Professional Documents
Culture Documents
فصل (ص )34
وقد جاءت أحاديث تنازع الناس ف صحتها .مثل قوله{ :ل صلة إل بوضوء ول وضوء لن ل يذكر
ا سم ال عل يه} فأ ما الول :ف هو كقوله{ :ل صلة إل بطهور} وهذا مت فق عل يه ب ي ال سلمي ; فإن الطهور
وا جب ف الصلة فإنا نفى الصلة لنتفاء واجب فيها وأ ما ذكر اسم ال تعال على الوضوء ; ففي وجوبه
نزاع معروف وأك ثر العلماء ل يوجبو نه و هو مذ هب مالك وأ ب حني فة والشاف عي و هو إحدى الروايت ي عن
أحد اختارها الرقي وأبو ممد وغيها .والثان :يب وهو قول طائفة من أهل العلم وهو الرواية الخرى عن
أحد اختارها أبو بكر عبد العزيز والقاضي أبو يعلى وأصحابه .وكذلك قوله{ :ل صلة لار السجد إل ف
السجد} رواه الدارقطن .فمن الناس من يضعفه مرفوعا ويقول :هو من كلم علي رضي ال عنه ومنهم من
يثبته كعبد الق .وكذلك قوله{ :ل صيام لن ل يبيت الصيام من الليل} قد رواه أهل السنن وقيل :إن رفعه ل
يصح وإنا يصح موقوفا على ابن عمر أو حفصة فليس لحد أن يثبت لفظا عن الرسول مع أنه أريد به نفي
الكمال ال ستحب فإن صحت هذه اللفاظ دلت قط عا على وجوب هذه المور ; فإن ل ت صح فل ين قض ب ا
أصل مستقر من الكتاب والسنة وليس لحد أن يمل كلم ال ورسوله على وفق مذهبه إن ل يتبي من كلم
ال ور سوله ما يدل على مراد ال ور سوله ; وإل فأقوال العلماء تاب عة لقول ال تعال ور سوله صلى ال عل يه
و سلم ل يس قول ال ور سوله تاب عا لقوال م .فإذا كان ف وجوب ش يء نزاع ب ي العلماء ,ول فظ الشارع قد
اطرد ف معن ; ل يز أن ينقض الصل العروف من كلم ال ورسوله بقول فيه نزاع بي العلماء .ولكن من
الناس من ل يعرف مذاهب أهل العلم وقد نشأ على قول ل يعرف غيه فيظنه إجاعا كمن يظن أنه إذا ترك
النسان الماعة وصلى وحده برئت ذمته إجاعا ; وليس المر كذلك ; بل للعلماء قولن معروفان ف إجزاء
هذه الصلة وف مذهب أحد فيها قولن ; فطائفة من قدماء أصحابه -حكاه عنهم القاضي أبو يعلى ف شرح
الذهب ومن متأخريهم كابن عقيل وغيه -يقولون :من صلى الكتوبة وحده من غي عذر يسوغ له ذلك
فهو كمن صلى الظهر يوم المعة فإن أمكنه أن يؤديها ف جاعة بعد ذلك فعليه ذلك وإل باء بإثه كما يبوء
تارك المعة بإثه ,والتوبة معروضة .وهذا قول غي واحد من أهل العلم ,وأكثر الثار الروية عن السلف من
الصحابة والتابعي تدل على هذا .وقد احتجوا با ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :من سع النداء ث ل
يب من غي عذر ; فل صلة له} وأجابوا عن حديث التفضيل بأنه ف العذور الذي تباح له الصلة وحده
كما ثبت عنه أنه قال{ :صلة الرجل قاعدا على النصف من صلة القائم وصلة الضطجع على النصف من
صلة القاعد} والراد به العذور كما ف الديث أنه خرج وقد أصابم وعك وهم يصلون قعودا فقال ذلك.
ول يوز أحد من السلف صلة التطوع مضطجعا من غي عذر ,ول يعرف أن أحدا من السلف فعل ذلك ,
وجوازه و جه ف مذ هب الشاف عي وأح د ,ول يعرف ل صاحبه سلف صدق مع أن هذه ال سألة م ا ت عم ب ا
البلوى ; فلو كان يوز لكل مسلم أن يصلي التطوع على جنبه وهو صحيح ل مرض به كما يوز أن يصلي
التطوع قاعدا وعلى الراحلة ; لكان هذا م ا قد بي نه الر سول صلى ال عل يه و سلم لم ته وكان ال صحابة تعلم
ذلك ,ث مع قوة الداعي إل الي ل بد أن يفعل ذلك بعضهم ,فلما ل يفعله أحد منهم دل على أنه ل يكن
مشروعا عندهم وهذا مبسوط ف موضعه .والقصود هنا أنه ينبغي للمسلم أن يقدر قدر كلم ال ورسوله ;
بل ليس لحد أن يمل كلم أحد من الناس إل على ما عرف أنه أراده ل على ما يتمله ذلك اللفظ ف كلم
كل أحد فإن كثيا من الناس يتأول النصوص الخالفة لقوله ; يسلك مسلك من يعل " التأويل " كأنه ذكر ما
يتمله اللفظ وق صده به د فع ذلك الح تج عل يه بذلك ال نص وهذا خ طأ ; بل ج يع ما قاله ال ورسوله ي ب
اليان به .فليس لنا أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ,وليس العتناء براده ف أحد النصي دون الخر
بأول من العكس ,فإذا كان النص الذي وافقه يعتقد أنه اتبع فيه مراد الرسول ; فكذلك النص الخر الذي
تأوله فيكون أصل مقصوده معرفة ما أراده الرسول بكلمه ; وهذا هو القصود بكل ما يوز من تفسي وتأويل
عند من يكون اصطلحه تغاير معناها .وأما من يعلهما بعن واحد كما هو الغالب على اصطلح الفسرين ;
فالتأو يل عند هم هو التف سي .وأ ما " التأو يل " ف كلم ال ور سوله ; فله مع ن ثالث غ ي معناه ف ا صطلح
الفسرين .وغي معناه ف اصطلح متأخري الفقهاء والصوليي ; كما بسط ف موضعه .والقصود هنا أن كل
ما نفاه ال ورسوله من مسمى أساء المور الواجبة كاسم اليان والسلم والدين والصلة والصيام والطهارة
والج وغي ذلك ; فإنا يكون لترك واجب من ذلك السمى ومن هذا قوله تعال{ :فل وربك ل يؤمنون حت
يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما} فلما نفى اليان حت
توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس ; فمن تركها كان من أهل الوعيد ل يكن قد أتى
باليان الواجب الذي وعد أهله بدخول النة بل عذاب ,فإن ال إنا وعد بذلك من فعل ما أمر به وأما من
فعل بعض الواجبات وترك بعضها ; فهو معرض للوعيد .ومعلوم باتفاق السلمي أنه يب " تكيم الرسول "
ف كل ما شجر بي الناس ف أمر دينهم ودنياهم ف أصول دينهم وفروعه وعليهم كلهم إذا حكم بشيء أل
يدوا ف أنفسهم حرجا ما حكم ويسلموا تسليما .قال تعال{ :أل تر إل الذين يزعمون أنم آمنوا با أنزل
إليهك ومها أنزل مهن قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقهد أمروا أن يكفروا بهه ويريهد الشيطان أن
يضلههم ضلل بعيدا} {وإذا قيهل لمه تعالوا إل مها أنزل ال وإل الرسهول رأيهت النافقيه يصهدون عنهك
صدودا} .وقوله{ :إل ما أنزل ال} وقد أنزل ال الكتاب والكمة وهي السنة قال تعال{ :واذكروا نعمة ال
عليكم و ما أنزل عليكم من الكتاب والكمة يعظكم به} .وقال تعال{ :وأنزل ال عليك الكتاب والكمة
وعل مك ما ل ت كن تعلم وكان ف ضل ال عل يك عظي ما} .والدعاء إل ما أنزل ي ستلزم الدعاء إل الر سول ,
والدعاء إل الرسول يستلزم الدعاء إل ما أنزله ال ,وهذا مثل طاعة ال والرسول ; فإنما متلزمان فمن يطع
الرسول فقد أطاع ال ومن أطاع ال فقد أطاع الرسول .وكذلك قوله تعال{ :ومن يشاقق الرسول من بعد
ما تبي له الدى ويتبع غي سبيل الؤمني} .فإنما متلزمان ; فكل من شاق الرسول من بعد ما تبي له الدى
فقد اتبع غي سبيل الؤمني وكل من اتبع غي سبيل الؤمني فقد شاق الرسول من بعد ما تبي له الدى .فإن
كان يظن أنه متبع سبيل الؤمني وهو مطئ ; فهو بنلة من ظن أنه متبع للرسول وهو مطئ .وهذه " الية "
تدل على أن إجاع الؤمني حجة من جهة أن مالفتهم مستلزمة لخالفة الرسول وأن كل ما أجعوا عليه فل
بد أن يكون فيه نص عن الرسول ; فكل مسألة يقطع فيها بالجاع وبانتفاء النازع من الؤمني ; فإنا ما بي
ال فيه الدى ,ومالف مثل هذا الجاع يكفر كما يكفر مالف النص البي .وأما إذا كان يظن الجاع ول
يق طع به فهنا قد ل يقطع أيضا بأن ا ما تبي فيه الدى من جهة الر سول ,ومالف م ثل هذا الجاع قد ل
يكفر ; بل قد يكون ظن الجاع خطأ .والصواب ف خلف هذا القول وهذا هو فصل الطاب فيما يكفر به
من مال فة الجاع و ما ل يك فر .و " الجاع " هل هو قط عي الدللة أو ظ ن الدللة ؟ .فإن من الناس من
يطلق الثبات بذا أو هذا ,ومنهم من يطلق النفي لذا ولذا .والصواب التفصيل بي ما يقطع به من الجاع
ويعلم يقينا أنه ليس فيه منازع من الؤمني أصل ; فهذا يب القطع بأنه حق ; وهذا ل بد أن يكون ما بي فيه
الرسول الدى ; كما قد بسط هذا ف موضع آخر .ومن جهة أنه إذا وصف الواجب بصفات متلزمة ; دل
على أن كل صفة من تلك الصفات مت ظهرت وجب اتباعها وهذا مثل {الصراط الستقيم} الذي أمرنا ال
بسؤال هدايته ; فإنه قد وصف بأنه السلم ووصف بأنه اتباع القرآن ووصف بأنه طاعة ال ورسوله ووصف
بأ نه طر يق العبود ية ; ومعلوم أن كل ا سم من هذه ال ساء ي ب اتباع م سماه ,وم سماها كل ها وا حد وإن
تنو عت صفاته ; فأي صفة ظهرت و جب اتباع مدلول ا فإ نه مدلول الخرى .وكذلك أ ساء ال تعال وأ ساء
كتا به وأ ساء ر سوله هي م ثل أ ساء دي نه .وكذلك قوله تعال{ .واعت صموا ب بل ال جي عا ول تفرقوا} ق يل:
ح بل ال هو د ين ال سلم وق يل :القرآن وق يل :عهده وق يل :طاع ته وأمره وق يل جا عة ال سلمي ; و كل هذا
حق .وكذلك إذا قلنا :الكتاب والسنة والجاع فمدلول الثلثة واحد فإن كل ما ف الكتاب فالرسول صلى
ال عليه و سلم موا فق له والمة ممعة عليه من ح يث الملة فليس ف الؤمن ي إل من يوجب اتباع الكتاب
وكذلك كل ما سنه الر سول صلى ال عل يه و سلم فالقرآن يأ مر باتبا عه ف يه والؤمنون ممعون على ذلك.
وكذلك كل ما أجع عليه السلمون فإنه ل يكون إل حقا موافقا لا ف الكتاب والسنة ; لكن السلمون يتلقون
دينهم كله عن الرسول صلى ال عليه وسلم وأما الرسول صلى ال عليه وسلم فينل عليه وحي القرآن ووحي
آخر هو الكمة كما قال صلى ال عليه وسلم {أل إن أوتيت الكتاب ومثله معه} .وقال حسان بن عطية:
{كان جب يل ينل على ال نب صلى ال عل يه و سلم بال سنة فيعل مه إيا ها ك ما يعل مه القرآن }.فل يس كل ما
جاءت به ال سنة ي ب أن يكون مف سرا ف القرآن ; بلف ما يقوله أ هل الجاع ; فإ نه ل بد أن يدل عل يه
الكتاب والسنة فإن الرسول صلى ال عليه وسلم هو الواسطة بينهم وبي ال ف أمره ونيه وتليله وتريه ;
والقصود ذكر اليان .ومن هذا الباب قول النب صلى ال عليه وسلم{ :ل يبغض النصار رجل يؤمن بال
واليوم ال خر} .وقوله{ :آ ية اليان حب الن صار وآ ية النفاق ب غض الن صار} .فإن من علم ما قا مت به
النصار من نصر ال ورسوله من أول المر وكان مبا ل ولرسوله ; أحبهم قطعا فيكون حبه لم علمة اليان
الذي ف قلبه ومن أبغضهم ل يكن ف قلبه اليان الذي أوجبه ال عليه .وكذلك من ل يكن ف قلبه بغض ما
يبغضه ال ورسوله من النكر الذي حرمه ال ورسوله من الكفر والفسوق والعصيان ; ل يكن ف قلبه اليان
الذي أوجبه ال عليه فإن ل يكن مبغضا لشيء من الحرمات أصل ; ل يكن معه إيان أصل كما سنبينه إن
شاء ال تعال .وكذلك من ل يب لخيه الؤمن ما يب لنفسه ; ل يكن معه ما أوجبه ال عليه من اليان
فحيث نفى ال اليان عن شخص ; فل يكون إل لنقص ما يب عليه من اليان ويكون من العرضي للوعيد
ليس من الستحقي للوعد الطلق .وكذلك قوله صلى ال عليه وسلم{ :من غشنا فليس منا ومن حل علينا
السلح فليس منا} كله من هذا الباب ل يقوله إل لن ترك ما أوجب ال عليه أو فعل ما حرمه ال ورسوله ;
فيكون قد ترك من اليان الفروض عل يه ما ين في ع نه ال سم لجله فل يكون من الؤمن ي ال ستحقي للو عد
ال سالي من الوع يد .وكذلك قوله تعال{ :ويقولون آم نا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فر يق من هم من ب عد
ذلك وما أولئك بالؤمني} {وإذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون} {وإن يكن لم
ال ق يأتوا إل يه مذعن ي} {أ ف قلوب م مرض أم ارتابوا أم يافون أن ي يف ال علي هم ور سوله بل أولئك هم
الظالون} {إنا كان قول الؤمن ي إذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سعنا وأطعنا وأولئك هم
الفلحون} .فهذا حكم اسم اليان إذا أطلق ف كلم ال ورسوله ; فإنه يتناول فعل الواجبات وترك الحرمات
و من ن فى ال ور سوله ع نه اليان ; فل بد أن يكون قد ترك واج با أو ف عل مر ما فل يد خل ف ال سم الذي
يستحق أهله الوعد دون الوعيد ; بل يكون من أهل الوعيد .وكذلك قوله تعال{ :حبب إليكم اليان وزينه
ف قلوب كم وكره إلي كم الك فر والف سوق والع صيان أولئك هم الراشدون} .قال م مد بن ن صر الروزي :ل ا
كا نت العا صي بعض ها ك فر وبعض ها ل يس بك فر فرق بين ها فجعل ها ثل ثة أنواع :نوع من ها ك فر ونوع من ها
فسوق وليس بكفر ونوع عصيان وليس بكفر ول فسوق .وأخب أنه كرهها كلها إل الؤمني .ولا كانت
الطاعات كلهها داخلة فه اليان وليهس فيهها شيهء خارج عنهه ل يفرق بينهها فيقول :حبهب إليكهم اليان
والفرائض و سائر الطاعات ; بل أج ل ذلك فقال{ :ح بب إلي كم اليان} .فد خل ف ذلك ج يع الطاعات ;
ل نه قد ح بب إل الؤمن ي ال صلة والزكاة و سائر الطاعات حب تد ين لن ال أ خب :أ نه ح بب ذلك إلي هم
وزينه ف قلوبم لقوله{ :حبب إليكم اليان} ويكرهون جيع العاصي ; الكفر منها والفسوق وسائر العاصي
كراهة تد ين لن ال أ خب :أنه كره ذلك إليهم .و من ذلك قول ر سول ال صلى ال عليه وسلم {من سرته
ح سنته و ساءته سيئته ; ف هو مؤ من} لن ال ح بب إل الؤمن ي ال سنات وكره إلي هم ال سيئات " .قلت ":
وتكريهه جيع العاصي إليهم يستلزم حب جيع الطاعات ; لن ترك الطاعات معصية ولنه ل يترك العاصي
كلها إن ل يتلبس بضدها فيكون مبا لضدها وهو الطاعة ; إذ القلب ل بد له من إرادة فإذا كان يكره الشر
كله ; فل بد أن يريد الي .والباح بالنية السنة يكون خيا وبالنية السيئة يكون شرا .ول يكون فعل اختياري
إل بإرادة ; ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف الد يث ال صحيح {أ حب ال ساء إل ال :ع بد ال وع بد
الرحن وأصدق الساء :حارث وهام وأقبحها :حرب ومرة} .وقوله أصدق الساء :حارث وهام ; لن كل
إنسان هام حارث والارث الكاسب العامل .والمام الكثي الم -وهو مبدأ الرادة -وهو حيوان ,وكل
حيوان ح ساس متحرك بالرادة فإذا ف عل شيئا من الباحات ; فل بد له من غا ية ينت هي إلي ها ق صده .و كل
مقصود إما أن يقصد لنفسه وإما أن يقصد لغيه .فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة ال وحده ل شريك
له وهو إله الذي يعبده ل يعبد شيئا سواه وهو أحب إليه من كل ما سواه ; فإن إرادته تنتهي إل إرادته وجه
ال فيثاب على مباحاته الت يقصد الستعانة با على الطاعة كما ف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه
و سلم أ نه قال{ :نف قة الر جل على أهله يت سبها صدقة} .و ف " ال صحيحي " ع نه أ نه {قال ل سعد بن أ ب
وقاص لا مرض بكة وعاده -إنك لن تنفق نفقة تبتغي با وجه ال إل ازددت با درجة ورفعة حت اللقمة
ترفعها إل ف امرأتك} .وقال معاذ بن جبل لب موسى " :إن أحتسب نومت كما أحتسب قومت " .وف
ال ثر :نوم العال ت سبيح .وإن كان أ صل مق صوده عبادة غ ي ال ; ل ت كن الطيبات مبا حة له فإن ال أباح ها
للمؤمن ي من عباده ; بل الكفار وأ هل الرائم والذنوب وأ هل الشهوات يا سبون يوم القيا مة على الن عم ال ت
تنعموا ب ا فلم يذكروه ول يعبدوه ب ا ويقال ل م{ :أذهب تم طيبات كم ف حيات كم الدن يا وا ستمتعتم ب ا فاليوم
تزون عذاب الون ب ا كنتم تستكبون ف الرض بغي ال ق وبا كنتم تف سقون} .وقال تعال{ :ث لت سألن
يومئذ عن النعيم} .أي عن شكره والكافر ل يشكر على النعيم الذي أنعم ال عليه به فيعاقبه على ذلك ; وال
إنا أباحها للمؤمني وأمرهم معها بالشكر كما قال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم
واشكروا ل} .وف " صحيح مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :إن ال ليضى عن العبد يأكل
الكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها} .وف " سنن ابن ماجه " وغيه{ :الطاعم الشاكر بنلة
الصهائم الصهابر} .وكذلك قال للرسهل{ :يها أيهها الرسهل كلوا مهن الطيبات واعملوا صهالا} وقال تعال:
{أحلت ل كم بي مة النعام إل ما يتلى علي كم غ ي ملي ال صيد وأن تم حرم} وقال الل يل{ :وارزق أهله من
الثمرات من آ من من هم بال واليوم ال خر} قال ال تعال{ :و من ك فر فأمت عه قليل ث أضطره إل عذاب النار
وبئس الصي} .فالليل إنا دعا بالطيبات للمؤمني خاصة وال إنا أباح بيمة النعام لن حرم ما حرمه ال من
ال صيد و هو مرم والؤمنون أمر هم أن يأكلوا من الطيبات ويشكروه .ولذا م يز سبحانه وتعال ب ي خطاب
الناس مطلقها وخطاب الؤمنيه فقال{ :يها أيهها الناس كلوا ماه فه الرض حلل طيبها ول تتبعوا خطوات
الشيطان إنه لكم عدو مبي} {إنا يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون} {وإذا قيل
لم اتبعوا ما أنزل ال قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم ل يعقلون شيئا ول يهتدون} .فإنا
أذن للناس أن يأكلوا م ا ف الرض بشرط ي :أن يكون طي با وأن يكون حلل .ث قال { :يا أي ها الذ ين آمنوا
كلوا من طيبات ما رزقنا كم واشكروا ل إن كن تم إياه تعبدون} {إن ا حرم علي كم الي تة والدم ول م الن ير
وما أهل به لغي ال} .فأذن للمؤمني ف الكل من الطيبات ول يشترط الل ,وأخب أنه ل يرم عليهم إل ما
ذكره ; فما سواه ل يكن مرما على الؤمني ومع هذا فلم يكن أحله بطابه ; بل كان عفوا كما ف الديث
عن سلمان موقوفا ومرفوعا{ :اللل ما أحله ال ف كتابه والرام ما حرمه ال ف كتابه وما سكت عنه فهو
ما عفي عنه} .وف حديث أب ثعلبة عن النب صلى ال عليه وسلم {إن ال فرض فرائض فل تضيعوها وحد
حدودا فل تعتدوها وحرم حرمات فل تنتهكوها وسكت عن أشياء رحة لكم غي نسيان فل تبحثوا عنها}.
وكذلك قوله تعال{ :قل ل أجد ف ما أوحي إل مرما على طاعم يطعمه إل أن يكون ميتة} .نفى التحري
عن غي الذكور فيكون الباقي مسكوتا عن تريه عفوا والتحليل إنا يكون بطاب ; ولذا قال ف سورة الائدة
الت أنزلت بعد هذا{ :يسألونك ماذا أحل لم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الوارح مكلبي} .إل
قوله{ :اليوم أ حل ل كم الطيبات وطعام الذ ين أوتوا الكتاب حل ل كم وطعام كم حل ل م} .ف في ذلك اليوم
أحل لم الطيبات وقبل هذا ل يكن مرما عليهم إل ما استثناه .وقد {حرم النب صلى ال عليه وسلم كل ذي
ناب من ال سباع و كل ذي ملب من الط ي} ول ي كن هذا ن سخا للكتاب ; لن الكتاب ل ي ل ذلك ول كن
سكت عن تريه فكان تريه ابتداء شرع ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الروي من طرق من
حديث أب رافع وأب ثعلبة وأب هريرة وغيهم{ :ل ألفي أحدكم متكئا على أريكته يأتيه المر من أمري ما
أمرت به أو نيت عنه فيقول :بيننا وبينكم هذا القرآن ; فما وجدنا فيه من حلل أحللناه وما وجدنا فيه من
حرام حرمناه أل وإن أوتيت الكتاب ومثله معه} .وف لفظ{ :أل وإنه مثل القرآن أو أكثر .أل وإن حرمت
كل ذي ناب من السباع} .فبي أنه أنزل عليه وحي آخر وهو الكمة غي الكتاب .وأن ال حرم عليه ف هذا
الوحي ما أخب بتحريه ول يكن ذلك نسخا للكتاب ; فإن الكتاب ل يل هذه قط .إنا أحل الطيبات وهذه
ليست من الطيبات وقال{ :يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} .فلم تدخل هذه الية ف العموم
; لكنه ل يكن حرمها ; فكانت معفوا عن تريها ; ل مأذونا ف أكلها .وأما " الكفار " فلم يأذن ال لم ف
أ كل ش يء ول أ حل ل م شيئا ول ع فا ل م عن ش يء يأكلو نه ; بل قال { :يا أي ها الناس كلوا م ا ف الرض
حلل طي با} .فشرط في ما يأكلو نه أن يكون حلل ; و هو الأذون ف يه من ج هة ال ور سوله وال ل يأذن ف
الكل إل للمؤمن به ; فلم يأذن لم ف أكل شيء إل إذا آمنوا .ولذا ل تكن أموالم ملوكة لم ملكا شرعيا ;
لن اللك الشر عي هو القدرة على الت صرف الذي أبا حه الشارع صلى ال عل يه و سلم والشارع ل ي بح ل م
تصرفا ف الموال إل بشرط اليان ; فكانت أموالم على الباحة .فإذا قهر طائفة منهم طائفة قهرا يستحلونه
ف دينهم وأخذوها منهم ; صار هؤلء فيها كما كان أولئك .والسلمون إذا استولوا عليها ,فغنموها ملكوها
شر عا لن ال أباح ل م الغنائم ول يبح ها لغي هم .ويوز ل م أن يعاملوا الكفار في ما أخذه بعض هم من ب عض
بالقهر الذي يستحلونه ف دينهم ويوز أن يشتري من بعضهم ما سباه من غيه ; لن هذا بنلة استيلئه على
الباحات .ولذا سهى ال مها عاد مهن أموالمه إل السهلمي " فيئا " ; لن ال أفاءه إل مسهتحقه أي :رده إل
الؤمن ي به الذ ين يعبدو نه وي ستعينون برز قه على عباد ته ; فإ نه إن ا خلق اللق ليعبدوه وإن ا خلق الرزق ل م
لي ستعينوا به على عباد ته .ول فظ " الف يء " قد يتناول " الغني مة " كقول ال نب صلى ال عل يه و سلم ف غنائم
حن ي{ :ل يس ل م ا أفاء ال علي كم إل ال مس وال مس مردود علي كم} .لك نه ل ا قال تعال{ :و ما أفاء ال
على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ول ركاب} :صار لفظ " الفيء " إذا أطلق ف عرف الفقهاء ;
فهو ما أخذ من مال الكفار بغي إياف خيل ول ركاب ,والياف نوع من التحريك .وأما إذا فعل الؤمن ما
أبيح له قاصدا للعدول عن الرام إل اللل لاجته إل يه ; فإنه يثاب على ذلك ك ما قال ال نب صلى ال عليه
وسلم{ :وف بضع أحدكم صدقة .قالوا يا رسول ال يأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال :أرأيتم لو
وضع ها ف الرام كان عل يه وزر .فكذلك إذا وضع ها ف اللل كان له أ جر} .وهذا كقوله ف حد يث ا بن
عمر عن النب صلى ال عليه وسلم قال{ :إن ال يب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته} رواه
أحد وابن خزية ف " صحيحه " وغيها .فأخب أن ال يب إتيان رخصه كما يكره فعل معصيته .وبعض
الفقهاء يرويه{ :كما يب أن تؤتى عزائمه} .وليس هذا لفظ الديث ; وذلك لن الرخص إنا أباحها ال
لا جة العباد إلي ها والؤمنون ي ستعينون ب ا على عباد ته ; ف هو ي ب ال خذ ب ا لن الكر ي ي ب قبول إح سانه
وفضله ; ك ما قال ف حد يث{ :الق صر صدقة ت صدق ال ب ا علي كم فاقبلوا صدقته} .ول نه ب ا ت تم عباد ته
وطاعته .و ما ل يتاج إليه الن سان من قول وعمل بل يفعله عبثا ; فهذا عل يه ل له ك ما ف الديث { :كل
كلم ابن آدم عليه ل له إل أمرا بعروف أو نيا عن منكر أو ذكرا ل} .وف " الصحيحي " عن النب صلى
ال عليه وسلم أنه قال{ :من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت} .فأمر الؤمن بأحد أمرين:
إ ما قول ال ي أو ال صمات .ولذا كان قول ال ي خيا من ال سكوت عنه وال سكوت عن ال شر خيا من قوله
ولذا قال ال تعال{ :ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد} .وقد اختلف " أهل التفسي " هل يكتب جيع
أقواله ؟ فقال ماهد وغيه :يكتبان كل شيء حت أنينه ف مرضه .وقال عكرمة ل يكتبان إل ما يؤجر عليه أو
يؤزر .والقرآن يدل على أنما يكتبان الميع ; فإنه قال{ :ما يلفظ من قول} نكرة ف الشرط مؤكدة برف "
من " ; فهذا يعم كل قوله .وأيضا فكونه يؤجر على قول معي أو يؤزر ; يتاج إل أن يعرف الكاتب ما أمر
به وما ني عنه ; فل بد ف إثبات معرفة الكاتب به إل نقل .وأيضا فهو مأمور إما بقول الي وإما بالصمات.
فإذا عدل ع ما أ مر به من ال صمات إل فضول القول الذي ل يس ب ي ; كان هذا عل يه فإ نه يكون مكرو ها
والكروه ينقصه ; ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم{ :من حسن إسلم الرء تركه ما ل يعنيه} .فإذا خاض
في ما ل يعن يه ; ن قص من ح سن إ سلمه فكان هذا عل يه .إذ ل يس من شرط ما هو عل يه أن يكون م ستحقا
لعذاب جهنهم وغضهب ال بهل نقهص قدره ودرجتهه عليهه .ولذا قال تعال{ :لاه مها كسهبت وعليهها مها
اكت سبت} .ف ما يع مل أ حد إل عل يه أو له فإن كان م ا أ مر به كان له .وإل كان عل يه ولو أ نه ين قص قدره.
والنفس طبعها الركة ل تسكن قط ; لكن قد عفا ال عما حدث به الؤمنون أنفسهم ما ل يتكلموا به أو
يعملوا به ; فإذا عملوا به دخل ف المر والنهي .فإذا كان ال قد كره إل الؤمني جيع العاصي وهو قد حبب
إليهم اليان الذي يقتضي جيع الطاعات إذا ل يعارضه ضد باتفاق الناس ; فإن الرجئة ل تنازع ف أن اليان
الذي ف القلب يد عو إل ف عل الطا عة ويقت ضي ذلك والطا عة من ثرا ته ونتائ جه لكن ها تنازع هل ي ستلزم
الطا عة ؟ فإ نه وإن كان يد عو إل الطا عة ; فله معارض من الن فس والشيطان ,فإذا كان قد كره إل الؤمن ي
العارض كان القتضي للطاعة سالا عن هذا العارض .وأيضا فإذا كرهوا جيع السيئات ل يبق إل حسنات أو
مباحات ,والباحات ل تبح إل لهل اليان الذين يستعينون با على الطاعات وإل فال ل يبح قط لحد شيئا
أن يستعي به على كفر ول فسوق ول عصيان ; ولذا لعن النب صلى ال عليه وسلم عاصر المر ومعتصرها
كما لعن شاربا ,والعاصر يعصر عنبا يصي عصيا يكن أن ينتفع به ف الباح لكن لا علم أن قصد العاصر أن
يعلها خرا ; ل يكن له أن يعينه با جنسه مباح على معصية ال بل لعنه النب صلى ال عليه وسلم على ذلك
لن ال ل يبح إعانة العاصي على معصيته ول أباح له ما يستعي به ف العصية فل تكون مباحات لم إل إذا
استعانوا با على الطاعات .فيلزم من انتفاء السيئات أنم ل يفعلون إل السنات ; ولذا كان من ترك العاصي
كلها فل بد أن يشتغل بطاعة ال .وف الديث الصحيح{ :كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها}.
