب‬
‫يقلب من دون عقوبة أخرى ألخذ املال وال للقتل وال إلخافة السبيل فيلب أن يكلون‬
‫ذلك مطروح ًا‪ ،‬وقد روي عن عبداهلل بن العباس رمحه اهلل يف تفسري النفي قول آخر وهلو‬
‫أن هيدر اإلمام دمه فيقول‪ :‬من لقيه فليقتله هذا يف من مل يقدر عليه‪ ،‬فتملا ملن قلدر عليله‬
‫فنفيه من األرضن احبس؛ ألنه إذا حبس ومنع من التقلب يف البالد فقد نفي منها جليلله‬
‫قول بعض من حبس من الشعراء‪:‬‬
‫فلسنا من األموات فيها وال األحيلا‬ ‫خرجنا من الدنيا ونحن ملن أهلهلا‬
‫علبنا وقلنا جاء هذا من الدنيلا‬ ‫ٍ‬
‫حلاجلة‬ ‫إذا جاءنا السلان يومل ًا‬

‫ويدل عليه (خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قلال‪ :‬إذا قطلع‬
‫الرطيق اللقو ‪ ،‬وأشهروا السال‪ ،،‬ومل يتخذوا ماالً‪ ،‬ومل يتقلوا مسل ًام ثم أخذوا حبسوا‬
‫حتى يموتوا فذلك نفيهم من األرض فإذا أخذوا املال ومل يقتلوا قطعت أيدهيم وأرجلهم‬
‫من خالف‪ ،‬فإذا قتلوا وأخذوا املال قطعت أيدهيم وأرجلهم من خالف‪ ،‬ثم صلبوا حتلى‬
‫يموتوا‪ ،‬فإن تابوا قبل أن يؤخذوا ضمنوا املوال واقتص منهم ومل حيدوا وإىل هذه الروايلة‬
‫ذهب السيد املؤيد باهلل عليه السالم‪ ،‬وبه قال مجاعة كثري من علامء العًة علليهم السلالم‪،‬‬
‫فلقلول اهلل تعلاىل‪   { :‬‬ ‫وعلامء غريهم من الفقهلاء‪ ،‬أملا الققلا‬
‫‪[}‬البقرة‪.]178:‬‬

‫وأما األموال فلقول اهلل تعاىل‪[}   { :‬هود‪ ،]85:‬وقلول النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬عىل اليد ما أخذت حتى تلرد)) وقولله صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬ال حيل مال امرس مسلم إال بطيبة من نفسه)) وقد أخذ ماله بغري طيبة ملن نفسله‬
‫فكالن حرام ًا ووجب رده لقوله حتى ترد‪.‬‬

‫‪-318-‬‬
‫باب التعزير‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أن جلد رج ً‬
‫ال وجدمع امرأة ومل تقم الشهادة بالزنا مائلة‬
‫جلدة غري سو أو سوطني‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أفتى بذلك وعن عمر مثله‪.‬‬
‫(خرب) وعن حممد بن منقور املرادي‪ ،‬عن جعفر بن حممد‪ ،‬عن أبيه عليهم السلالم أن‬
‫علي ًا عليه السالم قال‪ :‬إذا وجد الرجل مع املرأة يف حلاف واحد جلد كل واحد منهام مائلة‬
‫جلدة غري سو ‪ ،‬وال ةالف لعيل وعمر يف القحابة‪ ،‬دل ذللك علىل أنله يراعلي املعلزر‬
‫واجلناية‪ ،‬فإن كا اجلاين حر ًا واجلناية من جنس ما حد مائة كالسو ونحوه نقص قدر ملا‬
‫يراه اإلمام من األسوا ‪ ،‬وإن كان من جنس ما حده ثامنون كالقذف والشتم والتعلريض‬
‫لفن قبيح أو يتناول شيأ ًا من املحرمات من متكول ومرشوب كالن التعزير فيه دون ثامنني‬
‫جلدة ذكره الناطق باحلق ملذهب اهلادي إىل احلق وذكر املؤيد باهلل ملذهب اهلادي أيض ًا أنله‬
‫إذا كان املعزر فيه من جنس الرسقة فلاألقرب أن يكلون التعزيلر دون املائلة؛ ألن القطلع‬
‫أعظم من جلد مائة ذكر ذلك عىل ما فعلناه وهو مقيس عىل ما فعلله عليل عليله السلالم‪،‬‬
‫وعىل ما روي عنه وعمر وعىل اجلملة أن كل ملن أتلى بمعقلية ال حلدّ فيهلا وال كفلارة‬
‫كمباكة األجنبية فيام دون الفرج ويقة ما دون النقلاب أو الرسلقة ملن غلري حلرق أو‬
‫فيها فإنله جيلب يف مجيلع ذللك التعزيلر علىل‬ ‫القذف بغري الزنا أو اجلناية التي ال ققا‬
‫حسب ما فقلناه أوالً‪ ،‬يزيده وضوح ًا‪.‬‬
‫(خرب) و هو ما روى عبدامللك بن عمري قال‪ :‬سأل عيل عليه السالم عن قلول الرجلل‬
‫للرجل يا فاسق يا خبيث؟ قال‪ُ :‬هن فواحش فيهن العزير ولليس فليهن حلد ولإلملام أن‬
‫حيبسه بعد تلعزير إن رأى ذلك صالح ًا؛ ألن احلبس من مجلة التعزير‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس قوم ًا بالتهمة‪.‬‬

‫‪-319-‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم كان يقيد ّ‬
‫الدعارة بقيود هلا أقفال‪ ،‬يووكل من حيلها‬
‫يف أوقات القالة من أحد اجلانبني‪ ،‬وعنه عليه السالم‪ :‬أن السلارق حيلبس بعلد اللثالث‬
‫خشية الدعار ‪-‬بالدال معلمة بواحدة من أسفل مضمومة والعني غري معلملة واللراء‪-‬‬
‫متخذو من الدعرة وهي أخذ اليشء اختالس ًا وهي‪-‬بالدال معلملة بواحلدة ملن أسلفل‬
‫والعني غري معلمة وهي ساكنة والراء‪ -‬يقال‪ :‬دعر علىل القلوم أ دخلل علليهم واللدعر‬
‫االقتحام متت‪ ،‬وإن كان اجلاين عبد ًا ووجد مع امرأة يف فلراش واحلد علزر دون مخسلني‬
‫جلدة‪ ،‬وإذا وقعت املرأة عىل املرأة وكانتا حرتني عزرت كل واحدة مائة سو ‪ ،‬وإن كانتلا‬
‫مملوكتني فدون مخسني جلدة عىل كل واحدة وهذه اجلملة هلي علىل ملذهب حييلى عليله‬
‫السالم وإىل ذلك ذهب النارص للحق‪ ،‬واألقرب أن التعزير يرجع إىل رأي اإلمام فإن رأى‬
‫فعله أصوب يف الدين فعله وإن رأى تركه أصلح يف الدين تركه وذلك ملا روي يف (خلرب)‬
‫وهو ما رواه ابن مسعود أن رج ً‬
‫ال جاء إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم فقاللك غنلي‬
‫وجدت امرأة يف البستان وأصبت منها كل يشء غري أين مل أنكحها فاعمل يف ما شأت فقرأ‬
‫عليه‪[}           { :‬هود‪.]114:‬‬

‫وأما عىل مذهب حييى عليه السالم فقد ذكر القايض قيد أنه واجب وقد ذكرنا يف كمية‬
‫الرضب يف التعزير ما ذكرناه وافالف فيه عن املؤيد باهلل عليه السلالم فإنله ذهلب إىل أن‬
‫التعزير دون األربعني ووجهه ما روي عن ابن عباس أنه ملا خرج ملن البرصلة اسلتخلف‬
‫أبا األسود الدؤَّ فتتى بلص نقب عىل قوم فتخلذوه ملن النقلب فقلال‪ :‬مسلكني أراد أن‬
‫يرسق فتجلتموه فضبه مخسة وعرشين سوط ًا ّ‬
‫وخىل عنه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من رضب حد ًا يف غري حد فهو‬
‫من املعتدين))‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عمر أنه كتب إىل أيب موسى أنه ال يبلل بنكلال أكثلر ملن عرشلين‬
‫سوط ًا‪ ،‬ويف رواية أخرى من ثالثني سوط ًا‪،‬رووي عنه يف خلرب آخلر ملا بلني الثالثلني إىل‬
‫األربعني سوط ًا‪ ،‬فتما ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال جيلد فلوق‬

‫‪-320-‬‬
‫عرش جلدات إال يف حد من حدود اهلل)) فافرب مل يقححه أحد من علامؤنا فإن صح فإنله‬
‫منسوخ برشع منقول قد علموه وإن مل نعلمه؛ لن اآلية قد أمجعت عىل خالفه‪ ،‬واإلمجاع مما‬
‫ال نسخ به‪.‬‬

‫فصل‬

‫ول دل رجل سارق ًا عىل يشء فرسقه لزم الدليل األدب واحلبس الطويل‪ ،‬ذكره حمملد‬
‫بن اهلادي يف كتاب (اإليضا‪.)،‬‬
‫قال علامؤنا‪ :‬وال خالف يف وجوب التعزير يف مثل هذه اجلنايات بام يلراه اإلملام ملن‬
‫رضب أو حبس ليكون قجر ًا عن املحظورات‪.‬‬

‫فصل‬

‫يف قوله تعاىل‪[} { :‬األنبيالاء‪ ]58:‬أي قطع ًا قطعل ًا قلال تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}‬هالود‪ ]108:‬أي غري مقطوع‪ ،‬وقيل‪ :‬جعلهم فتات ًا بمعنى مفتلوت‪ ،‬وقيلل‪ :‬حطامل ًا‬
‫بمعنى حمطوم‪ ،‬فإذا كان ذلك كع إبراهيم صىل اهلل عليه وآله وسلم فهو كع لنلا إال ملا‬
‫نسخ عنا‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه جيوق كرس ما يكون موضوع ًا للمحظور وإن أمكلن اإلنتفلاع‬
‫هبا يف غريه؛ ألن األصنام مما يمكن أن جيعل كالكرايس وأن يوضع عليها ما خيشلى عفنله‬
‫بنداوة األرض ومع ذلك كرسها إبراهيم صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وألن اإلمجاغع منعقد‬
‫عىل جواق كرسها عىل ما ذكره بعض العلامء‪.‬‬

‫(خرب) وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أصعد علي ًا عليه السالم عىل ظهلره إىل أن‬
‫صعد الكعبة وأمر بكرس األصنام‪.‬‬
‫(خرب) وقد قال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬بعثت بكرس املزامري واملعاقف))‪.‬‬

‫‪-321-‬‬
‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن اهلل بعثني آية ورمحة للعاملني‪،‬‬
‫وأمرين بمحق املعاقف واملزامري وكرس األصنام والقليب)) وقد قدمنا أوالً عن عيل عليه‬
‫السالم يف رقعة الشطرن وكرسها ما يدل عىل ذلك‪.‬‬

‫فصل‬

‫وذكر املؤيد باهلل أن افتان واجب‪ ،‬وعليه دل كالم حييى عليه السالم وذلك ملا روي‪.‬‬
‫(خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لرجل أسللم‪(( :‬اللق عنلك شلعار‬
‫الكفر واختتن)) فتمر به واألمر يقت ي الوجوب‪ ،‬فتما قوله افتان سلنة للرجلال مكرملة‬
‫للنساء فهو حممول عىل أنه سنة واجبة؛ ألن السنة عىل رضبني واجبة ومندوب إليها‪ ،‬وهذا‬
‫من السنن الواجبة ملا قدمناه أوالً‪.‬‬

‫‪-322-‬‬
-323-
‫كتاب اجلنايات والقصاص‬

‫باب ما يوجب القصاص‬


‫واألصل فيه الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬

‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪[}    { :‬البقرة‪ ،]178:‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫{‪[}     ‬البقرة‪ ]179:‬وقوله تعاىل‪   { :‬‬

‫‪[}  ‬اإلسالراء‪ ]33:‬والسلطان هو القود ذكلره احلسلن البرصلي‪ ،‬وقولله‬


‫تعاىل‪[}     { :‬المائدة‪ ]45:‬اآلية‪ ،‬فدل ذللك علىل أنله كلان‬
‫مكتوب ًا ومفروض ًا يف الرشائع األوىل وما فرض عليهم لزمنا ما مل يثبت نسخه‪.‬‬
‫وأما السنة فام روي (خرب) وروي أن ربيع بنت معوذ بن عفلراء كرسلت سلن جاريلة‬
‫فتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بكرس سنها‪ ،‬فقال أخوها‪ :‬أيكرس سن ربيع ال واهلل يا‬
‫)) وتلال هلذه‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬كتلاب اهلل أوجلب الققلا‬
‫اآلية‪ }     { :‬اآلية‪.‬‬
‫(خرب) وروى أنس أن الربيع بنت النرض بن أنس كرست ثنية جاريلة فعرضلوا عليهلا‬
‫األرش فتبوا وطلبوا العفو فتتوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم فلتمر بالققلا فللاء‬
‫أخوها أوس بن النرض فقال‪ :‬يا رسول اهلل أتكرس ثنية الربيع والذي بعثلك بلاحلق نبيل ًا ال‬
‫)) قلال‪:‬‬ ‫تكرس ثنيتها‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬كتاب اهلل أوجب الققلا‬
‫فعفا القوم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن من عباد اهلل من لو أقسم عىل اهلل ألبره))‪.‬‬

‫‪-324-‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه عىل ما يتيت تفقيله فإذا ثبت ذلك فإن قتل رجلل‬
‫بال عاقل أو امرأة عاقلة حر ًا مسل ًام مهد ًا من غري استحقاق وجب عليه القتل سلواء كلان‬
‫املقتول بالغ ًا أو غري بال ملا قدمناه من األدلة وهو إمجاع‪ ،‬واختلف أئمتنا عليهم السالم يف‬
‫فقلال اهللادي‬ ‫الرجل إذا قتل امرأة حرة عىل هذا الوجه مع إمجاعهم عىل ثبوت الققا‬
‫برش التزام أولياء املقتولة نقف دية الرجل ألولياء القاتل‬ ‫عليه السالم‪ :‬جيب الققا‬
‫وهو قول أمري املؤمنني عيل عليه السالم وهو قول النلارص للحلق وذللك لقولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}           ‬البقالالالالالالالرة‪،]178:‬‬
‫فلوال أن التامثلل ك وكلان يقتلل احللر بالعبلد واللذكر بلاألنثى مل يكلن للتحقليص‬
‫والتلنيس فائدة فليب أن يعترب رقيق ًا ومتييز ًا وليس ذلك إال ما ذكرناه وهلذا ال يقتلل‬
‫املسلم بالكافر وال احلر بالعبد وال تكافؤ بني الرجل واملرأة لنققان ديتها عن ديته فوجب‬
‫أن الي قتص إال عىل الوجه الذي ذكرناه‪ ،‬وذهب املؤيد باهلل إىل أري قتل القاتل وال يلزم‬
‫ورثة املقتول يشء‪ ،‬وكذلك القول يف جناية الرجل عىل املرأة فليام دون اللنفس ملن سلائر‬
‫األطراف الكالم فيه عىل مثل ما ذكرناه يف النفس وافالف واحد‪ ،‬وجه قول املؤيد باهلل ما‬
‫روي يف (خرب) وهو أنه روي أن مما كتبه صىل اهلل عليه وآله وسلم ىل أهل اليمن أن الرجل‬
‫يقتل باملرأة فتما إذا قتلت املرأة رج ً‬
‫ال فإرا تقتل وال يستحق عىل ورثتها يشء عند اجلميع‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قتل ثالثة بواحد‪ ،‬رووى سعيد بن املسليب أن عملر‬
‫قتل سبعة بواحد‪ ،‬وقال‪ :‬لو متاال عليه أهل صنعاء لقتلتهم به‪ ،‬ويف بعض األخبار أنه قتلل‬
‫سبعة من أهل صنعاء قتلوا رج ً‬
‫ال وقال‪ :‬لو متاأل عليه أهل صنعاء لقتلتهم حاشلية متلاألوا‬
‫عىل األمر أي اجتمع رأهيم عليه‪ ،‬وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬واهلل ما قتلت علثامن وال‬
‫ماألت عىل قتله أي ما ساعدت وال عاونت‪.‬‬
‫(خرب) وقال ابن عباس تقتل املاءة بواحد‪ ،‬دل ذللك علىل أنله إذا اشلً مجاعلة ملن‬
‫الرجل أو الرجال والنساء يف قتل رجل عمد ًا بغري حق قتلوا به كلهم وهو اختيار اهللادي‬
‫إىل احلللللق يزيللللده بيانلللل ًا قللللول اهلل تعللللاىل‪     { :‬‬

‫‪-325-‬‬
‫‪[}‬اإلسالراء‪،]33:‬أي عىل القاتل وال خالف أن القتل مراد به وعمومه يوجب القلود‬
‫عىل كل واحد من القاتلني‪.‬‬
‫ويدل عليه أيض ًا (خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ثم أنتم يا خزاعلة‬
‫قد قتلتم هذا القتيل من هذيل وإنا واهلل عاقلته))‪.‬‬

‫(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬نت قتل له قتيل فتهلله بلني خريتلني إن‬
‫أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية)) وفيه دليالن‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن عمومه يقت ي أن لوَّ الدم أو ألولياء الدم قتل كل قاتل؛ ألن لفظله ملن‬
‫ألفاظ العموم‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن هذا افرب ورد يف مجاعة قتلوا واحد ًا‪ ،‬وإذا ثبت ذلك فلإن املعتلرب أن جينلي‬
‫كل واحد منهم جناية لو انفردت لكانت قاتلة يف جمرى العادى‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس أن هيودي ًا رضخ رأس جارية أنقارية بني حلرين فوجلدت وهبلا‬
‫رمق فقال هلا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أقتلك فالن)) فتشارت بام يفهم منهلا بلال‬
‫إىل أن ذكر اليهودي فتشارت برأسها برأسها أي نعم فتخذ اليهودي واعًف بذلك فلتمر‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بتن يرضخ رأسه بني حلرين‪ ،‬دل ذلك عىل أن الققلا‬
‫واجب بتي آلة وقع هبا القتل‪ ،‬ودل عىل أن القتل إذا وقع باملثقل وجلب فيله القلود‪ ،‬ودل‬
‫عىل أن اإلقرار بالقتل يكفي مرة واحدة‪ ،‬ودل عىل أن اإلشارة إذا فهم هبا املراد تعللق هبلا‬
‫احلكم فإن قيل إن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إنام قتله ألنه نقض العهد بقتل املسللمة‬
‫ال عىل وجه القود‪ ،‬قلنا‪ :‬هذا ال يقح لوجوه‪ :‬منها لو قتله لنقض العهد لنقل هذا السبب؛‬
‫ألن الداعي إىل تعرف األحكام هو بعينه يدعو إىل نقل األسباب املوجبة إلنفاق األحكام‪،‬‬
‫ومنها أن قتل املسلم ال يوجب نقض العهد عند كثري من أئمتنا عليهم السالم‪ ،‬ومنها أنله‬
‫لو قتله لنقض العهد لكان ال يرضخ رأسه وإنام ترضب رقبته‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن محل بن مالك أنه قال‪ :‬كنت بني امرأتني فاقتتلنلا فرضلبت إحلدمها‬

‫‪-326-‬‬
‫األخرى بمسطح فقتلتها وما يف جوفها فقضال صىل اهلل عليه وآله وسلم بغرة عبد او أملة‬
‫وبتن تقتل يف مكارا‪ ،‬فدل افقر عىل أن القتل إذا وقع بافشلبة الكبلرية وجلب القلود إذ‬
‫املسطح عمود الفسطا وافباء‪ ،‬ويدل عليه أيض ًا ما قدمناه من الظلواهر نحلو قلول اهلل‬
‫تعاىل‪[}    { :‬البقرة‪ ،]178:‬فإنه مل يفقل بني آلة وآلة بام يقع به‬
‫القتل سواء كان بعقا أو بحلر شادخ أو تغريق يف املاء أو بنى باب بيته فمنع من الطعلام‬
‫والرشاب حتى مات أو ناوله الطعام الذي قد جعل فيه السم فتناوله منه وحتساه فامت‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رجلني شهدا عند عيل عليه السالم عىل رجل بالرسقة فقطعه ثم جاءا‬
‫بآخر فقاال‪ :‬غلطانا يف شهادتنا‪ ،‬وهذا هو السارق‪ ،‬فقال عيل عليه السالم‪ :‬لو علمت أنكام‬
‫تعمدمتا لقطعتكام وغرمهام دية‪ ،‬رواه قيد بن عيل‪ ،‬فدل ذلك عىل أن أخذ يدين بيد واحلد‬
‫يقح عنده‪ ،‬ومل حيك خالفه عن غريه فهو كاإلمجاع عند بعض علامئنا‪ ،‬ودل عىل أن مجاعة‬
‫لو شهدوا عند اإلمام عىل رجل بام يوجب قتله فقتله بشهادهتم ثلم رجعلوا عنله وأقلروا‬
‫بالعمد وجب القتل عىل كل واحد منهم‪.‬‬
‫ويدل عىل ذلك خرب أيب بكر وهو قوله ملن قتل بشهادته إنسان ًا‪ :‬لو علمت انك تعمدت‬
‫لقتلتك به‪ ،‬وال ةالف هلام يف القحابة‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫فصل‬

‫قلللللللللال اهلل تعلللللللللاىل‪         { :‬‬

‫إذا وقع فاألداء بدل منله واجلب‬ ‫‪[}‬البقالرة‪ ]178:‬دل ذلك عىل العفو يف الققا‬
‫من حيث أمر القاتل باألداء ومل يشً رضاه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أصيب بقتل أو خبلل‬
‫فإنه خيتار إحدى ثالث إما أن يقتص أو يعفو أو يتخذ الدية)) وافبل هلو اجللرا‪ ،‬وهلو‪-‬‬
‫بافاء معلمة بواحدة من أعىل والباء بواحدة من أسفل‪ -‬وافبلل ي غلري هلذا املوضلع‬

‫‪-327-‬‬
‫الفساد يف العقل أو يف بعض األعضاء ويف احلديث‪(( :‬بني يدي الساعة افبل)) أي الفساد‪،‬‬
‫وإذا اشً يف قتل الرجل من يلزمه القود ومن ال يلزمه القود وجب القود عىل من يلزمه‬
‫كالبال العاقل وجيب عىل من ال يلزمه القود حقته من الدية كالقبي وامللنون‪ ،‬واللذي‬
‫‪ ،‬ويدل عىل الثاين ما ذكرناه من قوله‪(( :‬رفلع‬ ‫يدل عىل األول ما ذكرناه يف إجياب الققا‬
‫القلم عن ثالثة)) افرب‪.‬‬

‫‪-328-‬‬
‫باب ما يوجب سقوط القصاص‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يقتل مؤمن بكافر)) دل ذلك‬
‫عىل أن املسلم إذا قتل كافر ًا ذمي ًا كان أو غري ذمي فال قود عليه‪ ،‬هذا هو قول اهلادي‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهو الظاهر من مذهب النارص‪ ،‬وروي عن عيل عليه السالم‪ ،‬وعملر‪،‬‬
‫وعثامن‪ :‬أن املسلم ال يقتل بكافر‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬من السنة أن ال يقتل حر بعبد‪ ،‬وإطلالق السلنة‬
‫يفيد سنة النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬دل ذلك عىل أن احلر ال يقال بالعبد‪ ،‬وقلد روي‬
‫ذلك عن ابن عباس‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وابن الزبري‪.‬‬

‫(خرب) وروى إبراهيم بن عبداهلل بن احلسن الريض بن احلسن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عيل عليه‬
‫السالم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أيت برجل قتل عبده كتعمد ًا فلللده رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم مائة جلدة ونفاه سنة‪ ،‬وحما سهمه من املسلمني ومل يقده بله‪ ،‬دل‬
‫حر بعبد‪ ،‬ودل عىل أنه جيوق جلده تعزير ًا؛ ألنله ال خلالف أنله لليس‬
‫ذلك عىل أنه ال يقاد ّ‬
‫بحد‪ ،‬ويدل عىل أنه جيوق أن يبل التعزير مبل احلد فيام هذا حاله‪ ،‬ويدل عىل السيد خلرج‬
‫بالقتل بغري حق عن سمة اإلسالم لوال ذلك مل يمح سهمه من املسلمني‪ ،‬فتما ما روي عن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من قتل عبلده قتلنلاه‪ ،‬وملن جدعله جلدعناه))‬

‫فاجلواب عنه من وجوه منها أنه قد طعن يف إسناده‪ ،‬ومنها أن املراد به ملن كلان عبلد ًا لله‬
‫فتعتقه لأال يظن أن حر األصل واملعتق خيتلفان فيه احلال‪ ،‬ومنها أن هذا كان مرشلوع ًا يف‬
‫صدر اإلسالم ثم نسخ؛ ألن األمة قد أمجعت علىل أن السليد ال جيلدع بلدعله وال يقتلل‬
‫لقتله‪ ،‬فدل ذلك عىل أرم قد علموا نسخه كع ًا فلذلك أمجعلوا علىل خالفله‪ ،‬ومنهلا أن‬
‫يكون احلر ممن جعل قتل العبيد عادة وفساد ًا يف األرض فيلزمه القتل حد ًا ال علىل سلبيل‬
‫القود به‪ ،‬قاله اهلادي عليه السالم والنارص للحق‪.‬‬

‫‪-329-‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يقتل والد بولده))‪.‬‬

‫(خرب) وعنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تقام احلدود يف املساجد‪ ،‬وال يقلاد‬
‫الوالد بولده))‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن دده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال يقتص ولد من والده‪ ،‬وال عبد من سيده)) دل ذلك عىل‬
‫أن األب إذا قتل ابنه مل يلزمه قود ويلزمه الدية‪ ،‬وهو قول اهلادي عليه السالم‪ ،‬وحكي عن‬
‫عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن األم بمنزلة األب يف ذلك فال تقتل‬
‫بولدها‪ ،‬وأن اجلدّ ة أم األم بمنزلة األم‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يرث القاتل))‬

‫وروي أنه قال‪(( :‬ال مرياث لقاتل))‪.‬‬

‫(خرب) وروى عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يقاد واللد بوللده‬
‫وال يرث القاتل)) قال‪ :‬سمعت النبي يقول ذلك‪ ،‬وهو مروي عن عيل عليه السالم‪ ،‬وابن‬
‫عباس‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وعمر‪ ،‬وكيح‪ ،‬وال ةالف هلم فلرى جمرى اإلمجاع‪ ،‬وذللك كلله‬
‫يدل عىل أن القاتل ال يرق وأن الدية القمة له يف ماله‪ ،‬وأنه ال يرث منها وهو إمحاع‪ ،‬فلإن‬
‫قتل خطت ورث من ماله دون ديته عىل ما يتيت بيانه‪ ،‬واملراد به من قتله عمد ًا بغري حق‪ ،‬فتما‬
‫من قتله عمد ًا بحق فإنه يرث عىل ما يتيت تفقيله يف كتاب الفرائض إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع عن أمتي افطلت والنسليان‬
‫وما استكرهوا عليه)) دل ذلك عىل أنه ال قود يف يشء من افطت وهو إمجاع‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬رفلع القللم علن ثالثلة علن‬
‫امللنون حتى يفيق‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقن‪ ،‬وعن القبي حتى يبل )) دل ذلك عىل أنله‬
‫يف عمد القبي وامللنون‪ ،‬وأنه يكون خطت وهو إمجاع‪ ،‬وروي عن عليل عليله‬ ‫ال ققا‬
‫السالم قطع أنملة صبي فهذا خرب قد رده علامؤنا عليهم السالم وقيفوه وقالوا هذه رواية‬

‫‪-330-‬‬
‫غري موثوق هبا‪.‬‬

‫وأما ما روي عن عيل عليه السالم من حط أصابع القبيان فذلك قجر وتتديب وليس‬
‫حلد‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن وهب أن عمر أيت برجل فلاء ورثة املقتول ليقتلوه فقالت أخت‬
‫املقتول وهي امرأة القاتل‪ :‬قد عفوت عن حقي‪ ،‬فقال عمر‪ :‬عتق من القتل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عمر رفع إليه رج ً‬
‫ال فلاء أوالد املقتول وقد عفا أحدهم فقلال عملر‬
‫البن مسعود وهو إىل دجنبه‪ :‬ما تقول؟ فقال‪ :‬إنه قد أحرق من التقلل فرضلب علىل كتفله‬
‫وقال‪ :‬كنيف مىلء معل ًام‪ ،‬وصغره عمر تقغري التعظيم‪ ،‬وقيل‪ :‬وهو وعار جيعل فيه التلاجر‬
‫أداته‪ ،‬الكنف ‪-‬بالنون والفاء وكرس الكاف‪ -‬الوعاء وتقغريه كنيف‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن وهب قال‪ :‬دخل رجل عىل امرأته فوجد عنلدها رجل ً‬
‫ال فقتلهلا‬
‫فاستعدا إخوهتا عمر فقال بعض إخوهتا‪ :‬قد تقدقت بحقي‪ ،‬فدل ذلك عىل أن الققا‬
‫إذا كان جلامعة فعفا أحدهم عن القود سقط عن الباقني؛ ألنه ال يتبعض‪.‬‬
‫فلال‬ ‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم وعمر أرام قاال‪ :‬من مات من حد أو ققا‬
‫ضامن احلق قتله‪ ،‬كل ذلك يدل عىل أن من اقتص منه فيام دون النفس فامت فال يشء علىل‬
‫املقتص وهذا هو قول القاسم واهلادي عليهام السالم‪ ،‬والنارص للحق عليه السالم‪.‬‬
‫سن القلبي يشء‬‫(خرب) ويف حديث جابر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ليس يف ّ‬
‫إذا مل ُي ْث مغر معناه النبات بعد السقو دل ذلك عىل أن من جنى عىل صبي صغري بام أذهلب‬
‫سنه بحيث ينبت غريه مكانه فإنه ال ققا فيه وعليه حكومة يف جنايته عليه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن معاوية كتب إىل أيب موسى ي ًا يستل علي ًا عليه السالم عن من رأى‬
‫مع امرأته رج ً‬
‫ال يزين هبا فقتله وأتى بتربعة يشهدون عىل ذلك فللام وقعلت احلادثلة عنلد‬
‫معاوية مل يعرف جواهبا فلام ستله أبو موسى قال عليل عليله السلالم‪ :‬هلذا يشء ملا وقلع‬
‫بترضنا فاخربين من الذي أمر بتن تستل عنه فتخربه بتن معاوية كتلب إليله يسلتله عنله‬

‫‪-331-‬‬
‫ال لو رأى مع امرأته رجل ً‬
‫ال‬ ‫فتفتاه عيل عليه السالم بتنه ال يشء عليه‪ ،‬دل ذلك عىل أنه رج ً‬
‫يوين هبا حل له قتله فإذا أتى بشهود أربعة أربعة عدول سلقط عنله القلود واألرش؛ ألنله‬
‫قال‪ :‬ال يشء عليه‪ ،‬وعند أئمتنا عليهم السالم أن رج ً‬
‫ال للو راود املرأة علىل الفللور ومل‬
‫تتمكن من دفعه عن نفسها إال بقتله فقتلته فال قود عليها وال دية‪ ،‬ووجه ذلك ملا حاولله‬
‫منكر فإقالته واجبة‪ ،‬فإذا مل يزل إال بقتل فاعله جاق له ذلك وهلو إمجلاع إذا كلان الفاعلل‬
‫عاقالً‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬يقتلل القاتلل ويقلرب‬
‫القابر))‪.‬‬
‫قال أبو عبيد‪ :‬معنى يقرب حيبس؛ ألن القرب يف اللغة هو احلبس‪.‬‬
‫ال أمسك عىل رجل رج ً‬
‫ال فقتلله فقتلل أملري‬ ‫(خرب) قال حممد بن منقور بلغنا أن رج ً‬
‫ال لو أمسلك رجل ً‬
‫ال‬ ‫املؤمنني القاتل وحبس الذي أمسك حتى مات‪ ،‬دل ذلك عىل أن رج ً‬
‫لرجل حتى ذبحه ذلك الرجل فالقود عىل الذابح وعىل املمسك احلبس حتى يموت‪.‬‬
‫(خرب) وروى مالك بن عوف األشلعي أن ابلاه رضب مرشلك ًا بالسليف فعلاد نبلوة‬
‫السيف عىل نفسه فقتل نفسه فامتنعوا من القالة عليه فقال صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫((هو شهيد قتل نفسه خطت)) ومل جيب ديته عىل عاقلته‪ ،‬دل عىل أن من قتلل نفسله خطلت مل‬
‫يكن متثوم ًا ومل جتب ديته عىل أحد‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عوف بن مالك األشلعي رضب مرشلك ًا بالسليف فرجلع السليف‬
‫عليه فقتله فامتنع أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من القالة فقالوا‪ :‬أطبل‬
‫جهاده فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬بل مات جماهد ًا)) فدل ذلك عىل أنه ال‬
‫يشء عىل عاقلته؛ ألنه مل يلزمهم ديته‪ ،‬ودل عىل أنه غري متثوم‪.‬‬
‫(خرب) وروى عمران بن حقني أنر ج ً‬
‫ال عض يد رجل فنزع املعضوض يده ملن فيله‬
‫فوقعت ثنيتاه فاختقام إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬يعض أحدكام أخاه كلام‬

‫‪-332-‬‬
‫يعض الفحل ال دية لك))‪.‬‬

‫ال علض‬ ‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السلالم أن رجل ً‬
‫عىل يد رجل فانتزع يده من فيه فسقطت ثنيتاه فلم جيعل عليه شليأ ًا فقلال‪ :‬أيلً يلده يف‬
‫فيك تقضمها كام يقضم الفحل‪ ،‬دل ذلك عىل أن من جنا عىل غريه جنايلة ظلامنل ًا مل يكلن‬
‫امللني عليه أن يدفع تلك اجلناية أو يتخلص منها إال برضر يوصله إىل اجلاين كلان الثلاين‬
‫مباح ًا ال دية فيه وال أرش وال ققا ‪ ،‬واملعنى أنه مل يمكنه دفع هذ الرضلر وإقاللة هلذا‬
‫املنكر إال به فلاق وسقط ضامنه‪ ،‬دليله ما تقدم‪.‬‬

‫فصل‬

‫قوله تعاىل‪[} { :‬المائدة‪ ]45:‬يدل عىل وجوب املقاصة فيام ال جيوق فعله‬
‫من اجلرا‪ ،‬مما يمكن فيه املامثلة ويرمن التعدي فيه إىل أكثر من اجلر‪ ،‬املقتص بله‪ ،‬ولليس‬
‫ذلك إال يف املوضحة دون ما عداه وهو أن يقدر طوهلا وعرضها بمقدار معلوم ثم جتعل يف‬
‫املوضع املامثل بموضع املوضحة من اجلانب ثم يعلم عىل ذلك القدر بسلواد أو غلريه ثلم‬
‫يقتص‪ ،‬وإن كان ال تؤمن الزيادة والنققان مل يقلتص فيهلا‪ ،‬واملوضلحة هلي كلل جلر‪،‬‬
‫أوضح العظم‪.‬‬
‫فيها وهي احلارصة وهي التي تقرشل ظلاهر اجلللد وال‬ ‫وأما سائر اجلرايح فال ققا‬
‫وجله األرض‬ ‫تدميه‪ ،‬متخوذة من احلريقة وهي السحابة الشديدة الواقعة التلي حتلر‬
‫بمطرها أي تقرشه وجترحه‪ ،‬والدامية من دميت من اجلرا‪ ،‬ومل تضم اللحم‪ ،‬والباضعة ما‬
‫شقت شيأ ًا من اللحم‪ ،‬يقال‪ :‬بضع اللحم إذا قطعه وشقه‪ ،‬ويف حلديث عملر أنله رضب‬
‫ال ثالثني سوط ًا طلها تبضع وحتدر قوله تبضع أي تشق اجلللد وتقطلع‪ ،‬وقولله حتلدر‬
‫رج ً‬
‫معناه أن يرم يقال‪ :‬أحدره الرضب إذا أورمه وهو باحللاء غلري معلملة واللدال معلملة‬
‫بواحدة من أسفل وبالراء_ واملتالمحة ما دخلت يف اللحم كثري ًا فإن كانت يف الرأس فهلي‬

‫‪-333-‬‬
‫التي بلغت اللحم ومل تبل السمحاق‪ ،‬والسمحاق ما شقت اللحم شق ًا ال يبقي بينها وبني‬
‫قحف الرأس إال قرشة رقيقة وتلك اجللدة تسمى السمحاق فسميت الشلة التي يبلغهلا‬
‫باسمها وكل جلدة رقيقة فهي سمحاق يقال يف السامء سامحيق من غيم وعىل ثرب الشلاة‬
‫سامحيق من الشحم واملوضحة وهي التي توضح عظم الرأس أو الوجله فلإذا أوضلحت‬
‫بياض العظم فهي موضحة والوضح بياض القبح وبياض الغرة والتحليل وضح أيض ًا‬
‫وضح‪ ،‬ووضح القدم باطنه واللبن يقال له‪ :‬وضح وكلان النبلي صلىل اهلل عليله‬ ‫والرب‬
‫وآله وسلم يلعب وهو صغري بعظم وضا‪ ،‬وهي لعبة للقبيان يعملدون إىل عظلم بليض‬
‫فريمونه بعيد ًا يف الليل ثم يتفرقون يف طلبه فمن وجده ركب صاحبه فاحتمله‪ ،‬واهلاشلمة‬
‫هي التي هتشم عظم الرأس أي ررج منها فراش العظام وفراش الرأس طرائق رقاق تليل‬
‫القحف والفراش بالفاء والراء معلمة واآلمة هي التي تبل أم الدناغ‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬هكذا ذكره السيد أبو طالب وهي تسمى الدامغة‪-‬بالغني معلملة‪-‬‬
‫وهي التي تبل الدماغ‪ ،‬والدامعة ‪-‬بالعني غري معلمة‪ -‬والشلة غري معلمة وهي الشلة‬
‫التي تسيل دم ًا ذكره أهل اللغة‪ ،‬وروي عن الشيخ أبو طالب هذا املعنى فقال‪ :‬الدامعة هي‬
‫يف يشء ملن هلذه الشللاج إال يف املوضلحة فليمن جلر‪،‬‬ ‫ما تدما بمثل املع وال ققا‬
‫موضحة يف رأسه أو وجهه فو بافيار إن شاء اقتص وإن شاء أخلذ نقلف عرشل الديلة‪،‬‬
‫يف قطلع الرجلل ملن‬ ‫يف اجلائفة وهي التي تبل اجلوف‪ ،‬وال ققا‬ ‫وكذلك ال ققا‬
‫الساق أو كرسها منه وال يف قطع اليد من بعض الساعد وال يف كرسلها منله‪ ،‬وكلذلك ال‬
‫مبني علىل املامثللة ملن غلري‬ ‫ققا يف كرس اليد من بعض العضد‪ ،‬وذلك ألن الققا‬
‫قيادة‪ ،‬فإذا مل تؤمن الزيادة كان الققا حمظور ًا‪.‬‬

‫‪-334-‬‬
‫باب كيفية استيفاء القصاص‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال قود إال بالسيف)) وروي ((ال‬
‫قود إال بحديدة أو بالسيف)) دل ذلك عىل أن من قتل رجل ً‬
‫ال بسلهم أو جرحله أو رضبله‬
‫حتى مات ما مل يكن ألولياء املقتول أن يفعلوا به مثل فعله‪.‬‬
‫(خرب) فإن قيل‪ :‬إن علي ًا عليه السالم أحرق قنادقة من السواد بالنار وأحرق أبلو بكلر‬
‫الفلاءة بتلنار حني ارتدّ ‪ ،‬قلنا‪ :‬هذا مما فعل للمقلحة العامة‪ ،‬وكل ما هلذه حالله يسلوغ‬
‫لإلمام فعله أال ترى أن علي ًا عليه السالم هدم دار من هرب إىل معاوة كلدار مقلقلة بلن‬
‫هبرية‪ ،‬ودار جرير بن عبداهلل‪ ،‬وهدم من دار ثور وحرقها؛ ألنه كان حلق بلرير حني خرج‬
‫ال بام ال جيوق فعله كتن يسقيه ُس ًام أو يفعل به فعل قلوم‬
‫ال لو قتل رج ً‬
‫إىل معاوية‪ ،‬وألن رج ً‬
‫لو حتى أف ذلك إىل قتله فال خالف بلزوم القود‪ ،‬وإنام ال جيوق بمثل فعله إمجاع ًا فلم‬
‫يبق إىل أن يقتل بالسيف‪.‬‬

‫(خرب) وما روي عن احلسن بن عيل عليهام السالم قتل ابن مللم لعنه اهلل تعاىل ولعيل‬
‫عليه السالم أوالد صغار فعندنا أنه مل يقتله ققاص ًا بل قتلله حلد ًا؛ لنله سلعى يف األرض‬
‫فساد ًا فقتله لفساده وقد ورد يف ذلك القرآن يف قوله تعاىل‪      { :‬‬

‫‪[}      ‬المائدة‪ ،]32:‬فإذا جاق قتلل اللنفس بلالنفس‬
‫ققاص ًا جاق قتل النفس بالفساد وال فساد أعظم من قتل اإلمام املعقوم‪ ،‬وجيوق أن يقال‪:‬‬
‫إنه قتله؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أعلمنا أن قاتله يكون كلافر ًا لقولله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬أشقى األولني عاقر ناقة ثملود‪ ،‬وأشلقى اآلخلرين قاتللك يلا عليل))‬

‫وأشقى الناس يكون كافر ًا فإن قيل‪ :‬فلم انتظر احلسن موت عيل عليه السالم؟ قيل‪ :‬جيوق‬
‫أن يكون تر ذلك ليتيقن أنه قاتل فيتيقن كفره ودخوله حتت افرب؛ ألن اجلرا‪ ،‬ال تكون‬
‫قاتلة إال إذا مات امللرو‪.،‬‬

‫‪-335-‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من قتل له قتيل فتهله بلني خريتلني إن‬
‫أحبوا قتلوا‪ ،‬وإن أحبوا أخذوا الدية)) يدل عىل أن أولياء الدم الذين هلم استيفاء الققا‬
‫هم ورثة القتيل من الرجال والنساء فيدخل فيه األقواج والزوجات؛ ألن اسم األهل يتم‬
‫من ذكرنا‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ألولياء اللدم أن حيللزوا‬
‫األول فاألول وإن كانت امراة))‪.‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ :‬معنى حيلزوا يعفون عن الدم‪ ،‬ولعله اشتق من احلللزة ‪-‬بفلتح احللاء‬
‫األول غري معلم واجليم والزاء كل حرف من ذلك مفتو‪ -،‬وهم الذين يمنعلون بعلض‬
‫الناس من بعض ويفقلون بينهم باحلق فتراد أرم إذا عفا بعضهم سلقط القلود؛ ألنله ال‬
‫يتبعض‪،‬فكتنه بعفوه منع القاتل من ورثة املقتول وفقلل بيلنهم بلاحلق وهلو العفلو واهلل‬
‫أعلم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عمر كان يقول‪ :‬ال ترث املرأة من دية قوجها‪ ،‬حتلى قلال قليس بلن‬
‫الضحا كتب إَّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أن أورث امراة أشليم الضلبايب‬
‫من دية قوجها)) فرجع عمر‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروى حييى بن جعدة أن رج ً‬
‫ال قدم بللوبة له إىل املدينلة فسلاومه فيهلا ملوىل‬
‫لعثامن بن عفان فناقعه فلطمه ففقت عينه فقال له عثامن‪ :‬هل للك أن أضلاعف للك الديلة‬
‫وتعفو عنه؟ فتبى فرفعهام إىل عيل كرم اهلل وجهه فدعا عيل عليه السالم بمرآة فتمحاهلا ثلم‬
‫وضع القط عىل عينه األخرى ثم أخذ املرآة بكلبتني وأدناها من عينله حتلى ينلال إنسلان‬
‫يف فقو العني بام يزيل الضوء عنهلا ملن كلافور‬ ‫عينه‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق االقتقا‬
‫يطر‪ ،‬يف العني أو حديدة حامية‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه عمرو بن دينار‪ ،‬عن حمملد‬
‫بن طلحة قال‪ :‬طعن رجل رج ً‬
‫ال بقرن يف رجله فلاء النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬

‫‪-336-‬‬
‫فقال‪ :‬أقدين‪ ،‬قال‪ :‬دعه حتى تربأ فتعادها عليه مرتني أو ثالث ًا والنبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم يقول‪ :‬حتى تربأ فتبى فتقاده منه ثم عرج املستقيد فلاء النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فقال‪ :‬برس صاحبي صاحب يوعرجت رجيل فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫ال حق لك فدلك حني رى أن يستفيد أحد من جر‪ ،‬حتى يربأ صاحبه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال طعن حسان بن ثابت فاجتمعت األنقار ليتخلذو هللم النبلي‬
‫فقال‪(( :‬انتظروا حتى يربأ ثم اقتص لكم)) فلربس ثلم‬ ‫صىل اهلل عليه وآله وسلم الققا‬
‫عفا‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال يقتص من اجلر‪ ،‬إال بعد الربء‪ ،‬وأنه جيب انتظلاره وذللك مللا ال‬
‫يؤمن أن يرسي اجلناية إىل النفس فلهذا وجب االنتظار‪.‬‬

‫‪-337-‬‬
‫باب جناية المماليك وأن حكم الجنين منفرد عن حكم األم‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}    { :‬البقرة‪]178:‬اآلية دل عىل أن العبد إذا‬
‫قتلللل عبلللد ًا لغلللري ملللواله فعليللله القلللود‪ ،‬وقلللال تعلللاىل‪  { :‬‬

‫فيام بني العبيد يف األطراف نحو ملا‬ ‫‪[}‬المائدة‪ ]45:‬اآلية‪ ،‬يدل عىل وجوب الققا‬
‫ذكرناه يف النفس‪.‬‬

‫(خرب) وعن املغرية بن شعبة وغريه يف املرأة التي رضبت امرأة فتلقت جنين ًا ثم ماتلت‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عىل عاقلتها بالدية‪ ،‬ويف اجلنني بالغرة‪ ،‬دل هذا‬ ‫فق‬
‫عىل أن حكم اجلنني منفرد عن حكم األم‪ ،‬وأنه ليس كبعض أعضلائها‪ ،‬وللو كلان جيلري‬
‫ٍ‬
‫بعض من أبعاضها لدخلت الغرة يف الدية كمن قطع يدهيا ثم ماتت من القطع فلإن‬ ‫جمرى‬
‫دية اليدين خيدل يف النفس‪ ،‬وإذا ثبت يف اجلنني ما ذكرناه فيلب أن يورث عىل فرائض اهلل‬
‫تعاىل عىل ما يتيت بيانه يف الفراض إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪-338-‬‬
-339-
‫كتاب الدّيات‬

‫باب من تلزمه الدّ ية‬


‫األصل يف إجياب الدية قوله تعاىل‪        { :‬‬

‫‪[} ‬النساء‪ ،]92:‬هذا يف افطت‪.‬‬


‫وأما يف العمد فاألصل يف وجوب الدية فيه قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من‬
‫قتل له قتيل فتهله بني خريتني إن شاؤوا أخذوا الدّ ية وإن شاؤوا قتلوا)) وال خالف يف أن‬
‫اجلناية إذا كانت عمد ًا فالدّ ]ة تلزم اجلاين نفسه دون عاقلته‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال تعقل العاقلة عمد ًا وال‬
‫عبد ًا وال صلح ًا وال اعًاف ًا)) دل ذلك عىل أن العاقلة ال تغرم ملا قتلله القاتلل عملد ًا وال‬
‫عبد ًا‪ ،‬وال ما صالح عليه‪ ،‬وال ما اعًف بقتله‪ ،‬وأن ذلك خيلص يف مالله‪ ،‬وال خلالف أن‬
‫القاتل خطت إذا اعًف أو صالح فإن الدية جتلب يف مالله‪ ،‬ودل افلرب علىل أن اجلنايلة إذا‬
‫كانت من عبد لزمت مواله دون عاقلة املوىل عمد ًا كانت اجلناية أو خطت‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو هريرة قال‪ :‬اقتتلت امرأتلان ملن هلذيل فرملت إحلدامها األخلرى‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أن دية جنينها غلرة‬ ‫بحلر فقتلتها وما يف بطنها فق‬
‫عبد أو أمة فقال محل بن النابغة‪ :‬كيف أغرم من ال نطق وال أكلل وال كب وال اسلتهل‪،‬‬
‫ومثل ذلك يطل؟ فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنام هو من إخوان الكهلان ملن‬
‫أجل سلعه)) وروي أن ارمتة رضبت أخرى بعمود الفسطا وهي حبىل فلعلل رسلول‬

‫‪-340-‬‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية املقتولة عىل العاقلة وغرة مللا يف بطنهلا فقلال رجلل ملن‬
‫عقبة القاتلة قيل إنه محل بن مالك وهلو عمهلا‪ :‬أتغلرم ديلة ملن ال كب وال أكلل وال‬
‫استهل‪ ،‬فمثل ذلك يطل‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أسلع كسلع العرب))‬

‫وروي ((كسلع اجلاهلية)) والكهان)) وألزم الدية؛ ألن ذلك اتفاق من القحابة من عليل‬
‫وعمر وغريمها وال ةالف هلم فهو حلة‪ ،‬دل ذلك عىل أن من جنلى جنايلة مل يققلد هبلا‬
‫القتل وجب ذلك عىل العاقلة‪.‬‬
‫يف اجلنني بغرة عبد أو أمة قيمته‬ ‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ق‬
‫مخسامئة درهم وأوجبها عىل العاقلة‪ ،‬دل ذلك عىل أن أرش ما دون املوضحة يللزم اجللاين‬
‫دون العاقلة عمد ًا كانت اجلناية أو خطت‪ ،‬وما كان من املوضحة يف الرأس والوجه فقاعد ًا‬
‫او كانت اجلناية خطت لزمت العاقلة‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن املسلمني قتلوا يوم أحد أبا حذيفة بن اليامن ظنلوه مرشلك ًا فتوجلب‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فيه الدية‪ ،‬دل ذلك عىل أن من قتل إنسان ًا ظنه مرشك ًا وهو‬
‫مسلم كان قتله خطت‪ ،‬ويدخل يف ذلك كل من يققد رمي إنسلان ليقتلله فتخطلت يف رميله‬
‫فتصاب إنسان ًا فقتله كان ذلك خطت أيض ًا‪ ،‬وكذلك إذا رمى طائر ًا فتصلاب إنسلان ًا‪ ،‬وقلد‬
‫ذكرنا فيام تقدم أن عمد القبي وامللنون خطت فمن قتاله فديته عىل عاقلتهام‪.‬‬

‫‪-341-‬‬
‫باب تفسير العاقلة وذكر ما يلزم كل واحد منهم‬
‫أما العاقلة فهم العقبة األدنون فاألدنون من اجلاين إىل أن يبلغوا إىل أحد حيتمل الدية‬
‫هذا هو الذي ذكره األخوان من مذهب حييى عليه السالم‪.‬‬
‫قال أمحد بن حييى‪ :‬العاقلة هم العقبة الذين يرثونه‪ ،‬وإليه ذهب املؤيد باهلل قلدس اهلل‬
‫روحه‪.‬‬

‫قال النارص للحق‪ :‬العاقلة هم أهل الديوان وتفسريه أن اإلمام إذا حزب جيشه وجعل‬
‫كل حزب عدد ًا معلوم ًا‪ ،‬وجعل عىل كل حزب عريف ًا ليقبض هللم اللديوان فكلل حلزب‬
‫جيتمعون يف العطاء وهم العاقلة عنده‪ ،‬فإن مل يوجد منهم أحد رجع إىل العقلبات‪ ،‬وجله‬
‫القول األول‪ :‬أن العاقلة هم أهل التنارص والتنارص يقع بالتناسب فكتن املتنلارصون هلم‬
‫أهل ذوي األنساب‪ ،‬والنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أوجبهلا علىل هلؤالء‪ ،‬ومل يكلن يف‬
‫ذلك الوقت ديوان‪.‬‬

‫(خرب) وروى جابر أن امرأتني من هذيل قتلت إحدمها األخرى ولكل واحلدة ملنهام‬
‫قوج وولد فلعل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ديلة املقتوللة علىل عاقللة القاتللة وبلرأ‬
‫قوجها وولدها‪ ،‬دل ذلك عىل أن العاقلة هم ذوو األنساب غري الزوج والولد‪ ،‬ودل افرب‬
‫عىل أن اجلاين حطت ال يتحمل من العقل شيأ ًا؛ ألن العاقللة إذا أضليفت إىل القاتلل فقيلل‬
‫عاقلة القاتل مل تدخل يف مجلتهم؛ ألن املضاف ال يدخل يف املضاف إليه‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عائشة أرا قالت‪ :‬مل تقطع اليد عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم باليشء التافه‪ ،‬دل ذلك عىل أن ما دون نقاب الرسقة يكلون تافهل ًا‪ ،‬وأن ملن‬
‫نقاهبا إىل فوق ال يكون كذلك فعىل قول من يعترب بنقاب الرسقة عرشة دراهم قفلة إنلام‬
‫يلزم كل واحد من العاقلة يكون تسعة دراهم يف ثالث سنني غنيل ًا كلان أو فقلري ًا‪ ،‬وإليله‬
‫ذهب املؤيد باهلل ُيسوى فيه بنلي الفقلري والغنلي‪ ،‬وإذا مل يكلن للللاين عاقللة أو كلان يف‬

‫‪-342-‬‬
‫عددهم قلة وجبت الدية كلها أو ما فضل عىل العاقلة ففي ماله‪ ،‬فإن مل يكن له ملال ففلي‬
‫بيت مال املسلمني‪ ،‬وكذلك إذا كان مسل ًام وعاقلته مرشكني عقل عنه املسللمون‪ ،‬وذكرنلا‬
‫فيام تقدم أن الدية تكون مؤجلة وهو مروي عن عمر وابلن عبلاس ومل يلرو ملن غريمهلا‬
‫خالفه فقار كاإلمجاع عند بعض العلامء‪.‬‬

‫‪-343-‬‬
‫باب ذكر الجنايات التي تجب فيها الدية أو نصف الدية أو دون‬
‫النصف وفي بيان دية المرأة وفي بيان ما يوجب الغرة أو‬
‫الحكومة وبيان الطريق إلى الحكومة‬
‫أما ما جتب فيه الدية فتلب يف قتل املسلم ظل ًام دية كاملة وقلدج قلدمنا الدالللة علىل‬
‫ذلك من الكتاب والسنة‪ ،‬يزيد ذلك بيان ًا‪.‬‬
‫(خرب) وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يف النفس مائة من اإلبل)) وقوله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}          ‬المائالدة‪ ،]92:‬فتوجب‬
‫يف الذمي دية‪ ،‬وعطف ذلك عىل ما أوجب يف املؤمن فوجب أن تكون ديته ما تثبت كونله‬
‫دية كع ًا أنه دية املسلم‪ ،‬ولو قدرنا أن لفلن الديلة يف اللذمي كامللملل حيتلاج إىل بيانله‪،‬‬
‫فبيانه‪:‬‬

‫(خرب) وهو ما روي أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلني من املرشكني من بني عامر‬
‫وهلام امن من رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فلتراد أن يثلتر هبلام يف قلتىل بألر معونلة‬
‫فودامها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية احلرين املسلمني‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أن عمرو بن أمية الضمري قتل رجلني من املرشكني ومل يعلم‬
‫بذلك يعني بتمارام فودامها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دية حرين مسلمني‪.‬‬
‫(خرب) وروى عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫قال‪(( :‬دية اليهودي والنرصاين مثل دية املسلم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن الزهري قال‪ :‬كانت دية املسلم واملعاهد سواء عىل عهد رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وأيب بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثامن حتى جاء معاوية فدجعل هلم النقف‪.‬‬

‫‪-344-‬‬
‫(خرب) وروي أن رفاعة بن السموءل اليهودي قتل بالشام فلعل عمر ديته ألف دينار‪.‬‬

‫(خرب) وروى حممد بن منقور‪ ،‬عن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جلده‪ ،‬علن عليل عليله‬
‫السالم أنه قال‪ :‬دية اليهودي والنرصاين مثل دية املسلم فكان ذلك بيانل ًا مللملل الديلة يف‬
‫اآلية لو سلمنا كون ذلك جممالً‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب بكر بن حممد بن عمرو بن حزم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أنه صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم قال‪(( :‬يف األنف إذا استوعب جدعله الديلة‪ ،‬ويف العينلني اليلة‪ ،‬ويف الشلفتني‬
‫الدية‪ ،‬ويف البيضتني الدية)) وهو مذهب حييى عليه السالم إال أن قال‪ :‬تفضل الشفىل ملن‬
‫الشفتني عىل العليا‪ ،‬وقد حكي عن قيد بن ثابت أنه قال‪ :‬يف السفىل ثلثلا الديلة ويف العليلا‬
‫ثلثها‪.‬‬
‫(خرب) ويف كتاب عمرو بن حزم ويف البرص إذا ذهب ملن العينلني مجيعل ًا الديلة‪ ،‬وإذا‬
‫فقأت العينان ففيهام الدية‪ ،‬وكذلك إذا عميتا‪ ،‬ويف افلرس الديلة‪ ،‬وكلذلك يف الشلم إذا‬
‫ذهب من األنف الدية أيض ًا‪.‬‬
‫ل يف‬ ‫(خرب) وعن أشعث فيام رواه بإسناده أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ق‬
‫الذكر الدية‪ ،‬ويف األنف إذا استوعب جدعه الدية‪.‬‬
‫رسول اهلل‬ ‫(خرب) وروى أبو احلسن الكرخي بإسناده عن رجل من آل عمر قال‪ :‬ق‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يف الذكر الدّ ية‪ ،‬ويف األنف إذا استوعب مارنه الدية‪ ،‬ويف اللسان‬
‫الدية‪ ،‬واملارن ما الن وانحدر من ققبة األنف‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يف اللسان‬
‫إذا استؤصل الدية‪ ،‬ويف الذكر إذا استؤصل الدية‪ ،‬ويف احلشفة الدية‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن رج ً‬
‫ال رضب لسلان رجلل فقلار‬
‫عليه من الدية بحساب ما استعلم ملن حلروف‬ ‫بعض كالمه يبني وبعضه ال يبني فق‬
‫اهللاء‪.‬‬

‫‪-345-‬‬
‫(خرب) وروى عمر بن حزم أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬يف األذنلني اللدين))‬

‫ونحوه عن عيل عليه السالم‪ ،‬وعمر‪ ،‬وال ةالف هلام يف القحابة فقلارت هلذه األخبلار‬
‫أصوالً فيام جتب فيه الدية‪ ،‬وهذا كله هو أري القاسم ومجيع أسباطه وال أعلم فيله خالفل ًا‬
‫بني أهل البيت عليهم السالم إال ما ذكرناه يف حروف اهللاء عن عيل عليه السالم فتحسبه‬
‫ذكر ذلك اجتهاد ًا‪ ،‬وللناظر يف ذلك نظره‪.‬‬
‫يف الذكر بدية‪ ،‬وعلن عليل عليله‬ ‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق‬
‫يف الذكر بالدية ويف األنثيني الدية‪.‬‬ ‫السالم أنه ق‬

‫(خرب) وروى عمرو بن حزم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف الشفتني‬
‫الدية))‪.‬‬
‫ل‬ ‫وروى حممد منقور بإسناده‪ ،‬عن جعفر بن حممد‪ ،‬علن عليل عليله السلالم أنله ق‬
‫بالدية ملن رضب حتى سلس بوله‪ ،‬وكذلك يف الغائط إذا مل يستمسلك الديلة قياسل ًا علىل‬
‫البول‪ ،‬وقد نص عىل ذلك اهلادي عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) ويف كتاب عمرو بن حزم أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم كتلب يف‬
‫العقل إذا الدية‪ ،‬دل ذلك عىل أن من جنى عىل رجل جناية أفضت إىل قوال عقله وجبلت‬
‫عليه دية كاملة؛ وألن العقل أكف من احلواس؛ ألن به يتميز اإلنسان من البهيملة‪ ،‬وبله‬
‫تعرف حقائق املعلومات‪ ،‬وبه يدخل يف التكليف‪.‬‬
‫ال رمى رجل ً‬
‫ال بحللر يف رأسله فلذهب‬ ‫(خرب) وروى أبو املهلب عن أيب قالبة أن رج ً‬
‫حلي‪ ،‬وذكلر أئمتنلا علليهم‬
‫فيه عمر بتربع ديات وهو ّ‬ ‫عقله وسمعه ولسانه وذكره فق‬
‫السالم إنام كان يف اإلنسان يشء واحد ففيه إذا ذهب الدية كالقوت والعقل ونحومها‪.‬‬

‫(خرب) وعن عمرو بن حزم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف القللب‬
‫الدية)) دل ذلك عىل أن الظهر إذا انكرس ومل جيرب وجبت يف الدية‪ ،‬وقد روي ذلك عن عيل‬
‫عليلله السللالم‪ ،‬والقلللب هللو الظهللر‪ ،‬قللال اهلل تعللاىل‪}    { :‬‬

‫‪-346-‬‬
‫[الطالارق‪ ]7:‬يعني من صلب الرجل ورتائب املرأة ويف الثديني إذا قطعتا الدية‪ ،‬وكلذلك يف‬
‫الرجلني إذا قطعتا مجيع ًا الدية‪ ،‬وهذا جممع عليه بني األمة‪ ،‬ويف ثديي املرأة إذا ذهب نفعهام‬
‫وبطل حفن اللبن وإرضاع القبي وجب فيهام الدية‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يف اللحية إذا مل تنبت الدية‪ ،‬دل ذلك عىل أن من‬
‫ج نى عىل غريه جناية أقالت شعر حليته بعد أن نبتت فلم تنبت بعد ذللك ألجلل جنايتهلا‬
‫ففيها الدية ويف األجفان إذا قطعت الدية‪ ،‬وجيب يف أسكتي املرأة ومها الشفران املحيطلان‬
‫الفرج الدية؛ ألن فيهام مجاالً ومنفعة يف املباكة دية قياس ًا عىل كل اثنني قوجني يف البدن‪،‬‬
‫وإن وطئ املرأة فتفضاها وجبت عليه الدية واإلفضاء وهلو أن يزيلل احللاجز اللذي بلني‬
‫الفرج والدبر لعل ذلك متخوذ من الفضاء وهو املكان الوسيع‪.‬‬
‫وأما ما جيب فيه نقف الدية فتلب يف كل عضو قوج يف بدن اإلنسان يف كلل واحلد‬
‫نقف الدية عىل ما تقدمت اإلشارة إليه وهو إمجاع‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو احلسن الكرخي بإسناده عن رجل من آل عمر أنه روى عن رسلول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف الرجل مخسون ويف العني مخيون من اإلبل))‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف الرجل مخسون من اإلبل))‪.‬‬
‫وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬يف العلني نقلف الديلة ويف األذن نقلف الديلة‪ ،‬ويف‬
‫إحدى األنثيني نقف الدية‪ ،‬ويف إحدى الشفتني نقف الدية‪.‬‬

‫فأما ما جيب فيه أقل من نصف الدية‪.‬‬


‫(خرب) ففي حديث قيد بن ثابت‪ :‬ويف الوتر ثلث الديلة وهلو احللاجز بلني املنخلرين‬
‫وهو‪-‬بالتاء املعلمة باثنتني من أعىل وبالراء وهو بفتح الواو والتاء والراء‪ -‬وقد يقلال لله‬
‫الوترية أيض ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬يف كلل سلن مخلس ملن‬

‫‪-347-‬‬
‫اإلبل)) ومثله عن عيل عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬األسنان سلواء‬
‫والرضس والثتنية سواء هذه وهذه)) دل ذلك عىل أنه ال يفضل سن عىل سن‪ ،‬فإذا قلعلت‬
‫األسنان كلها وجبت فيها كلها دية ونقف دية وعرش دية؛ ألن يف كل سلن نقلف عرشل‬
‫الدية وهذا هو مذهب حييى عليه السالم وحتقيقه هذا احلساب أن يف الفم اثنلني وثالثلني‬
‫سن ًا فإذا كان يف كل سن مخس من اإلبل ففي عرشين ين ًا مائة من اإلبل وهلي ديلة كامللة‪،‬‬
‫ويف عرش مخسون من اإلبل وهو نقف الدية‪ ،‬ويف اثنني منها عرش من اإلبلل وهلو عرشل‬
‫الدية‪ ،‬فثبت أن يف مجيعها دية ونقف وعرش دية؛ ألرا أربع ثنايا‪ ،‬وأربع رباعيات‪ ،‬وأربعة‬
‫أنياب‪ ،‬وأربع ضواحك‪ ،‬وأربع نواجذ‪ ،‬واثنتا عرشة رحا‪ ،‬والناجذ آخر ما ينبت‪.‬‬

‫فصل‬

‫(خرب) وعن عمرو بن حزم‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬يف كلل‬
‫اصبع مما هنالك عرش)) وعنه صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬واألصلابع سلواء‬
‫واألسنان سواء)) دل ذلك عىل أن يف كل أصلبع عرشل الديلة‪ ،‬وعلىل أنله ال تفاضلل بلني‬
‫نلص علىل مجيلع ذللك‬
‫األصابع يف اليد‪ ،‬وبني أصابع الرجل بل الكل عىل سواء يف الديلة ّ‬
‫اهلادي عليه السالم وبه قالت الكافة‪ ،‬وهو املروي عن عليل عليله السلالم وهلي إحلدى‬
‫الروايتني عن عمر التي روي أنه رجع إليها فإذا ثبت ذلك ففي كل مفقل من كل أصلبع‬
‫ثلث الدية إال أصبع اإلهبام فإن يف كل نقف منها نقف ديتها إذ فيها مفقالن ال غري‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو بكر بن حممد بن عمرو بن حزم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬علن جلده أن رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم كتب إىل أهل اليمن‪(( :‬ويف كل أصلبع ملن األصلابع ملن اليلد‬
‫والرجل عرش من اإلبل‪ ،‬وال تفضل أصبع عىل أصبع)) ملا ذكرناه‪.‬‬
‫(خرب) وملا روي عن عمرو بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن دجده مسند ًا األصابع كلها سواء‬

‫‪-348-‬‬
‫عرش عرش من اإلبل‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما شلاج الرأس ففي األمة منها ثلث الدية هذا هو مذهب حييى عليه السالم وهلو‬
‫مروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وعن عيل عليه السالم ويف املنقلة مخس عرشلة‬
‫من اإلبل‪ ،‬وهو الذي رواه عمرو بن حزم‪ ،‬عن النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ ،‬وهلو‬
‫املروي عن عيل عليه السالم‪.‬‬
‫وأما اهلاشمة ففيها عرش من اإلبل‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬روى ذلك عن قيد بن عيل‪ ،‬عن عيل عليه السالم‪ ،‬وقد روي عن قيلد‬
‫بن ثابت ومل يرو خالفه فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬وهو الذي نلص عليله حييلى‬
‫عليه السالم‪ ،‬ويف املوضحة مخس من اإلبل‪ ،‬روى ذلك عمرو بن حزم‪ ،‬علن روسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وهو الذي نلص عليله اهللادي عليله السلالم وجيلب ذللك يف‬
‫القغري والكبرية والباروة عن الشعر واملستورة وبه قال املنقور باهلل عليه السالم ولليس‬
‫يف طول الشلة وعرضها أثر عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل كفى فليام تقلدم‬
‫من هذه الشلاج أن يكون إحدى ما ذكرناه‪ ،‬وهذا إذا كانت املوضحة يف الرأس أو الوجه‬
‫فإن كانت يف عضو غريمها وجب فيه نقف عرش دية ذلك العضو الذي وقعلت فيله ذره‬
‫القايض العامل شمس الدين رمحه اهلل‪ ،‬وهو القول الذي يرجع إليه‪ ،‬ويف السمحاق أربع من‬
‫اإلبل‪ ،‬نص عىل ذلك اهلادي وهو مروي عن عيل عليله السلالم‪ ،‬وهلو امللروي يف كتلاب‬
‫عمرو بن حزم‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وهو املروي عن عيل عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما دية املرأة (خرب) فروى عمرو بن حزم‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن دية‬

‫‪-349-‬‬
‫املرأة عىل ا لنقف من دية الرجل وهو إمجاع علامء العًة الكلرام‪ ،‬وبله قلال غلريهم ملن‬
‫مجاهري علامء اإلسالم‪ ،‬ومنهم أمري امللؤمنني عليل عليله السلالم‪ ،‬وعملر‪ ،‬وعلثامن‪ ،‬وابلن‬
‫عباس‪ ،‬وابن عمر‪ ،‬وقيد بن ثابت‪ ،‬مع غلريهم‪ ،‬وديلة أعضلاء امللرأة وجراحاهتلا قليلهلا‬
‫وكثريها نقف دية أعضاء الرجل وجراحاته‪ ،‬نص عليه اهلادي إىل احلق عليه السالم وال‬
‫أعلم قائ ً‬
‫ال من علامئنا بخالفه وذلك ألن هذا مروي عن أمري املؤمنني عليه السالم‪ ،‬وهلو‬
‫قول مجهور العلامء‪ ،‬فإن قيل‪ :‬روي عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬امللرأة تعاقلل‬
‫الرجل إىل ثلث ديتها))؟‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬إن هذا افرب غري معروف عند الفقهاء عن النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما ما يوجب الغرة ففي جنني املرأة إذا طرحته بلناية غريها غرة عبلد أو املة قيملة‬
‫الغرة مخسامئة درهم‪ ،‬فإن ألقت أكثر من جنني واحد ففي كل واحد غرة‪ ،‬هذا هو ملذهب‬
‫حييى عليه السالم‪ ،‬وقد ب ّينا الداللة عليه بام رويناه من خرب محل بن مالك‪ ،‬يزيلده بيانل ًا ملا‬
‫يف جنني املرأة بعبد أو أمة‪ ،‬فتما‬ ‫رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه ق‬
‫ما روي من أن يف اجلنني غرة عبد أو أمة أو فرس ًا أو بغ ً‬
‫ال فإن هذه الزيادة ذكر العلامء أرلا‬
‫غري معروفة فال تقبل ولو قبلت لكان ذلك حمموالً عىل أن تكون قيمتهلا قيملة الغلرة وال‬
‫فرق عندنا بني أن يكون اجلنني ذكر ًا أو أنثى؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجب فيه‬
‫غرة عبد ًا او أمة من غري أن يفقل بني ذكر أو أنثى‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬فإن كان اجلنني أكثر من واحد ففي كل واحد غرة؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم أوجب يف اجلنني غرة فإذا ثبت يف اجلنني غرة وجب أن يكون يف اإلثنني غرتان ويف‬
‫الثالثة ثالث‪ ،‬فإن خرج اجلنني حي ًا ثم مات ففيه الدية‪.‬‬

‫‪-350-‬‬
‫فصل‬
‫َ َّ‬ ‫َ َ َّ‬
‫اجلنني جنين ًا الجتنائه يف البطن وتواريه وبه قلال اهلل تعلاىل‪{ :‬فلماا َا‬
‫وسمي َّ ْ‬
‫َ َ ْ‬
‫عليهِ الليل}[األنعام‪ ،]76:‬أي واراه بظلمته وسًه‪ ،‬يقال‪ :‬أجنّه الليل وجنه وسم ّيت‬
‫اجلن جن ًا؛ ألرم موارون‪ ،‬وسمي الًس جمدن ًا؛ ألنه يتوارى بله‪ ،‬ويف حلديث عليل عليله‬
‫السالم أنه كتب إىل ابن عباس قلبت البن عمك ظهر امللن‪ ،‬وهذه كلمة يرضب هبا املثل‬
‫لكل من كان لقاحبه عىل مودة أو رعاية ثم حاد عن ذلك‪ ،‬وسمكي القلب جنان ًا؛ ألنه يف‬
‫صدر يواريه‪ ،‬وسمي امللنون جمنون ًا ألنه مستور الفهم مقلوب العقل‪.‬‬

‫بالغرة عىل العاقلة‪ ،‬دل ذلك عىل‬ ‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه ق‬
‫لزومها للعاقلة‪ ،‬وهو قول القاسم عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما بيان ما جتب فيه احلكومة (خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عليل‬
‫عليه السالم أنه قال‪ :‬يف لسان األخرس‪ ،‬ورجل األعرج‪ ،‬وذكر افيص والعنلني حكوملة‬
‫اإلمام‪ ،‬فقار ذلك أص ً‬
‫ال يقت ي أن كل ما مل يرد فيه نص عن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم بتقدير معلوم ففيه حكومة فثبت بذلك أن كل ما كان خارج ًا علام قلد ذكرنلاه أوالً‬
‫من الشلاج والنققان احلادث يف احلواس وسائر اجلسد ففيه احلكومة‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما بيان الطريق إىل احلكومة يف ذلك ثالثة أقوال عن بعض علامء املذهب‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه يعترب بنققان نفع التالف يف نفسه فام نقص من نفعه وجب من ديته بقدره‬
‫وهذا ذكره الناطق باحلق أبو طالب عليه السالم‪.‬‬

‫‪-351-‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنه جيب اعتبار صال‪ ،‬الضارب واملرضوب وحيسب ما ذهب ألجرة الطبيلب‬
‫مر عليه من األمل والقعوبة‪ ،‬وما تعطل من أيامه لوقوفه علىل الفلراش‪،‬‬
‫وقيمة الدواء وما ّ‬
‫وما ضعف من أعقابه لدخول العيب فيها‪ ،‬وهذا ذكره القايض الناطق باحلق الشيخ أبلو‬
‫جعفر يف كتاب اجلامع املسمى بل(الكايف)‪.‬‬

‫وثالثها‪ :‬أن ملعرفة احلكومة أصلني‪:‬‬


‫أحدمها‪ :‬أن يقوم امللني عليه لو طكان عبد ًا كم كان ينقص ذلك من قيمته فلام نقلص‬
‫منها نقص من الدية بقدره‪.‬‬

‫وثانيهام‪ :‬أن ينظر إىل دية العضو املقاب فكل ما نقص من نفعه لزم ملن ديتله بقلدره‪،‬‬
‫وهذاذكره املؤيد باهلل عليه السالم‪ ،‬وقد ذكر القايض شمس الدين جعفر بن أمحد إنام ذكره‬
‫املؤيد باهلل صحيح عىل مذهب اهلادي للحق عليهم السالم‪.‬‬

‫قال القايض شمس اللدين‪ :‬وقلد قيلل إن االعتبلار يف ذللك هلو أن ينظلر إىل أقلرب‬
‫الشلاج التي هلا أرش مقدّ ر إىل هذه اجلناية فيعرف كم مقدارها منها يف السلعة والضليق‬
‫وحيكم من األرش بمقدار ذلك من أرش اجلراحة املقدرة‪ ،‬واألمر فيه موكول إىل اجتهلاد‬
‫احلاكم‪ ،‬وذكر يف تعليق اإلفادة أن احلكومة حكم وليست بقلح‪.‬‬

‫‪-352-‬‬
‫باب الجنايات على المماليك‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم أن احلر إذا قتل عبد ًا عمد ًا أو خطت وجبلت‬
‫فيه قيمة العبد عىل القاتل بالغة ما بلغت‪ ،‬وهو اختيار حييى يف (األحكام) وبه قال النارص‬
‫للحق‪ ،‬وجه ذلك أنه مملو مترصف فيه فوجبلت قيمتله بالغلة ملا بلغلت‪ ،‬دليلله سلائر‬
‫األمال واملقومات‪ ،‬وذكر يف (املنتخب) أن قيمته إذا قادت عىل دية احللر مل يللزم القاتلل‬
‫أكثر من دية احلر‪ ،‬وهذا القول هو الذي اختلاره السلادة اهللارونيون علليهم السلالم أبلو‬
‫العباس واألخوان ريض اهلل عنهم‪ ،‬ورووا ذلك عن قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬علن‬
‫عيل عليه السالم‪ ،‬ووجه ذلك أنه إنسان ةلوق أو عاقل أو حمقون الدم فوجبت قيمته فلم‬
‫جتب الزيادة فيها عىل دية احلر‪ ،‬دليله احلر‪.‬‬