فالؤمن ل بد أن يب السنات ول بد أن يبغض السيئات ول بد أن يسره فعل السنة ويسوءه فعل السيئة
ومت قدر أن ف بعض المور ليس كذلك كان ناقص اليان والؤمن قد تصدر منه السيئة فيتوب منها أو يأت
ب سنات تحو ها أو يبتلى ببلء يكفر ها ع نه ول كن ل بد أن يكون كار ها ل ا ; فإن ال أ خب أ نه ح بب إل
الؤمن ي اليان وكره إليهم الك فر والفسوق والعصيان ف من ل يكره الثلثة ل يكن من هم .ول كن " ممد بن
نصر " يقول :الفاسق يكرهها تدينا .فيقال :إن أريد بذلك أنه يعتقد أن دينه حرمها وهو يب دينه وهذه من
جلته ; فهو يكرهها .وإن كان يب دينه ممل وليس ف قلبه كراهة لا ; كان قد عدم من اليان بقدر ذلك
ك ما ف الد يث ال صحيح { :من رأى من كم منكرا فليغيه بيده فإن ل ي ستطع فبل سانه فإن ل ي ستطع فبقل به
وذلك أضعف اليان} .وف الديث الخر الذي ف الصحيح أيضا " -صحيح مسلم " { :-فمن جاهدهم
بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من اليان
مثقال ح بة من خردل} .فعلم أن القلب إذا ل ي كن ف يه كرا هة ما يكر هه ال ; ل ي كن ف يه من اليان الذي
يستحق به الثواب .وقوله{ :من اليان} أي :من هذا اليان وهو اليان الطلق .أي :ليس وراء هذه الثلث
ما هو من اليان ول قدر حبة خردل .والعن :هذا آخر حدود اليان ,ما بقي بعد هذا من اليان شيء ;
ليس مراده أنه من ل يفعل ذلك ل يبق معه من اليان شيء ; بل لفظ الديث إنا يدل على العن الول.
فصل (ص )53
ومن هذا الباب لفظ " الكفر " و " النفاق " فالكفر إذا ذكر مفردا ف وعيد الخرة دخل فيه النافقون
كقوله{ :ومهن يكفهر باليان فقهد حبهط عمله وههو فه الخرة مهن الاسهرين} .وقوله{ :ومهن يكفهر بال
وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر فقد ضل ضلل بعيدا} .وقوله{ :ل يصلها إل الشقى} {الذي كذب
وتول} وقوله{ :كلما ألقي فيها فوج سألم خزنتها أل يأتكم نذير} {قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا
ما نزل ال من شيء إن أنتم إل ف ضلل كبي} وقوله{ :وسيق الذين كفروا إل جهنم زمرا حت إذا جاءوها
فتحت أبوابا وقال لم خزنتها أل يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا
قالوا بلى ول كن ح قت كل مة العذاب على الكافر ين} {ق يل ادخلوا أبواب جه نم خالد ين في ها فبئس مثوى
التكهبين} .وقوله{ :ومهن أظلم منه افترى على ال كذبها أو كذب بالقه لاه جاءه أليهس فه جهنهم مثوى
للكافر ين} .وقوله{ :و من أعرض عن ذكري فإن له معي شة ضن كا ونشره يوم القيا مة أع مى} {قال رب ل
حشرتن أعمى وقد كنت بصيا} {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} {وكذلك نزي من
أسهرف ول يؤمهن بآيات ربهه ولعذاب الخرة أشهد وأبقهى} وقوله{ :إن الذيهن كفروا مهن أههل الكتاب
والشركي ف نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البية} .وأمثال هذه النصوص كثي ف القرآن .فهذه كلها
يدخل فيها " النافقون " الذين هم ف الباطن كفار ليس معهم من اليان شيء كما يدخل فيها " الكفار "
الظهرون للكفر ; بل النافقون ف الدرك السفل من النار كما أخب ال بذلك ف كتابه .ث قد يقرن " الكفر
بالنفاق " ف مواضع ; ففي أول البقرة ذكر أربع آيات ف صفة الؤمني وآيتي ف صفة الكافرين وبضع عشرة
آ ية ف صفة النافق ي فقال تعال{ :إن ال جا مع النافق ي والكافر ين ف جه نم جي عا} وقال{ :يوم يقول
النافقون والنافقات للذ ين آمنوا انظرو نا نقت بس من نور كم ق يل ارجعوا وراء كم فالتم سوا نورا} إل قوله:
{فاليوم ل يؤخذ منكم فدية ول من الذين كفروا مأواكم النار هي مولكم وبئس الصي} .وقال{ :يا أيها
ال نب جا هد الكفار والنافق ي واغلظ علي هم} .ف سورتي وقال{ :أل تر إل الذ ين نافقوا يقولون لخوان م
الذين كفروا} .الية .وكذلك لفظ " الشركي " قد يقرن بأهل الكتاب فقط وقد يقرن باللل المس ; كما
ف قوله تعال{ :إن الذ ين آمنوا والذ ين هادوا وال صابئي والن صارى والجوس والذ ين أشركوا إن ال يف صل
بين هم يوم القيا مة إن ال على كل ش يء شه يد} .و (الول) كقوله{ :ل ي كن الذ ين كفروا من أ هل الكتاب
والشرك ي منفك ي ح ت تأتي هم البي نة} .وقوله{ :إن الذ ين كفروا من أ هل الكتاب والشرك ي ف نار جه نم
خالدين فيها أولئك هم شر البية} .وقوله تعال{ :وقل للذين أوتوا الكتاب والميي أأسلمتم فإن أسلموا فقد
اهتدوا وإن تولوا فإنا عليك البلغ} .وليس أحد بعد مبعث ممد صلى ال عليه وسلم إل من الذين أوتوا
الكتاب أو المي ي ,و كل أ مة ل ت كن من الذ ين أوتوا الكتاب ف هم من المي ي ; كالمي ي من العرب و من
الزر والصقالبة والند والسودان وغيهم من المم الذين ل كتاب لم فهؤلء كلهم أميون ,والرسول مبعوث
إليهم كما بعث إل الميي من العرب .وقوله{ :وقل للذين أوتوا الكتاب} -وهو إنا ياطب الوجودين ف
زما نه ب عد الن سخ والتبد يل -يدل على أن من دان بد ين اليهود والن صارى ف هو من الذ ين أوتوا الكتاب ل
ي تص هذا الل فظ ب ن كانوا متم سكي به ق بل الن سخ والتبد يل ول فرق ب ي أولد هم وأولد غي هم ; فإن
أولد هم إذا كانوا ب عد الن سخ والتبد يل م ن أوتوا الكتاب فكذلك غي هم إذا كانوا كل هم كفارا و قد جعل هم
الذ ين أوتوا الكتاب بقوله{ :و قل للذ ين أوتوا الكتاب} و هو ل يا طب بذلك إل من بلغ ته ر سالته ; ل من
مات ; فدل ذلك على أن قوله{ :وطعام الذ ين أوتوا الكتاب} يتناول هؤلء كل هم ك ما هو مذ هب المهور
من السلف واللف وهو مذهب مالك وأب حنيفة وهو النصوص عن أحد ف عامة أجوبته ل يتلف كلمه
إل ف نصارى بن تغلب ,وآخر الروايتي عنه :أنم تباح نساؤهم وذبائحهم ; كما هو قول جهور الصحابة.
وقوله ف " الرواية الخرى " :ل تباح ; متابعة لعلي بن أب طالب رضي ال عنه ل يكن لجل النسب ; بل
لكونم ل يدخلوا ف دين أهل الكتاب إل فيما يشتهونه من شرب المر ونوه ولكن بعض التابعي ظن أن
ذلك ل جل الن سب ك ما ن قل عن عطاء وقال به الشاف عي و من واف قه من أ صحاب أح د وفرعوا على ذلك
فروعا كمن كان أحد أبويه كتابيا والخر ليس بكتاب ونو ذلك حت ل يوجد ف طائفة من كتب أصحاب
أحد إل هذا القول ; وهو خطأ على مذهبه مالف لنصوصه ل يعلق الكم بالنسب ف مثل هذا ألبتة كما قد
بسط ف موضعه .ولفظ " الشركي " يذكر مفردا ف مثل قوله{ :ول تنكحوا الشركات حت يؤمن} وهل
يتناول أهل الكتاب ؟ فيه " قولن " مشهوران للسلف واللف .والذين قالوا :بأنا تعم ; منهم من قال :هي
مكمة كابن عمر والمهور الذين يبيحون نكاح الكتابيات ; ك ما ذكره ال ف آية الائدة وهي متأخرة عن
هذه .ومن هم من يقول :ن سخ من ها تر ي نكاح الكتابيات .ومن هم من يقول :بل هو م صوص ل يرد بالل فظ
العام ,وقد أنزل ال تعال بعد صلح الديبية قوله{ :ول تسكوا بعصم الكوافر} .وهذا قد يقال :إنا نى عن
التمسك بالعصمة من كان متزوجا كافرة ول يكونوا حينئذ متزوجي إل بشركة وثنية ; فلم يدخل ف ذلك
الكتابيات.
فصل (ص )57
وكذلك لفظ " الصال " و " الشهيد " و " الصديق " :يذكر مفردا ; فيتناول النبيي قال تعال ف حق الليل:
{وآتيناه أجره ف الدن يا وإ نه ف الخرة ل ن ال صالي} .وقال{ :وآتيناه ف الدن يا ح سنة وإ نه ف الخرة ل ن
الصالي} .وقال الليل{ :رب هب ل حكما وألقن بالصالي} .وقال يوسف{ :توفن مسلما وألقن
بال صالي} .وقال سليمان{ :وأدخل ن برح تك ف عبادك ال صالي} .وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف
الديث الصحيح التفق على صحته {لا كانوا يقولون ف آخر صلتم :السلم على ال قبل عباده السلم على
فلن فقال لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات يوم إن ال هو السلم فإذا قعد أحدكم ف الصلة ; فليقل:
التحيات ل وال صلوات والطيبات ال سلم عل يك أي ها ال نب ورح ة ال وبركا ته ال سلم علي نا وعلى عباد ال
الصالي فإذا قالا أصابت كل عبد صال ل ف السماء والرض} ..الديث .وقد يذكر " الصال مع غيه "
كقوله تعال{ :فأولئك مع الذ ين أن عم ال علي هم من ال نبيي وال صديقي والشهداء وال صالي} .قال الزجاج
وغيه :الصهال :القائم بقوق ال وحقوق عباده .ولفهظ " الصهال " خلف الفاسهد ; فإذا أطلق فههو الذي
أصلح جيع أمره فلم يكن فيه شيء من الفساد فاستوت سريرته وعلنيته وأقواله وأعماله على ما يرضي ربه ;
وهذا يتناول النبيي ومن دونم .ولفظ " الصديق " قد جعل هنا معطوفا على النبيي ; وقد وصف به النبيي ف
م ثل قوله{ :واذكر ف الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا} { -واذكر ف الكتاب إدريس إنه كان صديقا
نبيا} .وكذلك " الشهيد " قد جعل هنا قرين الصديق والصال وقد قال{ :وجيء بالنبيي والشهداء وقضي
بينهم بالق} .ولا قيدت الشهادة على الناس وصفت به المة كلها ف قوله{ :وكذلك جعلناكم أمة وسطا
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} .فهذه شهادة مقيدة بالشهادة على الناس كالشهادة
الذكورة ف قوله{ :لول جاءوا عل يه بأرب عة شهداء} .وقوله {وا ستشهدوا شهيد ين من رجال كم} .ولي ست
هذه الشهادة الطلقة ف اليتي بل ذلك كقوله{ :ويتخذ منكم شهداء}.
فصل (ص )59
وكذلك ل فظ " الع صية " و " الف سوق " و " الك فر " :فإذا أطل قت الع صية ل ور سوله د خل في ها الك فر
والف سوق كقوله{ :و من ي عص ال ور سوله فإن له نار جه نم خالد ين في ها أبدا} .وقال تعال{ :وتلك عاد
جحدوا بآيات رب م وع صوا ر سله واتبعوا أ مر كل جبار عن يد} .فأطلق مع صيتهم للر سل بأن م ع صوا هودا
معصية تكذيب لنس الرسل فكانت العصية لنس الرسل كمعصية من قال{ :فكذبنا وقلنا ما نزل ال من
شيهء} .ومعصهية مهن كذب وتول قال تعال{ :ل يصهلها إل الشقهى} {الذي كذب وتول} أي كذب
بالي وتول عن طاعة المر ,وإنا على اللق أن يصدقوا الرسل فيما أخبوا ويطيعوهم فيما أمروا .وكذلك
قال ف فرعون{ :فكذب وعصى} .وقال عن جنس الكافر{ :فل صدق ول صلى} {ولكن كذب وتول}.
فالتكذ يب لل خب والتول عن ال مر .وإنا اليان ت صديق الر سل في ما أ خبوا وطاعتهم فيما أمروا ومنه قوله:
{كما أرسلنا إل فرعون رسول} {فعصى فرعون الرسول} ولفظ " التول " بعن التول عن الطاعة مذكور
ف مواضع من القرآن كقوله{ :ستدعون إل قوم أول بأس شديد تقاتلونم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم ال
أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} وذمه ف غي موضع من القرآن من تول ;
دل يل على وجوب طا عة ال ور سوله وأن ال مر الطلق يقت ضي وجوب الطا عة وذم التول عن الطا عة ; ك ما
علق الذم بطلق العصية ف مثل قوله{ :فعصى فرعون الرسول} .وقد قيل :إن " التأبيد " ل يذكر ف القرآن
إل ف وعيد الكفار ; ولذا قال{ :ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه ولعنه
وأ عد له عذا با عظي ما} .وقال في من يور ف الوار يث{ :و من ي عص ال ور سوله ويت عد حدوده يدخله نارا
خالدا فيها وله عذاب مهي} .فهنا قيد العصية بتعدي حدوده فلم يذكرها مطلقة ; وقال{ :وعصى آدم ربه
فغوى} .فهي معصية خاصة ; وقال تعال{ :حت إذا فشلتم وتنازعتم ف المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما
تبون} فأ خب عن مع صية واق عة معي نة و هي مع صية الرماة لل نب صلى ال عل يه و سلم ; ح يث أمر هم بلزوم
ثغرهم وإن رأوا السلمي قد انتصروا فعصى من عصى منهم هذا المر وجعل أميهم يأمرهم لا رأوا الكفار
منهزم ي وأق بل من أق بل من هم على الغا ن .وكذلك قوله{ :وكره إلي كم الك فر والف سوق والع صيان} .ج عل
ذلك ثلث مراتب .وقد قال{ :ول يعصينك ف معروف} .فقيد العصية ولذا فسرت بالنياحة قاله ابن عباس:
وروي ذلك مرفوعا .وكذلك قال زيد بن أسلم ل يدعن ويل ول يدشن وجها ول ينشرن شعرا ول يشققن
ثو با .و قد قال بعض هم :هو ج يع ما يأمر هم به الر سول من شرائع ال سلم وأدل ته ك ما قاله أ بو سليمان
الدمشقي ,ولفظ الية عام أنن ل يعصينه ف معروف .ومعصيته ل تكون إل ف معروف ; فإنه ل يأمر بنكر
لكن هذا كما قيل :فيه دللة على أن طاعة أول المر إنا تلزم ف العروف كما ثبت ف " الصحيح " عن النب
صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :إنا الطاعة ف العروف} ونظي هذا قوله{ :استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم
لا يييكم} وهو ل يدعو إل إل ذلك .والتقييد هنا ل مفهوم له ; فإنه ل يقع دعاء لغي ذلك .ول أمر بغي
معروف وهذا كقوله تعال{ :ول تكرهوا فتياتكهم على البغاء إن أردن تصهنا} .فإننه إذا ل يردن تصهنا ;
امت نع الكراه .ول كن ف هذا بيان الو صف النا سب للح كم وم نه قوله تعال{ :و من يدع مع ال إل ا آ خر ل
برهان له به فإن ا ح سابه ع ند ر به إ نه ل يفلح الكافرون} .وقوله{ :ويقتلون ال نبيي بغ ي ال ق} .فالتقي يد ف
جيع هذا للبيان واليضاح ل لخراج ف وصف آخر ; ولذا يقول من يقول من النحاة :الصفات ف العارف
للتوض يح ل للتخ صيص و ف النكرات للتخ صيص يع ن ف العارف ال ت ل تتاج إل ت صيص كقوله { :سبح
ا سم ر بك العلى} {الذي خلق ف سوى} .وقوله{ :الذ ين يتبعون الر سول ال نب ال مي الذي يدو نه مكتو با
عندهم ف التوراة والنيل} .وقوله{ :المد ل رب العالي} {الرحن الرحيم} .والصفات ف النكرات إذا
تيزت تكون للتوضيح أيضا ومع هذا فقد عطف العصية على الكفر والفسوق ف قوله{ :وكره إليكم الكفر
والفسوق والعصيان} .ومعلوم أن الفاسق عاص أيضا.
فصل (ص )62
ومن هذا الباب " ظلم النفس " :فإنه إذا أطلق تناول جيع الذنوب فإنا ظلم العبد نفسه قال تعال{ :ذلك من
أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد} {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلتهم الت
يدعون من دون ال من شيء لا جاء أمر ربك وما زادوهم غي تتبيب} .وقال تعال{ :وإذ قال موسى لقومه
يا قوم إن كم ظلم تم أنف سكم باتاذ كم الع جل فتوبوا إل بارئ كم} .وقال ف ق تل الن فس{ :رب إ ن ظل مت
نفسي فاغفر ل} .وقالت بلقيس{ :رب إن ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان ل رب العالي} .وقال آدم
عليه السلم{ :ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين} .ث قد يقرن ببعض الذنوب
كقوله تعال{ :والذيهن إذا فعلوا فاحشهة أو ظلموا أنفسههم} .وقوله{ :ومهن يعمهل سهوءا أو يظلم نفسهه ثه
ي ستغفر ال ي د ال غفورا رحي ما} .وأ ما ل فظ " الظلم الطلق " فيد خل ف يه الك فر و سائر الذنوب قال تعال:
{احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون} {من دون ال فاهدوهم إل صراط الحيم} {وقفوهم
إن م مسئولون} .قال عمر بن الطاب :ونظراؤهم .وهذا ثابت عن عمر وروي ذلك عنه مرفوعا .وكذلك
قال ابن عباس :وأشباههم .وكذلك قال قتادة والكلب :كل من عمل بثل عملهم ; فأهل المر مع أهل المر
وأهل الزنا مع أهل الزنا .وعن الضحاك ومقاتل :قرناؤهم من الشياطي ; كل كافر معه شيطانه ف سلسلة
وهذا كقوله{ :وإذا النفوس زو جت} .قال ع مر بن الطاب ر ضي ال ع نه :الفا جر مع الفا جر وال صال مع
الصال .قال ابن عباس :وذلك حي يكون الناس أزواجا ثلثة .وقال السن وقتادة :ألق كل امرئ بشيعته ;
اليهودي مع اليهود والن صران مع الن صارى .وقال الرب يع بن خي ثم :ي شر الرء مع صاحب عمله وهذا ك ما
ثبت ف " الصحيح " {عن النب صلى ال عليه وسلم لا قيل له :الرجل يب القوم ولا يلحق بم قال :الرء مع
من أ حب} .وقال{ :الرواح جنود مندة ; ف ما تعارف من ها ائتلف و ما تنا كر من ها اختلف} .وقال{ :الرء
على دين خليله فلينظر أحدكم من يالل} .وزوج الشيء نظيه وسي الصنف زوجا ; لتشابه أفراده كقوله:
{فأنبتنا فيها من كل زوج كري} .وقال{ :ومن كل شيء خلقنا زوجي لعلكم تذكرون} .قال غي واحد
من الفسرين :صنفي ونوعي متلفي :السماء والرض والشمس والقمر والليل والنهار ; والب والبحر والسهل
والبل والشتاء والصيف والن والنس ; والكفر واليان والسعادة والشقاوة والق والباطل والذكر والنثى
والنور والظلمة واللو والر وأشباه ذلك {لعلكم تذكرون} فتعلمون أن خالق الزواج واحد .وليس الراد أنه
يشر معهم زوجاتم مطلقا ; فإن الرأة الصالة قد يكون زوجها فاجرا ; بل كافرا كامرأة فرعون .وكذلك
الرجل الصال قد تكون امرأته فاجرة بل كافرة كامرأة نوح ولوط .لكن إذا كانت الرأة على دين زوجها ;
دخلت ف عموم الزواج ولذا قال ال سن الب صري :وأزواج هم الشركات .فل ر يب أن هذه ال ية تناولت
الكفار كما دل عليه سياق الية .وقد تقدم كلم الفسرين :أنه يدخل فيها الزناة مع الزناة ,وأهل المر مع
أهل المر .وكذلك الثر الروي{ :إذا كان يوم القيامة قيل :أين الظلمة وأعوانم ؟ -أو قال :وأشباههم -
فيجمعون ف توابيت من نار ث يقذف بم ف النار} .وقد قال غي واحد من السلف :أعوان الظلمة من أعانم
ولو أنه لق لم دواة أو برى لم قلما ومنهم من كان يقول :بل من يغسل ثيابم من أعوانم .وأعوانم :هم
من أزواجهم الذكورين ف الية .فإن العي على الب والتقوى من أهل ذلك ,والعي على الث والعدوان من
أهل ذلك .قال تعال{ :من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل
منها} والشافع الذي يعي غيه فيصي معه شفعا بعد أن كان وترا ; ولذا فسرت " الشفاعة السنة " بإعانة
الؤمن ي على الهاد و " الشفا عة ال سيئة " بإعا نة الكفار على قتال الؤمن ي ك ما ذ كر ذلك ا بن جر ير وأ بو
سليمان .وفسرت " الشفاعة السنة " بشفاعة النسان للنسان ليجتلب له نفعا أو يلصه من بلء كما قال
السن وماهد وقتادة وابن زيد ; فالشفاعة السنة إعانة على خي يبه ال ورسوله ; من نفع من يستحق النفع
ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه .و " الشفاعة السيئة " إعانته على ما يكرهه ال ورسوله كالشفاعة
ال ت في ها ظلم الن سان أو م نع الح سان الذي ي ستحقه .وف سرت الشفا عة ال سنة بالدعاء للمؤمن ي وال سيئة
بالدعاء عليهم ,وفسرت الشفاعة السنة بالصلح بي اثني وكل هذا صحيح .فالشافع زوج الشفوع له إذ
الشفوع عنده من اللق إ ما أن يعي نه على بر وتقوى وإ ما أن يعي نه على إ ث وعدوان .وكان {ال نب صلى ال
عل يه و سلم إذا أتاه طالب حا جة قال ل صحابه :اشفعوا تؤجروا ويق ضي ال على ل سان نبيه ما شاء} .وتام
الكلم يبي أن الية -وإن تناولت الظال الذي ظلم بكفره -فهي أيضا متناولة ما دون ذلك وإن قيل فيها:
{وما كانوا يعبدون} فقد ثبت ف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :تعس عبد الدينار
تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الميصة تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش} .وثبت عنه ف "
الصحيح " أنه قال{ :ما من صاحب كن إل جعل له كنه يوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمته أنا مالك أنا
كنك .وف لفظ :إل مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حت يطوقه ف عنقه وقرأ رسول ال
صلى ال عليه وسلم هذه الية{ :سيطوقون ما بلوا به يوم القيامة}} .وف حديث آخر{ :مثل له يوم القيامة
شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه :هذا مالك الذي كنت تبخل به فإذا رأى أنه ل بد له منه
أدخل يده ف فيه فيقضمها كما يقضم الفحل} .وف رواية{ :فل يزال يتبعه فيلقمه يده فيقضمها ث يلقمه
سائر جسده} .وقد قال تعال ف الية الخرى{ :والذين يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال
فبشرهم بعذاب أليم} {يوم يمى عليها ف نار جهنم فتكوى با جباههم وجنوبم وظهورهم هذا ما كنت
لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنون} وقد ثبت ف " الصحيح " وغيه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال:
{ما من صاحب كن ل يؤدي زكاته إل أحي عليها ف نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى با جبينه وجنباه
حت يكم ال بي عباده ف يوم كان مقداره خسي ألف سنة ما تعدون ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل
النار} .وف حديث أب ذر{ :بشر الكانزين برضف يمى عليها ف نار جهنم فتوضع على حلمة ثدي أحدهم
ح ت يرج من ن غض كتف يه ,ويو ضع على ن غض كتف يه ح ت يرج من حل مة ثدي يه يتزلزل وتكوي الباه
والنوب والظهور حت يلتقي الر ف أجوافهم} .وهذا كما ف القرآن ويدل على أنه بعد دخول النار فيكون
هذا لن دخل النار من فعل به ذلك أول ف الوقف .فهذا الظال لا منع الزكاة يشر مع أشباهه وماله الذي
صار عبدا له من دون ال فيعذب به وإن ل يكن هذا من أهل الشرك الكب الذين يلدون ف النار .ولذا قال
ف آخر الديث{ :ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل النار} .فهذا بعد تعذيبه خسي ألف سنة ما تعدون ث
يد خل ال نة .و قد {قال ال نب صلى ال عل يه و سلم :الشرك ف هذه ال مة أخ فى من دب يب الن مل} قال ا بن
عباس وأصحابه :كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق .وكذلك قال أهل السنة كأحد بن حنبل
وغيه كمها سهنذكره -إن شاء ال -وقهد قال ال تعال{ :اتذوا أحبارههم ورهبانمه أربابها مهن دون ال
والسيح ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون} .وف حديث {عدي
بن حات -وهو حديث حسن طويل رواه أحد والترمذي وغيها -وكان قد قدم على النب صلى ال عليه
و سلم و هو ن صران ف سمعه يقرأ هذه ال ية قال :فقلت له إ نا ل سنا نعبد هم ; قال :أل يس يرمون ما أ حل ال
فتحرمو نه ويلون ما حرم ال فتحلونه قال :فقلت :بلى .قال :فتلك عبادت م} وكذلك قال أبو البختري :أما
إن م ل ي صلوا ل م ,ولو أمرو هم أن يعبدو هم من دون ال ما أطاعو هم ,ول كن أمرو هم فجعلوا حلل ال
حرامه وحرامه حلله ; فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية .وقال الربيع بن أنس :قلت لب العالية :كيف كانت
تلك الربوبية ف بن إسرائيل ؟ قال :كانت الربوبية أنم وجدوا ف كتاب ال ما أمروا به ونوا عنه فقالوا :لن
نسبق أحبارنا بشيء ; فما أمرونا به ائتمرنا وما نونا عنه انتهينا لقولم فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب ال
وراء ظهورهم ,فقد بي النب صلى ال عليه وسلم أن عبادتم إياهم كانت ف تليل الرام وتري اللل ل
أنم صلوا لم وصاموا لم ودعوهم من دون ال فهذه عبادة للرجال وتلك عبادة للموال وقد بينها النب صلى
ال عل يه و سلم و قد ذ كر ال أن ذلك شرك بقوله{ :ل إله إل هو سبحانه ع ما يشركون} .فهذا من الظلم
الذي يدخهل فه قوله{ :احشروا الذيهن ظلموا وأزواجههم ومها كانوا يعبدون} {مهن دون ال} .فإن هؤلء
والذيهن أمروههم بذا ههم جيعها معذبون وقال{ :إنكهم ومها تعبدون مهن دون ال حصهب جهنهم أنتهم لاه
واردون} .وإن ا يرج من هذا من ع بد مع كراه ته لن يع بد ويطاع ف مع صية ال .ف هم الذ ين سبقت ل م
ال سن كال سيح والعز ير وغيه ا فأولئك (مبعدون) .وأ ما من ر ضي بأن يع بد ويطاع ف مع صية ال ف هو
مستحق للوعيد ولو ل يأمر بذلك فكيف إذا أمر وكذلك من أمر غيه بأن يعبد غي ال وهذا من " أزواجهم
" فإن " أزواجهم " قد يكونون رؤساء لم وقد يكونون أتباعا وهم أزواج وأشباه لتشابهم ف الدين ,وسياق
ال ية يدل على ذلك فإ نه سبحانه قال{ :احشروا الذ ين ظلموا وأزواج هم و ما كانوا يعبدون} { من دون ال
فاهدوههم إل صهراط الحيهم} قال ابهن عباس :دلوههم .وقال الضحاك مثله .وقال ابهن كيسهان :قدموههم.
والعن :قودوهم كما يقود الادي لن يهديه ,ولذا تسمى العناق الوادي لنا تقود سائر البدن ,وتسمى
أوائل الوحش الوادي{ .وقفوهم إنم مسئولون} {ما لكم ل تناصرون} .أي :كما كنتم تتناصرون ف الدنيا
على الباطل{ .بل هم اليوم مستسلمون} {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} {قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن
اليمي} {قالوا بل ل تكونوا مؤمني} {وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغي} {فحق علينا
قول ربنا إنا لذائقون} {فأغويناكم إنا كنا غاوين} {فإنم يومئذ ف العذاب مشتركون} {إنا كذلك نفعل
بالجرم ي} {إن م كانوا إذا ق يل ل م ل إله إل ال ي ستكبون} {ويقولون أئ نا لتار كو آلت نا لشا عر منون}.
وقال تعال{ :قال ادخلوا ف أمم قد خلت من قبلكم من الن والنس ف النار كلما دخلت أمة لعنت أختها
ح ت إذا اداركوا في ها جي عا قالت أخرا هم لول هم رب نا هؤلء أضلو نا فآت م عذا با ضع فا من النار قال ل كل
ض عف ول كن ل تعلمون وقالت أول هم لخرا هم ف ما كان ل كم علي نا من ف ضل فذوقوا العذاب ب ا كن تم
تك سبون} .وقال تعال{ :وإذ يتحاجون ف النار فيقول الضعفاء للذ ين ا ستكبوا إ نا ك نا ل كم تب عا ف هل أن تم
مغنون عنا نصيبا من النار} {قال الذين استكبوا إنا كل فيها إن ال قد حكم بي العباد} .وقال تعال{ :ولو
ترى إذ الظالون موقوفون عند ربم يرجع بعضهم إل بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبوا لول
أنتم لكنا مؤمني} {قال الذين استكبوا للذين استضعفوا أنن صددناكم عن الدى بعد إذ جاءكم بل كنتم
مرم ي} {وقال الذ ين ا ستضعفوا للذ ين ا ستكبوا بل م كر الل يل والنهار إذ تأمرون نا أن نك فر بال ون عل له
أندادا وأسروا الندامة لا رأوا العذاب وجعلنا الغلل ف أعناق الذين كفروا هل يزون إل ما كانوا يعملون}.
وقوله ف سياق الية{ :إن م كانوا إذا ق يل ل م ل إله إل ال ي ستكبون} ول ريب أن ا تتناول " الشرك ي ":
الصغر والكب وتتناول أيضا من استكب عما أمره ال به من طاعته ; فإن ذلك من تقيق قول ل إله إل ال ;
فإن الله هو ال ستحق للعبادة ف كل ما يع بد به ال ف هو من تام تأله العباد له ف من ا ستكب عن ب عض عباد ته
سامعا مطيعا ف ذلك لغيه ; ل يقق قول :ل إله إل ال ف هذا القام .وهؤلء الذين اتذوا أحبارهم ورهبانم
أربابا -حيث أطاعوهم ف تليل ما حرم ال وتري ما أحل ال يكونون على وجهي( :أحدها) :أن يعلموا
أنم بدلوا دين ال فيتبعونم على التبديل فيعتقدون تليل ما حرم ال وتري ما أحل ال اتباعا لرؤسائهم مع
علمههم أنمه خالفوا ديهن الرسهل فهذا كفهر وقهد جعله ال ورسهوله شركها -وإن ل يكونوا يصهلون لمه
ويسجدون لم -فكان من اتبع غيه ف خلف الدين مع علمه أنه خلف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما
قاله ال ورسوله ; مشركا مثل هؤلء .و (الثان) :أن يكون اعتقادهم وإيانم بتحري اللل وتليل الرام ثابتا
لكنهم أطاعوهم ف معصية ال كما يفعل السلم ما يفعله من العاصي الت يعتقد أنا معاص ; فهؤلء لم حكم
أمثالم من أهل الذنوب كما ثبت ف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :إنا الطاعة ف
العروف} وقال{ :على ال سلم ال سمع والطا عة في ما أ حب أو كره ما ل يؤ مر بع صية} .وقال{ :ل طا عة
لخلوق فه معصهية الالق} .وقال{ :مهن أمركهم بعصهية ال فل تطيعوه} .ثه ذلك الحرم للحلل والحلل
للحرام إن كان متهدا قصده اتباع الر سول لكن خفي عليه ال ق ف نفس ال مر وقد اتقى ال ما ا ستطاع ;
فهذا ل يؤاخذه ال بطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه .ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به
الرسول ث اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه ال ل سيما إن
ات بع ف ذلك هواه ون صره بالل سان وال يد مع عل مه بأ نه مالف للر سول ; فهذا شرك ي ستحق صاحبه العقو بة
عليه .ولذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الق ل يوز له تقليد أحد ف خلفه وإنا تنازعوا ف جواز التقليد
للقادر على الستدلل وإن كان عاجزا عن إظهار الق الذي يعلمه ; فهذا يكون كمن عرف أن دين السلم
حق وهو بي النصارى فإذا فعل ما يقدر عليه من الق ; ل يؤاخذ با عجز عنه وهؤلء كالنجاشي وغيه.
وقد أنزل ال ف هؤلء آيات من كتابه كقوله تعال{ :وإن من أهل الكتاب لن يؤمن بال وما أنزل إليكم وما
أنزل إليههم} .وقوله{ :ومهن قوم موسهى أمهة يهدون بالقه وبهه يعدلون} .وقوله{ :وإذا سعوا مها أنزل إل
الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق} .وأما إن كان التبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الق
على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الجتهاد ف التقليد ; فهذا ل يؤاخذ إن أخطأ كما ف القبلة .وأما
إن قلد شخصا دون نظيه بجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غي علم أن معه الق ; فهذا من أهل الاهلية.
وإن كان متبوعه مصيبا ; ل يكن عمله صالا .وإن كان متبوعه مطئا ; كان آثا .كمن قال ف القرآن برأيه ;
فإن أصاب فقد أخطأ وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار .وهؤلء من جنس مانع الزكاة الذي تقدم فيه الوعيد
ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والميصة فإن ذلك لا أحب الال حبا منعه عن عبادة ال وطاعته
صار عبدا له .وكذلك هؤلء ; فيكون فيه شرك أصغر ولم من الوعيد بسب ذلك .وف الديث{ :إن يسي
الرياء شرك} .وهذا مبسوط عند النصوص الت فيها إطلق الكفر والشرك على كثي من الذنوب( .والقصود
هنا) أن الظلم الطلق يتناول الكفر ول يتص بالكفر ; بل يتناول ما دونه أيضا وكل بسبه كلفظ " الذنب "
و " الطيئة " " والعصية " .فإن هذا يتناول الكفر والفسوق والعصيان كما ف " الصحيحي " عن {عبد ال
بن مسعود قال :قلت يا رسول ال أي الذنب أعظم ؟ قال :أن تعل ل ندا وهو خلقك .قلت :ث أي ؟ قال:
ثه أن تقتهل ولدك خشيهة أن يطعهم معهك .قلت :ثه أي ؟ قال :ثه أن تزانه بليلة جارك فأنزل ال تعال:
{والذين ل يدعون مع ال إلا آخر ول يقتلون النفس الت حرم ال إل بالق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق
أثا ما} {يضا عف له العذاب يوم القيا مة ويلد ف يه مها نا} {إل من تاب وآ من وع مل عمل صالا فأولئك
يبدل ال سيئاتم ح سنات وكان ال غفورا رحي ما} {و من تاب وع مل صالا فإ نه يتوب إل ال متا با}}.
فهذا الوعيد بتمامه على الثلثة ولكل عمل قسط منه ; فلو أشرك ول يقتل ول يزن ; كان عذابه دون ذلك.
ولو ز ن وق تل ول يشرك ; كان له من هذا العذاب ن صيب ك ما ف قوله{ :و من يق تل مؤم نا متعمدا فجزاؤه
جه نم خالدا في ها وغ ضب ال عل يه ولع نه وأ عد له عذا با عظي ما} .ول يذ كر( :أبدا) .و قد ق يل :إن ل فظ "
التأبيد " ل يئ إل مع الكفر وقال ال تعال{ :ويوم يعض الظال على يديه يقول يا ليتن اتذت مع الرسول
سبيل} {يا ويلت ليتن ل أتذ فلنا خليل} {لقد أضلن عن الذكر بعد إذ جاءن وكان الشيطان للنسان
خذول} .فل ريهب أن هذا يتناول الكافهر الذي ل يؤمهن بالرسهول .وسهبب نزول اليهة كان فه ذلك فإن "
الظلم الطلق " يتناول ذلك ويتناول ما دونه بسبه .فمن خال ملوقا ف خلف أمر ال ورسوله ; كان له من
هذا الوع يد ن صيب ك ما قال تعال{ :الخلء يومئذ بعض هم لب عض عدو إل التق ي} .وقال تعال{ :إذ تبأ
الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بم السباب} .قال الفضيل بن عياض :حدثنا الليث عن
ماههد :ههي الودات الته كانهت بينههم لغيه ال .فإن " الخالة " تاب وتواد ; ولذا قال{ :الرء على ديهن
خليله} فإن التحابي يب أحدها ما يب الخر بسب الب فإذا اتبع أحدها صاحبه على مبته ما يبغضه
ال ورسوله ; نقص من دينهما بسب ذلك إل أن ينتهي إل الشرك الكب قال تعال{ :ومن الناس من يتخذ
مهن دون ال أندادا يبونمه كحهب ال والذيهن آمنوا أشهد حبها ل} .والذيهن قدموا مبهة الال الذي كنوه
والخلوق الذي اتبعوه على م بة ال ور سوله كان في هم من الظلم والشرك ب سب ذلك فلهذا ألزم هم مبوب م
ك ما ف الديث يقول ال تعال{ :أليس عدل م ن أن أول كل ر جل من كم ما كان يتوله ف الدن يا} .و قد
ثبت ف " الصحيح " يقول{ :ليذهب كل قوم إل ما كانوا يعبدون ; فمن كان يعبد الشمس الشمس ومن
كان يعبد القمر القمر ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت ويثل للنصارى السيح ولليهود عزير .فيتبع كل
قوم ما كانوا يعبدون وتبقى هذه المة فيها منافقوها} كما سيأت هذا الديث -إن شاء ال -فهؤلء " أهل
الشرك الكب " .وأما " عبيد الال " الذين كنوه وعبيد الرجال الذين أطاعوهم ف معاصي ال فأولئك يعذبون
عذابا دون عذاب أولئك الشركي ; إما ف عرصات القيامة وإما ف جهنم ومن أحب شيئا دون ال عذب به.
وقال تعال { :يا أي ها الذ ين آمنوا أنفقوا م ا رزقنا كم من ق بل أن يأ ت يوم ل ب يع ف يه ول خلة ول شفا عة
والكافرون هم الظالون} " .فالك فر الطلق " هو الظلم الطلق ; ولذا ل شف يع لهله يوم القيامهة ك ما ن فى
الشفاعة ف هذه الية وف قوله{ :وأنذرهم يوم الزفة إذ القلوب لدى الناجر كاظمي ما للظالي من حيم
ول شف يع يطاع} {يعلم خائ نة الع ي و ما ت في ال صدور} .وقال{ :فكبكبوا في ها هم والغاوون} {وجنود
إبل يس أجعون} {قالوا و هم في ها يت صمون} {تال إن ك نا ل في ضلل مبي} {إذ ن سويكم برب العال ي}
{وما أضلنا إل الجرمون} {فما لنا من شافعي} {ول صديق حيم} {فلو أن لنا كرة فنكون من الؤمني}.
وقوله{ :إذ نسويكم} ل يريدوا به أنم جعلوهم مساوين ل من كل وجه ; فإن هذا ل يقله أحد من بن آدم
ول نقل عن قوم قط من الكفار أنم قالوا :إن هذا العال له خالقان متماثلن حت الجوس القائلي " بالصلي:
النور والظلمة " متفقون على أن " النور " خي يستحق أن يعبد ويمد وأن " الظلمة " شريرة تستحق أن تذم
وتل عن واختلفوا هل الظل مة مد ثة أو قدي ة ؟ على قول ي وب كل حال ل يعلو ها م ثل النور من كل و جه.
وكذلك " مشركهو العرب " كانوا متفقيه على أن أربابمه ل تشارك ال فه خلق السهموات والرض ; بهل
كانوا مقرين بأن ال وحده خلق السموات والرض وما بينهما كما أخب ال عنهم بذلك ف غي آية كقوله
تعال{ :ولئن سألتهم من خلق ال سماوات والرض و سخر الش مس والق مر ليقولن ال فأ ن يؤفكون} {ال
يب سط الرزق ل ن يشاء من عباده ويقدر له إن ال ب كل ش يء عل يم} {ولئن سألتهم من نزل من ال سماء ماء
فأحيا به الرض من بعد موتا ليقولن ال قل المد ل بل أكثرهم ل يعقلون} .وقال تعال{ :ولئن سألتهم من
خلق السماوات والرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} {الذي جعل لكم الرض مهدا وجعل لكم فيها سبل
لعلكهم تتدون} {والذي نزل مهن السهماء ماء بقدر فأنشرنها بهه بلدة ميتها كذلك ترجون} {والذي خلق
الزواج كل ها وج عل ل كم من الفلك والنعام ما تركبون} {لت ستووا على ظهوره ث تذكروا نع مة رب كم إذا
استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرني وإنا إل ربنا لنقلبون} .وهذه الصفات من
كلم ال تعال ; ليست من تام جوابم .وقال تعال{ :قل لن الرض ومن فيها إن كنتم تعلمون} {سيقولون
ل قل أفل تذكرون} { قل من رب ال سماوات ال سبع ورب العرش العظ يم} { سيقولون ل} اليات .وقال
تعال {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب ال أو أتتكم الساعة أغي ال تدعون إن كنتم صادقي} {بل إياه تدعون
فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} .وكذلك قوله{ :آل خي أم ما يشركون} {أمن خلق
السماوات والرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله
مع ال بل هم قوم يعدلون} {أ من ج عل الرض قرارا وج عل خلل ا أنارا وج عل ل ا روا سي وج عل ب ي
البحر ين حاجزا أإله مع ال} .أي :أإله مع ال فعل هذا ؟ وهذا استفهام إنكار وهم مقرون بأنه ل يفعل هذا
إله آخر مع ال .ومن قال من الفسرين إن الراد :هل مع ال إله آخر ؟ فقد غلط ; فإنم كانوا يعلون مع ال
آلة أخرى كما قال تعال{ :أئنكم لتشهدون أن مع ال آلة أخرى قل ل أشهد} .وقال تعال{ :فما أغنت
عنهم آلتهم الت يدعون من دون ال من ش يء} .وقال تعال عنهم{ :أجعل اللة إلا واحدا إن هذا لشيء
عجاب} .وكانوا معترف ي بأن آلت هم ل تشارك ال ف خلق ال سموات والرض ول خلق ش يء ; بل كانوا
يتخذون م شفعاء وو سائط ك ما قال تعال{ :ويعبدون من دون ال ما ل يضر هم ول ينفع هم ويقولون هؤلء
شفعاؤنا عند ال} .وقال عن صاحب يس{ :وما ل ل أعبد الذي فطرن وإليه ترجعون} {أأتذ من دونه آلة
إن يردن الرحنه بضهر ل تغهن عنه شفاعتههم شيئا ول ينقذون} .وقال تعال{ :وأنذر بهه الذيهن يافون أن
يشروا إل رب م ل يس ل م من دو نه ول ول شف يع} .وقال تعال{ :ال الذي خلق ال سماوات والرض و ما
بينه ما ف ستة أيام ث ا ستوى على العرش ما ل كم من دو نه من ول ول شف يع أفل تتذكرون} .وقال { :قل
ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يلكون مثقال ذرة ف السماوات ول ف الرض وما لم فيهما من شرك وما
له منهم من ظهي} {ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن له} فنفى عما سواه كل ما يتعلق به الشركون فنفى
أن يكون لغيه ملك أو قسط من اللك أو يكون عونا ل ول يبق إل الشفاعة ; فبي أنا ل تنفع إل لن أذن له
الرب ك ما قال تعال { :من ذا الذي يش فع عنده إل بإذ نه} وقال تعال عن اللئ كة{ :ول يشفعون إل ل ن
ارت ضى} .وقال{ :و كم من ملك ف ال سماوات ل تغ ن شفاعت هم شيئا إل من ب عد أن يأذن ال ل ن يشاء
ويرضى} .فهذه " الشفاعة " الت يظنها الشركون ; هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن .وأما ما أخب به
النب صلى ال عليه وسلم أنه يكون .فأخب{ :أنه يأت فيسجد لربه ويمده ل يبدأ بالشفاعة أول .فإذا سجد
وحد ربه بحامد يفتحها عليه ; يقال له :أي ممد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع .فيقول:
أي رب أمت فيحد له حدا فيدخلهم النة .وكذلك ف الثانية وكذلك ف الثالثة وقال له أبو هريرة :من أسعد
الناس بشفاع تك يوم القيا مة ؟ قال :من قال :ل إله إل ال خال صا من قل به} .فتلك " الشفا عة " هي ل هل
الخلص بإذن ال لي ست ل ن أشرك بال ول تكون إل بإذن ال .وحقيق ته أن ال هو الذي يتف ضل على أ هل
الخلص والتوحيهد فيغفهر لمه بواسهطة دعاء الشافهع الذي أذن له أن يشفهع ليكرمهه بذلك وينال بهه القام
الحمود الذي يغبطه به الولون والخرون صلى ال عليه وسلم كما كان ف الدنيا يستسقي لم ويدعو لم
وتلك شفاعة منه لم فكان ال ييب دعاءه وشفاعته .وإذا كان كذلك " فالظلم ثلثة أنواع " :فالظلم الذي
هو شرك ل شفاعة فيه .وظلم الناس بعضهم بعضا ل بد فيه من إعطاء الظلوم حقه ; ل يسقط حق الظلوم ل
بشفاعة ول غيها ولكن قد يعطى الظلوم من الظال كما قد يغفر لظال نفسه بالشفاعة .فالظال الطلق ما له
من شفيع مطاع وأما الوحد فلم يكن ظالا مطلقا بل هو موحد مع ظلمه لنفسه .وهذا إنا نفعه ف القيقة
إخلصه ل فبه صار من أهل الشفاعة .ومقصود القرآن ينفي الشفاعة نفي الشرك وهو :أن أحدا ل يعبد إل
ال ول يدعو غيه ول يسأل غيه ول يتوكل على غيه ل ف شفاعة ول غيها ; فليس له أن يتوكل على أحد
ف أن يرزقه وإن كان ال يأتيه برزقه بأسباب .كذلك ليس له أن يتوكل على غي ال ف أن يغفر له ويرحه ف
الخرة وإن كان ال يغفر له ويرحه بأسباب من شفاعة وغيها فالشفاعة الت نفاها القرآن مطلقا ; ما كان
في ها شرك وتلك منتف ية مطل قا ; ولذا أث بت الشفا عة بإذ نه ف موا ضع وتلك قد ب ي الر سول صلى ال عل يه
وسلم أنا ل تكون إل لهل التوحيد والخلص فهي من التوحيد ,ومستحقها أهل التوحيد .وأما " الظلم
القيد " فقد يتص بظلم النسان نفسه وظلم الناس بعضهم بعضا كقول آدم عليه السلم وحواء{ :ربنا ظلمنا
أنفسنا} .وقول موسى{ :رب إن ظلمت نفسي} .وقوله تعال{ :والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم
ذكروا ال فا ستغفروا لذنوب م} .ل كن قول آدم ومو سى إخبار عن وا قع ل عموم ف يه وذلك قد عرف ول
المد أنه ليس كفرا .وأما قوله{ :والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} فهو نكرة ف سياق الشرط يعم
كل ما فيه ظلم النسان نفسه ; وهو إذا أشرك ث تاب تاب ال عليه .وقد تقدم أن ظلم النسان لنفسه يدخل
فيه كل ذنب كبي أو صغي مع الطلق وقال تعال {ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظال
لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات} .فهذا ظلم لنفسه مقرون بغيه ; فل يدخل فيه الشرك الكب.
وف " الصحيحي " {عن ابن مسعود أنه لا أنزلت هذه الية{ :الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم} شق ذلك
على أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وقالوا :أينا ل يظلم نفسه ؟ فقال النب صلى ال عليه وسلم :إنا هو
الشرك ; أل ت سمعوا إل قول الع بد ال صال{ :إن الشرك لظلم عظ يم}} .والذ ين شق ذلك علي هم ظنوا :أن
الظلم الشروط هو ظلم الع بد نف سه وأ نه ل يكون ال من والهتداء إل ل ن ل يظلم نف سه ; ف شق ذلك علي هم
فبي النب صلى ال عليه وسلم لم ما دلم على أن الشرك ظلم ف كتاب ال تعال .وحينئذ فل يصل المن
والهتداء إل لن ل يلبس إيانه بذا الظلم ; ومن ل يلبس إيانه به كان من أهل المن والهتداء .كما كان من
أ هل ال صطفاء ف قوله { :ث أورث نا الكتاب الذ ين ا صطفينا من عباد نا} إل قوله {جنات عدن يدخلون ا}.
وهذا ل ينفي أن يؤاخذ أحدهم بظلم نفسه إذا ل يتب كما قال تعال {فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ومن
يعمل مثقال ذرة شرا يره} .وقال تعال{ :من يعمل سوءا يز به} .وقد {سأل أبو بكر النب صلى ال عليه
وسلم عن ذلك فقال :يا رسول ال وأينا ل يعمل سوءا ؟ فقال :يا أبا بكر ألست تنصب ألست تزن ألست
ت صيبك اللواء ؟ فذلك ما تزون به} فبي أن الؤ من الذي إذا تاب د خل ال نة قد يزى ب سيئاته ف الدن يا
بالصائب الت تصيبه كما ف " الصحيحي " عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :مثل الؤمن كمثل الامة من
الزرع تفيئها الرياح تقومها تارة وتيلها أخرى ومثل النافق كمثل شجرة الرز ل تزال ثابتة على أصلها حت
يكون انعاف ها مرة واحدة} .و ف " ال صحيحي " عنه صلى ال عليه و سلم أنه قال{ :ما ي صيب الؤمن من
وصب ول نصب ول هم ول حزن ول غم ول أذى حت الشوكة يشاكها إل كفر ال با من خطاياه} وف
حد يث { سعد بن أ ب وقاص قلت :يا ر سول ال أي الناس أ شد بلء ؟ قال :ال نبياء ث ال صالون ث الم ثل
فالمثل ; يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان ف دينه صلبة زيد ف بلئه وإن كان ف دينه رقة ; خفف
عنه ول يزال البلء بالؤمن حت يشي على الرض وليس عليه خطيئة} رواه أحد والترمذي وغيها .وقال:
{الرض ح طة ي ط الطا يا عن صاحبه ك ما ت ط الشجرة الياب سة ورق ها} والحاد يث ف هذا الباب كثية.
فمن سلم من أجناس الظلم الثلثة ; كان له المن التام والهتداء التام .ومن ل يسلم من ظلمه نفسه ; كان له
المن والهتداء مطلقا بعن أنه ل بد أن يدخل النة كما وعد بذلك ف الية الخرى وقد هداه إل الصراط
الستقيم الذي تكون عاقبته فيه إل النة ويصل له من نقص المن والهتداء بسب ما نقص من إيانه بظلمه
نفسه .وليس مراد النب صلى ال عليه وسلم بقوله {إنا هو الشرك} أن من ل يشرك الشرك الكب يكون له
ال من التام والهتداء التام .فإن أحادي ثه الكثية مع ن صوص القرآن تبي أن أ هل الكبائر معرضون للخوف ل
يصل ل م ال من التام ول الهتداء التام الذي يكونون به مهتدين إل الصراط ال ستقيم صراط الذين أن عم ال
عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي من غي عذاب يصل لم ; بل معهم أصل الهتداء إل هذا
الصراط ومعهم أصل نعمة ال عليهم ول بد لم من دخول النة .وقول النب صلى ال عليه وسلم {إنا هو
الشرك} إن أراد به الشرك الكب فمقصوده أن من ل يكن من أهله فهو آمن ما وعد به الشركون من عذاب
الدن يا والخرة و هو مه تد إل ذلك .وإن كان مراده ج نس الشرك ; فيقال :ظلم الع بد نف سه كبخله -ل ب
الال -ببعض الواجب هو شرك أصغر ,وحبه ما يبغضه ال حت يكون يقدم هواه على مبة ال شرك أصغر
ونو ذلك .فهذا صاحبه قد فاته من المن والهتداء بسبه ولذا كان السلف يدخلون الذنوب ف هذا الظلم
بذا العتبار.
فصل (ص )83
و من هذا الباب ل فظ " ال صلح " و " الف ساد " :فإذا أطلق ال صلح تناول ج يع ال ي وكذلك الف ساد يتناول
جيع الشر كما تقدم ف اسم الصال وكذلك اسم الصلح والفسد قال تعال ف قصة موسى{ :أتريد أن تقتلن
ك ما قتلت نف سا بال مس إن تر يد إل أن تكون جبارا ف الرض و ما تر يد أن تكون من ال صلحي} {وقال
موسى لخيه هارون اخلفن ف قومي وأصلح ول تتبع سبيل الفسدين} وقال تعال{ :وإذا قيل لم ل تفسدوا
ف الرض قالوا إنا نن مصلحون} {أل إنم هم الفسدون ولكن ل يشعرون} .والضمي عائد على النافقي
ف قوله{ :و من الناس من يقول آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي} وهذا مطلق يتناول من كان على
عهد النب صلى ال عليه وسلم ومن سيكون بعدهم ; ولذا قال سلمان الفارسي :إنه عن بذه الية قوما ل
يكونوا خلقوا ح ي نزول ا وكذا قال ال سدي عن أشيا خه :الف ساد الك فر والعا صي .و عن ما هد :ترك امتثال
الوا مر واجتناب النوا هي .والقولن معناه ا وا حد .و عن ابن عباس :الك فر .وهذا مع ن قول من قال :النفاق
الذي صافوا به الكفار وأطلعوهم على أسرار الؤمني .وعن أب العالية ومقاتل :العمل بالعاصي .وهذا أيضا
عام كالولي .وقولم{ :إنا نن مصلحون} فسر بإنكار ما أقروا به أي :إنا إنا نفعل ما أمرنا به الرسول.
وف سر :بأن الذي نفعله صلح ونق صد به ال صلح وكل القول ي يروى عن ا بن عباس وكله ا حق فإن م
يقولون هذا وهذا ,يقولون الول لن ل يطلع على بواطنهم ويقولون الثان لنفسهم ولن اطلع على بواطنهم.
لكن الثان يتناول الول ; فإن من جلة أفعالم إسرار خلف ما يظهرون وهم يرون هذا صلحا قال ماهد:
أرادوا أن م صافاة الكفار صلح ل ف ساد .و عن ال سدي :إن فعل نا هذا هو ال صلح وت صديق م مد ف ساد ,
وقيل :أرادوا أن هذا صلح ف الدنيا فإن الدولة إن كانت للنب صلى ال عليه وسلم ; فقد أمنوا بتابعته وإن
كا نت للكفار ; ف قد أمنو هم ب صافاتم .ول جل القول ي ق يل ف قوله{ :أل إن م هم الف سدون ول كن ل
يشعرون} أي ل يشعرون أن مها فعلوه فسهاد ل صهلح .وقيهل :ل يشعرون أن ال يطلع نهبيه على فسهادهم.
والقول الول يتناول الثان ; فهو الراد كما يدل عليه لفظ الية .وقال تعال {إن وليي ال الذي نزل الكتاب
وهو يتول الصالي} وقال {قال موسى ما جئتم به السحر إن ال سيبطله إن ال ل يصلح عمل الفسدين}
وقول يو سف {توف ن م سلما وألق ن بال صالي} .و قد يقرن أحده ا ب ا هو أ خص م نه كقوله{ :وإذا تول
سهعى فه الرض ليفسهد فيهها ويهلك الرث والنسهل وال ل يبه الفسهاد} قيهل :بالكفهر وقيهل :بالظلم ;
وكله ا صحيح وقال تعال{ :تلك الدار الخرة نعل ها للذ ين ل يريدون علوا ف الرض ول ف سادا} و قد
تقدم قوله تعال{ :إن فرعون عل ف الرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي
نساءهم إنه كان من الفسدين} .وقال تعال{ :من أجل ذلك كتبنا على بن إسرائيل أنه من قتل نفسا بغي
نفس أو فساد ف الرض فكأنا قتل الناس جيعا} وقتل النفس الول من جلة الفساد لكن الق ف القتل لول
القتول و ف الردة والحار بة والز نا ; ال ق في ها لعموم الناس ; ولذا يقال :هو حق ل ولذا ل يع فى عن هذا
ك ما يع فى عن الول لن ف ساده عام قال تعال {إن ا جزاء الذ ين ياربون ال ور سوله وي سعون ف الرض
فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف} الية .قيل :سبب نزول هذه الية العرنيون
الذ ين ارتدوا وقتلوا وأخذوا الال .وق يل :سببه ناس معاهدون نقضوا الع هد وحاربوا .وق يل :الشركون ; ف قد
قرن بالرتد ين الحارب ي وناق ضي الع هد الحارب ي وبالشرك ي الحارب ي .وجهور ال سلف واللف على أن ا
تتناول قطاع الطر يق من ال سلمي وال ية تتناول ذلك كله ; ولذا كان من تاب ق بل القدرة عل يه من ج يع
هؤلء فإ نه ي سقط ع نه حق ال تعال .وكذلك قرن " ال صلح وال صلح باليان " ف موا ضع كثية كقوله
تعال{ :إن الذين آمنوا وعملوا الصالات}{ .فمن آمن وأصلح فل خوف عليهم ول هم يزنون} .ومعلوم
أن اليان أفضل الصلح وأفضل العمل الصال كما جاء ف الديث الصحيح أنه {قيل :يا رسول ال أي
العمال أفضل ؟ قال :إيان بال} .وقال تعال{ :وإن لغفار لن تاب وآمن وعمل صالا ث اهتدى} .وقال:
{إل من تاب وآ من وع مل صالا فأولئك يدخلون ال نة} .وقال{ :إل من تاب وآ من وع مل عمل صالا
فأولئك يبدل ال سيئاتم حسنات} .وقال ف القذف{ :إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن ال غفور
رحيم} .وقال ف السارق{ :فمن تاب من بعد ظلمه وأ صلح فإن ال يتوب عل يه} .وقال{ :واللذان يأتيان ا
منكم فآذوها فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} .ولذا شرط الفقهاء ف أحد قوليهم ف قبول شهادة القاذف
أن يصلح وقدروا ذلك بسنة كما فعل عمر بصبيغ بن عسل لا أجله سنة ,وبذلك أخذ أحد ف توبة الداعي
إل البدعة أنه يؤجل سنة كما أجل عمر صبيغ بن عسل.