‫فصل‬

‫وجراحات العبيد وأروشها معترب بقيمتهم ففي عني العبد نقف قيمته وكذلك يف يده‬
‫ورجله وسائر جوارحه وكذلك ويف الشلاج املنقوصلة أروشلها علىل حسلاب القيملة‬
‫أيض ًا‪ ،‬ففي اجلائفة ثلث قيمة العبد ويف سائر املنقوصات عىل هذا احلساب‪ ،‬واألصلل يف‬
‫ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أن جراحلات العبيلد‬
‫عىل نحو جراحات األحرار يف عني العبلد نقلف قيمتله‪ ،‬والروي نحلوه علن عملر وال‬
‫ةالف هلام يف القحابة فظاهر ملذهب اهللادي يلدل علىل أن العبلد إذا ُجنلي عيلله هلذه‬
‫اجلنايات فليسد أن يتخذ أرش جنايته ويبقى العبد عىل حاله ملك ًا لله سلواء كلان األرش‬
‫مثل قيمته أو دورا فقد رص‪ ،‬بذلك بقوله يف (األحكام) من خىص عبد ًا او قطع ملذاكريه‬
‫لزمه قيمتان قيمة لذكره وقيمة ألنثييه‪ ،‬وعىل هذا األصل يلزم يف جنني األمة إذا ألقته ملن‬

‫‪-353-‬‬
‫جناية عليها ومل يكن من سيدها نقف عرش قيمته حي ًا‪ ،‬ويستوي فيه الذكر واألنثى؛ ألنله‬
‫قد ثبت أن يف جنني احلرة نقف ك ديتها‪ ،‬ويف جنني األمة ما ذكرناه قياس ًا عليه‪ ،‬وكذلك‬
‫نص اهلادي عليه السالم عىل ذلك‪ ،‬ونص أيض ًا علىل أن يف جنلني البهيملة إذا ألقتله ميتل ًا‬
‫بلناية الغري نقف عرش قيمته فإن طرحته حي ًا ففيه قيمة مثله‪.‬‬

‫فصل‬

‫وما كان غري مقدر من الشلاج يف األحرار فهو غري مقلدر يف العبيلد ويرجلع فيله إىل‬
‫احلكومة كام يفعل يف األحرار‪ ،‬وما كان مقدر ًا يف األحرار كاملوضحة ونحوها حسب ذلك‬
‫احلر‪.‬‬
‫من قيمتهم إذ هي قائمة مقام الدية يف ّ‬

‫‪-354-‬‬
‫باب الجنايات التي تضمن بها النفس وغيرها‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليله السلالم أنله قلال‪ :‬افطلت ملا أراد‬
‫القاتل غريه فتخطت فقتله‪ ،‬وهو إمجاع دل ذلك عىل أن من رملى طلائر ًا أو نحلوه فتصلاب‬
‫إنسان ًا أو غريه مما مل يققده ضمن وكانت ديته عىل عاقلته‪ ،‬وال خالف أن هذا الفعل خطت‬
‫حمض‪ ،‬وال خالف أن الواجب يف افطت املحض يف القتل الدية‪ ،‬وأرا علىل العاقللة وعلىل‬
‫هذا فقس نظائره‪ ،‬واختلف أهلنا يف حكم رجلني تعلقا بطريف حبل فانقطع احلبل وسلقط‬
‫الرجالن وماتا‪ ،‬فقال اهلادي عليه السالم‪ :‬جيب دية كل واحد ملنهام علىل عاقللة اآلخلر‪،‬‬
‫وقال املؤيد باهلل‪ :‬يلزم كل واحد منهام نقف دية صاحبه‪ ،‬ومحلا علىل قولله كلالم اهللادي‬
‫وقال بانه عرب عن القتل الواجب من الدية بالدية؟‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذا خالف الظاهر وال وجه لً النص والعدول إىل تتويل ةلالف‬
‫من غري داللة تدل عليه أو رضورة حتوج إليه‪ ،‬وذكر أن ظاهر قول حييلى هلو اللذي كلان‬
‫يذهب إليه أبو العباس عليه السالم‪ ،‬ونظريه هذه املستلة الفارسلان إذا تالقيلا واصلطدما‬
‫وماتا لزمت دية كل واحد منهام عاقلة اآلخر‪ ،‬حكلي ذللك علن عليل بلن العبلاس‪ ،‬علن‬
‫القاسم وامحدج بن عيسى‪ ،‬وعىل قول املؤيد يلزم نقف دية كل واحد منهام عاقلة اآلخر‪.‬‬
‫وجه قول اهلادي (خرب) وهو ما روي عن عيل عليه السالم أنه قالك علىل كلل واحلد‬
‫منهام دية اآلخر‪ ،‬وال ةالف له يف الثحابة فكان حلة‪.‬‬
‫(خرب) ولو أن شيخ ًا جامع امرأته فلكزته أو ضمته ض ًام شديد ًا أو فعلت بله ملا أشلبه‬
‫ذلك فامت فعليها ديته ةهي جتب عىل عاقلتها؛ ألرا قتلته قت ً‬
‫ال خطلت‪ ،‬ذكلره اهللادي عليله‬
‫بديته عليها‪.‬‬ ‫السالم‪ ،‬وقد بلغنا عن عيل أنه ق‬
‫(خرب) وروي أن عمر أرسل إىل امرأة مغيبة كان يدخل عليها فقالت‪ :‬يلا ويلهلا ماهللا‬
‫ولعمر فبينام هي يف الطريق إذ فزعت فرضهبا الطلق فتلقت ولد ًا فقا‪ ،‬القبي صليحتني‬

‫‪-355-‬‬
‫ثم مات فاستشار عمر أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فتشلار بعضلهم أن‬
‫ليس عليك يشء إنام أنت ٍ‬
‫وال ومؤدب وصمت عيل عليه السالم فتقبلل عليله فقلال‪ :‬ملا‬
‫تقول يا أبا احلسن؟ فقال‪ :‬إن كان قالوا برأهيم فقد أخطت رأهيم وإن كان قالوا يف هوا فلم‬
‫ينقحوا لك أن ديته عليك ألنك أنت أفزعتها فتلقته‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن عمر بلغه عن امراة يشء فترسل إليها ففزعلت فتلقلت جنينل ًا فزعل ًا‬
‫فاستشار عمر فيها مجاعة من القحابة فقالوا‪ :‬ال يشء عليك ألنك مؤدب‪ ،‬فقال عيل عليه‬
‫السالم‪ :‬إن كانوا جهلوا فقد أخطتوا‪ ،‬وإن كانوا عرفوا فقد غشو ‪ ،‬فقال عملر‪ :‬أقسلمت‬
‫عليك إال قسمتها يف قومك يعني عاقلة عمر وأرادبه ارم قومك؛ ألرم قريش فتلزم عمر‬
‫ال يؤدي إىل هذا أو مثله فإنله يكلون ضلامن ًا‬
‫الضامن فالتزمه‪ ،‬دل ذلك عىل أت من فعل فع ً‬
‫وهذا أصل يقاس عليه ما أشبهه‪ ،‬ويلحق بام تقدم من مستلة متللادين احلبلل واصلطدام‬
‫الفارسني واصطدام السفينتني إذا اصطدمتا وتلف ما يف كل واحدة منهام ضلمن اجملرو‪،‬‬
‫هلام القائمون بسريمها من املالحني وأصحاب املخاريق دون املال والراكب‪ ،‬إال أن يعمال‬
‫مها أيض ًا مع املالحني فيدخالن يف الضامن هذا هو مذهب حييى‪.‬‬

‫قال أبو العباس عليه السالم‪ :‬يضمن أصحاب كل واحدة ملا تللف يف األخلرى ملن‬
‫املال‪ ،‬فتما النفوس التالفة فديتها عىل عواقلهم وهو ما حقله ملن ملذهب اهللادي عليله‬
‫السالم‪.‬‬
‫(خرب) وعن حممد بن كعب القرضي وعبداهلل بن عبيدة قاال‪ :‬كان رجل منم األنقلار‬
‫يسني عىل بقرة فإذا فرغت من عملها أرسلها رتيل وكان لرجل من املهاجرين محار فلربط‬
‫محاره وألقى علفه‪ ،‬قال الراقي‪ :‬فترسل بقرته فلاءت إىل احلامر تتناول من علفله فرحمهلا‬
‫ونطحته بقررا فقتلته فاختقام إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪ :‬اذهبا إىل أيب‬
‫فققا عليه الققة فقال‪ :‬العللامء جبلار وال يشء لقلاحب‬
‫بكر يق ي بينكام فتتيا أبا بكر ّ‬
‫احلامر فتتيا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرباه فقال‪ :‬اذهبا إىل عيل يق يل بيلنكام‬
‫فتتيا علي ًا عليه السالم ّ‬
‫فققا عليه الققة فقال لقاحب‪ :‬اربطت محار ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وقال‬

‫‪-356-‬‬
‫لقاحب البقرة‪ :‬أرسلت بقرتك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬هذا ربط محاره وأنت أرسلت أغرم لله‬
‫محاره‪ ،‬قال فتتيا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتخرباه فقلال‪(( :‬احلملدللهخ اللذي‬
‫جعل يف أمتي من يق ي هبذا القضاء)) دل ذلك عىل أن من ربط محاره أو دابته يف ملكله أو‬
‫هبيمته يف ملكه وأرسل إنسان هبيمته أو دابته ودخلت عىل ذلك املربو وهو يف ملك أهله‬
‫فعقرته كان مواله ضامن ًا وهو قريب من قول أيب حنيفة؛ ألنله يقلول إذا أرسللها يف غلري‬
‫ملكه فتصابت من فورها ضمن وهو خالف مذهب اهلادي إىل احلق‪.‬‬
‫وعن عيل عليه السالم قال‪ :‬دخلت دار قوم بإذرم وعقر كلبهم فهلم ضلامنون وإذا‬
‫دخلت بغري إذرم فال ضامن عليهم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه إذا دخل علليهم بلإذرم فهلو غلري‬
‫متعد يف ذلك‪ ،‬فإذا أكله كلبهم املعروف بالعقر فقد تعدّ وا بً حفظه عن أكلله فيللرون‬
‫جمرى من يقفه يف شارع من شوارع املسلمني يف أنه يكون ضامن ًا‪ ،‬فتما إذا كان الكلب غري‬
‫معروف بالعقر مل يضمن أهله‪.‬‬
‫(خرب) لداللة قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬جر‪ ،‬البري جبار‪ ،‬واملعدن جبار‪،‬‬
‫والعلام جبار)) يريد أنه ال دية فيه وال أرش‪.‬‬

‫(خرب) وروى حممد بن منقور بإسناده عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه كلان يضلمن‬
‫صاحب الكلب إذا عقر رار ًا وال يضمنه إذا عقر ليالً‪ ،‬دل ذلك عىل أن العقور إذا أرسلله‬
‫صاحبه رار ًا كان متعدي ًا يف إرساله؛ ألن مواله ال يفتقر إىل حفن الكلب له رار ًا فيضلمن‬
‫وإن كان جنى الليل فإنه ال يضمن؛ ألنه ال يكون متعدي ًا يف إرساله؛ ألن له أن يتحفن بله‬
‫لي ً‬
‫ال عىل نفسه وماله‪ ،‬ودل افرب عىل أن من وقف دابته التي تعقلر يف شلارع ملن شلوارع‬
‫املسلمني فلنت بيدها أو رجلها أو بعضو منها أو صدمها ضلمن ملا حلدث منهلا؛ ألنله‬
‫يكون متعدي ًا يف ربطها يف الطريق‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬العللام جيلار‪ ،‬والبألر جبلار‪،‬‬
‫والرجل جبار)) دل ذلك عىل أن ما كان غري معروف بالعقر من دابة أو هبيمة فلنت فإنله‬
‫ّ‬
‫ال ضامن عىل صاحبها إذا مل يكن معها‪ ،‬ودل عىل أن البري إذا ارارت عىل األجلراء اللذين‬

‫‪-357-‬‬
‫حيفرورا فال ضامن عىل املستحفر‪ ،‬وكذلك املعدن قياس ًا عىل البأر‪ ،‬ودل عليله السلالم أن‬
‫الدابة أو البهيمة إذا جنت برجلها من دون تعد من صاحبها يف سريها فلال ضلامن عليله؛‬
‫ألنه غري متعد‪ ،‬فتما إذا أسارها يف طريق من طرق املسلمني ير ًا شديد ًا وأعنقها عنق ًا عظي ًام‬
‫حتى نفحت برجلها حلارة فتصابت الغري أو جنت عليه كان صاحبها ضامن ًا؛ ألنه متعدّ‬
‫يف ذلك أال ترى أنه يمكنه التحفن بلتن يسلريها صلاحبها سلري ًا ه ّينل ًا وعلىل مهلل فتقلع‬
‫السالمة من ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن ناقة بن الرباء بن عاقب دخلت حائط ًا فتفسدته فتتى النبي صلىل اهلل‬
‫أن عىل أهل املاشية حفظها بالليل وعىل أهل الزرع حفظه بالنهلار‬ ‫عليه وآله وسلم فق‬
‫وضمن أهل املاشية ما أفسدته‪ ،‬ويف بعض األخبار ((وعىل أهل املاشية ما أفسدته لي ً‬
‫ال)) دل‬
‫ذلك عىل أن البهيمة أو الدابة إذا دخلت قرع قوم لي ً‬
‫ال فتفسداته ضمن أرباهبلا لقلاحب‬
‫الزرع ما أفسدت من قرعه وأنه ال ضامن عليه فيام أفسدته رار ًا؛ وألن النبي صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم ملا ق عىل أهل املاشية بحفظها بالليل كان من مل حيفظهلا متعلدي ًا يف إرسلاهلا‬
‫فلزمه الضامن‪ ،‬كام أن من أوقف دابة يف شارع من شوارع املسلمني فإنه يضمن‪ ،‬فإن قيلل‪:‬‬
‫إن هذا احلكم هو حكم سليامن بن داود عليهام السالم وهو منسوخ يف كيعتنا لقول النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم ‪(( :‬العلام جبار)) قلنا‪ :‬هذه دعوى غري مسلمة‪ ،‬بل هلذا احلكلم‬
‫غري منسوخ؛ ألنا قد بينا بثبوته أوالً‪ ،‬وقوله العلام جبار ال يتناوله وإنام هو لظف حمتملل‪،‬‬
‫واملحتمل ال يوجب النسخ وتتويله إذا مل يلزم صاحبها حفظها ومل يكن معتدي ًا يف إرساهلا‬
‫وتر حفظها فيكون عام ًا وما ذكرناه من افلرب األول خلا بله؛ ألن العلادة يف املاشلية‬
‫حفظها بالليل كام العادة فيها أرا ال تربط يف طريق املسلمني فكام يضلمن ملا يكلون منهلا‬
‫رابطها يف طريق املسلمني كذلك يضمن ما يكون منها إذا أرسلها واملعنى أنه يكون كتعدي ًا‬
‫يف فعله‪.‬‬
‫(خرب) وعن أمري املؤمنني عليل عليله السلالم يف أربعلة يف الليمن اطلعلوا علىل قبيبلة‬
‫حفروها ليقطادوا سبع ًا فلام وقع فيها أسد اطلعلوا فيهلا فانحلدر واحلد وتعللق بلآخر‬

‫‪-358-‬‬
‫وكذلك االخر تعلق بآخر حتى سقطوا كلهم يف الزبية فلرحهم األسلد‪ ،‬وقتلله بعضلهم‬
‫ل عليله السلالم أن‬ ‫فتراد أولياء الثالثة أن يطلبوا أولياء األول الذي جذب بلديتهم فق‬
‫يكون لوول ربع الدية؛ ألنه مات فوقه ثالثة وللثاين ثلثها ألنه مات فوقه اثنان‪ ،‬وللثالث‬
‫نقف الدية ألنه مات فوقه واحد‪ ،‬وللرابع دية كاملة ألنه مل يمت فوقه أحد‪ ،‬وقال جتملع‬
‫من القبائل هذا القدر من الدية إذا رضيتم بام قضيت وإال فتتوا رسول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم ليحكم بينكم‪ ،‬فتتوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فققوا عليه الققلة‬
‫فلام ذكروا له قضاء عيل عليه السالم أجاقه وأمضاه‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬فإن أصحابنا ذكروا فيه أن علي ًا أوجب ذلك عن طريق القللح‬
‫فيام بينهم عىل طريق احلكم اجلزم بداللة أنه قال هلم‪ :‬إن رضيتم به وإال فلتتوا رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم فلو كان حكم به حك ًام جزم ًا مل يشً فيه رضاهم؛ ألن احلكلم‬
‫ال يكون موقوف ًا عىل رضاء افقوم‪ ،‬والنبي يقللم جيلوق أن يكلون أمضلاه علىل طريلق‬
‫القلح‪ ،‬وقيل فإنه وإن ثبت وكان حك ًام كعي ًا جاق أن يكون منسوخ ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬هذا افلرب‬
‫ضعيف ألنه رواية احلسن بن املعتمر وهو ضعيف‪ ،‬قيل‪ :‬فإن حلدثت هلذه احلادثلة اآلن‬
‫كان اجلواب فيها عىل أصل اهلادي عليه السالم أن األول تكون ديته من بيت املال نقلفه‬
‫عىل من مات باقدحام من الناس يف طريق أو مسلد كانت ديته من بيت املال‪ ،‬ودية الثاين‬
‫عىل عاقلة األول؛ ألنه هو اجلار له‪ ،‬ودية الثالث عىل عاقلة الثاين‪ ،‬ودية الرابع علىل عاقللة‬
‫الثالث‪ ،‬ذكر هذا املعنى املؤيد باهلل‪.‬‬
‫قال الناطق باحلق‪ :‬أما إجياب دية األول يف بيت املال عىل اصل حييى عليه السالم فغلط‬
‫ٍ‬
‫ألحد يف قتله أو يكون عىل احلافر إن كان احلفلر يف‬ ‫بل جتب أن يكون دمه هدر ًا إذ ال صنع‬
‫موضع ال جيوق له أن حيفر فيه وال يشبه هذا من مات يف اقدحام الناس؛ ألنله ملات بقتلل‬
‫غريه له‪ ،‬وإن كان ذلك الغري ال يتعني ‪ ،‬وحكى السيد أبو العباس رمحه اهلل تعاىل‪ :‬وجه ًا يف‬
‫به أمري املؤمنني وهو أن األول لو مل يسقط فوقه ثالثة كانت ديتله علىل‬ ‫االجتهاد فيام ق‬
‫احلافركاملة فلام وقع عليه الثالثة كانت عليه ثالثة أرباع الدية‪ ،‬إال أن سبب جنايلاهتم مللا‬

‫‪-359-‬‬
‫كان وقوعه من جهته بطل نقيب جناياهتم وهو ثالثة أرباع الدية التي كانت تلزمهم لو مل‬
‫جيذهبم فبقي له ربعها عىل احلافر‪ ،‬وكذلك الثاين تكون ديته عىل األول الذي جذبله‪ ،‬فللام‬
‫جذب هو االثنني اللذين وقعا بلذبه هلام صارت أثالث ًا وسقط ثلثا الديلة التلي اسلتحقها‬
‫فوجب له ثلث الدية عىل األول‪ ،‬وكذلك الثالث تكون ديته علىل الثلاين‪ ،‬فللام وقلع علىل‬
‫اآلخر الذي جذبه هو بطل نقيبه وهو نقف الديلة‪ ،‬ووجلب نقلفها علىل الثلاين‪ ،‬فتملا‬
‫الرابع فله الدية كاملة ألنه جمذوب عىل كل حال‪ ،‬هذا ذكره أبو العباس‪.‬‬

‫‪-360-‬‬
‫باب مقادير الديات وكيفية أخذها‬
‫أما فهي أصناف إبل وبقر وشاء وذهب وفضة ويؤخذ كل صنف منها ملن أصلحاب‬
‫ذلك القنف نص عليه السالم يف (األحكام) وبه قال النارص للحق‪ ،‬واملؤيد بلاهلل‪ ،‬وقلال‬
‫القاسم بن إبراهيم األصل مائة من اإلبل وما عداها صلح‪.‬‬
‫وجه القول األول (خرب) وهو ما رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليله‬
‫السالم أنه قال‪ :‬يف النفس يف قتل افطت من الورق عرشة آالف درهم‪ ،‬ومن الذهب أللف‬
‫مثقال‪ ،‬ومن اإلبل مائة بعري‪ ،‬ربع جذاع وربع حقلاق‪ ،‬وربلع بنلات لبلون‪ ،‬وربلع بنلات‬
‫ةاض‪ ،‬ومن الغنم ألف شاة‪ ،‬ومن البقر مائتا بقرة‪ ،‬ومن احللل مائتا حلة‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عمر أنه جعل بمشهد من القحابة الدية علىل أهلل اللذهب أللف‬
‫دينار وعىل أهل الورق عرشة آالف درهم‪ ،‬وعىل أهل البقر مائتي بقرة‪ ،‬وعىل أهل الغلنم‬
‫أل َفي ٍ‬
‫شاة‪ ،‬وعل أهل احللل مائتي حلة‪ ،‬وما ذكره أمري املؤمنني عيل وعمر من احللل فكلل‬ ‫ْ‬
‫حلة ثوبان وإقار ورداء وال تسمى حلة حتى كون ثوبني إقار ورداء‪ ،‬وف احلديث ((خلرب‬
‫الكفن احل ّلة))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رفاعة بن السموءل اليهودي ُقتم َل بالشام فلعل عمر ديته ألف دينار‪،‬‬
‫ووجه قول القاسم عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي يف كتاب عمرو بن حزم الذي كتب بتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم هذا كتاب اجلرو‪ ،،‬يف النفس مائة من اإلبل‪ ،‬ويف العني مخسون من اإلبل إىل آخلر‬
‫ما ذكره‪ ،‬وما رويناه عن عيل عليه السالم أن يف النفس مائة من اإلبل تؤخلذ أرباعل ًا ربلع‬
‫جذاع وربع حقاق‪ ،‬وربع بنات لبون‪ ،‬وربع بنات ةاض‪ ،‬وهذا هو قول عيل عليه السالم‬
‫رواه قيد بن عيل وغريه‪ ،‬ومل خيتلف يف أنه قوله وهو قول اهلادي يف (األحكام)‪.‬‬

‫‪-361-‬‬
‫قال السيدان األخوا ريض اهلل عنهام‪ :‬وهو القحيح املعمول عليه وإليله ذهلب املؤيلد‬
‫باهلل‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن السائب بن يزيد عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ديلة‬
‫اإلنسان مخس وعرشون حقة‪ ،‬ومخس وعرشون جذعة‪ ،‬ومخلس وعرشلون بنلات لبلون‪،‬‬
‫ومخس وعرشون بنات ةاض))‪.‬‬
‫(خرب) ومثل هذا مروي أيض ًا عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم سواء من غري قيلادة‬
‫وال نققان‪ ،‬دل ذلك عىل ما ذكرناه‪ ،‬ودل عىل أن دية الرجل واملرأة يف ذلك سواء يف أرلا‬
‫تؤخذ أرباع ًا؛ ألن اسم اإلسنان يشمل الذكر واألنثى‪ ،‬ونص يف (األحكلام) علىل أن ديلة‬
‫املوضحة تؤخذ عىل هاذ الوجه أرباع ًا‪ ،‬وما يذكر يف تغلين الدية بتن يقتل املقتول يف احلرم‬
‫أو يف األشهر احلرم او كان املقتلول ذا رحلم حملرم فقلد روي يف ذللك أقلوال علن آحلاد‬
‫ابن عبلاس فليمن قتلل يف‬ ‫عمر فيمن قتل يف احلرم بدية وربع دية‪ ،‬وق‬ ‫القحابة فق‬
‫البلد احلرام يف الشهر احلرام بدية وثلثي دية فهذه األشياء املزيدة عىل الدية الرشلعية علىل‬
‫وجه العقوبة كام قاد عيل عليه السالم للشلارب للخملر يف رلار شلهر رمضلان عرشلين‬
‫جلدة‪ ،‬وكام قاد عمر السارق الذي كذب عىل ربه عرشين درة أو ثالثني درة‪ ،‬وقد ذكرنلاه‬
‫يف احلدود فهذه األشياء عقوبات وليست بديات كعية؛ ألن اهلل تعاىل قال‪:‬‬
‫(خللرب) {‪[}          ‬النسالالاء‪،]92:‬‬
‫وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يف النفس مائة من اإلبل)) فإطالق الديلة يف اآليلة‬
‫ذللك‬ ‫ال يقت ي التغلين؛ ألنه صفة قائدة عليها‪ ،‬ويف افرب أوجب املائة ومل يفقل فاقت‬
‫أن الدية الرشعية ما ذكرناه ملن دون تغللين‪ ،‬والتغللين علىل وجله العقوبلة هلتلك هلذه‬
‫املحرمات ال بتس فيه ولكل راسخ يف العلم فيه نظره‪ ،‬ولسلنا نلذكر جلواق العقوبلة علىل‬
‫اجلملة ولكن البد يف تعيينها من داللة كعية غري أن التغلين ليس من الدية يف يشء وهلذا‬
‫يف اختلفوا يف مقداره وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫‪-362-‬‬
‫فصل‬

‫وأما كيفية أخذ الدية فتؤخذ الدية الكاملة يف ثالث سنني يف كل سلنة ثلثهلا‪ ،‬وتؤخلذ‬
‫نقف الدية يف سنتني‪ ،‬يوؤخذ ثلثا الدية يف سنتني وكذلك ثالثة أثالث أربعاها‪ ،‬وتؤخلذ‬
‫ثلث الدية يف نسة واحدة‪ ،‬نص عىل ذلك يف (األحكام)‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬واألصل فيه أن عملر حكلم بلتن الديلة‬
‫تؤخذ يف ثالث سنني ووافقه سائر القحابة عليه ومل خيتلفلوا فيله ملع ظهلوره وانشلتاره‬
‫فلرى جمرى اإلمجاع يف كونه حلة‪ ،‬فإذا ثبت أن الدية تؤخذ يف ثالث سنني يف كلل سلنة‬
‫ثلثها ثبت أن الثلث فيام دونه يؤخذ يف سنة واحلدة‪ ،‬وأن النقلف يؤخلذ يف سلنتني؛ ألن‬
‫الثلث يؤخذ يف سنة واحدة والباقي وهو السدس يؤخذ يف سنة أخرى‪ ،‬ثوبت أن الثلثلني‬
‫يؤخذ يف سنتني يف كل سنة ثلث الدية‪ ،‬وكذلك ثالثة أرباع الدية يؤخذ يف سنتني؛ ألن كل‬
‫ثلث يؤخذ يف سنة‪ ،‬والباقي وهو نقف السدس قد اعترب فيه أئمتنا عليه السالم أن ما كان‬
‫يسري ًا جعل تابع ًا لوكثر فتحلق به يف السنيتن‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬هذا قد اعتربخ السيد املؤيد باهلل ونص يف (األحكلام) علىل أن ملنم‬
‫لزمه ديات عدة أخذ كلها يف ثالث سنني‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه واألصل فيه ما ب ّيناه‪.‬‬

‫‪-363-‬‬
‫باب القسمة‬

‫فصل‬

‫القسامة األيامن تقسم عىل مخسني رج ً‬


‫ال من أهل البلد أو القرية التي يوجد فيهلا قتيلل‬
‫ال يعلم قاتله وال يدعي أولياؤه قتله عىل احد بعينه‪.‬‬
‫(خرب) وروى قياد بن أيب مريم أن رج ً‬
‫ال قال للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬إن أخي‬
‫قتل بني قريتني‪ ،‬فقال‪(( :‬حيلف منهم مخسلني رجل ً‬
‫ال)) ويف بعلض األخبلار ((اخلً ملنهم‬
‫مخسني رج ً‬
‫ال حيلفون)) فقال‪ :‬ما َّ من أخي غري هذا؟ فقال‪(( :‬نعم)) ومائة من اإلبلل‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أن األيامن عىل الذي وجد القتيل وعىل أرم يغرمون الدية فقلح أن ملن وجلدّ‬
‫قتي ً‬
‫ال يف حملة من قرية أو مدينة فلم يدع أولياء القتيل قتله عىل رجل بعينه فإنه جيب عليهم‬
‫القسامة وهو أن جيتمع مخسون رج ً‬
‫ال خيتارهم أولياء املقتول من أهل تلك القرية فيحلفون‬
‫باهلل ما قتلناه وال عرفنا له قاتالً‪ ،‬فإذا حلفوا خىل سلبيلهم‪ ،‬كانلت الديلة علىل علواقلهم‪،‬‬
‫وقلنا‪ :‬خيتار افمسني أولياء دم املقتول ملا ذكرناه يف افرب اخً منهم مخسون حيلفون‪.‬‬
‫(خرب) وفيام رواه رافع بن خدي يف ققة املقتول بخيرب أن النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم قال ألوليائه‪(( :‬اختاروا مخسني رج ً‬
‫ال فاسلتحلفوهم)) وألن األيلامن حلق ألوليلاء‬
‫يتوجه له احلق عىل رجلني‪ ،‬والوجه‬
‫القتيل فاختيار االستيفاء جيب أن يكون إليهم كرجل ّ‬
‫يف اليمني عىل أهل املوضع الذي وجد فيه القتيل فيام بينهم ما رويناه يف افرب األول‪ ،‬وملا‬
‫روي يف حديث قتيل خيرب هو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كتب إىل اليهود‪ :‬إملا أن‬
‫تداوا صاحبكم وإما أن تتذنوا بحرب من اهلل ورسوله‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال هللم‪ :‬وجلد قتيلل بلني أظهلركم‬
‫فدوه‪.‬‬

‫‪-364-‬‬
‫(خرب) وروى عمر بن شعيب‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫فرق ديته عليهم يعني اليهود وأعارم ببعضلها‪ ،‬وقلنلا‪ :‬وتكلون الديلة بعلد اليملني علىل‬
‫عواقلهم بان العمد مل يثبت عليهم وافطت وإن مل يثبت أيض ًا فتقلل أحلواهلم أن يشلبه ملا‬
‫يلزمهم بلناية افطت؛ ألن هذا أدنى ما يلزم ليلب أن يتحملها عواقلهم‪ ،‬ودل ما ذكرنلاه‬
‫من األخبار عىل أنه ال فرق يف الدخول بني أرباب افطة وبني الساكنني فيها من مسلتتجر‬
‫ومشً بل تلزم القسامة مجيعهم؛ لن الظواهر مل تفقل وال خيرج من ذلك من احللارضين‬
‫غري مخسة أصناف عند أئمتنا عليهم السالم وهلم النسلاء والقلبيان والعبيلد واملللانني‬
‫واملرىض‪ ،‬وخيرج من القسامة عندنا من كان غائب ًا من أهل املحلة وقت وجود القتيل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن قتي ً‬
‫ال وجد بني قريتني فتمر النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فلذرع‬
‫بينهام فوجد إحدامها أقرب إليه فتلقاه عىل أقرهبام‪.‬‬

‫ل بمشلهد‬ ‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه أمر بذلك‪ ،‬وروي عن عمر أنله ق‬
‫من القحالبة هبذا وال ةالف هلام فيه‪ ،‬دل ذلك عىل صحة ما نقه اهلادي عليه السالم من‬
‫أن القتيل إذا وجد بني قريتني ومل ُيعلم أن قاتله من أهل أهيام قيس بني القريتني فتهيام كلان‬
‫أقرب إىل القتيل فالقسامة تلزم أهلها‪.‬‬
‫قال الناطق باحلق‪ :‬قال أصحابنا فإن كانت القريتان عىل سوى يف القلرب ملن القتيلل‬
‫فالقسامة عليهام‪.‬‬

‫فصل‬

‫ولو وجد قتيل عىل باب أو يف ساحتها كانت القسامة عىل أهلها قد ذكلره حييلى عليله‬
‫السالم يف (األحكام)‪.‬‬
‫(خرب) ورواه عن أمري املؤمنني عليه السالم‪.‬‬

‫‪-365-‬‬
‫فصل‬

‫ولو أن ميت ًا ودجد بني قوم ليس عليه أثر القتل واجلراحة فال قسامة علليهم وال ديلة‪،‬‬
‫نص عليه يف (املنتخب)‪.‬‬
‫بالقسامة فيمن كلان قتلي ً‬
‫ال‬ ‫(خرب) وذلك ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إنام ق‬
‫فظهر عليه أثر القتل‪ ،‬فتما من مل يوجد فيه أثر القتل واجلراحة فالظاهر أنه مات حتف أنفه‬
‫فال قود فيه وال دية وال قسامة‪ ،‬وال تقح القسامة إال بعد ا ّدعاء أولياء القتيلل قتلله علىل‬
‫أهل اجلهة من دون تعيني واحد منهم أو مجاعة مع ّينني؛ لنه حق من احلقوق فال يثبلت إال‬
‫بعد ا ّدعاء وإن ادعوا قتله عىل قوم بتعيارم بطلت القسامة‪ ،‬فإن أقلر امللدعي علليهم للزم‬
‫حكم القتل وإن أنكروا فعىل األولياء والبينى وإال فعىل املدعى عليهم اليملني كلام قلدمنا‬
‫بيانه يف الدعاوي‪ ،‬وكذلك ذكر السيد أبو العباس أن القتيل إذا كان به رمق فقال قبل موته‬
‫دمي عند بني فالن وشهد عىل قوله عدالن من غري القبيلة التي وجد القتيل فيهلا بطللت‬
‫القسامة وال دية عليهم‪.‬‬
‫وأما بطالن القسامة فورا ال جتب كع ًا ومل يرد فيام هذا حاله‪.‬‬

‫وأما بطالن الدية فال جتب إال ببنية كسائر الدعاوي عىل ما تقلدم بيانله يف اللدعاوي‪،‬‬
‫وقد ورد يف أخبار القسامة‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما رواه ابن أيب ليىل‪ ،‬عن عبدالرمحن بن سهل بلن أب خييثملة أنله أخلربه‬
‫رجال كثري من قومه أن عبداهلل بن سهل وحميقة خرجا إىل خيرب فلتتى حميقلة فلتخرب أن‬
‫عبداهلل بن سهل قتل فطر‪ ،‬يف بأر أو عني فتتى اليهود فقال هللم‪ :‬واهلل لقتلتملوه‪ ،‬فقلالوا‪:‬‬
‫واهلل ما قتلناه‪ ،‬فتقبل حتى أتى عىل قومه فذكره هلم ثم أقبل هو واخوه حويقة وهو أكرب‪،‬‬
‫ويف بعض األخبار وعبلدالرمحن أخلو املقتلول فلذهب حميقلة يلتكلم فقلال رسلول اهلل‬
‫ملحيقة‪(( :‬الكرب الكرب)) يريد السن فتكلم حويقة‪ ،‬ثم تكلم حميقة فقال رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يتذنوا بحرب)) فكتب إليهم رسلول‬

‫‪-366-‬‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فكتبوا إليه فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬حتلف لكم اليهود‪ ،‬فقالوا‪ :‬ليسوا‬
‫بمسلمني‪ ،‬فوداه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنده فبعلث إلليهم بامئلة ناقلة‪،‬‬
‫وروي هذا افرب بلفن آخر رواه برش بن يسار بتنه أخربه سهل بن أيب خيثمة أن نفلر ًا ملن‬
‫قومه انطلقوا إىل خيرب فوجدوا فيها قتي ً‬
‫ال فقالوا للذين وجدوه عنلدهم‪ :‬قتللتم صلاحبنا‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬واهلل ما قتلناه وال علمنا له قاتالً‪ ،‬فانطلقوا إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫فقالوا‪ :‬انطلقنا إىل خيرب فوجدنا أحدنا قتيالً‪ ،‬فقال‪ :‬أتتتون بالبينة عىل من قتله؟ فقالوا‪ :‬ما‬
‫لنا بينة‪ ،‬قال‪:‬أفيحلفون لكم؟ قلنا‪ :‬ال نرىض بتيامن اليهود‪ ،‬وكره رسول اهلل صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم أن يبطل دمه فوداه بامئة من إبل القدقة‪ ،‬دل افربان عىل أن رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم طلب البينة من املدعني فلام أخربوه أنه ال ب ّينة هلم قال‪ :‬يلفون لكم ومل‬
‫يقل فيحلفون إذ مل يكن لكم ثم ب ّينة‪.‬‬

‫(خرب) وعن حممد بن عبدالرمحن القريض أن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫أوجب البينة يف القسامة عىل املدعني يعني األنقار واليمني عىل املدعى عليهم؛ وألن قوله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬البينة عىل املدعي واليمني عىل املدعى عليه)) عمومه يدل عىل‬
‫مكا قلناه‪ ،‬ويف بعض األخبار أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كتب إليهم فكتبلوا‪:‬‬
‫إنا واهلل ما قتلناه‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم حلويقة وحميقة وعبدالرمحن‪(( :‬حتلفون‬
‫وتستحقون دم صاحبكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬حتلف لكم اليهود‪ ،‬فقالوا‪ :‬ليسوا بمسللمني))‬

‫فوداه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من عنده فبعث إليهم بامئة ناقة‪،‬‬
‫قال سهل‪ :‬لقد ركضتني منها ناقة محراء‪ ،‬وهذه األخبار متضمنة أن رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ملا أمر أولياء الدم باستحالف اليهود وامتنعوا كره أن يبطل دمه فوداه‬
‫هذا يقت ي أن إمام احلق خيري بني أن ينفذ القسامة كام أنفذها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم إن ريض بذلك أولياء الدم وإن مل يرضوا دفع إليهم من أملوال الزكلاة للأال تبطلل‬
‫دماء املسلمني‪ ،‬فإن قيل‪ :‬إن افرب وهو قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬البينة عىل املدعي‬
‫واليمني عىل املنكر)) وقلد روي فيله قيلادة وهلي‪ :‬واليملني علىل املنكلر إال يف القسلامة‪،‬‬

‫‪-367-‬‬
‫فاجلواب أنه مل يقل إال يف القسامة فإنه ال يمني فيها عىل املدعى عليهم فلإذا صلحت هلذه‬
‫الزيادة فاللفن مطلق فهو حيتمل وجوه ًا‪ ،‬منها إال يف القسامة فإنه حيلف فيهلا ملن مل ّ‬
‫يلدع‬
‫عليه بعينه ومنها إال يف القسامة فلإن امللدعى علليهم ال يلربأون بلاليمني لوجلوب الديلة‬
‫بعدها؛ ألرا القمة بوجود القتيلل فليام بيلنهم‪ ،‬ويف سلائر اللدعاوي ال جتلب اليملني إال‬
‫بالدعوى‪ ،‬وإذا حلف املدعى عليهم وسقط عنهم احللق وال يقلح أن يقلال إن العللة يف‬
‫وجوب القسامة هي التهمة؛ ألن ذلك يبطل بام قرره الرشع من وجوب القسامة عىل ملن‬
‫كان حارض ًا وقت وجود القتيل يف القربة واملحلة التي يوجد فيها ولو كان غري ملتهم وال‬
‫ظنني من عامل وقاهد متعبد بعيد عن التهمة بل هذه مقالح يستتثر اهلل تعاىل بلالعلم هبلا‪،‬‬
‫وال يقح أن يقال إن أخبار القسامة معارضة للمعلوم نحو قول اهلل تعلاىل‪  { :‬‬

‫‪[} ‬النجم‪ ]38:‬ونحو ذلك هي أخبار آحاد فيللب سلقوطها؛ ألنلا لليس إجيلاب‬
‫الييمن عىل الذين وجد القتيل فيام بينهم عقوبة وال أن الدية واجبة عىل عواقلهم عقوبة بل‬
‫هذه مقالح قد علم اهلل ثبوهتا كام نطق القرآن بوجوب الدية يف قتل افطت وال ذنلب علىل‬
‫القاتل ول إثم يعاقب عليه‪ ،‬وكذلك أمجع الكافة من علامء اإلسالم عىل وجوب دية قتلل‬
‫به الرشلع فلال‬ ‫افطت عىل عاقلة القاتل فتي ذنب للعاقلة يعاقبون بل جيب التسليم ملا ق‬
‫تثبت العلة إال بطريق يقت ي ثبوهتا وال يتكلف اإلنسان ما مل يعلم؛ ألن املالئكة صللوات‬
‫اهلل عليهم مع عظلم حلاهلم وارتفلاع درجلاهتم وكلورم بلتعىل درجلة ملن التفضليل يف‬
‫املخلوقني يروا نقق ًا يف أنفسهم إن قالوا‪ :‬ال علم لنا إال ما علمتنا‪.‬‬

‫‪-368-‬‬
-369-
‫كتاب الوصايا‬

‫باب الحث على الوصية وذكر ما يجب فيها‬


‫قال الناطق باحلق‪ :‬وال خالف يف جواق الوصلية ويف اسلتحباهبا‪ ،‬واألصلل يف ثبوهتلا‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫الكتاب فقول اهلل تعاىل‪         { :‬‬ ‫أما‬
‫‪[}      ‬البقرة‪ ،]180:‬وهذه اآلية قلد ورد عليهلا‬
‫النسخ عىل ما نبينه‪ ،‬وحتقيقه أرا تضمنت حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬جواق الوصية للوالدين واألقربني‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬وجوهبا ملن ذكرناه فهام حكامن اثنان‪ ،‬واختلف علامؤنا فملنهم ملن ذهلب إىل‬
‫أرا منسوخة احلكمني إال أن جييزوها الوارث‪ ،‬وهذا هو قول املؤيد باهلل وأتباعه‪ ،‬وذهلب‬
‫القاسم بن إبراهيم وسبطه اهلادي وسائر أسباطهام وأتباعهام إىل أن النسح ورد علىل أحلد‬
‫حكمني وهو الوجوب دون اجلواق فإنه باق عىل أصله‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع أهل البيت عليه السالم ولعله يعني قبل املؤيلد بلاهلل‬
‫فعند هؤالء األئمة أن كل من أوىص بيشء فوصيته جائزة سواء كان املوىص لله وارثل ًا أو‬
‫غري وارث ذكر ًا كان أو أنثى‪ ،‬حر ًا كان أو عبد ًا‪ ،‬وهلذا كلام يقولله العللامء أن صلوم يلوم‬
‫عاشوراء كان واجب ًا فنسخ معناه نسخ وجوبه وبقي جواقه كذلك كلام روي يف خلرب علن‬
‫عيل عليه السالم أنه كان يقوم يوم عاشوراء‪.‬‬

‫‪-370-‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يقومه وهلو يلوم العلاك ملن‬
‫املحرم‪ ،‬وال يقح أن يقال‪ :‬إن اجلواق يتبع الوجوب ملن حيلث أن كلل واجلب البلد أن‬
‫يكون جائز ًا؛ ألن اجلواق منفقل عن اجلواب بدليل النوافل جائزة وليست بواجبة‪ ،‬ويدل‬
‫عليه الظواهر نحو قوله تعاىل‪[}      { :‬النسالاء‪ ،11:‬وقوله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}      ‬النساء‪ ،]12:‬وقوله عز قائالً‪   { :‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪[}‬النسالاء‪ ،]12:‬فتطلق سبحانه ذلك ومل يفقل بني أن تكلون الوصلية للوارث أو غلري‬
‫وارث؛ وألن افطاب إذا تناول أمرين فنسخ أحدمها ال يكون نسخ ًا آلخلر‪ ،‬فكلذلك إذا‬
‫تناول افطاب حكمني اثنني فنسخ أحدمها ال يكون نسخ ًا آلخر‪ ،‬والعلة أرام اثنان‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال جيوق للوارث‬
‫وصية إال أن يشاء الورثة)) دل ذلك عىل صحة الوصية وجواقها لللوارث إذا شلاء سلائر‬
‫الورثة؛ وألن الوصية يف ملك املوذ وإنام يتعلق هبا حق الورثة بعد موته فلم يمنع كبيلع‬
‫ما فيه الشفقة‪ ،‬وألن الوصية للوارث فيام قاد عىل الثلث جلائزة إذا أجاقهلا بلاقي الورثلة‬
‫وإذا أوىص له بالثلث وجلب أن يكلون جلائز ًا ملن دون إجلاقهتم كالوصلية لوجنبلي‪،‬‬
‫واختلف العلامء يف األمر الناسخ واملنسوخ وهو مفقود هاهنا‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إن الناسخ ملن‬
‫السنة هو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل قد أعطى كل ذي حلق حقله فلال‬
‫وصية لوارث)) يعني ترتيب اإلرث عىل الوصية‪ ،‬وقيل أيض ًا ما معناه‪ :‬ال وصية له فيام قاد‬
‫عىل الثلث‪ ،‬وفائدة ذكر الوارث أن افنسان قد يفضل بعض ورثته بحسب ميله إليه فيؤدي‬
‫إىل الوحشة بني سائر الورثة فخلص اللوارث باللذكر وإن كلان غلريه فليام فلوق الثللث‬
‫مثلهلهذا الغرض‪.‬‬
‫قال السيدان األخوان‪ :‬وهذا تتويل حييى بن احلسني فرب قيد بلن عليل عليله السلالم‬
‫وهذا هو األصل من الكتاب‪.‬‬

‫وأما السنة (فخرب) ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ملا حلق املرس‬

‫‪-371-‬‬
‫مسلم له يشء يوذ يف أن يبيت ليلتني إال ووصيته عنده))‪.‬‬

‫(خرب) وأوىص النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عليل وقلال‪(( :‬أنلت وصليي‪ ،‬وقلايض‬
‫ديني)) وأوىص عيل عليه السالم إىل ولده احلسن عليه السالم وجعل إليه النظر يف صدقاته‬
‫ثم جعله من بعده إىل احلسني عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وروى سفيان بن عيينة‪ ،‬عن هشام بن عروة‪ ،‬قال‪ :‬أوىص إَّ الزبري سلبعة ملن‬
‫أصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم منهم عثامن‪ ،‬واملقداد‪ ،‬وعبدالرمحن‪ ،‬وابلن‬
‫مسعود كان ييحفن أمواهلم وينفق عىل أبنائهم‪ ،‬وأوصت فاطملة الزهلراء إىل عليل عليله‬
‫السالم وجعلت إليه النظر يف وقفها فإذا مات عيل فإىل ابنيها عليهام السالم‪.‬‬
‫(خرب) وأوىص عمر إىل ابنته حفقة فإذا ماتت فإىل ذوي الرأي من أهلها‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك مما ال خالف فيه فإن اإلمجاع عىل جواق الوصية واستبحاهبا ظلاهر‬
‫إال يف الوارث فقد ب ّينا افالف فيه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬رفع القلم عن ثالثة)) افرب‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أن وصية القبي وامللنون غري جائزة واملراد به مطبق اجلنون فإذا كان يفيق يف‬
‫وقت صحة وصيته فيوقت إفاقته لثبوت عقله وال يقد‪ ،‬فيام تقدم كام ال يقلد‪ ،‬يف صلحة‬
‫وصية البال قوال عقله يف مدة كونه صغري ًا‪ ،‬واختلف علامؤنا عليهم السلالم يف حتقليل‬
‫مذهب حييى عليه السالم يف وصية القبي املميز إاذ كان له عرش سنني هل تقلح وصليته‬
‫أم ال؟ فقللال املؤيللد بللاهلل قللدس اهلل روحلله‪ :‬إن وصلليته صللحيحة ررجي ل ًا عللىل قوللله يف‬
‫(األحكام) كل من أوىص فوصيته جائزة إال أن يكون صغري ًا ال يعقل كابن مخس أو ست‬
‫أو سبع وما دون العرش قال‪ :‬فحده أن يكون دون ابن العرش تنبيه ًا عىل أن ابن العرش جتوق‬
‫وصيته‪ ،‬وذكر الناطق باحلق أن الوصية ال تقح إال من بال ‪ ،‬ومحلل قولله يف (األحكلام)‬
‫عىل أنه أراد ابن عرش يرجى منه االحتالم‪ ،‬قال‪ :‬وأظن أن العباس كان يلذهب إىل هلذا‪،‬‬
‫وجلله األول قللول اهلل تعللاىل‪         { :‬‬

‫‪-372-‬‬
‫‪[}‬البقرة‪ ،]180:‬اآلية‪ ،‬وقوله تعاىل‪       { :‬‬

‫‪[}     ‬البقرة‪.]181:‬‬


‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل جعل الثللث يف آخلر أعامركلم‬
‫قيادة يف أعاملكم)) وهذاعام مل يفقل بني ابن العرش وغريه‪ ،‬فتما من هو دون العرش فخهو‬
‫باإلمجاع وألنه جيوق أن يكون قد لزمه التكليف فيام بينه وبني اهلل تعلاىل إذا كلان‬ ‫ةقو‬
‫مميز ًا فال يمنع من االنتفاع بامله‪.‬‬
‫وجه الثاين‪ :‬ما قدمناه من افرب وألنه غري بال فوجب أن ال يتعلق بفعله حكم‪ ،‬دليلله‬
‫دون ابن العرش وألنه غري مكلف فتشبه امللنون‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن هيودي ًا عدا عىل جارية فتخذ أوضاحها ورضخ رأسها بلني حللرين‬
‫فقال هلا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬هل فعلل هلذا بلك فلالن ‪-‬يعنلي بعلض‬
‫اليهود‪ -‬فتشارات برأسها ال‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬فالن‪-‬يعني آخر‪ -‬فتشارت‬
‫برأسها ال‪ .‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬فالن‪-‬يعني قاتلها‪-‬؟ فتشارت نعلم فلاعًف‬
‫اليهودي فتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فرضخ رأسله بلني حللرين)) فلعلل‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إشارهتا بنعم دعوى سقحيحة منهلا وعللق احلكلم‬
‫هبا‪.‬‬
‫أصمتت فقلال هللا احلسلن واحلسلني علليهام‬ ‫(خرب) وروي أن أمامة بنت أيب العا‬
‫السالم ألفالن كذا ألفالن كذا فتشارت أي نعم فربات وأجاقة وصيتها‪ ،‬دل ذلك علىل أن‬
‫العليل إذا أصمت وكان عقله ثابت ًا فتوىص بإشارات تفهم هبا مراده كانت وصليته جلائزة‬
‫وهو الذي نص عليه يف (األحكام) وكذلك تقح سائر عقوده إذا كانت اإلشارة معهودة‬
‫فيام يفهم منها‪ ،‬خرج عىل ذلك السيد أبو العباس واملؤيد باهلل‪.‬‬
‫أمهلا وينلب بنلت‬ ‫قال القايض قيد أيده اهلل‪ :‬وهو القحيح وأمامة بنلت أيب العلا‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم تزوجها أمي راملؤمنني بعلد خالتهلا فاطملة الزهلراء‬

‫‪-373-‬‬
‫عليهام السالم‪ ،‬وكانت فاطمة ستلت علي ًا أن يتزوجها بعدها ففعل‪.‬‬

‫قال اهلادي عليه السالم بعد ذكر ما تقدم‪ :‬فلام أشارت برأها للحسن واحلسني علليهام‬
‫السالم أجاقا وصيتها‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال خالف أن ماال خياف منه املوت كعارض القداع أو رمد أو ابتداء محى أو للقوة أو‬
‫الفال عند انتهائه وطوله والسل يف ابتدائه فإن سبيله سبيل القحة‪ ،‬ومعنى ها أن للعليل‬
‫بإحدى هذه العلل أن يترصف يف ماله بام شاء من هبة أو عتق أو نحومها فإذا كان امللرض‬
‫ةوف ًا بحيث خيشى عىل العليل منه أو كلان ملن األملراض املخوفلة‪ ،‬كالطلاعون‪ ،‬وذات‬
‫اجلن‪،‬ب والقولن ‪ ،‬والرعاف الدائم‪ ،‬واإلسهال املتواتر‪ ،‬ونحلو ذللك فلإن حكلم أولله‬
‫وآخره سواء وهو أنام أوىص به وقطعه يف احلل من هبة أو عتق او نحومها فإنله يعتلرب فيله‬
‫الثلث فام قاد عليه كان موقوف ًا عىل إجاقة الورثة واختلفوا يف احلامل‪ ،‬فقال حييلى‪ :‬هللا أن‬
‫تترصف يف ماهلا بام أحبت يف أول احلمل فإذا جاوق محلها ستة أشهر مل جيز يشء من ذللك‬
‫إال الثلث‪ ،‬وقال املؤيد باهلل‪ :‬حكمها حكم القحيح ما مل يرضهبا الطلق وقلد روي ذللك‬
‫عن أيب العباس‪.‬‬
‫(خرب) وحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن من يقدم للقتل‬
‫ققاص ًا او رمج ًا فحكمه حكم املريض يف أنله ال جيلوق ملن وصليته إال الثللث‪ ،‬وقلال يف‬
‫(األحكام)‪ :‬وكذلك املحارب ما مل يبارق عدو ًا ومل يقافه‪ ،‬ومل يباك قتاالً‪ ،‬فإذا انتهلى إىل‬
‫هذه احلالة مل جيز مما يفعله إال الثلث‪ ،‬والعلة يف مجيع ذلك أنه انتهى إىل حالة خيشلى معهلا‬
‫املوت‪.‬‬

‫‪-374-‬‬
‫فصل‬

‫تعاىل‪             { :‬‬ ‫قال اهلل‬
‫‪[}       ‬الممتحنة‪.]8:‬‬
‫(خرب) وروي أن صفية أوصت ألخيها وهو هيودي بثالثني ألف ًا فاجاقه املسلمون‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل جواق وصية املسلم للذمي‪ ،‬وهو الذي نص عليه يف (األحكام) وكلذلك جتلوق‬
‫الوصية للحريب املستتمن‪ ،‬ذكره الناطق باحلق قياس ًا عىل الذمي‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪[}      { :‬النسالاء‪ ]141:‬دل ذلك عىل‬
‫أنه ال جيوق للمسلم أن يوذ إىل ذمي‪ ،‬وألن الوصية والية واملي غلري ملؤمتن عليهلا وال‬
‫بثقة‪ ،‬وألرم ال يستحلون أموالنا فال جيوق الركون إليهم يف أموال اليتامى‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫{‪[}       ‬آل ومرا‪.]75::‬‬

‫‪-375-‬‬
‫باب ما يجوز من الوصية وما ال يحوز‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لو أن رج ً‬
‫ال عبد اهلل ستني سنة‪،‬‬
‫ثم ختم وصيته برضار ألحبط الرضار عبادته ثم أدخله النار)) دل ذلك عىل أن كل وصية‬
‫ةالفة للرشع النبوي ومقتضية لتفضل بعض الورثة عىل بعض أو إلخلراج امللال مضلارة‬
‫ال عن احلق‪ ،‬وجتنب َا للرشع ال جيوق‪ ،‬وأرا من الكبائر لذلك أحبطت العبلادات‬
‫للورثة ومي ً‬
‫الواجبة‪.‬‬
‫(خرب) وعن عامر بن سعد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن مالك قال‪ :‬مرضت فتتلاين رسلول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يعودين فقلت‪ :‬يا رسول اهلل إن َّ ماالً كثري ًا وليس يرثني إال‬
‫ابنتي ف ُتوذ بامَّ كله‪ ،‬ويف بعض األخبار بثلثي ماَّ؟ قال‪(( :‬ال)) قلت‪ :‬فالنقف؟ قلال‪:‬‬
‫((ال))‪ .‬قلت‪ :‬فالثلث؟ قال‪(( :‬الثلث والثلث كثري إنك إن تً ورثتك أغنياء خري لك من‬
‫أن تًكهم عالة يتكففون الناس)) دل ذلك عىل أن له أن يوذ بثلث ماله ولليس للورثلة‬
‫نقضه ورده؛ ألنه ال حق هلم فيه‪.‬‬
‫ويدل عليه (خرب) وهو ما قدمناه وهو أن اهلل تعاىل جعل الثلث يف آخر أعامركم قيادة‬
‫يف أعاملكم‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬لليس للقاتلل‬
‫وصية)) وقد رواه قيد بن عيل موقوف ًا عىل عيل عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال يقاد والد بوللده‬
‫وال يشء للقاتل)) دل ذلك عىل أن الوصية للقاتل باطلة‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬إن قتله عمد ًا فالوصية له باطلة‪ ،‬وإن قتله خطلت فالويلة لله صلحيحة‪،‬‬
‫ذكره ملهب حييى عليه السالم‪ ،‬وفرق املؤيد باهلل عىل مذهب حييلى بلني أن تكلون اجلنايلة‬

‫‪-376-‬‬
‫متقدمة عىل الوصية وبني أن تكون متتخرة عنها؛ ألنه نص يف (املنتخب) عىل أن رج ً‬
‫ال لو‬
‫رضب بالسيف يبعد أن يكون قال ويبد أن يكون املراد به املخطئ؛ ألن الرضب بالسليف‬
‫يبعد أن يكون خطت فإجاقة الورثة إنام هو لتقدم اجلناية‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬فإن أوصال لرجل ثم جرحه املوىص له فعفا املللرو‪ ،‬فعلىل اللوجهني‬
‫جيب أن ال تقح وصيته؛ ألنه قد أبطلها اجلراحة والعفو ال يعيدها إال أن تستتنف الوصية‬
‫فيقح عىل قول من يثبتها إذا تقدمت اجلناية‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬ولو أجاق الورثة الوصية له فاألقرب أن ال جتوق إجلاقهتم علىل أصلل‬
‫حييى عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬إن اهلل أعطاكم ثلث أملوالكم‬
‫يف آخر آجالكم قيادة يف حسناتكم)) دل عىل أن مسل ًام لو أوىص لذمي بمقحف أو دفلً‬
‫فيه ذكر الرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم تقح الوصية عىل اصل حييى عليه السالم؛‬
‫ألنه ليس من احلسنات‪ ،‬ودل عىل أن الوصية للحرب يباطلة؛ ألرا ليست من احلسنات‪.‬‬
‫قال عيل بن العباس‪ :‬أمجعوا عىل أن الوصية للحرب باطلة حكاه عنه يف (الوايف) وألنا‬
‫قد أمرنا يف آية السيف بقتلهم حيث وجدناهم وأخذهم وحرصلهم وان نقعلد هللم كلل‬
‫مرصد فال معنى للوصية له‪ ،‬ألرا تنايف ذلك‪ ،‬وأفضل القدقات ما يوذ به اإلنسلان يف‬
‫حال حياته وخيرجه قبل وفاته‪ ،‬بدليل افرب وهو ما رواه أبو هريرة قلال ُسلأل رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬أي القدقات أفضل؟ قلال‪(( :‬أن تقلدق هبلا وأنلت صلحيح‬
‫شحيح تتمل الغنى ورشى الفقر‪ ،‬وال متهل حتى إذا بلغت احللقوم)) قلت‪ :‬فالن كذا‪.‬‬

‫فصل‬

‫والذي ينبغي ملن حرض الرميض فرآه حييف يف وصيته أو اسشتاره فيها وفهلم منله أن‬
‫رغضه أن حييف فيها أن ينهاه كام ذكرناه يف خرب سعد بن مالك ولقول اهلل تعاىل‪{ :‬‬

‫‪-377-‬‬
‫‪            ‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]9:‬جاء يف التفسري أن من حرض املريض فرآخ حييف عىل ولده أن يقول له‬
‫باملك كله‪.‬‬ ‫اتق اهلل وال تو‬

‫فصل‬

‫قوله تعاىل‪             { :‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪[}‬آل ومرا‪ ،]118::‬دل ذلك عىل أنه ال جتوق الوصية إىل كافر يف حق املسللم؛ ألنله‬
‫غري م تمون علىل أملواهلم‪ ،‬ويلدل عليله قولله علز وعلال‪       { :‬‬

‫‪[}  ‬التوبة‪ ]10:‬وال تقح الوصية إىل العبد وال إىل القبي وال إىل‬
‫امللنون؛ ألن هؤالء ال والية هلم علىل أنفسلهم فلون ال يكونلوا والة علىل غلريهم أوىل‬
‫وأحرى؛ وألنه الحظت للميت وال ألطفاله يف نظرهم وقهلذامل تثبت هلم الواليلة كعل ًا‬
‫قوول اهلل تعاىل‪[}      { :‬هالود‪ ،]113:‬يدل علىل أنله ال‬
‫جتوق الوصية إىل الفاسق؛ ألن ذلك يكون ركون ًا إليه يف تنفيذ وصلية امليلت وحفلن امللال‬
‫لليتيم‪ ،‬وقوله تعاىل‪[}       { :‬الحجرات‪ ،]6:‬يدل عىل‬
‫املنع من اإليقاء إىل الفاسق وقوللنا إن الوصية ال جتوق إىل الفاسق امللاهر‪ ،‬فتما الفاسلق‬
‫من جهة التتويل فلسنا نبطل كفاءته يف النكا‪ ،‬كامتقدم ونقبل خربه الذي نلعله أصل ً‬
‫ال يف‬
‫األحكام الرشعية إلمجاع القحابة ريض اهلل عنهم عىل قبول أخبار البغاة عىل أمري املؤمنني‬
‫وإمجاعهم حلة‪ ،‬فإذا ثبت ذلك جاقت الوصية إليه وال يبطلها فسقه من جهة التتويل‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪             { :‬‬

‫‪-378-‬‬
‫‪[}   ‬البقالرة‪ ،]220:‬دل ذلك عىل أنه ليس لللوذ أن يبيلع لويتلام‬
‫شيأ ًا من أموالعم إال عن رضورة وحاجة عىل سبيل الغبطة فإن باع عىل غلري هلذا الوجله‬
‫كان هلم أن ينقضوا البيع إذا بلغوا وهو الذي نص عليه اهلادي يف اجلامعني‪ ،‬وبه قال السيد‬
‫املؤيد باهلل‪ ،‬ودلت اآلية عىل أنه جيوق ةالطة اليتيم يف الطعام إذا كان يتكل مثل الذي خلط‬
‫له من طعامه أو فوقه؛ ألنه قد مفي مؤنة الطحن وإنلا‪ ،‬الطعام مطحون ًا مفروغ ًا منه وال‬
‫خالف يف جواقه عىل هذا الوجه‪.‬‬

‫فصل‬

‫قول اهلل تعاىل‪[}     { :‬الالنجم‪ ]39:‬أي ثوابه‪ ،‬ويدل عىل مجيع ما‬
‫يفعله احلي عن امليت من وجوه الرب من احل والقدقة والعتق فهلو للحلي اللذي يفعلله‬
‫دون امليت إال أن يكون امليت أوىص به نص يف األحكام عىل هذا املعنى‪ ،‬وذهب املنقلور‬
‫باهلل إىل أن ما يفعله الولد من وجوه الرب للوالدين مما مل يوصسيا به فإنه يلحقهام ثوابه ومها‬
‫ةقوصان من سائر األقارب وهو أوىل‪ ،‬ويدل عىل ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إذا مات ابن آدم انقطلع عملله إىل‬
‫عن ثالث‪ :‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صالح يدعو له))‪.‬‬
‫ويدل عليه (خرب) وهو أن سعد بن عبادة خلرج ملع رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم يف بعض مغاقيه فامتت أمه فقيلل هللا‪ :‬أوذ‪ ،‬فقاللت‪ :‬فليم أوذ؟ إن امللال ملال‬
‫سعد‪،‬ف توفيت قبل أن يقدم سعد فلام قدم ذكر ذلك له فقال سلعد‪ :‬يلا رسلول اهلل هلل‬
‫ينفعها أن يتقدق عليها؟ فقال‪ :‬رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬نعم)) فقال سعد‪:‬‬
‫حائط كذا وكذا صدقة عليها بحائط سامه قوله عليها أي عنها ‪ ،‬ويدل عليه أيض ًا‪.‬‬

‫(خرب) وهو ما روي أن امرأة من خثعم ستلت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن‬
‫احل عن أبيها فتذن هلا فقالت‪ :‬أينفعه ذلك؟ قال‪(( :‬نعم‪ .‬كام لو كان عن أبيك ديم فقضيته‬

‫‪-379-‬‬
‫نفعه))‪.‬‬
‫(خرب)وروى ابن عباس أن رج ً‬
‫ال قال لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أن أمله‬
‫توفيت فينفعها أن أتقدق عنها؟ قال‪(( :‬نعم)) قال‪ :‬فإن َّ ةرف ًا فتشهد اين قد تقدقت‬
‫بلله عنهللا‪ ،‬قللال اهلل تعللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}  ‬الحشالر‪ ]10:‬اآلية‪ .‬فتثنى اهلل عليهم عىل دعائهم إلخوارم ملن‬
‫املؤنني‪ ،‬يودل ذلك عىل أن الدعاء هلم مستحب ًا ومندوب ًا‪ ،‬يزيده وضوح ًا‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما رواه اهلادي بإشسناده إىل عيل عليه السالم قال‪ :‬إن الرجل ليكون بلار ًا‬
‫بوالديه يف حياهتام قيموتان فالال يستغفر هلام فيكتبه اهلل عاق ًا‪ ،‬وإن الرجل ليكون عاق ًا هللام‬
‫يف حياهتام فيموتان فيستغفر هلام فيكتبه اهلل بلار ًا‪ ،‬وعللم أن الوصلايا علىل رضبلني وصلية‬
‫بواجب ووصية بغري واجب‪ ،‬فالوصية بغري الواجب نحو ما يوذ بله امليلت ملن أنلواع‬
‫القرب النافلة ال يثبت إال بالوصية‪ ،‬وال جيب إخراجه إال من الثللث وملا قاد علىل ذللك‬
‫يكون موقوف ًا عىل إجاقة الورثة‪ ،‬فإن أجاقوه جاق وإن مل جييزوه مل جيز‪ ،‬وإن أجاق بعضهم‬
‫دون بعض ثبت يف حقة من أجاق القدر الذي خيقه لو أجاق اجلميع‪ ،‬والوصية بالواجب‬
‫رضبان‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬ما خيرج من رأس املا لكالزكاة فإرا واجبة من مجيع املال أوىص هبا امليت أو مل‬
‫أو اجزهتا الورثة أو مل جتز‪ ،‬وكذلك األمخاس‪ ،‬وكذلك النذور املطلقة واملظامل وبيت‬ ‫يو‬
‫املال‪ ،‬هكذا مذهب حييى عليه السالم‪ ،‬وذكر الناطق باحلق بمذهب حييى عليه السالم أرا‬
‫من الثلث ذكره يف التحرير‪ ،‬واألول أوىل ألن أحد ًا قبله مل يفقله بينها وبني الزكلاة ذكلره‬
‫املؤيد باهلل‪،‬‬

‫والرضب الثاين‪ :‬ما كات من الوصايا متعلق ًا وجوبه بالبدن‪ ،‬ثلم انتقلل إىل امللال علىل‬
‫سبيل التبع والبدل وهو ثالثة أمور‪ :‬احل الواجب‪ ،‬وكفارة القالة إذا أوىص هبا‪ ،‬وكفارة‬
‫القيام‪ ،‬فهذه ال جتب إال بالوصية وال جتب إال من الثلث وحكمها حكم الوصية بالنفلل‬
‫يف أوجه‪:‬‬

‫‪-380-‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه إذا كان عىل امليت دين يستغرق مجيع ماله بطلت الوصية باجلميع منها‪.‬‬

‫وثانيها‪ :‬أن ما أوىص به من أنواع القرب النوافل تشًتك هي وهذه األمور الثالثلة يف‬
‫الثلث وتزاحم الثلث ويقسط بينها إذا مل تقع إجاقة فيام قاد عليه‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أرا مجيع ًا تتعلق بثلث ما يبقى من املال بعد إخراج ملا خيلرج ملن رأس امللال‬
‫فيكونوا كتنه هو النال كله‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬أرا ال جتب إال بالوصية‪.‬‬
‫فتما كفارة القالة فال أعرف أحد ًا من علامئنا يقول بتنه جيب اإليقاء هبا فهي نفل عىل‬
‫هذا األصل‪ ،‬وذكر يف (الكايف) أنه إمجاع‪.‬‬
‫‪ ،‬عن أبيه قلال‪ :‬جلاءين رسلول اهلل صلىل اهلل‬ ‫(خرب) وعن عامر بن سعد بن أيب وقا‬
‫عليه وآله وسلم عام حلة الوداع من وجع اشتد يب فقللت‪ :‬يلا رسلول اهلل قلد بلل ملن‬
‫الوجع ما ترى وأنا ذو مال وال يرثني إال ابنتي أفتقدق بثلثي ماَّ؟ قال رسول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال)) قلت‪ :‬فالشطر؟ قال‪(( :‬ال)) ثم قال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬الثلث والثلث كثري إنك إن تذر ورثتك أغنياء خري لك من أن تذرهم عاللة‬
‫يتكففون الناس‪ ،‬وإنك إن تنفق نفقة تبتغي هبا وجه اهلل ال أجرت جحتى ملا جتعلل يف يف‬
‫امرأتك))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ابتغلوا يف أملوال اليتلامى ال‬
‫تتكلها القدقة)) وروي أن عمر دفع اليتيم مضاربة‪ ،‬ومثله عن ابن عملر ومل يلرو خالفله‬
‫عن غريمها‪.‬‬
‫وروي أن أمري املؤمنني عيل عليه السالم كان وصي ًا يف مال بني أيب رافع فلام بلغوا دفعه‬
‫إليهم وأخرج توقيعه فقالوا‪ :‬إنا نلدده ناقق ًا‪ ،‬فقال‪ :‬احسبوا قكاته‪ ،‬فحسلبوا فلتتوا وملا‬
‫نققه سواها‪ ،‬فدل عىل أنه كان خيرج قكاته‪ ،‬وقد قيلل‪ :‬إنله ال خلالف يف أن األب خيلرج‬
‫قكاة مال ولده وكذلك وصيه؛ ألن أولياء اإلخراج عندنا هم املترصفون يف ملال القلغري‬

‫‪-381-‬‬
‫وهم األب ثم وصيه فعهو عند اهلادي أوىل من جده‪ ،‬ثم اجلد‪ ،‬ثلم وذ اجللد‪ ،‬ثلم إملام‬
‫احلق أو من ييل من قبله ال غري‪.‬‬

‫فصل‬

‫قول اهلل تعلاىل‪          { :‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪[}         ‬النساء‪.]95:‬‬


‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اجلهاد سنام الدين والسلنام هلو ذروة‬
‫اليشء وأعاله)) وذروة اليشء ‪-‬بكرس الذال مثلث أعاله‪ ،‬وفيه لغة أخرى بضم الذال يدل‬
‫عليه سنام البعري فإنه أعاله وأفضله‪ ،‬والدين عبارة عن الطاعات مجيع ًا‪ ،‬دل ذلك علىل أن‬
‫أن من أوىص بثلث ماله يف أحسن وجوه الرب وجب رصفه‬ ‫اجلهاد أفضل الطاعات فاقت‬
‫يف اجلهاد الذي نص عليه يف (املنتخب)‪.‬‬
‫(خرب)وروي عنه صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬صلدقتك علىل ذي قرابتلك‬
‫صدقتان))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال صدقة وذو رحم حمتاج))‪.‬‬
‫(خرب) وروى سلامن بن عامر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬صلدقتك‬
‫عىل املساكني وعىل ذوي الرحم اثنتان صدقة وصلة)) يدل ذللك علىل أملن أوىص بيشلء‬
‫للفقراء من غري واجب وله أب فقري جاق أن يعطيه الوذ منها‪ ،‬وهو ملذهب اهللادي إىل‬
‫احلق‪.‬‬

‫‪-382-‬‬
‫فصل‬

‫قلللول اهلل تعلللاىل‪          { :‬‬

‫‪[} ‬األنفال‪ ]41:‬اآلية‪ .‬وملا نزلت هذه اية قسم رسول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم سهم ذي القربى عىل بني هاشم وهاشم هو اجلد الثاللث‪ ،‬ومللا نلزل قلول اهلل‬
‫تعاىل‪[}  { :‬الشالعراء‪ ]214:‬دعا رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم بني هاشم فتنذرهم‪ ،‬فدل ذلك عىل أن من أوىص ألقاربه فإنه يرصف إىل أقاربه من‬
‫قبل أب يه وأمه؛ ألن اسم القرابة يشملهم ودل عىل أن القرابة حكم حيتص من يقلرب علىل‬
‫هذا احلد فاعتربنا االنتساب إىل اجلد الثالث؛ ألنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطى السلهم‬
‫وبلني صلىل اهلل عليله‬
‫املستحق بالقرابة من ينتسب معه إىل األب الثالث وهم بنو هاشم‪ّ ،‬‬
‫وآله وسلم أن من بعد عن األب الثالث وهم بنو املطلب إنام أعطاهم للنرصلة ال للقرابلة‬
‫بيانه‪.‬‬ ‫كام م‬

‫فصل‬

‫ويستوي يف ذلك الذكر واألنثى؛ ألن اسم القرابة جيمعهم ويستوي فيه الغني والفقري؛‬
‫ألن سمة القرابة تعمهم ويدخل فيه الولد وولد الولد يف كتاب افمس؛ ألن النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ملا نزل‪[}  { :‬الشعراء‪ ]214:‬دعا فاطمة عليها‬
‫السللللالم فتنللللذرها قللللول اهلل تعللللاىل‪       { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ]11:‬دل ذلك عىل أن من أوىص بثلث ماله لولد فالن دل فيه بنوه وبناته؛‬
‫لن اسم الولد يعمهم مجيع ًا‪ ،‬فإن كان له بنات وبنو ابن فالوصية لبناته دون بني ابنه‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه قال‪ :‬ليس حي من العرب أحرى أن يموت الرجل‬
‫منهم وال يعرف له وارث منكم معرش مهدان وإذا كان كذلك فليضع مالله حيلث أحلب‬
‫وال يعرف فيه خالف‪ ،‬دل ذلك عىل أن ملن ملات وال وارث للع فلتوىص بلميلع مالله‬

‫‪-383-‬‬
‫صحت وصيته بلميعه‪.‬‬

‫فصل‬

‫قللول اهلل تعللاىل‪[}      { :‬النسالالاء‪ ،]12:‬وقوللله‪{ :‬‬

‫‪[}       ‬البقرة‪ ،]181:‬دل ذلك عىل أن الوصلية‬
‫تقخ باملنافع والغالت كام تقح باألعيان؛ ألن ما ذكرناه عام يف مجيع ما ذكرناه‪.‬‬
‫(خرب) وعن عائشة قالت‪ :‬يا رسول اهلل ما حدّ اجلوار؟ قال‪(( :‬أربعون دار ًا)) فدل ذلك‬
‫عىل أن من أوىص بيشء جلريانه فإنه يرصف إىل جرانه يف أربعني دار ًا من مجيع اجلوانب‪.‬‬

‫(خرب) وعن عائشة أرا قالت‪ :‬يا رسلول اهلل‪ ،‬إن َّ جلارين فلإىل أهيلام أهلدي؟ قلال‪:‬‬
‫((أقرهبام منك باب ًا))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬إذا اجتملع اللداعيان فتجلب‬
‫أقرهبام باب ًا فإن أقرهبام باب ًا أقرهبم جوار ًا)) دل ذلك عىل أن من أوىص بيشء ألقرب جريانه‬
‫أنه يكون ألقرب جريانه باب ًا منه‪.‬‬

‫فصل‬

‫األرملة يف اللغة من ال قوج هلا‪ ،‬واألرمل الذي ال قوج له‪ ،‬وقيلل إلن ذللك ال جيلوق‬
‫ذكره أهل اللغة‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس قال‪ :‬قدمت عري عىل املدين فاشًى منه النبلي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم متاع ًا فباع فربح أواق من فضة فتقدق هبا عىل أرامل بني عبداملطلب ثم قال‪:‬‬
‫((ال أعةد أن أشًي بعدها شيأ ًا وليس ثمنه عندي)) قيل‪ :‬وإنام أراد بذلك النساء من بنلي‬
‫عبداملطلب ومل يرد الذين ال حتل هلم القدقة‪ ،‬وإنام سميت أرملة لشيأني‪:‬‬

‫‪-384-‬‬
‫أحدمها‪ :‬فقد عهد الزوج‪.‬‬

‫الثاين‪ :‬فقد عهدها للامل‪ ،‬فإن كان هلا قوج ينفق عليها فليست أرملة‪ ،‬وإذا كان هلا مال‬
‫وفقدت قوجها فليست أرملة لوجود ما يمنعها من هلذه القلفة‪ ،‬دل ذللك علىل أن ملن‬
‫أوىص بيشء ألرامل لبني فالن أخرج ذلك أن اللوايت فقدن الزواج واملال هلن بوالل إذا‬
‫كن حيقني وإن كن ال حيقني أخرج يف الفقريات منهن‪ ،‬فإن قيل‪ :‬فإن الرجل قلد يسلمى‬
‫أرمل‪ ،‬ودليله قول الشاعر‪:‬‬
‫فمن حلاجة هذا األرمل الذكلر‬ ‫هذي األرامل قد قضيت حاجتها‬

‫قلنا‪ :‬هذا جماق واألول حقيقة‪ ،‬وحل افطاب عىل حقيقته هو الواجب وال حيمل معها‬
‫عىل امللاق أو عىل امللاق دورا إال بقرينة وهي مفقودة هاهنا فثبت بذلك ما ذكرناه‪.‬‬

‫فصل‬

‫ومن أوىص أليتام بني فالن دخل فيهم من ال أب له وال يدخل فيه بال لقلول النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال يتم بعد احتالم)) ويقال لليتيم من الطيور من فقد أبويه أو‬
‫أحدمها؛ ألرام مجيع ًا يزقانه‪ ،‬واليتيم من السباع من فقد أمه وليس هذا مما نحن فيه وسلائر‬
‫نوادر الوصايا وتفقيالهتا قد ب ّيناه يف كتا التقرير بحمد اهلل تعاىل‪.‬‬