فصل (ص )87
فإن قيل :ما ذكر من تنوع دللة اللفظ بالطلق والتقييد ف كلم ال ورسوله وكلم كل أحد ; بي ظاهر ل
ي كن دف عه ; ل كن نقول :دللة ل فظ اليان على العمال ماز ; فقوله صلى ال عل يه و سلم{ " :اليان ب ضع
وستون أو بضع وسبعون شعبة ; أعلها قول ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} " ماز .وقوله" :
{اليان :أن تؤمهن بال وملئكتهه وكتبهه ورسهله} " ...إل آخره ; حقيقهة .وهذا عمدة الرجئة والهميهة
والكرام ية و كل من ل يد خل العمال ف ا سم اليان .ون ن ن يب بواب ي " :أحده ا " :كلم عام ف ل فظ
(القيقة والجاز) " .والثان " :ما يتص بذا الوضع .فبتقدير أن يكون أحدها مازا ; ما هو القيقة من ذلك
من الجاز ؟ هل القي قة هو الطلق أو الق يد أو كله ا حقي قة ح ت يعرف أن ل فظ اليان إذا أطلق على ماذا
يمل ؟ .فيقال أول :تقسيم اللفاظ الدالة على معانيها إل " حقيقة وماز " وتقسيم دللتها أو العان الدلول
علي ها إن ا ستعمل ل فظ القي قة والجاز ف الدلول أو ف الدللة ; فإن هذا كله قد ي قع ف كلم التأخر ين.
ول كن الشهور أن القي قة والجاز من عوارض اللفاظ وب كل حال فهذا التق سيم هو ا صطلح حادث ب عد
انقضاء القرون الثلثة ل يتكلم به أحد من الصحابة ول التابعي لم بإحسان ول أحد من الئمة الشهورين ف
العلم كمالك والثوري والوزاعي وأب حنيفة والشافعي بل ول تكلم به أئمة اللغة والنحو كالليل وسيبويه
وأب عمرو بن العلء ونوهم .وأول من عرف أنه تكلم بلفظ " الجاز " أبو عبيدة معمر بن الثن ف كتابه.
ولكن ل يعن بالجاز ما هو قسيم القيقة .وإنا عن بجاز الية ما يعب به عن الية ; ولذا قال من قال من
الصوليي -كأب السي البصري وأمثاله -إنا تعرف القيقة من الجاز بطرق منها :نص أهل اللغة على
ذلك بأن يقولوا :هذا حقي قة وهذا ماز ,ف قد تكلم بل علم ,فإ نه ظن أن أ هل الل غة قالوا هذا ول ي قل ذلك
أحد من أهل اللغة ول من سلف المة وعلمائها وإنا هذا اصطلح حادث والغالب أنه كان من جهة العتزلة
ونوهم من التكلمي فإنه ل يوجد هذا ف كلم أحد من أهل الفقه والصول والتفسي والديث ونوهم من
السلف .وهذا الشافعي هو أول من جرد الكلم ف " أصول الفقه " ل يقسم هذا التقسيم " ول تكلم بلفظ "
القيقة والجاز " .وكذلك ممد بن السن له ف السائل البنية على العربية كلم معروف ف " الامع الكبي "
وغيه ; ول يتكلم بلفظ القيقة والجاز .وكذلك سائر الئمة ل يوجد لفظ الجاز ف كلم أحد منهم إل ف
كلم أحد بن حنبل ; فإنه قال ف كتاب الرد على الهمية ف قوله( :إنا ,ونن) ونو ذلك ف القرآن :هذا
من ماز اللغة يقول الرجل :إنا سنعطيك .إنا سنفعل ; فذكر أن هذا ماز اللغة .وبذا احتج على مذهبه من
أصحابه من قال :إن ف " القرآن " مازا كالقاضي أب يعلى وابن عقيل وأب الطاب وغيهم .وآخرون من
أصحابه منعوا أن يكون ف القرآن ماز كأب السن الرزي .وأب عبد ال بن حامد .وأب الفضل التميمي بن
أ ب ال سن التمي مي وكذلك م نع أن يكون ف القرآن ماز م مد بن خو يز منداد وغيه من الالكية وم نع منه
داود بن علي وابنه أبو بكر ومنذر بن سعيد البلوطي وصنف فيه مصنفا .وحكى بعض الناس عن أحد ف ذلك
روايتي .وأما سائر الئمة فلم يقل أحد منهم ول من قدماء أصحاب أحد :إن ف القرآن مازا ل مالك ول
الشافعي ول أبو حنيفة فإن تقسيم اللفاظ إل حقيقة وماز .إنا اشتهر ف الائة الرابعة وظهرت أوائله ف الائة
الثالثة وما علمته موجودا ف الائة الثانية اللهم إل أن يكون ف أواخرها والذين أنكروا أن يكون أحد وغيه
نطقوا بذا التق سيم .قالوا :إن مع ن قول أح د :من ماز اللغة .أي :م ا يوز ف الل غة أن يقول الوا حد العظ يم
الذي له أعوان :نن فعلنا كذا ونفعل كذا ونو ذلك .قالوا :ول يرد أحد بذلك أن اللفظ استعمل ف غي ما
و ضع له .و قد أن كر طائ فة أن يكون ف الل غة ماز ل ف القرآن ول غيه كأ ب إ سحاق ال سفرايين .وقال
النازعون له :الناع معه لفظي فإنه إذا سلم أن ف اللغة لفظا مستعمل ف غي ما وضع له ل يدل على معناه إل
بقرينة ; فهذا هو الجاز وإن ل يسمه مازا .فيقول من ينصره :إن الذين قسموا اللفظ :حقيقة ومازا قالوا" :
القيقة " هو اللفظ الستعمل فيما وضع له " .والجاز " هو اللفظ الستعمل ف غي ما وضع له كلفظ السد
والمار إذا أريد بما البهيمة أو أريد بما الشجاع والبليد .وهذا التقسيم والتحديد يستلزم أن يكون اللفظ قد
وضع أول لعن ث بعد ذلك قد يستعمل ف موضوعه وقد يستعمل ف غي موضوعه ; ولذا كان الشهور عند
أهل التقسيم أن كل ماز فل بد له من حقيقة وليس لكل حقيقة ماز ؟ فاعترض عليهم بعض متأخريهم وقال:
اللفظ الوضوع قبل الستعمال ل حقيقة ول ماز فإذا استعمل ف غي موضوعه فهو ماز ل حقيقة له .وهذا
كله إن ا ي صح لو علم أن اللفاظ العرب ية وض عت أول لعان ث ب عد ذلك ا ستعملت في ها ; فيكون ل ا و ضع
ه مهن العقلء متقدم على السهتعمال .وهذا إناه صهح على قول مهن يعهل اللغات اصهطلحية فيدعهي أن قوم ا
اجتمعوا واصهطلحوا على أن يسهموا هذا بكذا وهذا بكذا ويعهل هذا عامها فه جيهع اللغات .وهذا القول ل
نعرف أحدا من السلمي قاله قبل أب هاشم بن البائي ; فإنه وأبا السن الشعري كلها قرأ على أب علي
البائي لكن الشعري رجع عن مذهب العتزلة وخالفهم ف القدر والوعيد وف الساء والحكام وف صفات
ال تعال وبي من تناقضهم وفساد قولم ما هو معروف عنه .فتنازع الشعري وأبو هاشم ف مبدأ اللغات ;
فقال أ بو ها شم :هي ا صطلحية وقال الشعري :هي توقيف ية .ث خاض الناس بعده ا ف هذه ال سألة ; فقال
آخرون :بعضها توقيفي وبعضها اصطلحي وقال فريق رابع بالوقف .والقصود هنا أنه ل يكن أحدا أن ينقل
عن العرب بل ول عن أ مة من ال مم أ نه اجت مع جا عة فوضعوا ج يع هذه ال ساء الوجودة ف الل غة ث
استعملوها بعد الوضع وإنا العروف النقول بالتواتر استعمال هذه اللفاظ فيما عنوه با من العان فإن ادعى
مدع أنه يعلم وضعا يتقدم ذلك فهو مبطل فإن هذا ل ينقله أحد من الناس .ول يقال :نن نعلم ذلك بالدليل
; فإ نه إن ل ي كن ا صطلح متقدم ل ي كن ال ستعمال .ق يل :ل يس ال مر كذلك ; بل ن ن ن د أن ال يل هم
اليوان من ال صوات ما به يعرف بعض ها مراد ب عض و قد سي ذلك منط قا وقول ف قول سليمان{ :علم نا
منطق الطي} .وف قوله{ :قالت نلة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} وف قوله{ :يا جبال أوب معه والطي}.
وكذلك الدميون ; فالولود إذا ظ هر م نه التمي يز سع أبو يه أو من يرب يه ين طق بالل فظ ويش ي إل الع ن ف صار
يفهم أن ذلك اللفظ يستعمل ف ذلك العن أي :أراد التكلم به ذلك العن ث هذا يسمع لفظا بعد لفظ حت
يعرف لغة القوم الذين نشأ بينهم من غي أن يكونوا قد اصطلحوا معه على وضع متقدم ; بل ول أوقفوه على
معان الساء وإن كان أحيانا قد يسأل عن مسمى بعض الشياء فيوقف عليها كما يترجم للرجل اللغة الت ل
يعرفها فيوقف على معان ألفاظها وإن باشر أهلها مدة علم ذلك بدون توقيف من أحدهم .نعم قد يضع الناس
السم لا يدث ما ل يكن من قبلهم يعرفه فيسميه كما يولد لحدهم ولد فيسميه اسا إما منقول وإما مرتل
وقد يكون السمى واحدا ل يصطلح مع غيه وقد يستوون فيما يسمونه .وكذلك قد يدث للرجل آلة من
صناعة أو يصنف كتابا أو يبن مدينة ونو ذلك فيسمي ذلك باسم لنه ليس من الجناس العروفة حت يكون
له ا سم ف الل غة العا مة .و قد قال ال{ :الرح ن} {علم القرآن} {خلق الن سان} {عل مه البيان} .و {قالوا
أنطق نا ال الذي أن طق كل ش يء} .وقال{ :الذي خلق ف سوى} {والذي قدر فهدى} .ف هو سبحانه يل هم
النسان النطق كما يلهم غيه .وهو سبحانه إذا كان قد علم آدم الساء كلها وعرض السميات على اللئكة
ك ما أ خب بذلك ف كتا به فن حن نعلم أ نه ل يعلم آدم ج يع اللغات ال ت يتكلم ب ا ج يع الناس إل يوم القيا مة
وأن تلك اللغات اتصلت إل أولده فل يتكلمون إل با فإن دعوى هذا كذب ظاهر فإن آدم عليه السلم إنا
ين قل ع نه بنوه و قد أغرق ال عام الطوفان ج يع ذري ته إل من ف ال سفينة وأ هل ال سفينة انقط عت ذريت هم إل
أولد نوح ول يكونوا يتكلمون بميع ما تكلمت به المم بعدهم .فإن " اللغة الواحدة " كالفارسية والعربية
والروميهة والتركيهة فيهها مهن الختلف والنواع مها ل يصهيه إل ال ,والعرب أنفسههم لكهل قوم لغات ل
يفهمها غيهم فكيف يتصور أن ينقل هذا جيعه عن أولئك الذين كانوا ف السفينة وأولئك جيعهم ل يكن
لم نسل وإنا النسل لنوح وجيع الناس من أولده وهم ثلثة :سام وحام ويافث كما قال ال تعال{ :وجعلنا
ذريته هم الباقي} .فلم يعل باقيا إل ذريته وكما روي ذلك عن النب صلى ال عليه وسلم " :أن أولده ثلثة
" .رواه أحد وغيه .ومعلوم أن الثلثة ل يكن أن ينطقوا بذا كله ويتنع نقل ذلك عنهم ; فإن الذين يعرفون
هذه اللغة ل يعرفون هذه ,وإذا كان الناقل ثلثة ; فهم قد علموا أولدهم ,وأولدهم علموا أولدهم ,ولو
كان كذلك لتصلت .ونن ند بن الب الواحد يتكلم كل قبيلة منهم بلغة ل تعرفها الخرى والب واحد
,ل يقال :إ نه علم أ حد ابنيهه ل غة واب نه ال خر ل غة ; فإن الب قد ل يكون له إل ابنان واللغات ف أولده
أضعاف ذلك .والذي أجرى ال عليهه عادة بنه آدم أنمه إناه يعلمون أولدههم لغتههم الته ياطبونمه باه أو
ياطب هم ب ا غي هم فأ ما لغات ل يلق ال من يتكلم ب ا فل يعلمون ا أولد هم .وأي ضا فإ نه يو جد ب نو آدم
يتكلمون بألفاظ ما سعوها قط من غيهم .والعلماء من الفسرين وغيهم لم ف الساء الت علمها ال آدم
قولن معروفان عن ال سلف( .أحده ا) :أ نه إن ا عل مه أ ساء من يع قل واحتجوا بقوله { :ث عرض هم على
اللئكة} .قالوا :وهذا الضمي ل يكون إل لن يعقل ,وما ل يعقل يقال فيها :عرضها .ولذا قال أبو العالية:
علمه أساء اللئكة لنه ل يكن حينئذ من يعقل إل اللئكة ; ول كان إبليس قد انفصل عن اللئكة ول كان
له ذر ية .وقال ع بد الرح ن بن ز يد بن أ سلم :عل مه أ ساء ذري ته وهذا ينا سب الد يث الذي رواه الترمذي
وصححه عن النب صلى ال عليه وسلم{ " :إن آدم سأل ربه أن يريه صور النبياء من ذريته ; فرآهم فرأى
فيهم من يبص .فقال :يا رب من هذا ؟ قال :ابنك داود} " .فيكون قد أراه صور ذريته أو بعضهم وأساءهم
وهذه أ ساء أعلم ل أجناس( .والثا ن) :أن ال عل مه أ ساء كل ش يء وهذا هو قول الكثر ين كا بن عباس
وأ صحابه ; قال ا بن عباس :عل مه ح ت الف سوة والف سية والق صعة والق صيعة ,أراد أ ساء العراض والعيان
مكبها وم صغرها .والدليل على ذلك ما ثبت ف " ال صحيحي " عن ال نب صلى ال عليه وسلم أنه قال ف
حديث الشفاعة{ " :إن الناس يقولون :يا آدم أنت أبو البشر خلقك ال بيده ونفخ فيك من روحه وعلمك
أساء كل شيء} " .وأيضا قوله " :الساء كلها " لفظ عام مؤكد ; فل يوز تصيصه بالدعوى .وقوله{ :ث
عرضهم على اللئكة} ; لنه اجتمع من يعقل ومن ل يعقل فغلب من يعقل .كما قال{ :فمنهم من يشي
على بطنه ومنهم من يشي على رجلي ومنهم من يشي على أربع} .قال عكرمة :علمه أساء الجناس دون
أنواع ها كقولك :إن سان و جن وملك وطائر .وقال مقا تل وا بن ال سائب وا بن قتي بة :عل مه أ ساء ما خلق ف
الرض مهن الدواب والوام والطيه .وماه يدل على أن هذه اللغات ليسهت متلقاة عهن آدم ; أن أكثهر اللغات
ناقصة عن اللغة العربية ليس عندهم أساء خاصة للولد والبيوت والصوات وغي ذلك ما يضاف إل اليوان
; بل إنا يستعملون ف ذلك الضافة .فلو كان آدم عليه السلم علمها الميع لعلمها متناسبة ,وأيضا فكل أمة
ليس لا كتاب ليس ف لغتها أيام السبوع ,وإنا يوجد ف لغتها اسم اليوم والشهر والسنة ; لن ذلك عرف
بالس والعقل ; فوضعت له المم الساء ; لن التعبي يتبع التصور ,وأما السبوع فلم يعرف إل بالسمع ,ل
يعرف أن ال خلق السموات والرض وما بينهما ف ستة أيام ث استوى على العرش إل بأخبار النبياء الذين
شرع لم أن يتمعوا ف السبوع يوما يعبدون ال فيه ويفظون به السبوع الول الذي بدأ ال فيه خلق هذا
العال ; ففي لغة العرب والعبانيي ,ومن تلقى عنهم ,أيام السبوع ; بلف الترك ونوهم ; فإنه ليس ف
لغت هم أيام ال سبوع لن م ل يعرفوا ذلك فلم ي عبوا ع نه .فعلم أن ال أل م النوع الن سان أن ي عب ع ما يريده
ويتصوره بلفظه وأن أول من علم ذلك أبوهم آدم وهم علموا كما علم وإن اختلفت اللغات .وقد أوحى ال
إل موسى بالعبانية وإل ممد بالعربية ; والميع كلم ال ,وقد بي ال بذلك ما أراد من خلقه وأمره ,وإن
كا نت هذه اللغة لي ست الخرى ,مع أن العبان ية من أقرب اللغات إل العرب ية ح ت إن ا أقرب إليها من ل غة
بعض العجم إل بعض .فبالملة نن ليس غرضنا إقامة الدليل على عدم ذلك ; بل يكفينا أن يقال :هذا غي
معلوم وجوده بل اللام كاف ف النطق باللغات من غي مواضعة متقدمة ; وإذا سي هذا توقيفا ; فليسم توقيفا
وحينئذ فمن ادعى وضعا متقدما على استعمال جيع الجناس ; فقد قال ما ل علم له به .وإنا العلوم بل ريب
هو الستعمال .ث هؤلء يقولون :تتميز القيقة من الجاز بالكتفاء باللفظ فإذا دل اللفظ بجرده فهو حقيقة ,
وإذا ل يدل إل مع القري نة ; ف هو ماز وهذا أ مر متعلق با ستعمال الل فظ ف الع ن ل بو ضع متقدم .ث يقال
(ثان يا) :هذا التق سيم ل حقي قة له ; ول يس ل ن فرق بينه ما حد صحيح ي يز به ب ي هذا وهذا فعلم أن هذا
التقسيم باطل وهو تق سيم من ل يتصور ما يقول بل يتكلم بل علم ; فهم مبتدعة ف الشرع مالفون للعقل
وذلك أنم قالوا " :القيقة " :اللفظ الستعمل فيما وضع له .و " الجاز " :هو الستعمل ف غي ما وضع له ;
فاحتاجوا إل إثبات الوضع السابق على الستعمال وهذا يتعذر .ث يقسمون القيقة إل لغوية وعرفية وأكثرهم
يقسمها إل ثلث :لغوية وشرعية وعرفية " .فالقيقة العرفية " :هي ما صار اللفظ دال فيها على العن بالعرف
ل باللغهة وذلك العنه يكون تارة أعهم مهن اللغوي وتارة أخهص وتارة يكون مباينها له ,لكهن بينهمها علقهة
استعمل لجلها .فالول :مثل لفظ " الرقبة " و " الرأس " ونوها كان يستعمل ف العضو الخصوص ث صار
يستعمل ف جيع البدن .والثان مثل لفظ " الدابة " ونوها كان يستعمل ف كل ما دب ث صار يستعمل ف
عرف ب عض الناس ف ذوات الر بع و ف عرف ب عض الناس ف الفرس و ف عرف بعض هم ف المار .والثالث
م ثل ل فظ " الغائط " و " الظعي نة " و " الراو ية " و " الزادة " فإن الغائط ف الل غة هو الكان النخ فض من
الرض ,فلما كانوا ينتابونه لقضاء حوائجهم سوا ما يرج من النسان باسم مله ,والظعينة اسم الدابة ث
سوا الرأة ال ت تركب ها با سها ونظائر ذلك .و " الق صود " أن هذه القي قة العرف ية ل ت صر حقي قة لما عة
تواطئوا على نقلها ولكن تكلم با بعض الناس وأراد با ذلك العن العرف ث شاع الستعمال فصارت حقيقة
عرف ية بذا ال ستعمال ,ولذا زاد من زاد من هم ف حد القي قة ف الل غة ال ت ب ا التخا طب ث هم يعلمون
ويقولون :إنه قد يغلب الستعمال على بعض اللفاظ فيصي العن العرف أشهر فيه ول يدل عند الطلق إل
عليه فتصي القيقة العرفية ناسخة للحقيقة اللغوية .واللفظ مستعمل ف هذا الستعمال الادث للعرف وهو
حقي قة من غ ي أن يكون ل ا ا ستعمل ف يه ذلك تقدم و ضع ,فعلم أن تف سي القي قة بذا ل ي صح .وإن قالوا:
نعن با وضع له ما استعملت فيه أول ; فيقال :من أين يعلم أن هذه اللفاظ الت كانت العرب تتخاطب با
ع ند نزول القرآن وقبله ل ت ستعمل ق بل ذلك ف مع ن ش يء آ خر .وإذا ل يعلموا هذا الن في ; فل يعلم أن ا
حقي قة وهذا خلف ما اتفقوا عل يه .وأي ضا فيلزم من هذا أن ل يق طع بش يء من اللفاظ أ نه حقي قة وهذا ل
يقوله عاقل .ث هؤلء الذين يقولون هذا ,ند أحدهم يأت إل ألفاظ ل يعلم أنا استعملت إل مقيدة فينطق با
مردة عن جيع القيود ث يدعي أن ذلك هو حقيقتها من غي أن يعلم أنا نطق با مردة ول وضعت مردة ,
مثل أن يقول حقيقة العي هو العضو البصر ث سيت به عي الشمس والعي النابعة وعي الذهب ; للمشابة.
ل كن أكثر هم يقولون :إن هذا من باب الشترك ل من باب القي قة والجاز ; فيم ثل بغيه م ثل ل فظ الرأس.
يقولون :هو حقي قة ف رأس الن سان .ث قالوا :رأس الدرب لوله ورأس الع ي لنبع ها ورأس القوم ل سيدهم
ورأس المر لوله ورأس الشهر ورأس الول وأمثال ذلك على طريق الجاز .وهم ل يدون قط أن لفظ الرأس
استعمل مردا ; بل يدون أنه استعمل بالقيود ف رأس النسان .كقوله تعال{ :وامسحوا برءوسكم وأرجلكم
إل الكعبي} ونوه وهذا القيد ينع أن تدخل فيه تلك العان .فإذا قيل :رأس العي ورأس الدرب ورأس الناس
ورأس المر ; فهذا القيد غي ذاك القيد الدال ,ومموع اللفظ الدال هنا غي مموع اللفظ الدال هناك ; لكن
اشتر كا ف ب عض الل فظ كاشتراك كل ال ساء العر فة ف لم التعر يف ,ولو قدر أن النا طق باللغة ن طق بلفظ
رأس الن سان أول ; لن الن سان يت صور رأ سه ق بل غيه ,والت عبي أول هو ع ما يت صور أول ,فالن طق بذا
الضاف أول ل ينع أن ينطق به مضافا إل غيه ثانيا ,ول يكون هذا من الجاز كما ف سائر الضافات فإذا
قيل :ابن آدم أول ; ل يكن قولنا :ابن الفرس وابن المار مازا وكذلك إذا قيل :بنت النسان ; ل يكن قولنا:
بنهت الفرس مازا .وكذلك إذا قيهل :رأس النسهان أول ل يكهن قولنها :رأس الفرس مازا وكذلك فه سهائر
الضافات إذا ق يل :يده أو رجله .فإذا ق يل :هو حقي قة في ما أض يف إل اليوان ; ق يل :ل يس ج عل هذا هو
القيقة بأول من أن يعل ما أضيف إل النسان رأس ث قد يضاف إل ما ل يتصوره أكثر الناس من اليوانات
ال صغار ال ت ل ت طر ببال عا مة الناطق ي بالل غة .فإذا ق يل :إ نه حقي قة ف هذا فلماذا ل يكون حقي قة ف رأس
ال بل والطر يق والع ي وكذلك سائر ما يضاف إل الن سان من أعضائه وأولده وم ساكنه ; يضاف مثله إل
غيه ويضاف ذلك إل المادات ; فيقال :رأس ال بل ورأس الع ي وخ طم ال بل أي أن فه و فم الوادي وب طن
الوادي وظ هر ال بل وب طن الرض وظهر ها ,وي ستعمل مع اللف و هو ل فظ الظا هر والبا طن ف أمور كثية
والعن ف الميع أن الظاهر لا ظهر فتبي والباطن لا بطن فخفي .وسي ظهر النسان ظهرا لظهوره وبطن
الن سان بط نا لبطو نه .فإذا ق يل :إن هذا حقي قة وذاك ماز ; ل ي كن هذا أول من الع كس .و " أي ضا " من
الساء ما تكلم به أهل اللغة مفردا كلفظ " النسان " ونوه ث قد يستعمل مقيدا بالضافة كقولم :إنسان
العي وإبرة الذراع ونو ذلك وبتقدير أن يكون ف اللغة حقيقة وماز ; فقد ادعى بعضهم أن هذا من الجاز ;
وهو غلط فإن الجاز :هو اللفظ الستعمل ف غي ما وضع له أول وهنا ل يستعمل اللفظ ; بل ركب مع لفظ
آخر فصار وضعا آخر بالضافة .فلو استعمل مضافا ف معن ث استعمل بتلك الضافة ف غيه كان مازا بل
إذا كان بعلبك وحضرموت ونوه ا ما ير كب ترك يب مزج بعد أن كان ال صل فيه الضافة ; ل يقال :إنه
ماز .فما ل ينطق به إل مضافا أول أن ل يكون مازا .وأما من فرق بي القيقة والجاز ; بأن القيقة ما يفيد
الع ن مردا عن القرائن ,والجاز ما ل يف يد ذلك الع ن إل مع قري نة ,أو قال " :القي قة " :ما يفيده الل فظ
الطلق .و " الجاز " :ما ل يف يد إل مع التقي يد .أو قال " :القي قة " هي الع ن الذي ي سبق إل الذ هن ع ند
الطلق " .والجاز " ما ل يسبق إل الذهن .أو قال " :الجاز " ما صح نفيه و " القيقة " ما ل يصح نفيها ,
فإ نه يقال :ما تع ن بالتجر يد عن القرائن والقتران بالقرائن ؟ إن ع ن بذلك القرائن اللفظ ية م ثل كون ال سم
يستعمل مقرونا بالضافة أو لم التعريف ويقيد بكونه فاعل ومفعول ومبتدأ وخبا فل يوجد قط ف الكلم
الؤلف اسم إل مقيدا .وكذلك الفعل إن عن بتقييده أنه ل بد له من فاعل وقد يقيد بالفعول به وظرف الزمان
والكان والفعول له ومعه والال فالفعل ل يستعمل قط إل مقيدا وأما الرف فأبلغ فإن الرف أت به لعن ف
غيه .ففي الملة ل يو جد قط ف كلم تام ا سم ول ف عل ول حرف إل مقيدا بقيود تزيل عنه الطلق .فإن
كانت القرينة ما ينع الطلق عن كل قيد فليس ف الكلم الذي يتكلم به جيع الناس لفظ مطلق عن كل قيد
سواء كانت الملة اسية أو فعلية ولذا كان لفظ " الكلم " و " الكلمة " ف لغة العرب بل وف لغة غيهم ل
تستعمل إل ف القيد .وهو الملة التامة اسية كانت أو فعلية أو ندائية إن قيل إنا قسم ثالث .فأما مرد السم
أو الفعل أو الرف الذي جاء لعن ليس باسم ول فعل فهذا ل يسمى ف كلم العرب قط كلمة وإنا تسمية
هذا كل مة ا صطلح نوي ك ما سوا ب عض اللفاظ فعل وق سموه إل ف عل ماض ومضارع وأ مر ,والعرب ل
تسم قط اللفظ فعل ; بل النحاة اصطلحوا على هذا فسموا اللفظ باسم مدلوله فاللفظ الدال على حدوث فعل
ف زمن ماض سوه فعل ماضيا وكذلك سائرها .وكذلك حيث وجد ف الكتاب والسنة بل وف كلم العرب
نظمه ونثره لفظ كلمة ; فإنا يراد به الفيد الت تسميها النحاة جلة تامة كقوله تعال{ :وينذر الذين قالوا اتذ
ال ولدا ما لم به من علم ول لبائهم كبت كلمة ترج من أفواههم إن يقولون إل كذبا} .وقوله تعال:
{وجعهل كلمهة الذيهن كفروا السهفلى وكلمهة ال ههي العليها} .وقوله تعال{ :تعالوا إل كلمهة سهواء بيننها
وبينكم} .وقوله{ :وجعلها كلمة باقية ف عقبه} .وقوله{ :وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق با وأهلها}.
وقول ال نب صلى ال عل يه و سلم{ :أ صدق كل مة قال ا الشا عر كل مة لب يد :أل كل شيء ما خل ال با طل}
وقوله " {كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان ف اليزان حبيبتان إل الرحن :سبحان ال وبمده سبحان ال
العظيم} " .وقوله{ .إن الر جل ليتكلم بالكلمة من رضوان ال ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب ال له با
رضوانه إل يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط ال ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب ال با
سخطه إل يوم القيامة} .وقوله{ :لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت با قلته منذ اليوم لوزنتهن :سبحان
ال عدد خلقه سبحان ال زنة عرشه سبحان ال رضا نفسه سبحان ال مداد كلماته} .وإذا كان كل اسم أو
ف عل أو حرف يو جد ف الكلم فإ نه مق يد ل مطلق ل ي ز أن يقال للفظ القي قة ما دل مع الطلق والتجرد
عن كل قرينة تقارنه .فإن قيل :أريد بعض القرائن دون بعض قيل له :اذكر الفصل بي القرينة الت يكون معها
حقي قة والقرينة ال ت يكون معها ماز ولن ت د إل ذلك سبيل تقدر به على تق سيم صحيح معقول .وم ا يدل
على ذلك أن الناس اختلفوا ف " العام " إذا خص هل يكون استعماله فيما بقي حقيقة أو مازا ؟ وكذلك لفظ
" ال مر " إذا أر يد به الندب هل يكون حقي قة أو مازا ؟ و ف ذلك قولن لك ثر الطوائف :ل صحاب أح د
قولن ولصهحاب الشافعهي قولن ولصهحاب مالك قولن .ومهن الناس مهن ظهن أن هذا اللف يطرد فه
التخصيص التصل كالصفة والشرط والغاية والبدل وجعل يكي ف ذلك أقوال من يفصل كما يوجد ف كلم
طائ فة من ال صنفي ف أ صول الف قه وهذا م ا ل يعرف أن أحدا قاله فج عل الل فظ العام الق يد ف ال صفات
والغايات والشروط مازا بل لا أطلق بعض الصنفي أن اللفظ العام إذا خص يصي مازا ; ظن هذا الناقل أنه
عن التخصيص التصل وأولئك ل يكن ف اصطلحهم عام مصوص إل إذا خص بنفصل .وأما التصل ; فل
ي سمون الل فظ عا ما م صوصا الب تة فإ نه ل يدل إل مت صل والت صال من عه العموم وهذا ا صطلح كث ي من
الصوليي وهو الصواب .ل يقال لا قيد بالشرط والصفة ونوها :أنه داخل فيما خص من العموم ول ف العام
الخصوص ; لكن يقيد فيقال :تصيص متصل وهذا القيد ل يدخل ف التخصيص الطلق .وبالملة فيقال :إذا
كان هذا مازا ; فيكون تقييد الفعل الطلق بالفعول به وبظرف الزمان والكان مازا :وكذلك بالال وكذلك
كل ما قيد بقيد فيلزم أن يكون الكلم كله مازا فأين القيقة ؟ فإن قيل :يفرق بي القرائن التصلة والنفصلة
فما كان مع القرينة التصلة فهو حقيقة وما كان مع النفصلة كان مازا ; قيل :تعن بالتصل ما كان ف اللفظ
أو ما كان موجودا ح ي الطاب ؟ فإن عنيت الول ; لزم أن يكون ما علم من حال التكلم أو الستمع أول
قري نة منف صلة .ف ما ا ستعمل بلم التعر يف ل ا يعرفا نه ك ما يقول :قال ال نب صلى ال عل يه و سلم و هو ع ند
السلمي رسول ال أو قال الصديق وهو عندهم أبو بكر وإذا قال الرجل لصاحبه :اذهب إل المي أو القاضي
أو الوال يريد ما يعرفانه فإنه يكون مازا .وكذلك الضمي يعود إل معلوم غي مذكور .كقوله{ :إنا أنزلناه}
وقوله{ :ح ت توارت بالجاب} وأمثال ذلك أن يكون هذا مازا ; وهذا ل يقوله أ حد .و " أي ضا " فإذا قال
لشجاع :هذا ال سد ف عل اليوم كذا ,ولبل يد :هذا المار قال اليوم كذا ,أو لعال أو جواد :هذا الب حر جرى
منه اليوم كذا ; أن يكون حقيقة لن قوله هذا قرينة لفظية فل يبقى قط مازا .وإن قال :التصل أعم من ذلك
و هو ما كان موجودا ح ي الطاب .ق يل له :فهذا أ شد عل يك من الول ; فإن كل متكلم بالجاز ل بد أن
يقترن به حال الطاب ما يبي مراده وإل ل يز التكلم به .فإن قيل :أنا أجوز تأخي البيان عن مورد الطاب
إل وقت الاجة .قيل :أكثر الناس ل يوزون أن يتكلم بلفظ يدل على معن وهو ل يريد ذلك العن إل إذا
بي وإنا يوزون تأخي بيان ما ل يدل اللفظ عليه كالجملت .ث نقول :إذا جوزت تأخي البيان فالبيان قد
يصل بملة تامة وبأفعال من الرسول وبغي ذلك .ول يكون البيان التأخر إل مستقل بنفسه ل يكون ما يب
اقترانه بغيه .فإن جعلت هذا مازا ; لزم أن يكون ما يتاج ف العمل إل بيان مازا كقوله{ :خذ من أموالم
صدقة تطهرهم وتزكيهم با} .ث يقال :هب أن هذا جائز عقل لكن ليس واقعا ف الشريعة أصل وجيع ما
يذكر من ذلك باطل ,كما قد بسط ف موضعه ,فإن الذين قالوا :الظاهر الذي ل يرد به ما يدل عليه ظاهره
قد يؤخر بيانه ,احتجوا بقوله{ :إن ال يأمركم أن تذبوا بقرة} .وادعوا أنا كانت معينة وأخر بيان التعيي.
وهذا خلف ما استفاض عن السلف من الصحابة والتابعي لم بإحسان من أنم أمروا ببقرة مطلقة فلو أخذوا
بقرة من البقر فذبوها أجزأ عنهم ولكن شددوا فشدد ال عليهم .والية نكرة ف سياق الثبات فهي مطلقة.
والقرآن يدل سياقه على أن ال ذمهم على السؤال با هي ولو كان الأمور به معينا لا كانوا ملومي .ث إن مثل
هذا ل يقع قط ف أمر ال ورسوله أن يأمر عباده بشيء معي ويبهمه عليهم مرة بعد مرة ول يذكره بصفات
ت تص به ابتداء .واحتجوا بأن ال أ خر بيان ل فظ ال صلة والزكاة وال ج وأن هذه اللفاظ ل ا معان ف الل غة
بلف الشرع ; وهذا غلط فإن ال إنا أمرهم بالصلة بعد أن عرفوا الأمور به وكذلك الصيام وكذلك الج
ول يؤ خر ال قط بيان ش يء من هذه الأمورات ولب سط هذه ال سألة مو ضع آ خر .وأ ما قول من يقول :إن
القيقة ما يسبق إل الذهن عند الطلق ; فمن أفسد القوال ,فإنه يقال :إذا كان اللفظ ل ينطق به إل مقيدا
; فإنه يسبق إل الذهن ف كل موضع منه ما دل عليه ذلك الوضع .وأما إذا أطلق ; فهو ل يستعمل ف الكلم
مطل قا قط فلم ي بق له حال إطلق م ض ح ت يقال :إن الذ هن ي سبق إل يه أم ل .و " أي ضا " فأي ذ هن فإن
العر ب الذي يفهم كلم العرب ; يسبق إل ذهنه من الل فظ ما ل يسبق إل ذهن النب طي الذي صار ي ستعمل
اللفاظ ف غي معانيها ومن هنا غلط كثي من الناس ; فإنم قد تعودوا ما اعتادوه إما من خطاب عامتهم وإما
من خطاب علمائهم باستعمال اللفظ ف معن فإذا سعوه ف القرآن والديث ظنوا أنه مستعمل ف ذلك العن
فيحملون كلم ال ور سوله على لغت هم النبط ية وعادت م الاد ثة .وهذا م ا د خل به الغلط على طوائف ,بل
الواجب أن تعرف اللغة والعادة والعرف الذي نزل ف القرآن والسنة وما كان الصحابة يفهمون من الر سول
عند ساع تلك اللفاظ ; فبتلك اللغة والعادة والعرف خاطبهم ال ورسوله .ل با حدث بعد ذلك .وأيضا فقد
بينا ف غي هذا الوضع أن ال ورسوله ل يدع شيئا من القرآن والديث إل بي معناه للمخاطبي ول يوجهم
إل شيء آخر كما قد بسطنا القول فيه ف غي هذا الوضع .فقد تبي أن ما يدعيه هؤلء من اللفظ الطلق من
جيع القيود ; ل يوجد إل مقدرا ف الذهان ل موجودا ف الكلم الستعمل .كما أن ما يدعيه النطقيون من
العن الطلق من جيع القيود ل يو جد إل مقدرا ف الذهن ل يوجد ف الارج شيء موجود خارج عن كل
قيد .ولذا كان ما يدعونه من تقسيم العلم إل تصور وتصديق وأن التصور هو تصور العن الساذج الال عن
كل قيد ل يوجد .وكذلك ما يدعونه من البسائط الت تتركب منها النواع وأنا أمور مطلقة عن كل قيد ل
تو جد .و ما يدعو نه من أن وا جب الوجود هو وجود مطلق عن كل أ مر ثبو ت ; ل يو جد .فهذه ال صفات
الطلقات عن جيع القيود ينبغي معرفتها لن ين ظر ف هذه العلوم .فإنه ب سبب ظن وجود ها ضل طوائف ف
العقليات والسمعيات بل إذا قال العلماء :مطلق ومقيد إنا يعنون به مطلقا عن ذلك القيد ومقيدا بذلك القيد.
كما يقولون :الرقبة مطلقة ف آية كفارة اليمي ومقيدة ف آية القتل .أي مطلقة عن قيد اليان وإل فقد قيل:
{فتحر ير رق بة} .فقيدت بأن ا رق بة واحدة وأن ا موجودة وأن ا تق بل التحر ير .والذ ين يقولون بالطلق ال حض
يقولون هو الذي ل يتصف بوحدة ول كثرة ول وجود ول عدم ول غي ذلك ; بل هو القيقة من حيث هي
هي كما يذكره الرازي تلقيا له عن ابن سينا وأمثاله من التفلسفة .وقد بسطنا الكلم ف هذا الطلق والتقيد
والكليات والزئيات ف مواضع غي هذا وبينا من غلط هؤلء ف ذلك ما ليس هذا موضعه .وإنا القصود هنا
" الطلق اللف ظي " و هو أن يتكلم بالل فظ مطل قا عن كل ق يد وهذا ل وجود له وحينئذ فل يتكلم أ حد إل
بكلم مؤلف مقيد مرتبط بعضه ببعض فتكون تلك قيودا متنعة الطلق .فتبي أنه ليس لن فرق بي القيقة
والجاز فرق معقول ي كن به التمي يز ب ي نوع ي ; فعلم أن هذا التق سيم با طل وحينئذ ف كل ل فظ موجود ف
كتاب ال ورسوله فإنه مقيد با يبي معناه فليس ف شيء من ذلك ماز بل كله حقيقة .ولذا لا ادعى كثي
من التأخرين أن ف القرآن مازا وذكروا ما يشهد لم ; رد عليهم النازعون جيع ما ذكروه .فمن أشهر ما
ذكروه قوله تعال{ :جدارا يريهد أن ينقهض} .قالوا :والدار ليهس بيوان ,والرادة إناه تكون للحيوان ;
فاستعمالا ف ميل الدار ماز .فقيل لم :لفظ الرادة قد استعمل ف اليل الذي يكون معه شعور وهو ميل
ال ي و ف ال يل الذي ل شعور ف يه و هو م يل الماد و هو من مشهور الل غة ; يقال هذا ال سقف ير يد أن ي قع
وهذه الرض تر يد أن ترث وهذا الزرع ير يد أن ي سقى ; وهذا الث مر ير يد أن يق طف وهذا الثوب ير يد أن
يغسل وأمثال ذلك .واللفظ إذا استعمل ف معنيي فصاعدا ; فإما أن يعل حقيقة ف أحدها مازا ف الخر أو
حقيقة فيما يتص به كل منهما فيكون مشتركا اشتراكا لفظيا أو حقيقة ف القدر الشترك بينهما .وهي الساء
التواطئة .و هي ال ساء العا مة كل ها .وعلى الول يلزم الجاز .وعلى الثا ن يلزم الشتراك ; وكله ا خلف
ال صل فو جب أن ي عل من التواطئة .وبذا يعرف عموم ال ساء العا مة كل ها وإل فلو قال قائل :هو ف م يل
الماد حقي قة و ف م يل اليوان ماز ; ل ي كن ب ي الدعوي ي فرق إل كثرة ال ستعمال ف م يل اليوان ; ل كن
ي ستعمل مقيدا ب ا يبي أ نه أر يد به ميل اليوان وهنا ا ستعمل مقيدا ب ا يبي أ نه أر يد به م يل الماد .والقدر
الشترك بي مسميات الساء التواطئة أمر كلي عام ل يوجد كليا عاما إل ف الذهن وهو مورد التقسيم بي
النواع ل كن ذلك الع ن العام الكلي كان أ هل الل غة ل يتاجون إل الت عبي ع نه ; لن م إن ا يتاجون إل ما
يوجد ف الارج وإل ما يوجد ف القلوب ف العادة .وما ل يكون ف الارج إل مضافا إل غيه ; ل يوجد ف
الذ هن مردا بلف ل فظ الن سان والفرس فإ نه ل ا كان يو جد ف الارج غ ي مضاف تعودت الذهان ت صور
مسمى النسان ومسمى الفرس بلف تصور مسمى الرادة ومسمى العلم ومسمى القدرة ومسمى الوجود
الطلق العام ; فإن هذا ل يوجد له ف اللغة لفظ مطلق يدل عليه بل ل يوجد لفظ الرادة إل مقيدا بالريد ول
ل فظ العلم إل مقيدا بالعال ول ل فظ القدرة إل مقيدا بالقادر .بل وهكذا سائر العراض ل ا ل تو جد إل ف
مالا مقيدة با ل يكن لا ف اللغة لفظ إل كذلك .فل يوجد ف اللغة لفظ السواد والبياض والطول والقصر
إل مقيدا بال سود والب يض والطو يل والق صي ون و ذلك ل مردا عن كل ق يد ; وإن ا يو جد مردا ف كلم
الصنفي ف اللغة ; لنم فهموا من كلم أهل اللغة ما يريدون به من القدر الشترك ومنه قوله تعال{ :فأذاقها
ال لباس الوع والوف} .فإن من الناس من يقول :الذوق حقي قة ف الذوق بال فم ,واللباس ب ا يل بس على
البدن ,وإن ا ا ستعي هذا وهذا ول يس كذلك ; بل قال الل يل :الذوق ف ل غة العرب هو وجود ط عم الش يء
والسهتعمال يدل على ذلك .قال تعال{ :ولنذيقنههم مهن العذاب الدنه دون العذاب الكهب} .وقال{ :ذق
إنهك أنهت العزيهز الكريه} .وقال{ :فذاقهت وبال أمرهها} .وقال{ :فذوقوا العذاب باه كنتهم تكفرون} -
{فذوقوا عذاب ونذر} { -ل يذوقون فيها الوت إل الوتة الول} { -ل يذوقون فيها بردا ول شرابا} {إل
حي ما وغ ساقا} .وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم{ " :ذاق ط عم اليان من ر ضي بال ر با وبال سلم دي نا
وبحمد رسول} " .وف بعض الدعية " :أذقنا برد عفوك وحلوة مغفرتك " .فلفظ " الذوق " يستعمل ف
كل ما يس به ويد أله أو لذته فدعوى الدعي اختصاص لفظ الذوق با يكون بالفم تكم منه ,لكن ذاك
مق يد فيقال :ذ قت الطعام وذ قت هذا الشراب ; فيكون م عه من القيود ما يدل على أ نه ذوق بال فم وإذا كان
الذوق مستعمل فيما يسه النسان بباطنه أو بظاهره ; حت الاء الميم يقال :ذاقه فالشراب إذا كان باردا أو
حارا يقال :ذقت حره وبرده .وأما لفظ " اللباس " :فهو مستعمل ف كل ما يغشى النسان ويلتبس به قال
تعال{ :وجعلنا الليل لباسا} .وقال{ :ولباس التقوى ذلك خي} .وقال{ :هن لباس لكم وأنتم لباس لن}.
ومنه يقال :لبس الق بالباطل إذا خلطه به حت غشيه فلم يتميز .فالوع الذي يشمل أله جيع الائع :نفسه
وبد نه وكذلك الوف الذي يل بس البدن .فلو ق يل :فأذاق ها ال الوع والوف ; ل يدل ذلك على أ نه شا مل
لم يع أجزاء الائع بلف ما إذا قيل :لباس الوع والوف .ولو قال فألبسهم ل ي كن فيه ما يدل على أن م
ذاقوا ما يؤلهم إل بالعقل من حيث إنه يعرف أن الائع الائف يأل .بلف لفظ ذوق الوع والوف ; فإن
هذا اللفهظ يدل على الحسهاس بالؤل وإذا أضيهف إل اللتهذ :دل على الحسهاس بهه كقوله صهلى ال عليهه
وسلم{ " :ذاق طعم اليان من رضي بال ربا وبالسلم دينا وبحمد صلى ال عليه وسلم نبيا} " .فإن قيل:
فلم ل ي صف نع يم ال نة بالذوق ؟ ق يل :لن الذوق يدل على ج نس الح ساس ويقال :ذاق الطعام ل ن و جد
طعمه وإن ل يأكله .وأهل النة نعيمهم كامل تام ل يقتصر فيه على الذوق ; بل استعمل لفظ الذوق ف النفي
ك ما قال عن أهل النار{ :ل يذوقون فيها بردا ول شرابا} ; أي ل يصل لم من ذلك ول ذوق .وقال عن
أهل النة{ :ل يذوقون فيها الوت إل الوتة الول} .وكذلك ما ادعوا أنه ماز ف القرآن كلفظ " الكر " و
" السهتهزاء " و " السهخرية " الضاف إل ال وزعموا أنهه مسهمى باسهم مها يقابله على طريهق الجاز وليهس
كذلك بل م سميات هذه ال ساء إذا فعلت ب ن ل ي ستحق العقو بة كا نت ظل ما له وأ ما إذا فعلت ب ن فعل ها
بالج ن عليه عقو بة له ب ثل فعله كانت عدل ك ما قال تعال{ :كذلك كدنا ليو سف} .فكاد له ك ما كادت
إخوتهه لاه قال له أبوه{ :ل تقصهص رؤياك على إخوتهك فيكيدوا لك كيدا} .وقال تعال{ :إنمه يكيدون
كيدا} {وأكيهد كيدا} .وقال تعال{ :ومكروا مكرا ومكرنها مكرا وههم ل يشعرون} {فانظهر كيهف كان
عاقبة مكرهم} .وقال تعال{ :الذين يلمزون الطوعي من الؤمني ف الصدقات والذين ل يدون إل جهدهم
فيسخرون منهم سخر ال منهم} .ولذا كان الستهزاء بم فعل يستحق هذا السم كما روي عن ابن عباس
; أ نه يف تح ل م باب من ال نة و هم ف النار في سرعون إليه فيغلق ث يفتح ل م باب آ خر في سرعون إل يه فيغلق
فيضحهك منههم الؤمنون .قال تعال{ :فاليوم الذيهن آمنوا مهن الكفار يضحكون} {على الرائك ينظرون}
{هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون} .وعن السن البصري :إذا كان يوم القيامة ; خدت النار لم كما تمد
الهالة من القدر فيمشون فيخسف بم .وعن مقاتل :إذا ضرب بينهم وبي الؤمني بسور له باب باطنه فيه
الرح ة وظاهره من قبله العذاب فيبقون ف الظل مة فيقال ل م :ارجعوا وراء كم فالتم سوا نورا .وقال بعض هم:
استهزاؤه :استدراجه لم .وقيل :إيقاع استهزائهم ورد خداعهم ومكرهم عليهم .وقيل :إنه يظهر لم ف الدنيا
خلف ما أبطن ف الخرة .وقيل هو تهيلهم وتطئتهم فيما فعلوه ; وهذا كله حق وهو استهزاء بم حقيقة.
ومن المثلة الشهورة لن يثبت الجاز ف القرآن{ :واسأل القرية} .قالوا الراد به أهلها فحذف الضاف وأقيم
الضاف إليه مقامه فقيل لم :لفظ القرية والدينة والنهر واليزاب ; وأمثال هذه المور الت فيها الال والحال
كلها داخل ف السم .ث قد يعود الكم على الال وهو السكان وتارة على الحل وهو الكان وكذلك ف
النهر يقال :حفرت النهر وهو الحل .وجرى النهر وهو الاء ووضعت اليزاب وهو الحل وجرى اليزاب وهو
الاء وكذلك القرية قال تعال{ :وضرب ال مثل قرية كانت آمنة مطمئنة} .وقوله{ :وكم من قرية أهلكناها
فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون} {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إل أن قالوا إنا كنا ظالي} .وقال ف
آية أخرى{ :أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون} .فجعل القرى هم السكان .وقال{ :وكأين
من قرية هي أشد قوة من قريتك الت أخرجتك أهلكناهم فل ناصر لم} .وهم السكان .وكذلك قوله تعال:
{وتلك القرى أهلكناههم لاه ظلموا وجعلنها لهلكههم موعدا} .وقال تعال{ :أو كالذي مهر على قريهة وههي
خاوية على عروشها} .فهذا الكان ل السكان لكن ل بد أن يلحظ أنه كان مسكونا ; فل يسمى قرية إل إذا
كان قد عمر للسكن مأخوذ من القرى وهو المع ,ومنه قولم :قريت الاء ف الوض إذا جعته فيه .ونظي
ذلك لفظ " النسان " يتناول السد والروح ث الحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلزمهما ; فكذلك القرية
إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لهلها ; فما يصيب أحدها من الشر ينال الخر ; كما ينال
البدن والروح ما يصيب أحدها .فقوله{ :واسأل القرية} .مثل قوله {قرية كانت آمنة مطمئنة} .فاللفظ هنا
يراد بهه السهكان مهن غيه إضمار ول حذف فهذا بتقديهر أن يكون فه اللغهة ماز ,فل ماز فه القرآن .بهل
وتقسيم اللغة إل حقيقة وماز تقسيم مبتدع مدث ل ينطق به السلف .واللف فيه على قولي وليس الناع
ف يه لفظ يا ; بل يقال :نفس هذا التقسيم باطل ل يتم يز هذا عن هذا ولذا كان كل ما يذكرونه من الفروق
تهبي أناه فروق باطلة وكلمها ذكهر بعضههم فرقها أبطله الثانه كمها يدعهي النطقيون أن الصهفات القائمهة
بالو صوفات تنق سم اللز مة ل ا إل دا خل ف ماهيت ها الثاب تة ف الارج وإل خارج عن ها لزم للماه ية ولزم
خارج للوجود .وذكروا ثلثة فروق كلها باطلة لن هذا التقسيم باطل ل حقيقة له بل ما يعلونه داخل يكن
جعله خارجا وبالعكس كما قد بسط ف موضعه .وقولم :اللفظ إن دل بل قرينة فهو حقيقة وإن ل يدل إل
معها فهو ماز ; قد تبي بطلنه وأنه ليس ف اللفاظ الدالة ما يدل مردا عن جيع القرائن ول فيها ما يتاج
إل ج يع القرائن .وأش هر أمثلة الجاز ل فظ " ال سد " و " المار " و " الب حر " ون و ذلك م ا يقولون :إ نه
استعي للشجاع والبليد والواد .وهذه ل تستعمل إل مؤلفة مركبة مقيدة بقيود لفظية كما تستعمل القيقة ,
كقول أب بكر الصديق عن أب قتادة لا طلب غيه سلب القتيل :لها ال إذا يعمد إل أسد من أسد ال يقاتل
عن ال ورسوله فيعطيك سلبه .فقوله :يع مد إل أسد من أسد ال يقاتل عن ال ورسوله ; و صف له بالقوة
للجهاد ف سبيله وقد عينه تعيينا أزال اللبس .وكذلك قول النب صلى ال عليه وسلم{ " :إن خالدا سيف من
سيوف ال سله ال على الشرك ي} " وأمثال ذلك .وإن قال القائل :القرائن اللفظ ية موضو عة ودللت ها على
العن حقيقة ,لكن القرائن الالية ماز ; قيل :اللفظ ل يستعمل قط إل مقيدا بقيود لفظية موضوعة ; والال
حال التكلم والستمع ل بد من اعتباره ف جيع الكلم فإنه إذا عرف التكلم فهم من معن كلمه ما ل يفهم
إذا ل يعرف ل نه بذلك يعرف عاد ته ف خطا به ,والل فظ إن ا يدل إذا عرف ل غة التكلم ال ت ب ا يتكلم و هي
عاد ته وعر فه ال ت يعتاد ها ف خطا به ,ودللة الل فظ على الع ن دللة ق صدية إراد ية اختيار ية ,فالتكلم ير يد
دللة الل فظ على الع ن ; فإذا اعتاد أن ي عب بالل فظ عن الع ن كا نت تلك لغ ته ولذا كل من كان له عنا ية
بألفاظ الرسول ومراده با :عرف عادته ف خطابه وتبي له من مراده ما ل يتبي لغيه .ولذا ينبغي أن يقصد
إذا ذ كر ل فظ من القرآن والد يث أن يذ كر نظائر ذلك الل فظ ; ماذا ع ن ب ا ال ور سوله فيعرف بذلك ل غة
القرآن والد يث و سنة ال ور سوله ال ت يا طب ب ا عباده و هي العادة العرو فة من كل مه ث إذا كان لذلك
نظائر ف كلم غيه وكا نت النظائر كثية ; عرف أن تلك العادة والل غة مشتر كة عا مة ل ي تص ب ا هو -
صلى ال عل يه و سلم -بل هي ل غة قو مه ول يوز أن ي مل كل مه على عادات حد ثت بعده ف الطاب ل
تكن معروفة ف خطابه وخطاب أصحابه .كما يفعله كثي من الناس وقد ل يعرفون انتفاء ذلك ف زمانه .ولذا
كان ا ستعمال القياس ف الل غة وإن جاز ف ال ستعمال فإ نه ل يوز ف ال ستدلل فإ نه قد يوز للن سان أن
يستعمل هو اللفظ ف نظي العن الذي استعملوه فيه مع بيان ذلك على ما فيه من الناع ; لكن ل يوز أن
يع مد إل ألفاظ قد عرف ا ستعمالا ف معان فيحمل ها على غ ي تلك العا ن ويقول :إن م أرادوا تلك بالقياس
على تلك ; بل هذا تبديل وتريف فإذا قال{ :الار أحق بسقبه} فالار هو الار ليس هو الشريك ; فإن هذا
ل يعرف ف لغتهم ; لكن ليس ف اللفظ ما يقتضي أنه يستحق الشفعة ; لكن يدل على أن البيع له أول .وأما
" ال مر " ف قد ث بت بالن صوص الكثية والنقول ال صحيحة أن ا كا نت ا سا ل كل م سكر ,ل ي سم ال نبيذ خرا
بالقياس .وكذلك " النباش " كانوا ي سمونه سارقا ك ما قالت عائ شة :سارق موتا نا ك سارق أحيا نا .واللئط
عند هم كان أغلظ من الزا ن بالرأة .ول بد ف تف سي القرآن والد يث من أن يعرف ما يدل على مراد ال
ور سوله من اللفاظ وك يف يف هم كل مه ,فمعر فة العرب ية ال ت خوطب نا ب ا م ا يع ي على أن نف قه مراد ال
ور سوله بكل مه ,وكذلك معر فة دللة اللفاظ على العا ن ; فإن عا مة ضلل أ هل البدع كان بذا ال سبب ;
فإنمه صهاروا يملون كلم ال ورسهوله على مها يدعون أنهه دال عليهه ول يكون المهر كذلك ويعلون هذه
الدللة حقي قة ,وهذه مازا ,ك ما أخ طأ الرجئة ف ا سم " اليان " جعلوا ل فظ " اليان " حقي قة ف مرد
التصديق وتناوله للعمال مازا .فيقال :إن ل يصح التقسيم إل حقيقة وماز فل حاجة إل هذا وإن صح فهذا
ل ينفعكم .بل هو عليكم ل لكم ; لن القيقة هي اللفظ الذي يدل بإطلقه بل قرينة والجاز إنا يدل بقرينة.
و قد تبي أن ل فظ اليان ح يث أطلق ف الكتاب وال سنة دخلت ف يه العمال وإن ا يد عي خروج ها م نه ع ند
التقي يد ; وهذا يدل على أن القي قة قوله{ " .اليان ب ضع و سبعون شع بة} " .وأ ما حد يث جب يل فإن كان
أراد باليان ما ذكر مع السلم .فهو كذلك .وهذا هو العن الذي أراد النب صلى ال عليه وسلم قطعا .كما
أنه لا ذكر الحسان أراد الحسان مع اليان والسلم ; ل يرد أن الحسان مرد عن إيان وإسلم .ولو قدر
أنهه أريهد بلفهظ " اليان " مرد التصهديق ; فلم يقهع ذلك إل مهع قرينهة فيلزم أن يكون مازا وهذا معلوم
بالضرورة ل يكننا النازعة فيه بعد تدبر القرآن والديث بلف كون لفظ " اليان " ف اللغة مرادفا للتصديق
ودعوى أن الشارع ل يغيه ول ينقله ; بل أراد به ما كان يريده أهل اللغة بل تصيص ول تقييد ; فإن هاتي
القدمتي ل يكن الزم بواحدة منهما ,فل يعارض اليقي ,كيف وقد عرف فساد كل واحدة من القدمتي
وأن ا من أف سد الكلم .و " أي ضا " فل يس ل فظ اليان ف دلل ته على العمال الأمور ب ا بدون ل فظ ال صلة
والصيام والزكاة والج ; ف دللته على الصلة الشرعية والصيام الشرعي ; والج الشرعي ; سواء قيل :إن
الشارع نقله ; أو أراد الكهم دون السهم ; أو أراد السهم وتصهرف فيهه تصهرف أههل العرف ; أو خاطهب
بالسم مقيدا ل مطلقا .فإن قيل :الصلة والج ونوها لو ترك بعضها بطلت بلف اليان فإنه ل يبطل عند
الصحابة وأهل السنة والماعة بجرد الذنب ; قيل :إن أريد بالبطلن أنه ل تبأ الذمة منها كلها ; فكذلك
اليان الواجب إذا ترك منه شيئا ل تبأ الذمة منه كله .وإن أريد به وجوب العادة فهذا ليس على الطلق.
فإن ف الج واجبات إذا تركها ل يعد بل تب بدم ,وكذلك ف الصلة عند أكثر العلماء إذا تركها سهوا أو
مطلقا وجبت العادة فإنا تب إذا أمكنت العادة وإل فما تعذرت إعادته يبقى مطالبا به كالمعة ونوها.
وإن أريد بذلك أنه ل يثاب على ما فعله فليس كذلك بل قد بي النب صلى ال عليه وسلم ف حديث السيء
ف صلته أنه إذا ل يتمها يثاب على ما فعل ول يكون بنلة من ل يصل .وف عدة أحاديث أن الفرائض تكمل
يوم القيامة من النوافل ; فإذا كانت الفرائض مبورة بثواب النوافل دل على أنه يعتد له با فعل منها ; فكذلك
اليان إذا ترك م نه شيئا كان عل يه فعله ; إن كان مر ما تاب م نه وإن كان واج با فعله ; فإذا ل يفعله ل تبأ
ذمته منه وأثيب على ما فعله كسائر العبادات وقد دلت النصوص على أنه يرج من النار من ف قلبه مثقال ذرة
من اليان .و قد عدلت " الرجئة " ف هذا ال صل عن بيان الكتاب وال سنة وأقوال ال صحابة والتابع ي ل م
بإح سان واعتمدوا على رأي هم وعلى ما تأولوه بفهم هم الل غة ,وهذه طري قة أ هل البدع ; ولذا كان المام
أحد يقول :أكثر ما يطئ الناس من جهة التأويل والقياس .ولذا تد العتزلة والرجئة والرافضة وغيهم من
أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولم وما تأولوه من اللغة ; ولذا تدهم ل يعتمدون على أحاديث النب
صلى ال عليه وسلم والصحابة والتابعي وأئمة السلمي ; فل يعتمدون ل على السنة ول على إجاع السلف
وآثارهم ; وإنا يعتمدون على العقل واللغة وتدهم ل يعتمدون على كتب التفسي الأثورة والديث ; وآثار
السلف وإنا يعتمدون على كتب الدب وكتب الكلم الت وضعتها رؤوسهم وهذه طريقة اللحدة أيضا ; إنا
يأخذون ما ف ك تب الفل سفة وك تب الدب والل غة وأ ما ك تب القرآن والد يث والثار ; فل يلتفتون إلي ها.