‫‪-385-‬‬
-386-
‫كتاب الفرائض‬

.‫واألصل فيها الكتاب والسنة واإلمجاع‬

 { :‫أما الكتاب فاآليات املذكورات يف سهام الفرائض كقول اهلل عز وجل‬

                   

                   

                    

                 

                

                  

                   

                

                     

               

‫ والكاللة اسم ملا عدا‬،]13-11:‫}[النساء‬       
ً ‫الوالد والولد ملا روي أن رج‬
‫ال ستل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم علن الكالللة؟‬
‫ (( أما سمعت اآلية التي نزلت يف القيف يستفتو قل اهلل يفتيكم يف الكاللة ملن مل‬:‫فقال‬
‫ ورواه أيض ًا عن عيل عليه‬،‫لً ولد ًا وال والد ًا فورثته الكاللة)) رواه اهلادي عليه السالم‬
‫السالم فتوىل اهلل تعاىل قسمة السهام بني أهلها وب ّينهلا وفرضلها ولليس بيانله بيلان وهلو‬
.‫معلوم جممع عليه بني أهل اإليامن‬

-387-
‫وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فليام رواه ابلن مسلعود‪( :‬تعلملوا‬
‫الفرائض وعلموها الناس فإن امرؤ مقبوض وإن العللم سليقبض‪ ،‬وتظهلر الفلتن حتلى‬
‫خيتلف االثنان يف الفريضة فال جيدان من يفقل بينهام))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫((تعلموا القرآن وعلموه الناس‪ ،‬وتعلموا الفرائض وعلموها الناس‪ ،‬فإن العلم مقبلوض‬
‫وإن امرؤ سيقبض‪ ،‬وتظهر الفتن حتى خيتلف االثنان يف الفريضة فال جيلدان ملن يفقلل‬
‫بينهام))‪.‬‬

‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬بلغنا عن بعض الرواة أنه قلال‪ :‬ملن تعللم القلرآن فليلتعلم‬
‫الفرائض وال يكن كرجل لقيه أعرايب فقال له‪ :‬يا مهاجر تقرأ القرآن؟ فقال‪ :‬نعلم‪ ،‬فقلال‬
‫له‪ :‬إن إنسان من أهل بيتي مات وقص عليه فريضته فإن حدثه فهو تعليم قيضه اهلل تعلاىل‬
‫وقيادة قاده اهلل فإن مل قال‪ :‬فبامذا تفضلون يا معرش املهاجرين‪.‬‬
‫وأما اإلمجاع فذلك ظاهر بني املسلمني‪.‬‬
‫(خرب) وملا قتل مقعب بن عمري وليس له إال نمرة واحدة قال الراوي‪ :‬وهلو خبلاب‬
‫فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجله وإذاغطينا رجله خرج رأسه فقال النبي صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬غ ّطوا هبا رأسه واجعلوا عىل رجليه من األذخر)) النمرة‪-‬بفتح النون وكرس‬
‫امليم وفتح الراء‪ -‬بردة ةططة ومجعا نمرات ونامر‪ ،‬دل ذلك عىل أنه يبدأ من ماله بام حيتاج‬
‫إليه يف نفسه من أجرة غسله وأجرة محله ومن حيفر له‪ ،‬وثمن البقعة إن احتي إليها‪ ،‬وثمن‬
‫عليه بخرب النمرة وسلائر‬ ‫حنوطه‪ ،‬ومثن كفنه أو ما احتي إليه من ذلك الكفن‪ ،‬منقو‬
‫ما ذكرناه إذا احت إليه مقيس عىل الكفن وهو إمجاع العًة الكرام‪ ،‬وهو قول غريهم من‬
‫مجاهري علامء اإلسالم‪ ،‬ثم يبدأ بعد ذلك من ماله بنفقة من يلزمله كعلدة قوجتله ومؤنتهلا‬
‫وكسوهتا يف مدة العدة عىل ما تقدم بيانه‪ ،‬ثم ررج ديونه بعد ذللك لقلول اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[}     ‬النساء‪ ]11:‬وما أشبهها من اآليات‪.‬‬

‫‪-388-‬‬
‫ل‬ ‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أال ال وصية وال مرياث حتى يق‬
‫الدين)) واإلمجاع منعقد عىل وجوب تقديم الدين عىل الوصية املتعلقة بالثلث‪ ،‬وإذا ثبلت‬
‫ذلك فالدين عىل رضبني‪ :‬دين املالك معني‪ ،‬ودين ملالك غري معلني‪ ،‬فاللذي ملاللك معلني‬
‫نحو مهور املنكوحات وأجرة املستتجرات‪ ،‬وقيم املتلفات‪ ،‬وأثامن املبيعات املبتاعات‪ ،‬وما‬
‫جرى جمرى ذلك من سائر املعامالت‪.‬‬
‫وأما الذي ملالك غري معني فتعشار‪ ،‬والزكوات‪ ،‬والفطرة‪ ،‬واألمخلاس‪ ،‬وبيلت امللال‪،‬‬
‫واملظامل‪ ،‬والنذور املطلقة‪ ،‬وكفارة اليمني باهلل‪ ،‬وكفارة القتل‪ ،‬وكفارة الظهار‪ ،‬فهذه األمور‬
‫تتعلق برأس املال أيض ًا‪ ،‬فتما كفارة القالة والقليام واحلل إىل بيلت اهلل احللرام فرضل ًا‬
‫ونافلة‪ ،‬وكذلك ما يوذ به امليت من سائر القرب فإن ذلك يتعلق بثلث املال الباقي بعلد‬
‫إخراج ما تقدم‪ ،‬وقد قدمنا حكم ذلك مفقالً‪.‬‬

‫(خرب) وروي يف خرب افثعمية أرا قالت لرسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ :‬إن‬
‫فريضة احل أدركت أيب شيخ ًا كبري ًا أفتح عنه؟ قال‪(( :‬أرأيت إن كلان علىل أبيلك ديلن‬
‫ل))‪ .‬روي خلرب آخلر يف‬ ‫فقضيته أكان ينفعه؟ قالت نعلم‪ .‬قلال‪ :‬فلدين اهلل أحلق أن يق‬
‫افثعمية أيضا أرا قالت لرسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ :‬إن فريضلة اهلل يف احلل‬
‫أدركت أيب وهو شيخ كبري أفتح عنه؟ فقال‪(( :‬أرأيت لو كان علىل أبيلك دبلن فقضليته‬
‫أكان جيزي عن أبيك؟ قالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فدين اهلل أحق)) دل ذلك علىل أن امللال إذا قرصل‬
‫قرر ثبوت حق‬
‫عن احلقوق التي ررج من رأس املال وجب البداية بحق اهلل تعاىل؛ ألنه قد ّ‬
‫املخلوقني‪ ،‬ثم قال‪(( :‬فدين اهلل أحق)) وهو رأي املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليه السالم‪،‬‬
‫لدين اهلل‪ ،‬وامحد النارص بن اهلادي‪ :‬أن الًكة إذا كانت ال تفي باحلقني‬ ‫وعند حممد املرت‬
‫قسطت الًكه بني احلقني‪ ،‬وذكر الشيخ أبو جعفر يف (اجلامع الكايف) أن هذا هو ملذهب‬
‫حييى عليه السالم‪ ،‬ويمكن أن يقال يف نرصة هذا القول أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫فقرر وجوب حق بني بقوله‪(( :‬أرأيت لو كان أبيلك‬
‫قاس حق اهلل تعاىل عىل حق اآلدميني ّ‬
‫ل ذللك‬ ‫دين‪ ،‬ثم قال‪ :‬فدين اهلل أحق)) فدل ذلك عىل ثبوت احلقني مجيعل ًا يف امللال فاقت‬

‫‪-389-‬‬
‫وجوب إخراجهام مجيع ًا وال يمكن مع قلة املال إال بالتقسيط‪ ،‬فوجب بوجوب إخراجهام‬
‫مجيع ًا‪ ،‬وعند قيد بن عيل عليه السالم أنه يقدم حق اآلدميني وديورم عىل حلق اهلل تعلاىل‪،‬‬
‫وبه قال السيدان األخوان‪.‬‬
‫وأما الوصية افارجة من الثلث فقد قدمنا حكمها مفق ً‬
‫ال يف موضعه‪.‬‬

‫‪-390-‬‬
‫باب تعيين أسباب الميراث‬
‫وهو رضبان‪ :‬أنساب وأسباب وهو إمجاع األمة‪ ،‬واألنساب ثالثلة وهلم ذو السلهام‪،‬‬
‫والعقبات‪ ،‬وذوو األرحام‪.‬‬
‫قال السيدان األخوان‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬وذوو السلبب رضبلان‪ :‬عقلد نكلا‪،،‬‬
‫ووال‪ ،‬والوالء رضبان‪ :‬والء عتاق‪ ،‬ووالء مواالة‪ ،‬واألعىل يف والء العتالق ووالء املواالة‬
‫يرث األسفل‪ ،‬واألسفل فيهام ال يرث األعىل‪.‬‬

‫‪-391-‬‬
‫باب تعيين العلل المانعة عن الميراث‬
‫وهي ثالثة‪ :‬اختالف امللتني‪ ،‬والقتل عىل ما نبينه‪ ،‬والرق‪.‬‬

‫أما اختالف امللتني (خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم بإسناده إىل النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال يتوارث أهل مليتن)) واملراد بذلك ما عدا املرتد فلإن لله حكل ًام‬
‫آخر وسنبينه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وأما القتل فيدل عليه (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫((ال يرث القاتل شيأ ًا)) رواه ابن عباس‪ ،‬ونفقل الكالم يف ذلك فنقلول‪ :‬إذا قتلله عملد ًا‬
‫ظل ًام بغري حق وهو وارثه فإنه ال يرث من ماله وال من ديته لظاهر افرب وهو إمجاع‪ ،‬وأملا‬
‫إذا قتله عمد ًا بحق كالعدَّ يقتل الباغي عىل بغيه أو من يقتله ققاصل ًا بحكلم احللاكم أو‬
‫بحدّ بإذن اإلمام إذا قتل أباه أو ابنه ققاص ًا أو رمج ًا فإنه يرث عىل كل حال وهو ةقو‬
‫من افرب بإمجاع األمة‪ ،‬وأما من قتله خطت فإنه ال يرث من ديته‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬وال خالف أحفظه يف أن القاتل عملد ًا ال يلرث ملن ديلة‬
‫املقتول‪ ،‬وأما من املال فريث قاتل افطت منه عند أئمتنا عليهم السالم‪ ،‬ووجهه أنه مل يقتلله‬
‫ظل ًام فوجب أن يرثه‪ ،‬دليله العدَّ إذا قتل الباغي‪.‬‬

‫وأما الرق فإن العبد ال يملك شيأ ًا وإن ملكه الغري شيأ ًا فقل ملكه مواله؛ ألنه املاللك‬
‫له وملا يف يده‪.‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬ال يرث حر مملوك ًا وال مملوكل ًا حلر ًا مثالله أن يملوت العبلد‬
‫وخي ّلف بنني أحرار ًا أو يموت أحدمها وخيلفه عبد ًا‪.‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪ :‬ألرم إذا ورثوه فقد أخذوا مال سيده‪ ،‬وإن ورثهم أبوهم فقلد‬
‫أخذ سيده ماهلم وهو قول أئمتنا عليهم السالم‪ ،‬وهو قول مجاهري العلامء من غريهم‪.‬‬

‫‪-392-‬‬
‫فصل‬

‫وأما مرياث املرتد (خرب) فروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السلالم أنله كلان يسلتتب‬
‫املرتد ثالث ًا فإن تاب وإال قتله وقسم مرياثه بني ورثتله املسللمني‪ ،‬وهلو رأي األكثلر ملن‬
‫السادة عليهم السالم‪ ،‬واملرتد ال يرث أحد ًا اإلمجاع سواء كان عىل ملته أو عىل غري ملتله‪،‬‬
‫وسواء كان الذي هو عىل ملته مرتد ًا مثله أو غري مرتد فعىل هذا ال تلوارث بلني املرتلدين‬
‫ملة واحدة‪.‬‬ ‫عن اإلسالم وإن ارتدوا إىل ٍ‬

‫‪-393-‬‬
‫باب ميراث ذوي السهام‬
‫باب السهام كل من له سهم مفروض يف كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬أو يف سنة رسلوله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫أما السهام املفروضة يف كتاب اهلل تعاىل سبع عرشة فريضة ونحن نذكر ما ذكره اهلادي‬
‫عليه السالم وفقله يف هذه الفرائض السبع عرشة فمنها فريضة اإلبنلة وذللك قلول اهلل‬
‫تعاىل‪[}    { :‬النسالاء‪ ]11:‬فريضة البنتني أو البنات الثلثان وذلك‬
‫قول اهلل تعاىل‪[}        { :‬النسالاء‪ ،]11:‬وفريضة الواللدين‬
‫السدسان وذلك قول اهلل سلبحانه وتعلاىل‪       { :‬‬

‫‪[}        ‬النسالاء‪ ،]11:‬وفريضة األم أيض ًا الثللث وذللك قلول اهلل‬
‫سبحانه وتعاىل‪[}   { :‬النسالاء‪ ،]11:‬وفريضة األخت النقف وذلك‬
‫قللول اهلل تعللاىل‪[}           { :‬النسالالاء‪،]176:‬‬
‫وفريضلللة األختلللان الثلثلللان وذللللك قلللول اهلل سلللبحانه‪   { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]176:‬وعندنا أن لونثيني من البنات الثلثني؛ ألن القحابة قاسومها علىل‬


‫األختني وهو نص الكتلاب فليهام أعنلي يف األختلني‪ ،‬وفريضلة األخ واألخلت ملن األم‬
‫السدس‪ ،‬وذلك قول اهلل عز وجل‪          { :‬‬

‫‪[}             ‬النساء‪]13:‬‬
‫ويف قراءة بعض القحابة وله أخ أو أخت من أم‪ ،‬فحملها القحابة عىل كون ذلك تفسري ًا‬
‫له من النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إذ القراءة متخذوة عنه‪ ،‬وفريضة اللزوج ملع الوللد‬
‫الربع‪ ،‬وفريضته إن مل يكن هلن ولد فإن كان هللن وللد النقلف‪ ،‬وذللك قولله سلبحانه‪:‬‬
‫{‪               ‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]12:‬وفريضة الزوجة الربع إذا مل يكن للزوج ولد‪ ،‬والثمن مع الولد وذلك‬

‫‪-394-‬‬
‫قوله سلبحانه‪              { :‬‬

‫‪[}  ‬النسالاء‪ ،]12:‬فهذه ثالثة عرشل فريضلة آيلات مفقلالت يف الكتلاب‬
‫الكريم ويلحق أربع يف الكتاب مذكورات عىل اجلملة‪:‬‬
‫األوىل فريضة األوالد وذلك قوله تعلاىل‪       { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪.]11:‬‬
‫والثاين‪ :‬فريضة األب إذا مل يكن وللد وذللك قلول اهلل سلبحانه‪    { :‬‬

‫‪[}   ‬النساء‪ ،]11:‬فلم يعني يف هذا املوضع مرياث األب وال سامه‪.‬‬

‫مللرياث األخ مللع أختلله وذلللك قوللله سللبحانه‪    { :‬‬ ‫والثالثللة‪:‬‬
‫‪[}‬النسالاء‪ ، ]176:‬وفريضة األخوة واألخلوات وذللك قولله سلبحانه‪  { :‬‬

‫‪[}     ‬النسالاء‪ ،]176:‬ألن األخوة قد بني حكمهلم يف آيلة‬
‫الكاللة‪.‬‬
‫وأما الفرائض املذكورة يف السنة فهي التي قد عدّ ها اهلادي عليه السلالم ورواهلا علن‬
‫رسول اهلل وذكر أنه مما امجع عليه وهي فريضة بنت االبن النقف إذا مل يكن ولد‪ ،‬وفريضة‬
‫بنات االبن الثلثان إذا مل يكن ولد‪ ،‬وفريضة بنت االبن مع االبنه للقلب السلدس‪ ،‬قلال‪:‬‬
‫ل فيهلا‬ ‫وهي من الفرائض التي رووها عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله ق‬
‫بذلك‪ ،‬وفريضة بنات االبن مع االبنة للقلب السدس تكملة الثلثني‪ ،‬وذلك مملا أمجعلوا‬
‫عليه‪ ،‬وفريضة األخت ألب النقف‪ ،‬وفريضة األخوات ألب الثلثان‪ ،‬وفريضة األخوات‬
‫ألب مع األخت ألب وأم السدس تكملة الثلني ال ينظر يف ذلك إىل عددهن واحدة كانت‬
‫أو أكثر‪ ،‬وفريضة اجلد مع الولد السدس الختالف فيه عنلدنا‪ ،‬وفريضلة األم ملع اللزوج‬
‫واألب ثلث ما يبقى بعد فريضة الزوج وهو نقف املال‪ ،‬وفريضلة األم أيضل ًا ملع امللرأة‬
‫واألب ثلث ما يبقى من بعد الربع للزوجة‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلذيل بن كحبيل ال ما لفظه‪ :‬جاء رجل إىل أيب موسلى وسللامن بلن‬

‫‪-395-‬‬
‫ربيعة فستهلام عن بنت وبنت ابن وأخت فتجاباه بتن للبنلت النقلف ولوخلت النقلف‬
‫و ْأ م‬
‫ت عبداهلل فإنه سيتابعنا فتتى عبداهلل فقال‪ :‬إين قد ضللت إذاأ وما أنا من املهتدين يعنلي‬ ‫َ‬
‫بله رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم للبنلت‬ ‫إن اتبعتهام ثم ألقضني بينهام بام ق‬
‫النقف‪ ،‬ولبنت االبن السدس تكملة الثلني‪ ،‬وما بقي لوخت‪ ،‬وهذا هو مذهب اهللادي‬
‫عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر بن عبداهلل قال‪ :‬جاءت امرأة سعد بن الربيلع إىل رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم فقالت‪ :‬يا رسول اهلل هاتان ابنتا سعد قتل أبومها معك يلوم ُأحلد ومل‬
‫عمهام ماالً إال أخذه فام ترى يا رسول اهلل فواهلل ال تنكحان إال وهللام ملال؟ فقلال‬
‫يدع هلام ّ‬
‫رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬يق يل اهلل يف ذللك)) فنزللت سلورة النسلاء‪:‬‬
‫{‪[}        ‬النساء‪ ،]11:‬فقال رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬ادعوا َّ االمرأة وصاحبها فقال لعمهام‪ :‬أعطهام الثلثلني وأعلط امهلام‬
‫الثمن وما بقي فلك)) فدل افرب األول عىل أن للبنلت الواحلدة النقلف‪ ،‬والبنلة االبلن‬
‫السدس تكملة الثلثني‪ ،‬وأن األخت مع البنت عقبة تتخذ الباقي‪ ،‬ودل هذا افرب عىل أن‬
‫للبنتني الثلثني‪ ،‬ودل الكتاب الكريم عىل أن البنات إن كن فوق اثنتني فلهن ثلثلا ملا تلر‬
‫فإن تر بنت ًا وبنتي ابن وابن ابن فللبنت النقف وما بقي فهلو بلني ابلن االبلن وإختويله‬
‫للذكر مثل حن األنثيني فإن تر ثالث بنات ابن بعضهن أسفل من بعلض وأسلفل ملن‬
‫البنات غالم فللعلياء النقف وللتي تليها السدس‪ ،‬والباقي بني السلفىل والغلالم لللذكر‬
‫مثل حن األنثيني‪ ،‬فإن تر ثالث بنات ابن بعضهن أسفل من بعض مع كل واحدة أختها‬
‫وأسفل من السفىل غالم فللعلياء وأختها الثلثان‪ ،‬وما بقي فإن الغالم يلرده علىل السلفىل‬
‫وأختها والوسطى وأختها ويكون ذلك بينهن وبينه للذكر مثل حن األنثيني‪ ،‬ذكره اهلادي‬
‫عليه السالم‪ ،‬وهو قول عيل عليه السالم‪ ،‬وبه قال عبداهلل بن عباس‪ ،‬وعبداهلل بن مسعود‪.‬‬
‫(خرب) وروى قبقة بن ذؤيب قال‪ :‬جاءت اجلدة إىل أيب بكر تستله مرياثها فقال هلا أبو‬
‫بكر‪ :‬ليس لك يف كتاب اله يشء وما علمت لك يف سنة رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬

‫‪-396-‬‬
‫وسلم شيأ ًا فارجعي حتى استل الناس‪ ،‬فستل عنها فقال املغرية بن شعبة‪ :‬حرضت رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أعطاها السدس‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬هل معك غري ؟ فقام حممد‬
‫بن مسلمة األنقاري فقال مثلام قال فتنفذه هلا أبو بكر‪ ،‬ثم جاءت اجلدة األخرى إىل عمر‬
‫بله إال لغلري ‪،‬‬ ‫فستلته مرياثها فقال‪ :‬ما لك يف كتاب اهلل يشء وما كان القضاء الذي ق‬
‫وما انا بزائد يف الفرائض شيأ ًا‪ ،‬ولكن هو ذلك السلدس‪ ،‬فلإن اجتمعلتام فيله فهلو بيلنكام‬
‫وأيكام خلت به فهو هلا‪ ،‬ونفقل هذا الكالم فنقول وباهلل التوفيق‪ :‬أما اجلدة أم األم فهخي‬
‫من ذوات األرحام وال يشء هلا مع أحد من ذوي السلهام وال ملن العقلبات‪ ،‬وكلذلك‬
‫حكم اجلدة التي هي أم األم‪.‬‬
‫قال الناطق باحلق‪ :‬كل جدة أدرجت أ ّما بني أبني أو أب ًا بني أ ّمني فهي سلاقطة ال تلرث‬
‫مع أحد من اجلدّ ات نقيبهن هو السدس‪ ،‬فتما اجللدة أم أب امل فقلد نلص اهللادي عليله‬
‫السالم عىل أرا ال ترث‪.‬‬
‫قال السيد الناطق باحلق‪ :‬وهو قول عيل عليه السلالم‪ ،‬وأملا اجللدة أم أب األب فقلد‬
‫روى ما ذكرناه قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السلالم‪ ،‬وبله قلال مجهلور‬
‫القحابة‪.‬‬
‫وأما اجلدات اللوايت من ذوي السهام فإرن يشلًكن يف السلدس نحلو اجللدة أم األم‬
‫واجلدة أم األب‪ ،‬وكذلك لو تر جدّ تيه أم أب أبيه وأم أم أمله اشلًكت كلل جلدتني يف‬
‫السدس والباقي للعقبة‪ ،‬وكذلك لو تر جدّ ته أم أم أمه وجدته أم أب أبيه وجدته أم أم‬
‫األب فإرن يشًكن مجيع ًا يف السدس فيكلون بيلنهن أثالثل ًا والبلاقي للعقلبة وإن كلان‬
‫بعضهن أسفل يف الدرج أسقطت السفىل العلياء‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما األب إذا كان مع الذكر من الولد أو الولد أو لود الولد فحكمه أنه يرث بالتسهيم‬

‫‪-397-‬‬
‫السدس فقط‪ ،‬فتما مع الولد فهو نص الكتاب وحكم وللد الوللد حكلم الوللد يف ذللك‬
‫باإلمجاع وحكم اجلدّ حكم األب يف ذلك باإلمجاع بني أهلنا‪ ،‬واملراد به أنه إذا كلان الوللد‬
‫وولد الولد ذكر ًا فإن كان الوللد أنثلى ورث احلاصلل ملن األب أو اجللد معله السلدس‬
‫بالتسهيم وما بقي بعد فرض األنثى وبعد السدس بالتعقيب وهو اتفاق العلامء كافة عىل‬
‫ما ذكره السيد الناطق باحلق يعني إمجاع من يورث العقبة مع البنت‪ ،‬وقلد قلدمنا احلللة‬
‫عىل ذلك بخرب امرأة ابن الربيع‪ ،‬وأما إذا مل يكن أحد من الولد وال ولد الولد ال ذكلر ًا وال‬
‫أنثى وخ ّلف امليت إخوته وأباه أو أخوته وجد ّه اختلف أحواهلام‪ ،‬أملا إذا تلر األب ملع‬
‫اإلخوة فإنه يسقطهم ويتخذ املرياث كله دورلم وهلذا نلذكره يف العقلبات إن شلاء اهلل‬
‫تعاىل‪.‬‬
‫وأما اجلد فإذا تر امليت جده أبا أبيه وأختويه ألبيه وأمه أو ألبويه فلاملروي علن عليل‬
‫عليه السالم أنه كان يعطي األختوين الثلثني ويعطي اجلد الباقي هكذا جاء عن عيل عليله‬
‫السالم أنه كان يعطي األختوين الثلثني ويعطي اجلد البلاقي‪ ،‬وإن تلر أختل ًا ألب وأم أو‬
‫ألب وجد ًا أعطي األخت النقف وأعطي اجلد الباقي هكذا جاء عن عليل عليله السلالم‬
‫فدل ذلك عىل أن اجلد ال يقاسم اإلناث من األخوات إذا انفردن عن الذكور من األخلوة‬
‫وأنه يكون عقبة يتخذ الباقي فإن كانوا ذكور ًا أو ذكور ًا وإناث ًا فهي حالة املقاسمة ومعنى‬
‫ذلك أن اجلدّ يقاسمهم ما مل تنققه املقاسمة عن السدس فإن نققته عنه كان له السلدس‬
‫فإن تر أختوين ألب وأخ ًا ألب وجد ًا كان لوختوين الثلثان والثللث بلني اجللد واألخ‬
‫ألب نقفان‪ ،‬وإن تر أخت ًا ألب وأم وأخ ًا من األب وجد ًا كان لوخت النقف والباقي‬
‫نقفان بني األخ ألب وبني اجلد‪ ،‬هذا كله هو مذهب اهلادي إىل احلق وهو املشلهور علن‬
‫عيل عليه السالم يف مجيع ذلك‪ ،‬وقوله املتبع املتخوذ به عندنا‪.‬‬

‫‪-398-‬‬
‫باب العصبات‬
‫قد ذكرنا يف الباب األول حالة األب مع األخوة وأنه بسقطهم ويتخذ املال كله وهوق‬
‫ول اهلادي وأتباعه العًة الكرام وذلك ألنه يلدَّ بنفسله ويلرث هبلا ملن دون واسلطة‪،‬‬
‫واألخوة ال يرثون بتنفسههم وإنام يدلون بله ويعلقلون بسلببه فللذلك كلان أوىل ملنهم‪،‬‬
‫والعقبة هم كل ذكر ينتسب إىل امليت بنفسه كالبنني واألب إذا انفردا أو بذكر نحلو بنلي‬
‫البنني واجلد ونحوه األخوة وبني األخوة واألعامم وبنلي األعلامم إذا كلاتنوا ألب وأم أو‬
‫ألب ومن جرى جمرى هؤالء وهذا حقيقة العقبة من الذكور‪ ،‬فتما العقبة ملن اإلنلاث‬
‫فهن البنات مع البنني وبنات البنني مع بني البنني واألخوات مع األخلوة أو ملع البنلات‬
‫ّ‬
‫ذكر هذا املعنى اهلادي إىل احلق‪.‬‬
‫أما العقبات فتقرهبم االبن ثم ابن االبن وإن سفل نص عليه اهلادي‪.‬‬
‫قال الناطق باحلق أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع وألن اهلل تعاىل فرض فرض ًا لوب ملع الوللد‬
‫وحكم ولد الولد يف ذلك حكمه باإلمجاع وهلذا جعلنا األب عقبة مع عدمهم ثلم األب‬
‫ملا ب ّيناه وهو نص اهلادي وهو إمجاع‪ ،‬ثم اجلد أب األب وإن عال وال يسقط األخلوة عنلد‬
‫أمري املؤمنني عيل عليه السالم وإنام جعلناه أقرب العقبات بعد األب ملزيتني‪:‬‬

‫إحدمها‪ :‬أنه ال يسقط إال مع األب واألخوة يسقطون مع األب ومع البنني وبني بنيهم‬
‫وإن سفلوا‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه يتخذ السدس إذا كانت املقاسمة ك ًا له من السدس فلهاذ قلنا هو اقلرب‬
‫العقبات‪ ،‬ثم األخ ألب وأم ثم األخ ألب‪ ،‬ثم ابلن األخ ألب وأم‪ ،‬ثلم ابلن األخ ألب‪،‬‬
‫نص عليه اهلادي يف (األحكلام) وقلال السليدان األخلوان‪ :‬بنلو األخلوة ألب وأم وبنلو‬
‫األخوة ألب أوىل بالتعقيب ممن مل يلدهم أبو امليت؛ ألن العقبة من أوالد األب حيلبون‬
‫هاهنا هو اإلسقا ‪ ،‬ثم العم ألب وأم‪ ،‬ثم العم ألب‪ ،‬ثم ابن العم ألب وأم‪ ،‬ثم ابن العم‬
‫ألب‪ ،‬نص عليه يف (األحكام)‪.‬‬

‫‪-399-‬‬
‫عم األب ألب وأم‪ ،‬ثم عم األب‪ ،‬ثم‬
‫قال السيد أبوطالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬ثم ّ‬
‫ابن عم األب ألب وأم‪ ،‬ثم ابن عم األب ألب‪ ،‬ذكلره يف (اللوايف) مللذهب اهللادي عليله‬
‫السال م‪ ،‬واألعامم وبنوهم وإن سفلوا أوىل من أعامم األب؛ لن األعامم وبنيهم هم بنو اجلد‬
‫وأعامم األب‪ ،‬وهم بنو أب جلد وأوالد اجلد وهم األعامم وبنوهم ثم عىل هذا الًتيب‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذا مما الخالف فيه‪ ،‬فعىل هذا ال يرث بنو أب أبعد مع وجود‬
‫بني أب أقرب منهم ثم موىل العتاق بعد عقبات النسب‪ ،‬ثم عقبات املوىل علىل ترتيلب‬
‫عقبات النسب‪ ،‬وال خالف يف أن عقبات العبد املعتق أوىل باملال من امللوىل؛ ألن امللوىل‬
‫وعقباته أبعد العقبات‪.‬‬
‫وأما العقبات من اإلناث فقد ذكرنا أرُن البنات ملع البنلني وبنلات البنلني ملع بنلي‬
‫البنني‪ ،‬واألخوات ألب وأم مع األخوى ألب وأم‪ ،‬أو األخلوات أب ملع األخلوة ألب‬
‫فهؤالء للذكر منهم مثل حن األنثيني فهذا واضح‪ ،‬ومنهم األخلوات ملع البنلات فلإرن‬
‫عقبة‪ ،‬وهو املروي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم وسائر القحابة غري ابلن عبلاس‪،‬‬
‫ذكره األخوان ريض اهلل عنهام‪ ،‬واألصل فيام قدمناه يف خرب اهلذيل بلن يحبيلل يف بنلت‬
‫فيها عبداهلل بتن للبنت النقلف والبنلة االبلن السلدس تكمللة‬ ‫وبنت ابن وأخت فق‬
‫الثلثني والباقي لوخت‪ ،‬ورواه عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫فينا معاذ بن جبل عىل عهد رسول اهلل‬ ‫(خرب) وروى إبراهيم عن األسودي قال‪ :‬ق‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يف امرأة تركت بنتها وأختها للبنت النقف ولوخت النقف‪.‬‬

‫فصل‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬احلقوا الفرائض بتهلها فام بقلي‬
‫فهو ألوَّ رجل ذكر)) رواه ابن عباس‪ ،‬ويف خرب آخر ((وما بقي فووَّ عقلبة ذكلر)) دل‬
‫عىل حكمني‪:‬‬

‫‪-400-‬‬
‫أحدمها‪ :‬عىل ثبوت مرياث العقبات يف اجلمةل‪.‬‬

‫والثاين‪ :‬عىل أنه إذا اجتمع يف امللال ذو سلهام وعقلبة أعطلي ذوو السلهام سلهامهم‬
‫والباقي ألقرب العقبات عىل الفتقيل الذي قلدمناه فلإن مل يبلق يشء بعلد فلرض ذوي‬
‫السهام فال يشء للعقبات ويدخل يف ذلك مستلتان‪:‬‬

‫األلوى‪ :‬من تر ابني عم ألب وأم وأحدمها أخ من أم ومها يف درجة واحدة فإن لوخ‬
‫من األم سدس الًكة والباقي نقفان بينه وبني اآلخرين‪ ،‬هذا هو قول أمري املؤمنني عليل‬
‫عليه السالم‪ ،‬وقال عبداهلل‪ :‬املال البن العم الذي هو أخ‪.‬‬

‫قال اهلادي إىل احلق عليه السالم‪ :‬والقواب عندنا ما قاله أملري امللؤمنني عليل بلن أيب‬
‫طالب عليه السالم‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬املستلة املشًكة وهي يف املرأة هلكلت وتركلت قوجهلا وأمهلا وسلتة أخلوة‬
‫متفرقني فلوم السدس ولوخوين من األم الثلث وللزوج النقف ويسقط األخلوة ألب‬
‫وأم واألخوة ألب يف قول أمري املؤمنني عليه السالم‪.‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬وهذا مملا أمجلع عليله‪ ،‬علن عليل عليله السلالم‪ ،‬وروي ملن‬
‫احتلاجه عىل صحة قوله أنه كان يقول‪ :‬أنا ال أقيد عىل الثلث الذي هللم يف القلرآن وللو‬
‫كانوا مائة ‪-‬يعني ولد األم‪ -‬كذلك ال أنققهم‪ ،‬ويقول‪ :‬لليس لوخلوة ملن األب واألم‬
‫سهم مفروض إنام هم كالغانم مرة يتخذ ومرة ال يتخذ فإن فضل يشء علن ذوي السلهام‬
‫أخذو ه وإال فال يشء هلم‪ ،‬واختلف الرواة عن عبداهلل بن مسعود وقيد بلن ثابلت فلروى‬
‫قوم عنهام ارام أككا بني األخوة ألب وأم وبني األخوة ألم يف الثلث وقاال‪ :‬مل يزمها األب‬
‫إال قربى فلذلك سميت املشًكة‪ ،‬وروي نحو ذلك عن عبداهلل بن عبلاس‪ ،‬وعلن عملر‪،‬‬
‫وروى آخرون عنهم مجيع ًا أرم مل يرشكوا بني األخلوة واحتللوا بلتن السلهام املسلامة يف‬
‫القرآن قد استغرقت املال كقول عيل عليه السالم‪ ،‬واملستلة حادثة يف عرص القلحابة كلام‬
‫روي عن حكيم بن جابر قال‪ :‬اتوفيت منا امرأة فًكلت قوجهلا وأمهلا وأخوهتلا ألمهلا‬

‫‪-401-‬‬
‫وأبيها وأخوهتا ألمها فتتوا علي ًا عليه السالم فتتى بلام قلدمنا ذكلره وتسلمى أيضل ًا هلذه‬
‫املستلة احلامية؛ ألنه حكي عن ولد األب وامل ملا مل حيقل هلم يشء أرم قالوا‪ :‬هبو أن أبانلا‬
‫كان محار ًا أليس أمنا وأمهم كانت واحد ويلحق بذلك املستلة العثامنية وهي يف رجل مات‬
‫وخ ّلف أم ًا وأخت ًا ألب وأم وجدة فلوم ولوخت النقف والباقي لللد وهو السلدس‪،‬‬
‫وهذا هو قول عيل عليه السالم بناء عىل أصله أن اجلدّ ملع األخلت عقلبة وأن األخلت‬
‫يفرض هلا مع اجلد‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وسميت العثامنية؛ ألن عثامن ال يعلرف لله قلول خيلتص بله يف‬
‫الفرائض إال هذه فإنه قال قسم املال بينهم أثالث ًا من غري أن يكون له أصل يبني عليله ملا‬
‫قاله‪ ،‬وعند بت عباس‪ ،‬وأيب بكر‪ :‬لوم الثلث‪ ،‬والباقي لللد بنلاء علىل أصللهام أن اجللد‬
‫بمنزلة األب‪ ،‬وعند ابن مسعود قال‪ :‬لوم السدس ولوخت النقف‪ ،‬والباقي لللد بنلاء‬
‫عىل أصله أن األم ال تفضل عىل اجلد‪ ،‬ويف قول قيد بن ثابت‪ :‬لوم الثللث‪ ،‬والبلاقي بنلي‬
‫األخت واجلد للذكر مثل حن األنثيني بناء عىل أصله أن اجلد يقاسم األخت‪ ،‬والقلحيح‬
‫عندنا ما قاله عيل عليه السالم؛ ألنه معقوم وألنه باب املدينة‪ ،‬وألنه مع احللق والقلرآن‪،‬‬
‫واحلق والقرآن معه‪ ،‬هكذا جاء يف احلديث علن رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫وتفقيل املسائل يف كتب الفرائض املبسوطة فإن الفرائض نوع من انواع العلم وتعليمهلا‬
‫واجب ملا ذكرناه من افرب يف أول كالمنا‪.‬‬

‫باب ذوي األرحام‬


‫كل ذكر انتسب إىل امليت فهو من ذوي األرحام ملا خلال األخ ملن األم‪ ،‬وكلل أنثلى‬
‫انتسبت إىل امليت بذكر فهي من ذوي األرحام ما خلال بنلت االبلن واألخلت ألب وأم‪،‬‬
‫و اجلدة أم األب أو أم اجلد‪ ،‬وكل انثى انتسبت إىل امليت بتنثى فهي من ذوي األرحلام ملا‬
‫خال األخت ألم‪ ،‬واجلدة أم األم‪ ،‬ذكر معنى هذه اجلملة السيد أبو طاللب مللذهب حييلى‬

‫‪-402-‬‬
‫عليه السالم‪ ،‬وذكر أنه مبني يف كتاب (األحكام) قال‪ :‬وال خالف يف أن من استثنيناه منهم‬
‫هم ذوو األرحام‪.‬‬

‫فصل‬

‫اختلف علامؤنا عليهم السالم يف توريث ذوي األرحام فمنع منه القاسم بلن إبلراهيم‬
‫عىل ما حكاه املؤيد باهلل‪ ،‬وبه قالت طائفة‪ ،‬ومنهم من قضة بتوريثهم وهم اهلادي إىل احلق‬
‫وأسباطه‪ ،‬وبه قال قيد بن عيل‪ ،‬والسيد أبو عبداهلل اللداعي‪ ،‬والسلادة اهللارونييون‪ ،‬وأبلو‬
‫العباس‪ ،‬واألخوان عليهم السالم‪ ،‬وبه قال من القحابة أمري املؤمنني عيل عليه السلالم‪،‬‬
‫وعمر بن افطاب‪ ،‬وعبداهلل بن مسعود‪ ،‬وأبو اللدرداء يف آخلرين وهلو القلحيح عنلدنا‬
‫ووجه قول اهلل تعاىل‪[}     { :‬األنفال‪ ،]75:‬وهذه اآلية ناسخة‬
‫جلميع اآليات التي قبلها يف اللتالوة والنلزول املوجبلة للملرياث بلاهللرة؛ ألرلم كلانوا‬
‫يتوارثون قبل نزول هذه اآلية باهللرة‪ ،‬وكان األخوان إذا أسلام فهلاجر أحلدمها فلامت مل‬
‫يرثه أخوه الذي مل هياجر؛ ألن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم آخلا بلني القلحابة‬
‫فكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت هذه اآلية‪ ،‬فلتمجع املفرسلون مجيعل ًا علىل أرلا ناسلخة‬
‫للمواريث باهللرة فدلت هذه اآلية عىل أن ذوي األرحام بعضهم أول بلبعض‪ ،‬فوقعلت‬
‫املواريث بعد ذلك عىل حسب ما تقدم ذكره‪ ،‬وقد قدمنا ترتيب املرياث بني ذوي السلهام‬
‫والعقبات‪ ،‬وبني العقلبات فليام خيقلعهم وأن كلل ذي سلهم يتخلذ سلهمه فلام بقلي‬
‫فللعقبة‪ ،‬وأن العقبة يسقط األقرب منهم األبعد إال اجلد فإنه أقلرب ملن األخلوة فلال‬
‫يسقطهم يف قول عيل عليه السالم وهو القحيح عندنا‪ ،‬وكذلك حيلب األم ملن الثللث‬
‫إىل السدس الولد وولد االبن واالثنان من األخوة فقاعد ًا كام ذكرناه فيام م ‪ ،‬وافالف‬
‫يف حلب األم عن ابن عباس والنارص للحلق عليله السلالم‪ ،‬أملا ابلن عبلاس فيقلول ال‬
‫حيلبها من افوة إال ثالثة و حيلبها االثنان‪ ،‬وأما النارص للحق عليه السالم فإنه ذهب إىل‬
‫أنه ال حيلبها من األخوة مل أحدوترث مع األخوة ألم الثلث وهلو قلول طائفلة‪ ،‬واألول‬

‫‪-403-‬‬
‫أوىل لقوله تعاىل‪[}      { :‬النسالاء‪ ،]11:‬فعم لوم يفقل فاقت‬
‫ذلك ما ذكرناه وعندنا أنه يسقط أوالد األم ذكور ًا كانوا أو إناث ًا الولد ووللد الوللد ذكلر ًا‬
‫كان أو أنثى‪ ،‬واألب واجلد أب األب وإن عال‪ ،‬ووجه ذلك إمجاع القحابة فإرم أمجعلوا‬
‫عىل أن مجيع أوالد األم يسقطون مع أربعلة وهلم األب واجللد أب األب والوللد ووللد‬
‫الولد‪ ،‬ذكره الناطق باحلق قال‪ :‬وال خالف فيه بني علامئنا عليهم السالم إال ما ذهب إليله‬
‫النارص للحق من أن اجلد ال يسقط األخوة‪ ،‬وأنه جيري اجلد جمرى األخوة سواء‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل وإمجاع القحابة عليه السالم ما ذكرناه حلة‪.‬‬

‫قال السيدان األخوان‪ :‬وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليله السلالم‬
‫أنه كان يورث أخ ًا ألم مع جد وإذا ثبت ذلك فاعلم أنه ال يرث أحد ملن ذوي األرحلام‬
‫مع وجود أحد من ذوي السهام إال الزوج والزوجة‪ ،‬وال يرث أحد منهم مع وجود أحلد‬
‫من العقبات‪ ،‬فإذا مل يبق غريهم كانوا أوىل باملال لظاهر اآلية التي قدمناه وملا روي‪.‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنام افالة أم))‪.‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬افلال وارث ملن وارث لله)) معنلاه‬
‫افال وارث من ال وارث له سواه‪ ،‬وورد يف بعض األخبار ((افال وارث من ال وارث له‬
‫يرثه ويعقل عنه))‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما كيفية توريث ذوي األرحام قهم يرثون عندنا بالتنزيل فينزلون منزلة من يمتون به‬
‫إىل امليت فيلعل هلم ما يكون ألولأك لو كانوا أحياء ويرفعون يف التوسط إليهم‪ ،‬ذكر هذا‬
‫املعنى يف (األحكام) وإىل ذلك ذهب أسباطه من العًة الكرام‪ ،‬وبه قال قيد بن عيل وأبلو‬
‫عبداهلل الداعي‪ ،‬والسادة اهللارونييون‪ ،‬أبلو العبلاس‪ ،‬واألخلوان ريض اهلل علنهم‪ ،‬ورواه‬
‫هؤالء عن عيل عليه السلالم‪ ،‬وهلو إمجلاع القلائلني بتوريلث ذوي األرحلام ملن أعيلان‬

‫‪-404-‬‬
‫القحابة منهم عيل عليه السالم‪ ،‬وعمر‪ ،‬وابن مسعود‪ ،‬وأبو الدرداء‪ ،‬وروي أن عملر بلن‬
‫افطاب أعطى املنذر مرياث خاله ألنه ابن أخته‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهذا رصيح يف توريث ذوي األرحام فإرم رووا عن القحابة املقدم‬
‫ذكرهم أن من مات خ ّلف ّ‬
‫عمته وخالته فللعمة الثلثان وللخالة الثلث‪ ،‬فال خيلو القحابة‬
‫أن يكونوا قالوا ذلك؛ ألرم راعوا القربى أو ألرم أعطوا كل واحلد ملنهام نقليب ملن‬
‫أدلت به عىل التنزيل فاألول باطل؛ ألن قرهبام قرب واحد إذ العملة أخلت األب وافاللة‬
‫أخت األم‪ ،‬ولو راعوا القربى لقالوا‪ :‬املال بينهام نقفان فلم يبق إال أرم راعوا التنزيل‪.‬‬

‫وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليله السلالم أنله قلال‪( :‬بنلت األخ‬
‫بمنزلة األخ وبنت األخت بمنزلة األخت) رواه السيد الناطق باحلق‪ ،‬وروى املؤيد بلاهلل‪،‬‬
‫عن عيل عليه السالم نحو هذا‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهذا هو التنبيه عىل القول بالتنزيل‪ ،‬قال‪ :‬وإن شأت القياس يف العملة‬
‫وافالة قلت ملا ثبت أن للعمة نقيب األب وللخالة نقيب األم باإلمجاع يعني أنه إمجلاع‬
‫القائلني بتوريث ذوي األرحام وجب أن يكون لكل ذي رحم نقليب ملن يملت بله إىل‬
‫امليت قياس ًا عليه السالم العمة وافالة بع ّلة أنه ذو رحم‪ ،‬ذكر هذا السيدان األخوان ريض‬
‫اهلل عنهام‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا ثبت أن ذوي األرحام ال يرثون إال بالتنزيل فال خيلو حاهلم أن يكون بينهم وبلني‬
‫من يدلون به إىل امليت وسائط من ذوي األرحام أو ال يكون‪ ،‬إن مل يكن بيلنهم وبلني ملن‬
‫يدلون به وسائط كان حكمهم حكم ملن يلدلون بله فليام بيلنهم يف امللرياث‪ ،‬واحلللب‪،‬‬
‫عمتله‬
‫ّ‬ ‫واإلسقا ‪ ،‬والتعقيب‪ ،‬واملشاركة‪ ،‬والعول‪ ،‬والر ّد‪ ،‬مثاله ما ذكرنلاه يف ملن تلر‬
‫وخالته فإن العمة أخذت نقيب األب وهو الثلثلان وأخلذت افاللة نقليب األم وهلو‬

‫‪-405-‬‬
‫الثلث‪ ،‬ولو تر بنت أخيه ألبيه وأمه وبنت عمه كان املال لبنلت أخيله دون بنلت عمله؛‬
‫ألنك ترفع بنت األخ إىل األخ وبنت العم إىل العم فكتنه تر أخ ًا وعل ًام كلان امللال للوخ‬
‫جون العم وهذا هو مذهب اهلادي إىل احلق عليه السلالم وعلىل هلذا فقلس يف سلائر ملا‬
‫ذكرناه‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا كان بينهم وبني ما يدلون به وسائط مل خيل حلاهلم أن يكونلوا مسلتويني يف علدد‬
‫الوسائط أو يكون بني بعضهم وبني يدَّ به الوسائط أكثر مما بني اآلخر وبني من يلدَّ بله‬
‫فإن كانوا مستويني كان احلكم ما تقدم وإن كان بني بعضهم وبني الوارث الذي يلدَّ بله‬
‫من الوسائط أكثر مما بني اآلخر وبنني من يدَّ به كان املرياث ملن كان أقل وسائط ويسقط‬
‫األخري ألنك إذا رفعتهام درجة درجة وصل األقل وسائط إىل من يلرث بله قبلل وصلول‬
‫اآلخر إىل من يرث به؛ ألن قليل الوسائط يقل قبل كثريها إىل ذي سهم أو عقبة فينزلله‬
‫منزلته فيكون أوىل ممن ينزل منزله ذي رحم كام أن ذا السهم والعقلبة أوىل بلاملرياث ملن‬
‫ذي الرحم وهذا واضح‪ ،‬وكذلك احلكم إذا كان منهم من بينه وبني من يلدَّ بله واسلطة‬
‫ومنهم من ال واسطة بينه وبني من يدَّ به كان املرياث للذي ليس بينه وبني ملن يلدَّ بله‬
‫بواسطة دون اآلخر ملثل ما قدمناه هذا كله هو قول اهلادي عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫واعلم أنه ال يفضل اتلذكر من ذوي األرحام عىل األنثى عند اهلادي وأتباعه؛ ألرمي‬
‫يرثون برحم ال نعقيب فيه فيلب أن يسلتوي ذكلورهم وإنلاثهم‪ ،‬دليلل ذللك األخلوة‬
‫واألخوات من األم فإرم ملا كانوا يرثون برحم وهي األم مل يفضلب ذكورهم عىل إناثهم‪،‬‬
‫وألرم إنام يتخذون اإلرث بغريهم ال يف أنفسهم يف الذكورة واألنوثة وغلنام يعتلرب حاللة‬

‫‪-406-‬‬
‫من يدلون به‪ ،‬وعند النارص للحق أنه يفضل الذكر علىل األنثلى يف سلائر املواريلث إال يف‬
‫أوالد األم‪ ،‬وعندنا ما تقدم فإنه الي فضل الذكر عىل األنثى وكذلك مجيلع ملن يلدَّ إىل‬
‫امليت باألم كاجلد أيب األم واجلدة املدرجة‪ ،‬وافال وافاللة وأوالدمهلا‪ ،‬وهلذا هلو قلول‬
‫اهلادي عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫والعامت املتفرقات كاألخوات املتفرقات‪ ،‬والعلم ألم كلاألخ ألم يف كيفيلة إرثهلم يف‬
‫مرياث سببهم الذي هو األب وافلاالت املتفرقلات كلاألخوات املتفرقلات‪ ،‬واألخلوال‬
‫املتفرقون إذا اجتمعوا كاألخوة واألخوات املتفرقني إذا اجتمعوا يف كيفية إرثهلم مللرياث‬
‫سببهم الذي هو األم وذلك ألن جهة قراباهتم ةتلفة وهلم يرثلون بقرابلاهتم فوجلب أن‬
‫تعترب جهة القرابة كام تعترب يف العمة وافاللة ذكلره النلاطق بلاحلق مللذهب اهللادي عليله‬
‫السالم‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهذا هو قول األكثر من أهل التنزيل‪ ،‬وعند النارص للحلق ملن تلر‬
‫ثالث خاالت متفرقات فلال يشء للخاللة ملن األب‪ ،‬وكلذلك ملن تلر ثلالث علامت‬
‫متفرقات فال يشء للعمة من األب‪ ،‬وإنام السدس للتي من قبل األم والباقي للتي من قبل‬
‫األب واألم‪.‬‬

‫فصل‬

‫ومن مات وخ ّلف ذوي أرحامه ومل خيلف من العقبات أحلد ًا وال ملن ذوي السلهام‬
‫غري الزوج أو الزوجة فقد اختلف علامؤنا علىل قلولني ملنهم ملن جعلل امللرياث للذوي‬
‫األرحام وجعلهم أوىل به من بيت املال بعد فرض الزوج والزوجة وهلذا هلو قلول عليل‬
‫عليه السالم‪ ،‬وهو قول سائر أهل البيت عليهم السالم سوى القاسم بلن إبلراهيم أنله ال‬

‫‪-407-‬‬
‫بالرد علىل ذوي اسللهام‪ ،‬وكلل ملن قلال بملرياث ذوي‬
‫يورث ذوي األرحام ةوال يقود ّ‬
‫األرحام قال بالرد‪ ،‬وكل من مل يقل بتوريثهم مل يقل بالرد‪ ،‬ثلم اختللف علامؤنلا القلائلون‬
‫بتوريثهم فقول عيل عليه السالم وقول سائر أهل البيت سلوى النلارص للحلق أن اإلرث‬
‫لذوي األرحام عىل التنزيل‪ ،‬وذهب النارص إىل اعتبار القرابة‪ ،‬مثالله أن يلً بنلت بنتله‬
‫والنة عمه فعند من يقول بالتنزيل يكون البنة االبن النقف والباقي البنة العم كتنه تلر‬
‫بنت ًا ّ ً‬
‫وعام‪ ،‬وعند النارص يكون لبنت البنت مجيع امللال؛ ألرلا أقلرب إذ هلي وللد امليلت‪،‬‬
‫وتفقيل مذهبنا أن ذوي األرحام ال يدخلون نقق ًا عىل الزوجني ال بحلب وال عول بل‬
‫يتخذ الزوج مرياثه كام ً‬
‫ال وهو النقف وجيري جمرى الدين‪ ،‬والباقي بعد النقف كتنه مال‬
‫امليت املوروث عنه بني ذوي األرحام يرثونله كلام يرثلون امللال للو مل يكلن معهلم قوج‪،‬‬
‫وكذلك احلكم لو كانت معهم قوجة أخذت الربع والباقي يفعل فيه ما تقدم‪ ،‬ونحو هلذا‬
‫القول قد رواه القايض أبو مرض‪ ،‬عن السيد املؤيد باهلل‪ ،‬وهو الذي رجحله وقلواه شليخنا‬
‫مجال الدين‪ ،‬كعبة الرشعيني‪ ،‬عيل بن احلسني صاحب اللامه رمحة اهلل عليه‪ ،‬والقول الثلاين‬
‫يدخلون عىل الزوجني نقيبهام من النقص صورته أن متوت ورلف قوجها وبنت أختهلا‬
‫ألبيها وأمها وبنت أختها ألبيها فيكون للزوج النقلف ثالثلة ولبنلت األخلت ألب وأم‬
‫النقف ثالثة‪ ،‬ولبنت األخت السدس‪ ،‬وتعول املستلة إىل سبعة‪ ،‬والقلول هلو القلحيح‬
‫عندنا‪.‬‬

‫فصل‬

‫وذوو األرحام أوىل باملرياث من مواَّ املواالة نص عليه يف (األحكام) وهو إمجاع ملن‬
‫يقول بتوريثهم من األئمة ومجاهري علامء األمة‪.‬‬

‫‪-408-‬‬
‫باب الحجب‬
‫ونريد به من يمنع من بعض مرياثه فمن هذه اله فإنه حيلب وحيلب وهو الذي يمنلع‬
‫عن أخذ مجيع ما يرثه ألجل غريه وال يمنعه ذلك الغري عن أخلذ بعلض حقله‪ ،‬فتملا ملن‬
‫امتنع ألجل حال هو عليها فإنه ال حيلب أحد ًا وهو الكافر‪ ،‬وقاتل العمد‪ ،‬والرقيق‪.‬‬
‫قال عيل عليه السالم يف اململوكني وأهل الكتاب‪ :‬ال يرثون وال حيلبون‪.‬‬

‫وروي عن القاسم‪ ،‬وأمحد بن عيسى يف مسلم يموت ويً ابن ًا هيوديل ًا وأمل ًا مسللمة‬
‫فإن لوم الثلث والباقي للعقبة‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬والذين حيلبون عن بعض سهامهم مخسة وهم األم والزوجلان‬
‫وبنات االبن واألخوات ألب‪ ،‬أما األم فإرا حتلب من الثلث إىل السدس وحيلبها ثالثة‬
‫وهم الولد وولد الولد ذكر ًا كان أو أنثى‪ ،‬واالثنان من األخوة واألخوات فقاعد ًا‪.‬‬
‫أملللا حلبهلللا بالثالثلللة األخلللوة فلقلللول اهلل تعلللاىل‪    { :‬‬

‫‪[}‬النساء‪ ،]11:‬وقد خالف النارص للحق يف ذلك وقلال بلتن األخلوة ملن األم ال‬
‫حيلبون األم عن الثلث وقوله سلاقط؛ ألن اسلم األخلوة يتنلاول األخلوة ملن األم وال‬
‫ةقص‪.‬‬

‫وأما حلبها باالثنني من األخوة فهو إمجاع القحابة سلوى ابلن عبلاس فإنله كلان ال‬
‫حيلبها غال بالثالثة دون االثنني وقد انقطع خالفه بموته‪.‬‬
‫وأما الزوج فإنه حيلب من النقف إىل الربع‪.‬‬

‫وأما الزوجة فإرا حتلب من الربع إىل الثمن والذي حيلبها الولد ووللد الوللد ذكلر ًا‬
‫كان أو أنثى‪.‬‬

‫‪-409-‬‬
‫وأما بنات االبن فإن كانت واحدة حتلب من النقف إىل السدس وإن كلن أكثلر ملن‬
‫واحد فإرن حيلبن من الثلثني إىل السدس‪ ،‬والذي حيلبهن البنت الواحدة أو بنلت ابلن‬
‫عال منهم درجة ما مل تستكمل الثلثان قبلهن‪ ،‬فإن كان قد استكمل قبلهن حلبن عن مجيع‬
‫مرياثهن عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وإن كُلن أكثلر فلإرن حيللبن ملن الثلثلني إىل‬
‫السدس والذي حيلبهن األخت الواحدة ألب وأم عىل ما قدمناه يف باب السهام‪.‬‬

‫‪-410-‬‬
‫باب اإلسقاط‬
‫ويسميه بعض العلامء باب احللب عن مجيع املرياث‪ ،‬واحللب يف أصل اللغة و ملنلع‪،‬‬
‫وهو منع وارث لوارث عن بعض مرياثله أو علن‬ ‫وهو يف عرف الفرضيني منع ةقو‬
‫مجيعه وتسميتنا للحاجب بتنه وارث قد يكون حقيقة وهو إذا كان يرث ملن امللال‪ ،‬وقلد‬
‫يكون جماق ًا إذا كان ال يرث شيأ ًا؛ ألنه حيلب غريه وإن مل يرث شليأ ًا إذا مل يكلن فيله ملن‬
‫عليه السالم املرياث‪ ،‬فإذا كان غري سامل احلال منها مل حيلب ومل يسقط ويف باب اإلسلقا‬
‫مسائل‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن االبن ال يرث معه أحد من أوالد البنني ذكورهم وغناثهم‪ ،‬نص عىل ذللك‬
‫يف (األحكام)‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهو أمجاع نحو أن يً امليت ابن ًا وابن ابلن فامللال كلله لالبلن‬
‫ويسقط ابن االبن‪ ،‬وعليه فقس والبنات ال يسقطن أوالد البنني إذا كانوا ذكور ًا أو ذكلور ًا‬
‫وإناث ًا‪ ،‬بل يكونون مع البنات عقبة‪ ،‬نص عليه يف (األحكام)‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وهو قول مجاعة القحابة ومن بعدهم سوى النارص للحق ومن تابعه‪.‬‬
‫قال املؤيد‪ :‬وهذه املستلة ليست مكن مسائل االجتهاد بالحلق فيها واحد وهو ما ذهبنا‬
‫إليه‪ ،‬قال‪ :‬فعىل هذا املخالف فيها ةطأ ًا غري مقليب واعللم أن حكلم أوالد البنلني مثلل‬
‫حكم األوالد حيلبون من حيلبه األوالد‪ ،‬وحكم األسفل منهم ملع األعلال مثلل حكلم‬
‫األعال من أوالد البنني مع األوالد‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وال خالف فيه‪.‬‬


‫الثانية‪ :‬أن اللذكر ملن األوالد يسلقط مجيلع الورثلة غلري األبلوين واجللد أب األب‪،‬‬
‫واجلدتني أم األم وأم األب‪ ،‬نص عىل هذا يف مواضع متفرقة ملن (األحكلام) وذكلر أبلو‬

‫‪-411-‬‬
‫طالب أنه إمجاع القحابة وتبعهم سائر العلامء‪ ،‬وعند النارص للحق أن الولد يسقط اجلدة‬
‫من جهة األم وإن علت‪ ،‬واجلدة من جهة األب وإن علت جون اجللدة أم األم واجللدة أم‬
‫األب‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬واإلمجاع املتقدم يبطل هذا القول‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬أن بنات القلب إذا استكملن الثلني يسقطن بنات االبن إال أن يكلون معهلن‬
‫أخ هلن أو أسفل منهن ابن ابن ذكر فيعقبهن فيام بقى لللذكر مثلل حلن األنثيلني‪ ،‬ذكلره‬
‫السيدان األخوان‪ ،‬وهو مذهب اهلادي إىل احلق عليه السالم‪ ،‬وكلذا إذا اسلتكملن بنلات‬
‫البنني الثلثني سقط من هو أسفل منهن من بنات بنات البنني إال أن يكون معهن أو أسفل‬
‫منهن ذكر كام تقدم‪ ،‬وكذلك إذا كان املستكمل للثلثني بنلت القللب وبنلت االبلن كلان‬
‫احلكم ما تقدم وهو مذهب اهلادي إىل احلق‪.‬‬

‫الرابعة‪ :‬أن األب يسقط مجيع األجداد ويسقط اجلدات الاليت من قبله ويسلقط مجيلع‬
‫األخوة واألخوات وسائر العقبات التي بعد األخوة وهلو قلول اهللادي إىل احللق وهلو‬
‫إمجاع إال يف موضعني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف قول من يقول إن اجلدة أم األم ال ترث مع األب‪.‬‬


‫قال أبو طالب‪ :‬وقد أمجعت القحابة عىل خالفه‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن اجلد ترث مع ابنها وال ترث مع ابنتها عنلد ابلن مسلعود وعنلد أصلحابنا‬
‫خالفه وهو قول عيل عليه السالم واألول ساقط؛ ألن اجلدة ليست أقوى حاالً من اجللد؛‬
‫ألن اجلدّ جيوق املال بالتعقيب ويقاسم األخوة واألخوات وسدسه ال يقاسم فيله غلريه‪،‬‬
‫وليس لللدة شيئ من هذه األحكام‪.‬‬

‫افامسة‪ :‬أن األم حتلب مجيع اجلدات نص عليه يف (األحكام)‪.‬‬


‫قال أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع‪ ،‬واجلدة حتلب من اجلدات من هي أبعد منها عند عيل عليه‬

‫‪-412-‬‬
‫السالم‪ ،‬والعىل هي القرب إىل امليت‪ ،‬ذكر هذا املعنى األخوان‪.‬‬

‫السادسة‪ :‬أن قياس األخوة واألخوات ألب وأم يف اإلرث قياس عىل البنني والبنلات‬
‫إذا مل يكن بنون وبنات وقياس األخوة واألخوات من األب قياس ولد البنني ملع البنلني‪،‬‬
‫وقد نص عىل هذه اجلملة يف أبواب متفرقة يف (األحكام) ويف ذلك فوائد‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أن األخ ألب وأم يسللقط األخ واألخللت ألب‪ ،‬نللص عللىل هللذا املعنللى يف‬
‫(األحكام)‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع‪ ،‬وكذلك األخت ألب تسقط مع األخ ألب وأم قياس ًا عىل‬
‫األوىل‪.‬‬
‫عقبتها البنت أو بنت االبن فإرا تسلقط ملن يسلقطه‬
‫الثانية‪ :‬أن األخت ألب وأم إذا ّ‬
‫عقبتها البنت أو بنت االبلن فإرلا تسلقط ملن‬
‫األخ ألب وأم‪ ،‬وكذلك األخت ألب إذا ّ‬
‫يسقطه األخ ألب‪ ،‬وهذا ظاهر عىل تعليل األخوين‪ ،‬وقد ذكر ذلك أبو جعفر يف (الكايف)‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن األخوة واألخوات ألم يسقطهم من املرياث أربعة‪ :‬الولد وولد الولد ذكلر ًا‬
‫كان أو أنثى‪ ،‬واألب واجلد أب األب وهو مذهب حييى‪.‬‬

‫قال أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع القحابة ومن بعدهم إال النارص عليه السلالم فإنله يقلول‬
‫بتن اجلد ال يسقط األخوة من األم‪.‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وإمجاع القحابة بحلة‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أن ابن األخ ال يرث مع اجللد أب األب عنلد عليل عليله السلالم يف الروايلة‬
‫املشهورة عنه وبه قال مجاهري القحابة‪ ،‬وقد روي عن عيل عليه السالم خالفه‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهي رواية شاذة وهي غري صحيحة عندنا‪.‬‬

‫‪-413-‬‬
‫باب أصول المسائل‬
‫إن كان الورثة عقبات منفردين فتصل مستلتهم من مبل عدد صنفهم بالغل ًا ملا بلل‬
‫بعد أن جيعل الذكر منهم بمنزلة انثيني إنكان معهم إناث‪ ،‬وإن كانوا ذوي سهام منفلردين‬
‫أو ذوي سهام وعقبات جمتمعني فتصل مستلتهم من ةرج فرائض سهامهم امللذكورة يف‬
‫تلك املستلة ومجيع ذلك سبع مسائل‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬كل مستلة فيها نقف ونقف أو نقف وما بقي فتصللها ملن اثنلني فلاألوىل‬
‫نحو أن متوت املرأة ور ّلف رقوجها وأختها ألبيها وأمها‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أن خيلف الرجل ابنته وأخاه ألبيه وأمه‪ ،‬كل مستلة فيها ثلث وثلثان أو ثللث‬
‫وما بقي فتصلها من ثالثة فالثلث والثلثان كمن خي ّلف إختويه ألبيه وأمه وإختويه ألمله‪،‬‬
‫والثلث وما بقي كمن خيلف أمه وأخاه ألبيه وأمه‪ ،‬والثلثان وملا بقلي كلم خي ّللف ابنتيله‬
‫وأخاه‪.‬‬

‫الثالثة‪ :‬كل مستلة فيها ربع ونقف وما بقي أو ربع ما بقلي أو ربلع وثللث ملا يبقلى‬
‫فتصلها من أربعة‪ ،‬فاألوىل قوج وبنت عم‪ ،‬والثانية قوج وابلن أو قوجلة وأخ‪ ،‬والثالثلة‪:‬‬
‫أبوان وقوجة‪.‬‬

‫الرابعة‪ :‬كل مستلة فيها ثمن وما بقي أو ثمن ونقف ما بقي فتصلها من ثامنية فاألوىل‬
‫نحو قوجة وابن‪ ،‬والثانية قوجة وابنة عم‪ ،‬وهذه املسائل ال تعول أبد ًا‪.‬‬
‫افامسة‪ :‬كل مستلة فيها ثلث ونقف أو ثلثان ونقلف أو ثللث ونقلف أو سدسلد‬
‫ونقف أو سدسد وثلث أو سدس وثلثان أو سدس وما بقي أو نقف وثلث وملا بقلي‪،‬‬
‫فتصلها من ستة وأمثلتها ظاهرة‪.‬‬
‫السادسة‪ :‬كل مستلة فيها ربع وثلث أو ربع وثلثان أو ربع وسدس فتصلها ملن اثنلى‬

‫‪-414-‬‬
‫عرش‪.‬‬

‫السابعة‪ :‬كل مستلة فيها ثمن وثلثان أو ثمن وسدس فتصللها ملن أربعلة وعرشلين‪،‬‬
‫وهذه املسائل الثالث قد تعول وقد ال تعول‪ ،‬وقد نص يف (األحكام) عىل معنلى أصلول‬
‫مجيع هذه املسائل‪ ،‬وكل ذلك صحيح ال شبهة فيه عىل طريقة أهل احلساب‪.‬‬

‫‪-415-‬‬
‫باب العول‬
‫وفيه فقالن‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف حقيقة العول‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬يف بيان أصوله وفروعه‪.‬‬
‫أما الفقل األول فالعول إدخال النقص عىل كل واحد من أهل الفلرائض علىل قلدر‬
‫سهامهم إذا كثرت حتى صارت أكثر من أجزاء املال‪ ،‬ذكره أبلو طاللب‪ ،‬فلالعول عكلس‬
‫الرد أن ّترد لكل ذي سهم بقدر سهمه وقد نص يف (احلكام) عىل صحة العول‪،‬‬
‫الرد؛ ألن ّ‬
‫وهو قول أمري املؤمنني عيل بن أيب طالب‪ ،‬ومجاعة القحابة سوى ابن عباس‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬أمجعت القحابة عىل القول بالعول غري ابن عباس فإنه أنكره وأدخلل‬
‫النقص عىل البنات واألخوات إذا كُن ألب وأم أو ألب‪ ،‬وتابعه النارص للحلق وبله قلال‬
‫الباقر‪ ،‬رواه أبو طالب يف كحه‪.‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬إن الذي أحىص رمل عال يعلم أن املال ال يكون له نقلف ونقلف‬
‫وثلث ذهب النقفان باملال فتين الثلث‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وهذا كالم من مل يفهم أغراض القائلني بالعول وسلك طريقة التعامي‬
‫اجلهال الذين ال يفهمون؛ وذللك ألن القلائلني بلالعول ال يقوللون إن الورثلة‬
‫ليموه عىل ّ‬
‫ّ‬
‫يتخذون نقف ًا ونقف ًا وثلث ًا كيف يقولون به وقد قال سيد القلائلني بلالعول صلار ثمنهلا‬
‫تسع ًا ورص‪ ،‬بتن ثمنها قد رجع إىل التسع‪ ،‬قال‪ :‬وإنام يذكرون النقف والنقف والثللث‬
‫ليعرفوا أصل السهام يعرفوا كم جيب أن يكون مقدار النقص عىل كل واحد منهم‪.‬‬

‫‪-416-‬‬
‫فصل‬

‫وأما قول ابن عباس بإدخال النقص عىل البنات واألخوات إذا كُلن ألب وأم أو ألب‬
‫فغري سديد لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬احلقوا الفرائض بتهلها)) فال خيلو املال‬
‫عن ققوره عن السهام املحدودة يف الكتاب أو السنة أو جمموعهام‪ ،‬أما أن يدخل اللنقص‬
‫عىل مجيع أهل السهام فهو الذي نقول‪ ،‬وأما أن ال يدخل النقص عىل واحد منهم مل يتسلع‬
‫املال جلميع السهام‪ ،‬وأما أن يدخل النقص علىل بعضلهم دون بعلض ملن دون ةقلص‬
‫فذلك ال جيوق‪.‬‬

‫الفصل الثاني في بيان أصول العول وفروعه‬

‫‪.‬‬ ‫أما أصوله فقد أكنا إىل مجلتها يف ما م‬


‫وأما فروعه فاملستلة إذا كان أصلها من ستة فإذا عالت بسهم واحد من ستة فإرا تقري‬
‫سبعة ويقري السدس فيها سبع ًا‪ ،‬ويقلري الثللث فيهلا سلبعني‪ ،‬والثلثلان أربعلة أسلباع‪،‬‬
‫والنقف ثالثة أسباع‪ ،‬نحو أن تً املرأة أخت ًا ألب وأم وأخت ًا ألب وقوجل ًا وإن عاللت‬
‫بسهمني من ستة فإرا تقري من ثامنية‪ ،‬ويقري السلدس فيهلا ثمنل ًا‪ ،‬والثللث فيهلا ربعل ًا‪،‬‬
‫والثلثان فيها نقف ًا‪ ،‬والنقف فيها ثالثة أثامن نحو أن تً ملرأة أختلني ألب وأم وأختل ًا‬
‫ألم وقوج ًا‪ ،‬وإن عالت بثالثة من ستة فإرا تقري من تسعة ويقري السلدس فيهلا تسلع ًا‪،‬‬
‫والثلث فيها تسعني‪ ،‬والثلثان أربعة أتساع‪ ،‬والنقف فيها ثلث ًا‪ ،‬نحو أن تً امرأة قوجل ًا‬
‫وأم ًا وأخت ًا ألب وأم وجد ًا‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهي املعروفة باألكدرية؛ ألرا تكدرت عىل قيد بن ثابلت‪ ،‬وقيلل‪ :‬إن‬
‫عبدامللك ألقاها عىل رجل يقال له الكدر فنسبت إليه‪ ،‬ونحو ذلك من األمثلة‪ ،‬وإن عالت‬
‫بتربعة أسهم من ستة فإرا تقري من عرشة ويكون السدس فيهلا عرشل ًا‪ ،‬والثللث مخسل ًا‪،‬‬
‫والثلثان مخسني‪ ،‬والنقف ثالثلة أعشلار نحلو أن تلً قوجل ًا وجلدة وسلت أخلوات‬

‫‪-417-‬‬
‫متفرقات وأمثلتها كثرية‪.‬‬

‫وأما التي أصلها من اثنى عرش فقد تعول بسهم واحد فتكون من ثالثة عرش‪ ،‬والثللث‬
‫أربعة أسهم من ثالثة عرش‪ ،‬وإن عالت بثالثة أسهم من اثنى عرش فإرا تقلري ملن مخسلة‬
‫عرش فيقري السدس فيها ثلثي مخس‪ ،‬والثلث مخس ًا وثلثا مخس‪ ،‬والثلثلان مخسلني وثلثلي‬
‫مخس‪ ،‬والنقف مخسني والربع مخس ًا‪ ،‬نحو أن يً الرجل املرأة وأمل ًا وثلالث أخلوات‬
‫متفرقات وإن عالت بخمسة من اثني عرش فإرا تقري من سبعة عرش‪ ،‬والثلثان ثامنية ملن‬
‫سبعة عرش‪ ،‬والنقف ستة من سبعة عرش‪ ،‬والربع ثالثة ملن سلبعة عرشل نحلو أن يلً‬
‫الرجل امرأته وأمه وإختوين ألب وأم وإختوين ألم‪.‬‬
‫املستلة الثالثة‪ :‬وهي التي أصلها من أربعة وعرشين فإرا تعول بثالثة أسهم وال تعول‬
‫بدورا وال بتكثر منها فإذا عالت هبا فإنه يقري الثمن فيها تسع ًا‪ ،‬والسدس تسلع ًا‪ ،‬وثللث‬
‫تسع الثلثان مخسة أتساع وثلث تسع‪ ،‬والنقف فيها أربعة أتساع وهذه املستلة هي املنربية‬
‫سميت بذلك؛ ألن علي ًا عليه السالم ُس مأل عنها وهو خيطب فقال‪ :‬صار ثمنها تسع ًا نحلو‬
‫أن يً رجل ابنتني وأبوين وقوجة وال تعول هلذه املسلائل إىل أكثلر مملا ذكرنلاه‪ ،‬ذكلره‬
‫السيدان‪ ،‬وهذا كله عىل مذهب اهلادي إىل احلق عليه السلالم‪ ،‬وإذا انكرسلت الشلهام يف‬
‫مسائ ل العول واحتي فيها إىل الرضب يف أصل الفريضة كان الرضب يف أصللها بعوهللا؛‬
‫تقح منه القسمة فام بل املال كان لكل ذي سهم من ذلك مثلل نسلبة‬
‫ألن ذلك هو الذي ّ‬
‫سهامه من املستلة مع العول‪.‬‬

‫‪-418-‬‬
‫باب الردّ‬
‫وفيه ثالثة فقول‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬يف بيان معنى الر ّد‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬يف تعيني من ير ّد عليه ومن ال يرد عليه‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬يف اإلشارة إىل أصول الر ّد‪.‬‬

‫أما الفصل األول‬

‫فالرد هو قسمة ما بقي من املال بعد الشهام املحدودة عليه السلالم ذوي السلهام ملن‬
‫النسب عىل قدر سهامهم مع عدم العقبة سواء كان عقبة من النسلب أو اللوالء‪ ،‬وهلو‬
‫مذهب اهلادي‪ ،‬نص عىل معنى ذلك يف (األحكام)‪.‬‬
‫أما العقبة من النسب فظاهر‪ ،‬وأما من الوالء فنص علىل أن العبلد املعتلق يكلون ملا‬
‫فضل عن سهم ابنته البن املوىل املعتق إذا كان له ابن‪.‬‬

‫وأما الفصل الثاني‬

‫فري ّد عىل كل ذي سهم من الفاضل عن سهمه إال عىل الزوج والزوجة فال ر ّد علليهام‪،‬‬
‫نص عىل ذلك يف (األحكام) ورواه عن أملري امللؤمنني‪ ،‬فتملا ملا روي أن املرأة هلكلت‬
‫وتركت قوجها فتعطاه عيل عليه السالم مجيع ماهلا فيحتمل أن يكون الزظوج عقلبة هللا‬
‫وال عقبة هلا غريه‪ ،‬وال خالف أنه ال رد عىل الزوجني‪.‬‬