هؤلء يعرضون عن ن صوص ال نبياء إذ هي عند هم ل تف يد العلم وأولئك يتأولون القرآن برأي هم وفهم هم بل
آثار عن ال نب صلى ال عليه وسلم وأ صحابه و قد ذكرنا كلم أحد وغيه ف إنكار هذا وجعله طريقة أ هل
البدع .وإذا تدبرت حججهم وجدت دعاوى ل يقوم عليها دليل .والقاضي أبو بكر الباقلن نصر قول جهم
ف " مسألة اليان " متابعة لب السن الشعري وكذلك أكثر أصحابه .فأما أبو العباس القلنسي وأبو علي
الثقفي وأبو عبد ال بن ماهد شيخ القاضي أب بكر وصاحب أب السن -فإنم نصروا مذهب السلف .وابن
كلب -نفسه -وال سي بن الفضل البجلي ونوها كانوا يقولون :هو التصديق والقول جيعا موافقة ل ن
قاله من فقهاء الكوفيي كحماد بن أب سليمان ومن اتبعه مثل أب حنيفة وغيه.
فصل (ص )120
وأبو ال سن الشعري ن صر قول ج هم ف " اليان " مع أنه ن صر الشهور عن أهل السنة من أ نه ي ستثن ف
اليان فيقول :أ نا مؤ من إن شاء ال ; ل نه ن صر مذ هب أ هل ال سنة ف أ نه ل يك فر أ حد من أ هل القبلة ول
يلدون ف النار وتق بل في هم الشفا عة ون و ذلك .و هو دائ ما ين صر -ف ال سائل ال ت في ها الناع ب ي أ هل
الديث وغيهم -قول أهل الديث لكنه ل يكن خبيا بآخذهم فينصره على ما يراه هو من الصول الت
تلقاها عن غيهم ; فيقع ف ذلك من التناقض ما ينكره هؤلء وهؤلء ,كما فعل ف مسألة اليان ونصر فيها
قول جهم مع نصره للستثناء ; ولذا خالفه كثي من أصحابه ف الستثناء كما سنذكر مأخذه ف ذلك واتبعه
أك ثر أ صحابه على ن صر قول ج هم ف ذلك .و من ل ي قف إل على ك تب الكلم ول يعرف ما قاله ال سلف
وأئمة السنة ف هذا الباب ; فيظن أن ما ذكروه هو قول أهل السنة ; وهو قول ل يقله أحد من أئمة السنة بل
قد كفر أحد بن حنبل ووكيع وغيها من قال بقول جهم ف اليان الذي نصره أبو السن .وهو عندهم شر
من قول الرجئة ; ولذا صار من يعظم الشافعي من الزيدية والعتزلة ونوهم يطعن ف كثي من ينتسب إليه
يقولون :الشافعي ل يكن فيلسوفا ول مرجئا وهؤلء فلسفة أشعرية مرجئة وغرضهم ذم الرجاء ونن نذكر
عمدتم لكونه مشهورا عند كثي من التأخرين النتسبي إل السنة .قال القاضي أبو بكر ف " التمهيد " :فإن
قالوا :فخبو نا ما اليان عند كم ؟ ق يل :اليان هو الت صديق بال و هو العلم ,والت صديق يو جد بالقلب فإن
قال :فما الدليل على ما قلتم ؟ قيل :إجاع أهل اللغة قاطبة على أن اليان قبل نزول القرآن وبعثة النب صلى
ال عليه وسلم هو التصديق ل يعرفون ف اللغة إيانا غي ذلك ويدل على ذلك قوله تعال{ :وما أنت بؤمن
ل نا} أي ب صدق ل نا .وم نه قول م :فلن يؤ من بالشفا عة وفلن ل يؤ من بعذاب ال قب أي :ل ي صدق بذلك.
فو جب أن اليان ف الشري عة هو اليان العروف ف الل غة ; لن ال ما غ ي الل سان العر ب ول قل به ولو ف عل
ذلك لتواترت الخبار بفعله وتوفرت دوا عي ال مة على نقله ولغلب إظهاره على كتما نه ,و ف علم نا بأ نه ل
يف عل ذلك بل إقرار أساء الشياء والتخاطب بأ سره على ما كان دل يل على أن اليان ف الشريعة هو اليان
اللغوي وما يبي ذلك قوله تعال{ :وما أرسلنا من رسول إل بلسان قومه} وقوله{ :إنا جعلناه قرآنا عربيا}.
فأ خب أ نه أنزل القرآن بل غة العرب و سى ال ساء ب سمياتم ول و جه للعدول بذه اليات عن ظواهر ها بغ ي
ح جة ل سيما مع القول بالعموم وح صول التوق يف على أن القرآن نزل بلغت هم ; فدل على ما قلناه من أن
اليان ما وصفناه دون ما سواه من سائر الطاعات من النوافل والفروضات ,هذا لفظه .وهذا عمدة من نصر
قول الهمية ف " مسألة اليان " وللجمهور من أهل السنة وغيهم عن هذا أجوبة( .أحدها) :قول من ينازعه
ف أن اليان ف اللغة مرادف للتصديق ويقول هو بعن القرار وغيه .و (الثان) :قول من يقول :وإن كان ف
الل غة هو الت صديق ; فالت صديق يكون بالقلب والل سان و سائر الوارح ك ما قال ال نب صلى ال عل يه و سلم:
" {والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} " .و (الثالث) :أن يقال :ليس هو مطلق التصديق بل هو تصديق خاص
مق يد بقيود ات صل الل فظ ب ا ول يس هذا نقل لل فظ ول تغييا له فإن ال ل يأمر نا بإيان مطلق بل بإيان خاص
وصفه وبينه .و (الرابع) :أن يقال :وإن كان هو التصديق ; فالتصديق التام القائم بالقلب مستلزم لا وجب من
أعمال القلب والوارح فإن هذه لوازم اليان التام ,وانتفاء اللزم دليهل على انتفاء اللزوم ,ونقول :إن هذه
اللوازم تدخل ف مسمى اللفظ تارة وترج عنه أخرى( .الامس) :قول من يقول :إن اللفظ باق على معناه ف
اللغة ولكن الشارع زاد فيه أحكاما( .السادس) :قول من يقول :إن الشارع استعمله ف معناه الجازي ; فهو
حقيقة شرعية ماز لغوي( .السابع) :قول من يقول :إنه منقول .فهذه سبعة أقوال( :الول) :قول من ينازع ف
أن معناه ف الل غة الت صديق ويقول :ل يس هو الت صديق ; بل بع ن القرار وغيه " .قوله " :إجاع أ هل الل غة
قاط بة على أن اليان ق بل نزول القرآن هو الت صديق .فيقال له :من ن قل هذا الجاع ؟ و من أ ين يعلم هذا
الجاع ؟ وفه أي كتاب ذكهر هذا الجاع ؟( .الثانه) :أن يقال :أتعنه بأههل اللغهة نقلتهها كأبه عمرو
والصمعي والليل ونوهم ; أو التكلمي با ؟ فإن عنيت الول ; فهؤلء ل ينقلون كل ما كان قبل السلم
بإ سناد وإن ا ينقلون ما سعوه من العرب ف زمان م و ما سعوه ف دواو ين الش عر وكلم العرب وغ ي ذلك
بالسناد ول نعلم فيما نقلوه لفظ اليان فضل عن أن يكونوا أجعوا عليه .وإن عنيت التكلمي بذا اللفظ قبل
ال سلم ; فهؤلء ل نشهد هم ول ن قل ل نا أ حد عن هم ذلك( .الثالث) :أ نه ل يعرف عن هؤلء جيع هم أن م
قالوا :اليان ف اللغة هو التصديق ; بل ول عن بعضهم وإن قدر أنه قاله واحد أو اثنان ; فليس هذا إجاعا.
(الرا بع) :أن يقال :هؤلء ل ينقلون عن العرب أن م قالوا :مع ن هذا الل فظ كذا وكذا ; وإن ا ينقلون الكلم
السموع من العرب وأنه يفهم منه كذا وكذا وحينئذ فلو قدر أنم نقلوا كلما عن العرب يفهم منه أن اليان
هو التصديق ; ل يكن ذلك أبلغ من نقل السلمي كافة للقرآن عن النب صلى ال عليه وسلم .وإذا كان مع
ذلك قد يظن بعضهم أنه أريد به معن ول يرده ; فظن هؤلء ذلك فيما ينقلونه عن العرب أول( .الامس):
أنه لو قدر أنم قالوا هذا ; فهم آحاد ل يثبت بنقلهم التواتر و " التواتر " من شرطه استواء الطرفي والواسطة
وأين التواتر الوجود عن العرب قاطبة قبل نزول القرآن ؟ إنم كانوا ل يعرفون لليان معن غي التصديق .فإن
قيل :هذا يقدح ف العلم باللغة قبل نزول القرآن ; قيل :فليكن .ونن ل حاجة بنا مع بيان الرسول لا بعثه ال
به من القرآن أن نعرف اللغة قبل نزول القرآن ,والقرآن نزل بلغة قريش والذين خوطبوا به كانوا عربا وقد
فهموا ما أريد به وهم الصحابة ث الصحابة بلغوا لفظ القرآن ومعناه إل التابعي حت انتهى إلينا فلم يبق بنا
حاجة إل أن تتواتر عندنا تلك اللغة من غي طريق تواتر القرآن ,لكن لا تواتر القرآن لفظا ومعن وعرفنا أنه
نزل بلغتهم ; عرفنا أنه كان ف لغتهم لفظ السماء والرض والليل والنهار والشمس والقمر ونو ذلك على ما
هو معنا ها ف القرآن .وإل فلو كلف نا نقل متواترا لحاد هذه اللفاظ من غ ي القرآن ; لتعذر علي نا ذلك ف
جيع اللفاظ ل سيما إذا كان الطلوب أن جيع العرب كانت تريد باللفظ هذا العن فإن هذا يتعذر العلم به ,
والعلم بعان القرآن ليس موقوفا على شيء من ذلك ; بل الصحابة بلغوا معان القرآن كما بلغوا لفظه .ولو
قدر نا أن قو ما سعوا كل ما أعجم يا وترجوه ل نا بلغت هم ; ل ن تج إل معر فة الل غة ال ت خوطبوا ب ا أول.
(ال سادس) :أ نه ل يذ كر شاهدا من كلم العرب على ما ادعاه علي هم ; وإن ا ا ستدل من غ ي القرآن بقول
الناس :فلن يؤمن بالشفاعة وفلن يؤمن بالنة والنار وفلن يؤمن بعذاب القب وفلن ل يؤمن بذلك .ومعلوم
أن هذا ل يس من ألفاظ العرب ق بل نزول القرآن ; بل هو م ا تكلم الناس به ب عد ع صر ال صحابة ل ا صار من
الناس أهل البدع يكذبون بالشفاعة وعذاب القب ,ومرادهم بذلك هو مرادهم بقوله :فلن يؤمن بالنة والنار
وفلن ل يؤمن بذلك .والقائل لذلك وإن كان تصديق القلب داخل ف مراده ; فليس مراده ذلك وحده ,بل
مراده التصديق بالقلب واللسان فإن مرد تصديق القلب بدون اللسان ل يعلم حت يب به عنه( .السابع) :أن
يقال :من قال ذلك ; فليس مراده التصديق با يرجى وياف بدون خوف ول رجاء ; بل يصدق بعذاب القب
ويافه ويصدق بالشفاعة ويرجوها .وإل فلو صدق بأنه يعذب ف قبه ول يكن ف قلبه خوف من ذلك أصل
ل يسموه مؤمنا به كما أنم ل يسمون مؤمنا بالنة والنار إل من رجا النة وخاف النار ,دون العرض عن
ذلك بالكلية مع عل مه بأنه حق .ك ما ل ي سمون إبليس مؤم نا بال وإن كان م صدقا بوجوده وربوبيته ,ول
يسمون فرعون مؤمنا وإن كان عالا بأن ال بعث موسى وأنه هو الذي أنزل اليات وقد استيقنت با أنفسهم
مع جحد هم ل ا بأل سنتهم ,ول ي سمون اليهود مؤمن ي بالقرآن والر سول وإن كانوا يعرفون أ نه حق ك ما
يعرفون أبناءهم .فل يوجد قط ف كلم العرب أن من علم وجود شيء ما ياف ويرجى ويب حبه وتعظيمه
; و هو مع ذلك ل ي به ول يعظ مه ول يا فه ول يرجوه ,بل ي حد به ويكذب به بل سانه أن م يقولون :هو
مؤمن ,بل ولو عرفه بقلبه وكذب به بلسانه ل يقولوا :هو مصدق به .ولو صدق به مع العمل بلف مقتضاه
ل يقولوا هو مؤمن به .فل يوجد ف كلم العرب شاهد واحد يدل على ما ادعوه .وقوله{ :وما أنت بؤمن
ل نا} قد تكلمنا علي ها ف غ ي هذا الو ضع فإن هذا ا ستدلل بالقرآن وليس ف الية ما يدل على أن الصدق
مرادف للمؤمن فإن صحة هذا العن بأحد اللفظ ي ل يدل على أنه مرادف للخر كما بسطناه ف موضعه.
(الوجه الثامن) :قوله :ل يعرفون ف اللغة إيانا غي ذلك .من أين له هذا النفي الذي ل تكن الحاطة به ؟ بل
هو قول بل علم( .التاسع) :قول من يقول :أصل اليان مأخوذ من المن كما ستأت أقوالم إن شاء ال .وقد
نقلوا ف الل غة اليان بغ ي هذا الع ن .ك ما قاله الش يخ أ بو البيان ف قول (000بياض ف ال صل)( .الو جه
العاشر) :أنه لو فرض أن اليان ف اللغة التصديق ; فمعلوم أن اليان ليس هو التصديق بكل شيء ,بل بشيء
مصوص وهو ما أخب به الرسول صلى ال عليه وسلم ; وحينئذ فيكون اليان ف كلم الشارع أخص من
اليان ف الل غة .ومعلوم أن الاص ين ضم إل يه قيود ل تو جد ف ج يع العام ,كاليوان إذا أ خذ ب عض أنوا عه
وهو النسان كان فيه العن العام ومعن اختص به وذلك الجموع ليس هو العن العام .فالتصديق الذي هو
اليان ; أدن أحواله أن يكون نوعا من التصديق العام فل يكون مطابقا له ف العموم والصوص من غي تغيي
اللسان ول قلبه ; بل يكون اليان ف كلم الشارع مؤلفا من العام والاص كالنسان الوصوف بأنه حيوان
وأنه نا طق( .الو جه الادي ع شر) :أن القرآن ليس فيه ذ كر إيان مطلق غ ي مف سر ; بل ل فظ اليان ف يه إ ما
مقيد وإما مطلق مفسر " .فالقيد " كقوله {يؤمنون بالغيب} وقوله{ :فما آمن لوسى إل ذرية من قومه} ,و
" الطلق الف سر " كقوله تعال{ :إنا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال وجلت قلوبم} الية .وقوله{ :إن ا الؤمنون
الذ ين آمنوا بال ور سوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموال م وأنف سهم ف سبيل ال أولئك هم ال صادقون} ون و
ذلك .وقوله{ :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت
ويسلموا تسليما} .وأمثال هذه اليات .وكل إيان مطلق ف القرآن فقد يبي فيه أنه ل يكون الرجل مؤمنا إل
بالعمل مع التصديق ; فقد بي ف القرآن أن اليان ل بد فيه من عمل مع التصديق كما ذكر مثل ذلك ف اسم
ال صلة والزكاة وال صيام وال ج .فإن ق يل :تلك ال ساء باق ية ول كن ضم إل ال سمى أعمال ف ال كم ل ف
ال سم ك ما يقوله القا ضي أ بو يعلى وغيه .ق يل :إن كان هذا صحيحا ق يل مثله ف اليان .و قد أورد هذا
السؤال لبعضهم ث ل يب عنه بواب صحيح بل زعم أن القرآن ل يذكر فيه ذلك .وليس كذلك بل القرآن
والسنة ملوءان با يدل على أن الرجل ل يثبت له حكم اليان إل بالعمل مع التصديق .وهذا ف القرآن أكثر
بكث ي من مع ن ال صلة والزكاة .فإن تلك إن ا ف سرتا ال سنة " واليان " ب ي معناه الكتاب وال سنة وإجاع
السلف( .الثان عشر) :أنه إذا قيل :إن الشارع خاطب الناس بلغة العرب ; فإنا خاطبهم بلغتهم العروفة وقد
جرى عرفهم أن السم يكون مطلقا وعاما ث يدخل فيه قيد أخص من معناه كما يقولون :ذهب إل القاضي
والوال والمي يريدون شخصا معينا يعرفونه دلت عليه اللم مع معرفتهم به .وهذا السم ف اللغة اسم جنس
ل يدل على خ صوص ش خص وأمثال ذلك .فكذلك اليان وال صلة والزكاة إن ا خاطب هم بذه ال ساء بلم
التعريف وقد عرفهم قبل ذلك أن الراد اليان الذي صفته كذا وكذا .والدعاء الذي صفته كذا وكذا .فبتقدير
أن يكون ف لغت هم الت صديق .فإ نه قد يبي أ ن ل أكت في بت صديق القلب والل سان فضل عن ت صديق القلب
وحده بل ل بد أن يعمل بوجب ذلك التصديق كما ف قوله تعال{ :إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث
ل يرتابوا} {إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} وف قوله صلى ال عليه وسلم " {ل تؤمنون حت
تكونوا كذا} " .وف قوله تعال{ :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله} .وف
قوله{ :ولو كانوا يؤمنون بال وال نب و ما أنزل إل يه ما اتذو هم أولياء} .وم ثل هذا كث ي ف الكتاب وال سنة
كقوله عليه السلم{ " :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} " .وقوله{ " :ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه}
" .وأمثال ذلك .ف قد ب ي ل م أن الت صديق الذي ل يكون الر جل مؤم نا إل به هو أن يكون ت صديقا على هذا
الوجه .وهذا بي ف القرآن والسنة من غي تغيي للغة ول نقل لا( .الثالث ع شر) :أن يقال :بل نقل وغي.
قوله :لو ف عل لتوا تر .ق يل :ن عم .و قد توا تر أ نه أراد بال صلة والزكاة وال صيام وال ج معاني ها العرو فة .وأراد
باليان ما بينه بكتابه وسنة رسوله من أن العبد ل يكون مؤمنا إل به كقوله{ :إنا الؤمنون} وهذا متواتر ف "
القرآن وال سنن " ومتوا تر أي ضا أ نه ل ي كن ي كم ل حد ب كم اليان إل أن يؤدي الفرائض .ومتوا تر ع نه أ نه
أخب أنه :من مات مؤمنا دخل النة ول يعذب وأن الفساق ل يستحقون ذلك ; بل هم معرضون للعذاب.
فقد توا تر عنه من معا ن اسم اليان وأحكا مه ما ل يتوا تر عنه ف غيه فأي تواتر أبلغ من هذا وقد توفرت
الدواعي على نقل ذلك وإظهاره ول المد .ول يقدر أحد أن ينقل عن النب صلى ال عليه وسلم نقل يناقض
هذا .لكن أخب أنه يرج منها من كان معه شيء من اليان .ول يقل :إن الؤمن يدخلها ,ول قال إن الفساق
مؤمنون .لكن أدخلهم ف مسمى اليان ف مواضع كما أدخل النافقي ف اسم اليان ف مواضع مع القيود.
وأما السم الطلق الذي وعد أهله بالنة ; فلم يدخل فيه ل هؤلء ول هؤلء( .الوجه الرابع عشر) :قوله :ول
وجه للعدول -باليات الت تدل على أنه عرب -عن ظاهرها ; فيقال له :اليات الت فسرت الؤمن وسلبت
اليان عمن ل يعمل ; أصرح وأبي وأكثر من هذه اليات .ث إذا دلت على أنه عرب ; فما ذكر ل يرجه
عن كونه عربيا .ولذا لا خاطبهم بلفظ الصلة والج وغي ذلك ; ل يقولوا :هذا ليس بعرب .بل خاطبهم
باسم النافقي وقد ذكر أهل اللغة أن هذا السم ل يكن يعرف ف الاهلية ول يقولوا :إنه ليس بعرب ; لن
النا فق مش تق من ن فق إذا خرج ; فإذا كان الل فظ مشت قا من لغت هم و قد ت صرف ف يه التكلم به ك ما جرت
عادتم ف لغتهم ; ل يرج ذلك عن كونه عربيا( .الوجه الامس عشر) :أنه لو فرض أن هذه اللفاظ ليست
عربية فليس تصيص عموم هذه اللفاظ بأعظم من إخراج لفظ اليان عما دل عليه الكتاب والسنة وإجاع
السلف ,فإن النصوص الت تنفي اليان عمن ل يب ال ورسوله ول ياف ال ول يتقيه ول يعمل شيئا من
الواجب ول يترك شيئا من الحرم ; كثية صرية .فإذا قدر أنا عارضها آية ; كان تصيص اللفظ القليل العام
أول من رد النصوص الكثية الصرية( .السادس عشر) :أن هؤلء واقفة ف ألفاظ العموم ل يقولون بعمومها ,
وال سلف يقولون :الر سول وقف نا على معا ن اليان وبي نه ل نا .وعلم نا مراده م نه بالضطرار وعلم نا من مراده
عل ما ضرور يا أن من ق يل :إ نه صدق ول يتكلم بل سانه باليان مع قدر ته على ذلك ول صلى ول صام ول
أ حب ال ور سوله ول خاف ال ; بل كان مبغ ضا للر سول معاد يا له يقاتله ; أن هذا ل يس بؤ من .ك ما قد
علمنا أن الكفار من الشركي وأهل الكتاب الذين كانوا يعلمون أنه رسول ال وفعلوا ذلك معه ; كانوا عنده
كفارا ل مؤمني فهذا معلوم عندنا بالضطرار أكثر من علمنا بأن القرآن كله ليس فيه لفظ غي عرب .فلو قدر
التعارض ; لكان تقديه ذلك العلم الضروري أول .فإن قالوا :مهن علم أن الرسهول كفره علم انتفاء التصهديق
من قلبه .قيل لم :هذه مكابرة ,إن أرادوا أنم كانوا شاكي مرتابي .وأما إن عن التصديق الذي ل يصل
معه ع مل ; فهو نا قص كالعدوم ; فهذا صحيح .ث إنا يث بت إذا ثبت أن اليان مرد ت صديق القلب وعل مه
وذاك إنا يثبت بعد تسليم هذه القدمات الت منها هذا فل تثبت الدعوى بالدعوى مع كفر صاحبها .ث يقال:
قد علمنا بالضطرار أن اليهود وغيهم كانوا يعرفون أن ممدا رسول ال ; وكان يكم بكفرهم .فقد علمنا
من دينه ضرورة أنه يكفر الشخص مع ثبوت التصديق بنبوته ف القلب إذا ل يعمل بذا التصديق بيث يبه
ويعظ مه وي سلم ل ا جاء به .وم ا يعارضون به أن يقال :هذا الذي ذكرتوه إن كان صحيحا ; ف هو أدل على
قول الرجئة ,بل على قول الكرام ية ,م نه على قول كم ,وذلك أن اليان إذا كان هو الت صديق ك ما ذكر ت
فالتصديق نوع من أنواع الكلم ,فاستعمال لفظ الكلم والقول ونو ذلك ف العن واللفظ ,بل ف اللفظ
الدال على العن ,أكثر ف اللغة من استعماله ف العن الجرد عن اللفظ ,بل ل يوجد قط إطلق اسم الكلم
ول أنواعه :كالب أو التصديق والتكذيب والمر والنهي على مرد العن من غي شيء يقترن به من عبارة ول
إشارة ول غيه ا ; وإن ا ي ستعمل مقيدا .وإذا كان ال إن ا أنزل القرآن بل غة العرب ; ف هي ل تعرف الت صديق
والتكذيب وغيها من القوال إل ما كان معن ولفظا أو لفظا يدل على معن ; ولذا ل يعل ال أحدا مصدقا
للرسل بجرد العلم والتصديق الذي ف قلوبم حت يصدقوهم بألسنتهم .ول يوجد ف كلم العرب أن يقال:
فلن صدق فل نا أو كذ به إذا كان يعلم بقل به أ نه صادق أو كاذب ول يتكلم بذلك .ك ما ل يقال :أمره أو
ناه إذا قام بقل به طلب مرد ع ما يقترن به من ل فظ أو إشارة أو نوه ا .ول ا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم:
" {إن صلتنا هذه ل يصلح فيها شيء من كلم الناس} " .وقال{ " :إن ال يدث من أمره ما شاء وإن ما
أحدث أن ل تكلموا ف ال صلة} " ات فق العلماء على أ نه إذا تكلم ف ال صلة عامدا لغ ي م صلحتها ; بطلت
صلته .واتفقوا كل هم على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيو ية وطلب ل يب طل ال صلة وإن ا يبطلها
التكلم بذلك .فعلم اتفاق ال سلمي على أن هذا ل يس بكلم .وأي ضا ف في " ال صحيحي " عن ال نب صلى ال
عليه وسلم أنه قال{ :إن ال تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما ل تتكلم به أو تعمل به} " فقد أخب أن
ال عفا عن حديث النفس إل أن تتكلم ; ففرق بي حديث النفس وبي الكلم وأخب أنه ل يؤاخذ به حت
يتكلم به ,والراد حت ينطق به اللسان باتفاق العلماء .فعلم أن هذا هو الكلم ف اللغة ; لن الشارع -كما
قرر -إنا خاطبنا بلغة العرب .وأيضا ففي " السنن " {أن معاذا قال له :يا رسول ال وإنا لؤاخذون با نتكلم
به ؟ فقال :وهل يكب الناس ف النار على وجوه هم أو قال على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم} " .فبي أن
الكلم إنا هو ما يكون باللسان .وف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ " :أصدق كلمة
قال ا الشا عر كل مة لب يد :أل كل ش يء ما خل ال با طل} " " .و ف ال صحيحي " ع نه أ نه قال{ " :كلمتان
خفيفتان على اللسان ثقيلتان ف اليزان حبيبتان إل الرحن :سبحان ال وبمده سبحان ال العظيم} " وقد قال
ال تعال{ :وينذر الذين قالوا اتذ ال ولدا} {ما لم به من علم ول لبائهم كبت كلمة ترج من أفواههم
إن يقولون إل كذبا} وف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ " :أفضل الكلم بعد القرآن
أر بع كلمات و هن ف القرآن :سبحان ال وال مد ل ول إله إل ال وال أ كب} " .رواه م سلم .وقال تعال:
{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصال يرفعه} ومثل هذا كثي .وف الملة :حيث ذكر ال ف كتابه عن
أحد من اللق من النبياء أو أتباعهم أو مكذبيهم أنم قالوا ويقولون وذلك قولم وأمثال ذلك ; فإنا يعن به
العن مع اللفظ .فهذا اللفظ وما تصرف منه من فعل ماض ومضارع وأمر ومصدر واسم فاعل من لفظ القول
والكلم ونوهاه ; إناه يعرف فه القرآن والسهنة وسهائر كلم العرب إذا كان لفظها ومعنه وكذلك أنواعهه
كالتصديق والتكذيب والمر والنهي وغي ذلك .وهذا ما ل يكن أحدا جحده فإنه أكثر من أن يصى .ول
يكن ف مسمى " الكلم " نزاع بي الصحابة والتابعي لم بإحسان وتابعيهم ل من أهل السنة ول من أهل
البدعة .بل أول من عرف ف السلم أنه جعل مسمى الكلم العن فقط هو عبد ال بن سعيد بن كلب وهو
متأ خر -ف ز من م نة أح د بن حن بل -و قد أن كر ذلك عل يه علماء ال سنة وعلماء البد عة فيمت نع أن يكون
الكلم الذي هو أظ هر صفات ب ن آدم -ك ما قال تعال{ :فورب ال سماء والرض إ نه ل ق م ثل ما أن كم
تنطقون} .ولفظه ل تصى وجوهه كثرة -ل يعرفه أحد من الصحابة والتابعي وتابعيهم حت جاء من قال فيه
قول ل يسبقه إليه أحد من السلمي ول غيهم .فإن قالوا :فقد قال ال تعال{ :ويقولون ف أنفسهم} وقال:
{واذكر ربك ف نفسك تضرعا وخيفة} ونو ذلك .قيل :إن كان الراد أنم قالوه بألسنتهم سرا فل حجة
ف يه .وهذا هو الذي ذكره الف سرون .قالوا :كانوا يقولون :سام عل يك فإذا خرجوا يقولون ف أنف سهم أي
يقول بعضهم لبعض :لو كان نبيا عذبنا بقولنا له ما نقول .وإن قدر أنه أريد بذلك أنم قالوه ف قلوبم فهذا
قول مق يد بالن فس م ثل قوله{ " :ع ما حد ثت به أنف سها} " ولذا قالوا{ :لول يعذب نا ال ب ا نقول} فأطلقوا
ل فظ القول ه نا والراد به ما قالوه بأل سنتهم ل نه النجوى والتح ية ال ت نوا عن ها ك ما قال تعال{ :أل تر إل
الذين نوا عن النجوى ث يعودون لا نوا عنه ويتناجون بالث والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك با
ل ي يك به ال ويقولون ف أنف سهم لول يعذب نا ال ب ا نقول} .مع أن الول هو الذي عل يه أك ثر الف سرين
وعليه تدل نظائره ; فإن النب صلى ال عليه وسلم قال{ " :يقول ال :من ذكرن ف نفسه ذكرته ف نفسي
ومن ذكرن ف مل ذكرته ف مل خي منه} " ليس الراد أنه ل يتكلم به بلسانه بل الراد أنه ذكر ال بلسانه.
وكذلك قوله{ :واذكر ربك ف نفسك تضرعا وخيفة ودون الهر من القول} هو الذكر باللسان والذي يقيد
بالنفس لفظ الديث يقال :حديث النفس ,ول يوجد عنهم أنم قالوا :كلم النفس وقول النفس ; كما قالوا:
حديث النفس ولذا يعب بلفظ الديث عن الحلم الت ترى ف النام كقول يعقوب عليه السلم{ :ويعلمك
من تأويل الحاديث} .وقول يوسف{ :وعلمتن من تأويل الحاديث} وتلك ف النفس ل تكون باللسان ;
فلفظ الديث قد يقيد با ف النفس بلف لفظ الكلم فإنه ل يعرف أنه أريد به ما ف النفس فقط .وأما قوله
تعال{ :وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فالراد به القول الذي تارة يسر به فل يسمعه
النسان وتارة يهر به فيسمعونه كما يقال :أسر القراءة وجهر با وصلة السر وصلة الهر .ولذا ل يقل:
قولوه بألسنتكم أو بقلوبكم وما ف النفس ل يتصور الهر به وإنا يهر با ف اللسان وقوله{ :إنه عليم بذات
ال صدور} من باب الت نبيه .يقول :إ نه يعلم ما ف ال صدور فك يف ل يعلم القول ك ما قال ف ال ية الخرى:
{وإن تهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} فنبه بذلك على أنه يعلم الهر ويدل على ذلك أنه قال{ :وأسروا
قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فلو أراد بالقول ما ف النفس لكونه ذكر علمه بذات الصدور ل
يكن قد ذكر علمه بالنوع الخر وهو الهر .وإن قيل :نبه ,قيل :بل نبه على القسمي .وقوله تعال{ :آيتك
أل تكلم الناس ثلثة أيام إل رمزا} قد ذكر هذا ف قوله{ :ثلث ليال سويا} وهناك ل يستثن شيئا ,والقصة
واحدة وهذا يدل على أن الستثناء منقطع والعن آيتك أل تكلم الناس لكن ترمز لم رمزا كنظائره ف القرآن
,وقوله{ :فأوحى إليهم} هو الرمز ولو قدر أن الرمز استثناء متصل لكان قد دخل ف الكلم القيد بالستثناء
كما ف قوله{ :وما كان لبشر أن يكلمه ال إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي بإذنه ما
يشاء} .ول يلزم من ذلك أن يدخل ف لفظ الكلم الطلق ; فليس ف لغة القوم أصل ما يدل على أن ما ف
الن فس يتناوله ل فظ الكلم والقول الطلق ; فضل عن الت صديق والتكذ يب فعلم أن من ل ي صدق بل سانه مع
القدرة ل يسمى ف لغة القوم مؤمنا كما اتفق على ذلك سلف المة من الصحابة والتابعي لم بإحسان .وقول
ع مر ر ضي ال ع نه :زورت ف نف سي مقالة أردت أن أقول ا ح جة علي هم .قال أ بو عب يد :التزو ير :إ صلح
الكلم وتيئته قال :وقال أبو زيد :الزور من الكلم والزوق واحد وهو الصلح السن ,وقال غيه :زورت
ف نف سي مقالة أي هيأت ا لقول ا .فلفظ ها يدل على أ نه قدر ف نف سه ما ير يد أن يقوله ول يقله فعلم أ نه ل
يكون قول إل إذا ق يل بالل سان وق بل ذلك ل ي كن قول ل كن كان مقدرا ف الن فس يراد أن يقال ك ما يقدر
النسان ف نفسه أنه يج وأنه يصلي وأنه يسافر إل غي ذلك فيكون لا يريده من القول والعمل صورة ذهنية
مقدرة ف النفس ولكن ل يسمى قول وعمل إل إذا وجد ف الارج كما أنه ل يكون حاجا ومصليا إل إذا
وجدت هذه الفعال ف الارج ولذا كان ما يهم به الرء من القوال الحرمة والفعال الحرمة ل تكتب عليه
حت يقوله ويفعله وما هم به من القول السن والعمل السن إنا يكتب له به حسنة واحدة فإذا صار قول
وفعل كتب له به عشر حسنات إل سبعمائة وعوقب عليه -إذا قال أو فعل -كما قال النب صلى ال عليه
وسلم{ " :إن ال تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما ل تتكلم به أو تعمل} " .وأما البيت الذي يكى عن
الخطل أنه قال :إن الكلم لفي الفؤاد وإنا جعل اللسان على الفؤاد دليل فمن الناس من أنكر أن يكون هذا
من شعره .وقالوا :إنم فتشوا دواوينه فلم يدوه ,وهذا يروى عن ممد بن الشاب .وقال بعضهم :لفظه :إن
البيان لفي الفؤاد .ولو احتج متج ف مسألة بديث أخرجاه ف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم
لقالوا :هذا خب واحد ويكون ما اتفق العلماء على تصديقه وتلقيه بالقبول وهذا البيت ل يثبت نقله عن قائله
بإسناد صحيح ل واحد ول أكثر من واحد ول تلقاه أهل العربية بالقبول فكيف يثبت به أدن شيء من اللغة
فضل عن م سمى الكلم .ث يقال :م سمى الكلم والقول ونوه ا ل يس هو م ا يتاج ف يه إل قول شا عر فإن
هذا م ا تكلم به الولون والخرون من أ هل الل غة وعرفوا معناه ف لغت هم ك ما عرفوا م سمى الرأس وال يد
والرجل .وأيضا فالناطقون باللغة يتج باستعمالم لللفاظ ف معانيها ل با يذكرونه من الدود فإن أهل اللغة
الناطق ي ل يقول أ حد من هم :إن الرأس كذا وال يد كذا والكلم كذا واللون كذا بل ينطقون بذه اللفاظ دالة
على معاني ها فتعرف لغت هم من استعمالم .فعلم أن الخ طل ل يرد بذا أن يذ كر م سمى " الكلم " ول أ حد
من الشعراء يقصد ذلك البتة ; وإنا أراد :إن كان قال ذلك ما فسره به الفسرون للشعر أي أصل الكلم من
الفؤاد وهو العن ; فإذا قال النسان بلسانه ما ليس ف قلبه فل تثق به ; وهذا كالقوال الت ذكرها ال عن
النافقي ذكر أنم يقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم ; ولذا قال :ل يعجبنك من أثي لفظه حت يكون مع
الكلم أصيل إن الكلم لفي الفؤاد وإنا جعل اللسان على الفؤاد دليل ناه أن يعجب بقوله الظاهر حت يعلم
ما ف قل به من ال صل ; ولذا قال :ح ت يكون مع الكلم أصيل .وقوله " :مع الكلم " دل يل على أن اللفظ
الظا هر قد ساه كل ما وإن ل يعلم قيام معناه بقلب صاحبه وهذا ح جة علي هم ; ف قد اشت مل شعره على هذا
وهذا ; بهل قوله " :مهع الكلم " مطلق .وقوله :إن الكلم لفهي الفؤاد .أراد بهه أصهله ومعناه القصهود بهه ,
والل سان دل يل على ذلك .و " بالملة " ف من احتاج إل أن يعرف م سمى " الكلم " ف ل غة العرب والفرس
والروم والترك وسائر أجناس بن آدم بقول شاعر فإنه من أبعد الناس عن معرفة طرق العلم .ث هو من الولدين
; ول يس من الشعراء القدماء و هو ن صران كا فر مثلث وا سه الخ طل وال طل ف ساد ف الكلم و هو ن صران
والنصارى قد أخطؤوا ف مسمى الكلم فجعلوا السيح القائم بنفسه هو نفس كلمة ال .فتبي أنه إن كان "
اليان " ف اللغة هو التصديق والقرآن إنا أراد به مرد التصديق الذي هو قول ول يسم العمل تصديقا فليس
ال صواب إل قول الرجئة :إ نه الل فظ والع ن .أو قول الكرام ية :إ نه قول بالل سان ف قط فإن ت سمية قول الل سان
قول أش هر ف الل غة من ت سمية مع ن ف القلب قول .كقوله تعال{ :يقولون بأل سنتهم ما ل يس ف قلوب م}
وقوله{ :ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} وأمثال ذلك بلف ما ف النفس فإنه
إنا يسمى حديثا .والكرامية يقولون :النافق مؤمن وهو ملد ف النار لنه آمن ظاهرا ل باطنا وإنا يدخل النة
من آمن ظاهرا وباطنا .قالوا :والدليل على شول اليان له أنه يدخل ف الحكام الدينية التعلقة باسم اليان
كقوله تعال{ :فتحر ير رق بة مؤم نة} ويا طب ف الظا هر بالم عة والطهارة وغ ي ذلك م ا خو طب به الذ ين
آمنوا .وأ ما من صدق بقل به ول يتكلم بل سانه فإ نه ل يتعلق به ش يء من أحكام اليان ل ف الدن يا ول ف
الخرة ول يدخل ف خطاب ال لعباده بقوله{ :يا أيها الذين آمنوا} فعلم أن قول الكرامية ف اليان وإن كان
باطل مبتدعا ل يسبقهم إليه أحد فقول الهمية أبطل منه وأولئك أقرب إل الستدلل باللغة والقرآن والعقل
من الهمية .و " الكرامية " توافق الرجئة والهمية ف أن إيان الناس كلهم سواء ول يستثنون ف اليان ; بل
يقولون :هو مؤمن حقا لن أظهر اليان وإذا كان منافقا فهو ملد ف النار عندهم ; فإنه إنا يدخل النة من
آمن باطنا وظاهرا ,ومن حكى عنهم أنم يقولون :النافق يدخل النة ,فقد كذب عليهم بل يقولون :النافق
مؤمن لن اليان هو القول الظاهر كما يسميه غيهم مسلما إذ السلم :هو الستسلم الظاهر ,ول ريب أن
قول الهم ية أف سد من قول م من وجوه متعددة شر عا ول غة وعقل .وإذا ق يل :قول الكرام ية قول خارج عن
إجاع السلمي قيل :وقول جهم ف اليان قول خارج عن إجاع السلمي قبله بل ال سلف كفروا من يقول
بقول ج هم ف اليان .و قد اح تج الناس على ف ساد قول الكرام ية ب جج صحيحة وال جج من جن سها على
ف ساد قول الهم ية أك ثر م ثل قوله تعال{ :و من الناس من يقول آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي}.
قالوا :ف قد ن فى ال اليان عن النافق ي .فنقول :هذا حق فإن النا فق ل يس بؤ من و قد ضل من ساه مؤم نا.
وكذلك من قام بقلبه علم وتصديق وهو يحد الرسول ويعاديه كاليهود وغيهم ساهم ال كفارا ل يسمهم
مؤمني قط ول دخلوا ف شيء من أحكام اليان .بلف النافق فإنه يدخل ف أحكام اليان الظاهرة ف الدنيا
; بل قد نفى ال اليان عمن قال بلسانه وقلبه إذا ل يعمل كما قال تعال{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا
ولكن قولوا أسلمنا} إل قوله{ :إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم
فه سهبيل ال أولئك ههم الصهادقون} فنفهى اليان عمهن سهوى هؤلء .وقال تعال{ :ويقولون آمنها بال
وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالؤمني} .و " التول " هو التول عن الطاعة
ك ما قال تعال { :ستدعون إل قوم أول بأس شد يد تقاتلون م أو ي سلمون فإن تطيعوا يؤت كم ال أجرا ح سنا
وإن تتولوا ك ما تولي تم من ق بل يعذب كم عذا با ألي ما} .وقال تعال{ :فل صدق ول صلى} {ول كن كذب
وتول} و قد قال تعال{ :ل ي صلها إل الش قى} {الذي كذب وتول} وكذلك قال مو سى وهارون{ :إ نا
قد أو حي إلي نا أن العذاب على من كذب وتول} .فعلم أن " التول " ل يس هو التكذ يب بل هو التول عن
الطا عة فإن الناس علي هم أن ي صدقوا الر سول في ما أ خب ويطيعوه في ما أ مر .و ضد الت صديق التكذ يب و ضد
الطاعة التول فلهذا قال{ :فل صدق ول صلى} {ول كن كذب وتول} و قد قال تعال{ :ويقولون آمنا بال
وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالؤمني} فنفى اليان عمن تول عن العمل
وإن كان قد أتى بالقول .وقال تعال{ :إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع ل
يذهبوا حت يستأذنوه} وقال{ :إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} .ففي القرآن والسنة من نفي
ه العال بقل به مع العاداةه اليان عهن النا فق .وأم ا
ه نفهى فيه ا
اليان ع من ل يأت بالعمهل مواضهع كثية كم ا
والخالفة الظاهرة فهذا ل يسم قط مؤمنا ; وعند الهمية إذا كان العلم ف قلبه فهو مؤمن كامل اليان إيانه
كإيان النبيي ولو قال وعمل ماذا عسى أن يقول ويعمل ؟ ول يتصور عندهم أن ينتفي عنه اليان إل إذا زال
ذلك العلم من قلبه .ث أكثر التأخرين الذين نصروا قول جهم يقولون بالستثناء ف اليان ويقولون " :اليان
ف الشرع " هو ما يواف به العبد ربه وإن كان ف اللغة أعم من ذلك فجعلوا ف " مسألة الستثناء " مسمى
اليان ما ادعوا أ نه م سماه ف الشرع وعدلوا عن الل غة .فهل فعلوا هذا ف العمال .ودللة الشرع على أن
العمال الواجبة من تام اليان ل تصى كثرة بلف دللته على أنه ل يسمى إيانا ; إل ما مات الرجل عليه
فإ نه ل يس ف الشرع ما يدل على هذا و هو قول مدث ل يقله أ حد من ال سلف ل كن هؤلء ظنوا أن الذ ين
ا ستثنوا ف اليان من ال سلف كان هذا مأخذ هم ; لن هؤلء وأمثال م ل يكونوا خبيين بكلم ال سلف بل
ينصرون ما يظهر من أقوالم با تلقوه عن التكلمي من الهمية ونوهم من أهل البدع فيبقى الظاهر قول
السلف والباطن قول الهمية الذين هم أفسد الناس مقالة ف اليان .وسنذكر -إن شاء ال -أقوال السلف
ف " الستثناء ف اليان " ولذا لا صار يظهر لبعض أتباع أب السن فساد قول جهم ف اليان خالفه كثي
منهم فمنهم من اتبع السلف .قال أبو القاسم النصاري شيخ الشهرستان ف " شرح الرشاد " لب العال بعد
أن ذكر قول أصحابه قال :وذهب أهل الثر إل أن اليان جيع الطاعات فرضها ونفلها وعبوا عنه بأنه إتيان
ما أ مر ال به فر ضا ونفل والنتهاء ع ما ن ى ع نه تري ا وأد با .قال :وبذا كان يقول أ بو علي الثق في من
متقد مي أ صحابنا ; وأ بو العباس القلن سي .و قد مال إل هذا الذ هب أ بو ع بد ال بن ما هد قال :وهذا قول
مالك بن أنس إمام دار الجرة ,ومعظم أئمة السلف رضوان ال عليهم أجعي .وكانوا يقولون :اليان معرفة
بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالركان .ومنهم من يقول بقول الرجئة :إنه التصديق بالقلب واللسان .ومنهم
من قال :إذا ترك الت صديق بالل سان عنادا كان كافرا بالشرع وإن كان ف قل به الت صديق والعلم .وكذلك قال
أ بو إ سحاق ال سفرايين .قال الن صاري :رأ يت ف ت صانيفه أن الؤ من إن ا يكون مؤم نا ح قا إذا ح قق إيا نه
بالعمال الصالة كما أن العال إنا يكون عالا حقا إذا عمل با علم واستشهد بقول ال تعال{ :إنا الؤمنون
الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادت م إيانا} إل قوله{ :أولئك هم الؤمنون حقا}
وقال أيضها أبهو إسهحاق :حقيقهة اليان فه اللغهة :التصهديق ول يتحقهق ذلك إل بالعرفهة والئتمار ,وتقوم
الشارة والنقياد مقام العبارة .وقال أيضها أبهو إسهحاق فه كتاب " السهاء والصهفات " :اتفقوا على أن مها
يستحق به الكلف اسم اليان ف الشريعة أوصاف كثية وعقائد متلفة وإن اختلفوا فيها على تفصيل ذكروه
واختلفوا ف إضافة ما ل يدخل ف جلة التصديق إليه لصحة السم فمنها ترك قتل الرسول وترك إيذائه وترك
تعظيم الصنام فهذا من التروك ,ومن الفعال نصرة الرسول والذب عنه وقالوا :إن جيعه يضاف إل التصديق
شر عا وقال آخرون :إ نه من الكبائر ل يرج الرء بالخال فة ف يه عن اليان .قلت :وهذان القولن لي سا قول
جهم ; لكن من قال ذلك فقد اعترف بأنه ليس مرد تصديق القلب وليس هو شيئا واحدا وقال :إن الشرع
تصرف فيه وهذا يهدم أصلهم ; ولذا كان حذاق هؤلء كجهم والصالي وأب السن والقاضي أب بكر على
أنه ل يزول عنه اسم اليان إل بزوال العلم من قلبه .قال أبو العال( :باب) ف ذكر الساء والحكام :اعلم
أن غرضنا ف هذا الباب يستدعي تقدي ذكر حقيقة اليان .قال :وهذا ما تباينت فيه مذاهب السلميي ث
ذكر قول الوارج والعتزلة والكرامية ث قال :وأما مذاهب أصحابنا فصار أهل التحقيق من أصحاب الديث
والنظار من هم إل أن اليان هو الت صديق و به قال شيخ نا أ بو ال سن رح ة ال عل يه واختلف رأ يه ف مع ن
التصديق ; وقال مرة :العرفة بوجوده وقدمه وإليته .وقال مرة :التصديق :قول ف النفس غي أنه يتضمن العرفة
ول يصح أن يوجد دونا وهذا مقتضاه ; فإن التصديق والتكذيب والصدق والكذب بالقوال أجدر فالتصديق
إذا قول ف الن فس ي عب عنهه بالل سان فتو صف العبادة بأناه ت صديق لناه عبارة عهن الت صديق :وقال بعهض
أصحابنا :التصديق ل يتحقق إل بالقول والعرفة جيعا فإذا اجتمعا كانا تصديقا واحدا .ومنهم من اكتفى بترك
العناد ; فلم ي عل القرار أ حد رك ن اليان فيقول :اليان هو الت صديق بالقلب وأو جب ترك العناد بالشرع
وعلى هذا الصل يوز أن يعرف الكافر ال وإنا يكفر بالعناد ل لنه ترك ما هو الهم ف اليان .وعلى هذا
الصل يقال :إن اليهود كانوا عالي بال ونبوة ممد صلى ال عليه وسلم إل أنم كفروا عنادا وبغيا وحسدا.
قال وعلى قول شيخنا أب السن :كل من حكمنا بكفره فنقول :إنه ل يعرف ال أصل ول عرف رسوله ول
دينه .قال أبو القاسم النصاري تلميذه :كأن العن :ل حكم ليانه ول لعرفته شرعا .قلت :وليس المر على
هذا القول ك ما قاله الن صاري هذا ول كن على قول م :العا ند كا فر شر عا فيج عل الك فر تارة بانتفاء اليان
الذي ف القلب وتارة بالعناد ,وي عل هذا كافرا ف الشرع وإن كان م عه حقي قة اليان الذي هو الت صديق
ويلز مه أن يكون كافرا ف الشرع مع أن م عه اليان الذي هو م ثل إيان ال نبياء واللئ كة .والذاق ف هذا
الذ هب ; كأ ب ال سن والقا ضي و من قبل هم من أتباع ج هم عرفوا أن هذا تنا قض يف سد ال صل فقالوا :ل
يكون أحد كافرا إل إذا ذهب ما ف قلبه من التصديق والتزموا أن كل من حكم الشرع بكفره ; فإنه ليس ف
قلبه شيء من معرفة ال ول معرفة رسوله ولذا أنكر هذا عليهم جاهي العقلء وقالوا :هذا مكابرة وسفسطة.
وقد احتجوا على قولم بقوله تعال{ :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله} إل
قوله{ :أولئك كتب ف قلوبم اليان} الية .قالوا :ومفهوم هذا أن من ل يعمل بقتضاه ل يكتب ف قلوبم
اليان .قالوا :فإن قيهل معناه ل يؤمنون إيانها مزئا معتدا بهه أو يكون العنه :ل يؤدون حقوق اليان ول
يعملون بقتضاه .قلنا :هذا عام ل يصص إل بدليل .فيقال لم :هذه الية فيها نفي اليان عمن يواد الحادين
ل ورسوله وفيها أن من ل يواد الحادين ل ورسوله فإن ال كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه وهذا
يدل على مذهب السلف أنه ل بد ف اليان من مبة القلب ل ولرسوله ومن بغض من ياد ال ورسوله ث ل
تدل الية على أن العلم الذي ف قلوبم بأن ممدا رسول ال يرتفع ل يبقى منه شيء واليان الذي كتب ف
القلب ل يس هو مرد العلم والت صديق بل هو ت صديق القلب وع مل القلب ولذا قال{ :وأيد هم بروح م نه
ه النار خالديهن فيهها رضهي ال عنههم ورضوا عنهه أولئك حزب ال أل إن ويدخلههم جنات تري مهن تته ا
حزب ال هم الفلحون} فقد وعدهم بالنة .و قد اتفق الميع على أن الوعد بالنة ل يكون إل مع التيان
بالأمور به وترك الحظور ; فعلم أن هؤلء الذين كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه قد أدوا الواجبات
الت با يستحقون ما وعد ال به البرار التقي ودل هذا على أن الفساق ل يدخلوا ف هذا الوعد ودلت هذه
الية على أنه ل يوجد مؤمن يواد الكفار ومعلوم أن خلقا كثيا من الناس يعرف من نفسه أن التصديق ف قلبه
ل يكذب الرسول وهو مع هذا يواد بعض الكفار ; فالسلف يقولون :ترك الواجبات الظاهرة دليل على انتفاء
اليان الواجب من القلب لكن قد يكون ذلك بزوال ع مل القلب -الذي هو حب ال ورسوله وخشية ال
ونو ذلك -ل يستلزم أل يكون ف القلب من التصديق شيء وعند هؤلء كل من نفى الشرع إيانه دل على
أنه ليس ف قلبه شيء من التصديق أصل وهذا سفسطة عند جاهي العقلء .وكذلك حكى ابن فورك عن أب
ال سن الشعري قال :اليان هو اعتقاد صدق ال خب في ما ي ب به اعتقادا هو علم وم نه اعتقاد ل يس بعلم ;
واليان بال -وهو اعتقاد صدقه -إنا يصح إذا كان عالا بصدقه ف أخباره وإنا يكون كذلك إذا كان عالا
بأنه يتكلم ,والعلم بأنه متكلم بعد العلم بأنه حي ; والعلم بأنه حي بعد العلم بأنه فاعل ,والعلم بأنه فاعل
بعد العلم بالفعل ,وهو كون العال فعل له وقال :وكذلك يتضمن العلم بكونه قادرا وله قدرة وعالا وله علم
ومريدا وله إرادة و سائر ما ل ي صح العلم بال إل ب عد العلم به من شرائط اليان .قلت :هذا م ا اختلف ف يه
قول الشعري وهو أن الهل ببعض الصفات هل يكون جهل بالوصوف أم ل ؟ على قولي والصحيح الذي
عليه المهور وهو آخر قوليه أنه ل يستلزم الهل بالوصوف .وجعل إثبات الصفات من اليان ما خالف فيه
الشعري جهما فإن جهما غال ف نفي الصفات بل وف نفي الساء .قال أبو السن :ث السمع ورد بضم
شرائط أخر إليه وهو أن ل يقترن به ما يدل على كفر من يأتيه فعل وتركا وهو أن الشرع أمره بترك العبادة
والسجود للصنم فلو أتى به دل على كفره وكذلك من قتل نبيا أو استخف به دل على كفره وكذلك لو ترك
تعظيهم الصهحف أو الكعبهة دل على كفره .قال :وأحهد مها اسهتدللنا بهه على كفره مها منهع الشرع أن يقرن
باليان أو أوجهب ضمهه إل اليان لو وجهد دلنها ذلك على أن التصهديق الذي ههو اليان مفقود مهن قلبهه
وكذلك كل ما ك فر به الخالف من طر يق التأو يل فإن ا كفرناه به لدلل ته على ف قد ما هو إيان من قل به ;
لستحالة أن يقضي السمع بكفر من معه اليان والتصديق بقلبه .فيقال :ل ريب أن الشارع ل يقضي بكفر
من معه اليان بقلبه لكن دعواكم أن اليان هو التصديق وإن ترد عن جيع أعمال القلب غلط ,ولذا قالوا:
أعمال التصديق والعرفة من قلبه أل ترى أن الشريعة حكمت بكفره ; والشريعة ل تكم بكفر الؤمن الصدق
; ولذا نقول :إن كفر إبليس لعنه ال كان أشد من كفر كل كافر وأنه ل يعرف ال بصفاته قطعا ول آمن به
إيا نا حقيق يا باط نا وإن و جد م نه القول والعبادة وكذلك اليهود والن صارى والجوس وغي هم من الكفرة ل
يو جد ف قلوب م حقيقة اليان الع تد به ف حال حكم نا ل م بالك فر .قال ال تعال{ :ولو كانوا يؤمنون بال
والنب وما أنزل إليه ما اتذوهم أولياء} وقوله{ :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم} الية
فج عل ال هذه المور شرطا ف ثبوت ح كم اليان فث بت أن اليان العر فة بشرائط ل يكون معتدا به دون ا.
فيقال :إن قلتم :إنه ضم إل معرفة القلب شروطا ف ثبوت الكم أو السم ل يكن هذا قول جهم ; بل يكون
هذا قول من جعل اليان -كالصلة والج هو -وإن كان ف اللغة بعن القصد والدعاء لكن الشارع ضم
إل يه أمورا إ ما ف ال كم وإ ما ف ال كم وال سم ; وهذا القول قد سلم صاحبه أن ح كم اليان الذكور ف
الكتاب والسنة ل يثبت بجرد تصديق القلب ; بل ل بد من تلك الشرائط ,وعلى هذا فل يكنه جعل الفاسق
مؤم نا إل بدل يل يدل على ذلك ل بجرد قوله :إن م عه ت صديق القلب و من ج عل اليان هو ت صديق القلب
يقول :كل كا فر ف النار ل يس مع هم من الت صديق بال ش يء ل مع إبل يس ول مع غيه .و قد قال ال تعال:
{وإذ يتحاجون ف النار فيقول الضعفاء للذين استكبوا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار
قال الذين استكبوا إنا كل فيها إن ال قد حكم بي العباد} وقال تعال{ :وسيق الذين كفروا إل جهنم زمرا
حت إذا جاءوها فتحت أبوابا وقال لم خزنتها أل يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم
لقاء يوم كم هذا قالوا بلى ول كن ح قت كل مة العذاب على الكافر ين} .ف قد اعترفوا بأن الر سل أتت هم وتلت
عليهم آيات ربم وأنذرتم لقاء يومهم هذا ; فقد عرفوا ال ورسوله واليوم الخر وهم ف الخرة كفار .وقال
تعال{ :كلما ألقي فيها فوج سألم خزنتها أل يأتكم نذير} {قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل ال
من شيء} فقد كذبوا بوجوده وكذبوا بتنيله .وأما ف الخرة فعرفوا الميع .وقال تعال{ :ولو ترى إذ وقفوا
على رب م قال أليس هذا بال ق قالوا بلى ورب نا قال فذوقوا العذاب با كن تم تكفرون} وقال تعال{ :وجاءت
سكرة الوت بال ق ذلك ما ك نت م نه ت يد} إل قوله{ :ل قد ك نت ف غفلة من هذا فكشف نا ع نك غطاءك
فب صرك اليوم حد يد} إل آيات أ خر كثية تدل على أن الكفار ف الخرة يعرفون رب م فإن كان مرد العر فة
إيانا كانوا مؤمني ف الخرة .فإن قالوا :اليان ف الخرة ل ينفع وإنا الثواب على اليان ف الدنيا .قيل :هذا
صحيح لكن إذا ل يكن اليان إل مرد العلم ; فهذه القيقة ل تتلف فإن ل يكن العمل من اليان فالعارف
ف الخرة ل يفته شيء من اليان .لكن أكثر ما يدعونه أنه حي مات ل يكن ف قلبه من التصديق بالرب
شيء .ونصوص القرآن ف غي موضع تدل على أن الكفار كانوا ف الدنيا مصدقي بالرب حت فرعون الذي
أظهر التكذيب كان ف باطنه مصدقا .قال تعال{ :وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} وكما قال
موسى لفرعون{ :لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب السماوات والرض بصائر} ومع هذا ل يكن مؤمنا ; بل
قال موسى{ :ربنا اطمس على أموالم واشدد على قلوبم فل يؤمنوا حت يروا العذاب الليم} :قال ال{ :قد
أجيبت دعوتكما} :ولا قال فرعون{ :آمنت أنه ل إله إل الذي آمنت به بنو إسرائيل} .قال ال{ :آلن وقد
عصيت قبل وكنت من الفسدين} .فوصفه بالعصية ول يصفه بعدم العلم ف الباطن كما قال{ :فعصى فرعون
الرسول} وكما قال عن إبليس{ :فسجد اللئكة كلهم أجعون} {إل إبليس استكب وكان من الكافرين}
فلم يصفه إل بالباء والستكبار ومعارضته المر ,ل يصفه بعدم العلم وقد أخب ال عن الكفار ف غي موضع
أن م كانوا معترف ي بالصانع ف مثل قوله{ :ولئن سألتهم من خلق هم ليقولن ال} .ث يقال ل م :إذا قل تم هو
التصديق بالقلب أو باللسان أو بما ; فهل هو التصديق الجمل ؟ أو ل بد فيه من التفصيل ؟ فلو صدق أن
ممدا رسهول ال ول يعرف صهفات القه ههل يكون مؤمنها أم ل ؟ فإن جعلوه مؤمنها .قيهل :فإذا بلغهه ذلك
فكذب به ل ي كن مؤم نا باتفاق ال سلمي ف صار ب عض اليان أك مل من ب عض ; وإن قالوا :ل يكون مؤم نا
لزمهم أن ل يكون أحد مؤمنا حت يعرف تفصيل كل ما أخب به الرسول ; ومعلوم أن أكثر المة ل يعرفون
ذلك وعند هم اليان ل يتفا ضل إل بالدوام ف قط .قال أ بو العال :فإن قال القائل :أ صلكم يلزم كم أن يكون
إيان النهمك ف فسقه كإيان النب صلى ال عليه وسلم .قلنا :الذي يفضل إيانه على إيان من عداه باستمرار
ت صديقه وع صمة ال إياه من مامرة الشكوك واختلج الر يب ,والت صديق عرض من العراض ل يب قى و هو
متوال للنب صلى ال عليه وسلم ثابت لغيه ف بعض الوقات وزائل عنه ف أوقات الفترات فيثبت للنب صلى
ال عل يه و سلم أعداد من الت صديق ول يث بت لغيه إل بعض ها فيكون إيا نه لذلك أك ثر وأف ضل ; قال :ولو
و صف اليان بالزيادة والنق صان وأر يد به ذلك كان م ستقيما .قلت :فهذا هو الذي يف ضل به ال نب غيه ف
اليان عندهم ومعلوم أن هذا ف غاية الفساد من وجوه كثية كما قد بسط ف مواضع أخرى.