‫‪-419-‬‬
‫وأما الفصل الثالث وهو في اإلشارة إلى أصول مسائل الرد‬

‫فقد ب ّينا أنه ال رد عىل الزوجني وإذا مل يكن يف املستلة أحدمها‪ ،‬فإن كانوا أهلل فلرض‬
‫واحد فقط نحو أن خيلف بنت ًا أو أخت ًا أو أخوات أو أم ًا أو جدة أو جدات فإن أصل مستلة‬
‫الرد من بمل عدد رؤوس القنف املردود عليه؛ ألرلم يقتسلمون املفلروض علىل علدد‬
‫رؤوسهم ويقتسمون املردود أيض ًا عىل عدد رؤوسهم فيقري املال كلله بيلنهم علىل علدد‬
‫الرؤوس‪ ،‬ويكون أصل مستلتهم من مبل عدد رؤوسهم‪ ،‬مثالله‪ :‬أن خي ّللف بنتل ًا واحلدة‬
‫فلها املال كله بالفرض والر ّد‪ ،‬وأصل املستلة من واحد نقفه نقلف فلرض ونقلفه ر ّد‪،‬‬
‫وإذا خ ّلف أرلع بنات فلهن املال كله فرض ًا ورد ًا وأصل مستلتهم من أربعة كام ب ّيناه أوالً‪،‬‬
‫وعىل هذا فقس‪ ،‬وإن كان يف املستلة أهل فرضني فقاعد ًا كان أصل مستلتهم من عد تلك‬
‫السهام املردود عليها؛ ألن الر ّد فيها يكون عىل عدد السهام حتى يستويف كل صنف ملنهم‬
‫من الر ّد بقدر سهامه‪ ،‬وإذا كان الرد عىل عدد السهام كان أصلها بعد الر ّد من مبلل تللك‬
‫السهام املردود عليها؛ ألن الباقي من أصل املستلة بعد السهام املفروضة تقسم علىل علدد‬
‫السهام فيكون املال كله مقسوم ًا بالفرض والر ّد عىل عدد تلك السهام‪ ،‬واألصلل يف اللرد‬
‫أن تنظر إىل ما يف أيدي الورثة من السهام فلإن كلان اللذي يف أيلدهيم سلهمني ر ّد البلاقي‬
‫عليهام نقفني ويكون الفاضل أنقاف ًا‪ ،‬وإن كان الباقي يف أيدهيم ثالثة أسهم ر ّد الفاضلل‬
‫عليهم أثالث ًا‪ ،‬وإن كان الفاضل أربعة أسهم أو مخسة أسهم ر ّد عليهم أرباع ًا أو أمخاس ًا عىل‬
‫قدر ما يف أيدهيم من السهام‪ ،‬قد ذكر هذا املعنلى السليد أبلو طاللب مللذهب حييلى عليله‬
‫السالم‪ ،‬قال‪ :‬وال يوجد الر ّد عىل أمثر من مخسة أسهم أبد ًا؛ ألنه إذا اجتمع ستة أسلداس‬
‫استغرقت املال وبطل الر ّد إذ السهم يف مسائل الر ّد عبارة عن السدس؛ ألنه أقلل السلهام‬
‫فقلناه يف كتاب التقرير‪ ،‬وإن كان يف مسائل اللرد قوج أو قوجلة مل‬
‫املردودة عليها عىل ما ّ‬
‫خيل أن يكون الرد معهام عىل أهل فرض واحد فتصل املستلة بعد الر ّد ملن ةلرج فلرض‬
‫الزوج أو الزوجة؛ ألن الزوج يتخذ فرضه من نقف أو ربع‪ ،‬والزوجة تتخذ فرضها ملن‬
‫ربع أو ثمن والباقي لذوي السهام بالفرض والر ّد فإن كان للزوج النقف كان أصلها من‬

‫‪-420-‬‬
‫اثنني؛ ألن فيها نقف ًا وما بقي وإن كان له الربلع فكلذلك إذا كلان لللزوج الربلع فتصلل‬
‫املستلة بعد الرد من أربعة للزوج أو الزوجة الربع والباقي لذوي السهام فهلو علىل ثالثلة‬
‫بالفرض والر ّد‪ ،‬وإن كان للزوجة الثمن فتصل املستلة بعد الر ّد من ثامنية للزوجلة اللثمن‬
‫والبلاقي سلبعة للذوي السلهام بلالفرض واللر ّد فللرى ذوو السلهام جملرى العقللبات‬
‫املوجودين مع الزوج أو الزوجة يف أن ألحلد اللزوجني فرضله والبلاقي للذوي السلهام‬
‫بالفرض والر ّد‪ ،‬وإن كان الر ّد مع الزوج أو الزوجة عىل أهل فرضني فقاعد ًا فإنك تدفع‬
‫للزوج أو الزوجة فرضه وتقسم الباقي عىل عدد األنقباء التي قدمنا ذكرها ويكون أصل‬
‫الكستلة يف مجيع ذلك من العدد الذي خيرج منه فرض الزوج أو الزوجلة والبلاقي يقسلم‬
‫جبور ًا عليه السالم عدد األنقباء املردودة عليها عىل ما ب ّيناه يف التقرير ممث ً‬
‫ال مفقالً‪.‬‬

‫‪-421-‬‬
‫باب كيفية العمل في تصحيح مسائلهم وقسمتها‬
‫وفيه فقالن‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف أحكام السهام‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬يف أحكام الرؤوس‪.‬‬

‫أما األول وهو في أحكام السهام‬

‫فهي ثالثة وهي‪ :‬االنقسام عىل الرؤوس واملوافقة هلا واملباينة‪ ،‬فاالنقسلام مقلدم علىل‬
‫املوافقة‪ ،‬واملوافقة مقدمة عىل املباينة‪ ،‬ومعنى ذلك أن تنظلر إىل سلهام الورثلة ملن أصلل‬
‫مستلتهم فإن انقسمت عليهم سهامهم من أصل مستلتهم جبور ًا مل حتت فليمن اقنسلمت‬
‫عليهم سهامه إىل رضب وال عناية قإن مل تنقسم السهام عىل اللرؤوس جيلور ًا نظلرت إىل‬
‫سهام كل صنف هل هي موافقة لعدد ذلك القنف أم ال‪ ،‬فإن كانت موافقة أقملت وفلق‬
‫القنف الذي وافقته سهامه مقام مجيعه ورجعت بعد ذللك إىل أحكلام اللرؤوس‪ ،‬وإن مل‬
‫تكن موافقة تركت القنف الذي مل توافقه سهامه عىل حاله ورجعت بعد ذلك إىل أحكام‬
‫الرؤوس عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬واملوافقة هي أن يتفلق علدد القلنف وعلدد‬
‫سهامه يف جزء واحد فيكون هلذا نقف وهلذا نقف وهلذا نقف أو ثلث وثلث‪ ،‬أو ربلع‬
‫وربع أو غري‪ ،‬وال يوافق إال بتقل األجزاء التي تفقان فيها‪ ،‬ومجيع أحكام السلهام مقدملة‬
‫عىل أحكام الرؤوس‪.‬‬

‫وأما الفصل الثاني وهو في أحكام الرؤوس‬

‫فتحكام الرؤوس أربعة وهي املامثلة‪ ،‬واملداخلة‪ ،‬واملوافقة‪ ،‬واملباينة‪ ،‬فاملامثللة هلي أن‬

‫‪-422-‬‬
‫يستوي عدد األصناف‪ ،‬واملداخلة هي أن يكون القنف األكثر مملا ينقسلم علىل القلنف‬
‫األقل‪ ،‬واملوافقة هي أن يتفق القنفان أو األصناف يف جزء واحد كام قدمناه‪ ،‬واملباينة هي‬
‫أن ال يكون يف األصناف يشء من هذه الوجوه‪ ،‬واملامثلة مقدمة عىل املداخللة‪ ،‬واملداخللة‬
‫مقدمة عىل املوافقة‪ ،‬واملوافقة مقدمة عىل املباينة‪ ،‬وقد يقع االنكسلار علىل صلنف واحلد‪،‬‬
‫وقد يقع عىل صنفني‪ ،‬وقد يقلع علىل ثالثلة أصلناف‪ ،‬وقلد يكلون علىل أربعلة‪ ،‬وال يقلع‬
‫االنكسار يف مسائل العقبات وذوي السهام عىل مخسة أصناف أبد ًا‪ ،‬وال جيتمع يف املستلة‬
‫الواحدة من العقات وذوي السهام أكثر من مخسلة أصلناف‪ ،‬فلإن اجتملع ملنهم محسلة‬
‫أصناف يف مستلة مل ينكرس عىل مجيعهم بل البد أن ينقسم عىل بعض منهم يف سهامه علىل‬
‫كل حال‪.‬‬

‫فصل‬

‫فتما االنكسار عىل صنف واحد فإذا كان كذلك نظرت هل هلي موافقلة لعلدد ذللك‬
‫القنف أم ال‪ ،‬فإن كانت موافقة جعلت وفق ذلك القنف هو احلال‪ ،‬وإن مل تكن موافقة‬
‫جعلت مجيع القنف هو احلال ثم رضبت احلال يف أصل الفريضة بعوهلا وردهلا إن كلان‬
‫فيها عول أو ر ّد أو يف أصلها أو مللرد إن مل يكن فيها عول وال ر ّد فام بل فهو املال املنقسم‬
‫واحلال هو العدد الذي يرضب يف أصل الفريضة لقح منقس ًام عىل الورثة جبور ًا‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما االنكسار عىل صنفني فال خيلو حاهلام بعد موافقة سهامهام إن كانت موافقى هلام أو‬
‫ألحدمها من أربعة وجوه أن يكونا متامثلني أو متداخليت أو متلوافقني أو متبلاينني‪ ،‬فلإن‬
‫أن يكون لكل واحد ملن القلنف‬ ‫كانات متامثلني اجتزيت بتحدمها وهو احلال وافا‬
‫مثل عدد ما كان جلامعتهم قبل التقحيح أو مثل علدد وفلق سلهامهم إن كانلت موافقلة‬

‫‪-423-‬‬
‫لرؤوسهم‪ ،‬وأن كانا متداخلن اجتزيت باألكثر مثل عدد ما كان جلامعتهم قبل التقلحيح‬
‫أو مثل وفق سهامهم إن كانت موافقة‪ ،‬وأن يكون لكل واحد من القنف األقل ملا كلان‬
‫جلامعتهم قبل التقحيح أو مثل وفق سهامهم إن كانت موافقة‪ ،‬وأن يكون لكل واحد من‬
‫القنف األقل ما كان جلامعتهم أيض ًا أو مثل وفق سهامهم إن كانلت موافقلة مرضلوب ًا يف‬
‫ةرج نسبة ذلك القنف األقل من القنف األكثر‪ ،‬فإن كانا متوافقني ذربت وفق أحدمها‬
‫يف كامل الثاين ما بل فهو احلال وافا فيه أن يكون لكل واحد من القنف مل عدد ما‬
‫كان جلامعتهم أو مثل عدد وفق سهامهم إن كانلت موافقلة مرضلوب ًا يف وفقله ملن النلف‬
‫يف ذللك أن‬ ‫اآلخر‪ ،‬وإن كانا متباينني رضبت أحدمها يف الثاين‪ ،‬فام بل فهو احلال وافا‬
‫يكون لكل واحد من القنف مثل عدد ما كان جلملتهم أو مثلل علدد وفلق سلهامهم إن‬
‫كانت موافقة مرضوب ًا يف عدد اتلقنف اآلخر‪ ،‬فإذا عرفت احلال رضبته يف أصلل املسلتلة‬
‫كام تقدم فام بل فهو املال املنقسم‪.‬‬

‫فصل في االنكسار على األصناف الثالثة واألربعة‬

‫إذا انكرست السهام عىل ثالثة أصناف أو أربعة مل رلل تللك األصلناف بعلد موافقلة‬
‫سهامها إن كانت موافقة هلا أو لبعضها أن تكون متامثلة مع ًا او متداخلة مع ًا أو متوافقة مع ًا‬
‫أو متباينة مع ًا‪ ،‬أو جيتمع فيها وصفان أو ثالثة أوصاف من ذلك فلإن كانلت متامثللة معل ًا‬
‫اجتزيت بقنف واحد منها وهو احلال‪ ،‬وإن كانت متداخلة معل ًا اجتزيلت بلاألكثر منهلا‬
‫وهو احلال‪ ،‬وإن كانت متوافقة مع ًا فإنك تسلك طريقه العلام يف ذللك وجتتلزي هبلا علن‬
‫غريها طلب ًا لالختقار وهي أن توافق بني القنفني منها وترضب وفلق أحلدمها يف كاملل‬
‫الثاين فام بل عرضته عىل القنف الثالث فإن كانا متداخلني اجتزيلت بلاألكثر وعرضلته‬
‫عىل الرابع‪ ،‬وإن كانا متوافقني رضبت وفق أحدمها يف كامل الثاين فام بل فهلو احللال وإن‬
‫كانت األصناف ثالثة وإن كانت أربعة قدت وعرضت ما بلل معلك ملن عملل الثالثلة‬
‫األصناف عىل القنف الرابع فإن تداخال اجتزيت باألكثر منهام وهلو احللال وإن توافقلا‬

‫‪-424-‬‬
‫رضبت وفق أحدمها يف كامل الثاين فام بل فهو احلال وإن كانلت األصلناف متباينلة معل ًا‬
‫ذربت بعضها يف بعض فام بل فهو احلال ثم ترضب احلال يف أصل املستلة كم تقدم فام بل‬
‫فهو املال املنقسم‪.‬‬

‫فصل‬

‫فإن اجتملع يف األصلناف الثالثلة أو األربعلة وصلفان مملا ذكرنلا أو ثالثلة أوصلاف‬
‫الوصفني نحو أن يكون فيها متامثل ومتداخل أو متوافق ومتادخلل‪ ،‬أو متوافلق ومتبلاين‬
‫وما أشبه ذلك‪ ،‬والعمل يف مجيلع ذللك أن جتتلزي بقلنف واحلد ملن املتامثلل وجتتلزي‬
‫بالتنقف األكثر من املتداخل عن األقل ثم تنظر بعد ذلك إىل ما بقي معك من األصناف‬
‫فإن بقي معك متوافق مع ًا أو متامثل مع ًا عملت فيه عىل ما تقدم‪ ،‬وإن بقي معلك متوافلق‬
‫ومتباين رضبت وفق أحد املتوافقني يف كامل الثاين فام حقل رضبته يف املتلابني‪ ،‬فلام بلل‬
‫فهو احلال صم ترضب احلال يف أصل املستلة كام تقدم فام بل فهلو امللال املنقسلم ذوكرنلا‬
‫طريقة احلال وحدها طلب ًا لالختقار وقلد فقللنا غريهلا ملن الطلرق يف كتلاب التقريلر‬
‫(بفوائد التحرير) وحذفنا كثري ًا من األمثلة هاهنا وب ّيناها هنا ‪.‬‬

‫‪-425-‬‬
‫باب المناسخة‬
‫املناسخة باهبا واسع ونذكر قبدة يقاس عليها فنقول وباهلل التوفيق‪ :‬املناسخة أن يموت‬
‫املكيت وال يقسم الورثة ماله حتى يموت من الورثة ثان وثالث ورابع وخلامس أو أكثلر‬
‫من ذلك أو أقل‪ ،‬وكيفية أعامل مسائلهم أنه ال خيلو أن يكون ورثة امليت األول هم ورثلة‬
‫الثاين وتستوي سهامهم من األول والثاين مثاله رجل مات وخ ّلف مخسة بنلني ثلم ملات‬
‫أحد البنني وخلف إخوته‪ ،‬ثم مات الثاين وخ ّلف إخوته واملال مل يقسم فلإن امللال يكلون‬
‫بينهم أثالث ًا لستواء مواريثهم يف األول والثاين والعمل يف ذلك كام تقدم يف أعامق املسلائل‬
‫فقد ذكر السيد أبو طالب هذا املعنى او ال تكون كذلك بل قد حدث للميت الثلاين ورثلة‬
‫غري ورثة األول ورتل فاملواريث مع كون ورثة الثاين هم ورثلة األول‪ ،‬وإذا كلان كلذلك‬
‫فإنك تعمل للميا األول مستلة وتقححها كام تقدم وتقسمها بني الورثة ثم تنن ما حقل‬
‫للميت الثاين من مال األول هل هو ينقسم عىل ورثته أوال‪ ،‬فإن انقسم مل حتت إىل عنايلة‪،‬‬
‫وإن انكرس نظرت هل توافق أو تباين مستلة امليت الثاين بعد تقحيحها أوالً‪ ،‬فلإن وافلق‬
‫رضبت وفق املستلة الثانية يف مستلة امليت األول ثم أقسم ما ورثه امليت الثلاين ملن األول‬
‫عىل ورثته ثم اعمل يف امليلت الثاللث كلام علملت للثلاين وكلذا تفعلل للميلت الرابلع‬
‫وافامس إىل آخرهم‪،‬وينبغي أن حتفن مستةل امليت األول ما ورثه الورثة منهلا وكلذلك‬
‫حتفن مستلة امليت الثاين وما ورثه الورثة منها لتعرف أيض ًا ما ورثه هذا امليلت ملن امليلت‬
‫الذي قبله وكذلك تفعل يف كل مستلة‪ ،‬والغرض يف ذلك أن تسلك فيها إن شأت طريقلة‬
‫يف املناسخات وأمثاة هذه املسائل قد ذكرهلا السليد أبلو طاللب عليله السلالم يف‬ ‫افا‬
‫كحه‪ ،‬والغرض االختقار‪.‬‬

‫‪-426-‬‬
‫باب النوادر‬
‫وفيها سبعة فقول ونشري إىل كل فقل منها‪.‬‬

‫الفقل األول منها‪ :‬يف مرياث الغرقى ومن جرى جمراهم‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬يف مرياث افناثا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬يف مرياث احلمل‪.‬‬

‫والرابع‪ :‬يف مرياث اللقيط واللقيطة‪.‬‬


‫وافامس‪ :‬يف مرياث ابن املالعنة‪.‬‬
‫والسادس‪ :‬يف مرياث اجلوس وغريهم يف سائر ملل الكفر‪.‬‬

‫والسابع‪ :‬يف اإلقرار‪.‬‬

‫أما الفصل األول‬

‫وهو يف مرياث الغرقى ومن جرى جمراهم فييه مطلبان‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬يف بيان حكمهم واإلرث‪.‬‬


‫والثاين‪ :‬يف كيفية توريثهم‪.‬‬
‫أما املطلب األول وهو بيان حكمهم يف اإلرث ففي ذلك مستلتان‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬أنه إذا غرق قوم أقارب أوماتوا حتت هدم أو أصاهبم حريق فلم يدر أهيم مات‬
‫أوالً ورث بعضهم من بعض من خا أمواهلم ثم يورث األحياء مكن األملوات حتلى‬
‫يرث األحياء من ورثة الغريق ما روثه ذلك الغريق من سائر الغرقى مع ما حيقل هلم من‬

‫‪-427-‬‬
‫خاصة ماله‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬أنه ال يرث غريق من غريق مما ورثه ذلك الغريق من غريق آخر بلل يكلون ملا‬
‫ورثه الغريث من الغرقى لورثته أحاء فقط‪ ،‬وإنام يرث الغريق من غريق آخر بل يكون ملا‬
‫ورثه الغريق من الغرقى لورثته أحياء فقط‪ ،‬وإنام يرث الغريق خا ّ مال الرغيق لخآخلر‬
‫فقط‪.‬‬
‫(خرب) واألصل يف املستلتني مجيع ًا هوق ول أمري املؤمنني عليه السالم فإن املشهور عنه‬
‫أنه كان يورث بعضهم من بعض ثلم يلورث األحيلاء ملن األملوات وال يلورث بعلض‬
‫األموات مما ورث عن بعض شيأ ًا‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬واألظهر أنه إمجاع أهل البيت علليهم السلالم‪ ،‬وذللك ألنله إذا‬
‫جاق تقدم موت أحد الغريقني عىل اآلخر كام جاق موهتام مع ًا وجب من جهة الرشلع عنلد‬
‫الوقوع بعض هذا االلتباس أن سحتا يف توريث بعضهم من بعض فإن قيل‪ :‬إن توريث‬
‫الغرقى بعضهم من بعض عىل األحوال أصح يف القياس؛ ألنه ال يتحقق ّأهيلم ملات أوالً‬
‫فنقول إن كل واحد يف حال ال يرث فيحقل له نقف اإلرث فقد أجاب السليد النلاطق‬
‫باحلق عليه السالم بتن هذا القول وإن كان القياس يوجبه فإنه ساقط باإلمجاع‪ ،‬قلال‪ :‬ألن‬
‫من ال يرى توريث بعضهم من بعض هذا القول عنده باطل‪ ،‬ومن يرى توريلث بعضلهم‬
‫من بعض فإري عترب يف ذلك الطريقة التي ذكرناها وال يلرى اعتبلار األحلوال يف ذللك‪،‬‬
‫قال‪ :‬وقد وقع افلامع عىل خالفه يعني القياس‪.‬‬
‫وأما املطلب الثاين‪ :‬وهو يف كيفية توريثهم فتفسريه ما ب ّينه اهلادي إىل احلق عليه السالم‬
‫وهو أنه جيب أن يامت أهيم كان وحييى هيم الباقون‪ ،‬ثم حييى الذي أميت ويامت من الباقني‬
‫واحد بعد واحد حتى يرثوه وال يبنغي أن يامت اثنانان ملنهم يف حلال واحلدة بلل جيعلل‬
‫امليت يف كل حال واحد ًا‪ ،‬والباقون أحياء حى يقح العمل فإذا فرغ من ذلك أميتلوا معل ًا‬
‫ويرثهم األحياء وال يورث بعضهم من بعض بعد اإلماتة الثانية حكاه السيد أبلو طاللب‪،‬‬
‫وقوله عليه السالم بعد اإلماتة الثانية يعني بعد إماتتهم مع ًا؛ ألن كل واحد منهم ال يلامت‬

‫‪-428-‬‬
‫إال مرتني مرة لريثه ورثته األحياء واألموات الذن غرقوا معه عىل الفرائض املتقدمة حتى‬
‫ماله إال ما يسلتحقونه ملع ورثتله اللذين غرقلوا معله‬ ‫ال يكون لورثته األحياء من خا‬
‫ويكون يف هذه احلالة كتنه مات قبل مجيعهم فريث األحياء والغرقى ما تركله ملن خلا‬
‫ماله عىل فرائض اهلل تعاىل‪ ،‬ثم حييى هذا الغريق للريث ملن كلل واحلد ملن الغرقلى ملا‬
‫يستحقه من املرياث من خا أمواهلم مع ورثتهم األحياء والغرقى أيض ًا ثم يلامت امللرة‬
‫الثانية لريث ورثته األحياء ما روثه من األموات؛ ألن ما ورثه من األموت يكلون خاصل ًا‬
‫لورثته األحياء عىل ما تقدم‪ ،‬ويكون التقدير يف هذه احلال كتن موته تاخر عن ملوت كلل‬
‫واحد من الغرقى قورث نقيب ًا من مال كل واحد منهم ثم مات قبل قسمة ذلك النقيب‬
‫فيقري ذلك النقيب فيقري ذلك النقيب لروثته األحياء بطريق املناسخة علىل ملا تقلدم‬
‫بيانه وهكذا يفعل فيكل واحد من الغرقى كر معنلى هلذه اجلمللة السليدان األخلوان يف‬
‫الرشحني‪ ،‬وقد مثل ذلك حييى عليه السالم بمثال‪ ،‬ومثله السيد أبو طالب بمثال آخر ومها‬
‫موجودان والغرض االختقار‪.‬‬

‫وأما الفصل الثاني وهو ميراث الخناثا‬

‫والكالم منه يقع يف موضعني‪:‬‬


‫أحدمها‪ :‬يف تعيني ما يعترب من العالمات يف افنثى‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬يف حكمه يف املرياث‪.‬‬
‫أما األول‪ :‬فيتعرب ذلك من جهة بوله فإن بال من الذكر دون الفرج فهو ذكلر وحكمله‬
‫حكم الذكور‪ ،‬وإن بال من الفرج دون الذكر فهو أنثى وحكمه حكم األنثلى‪ ،‬وإن خلرج‬
‫منهام مجيع ًا اعترب السبق فإن سبق من الذكر فهو ذكر وإن سبق من الفرج فهو أنثى‪.‬‬
‫قال حييى عليه السالم‪ :‬يقرب من جدار ويؤمر بتن يبول فملن أهيلام وقله البلول علىل‬
‫اجلدار حكم له فإن سبق منهام فهو خنثى مشكل‪.‬‬

‫‪-429-‬‬
‫قال السيدان األخوان‪ :‬وهذا هو قول عيل عليه السالم‪.‬‬

‫قال السيد املؤيد باهلل‪ :‬وهو قول عامة العلامء‪.‬‬


‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهو إمجاع أن احلكم ملا سبق منه البول؛ ألن سبقه منه يدل علىل‬
‫أنه امللرى األصيل يف البينة وأن رجوعه إىل املوضع اآلخر انرصاف عن امللرى لعلارض‬
‫عليه‪ ،‬ذكر هذا املعنى السيد أبو طالب‪ ،‬وروى أن املؤيد باهلل عن عيل عليه السالم أنه اعترب‬
‫األضالع‪ ،‬وقال‪ :‬أضالع الرجل يكون متن جانب اليسار أنقص‪ ،‬وأضالع املرأة يكون من‬
‫اجلانبني سواء‪ ،‬وقد رواه عن عيل عليه السالم أبو جعفر يف (الكايف) وذلك ألن اهلل تعلاىل‬
‫خلق حوى من ضلع آدم األيرس فمن ذلك نقص اجلانب األيرس‪ ،‬وقلد أشلار الشلاعر إىل‬
‫هذا املعنى بقوله (وقد قيل هو عيل عليه السالم)‪:‬‬
‫هي الضلع العوجاء لسلت تقيمهللا إال إن تقللويم الضلللوع انكسارهلللا‬
‫أليس عليب ًا ضعفها واقتدارهلا‬ ‫أجتمع ضعف ًا واقتدار ًا عىل الفتلى‬

‫وأما املوضع الثاين وهو يف بيان حكمه يف املرياث فإذا كان ةكوم ًا له بحكم اللذكور‬
‫فله يف اإلرث نقيب الذكر‪ ،‬وإن كان حمكوم ًا لله بحكلم اإلنلاث فلله يف اإلرث نقليب‬
‫األنثى‪ ،‬وإن كان مشك ً‬
‫ال ال حيكم له بحكم الذكور وال بحكم اإلناث فله يف اإلرث نقف‬
‫نقيب الذكر ونقف نقيب األنثى سواء كان معه غريه أو بم يكن إال يف مستلة يسلتوي‬
‫فيها الذكور واإلناث فإنه يكون له نقيبه املفروض‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬قد نص عىل ما ذكرناه يف (األحكام) وهو قول أمري املؤمنني عيل‬
‫عليه السالم املشهور عنه‪.‬‬
‫أما املستلة التي يستوي فيها مياث الذكر واألنثى فنحو أن يموت ويً أخويله ألمله‬
‫أحدمها خنثى لبسة فإن نقيبه ال ينقص؛ ألن مرياث ولد األم ال يفضلل فله اللذكر علىل‬
‫األنثى وهكذا قولنا يف ذوي األرحام‪ ،‬ذكر هذا املعنى الناطق باحلق‪.‬‬
‫وأما املستلة التي يسقط فيها إذا كان ذكر ًا فنحو ما ذكرناه يف املستلة املشًكة وقد تقدم‬

‫‪-430-‬‬
‫تفقيلها ونحو أن تً امرأة قوجها وأمها وأخوهيا ألمهلا وأخاهلا ألبيهلا وأمهلا وهلو‬
‫خنثى مشكل وهو الذي نقول خنثى لبسة فإذا قدرنا أنه أنثى كلان لله نقلف امللال؛ ألن‬
‫لوخت ألب وأم النقف وللزوج النقف ولوم السدس‪ ،‬ولوخوة ألم الثلث‪ ،‬فيكلون‬
‫هلذا افنثى نقف النقف وهو الربع‪ ،‬وقد ذكره املؤيلد بلاهلل‪ ،‬وقلال‪ :‬إرلا تعلول بسلهم‬
‫ونقف ذكره الشيخ أبو جعفر وقال‪ :‬صحتها من مخسة عرش يكلون لللزوج سلتة وللوم‬
‫سهامن ولووين من األم أربعة وللخنثى ثالثة‪.‬‬
‫وأما املستلة التي تسقط فيها افنثى فنحو أن يً ابني عمه أحدمها خنثى فإنه لو كان‬
‫أنثى مل ترث فيهذا املوضع مع أخيها‪ ،‬وإذا كلان ذكلر ًا أخلذ نقلف امللال فيعطلى نقلف‬
‫النقف وهو الربع‪.‬‬
‫وأما املستلة التي يرث فيها افنثى ذكر ًا كان أو أنثى فقد ذكرنلا صلورهتا أوالً نحلو أن‬
‫يً الرجل أباه ولد ًا خنثى فلو كان ذكر ًا لكان لوب معه السدس‪ ،‬وباقي امللال لله وللو‬
‫كان أنثال كان هلا نقف املال‪ ،‬والباقي لوب بالتسهيم والتعقليب معل ًا ويعطلى افنثلى‬
‫نقف نقيب األنثى‪ ،‬ونص نقيب الذكر فلوب ثلث املال وللخنثى ثلثاه وعلىل هخلذا‬
‫فقس‪.‬‬

‫وأما الفصل الثالث وهو في ميراث الحمل‬

‫مقر به مدع له‪ ،‬وتر معه‬ ‫اعلم أن من مات وتر مح ً‬


‫ال مع قوجته أو امته ومات وهو ٌ‬
‫قوجة غري مطلقة طالق ًا بائن ًا‪ ،‬وطلبت نقيبها إن كانت قوجة وطلبلت الزوجلة مرياثهلا‬
‫قسم هلا ثمن الرتكة فقط؛ ألرا ال تنقص عنه سواء كان احلمل ذكر ًا أو أنثى أو كان واحد ًا‬
‫أو أكثر وتً بقية الًكة إىل أن يتحقق أمر احلمل فإن خرج ميت ًا أكمل هلا الثمن اآلخلر؛‬
‫ألرا تستحق مع بطالنه ربع الًكه إال أنه إن خرج كذلك بسبب جناية عليله فوجلب يف‬
‫الغرة وهي عبد أو أمة قيمته مخسامئة درهم قفلة كام ب ّيناه يف كتاب اجلنايات وتكون الغلرة‬

‫‪-431-‬‬
‫مرياث ًا بني ورثته عىل وفق الرشع‪ ،‬وإن كان مع الزوجة غريها من سائر الورثة فالذي نقه‬
‫اهلادي إىل احلق يف كتاب األحكام أنه يعزل من الًكة نقيب أربعة ذكور ثم يقسم الورثة‬
‫الباقي يعني عىل فرائض اهلل تعاىل‪ ،‬وإذا وضلعت امللرأة احلملل صلححت القسلمة علىل‬
‫حسب ما تضع‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وحتقيل املذهب أن نقيب أربعة ذكرو إنلام يعلزل يف املواضلع‬
‫التي يفضل فيها الذكر عىل األنثى فتما املوضع الذي يستوي فيله اللذكور واإلنلاث فإنله‬
‫جيب أن يعزل نقيب أربعة وال يشً يف ذلك الذكور‪ ،‬قال‪ :‬وذلك ألن احلمل بتربعة قد‬
‫صح هذا وجب االحتيا بان تعزل أنقلباؤهم وبعطلى البلاقون ملا‬
‫جرت العادة به فلام ّ‬
‫يتيقن أنه خيقهم وأكثر من ذلك مل جتر به عادة ومل يعرف‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل هذا املعنلى يف‬
‫ك‪ ،‬التلريد ووجه ما ذكراه يف أنه يعزل للحمل أكثر ما يمكن تقديره ويعطى الورثة ما‬
‫يتيقن أنه خيقهم قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال رضر وال رضار يف اإلسلالم))‬

‫واملراد حكم الرضر وقد علمنا وقوع الرضر عىل احلمل إذا تم وخ ح ّي ًا وقد اقتسم املال‬
‫كله وعلمنا وقوع الرضر عىل باقي الورثة إذا منعوا مما يتيقن أنه خيقهم ملن الًكلة علىل‬
‫حال غري أن لقائل أن يقول‪ :‬إن العادة جيوق اختالفها وإذا جاق ذلك مل تؤمن الزيلادة علىل‬
‫أربعة يف بطن واحد دليله ما ذكره الشافعي حممد بن إدريس فإنه روي عنه أنه قال‪ :‬دخلت‬
‫عىل شيخ باليمن ألسمع منه احلديث فلاء مخسة كهول وسلموا عليه وقب ّلوا رأسه ثم جاء‬
‫مخسة شباب وسلموا عليه وقبلوا رأسه‪ ،‬ثم جاء مخسة صبيان وسلموا عليه وقبلوا رأسله‬
‫فقلت‪ :‬من هؤالء؟ فقال‪ :‬أوالدي كل مخسة منهم يف بطن ويف املهد مخية أطفال‪.‬‬
‫وروي عن ابن املربقبان أنه قال‪ :‬أسقطت امرأة باألنبار كيس ًا فيه اثنا عرشل وللد ًا كلل‬
‫اثنني متقابلني‪ ،‬وإذا كان ذلك جائز وال مانع منه مل يكن القطع عىل التقرير األول غلري أن‬
‫أئمتنا عليهم السالم قد ذكروا مسائل نذكر طرف ًا منها‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن يكون احلمل مما يسقط مجيع الورثة عىل كل حال نحلو أن يلً محل ً‬
‫ال ملع‬
‫ال مع قوجة ابن له قد مات قبله فيلً أخل ًا ألم أو أخلوة فلال شليئ للوخ‬
‫قوجته أو مح ً‬

‫‪-432-‬‬
‫واألخوة من املرياث مع الولد ذكر ًا كان أو أنثى ففي هذا جيلب أين وقلف مجيلع امللال إال‬
‫الثمن إذا كان احلمل مع قوجته كام ب ّيناه‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن يكون احلمل ممن يسقط الورثة إذا كان ذكر ًا أو ذكور ًا وال يسقطهم إذا كان‬
‫أنثى أو أناثى فاحلكم فيه تً قسمته حتى يتبني املر وصورته أن تً مح ً‬
‫ال وتً ابن ابن‬
‫أو بنت ابن ونحو ذلك‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أن يكون احلمل ممن ال ينقض الورثة عن ملرياثهم علىل كلل حلال ويف هلذه‬
‫املستلة جتب القسمة عند أن يطلبها الورثة وتكون صحيحة غري موقوفة عىل ظهور احلمل‬
‫وذلك يتقور يف مسائل عدة نذكر فيها مستلتني ليدال عىل ما وراءمها أحدمها‪ :‬يف النسلب‬
‫واألخرى يف الوالء‪.‬‬
‫أما التي يف النسب فهي أن يً الرجل قوجته وحك ً‬
‫ال مع أ ّمه من أبيله فلإن للزوجلة‬
‫الربع ال يزاد عليه وال ينقص منه سواء كان احلمل ذكر ًا أو أنثى واحد ًا أو أكثر‪.‬‬
‫وأما التي يف الوال فتن يكون والء العبد املعتق لرشيكني فيموت أحلدمها قبلل ملوت‬
‫احلي ومح ً‬
‫ال مع امرأة مواله امليلت‪ ،‬فإنله لليس مللواله‬ ‫العبد ثم يموت العبد ويً مواله ّ‬
‫احلي إال نقف املرياث عىل أية حال كان ويكون النقف اآلخر موقوف ًا‪ ،‬فإن خلرج حيل ًا‬
‫فهو له سواء كان واحد ًا أو أكثر من واحد سواء كان ذكر ًا أو أنثلى‪ ،‬وإن خلرج ميتل ًا كلان‬
‫لبيت املال فتقح هذه املستلة فيام هذا حاله وال تكون موقوفة عليه السالم ظهور احلملل‬
‫ومتامه‪.‬‬
‫ورابعها‪ :‬أن يكون الورثة سواء احلمل يستحقون سهام ًا معلومة وال ينققلهم احلملل‬
‫عنها يف حال من األحوال فإن الروثة تعطي تلك السلهام علىل كلل حلال ملن األحلوال‬
‫ويوقف الباقي حتى يتبني األمر مثاله أن يً رجل ابنته وأمه ومح ً‬
‫ال مع أمه من أبيله فلإن‬
‫للبنت النقف عىل كل حال ولوم السدس عىل كل حال والباقي للحملل ذكلر ًا كلان أو‬
‫أنثى واحد ًا كان أو أكثر وهو ثلث املال فهو للحمل بالتعقيب؛ ألنه إذا كلان ذكلر ًا فهلو‬

‫‪-433-‬‬
‫عقبة أو ذكور ًا فكذلك‪ ،‬وإن كان أنثى فاألخت مع البنت عقبة وكذلك األخوات معها‬
‫عقبة وإن خرج هذا احلمل ميت ًا كان هذا الثلث رد ًا عىل البنت واألم عىل قدر سهامهام‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬أن يكون مرياث احلمل خيتلف بحسب كونه ذكر ًا أو أنثى فإنه يلً أوفلر‬
‫النقيبني ويسلم للوارث الظاهر أقلهام؛ ألنه ال يؤمن أن يكون من أهل النقيب األوفلر‪،‬‬
‫ال مع امرأة أبيله فلإن لوخلت ملن األب‬ ‫مثال ذلك أن يرتك الرجحل أخت ًا ألل وأم ومح ً‬
‫واألم النقف عىل كل حال والباقي لوخ من األب إن وقع احلمل ذكر ًا أو ذكور ًا فإن كان‬
‫أنثى أو أناثى فلها وهلن السدس تكملة الثلني والباقي مردود عليهلا وعلىل األخلت ملن‬
‫األب أو األخوات من األب فيكون لوخت من األب واألم ثالثة أربلاع امللال بلالفرض‬
‫والرد ولوخت من األب أو األخوات من األب الربع بلالفرض واللر ّد ون خلرج ذكلر ًا‬
‫أوذكور ًا فال رد ويكون له أو هلم الباقي بالتعقيب‪.‬‬

‫وسادسها‪ :‬أن يكون احلمل ممن يرث يف حال كونه ذكر ًا وال يرث يف حال كونه أنثلى‪،‬‬
‫فإنه يوقف له نقيب الذكر؛ ألنه ال يؤمن أن يكون كذلك مثال ذلك أن يً الرجل بنتل ًا‬
‫ال مع أمراة أخيه فإن احلمل إن كان ذكر ًا أو ذكور ًا فللبنت النقف عىل كل حال وهلم‬
‫ومح ً‬
‫الباقي‪ ،‬وإن كان احلمل أنثى أو أناثى كان املال كله للبنت بالفرض والر ّد وال يشء لبنات‬
‫األخ ألرن من ذوي األرحام‪.‬‬
‫وسابعها‪ :‬أن يكون احلمل ممن يرث يف حال كونه أنثى وال يرق حال كونه ذكلر ًا فإنله‬
‫يوقف له نقيب األنثى فقط‪ ،‬مثاله أن تً املرأة قوج ًا وأخت ًا ألب وأم ومح ً‬
‫ال ملع املرأة‬
‫أبيها فإن احلمل إن كان ذكر ًا أوذكور ًا فال يشء هللم وال لله ولللزوج النقلف ولوخلت‬
‫وهلن السلدس تكمللة الثلثلني وتعلول املسلتلة‬
‫النقف وإن كان احلمل أنثى أو أنثى فلها ّ‬
‫بينهم فتكون من سبعة للزوج ثالثة أسلباع ولوخلت ألب وأم ثالثلة أسلباع‪ ،‬وإذا كلان‬
‫أوهلن سلبع امللال وهلذا هلو‬ ‫ّ‬ ‫كذلك وقف سبع املال‪ ،‬فإن خرج احلمل أنثى أو أناثى فلها‬
‫املوقوف‪ ،‬فإن كان ذكر ًا كان هذا املوقوف كله بني الزوج واألخت فرض ًا ال ر ّد ًا‪ ،‬ففي مجيع‬
‫هذه املسائل ال تتثري احلمل يف تزايد مرياثه‪.‬‬

‫‪-434-‬‬
‫فصل‬

‫فإن كان لتزايد احلمل يف تزايد مرياثه ففيه مسائل ونذكر منها واحدة لتدل عىل غريهلا‬
‫وهي أن متوت املرأة وتً قوج ًا وأختني ألم ومح ً‬
‫ال مع امراة أبيها‪ ،‬فتصل الفريضلة ملن‬
‫ستة للزوج النقف وهو ثالثة ولوختني من األم الثلث وهو سهامن ويبقلى ملن املسلتلة‬
‫سهم وهو السدس‪ ،‬فإن كان احلمل ذكر ًا أو ذكور ًا مل يكن هلم هذا البلاقي؛ ألرلم عقلبة‬
‫وإن كان احلمل أنثى فلها تسمية النقف وهو ثالثلة؛ ألرلا أخلت ألب وتعلول املسلتلة‬
‫بسهمني من ستة فتكون من ثامنية بعد العول هلا ثالثة أثامن املال وللزوج ثالثة أثامن أيضل ًا‬
‫ولوختني من األم ربع املال‪ ،‬وإن كان احلمل اثنتني فقاعد ًا فلهلن تسلمية الثلثلني وهلو‬
‫أربعة أسهم من ستة فتعول بثالثة وتقري بعد العول من تسعة أسلهم لللزوج ثالثلة ملن‬
‫تسعة وهو ثلث املال‪ ،‬ولوختني من األم سهامن ومها تسعا املال‪ ،‬ولوختني أو األخلوات‬
‫من األرب أربعة من تسعة وهو أربعة أتساع املال فيلب أن يعزل احلمل أربعة أتساع املال‬
‫وهو اكثر النقيبني ويدفع للزوج أقل النقيبني وهو ثلث املال ولوختني ملن األم تسلعا‬
‫املال ويوقف ما ذكرناه حتى يتبني احلمل ويظهر األمر بخروجه حي ًا فتقح القسلمة علىل‬
‫حسب افارج وعىل هذا فقس‪ ،‬وف ياجلملة مسائل ينتلها النظر وفيهلا كثلرة وحسلاهبا‬
‫عىل ما قدمناه من الفروض املحدودة واملواريث املذكورة وقد ع ّينلا طرفل ًا منهلا يف كتلاب‬
‫التقرير‪.‬‬

‫وأما الفصل الرابع وهو في ميراث اللقيط واللقيطة‬

‫قد ذكرنا يف كتاب الضوال واللقطة‪ ،‬أن اللقطلة واللقيطلة حلران ال سلبيل ملللتقطهام‬
‫عليهام وهذا إمجاع‪ ،،‬وب ّينا كيفية احلكم هبام إذا ادعى نسب الققليط واللقيطلة منلالتقطهام‪،‬‬
‫وب ّينا احلكم فيام تقدم‪ ،‬وأما مرياثها فإذا ادعى نسبهام مدع يثبت ا ّدعاءه ثبت نسبه واملرياث‬
‫له فإن لد يدع ذلك مدع فاملرياث لبيت املال فإذا أضاف ما جيب فيه عىل العاقلة الدية كان‬

‫‪-435-‬‬
‫ذلك يف بيت املال‪.‬‬

‫وأما الفقل افامس وهو يف مرياث ولد الزنا وابن املالعنة‪ ،‬أما ولد الزنلا فًثله أمله‬
‫ويرثها وكذلك إخوته وأخواته من أمه يرثهم ويرثونه إذا مل يكن معه ملن هلو أحلق منله‬
‫باملرياث املراد به أن خي ّلف بنني أو بنات ونحو ذلك فإنه إذا كان له ذرية كلان مرياثله هللم‬
‫عىل حسب ما فقلناه أوالً يف مواريث غريه ال خيرج من ذلك إال األب وورثته ألنه ال أب‬
‫له‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما مرياث ابن املالعنة فإن مات وخ ّلف ذرية ذكور ًا وإناث ًا مل يرث معهم غري أمه عىل‬
‫يكذب نفسه وال وارث منلق‬‫حسب ما فقلناه يف مرياث غريه وال يرثه املالعن ألمه إن مل ّ‬
‫لبه وهاذ الظاهر فإن أكذب نفسه وا ّدعى نسب الولد كان الولد باقي ًا فقد ذكر السليد أبلو‬
‫طالب أن االبن إذا كان حي ًا فادعاه املالعن ألمه بعد النفي فتكذب نفسه ثبت نسلبه منله‪،‬‬
‫وإذا ثبت ذلك كان مرياثه عىل نحو ما ب ّيناه أوالً ممن مات وله نسب ثابت من األب وذلك‬
‫ظاهر‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأقلر بالوللد مل‬


‫ّ‬ ‫فإن مات الولد املنفي واقتسم مرياثه ثم أكلذب املالعلن ألمله نفسله‬
‫يستحق شيأ ًا من إرثه وال يرجع عىل الذين اقتسموا مرياثه من أ ّمه وعقبة أمه بيشلء فلإن‬
‫كان هلذا الولد امليت ابن ثبت من جده واعتزا إليه نص عىل ذلك يف (املنتخب)‪.‬‬

‫‪-436-‬‬
‫فصل‬

‫وإن مل يقع يشء مما تقدم فقد ذكر املؤيد باهلل عليه السالم أن مرياثله ألمله وقرابلة أمله‬
‫قال‪ :‬قد أمجعوا عىل مجلتها‪ ،‬واختلفوا يف كيفيتها‪ ،‬قال‪ :‬واملشهور عن عيل عليه السالم أنله‬
‫قال يف ابن املالعنة مرياثه ألمه إذا مل يكن غريها فلإن كلان معهلا أخلوة أو قوج أو املرأة‬
‫أعطي كل وارث الذي يسمى له فإن فضل من املرياث يشء رد عليله السلالم أمله وعلىل‬
‫الورثة إال الزوج واملرأة ومثله ذكر السيد أبو طالب يف كحه الزبدة أنه يرث من أمه ماي‬
‫رثه الوالد وحيلب عىل من حيلدبه الولد فإن ماتت أمه وله جدة فلها ما يكون لللدة عىل‬
‫أصل حييى عليه السالم‪ ،‬ذكره السي أبو طالب‪ ،‬وال ترث جدة أب أمه شيأ ًا ملا عاشلت‬
‫أمه فإن مكات وليس له أم فإن عقبته عثبة أمه فإن ماتت جدته أو واحد من عقلبة أمله‬
‫فهو منهم بمنزلة ابن االبنة ال مرياث لله‪ ،‬ذكلره يف (اللوايف) قولله‪ :‬ال ملرياث لله يعنلي‬
‫بالتسهيم أو التعقيب‪ ،‬فتما بالرحم فهو من مجلة ذوي أرحامهم فإن مات وتر أمه فلها‬
‫الثلث والباقي ر ّد عليها فإن تر ام ًا وبنت ًا فلوم السدس ولببنت النقف وما بقي فهو رد‬
‫عليهام عىل أربعة فإن تر بنت ًا وأب ًا لوم فاملال للبينت كلله يف الفلرض واللر ّد ذكلر عهلذا‬
‫المسائل أبو طالب ورواها أيض ًا عن السيد أيب العباس وذكر إنام ذكره يف مجيعها هو قلول‬
‫عيل عليه السالم‪.‬‬
‫وأما الفقل السادس وهو يف مرياث امللوس وغلريهم ملن سلائر أهلل الذملة‪ ،‬أملا‬
‫نلص علىل ذللك يف‬ ‫مرياث امللوس فامللوس يلرث بعضلهم باألنسلاب ملن وجهلني‪ّ ،‬‬
‫(األحكام) ذكره السيد أبو طالب قال‪ :‬وتفقيل ذلك أن تكون املرأة امللوسية أم ًا وأختل ًا‬
‫نحو أن يثب امللويس عىل ابنته فتلد منه ابن ًا فتكون أم ًا لالبن وأخت ًا له ألب فًث منله إذا‬
‫مات مرياث األم ومرياث األخت‪ ،‬وذكر السيدان األخوان أن هذا كله قول أمري املؤمنني‬
‫عيل عليه السالم وذلك ألرا قد اختقلت بقلرابتني للو كانلت موجلودتني يف شخقلني‬
‫الستحقا اإلرث هبام كذلك إاذ وجد يف شخص واحد كام قلنلاه يف ابنلي علم أحلدمها أخ‬
‫البن وكام لو اعتق رجل جاريته ثم تزوج هبا فإنه يرثه بالزوجية وبالوالء‪.‬‬

‫‪-437-‬‬
‫فصل‬

‫وهذا كله إذا وثب عليها بعد النكا‪ ،‬فإنام إذا كان بغري عقد فهو قنا‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال يتوارثون بالنكا‪ ،‬إال أن يكون صحيح ًا كنكا‪ ،‬املسلمني وقد نص يف (األحكلام)‬
‫عىل أرم ال يرثون بالزوجية إال إذا كان النكا‪ ،‬صحيح ًا وهو قول أمري املؤمنني عيل عليله‬
‫السالم فإنه كان ال يورثهم بنكا‪ ،‬وال يقح يف اإلسالم‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذاما ال خالف فيه‪.‬‬

‫فصل‬

‫وقد حيلب الوارث منهم نفسه بنفسه نحو جملويس وثلب علىل ابنتله فتوللدها ابنتلني‬
‫وماتت إحدى االبنتني بعد أبيها وخ ّلفت أختها ألبيها وأمها وأختها ألبيها التي هي أمهلا‬
‫فوختها من أبيها وأمها النقف والختها من أبيها التي هي أمهلا السلدس لكورلا أمهلا‪،‬‬
‫وإنام كان هلا السدس دون الثلث؛ ألرا حلبت نفسها مع بنتها التلي هلي أخلت املتوفلاة‬
‫ألب وأم‪ ،‬ذكر هذه املستلة السيدان األخوان عن اهلادي إىل احلق عليه السلالم ثلم قلاال‪:‬‬
‫وهذا مما ال خالف فيه بني القائلني بتوريثهم من وجهني‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما سائر أهل الذمة فإرم إذا ترافعو إلينا حكمنا بينهم باملورايث وغريهلا بتحكامنلا‬
‫لقول اهلل تعاىل‪[}      { :‬المائدة‪ ]42:‬وهو يقت ي أن اهلل‬

‫‪-438-‬‬
‫خري نبيه صىل اهلل عليه وآله وسلم أن حيكم بيلنهم إذا ترافعلوا إليله وبلني أن يلً‬
‫تعاىل ّ‬
‫احلكم قيل‪ :‬هذا احلكم باق إىل اليوم فيكلون معنلاه علىل هلذا القلول {‪ } ‬أي‬
‫ترافعوا إليك {‪ } ‬قوولله { ‪ }  ‬معنلاه أنله إن مل يًافعلوا إليلك‬
‫فاعرض عنهم وقيل‪ :‬إن التخيري منسوخ لقولله تعلاىل‪      { :‬‬

‫‪[}           ‬المائالدة‪ ،]49:‬قيل‪ :‬قالت‬
‫عام هو عليله فلإنام هلو‬
‫رؤساء اليهود بعضهم لبعض انطلقوا بنا إىل حممد لعلنا نفتنه ونرد ّ‬
‫برش‪ ،‬وقالوا له‪ :‬قد علمت أنا إن اتبعنا اتبعك الناس‪ ،‬وإن لنا خقومة فلاقض لنلا علىل‬
‫خقومنا إذا حتاكمنا إليك ونحلن نلؤمن للك ونقلدقك فلتنزل اهلل‪  { :‬‬

‫‪[}        ‬المائدة‪.]49:‬‬


‫وأما الكالم يف اإلقرار فقد قدمنا يف كتاب اإلقرار ما فيه كفاية‪.‬‬

‫‪-439-‬‬
-440-
‫كتاب السري‬

‫باب صفة اإلمام الذي تجب طاعته‬


‫وفيه ثالثة فقول‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬يف بيان اإلمام بعد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من القحابة‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬يف بيان منقب اإلمامية اآلن‪ ،‬وبيان الطريق إليها‪ ،‬وبيان كو صحة اإلمامة‬
‫التي متى تكاملت يف الداعي إليها كان إمام ًا‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬يف بيان فوائد ما يتقل بذلك‪.‬‬


‫أما الفقل األول‪ :‬فتول األئمة أمري املؤمنني عيل بن أيب طالب عليه السالم عىل ذللك‬
‫إمجاع العًة مع الكتاب والسنة فمن الكتاب آية الوالية‪ ،‬ومن السنة (خرب) الغدير وخلرب‬
‫املنزلة وغريمها‪ ،‬والغرض اإلشارة طلب ًا لالختقار‪ ،‬وقد ّبني ذلك علامؤنا وب ّينا ذلك نحن‬
‫يد وطريق إمامته النص عندهم مجيع ًا‪،‬‬‫يف كتاب ينابيع النقيحة وهذا هو رأي الشيعة عن ٍ‬
‫ثم اختلفوا يف كيفيته‪ ،‬والذي نختاره أن النص وقع عىل وجه حيتاج يف معرفة امللراد بله إىل‬
‫التتمل وال نكفر من دافعه وال نفسقه ونقطع عىل نخطأة من تقدمه وأنه قد ارتكب قبيحل ًا‬
‫وفعل معقية وحيتمل أن تكون كبرية؛ ألرا خامتة األعامر وال صغرية مع إرصار وحيتملل‬
‫أن تكون صغرية؛ ألن ملن تقدم عليه من املشائخ الثالثة أعامالً حسنة وأفعاالً قكية صاحلة‪،‬‬
‫وجيوق أن تكون هذه املعقية صغرية يف جنبها وباإلضافة إليها‪ ،‬وقد قال عيل عليه السالم‪:‬‬
‫إَّ من أن أخطئ يف العقوبة) ونقول كام قال اهلل تعلاىل‪{ :‬‬
‫(ألن أخطئ يف العفو أحب ّ‬

‫‪-441-‬‬
‫‪[}               ‬البقرة‪ ،]134:‬ويف‬
‫الكايف وال خالف بني العًة أنه جيب عىل كل مك ّلف عامل وعامي رجلل أو املرأة معرفلة‬
‫إمامة عيل عليه السالم‪ ،‬ويف (الكايف)‪ :‬لكورا من أصول الدين ولكورا نق ًا‪.‬‬

‫فصل‬

‫واإلمام بعده ولده احلسن ثم بعده ولده احلسني عليهم السالم وهذا موضع إمجاع بني‬
‫األمة ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪(( :‬احلسلن واحلسلني إماملان قاملا أو قعلدا‬
‫وأبومها خري منهام)) وذكر يف (الكايف) أن من مل يعرف إمامتهام مل يفسق عند مجيع العللامء‪،‬‬
‫قال‪ :‬وليس معرفة إمامتهام من اصول الدين‪.‬‬
‫وأما الفقل الثاين‪ :‬وهو يف بيان منقب اإلملام وبيلان الطريلق إليهلا‪ ،‬وبيلان كو‬
‫صحة اإلمامة التي متى تكاملت يف الداعي إليها كان إمام ًا‪ ،‬أما منقبها فال جيلوق يف غلري‬
‫قريش وال جتوق يف قريش إال يف ولد فاطمة متى كان الداعي فاطمة األب‪ ،‬أما ما اعتربناه‬
‫من كونه من قريش فلقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬األئمة من قريش)) واألخذ بام وقع‬
‫عليه إمجاع الزيدية واملعتزلة‪ ،‬وأما ما عتربناه ثاني ًا من كونه فاطمي األب وأرا عىل من هذه‬
‫حاله من ولد فاطمة عليها السالم حمظورة عىل سلواهم ملن قلريش وغلريهم مهلام بقلي‬
‫التكليف حمظور ًا بذلك إلمجاع العًة الزكية وإمجاع أتباعهم من الزيدية فإرم أمجعوا علىل‬
‫جواقها فيمن هذه حاله‪ ،‬ويف حظرها فيمن من مل يكن فلاطمي األب وأن العقلل يق يل‬
‫الترصف يف أمور ضارة من جلد وقطع وقتل وأخذ مال‪ ،‬واألصلل‬
‫ّ‬ ‫بحظرها؛ ألنه يقت ي‬
‫ال وكع ًا إال بدليل خيقص‪ ،‬والدليل هو إمجاع العلًة خاصلة ويلتلخص‬
‫فيها احلظر عق ً‬
‫إمجاع األمة من حيث أن من أجاقها يف مجيعالناس فقد أجاقها يف الفاطمني ومن أجاقهلا‬
‫يف قريش فقد أجاقهم فيهم؛ ألرم خري الناس وخري قريش‪ ،‬فهذا اإلمجاعال ينلايف افلرب؛‬
‫ألنه أفاد بيان اجلنس وهم قريش فإذا كان اإلمجاع منعقد ًا عىل جواقها فيهم ومل يدل دليل‬
‫عىل جواقها يف غريهم بقي ذلك احلظر ويكون اإلمجلاع خاصل ًا يف افلرب فتملا ملا‬ ‫خا‬

‫‪-442-‬‬
‫ترويه اإلمامية فلو صح لوجب أن يكون ظاهر ًا مشهور ًا ومعلوم أنه ليس كذلك‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما بيان الطريق إىل اإلمامية فطريقها عند القاسم واهلادي وسائر علامئنا هلو اللدعوة‬
‫فمتى حقلت كو امامة يف شخص ذكر‪ ،‬بال ‪ ،‬عاقل‪ ،‬وكان فلاطمي األب‪ ،‬ودعلا إىل‬
‫نفسه‪ ،‬وباين الظاملني‪ ،‬ونقب نفسه ورايته كان إمام ًا‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬الدغعوة موجبة لإلمامة وليست بداللة عليها‪ ،‬وقال يف موضع‪ :‬هلي‬
‫موجبة لإلمامة ال يمتنع أن تكون داللة عليها‪.‬‬

‫الً ُّشلح لإلماملة وإظهلار القيلام بلالومر ملع‬


‫قال السيد أبو طالب‪ :‬ونريد باللدعوة َ َ‬
‫التمكن‪ ،‬وما ذكرناه من معنى الدعوة هو كامللمع عليه من جهة املعنى إذ ال خلالف بينلا‬
‫وبني القائلني باالخيتار يف أن من امتنع من قبوهلا وال يظهر من نفسه القيام هبا إذا متكلن مل‬
‫جيز أن خيتار هلا فثبت أنه ك يف انعقاد اإلمامة كع ًا‪ ،‬وما عداه ال دليل عليه فبقلي علىل‬
‫احلظر العقيل‪ ،‬ذكر هذا املعنى السيد أبو طالب الناطق باحلق‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما كوطها فهي سبعة‪:‬‬


‫أحدها‪ :‬أن يكون ذكر ًا‪ ،‬بالغ ًا‪ ،‬عاقالً‪ ،‬حر ًا‪ ،‬وهذا إمجاع بني األمة‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن يكون فاطمي األب كام تقدم‪.‬‬

‫وثالثها‪ :‬أن يكون عامل ًا بام حيتاج إىل معرفته من أصول اللدين وفروعله‪ ،‬وامللراد بله أن‬
‫نص عىل معناه يف (األحكام)‬
‫يكون مع علمه بتصول الدين من أهل االجتهاد يف الفروع‪ّ ،‬‬
‫وجيب أن يكون علمه بالفقيه أكثر من علمه بسائر الفنون؛ ألنه يتعلق به احلالل واحللرام‪،‬‬

‫‪-443-‬‬
‫واالحتياج إليه أكثر‪.‬‬

‫ورابعها‪ :‬أن يكون ورع ًا تقي ًا‪ ،‬واملراد به أن يكون قائ ًام بالواجبات‪ ،‬وكاف ًا علن الكبلائر‬
‫من املقبحات‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬أن يكون شلاع ًا كمي ًا‪.‬‬

‫وسادسها‪ :‬أن يكون ذا رأي وتدبري‪ ،‬سائس ًا لومور بحيث يكون له من ثبلات اللرأي‪،‬‬
‫والقلب‪ ،‬والعلم بتلدبري احللروب وسياسلة اجلمهلور ملا يقللح أن يكلون مثلله ملدبر ًا‬
‫للليوش واحلروب‪.‬‬

‫وسابعها‪ :‬أن يكون سخي ًا بوضع حقوق اهلل تعاىل يف أهلها فلال يقلح يف إخراجهلا يف‬
‫الوجوه التي ق الرشع بإخراجها فيها فيدخل يف اجلملة أن يكون قويل ًا علىل األملر وال‬
‫يكون معه صعف يمنعه‪ ،‬وال آفة تقعده وال جراحة تنفر املسلمني عن قربه‪ ،‬ويلدل عليله‬
‫السالم اشًا هذه الرشو مع كونه فاطمي ًا إمجاع القحابة علىل اشلًاطها‪ ،‬وقلد روي‬
‫إمجاعهم عىل ذلك عللامء اإلسلالم‪ ،‬والعلارفون بلاحلالل واحللرام‪ ،‬ورواه أيضل ًا فرسلان‬
‫الكالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫والطريق إىل معرفة تكامل هذه افقال حقول اإلمجاع واإلطباق عىل كونله فلاطمي‬
‫األب‪ ،‬وحقول ذلك عىل توفر ح ّظه من الورع والفقه عىل مجيع افقال املذكورة‪ ،‬وهذا‬
‫إذا كان يف بلد ناق‪ ،‬فالبد من حقول العلم بذلك‪ ،‬ذكره يف (الكلايف) وإذا كلان حلارض ًا‬
‫فالعلامء يعلمون توفر ح ّظه يف باب العلم فمتى علموه وأطبقوا عليه وحقل اللعم للعامة‬
‫بذلك من خربهم للزمهم إجابتله وترصلته‪ ،‬وسلائر افقلال يشلً يف معرفتهلا العلامل‬
‫واجلاهل‪ ،‬وال يؤخذ يف ذلك باألمارات املظنونة‪ ،‬وإتنام جيب العمل عليله السلالم العللم‬
‫عند أئمتنا عليهم السالم؛ ألن هذا احلكم عندم من أصول الدين فال جيوق فيهالعمل علىل‬

‫‪-444-‬‬
‫الظن‪.‬‬

‫وأما الفقل الثالث وهو يف فوائد ما منها يتعلق بذلك فهي ثالث‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن اإلمام إن أيه العدو وغلب عىل الظن أنه ال ينلو من األي رلض غلريه‬
‫باألمر ودعا لنفسه ثم ر ّلص األول ففيه قوالن‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أنه يلزم املفضول تسليم األمر إىل األفضلل‪ ،‬وبله قلال القاسلم بلن إبلراهيم‬
‫والنارص‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أن الفمضول يتحمل أعباء هذا األمر والقرب عىل مضض اجلهاد يف سبيل اهلل‬
‫تعاىل يقري به أفضل فال يلزمه تسليم األمر إىل األفضل منه قيل ذلك وهذا قول السيدين‬
‫األخوين‪ ،‬والسيد أيب عبداهلل الداعي‪ ،‬وهو املروي عن َق ْيلن العابلدين عليل بلن احلسلني‬
‫النفس الزكية املهدي لدين اهلل حممد بن عبداهلل عليهم السالم‪ ،‬ذكره يف الكايف‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬إن اإلمام إذا فسق بطلت إمامته إذا تاب ي ًا من دون جتديد الدعوة أم ال البد‬
‫من جتديدها‪ ،‬فذهب اهلادي إىل احلق واملؤيد باهلل إىل أنه جيب عليه أن يتوب فإذا تاب ي ًا‬
‫مل جيب عليه جتديد الدعوة‪ ،‬وعنلد النلارص للحلق تبطلل اإلماملة بالفسلق وال تعلود إال‬
‫بتلديد الدعوة وهو مننوع عام لوئمة القيام به إال أن يتوب وجيدّ د الدعوة‪ ،‬وقيل هو أحد‬
‫قوَّ املؤيد باهلل‪ ،‬واألول أن حيمل األول عىل أنه فسق ي ًا ثم تاب ي ًا فإنه ال جيب عليله‬
‫إظهار فسقه وتوبته‪ ،‬ويدل حتت قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من أتى شليأ ًا ملن‬
‫هذه القاذورات فليستً بسً اهلل)) ومجيع الكبائر قاذورات فتمر الفاعل بالسً عىل نفسله‬
‫وهو الكتامن والتوبة مقبولة ي ًا فيام بينه وبني اهلل؛ وألن إظهار الكبلرية التلي فعلهلا ي ًا‬
‫يقد‪ ،‬يف عدالته ويضعف أ ْم ُر ُه يف القلوب فال جيوق أن يفعل ما يؤدي إىل هلذا‪ ،‬وقلد قلال‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أقيلوا الكرام عثراهتم)) والكلريم هلو التقلي لقلول اهلل‬
‫تعاىل‪[}    { :‬الحجرات‪ ،]13:‬وأما إذا فعل الكبرية ظاهر ًا فالبد من‬
‫وقوع النوبة ظاهر ًا ووقع االختبار بعدها‪ ،‬وأقل مدة االختبار سنة ثم جيلدد اللدعوة بعلد‬

‫‪-445-‬‬
‫ذلك؛ ألن حاله ال يقرص عليه السالم حال الشاهد الذي يكون عدالً ثلم يرتكلب كبلرية‬
‫فقد ذكر العلامء أنه إذا تاب اختربت توبته مدة وقدر بعضهم سنة واإلمام بذلك أوىل؛ ألنه‬
‫يترصف يف الدماء والنفوس واألموال‪ ،‬واهلل اهلادي‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا ثبت ذلك فلنذكر طرف ًا مما اختلف فيه علامؤنا عليهم السلالم فهلو يشلتمل علىل‬
‫فوائد‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أنه جيوق ققد أهل احلرب إىل ديارهم بغري إمام ووجهه (خرب) وهوقول عليل‬
‫عليه السالم‪ :‬ال يفسد اجلهاد واحل جور جائر كام ال يفسد األمر باملعروف والنهلي علن‬
‫املنكر غلبة أهل الفساد؛ وألنه قد ثبت عن أقوام صاحلني أرم حاربوا وغزوا مع الفسلقة‬
‫ومل حيفن عن أحد من السلف إنكار ذلك فذلك جلائز عنلدنا‪ ،‬وبله قلال قيلد بلن عليل‪،‬‬
‫والنفس الزكية حممد بن عبداهلل‪ ،‬وأمحد بن عيسى‪ ،‬والنارص للحلق‪ ،‬والسليد أبلو عبلداهلل‬
‫الداعي‪ ،‬رواه عنهم الكايف‪ ،‬وهو قول املتوكل عىل اهلل‪ ،‬واملنقلور بلاهلل عبلداهلل بلن محلزة‬
‫عليهم السالم‪ ،‬ويف الكايف وروى القاسم عن النفس الزكية أنله جيلوق قتلال البغلاة بغلري‬
‫علوي وبغري إمام فون جيوق مع العلوي أوىل وأحرى‪ ،‬وذكر املنقور باهلل عليه السلم أنله‬
‫جيوق ققدهم أيض ًا إىل بالدهم مع إمام حق‪ ،‬فإن مل يكن جاق ذلك وهلذا قال يف شعره‪:‬‬
‫لللدر لسلللافكها يف غلللري وقلللت إملللام‬
‫أهللللل بغللللي دمللللاؤهم هل ُ‬
‫لع وما طرقت حرهبم بعلام‬ ‫لتامدي طغيارم ليس للدفلل‬

‫وهو قول السيد اإلمام احلسن بن إسامعيل اجلرجاين عليه السلالم قلال‪ :‬وهلو اللذي‬
‫ذهب إليه حمقلو حمدّ ثي أصحابنا وهو اختيار احلاكم أب سعيد‪ ،‬ثم رجع املنقور باهلل إىل‬
‫القول بتنه ال جيوق ققد البغاة إىل ديارهم إال إلمام حق عادل وهو رأي اهللادي إىل احللق‬
‫عليه السالم وهو القحيح عندنا؛ وذلك ألرم مالكون الدار التي هم فيها واألموال التي‬

‫‪-446-‬‬
‫يف أيدهيم أيض ًا‪ ،‬وإنام جيوق قتاهلم مللرد البغلي لقولله تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪[}‬الحجالرات‪ ]9:‬فإذا فقد البغي عاد إىل أصلله وهلو املنلع واحلظلر؛ ألن األصلل حتلريم‬
‫األموال والدماء إال ملبيح كعي‪ ،‬وهو رأي القايض شمس الدين جعفر بن أمحلد‪ ،‬وهلو‬
‫مذهب اهلادي إىل احلق أنه ال جيوق ققد أهل احلرب إىل ديارهم إال إلمام حق وهو قلول‬
‫مجاعة من أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬رواه السيد أبو طالب والقول األول أوىل لظاهر قوله‬
‫تعللللللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}‬التوبة‪ ،]5:‬فتمر تعاىل بتخذهم وقتلهم وحرصهم ومل يشً أن يكون ذللك ملع‬
‫إمام فظاهره يقت ي جواق ذلك مع فقده؛ وألن القحابة ريض اهلل علنهم ملدة حرصلهم‬
‫لعثامن املرة األوىل واملرة الثانية ومدهتا مخسة أشهر وعرشة أيام فهم يف هذه املدة حلافظون‬
‫لثغورهم كافون ألمورهم يف فروج أرض اهلند‪ ،‬والباب يف خراسان‪ ،‬وثغور ملرعش ملن‬
‫املغرب‪ ،‬وما تركوها مهملة وقال خ ّلوها معطللة؛ وألن القلحابة ريض اهلل علنهم كلانوا‬
‫حياربون يف قمان معاوية عىل ثغور املسلمني ويغزون أهل احللرب حتلى قتلل أبلو أيلوب‬
‫األنقاري رمحه اهلل يف بعض هذه احلروب‪.‬‬
‫(خرب) وقد حارب النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قبل البعثلة يف حلرب الفللار بلني‬
‫قيس وكنانة وهو ابن مخس عرشة سنة وقيل‪ :‬عرشين سنة‪ ،‬وقال‪ :‬كنت أنبل عىل أعاممي‪،‬‬
‫قيل‪ :‬يردد عليهم النبال‪ ،‬وقيل‪ :‬يناوهلم احللارة القغار‪ ،‬وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫((لقد شهدت حلف ًا يف دار عبداهلل بن جدعان لو ا ْدعى إىل مثله يف اإلسالم ألجبت)) يعني‬
‫حلف الفضول حني حتالفت بطون قريش منهم بنلو هاشلم علىل أن ال يقلروا ظاملل ًا علىل‬
‫ظلمه‪ ،‬وال يًكوا آث ًام عىل إثمه‪ ،‬وأن يتمروا باملعروف وينهلوا علن املنكلر‪ ،‬وهللذه العللة‬
‫حرصت القحابة عثامن بن عفان ملا اعتقدوا فيه أنه فعل املنكلرات حرصلوه ملرتني ملرة‬
‫حرصوه أربعني يوم ًا وهي املرة األوىل‪ ،‬ومرة أربعة أشهر حتى كان آخرها أرم قتللوه وال‬
‫يقح أن يقال‪ :‬إرم فعلوا ذلك عن أمر عن عيل عليه السلالم وهلو اإلملام عنلدكم؛ ألن‬

‫‪-447-‬‬
‫ال بتمامته؛ وألنه ملا ُس مأل عن قتل عثامن هل أمر بله‬
‫أكثر القحابة يف تلك احلال مل يكن قائ ً‬
‫ال ولو ريت لكنت نارص ًا ما أمرت وال ريلت وال‬ ‫أو رى عنه؟ قال‪ :‬لو أمرت لكنت فاع ً‬
‫رضيت وال كرهت فتجرى قتله جمرى املبا‪،‬؛ ألنه لو كان قبيح ًا لوجب عليه أن ينهى عنه‬
‫مع اإلمكان ولو وجب عليه أن يكرهه عىل كل حلال وللو كلان واجبل ًا لوجلب عليله أن‬
‫يرىض به عىل كل حال وأن يتمر به ويعني عليه مع اإلمكان‪ ،‬وأما دفع الظاملني عن ظلمهم‬
‫فذلك جائز بل واجب مع اإلمكان يف ديارهم وغريها ملع إملام حلق إن كلان وإال فملع‬
‫قعيم ورع سائس ينقبه املسلمون أن حيتسب يف ذلك هلل تعلاىل‪ ،‬وقلد ب ّينلا هلذه اجلمللة‬
‫وفقلناها فيكتاب الرسالة املفقحة بالرباهني املوضحة وأودعنا كتاب التقرير طرفل ًا ملن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫املستلة الثانية‪ :‬أن إقامة احلدود ال جتوق إال ألئمة احلق وعند اهلادي عليه السالم وهلو‬
‫الظاهر من قول العًة غري املؤيد باهلل فإنه ذكر جواق ذلك لغلري األئملة ملن اللوالة؛ ألن‬
‫تركه يؤدي إىل تضييع احلقوق‪ ،‬وقيل‪ :‬هذا قوله األول‪ :‬وأنه قد رجع عنه وقال‪ :‬ألن جتويز‬
‫ذلك يؤدي إىل االستغناء عن اإلمام‪ ،‬وقد أمجعلت األملة علىل أن األملة ال تسلتغني علن‬
‫اإلمام؛ وألنه إنام جاق نقب القايض للرضورة وهلي فقلد اإلملام وال رضورة إىل إقاملة‬
‫احلدود‪ ،‬وذكر الشيخ العامل أبو الفضل بن كوى أنله جيلز إقاملة احللدود علىل األحلرار‬
‫واملامليك يف غري وقت األئمة لغريهم من املسلمني ألن ال يؤدي ذلك إىل تضييع احلدود‪.‬‬
‫املستلة الثالثة‪ :‬أنه ال جيوق أخذ احلقوق الواجبة من الزكوات وأعشار ونحومها يف غري‬
‫وقته أال يؤدي إىل تضييع احلقوق وإليه ذهب القايض شمس الدين جعفر بلن أمحلد فإنله‬
‫ذكر أنه جيوق لوالة املسلمني من قضاة احلق‪ ،‬ووالة العدل أن يستويف احلقوق الواجبة ممن‬
‫وجبت عليه طوع ًا وكره ًا وأن له أن يضمن الظاملني ما استهلكوه من أموال اهلل تعاىل قال‪:‬‬
‫وال فرق يف هذه القضية بني من ينقبه اإلمام من القضاة وبني من ينقبه املسللمون قلال‪:‬‬
‫وكذلك ملن واله مجاعة من املسلمني القيام هبذا األمر‪ ،‬قال‪ :‬وكان قائ ًام بالعدل وفاع ً‬
‫ال من‬
‫ذلك ما يفعله القايض املنقوب‪ ،‬ينبغي أن جيوق له ذلك ملا جيلوق لقاضليهم؛ ألن اللذي‬

‫‪-448-‬‬
‫ألجله جاق فل القايض هو الوالية الثابتة من قبل املسلمني‪ ،‬فإذا ثبتت الوالة يف ذلك لغريه‬
‫جاق له ما جاق للقايض‪ ،‬قال‪ :‬فلإذا قلبض القلايض أو اللواَّ أملوال الظلملة علىل وجله‬
‫التضمني هلم بام استهلكوه من األموال ظل ًام ملن ال يعلرف جلاق رصف ذللك يف مقلالح‬
‫املسلمني وفقرائهم كام جيوق رصف األموال التي الي عرف مالكها إىل ذلك‪ ،‬وذكر الشيخ‬
‫عيل خليل ملذهب املؤيد باهلل عىل أن التضمني ال يكون إال لإلمام أو احلاكم دن غريمها‪.‬‬

‫‪-449-‬‬
‫باب ما يجب على اإلمام أن يسير به في رعيته وما يتصل بذلك‬
‫{‪         ‬‬ ‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫{‪      ‬‬ ‫‪[}‬آل ومرا‪ ]104::‬اآلية‪ .‬وقال تعاىل‪:‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪           ‬‬

‫{‪     ‬‬ ‫وقال عز قائالً‪:‬‬ ‫‪[}‬المائدة‪]81-78:‬‬

‫‪[}   ‬آل ومرا‪ ]110::‬اآلية‪.‬‬


‫ّ‬
‫ولتنهون عن املنكر أو‬ ‫(خرب) وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬لتتمرن باملعروف‬
‫ليسلطن اهلل عليكم كاركم ثم يدعوا خياركم فال يستلاب هلم)) روى ذلك قيد بن عيل‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) وحدثني والدي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬ال حيلل‬
‫لعني ترى اهلل يعىص طرفة عني فتطرف حتى تغري أو تنتقل))‪.‬‬
‫(خرب) وروينا باإلسناد إىل املنقور باهلل أنه قال روى بإسناده إىل النبي صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ال حيل لعلني تلرى اهلل يعىصل طرفلة علني فتطلرف حتلى تغلري أو‬
‫تنرصف)) ويف تفسري قوله تعاىل‪        { :‬‬

‫‪[}  ‬المائالدة‪ ،]78:‬قوله عىل لسان داود يعني أصحاب السبت فإن اهلل تعلاىل‬
‫راهم عن القيد يف يوم السبت وأذن هلم يف سائر األيام وكان احليتان تتتيهم يوم سلبتهم‬
‫كع َا ظاهرة عىل املاء شارع وشارعة وقيل‪ :‬كع ًا واردة إىل املاء تتيت بيض ًا سلامن ًا كتمثلال‬
‫يوم السبت مل جيدوها كلام قلال‬ ‫املخاض حتى تقف عىل أبواب دورهم وأبنيتهم فإذا م‬

‫‪-450-‬‬
‫اهلل تعللاىل‪[}     { :‬األوالالراف‪ ،]163:‬فانقسللموا ثللالث طوائللف‪،‬‬
‫فطائفة نقبوا الشبا يوم اجلمعة وقالوا‪ :‬ال حترم علينا يف اجلمعة وتركوهلا فلإذا جلاءت‬
‫يوم السبت وجلت فيها فإذا كان يوم األحد أخذوها وقالوا‪ :‬ال حترم علينا يف يلوم األحلد‬
‫وصادت هذه الطائفة وأكلت‪ ،‬وطائفة رت عن ذلك وقجلرت‪ ،‬وطائفلة أمسلكت علن‬
‫القيد وسكتت عن اإلنكار عىل من صاد وأكل‪ ،‬وقالت الطائفلة التلي سلكتت للطائفلة‬
‫الناهية مل تعظون قوم ًا اهلل مهلكهم يف الدنيا بمعقيتهم أو معذهبم عذاب ًا شديد ًا يف اآلخرة‪،‬‬
‫ملوهم عىل موعظتم لقوم يعلمون أرم غري مقلعني‪ ،‬فقاللت الطائفلة الناهيلة‪ :‬معلذرة إىل‬
‫ربكم أي موعظتنا إياهم معذرة‪ ،‬فقال داود عليه السلالم‪ :‬اللهلم العلنهم واجعلهلم آيلة‬
‫ومث ً‬
‫ال فلقك فمسخوا قردة ومسخ اهلل الطائفلة الفاعللة والطافلة السلاكتة علن اإلنكلار‬
‫املنكرة عىل الطائفة التي رتهم ووعظتهم قردة‪ ،‬وأما عيسى عليله السلالم فلإن قومله مللا‬
‫اقًحوا عليه مائدة من السامء فدعا اهلل تعاىل فتنزهلا عليهم فلام أكلوا من املائدة ومل يؤمنوا‬
‫قال عيسى عليه السالم‪ :‬اللهم العنهم كام لعنت أصحاب السبت فتصبحوا خناقير‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬دوروا مع‬
‫القرآن حيث دار‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل أرأيت إن مل نطق ذلك؟ قال‪ :‬كونا كحواري عيسلى‬
‫بن مريم شقوا باملناشري يف اهلل‪ ،‬وصلبوا يف جذوع النخل يف اهلل‪ ،‬قالو‪ :‬يا رسول اهلل أرأيت‬
‫إن مل نطق ذلك؟ قال‪ :‬قتل يف طاعة اللهخلري ملن حيلاة يف معقلية اهلل إن بنلي إيائيلل‬
‫ملكتهم ملو بعد أنبياء فغريوا سنتهم وعملوا فيها بغلري احللق فللم يملنعهم ذللك ملن‬
‫جورهم أن حابوهم وصافحوهم وواكلوهم وشاربوهم فلام رأى اهلل ذللك ملنهم رضب‬
‫بقلوب بعضهم عىل بعض‪ ،‬ولعنوا عىل لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بام عقوا وكانوا‬
‫ّ‬
‫ولتنهون عن املنكر أو ليسللطن اهلل علليكم كاركلم فيلدعوا‬ ‫يعتدون‪ ،‬لتتمرن باملعروف‬
‫عليهم خياركم فال يستلاب هلم))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عليه السالم عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه‬
‫ّ‬
‫ولتنهون عن املنكر أو ليسلطن اهلل عليكم كاركلم فيسلومونكم‬ ‫قال‪(( :‬لتتمرن باملعروف‬

‫‪-451-‬‬
‫سوء العذا ب ثم يدعوا خياركم فال يستلاب هلم حتلى إذا بلل الكتلاب أجلله كلان اهلل‬
‫سبحانه هو املنترص لنفسه ثم يقول‪ :‬ما منعكم إذا رأيتموين إعىص أن ال تغضبوا َّ)) دلت‬
‫هذه اجلملة عىل وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكلر‪ ،‬وقلال اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[}  ‬المائالدة‪ ،]83:‬وقال تعاىل‪    { :‬‬

‫‪[}  ‬النالالور‪ ،]2:‬قللال تعللاىل‪      { :‬‬

‫‪[}   ‬النور‪ ،]4:‬دلت هذه اآليات علىل وجلوب إقاملة األملر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وإقامة احلدود‪ ،‬وإمجاع املسلمني منعقلد علىل أن لوئملة أن‬
‫يفعلوا ذلك وأن يقوموا به ويتو ّلوه ويو ّلوا عليه‪ ،‬وقد قدمنا افالف يف أن ذللك مققلور‬
‫عليهم دون غريهم‪ ،‬ودل قول اهلل تعاىل‪[}      { :‬النالور‪ ،]2:‬عىل‬
‫أنه جيب عىل اإلمام أن يشتد غضبه عىل من عىص اهلل وللو كلان أبلاه أو ابنله وهلذا نلص‬
‫اهلادي أعني أعيان هذه املسائل‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪[}      { :‬التوبة‪ ،]103:‬دل عىل أن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يتخذ القدقات طوع ًا وكره ًا‪.‬‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ملعلاذ بلن جبلل حلني بعثله إىل الليمن‪:‬‬
‫((أعلمهم أن يف أمواهلم حقوق ًا تتخذ من أغنيائهم وترد عىل فقرائهم))‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أمرت أن آخذها ملن أغنيلائكم وأر ّدهلا إىل‬
‫فقرائكم)) دل ذلك عىل أن للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يتخلذ احلقلوق ملن أهلهلا‬
‫وهم الذين جتب عليهم وأن عليه أن ير ّدها يف أرباهبا وحم ّلها ممن عينله اهلل تعلاىل ورسلوله‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم وال خالف إنام كان صىل اهلل عليه وآله وسللم أن يسلتوفيه ملن‬
‫األموال فإلما م احلق أن يستوفيه وأن ما كان صىل اهلل عليله وآلله وسللم يفعلله فيله بعلد‬

‫‪-452-‬‬
‫استيفائه فذلك جيب عىل إمام احلق أن فعله وهلذا قال أبو بكر ملا اعتقد اإلماملة يف نفسله‪:‬‬
‫واهلل لو منعوين عقاالً ويف بعض األخبار عناق ًا مما أعطوا رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم لقاتلتهم عليه‪ ،‬وكان ذلك بمحرض من القحابة ومل ينكروا عليه‪ ،‬فدل علىل ذللك‬
‫عىل صحته وأرم جممعون عىل ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وقد كان صىل يبعث عامله وسعاته جلمع القدقات واجلزة وكذلك عليل عليله‬
‫السالم أنه قال لبعض والتع وعامله‪ :‬ولكني آمر اآلن بام تتخذهم به فإن أنت فعلته وإال‬
‫تبليعن هللم رققل ًا‬
‫ّ‬ ‫آخذ اهلل به دوين‪ ،‬وإن بلغني عنك خالف ما آملر بله عزلتلك‪ ،‬وال‬
‫ال منهم سوط ًا يف طلب درهلم فإنلا مل‬
‫يتكلونه وال كسوة شتاء وال صيف‪ ،‬وال ترضبن رج ً‬
‫نتمر بذلك‪ ،‬وال تبيعن هلم دابة يعملون عليها‪ ،‬إنام أمرنا أن نتخذ منهم العفو‪ ،‬قال عاملله‪:‬‬
‫إذ ًا أجيأك كام ذهبت‪ ،‬قال‪ :‬فرجعت واهلل ما بقلي درهلم إال وفيتله العفلو اليسلري اللذي‬
‫تسمح به النفس من أخالق الناس وأعامهلم وهو جماق هاهنا يف هذا القدر من أمواهلم‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من استعمل عام ً‬
‫ال وهلو يعللم‬
‫أن يف املسلمني خري ًا منه أعلم لكتاب اهلل وسنة نبيه فقد خان اهلل ورسوله ومجيع املسلمني‪،‬‬
‫ومن توىل شيأ ًا من حوائ الناس مل ينظلر اهلل فيحاجتله حتلى يق يل حلوائلهم ويلؤدي‬
‫حقوقهم)) دل ذلك عىل أنه جيب عىل اإلمام أن خيتار الواَّ عىل املسلمني وأن ال يعدل عىل‬
‫األعىل ما وجده‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من وَّ أمر ًا من أمور املسللمني‬
‫ثم أغلق بابه دون املسكني والضعيف وذوي احلاجة أغلق اهلل دونه باب رمحته عند حاجته‬
‫وفقره أحوج ما يكون إليها))‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من وَّ من أمر املسلمني شيأ ًا فاحتلب‬
‫دون خ ّلتهم وفاقتهم احتلب اهلل عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته وفقره)) يعني حلب‬
‫رمحته عنه‪ ،‬دل ذلك عىل أنه حيرم عىل اإلمام أن حيتلب عن رعيته احتلاب ًا يرض هبم‬
‫أويؤ ّدي إىل اإلرضار هبم يف مقاحلهم‪ ،‬وقد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام) وقول اهلل‬

‫‪-453-‬‬
‫تعاىل‪              { :‬‬

‫‪              ‬‬

‫{‪ ‬‬ ‫‪[}       ‬األحزاب‪ ،]53:‬وقوله تعاىل‪:‬‬
‫‪            ‬‬

‫‪[}‬الحجرات‪ ،]5-4:‬دل ذلك عىل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كان خيلو‬
‫أمورهم وخيلون بتهاليهم‬ ‫بنفسه وأهله وكذلك فعل من بعده وكانوا ينظرون يف خا‬
‫فلاق مثل ذلك لإلمام؛ ألنه مما يسًيح به وخيلو خاطره معه فهو تقوية له عىل القيام‬
‫بمقالح املسلمني‪ ،‬واالحتلاب املذموم هوما يمنع من النظر بمقالح املسلمني وكام‬
‫يفعله سالطني الظاملني وقوله غري ناظرين أنا ُه أي غري منتظرين نضله وبلوغوقته‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬ال حيلل‬
‫للخليفة من مال اهلل إال ققعتان ققعة يتكلها هو وأهله وققعة يضعها بني يدي الناس))‬

‫دل ذلك عىل وجوب احًاق من االسًسال يف مال اهلل تعاىل للخليفة وأهله وأن الزيلادة‬
‫عىل ذلك حمظورة‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من وَّ أمر ًا من أمور املسللمني‬
‫ومل حيطهم كام حيو أهل بيته فليتبوأ مقعده من النار))‪.‬‬
‫(خرب) وعن معقل أنه قال‪ :‬سمع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬ما ملن ٍ‬
‫عبلد‬
‫يسًعيه اهلل رعية يمون يوم يموت غاش ًا لرعيته إال حرم اهلل عليه اجلنة)) دل ذلك عىل أنه‬
‫جيب عىل اإلمام أن ينقح رعيته يف الدين والدنيا‪ ،‬وأنه ال جيوق له أن يغشهم‪ ،‬وال جيوق له‬
‫أن يدع حياطتهم من كل ما ينوهبم من املكاره إذا كانت ما يمكنه دفعها‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم استعان باملشكني يف يوم حنني وكلان‬
‫ٍ‬
‫يومأذ بالغنائم فكان يعطي الواحد منهم أربعامئة ناقلة‪ ،‬ويعطلي‬ ‫معه منهم ألفان وتتلفهم‬
‫الواحد من املسلمني الشاة والبعري‪ ،‬فقال عباس بن مرداس ملا أعطاه أربع ًا من اإلبلل ورآه‬
‫يؤلف عيينة بن حقن الفزاري واألقرع بن حابس قال يف شعره‪:‬‬

‫‪-454-‬‬
‫ويعطلللللى عيينلللللة واألقرعلللللا‬ ‫أيؤخلللذ ربلللي ورلللب العبيلللد‬
‫مينلللل ًا وأعطللللى أنللللا أربعللللا‬ ‫ويعطلللى الفتلللى ملللنهم أربعلللا‬
‫يفوقان مرداس للو أمجعلا‬ ‫وما كان حقن وال حابلس‬

‫دل ذلك عىل أنه جيوق لإلمام احلق أن يستعني باملرشيكن‪ ،‬واختلف أهلنا علىل قلولني‬
‫منهم من اشً أن يكون معه طائفة من املؤمنني يلتمكن هبلم ملن إنفلاذ األحكلام علىل‬
‫املرشكني الذين يستعني هبم وهو قول اهلادي وأحسب ذلك قول النفس الزكيلة‪ ،‬وذهلب‬
‫سائر أهل البيت إىل جواق االستعانة هبم من دون ك إذا غلب عىل ظنله أرلم ينقلادون‬
‫ألمره ويقفون عند قواجره‪.‬‬
‫(خرب) وقد كان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يستعني باملنافقني ويتقلوى هبلم حتلى‬
‫نزلت اآلية‪[}        { :‬التوبالة‪ ،]83:‬ثم ّبني العلة يف‬
‫تر خلروجهم فقلال علز قلائال‪[}      { :‬التوبالة‪ ،]47:‬أي‬
‫فساد ًا‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جتوق االستعانة بمن هذه حاله‪.‬‬

‫(خرب) وقد كان عيل عليه السالم يستعني بمن ال يرىض طريقته ويقول هلم‪ :‬يلت أشلباه‬
‫الرجال وال رجال‪ ،‬حلوم األطفال‪ ،‬وعقول ربات احللال‪ ،‬واهلل لوددت أن يكون معاوية‬
‫بن أيب سفيان صارفني بكم رصف الدينار بالدرهم‪ ،‬فيتخذ منكم عرشة ويعطلي واحلد ًا‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أنه جيوق إلمام احلق أن يستعني بمن هذه حاله عند الرضورة فإن خرجوا عن‬
‫العدو كام فعل عيل عليه السالم يف حرب صفني فإنه مللا‬
‫ّ‬ ‫أمره حارهبم وبدأ بحرهبم وهادن‬
‫خالف عليه من أصحابه مجاعة هادن معاوية تسعة أشهر وحارب ملن خلالف عليله ملن‬
‫أصحابه وهم افوارج عىل ما يتيت بيانه بمشيأة اهلل تعاىل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم قال لبعض افوارج‪ :‬ما نمنعك نقيبكم من الفيء‬
‫ما دامت أيديكم مع أيدينا‪ ،‬وال نمنعكم مساجدنا ما دمتم عىل ديننا‪ ،‬وال نبدأكم بلاحلرب‬
‫حتى تبدؤونا‪ ،‬وكان يستعني بملن ال يلرىض طريقتله كاألشلعث بلن قليس وأيب موسلى‬

‫‪-455-‬‬
‫األشعري وذلك يؤكد ما ذكرناه‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم وقف عن أخذ حقه بعد وفاة رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم لعدم النارص وفشية شق العقا ال سيام بعد ارتداد من ارتدّ عن اإلسالم‬
‫نحو متيم وأحالفها‪ ،‬و َم َه َره‪ ،‬وكندة‪ ،‬وحرضموت‪ ،‬وبني حنيفة‪ ،‬وعامر‪ ،‬وغطفان‪ ،‬وأسد‪،‬‬
‫من املشلائخ الثالثلة ووجلد‬ ‫وغريهم‪ ،‬ملا خيش عىل البحبوحة وأطراف احلوقة‪ ،‬فلام م‬
‫النارص واألعوان مل يسلتحل الوقلوف وهللذا قلال يف بعلض كالمله‪ :‬واهلل للوال حضلور‬
‫احلارض ‪ ،‬ووجوب احللة لوجود النارص‪ ،‬أللقيت حبلها علىل غارهبلا‪ ،‬وسلقيت آخرهلا‬
‫بكتس أوهلا‪ ،‬الكالم بطوله‪ ،‬فعند أن وجد ذلك مل يستحل الوقوف وهلذا قلال عليل عليله‬
‫السالم‪ :‬مل أجد بد ًا من قتاهلم أو الكفر بام أنزل عىل حممد صىل اهلل عليله وآلله وسللم‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه ال جيوق لإلمام تر القيام باألمر وجيوق له التنحي عنه واالعتلزال إذا مل جيلد‬
‫أعوان ًا وعىل أنه جيب عليه القيام عند وجد األعوان‪ ،‬وقد اعتزل احلسلن بلن عليل علليهم‬
‫السالم مع كونه منقوص ًا عليه‪ّ ،‬‬
‫ورىل عن األمر ملا خذله أنقاره ودخلل املفسلدون ملن‬
‫أعوانه واملتمردون من عسكر فسطاطه حتى انتبهبوا متاعه‪ ،‬وسلبوا حرمه ونساءه‪ ،‬وحتى‬
‫أخذوا مطرفه من عىل عاتقه‪ ،‬وحتى رضب بعضهم باملعول فخذه فقدهتا حتلى خالطلت‬
‫ٍ‬
‫حينأذ بني معاوية واألمر‪ ،‬وفيه ود احلديث عن النبي صىل اهلل‬ ‫ّ‬
‫فخىل‬ ‫أربيته يف مظلم سابا‬
‫عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إن ولدي هذا س ّيد وسيقلح اهلل به بلني فأتلني عظيمتلني ملن‬
‫املسلمني)) وهكذا القاسم بن إبراهيم عليه السالم بويع له واجتمع عليه افلق فلام وقع يف‬
‫لدين اهلل حممد بن اهلادي‬ ‫تنحى عنهم واعتزل‪ ،‬وهكذا املرت‬
‫عسكره منكر فعله بعضهم ّ‬
‫عليهم السالم وغريهم من أهلنا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قتل يلوم أحلد بلدر نفلر ًا ملن أيى‬
‫املرشكني أمر برضب أعناقهم صرب ًا‪ ،‬منهم عقبة بن أيب معليط‪ ،‬والنرضل بلن احللارث بلن‬
‫كلدة‪ ،‬وأمية بن خلف‪ ،‬دل ذلك عىل أنه جيوق قتل أيى أهل احلرب‪ ،‬ويدل عليه قول اهلل‬
‫تعاىل‪[}          { :‬األنفال‪ ،]67:‬فعاتبله اهلل‬

‫‪-456-‬‬
‫تعاىل عىل أخذ الفداء من بعضهم فدل عىل جواق قتىل أياهم من الكتاب والسنة‪ ،‬وكلان‬
‫ال فلام كثروا واشتدّ سلطارم قال اهلل تعاىل‪  { :‬‬
‫ٍ‬
‫يومأذ قلي ً‬ ‫ذلك ملا كان املسلمون‬
‫‪[} ‬محمد‪ ،]4:‬فخري املسلمني بعد ذلك بني القتل وبني أخذ الفداء‪ ،‬يدل عىل ذللك‬
‫أن أسري أهل الغبي إن كان قد قتل أحد ًا قتل ققاص ًا وإنكان قد جر‪ ،‬فكذلك يقتص منه‬
‫والضامن التي ذكرناهلا‬ ‫ويؤخذ األرش فيام عداه‪ ،‬وأدلة الققا‬ ‫فيام جيب فيه الققا‬
‫يف املغقوب واجلنايات يدل عىل ما ذكرنا هاهنا‪ ،‬ويدل عىل أنه يضمن مجيع ما أتلفله ملن‬
‫أموال املسلمني‪ ،‬وإن مل يكن فعل شيأ ًا من ذلك فمذهب اهلادي عليه السلالم أن احللرب‬
‫إذا كانت قائمة بني البغاة وبني املسلمني أو كانت للبغة فأة والفأة هي الرئيس أو املعقل أو‬
‫املعسكر جاق قتله وجاق تركه عىل حسلب ما يراه اإلمام‪ ،‬وإنام قلنلا‪ :‬أنله ال جيلوق قتلله يف‬
‫هذه احلال لظاهر خرب ابن مسعود قال عبداهلل بن مسلعود أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم قال‪(( :‬يا أم بني عبد ما حكم من بغى من أمتي؟ قلت‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ .‬فقال‪ :‬ال‬
‫يتبع مدبرهم‪ ،‬وال جياق عىل جرحيهم‪ ،‬وال يقتل أسريهم‪ ،‬وال يقسلم فيلؤهم)) وألن عليل ًا‬
‫عليه السالم كان إذا أتى بتسري يف أيام صفني يتخذ سالحه ودابته وحي ّلفه عىل أن ال يعلود‬
‫ويطلقه رواه الواقدي‪ ،‬عن أيب جعفر الباقر حممد بن عيل قين العابلدين علليهم السلالم‪،‬‬
‫وروي عن عيل عليه السالم يف أيام صفني أنه كان إذا أيت بتسري قلال‪ :‬إين للن أقتللك‪ ،‬إين‬
‫أخاف اهلل رب العاملني‪ ،‬وكان أخذ سالحه وخييل سلبيله‪ ،‬وحيلفله أن الي قاتلل ويعطيله‬
‫أربعة دراهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن عامر بن ياي أي ابن اليثريب يوم صفني فلتمر‬
‫به عيل عليه السالم فرضبت عنقه‪ ،‬فدل ذلك علىل أن األملر موقلوف عليله السلالم رأي‬
‫اإلمام متى كانت احلرب قائمة‪ ،‬أو كانت للبغاة فأة إن رأى حبسله؛ ألنله أكلس لقللوب‬
‫البغاة‪ ،‬وألن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حبس قوم ًا بالتهملة‪ ،‬فارلذ عليل عليله‬
‫الدعار وقيلدهم بقيلود عليهلا أقفلال كانلت تفلتح يف أوقلات‬
‫السالم حبس فحبس فيه ّ‬
‫القالة‪ ،‬ودلت األدلة املتقدمة فيام قدمناه عىل جواق قتلل اجلاسلوس ملن أهلل احللرب‪،‬‬

‫‪-457-‬‬
‫ودلت األدلة التي دللنا هبا يف الباغي عىل أن جاسلوس أهلل البغلي إن كلان قتلل أحلد ًا‬
‫بلاسيته يعني أنه لوال جساسته ملا قتل فإنه يقتل وإال حبس ودليل احلبس ما قدمناه‪.‬‬

‫‪-458-‬‬
‫باب ما يلزم الرع ّية إلمام الحق‬
‫قال اهلل تعاىل‪[}      { :‬النساء‪ ،]59:‬وأوَّ األمر‬
‫هم األئمة‪.‬‬
‫(خرب) وعن قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم‪ (( :‬ثالثة ال ينظر اهلل إليهم يوم القيامة وال يزكيهم وهلم علذاب ألليم‪،‬‬
‫رجل بايع إمام ًا إذاأهطاه شيأ ًا من الدنيا وَّف له وإن مل يعطه شيأ ًا مل يف له‪ ،‬ورجل لنى عىل‬
‫ظهر الطريق شيأ ًا ليسد الطريق‪ ،‬ورجل حلف بعد العرص لقد أعطي يف سلعته كذا وكلذا‬
‫فتخذها اآلخر مقدق ًا للذي قال وهو كاذب))‪.‬‬

‫(خرب) وروى اهلادي عليه السالم بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ثالثلة‬
‫ال ينظر اهلل إليهم وال يزكيهم وهلم عذاب أليم‪ ،‬رجل بايع إمام ًا عادالً فإنتعطاه شليأ ًا ملن‬
‫الدنيا وَّف له وإن مل يعطه مل يف له‪ ،‬ورجل له ماء عىل ظهر الطريق يمنلع سلابلة الطريلق‪،‬‬
‫ورجل حلف لقد أعطي يف سللعته كلذا وكلذا فتخلذها اآلخلر بقولله مقلدق ًا لله وهلو‬
‫كاذب))‪.‬‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬حق علىل‬
‫اإلمام أم حيكم بام أنزل اهلل عز وجل ويعدل يف الرعية‪ ،‬فإذا فعلل ذللك فحلق علليهم أن‬
‫يسمعوا وان يطيعوا وأن جييبوا إذا دعا‪ ،‬وأن إم ُا مل حيكم بام أنزل فال طاعة له‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ملن سلمع داعيتنلا أهلل‬
‫البيت فلم جيبها ك ّبه اهلل عىل منخريه يف نار جهنم))‪.‬‬
‫روي عن حممد بن حييى اهلادي عليهام السالم أنه قال‪ :‬الداعية هو اإلملام اللداعي إىل‬
‫اهلل عز وجل فمن سمع دعوته وندءاه فلم جيبه فقد قطع حبله من اهلل وخرج بال شك من‬

‫‪-459-‬‬
‫طاعته‪ ،‬ومتكن يف معقيته‪ ،‬ويف هبض األخبار‪ :‬فلم جيب ويف بعضها‪ :‬من سمع داعي ًا لنلا‪.‬‬
‫افرب‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من نزع يده عن طاعلة‬
‫اإلمام فإنه جييء يوم القيامة وال حلة له‪ ،‬ومن مات وهو مفارق لللامعة فإنه يموت يمتة‬
‫اجلاهلية))‪.‬‬
‫(خرب) وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬متسكوا بطاعة أئملتكم فلال رلالفوهم‬
‫فإن طاعتهم طاعة اهلل‪ ،‬ومعقيتهم معقية اهلل‪ ،‬فإن اهلل بعثني أدعلوا إىل سلبيله باحلكملة‬
‫واملوعظة احلسن فمن خالفني يف ذلك فتنا بريء ومنه وهلو بلريء منلي)) وراه أبلو لليىل‬
‫األشعري‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس بن مالك قال‪ :‬كنا يف بيت فقام رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫عىل باب البيت وقال‪(( :‬األئمة من قريش‪ ،‬وَّ عليكمحق وهللم علليكم مثلله ملا فعللوا‬
‫ثالث ًا‪ ،‬إذا اسًمحوا رمحوا‪ ،‬وإذا حكموا عدلوا‪ ،‬وإذا عاهدوا وفوا‪ ،‬فمن مل يفعل ذلك منهم‬
‫فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني))‪.‬‬
‫(خرب) وعن أنس أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ما من ٍ‬
‫أحد ألفضلل منزللة ملن‬
‫إمام إن قال صدق‪ ،‬وإن حكم عدل‪ ،‬وإن اسًحم رحم))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس انه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬والذي نفس حممد بيده أن‬
‫الواَّ العادل لريفع له كل يوم مثل عمل رع ّيته وصالته تعدل سبعني ألف صالة))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن مسعود أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬علدل سلاعة خلري‬
‫من عبادة سنة‪ ،‬وإنام قامت الساموات واألرض بالعدل))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب سعيد افدري أنه قال‪ :‬إن أحب العباد إىل اهلل تعاىل وأقرهبم منه جملس ًا‬
‫إمام عادل‪ ،‬وإن أبغض العباد إىل اهلل وأشدهم عذاب ًا يوم القيامة إمام جائر‪.‬‬

‫‪-460-‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ثالثة اليلرد اهلل‬
‫هلم دعوة‪ ،‬اإلمام العلادل‪ ،‬والقلائم حتلى يفطلر‪ ،‬واملظللوم يقلول اهلل وعلزيت وجلالَّ‬
‫وارتفاعي فوق عريش ألنرصنك ولو بعد حني))‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو بكر عىل املنرب قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫يقول‪(( :‬الواَّ العدل املتواضع ظل اهلل ورحمه يف أرضه‪ ،‬فمن نقحه يف نفسه ويف عباد اهلل‬
‫تعاىل حرشه اللفه يف وفده يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬وإن غشه يف نفسه ويف عباد اهلل تعاىل خذله‬
‫اهلل يوم القيامة‪ ،‬ويرفع للواَّ العادل يف كل يوم وليلة عمل ستني صديق ًا كلهم عبد جمتهد‬
‫يف نفسه))‪.‬‬
‫(خلرب) وقللال صلىل اهلل عليلله وآلله وسلللم‪(( :‬إال إن اللدين النقلليحة‪ ،‬أال إن الللدين‬
‫النقحية‪ ،‬أال إن الدين النقيحة‪ ،‬قيلل‪ :‬مللن يلا رسلول اهلل؟ قلال‪ :‬هلل ولرسلوله وألئملة‬
‫املسلمني وعامتهم))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬الواَّ‬
‫العادل املتوضاع يف ظل اهلل وذمته‪ ،‬فمن نقحه يف نفسه ويف عباد اهلل حرشله اهلل يف وفلده‬
‫يوم ال ظل إال ظله‪ ،‬ومن غشه يف نفسه ويف عباد اهلل أخذه اهلل يوم القياملة‪ ،‬قلال‪ :‬ويرفلع‬
‫للواَّ العادل املتواضع يف كل يوم وليلة كعمل ستني صديق ًا كلهم عامل جمتهد يف نفسه))‪.‬‬
‫(خرب) قال اهلادي‪ :‬وبلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬يقلال‬
‫لإلمام العادل يوم القيامة أبرش فإنك رفيق حممد))‪.‬‬
‫(خرب) قال اهلادي‪ :‬وبلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أرق ال‪(( :‬من أحيا‬
‫سنة من سنتي قد أميتت من بعدي فله أجر من عمل هبا من النلاس ال يلنقص ذللك ملن‬
‫أجور الناس شيأ ًا‪ ،‬ومن ابتدع بدعة ال يرضاها اهلل ورسوله كان عليه إثم من عمل هبلا ال‬
‫ينقص ذلك من إثم الناس شيأ ًا))‪.‬‬
‫(خرب) وقال اهلادي عليه السالم‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬ثلالث‬

‫‪-461-‬‬
‫من كن فيه فقد استكمل خقال اإليامن‪ :‬الذي إذا قدر مل يتعا ما ليس فيله‪ ،‬وإن ريض مل‬
‫يدخله رضاه بالباطل‪ ،‬وإن غضب خيرجه غضبه من احلق)) وفيام كرناه داللة عىل ما نلص‬
‫عليهخ يف (األحكام) من أنه جيب يف األمة أن ينرصوا اإلمام العادل‪ ،‬ويلؤاقروه ويعينلوه‬
‫عىل أمره وعىل أنه حيرم عليهم أن خيذلوقه‪ ،‬وعىل أنه يللزمهم أن يطيعلوه بلام أوجلب اهلل‬
‫عليهم طاعته فينقادوا ألحكامه‪ ،‬وينهضوا إذا استنهضلهم لقتلال أعدائله‪ ،‬ويقلاتلوا ملن‬
‫يتمرهم بقتاله ويساملوا من سامله ويعادوا من يعاديه‪ ،‬وال يكتمون شيأ ًا حيتاج إىل معرفتله‪،‬‬
‫وأن ينقحوه ي ًا وجهر ًا‪ ،‬وعىل أن ال يمتنعوا من بيعته‪ ،‬وعىل اجلملة قد ذكر السليد أبلو‬
‫طالب أن ذلك مما ال خالف فيه‪ ،‬ويدل أيض ًا عىل عظم حال اإلمام العادل الناصح لرعيته‬
‫الرحيم هبم‪ ،‬وعىل علو أمره عند اهلل وعظم ثوابه‪ ،‬وجيلب عليله أن يلرحم املسللمني ملن‬
‫رعيته‪ ،‬وأن حيكم فيهم بحكم اهلل تعاىل‪ ،‬غري حماب وال مداهن‪ ،‬وعىل عظم عقاب اإلملام‬
‫اجلائر‪ ،‬شودة غضب اهلل عليه وأنه متى حاف يف حكمه أو جار يف فعله أو غش رع ّيته فال‬
‫طاعة له‪ ،‬وقد نص اهلادي عليه السالم عىل معنى هذا حيث قال وبيلده املقلحف‪ :‬بينلي‬
‫وبينكم هذا آية آية‪ ،‬فإن خالفت ما فيه فال طاعة َّ عليكم‪ ،‬بلعليكم أن تقاتلوين أنا‪ ،‬ويدل‬
‫عىل صحة قوله‪.‬‬
‫(خرب) وقوله صىل اهلل عليه وآله وسلم فيام رواه عوف بن مالك‪ (( :‬إن خيلار أئملتكم‬
‫الذين حتبورم وحيبلونكم‪ ،‬وتقللون علليهم ويقللون علليكم‪ ،‬وكار أئملتكم اللذين‬
‫تبغضورم ويبغضونكم‪ ،‬وتلعنورم ويلعنونكم‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول اهلل أفال ننابذهم؟ قال‪ :‬ال‬
‫وَّ عليه وال فرأى يتيت شيأ ًا من معاذ اهلل تعال فليكلره‬
‫ما أقاموا فيكم القالة‪ ،‬أال من ّ‬
‫ما يتيت من معاذ اهلل تعاىل وال ينزع يد ًا من طاعة))‪.‬‬
‫(خرب) وروى عبداهلل بن عمر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قلال‪(( :‬فليفتلي‬
‫عىل الناس السمع والطاعة ما ساترمحوا ورمحوا‪ ،‬وحكموا فعدلوا‪ ،‬وعاهدوا فوفوا‪ ،‬وملن‬
‫مل يفعل ذلك فعليه لعنة اهلل واملالئكة والناس أمجعني))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن حممد بن عيل قين العابدين أنه قال‪ :‬إين ال أعلم قبيلتني تعبدان ملن‬

‫‪-462-‬‬
‫دون اهلل‪ ،‬قالوا‪ :‬من هم؟ قالوا‪ :‬بنو هاشم وبنو أمية وأما واهلل ما نعبدهم ليسلدوا هلم وال‬
‫ليقلوا هلم ولكن أطاعوهم واتبعوهم عىل ما أمروهم والطاعة عبادة‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أنه صىل اهلل عليله وآلله وسللم قلال‪(( :‬ليسلخطن اهلل تعلاىل‬
‫برضاء أحد من خلقه‪ ،‬وال تقربوا إىل أحد من افلق بتباعد من اهلل تعاىل إن اهلل تعاىل ليس‬
‫أحد من خلقه قرابة يعطليهم هبلا‪ ،‬وال يرصلف هنتحلد ك ًا إال بطاعتله واتبلاع‬‫بينه وبني ٍ‬
‫مرضاته‪ ،‬واجتناب سخطه‪ ،‬إن اهلل تعاىل يعظم من أطاعه وال يعظم من عقلاه‪ ،‬وال جيلد‬
‫اهلارب منه مهرب ًا))‪.‬‬

‫(خرب) وروى عمرو بن احلكم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم بعلص ييلة‬
‫وأ ّمر عليهم رج ً‬
‫ال من أصحابه فتمر ذلك الرجل عبداهلل بن حذافة وكان ذا دعابلة فتوقلد‬
‫نار ًا وقال‪ :‬ألستم سامعني مطيعني ألمريكم؟ قالوا‪ :‬بىل‪ .‬قال‪ :‬عزملت علليكم إال وقعلتم‬
‫فيها‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنام كنت ألعب معكم فبل ذلك رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪:‬‬
‫((من أمركم من األمراء بيشء من معقية فال تطيعوه))‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي إىل احلق بإسناده عن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله‬
‫قال‪(( :‬من جبى درمه ًا إلمام ًا جائر كبه اهلل يف النار عىل منخريه))‪.‬‬
‫(خرب) قال حدثني أيب‪ ،‬عن أبيه بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪:‬‬
‫(( يقول اهلل جلربيل يف اإلمام اجلائر املعتدي ياجربيل أرفلع النرصل علنهم وعلنهم فلإين ال‬
‫أرىض هذا الفعل يف قرع هذا النبي))‪.‬‬
‫(خرب) وقال اهلادي إىل احلق بلغنا عن أيب جعفر حممد بن عيل رمحه تعاىل أنه كان يروي‬
‫ويقول‪ :‬إذا كان يوم القيامة جعل يادق من نار‪ ،‬وجعل فيه أعوان الظاملني‪ ،‬وجيعل هللم‬
‫أظافر من حديد حيكون هبا أقدامهم حت تبدوا أفأدهتم فيقلون‪ :‬ربناأمل نعبك؟ قلال‪ :‬بلىل‬
‫ولكنكم كنتم أعوان ًا للظاملني‪ ،‬وهذه األخبار تدل عليه السالم أنه جيب عىل الواَّ أن يسري‬
‫بالسرية العادلة غري اجلائرة‪ ،‬وأنه جيب عىل افلق كافة أن الي عينوا ظامل ًا وال ينرصوا آث ًام‪،‬‬

‫‪-463-‬‬
‫وعىل عظم عقوبة من سار سرية جائرة وعقوبة من أعان فاعلها‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعلاىل‪[}     { :‬البقالرة‪ ،]216:‬وقلال علز قلائالً‪:‬‬
‫{‪[}        ‬التوب الالالالة‪ ،]41:‬وقلللللال‬
‫سللبحانه‪             { :‬‬

‫‪}            ‬‬
‫[البقرة‪]191-190:‬إىل آخر اآليات‪.‬‬

‫بلر‬
‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اجلهاد واجب عليكممع كل املري ّ‬
‫وفاجر)) دل ذلككله عىل وجوب اجلهاد وهو معلوم من اللدين وقلد يكلون فرضل ًا علىل‬
‫الكفاية إذا كان البعض يكفي ويسقط الفرض عن الباقني إذا قام به بعضلهم فقلد يكلون‬
‫فرض ًا عىل األعيان إذا كان ال يكفي بعضهم‪ ،‬أما إذا ققد العلدو ديلار اإلسلالم ومل يقلم‬
‫بدفعه بعضهم وجب دفعه عىل مجيع املسلمني ويكون ذلك فرضل ًا علىل األعيلان متضليق ًا‬
‫وهو إمجاع‪ ،‬وأما إذا قام بدفعه بعض املسلمني وكفوا بإنفرادهم سقط الفرض عن الباقني‪،‬‬
‫وهذه القضية ثابتة يف ققد غامم احلق إىل ديار الكافرين فإن احلكم عىل هلذين اللوجهني‪،‬‬
‫والذي يدل عىل أنه إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقني قول اهلل تعاىل‪ { :‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪[}   ‬النسالاء‪ ،]95:‬ولو كان يف هذه احلاللة فرضل ًا علىل األعيلان مللا‬
‫فاضل بني من جاهد ومن مل جياهد وال وعد ك ً‬
‫ال منهم احلسنى‪ ،‬فدل عىل أنه ليس بفلرض‬
‫عىل اجلميع‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو سعيد افدري أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بعث إىل بنلي‬

‫‪-464-‬‬
‫حليان وقال‪ :‬خيرج من كل رجلني رجل‪ ،‬ثم قال للقاعدين‪(( :‬أيكم خلف افارج من أهله‬
‫وماله بخري كان له مثل نقف أحر افار‪ ))،‬فقح بذلك ما ذكرناه‪ ،‬ويؤيده‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من جهز غاقي ًا فقلد‬
‫غزا‪ ،‬ومن خلف غاقي ًا يف أهله فقد غزا))‪.‬‬

‫(خرب) وروى أبو هريرة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬واللذي بعثنلي‬
‫باحلق نبي ًا لودتت أن أقاتل يف سبيل اهلل فاقتل ثم أحيا فتقتل ثم أحيلا فتقتلل)) وكلان أبلو‬
‫هريرة يقول ثالث ًا‪ :‬أشهد يعني أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال ذللك‪ ،‬وغلزا‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم تسع ًا وعرشين غزوة وبعث مخس ًا وثالثني يية‪.‬‬
‫(خرب) وروى اهلادي بإسناده إىل النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬إن اهلل‬
‫حراث ًا وال تاجر ًا أال إن من‬
‫بعثني بالرمحة واللحمة‪ ،‬وجعل رققي يف ظل رحمي‪ ،‬ومل جيعلني ّ‬
‫كار عباد اهلل احلارثني والتلار إال من أعطى احلق وأخذ احلق)) وقوله اللحمة لعلله أراد‬
‫هبا الرقق؛ ألن حلمة الباري رققه‪.‬‬
‫(خرب) قال اهلادي عليه السالم وعن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما‬
‫أغربت قدما ٍ‬
‫عبد يف سبيل اهلل فطعمته النار))‪.‬‬ ‫ّ‬
‫(خرب) وروى بإسناده أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قلال‪(( :‬لنوملة يف سلبيل اهلل‬
‫أإلضل من بعادة ستني سنة يف أهلك تقوم ليلك ال تفً وتقوم رار ال تفطر))‪.‬‬

‫وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬مثل أعامل الرب مع اجلهاد كمثلل املللة الواحلدة يف‬
‫البحر الللي))‪.‬‬
‫وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬لغدوة أو روحة يف سلبيل اهلل خلري ملن اللدنيا وملا‬
‫فيها))‪.‬‬
‫(خرب) وروى بإسناده عن حسان بن ثابت أنه قال‪ :‬يا رسول اهلل إن عندي عرشة آالف‬

‫‪-465-‬‬
‫ّ‬
‫بلاحلط‬ ‫فإن أنفقتها أيكون َّ أجر جماهلد؟ فقلال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬وكيلف‬
‫واالرحتال)) وال جيب اجلهاد عىل القبي وامللنون وال شيئ من التكاليف الرشلعية؛ ألن‬
‫القلم مرفوع عنهم كام تقدم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صالمك ر ّد يوم بدر نفر ًا من اصحابه استقغرهم منهم عبداهلل‬
‫ٍ‬
‫يومأذ ابن أربع عرش سنة‪ ،‬وأسامة بن قيد‪ ،‬واللرباء بلن علاقب‪ ،‬وقيلد بلن‬ ‫بن عمر وهو‬
‫ثابت‪ ،‬وقيد بن أرقم‪ ،‬وغريهم‪ ،‬فلعلهم حرس ًا للذراري والنساء‪ ،‬قال اهلل تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪[}          ‬النالالور‪ ،]61:‬أمجللع أهللل‬
‫التفسري أرا يف سورة الفتح نزلت يف اجلهاد‪ ،‬دل ذلك علىل سلقو اجلهلاد علىل هلؤالء‪،‬‬
‫وقلللال اهلل تعلللاىل‪           { :‬‬

‫‪[} ‬التوبة‪ ،]91:‬وهذا يدل عىل أن الضعيف واملريض ليس عليهام جهاد‪.‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬ليس عىل الضعفاء يعني الزنى واملشائخ والعلزة‪ ،‬وال عىل املرىض يف‬
‫القعود عن الغزو إذا نقحوا هلل ورسوله إذا أخلقوا إيامرم وأعامهلم يف الغلش والنفلاق‬
‫ومل يغتنموا عذرهم بل يتمنون الال عذر هلم فيتمكنون من اجلهاد وهم اللذي أرادهلم اهلل‬
‫تعاىل بقوله‪[}    { :‬التوبالة‪ ،]91:‬أي من طريق العقوبة؛ ألنه قد‬
‫بإحسانه طريق العقاب‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪        { :‬‬ ‫سدّ‬
‫‪            ‬‬

‫‪[}‬التوبة‪ ،]92:‬هوالء الستة نفر من قبائل شتى ستلوا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم احلمالن‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬ستلوه أن حيملهم عىل الدواب فقال‪ :‬ال أجلد ملا أمحلكلم عليله؛ ألن‬
‫الشقة بعيدة‪ ،‬والرجل حيتاج إىل بعريين أحدمها لزاده ومائه‪ ،‬واآلخر يركبه فلرت أعينهم‬
‫عن امتالء من حزن يف قلوهبم‪ ،‬فدل ذلك عىل أن اجلهاد غري واجب عىل من ال جيد ما هذه‬
‫حاله للمسافرة إىل بلد بعيد فإن عرض عليهم اإلمام ذلك وجلب علليهم اجلهلاد بلزوال‬
‫العذر‪.‬‬

‫‪-466-‬‬
‫(خرب) وروى أبو قتادة أن رج ً‬
‫ال أتى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪ :‬يلا رسلول‬
‫اهلل إن قتلت يف سبيل اهلل يكفر اهلل خطاياي؟ فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪:‬‬
‫((إن قتلت يف سبيل اهلل صابر ًا حمتسب ًا‪ ،‬مقب ً‬
‫ال غري مدبر‪ ،‬كفر اهلل خطايا إال الدين)) كذلك‬
‫قال جربيل عليه السالم‪ :‬دل ذلك عىل أن من عليه دين حال مطالب بله فإنله ال جيلوق أن‬
‫خيرج لللهاد من دون إذن غريمه‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لنومك عىل الرسير بر ًا بوالديك‬
‫تضحكهام وتضحك أفضل من جالد بالسيف يف سبيل اهلل))‪.‬‬

‫قال‪ :‬جاء رجل إىل النبي صىل اهلل عليه وآلله‬ ‫(خرب) وعن عبداهلل بن عمرو بن العا‬
‫وسلم يستتذن فياجلهاد فقال‪(( :‬أحي والدا ؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ففيهام فلاهد))‪.‬‬
‫(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم أليب هريرة وقد أراد أن خيرج إىل اجلهلاد وأمله‬
‫عمياء فذكرت ذلك لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال‪(( :‬إنلك فلارج وتلار‬
‫علوق ًا كبرية ال تستطيع أن ررج إىل مرفقها وترى أنك لست يف جهاد إن كنلت عنلدها‪،‬‬
‫بل إنك يف أفضل اجلهاد ولو أنك خرجت إىل مشارق األرض ومغارهبا وأشار بيده إليهام‬
‫ويقول ولو خرجت هاهنا وهاهنا ورجعت وهي عليك ساخطة لكنت من أهل النار))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن مسعود قال‪ :‬سلتلت رسلول النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أي‬
‫األعامل أفضل؟ فقال‪(( :‬القالة مليقاهتا‪ ،‬قلت‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪ّ :‬بر الوالدين‪ ،‬قلت‪ :‬ثم ماذا؟‬
‫قال‪ :‬اجلهاد يف سبيل اهلل))‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أنه قال له رجل‪ :‬نذرت أن أغلزوا اللروم وإن أبلوي يمنعلاين‬
‫فقال له‪(( :‬أطع أبويك فإن الروم ستلدمن يغزوها غري )) دلت هذه األخبار علىل أنله ال‬
‫جيوق للرجل اجلهاد إذا منعه أبواه ومها سملامن أو منعه أحدمها وهلو مسللم ال سل ّيام ملع‬
‫حاجتها إليه‪ ،‬واشً اإلسالم أنه ال خالف أنه جيوق له حرب والديله املرشلكني‪ ،‬وهللاذ‬
‫حارب أبو بكر أباه و ّملا أراد قتله راه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقال‪(( :‬دع يقتله‬

‫‪-467-‬‬
‫غري )) وهذا افرب يدل عىل صحة ما قاله أبو العباس فإنه قال وعىل املسلم أن جيتنب قتل‬
‫أبيه املرش يف دار احلرب‪.‬‬
‫قال أبو طالب‪ :‬وهذا مما ال خالف فيه‪ ،‬قال‪ :‬وهكذا ذكر حممد بن عبداهلل عليه السالم‬
‫عمه وأخاه وكذلك قال حممد بن عبد اهلل يف البلاغي‬
‫قال‪ :‬وكذلك يستحب له أن ال يقتل ّ‬
‫أحب إَّ أن الي قتله وييل قتله غريه‪ ،‬فإن ابتيل‬
‫فإنه قال‪ :‬إن لقي العدَّ أباه وهو من البغاة ّ‬
‫بذلك وخاف من تر قتله فليقتله وال إثم عليه ويرثه إذا قتله‪ ،‬وذكر مثل ذللك يف أخيله‬
‫وعمه وخاله‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن أبا عبيدة بن اجلرا‪ ،‬قتل أباه وقال لرسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪ :‬سمعته يسبك‪ ،‬ومل ينكر عليه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬دل ذللك علىل‬
‫أنه إذا أخاف االبن من تر قتل أبيه عليه أو عىل بعض املسلمكني جاق له قتله‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عيل (عليه السلالم) أنله قلال‪ :‬أملرت بقتلال النلاكثني‬
‫والقاسطني واملارقني‪ ،‬دل ذلك عىل أن من نكث بيعة إمام حق من أهل امللة وقاتله وجب‬
‫قتاله‪ ،‬وكان حكمه حكم البغاة عىل ما يتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل كام فعله عيل عليه السالم‬
‫مع الزبري وطلحة وقال هلام‪ :‬بايعتامين ثم نكثتامين‪ ،‬وأن من امتنع من بيعته ومل يقاتلله كلان‬
‫مرتكب ًا لكبرية ومل جيز قتاله بملرد امتناعه‪ ،‬وهلذا مل يقاتل أمري املؤمنني عيل عليله السلالم‬
‫‪،‬‬ ‫من امتنع من بيعته ومل يقاتله كعبداهلل بن عمر‪ ،‬وحممد بن مسلمة‪ ،‬وسعد بلن أيب وقلا‬
‫وهذا مبني عىل االمتناع من البيعة مع لزومها يف حكم النكلث؛ ألن العللة يف كلل واحلد‬
‫منهام تر اإلئتامم باإلمام والعدول عن طاعته بل ال يبعد أن يكون االمتناع أعظم إذا كان‬
‫بحيث يقتدي به ويقع بامتناعه شق العقا والفت يف عضد امللة وتفريلق اللكملة‪ ،‬ورفلع‬
‫رؤوس أعداء اإلسالم‪ ،‬وإن كان الرشع فرق بني من قاتل مبني مل يقاتل فمن قاتل وامتنلع‬
‫من أهل امللة لغري علة وعذر فقد خرج من اإلسالم‪.‬‬
‫(خرب) كام روى أبو هريرة عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬ملن محلل‬
‫علسنا السال‪ ،‬فليس منا)) وملا اعتقد أبو بكر يف نفسه اإلمامة حلارب ملانع الزكلاة منله‪،‬‬

‫‪-468-‬‬
‫وقاتل عيل عليه السالم يوم اجلمل أهل البرصة‪ ،‬وقاتل أهلل صلفني‪ ،‬وخلرج عليله ملن‬
‫أصحابه خوارج ومرقوا من اإلسالم ونزلوا بترض يقال هللا حلروراء فحلارهبم وقلتلهم‬
‫سالم اهلل عليه‪ ،‬وعىل اجلملة فإنام ذكرناه يدل عىل أن إلمام احللق أن حيلارب بلاملقبلني إىل‬
‫الدين وإىل طاعته ملن املسللمني امللدبرين عنله ملن املللرمني حتلى يفيألوا إىل أملر اهلل‪،‬‬
‫ويًكوت حربه وقتاله‪ ،‬وإن ذكروا علة يمكن إقاحتها أقاحها وإن ذكلروا شلبهة كشلفها‬
‫وأوضحها كام قال قيد بن عيل عليه السالم يف كالم له‪ :‬فاستلوين عن معامل ديلنكم فلإن مل‬
‫آتكم بكل ما ستلتم عنه فو ّلةوا أمركم من شأتم ممن علملتم أنله أعللم منلي‪ ،‬وكلام قالله‬
‫املهدي لدين اهلل النفس الزكية عليه السالم‪ :‬ما يرسين أن األمة أمجعت عيل فكانت كعالقة‬
‫سوطي هاذ وإين سألت عن باب حالل أو حرام مل أجئ باملخرج منه‪ ،‬ثم قلال‪ :‬إن أضلل‬
‫الناس بل أكفر الناس من ادعى أمر هذه األمة ثم سأل عن باب حالل وحرام فلال جيليء‬
‫باملخرج منه‪.‬‬
‫قال النارص للحق عليه السالم يف بعضه خطبه‪ :‬فستلوين عن مجيلع أملر ديلنكم‪ ،‬وملا‬
‫يعنيكم من العلم وتفسري القرآن‪ ،‬فإنا نحن ترامجتع‪ ،‬وأوىل افلق به‪ ،‬وهو الذي قلرن بنلا‬
‫وقرنا به‪ ،‬وقال املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليله السلالم وقلد أملر النلاس بإمتحانله يف‬
‫من الربية أو دان فال تتخلذوا ألنفسلكم إال‬ ‫العلم‪ :‬فهذا الفرس وهذا امليدان‪ ،‬لكل قا‬
‫بالوثيقة‪ ،‬وال تعملوا إال عىل احلقيقة‪ ،‬كالم هذا معنلاه‪ ،‬وإنلام أخلذوا ذللك ملن الكتلاب‬
‫والسنة‪ ،‬أما الكتاب فقوله تعاىل‪         { :‬‬

‫‪[}‬آل ومرا‪ ،]189::‬وقال تعاىل‪        { :‬‬

‫‪[}           ‬البقالالرة‪ ]159:‬إىل نحللو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وأما السنة (خرب) فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من سأل علن عللم يعلمله‬
‫فكتمه أجلمه اهلل بللام من نار)) وكان أمري املؤمنني يستل تعنت ًا وغريه فكلان جييلب حتلى‬
‫وهو عىل املنرب مع أنه كان يقول‪ :‬سلوين قبل أن تفقدوين‪.‬‬

‫‪-469-‬‬
‫فصل‬

‫وقد ذكرنا حكم النكث من أهل امللة فلنذكر حكم من نكث من غلريهم ملن اللذمي‬
‫واملرش احلريب‪.‬‬
‫أما الذمي فنكثه بتن يمتنع من أداء اجلزية بعد قبوهلا فعند أئمتنا عليهم السالم أن ذلك‬
‫ال يكون نقض ًا للعهد إذا مل ينضم إليه املقاتلة ولكن يكره عىل إخلراج اجلزيلة وجيلرب علىل‬
‫ذلك كام جيرب عىل سائر احلقوق من جبلت عليله كرهل ًا وجلرب ًا‪ ،‬فتملا إذا قاتلل املسللمني‬
‫وحارهبم وكان له فأة وقوة حلق حكمه بحكم أهل احلرب وسيتيت بيانه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫وأما نكث املرش فهو بان ينقض الذمة واهلدنة فلإاذ كلان كلذلك نبلذ اإلملام إلليهم‬
‫عهدهم كام قال اهلل عز وجل‪            { :‬‬

‫‪[} ‬األنفال‪ ]58:‬ثم له قتاهلم وأخذهم وحرصهم كلام يف آيلة السليف‪ ،‬وسليتيت‬
‫تفقيل ذلك إن شاء اهلل تعاىل‪ ،‬وإن نقضها دون بعض فحكم من مل ينقض حكم من نقض‬
‫إذا مل يباينوهم بً ديارهم وإظهار معاداهتم فوالً وفع ً‬
‫ال عند أئمتنا علليهم السلالم‪ ،‬وال‬
‫جيوق الغدر هبم يف مدة اهلدنة لقول اهلل تعاىل‪[}    { :‬التوبة‪،]4:‬‬
‫قال عز قائالً‪[}    { :‬التوبة‪.]7:‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم قال‪ :‬قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫((لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ومن نكث بيعة إمامه لقي اهلل أجذم))‪.‬‬

‫‪-470-‬‬
‫باب ما يوصي به اإلمام سراياه‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنله قلال‪ :‬كلان رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا بعث جيش ًا من املسلمني بعث عليهم أمري ُا ثم قال‪(( :‬انطلقوا‬
‫بسم اهلل وباهلل‪ ،‬ويف سبيل اهلل‪ ،‬وعىل ملة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‪ ،‬أنلتم جنلد‬
‫اهلل‪ ،‬تقاتلون من كفر باهلل‪ ،‬ادعوا القوم إىل شهادة أن ال إله إال اهلل وأن حمملد ًا رسلول اهلل‪،‬‬
‫واإلقرار بام جاء به حممد بن عبداهلل‪ ،‬فإن آمنوا فإخوانكم هلم مالكم وعليهم ملا علليكم‪،‬‬
‫وإن هم أبوا فناصبوهم حرب ًا واستعينوا باهلل عليهم‪ ،‬فإن أظفركم اهلل فال تقتلوا وليد ًا‪ ،‬وال‬
‫امتة‪ ،‬وال شيخ ًا كبري ًا ال يطيقوا قتالكم‪ ،‬وال تغوروا عين ًا‪ ،‬وال تقطعلوا شللر ًا إال شللر ًا‬
‫يرضكم‪ ،‬وال متثلوا بآدمي وال هبيمة‪ ،‬وال تظلموا وال تعتدوا‪ ،‬وأيام رجل ملن اققلاكم أو‬
‫ال ملنهم أمانل ًا فتشلار إليله بيلده فتقبلل إليله‬
‫أدناكم‪ ،‬من أحراركم او عبيدكم أعطى رج ً‬
‫بإشارته فله األمان حتى يسمع كالم اهلل تعاىل‪ ،‬فإن قيل فتخوكم يف الدين وإن أبى فلردوه‬
‫إىل متمنه‪ ،‬واستعينوا باهلل ال تعطوا القوم ذمتي وال ذمة اهلل‪ ،‬واملخفر ذمة اهلل القى اهلل وهو‬
‫عليه ساخط‪ ،‬أعطوهم ذممكم وذمم آبائكم وفوا هلم‪ ،‬فإن أحدكم ال خيفر ذمته وذمة ابيله‬
‫خري له من أن خيفر ذمة اهلل وذمة رسوله))‪.‬‬
‫(خرب) وروى بريدة قال‪ :‬كان رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إذا بعث أمري ًا علىل‬
‫جيش أو يية قال‪(( :‬إذا لقيت عدو ًا من املرشكني فادعهم إىل إحدى ثالث خثال فتيتهن‬
‫ما أجابو إألهيا فاقبل وكف عنهم‪ ،‬وادعهم إىل الدخول يف اإلسالم فإن أجلابو فاقبلل‬
‫من هم وكف عنهم‪ ،‬ثم ادعهم إىل التحول من دارهم إىل دار اهللرة فإن فعلوا فتخربهم أن‬
‫هلم ما للمهاجرين عليهم ما عليهم فإندخلوا يف اإلسالم وأبوا أن يتحولوا إىل دار اهلللرة‬
‫فتخربهم أرم كتعراب املؤمنني الذين جيري علليهم حكلم اهلل وال يكلون هللم يف الفليء‬
‫والغنيمة يشء حتى جياهدوا مع املؤمنني‪ ،‬فإن فعلوا فاقبلل ملنهم وكلف علنهم فلإن أبلو‬

‫‪-471-‬‬
‫فادعهم إىل إعطاء اجلزية فإن فعلوا فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بلاهلل علليهم‬
‫ثم قاتلهم)) ويف خرب آخر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬وإن حلارصت‬
‫حقن ًا فراودو أن جتعل هلم ذمة اهلل وذمة نبيك فال جتعل هلم ذمة اهلل وال ذمة نبيك ولكن‬
‫اجعل هلم ذمتك وذمة أبيك وذمة اصحابك فإنكم إن رفروا بذممكم وذمم آبائكم اهلون‬
‫عليكم أن رفروا ذمة اهلل وذمة رسوله‪ ،‬وإن حلارصت حقلن ًا فلراودو أن تنلزهلم علىل‬
‫حكم اهلل تعاىل فال تنزهلم عىل حكم اهلل ولكن أنزهلم عىل حكمك فإنك ال تدري أتقيب‬
‫فيه حكم اهلل أم ال)) فههذ األلفاظ تدل عىل أنه ينبغي إلملام احللق أن يلوذ هباعسلاكره‬
‫وأمريهم وهذان افربان يدالن عىل أنه البد لكل عسكر من رئيس وأمري يقلدرون علن‬
‫رأيه‪ ،‬وذلك معلوم بالنقل عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فإنله ملا كلان يبعلث‬
‫عسكر ًا وال يية وال قوم ًا يغريون إال وقد أمر عليهم أمري ًا فيلب أن يفعل اإلملام مثلل‬
‫ذلك ليقدر القوم عن رأيه ويقفوا عىل حكمه‪ ،‬ويتمر فيهم بتقوى اهلل تعاىل‪ ،‬وأن حيملهم‬
‫عىل النقيحة اجلميلة‪ ،‬وأن ينزهلم مناقهلم يف الفضل‪ ،‬وال حيط أحلد ًا علن منزلتله لقلول‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أنزللوا النلاس منلاقهلم)) ويوصليهم خلري ًا‪ ،‬ويلتمرهم‬
‫بطاعته يف طاعة اهلل تعاىل‪ ،‬وينهاهم عن ةالفته يف ذلك‪ ،‬فإنذ التشلاجر والتنلاقع يورثلان‬
‫الشعف والوهن‪ ،‬وربام اثمر شق العقا وإباحة احلمى‪ ،‬وسفك الدماء‪.‬‬
‫فقل وما تقمنه افربان من الدعاء إىل اإلسالم يدل عىل وجوب دعاء العدو إذا كان‬
‫من أهل احلرب إىل ذلك‪ ،‬فإن كان من أهل البغلي وجلب اللدعاء إىل اللدخول لللامعلة‬
‫وطاعة اإلمام كام فعله أمري املؤمنني عيل عليه السالم عند قتال أهل اجلمل وافوارج‪.‬‬

‫‪-472-‬‬
‫باب قتال أهل الحرب‬
‫قد بينا فيام تقدم بيان اختالف أئمتنا عليهم السالم يف ققد أهلل احللرب إىل ديلارهم‬
‫وأن منهم من منع من ققدهم إىل ديارهم لغري اإلمام‪ ،‬وأن منهم من جيوق ذلك ملع فقلد‬
‫إمام احلق‪ ،‬فاما دفعهم عن اجلور ومنعهم ملن ديلار املسللمني فلنلذكر كيفيلة السلرية يف‬
‫قتاهلم‪ ،‬فنقول وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس بن مالك أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬أمرت أن‬
‫أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل وأن حممد ًا رسول اهلل‪ ،‬فإذا شهدوا بلذلك وصللوا‬
‫صالتنا واسقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأمواهلم إال بحقها‪ ،‬هللم ملا‬
‫للمسلمني وعليهم ما عىل املسلمني)) فدل هذا افرب عىل أنه جيب دعلاء أهلل احللرب إىل‬
‫اإلسالم وشهادة أن ال إله إال اهلل وحده ال كيك له‪ ،‬وأن حممد ًا رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم فإن أجابوا إىل ذلك فهم مسلمون هلم ما للمسلمني وليهم ما عليهم‪ ،‬نص عىل‬
‫هذا املعنى يف (األحكام)‪.‬‬
‫قال السيدان األخوان ريض اهلل عنهام‪ :‬وقول حييى عليه السالم ندعوهم إىل اإلسلالم‬
‫والشهادتني تقت ي أن ثبوت اإلسالم من الكفار من كطه إظهار الدخول فيه مع إظهلار‬
‫الشهادتني وإن إظهارمها ال يكفي فيه‪ ،‬وافرب يدل عىل أن حقن دملائهم لليس بمققلور‬
‫عىل إظهار الشهادتني فقط دون التزام اإلسالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن قوم ًا من اليهود يتلوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن اشلياء فللام‬
‫أخرب هبا قبلوا يده وقالوا‪ :‬نشهد أنك نبي‪ ،‬قال وما يمعكم أن تتبعوين؟ قالوا‪ :‬إن داود دع‬
‫أن ال يزال يف ذريته نبي ونحن نخشى إن اتبعنا أن تقتلنا اليهود‪ ،‬دل هذا افلرب علىل أن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل حيكلم بإسلالمهم بمللرد الشلهادتني؛ ألنله قلال بعلد‬
‫شهادهتم بنبوته‪(( :‬فام يمنعكم أن تتبعوين))‪.‬‬

‫‪-473-‬‬
‫(خرب) وروى سهل بن سعد الساعدي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا وجه علي ًا‬
‫عليه السالم إىل خيرب أعطاه الراية قال‪(( :‬عىل رسلك حتى تنزل بساحتهم ثلم ادعهلم إىل‬
‫ال واحد ًا خري‬
‫اإلسالم واخربهم بام جيب عليهم من حق اهلل تعاىل‪ ،‬فون هيدي اهلل بك رج ً‬
‫لك من محر النعم)) دل ذلك عىل أنه ينبغي أن يقدم الدعاء ألهل احلرب قبل القتال‪ ،‬وهذا‬
‫رأي القاسم بن إبراهيم عليه السالم إما أذا مل تكن الدعوة قد بلغتهم فذلك واجلب قبلل‬
‫القتال واألخبار التي رويناها تدل عىل ذلك وهو إمجاع علامء األملة‪ ،‬وأملا إذا كانلت قلد‬
‫بلغتهم فتكريرها ثاني ًا مستحب قبل القتال‪ ،‬وهو قول حممد بن عبلد اهلل اهللادي إىل احللق‬
‫وأتباعه عليهم السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أغار عىل بني النقطلق وهم علارون‬
‫ٍ‬
‫يومأذ جويرية بنت احللارث‬ ‫وأنعامهم عىل املاء فقتل مقاتلتهم‪ ،‬وسبى ذرارهيم‪ ،‬وأصاب‬
‫واصطفاها‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه وبنو املقطلق بطن من خزاعة وملا علم أصحاب رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه وطأها بعد مقريهم إىل اجلهة التي كانوا فيها قال بعضهم‬
‫لبعض‪ :‬أصهار رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعتق بسببها مائة رأس ملن السلبايا‬
‫كرامة لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) وكان يتمر بالغارة عىل املرشكني وكان يغري إذا مل يسمع أذان القبح‪ ،‬دل ذللك‬
‫عىل أنه ال جيب تكرير الدعوة وأن فعلها وتركها بعد بلوغها أوالً يكون بحسب ما يقتضيه‬
‫احلال من امقلحة‪.‬‬
‫(خرب) وذكر اهلادي إىل احلق أنه ُأذن لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف قلريش‬
‫وجاهليتهم أن يضع فيهم السيف حتى يسلموا ومنعم من كل هدنة ومل يرض من العرب‬
‫إال بالقتل أو اإلسالم‪ ،‬ونص اهلادي عىل وجوب أخذ اجلزية من نقارى بني تغلب‪ ،‬فدل‬
‫ذلك عىل أن مراد حييى عليه السالم مرشلكوا العلرب اللذين ال يتلدينون بكتلاب فقلار‬
‫حتقيل مذهب اهلادي عىل ما ذكره أبو العباس واألخوان ريض اهلل عنهم أن اجلزية تؤخذ‬
‫من مجيع املرشكني إال من مرشكي العرب أهل األوثان الذين اليتدينون بكتاب فهؤالء ال‬

‫‪-474-‬‬
‫يرىض منهم إال اإلسالم‪ ،‬يدل عىل ذلك قلول اهلل تعلاىل‪    { :‬‬

‫‪           ‬‬

‫‪[}     ‬التوبة‪ ،]5:‬وال خالف أن امللراد هبلذه اآليلة‬
‫مرشكو العرب؛ ألن العهد إنام كان بينهم وبني رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم دون‬
‫مرشكي العلم‪ ،‬فثبت أنه ليس هلم إال القتل أو اإلسالم لظاهر اآلية‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رهط ًا من قريش شكوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم إىل أيب طاللب‬
‫فقال‪(( :‬يا عم إين أديرهم عىل كلمة واحدة يقولورا تدينهم العلم باجلزية))‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم أنله قلال‪(( :‬هلل لكلم يف كلملة إذا‬
‫قلتموها دانت لكم العرب وأدت إليكم اجلزية فعلم العللم بإجيلاب اجلزيلة علليهم ومل‬
‫خيص)) فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫(خرب) رواه قيد بن عيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال يقبل من‬
‫مرشكي العرب إال اإلسالم أو السيف أما مرشكو العلم فتقبل منهم اجلزية‪.‬‬
‫أما قبول اجلزية من أهل الكتاب فذلك مما ال خالف فيه وهو معلوم من الدّ ين رضورة‬
‫قال اهلل تعاىل‪            { :‬‬

‫‪             ‬‬

‫‪[}‬التوبة‪.]29:‬‬

‫فصل‬

‫وقد ذكرنا فيام تقدم أن نقارى بني تغلب تؤخذ منهم اجلزية واملراد به ما يقوم مقامها‬
‫وذلك ألرم أنفوا عن اجلزيلة فتعفلاهم النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم علن اجلزيلة‬
‫وصاحلهم عىل أن يؤخذ من أمواهلم ضعف الزكاة املتخوذة من املسلمني فيؤخذ منهم من‬
‫الذهب إذا بل النقاب نقف العرش ومن اإلبل إذا بلغت مخسل ًا شلاتان وملن البقلر إذا‬

‫‪-475-‬‬
‫بلغت ثالثني تبيعان ومن الغنم إذا بغلت أربعني شاتان‪ ،‬ومما أخرجت األرض إذا بغللت‬
‫مخسة أوسق عرشان أو عرش واحد بحسلب السلقي‪ ،‬وذكلر يف (األحكلام) أن ذللك مملا‬
‫وقعت عليه املقاحلة معهم بدالً عن اجلزية‪ ،‬ويؤخذ ذلك من صبيارم ونسائهم وقال فيه‪:‬‬
‫وإنام يؤخذ ذلك منهم إذا مل تظهر كلمة حق ورفق راية صدق‪ ،‬فتما سلبيهم واسلًقاقهم‬
‫إذا أظهر اهلل إمام حق رأيت له أن يلدعوهم إىل اإلسلالم فلإن أبلوا أن يلدخلوا فيله قتلل‬
‫مقاتلتهم وسبي ذرارهيم‪ ،‬واصطفى أمواهلم؛ ألرم نقضوا العهد‪ ،‬قال‪ :‬وكذلك يروى عن‬
‫أمري املؤمنني عيل بن أيب طالب رمحة اهلل عليه أنه كان يقول‪ :‬لأن مكن اهلل وطأتلي ألقلتلن‬
‫وألسبني ذرارهيم‪ ،‬وآلخذن أمواهلم؛ ألرم نقضلوا عهلدهم‪ ،‬وخلالفوا كطهلم‬
‫ّ‬ ‫رجاهلم‬
‫بإدخاهلم أوالدهم يف دينهم‪ ،‬وإىل هذا القول ذهب املنقور بلاهلل رمحله اهلل‪،‬واحلت هبلذا‬
‫افرب وقاد فيه أن علي ًا عليه السالم قال‪ :‬فإين كتبت الكتاب بينهم وبني رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم عىل أن ال يقبغوا أوالدجهم بالنرصانية فقلبغوهم يعنلي أدخللوهم يف‬
‫م ّلتهم ودينهم‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪           { :‬‬

‫‪[}     ‬األنعالالام‪ ]156-155:‬اآليللة‪ ،‬املللراد بالطللائفتني اليهللود‬
‫والنقارى فلو كان امللوس أهل كتاب لكانوا ثالث طوائف‪ ،‬دل ذلك عىل أن املللوس‬
‫ليسوا بتهل كتاب‪.‬‬
‫(خرب) وملا افتتح عمر بالد امللوس قال ما أصنع بقوم ال كتاب هلم‪ :‬أنشلد اهلل رجل ً‬
‫ال‬
‫سمع فيهم شيأ ًا من رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم إال ذكلره‪ ،‬فقلام عبلدالرمحن بلن‬
‫عوف‪ :‬سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬سنوا هبم سنة أهلل الكتلاب‬
‫غري ناكحي نسائهم وال آكيل ذبائحهم)) فقبل ذلك اصحاب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وخقوا به عموم آية السيف‪ ،‬وهذا يدل عىل أرم ليسوا بتهلل كتلاب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وسلم وعملوا به‪،‬‬

‫‪-476-‬‬
‫هلذا قال‪(( :‬سنوا هبم سنة أهل الكتاب غري ناكحي نسائهم‪ ،‬وال آكيل ذبلائحهم)) فتملا ملا‬
‫روي عن عيل عليه السالم أنه كان هلم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه‪ ،‬وان ملكهك سكر‬
‫فوقع عىل ابنته أو أخته فاطلع عليه ببعض أهل مملكته فلاؤوا يقيمون عليه احلد‪ ،‬فلامتنع‬
‫فرفع الكتاب من بني أظهرهم وذهب العلم من صدورهم فيلوق أن يكلون كلذلك‪ ،‬إال‬
‫أنه إذا كان قد رفع ومل يبق يف أيدهيم كتاب مبتدأة من عند اهلل تعاىل يتدينون بله مل يكونلوا‬
‫من أهل الكتاب كام أن نرصاني ًا أو هيودي ًا لو انتقل إىل عبادة األوثان مل يكن كتابيل ًا ومل يبلق‬
‫يف أيدي امللوس كتاب إال كتاب وضعه قرادشت‪ ،‬وكان كذاب ًا متنبأل ًا‪ ،‬وإذا انتقللوا ملن‬
‫كتاب مرفوع إىل كتاب موضوع من صنع كذاب لعني مل يكونوا من أهل الكتاب؛ وألرلم‬
‫يعبدون النريان ومل ينزل ذلك يف كتاب‪ ،‬قلنا‪ :‬تؤخذ منهم اجلزية ملا بيناه أوالً‪.‬‬
‫(خرب) وملا روى عبد الرمحن بن عوف أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أخلذ اجلزيلة‬
‫من جموس هلر واختلفوا يف القابأني يقولون هلم كتاب وهم فرقة من النقارة علىل دين‬
‫املسيح بناحية الكوفة‪ ،‬ذكره يف (الكايف)‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا أراد اإلمام حرب العدو جهز اجليوش وعرضهم ومل يتذن ملخذل وال ملفسلد وال‬
‫ملن يغلب عىل ظنه أنله يكاتلب الكفلار ويطلعهلم علىل أيار املسللمني ويطلعهلم علىل‬
‫عوراهتم لقوله تعاىل‪[}      { :‬التوبالة‪ ،]47:‬وافبال الفسلاد‬
‫والرش فيكل يشء‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪ :‬يزيدونكم علز ًا وجبنل ًا أي أرلم كلانوا جيبنلونكم علن لقلاء العلدو‬
‫ويفسللدون بتهويللل األمللر عللليكم‪[} { :‬التوبالالة‪ ،]47:‬أي أليعللوا يف‬
‫الدخول بينكم بالترضيب واإلفساد والنميمة واإليضاع اإلياع وخالل اليش وسطه‪.‬‬

‫‪-477-‬‬
‫فصل‬

‫وال يؤذن لكافر يف افروج مع املسلمني إذا كان خيشى منه ذلك ملا بيناه‪.‬‬
‫(خرب) وروت عائشة أن رسول اللخ صىل اهلل عليه وآله وسلم خلرج إىل بلدر فتتبعله‬
‫رجل من املشكرين فقال‪(( :‬أتؤمن باهلل ورسوله؟ قلال‪ :‬ال‪ .‬قلال‪ :‬فلارجع فللن نسلتعني‬
‫بمرش )) فدل ذلك عىل ما قلناه‪ ،‬وأما إذا كان حسن املنارصة للدين وأهلله غلي رةلوف‬
‫منه يف أمر املسلمني مما ذكرناه فال بتس باالستعانة به كام استعان النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم باملؤلفة قلوهبم يوم حنني بقفوان بن أمية وأصحابه‪ ،‬وكام اسلتعان باملنلافقني غلري‬
‫مرة‪ ،‬وسمعقفوان رج ً‬
‫ال يقول يون حنني غلبت هواقن‪ ،‬وخير يقول‪ :‬قتل حمملد‪ ،‬فقلال‪:‬‬
‫إَّ من رب من هواقن‪.‬‬ ‫لفيك العفر وقال‪ :‬لفيك احللر َل َرب من قريش أحب ّ‬

‫فصل‬

‫ويؤمر عليهم أمري ًا ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ما بعلث جيشل ًا وال ييلة إال‬
‫وأ ّمر عليهم أمري ًا‪ ،‬وذلك معلوم ألهل النقل‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر قال‪ :‬كنا يوم احلديبية ألف ًا وأربعامئة فبايعنا رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم حتت الشلرة عىل أن ال نفر ومل نبايعه عىل املوت‪ ،‬دل ذلك علىل أنله يسلتحب‬
‫ألمري اجليش أن يبايعهم عىل مثل ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر قال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم افنلدق‪(( :‬ملن‬
‫يتتينا بخرب القوم؟ فقال الزبري‪ :‬أنا‪ ،‬فقال‪ :‬إن لكل نبي حواريل ًا وإن حلواريي اللزبري)) دل‬
‫ذلك عىل أنه يستحب ألمي راجليش أن يوجه الطالئع ومن يتلسس األخبار‪ ،‬ويستحب‬
‫أن يمنع القبيان وامللانني من احلضور وافروج؛ لنه ال جهاد علليهم وال منفعلة فليهم‪،‬‬
‫وملا ال يؤمن أن يكون خروجهم معهم َك ًّ‬
‫ال ومشلقة‪ ،‬وللأال يعرضلوا للهلال ودليلله يف‬

‫‪-478-‬‬
‫القبيان ما ذكرناه أوالً ومن عداهم مقيس عليهم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وينبغي أن يتفقد يف الغزوات افيل امللردة فال خيرج منها ما ال ينقع وما ال يلؤمن أن‬
‫يكون سبب ًا للهزيمة أو لنقص افيل اجليدة من سهامها بتن يسلهم لله وال نفلع فيله مثلل‬
‫الكسري والقحم الكبري والقغري واهلزيل واحلقري‪.‬‬
‫(خرب) وروى العباس بن عبد املطلب أن أبا سفيان يوم افتح مللا أتلى النبلي صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أمره رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بتن حيبسه عىل الوادي حتى متر‬
‫به جنود اهلل فرياها فقال العابس‪ :‬فحبسته حيث أمرين رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫مر به رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف الكتيبلة‬
‫ومرت به القبائل عىل راياهتا حتى ّ‬
‫ّ‬
‫افرضاء فيها املهاجرون واألنقار ال يرى منهم إال احلدق من احلديد‪ ،‬فقال‪ :‬من هؤالء يا‬
‫عباس؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬هذا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم يف املهلاجرين واألنقلار‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما ألحد هبؤالء قبل‪ ،‬واهلل يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيلك الغلداة عظلي ًام‪،‬‬
‫دل عىل أنه يستحب ألمري اجليش أن يتمر بعقد الرايات‪ ،‬وجيعل حتلت كلل رايلة عسلكر ًا‬
‫وقعي ًام عليهم؛ أن ذلك يكون أضبط وأقرب إىل اجلدّ يف األمر‪.‬‬
‫(خرب) ملا روى أبو هريرة قال‪ :‬كنت مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فلعلل‬
‫خالد بن الوليد عىل أحد امللنبتني‪ ،‬وجعل الزبري عىل اآلخر‪ ،‬وأبا عبيلدة علىل السلاقة يف‬
‫بطن الوادي‪ ،‬وقد مجع ذلك كله قول اهلادي عليه السلالم فإنله ذكلر ملا لفظله‪ :‬وإذا أراد‬
‫اإلمام تعبية عسكره يقف أصحابه فليقفهم صلف ًا ملن وراء صلف كلام يقلف النلاس‬
‫للقالة‪ ،‬ويسوي بلني منلاكبهم وحيكلم رصلهم‪ ،‬فلإن اهلل سلبحانه يقلول‪  { :‬‬

‫‪[}       ‬الصف‪ ،]4:‬وإذا صففهم صفوف ًا‬
‫صف ًا من بعد صف يكون طول صفوفهم عىل قلدر صلفة معسلكرهم وجيعلل يف القلف‬

‫‪-479-‬‬
‫األول خيارهم ومحاهتم‪ ،‬ويكون عىل ميمنته رجل شلاع‪ ،‬وعلىل ميرسلته رجلل كلذلك‪،‬‬
‫ويكون هو يف القلب أو بني القفني يف حرجة من افيل والرجال موثوق ًا هبم ومتك ً‬
‫ال عىل‬
‫دينهم ورجلتهم‪ ،‬فإن أراد أن يكون بغري لك املكان كان‪ ،‬ويوقف من وراء القفوف كلها‬
‫مجاعة من الفرسان ترد كل من شذ من العسكر أو انثنى من العدو جيعل جناحني كثيفلني‬
‫ال شلاع ًا‪ ،‬دين ًا‪ ،‬وناصح ًا‪ ،‬خيتار له‬
‫عىل قدر قلة من معه وكثرهتم ويوَّ عىل كل جنا‪ ،‬رج ً‬
‫محاة الرجال وأبطاهلا‪ ،‬وففرة افيل وعراهبا‪ ،‬ويتمرهم إذا رأوا فرصة اوغرة ملن علدوهم‬
‫أن ينتهزوها ويفًضوها ويتتوا من ورائهم من أمكنهم ذلك فليتتوا من ورائهم وليحمل‬
‫القف األول عليهم من أمامهم‪ ،‬وتتبعه القفوف شيأ ًا فشيأ ًا قحف ًا وحف ًا من غري افًاق‬
‫وال اختال ‪ ،‬فإن مل ير اجلناحان فرصة وال رزة ثبتا عىل حاهلام مل يربحا ملن ملوقفهام فلإن‬
‫دمهت امليمنة وغشيت أمدها اجلنلا‪ ،‬األيملن بتدنلاه إليهلا ‪ ،‬وكلذلك إن دمهلت امليرسلة‬
‫وغشيت أمدها اجلنا‪ ،‬األيرس بتقرهبا إليها وال يتضعضع كله‪ ،‬وكلذلك إاذ غيشل القللب‬
‫وكثر أمدته امليمنة وامليرسة ببعض رجاهلا ويوذ اإلمام أصحابه بقلة الكلالم والقليا‪،‬‬
‫واهلرج‪ ،‬فإذا أقام صفوفه ونرش جناحيه وأوقف من يرد شذاذ العسكر من ورائهم ووقف‬
‫الناس عىل راياهتم ووىل عىل افيل كلها وىل الرجالة الوالة حاربوا أعداء اهلل وتوكلوا عليه‬
‫السالم اهلل‪ ،‬وهذا كله متخوذ من كتاب اهلل ومن السرية النبوية والطرائق القحابية‪.‬‬

‫فصل‬

‫فإذا مل يقبلوا ما عرض عليهم إمام اإلسالم وكانوا من عبدة ألوثان وقع فيهم السيف‪،‬‬
‫وإن كانوا كفرة العلم ومل يدخلوا يف اإلسالم‪ ،‬وال قبلوا اجلزية حوربوا واستعني علليهم‬
‫وأي القللنفني كللانوا وضللع السلليف فلليهم وقتلللوا مقبلللني ومللدبرين وأيوا وسللبيوا‬
‫واستبيحت بالدهم‪ ،‬ثم جتمع غناؤهم وتقسم‪ ،‬قد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام)‪ ،‬أما‬
‫قتلهم فلقول اهلل تعاىل‪[}   { :‬التوبالة‪ ]5:‬اآلية‪ ،‬وقد قتلهم‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف الغزوات املشهورة كبدر وحنني وخيربوغري ذلك‪،‬‬

‫‪-480-‬‬
‫قال تعاىل‪[}     { :‬محمد‪.]4:‬‬

‫وأما سبيهم واسًقاقهم فكام اسًق رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم كثلري ًا ملنهم‬
‫كسبايا أوطاس وبني املقطلق‪ ،‬وكام سبا صفية بنت حيي بن أخطب وغري ذلك‪.‬‬
‫أما أيهم فلقول اهلل تعاىل‪[}    { :‬محمالد‪ .]4:‬وأملا امللن‬
‫من رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليهم فلقول اهلل تعاىل‪[}    { :‬محمد‪ ،]4:‬وقد ّ‬
‫وملن علىل أيب‬
‫ّ‬ ‫ومن علىل أيب علروة اجلمحلي‪،‬‬
‫عليه وآله وسلم عىل قريش يوم فتح مكة‪ّ ،‬‬
‫من عىل هواقن بنسائهم وصلبيارم حلني‬
‫ومن عىل ثاممة احلنفي‪ ،‬وكام ّ‬
‫بن الربيع‪ّ ،‬‬ ‫العا‬
‫أسلموا وهم ستة آالف نسمة‪ ،‬وكام فعل القحابة أيام عمر فإرم ملا افتتحوا بالد السلواد‬
‫ومل يقسموها‪ ،‬رواه يف الكايف وله بعد أيهم أن يفدهيم ملن أسلارى بلدر نحلو العبلاس‬
‫وغريه وإن شا قتل األسارى كام فعله يف بعض أسارى بدر نحو عقبلة بلن أيب معليط وملا‬
‫جرى جمراه‪ ،‬إنه أمر برضب أعناقهم فرضبت صرب ًا‪ ،‬وعىل اجلملة فإن الواجب عىل اإلمام‬
‫امللن أو‬
‫أن يفعل األصلح يف غالب ظنه لإلسالم وأهلله ملن القتلل واالسلًقاق أو ملن ّ‬
‫احلبس بعد األي أو الفداء‪ ،‬وإن شاء فداء أي املسلمني بتيى الكفار‪.‬‬

‫(خرب) كام روى عمران بن احلقني أن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم فلدا األسلري‬
‫العقييل بتسريين من أصحابه أيهتام ثقيف‪.‬‬
‫وأما األرايض فإن اإلمام يفعل يف أرض احلرب ما رآه صالح ًا لإلسلالم وأهلله‪ ،‬وإن‬
‫رأى القال‪ ،‬يف خراهبا أو إحراقها فعل‪.‬‬
‫(خرب) كام امر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم بتحريلق نخيلل بنلي النظلري‪ ،‬ورريلب‬
‫حقورم‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪[}    { :‬الحشر‪ ]2:‬وإن شاء أمر‬
‫بقطع أشلارهم ونخيلهم وأعناهبم كام فعله النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم‪ ،‬يلدل عليله‬
‫قوللللله تعللللاىل‪           { :‬‬

‫‪[}‬الحشر‪ ،]5:‬اللينة النخلة ملن الن يللني‪ ،‬وإن قلال أرى القلال‪ ،‬يف اسلتبقائها‬

‫‪-481-‬‬
‫استبقاها‪.‬‬

‫(خرب) وهلذا قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لرساياه‪(( :‬ال تقطعوا شللر ًا إال‬
‫شلر ًا يرضكم‪ ،‬وال تغوروا عين ًا)) فدل ذلك عىل أن املعترب يف ذلك أنه يفعل ما يفعل منله‬
‫عىل حسب ما يرى من القال‪ ،،‬وإن أرى أن يقسمها بني الغانمني فعل‪.‬‬

‫(خرب) كام فعل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعض خيرب فإنله قسلم بعضلها بلني‬
‫بعض الغانمني وهم من حرض من املهاجرين واألنقار‪ ،‬فقلارت مملكل ًا هللم‪ ،‬ومل يقسلم‬
‫ٍ‬
‫يومألذ‬ ‫يومأذ جلهينة ومزينة وكانوا يف من حرض‪ ،‬وقد ذكرنا أن عمر بن افطلاب أصلاب‬‫ٍ‬

‫من بعض خيرب مائة سهم مشاع ًا فوقفه وسبله بتمر رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‪،‬‬
‫وقد ذكرناه يف ما تقدم‪ ،‬وإن رأى اإلمام أن يًكها يف أيدي أهلها عىل خراج يؤدونله ملن‬
‫افارج من األرض فعل ذلك كام فعله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بعض خيرب‬
‫فإنه أق بعضها يف أيدي أهلها عىل أرم يعملورا ويؤدون نقف افارج من الثملر‪ ،‬ومنله‬
‫اشتقت املخابرة‪ ،‬وإن شلاء اإلملام رضب عليهلا خراجل ًا معلومل ًا ملن دراهلم أو دنلانري‬
‫معلومة‪ ،‬أو كيل معللوم كلا فعلله القلحابة ريض اهلل علنهم يف سلواد الكوفلة‪ ،‬ومرصل‪،‬‬
‫والشام‪ ،‬وخراسان‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ويف الكايف وعىل رقاب أهلها اجلزية‪ ،‬وقد قيلل إن عملر‬
‫ابن افطاب قد وقف أرض السواد ومل يقح لنا دليل يف ثبوت ذلك‪.‬‬
‫(خرب) واملروي يف كتاب العلوم عن احلسن بن صالح بن أيب ليىل أن احلسن واحلسلني‬
‫عليهام السالم اشًيا أرض ًا من أرض السواد فدل ذلك علىل أنله ال يقلح ملن املنتقلب‬
‫املدعي لإلمامة أن يقف أرض ًا من األرض التي هذه حاهلا‪ ،‬لذلك اشلًى منهلا احلسلنان‬
‫صلوات اهلل عليهام‪ ،‬ولو صح وقفهام ملا جاق فيها البيع باإلمجاع‪.‬‬

‫فصل‬

‫ٍّ‬
‫متخل إال أن يقاتلل فلإن قاتلل‬ ‫قال القاسم عليه السالم‪ :‬و يقتل شيخ فان وال راهب‬

‫‪-482-‬‬
‫قتل‪ ،‬و تقتل امرأة وال صبي إال أن يقاتال‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وعىل هلذا ال يقتلل العملى وال املقعلد إذا مل يكلن هللام رأي يف‬
‫احلروب وتدبري‪ ،‬وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا مر بامرأة مقتوللة قلال‪ :‬ملا‬
‫كانت هذه تقاتل‪.‬‬

‫(خرب) وروى نافع أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم رأى يف بعض مغاقيه املراة‬
‫مقتولة فتنكر ذلك ورى عن قتل النساء والقبيان‪ ،‬دل ذلك علىل أن هلؤالء إذا كلانوا ال‬
‫يقاتلون فإنه ال يقتلون‪.‬‬

‫(خرب) ورى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قتلل امللرأة والعسليف‪ ،‬وامللراد‬
‫بالعسيف األجري لغري قتال‪.‬‬
‫(خرب) ورى النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عن قتل النساء والقبيان فإن قاتلوا جلاق‬
‫قتلهم‪.‬‬
‫(خرب) ملا رأى ابن عباس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مر بامرأة مقتولة يوم حنني‬
‫فقال‪ :‬من قتل هذه؟ فقال رجل‪ :‬أنا يا رسول اهلل غنمتها وأردفتها خلفي فلام رأت اهلزيمة‬
‫فينا أهوات إىل سيفي أو قال إىل قائم سيفي لتقتلني فقتلتها‪ ،‬فقا النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم ‪(( :‬ما بال النساء ما شتن قتل النساء)) ولو حرم ذلك ألنكره عليه‪.‬‬
‫(خرب) وقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬وال تقتلوا وليد ًا‪ ،‬وال امرأة‪ ،‬وال شيخ ًا‬
‫كبري ًا‪ ،‬ال يطيق قتالكم)) فتما إذا قاتلوا فإرم يقتلوا بإمجاع علامء األئمة إ أن يكون الشليخ‬
‫الكبري ذا رأي وتدبري يف احلرب فإنه يقتل كام قتل املسلمون دريد بن القمة عام أوطلاس‬
‫وأصله‪.‬‬

‫(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اقتلوا شيوخ املرشكني اللذين هللم‬
‫رأي وتدبري)) وقد روي أن مالك بن عوف كان أخرج معه دريد للرأي والتدبري‪.‬‬

‫‪-483-‬‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬وعىل هذا أن املرأة إذا كانت مملن يقاتلل أو مملن هللا رأي‬
‫وتدبري فإرا تقتل‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن حنظلة بن الراهب عقر بتيب سفيان فرسه فسلقط عنله فلللس علىل‬
‫صدره فلاء ابن شعوب فقال‪:‬‬
‫بطعنة مثل شعلاع الشملس‬ ‫ألمحني صاحلبي ونفسللي‬

‫وقتل حنظلة واستنقذ أبا سفيان‪ ،‬فلم ينكلر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم فعلل‬
‫حنظلة‪ ،‬فدل ذلك عليه السالم جواق قتل ما يقاتل عليه العدو من اللدواب وعقلر‪ ،‬وقلد‬
‫ذكره السيد أبو طالب قال‪ :‬وال خالففي جواق قتل الدابة التي يكلون عليهلا فلارس ملن‬
‫املرشكني‪.‬‬

‫فصل‬

‫{‪            ‬‬ ‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪[}         ‬األنفال‪ ]66:‬اآلية‪ ،‬هذا افطاب لفظه‬
‫لفن افرب وهو يف معنى األمر؛ ألنه لو أراد به خرب ملا وقع ةربه بخالف ما أخرب وإذا ثبت‬
‫ذلك دل عىل أنه جيب لقاء العدو إذاكان عددهم مثنى عدد املسلمني وهو أن يكفي املسلم‬
‫رجلني من املرشكني ويلقامها‪ ،‬وال جيوق له الفرار منهام إذا التقى القفان‪ ،‬ومل خيشى‬
‫املسلمون اهلال واالستأقال‪ ،‬فإذا خشو ذلك جاق التنحي إىل فأة املسلمني وإن بعدت‬
‫تعاىل‪ { :‬‬ ‫لقول اهلل تعاىل‪[}    { :‬البقرة‪ ،]195:‬قال اهلل‬
‫‪               ‬‬

‫‪             ‬‬

‫يف‬ ‫‪[}‬األنفال‪ ،]16-15:‬اختلف علامء التفسري فذهب أكثرهم إىل أن هذا الوعيد خا‬
‫ٍ‬
‫يومأذ فأة من املسلمني غريهم‪ ،‬فبعضهم فأة لبعض‬ ‫من كان ينهزم يوم بدر ومل يكن هلم‬

‫‪-484-‬‬
‫وهذا هو قول أيب سعيد افدري‪ ،‬وابن عباس يف رواية الكلبي‪ ،‬واحلسن‪ ،‬وقتادة‪،‬‬
‫والضحا ‪ ،‬وذهب آخرون إىل أن الفرار من الزحف من الكبائر إذا مل يزيدوا عىل مثيل‬
‫املسلمني‪ ،‬وأن من فعل ذلك حلقه الوعيد‪ ،‬وهذا أوىل ألن الدليل هو افطاب‪ ،‬وقد ورد‬
‫الوعد ملن لقي قحف املرشكني فلقاهم دبره منهزم ًا غري متحرف لقتال أي غري منعطف‬
‫كتنه يطلب عورة يمكنه إصابتها فينحرف عن وجهه ويرى أنه منهزم‪ ،‬ثم يكر عىل العدو‬
‫أو متحيز ًا أي يتحيز وينضم أىل فأة املسلمني يتقوى هبم ويقوي شوكتهم ويعود معهم إىل‬
‫القتال والزحف مقدر ًا ال يثني وال جيمع‪.‬‬

‫(خرب) وملا روى ابن عمر قال‪ :‬بعثنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف كية فلقوا‬
‫الناس حيقة فتتينا املدينة فتخبتنا هبا وقلنا‪ :‬يا رسول اهلل نحلن الفلرارون‪،‬‬ ‫العدو فحا‬
‫قال‪ :‬ال بل أنتم الكرارون‪ ،‬وأنا فأتمكم ويف بعضها عن ابن عملر أنله كلان يف ييلة ملن‬
‫الناس حيقة عظيملة قلال‪ :‬فكنلت يف‬ ‫يايا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحا‬
‫فلام رددنا قلت‪ :‬كيف تقنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بغض ربنلا فللسلنا‬ ‫من حا‬
‫لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم قبلل صلالة الفللر فللام خلرج قمنلا فقلنلا‪ :‬نحلن‬
‫الفرارون فقال‪(( :‬ال‪ ،‬بل أنتم الكرارون)) فدنونا فقبلنا يده فقال‪(( :‬أنا فأة املسلمني))فلدل‬
‫ذلك عىل ثبوت احلكم بعد يوم بدر كلام اقتضلاه الظلاهر وهلو اللذي وقلع عنلد هلؤالء‬
‫أصحاب الرسية ورصحوا به للنبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتقرهم عليه‪ ،‬فدل ذلك عىل‬
‫ثبوت احلكم واستمراره‪ ،‬ولو مل يكن كذلك ألنكر عليهم ما تقلوروه ولقلال‪ :‬إنلام كلان‬
‫ذلك يف أهل بدر‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪ ،‬ويلدل ذللك أيضل ًا علىل أنله ملن حتيلز إىل فألة‬
‫املسلمني وإنكانت بعيدة خشية اهلال كان ناجي ًا إذا كان ققده وعزمه هلو أن يعلود ملن‬
‫الناس‪ ،‬أي ملالوا ‪-‬باحللاء‬ ‫فأة املسلمني وأنه غري مقلع من حرب املرشكني‪ ،‬قوله‪ :‬حا‬
‫القاد غري معلمتني‪ -‬وقيل أيض ًا‪ :‬فلاض الناس جيضة ‪-‬باجليم والضاد معلمتني‪.-‬‬
‫(خرب) وملا قدم رسوالن إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من مسيلمة الكلذاب‬
‫يقال ألحدمها‪ :‬عبداهلل بن نواحة‪ ،‬واآلخر يقال له‪ :‬ابن أثال‪ ،‬فقال هلام رسول اهلل صىل اهلل‬

‫‪-485-‬‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬أتشهدان أين رسول اهلل؟ قلاال‪ :‬نشلهد أن مسليلمة رسلول اهلل‪ .‬فقلال‬
‫ال رسوالً لرضبت أعنلاقمكام)) فللرت‬‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬لو كنت قات ً‬
‫السنة األن ال تقتل الرسل‪ ،‬رواه عبداهلل بن مسعود‪ ،‬وال أعلم أن أحد ًا من علامئنا جييز قتل‬
‫الرسل‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ُسأل عن الدار للمرشكني يبيتون هبلا‬
‫وفيها من ذرارهيم ونسائهم فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم ‪(( :‬هم ملنهم)) دل ذللك علىل‬
‫صحة ما نص عليه النفس الزكية حممد بن عبداهلل عليه السالم‪ ،‬فإنه نص عىل أن املرشكني‬
‫إذا حتقنوا فحارصهم اإلمام يف مدينة جاق أن حيرقها عليهم‪ ،‬وأن يرملوا باملللانيق‪ ،‬وأن‬
‫يرسل عىل املدينة املاء‪ ،‬وأن يفعل هبم غري ذلك ملن األللوان التلي تلؤدي إىل استأقلاهلم‬
‫والظفر هبم‪ ،‬وإن كان فيهم ٌ‬
‫شيخ فان ونساء وصبيان‪ ،‬ذكره يف السرية‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وال نعرف فيه خالف ًا‪.‬‬


‫(خرب) وقد روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم نقب املنلنيق عىل ثقيف ورماهم‬
‫به مع علمه بمن فيهم من الذراري والنساء ومن ال جيوق أن يققد بالقتل‪ ،‬دل ذللك علىل‬
‫ما قلنا‪.‬‬

‫فصل‬

‫قلال اهلل تعللاىل‪         { :‬‬

‫‪                  ‬‬

‫‪[}‬الفالت‪ ، ]25::‬فبني أنه تعاىل كف أيدي املؤمنني عنهم لأال يلحق هبم منه بني ظهلارين‬
‫املسلمني بمكة من ضعفاء املسلمني القتل‪ ،‬دل ذلك عىل أنه إذا كان بني ظهراين املرشلكني‬
‫أيى أو جتاق وغلريهم ملن املسللمني مل جيلز أن يرملوا باملللانيق وال أن حيرقلوا وال أن‬
‫يغرقوا‪ ،‬وقد ذكره أبو طالب عىل مذهب اهلادي إىل احلق‪ ،‬قال‪ :‬إإل أن تدعوا الرضورة إليه‬

‫‪-486-‬‬
‫نحو أن يعلم أنه إن مل توع عليهم املنلنيقات ونحوها كان منهم من النكاية من املسللمني‬
‫منا ال يتالفا جاق ذلك‪ ،‬فإن رموا عن عذر دفع ًا عن اإلسالم ونرصلة لله فتصليب مسللم‬
‫وجبت الدية والكفارة‪ ،‬وهكذا احلكم إذا تتالس املرشكون بمن معهم من املسلمني كلان‬
‫احلكم يف ذلك واحد ًا‪ ،‬وهو أنه جيوق رميهم عنلد خشلية االتقلال بله إن مل يرملوا ذكلره‬
‫األخوان عىل أصل اهلادي واختلفوا يف وجوب الكفارة والدية‪ ،‬فذكر أبو طالب ما تقدم‪،‬‬
‫ووجه اآلية املتقدمة فإن قولله تعلاىل‪[}  { :‬الفالت‪ ،]25::‬قيلل‪ :‬الديلة يف‬
‫الرجال واملهور يف النساء‪ ،‬وذكر املؤيد باهلل أن املسلم إذا أصيب يف هذه احللال كلان دمله‬
‫عليله السلالم قلال يف خطبتله بمحرضل ملن‬ ‫هدر ًا‪،‬وال جتب الكفارة ‪ ،‬ووجه أن عليا‬
‫أصحابه ومل ينكروا عليه‪ :‬أما علمت أن دار احلرب حيل ما فيها وأن دار اهلللرة حيلرم ملا‬
‫فيها إال باحلق‪ ،‬ملا أقروه عىل ذلك ذلك ومل ينكروا عليه‪ ،‬دل ذلك عليه السالم صحة قوله‬
‫وإن كان قوله صحيح ًا عىل كل حال لكونه معقوم ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن ثالثة من قريش يوم بدر برقوا بني القفني وستلوا املسلمني املبلارقة‬
‫وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فربق إليهم ثالثة ملن أاألنقلار وهلم علوف‪،‬‬
‫ومعوذ ابنا احلارث‪ ،‬وعبداهلل بن رواحة‪ ،‬فلام دنو منهم قالوا‪ :‬من أنتم؟ قلالوا‪ :‬رهلط ملن‬
‫األنقار‪.‬فقالوا‪ :‬ما لنا بكم من حاجة‪ ،‬ثم نادى منادهيم يا حممد اخلرج إلينلا أكفاءنلا ملن‬
‫قومنا‪ ،‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬قم يا عبيدة بن احلارث‪ ،‬وقم يا محلزة‪،‬‬
‫وقم يا عيل)) فعاد األنقاريون وبرق محزة بلن عبلد املطللب وأملري امللؤمنني وعبيلدة بلن‬
‫احلارث ريض اهلل عنهم فتبارق أسد اهلل أبو يعىل محزة بن عبداملطلب هو وشيبة بلن ربيعلة‬
‫وتبارق أمري املؤمنني هو والوليد بن عتبة‪ ،‬وتبارق عبيدة بن احلارث هو وعتبلة بلن ربيعلة‪،‬‬
‫فتما محزة فلم يمهل شيبة أن قتله وكذلك عيل قتل الوليد ومل يمهله‪ ،‬واختلف عبيدة وعتبة‬
‫بن ربيعة بينهام رضبتان أثبتت كل واحدة منهام صاحبه وكر عيل ومحزة بتسيافهام عىل عتبة‬
‫فقتاله‪ ،‬واحتمال صاحبهام فحاقاه إىل أصحابه فدل ذلك عىل أنه ينبغي إاذ دعا مرشل إىل‬
‫الرباق أن جييبه رجل من املسلمني وال خيرج إليه إال منه قوي جمرب‪ ،‬وأنه إذا بارقه ضعيف‬

‫‪-487-‬‬
‫فقتله كان يف ذلك الوهن عىل اإلسالم وأهلله‪ ،‬وانكسلار قللوهبم وكلان يف قلوة لقللوب‬
‫املرشكني‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا حارص بني قريظلة اسلتنزهلم علىل‬
‫حكم سعد بن معاذ رمحه اهلل وكان من حلفائهم يف اجلاهلية فرضوا بحكمه وبعث رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أبا لبابة إىل قريظة ملا حلارصهم‪ ،‬وكلان أهلله ووللده فليهم‬
‫فقالوا‪ :‬يا أبا لبابة ما ترى لنا أن ننزل عىل حكم سعد؟ فتشار هلم أبو لبابة إىل حلقله يعنلي‬
‫أنه الذبح فال تفعال‪ ،‬فكانمت تلك خيانة هلل ولرسوله قال أبو لبابة‪ :‬ما قالت قلدماي ملن‬
‫مكاين حتى علمت أين خنت اهلل ورسلوله‪ ،‬ويف لبابلة نلزل قلول اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}        ‬األنفال‪ ،]27:‬فكان من رجوعه‬
‫وتوبته من ذلك ما هو ظاهر‪ ،‬وروي أنه حني تاب اهلل عليه قال‪ :‬يا رسول اهلل أأهللر دار‬
‫قومي التي أصبت فيها الذنب وأجاور ‪ ،‬وأنخلع من ملاَّ صلدقة إىل اهلل وإىل رسلوله؟‬
‫فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬جيزيك من ذلك كله الثلث)) وهو أبو لبابة بن‬
‫عبد املنذر من األنقار‪ ،‬ولبابة ‪-‬بضلم اللالم وبعلدها بلاء معلملة بواحلدة ملن أسلفل‬
‫مفتوحة‪ -‬وكذلك الثاين أيض ًا ‪ -‬باء معلمة بواحدة من أسفل مفتوحة‪ -‬فللام نزللوا علىل‬
‫حكم سعد حكم بقتال رجاهلم وسبي نسائهم وذرارهيم‪ ،‬فقال له البي صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم‪(( :‬لقد حكمت فيهم بحكم اهلل من فوق سبعة أرقعة)) فساقوهم إىل خندق املدينلة‬
‫ثم رضبوا أعناق الرجال ومن شكو يف بلوغه نظروا إليه فإن كان قد أخرض مأزره رضبلوا‬
‫ٍ‬
‫يومأذ فقال قوم‪:‬‬ ‫عنقه‪ ،‬وإن مل يكن كذلك أعفوه عن القتل‪ ،‬واختلف الرواة يف عدد القتىل‬
‫كانوا سبعامئة‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬كانوا ثامنامئة‪ ،‬وقال قوم‪ :‬كانوا تسلعامئة‪ ،‬دل ذللك علىل أنله‬
‫جيوق لإلمام احلق إاذ حارص أهل احلرب يف حقن أو مدينة أن يستنزهلم علىل حكلم ملن‬
‫يوثق بمعرفته وورع ودينه من عقالء الرجال‪ ،‬وقد ذكرناه فيام تقدم يف وصايا النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم لرساياه أنه قال‪(( :‬وإن حارصت حقن ًا فراودو أن تنزهلم عىل حكم‬
‫اهلل تعاىل فال تنزهلم عىل حكم اهلل تعاىل ولكن أنزهلم عىل حكمك فإنك ال تدري أتقليب‬

‫‪-488-‬‬
‫فيهم حكم اهلل أم ال)) فدل ذلك عىل أنه ال ينزله عىل حكم اهلل تعلاىل بلل علىل حكمله أو‬
‫حكم من يثق به ليكون أبعد من احلرج وعم ً‬
‫ال بالوثيقة واليقني فيام حيكم به عليهم‪.‬‬

‫باب ذكر أحكام المشركين في دار الحرب وما يجوز أن يفعل فيها‬
‫وما ال يجوز‬
‫(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم يف أيام اجلمل بكالم من مجلته أنه قال‪ :‬أما‬
‫علمت أن دار احلرب حيل ما فيها‪ ،‬وأن دار اهللرة حيرم ما فيهلا إال بحقله‪ ،‬ذكلر ذللك يف‬
‫خطبته بحرضة القحابة‪ ،‬وهم أهل العدل وهم الذين يعتربون يف اإلمجاع ومل ينكر عليله‬
‫أحد منهم بخالف افارجني عليه‪ ،‬فإرم بغاة ال يعتد هبم يف اإلمجاع‪ ،‬فدل ذللك علىل أن‬
‫دار احلرب دار إباحة إذا قهر بعض املرشكني فيها بعض ًا واسًاقه بالسباء كان مملوكل ًا لله؛‬
‫ألنه قد ملكه بالقهر والغلبة وقد ذكره السيد أبو طالب‪ ،‬وإذا ثبت ذلك جاق أن يشًي يف‬
‫دار احلرب بعض املرشكني من بعض‪ ،‬وجاق أن يشًي الوالد من ولده واألخ من أخيله‪،‬‬
‫وقد نص عىل هذا املعنى يف (األحكام) أما إذا باع بعضهم ال جيز أن يمكله كالوالد إذا باع‬
‫ولده واألخ إذا باع أخاه فإنه جيوق أن يتخذ ذلك منه عىل وجه الرشاء‪ ،‬وإن مل يكلن ذللك‬
‫كاء صحيح ًا؛ ألن لنا أن نسبيه ونسًقه فإذا مل يمكنلا ذللك إال ببلذل العلوض جلاق أن‬
‫نبذله‪ ،‬ذكره الناطق باحلق‪ ،‬قال‪ :‬وقد أشار اهلادي إىل هذا املعنى فقال‪ :‬ما نبذله من اللثمن‬
‫جيري جمرى ما يبذل عىل االستألار‪ ،‬واملعنى أنه ال يكون كاء عىل احلقيقة واملعلوم عنلد‬
‫الرواة أن قيد بن حارثة من صميم العرب‪ ،‬وأنه سبي يف حال كفلره ثلم انتقلل ملكله إىل‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعتقه وققته ظاهرة‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أنا بريء من كل مسلم أقلام يف‬
‫دار الرش )) دل ذلك عىل أن األسري املسلم إذا أطلقله الكفلار واشلًطوا عليله أن يقليم‬
‫عندهم وال خيرج من بالدهم جاق له افروج وةالفة الرش ؛ ألنه ك أحل حرام ًا‪ ،‬وقد‬

‫‪-489-‬‬
‫تقدم أن كل ك هذا حاله ال جيوق الوفاء به‪ ،‬وإن ك هلم فدية يبعث هبا إىل إليهم ملن‬
‫املال فقد ذكر السيدان األخوان أنه جيوق هبذا الرش ‪ ،‬ويدل عليه (خرب) وهو قلول النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬املؤمنون عند كوطهم))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا بكرة كان من عبيد أهل الطائف فلام حارصهم النبي صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم خرج مع مجاعة من عبيدهم إليه مسلمني فقلال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫((هؤالء عتقاء اهلل))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم الطائف‪(( :‬أيام عبدٌ خرج إلينا‬
‫مسل ًام فهو حر)) دل ذلك عىل أن مملو احلرب إذا أسلم وهاجر إىل دار اإلسالم كان حر ًا‪،‬‬
‫وكذلك إذا خرج إىل حمطة املسلمني مسل ًام كان حر ًا‪ ،‬أو مل يكن ملواله عليه سبيل إن أسللم‬
‫بعد ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كل موللود يوللد علىل الفطلرة‬
‫فتبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه)) ويف بعض األخبار‪(( :‬كل نسلمة توللد علىل الفطلرة‬
‫وأبواه هيودانه وينرصانه ويملسانه حتى يعرب عنها لسانه إما شلاكر ًا وإملا كفلورا)) دل‬
‫ذلك عىل أن احللريب إذا خلرج إىل دار اإلسلالم فتسللم فيهلا فلتوالده القلغار يكونلون‬
‫مسلمني بإسالمه ال سبيل عليهم وألن قوله صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬كل مولود يوللد‬
‫عىل الفطرة)) يدل عىل أن األصل يف كل مولود أن حيكمه حكم اإلسالم إذ ظاهره يقت يل‬
‫ذلك عىل ما قلناه‪ ،‬فاملستلة ذكرها السيد أبو طالب قال‪ :‬وهي صحيحة عىل أصل اهللادي‬
‫عليه السالم ومل يفقل افرب بني أن يكون اإلسالم يف دار احلرب أو دار اإلسالم‪ ،‬فالظاهر‬
‫عىل أرام عىل سواء‪ ،‬ويدل عليه أيضل ًا قولله تعلاىل‪    { :‬‬

‫‪[}        ‬الطور‪ ،]21:‬فإنه يدل عىل أن حكم الذرية‬
‫القغار حكم اآلباء‪ ،‬فتما البالغون فمخققون من الظاهر باإلمجاع وبافرب األول فبقلي‬
‫القغار داخلني يف ذلك‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬إذا اسلم أحد األبلوين والوللد صلغار فالوللد‬

‫‪-490-‬‬
‫مسلمون بإسالم من أسلم من األبوين‪ ،‬فإن كرب الولد فتبوا اإلسالم قتلوا‪ ،‬وإن كان الولد‬
‫كبار ًا بالغني مل يكونوا مسلمني بإسالم األبوين‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلنلاه وهلذا افلرب رواه‬
‫قيد بن عيل عليهام السالم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كلان إذا افتلتح بلالد الرشل مل يتبلع‬
‫أحكامهم بنقض وال تغيري وتركهم عىل حاهلم‪ ،‬دل ذلك عىل صلحة ملا حكلاه عليل بلن‬
‫العباس من إمجاع العًة عليهم السالم عىل أن ما َحك ََم به حاكمم املرشلكني يف دار احللرب‬
‫بام بينهم ال يتبع بنقض‪ ،‬قال‪ :‬وكذلك جنايات بعضهم عىل بعض وعىل املسلمني يكونون‬
‫هدر ًا‪ ،‬وكذلك إذا غلب بعضهم عىل بعض حكا هذا يف جمموعه‪.‬‬

‫‪-491-‬‬
‫باب حكم أمان المسلمين ألهل الشرك‬
‫قال اهلل تعلاىل‪           { :‬‬

‫‪[}‬التوبة‪ ،]6:‬يعني إن أحد من املرشكني طلب منك األمان واجلوار فتجره من القتل‬
‫حتى يسمع كالم اهلل القرآن‪ ،‬وما أمره به ورا عنه‪ ،‬ثم أبلغه متمنه املوضع الذي يتمن فيله‬
‫ذلك عىل جواق األمان من املسلمني للمرشكني‪ ،‬وقال تعاىل بعد التربي من كل عهلد بينله‬
‫وبني املرشكني‪           { :‬‬

‫‪[}          ‬التوبة‪ ،]4:‬وقال تعاىل‪{ :‬‬

‫‪              ‬‬

‫‪[}        ‬التوبالة‪ ،]7:‬فلاق ذللك علىل جلواق‬
‫املعاهدة معهم وعىل جواق األمان هلم‪ ،‬وملا أخذت العرب تنقض عهود ًا بينها وبني رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نزل قول اهلل تعاىل‪[}   { :‬التوبة‪ ]1:‬اآليلة‪،‬‬
‫فتمره اهلل أن ينقض عهودهم وأجلهم أربعة أشهر فمن كانت مدة عهلده أقلل ملن أربعلة‬
‫رفعه إىل أربعة‪ ،‬ومن كانت مدة عهده أكثر من أربعة أشهر حطة إال أربعة إال من استثناه‪،‬‬
‫وقد ذكرناه أوالً‪ ،‬ومتى قيل‪ :‬كيف جيوق أن ينقض النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم العهد؟‬
‫قلنا‪ :‬ال جيوق إال عىل أحد وجوه ثالثة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يكون مرشوط ًا أن يبقى العهد إىل أن يرفعه اهلل بوحي كلام روى بمعاهدتله‬
‫لبعضهم أنه قال‪(( :‬أقركم ما أقركم اهلل تعاىل))‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن تظهر منهم خيانة كام قال تعلاىل‪      { :‬‬
‫ٍ‬
‫فحينأذ ينبذ إليهم عهدهم‪.‬‬ ‫‪[} ‬األنفال‪،]58:‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون مؤج ً‬
‫ال إىل مدة معلومة فتنق ي املدة وينق ي العهد بمضيها‪ ،‬والذين‬
‫استثناهم اهلل بقوله‪[}    { :‬التوبة‪ ،]4:‬قال املفرسون‪ :‬استثنى‬

‫‪-492-‬‬
‫اهلل طائفة وهم بنو ضمرة حي من كنانة وأمر بإمتام عهدهم وكان قد بقى من عدهم تسعة‬
‫العهد {‪ ‬‬ ‫أشهر‪ ،‬وقوله تعاىل‪[}   { :‬التوبة‪ ،]4:‬أي من كو‬
‫‪[}‬التوبالة‪ ،]4:‬ومل يعاونوا علليكم علدو ًا‪ ،‬وقولله تعلاىل‪   { :‬‬

‫‪[} ‬التوبة‪ ]7:‬هم بنلو ضلمرة اللذين ذكرنلا {‪ ،}  ‬يف وفلاء‬
‫العهد {‪ ،} ‬عىل الوفاء بإمتام أجلهم {‪ ،}   ‬ملن اتلق يف‬
‫أداء فريضته والوفاء بعده ملن عاهدته‪.‬‬
‫(خرب) وهكذا هادن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قريش ًا ملا صدوه عن مكة عام‬
‫احلديبية عرش سنني‪ ،‬وهكذا أمري املؤمنني عيل عليله السلالم هلادن معاويلة يف آخلر أيلام‬
‫صفني تسعة أشهر‪ ،‬وكل ذلك يدل عىل ما ذكرناه من جواقاملعاهدة معهم واألمان هلم‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املسلمون تتكافئ دماؤهم‬
‫ويسعى بذمتهم أدناهم))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن قينب ابنة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أجلارت قوجهلا أبلا‬
‫بن الربيع‪.‬‬ ‫العا‬

‫(خرب) وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم فتح مكة‪(( :‬من ألقلى سلالحه فهلو آملن‪،‬‬
‫ومن دخل دار أيب سفيان فهو آمن))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أم هانئ بنت أيب طالب أجارت يوم فتح مكلة رجللني ملن أمحائهلا‬
‫دخال دارها‪ ،‬وأن علي ًا عليه السالم أراد قتلهام فلاءت إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫تشكو عليه علي ًا عليه السالم فقال‪(( :‬قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت)) فدل ذلك كله‬
‫عىل أنه جيوق أمان املرأة واململو ؛ ألن اململو يدخل يف أدنا املسلمني‪.‬‬

‫‪-493-‬‬
‫فصل‬

‫ونص يف األحكام عىل أنه ال جيوق أملان أحلد ملن املسللمني للمرشلكني إال إىل ملدة‬
‫مرضوية‪ ،‬وال جيوق عىل التتبيد وذلك ألن الرشع مل يرد بلواقه إال إىل مدة مرضوبة‪ ،‬أو يف‬
‫حكم املدة املرضوبة فاملدة املرضوبة أصلها الكتاب والسنة‪.‬‬

‫أما الكتاب فقوله تعاىل‪[}    { :‬التوبة‪.]4:‬‬


‫وأما السنة فهي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح املرشكني عام احلديبية عرشل‬
‫سنني عىل أن ذلك مما ال خالف فيه‪ ،‬وقد صالح عيل عليه السالم أهل الشام علام صلفني‬
‫تسعة أشهر‪.‬‬
‫وأما ما جيري جمرى املدة املرضوبة فيلوق صلح النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم ملع‬
‫بعض املرشكني فإنه صاحلهم وقال‪(( :‬أقركم ما أقركم اهلل)) فهذا جيري جمرى املدة‪ ،‬ونحلو‬
‫صلح احلسن بن عيل عليهام السالم مع معاوية؛ ألن مدة عمر احلسلن يف حكلم املعلوملة‬
‫عند اهلل تعاىل‪ ،‬والذي يدل عىل أنه ال جيوق األمان عىل التتبيد؛ ألن ذلك يؤدي إىل قوال ما‬
‫هو حكمهم يف األصل من أرم ال يًكون عىل دينهم‪ ،‬وأنه البد يف بعضهم ملن اإلسلالم‬
‫أو السيف‪ ،‬وأنه البد يف البعض اآلخر من اإلسالم أو قبول اجلزية‪ ،‬أو السيف وصلحهم‬
‫عىل جهة التتبيد يؤدي إىل ةالفة اآليات املحكمة والسنة املعلومة املكرمة وإمجاع األمة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أيام رجل من أققلاكم أو‬
‫ال أمان ًا‪ ،‬أو أشار إليه فتقبلل إليله بإشلارته فلله‬
‫أدناكم‪ ،‬أو أحراركم أو عبيدكم أعطى رج ً‬
‫األمان حتى يسمع كالم اهلل)) دل ذلك عىل أنه جيوق أمان اململو املسللم كلام نلص عليله‬
‫القاسم عليه السالم‪.‬‬

‫ويدل عليه (خرب) وهو قول النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬املسللمون تتكافلت‬
‫دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم)) وقوله‪ :‬أدناهم حيتمل أن يكون املراد به أدنلاهم منزللة‪،‬‬
‫وحيتمل أدناهم يف القدر وأرام كان دخل فيه العبد مع أنه جيمع املعنيني‪.‬‬

‫‪-494-‬‬
‫(خرب) وروى فضل بن يزيد الرقايش قال‪ :‬جهز عمر بلن افطلاب جيشل ًا كنلت فيله‬
‫فحرضنا قرية من قرى رام هرمز فكتب عبد منا أمان ًا يف صحيفة وشدها يف سهم رمى بله‬
‫إليهم فتخذوها وخرجوا بتمانه فكتبوا بلذلك إىل عملر فقلال‪ :‬العبلد املسللم رجلل ملن‬
‫املسلمني ذمته ذمتهم‪ ،‬ويقح األمان باإلشارة كام ذكرناه يف افرب يف قولله صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم‪(( :‬أيام رجل من أققاكم أو أدناكم‪ ،‬أو أحراركم أو عبيدكم أعطى رج ً‬
‫ال منهم‬
‫أمان ًا أو أشار إليه بإشارة فله األمان حتى يسمع كالم اهلل)) فدل ذلك عىل أنه يقح األمان‬
‫باإلشارة‪.‬‬

‫(خرب) وروى أبو سلمة قال‪ :‬قال عمر‪ :‬والذي نفس عمر بيلده للو أن أحلدكم أشلار‬
‫بتصبعه إىل مرش ثم نزل إليه عىل ذلك ثم قتله لقتلته‪ ،‬وهذا يؤيده ما ذكرناه‪.‬‬
‫(خرب) وقد ذكرنا فيام تقدم أمان قينب بنلت رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫لزوجها‪ ،‬وأمان أم هانئ ألمحائها‪ ،‬وأن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أجاق أمارام‪ ،‬فلدل‬
‫ذلك عىل أنه جيوق أمان املرأة املسلمة‪ ،‬كام نص القاسم عليه السالم‪ ،‬وما ذكرنلاه أوالً ملن‬
‫عموم األدلة يدل عىل جواق أمان املريض املسلم‪.‬‬

‫(خرب) وقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ((:‬رفع القلم عن ثالثة)) افرب يلدل علىل‬
‫أنه ال يقح أمان القبي وامللنون‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬إال أرام إن أمنّا أحد ًا من املرشكني مل جيز أن يقتل يف احلال فيلب‬
‫رده إىل متمنه؛ ألنه مغرور بذلك األمان‪.‬‬

‫فصل‬

‫قال اهلل تعاىل‪          { :‬‬

‫‪                  ‬‬

‫‪[}           ‬الممتحنة‪ ]10:‬دل‬

‫‪-495-‬‬
‫ذلك عىل صحة ما نقه يف (األحكام) من أن احلربية إذا أسلمت وحلقلت بلدار اإلسلالم‬
‫فال سبيل لزوجها عليها‪ ،‬وهلا أن تتزوج بعد أن يستربس رمحها بثالث حيض‪.‬‬
‫قال أبو طاللب‪ :‬وال خلالف أرلا إذا أسللمت وهلاجرت إىل دار اإلسلالم انقطعلت‬
‫الزوجية بينهام‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما قوله تعاىل‪ }  { :‬فكان ذلك يف صللح احلدبيبيلة قبلل حتلريم رد‬
‫النساء وهو أن يرد عىل قوجها املهر‪ ،‬واملراد به إذا كان قد دفع إليها مهرهلا ملاالً حلالالً‪،‬‬
‫فإن مل يدفع إليها شيأ ًا أو دفع إليها ما ال قيمة له مل جيب له يشء‪ ،‬وإن كان قد أعطى بعضه‬
‫رد له ما أعطى‪ ،‬وإنام يرد له ذلك من مال اهلل تعاىل كافمس وغريه ألجل حرملة األملان‬
‫واملعاهدة بينهم‪ ،‬وقد منع اهلل تعاىل من رد النساء إذا أتني مسلامت بقوله علز قلائالً‪{ :‬‬

‫‪[}  ‬الممتحنة‪.]10:‬‬

‫فصل‬

‫وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم وادع بني قريظة فتعان بعضهم أبا سفيان بن‬
‫حرب عىل حرب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف افندق‪ ،‬وقيل‪ :‬الذي أعان منهم‬
‫ثالثة حيي بن أخطب وأخوه وثالث معهام فنقض صلىل اهلل عليله وآلله وسللم عهلدهم‬
‫وغزاهم وقتل رجاهلم وسبى ذرارهيم‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم هادن قريش ًا باحلديبية وبنو بكر كانت‬
‫حلفاء لقريش وخزاعة كانت حلفاء لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحارب بنو بكر‬
‫خزاعة وأعارم نفر من قريش عىل خزاعة وأمسك سائر قريش‪ ،‬فلعل رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ذلك نقض ًا لعهدهم فسار إليهم وذلك يوم فتح مكة‪ ،‬دل ذلك عىل أن‬

‫‪-496-‬‬
‫نقض بعض املعاهدين يعم حكمه سائرهم‪ ،‬كام أن عقد بعضهم اهلدنة يكون أمان ًا ملن عقد‬
‫وملن مل يعقد اللهم إال أن يباينوهم ويعتزلوهم ويكلاتبوا اإلملام بلذلك ويراسللوه إذ قلد‬
‫اهلل تعاىل يف وجوب الوفاء هلم ملا تضلمنه قولله تعلاىل‪    { :‬‬ ‫ك‬
‫‪[}  ‬التوبالة‪ ]4:‬ومما يوضح ما ذكرناه من فعل بني بكر بخزاعة أن خزاعة‬
‫أتوا النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم طالبني للنرصة واألخذ بثترهم فقال شاعرهم‪:‬‬
‫محلللللف أبينللللا وأبيلللله األتلللللدا‬ ‫رب إين ناشلللللد حمملللللدا‬
‫يلللللا ّ‬
‫ونقضللللوا ميثاقللللك املؤكللللدا‬ ‫إن قريشلللل ًا أخلفتللللك املوعللللدا‬
‫ّ‬

‫وقتّلونلللللا ركعللللل ًا ُ‬
‫وسللللللدا‬ ‫وب ّيتونلللللا بلللللاحلطيم ُهللللللدا‬
‫فلللادع عبللللاد اهلل يلللتتوا مللللددا‬ ‫ّ‬
‫أقلللللل وأذل علللللددا‬ ‫وهلللللم‬
‫إن سيم خسف ًا وجهل ُه تربلدا‬ ‫جتلردا‬
‫فيهم رسول اهلل قلد ّ‬

‫فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال نرصة إن مل أنرصكم)) فخرج إىل مكلة فنرصله اهلل‬
‫تعاىل وشفاء صدور خزاعة‪ ،‬وذلك قلول اهلل تعلاىل‪[}  { :‬التوبالة‪،]15:‬‬
‫يعني كرهبا ووجدها بمعونة قريش بني بكر عىل خزاعة‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذ قد ذكرنا مكة فعند أئمتنا عليهم السالم أرا فتحت قهلر ًا ال صللح ًا‪ ،‬وهلو اللذي‬
‫لدين اهلل حممد بن اهلادي‪ ،‬والسيدان األخوان ريض اهلل علنهم‪ ،‬ووجله‬ ‫نص عليه املرت‬
‫ذللللك قلللول اهلل تعلللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}  ‬التوبالة‪ ،]13:‬يعني بقوله‪ :‬نكثوا أيامرم نقضوا عهودهم مع أن النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم وجعل عهد القلح ياحلديبية بمعونة بني بكر عىل خزاعة وهلم‬
‫كانوا حلفاء النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وهذا يدل عىل أن حرب الناكث من الكفلار‬
‫أوىل من حرب سائر الكفار ليكون ردع ًا عن النكث‪ ،‬وقوله تعاىل‪  { :‬‬

‫‪-497-‬‬
‫‪ }‬يعني بالقتال يوم بدر؛ ألرم قالوا حني سلمت العلري‪ :‬ال ننرصلف حتلى نستتصلل‬
‫حممد ًا ومن معه‪ ،‬وقال مجاعة من املفرسين‪ :‬أراد أرم قاتلوا حلفلاء ملن خزاعلة فبلدأوا‬
‫بنقض العهلد‪ ،‬قلال اهلل تعلاىل‪ }{ :‬أي رلافون أن ينلالكم ملن قتلاهلم مكلروه‬
‫فتًكونه فاهلل أحق أن رشوه‪ ،‬إىل قوله {‪[}   ‬التوبة‪ ،]14:‬أي‪:‬‬
‫يقتلهم بسيوفكم ورماحكم يعني يتمركم بقتاهلم ثم ينرصكم عليهم فتقتلورم فتضافه اهلل‬
‫تعاىل إىل نفسه؛ ألنه بتمره ونرصه وخيزهيم ويذهلم بلالقهر واألي{‪  ‬‬

‫‪[}  ‬التوبالة‪ ،]14:‬يعني مسلمي خزاعة‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه امتثل أمر اهلل‬
‫تعاىل يف أمره بقتاهلم وكيف يتقور أنه يقاحلهم مع هذا األمر املغلن ملن اهلل تعلاىل وقلد‬
‫كان يف غاية القوة واالستعالء‪ ،‬وقد نزل عليله قولله تعلاىل‪    { :‬‬

‫‪[} ‬محمد‪ ، ]35:‬هذا ما ال جيوق؛ ألنه خالف أمر اهلل تعاىل‪ ،‬وقوله تعاىل‪{ :‬‬

‫‪[}            ‬الفت‪ ،]24::‬فلو‬
‫كان دخلها صلح ًا مل يكن له ظفر عليهم‪ ،‬وال يقح أن يقال املراد باآلية قلوم ملن قلريش‬
‫نزلوا عليهم باحلديبية من جبل التنعيم فظفر هبم رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫وأطلقهم؛ ألن اآلية أفادت ظفره هبم ببطن مكة‪ ،‬واحلديبية ليسلت بلبطن مكلة بلل هلي‬
‫خارج احلرم قيل‪ :‬هي بأر متضمض رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فيهلا‪ ،‬وكلان قلد‬
‫غار ماؤها فلاشت باملاء‪ ،‬فكان ذلك من معلزاته عليه السالم‪.‬‬
‫(خرب) ومما تظاهر به النقل أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم فتح مكلة‪(( :‬إن‬
‫مكة حرام حرمها اهلل تعاىل مل حيل فيها القتلال إال سلاعة ملن النهلار ومل حتلل ألحلد ملن‬
‫بعدي))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬ك ّفوا السلال‪ ،‬إال خزاعلة ملن بنلي‬
‫بكر)) فتذن هلم يف قتاهلم حتى صالة العرص‪ ،‬ثم قال‪(( :‬كفوا السال‪.))،‬‬
‫(خرب) وروي أن ابن عباس ذكر ققة الفتح فقال فيها‪ :‬إن النبي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم دخل مكة فقال ألصحابه‪(( :‬كفوا السال‪ ،‬إال خزاعة ملن بنلي بكلر)) ثلم أملرهم‬

‫‪-498-‬‬
‫فكفوا ثم أمن الناس كلهم إال أربعة‪ :‬عبداهلل بن سعد بلن أيب ي‪ ،،‬وابلن خطلل‪ ،‬وابلن‬
‫ضبابة‪ ،‬وامرأة ورابع غفل الراوي عن اسمه‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر بقتل قينتني كانت تغنيان هبلائله‪ ،‬فللو‬
‫كان دخلها صلح ًا مل جير يشء من هذا‪.‬‬

‫(خرب) وروي أنه جعل خالد بن الوليد عىل امليمنة والزبري عىل امليرسة‪ ،‬وأن خالد ًا قتل‬
‫منهم بضعة عرشة نفس ًا فارزموا وكان ممن هزم وهرب ملن مكلة عكرملة بلن أيب جهلل‬
‫وصفوان بن أمية‪ ،‬ولو كان القلح قد تقدم مل خيف عىل خالد وال عىل هؤالء األعيان ملن‬
‫قريش الذين ارزموا‪ ،‬فتما احتلاج املخالفني عىل أنه دخلها صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫صلح ًا بام مثل له‪.‬‬
‫(خرب) وروى أيب بن كعب أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال يوم أحد ملا قتل ملن‬
‫األنقار نيف وستون نفس ًا وقتل اجلامعة من املهاجرين ومثل هبم‪(( :‬ألن كان لنا مثل هلذا‬
‫لنربني عليهم)) فلام كان يوم فتح مكة دخلها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم عنلوة‬
‫فقال رجل‪ :‬ال تعرف قريش بعد اليوم‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم ‪(( :‬األسلود‬
‫واألبيض آمن إال مقيس بن ضبابة‪ ،‬وابن خطل وقينتني البلن خطلل)) فلتنزل اهلل تعلاىل‪:‬‬
‫{‪[}            ‬النح الالالالالالل‪،]126:‬‬
‫فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬نقرب وال نعاقب)) فهو دليلنا من وجوه‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬قول ُأيب بن كعب دخلها صىل اهلل عليه وآله وسلم عنوة؛ ألن العنوة افضوع‪،‬‬
‫وهلذا يسمى األسري عاني ًا‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪[}    { :‬طال‪ ]111::‬وقوهلم‬
‫إن العنوة عبارة عن القلح واحتلوا بقول الشاعر‪:‬‬
‫ولكن بحد املرشفلي استقاهللا‬ ‫فام أخذوها عنوة عن ملودة‬

‫(خرب) وروي ولكن برضب املرشقي استقاهلا‪ ،‬أي اسًدها يعني افالفة فاملراد أرم مل‬
‫يتخذوها ي ًا بمخادعة وإظهار مودة هلا لكن أخذوها بالسيف‪.‬‬

‫‪-499-‬‬
‫وثانيها‪ :‬قول الرجل‪ :‬ال تعرف قريش بعد اليوم‪.‬‬

‫وثالثها‪ :‬قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬األسود واألبيض آمن إال كذا وكلذا))‬

‫فإن عقد القلح ينايف هذا‪.‬‬


‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا دخل مكة صعد علىل بلاب البيلت‬
‫فتخذ بعضاديت الباب فقال‪(( :‬احلمد هلل الذي أنلز وعده‪ ،‬ونرص عبده‪ ،‬وأعز جنده‪ ،‬وهزم‬
‫األحزاب وحده)) ثم التفت إىل قريش وهم حواليه فقال هلم‪(( :‬ما تقولون))؟ فقلالوا‪ :‬أخ‬
‫كريم قد ملكت فاصنع ما شأت‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أقلول ملا قلال أخلي‬
‫يوسف ال تثريب عليكم اليوم أنتم الطلقاء)) وهذا يدل عىل ما قلناه من أنه فتحهلا قهلر ًا؛‬
‫ألنه لو فتحها صلح ًا ملا صح هذا؛ ألن من أمنه القلح ال يكون طليق ًا أال ترى أنه ملا دخل‬
‫يف عمرة القضاء مل يقل أنتم الطلقاء‪ ،‬ومل يقولوا‪ :‬ملكت فاصنع ما شأت‪.‬‬
‫ٍ‬
‫يومأذ‪(( :‬من ألقى سالحه فهلو آملن‪،‬‬ ‫(خرب) وروي أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‬
‫ومن دخل دار أيب سفيان فهو آمن‪ ،‬ومن دخل املسلد فهو آمن‪ ،‬ومن أغلق عليله البلاب‬
‫فهو آمن)) ولو كان القوم آمنني بالقلح مل يكن لتخقيص هؤالء معنى‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن أم هانئ بنت أب يطالب أجارت رجلني من أمحائها دخال دارها وأن‬
‫علي ًا عليه السالم أراد قتلهام فشكت ذلك إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال‪:‬‬
‫((قد أجرنا من أجرت‪ ،‬وأمنّا من أمنّت)) ولو تقدم القلح مل خيفى ذللك علىل عليل عليله‬
‫السالم ‪.‬‬

‫فصل‬

‫(خرب) وعن عوف بن مالك قال‪ :‬خرجت مع قيد بن حارثلة يف غلزاة مؤتلة فرافقنلي‬
‫مدري‪ ،‬وأن رومي ًا كان اشتد عىل املسلمني أغراهبم فتلطف له ذللك امللدري وقعلد حتلت‬
‫وخر الرومي لقفاه وعلاله بالسليف فقتلله فتقبلل بفرسله‬
‫صخرة فلام مر به عرقب فرسه ّ‬

‫‪-500-‬‬
‫ويجه وجلامه وسيفه ومنطقته وسالحه إىل خالد بن الوليد فتخذ منه طائفة ونفله خالدد‬
‫بقيته فقلت‪ :‬يا خالد أما تعلم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم نفل القاتل السلب؟‬
‫فقال‪ :‬بىل‪ ،‬ولكن استكثرته‪ ،‬فقلت‪ :‬لًدن وإال عرفتكها عنلد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم فتبى أن يرد عليه‪ ،‬فلام قدمنا عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم أخربتله‬
‫افرب فقال‪ :‬يا خالد ما محلك عىل ما صنعت؟ فقال‪ :‬يا رسول اهلل اسلتكثرته‪ .‬فقلال‪(( :‬رد‬
‫عليه ما أخذته منه)) قال عوف‪ :‬فلام ّ‬
‫وىل خالد ليفعل ذلك‪ ،‬قلت له‪ :‬كيف رأيت يا خاللد‬
‫أمل أوف لك ما وعدتك‪ ،‬فغضب رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪(( :‬يا خاللد ال‬
‫ترد عليه‪ ،‬هل أنتم تاركوا أمرائي لكم صفوه وعليهم كدره)) دل افرب عىل أحكام منها أن‬
‫السلب ال يستحقه القاتل بملرد القتل إذ لو كان ذلك ملا رى خالد ًا عن رده إليه‪ ،‬ومنهلا‬
‫أنه جيوق أن ينفل القاتل سلب املقتول للوال ذلك أيض ًا ملا أمر النبلي صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم خالد ًا بتن يرد عليه ما أخذ منه من السلب‪ ،‬ومنها أنه ينبغي للوَّ األملر أال يفعلل‬
‫فع ً‬
‫ال يكن فيه وكس ونقص عىل من أمره عىل غريه ما مل يمنع منه مانع كعي؛ وألنه ملن‬
‫إنزال الناس مناقهلم وهو واجب‪ ،‬ومنها أن السلب من مجلة الغنائم وهذا ظاهر يف افرب؛‬
‫ألرم غنموه‪ ،‬فإذا ثبت أنه غنيمة وجب فيه افمس لظاهر قول اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}     ‬األنفال‪ ]41:‬اآلية‪ ،‬فلدل الظلاهر علىل أن كلل غنيملة فيهلا‬
‫افمس إذ مل يفقل بني غنيمة وغنيمة‪ ،‬وإذا ثبت كونه غنيمة وأن فيها افمس وجلب أن‬
‫يكون أربعة أمخاسه مقسوم ًا بني الغانمني إذ مل يقع به التنفيل للقاتل‪ ،‬وقال يف (األحكلام)‬
‫فإن قال من قتل فالن ًا فله سلبه فاشً يف قتله رجالن كان السلب بينهام‪.‬‬
‫قال السيد أبوطالب‪ :‬وكذلك لو قال‪ :‬من قتل قتي ً‬
‫ال فله سلبه فاشً يف قتله رجلالن‬
‫قياس ًا عىل هذه املستلة ألرا يف معناه وأصله‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من قتلل قتلي ً‬
‫ال فلله‬
‫سلبه))‪.‬‬

‫ل بالسللب‬ ‫(خرب) وروى عوف بن مالك أن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم ق‬

‫‪-501-‬‬
‫للقاتل‪ ،‬دل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫(خرب) وروى أبو قتادة قال‪ :‬خرجنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يوم حنني‬
‫فرأيت رج ً‬
‫ال من املرشكني عىل رجل من املسللمني فاسلتللت لله حتلى أتيتله ملن ورائله‬
‫فرضبته عىل حبل عاتقه فتقبل عيل فضمني ضمة وجلدت فيهلا ريلح امللوت‪ ،‬ثلم أدركله‬
‫املوت فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من قتل قتي ً‬
‫ال له عليه بينة فله سللبه)) فقققلت‬
‫عليه فقال رجل‪ :‬صدق يا رسول اهلل وسلب ذلك الرجل عندي فارضه‪ ،‬فقال أبلو بكلر‪:‬‬
‫الها اهلل ال يعمد إال أسد من أسد اهلل يقاتل عن دين اهلل فيعطيك سلبه‪ ،‬فقلال رسلول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬صدق فتعطه إياه)) فتعطاين إياه فبعلت اللدرج فابتعلت فيله‬
‫ةرف ًا يف بني سلمة وأنه ألول ما تتثلته يف اإلسالم‪ ،‬دل ذلك عىل أن من فعل مثل ما فعلله‬
‫كان أوىل بالسلب‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬من قتل كافر ًا فله سلبه))‬

‫ونص يف (األحكام) عىل أن السلب هو ما ظهر عىل املقتول ومعه ملن الثيلاب واملنطقلة‪،‬‬
‫والدرع والسيف‪ ،‬والفرس والرسج‪ ،‬وحليته‪ ،‬فإن كان معه ما خيفى من جواهر أو ذهلب‬
‫أو فضة مل يدخل ذلك يف السلب‪ ،‬وكان من مجلة الغنيمة‪ ،‬ويلحق بام ذكره عليه السالم ما‬
‫كان يف رحله من األموال من خيمة وغريها فإنه ليس من السلب عرف ًا وال لغة؛ ألنه عبارة‬
‫عام كان عليه ومعه كام يقال‪ :‬شلرة سليبة إذا أخذت أغقارا وورقها‪.‬‬
‫ّ‬
‫(خرب) وروى قيد بن عيل أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا برق يوم بدر فقال‪:‬‬
‫ال فله كذا‪ ،‬ومن أي أسري ًا فله كذا من غنائم القوم)) دل ذلك عىل صحة ملا‬ ‫((من قتل قتي ً‬
‫نص عليه يف (األحكام) من أن اإلمام إذا جعل لرجل ماالً معلومل ًا إن قتلل رجل ً‬
‫ال فقتلله‬
‫وجب أن يعطيه ذلك من الغنيمة‪ ،‬قال يف هذا الكتاب‪ :‬وإن مل جيده يف الغنيمة أو مل حيقل‬
‫أعطاه من بيت املال‪ ،‬فإن مل يوجد يف بيت املال أعطاه من القدقات‪ ،‬وذلك ألن بيت املال‬
‫معد ومرصد ملقالح املسلمني‪ ،‬ودفع النوائب التي تنوهبم فإذا مل جيد بيت مال أعطى ملن‬
‫القدقات‪.‬‬

‫‪-502-‬‬
‫قال األخوان‪ :‬وهذا صحيح عىل أصلله؛ ألن سلهم ابلن السلبيل مرصلوف عنلده يف‬
‫مقالح املسلمني ومعاونة امللاهدين‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال يوم بدر‪(( :‬من أخذ شيأ ًا فهو لله))‬

‫دل ذلك عىل صحة ما ذكره الناطق باحلق ررجي ًا عىل مذهب اهلادي إىل احلق أن اإلمام إذا‬
‫قال‪ :‬من أخذ شيأ ًا فهو له جاق ذلك واستحقه من أخذه‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عمر قال‪ :‬كنا نقيب يف املغاقي العسل والفاكهة فنتكله وال نرفعه‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن أيب أوفا قال‪ :‬كنا مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بخيلرب يلتيت‬
‫أحدنا إىل الطعام الغنيمة فيتخذ منه قدر حاجته‪.‬‬
‫(خرب) وعن عبداهلل بن املغفل قال‪ :‬أدَّ إَّ جراب من شحم يوم خيرب فتتيته والتزمته‬
‫وجاء صاحب الغنائم يعني الواَّ عليها يناشدين ذلك اجلراب فقلت‪ :‬ال أعطي ملن هلذا‬
‫أحد ًا اليوم شيأ ًا فالتفت فإذا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يبتسم إَّ فقال لقاحب‬
‫الغنائم دعه فتخذته‪ ،‬دل ذلك عىل صحة ما ذهب إليه القاسم فإنه نص عىل أن ملا يقليبه‬
‫املسلمون من أرض العدو ملن الطعلام والعللف فإنله يسلهل فيله ألهلله وال يردهلا إىل‬
‫املقاسم‪.‬‬
‫يدل عليه (خرب) وهو ما رواه ابن عمر أن جيش ًا غنموا يف قمان النبلي صلىل اهلل عليله‬
‫ال فلم يتخذ منهم افمس‪ ،‬فدل ذلك عىل ما ذكرناه‪.‬‬ ‫وآله وسلم طعام ًا وعس ً‬

‫فصل‬

‫‪         ‬‬ ‫وقللول اهلل تعللاىل‪{ :‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪                ‬‬

‫‪-503-‬‬
‫‪[}      ‬الممتحنالة‪ ]1:‬نزلت يف حاطب بن بلتعلة مللا جتهلز‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم لفتح مكة كتب كتاب ًا إىل مكة يشعرهم بتن رسول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم يريدهم فيتخذوا حذرهم‪ ،‬وأعطاه امرأة من أهلل مكلة جلاءت‬
‫تستميح النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فكساها عليه السالم فدفعه إليها حاطب وجعلل‬
‫ال فتخذته وجعلته بني ذوائبها ونزل الوحي بذلك فتمر رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬ ‫هلا جع ً‬
‫وآله وسلم علي ًا عليه السالم يف مجاعة وقال‪ :‬إن مل تدفعه إليكم فارضبوا عنقها‪ ،‬فلحقوها‬
‫وقالوا هلا ررجه فتنكرت أن يكون معها يشء ففتشوا متاعها فلم جيدوا فسلل عليل عليله‬
‫السالم سيفه فقال‪ :‬أخرجي الكتاب وال رضبلت عنقلك فتخرجتله ملن ذوائبهلا فخللوا‬
‫سبيلها ورجعوا به إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فدعا حاطب ًا فقال‪(( :‬ملا محللك‬
‫عىل ما صنعت))؟ فقلال‪ :‬واهلل ملا كفلرت‪ ،‬أردت أن أرلذ عنلدهم يلد ًا؛ ألن أهليل بلني‬
‫أظهرهم‪ ،‬وعلمت أن اهلل ينزل هبم بتسه‪ ،‬وأن كتايب ال يغني عنهم فقبل رسلول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم عذره‪ ،‬فقام عمر فقال‪ :‬دعني أرضب عنقه‪ ،‬فمنعه رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،‬دل ذلك عىل أحكام منها أن مثل هذا القنيع ال جيلوق أن يفعلله مسللم‬
‫فيكتب برس اإلمام واملسلمني وما حياولون من كيد الكفار وحرهبم إىل الكفلار‪ ،‬ومنهلا أن‬
‫ذلك من الكبائر بداللة قوله تعاىل‪ }      { :‬ومنها أن من‬
‫وفد عىل اإلمام من الكفار فتنعم عليه وأعطاه ثم ّ‬
‫وىل عنه حام ً‬
‫ال مثل هذا الكتلاب اللذي‬
‫فيه أيار املسلمني وامتنع من تسليمه جاق قتله ألجله‪ ،‬وهلذا قال رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪(( :‬فإن مل تدفعه إليكم فارضبوا عنقها))‪.‬‬

‫‪-504-‬‬
‫باب ما يؤخذ من أهل الذمة بالتزامه‬
‫(خرب) واألصل يف ذلك ما اتفق عليه مجاعة القحابة يف أيام عمر بن افطاب وذللك‬
‫أشياء منها ما رواه رافع بن أسلم أن عمر أمر أن جتز نواصيهم‪ ،‬وأن يركبلوا علىل األكلف‬
‫عرض ًا وال يركبوا كام يركب املسلمون‪ ،‬وأن يوثقوا للمناطق يعني الزنانري‪.‬‬
‫ومنها (خرب) وروى عبدالرمحن بن غلنم يف الكتلاب اللذي كتبله لعملر حلني صلالح‬
‫نقارى الشام فرش أن اليتشبه بيشء من لباسهم من قلنسوة وال عامملة وال نعللني‪ ،‬وال‬
‫فرق شعر‪ ،‬وأن نشد الزنانري يف أوساطنا‪ ،‬وك أن نلز مقادم رؤوسلنا‪ ،‬وكطنلا أن ال‬
‫نتشبه باملسلمني يف مراكبهم وال نركب الرسوج‪ ،‬وال نتقلد السيوف‪ ،‬وال نتخذ شليأ ًا ملن‬
‫السال‪ ،،‬وال نحمله‪ ،‬وأن نوقر املسللمني ونقلوم هللم ملن جمالسلنا إذا أرادوا اجلللوس‪،‬‬
‫وكطنا أن ال نبيع افمور‪ ،‬وال نظهلر صللباننا وكتبنلا يف يشء ملن طلرق املسللمني وال‬
‫أسواقهم‪ ،‬وال نرضب ناقوسنا إال رضب ًا خفيف ًا‪ ،‬وال نرفع أصواتنا بلالقراءة يف كنائسلنا يف‬
‫يشء من حرضة املسلمني‪ ،‬وال نخرج شعانيننا وال بباغوثنا‪ ،‬وال نرفع أصواتنا عىل موتانا‪،‬‬
‫وال نحدث يف مدائننا وال يف ما حواها دبر ًا‪ ،‬وال قالية وال كنيسة وال صومعة وال راهلب‬
‫وال جيدد ما خرب منها‪ ،‬ومنها ما روي عن حذيفة بن قيس قال‪ :‬قال عمر لريفا‪ :‬اكتب إىل‬
‫أهل األمقار يف أهل الكتاب أن جيلزوا نواصليهم وأن يربطلوا الطيلسلان يف أوسلاطهم‬
‫ليعرف قهيم من قي أهل اإلسالم‪.‬‬
‫وعن اهلادي عليه السالم أرم يمنعون من إحداث الكنس وبنيت عىل عهده هلم بيعلة‬
‫حمدثة فتمر هبدمها‪.‬‬
‫قال عليه السالم‪ :‬وال يمنعون من عامرة ما خرب منها‪.‬‬
‫قال القايض قيد‪ :‬ألرم عوهدوا عىل أال يمنعوا منها‪ ،‬فال جيوق أن يمنعوا عن إعادة ما‬
‫خرب منها؛ ألن العهد يقت ي ذلك‪.‬‬

‫‪-505-‬‬
‫ومنها (خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السلالم أنله رلى أهلل الذملة علن رضب‬
‫النواقيس يف أمقار املسلمني خارج ًا عن كنائسلهم التلي صلوحلوا عليهلا‪ ،‬وأن خيرجلوا‬
‫القلبان يف أعيادهم ومل يمنعهم من أن يظهروا يف كنائسهم ما أحبوا من ذلك‪.‬‬
‫ومنها (خرب) روى ابن عمر أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قلال‪(( :‬بعثلت بلني يلد‬
‫الساعة بالسيف حتى يعبد اهلل وال يرش به شيأ ًا‪ ،‬وجعل القغار والذلة عىل ملن خلالف‬
‫أمري))‪.‬‬
‫وروي أن عمر كتب إىل أهل اآلفاق أن مروا نساء أهل األديلان أن يعقلدن قنلانريهم‬
‫حتت اإلقار؛ وذلك ألرا إذا كانت فوق اإلقار انكشفت رؤوسهن‪.‬‬
‫ومنها (خرب) وروى أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪(( :‬إذا‬
‫لقيتم املرشكني يف طريق فال تبدؤهم السالم واضطروهم إىل أضيقها))‪.‬‬

‫وعن ابن عباس أنه قال‪(( :‬أيام مرص مرصه املسلمون فليس فيله للعللم أن يبنلوا فيله‬
‫كنيسة))‪.‬‬
‫ومنها (خرب) وروي عن عمر بن افطاب قال‪ :‬قلال رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬ال تبينى الكنيسة يف اإلسالم‪ ،‬وال جيدد ما خرب منها))‪.‬‬
‫ومنها (خرب) روي أن نرصاني ًا استكره امرأة مسلمة عىل الزنا فرفع الزاين إىل أيب عبيدة‬
‫بن اجلرا‪ ،‬فقال‪ :‬ما عىل هذا صاحلناكم ورضب عنقه‪ ،‬ومل ينكر فقار إمجاع ًا‪.‬‬

‫ال قال لعبداهلل بن عمر‪ :‬سمعت راهبل ًا يشلتم رسلول اهلل‬


‫ومنها (خرب) وروي أن رج ً‬
‫صىل اهلل علي ه وآله وسلم فقال‪ :‬لو سمعته لقتلته‪ ،‬إنا مل نعطهم األمان عىل هذا‪ ،‬ويدل عىل‬
‫صحة قوله (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ملن سلبني‬
‫فاقتلوه))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من سب نبي ًا قتل وملن سلب صلاحب‬

‫‪-506-‬‬
‫نبي جلد))‪.‬‬

‫ومنها (خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬من شتم نبي ًا قتلناه‪ ،‬ومن قنلى ملن أهلل‬
‫الذمة بامرأة مسلمة قتلناه‪ ،‬فإنا أعطيناهم الذمة عىل أن ال يشتموا نب ّي ًا‪ ،‬وال ينكحوا نساءنا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أن هيودية كانت تشلتم رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم وتقع فيه فخنقها‪ ،‬فتبطل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم دمها‪.‬‬
‫ومنها (خرب) وعن ابن عباس أنه قال‪ :‬اشتد برسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫وجعه فقال‪(( :‬أخرجا املرشكني من جزيرة العرب))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب عبيدة بن اجلرا‪ ،‬أنه قال‪ :‬آخر ما تكلم بله رسلول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم أنه قال‪(( :‬أخرجوا اليهود من احللاق))‪.‬‬
‫وروي أن عمر أجىل اليهود والنقارى من احللاق‪ ،‬مل ينقل أن أحد ًا من افلفاء أجلىل‬
‫من كان باليمن من أهل الذمة‪ ،‬وإن كان اليمن من جزيرة العرب‪ ،‬إال أن قول النبي صلىل‬
‫لغريه من األخبار؛ ألنه ق ّيلد‬ ‫اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أخرجوا اليهود من احللاق)) كافا‬
‫إخراجهم باحللاق فكان كاملقيد‪ ،‬ومحلنا عليه قوله أخرجلوهم ملن جزيلرة العلرب واهلل‬
‫أعلم بالقواب‪ ،‬ومنها أن أئمتنا عليهم السالم اختلفوا هل يمنع املرشلكون ملن دخلول‬
‫املساجد سوى املسلد احلرام‪ ،‬فتما املسلد احلرام فظاهر يف القرآن يلدل علىل املنلع وهلو‬
‫قوللللللللله تعللللللللاىل‪        { :‬‬

‫‪[}‬التوبالة‪ ]28:‬واملسلد احلرام عبارة عن احلرم املحرم بدالللة قولله تعلاىل‪{ :‬‬

‫‪           ‬‬

‫‪[}‬اإلسراء‪ ،]1:‬وأراد به مكة؛ ألنه أيى به من منزله‪ ،‬فعند القاسم واهلادي إىل احلق‬
‫عليهام السالم أنه جيب منع سائر املرشكني من دخول سلائر املسلاجد‪ ،‬وبله قلال النلارص‬
‫للحق‪ ،‬واملنقور باهلل عليهام السالم‪.‬‬
‫(خرب) وذلك ملا روي أن علي ًا عليه السالم كان عىل املنرب وبرص بملويس فنزل فرضبه‬

‫‪-507-‬‬
‫وأخرجه من باب كندة‪ ،‬وذهب املؤيد باهلل أنه ال جيب منعهم وهو القحيح عندنا‪ ،‬وذلك‬
‫أن دخوله قد يكون سبب ًا إلسالمه بتن يسمع قراءة القرآن فيسلم‪.‬‬
‫(خرب) كام روي أن عمر بن افطاب سمع أخته تقرأ سورة طه فتسلم‪.‬‬
‫(خرب) وألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان ينزل وفد املرشكني املسلد‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫يا رسول اهلل قوم أنلاس‪ ،‬قال‪(( :‬ألنه لليس علىل األرض ملن أنللاس النلاس يشء إنلام‬
‫أنلاس الناس عىل أنفسهم))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنزل سلبي بنلي قريظلة والنضلري يف‬
‫مسلد املدينة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ربلط مرشلك ًا يف املسللد فتملا خلرب‬
‫امللويس املقدم ذكره فهو يمكن محله وتتويله علىل أنله دخلل بلدون إذن بعلد املنلع ملن‬
‫الدخول فعزره عيل عليه السالم ألجلل ذللك؛ ألن هلذه األخبلار أشلهر وأظهلر وأكثلر‬
‫استمرار ًا فإن بعضها كان بعد الفتح كام ال جيهله العارفون بالسرية النبوية‪.‬‬

‫‪-508-‬‬
‫باب الموادعة وعقد الهدنة‬
‫واألصل يف ما قدمناه من عقد اهلدنة باحلديبية مع قريش ومع بنلي النضلري يف املدينلة‬
‫ومما كان من أمري املؤمنني من عقد اهلدنة بقفني مع أهل الشام‪ ،‬دل ذلك علىل أن لإلملام‬
‫العقد للهدنة مع الكفار والبغاة إىل مدة معلومة إذا رأى ذللك صلالح ًا للمسللمني‪ ،‬وإذا‬
‫فعل ذلك وجب الوفاء هلم بالعهد وتر قتاهلم إىل انقضاء املدة ما مل يكلن ملنهم نقضله‪،‬‬
‫ونص يف (األحكام) عىل أن للمرشكني من الوفاء واألمان والعهد ما للباغني‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذه اجلملة مما ال خلالف فيله وقلد قلدمنا األدللة علىل ذللك‬
‫وسمعت ممن ينتحل العلم يف وقتنا هذا والزهد من يقول‪ :‬إنه ال جيلب الوفلاء بالعهلد إال‬
‫للمرشكني وهذا خطل من القول وخلف من الكالم‪ ،‬كتنه مل يسمع قول اهلل تعاىل‪{ :‬‬

‫‪[}   ‬المائدة‪ ،]1:‬وهذا أمر واألملر يقت يل الوجلوب‪ ،‬فوجلب‬
‫الوفاء بالعقود سواء كانت مع مسلم أو كافر؛ ألنه أطلق ومل خيص عقد كلافر ملن مسللم‬
‫وقوله‪[}      { :‬اإلسراء‪ ،]34:‬واالحتلاج به عىل نحو ما‬
‫تقدم؛ ألنه إذا وجب الوفاء بالعهد الذي هو الذمة والعقد ملن أبلا‪ ،‬اهلل قتلله وأملر بقتلله‬
‫فون جيب ذلك يف معاهدة املسلم الذي حرم اهلل تعاىل دمه وماله وعرضه وأذاه‪ ،‬وأن يظن‬
‫به ظن السوء عىل لسان نبيه صىل اهلل عليه وآله وسلم أوىل وأحرى‪ ،‬ومللا ثبلت ملن عقلد‬
‫الذمة بني عيل عليه السالم وبني القاسطني وهم أهل الشام تسلعة أشلهر‪ ،‬ومللا ثبلت ملن‬
‫املعاهدة بني احلسن بن عيل عليه السالم وبني معاوية كام تقدم حتقيقه‪.‬‬
‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يف وصية ابن مسعود يف صفة امللؤمنني‪:‬‬
‫((إذا ابتلوا صربوا‪ ،‬وإذا أعطوا شلكروا‪ ،‬وإذا حكملوا علدلوا‪ ،‬وإذا قلالوا صلدقوا‪ ،‬وإذا‬
‫عاهدوا وفوا)) ومل يفقل بني أن يعاهدوا ملي ًا أو مرشك ًا فالظاهر أرام علىل سلواء‪ ،‬ويلدل‬
‫عليه (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ثالث ليس ألحد‬

‫‪-509-‬‬
‫فيهن رخقة ّبر الوالدين مسلمني كانا أو كافرين‪ ،‬والوفاء بالعهلد ملسللم أو كلافر‪ ،‬وأداء‬
‫األمانة إىل مسلم أو كافر)) يا وحيه لو نظر يف قول اهلل تعاىل‪     { :‬‬

‫‪[}‬الطالق‪ ]1:‬هل من عذر عنده يف عهده وذمته يكون متعدي ًا حلدود اهلل فقد قلال اهلل‬
‫تعاىل‪ ،}      { :‬أو ال يكون متعدي ًا حلدود اهلل عنده فلذلك‬
‫مما ال خالف فيه بني املسلمني‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا ثبت ذلك فحكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن اإلملام‬
‫إنام يوادع أهل احلرب إىل مدة معلومة‪ ،‬وأنه متى فعل ذلك ال يدخل شيأ ًا ملن حلدودهم‬
‫حتى تنق ي املدة‪ ،‬فإذا انقضت املدة جاق أن ينزل بساحة القوم ويعرفهم أن املدة قد متلت‬
‫وال حيارهبم قبل ذلك‪ ،‬وال يغدر بتهل احلرب وال البغاة ذكره يف جمموعه‪ ،‬أملا قولله‪ :‬وال‬
‫حيارهبم قبل أن يعرفهم أن املدة قد انقضت فون قتاهلم قبل ذلك يكون تغرير ًا هلم فيكون‬
‫من مجلة الغدر ذكره السيد أبو طالب‪.‬‬
‫وأما قوله‪ :‬وال يغدر بتهل احلرب وال البغاة فون الغدر بتهل احلرب والبغاة ال جيلوق‬
‫فقد ذكر أنه مما ال خالف فيه‪ ،‬ونقول بتن قبحه وحتريمه معلوم من رضورة الدين‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إنا يلا بنلي هاشلم ال نغلدر وال‬
‫نلبن))‪.‬‬

‫فصل‬

‫وحكى أيض ًا إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن القللح إذا وقلع بلني املسللمني‬
‫وبني أهل احلرب عىل أن كل من خرج إلينا منهم مسل ًام فإنا نرده إليهم كان ذلك جائز ًا إذا‬
‫مل يكن للمسلمني قوة وكذلك إن وقع القلح عىل أن يعطي املسلمون الكفلار ملاالً علىل‬

‫‪-510-‬‬
‫تركهم التعرض للمسلمني جاق ذلك‪ ،‬ذكره يف جمموعه‪.‬‬

‫أما املستلة األوىل فدليلها (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح قريشل ًا‬
‫عام احلديبية عرش سنني واشًطوا فيه هذه الرشو فتتى رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم أبو بقري مسل ًام فبعث قريش إليه يف أمره فقال له رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬يا أبا بقري إنا قد أعطينا هؤالء القوم ما قد علمت‪ ،‬وال يقلح بنا يف ديننا الغدر‪،‬‬
‫وأن اهلل جاعل لك وملن معك من املستضعفني فرج ًا وةرج ًا فانطلق)) قال‪ :‬يا رسلول اهلل‬
‫أتردين إىل املرشكني يفتنوين يف ديني أو قال‪ :‬يسبونني يف ديني‪ ،‬قال‪(( :‬يا أبلا بقلري انطللق‬
‫فإن اهلل سيلعل لك وملن معك من املستضعفني فرج ًا وةرج ًا)) فانطلق ملع رجللني ملن‬
‫املرشكني فلام كان يف بعض الطريق قتل أحدمها وعمد إىل الساحل واجتمع معه مجاعة قدر‬
‫ال وحارب قريش ًا‪ ،‬وققته ظاهرة‪ ،‬ومعنى قولنا‪ :‬إنه يرد املسلم منهم إليهم أنله‬
‫سبعني رج ً‬
‫خييل بينهم وبني من جاء يف طلبه‪ ،‬هذا هو الذي جيوق ال أرم يردون ابتداء‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهو صحيح عىل أصلنا يعني عىل أصل حييى عليه السالم‪ ،‬فدل‬
‫ذلك عىل جواق فعله عند الرضورة‪ ،‬فتما عقد اهلدنة عىل رد من جاء ملن نسلائهم مسللمة‬
‫فال جيوق؛ ألن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم عقد القلح باحلديبية عىل ذلك‪ ،‬وجاءت أم‬
‫كلثوم ابنة عقبة بن أيب معيط مسلمة فلاء أخواها يطلبارا‪ ،‬فتنزل اهلل‪  { :‬‬

‫‪[}‬الممتحنالة‪ ،]10:‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن اهلل قد منلع القللح يف‬
‫النساء))‪.‬‬
‫وأما جواق عقد اهلدنة عىل مال يؤخذ من املسلمني للكفار عند الرضورة وهي أن حييط‬
‫الكفار عىل املسلمني وخيافوا االصطدم أو أي رجل من املسلمني وخيف تعذيبه جاق بذل‬
‫املال لذلك‪ ،‬دليله (خرب) وهو أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح األحزاب يوم‬
‫افندق ملا أحاطوا باملسلمني وحارصوهم واشتد األمر عىل املسلمني كام حكى اهلل يف قوله‬
‫تعاىل‪            { :‬‬

‫‪[}        ‬األحزاب‪ ]11:‬اآلية؛‬

‫‪-511-‬‬
‫{‪       ‬‬ ‫ألنه نلم نفاق املنافقني قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫‪                ‬‬

‫‪              ‬‬

‫اآلية‪ ،‬فلام رأى ذلك النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم صالح‬ ‫‪[}‬األحزاب‪]13-12:‬‬

‫املرشكني عىل ثلث ثامر املدينة وينرصفون وأمر بكتابة القحيفة بعد أن ريض املرشكون‬
‫بذلك‪ ،‬ثم شاور السعود بعد كتابتها وهم سعد بن معاذ‪ ،‬وسعد بن عبادة‪ ،‬وأسعد بن‬
‫قرارة فقالوا‪ :‬هذا يشء أمر اهلل به فتسليم ألمر اهلل‪ ،‬وإن كان شيأ ًا نتبع فيه هوا فرأينا‬
‫تبع لرأيك وهوا ‪ ،‬وإن كان هذا األمر ال بتمر من اهلل وال هبوا فقد كنا كهم وال يقيبون‬
‫منا مترة وال برسة يف اجلاهلية إال برشاء أو قراء فكيف وقد أعزنا اهلل باإلسالم‪ ،‬ثم تناولوا‬
‫القحيفة فمزقوها‪ ،‬وروي بخرب آخر أن احلارث بن عمرو الغطفاين رئيس غطفان جاء‬
‫إىل النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فقال‪ :‬اجعل َّ شطر ثامر املدينة وإال موهتا عليك خيالً‬
‫ورجالً‪ ،‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬حتى نستتمر السعود)) يعني من‬
‫تقدم ذكرهم فاستتمرهم فتجابوا بام تقدمه‪ ،‬فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬أتسمع‬
‫ما يقولون ومل جيب إىل طلبه)) فدل ذلك عىل أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم قد هم بتن يدفع‬
‫كهم وكلبهم ببعض من أموال املسلمني وهو صىل اهلل عليه وآله وسلم ال هيم إال‬
‫باجلائز‪ ،‬فدل ذلك عىل ما ذكرناه من جواق عقد اهلدنة معهم عىل مال يدفع هلم‪ ،‬وملا أي‬
‫املؤيد باهلل عليه السالم يف حرب شوقيل وحبسه شوقيل أيام ًا بعد أن أبىل يف نكاية العدو‬
‫وحتى أحيص يف جوشنه نيف وثالثون طعنة وقتل معه ثامنون مسل ًام ال ترى عىل التوَّ‬
‫عن العدو مع وعده من الفساق وحبسه يف قرية يف داخل جيالن‪ ،‬واملسلمون خيتلفون إىل‬
‫شوقيل يستلونه إطالقه فيتبى ويقول‪ :‬إنه ضاع بسببه مخسة وعرشون ألف درهم فضمن‬
‫فخىل سبيل املؤيد باهلل عليه السالم وأفرج عنه وأطلقه فدفع ذلك‬ ‫له رجل هبذا املال ّ‬
‫الرجل من ماله الضامن لشوقيل عرشين ألف ًا وأعطاه املؤيد باهلل ثالثة آالف‪ ،‬دل ذلك عىل‬
‫ما قلناه‪.‬‬

‫‪-512-‬‬
‫باب حكم قتال البغاة وحكم السيرة فيهم‬
‫أما حكم قتاهلم فمن خرج عىل إمام املسلمني وتعرض للقيام بام سبيل اإلمام أن يقلوم‬
‫به وكان له فأة ومنعه وانتقب ملحاربته أو كان جممع ًا عىل ذلك فمن فعل ذلك كان باغيل ًا‬
‫يف الرشيعة‪ ،‬ذكره السيدان األخوان ملذهب اهلادي إىل احلق‪.‬‬
‫قال املنقور باهلل‪ :‬الباغي هو الذي حارب اإلمام عىل أنه حمق واإلملام مبطلل فيكلون‬
‫متتوالً يف حربه‪.‬‬
‫قال اهلادي يف (األحكام)‪ :‬لو أن قوم ًا من املسلمني بغوا عىل إمام احلق واستعقلوا ومل‬
‫يلتزموا طاعته وجب عىل اإلمام وعىل سائر املسلمني قتاهلم بعد أن حيت علليهم‪ ،‬وذللك‬
‫لقول اهلل تعاىل‪           { :‬‬

‫‪                 ‬‬

‫‪[}  ‬الحجرات‪.]9:‬‬

‫(خرب) واملعلوم أن أمري املؤمنني عليه السالم حارب أهل اجلمل لبغيهم ونكثهم وهم‬
‫الزبري وطلحة ومن انضم إليهام من أشياعهام وأتباعهام ومن مجلتهم عائشة‪ ،‬وأنه قاتل أهل‬
‫الشام ومعاوية وأصحابه وهم القاسطون‪ ،‬ومعناه اجلائرون ملتخوذ ملن القسلط ‪-‬بفلتح‬
‫القاف‪ -‬صح وهو اجلور لبغيهم عليه وامتناعهم من طاعته‪ ،‬وحلارب افلوارج لبغليهم‬
‫وخروجهم عليه ومروقهم عن الدين‪ ،‬وقال عليل عليله السلالم‪ :‬أملرت بقتلال النلاكثني‬
‫والقاسطني واملارقني‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه قد كان عرف من نص النبي صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم إجياب قتاهلم وحرهبم وأنه مرشوع عىل وجه يكون اإلخالل به كفر ًا؛ ألنله قلال‪ :‬مل‬
‫أجد بد ًا من قتاهلم أو الكفر بام أنزل عىل حممد‪ ،‬يعني البغاة وهم من قدمنا ذكلره؛ ألن ملا‬
‫طريقه االجتهاد فاإلخالل به ال يوجب الكفر‪.‬‬

‫(خرب) ويدل عىل ذلك قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم للزبري‪(( :‬إنك ستقاتل علي ًا‬

‫‪-513-‬‬
‫وأنت له ظامل))‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال له‪(( :‬إنك ستقاتل‬
‫الناكثني والقاسطني واملارقني))‪.‬‬
‫(خرب) وروينا عن السيد أيب طالب ما رفعه بإسناده إىل عبداهلل بن مسعود أنه قال‪ :‬أمر‬
‫عيل بقتال الناكثني والقاسطني واملارقني‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهذا حديث مستحسلن؛ ألن عبلداهلل بلن مسلعود تلويف وقلد‬
‫حدث بتمر هؤالء القوم قبل وقوعه بمدة‪ ،‬وقبل حدوث هذه احلوادث‪.‬‬

‫(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬منكم ملن‬
‫يقاتل عىل تتويل القرآن كام قاتلت عىل تنزيله‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬قال عمر‪ :‬فتنا‪،‬‬
‫قال‪(( :‬ال‪ ،‬ولكن خاصف النعل)) يعني علي ًا عليه السالم‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن ابن عباس‪ ،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم أنله قلال يف آخلر‬
‫حديث طويل‪(( :‬يا أم سلمة اسمعي وافهمي هذا عليل أملري امللؤمنني‪ ،‬وسليد املسللمني‪،‬‬
‫وعيبة علمي‪ ،‬وبايب الذي أوتى منه‪ ،‬والوذ عىل األموات من أهلل بيتلي‪ ،‬افليفلة علىل‬
‫األحياء من أمتي‪ ،‬أخي يف الدنيا وقريني يف اآلخرة‪ ،‬وهو معي يف السنام األعىل‪ ،‬فاشهدي‬
‫يا أم سلمة أنه يقاتل الناكثني والقاسطني واملارقني))‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يا عيل أنت‬
‫فارس العرب‪ ،‬وقاتل الناكثني والقاسطني واملارقني‪ ،‬أنت أخي وموىل كل مؤمن ومؤمنة‪،‬‬
‫وأنت سيف اهلل الذي ال خيطئ‪ ،‬وأنت رفيقي يف اجلنة))‪.‬‬
‫(خرب) وعن علقمة بن قيس واألسود بن يزيد قاال‪ :‬أتينا أبا أ ّيوب األنقاري فقلنا‪ :‬يلا‬
‫أبا أيوب إن اهلل عز وجل قد أكرمك بنبيك إذ أوحى إىل راحلته فربكت عىل بابلك وكلان‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ضيف ًا لك فضليلة ملن اهلل فضللك هبلا فتخربنلا علن‬
‫ةرجك مع عيل بن أيب طالب؟ قال أبو أيوب‪ :‬فإين أقسم لكام لقد كان رسول اهلل صىل اهلل‬

‫‪-514-‬‬
‫عليه وآله وسلم معي يف هذا البيت الذي أنتام فيه وما يف البيت غلري رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم وعيل جالس عن يمينه‪ ،‬وأنا جالس عن يساره‪ ،‬وأنس بن ماللك جلالس‬
‫بني يديه إذ حتر الباب فقال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يا أنس انظر ملن بالبلاب‪،‬‬
‫فخرج أنس فنظر فقال‪ :‬يا رسول اهلل هذا عامر‪ ،‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫((افتح لعامر الطيب املطيب)) ففتح أنس الباب فدخل عامر فس ّلم عىل رسول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم فرحب به ثم قال‪(( :‬إنه ستكون من بعدي يف أمتي هنات حتلى خيتللف‬
‫السيف فيام بينهم وحتى يقتل بعضهم بعض ًا وحتى يتربأ بعضهم ملن بعلض فلإذا رأيلت‬
‫ذلك فعليك هبذا األصلع ‪-‬يعني عيل بن أيب طالب‪ -‬فإن سلك الناس وادي ًا وسلك عليل‬
‫وادي ًا فاسلك وادي عيل وخل عن الناس‪ ،‬يا عامر إن علي ًا ال يرد عن هلدى‪ ،‬وال يلدلك‬
‫عىل ردى‪ ،‬يا عامر طاعة عيل طاعتي‪ ،‬وطاعتي طاعة اهلل عز وجل))‪.‬‬

‫(خرب) وعن أيب قتادة أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قال لعامر حني مسح اللًاب‬
‫عن رأسه‪(( :‬بؤس ًا لك بؤس ًا يابن سمية تقتلك الفأة الباغية)) وهذا افرب يدل علىل أملور‪،‬‬
‫منها إكرام النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لعامر بام أثناه عليه ولذلك مسح اللًاب عنله‪،‬‬
‫ومنها الرمحة ألنه قال‪ :‬بؤس ًا لك قاله إشفاق ًا عليه مما يناله من البلؤس والقتلل‪ ،‬ومنهلا أن‬
‫معاوية وأتباعه هم الفأة الباغية؛ ألرم قتلوا عامر ًا وبغوا عىل إمام املسلمني وقاتلوه ظلل ًام‪،‬‬
‫فلام ذكر هذا افرب ملعاوية مل جيد ما يدفعه فقال‪ :‬إنام قتله من جاء به يعني علي ًا عليه السالم‪،‬‬
‫فقال عبداهلل بن عمرو‪ :‬مل ذكرت ذلك يا معاوية فحمزة قتله رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬
‫وسلم فبهت معاوية أي انقطع وحتري‪ ،‬ومنها أنه معلزة للنبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم؛‬
‫ألنه أخرب بوقوع يشء قبل وقوعه وكونه فكان األمر كام أخرب‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب ذر الغفاري رمحه اهلل تعاىل عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪:‬‬
‫((من ناصب علي ًا افالفة بعدي فهو كافر وقد حارب اهلل ورسوله ومن شك يف عيل فهلو‬
‫ل هلذا افلرب‪،‬‬ ‫كافر)) وإذا ثبت ذلك فالذي ناصبه افالفة معاويلة فيكلون كلافر ًا بمقت‬
‫والذي شك فيه افوارج؛ ألرم كفروا علي ًا بتحكيمله حلكملني وبمكاتبتله‪ ،‬أملا حتكيمله‬

‫‪-515-‬‬
‫فقالوا بتنه حكم يف القرآن ويف دين اهلل فكفر فتجاهبم عيل عليله السلالم بلتن قلال‪ :‬بينلي‬
‫وبينكم كتاب اهلل يقول اهلل تعاىل يف رجل وامرأة‪      { :‬‬

‫‪[}         ‬النسالالاء‪ ،]35:‬وأمللة حممللد عليهللا‬
‫السالم أعظم دم ًا وحرمة من رجل وامرأة‪.‬‬

‫وأما املكاتبة فلام كتب أمري املؤمنني يف كتابه امتنع معاوية وأصحابه وقالوا‪ :‬لو سللمنا‬
‫ذلك ما حاربنا فحذف اسم أمري املؤمنني‪ ،‬فقال افوارج‪ :‬انسلخت من قميص ألبسلك‬
‫اهلل‪ ،‬فاستدل عليهم أمري املؤمنني بنحو ذلك يف النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم مللا جلاءه‬
‫سهيل بن عمر وقال‪ :‬ونحن مع رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم باحلديبية حني صالح‬
‫قريش ًا فقال َّ رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اكتب‪ ،‬فكتبت هذا ما قلاىض عليله‬
‫حممد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم فقلال سلهيل‪ :‬للو نعللم أنلك رسلول اهلل ملا‬
‫نخالفك‪ ،‬فقال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬هذا ما قاىض عليه حممد ًا قريش ًا ولك‬
‫مثلها يا عيل)) واهلل تعاىل يقول‪          { :‬‬

‫‪[}  ‬األحزاب‪ ،]21:‬فلام أرصوا بعث إلليهم عبلداهلل بلن العبلاس لينلاظرهم‬
‫ويبني هلم فواضعوا عبداهلل كتاب اهلل ثالثة أيام‪ ،‬وقيلل‪ :‬كلانوا ثامنيلة آالف فرجلع ملنهم‬
‫أربعة آالف وبقي أربعة آالف أرصوا واستكربوا بعد أن علرفهم عبلداهلل بلن العبلاس أن‬
‫احلق مع عيل عليه السالم فقال عيل عليه السالم ‪ :‬واهلل ال بقي منهم عرشلة وال قتلل منلا‬
‫عرشة فقتلوا إال تسعة‪ ،‬وقتل من أصحابه عليه السالم تسعة‪ ،‬وكانوا أهل نسك وعبلادة‪،‬‬
‫وعلم وقهادة‪ ،‬وكان اإلنسان إذا دنا من حمطتهم سلمع هللم بلتالوة القلرآن رجلة كلترم‬
‫أصوات النحل‪ ،‬وكان الواحد منهم خيتم القرآن يف ركعتني‪ ،‬وفيهم ذو الثديلة اللذي ورد‬
‫فيه خرب يف آماَّ السيد أيب طالب وهو أن علي ًا عليه السلالم سلار حلني فارقتله افلوارج‬
‫فاعًضوا الناس وأخذوا األموال والدواب والكراع والسلال‪ ،‬وقتللوا ودخللوا القلرى‬
‫وساروا حتى انتهوا إىل النهروان فلام حلقهم ووصل النهروان أقام هبا أيام ًا يدعوهم وحيت‬
‫عليهم فتبوا أن جييبوا وتعبتوا لقتاله فعبت الناس ثم خرج إليهم فدعاهم فلتبوا أن يلدخلوا‬

‫‪-516-‬‬
‫وبدؤوا بالقتال فقاتلهم فقتلهم وظهر عليهم فقال ألصلحابه‪ :‬فليهم رجلل فيله عالملة‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬وما هي يا أمري املؤمنني؟ قال‪ :‬رجل أسود منتن الريح‪ ،‬إحدى يديه مثل ثدي امللرأة‬
‫إذا مدت كانت بطول األخرى وإذا تركت كانت كثدي املرأة عليها شعرات مثل شعرات‬
‫اهلرة‪ ،‬فذهبوا ثالث مرات يطلبونه وكل ذلك ال جيدونه فرجعوا وقالوا‪ :‬يا أمري املؤمنني ما‬
‫وجدناه‪ ،‬فقال‪ :‬واهلل ما كذبت وال كذبت وإين لعىل ب ّينلة ملن اهلل إنله لفلي القلوم إئتلوين‬
‫بالبغلة فتتوه هبا فركب وتبعه الناس فانتهى إىل هدة من األرض وفيها قلتىل بعضلهم علىل‬
‫بعض‪ ،‬فقال‪ :‬اقلبوا قتي ً‬
‫ال عىل قتيل فاستخرج الرجل وعليه قميص جديد‪ ،‬وقلال‪ :‬شلقوا‬
‫عنه‪ ،‬فشقوا عنه فقال‪ :‬مدوا يده فإذا هي بطول األخرى‪ ،‬فقال‪ :‬دعوها فإذا هي مثل ثدي‬
‫املرأة‪ ،‬فقال‪ :‬إن به عالمة أخرى شامة محراء عىل كتفه األيمن فقال عيل عليه السلالم‪ :‬اهلل‬
‫أكرب وكرب املسلمون‪ ،‬فقال‪ :‬صدق اهلل وصدق رسوله أملرين رسلول اهلل بقتلاهلم يقلدق‬
‫قوله عليه السالم أخبار منها قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إنه يمرق مارقلة ملن‬
‫املسلمني يقتلها أوىل الطائفتني باحلق)) رواه أبو سعيد افدري رمحه اهلل‪ ،‬ومنها قول النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يكون فيكم قوم حتقرون صالتكم مع صالهتم‪ ،‬وأعاملكم مع‬
‫أعامهلم‪ ،‬يقرأون القرآن ال يتلاوق تراقيهم يمرقون من الدين كام يمرق السهم من الرمية‪،‬‬
‫ثم تنظر يف الريش فال ترى شيأ ًا ثم تتامرى يف الفوق)) ‪-‬بضم الفلاء وهلي األوىل والثانيلة‬
‫قاف‪ -‬موضع الوتر من السهم‪ ،‬ويف احلديث فتمرنا عثامن ومل نتل عن خرينا ذا فوق‪ ،‬قوله‪:‬‬
‫نتل أي نقرص‪ ،‬وقوله ذا فوق‪ ،‬أي سه ًام تام ًا يف اإلسالم‪ ،‬ومنها ما رواه أبو أمامة عن النبي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬كالب النار افوارج)) ويف خرب آخر ((افوارج كالب‬
‫النار)) ومنها ما رواه النارص‪ ،‬ويف خرب للحق احلسن بن عيل فتنه روي أن أبا أيلوب رمحله‬
‫اهلل بعد قتال أهل البرصة دخل عليه مجاعة من القحابة ريض اهلل علنهم ملنهم علامر بلن‬
‫ياي رمحه اهلل تعاىل فقال أبو أيوب‪ :‬ال ترون أنا سفكنا الدماء‪ ،‬واستحللنا األموال يعنلي‬
‫األموال املتخوذة من البغاة بغري أمر أمرنا به‪ ،‬فنحن إذ ًا ال عىل يشء لكن رسول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم أمرنا بقتال ثالثة‪ :‬الناكثني‪ ،‬والقاسطني‪ ،‬واملارقني‪ ،‬فتما الناكثون فقلد‬
‫كفاناهم اهلل تعاىل طلحة والزبري وأشياعهام‪.‬‬

‫‪-517-‬‬
‫وأما القاسطون فقد أوجهنا إليهم إن شاء اهلل تعاىل معاوية وأهل الشام‪.‬‬

‫وأما املارقون فواهلل ما رأيتهم بعد ولكن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حدثنا أن‬
‫قوم ًا خيرجون بطرقات أرض يقال هلا النهروان‪ ،‬فقللت‪ :‬يلا رسلول اهلل أمرتنلا أن نقاتلل‬
‫هؤالء مع من؟ قال‪(( :‬مع عيل بن أيب طالب))‪ ،‬فرسنا هذا املسري بتمر اهلل وأمر رسوله‪.‬‬

‫فصل‬

‫وروينا باإلسناد املوثوق به إىل احلاكم أيب سعيد ما رفعه بإسلناده إىل سلعيد بلن جبلري‬
‫رمحه اهلل تعاىل قال‪ :‬كان مع عيل عليه السالم يوم صفني ثامنامئة من األنقار وتسعامئة مملن‬
‫بايع حتت الشلرة‪ ،‬وروينا عنه أيض ًا ما رفع بإسناده إىل احلكم بن عيينة أنه قال‪ :‬شهد ملع‬
‫عيل عليه السالم ثامنون بدري ًا وكان معه سيد التابعني أويس القرين رمحه اهلل‪.‬‬
‫وروي أن عسكر عيل عليه السالم يف صفني كانوا تسعني ألف ًا‪ ،‬وكلان عسلكر معاويلة‬
‫مائة وعرشين ألف ًا‪ ،‬وروينا عن اإلمام املنقور باهلل عليه السالم أن مجللة القلتىل يف حلرب‬
‫اجلمل ثالثون ألف ًا‪ ،‬وأن مجلة القتىل يف يوم صفني سبعون ألفل ًا ملن أصلحاب عليل عليله‬
‫السالم مخسة وعرشون ألف ًا ومن أصحاب معاوية مخسلة وأربعلون ألفل ًا ذكلره يف اجللزء‬
‫الرابع من (الشايف) وهو لنا سامع‪ ،‬وقتل عيل عليه السلالم يف ليللة اهلريلرة بيلده الطلاهرة‬
‫ستامئة قتيل من افوارج‪ ،‬وقيل‪ :‬قتل مخسامئة قتيل ومخسة وثالثني قتيالً‪.‬‬

‫فصل‬

‫وقد ذكرنا فيام تقدم كيفية تعبأة العسكر عند القتلال فليلتم ملا استحسلنه حييلى عليله‬
‫السالم يف قتال البغاة‪ ،‬قال ما معناه‪ :‬وإذا قحلف اإلملام إىل املحاربلة فإنله يكلرر علليهم‬
‫الدعوة ثالثة أيام ويبعلث إلليهم نفلر ًا ملن أهلل الفضلل واللدين ليبرصلوهم رشلدهم‬
‫وينقحوهم فإن مل يؤثر ذلك صف عسكره ونرش املقاحف عىل الرما‪ ،‬وأيدي الرجلال‬

‫‪-518-‬‬
‫يدعوهم إىل ما فيها ثالثة أيام وإن مل يؤثر ذلك فيهم يف كل يوم يشهد عليهم بذلك فلإن مل‬
‫يؤثر ذلك حارهبم والعسكر عىل تعبأة فيزحفون إليهم قحفل ًا قحفل ًا ملع النيلة والبقلرية‬
‫واملعرفة واحللة الكريمة بوقار وخشوع وذكر اهلل سبحانه وخضوع يكربون التكبرية بعد‬
‫التكبرية فإن خرجت إليهم خيل خرج إليها خيل وإن برقت رجالة برقت إليهلا رجاللة‪،‬‬
‫وإن مل خيرج من ذلك يشء قحف القوم مع ًا حتى يقعلوا يف علدوهم ويظهلروا شلعارهم‬
‫ويضع يف أعداء اهلل سيوفهم ويستله العون والنرص عليهم فإذا نرصهم اهلل وأيدهم وخذل‬
‫عدوهم فيحتفظون من أن يدخلهم علب أو خيامرهم بغي‪ ،‬تم كالمه عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإنام اخًنا الدعاء هلم تكرير ًا وحتقيق ًا وتقلدير ًا مقرونل ًا باالحتلاج الظلاهر والربهلان‬
‫ال بام أمر اهلل تعاىل به بقوله‪ } { :‬وعم ً‬
‫ال عىل ما فعلله عليل عليله‬ ‫القاهر عم ً‬
‫السالم من ذلك مع البغاة‪ ،‬وجري ًا عىل منهاج ما ذكلره اهللادي عليله السلالم وذللك ألن‬
‫اإلمام إذا ستل من يغاليه عليه من أهل امللة الذين ينقمون عليه ليخرج فيه غدر ًا فإرم إن‬
‫ذكروا مغرمة عنده وحققوها أقاهلا وإن اهتموها وهي باطلة بني بطالرا وإن ذكلروا عللة‬
‫يمكن إقاحتها أقاحها‪ ،‬وإن ذكروا شبهة كشفها ليكون األمر عىل معللوم‪ ،‬وإن مل يلذكروا‬
‫شيأ ًا من ذلك اقداد بقرية عىل حرهبم فتوقف أصحابه معه عىل البقرية فلزادهتم قلوة يف‬
‫قلوهبم ويقين ًا عىل يقينهم وحرص ًا عىل بلوغ الكناية فيهم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وما ذكلره يف األحكلام ملن أن أهلل القبللة ال يبينلون يف ملدرم وال توضلع علليهم‬
‫املنلنيقات‪ ،‬وال يفتق عليهم ما يغرقهم‪ ،‬وال يرضمون بالنار‪ ،‬وال يمنعلون ملن ملرية وال‬
‫كاب‪ ،‬وكذلك احلكم يف العساكر التي ال يؤمن أن يكون فيام أجد ممن ال جيوق قتلله ملن‬

‫‪-519-‬‬
‫أبناء السبيل‪ ،‬والتلار‪ ،‬والنساء‪ ،‬والولدان‪ ،‬فإن أملن ملن ذللك فلال بلتس أن يبيتلوا وأن‬
‫ينقب عليهم املنلنيق وإأ يغرقوا أو حيرقوا هذه نقه يف (األحكام)‪.‬‬
‫قال الناطق باحلق‪ :‬واملراد به إذا مل يكلن هنلا رضورة إن دعلت الرضلورة إىل ذللك‬
‫جاقت وقد ذكرنا يف ما تقدم أن الرضورة خشية االستأقال‪.‬‬

‫فصل‬

‫وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم حارب قريش ًا يوم بدر وكلان علدة أصلحابه‬
‫ثالثامئة وبضعة عرش ومل يكن معه من افيل غري أربعة منها السيل فرس مرثد بن أيب مرثد‬
‫الغنوي‪ ،‬ومنها فرس املقداد بن األسود وكان يقال لله سلبحة‪ ،‬وقيلل‪ :‬الفرجلة‪ ،‬وفلرس‬
‫الزبري وكان يقال هلا اليعسوب‪ ،‬دل ذلك عىل أن اإلمام إذا كان يف قلة ملن العلدد مل جيلب‬
‫عليه قتال أهل البغي‪ ،‬فإن كان أصحابه ثالثامئة وبضعة عرش عدة أهل بدر قاتلهم‪ ،‬وهلو‬
‫الذي ذكره قيد بن عيل عليه السالم‪.‬‬
‫وأما والدنا فلم جيد يف ذلك حد ًا بل قال‪ :‬جيب القتال إذا كانت مجاعة أهل احلق مثلها‬
‫تغلب وتقهر فإذا ضعفت وقلت قال ذلك عنه‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬حتقيل املذهب عىل ما قاله القاسم عليه السالم‪ ،‬وتتول عليه أبو‬
‫العباس قول قيد بن عيل عليه السالم أن االعتبار يف وجوب القتال بتن يبل عدد املسلمني‬
‫القدر الذي جرت العادة بتن أمثاهلم يف عددهم يكفلون ويغلبلون ويقهلرون العلدو وأن‬
‫يغلب ذلك عىل الظن‪ ،‬فتما إذا حقل العلم بفقد االستقالل لقلة العدد أو لضعفه فالقتال‬
‫غري واجب‪ ،‬قال‪ :‬واألصل يف ذلك ما روي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم واألئملة‬
‫عليهم السالم مل يقاتلوا إال بعدد حقل فيه االستقالل فريجى هبم النكاية يف األعداء‪.‬‬

‫‪-520-‬‬
‫باب السيرة في أهل البغي‬
‫(خرب) وعن القادق جعفر الباقر بن حممد بن عيل قين العابلدين علليهم السلالم أنله‬
‫قال‪ :‬إن علي ًا عليه السالم قال يوم اجلمل‪ :‬ال تتبعوا مولي ًا ليس بمنحاق إىل فأة‪.‬‬
‫(خرب) وروى جعفر بن حممد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال ملا وافق‬
‫أهل اجلمل‪ :‬يا أهيا الناس إين أحت عليكم بخقال فليبل الشاهد الغائب فهو حيث قال‪:‬‬
‫ال تتبعوا مولي ًا ليس بمنحاق إىل فأة‪ ،‬وال تستحلوا ملكل ًا إال ملا اسلتعني بله علليكم‪ ،‬وال‬
‫تدخلوا دار ًا وال خباء‪ ،‬وال تستحلوا ماالً‪ ،‬إال ما جباه القوم أو وجدمتوه يف بيت ماهلم‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب مجيلة قال‪ :‬قال عيل عليه السالم‪ :‬لكم املعسكر وما حوى إال ملا كلان‬
‫من حرة أو مال تاجر‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم خطب بعدما فرغ من حرب اجلمل يف اجلامع فقلام‬
‫إليه رجل يقال له‪ :‬ع ّباد بن قيس فقال‪ :‬ما قسمت بالسو ّية فإنك قسمت ما حلواه عسلكر‬
‫عدونا وتركت األموال والنساء والذراري‪ ،‬فقال عيل عليه السالم‪ :‬أما علمت أنا ال نتخذ‬
‫القغري بذنب الكبري‪ ،‬وأن األموال كانت هلم قبل الفرقة‪ ،‬وتزوجوا عىل بقلرية‪ ،‬ووللدوا‬
‫عىل الفطرة‪ ،‬وإنام لكم ما حوى عسكرهم وما كان يف دورهم فهو مرياث للذريتهم وهلي‬
‫خطبة طويلة إىل أن قال‪ :‬أما علمت أن دار احلرب حيل ما فيها وأن دار اهللرة حيرم ما فيها‬
‫إال بحق‪ ،‬ثم قال‪ :‬فإن أبيتم فتيكم يتخذ عائشة يف سهمه؟ فقالوا‪ :‬يا أمري املؤمنني أصلبت‬
‫وأخطتنا َف ُت ْبنَا فقال يف ذلك بعض األنقار‪:‬‬
‫إن رأيللللل ًا رأيتملللللوه سلللللفاه ًا فطللللت اإليللللراد واإلصللللدار‬
‫ذلللك قيلل القلللوب واألبقللار‬ ‫لللليس قوج النبلللي يقسلللم فيأللل ًا‬
‫إنلللام الفللليء ملللا تضلللم األوار‬ ‫للليس مللا ضللمت البيللوت بفلليء‬

‫‪-521-‬‬
‫ومتا ٍع تبيع أيلدي التلللار‬ ‫من كراع يف عسكر وسلال‪،‬‬

‫يف أبيات طويلة‪.‬‬

‫وروى قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬ال يسبي أهل القبيللة وال‬
‫ينقب عليهم منلنيق وال يمنع من املرية‪ ،‬و الطعام وال كاب‪ ،‬فإن كانت هلم فيله أجلز‬
‫عىل جرحيهم‪ .‬افرب‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم أمر قيلاد بلن خقلفة التميملي بقطلع امللرية علن‬
‫معاوية‪ ،‬ومنع أيض ًا عن التعرض هلم يف املاء‪ ،‬دل ذلك عىل أنه موقلوف علىل رأي اإلملام‬
‫وعىل قدر ما يوجبه احلال‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أحكام منها أن ما أجلوا به يكون غنيمة‬
‫جيب فيه افمس ويقسم أربعة أمخاس وهو قول أكثر أهل البيت عليهم السلالم‪ ،‬ودليلله‬
‫قول املنكرين عىل عيل عليه السالم إنك قسمت ما حوى عسكر عدونا‪ ،‬ويدل عليه قلول‬
‫عيل عليه السالم ال يستحل ملك ًا إال ملا اسلتعني بله علليكم‪ ،‬وقولله عليله السلالم‪ :‬وال‬
‫تستحلوا ماالً إال ما جباه القوم أو وجدمتوه يف بيت ماهلم‪ ،‬وقوله عليه السالم يف خلرب أيب‬
‫مجيلة لكم‪ :‬العسكر وما حوى‪ ،‬وقوله عليه السالم‪ :‬إنام لكم ما حوى عسكر البرصة‪.‬‬
‫(خرب) وروى النارص للحق‪ ،‬عن عبداهلل بن احلسن‪ ،‬عن أمه فاطمة ابنة احلسني عليهم‬
‫السالم قالت‪ :‬قتل املسلمون عبيداهلل بلن عملر يلوم صلفني وأخلذوا سللبه وكلان ملاالً‬
‫وافالف يف ذلك من أهلنا عن النفس الزكية حممد بن عبداهلل عليه السالم فإنه ذهلب إىل‬
‫أن ماهلم ال يغنم‪.‬‬
‫قال حممد بن منقور‪ :‬ستلت أمحد بن عيسى عليه السالم يف قوم من املسلمني تلقلاهم‬
‫اللقو فظفر هبم املسلمون وأخذوهم؟ فقال‪ :‬هو غنيمة وفيه افمس‪ ،‬وهذا قول أكثر‬
‫أهل البيت عليهم السالم كام حكيناه أوالً‪.‬‬

‫فلم يره غنيمة‪.‬‬ ‫قال حممد بن منقور‪ :‬وستلت القاسم بن إبراهيم عن سلب اللقو‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وهكذا قول حممد بن عبداهلل عليه السلالم‪ ،‬ومنهلا أنله ال تغلنم‬

‫‪-522-‬‬
‫األموال التي يف ديارهم وال تغنم نساؤهم وذرارهيم‪ .‬قد قدمنا الداللة عليه من قول عليل‬
‫عليه السالم وهو إمجاع األمة‪ ،‬ومنهلا أن العللة يف أنله ال جيهلز علىل جلرحيهم وال يقتلل‬
‫مدبرهيم وهو أنه ال فأة هلم‪ ،‬وقد قال عيل عليه السالم‪ :‬احلكم به فقلال‪ :‬ال تتعبلوا موليل ًا‬
‫ليس بمنحاق إىل فأة‪ ،‬وعليه حيمل (خرب) وهو ما روى ابن مسعود أن النبي صىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم قال‪(( :‬يا ابن أم عبد ما حكم من بغى من أمتلي؟ فقللت اهلل ورسلوله أعللم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ال يتبع مدبرهم وال جيهز عىل جرحيهم‪،‬وال يقتل أسريهم وال يقسم فيؤهم))‪.‬‬
‫(خرب) وما روي عن عليه السالم أنه قال‪ :‬ال جتهزوا عىل جرحيهم‪ ،‬وال تتبعوا ملدبر ًا‪،‬‬
‫فإن كان هذا كله حممول عىل الباغي الذي ال فأة له بدليلنا‪ ،‬فتما قوله‪ :‬وال يقسلم فيلؤهم‬
‫فهو معارض بام تقدم من األخبار وهي أوىل؛ ألرا أكثر وأشهر؛ وألن رواهتا علامء العلًة‬
‫األخيار ورواهتم عندنا أوىل‪ ،‬يزيده وضوح ًا (خرب) وهو ما رواه عبلداهلل بلن احلسلن بلن‬
‫احلسن بن عيل بن أيب طالب عليه السالم أن عبيداهلل بن عمر بن افطاب قتلله املسللمون‬
‫يوم صفني وأخذوا سلبه وكان ماالً‪.‬‬
‫السلاد وقال‪ :‬إياكم‬
‫ّ‬ ‫(خرب) وروي أن علي ًا عليه السالم راهم عن قتل حممد بن طلحة‬
‫وصاحب الربنس فقتله رجل وأنشت يقول‪:‬‬
‫قليل األذى فيام تلرى العلني مسللم‬ ‫وأشلللعث قلللوام بآيلللات ربللله‬
‫للر رصيعللل ًا لليلللدين وللفلللم‬
‫فخل ّ‬ ‫هتكت يقدر الرمح جيب قميقله‬
‫عليلل ًا ومللن ال يتبللع احلللق ينللدم‬ ‫عىل غلري يشء غلري أن لليس تابعل ًا‬
‫فهال تال حم قبلل التقللدم‬ ‫يناشدين حم والرملح شاجلر‬

‫فلام قتله فلم ينكر عيل عليه السالم عىل القاتلل؛ ألنله صلار رد ًا هللم ومعينل ًا ومكثلر ًا‬
‫يف دمائنلا))‬ ‫سود علينا فقلد ك‬
‫سوادهم وقد قال النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من ّ‬
‫وقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من كثر سواد قوم فهو منهم))‪.‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬التسويد‪ :‬هو التكثري بالنفس واملال‪.‬‬

‫‪-523-‬‬
‫(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر بتن حيوي ما يف عسكر أهل النهروان من يشء‪،‬‬
‫فتما السال‪ ،‬والدواب وما شهر به عليه فقسمه بني املسلمني‪.‬‬
‫وأما املتاع والعبيد واإلماء فإنه حني قدم رده عىل أهله وإنام فعل عيل عليه السالم ذلك‬
‫يف املتاع والعبيد واإلماء؛ ألنله مل يكلن مملا اسلتعني فيله علىل املسللمني‪ ،‬ذكلره السليدان‬
‫األخوان‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وجيوق أن يقال هلا‪ :‬إرا كانت يف مناقهلم ومواضلعهم التلي هلي غلري‬
‫املعسكر وما كان كذلك فإنه عندنا ال يتعرض له‪ ،‬ويدل عىل صلحة ملا قالله املؤيلد بلاهلل‬
‫(خرب) وهو ما روي عن عليه السالم أنه قال يلوم اجلملل‪ :‬أملا ملا كثلروا بله علليكم يف‬
‫املعسكر من عبد أو أمة أو يشء فهو لكم‪ ،‬وأما ما كان يف البيوت فهو لعياهلم فإرم ولدوا‬
‫عىل الفطرة‪ ،‬وال فضل فيام يغنم من أموال البغاة بني أملوال التللارة وغلريهم‪ ،‬وال بلني‬
‫الرجال والنساء والقبيان؛ وذلك ألن علة املغنم إنام هو مستعني به علىل املحقلني‪ ،‬ذكلره‬
‫السيد الناطق باحلق‪ ،‬فإن غقب بعض أهل البغي من غريه شيأ ًا فاستعان به عىل املحقلني‬
‫فيلب أن ال يغنم؛ ألن مالكه مل جيعله معونة عىل املحق وإن استعاره الباغي ليسلتعني بله‬
‫عىل املحقني فالقياس أن يتغنمه جائز؛ ألن مالكه ريض بتن يستعان به عىل املحقني‪ ،‬ذكلره‬
‫املؤيد باهلل ريض اهلل عنه ملذهب حييى عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫اعلم أن اإلمام منقوب ملقالح املسلمني واستيفاء احلقوق ممن وجبت عليه إذا تقاعد‬
‫عن إيفائها ووضعها يف أهلها سواء كانت من حقوق اهلل تعاىل أو ملن حقلوق املخللوقني‬
‫فيدفع حقوق اهلل تعاىل إىل بيت مال املسلمني أو الفقراء واملساكني ويدفع حقوق اآلدميني‬
‫إليهم إن كانوا معينني وإال رصف ذلك إىل الفقراء واملسلاكني لقلول اهلل تعلاىل‪ { :‬‬

‫‪[}    ‬التوبة‪.]103:‬‬

‫‪-524-‬‬
‫(خرب) ولقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملعاذ حني بعثه إىل اليمن‪(( :‬أعلمهلم أن‬
‫يف أمواهلم حقوق ًا تؤخذ من أغنيائهم وتر ّد يف فقرائهم)) وهلذا قال أبو بكر ملا اعتقد اإلمامة‬
‫يف نفسه بمحرض من القحابة‪ :‬واهلل لو منعوين عقاالً مما أعطوا رسول اهلل صلىل اهلل عليله‬
‫وآله وسلم لقاتلتهم عليه‪ ،‬وروي عناق ًا بدل قوله عقاالً‪.‬‬

‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وكذلك كانت سرية أمري امللؤمنني عليله السلالم واألئملة ملن‬
‫بعده‪ ،‬قال‪ :‬وال خالف أن من كان يف ذمته حق فتقاعد به ووجد اإلمام له عين ًا أو ورق ًا أنه‬
‫يتخذه ويوفر به الغريم حقه‪ ،‬قال‪ :‬وعندنا أنه يبيع عوضه وعقاره عليه ويلوفر ملن ثمنهلا‬
‫حق الغريم‪ ،‬وكذلك ينتزع من املشًي ما يستحق الشفيع عليه ويسلمه منه‪ ،‬فلدل ذللك‬
‫كله عىل صحة ما نص عليه القاسم واهلادي وصححه السيدان األخوان ريض اهلل علنهم‪،‬‬
‫ومعناه أن الظلمة الذين أخذوا أمواالً كثرية عىل سبيل الظلم من أرباهبا وخلطوا بعضلها‬
‫عىل بعض حتى ال يعرف التمييز بينها بل صارت مستهلكة‪ ،‬ومل يمكن التوصل إىل معرفة‬
‫أرباهبا الذين أخذوها منهم‪ ،‬وأخلذوا حقلوق اهلل تعلاىل ملن بيلوت األملوال‪ ،‬وحقلوق‬
‫الفقراء‪ ،‬واستهلكوها ورصفوها يف غري وجهها فقاروا ضامنني جلميعها وصارت مجيعها‬
‫ملقالح املسلمني والفقراء‪ ،‬ووجب عىل اإلمام أن يقوم بتخذها منهم‪ ،‬وأن يتخذ مجيع ملا‬
‫يف أيدي أئمة اجلور من قليل وكثري‪ ،‬وجليل ودقيق من الضياع والعقار وغري ذللك إال أن‬
‫تكون جارية قد استولدها أحدهم‪ ،‬وكذلك يؤخذ من مجيع ما يف أيدي مجيع أعوارم ملن‬
‫الظلمة ويعترب أحواهلم يف ترصفهم ويعترب طول مدهتم وقرصها وكثرة ما يف أيدهيم وقلته‬
‫عىل وجه يكون املتخوذ منهم مواقي ًا ملا عليهم من ذلك أو قارص ًا عنه‪ ،‬وال تؤخذ أملواهلم‬
‫جزاف ًا ومن مل يترصف يف األموال ومل تثبت عليه أنه استهلك شيأ ًا منها مل يؤخذ ملن مالله‬
‫يشء‪ ،‬وال يعًض عىل أمالكه كام أن أمري املؤمنني عليه السلالم مل يتعلرض ألملال ملن‬
‫قاتله من أهل البرصة من حيث مل يثبت عليهم استهال أموال املسلمني واستهال أموال‬
‫اهلل تعاىل التي هي حقوق الفقراء واملساكني‪ ،‬وأخذ عيل عليه السلالم ملا وجلده يف بيلت‬
‫ماهلم مما جبوه وأعدّ وه وقسمه بني امللاهدين املحقني من أصحابه فتصلاب لكلل واحلد‬

‫‪-525-‬‬
‫منهم مخسامئة مخسامئة‪.‬‬

‫فصل‬

‫فإن كان يف أيدي أئمة اجلور مال معني إلنسان معني وقامت به الب ّينلة العادللة وجلب‬
‫تسليمه إليه كام نقه يف األحكام وهو إمجاع املسلمني‪ ،‬ذكره الناطق باحلق‪ ،‬قال‪ :‬وإن كلان‬
‫يف يد أحدهم عبد مدبر فإنه ينظر فإن كان ماله يقرص عن وفاء ما عليه فإلمام احلق أخلذه‬
‫وبيعه وإخراجه فيام عليه وإن كان ماله يكفي دونه مل جيز أخذه ومل حيل بيعه ذكره مللذهب‬
‫اهلادي عليه السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫ومل يثبت عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه فسخ شيأ ًا من أحكام البغاة الذين حلاربوه‬
‫وال ظهر عنه جواق ذلك فبان بذلك أن املتتول أحكامه ماضية ما وافق احلق وإنلام يلنقض‬
‫من أحكام ما ينقض من أحكام املحقني إذا أخطتوا فيه خطت يكون رد ًا للنقو املعلومة‬
‫أو اإلمجاع املعلوم ويشمل ذلك قوله يف األحكام‪ :‬يقر من أحكام البغاة ما كان حق ًا ينقض‬
‫ما كان باط ً‬
‫ال وهذا هو حتقيل ما ذكره املؤيد باهلل من مذهب اهللادي عليله السلالم وهلو‬
‫احلق عندنا‪.‬‬
‫وأما السيدان أبو العباس وأبو طالب فحقلال ملن ملذهب اهللادي إنلام كلان طريقله‬
‫االجتهاد فإن أحكام البغاة تنقض فيه فيكون وجوده وعدمله سلواء‪ ،‬وهلذا هلو موضلع‬
‫افالف بينهام وبني املؤيد باهلل عليه السالم‪.‬‬
‫يقر وال ينقض كلام ذكرنلاه أوالً عنلد‬
‫فتما ما كان حق ًا معلوم ًا مقطوع ًا من صحته فإنه ّ‬
‫اجلميع وهو إمجاع‪.‬‬

‫‪-526-‬‬
‫ال من املرشكني وقلع يف افنلدق مقتلوالً يف غلزاة افنلد فطللب‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫املرشكون جثته بعرشة آالف درهم فامتنع النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم فتمر برد اجليفلة‬
‫إليهم‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال جيوق أن يباع جسد املقتول مرشك ًا كلان أو باغيل ًا‪ ،‬وهلو اللذي‬
‫حكاه عيل بن العباس عن إمجاع أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وحكي علن إمجلاعهم كراهلة‬
‫محل الرؤوس إىل األئمة واألمراء وهي كراهة ضد االستحباب‪.‬‬
‫(خرب) وألن عبداهلل بن مسعود قطع رأس أيب جهل بن هشام وكان قد أثخنه غالملان‬
‫فاحتز رأسه فتمر أبو جهل أن حيزه بسيفه‬
‫ّ‬ ‫من األنقار فتتاه وهو ال يستطيع دفع ًا عن نفسه‬
‫فهو أحد من سيف عبداهلل فتبى فلام جزه أتى به إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم‬
‫ومل ينكر عليه محله إليه وقد كان أمره بتن يلتمسه بني القتىل‪ ،‬قال‪ :‬فلأت وبله رملق قلال‪:‬‬
‫فقتلته وجأت برأسه إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فحملد اهلل‪ ،‬ثلم أملر بلالقتىل‬
‫فطرحوا يف القليب‪ ،‬وأمر مجاعة من أصحاب اإلمام النارص بلن اهللادي علليهم السلالم‪،‬‬
‫وهم إبراهيم بن املحسن العلوي‪ ،‬وعبداهلل بن عمر‪ ،‬وأبو جعفر أمحد بن حمملد الضلحا‬
‫بحلز رؤوس قلوم ملن‬
‫يوم قتلة نفاش وهي يف املالحدة قتلهم عسكر النلارص للدين اهلل ّ‬
‫شعب ما عدوه إىل غريه وهي مائة رأس فوجهوا هبا وما وجب من افمس يف الغنلائم إىل‬
‫صعدة‪ ،‬ووجهوا إليه مرة أخرى بمقدار ثالثني رأس ًا يف حرب أخرى‪ ،‬ومحلوا أشلياء ملن‬
‫الرؤوس إىل املنقور باهلل عبداهلل بن محزة يوم أقناب ويوم قلارة وغريمهلا‪ ،‬ومل ينكلر علىل‬
‫احلمل أحد منهم‪ ،‬فتما وجه الكراهة فلخرب وهلو ملا روي عقبلة بلن علامر قلال‪ :‬بعثنلي‬
‫كحبيل وعمرو بن العا بريد ًا إىل أيب بكر برأس البطريق فقلال‪ :‬حيمللون اجليلف إىل‬
‫مدينة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فقلت‪ :‬يا خليفة رسلول اهلل إرلم يفعللون بنلا‬
‫هكذا قال‪ :‬ال حتملو إلينا من هذا شيأ ًا‪.‬‬

‫‪-527-‬‬
‫باب األنفال‬
‫قال اهلل تعلاىل‪           { :‬‬

‫‪[}        ‬األنفال‪ ،]1:‬النفل‪ :‬هو الغنيمة ومجعه‬
‫أنفال‪ ،‬وملا اختلف أهل بدر يف الغنائم فقلال الشلباب‪ :‬لنلا الغنلائم؛ ألنلا أبلينلا‪ ،‬وقاللت‬
‫األشياخ‪ :‬كنا ردء ًا لكم ولو ارزمتم النحزتم إلينا فال تذهبوا هبا دوننا فنزل قولله تعلاىل‪:‬‬
‫{‪ }  ‬أي‪ :‬عن حكمها وهو سؤال استفتاء وقيل‪ :‬يستلونك عنهلا مللن‬
‫هي يدل عىل هذا قوله‪ }   { :‬حيكامن فيهلا ملا أرادا ويضلعارا هبلا‬
‫حيث شاءا انتزعها اهلل من أيدهيام وجعلها مرصوفة إىل حكمله وحكلم رسلوله صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫قال اهلادي عليه السالم‪ :‬لإلمام أن ينفل من مجيع الغنائم قبل قسمتها من أحب تنفيله؛‬
‫ألن اهلل قد جعل أمر األنفال إىل رسوله صىل اهلل عليه وآله وسلم واحت عىل ذلك باآليلة‬
‫قال‪ :‬وما كان من احلق واحلكم لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم من ذلك فهو لوئمة‬
‫املحقني من أهل بيته التابعني الذين هم به مقتدون‪ ،‬وبسريته صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫سائرون‪ ،‬وبسنته وحكمه حاكمون‪ ،‬وروي ذلك يف األحكام عن جده القاسم ومثله ذكره‬
‫النارص للحق‪ ،‬ويف (الكايف)‪ :‬أن التمثيل قبل إحراق الغنيمة إىل دار اإلسالم أو قسمتها يف‬
‫دار احلرب جائز باإلمجاع‪ ،‬وأملا بعلد إحراقهلا فللائز عنلد النلارص للحلق وهلو قلول‬
‫القاسمية‪ ،‬وقال قيد بن عيل‪ :‬التنفيل جائز يف البداية والرجعة‪ ،‬وال جيوق بعد إحراقهلا إىل‬
‫دار اإلسالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وأما قدر التنفيل فال حدّ له عند حييى ذكره أبو طالب يعني أنه يرجع إىل اجتهاد اإلمام‬

‫‪-528-‬‬
‫العادل‪.‬‬

‫(خرب) وقد نفل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يف بدأته الربع ويف الرجعة الثلث‬
‫بعد افمس‪ ،‬ومعنى إعطائهم الربع أن ينفذ يية إىل دار احلرب ويعطيهم الربع‪ ،‬ومعنلى‬
‫الثلث أن ينرصف بدار احلرب قبل أن يدخلها فريد يية إليها فيعطيهم الثلث‪ ،‬قلد ذكلر‬
‫هذا املعنى السيد أبو العباس‪ ،‬وقد ذكرنا أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أعطلى‬
‫رجاالً من املؤلفة كل واحد أربعامئة ناقة من غنائم حنني‪ ،‬وأعطى رجاالً من مؤلفة قريش‬
‫كل رجل مائة ناقة‪ ،‬ومل يعط املسلمني مثل ذلك حتى غضبت األنقلار واجتمعلوا وقلال‬
‫قائلهم‪ :‬أما حممد فعرف قومه فلام علم هبم أتاهم بنفسه وتكلم معهم وكان من كالمله أن‬
‫قال‪(( :‬أما ترضون أن ينرصف الناس بالشاة والبعري وتنرصفون برسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم قال‪ :‬واهلل إين ألعطي قوم ًا وما أحب أن أعطيهم وأمنلع قومل ًا وملا أحلب أن‬
‫أمنعهم‪ ،‬ولكني أكل املؤمن عىل إيامنه)) فرضوا بذلك وقالوا‪ :‬قد رضينا؛ ألنه قد كان وقع‬
‫عندهم أنه ينرصف مع قومه إىل مكة فلام عرفوا ما عنده صىل اهلل عليه وآله وسللم طابلت‬
‫أنفسهم وقال ما كان يف خواطرهم‪ ،‬وقد ذكرنا فيام تقدم أبيات عباس بن مرداس وهي‪- :‬‬
‫أيؤخذ ربي‪ .‬إىل آخرها‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اقطعوا عني لسانه فتعطوه شيأ ًا‬
‫من املغنم))‪.‬‬

‫‪-529-‬‬
‫باب أصناف الغنائم‬
‫أما غنائم أهل احلرب فهي أنفسهم ودروهم وعقارهم وسائر أمواهلم ويدل عىل ذلك‬
‫آية السيف‪ ،‬وقد ب ّينا أنه جيوق أخذهم واسًقاقهم بالسبا‪ ،‬وقلد فقلل لنلا ذللك قلال اهلل‬
‫تعاىل‪[}      { :‬األحزاب‪ ،]27:‬وقد ب ّينا ذلك‬
‫مفق ً‬
‫ال وذكرنا يف كتاب الوقف أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم بعض أرض خيرب‬
‫بني من حرض من املهاجرين األنقار ومل يقسم منها ملن حرض منهم من سائر القبائل‪.‬‬

‫فصل‬

‫حكى عيل بن العباس إمجاع أهل البيت عليهم السالم عىل أن عساكر اإلمام لو تفرقوا‬
‫يف دار احلرب فوجد بعضهم ركاق ًا لكان ذللك غنيملة‪ ،‬وكلذلك سلائر ملا يوجلد يف دار‬
‫احلرب من اآلالت واألدوية التي هلا أثامن فتما القلبان واألصنام فإرا تكرس‪ ،‬فإن كان هلا‬
‫قيمة بعد كرسها نحو أن يكون من عود أبنوس أو صندل فإرا تلرد إىل الغنيملة وكلذلك‬
‫كلب القيد والبزاة والققور والسنانري‪ ،‬وأما جلد ما ال يؤكل حلمله وعظلم الفيلل فإنله‬
‫حيرق وال يغنم‪ ،‬أما حتريقه فلأال ينتفع به الكفار‪ ،‬وأما أنه ال يغنم فال ألنه نللس اللذات‬
‫حمرم وال قيمة له‪ ،‬وحكي عن إمجاعهم أن مقحف ًا أو صحيفة لو وجد يف دار احللرب وال‬
‫ندري أتوراة أو إنليل وال يعرف حقيقته فإنه يغسلل أو يلً يف افلل وال حيلرق ويلرد‬
‫اجللد إىل املغنم‪ ،‬وأما ما كان من الكتب وفيه ما ال جيوق تركه من أنواع الكفر فإنه حيرق‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬إنام حيرق إذا مل يكن غسله عىل وجه يبقى معله اجلللد املكتلوب‬
‫فيه‪ ،‬فإن أمكن ذلك وجب غسله ورده إىل املغنم يعني اجللد وهلذا مبنلي علىل أن ذبلائح‬
‫الكفار وجلود ذبائحهم تطهر باالستيالء عليها‪.‬‬

‫‪-530-‬‬
‫(خرب) وذلك ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم غنم ملن مجللة الغنلائم يلوم‬
‫الطائف شيأ ًا من األنطاع واألدم وكان غنيمة‪ ،‬ودل ذلك عىل ملا قلنلاه‪ ،‬وألن امللروي أن‬
‫أهل الطائف كانو أهل أدم فلم يتمر النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم باجتنلاب أدمهلم بلل‬
‫ظهرت حك ًام‪.‬‬

‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآلله وسللم دخلل املدينلة ونواضلحهم تسلني‬
‫بللود ذبائحهم وذبائح غريهم من الكفار قرهبم وغروهبم وآنيتهم من اجلللود فلام أمرنلا‬
‫بإبعاد يشء منها وال بتبديله‪.‬‬

‫(خرب) وروى عبداهلل بن املغفل املزين أنه قال‪ :‬أصبت يف خيرب جراب شحم فاحتملتله‬
‫عىل عنقي إىل رحيل وأصحايب فلقيني صاحب املغانم الذي جعلل عليهلا فتخلذ بناحيتله‬
‫فقال‪ :‬هلم هذا حتى نقسمه بني املسلمني‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬ال واهلل ال أعطيتكه قلال‪ :‬فلعلل‬
‫جياذبني اجلراب قال فرآنا رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم ونحن نقنع ذللك فتبسلم‬
‫ضاحك ًا ثم قال لقاحب املغنم‪(( :‬ال أبا لك خل بينه وبينك)) قال‪ :‬فترسله فانطلقلت بله‬
‫إىل رحيل وقومي فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬

‫وروي أن القحابة ريض اهلل عنهم غلبوا املرشلكني علىل حمطلة هللم قلد ذبحلوا فيهلا‬
‫وطحنوا وطبخوا وصنعوا الطعام فلال عليه املسلمون قتناولوه وأكلوه‪ ،‬فدل ذلك أيض ًا‬
‫عىل ما قلناه‪.‬‬

‫فصل‬

‫فتما غنائم اهل البغي فقد ذكرنا فيام تقدم حكم غنائمهم إذا مل يكن هلم فأة‪ ،‬وأوضحنا‬
‫طرف ًا من سرية أمري املؤمنني عليه السالم يف أهل اجلمل؛ ألنه مل تكن هلم فيهم فأة‪ ،‬وأما إذا‬
‫كان هلم فأة والفأة عندنا هي الرئيس كام رويناه عن النبي صىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله‬
‫قال‪(( :‬أنا فأة كل مسلم هذا حاله)) وهو يف املدينة وامللاهدون يف الثغور جياهدون الكفار‬

‫‪-531-‬‬
‫الفأة أيض ًا عند اهلادي عليه السالم‪ :‬هي املعقل وكلذلك املعسلكر‪ ،‬ووجله ذللك ملا هلو‬
‫املعروف يف سرية عيل عليه السالم يف البغاة فإنه سلار يف أهلل الشلام بلتن قتلل ملدبرهم‬
‫وأجهز عىل جرحيهم ملا كنت هلم فأة وقد كان هلم العسكر واملدن من ورائهم هو دليل ملا‬
‫قاله اهلادي يف األحكام‪ :‬إن البغاة إذا كان هلم فأة يرجعون إليها قتل مدبرهم وأجهز علىل‬
‫جللرحيهم؛ ألن اهلل تعللاىل قللال‪[}       { :‬الحجالالرات‪،]9:‬‬
‫واملنهزم وامللرو‪ ،‬إذا كانا عىل اعتقادمها يف جواق قتال املسللمني املحقلني فهلام يف حكلم‬
‫املقاتلني والثابتني عىل البغي فوجب قتاهلام لظاهر اآلية يدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روى‬
‫قيد بن عيل‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال يف أهل القبلة‪ :‬إن كان هلم فألة أجهلز‬
‫عىل جرحيهم وأتبع مدبرهم‪ ،‬وإن مل يكن هلم فأة مل جيهز عىل جرحيهم ومل يتبع مدبرهم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه خرج يف يوم من أيام صفني رجل من مواَّ بني أمية فربق إليه كيسان‬
‫موىل عيل عليه السالم فاختلفا رضبتني فقتله موىل بني أمية فحمل عليه عيل عليه السلالم‬
‫فوقعت يده يف جيب درعه فلذبه ثم محله عىل عاتقه‪ ،‬قال الراوي‪ :‬كتين أنظلر إىل رجليله‬
‫رتلفان ثم رضب به األرض فكرس منكبيه وعضديه وشلد ابنلاه احلسلني وحمملد علليهام‬
‫السالم فرضباه بتسيافهام حتى قتاله واحلسن قائم عىل رأسه مع أبيه فقلال لله عليل عليله‬
‫السالم‪ :‬يا بني ما منعك أن تفعل ما فعل أخوا ؟ فقال‪ :‬كفياين يا أمري املؤمنني‪ ،‬فدل ذلك‬
‫عىل جواق اإلجهاق عىل اجلريح فإن احلسني وحممد ًا أجهلزا عليله بعلد أن انكرسل منكبلاه‬
‫وعضداه من رضب عيل عليه السالم به‪ ،‬ثم قوله للحسن‪ :‬ملا منعلك أن تفعلل ملا فعلل‬
‫أخوا ؟ يدل عىل ذلك أيض ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عيل عليه السالم أمر برجل قد كان أي يوم البرصة فرضلبت عنقله‪،‬‬
‫وكانت احلرب حني قتل قائمة‪ ،‬وكل ذلك يدل علىل صلحة ملا قلنلاه‪ ،‬ويزيلده وضلوح ًا‬
‫(خرب) رواه املؤيد باهلل ورويناه عنه وهو أن ابن اليثريب ملا أيه عامر أمره عيل عليه السالم‬
‫أن يرضب عنقه‪.‬‬

‫‪-532-‬‬
‫باب قسمة الغنائم‬
‫قد ذكرنا ف يام تقدم أن أموال أهل احلرب مغنومة وأنفسهم كذلك عند القلدرة علليهم‬
‫وب ّينا ما يغنم من أموال أهل البغي‪ ،‬وفقلنا ذلك تفقي ً‬
‫ال ال لبس فيه بحمد اهلل وتوفيقله‪،‬‬
‫فلنذكر طرف ًا من الداللة عىل حتريم افيانة يف الغنائم‪ ،‬ثم نذكر كيفية قسمتها‪ ،‬أما ما يلدل‬
‫عىل حتريم افيانة فيها (خرب) فروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من كان‬
‫يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال يركب دابة من يفء املسلمني حتى إذا أعلفها ر ّدها فيه‪ ،‬ومن‬
‫كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فال يلبس ثوب ًا من يفء املسلمني حتى إذا أخلقه رده))‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان إذا أصاب غنيمة أمر بالالً فنلادى‬
‫بالناس فيلأون بغنائمهم فيخمسه يقسمه فلاء رجل يوم ًا بعلد ذللك بزملام ملن شلعر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل هذا فيام كنا أصبناه من الغنيمة فقال‪(( :‬أسمعت بلالالً ينلادي ثالثل ًا؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬فام منعك أن جتيء به‪ ،‬فاعتذر قال‪ :‬كذلك جتيء أنت يوم القيامه فلم أقبله‬
‫عنك))‪.‬‬
‫نحبه فقال رسلول اهلل صلىل اهلل‬ ‫ال ّ‬
‫غل شملة من الغنائم ثم ق‬ ‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫عليه وآله وسلم‪(( :‬إنه اآلن ليحرق بشملته يف نار جهنم))‪.‬‬
‫وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قام بعد انرصافه من حنني يف النلاس فقلال‪:‬‬
‫((أ ّدوا افيط واملخيط فإن الغلول عار ونار وشنار عىل أهله يوم القيامة))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫ال توف يوم خيرب ذكر لرسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم إىل‬
‫غل يف سبيل اهلل)) قال‪ :‬فوجدنا متاعه فوجدنا خراقات من خرقة‬ ‫قوله‪(( :‬إن صاحبكم قد ّ‬
‫هي ما يساوي درمهني‪.‬‬
‫(خرب) عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ملا ظهلر الغللول يف يلوم قلط إال ألقلى اهلل يف قللوهبم‬

‫‪-533-‬‬
‫الرعب‪ ،‬وال فيش الزنا يف قوم قط إال كثر فيهم املوت‪ ،‬وال نقص املكيال وامليزان إال قطع‬
‫اهلل عنهم الرقق‪ ،‬وال حكم قوم بغري احلق إال فشا فيهم اللدم‪ ،‬وال خلً قلوم بالعهلد إال‬
‫سلط اهلل عليهم العدو‪ ،‬وهذا ال يكون إال توقيف ًا‪.‬‬
‫وأما كيفية القسمة يف الغنيمة فيخرج اإلمام من الغنيمة ما أراد أن ينقله أو يتلتلف بله‬
‫حتقيقه وتقريره‪ ،‬وخيرج القفي وهو يشء واحد من سيف أو‬ ‫ال كان أو كثري ًا كام م‬
‫قلي ً‬
‫درع أو فرس‪ ،‬ذكره يف (األحكام)‪.‬‬
‫(خرب) وذلك ملا روي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم كان يتخذ القفي من الغنيمة‬
‫كام روي أنه أخذ من غنائم بني قريظة رحيانة ابنة عمرو بن حذافة وكانت عنده حتى مات‬
‫عنها وهي ملكه وكان عرض عليها أن يتزوجها يعني بتن يعتقها ثم يتزوجها‪ ،‬ثم يرضب‬
‫عيل وعليك‪.‬‬
‫عليها احللاب فقالت‪ :‬يا رسول اهلل اتركني يف ملكك فهو أخف ّ‬
‫(خرب) وروي أنه ملا افتتح خيرب أيت بقفية ابنة حيلي بلن أخطلب فلتلقى عليهلا رداءه‬
‫فعرف املسلمون أنه صىل اهلل عليه وآله وسلم اصطفاها لنفسه‪.‬‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أنه قدم وفد عبد القيس عىل رسول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فقالوا‪ :‬إن بيننا وبينك هذا احلي من مرضل‪ ،‬وإنلا ال نسلتطيع أن نتتيلك إال يف هلذا‬
‫الشهر احلرام فمرنا فيام نتخذ به ونحدث به من بعدنا‪ ،‬فقال صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‪:‬‬
‫(( آمركم بتربع‪ ،‬وأراكم عن أربلع‪ ،‬آملركم بشلهادة أن ال إلله إال اهلل‪ ،‬وتقيملوا القلالة‪،‬‬
‫وتؤتوا الزكاة‪ ،‬وتعطوا أسهم اهلل من الغنائم والقفي)) افرب إىل آخره‪ ،‬فتثبت النبي صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم القفي من الغنائم وأطلق ومل يفقل بلني أن يكلون غنيملة قليلله أو‬
‫كثريه‪ ،‬فثبت وجوبه يف كل غنيمة‪ ،‬وإذا ثبت ذلك له صىل اهلل عليه وآله وسلم ثبت ذللك‬
‫ألئمة احلق بعده كام قدمنا بيانه‪.‬‬
‫(خرب) وروى أبو بكر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬إذا أطعم اهلل نبيله‬
‫شيأ ًا كان ذلك ملن يقوم مقامه)) وهذا يدل عىل ما قلناه‪.‬‬

‫‪-534-‬‬
‫فصل‬

‫وجيوق عندنا ألمري اجليش الذي ينقبه اإلمام وهلو ملن أهلل االجتهلاد أن يقلطفي‬
‫لنفسه وقد أشار إليه السيد أبو طالب من دون اشًا االجتهاد‪ ،‬ويدل عىل ذلك (خلرب)‬
‫وهو ما روى السيد أبو العباس بإسناده إىل عمران بن حقني قال‪ :‬بعث رسول اهلل صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم جيش ًا واستعمل عليهم عيل بن أيب طالب فتصلاب جاريلة فتقلفاها‬
‫لنفسه فتنكروا عليه وتعاقد أربعة من أصلحاب رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫فقالوا‪ :‬إذا لقينا رسول اهلل أخربنا بام صنع عيل وكان املسلمون إذا رجعوا من السفر بدأوا‬
‫برسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وقام أحد األربعة فقال‪ :‬يا رسول اهلل أمل ترى إىل عيل‬
‫بن أيب طالب صنع هكذا فسلموا ثم رجعوا إىل رجاهلم فلام قدمت الرسية فتعرض رسول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم عنه ثم قام الثاين فقال مثل ما قاله فتعرض عنه ثم قام الثالث‬
‫فقال مثل مقاله فتعرض عنه ثم قام الرابع فقال مثلام قالوا فتقبل رسول اهلل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم والغضب يف وجهه يعرف فقال‪(( :‬ما تريدون من عيل‪ ،‬إن علي ًا مني وأنا منله‪،‬‬
‫وهو وَّ كل مؤمن ومؤمنة بعدي)) ووجه االستدالل هبذا افلرب أن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أنكر عىل القوم ما أنكروا عىل عيل عليه السالم من اصطفائه تلك اجلارية‬
‫لنفسه بحق إمارة اجليش فتجاق ذلك ومل يتمر بردها إىل الغنيمة‪ ،‬فثبلت أن مللن قلام مقلام‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أن يقطفي لنفسه ملن إملام أو قائلد جلليش اإلملام بلتمر‬
‫اإلمامة‪.‬‬
‫(خرب) وعن ابن عباس أن العبيد والنساء كانوا حيرضون مع النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم احلرب فال يسهم هلم ويرضخ‪.‬‬

‫(خرب) وعن ابن عمر أنه قال‪ :‬عرضت عىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم يلوم‬
‫أحد وأنا ابن أربع عرشة سنة فلك جيزين يف املقاتلة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن الرباء بن عاقب قال‪ :‬عرضني رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم‬

‫‪-535-‬‬
‫ٍ‬
‫يومأذ ابن أربع عرشة سلنة‪ ،‬فلدل‬ ‫وابن عمر يوم بدر فاستقغرنا ثم أجاقنا يوم أحد وهو‬
‫ذلك عىل أنه ال سهم للنساء والقبيان وأنه يرضخ هلم‪ ،‬ودل افربان األخلريان علىل أنله‬
‫رضخ يوم أحد للقبي لكونه ابن أربع عرشة سنة وأسهم يوم افنلدق؛ ألنله ابلن مخلس‬
‫عرشة سنة؛ ألن الرباء قال‪ :‬أجاقنا يوم أحد وابن عمر قال‪ :‬مل جيزين يف املقاتلة‪ ،‬فلدل علىل‬
‫أنه رضخ له يوم أحد وأسهم له يوم افندق‪.‬‬
‫(خرب) وعن عمري موىل بن أيب اللحم قال‪ :‬شهدنا خيرب مع ساديت فك ّلملوا َّ رسلول‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم وأخربوه أين مملو فتمر فقلدت السيف فإذا أنا أجره فتمر َّ‬
‫بيش من خرثي املتاع افرثي‪ :‬أثاث البيت‪ ،‬فإن احت (بخرب) وهو ما روي عن األوقاعي‬
‫أنه قال‪ :‬أسهم رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم للنسلاء يلوم خيلرب‪ ،‬فلاجلواب أنله‬
‫معارض بام ذكرناه أوالً من خرب ابن عباس‪ ،‬ومعارض (بخرب) وهو ما روي أن رسول اهلل‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم رضخ لنساء من نساء املسلمني شهدن معه خيرب ومل يرضب هلن‬
‫بسهم فإن صح افرب محلناه عىل أنه أسهم من مخس الغنيمة للنساء من ذوي القربلى؛ ألن‬
‫ذلك لو كان من الغنيمة وجب أن يسهم هلن من سائر الغزوات ويرضخ للذمي إذا أعلان‬
‫عىل القتال؛ ألنه إذا أعان ومل يعط شيأ ًا قهده ذلك يف معاونة املحقني وال سهم لله‪ ،‬دليلله‬
‫العبد والقبي واملرأة‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال فرق عند قسمة الغنائم بني التلار وغريهم إذا قاتلوا مع املسلمني يف أنه يسهم هلم‬
‫سهم أمثاهلم من الفرسان والرجالة‪ ،‬وقد ذكره األخوان ملذهب اهلادي إىل احلق‪.‬‬

‫فصل‬

‫ثم تقسم الغنائم بعد ذلك مخسة أسهم ررج يف أهل افمس ويقسم عىل ما يتيت بيانله‬

‫‪-536-‬‬
‫يف باب افمس بمشيأة اهلل تعاىل وتقسلم أربعلة أمخلاس الغنيملة بلني الرجلال األحلرار‬
‫البالغني املسلمني الذين حرضوا الوقعة فحاربوا وأعانوا‪ ،‬نص علىل ذللك يف (األحكلام)‬
‫وهو إمجاع العًة عليهم السالم‪.‬‬
‫وأما كيفية القسمة فاختلوا فعند القاسلم عليله السلالم أنله يسلهم للفلارس سلهامن‬
‫ولفرسه سهم فيكو له ثالثة أسهم وللراجل سهم واحد وهو قول طائفة‪ ،‬وجله ذللك أن‬
‫قسم أمواهلم ونسلاءهم وأبنلاءهم علىل‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا غنم بني قريظة ّ‬
‫املسلمني بعد أن أخرج منها افمس‪ ،‬ثم أسهم للفارس سهمني ولفرسه سله ًام وللراجلل‬
‫ٍ‬
‫يومألذ سلتة وثالثلني فرسل ًا‪ ،‬وكلان ذللك أول يفء‬ ‫من ليس له فرس سه ًام وكانت افيل‬
‫من رسول اهلل صىل اهلل عليه‬ ‫وقعت فيه السهامن وأخرج منه افمس فعىل سننها وما م‬
‫وآله وسلم وقعت املقاسم ومضت السنة يف املغاقي‪ ،‬وهكذا روينلاه ملن طريلق روايتنلا‬
‫لسرية رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) ورويى ابن عباس أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله وسللم أسلهم يلوم خيلرب‬
‫أربعة أسهم للفرس سهامن وللفارس سهامن وللراجل سهم‪-‬يعني الراجل وذهب اهلادي‬
‫إىل احلق أن للفارس سهمني له سهم واحد ولفرسه سهم واحد وللراجل سهم وجه قوله‬
‫ما روى ابن عمر أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أسهم للفارس سهمني وللراجل‬
‫سه ًام‪ ،‬وروي مثل ذلك يوم حنني وهذا هو الظاهر َّ من قول األئمة املتتخرين ملن أهلل‬
‫البيت عليهم السالم فإين ال أعلم قائ ً‬
‫ال منهم بخالفه‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال يسهم ألكثر من فرس واحد ولو كان مع رجل خيل جملبة وهلو قلول العللامء إال‬
‫رواية شاذة رويت عن القاسم أنه يسهم لفرسني‪ ،‬ومل يقح ذلك عنه بعض علامئنا؛ وذلك‬
‫ألنه مل يرو يف يشء من السري وال من املغاقي أن الرسول صىل اهلل عليه وآله وسلم أسلهم‬

‫‪-537-‬‬
‫ألكثر من فرس واحد مع أنه كان معه كثري من املغاقي من له فرسان‪.‬‬

‫فصل‬

‫ويسهم للرباذين كام يسهم للخيل؛ ألن اسم افيل يشملها فوجب أن يسهم هلا؛ وألنه‬
‫يسهم للرجل احلر عربي ًا كان أو علمي ًا فكذلك يسهم للفرس عربي ًا كان أو علمي ًا‪.‬‬

‫فصل‬

‫الفرس العتيق الذي أبواه عربيان والربذون الذي أبواه علميان‪ ،‬واملقرف اللذي أمله‬
‫عربية وأبوه علمي واهللني الذي أبوه عريب وأمه علميلة ويسلهم جلميعهلا؛ ألن اسلم‬
‫افيل يشملها‪ ،‬قد ذكر السيد أبو العباس رمحه اهلل هذا املعنى‪ ،‬ويف فقل افيل ورد‪.‬‬
‫(خرب) وهو قول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬افيل معقلود بنواصليها افلري إىل‬
‫يوم القيامة))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يمن افيل يف شقرها))‪.‬‬
‫(خرب) روي أن أيب هريرة أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قال‪(( :‬افيل لرجلل‬
‫أجر‪ ،‬ولرجل سً‪ ،‬وعىل رجل وقر‪ ،‬فتما الذي هي لله أجلر فرجلل ربطهلا يف سلبيل اهلل‬
‫فتطال هلا مرج ًا أو روضة فام أصابت يف طيلها ذلك من املرج والروضة كانت له حسنات‬
‫ولو أرا قطعت طيلها ذلك فاستلت كف ًا أو كفني كانت آثارها وأرواثهلا حسلنات لله‬
‫ولو أرا مرت بنهر فرشبت منه مل يرد أن تسقي به كان ذلك لله حسلنات فهلي لله أجلر‪،‬‬
‫ورجل ربطها تغني ًا وتعفف ًا ومل ينس حق اهلل يف رقاهبا وال يف ظهورها فهي له سً‪ ،‬ورجل‬
‫ربطها فخر ًا وريا ًء ولواء ألهل اإلسالم فهي عىل ذللك وقر)) قولله ملرج ‪-‬بلاجليم وهلو‬
‫بامليم مفتوحة والراء ساكنة‪ -‬إرساهلا ترعى وباحلاء غري معلمة والراء مفتوحة النشلا ‪،‬‬

‫‪-538-‬‬
‫يقال‪ :‬فرس مراج ومجل ممراج قال‪:‬‬
‫ذا ق ّبلة ممللوة أجراجلا‬ ‫إين أقول مجل ً‬
‫ال ممراجلا‬

‫والطول‪ -‬بكرس الطاء معلمة بواحدة من أسفل وفتح الواو حبل يطول للدابة ترعى‬
‫فيه قال طرفة‪:‬‬
‫لك الطول املرخى وثنياه باليلد‬ ‫لعمر أن املوت ما أخطت الفتلى‬

‫والطيل بكرس الطاء أيض ًا وفتح الباء معلمة باثنتني من أسلفل لغلة يف الطلول‪ ،‬قلال‬
‫القطامي‪:‬‬
‫وإن بليت وإن طالت بك الطيلل‬ ‫إنا حم ّيو فاسلم ّأهيا الطللل‬

‫وقوله نواء ألهل اإلسالم ‪-‬بكرس النون وفتح الواو‪ -‬معاداة هلم يقال ناوأت الرجلل‬
‫مناوأة إذا عاديته‪.‬‬
‫ال وجد بعري ًا له كان املرشكون أصلابوه فقلال رسلول‬
‫(خرب) وروى ابن عباس أن رج ً‬
‫اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬إن وجدته قبل القسمة فهو لك وإن وجدته بعلد القسلمة‬
‫أخذته بالقيمة)) وظاهر افرب هو الذي ذهب إليه اهللادي‪ ،‬وبله قلال قيلد بلن عليل عليله‬
‫السالم‪.‬‬

‫فصل‬

‫وذهب األكثر من أهل البيت عليهم السالم بل ال أعلم قائ ً‬


‫ال منهم بخالف ما نلذكره‬
‫وهو أن املرشكني إذا قهروا املسلمني عىل أمالكهم التي يقح متلكهلا فليام بلني املسللمني‬
‫وحاقوها إىل دار احلرب ملكوها عىل املسلمني ودليله الكتاب والسنة وإمجاع العلًة فليام‬
‫أعلم‪.‬‬
‫أمللللا الكتللللاب فقوللللله تعللللاىل‪     { :‬‬

‫‪-539-‬‬
‫‪[}‬الحشر‪ ،]7:‬فسامهم اهلل تعاىل فقراء‪ ،‬وهذا يدل عىل قوال ملكهم عنها لوال ذلك‬
‫مل يكونوا فقراء وقوله تعاىل‪ }  { :‬هو عىل طريلق املللاق بدالللة أول‬
‫اآلية‪.‬‬
‫وأما السنة فقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬من أسلم عىل مال فهو له))‪.‬‬

‫(خرب) وملا افتتح النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مكة قيل له‪ :‬هال نلً دار ؟ فقلال‪:‬‬
‫((وهل تر عقيل لنا من رباع)) وروي من ربع وذلك ألن عقي ً‬
‫ال ملا غلب عليها وهو كافر‬
‫ملكها ثم باعها فلو مل يقح ملكه هلا مل يقح بيعه هلا ولو مل يقح بيعه مل يقل صىل اهلل عليه‬
‫وآله وسلم‪(( :‬وهل تر عقيل لنا من رباع))‪.‬‬
‫ال بخالف ذلك من علامء العًة‪ ،‬ويدل علىل ذللك أيضل ًا أن‬
‫فتما اإلمجاع فال أعلم قائ ً‬
‫هذا القول مروي من القحابة بخالفه فلرى جمرى اإلمجاع عىل ما خيتاره بعض علامئنا‪.‬‬

‫(خرب)وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم قسم غنائم أوطلاس بتوطلاس وهلي‬
‫غنائم حنني‪ ،‬وأوطاس واد من أودية حنني‪ ،‬قسم غنائم بدر بشعب من شلعاب القلفراء‬
‫قريب من بدر‪ ،‬وقسم غنائم بني املقطلق عىل مياههم‪.‬‬

‫(خرب) روى األوقاعي عن أهل املغاقي أن رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله وسللم ملا‬
‫قسم الغنائم إال يف دار الرش ‪.‬‬
‫(خرب) وروى جابر وجبري بن مطعم أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسللم قسلم غنلائم‬
‫حنني باجلعرانة‪ ،‬دل ذلك عىل أن الغنائم يستحب قسمتها يف دار الرش ‪ ،‬وقد ذكره السيد‬
‫أبو العباس ملذهب القاسم وحييى‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬هو القحيح وبه قال حممد بن اهللادي‪ ،‬ويكلره تلتخري قسلمتها‬
‫لغري عذر إتباع ًا للسنة‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬املؤمنون يلد واحلدة علىل‬

‫‪-540-‬‬
‫من سواهم يرد أدناهم عىل أققاهم واملستوي عىل القاعد‪ ،‬والقوي عىل الضلعيف))‪ .‬دل‬
‫ال من اجلند لو مرض قبل الدخول إىل دار احلرب فلم يزل مريض ًا حتلى‬
‫ذلك عىل أن رج ً‬
‫أحرقت الغنائم رضب له بسهم قد ذكره حممد بن عبداهلل اللنفس الزكيلة عليله السلالم‪،‬‬
‫وذلك ألنه إذا كان القوي ير ّد عىل الضعيف فقد يكون الضلعف ملن جهلة امللريض كلام‬
‫يكون من جهة امليش‪ ،‬فدل ذلك عىل ما قلناه‪.‬‬
‫(خرب) وعن أيب هريرة قال‪ :‬بعث رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أبان بلن سلعيد‬
‫عىل يية قبل نلد فقدم أبان خيرب بعدما فتحت فقلال‪ :‬أقسلم لنلا يلا رسلول اهلل‪ ،‬فقلال‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬اجلس يا أبان فلم يقسم هلم)) دل ذلك عىل صلحة‬
‫ما قاله القاسم عليه السالم فإنه قال‪ :‬من جاء بعد الواقعة ومل تقسم الغنيمة فال يسلهم لله‬
‫وليست الغنيمة إال ملن حرض الوقعة‪.‬‬

‫(خرب) وروى أنس قال‪ :‬كان موضع مسلد رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم قبور‬
‫املرشكني وكان فيه حرث ونخل فتمر بقبور املرشكني فنبشت وباحلرث فسوي‪ ،‬وبالنخلل‬
‫فقطع‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال حرمة لقبور املرشكني كام أنه الحرمة هلم يف حياهتم‪ ،‬وأنه جيوق‬
‫نبشها وإحياؤها‪ ،‬وهو الذي نص عليه املؤيد باهلل عليه السالم‪.‬‬

‫‪-541-‬‬
‫باب الخمس‬
‫قللال اهلل تعللاىل‪          { :‬‬

‫‪[}   ‬األنفال‪ ،]41:‬أما سهم اهلل تعاىل فاختلفوا فيه فاألكثر‬
‫عىل أنه مفتا‪ ،‬كالم وأن هلل الدنيا واآلخرة‪ ،‬ذكره احلاكم‪.‬‬
‫قال أبو العالية‪ :‬يرصف إىل نفقات الكعبة‪.‬‬

‫قال احلاكم رمحه اهلل تعاىل‪ :‬هذا ال يقح؛ ألنه قلد ثبلت علن افلفلاء األربعلة أرلم مل‬
‫يقرروا لذلك سه ًام‪.‬‬
‫قال احلاكم‪ :‬وألنه يؤدي أن افمس يكون مقسوم ًا عىل ستة وهو خالف اإلمجاع‪.‬‬

‫قال ابن عباس‪ :‬سهم اهلل تعاىل وسهم رسوله واحد‪ ،‬وبه قال قتادة وعطاء‪.‬‬

‫فصل‬

‫وخيرج سهم اهلل تعاىل يف مقالح املسلمني بداللة (خرب) وهو ملا روي علن قبلري بلن‬
‫مطعم أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم حني صدر من حنني تناول شيأ ًا من األرض‬
‫أو برة من بعريه وقال‪(( :‬والذي نفيس بيده ما َّ من ما أفاء اهلل إال افمس مردود عليكم))‬

‫فلعله جلميع املسلمني‪ ،‬فدل عىل أنه خيرج يف مقاحلهم‪.‬‬


‫قال حييى عليه السالم‪ :‬خيرج سهم اهلل تعاىل يف مقالح املسلمني وسهم رسلوله صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم كذلك‪ ،‬إال أن يكون يف الزمان إمام حق كان له سهم الرسلول صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ينفق منه عىل نفسه وعياله وخيله وغلامنه‪ ،‬وذلك (فرب) وهو ما روي‬
‫أن فاطمة عليها السالم بعثت إىل أيب بكر فقالت‪ :‬أنت ورثة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله‬

‫‪-542-‬‬
‫وسلم أم أهله؟ قال‪ :‬بل أهله‪ .‬قالت‪ :‬فام بال سهم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم؟‬
‫قال‪ :‬إين سمعت رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم يقول‪(( :‬إن اهلل إذا أطعم نبيه طعملة‬
‫ثم قبضه جلعها للذي يقوم بمقامه)) فقالت‪ :‬أنت وما سلمعت ملن رسلول اهلل صلىل اهلل‬
‫عليه وآله وسلم أعلم‪.‬‬

‫وأما سهم ذوي القربى فهو لقرابة النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم واختلفوا فقيل هلم‪:‬‬
‫بنو هاشم عن ابن عباس وجماهد‪ ،‬وعيل بن احلسن قين العابدين وعبداهلل بن احلسلن بلن‬
‫احلسن السبط ريض اهلل عنهم‪ ،‬وقيل‪ :‬هم بنو هاشم وبنو املطللب‪ ،‬ووجهله (خلرب) وملا‬
‫روى جبري بن مطعم قال‪ :‬ملا قسم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم سهم ذوي القربلى‬
‫يف بني هاشم وبني عبد املطلب جأت أنا وعثامن فقلنا‪ :‬يا رسول اهلل هؤالء بنلو هاشلم ال‬
‫ننكر فضلهم ملكانك الذي وضعك اهلل به منهم أرأيت إخواننا من بني املطللب أعطيلتهم‬
‫وتركتنا‪ ،‬وإنام نحن وهم منك بمنزلة واحلدة‪ ،‬فقلال‪(( :‬إرلم مل يفلارقوين يف جاهليلة وال‬
‫إسالم‪ ،‬وإنام بنو هاشم وبنو املطلب يشء واحد‪ ،‬ثم شبك بني أصلابعه)) وقلد روي هلذا‬
‫افرب يف (األحكام) عن جبري بن مطعم بكامله‪ ،‬ثم تتوله عىل أنه صىل اهلل عليه وآله وسللم‬
‫إنام قسم هلم منه هبة وشكر ًا عىل ما قدم فعلهم وصربهم ال عىل أنه سهم هلم‪ ،‬وهلذا عللل‬
‫إعطاؤه هلم بام يدل عىل صحة هذا املعنى‪ ،‬وقيل‪ :‬بنو هاشم هم آل عليل وآل العبلاس وآل‬
‫جعفر‪ ،‬وآل عقيل‪ ،‬وولد احلارث بن عبداملطلب‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن أمري املؤمنني عليه السالم أنه قال‪ :‬قلت يا رسول إن رأيت أن تولينا‬
‫حقنا من افمس يف كتاب اهلل فتقسمه يف حياتك حتى ال يناقعنيه أحد بعد فتفعل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫((قد فعلت ذلك)) وقسمته يف حياة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ثلم يف واليلة أيب‬
‫بكر فقسمته أيام أيب بكر‪ ،‬ثم والنيه عمر يف حياته حتى كان آخر سنة من سنني عمر فلتيت‬
‫بامل كثري فعزل حقنا‪ ،‬ثم أرسل إَّ به فقلت‪ :‬إنا بنا العام عنه غنا وباملسلمني إليله حاجلة‬
‫فاررده إليهم‪ ،‬فقال العباس‪ :‬لقد نزعت منا اليوم شيأ ًا ال يرجع إىل يوم القيامة‪ ،‬وهذا يدل‬
‫عىل أحكام‪ ،‬منها أنه ثبات يف كتاب اهلل؛ ألنه قال‪ :‬حقنا من افملس يف كتلاب اهلل تعلاىل‪،‬‬

‫‪-543-‬‬
‫فلم ينكره رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم بل أقره عليه وواله إياه يف حياته‪ ،‬ومنها أنه‬
‫ثابت بعد موت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم لذلك قلال‪ :‬فتقسلمه يف حياتلك حتلى ال‬
‫يناقعنيه أحد بعد ‪ ،‬وهلذا واله عليه‪ ،‬ومل ينكر عليه قوله‪ ،‬فلدل ذللك علىل ثبوتله بعلده‪،‬‬
‫أن تركه يف آخر سنة من سنني عمر إنام كان بإختيار عيل عليه السالم ورضاه‪ ،‬وهلو‬ ‫ومنها ّ‬
‫اإلمام عندنا ولإلمام إخراجه كله يف صنف واحد عىل ما حيققه إن شاء اهلل تعلاىل‪ ،‬ومنهلا‬
‫أنه تضمن أنه مقرون ثبوته واستمرار ثبوته بعد موته صىل اهلل عليه وآله وسلم هلذا أعطاه‬
‫إياه أبو بكر‪ ،‬ثم عمر ومل ينكر ذلك أحد من القحابة‪.‬‬

‫قال القايض قيد‪ :‬فلرى جمرى اإلمجاع‪.‬‬


‫(خرب) وروي أن عمر كان خيرج افمس يف قربى رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‬
‫حتى جاء مخس السوس وجندي سابور إىل عمر بن افطاب وعيل عليه السالم عنده هلو‬
‫والعباس فقال عمر هلام‪ :‬قد تتابعت لكم من افمس أموال قبضتموها حتى ال حاجة لكم‬
‫اليوم وباملسلمني حاجة وخلل فتسلفونا حقوقكم من هذه األموال حتى يتيت اهلل بقضلائه‬
‫يف أول يشء يتيت للمسلمني‪ ،‬قال عيل عليه السالم‪ :‬فكففت؛ ألين مل آمن حني جعله سلف ًا‬
‫ولو أحلحنا عليه أن يقل يف مخسنا مثل قوله يف أعظم من مرياث نبينا صلىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم حني أحلحنا عليه فقال له العباس‪ :‬ال تغتمز يف الذي لنا يا عمر فإن اهلل قد أثبته لنلا‬
‫بام أثبت به املواريث‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أنتم أحق من رفق باملسلمني وشفعني فقبضله عملر ثلم‬
‫واهلل ما جاءهم مال حتى حلقوا باهلل عز وجل‪ ،‬ثم ما قدرنا عليه بعده‪ ،‬ثم قلال عليل عليله‬
‫السالم‪ :‬إنه ل م َذكرنا وإناثنا وغنينا وفقرينا‪ ،‬وشاهدنا وغائبنا‪ ،‬ثم قال‪ :‬إرم أعطوا سلهمهم‬
‫بالقرابة أظنه بالقرابة التي بينهم وبني بنيهم التي ال تزول عنهم فاحلمد هلل الذي جعله منا‬
‫وجعلنا منه‪ ،‬وهذا افرب يدل عىل أحكام منها إقرار عمر بام ذكره العباس وهلو أنله ثابلت‬
‫بعد موت النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ومل ينكره أحد من القلحابة ال عملر وال غلريه‬
‫فلرى جمرى اإلمجاع منهم عىل ثبوته‪ ،‬ومنها قوله أثبته اهلل لنا بام أثبت به املواريث بيننا ومل‬
‫ينكره عليه عمر وال غريه‪ ،‬فدل عىل أنه كان ظاهر ًا ثبوته عندهم عىل حد ظهور املواريث‪،‬‬

‫‪-544-‬‬
‫ومنها قول عيل عليه السالم‪ :‬إرم أعطوا سهمهم بالقرابة التي ال تزول عنهم فقح ثبوته‬
‫هلم إىل يوم القيامة‪ ،‬ومنها قوله عليه السالم‪ :‬إنه لغنينا وفقرينا فثبت جواقه للغنلي‪ ،‬وقلد‬
‫كان النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم يعطيه العباس‪ ،‬وكان معروف ًا باليسلار‪ ،‬وكلان ُيملون‬
‫عامة بني عبداملطلب‪ ،‬ومذهب اهلادي عليه السلالم أنله يسلتحقه األغنيلاء كلام يسلتحقه‬
‫الفقراء‪ ،‬ووجه ما تقدم وهو قول قين العابدين وولده الباقر وهو اختيار املؤيد باهلل‪ ،‬وهو‬
‫الظاهر من قول القاسمية‪.‬‬

‫فصل‬

‫وال يفضل فيه الذكر عىل األنثى عند اهلادي إىل احلق‪ ،‬وبه قال قيد بن عيل؛ وذلك ألنه‬
‫مستحق بالقرابة من دون رقيص لفقري دون غني‪ ،‬وال لغني دون فقلري‪ ،‬وال للذكر دون‬
‫أنثى‪ ،‬وال ألثنى دون ذكر ومن غري رقيص بمقدار معلوم لبعضهم دن بعلض‪ ،‬فوجلب‬
‫اشًا اجلميع فيه عىل سواء كمن أوىص بيشء لقرابة فالن أنه يستحقه غنيهم وفقلريهم‬
‫وذكرهم وأنثاهم‪ ،‬و اليفضل فيه بعضهم عىل بعض كذلك ما نحن فيه‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬وال يلزم عىل ذلك ما نقول من أنه جيوق التفضيل عىل ملا نبينله؛‬
‫ألن كالمنا يف أن االستحقاق يف األصل ال يقت ي تفضيل الذكر عىل األنثى‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإنام يستحب ذلك منهم من كان متمسك ًا باحلق تابع ًا إلمام احلق‪ ،‬فتما من انحرف إىل‬
‫أهل البغي فال حق له فيه‪ ،‬نص عىل هذا املعنى حييى عليه السالم‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬واملراد به املعاونة واملتابعة بام يمكن من قول أو فعل‪ ،‬وذلك ألن‬
‫النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم مل جيعل أليب هلب وأوالده نقيب ًا فيه مللانبتهم للحق‪.‬‬

‫‪-545-‬‬
‫فصل‬

‫وأما سهم اليتامى وسهم املساكني وسهم ابن السبيل فاآلية دالة عىل اسلتمرار ثبوتله؛‬
‫ألرا مل رص وقت ًا دون وقت فكان ذلك عام ًا يف مجيع األوقات إىل يلوم القياملة‪ ،‬واليتليم‬
‫وهو من ال أب له وهو صغري فإن كان له أب مل يكن يتي ًام باإلمجاع‪ ،‬فإن كان ال أب له وهو‬
‫بال مل يكن يتي ًام‪.‬‬
‫(خرب) لقول النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬ال يتم بعد االحتالم)) وروي‪(( :‬ال يتم‬
‫بعد حلم))‪.‬‬

‫وأما املسكني فاختلفوا هل هو أعىل حاالً من الفقري أم ال بل الفقري أعال حاالً منه فعند‬
‫أئمتنا عليهم السالم الذين هم أئمة الرسوس وأتباعهم أن الفقري أحسن حاالً من املسكني‬
‫وهو من يملك ما ال يستغنى عنه من دار تظله‪ ،‬وثوب يلبسه وخادم خيدمه وفرس يركبه‪،‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫وفق العيال فلم تً له سبلد‬ ‫أما الفقري الذي كانت جلوبتله‬

‫واملسللكني مللن ال يملللك شلليأ ًا أو يملللك دون ذلللك قللال تعللاىل‪  { :‬‬

‫‪[}‬البلد‪ ]16:‬فوصف بالتًيب؛ ألنه ال جيد ما حيلول بلني جسلمه وبلني اللًاب ملن‬
‫الشللعار فهللو متللًب بلله‪ ،‬فتمللا قوللله تعللاىل‪     { :‬‬

‫‪[}‬الكهف‪ ،]79:‬فيحتمل أن يكونوا أجراء فتضيفت إليهم جملاق ًا وحيتملل أن يكونلوا‬


‫كثري ًا بحيث يقري نقيب كل واحد منهم تافه ًا يسري ًا بداللة اآلية‪ ،‬يزيده وضوح ًا ما رواه‬
‫اهلادي إىل احلق فإنه قال‪ :‬بلغنا عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬لليس‬
‫املسكني هبذا الطواف عليكم ترده التملرة والتمرتلان واللقملة واللقمتلان)) قلالوا‪ :‬فملن‬
‫املسكني يا رسول اهلل؟ قال‪(( :‬الذي ال جيد غنا يغنيه وال يفطن له فيتقدق عليه وال يقلوم‬
‫فيستل الناس)) فدل عىل أنه ليس هبذا الطواف وحده وإنام هو هذا الذي ال جيد غن ًا يغنيله‬
‫وثمرة افالف أن من أوىص بيشء ملساكني وال عرف له بققده مل جيز رصفه إىل الفقلراء‪،‬‬

‫‪-546-‬‬
‫ومن أوىص بيشء للفقراء فقد اختلف حمقلوا مذهب حييى فقال قوم‪ :‬ال جيوق رصفله إىل‬
‫املساكني‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬جيوق أن يرصفه إىل املساكني‪ ،‬وقلد ب ّينلا تفقليل ذللك يف كتلاب‬
‫التقرير بمسائل التحويل‪.‬‬

‫فصل‬

‫واختلف العلامء هل يعترب الفقر يف اليتيم وابن السبيل أو ال؟ فذكر احللاكم أنله يعتلرب‬
‫وسري القحابة تق ي‬ ‫ال عىل صحة هذا القول‪ ،‬م‬ ‫فيهام الفقر وادعا فيه اإلمجاع وال أعلم دلي ً‬
‫بخالف ذلك ال سيام ابن السبيل‪ ،‬واألوىل أن ال يعتلرب فليهام الفقلر؛ ألن اهلل تعلاىل عللق‬
‫استحقاقهام بسهميهام بقنفني يف كل صنف منهام واحدة فعلقه باليتم يف القغر وهو ملن‬
‫ال أب له وهو صغري‪ ،‬وعلقه يف البال بكونه ابن سبيل فلو كان الفقر كط ًا فليهام للذكره‬
‫اهلل تعاىل وب ّينه؛ إذ لو كلفناه من دون بيان لكان التكليف به قبيح ًا؛ ألنه يكون تكليف ًا ملا ال‬
‫يعلم وهو قبيح باإلمجاع‪.‬‬

‫فصل‬

‫واختلفوا أيض ًا هل هذه األصناف الثالثة وهي اليتامى واملساكني وابن السبيل يشً‬
‫فيهم أن يكونوا من أهل البيت وسائر بني هاشم فال جيوق إخراجها يف غريهم ما وجلدوا‬
‫أم جيوق ذلك فيهم ويف غريهم إال أرم مع وجودهم بله أوىل؟ فلذكر يف (األحكلام) أرلا‬
‫ررج يف هذه األصناف من أهل البيت عليهم السالم فإن مل يوجد فيهم كانت مرصوفة إىل‬
‫هذه األصناف من أوالد املهاجرين فإنم مل يوجد فيهم كانت مرصوفة إىل هلذه األصلناف‬
‫من أوالد األنقار‪ ،‬وإنام قلنا‪ :‬إرا تكون من بعد آل الرسول ألبناء املهاجرين ثم من بعلد‬
‫استغنائهم عنها ألوالد األنقار‪ ،‬ثم من بعد استغناء األنقار عنها مللن جلاء بعلدهم ملن‬
‫املللؤمنني لقللول اهلل تعللاىل‪          { :‬‬

‫‪-547-‬‬
‫‪              ‬‬

‫‪               ‬‬

‫‪            ‬‬

‫‪}...‬إىل قوله‪[}  { :‬الحشر‪.]10-7:‬‬

‫قال السليد املؤيلد بلاهلل‪ :‬إطلالق حييلى عليله السلالم يقت يل أن هلذا الًتيلب علىل‬
‫االستحباب‪ ،‬ثم قال‪ :‬ويمكن أن جيعل ذلك وجه ًا للوجوب‪.‬‬
‫قال السيد أبو طالب‪ :‬إطالق حييى عليه السالم يقت ي أن يرى هلذا الًتيلب واجبل ًا‪،‬‬
‫ووجه ذلك ما رواه اهلادي عليه السالم عن قين العابدين عليه السالم أنه قرأ آية افملس‬
‫فرسها فقال‪ :‬هم يتامانا ومساكيننا وابن سبيلنا‪.‬‬
‫ثم ّ‬
‫(خرب) ويدل عليه أيض ًا ما رواه الطربي يف تفسري القرآن فإنه ملا أتى إىل آية افمس هذه‬
‫روي عن أمري املؤمنني عيل عليه السالم أنه قيلل لله‪ :‬إن اهلل تعلاىل يقلول‪ { :‬‬

‫‪[}   ‬األنفال‪ ،]41:‬فقال‪ :‬يتامانا ومساكيننا وابن سبيلنا‪.‬‬

‫فصل‬

‫وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ملا غنم يلوم حنلني غنلائم هلواقن أتلو إليله‬
‫مسلمني فر ّد عليهم ذرارهيم ونسائهم من دون إخراج افملس منهلا وكلانوا سلتة آالف‬
‫نسمة‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أمري املؤمنني عليه السالم ملا غنم ما غنمه يوم صلفني ملن سلالحهم‬
‫وكراعهم أخرج مخسه يف مقالح املسلمني‪.‬‬
‫ال أصاب كنز ًا يف خربة وهو أربعة آالف ومخسامئة فتتى بله عليل ًا‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫عليه السالم فقال‪ :‬مخسها لبيت املال وقد وهبناه لك‪.‬‬

‫‪-548-‬‬
‫ال أصاب جرة فيها أربعة آالف مثقال فتتى هبا علي ًا عليه السلالم‬
‫(خرب) وروي أن رج ً‬
‫فقال‪ :‬اعتد أربعة أمخاسها ومخس ًا فتقسمه يف فقراء أهلك‪ ،‬دلت هذه األخبار عىل أنه جيوق‬
‫إخراج افمس يف صنف واحد؛ ألن هذا كله من باب املقالح‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عثامن بن عفان أخرج مخس غنائم إفريقية‪ ،‬وأمر به آل احلكم قيل أمر‬
‫به آل مروان ومل ينكر عليه أحد من القحابة ريض اهلل علنهم نفلس اإلخلراج يف صلنف‬
‫واحد‪ ،‬وإنام أنكروا عليه نفس األثرة‪ ،‬فإنه آثرهم وهم من بني أمية عىل املسلمني‪ ،‬وأنكروا‬
‫عليه اإليثار هلم والتبذير؛ ألن الغنيمة كانت ألفي ألف دينار‪ ،‬رواه املنقور باهلل عبداهلل بن‬
‫محزة عليه السالم‪ ،‬وروى الطربي يف تترخيه أن الغنيمة كانت ألفي أللف دينلار وعرشلين‬
‫ألف دينار ومخسامئة ألف دينار‪ ،‬قيل‪ :‬جمموعهلا ثالثامئلة قنطلار ملن ذهلب واختلفلوا يف‬
‫القنطار فقيل‪ :‬هو املال الكثري‪ ،‬وقيل‪ :‬هو سبعون ألف دينار عن جماهد‪ ،‬وقيل‪ :‬ألف ومائتا‬
‫أوقية عن معاذ وابن عمر‪ ،‬وأيب بن كعب‪.‬‬
‫قال أبو نرصة‪ :‬هو ملء مسك ثور ذهب ًا‪ ،‬وهو قول أيب مسلم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ثالثامئة رطل‬
‫وهذا كافارج مما نحن فيه إال أن احلديث ذو شلون عدنا إىل ملا ذكرنلاه بللواق إخلراج‬
‫افمس يف صنف واحد هو قول اهلادي للحق وفعله‪ ،‬أما قوله فنص يف كتاب السري علىل‬
‫أنه جيوق لإلمام أن خيرج افمس كله يف صنف واحد إذا رأى ذلك صالح ًا‪ ،‬وأما فعله فهو‬
‫أنه ملا أخذ غنائم املهاذر وهم قبيلة بحقل صعدة قوم من الربيعة من خلوالن قسلم أربعلة‬
‫أمخاسها عىل الغانمني وأتى أهلها مطيعني‪ ،‬ومل يبق يف يده غري افمس فطلبوا منه القلفح‬
‫فرده عليهم ملا رأى ذلك صالح ًا وإىل هذا القول ذهب اإلمامان املتوكل عىل اهلل أمحد بلن‬
‫سليامن‪ ،‬واملنقور باهلل عبداهلل بن محزة‪ ،‬والداعي إىل اهلل شيخ العًة والدنا حممد بن أمحد‪،‬‬
‫والقايض مجال اإلسالم جعفر بن أمحد ريض اهلل عنهم‪.‬‬

‫‪-549-‬‬
‫فصل‬

‫لدين اهلل حممد بن اهلادي إىل احلق يف‬ ‫فإن قيل‪ :‬ففيم جيب افمس؟ قلنا‪ :‬روى املرت‬
‫كتاب (اإليضا‪ )،‬عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬ما خرج ملن البحلر فهلو‬
‫غنيمة‪ ،‬وما خرج من املعادن فهو غنيمة))‪.‬‬

‫قال حممد بن حييى‪ :‬ستلت أيب اهلادي إىل احلق عن البحر وما خيرج منله أغنيملة هلو؟‬
‫قال‪ :‬هو أوكد الغنائم‪ ،‬وفيه افمس واجب ال اختالف فيه عند عللامء آل الرسلول صلىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم عليهم مجيع ًا وسلم تسلي ًام‪.‬‬

‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف الركاق افمس))‪.‬‬
‫(خرب) وعلن النبلي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم أنله قلال‪(( :‬يف السليوب افملس))‬

‫والس ّيوب‪ :‬الركاق وهو مجع سيب‪ ،‬والسيب‪ :‬العطاء‪ ،‬وال خالف أنله ال جيلب يف العطلاء‬
‫فلم يبق إال أنه جيب يف الركاق لأال تبطل فائدة افطاب‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬يف الركاق افمس‪ ،‬قيل‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل وما الركاق؟ قال‪ :‬الذهب والفضة اللذان خلقهام اهلل يف األرض يوم خلقها))‪.‬‬

‫(خرب) وروي عن عيل عليه السلالم قلال مللن اسلتخرج املعلادن‪ :‬أيلن الركلاق اللذي‬
‫أصبت؟ فسامه ركاق ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه أخذ مخس املعدن‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل أنه وضع عىل أمجلة الفلرس أربعلة آالف درهلم يف كلل سلنة‪،‬‬
‫ومعلوم أنه ال يشء فيها يؤخذ منه اليشء إال السمك؛ ألرا مواضع صيد السلمك‪ ،‬دللت‬
‫هذه األخبار عىل أنه جيب افمس يف مجيع ما يستخرج ملن البحلر ويف الركلاق واملعلادن‪،‬‬
‫ودل افرب املروي عن عليه عليه السالم أنه املعدن يسمى ركاق ًا‪.‬‬
‫أما املعادن فنحلو اللذهب‪ ،‬والفضلة‪ ،‬واليواقيلت‪ ،‬ولزملرد‪ ،‬والفلريقوج‪ ،‬والشلب‪،‬‬

‫‪-550-‬‬
‫‪ ،‬واحلديلد‪ ،‬والشلبه‪،‬‬ ‫والكحل‪ ،‬والزرنيخ‪ ،‬والزيبلق‪ ،‬والعقيلق‪ ،‬والنحلاس‪ ،‬والرصلا‬
‫‪ ،‬واجلواهر‪ ،‬وما أشبه ذللك ملن‬ ‫وامللح‪ ،‬والنفط‪ ،‬والقري واملقرة‪ ،‬والكربيت‪ ،‬والفقو‬
‫املعادن‪.‬‬
‫وأما ما يستخرج من البحر فهو الخآلئ‪ ،‬والدر وهو كبار اللؤلؤ‪ ،‬واملرجان‪ ،‬واملسلك‪،‬‬
‫والعنرب‪ ،‬وكل ما يؤكل من احليوانات التي تؤخذ منه‪ ،‬وقد ع ّيناها أوالً يف كتلاب القليد‪،‬‬
‫وإىل القول بوجوب افمس يف مجيع ذلك ذهب القاسم وسبطه اهلادي إىل احللق ووللداه‬
‫والنارص وهو اختيار املنقور باهلل‪ ،‬ويف ذلك خالف بني أئمتنا‪ ،‬وتفقيله فنقول‪:‬‬ ‫املرت‬
‫أما املعادن فافمس فيها مجيعها واجب عند النارص للحلق وهلو قلول املؤيلد بلاهلل إال يف‬
‫النفط وامللح والقري فال مخس فيها عنده‪.‬‬
‫وأما السيو فقد ذكرنا أن عند القاسم واهلادي افمس واجب يف مجيع ما يقلطاد يف‬
‫بر أو بحر أو رر من السمو والطيور وغريمها‪ ،‬وبه قال املنقور باهلل‪ ،‬وذهب قيد بن عيل‬
‫وأمحد بن عيسى‪ ،‬واملؤيد باهلل إىل أنه ال مخس فيها‪ ،‬واختلف حمقلو مذهب النارص للحق‬
‫البيس إىل أن افمس واجب يف مجيع ذلك عنده‪ ،‬وذكر الشيخ أبو جعفلر يف‬
‫ّ‬ ‫فذهب الشيخ‬
‫(اإلبانة) أنه ال مخس فيها عنده‪ ،‬وقد ذكرنلا بلتن املرشلكني أنفسلهم وأملواهلم وذرارهيلم‬
‫ونسائهم ومجيع أمواهلم من سلب وغريه غنيمة ففي مجيع ذللك افملس‪ ،‬واألصلل فيله‬
‫(خرب) وهو ما تواتر عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه كان خيمس األملوال املغنوملة‬
‫من أهل احلرب كتهل الطائف وخيرب وبني املقطلق وغريهم‪ ،‬وكلذلك فعلل املسللمون‬
‫بعده وتوارثوه خلف ًا عن سلف‪ ،‬وكذلك قد فقلنا ما يغنم من أملوال البغلاة‪ ،‬وكلل ملن‬
‫قال‪ :‬إرا غنيمة أوجب فيها افمس لظاهر اآلية‪ ،‬وملا روي (خرب) وهو أن أهل العدل مللا‬
‫قتلوا عبيداهلل بن عمر بن افطاب أخذوا سلبه وعدّ وه غنيمة وأخرجوا مخسه‪ ،‬ويدل علىل‬
‫وجوب افمس يف السلب عىل كل حال ما روي أن الرباء بن ماللك قتلل املرقبلان فقلوم‬
‫سلبه بثالثني ألف درهم فطالبه عمر بخمسه فدفع إليه الرباء ستة آالف درهم بغري نكلري‬
‫من أحد من القحابة‪ ،‬وحيب افمس يف مال القلح ويف ملال افلراج ويف اجلزيلة وفليام‬

‫‪-551-‬‬
‫يؤخذ من احلريب املستتمن وفيام يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا سافروا وباعوا فيه واشًوا‬
‫يؤخذ يف مجيع ذلك افمس‪ ،‬ووجه ذلك أنه مال مظهور عليه باإلسالم يف األصل فوجب‬
‫أن يلزم فيه افمس قياس ًا عىل ما يغنم من أملوال أهلل احللرب وافلراج فلإن أخلذ ملن‬
‫امل سلمني بتن اشًوا األرض افراجية بعد وضلعه عليهلا فيؤخلذ ملنهم وذللك كتنله يف‬
‫األصل مستحق للمسلمني عىل الكفار متعلق برقبة األرض فال يتغري مرصفه بلتن يؤخلذ‬
‫من املسلمني‪ ،‬وجيب عند اهلادي عليه السالم يف العمل املستخرج من الغياض واألشلار‬
‫ذكره القايض شمس الدين جعفر بن أمحد يف القطعة التي وصل هبلا جمملوع الشليخ عليل‬
‫خليل وذلك ألنه من مجلة الغنائم‪ ،‬ويف الغنائم افمس بداللة ما تقدم‪.‬‬

‫فصل‬

‫واختلفوا هل جيب افمس يف العني أو يف القيمة؟ فعند اهلادي عليه السالم أنه جيب يف‬
‫العني إذا كان مما يتلزأ أو ينقسم وبه قال املنقور باهلل‪ ،‬فإنه نص عىل أن افمس القم مللن‬
‫أكل القيد سواء كان نضيل ًا أو ن ّي ًا؛ ألن افمس يف العني وهي باقية وذلك لقلول النبلي‬
‫ذللك وجوبله يف عينله‪ ،‬وكلذلك‬ ‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪(( :‬يف الركاق افمس)) فاقت‬
‫قول اهلل تعاىل‪[}       { :‬األنفال‪ ]41:‬اآلية‪ ،‬يدل عىل‬
‫ما ذكرناه وإن كان مما ال يتلزأ وال ينقسم فقد نص يف املنتخب عىل أن ملن وجلد ياقوتلة‬
‫أخرج افمس من قيمتها‪.‬‬

‫وروي أن املؤيد باهلل كان يقول أوالً‪ :‬بتن افمس جيب يف العني ثم رجع إىل القول بتنه‬
‫ةري فيام شاء من ذلك‪.‬‬
‫جيب يف القيمة أو اجلنس أو العني واملالك ّ‬
‫(خرب) وروي عن احلارث بن احلارث األقدي أن أباه كان من أعللم النلاس باملعلادن‬
‫وأنه أتى عىل رجل قد استخرج معدن ًا فاشًاه منه بامئة شاة متبع فتتى أ ّمه فقالت‪ :‬يا بنلي‬
‫إن الشاة ثالثامئة أمهاهتا مائة وأوالدها مائة وكفايتها مائلة فلارجع إىل صلاحبك فاسلتقله‬

‫‪-552-‬‬
‫فتبى ذلك فاستخرج منه ثمن ألف شاة فلذكر ذللك لعليل عليله السلالم أن أبلا احللارث‬
‫أصاب معدن ًا فقال له عيل عليه السالم‪ :‬أين الركاق الذي أصبته؟ فقال‪ :‬ما أصبت ركلاق ًا‪،‬‬
‫إنام أصابه هذا فاشًيته منه بامئة شاة متبع‪ .‬فقال عيل عليله السلالم‪ :‬ملا أرى افملس إال‬
‫عليك فخمس مائة شاة وإنام مخسها؛ ألرا كانت قيمة املعدن يوم العقد‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه‬
‫وأن ذلك هو الواجلب دون إللزام‬ ‫ألزمه قيمة مخس املستهلك؛ ألنه استهلكه باإلخال‬
‫وهو ألف شاة فيكون الواجب هو مخس ألف شاة وهذا واضح‪.‬‬ ‫قيمته بعد اإلخال‬

‫‪-553-‬‬
‫باب العقوبة‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من أعطى قكاة ماله طائعل ًا فلله‬
‫أجرها‪ ،‬ومن قال ال أخذناها منه وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا)) ويف خرب آخر أنه قال‬
‫يف الزكاة‪(( :‬من أداها طائع ًا فله أجرها ومن قال ال أخذناها منله وشلطر مالله عزملة ملن‬
‫عزمات ربنا)) دل ذلك عىل أن آلخذ املال عىل وجه العقوبة أص ً‬
‫ال من رسول اهلل صىل اهلل‬
‫رأى عبلد ًا‬ ‫عليه وآله وسلم‪ ،‬ويدل عىل ذلك (خرب) وهو ما روي أن سعد بن أيب وقلا‬
‫يقيد يف احلرم باملدينة فتخذ سلبه فكلموه فتبى وقال‪ :‬قال رسول اهلل صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم‪(( :‬من وجدمتوه يقيد يف يشء من هذه املواضع واحلدود فمن وجده فله سلبه)) فال‬
‫أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬ويف بعض األخبلار أنله‬
‫قال‪ :‬معاذ اهلل أن أرد شيأ ًا نفلنيه رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪.‬‬
‫(خرب) ويزيده بيان ًا ما أخربنا به الفقيه العامل حسام الدين عبداهلل بلن قيلد بإسلناده إىل‬
‫ال قال‪ :‬يا رسول اهلل قد جعل َّ رققل ًا‬
‫الشيخ أيب احلسني البرصي أنه روي بإسناده أن رج ً‬
‫يف الغناء فعسى أن تتذن َّ فيه‪ ،‬فقال صىل اهلل عليه وآلله وسللم‪(( :‬ال تفعلل فلإن علدت‬
‫ألربن مالك)) أو قال ((آلمرن بنهب مالك)) قال‪ :‬ذكلره أبلو احلسلني يف كتلاب (الغلرر)‬
‫يزيده بيان ًا (خرب) وهو ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لقلد مهملت‬
‫أن آمر رجاالً من قريش فيحملون حزم ًا من حطب فتوقد عىل قوم ال حيرضلون القلالة‬
‫بيوهتم))‪.‬‬
‫(خرب) وكذلك ما روي عن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬لقلد مهملت أن‬
‫أحرق دار من يتخلف عن اجلامعة)) وال جيوق أن هيم إال باجلائز‪ ،‬فدل ذلك عىل حكمني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أن صالة اجلامعة واجبة لوال ذلك مل هيم بإحراق بيلوهتم علليهم أو بلإحراق‬
‫بيوهتم دورم‪ ،‬واملراد به أرا واجبة عىل الكفاية؛ ألن اإلمجاع منعقد عىل أرا ال جتلب علىل‬

‫‪-554-‬‬
‫األعيان‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنله قلال‪(( :‬إذا وجلدتم الرجلل قلد ّ‬
‫غلل‬
‫فتحرقوا متاعه وارضبوه))‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أمر مالك ًا وعاصم بن عدي بلإحراق‬
‫مسلد الرضار باملدينة وقال‪(( :‬انطلقا إىل هذا الظامل أهله)) فذهبا فتخذا سعف ًا فلعال فيله‬
‫نار ًا وأحرقا به ذلك املسلد‪.‬‬
‫(خرب) وعن النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم أنه قال‪(( :‬من كتم غاالً فإنه مثله))‪.‬‬

‫قال املؤيد باهلل‪ :‬وروي ((أن من غل أحرق متاعه)) دلت هذه األخبار عىل أن الترصف‬
‫الرشعي مرسح ًا يف األموال واألبدان عىل وجه العقوبة‪ ،‬وأن جلميع ذلك أص ً‬
‫ال من النبلي‬
‫صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬وعىل ذلك فعل األئمة السابقون سالم اهلل علليهم أوهللم أملري‬
‫املؤمنني عيل عليه السالم فإنه روي عنه يف ذلك ما نققه فمن ذلك (خرب) أخربنا به الفقيه‬
‫حسام الدين عبداهلل بن قيد بإسناده إىل قلايض القضلاة أنله روي بإسلناده إىل عليل عليله‬
‫السالم أنه قال لرجل حمتكر‪ :‬ال حتتكر الطعام وإال واهلل أربت مالك‪.‬‬

‫قال الرواي‪ :‬فواهلل لقد رأيته أرب ماله‪ ،‬وكنت ممن رب منله قلال هلذا الفقيله ذكلره‬
‫قايض القضاة يف أماليه‪.‬‬
‫ومن ذلك (خرب) وهو ما روي أن أمري املؤمنني عليه السالم قسم مال املحتكر نقفني‬
‫رصف نقفه إىل بيت املال فدل عىل جواق أخذ املال عىل جهة العقوبة وأحرق نقفه‪ ،‬فدل‬
‫عىل جواق استهال املال عىل وجه العقوبة‪ ،‬وملا أخذ مال املحتكر قال املحتكر‪ :‬لو تر َّ‬
‫أمري املؤمنني ماَّ لربحت فيه مثل عطاء أهل الكوفة‪ ،‬وكان جند الكوفة مائة ألف مقاتل‪،‬‬
‫ويف بعض الروايات أنه كان عطاء أهل الكوفة مائة ألف مثقال‪.‬‬
‫ومن ذلك (خرب) روى حممد بن اهلادي إىل احلق‪ ،‬عن حييى بن احلسني عليهم السلالم‬
‫بإسناده‪ ،‬عن عيل عليه السالم أنه قال يف خطبته‪ :‬إن اهلل أدب هذه األمة بالسيف والسو‬

‫‪-555-‬‬
‫واحللر‪ ،‬فاستًوا ببيوتكم والتوبة من ورائكم من أبدى صفحته لللحد هلك‪.‬‬

‫ومنها (خرب) وروي أن أمري املؤمنني عليه السالم أمر بتحريق رقعة الشلطرن وإقاملة‬
‫كل واحد ممن لعب به معقوالً عىل فرد رجل إىل صالة الظهر‪ ،‬ومن ذلك ما روي أن أملري‬
‫املؤمنني عليه السالم أنه كان يعقل صاحب الشطرن إىل الظهر ويعقل صاحب النلرد إىل‬
‫الليل‪.‬‬

‫ومن ذلك (خرب) عن عيل عليه السالم أيض ًا أنه ّ‬


‫مر بقوم يلعبون النرد فرضهبم باللدرة‬
‫حتى ّفرق بينهم‪ ،‬فدل ذلك عىل أنه جيوق أخذ املال عقوبة‪ ،‬والرضب يف البدن عقوبة‪ ،‬ودل‬
‫عىل أن اللعب بالشطرن والنرد ال جيوق لذلك عاقبهم وملا فعل ذلك فيهم قالوا‪ :‬ال نعود‪،‬‬
‫قال عليه السالم‪ :‬إن عدتم عدنا‪.‬‬
‫ومن ذلك (خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه أحرق دار قوم كانوا يبيعون افملر‪،‬‬
‫دل ذلك عىل أنه جيوق إتالف املال عىل وجه العقوبة ونحو ذلك‪.‬‬
‫(خرب) وهو ما روي أن علي ًا عليه السالم هدم دار جرير بلن عبلداهلل اللبليل مللا حللق‬
‫وحرق دار ثور بن عمرو وهدم منها ملا حلق بمعاوية أيضل ًا‪ ،‬وملن ذللك (خلرب)‬ ‫بمعاوية ّ‬
‫ال كوى عبده فتعتقه عيل عليه السالم وكل ذلك يلدل‬ ‫وعن عيل عليه السالم وهو أن رج ً‬
‫عىل ما ذكرناه‪ ،‬ومن ذلك ما روي أن علي ًا عليه السالم أمر قياد بن خقفة بقطع املرية عن‬
‫معاوية‪ ،‬دل ذلك عىل جواق قطلع امللرية علن البغلاة‪ ،‬كلذلك جيلوق قطعهلا علن الظلملة‬
‫امللاهرين؛ ألرم أسوأ حاالً من البغاة فكام فعله ذلك عيل عليه السالم فقد جلرى نحلوه‬
‫من القحابة‪ ،‬كام روي (خرب) وهو أن رقيق ًا يقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فقلال‬
‫عمر للمزين‪:‬كم ثمن ناقتك؟ قال املزين‪ :‬كنت واهلل أمنعها من أربعامئة درهم‪ .‬فقال عمر‪:‬‬
‫أعطه ثامنامئة درهم‪ ،‬وكان الرقيق حلاطب‪ ،‬فدل ذلك عىل ما ذكرناه‪.‬‬
‫عمر أيض ًا فيمن قتل يف احلرم بدية وربع دية‪.‬‬ ‫(خرب) وق‬
‫ابن عباس فيمن قتل بالشهر احلرام يف البلد احلرام بدية بثلثي دية‪ ،‬فهذه‬ ‫(خرب) وق‬

‫‪-556-‬‬
‫األشياء املزيدة عىل الدية الرشعية عىل وجه العقوبة‪ ،‬كام قاد عليل عليله السلالم الشلارب‬
‫للخمر يف رار رمضان عرشين جلدة‪ ،‬وكام قاد عمر السارق الذي كذب علىل ربله تعلاىل‬
‫عرشين درة أو ثالثني درة شك الراوي‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن قوم ًا امتنعوا من بيع دروهم ليلعلهلا املسللمون يف احللرم لتوسليعه‬
‫فلعل عمر بن افطاب أثامرا يف بيت املال ومل ينكر عليه أحد من القحابة‪ ،‬وكان ذلك يف‬
‫وفارهتم‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عمر بن افطاب ألزم الناس يف وقته املبايعة بدينار وقطعه من جللود‬
‫اإلبل ملا صعب عليه حرب األكاية ورأى املسلمون ذلك صالح ًا فقال يف ذلك أبو متام‪:‬‬
‫جلودها النقد حتى عزت الذهب‬ ‫مل ينتدب عمر لإلبل جيعل ملن‬

‫وروي أن قين العابدين عيل بن احلسني عليه السالم أشار عىل عبدامللك بن مروان أن‬
‫يمنع املسلمني من املبايعة بنقود املرشكني يف دار اإلسالم والققة أنه كان حيمل القرطاس‬
‫إىل الروم وكان يكتب عليه ال إله إال اهلل حممد رسول اهلل فشق ذلك علىل صلاحب اللروم‬
‫فكتب إىل عبدامللك‪ :‬إما تزيلوا ملا يكتبلون علىل القرطلاس أو يلتتيكم علىل اللدرهم ملا‬
‫تكرهون فتحري به عبدامللك واستحرض عيل بن احلسني واستشلاره فيله فقلال عليل عليله‬
‫السالم‪ :‬حرم التبايع إال بام يرض به من الدراهم مباح ًا لكلن أملر عليله عليل بلن احلسلني‬
‫الدرهم وأمر أن يكتب عليه‪[}...   { :‬اإلخال‪ ]1::‬إىل آخر السورة‪.‬‬
‫قال املؤيد باهلل عليه السالم‪ :‬وكان التبايع بتللك اللدراهم مباحل ًا لكلن أملر عليل بلن‬
‫احلسني باملنع منه لرضب من القال‪ ،‬وهو أن ال يشيع يف املسللمني ملا يكرهونله‪ ،‬قلال‪:‬‬
‫وذكر حييى عليه السالم يف (األحكام) يف باب الرصف أن عبدامللك بلن ملروان أول ملن‬
‫رضب الدراهم يف اإلسالم‪.‬‬

‫(خرب) وروى عبداهلل بن عمري األشلعي أنه سمع النبي صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫يقول‪(( :‬إذا خرج عليكم خارج يريد أن يشق عقا املسلمني ويفرق مجعهم فلاقتلوه)) ملا‬

‫‪-557-‬‬
‫استثنى أحد ًا‪ ،‬ذكره يف كتاب (االستيعاب) البن عبدالرب وهو لنا سامع‪ ،‬دل ذلك عىل أنله‬
‫جيوق قتله من دون اشًا اإلمام‪.‬‬
‫(خرب) ويف احلديث يف الضالة إذا كتمها آخذها قال‪ :‬فيها قرينتها مثلها‪ ،‬ذكره يف كتاب‬
‫ال ُعرنيني وهو لنا سامع‪.‬‬

‫قال أبو عبيدة‪ :‬معناه الرجل جيد ضالة من احليوان فيكتمها وال ينشلدها حتلى توجلد‬
‫عنده فإن صاحبها يتخذها ويتخذ أيض ًا مثلها منه‪ ،‬وهذا علىل وجله التتديلب لله حلني مل‬
‫يعرفها‪ ،‬وأقول‪ :‬إن هذا يدل عىل أنه جيوق عقوبته بمثل ما كتمه لوالة احلق وأئملة العلدل‬
‫ومن جرى جمراهم‪ ،‬كام تقدم مثل ذلك يف مانعي الزكاة‪.‬‬

‫باب في كيفية توظيف القسمة في األموال المشتركة بين‬


‫المسلمين‬
‫اعلم أن بالعدل تعمر الديار والبالد‪ ،‬وترقق الدواب والعباد‪ ،‬وبظهور املعاذ الكبار‬
‫ررب الديار‪ ،‬وتقل األمطار‪ ،‬وترفع بركة الثامر‪ ،‬وملا ظهر العدل يف أيلام القلحابة ريض‬
‫اهلل عنهم كثرت األموال‪ ،‬واتسعت احلقوق‪ ،‬واستغنت الفقراء‪ ،‬فكان جبي العراق يف أيام‬
‫عمر ووقته ألف ألف وسبعة وثالثني أللف أللف فكيلف بسلائر البللدان‪ ،‬ومللا تغلريت‬
‫األحوال‪ ،‬وظهر اجلور والعدوان قمان بني أمية جباه عمر بن عبدالعزيز مائة أللف أللف‬
‫وأربعة وعرشين ألف ألف‪ ،‬وملا فشا اجلور وقل العدل جباه احللاج ثامنية عرش ألف ألف‬
‫ال غري‪ ،‬فينبغي لوَّ األمر أن يعدل يف رعيته وأن حيسن املعاملة يف سريته‪ ،‬إن كان من أهل‬
‫اإليامن فذلك فريضة من الرمحن‪ ،‬وإن كان من أهل الدنيا فعل ذلك لأال يقل خراج بالده‪،‬‬
‫ويعلل اهلل نقمته بفساده‪ ،‬عدنا إىل ما أردنا ذكره‪ ،‬وذلك أن عمر بن افطاب ملا أراد جتنيد‬
‫املسلمني وتدوينهم‪ ،‬وعزم عىل ذلك بعد أن شاور القحابة فتشار عليه عيل عليه السلالم‬
‫بذلك‪ ،‬وكان عمر ال يقدم عىل كثري من املقالح إال بعد مشاورة علامء القحابة‪ ،‬فلام أراد‬

‫‪-558-‬‬
‫ذلك قيل له‪ :‬ابدأ بنفسك‪ ،‬قال‪ :‬ال‪ ،‬بل أبدأ بعم رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسللم ثلم‬
‫األقرب فاألقرب منهم برسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم فتعطى القحابة عىل حسب‬
‫ما يعتقده يف فضلهم‪ ،‬وأنزهلم مناقهلم يف الفضل عنده‪ ،‬ورتبهم عىل ذلك فبدأ بتهلل بلدر‬
‫ففرض لكل واحد منهم مخسة آالف مخسة آالف وقيل‪ :‬فرض للعبلاس مخسلة وعرشلين‬
‫ألف ًا‪ ،‬وقيل‪ :‬اثنى عرش ألف ًا‪ ،‬وأدخل يف أهل بدر أربعة ليسوا من أهلل بلدر وهلم احلسلن‬
‫واحلسني وأبو ذر وسلامن ريض اهلل عنهم‪ ،‬ثم فرض ملن بعد أهل بلدر إلياحلديبيلة أربعلة‬
‫آالف أربعة آالف‪ ،‬ثم ملن بعد احلديبية إىل أن أقلع أبو بكر ملن حلرب أهلل اللردة ثالثلة‬
‫آالف ثالثة آال ف يف ذلك من شهد الفتح‪ ،‬ثم فرض ألهل القادسية والريمو ألفني ألفني‬
‫لكل واحد‪ ،‬ثم فرض ألهل البالء البارع منهم ألفني ومخسامئة لكل واحد ملن اللروادف‬
‫ال ُّثنى الثاين مخسامئة مخسامئة ثم الروادف الثلث ثالثامئة سوى كل طبقلة يف العطلاء لليس‬
‫بينهم تفاضل قوهيم وضعيفهم وعرهبم وعلمهم‪ ،‬ثم الروادف الربع فرض لكل واحلد‬
‫منهم مخسني ومائتني‪ ،‬ثم الروادف افمس فرض لكل واحد منهم مائتني وهم أهل ُعلر‪،‬‬
‫فتما النساء ففرض لنساء بدر مخسامئة مخسامئة وبعلد بلدر إىل احلديبيلة أربعامئلة أربعامئلة‪،‬‬
‫سوى بني النسلاء بعلد‬‫وبعد ذلك إىل ثالثامئة ثالثامئة‪ ،‬ثم نساء القادسية مائتني مائتني‪ ،‬ثم ّ‬
‫ذلك وجعل القبيان من أهل بدر وغريهم سواء عىل مائة مائة‪ ،‬ثم دعا ستني مسكين ًا ثلم‬
‫أطعمهم خبز ًا بملح وأحقوا ما أكلوه فوجدوه خيرج من جلر ْي َبني ففلرض لكلل مسللم‬
‫يقزوم باألمر له ولعياله لكل إنسان منهم جريبني مسلمهم وكافرهم يف كلل شلهر‪ ،‬فتملا‬
‫نساء النبي صىل اهلل عليه وآله وسلم ففرض لكل واحدة عرشة آالف عرشة آالف إال من‬
‫أجري عليه امللك فقلن نسوة رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ :‬ما كان رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم يفضلنا عليهن لكن يسوي بيننا وبيلنهن فلعلهلن علىل عرشلة آالف‬
‫عرشة آالف‪.‬‬
‫(خرب) وروي أنه ملا انق أمر أهل اجلمل دخل أمري املؤمنني عيل عليه السلالم بيلت‬
‫املال فرأى فيه البدر من الذهب والفضة فقال‪َ :‬ص ْل مقيل صلقالك فلست ملن أشلكالك‬

‫‪-559-‬‬
‫ثم قسمه من وقته بني الناس بالسوية‪ ،‬ثم رشه وقال‪ :‬أشلهد َّ عنلد اهلل أين مل أدخلر علن‬
‫املسلمني شيأ ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن أبا بكر وعملر كانلا يفرقلان احلقلوق واألملوال بلني املسللمني وال‬
‫يدخران منها شيأ ًا كام كان يفعل رسول اهلل صىل اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬فللام وَّ علثامن بلن‬
‫عفان ا ّدخرها عن املسلمني فعدوا ذلك من مجلة أحداثه التي قتل ألجلها‪.‬‬
‫(خرب) وروي أن عمران بن حقني بعثه بعض األمراء عىل القدقة فلام رجع قال لله‪:‬‬
‫أين املال؟ قال‪ :‬أو للامل أرسلتني أخذناها من حيث كنا نتخذها عىل عهد رسول اهلل صىل‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ووضعناها حيث كنا نضعها عىل عهد رسول اهلل صىل اهلل عليله وآلله‬
‫وسلم فنبه بذلك عىل أن التفرقة كانت عىل عهد رسلول اهلل صلىل اهلل عليله وآلله وسللم‬
‫حيث كان األخذ‪.‬‬

‫ال قال لعمر بن افطاب‪ :‬لو ا ّدخرت شيأ ًا من أموال اهلل تعاىل لكلون إن‬
‫وروي أن رج ً‬
‫كان‪ ،‬فقال له‪ :‬هذه كلمة ألقاها الشيطان عىل قلبك وفيك وهي فتنة ملن بعدي بل أعدّ هلم‬
‫ما أعدّ اهلل ورسوله طاعة اهلل وطاعة رسوله فهام عدتنا التي هبا أفضينا إىل ما ترى‪.‬‬

‫(خرب) وذكر عند عمر بن افطاب يف أيامه حيل الكعبة وكثرته فقال قلوم‪ :‬للو أخذتله‬
‫وجهزت به جيوش املسلمني كان أعظم لوجر وما تقنع الكعبة باحليل فهم عمر وسلتل‬ ‫ّ‬
‫عنه علي ًا أمري املؤمنني فقال عيل عليه السالم‪ :‬إن القرآن نزل عىل النبي صىل اهلل عليه وآلله‬
‫وسلم واألموال أربعة أموال املسلمني فقسمها بني الورثة يف الفرائض وألقى قسلمة علىل‬
‫مستحقه وافمس فوضعه اهلل حيث وضعه والقدقات فلعلها اهلل حيث جعلهلا وكلان‬
‫ٍ‬
‫يومأذ فًكه اهلل عىل حاله ومل يًكه نسليان ًا ومل خيلف عليله مكانله فلتقره‬ ‫حيل الكعبة فيها‬
‫حيث أقره اهلل سبحانه ورسوله‪ ،‬فقال عمر‪ :‬لوال الفتضحنا‪ ،‬وتر احليل عىل حاله‪ ،‬دل‬
‫ذلك عىل أنه ال جيوق تناول حيل الكعبة لللهاد وإذا مل جيز إنفاقه فيه وهلو سلنام اللدين مل‬
‫جيز يف غريه من األمور املقتضية لإلنفاق وسائر حيل املساجد مقيسة عىل الكعبة بعلة كون‬
‫اجلميع مساجد‪ ،‬فدل ذلك عىل حتريم اجلميع‪ ،‬وهذا افرب نقلناه بلفظه ملن كتلاب (رل‬

‫‪-560-‬‬
‫البالغة) وهو لنا سامع وهو خرب قوي؛ ألن فيه إشارة إىل أنه اجتملع فيله رأي عليل عليله‬
‫السالم ورأي عمر ورأي من حرض من القحابة ومل ينقلل خالفله‪ ،‬وكلان ذللك يف وفلاة‬
‫القحابة ريض اهلل عنهم‪ ،‬وعدّ عمر بن افطاب أخذه فضيحة ويف ذلك كفاية‪.‬‬

‫فصل‬

‫وإذا قد ذكرنا طرفل ًا مملا يلدل علىل جلواق العقوبلة يف امللال واللنفس أخلذ ًا وانتفاعل ًا‬
‫واستهالك ًا وإتالف ًا من جهة الرشع فلنذكر مما يضلاهي ذللك ملن أقلوال علامئنلا علليهم‬
‫خرب اهلادي عليه السالم القرى‪ ،‬وقطع النخيلل‪،‬‬
‫السالم وأفعاهلم فنقول وباهلل التوفيق‪ّ :‬‬
‫والزرع‪ ،‬واألعناب بنلران‪ ،‬وقطع نخيل أمللح وأعنلاب علالف بحقلل صلعدة مللا أراد‬
‫اإلرضار بتهلها عقوبة هلم عىل تر انقيادهم ألحكام اهلل تعاىل‪ ،‬وهكذا صنع السيد العلامل‬
‫عبداهلل بن احلسني احلافن عليه السالم فإنه صنع رصم بني احلامس من بني احلارث وأخذ‬
‫أمواهلم وبيوهتم‪ ،‬وكان والي ًا ألخيه اهلادي إىل احلق‪ ،‬وهكذا إبراهيم بن موسى بن جعفلر‬
‫خرب سد افانق بقعدة وكان عليه حظائر وبساتني مما جيل ويعظم‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال املنقور باهلل عبداهلل بن محزة عليه السلالم‪ :‬وكلان داعيلة حمملد بلن إبلراهيم بلن‬
‫إسامعيل بن إبراهيم بن احلسن بن احلسن بن عيل بن أيب طالب ريض اهلل علنهم أمجعلني‪،‬‬
‫وهكذا النارص لدين اهلل أمحد بن اهلادي عليهام السلالم أملر هبلدم منلاقل أهلل افطلا يف‬
‫نلران وقطع نخيلهم وأعناهبم وفعل ذلك بامل من هرب مع أهل افطلا ملن أصلحاهبم‬
‫وخرب أيض ًا بالد قدم وقطابه ونحوها‪ ،‬وكذلك أمر هبدم حقن‬
‫وأخرب يف ذلك بنفسه ّ‬
‫عمران وما حوله وذلك باجلوف‪ ،‬وهدم مناقل بني داعم وأحرقهلا وقطلع قرعهلم كلل‬
‫ذلك عقوبة عىل ما فعلوه من سفك الدماء املحرملة‪ ،‬وأخلذ األملوال املحظلورة‪ ،‬وتلر‬
‫االنقياد ألحكام اهلل تعاىل‪ ،‬وهكذا املؤيد باهلل قال‪ :‬ويقلوى عنلدي جلواق إحلراق اللدور‬
‫وهدمها إذا عادوا اإلمام ورأى ذلك صلالح ًا يعنلي علادى أربلاب اللديار اإلملام ورأى‬
‫حتريقها صالح ًا‪ ،‬وهكذا اإلمام املتوكل عىل اهلل أمحد بن سليامن فإنه هدم درب عمرو بلن‬

‫‪-561-‬‬
‫وحرقه وأرب الزرايع عقوبة عىل ما فعله من خلراب درب‬
‫منيع السلامين وأصحابه بعيان ّ‬
‫الرشيف القاسم بن جعفر القاسمي فإرم أحرقوه وأخذوا ما كان فيه وأخرجوا حرائمله‬
‫بالنهار‪ ،‬وكذلك فعل هذا اجليش غري مرة وهكذا اإلملام ملنقلور بلاهلل فعلل ذللك تلارة‬
‫باحلرب وتارة بتخذ املال من املخطأني‪ ،‬وروي أن أهل عيان ذبحوا محار ًا أهليل ًا وطبخلوه‬
‫وأطعموه مع طعام بعض امللاهدين عاقبهم املنقور باهلل أحسلب أنله علاقبهم بتسلعامئة‬
‫درهم منقوري‪ ،‬وملا بلغه أن مجاعة من أهلل املعلالة ملن آل قيلدان وآل خاللد بقلعدة‬
‫استدخلوا جبري ًا األحوري إىل بعض مناقهلم وهو جار هلم وساكن بينهم فقتلوه‪ ،‬وقطعوا‬
‫أعضا َء ُه وطرحوه يف بعض احلشوش أمر بالشدة عليهم وبالعقوبة هلم بامل كثري‪.‬‬
‫روي َّ أنه عرشة آالف درهم وهذا اجلنس مما ال حيىص تعلداد وربلام يسلمح إيلراده‪،‬‬
‫والغرض التنبيه عىل بيان األحكام الرشعية وذكر ما يقع مع إثلارة الظلن يف تقلويب ملا‬
‫فعله هؤالء األئمة عليه السالم وقد ب ّينا األصول النبوية والسري القلحابية التلي سللكوا‬
‫منهاجها وقفوا أدراجها‪.‬‬

‫فصل‬

‫غريت أشياء‪.‬‬
‫(خرب) وعن عيل عليه السالم أنه قال‪ :‬لو ثنى َّ الوساد لقد ّ‬
‫قال املنقور باهلل‪ :‬فدل عىل أنه كان يغ ي عىل أشياء يريلد تغيريهلا ةافلة تكثلري مجلع‬
‫العدو‪ ،‬ودل ذلك عىل أن إلمام احلق أن يغ ي عىل أشياء ال يستطيع تغيريها إذا رأى ذلك‬
‫صالح ًا‪.‬‬
‫قال النارص للحق احلسن بن عيل‪ :‬جيوق لإلمام أن يغ ي عىل ما علدى مظلامل افللق‪،‬‬
‫فتما عىل مظامل افلق فال جيوق قوالً واحد ًا‪.‬‬
‫(خرب) وروي عن عيل عليه السالم أنه رى عن إقامة احلدود بترض العدو‪ ،‬فقال عليل‬
‫عليه السالم‪ :‬ال يقام عىل أحد حدّ بترض العدو‪ ،‬دل ذلك عىل أنه ال ينبغي إقامة احللدود‬

‫‪-562-‬‬
‫ملا ال يؤمن من الفساد‪ ،‬وذلك يتقور من وجهني‪:‬‬

‫أحدمها‪ :‬أنه يتنف املحدود ألجل ما حلقه من احللدّ فيلحلق بالعلدو فيكثلر سلوادهم‬
‫ويعمر بالدهم ويكون أعرف بمكائد املسلمني من املرشكني فيدهلم عىل عوراهتم‪.‬‬
‫وثانيهام‪ :‬أن يكون املحدود من قوم أهل قوة ينرصون اإلمام مح ّيلة وملروءة ال لللدين‬
‫فإذا حدّ صاحبهم أنفوا وغضبوا وفارقوا املحقني فنققوهم وقووا جنبلة الكلافرين‪ ،‬ويف‬
‫احلديث‪(( :‬ال تغضبوا العرب فتكفر)) وهذا آخر ما أردنا إيراده يف هذا اجلزء‪ ،‬ونحن نستل‬
‫اهلل رب العاملني أن جيعله لنا ذخرية يوم الدين وأن ال جيعله حلة علينا يوم جتد كل نفلس‬
‫ما عملت من خري حمرض ًا وما عملت من سوء تو ّد لو أن بينها وبينه أمد ًا بعيد ًا‪ ،‬وأن جيعل‬
‫لنا برمحته يف آخر أعامرنا توفيق ًا وتسديد ًا‪ ،‬وعقمة وتتييد ًا‪ ،‬وأن ينفعنا وكافة أهل اإلسالم‬
‫بام ب ّيناه يف كتابنا هذا من أصول األحكام‪ ،‬واحلمدهلل محد ًا مقرون ًا بالدوام‪ ،‬عىل مجيع نعمله‬
‫اجلسام‪ ،‬ومتام قسمه الوسام‪ ،‬وصلواته عىل حممد خري األنام‪ ،‬وعىل آله الربرة الكرام‪.‬‬
‫قال يف آخر الشفاء‪ :‬تم ذلك بعون اهلل وكرمه وحسن صنيعه‪ ،‬وعظيم منته‪ ،‬فله احلملد‬
‫كثري ًا‪ ،‬وأصيل وأسلم عىل سيدنا حممد وآله الطيبني من صحابته وقوجاتله واملتبعلني هللم‬
‫بإحسان من أمته‪ ،‬وذلك بعد العرص يف يوم الثالث بعد العرص حادي عرشل ملن شلعبان‬
‫سنة ‪1063‬ه‪.‬‬

‫‪-563-‬‬
-564-

You might also like