فصل ()154
قال الذين نصروا مذهب جهم ف اليان من التأخرين -كالقاضي أب بكر وهذا لفظه -فإن قال قائل :وما
السلم عندكم ؟ قيل له " :السلم " :النقياد والستسلم ; فكل طاعة انقاد العبد با لربه واستسلم فيها
لمره فهي إسلم ,واليان :خصلة من خصال السلم ; وكل إيان إسلم وليس كل إسلم إيانا فإن قال:
فلم قلتم :إن معن السلم ما وصفتم ؟ قيل :لجل قوله تعال{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا
أ سلمنا} فن فى عن هم اليان وأث بت ل م ال سلم وإن ا أراد ب ا أثب ته النقياد وال ستسلم وم نه{ :وألقوا إلي كم
السلم} وكل من استسلم لشيء فقد أسلم وإن كان أكثر ما يستعمل ذلك ف الستسلم ل ولنبيه " .قلت ":
وهذا الذي ذكروه مع بطل نه ومالف ته للكتاب وال سنة هو تنا قض فإن م جعلوا اليان خ صلة من خ صال
ال سلم فالطاعات كل ها إ سلم ول يس في ها إيان إل الت صديق .والرجئة وإن قالوا :إن اليان يتض من ال سلم
فهم يقولون :اليان هو تصديق القلب واللسان وأما الهمية فيجعلونه تصديق القلب فل تكون الشهادتان ول
ال صلة ول الزكاة ول غي هن من اليان و قد تقدم ما بي نه ال ور سوله من أن ال سلم دا خل ف اليان فل
يكون الرجل مؤمنا حت يكون مسلما كما أن اليان داخل ف الحسان فل يكون مسنا حت يكون مؤمنا.
وأما التناقض فإنم إذا قالوا :اليان خصلة من خصال السلم كان من أتى باليان إنا أتى بصلة من خصال
السلم ل بالسلم الواجب جيعه .فل يكون مسلما حت يأت بالسلم كله كما ل يكون عندهم مؤمنا حت
يأت باليان كله وإل فمن أتى ببعض اليان عندهم ل يكون مؤمنا ول فيه شيء من اليان فكذلك يب أن
يقولوا ف ال سلم و قد قالوا :كل إيان إ سلم ول يس كل إ سلم إيا نا وهذا إن أرادوا به أن كل إيان هو
السلم الذي أمر ال به ناقض قولم :إن اليان خصلة من خصاله فجعلوا اليان بعضه ول يعلوه إياه وإن
قالوا :كل إيان فهو إسلم أي هو طاعة ل وهو جزء من السلم الواجب وهذا مرادهم .قيل لم :فعلى هذا
يكون السهلم متعددا بتعدد الطاعات وتكون الشهادتان وحدهاه إسهلما والصهلة وحدهها إسهلما والزكاة
إسلما بل كل درهم تعطيه للفقي إسلما وكل سجدة إسلما وكل يوم تصومه إسلما وكل تسبيحة تسبحها
ف الصلة أو غيها إسلما .ث السلم إن كان ل يكون مسلما إل بفعل كل ما سيتموه إسلما لزم أن يكون
الفساق ليسوا مسلمي مع كونم مؤمني فجعلتم الؤمني الكاملي اليان عندكم ليسوا مسلمي وهذا شر من
قول الكرامية ويلزم أن الفساق من أهل القبلة ليسوا مسلمي ; وهذا شر من قول الوارج والعتزلة وغيهم بل
وأن يكون من ترك التطوعات ل يس م سلما إذ كا نت التطوعات طا عة ل إن جعل تم كل طا عة فر ضا أو نفل
إ سلما .ث هذا خلف ما احتجج تم به من قوله للعراب{ :ل تؤمنوا ول كن قولوا أ سلمنا} .فأث بت ل م
السلم دون اليان وأيضا فإخراجكم الفساق من اسم السلم إن أخرجتموهم أعظم شناعة من إخراجهم
من اسم اليان فوقعتم ف أعظم ما عبتموه على العتزلة فإن الكتاب والسنة ينفيان عنهم اسم اليان أعظم ما
ينفيان اسم السلم واسم اليان ف الكتاب والسنة أعظم .وإن قلتم :بل كل من فعل طاعة سي مسلما لزم
أن يكون من ف عل طا عة من الطاعات ول يتكلم بالشهادت ي م سلما و من صدق بقل به ول يتكلم بل سانه أن
يكون مسلما عندكم لن اليان عندكم إسلم فمن أتى به فقد أتى بالسلم فيكون مسلما عندكم من تكلم
بالشهادت ي ول أ تى بش يء من العمال .واحتجاج كم بقوله{ :قالت العراب آم نا قل ل تؤمنوا ول كن قولوا
أسلمنا} قلتم :نفى عنهم اليان وأثبت لم السلم .فيقال :هذه الية حجة عليكم لنه لا أثبت لم السلم
مع انتفاء اليان دل ذلك على أن اليان ليس بزء من السلم إذ لو كان بعضه لا كانوا مسلمي إن ل يأتوا
به وإن قلتم :أردنا بقولنا :أثبت لم السلم أي إسلما ما فإن كل طاعة من السلم إسلم عندنا لزمكم ما
تقدم من أن يكون صوم يوم إسلما وصدقة درهم إسلما وأمثال ذلك .وهم يقولون :كل مؤمن مسلم وليس
كل م سلم مؤم نا قالوا :هذا من ح يث الطلق وإل فالتف صيل ما ذكرناه من أن اليان خ صلة من خ صال
السلم والدين وليس هو جيع السلم والدين فإن السلم هو الستسلم ل بفعل كل طاعة وقعت موافقة
للمر .واليان أعظم خصلة من خصال السلم .واسم السلم شامل لكل طاعة انقاد با العبد ل من إيان
وتصديق وفرض سواه ونفل غي أنه ل يصلح التقرب بفعل ما عدا اليان من الطاعات دون تقدي فعل اليان.
قالوا :والدين مأخوذ من التدين ; وهو قريب من السلم ف العن .فيقال لم :إذا كان هذا قولكم :فقولكم:
كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا يناقض هذا ; فإن السلم هو الطيع ل ول تصح الطاعة من أحد إل
مع اليان فيمتنع أن يكون أحد فعل شيئا من السلم إل وهو مؤمن ولو كان ذلك أدن الطاعات فيجب أن
يكون كل مسلم مؤمنا سواء أريد بالسلم فعل جيع الطاعات أو فعل واحدة منها وذلك ل يصح كله إل مع
اليان وحينئذ فالية حجة عليكم ل لكم .ث قولكم :كل مؤمن مسلم إن كنتم تريدون باليان تصديق القلب
ف قط فيلزم أن يكون الر جل م سلما ولو ل يتكلم بالشهادت ي ول أ تى بش يء من العمال الأمور ب ا وهذا م ا
يعلم بطلنه بالضرورة من دين السلم بل عامة اليهود والنصارى يعلمون أن الرجل ل يكون مسلما حت يأت
بالشهادتي أو ما يقوم مقامهما وقولكم :كل مؤمن مسلم ل يريدون أنه أتى بالشهادتي ول بشيء من البان
المس بل أتى با هو طاعة وتلك طاعة باطنة وليس هذا هو السلم العروف ف الكتاب والسنة ول عند الئمة
الولي والخرين ث استدللتم بالية والعراب إنا أتوا بإسلم ظاهر نطقوا فيه بالشهادتي سواء كانوا صادقي
أو كاذبي فأثبت ال لم السلم دون اليان فيظن من ل يعرف حقيقة المر أن هذا هو قول السلف الذي
دل عليه الكتاب والسنة من أن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وبينهما من التباين أعظم ما بي قول
السلف وقول العتزلة ف اليان والسلم ; فإن قول العتزلة ف اليان والسلم أقرب من قول الهمية بكثي
ولكن قولم ف تليد أهل القبلة أبعد عن قول السلف من قول الهمية .فالتأخرون الذين نصروا قول جهم ف
" مسهألة اليان " يظهرون قول ال سلف ف هذا وفه السهتثناء و ف انتفاء اليان الذي ف القلب حيهث نفاه
القرآن ونو ذلك .وذلك كله موافق للسلف ف مرد اللفظ وإل فقولم ف غاية الباينة لقول السلف ; ليس ف
القوال أبعد عن السلف منه .وقول العتزلة والوارج والكرامية ف اسم اليان والسلم أقرب إل قول السلف
من قول الهمية ; لكن العتزلة والوارج يقولون بتخليد العصاة وهذا أبعد عن قول السلف من كل قول فهم
أقرب ف السم وأبعد ف الكم ; والهمية وإن كانوا ف قولم :بأن الفساق ل يلدون أقرب ف الكم إل
السلف فقولم ف مسمى السلم واليان وحقيقتهما أبعد من كل قول عن الكتاب والسنة وفيه من مناقضة
العقل والشرع واللغة ما ل يوجد مثله لغيهم.
فصل (ص )160
وما يدل من القرآن على أن اليان الطلق مستلزم للعمال قوله تعال{ :إنا يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا با
خروا سجدا وسبحوا بمد ربم وهم ل يستكبون} فنفى اليان عن غي هؤلء فمن كان إذا ذكر بالقرآن ل
يفعل ما فرضه ال عليه من السجود ل يكن من الؤمني وسجود الصلوات المس فرض باتفاق السلمي وأما
سجود التلوة ففيه نزاع ; وقد يتج بذه الية من يوجبه لكن ليس هذا موضع بسط هذه السألة فهذه الية
م ثل قوله{ :إن ا الؤمنون الذ ين آمنوا بال ور سوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموال م وأنف سهم} .وقوله{ :إن ا
الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} وقوله {إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على
أمر جامع ل يذهبوا حت يستأذنوه} ومن ذلك قوله تعال{ :عفا ال عنك ل أذنت لم حت يتبي لك الذين
صدقوا وتعلم الكاذب ي} {ل ي ستأذنك الذ ين يؤمنون بال واليوم ال خر أن ياهدوا بأموال م وأنف سهم وال
عليم بالتقي} {إنا يستأذنك الذين ل يؤمنون بال واليوم ال خر وارتابت قلوبم فهم ف ريبهم يترددون}.
وهذه ال ية م ثل قوله{ :ل ت د قو ما يؤمنون بال واليوم ال خر يوادون من حاد ال ور سوله} وقوله{ :ولو
كانوا يؤمنون بال والنب وما أنزل إليه ما اتذوهم أولياء} بي سبحانه أن اليان له لوازم وله أضداد موجودة
ي ستلزم ثبوت لواز مه وانتفاء أضداده و من أضداده موادة من حاد ال ور سوله و من أضداده ا ستئذانه ف ترك
الهاد ث صرح بأن استئذانه إنا يصدر من الذين ل يؤمنون بال واليوم الخر ودل قوله{ :وال عليم بالتقي}
على أن التق ي هم الؤمنون .و من هذا الباب قوله صلى ال عل يه و سلم{ " :ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو
مؤ من} " وقوله{ " :ل يؤ من من ل يأ من جاره بوائ قه} " وقوله{ " :ل تؤمنوا ح ت تابوا} " وقوله{ " :ل
يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي} " وقوله " {ل يؤمن أحدكم حت يب
لخيه من الي ما يب لنفسه} " وقوله " {من غشنا فليس منا ومن حل علينا السلح فليس منا} ".
فصل (ص )162
وأما إذا قيد اليان فقرن بالسلم أو بالعمل الصال فإنه قد يراد به ما ف القلب من اليان باتفاق الناس وهل
يراد بهه أيضها العطوف عليهه ويكون مهن باب عطهف الاص على العام أو ل يكون حيه القتران داخل فه
مسماه ؟ بل يكون لزما له على مذهب أهل السنة أو ل يكون بعضا ول لزما هذا فيه ثلثة أقوال للناس كما
سيأت إن شاء ال وهذا موجود ف عامة الساء يتنوع مسماها بالطلق والتقييد مثال ذلك اسم " العروف "
و " الن كر " إذا أطلق ك ما ف قوله تعال{ :يأمر هم بالعروف وينها هم عن الن كر} وقوله{ :كن تم خ ي أ مة
أخرجهت للناس تأمرون بالعروف وتنهون عهن النكهر} وقوله{ :والؤمنون والؤمنات بعضههم أولياء بعهض
يأمرون بالعروف وينهون عن الن كر} يد خل ف العروف كل خ ي و ف الن كر كل شر .ث قد يقرن ب ا هو
أخص منه كقوله{ :ل خي ف كثي من نواهم إل من أمر بصدقة أو معروف أو إصلح بي الناس} فغاير بي
العروف وبي الصدقة والصلح بي الناس -كما غاير بي اسم اليان والعمل ; واسم اليان والسلم -
وكذلك قوله تعال{ :إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر} غاير بينهما وقد دخلت الفحشاء ف النكر ف
قوله{ :وينهون عن النكر} ث ذكر مع النكر اثني ف قوله{ :إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القرب
وينهى عن الفحشاء والنكر والبغي} جعل البغي هنا مغايرا لما وقد دخل ف النكر ف ذينك الوضعي .ومن
هذا الباب لفظ " العبادة " فإذا أمر بعبادة ال مطلقا دخل ف عبادته كل ما أمر ال به فالتوكل عليه ما أمر به
وال ستعانة به م ا أ مر به ; فيد خل ذلك ف م ثل قوله{ :و ما خل قت ال ن وال نس إل ليعبدون} و ف قوله:
{واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا} .وقوله { :يا أي ها الناس اعبدوا رب كم الذي خلق كم} وقوله{ :إ نا أنزل نا
إليك الكتاب بالق فاعبد ال ملصا له الدين} {قل ال أعبد ملصا له دين} .وقوله{ :أفغي ال تأمرون أعبد
أيها الاهلون} .ث قد يقرن با اسم آخر كما ف قوله{ :إياك نعبد وإياك نستعي} وقوله{ :فاعبده وتوكل
عليه} .وقول نوح {اعبدوا ال واتقوه وأطيعون} .وكذلك إذا أفرد اسم " طاعة ال " دخل ف طاعته كل ما
أمر به وكانت طاعة الرسول داخلة ف طاعته وكذا اسم " التقوى " إذا أفرد دخل فيه فعل كل مأمور به وترك
كهل مظور .قال طلق بهن حهبيب :التقوى :أن تعمهل بطاعهة ال على نور مهن ال ترجهو رحةه ال وأن تترك
معصية ال على نور من ال تاف عذاب ال وهذا كما ف قوله{ :إن التقي ف جنات ونر} {ف مقعد صدق
ع ند مليك مقتدر} .و قد يقرن ب ا ا سم آ خر كقوله{ :و من يتق ال ي عل له مر جا} {ويرز قه من حيث ل
يتسب} {ومن يتوكل على ال فهو حسبه} وقوله{ :إنه من يتق ويصب فإن ال ل يضيع أجر الحسني}
وقوله{ :واتقوا ال الذي تسهاءلون بهه والرحام} وقوله{ :اتقوا ال وقولوا قول سهديدا} .وقوله{ :اتقوا ال
وكونوا مع الصادقي} وقوله{ :اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون} وأمثال ذلك .فقوله{ :اتقوا
ال وقولوا قول سديدا} م ثل قوله{ :آمنوا بال ور سوله وأنفقوا م ا جعل كم م ستخلفي ف يه} وقوله{ :آ من
الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق بي أحد من رسله وقالوا
سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي} فعطف قولم على اليان ; كما عطف القول السديد على التقوى ;
ومعلوم أن التقوى إذا أطلقت دخل فيها القول السديد وكذلك اليان إذا أطلق دخل فيه السمع والطاعة ل
وللر سول وكذلك قوله{ :آمنوا بال ور سوله} وإذا أطلق اليان بال ف حق أمة م مد صلى ال عليه و سلم
دخل فيه اليان بالرسول وكذلك قوله{ :كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله} وإذا أطلق اليان بال دخل
فيه اليان بذه التوابع وكذلك قوله{ :والذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك} وقوله{ :قولوا آمنا
بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم} الية وإذا قيل{ :فآمنوا بال ورسوله النب المي} دخل ف اليان
برسوله اليان بميع الكتب والرسل والنبيي وكذلك إذا قيل{ :وآمنوا برسوله يؤتكم كفلي من رحته} وإذا
قيل{ :آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه} دخل ف اليان بال ورسوله اليان بذلك كله
والنفاق يد خل ف قوله ف ال ية الخرى{ :آمنوا بال ور سوله} ك ما يد خل القول ال سديد ف م ثل قوله:
{ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب} .وكذلك لفظ " الب " إذا أطلق تناول جيع ما أمر ال به كما ف قوله:
{إن البرار لفي نعيم} {وإن الفجار لفي جحيم} وقوله{ :ولكن الب من اتقى} وقوله{ :ولكن الب من آمن
بال واليوم الخر واللئكة والكتاب والنبيي وآتى الال على حبه ذوي القرب واليتامى والساكي وابن السبيل
وال سائلي و ف الرقاب وأقام ال صلة وآ تى الزكاة والوفون بعهد هم إذا عاهدوا وال صابرين ف البأ ساء والضراء
وحي البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون} فالب إذا أطلق كان مسماه مسمى التقوى والتقوى إذا
أطلقهت كان مسهماها مسهمى الب ثه قهد يمهع بينهمها كمها فه قوله تعال{ :وتعاونوا على الب والتقوى}.
وكذلك لفظ " الث " إذا أطلق دخل فيه كل ذنب وقد يقرن بالعدوان كما ف قوله تعال{ :ول تعاونوا على
الث والعدوان} .وكذلك لفظ " الذنوب " إذا أطلق دخل فيه ترك كل واجب وفعل كل مرم كما ف قوله:
{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال إن ال يغفر الذنوب جيعا} .ث قد يقرن بغيه
ك ما ف قوله{ :رب نا اغ فر ل نا ذنوب نا وإ سرافنا ف أمر نا} وكذلك ل فظ " الدى " إذا أطلق تناول العلم الذي
بعث ال به رسوله والعمل به جيعا فيدخل فيه كل ما أمر ال به كما ف قوله{ :اهدنا الصراط الستقيم}
والراد طلب العلم بال ق والع مل به جي عا .وكذلك قوله{ :هدى للمتق ي} .والراد به أن م يعلمون ما ف يه
ويعملون به ولذا صاروا مفلح ي وكذلك قول أ هل ال نة{ :ال مد ل الذي هدا نا لذا} وإن ا هدا هم بأن
ألم هم العلم النافع والعمل الصال .ث قد يقرن الدى إما بالجتباء ك ما ف قوله {واجتبيناهم وهديناهم إل
صراط م ستقيم} وك ما ف قوله{ :شاكرا لنع مه اجتباه وهداه} {ال ي تب إل يه من يشاء ويهدي إل يه من
ينيب} وكذلك قوله تعال{ :هو الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق} والدى هنا هو اليان ودين الق
هو السلم وإذا أطلق الدى كان كاليان الطلق يدخل فيه هذا وهذا .ولفظ " الضلل " إذا أطلق تناول من
ضل عن الدى سواء كان عمدا أو جهل ولزم أن يكون معذبا كقوله{ :إنم ألفوا آباءهم ضالي} {فهم على
آثارهم يهرعون} وقوله{ :ربنا إنا أطعنا سادتنا وكباءنا فأضلونا السبيل ربنا آتم ضعفي من العذاب والعنهم
لعنا كبيا} وقوله{ :فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى} ث قد يقرن بالغي والغضب كما ف قوله{ :ما ضل
صهاحبكم ومها غوى} .وفه قوله{ :غيه الغضوب عليههم ول الضاليه} .وقوله{ :إن الجرميه فه ضلل
وسهعر} .وكذلك لفهظ " الغهي " إذا أطلق تناول كهل معصهية ل كمها فه قوله عهن الشيطان{ :ولغوينههم
أجع ي} {إل عبادك من هم الخل صي} .و قد يقرن بالضلل ك ما ف قوله { :ما ضل صاحبكم و ما غوى}.
وكذلك اسم " الفقي " إذا أطلق دخل فيه السكي وإذا أطلق لفظ " السكي " تناول الفقي وإذا قرن بينهما
فأحده ا غ ي ال خر ; فالول كقوله{ :وإن تفو ها وتؤتو ها الفقراء ف هو خ ي ل كم} وقوله{ :فكفار ته إطعام
عشرة م ساكي} والثا ن كقوله{ :إن ا ال صدقات للفقراء وال ساكي} .و " هذه ال ساء " ال ت تتلف دللت ها
بالطلق والتقييهد والتجريهد والقتران تارة يكونان إذا أفرد أحدهاه أعهم مهن الخهر كاسهم " اليان " و "
العروف " مع العمل ومع الصدق ; و " كالنكر " مع الفحشاء ومع البغي ونو ذلك .وتارة يكونان متساويي
ف العموم والصوص كلفظ " اليان " و " الب " و " التقوى " ولفظ " الفقي " و " السكي " ; فأيها أطلق
تناول ما يتناوله الخر ; وكذلك لفظ " التلوة " فإنا إذا أطلقت ف مثل قوله{ :الذين آتيناهم الكتاب يتلونه
حق تلو ته} تناولت الع مل به ك ما ف سره بذلك ال صحابة والتابعون م ثل ا بن م سعود وا بن عباس وما هد
وغيهم قالوا :يتلونه حق تلوته يتبعونه حق اتباعه فيحلون حلله ويرمون حرامه ويعملون بحكمه ويؤمنون
بتشابه .وقيل :هو من التلوة بعن التباع كقوله{ :والقمر إذا تلها} وهذا يدخل فيه من ل يقرأه وقيل :بل
من تام قراءته أن يفهم معناه ويعمل به كما قال أبو عبد الرحن السلمي :حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن
عثمان بن عفان وعبد ال بن مسعود وغيها أنم كانوا إذا تعلموا من النب صلى ال عليه وسلم عشر آيات ل
ياوزو ها ح ت يتعلموا ما في ها من العلم والع مل قالوا :فتعلم نا القرآن والعلم والع مل جي عا .وقوله{ :الذ ين
آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلوته} قد فسر بالقرآن وفسر بالتوراة .وروى ممد بن نصر بإسناده الثابت عن
ابن عباس{ :يتلونه حق تلوته} قال يتبعونه حق اتباعه .وروي أيضا عن ابن عباس :يتلونه حق تلوته قال:
يلون حلله .ويرمون حرامه ول يرفونه عن مواضعه وعن قتادة :يتلونه حق تلوته أولئك يؤمنون به قال:
أولئك أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم آمنوا بكتاب ال وصدقوا به أحلوا حلله وحرموا حرامه وعملوا با
فيه ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول إن حق تلوته :أن يل حلله ويرم حرامه وأن نقرأه كما أنزل ال ول
نرفه عن مواضعه وعن السن :يتلونه حق تلوته قال :يعملون بحكمه ويؤمنون بتشابه ويكلون ما أشكل
عليهم إل عاله وعن ماهد :يتبعونه حق اتباعه وف رواية :يعملون به حق عمله .ث قد يقرن بالتلوة غيها
كقوله{ :اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلة إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر} .قال أحد بن
حنبل وغيه :تلوة الكتاب :العمل بطاعة ال كلها ث خص الصلة بالذكر كما ف قوله{ :والذين يسكون
بالكتاب وأقاموا ال صلة} وقوله{ :فاعبد ن وأ قم ال صلة لذكري} .وكذلك ل فظ اتباع ما أنزل ال يتناول
جيع الطاعات كقوله{ :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء} وقوله{ :فمن اتبع هداي
فل ي ضل ول يش قى} وقوله{ :وأن هذا صراطي م ستقيما فاتبعوه ول تتبعوا ال سبل فتفرق ب كم عن سبيله}
وقد يقرن به غيه كقوله{ :وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحون} وقوله{ :اتبع ما أوحي
إليك من ربك ل إله إل هو وأعرض عن الشركي} وقوله{ :واتبع ما يوحى إليك واصب حت يكم ال وهو
خ ي الاكم ي} .وكذلك ل فظ " البرار " إذا أطلق د خل ف يه كل ت قي من ال سابقي والقت صدين وإذا قرن
بالقربي كان أخص قال تعال ف الول{ :إن البرار لفي نعيم} {وإن الفجار لفي جحيم} وقال ف الثان:
{كل إن كتاب البرار ل في علي ي} {و ما أدراك ما عليون} {كتاب مرقوم} {يشهده القربون} وهذا باب
واسع يطول استقصاؤه .وهو من أنفع المور ف معرفة دللة اللفاظ مطلقا وخصوصا ألفاظ الكتاب والسنة
و به تزول شبهات كثية ك ثر في ها نزاع الناس من جلت ها " م سألة اليان وال سلم " فإن الناع ف م سماها
أول اختلف وقع افترقت المة لجله وصاروا متلفي ف الكتاب والسنة وكفر بعضهم بعضا وقاتل بعضهم
بعضا كما قد بسطنا هذا ف مواضع أخر إذ القصود هنا بيان شرح كلم ال ورسوله على وجه يبي أن الدى
كله مأخوذ من كلم ال ور سوله بإقا مة الدلئل الدالة ل بذ كر القوال ال ت تق بل بل دل يل وترد بل دل يل أو
يكون القصود با نصر غي ال والرسول فإن الواجب أن يقصد معرفة ما جاء به الرسول واتباعه بالدلة الدالة
على ما بي نه ال ور سوله .و من هذا الباب أقوال ال سلف وأئ مة ال سنة ف " تف سي اليان " فتارة يقولون :هو
قول وعمل .وتارة يقولون :هو قول وعمل ونية .وتارة يقولون قول وعمل ونية واتباع السنة .وتارة يقولون:
قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالوارح وكل هذا صحيح .فإذا قالوا :قول وعمل فإنه يدخل ف القول
قول القلب والل سان جي عا ; وهذا هو الفهوم من ل فظ القول والكلم ون و ذلك إذا أطلق .والناس ل م ف
م سمى " الكلم " و " القول " ع ند الطلق أرب عة أقوال فالذي عل يه ال سلف والفقهاء والمهور أ نه يتناول
اللفظ والعن جيعا كما يتناول لفظ النسان للروح والبدن جيعا .وقيل :بل مسماه هو اللفظ والعن ليس
جزء مسماه بل هو مدلول مسماه وهذا قول كثي من أهل الكلم من العتزلة وغيهم وطائفة من النتسبي إل
السنة وهو قول النحاة لن صناعتهم متعلقة باللفاظ .وقيل :بل مسماه هو العن وإطلق الكلم على اللفظ
ماز لنه دال عليه وهذا قول ابن كلب ومن اتبعه وقيل :بل هو مشترك بي اللفظ والعن وهو قول بعض
التأخرين من الكلبية ولم قول ثالث يروى عن أب السن أنه ماز ف كلم ال حقيقة ف كلم الدميي لن
حروف الدمي ي تقوم ب م فل يكون الكلم قائ ما بغ ي التكلم بلف الكلم القرآ ن ; فإ نه ل يقوم عنده بال
فيمتنع أن يكون كلمه ولبسط هذا موضع آخر( .والقصود هنا) أن من قال من السلف :اليان قول وعمل
أراد قول القلب واللسهان وعمهل القلب والوارح ; ومهن أراد العتقاد رأى أن لفهظ القول ل يفههم منهه إل
القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد العتقاد بالقلب ومن قال :قول وعمل ونية قال :القول يتناول العتقاد وقول
اللسان وأما العمل فقد ل يفهم منه النية فزاد ذلك ومن زاد اتباع السنة فلن ذلك كله ل يكون مبوبا ل إل
باتباع ال سنة وأولئك ل يريدوا كل قول وع مل إن ا أرادوا ما كان مشروعا من القوال والعمال ول كن كان
مق صودهم الرد على " الرجئة " الذ ين جعلوه قول ف قط فقالوا :بل هو قول وع مل والذ ين جعلوه " أرب عة
أقسام " فسروا مرادهم كما سئل سهل بن عبد ال التستري عن اليان ما هو ؟ فقال :قول وعمل ونية وسنة
لن اليان إذا كان قول بل عمل فهو كفر وإذا كان قول وعمل بل نية فهو نفاق وإذا كان قول وعمل ونية
بل سنة فهو بدعة.
فصل (ص )172
وعطف الشيء على الشيء ف القرآن وسائر الكلم يقتضي مغايرة بي العطوف والعطوف عليه مع اشتراك
العطوف والعطوف عليه ف الكم الذي ذكر لما والغايرة على مراتب أعلها أن يكونا متبايني ليس أحدها
هو الخر ول جزأه ول يعرف لزومه له كقوله {خلق السماوات والرض وما بينهما ف ستة أيام} ونو ذلك
وقوله{ :وجبيل وميكال} وقوله{ :وأنزل التوراة والنيل} {من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان} وهذا هو
الغالب .ويليه أن يكون بينهما لزوم كقوله{ :ول تلبسوا ال ق بالباطل وتكتموا الق} وقوله{ :ومن يشاقق
الرسول من بعد ما تبي له الدى ويتبع غي سبيل الؤمني} وقوله{ :ومن يكفر بال وملئكته وكتبه ورسله}
فإن من ك فر بال فقد ك فر بذا كله فالعطوف لزم للمعطوف عليه وف الية الت قبلها العطوف عل يه لزم
فإنه من يشاقق الرسول من بعد ما تبي له الدى فقد اتبع غي سبيل الؤمني .وف الثان نزاع وقوله{ :ول
تلبسوا الق بالباطل وتكتموا الق} ها متلزمان فإن من لبس الق بالباطل فجعله ملبوسا به خفى من الق
بقدر ما ظهر من الباطل فصار ملبوسا ومن كتم الق احتاج أن يقيم موضعه باطل فيلبس الق بالباطل ولذا
كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل ال فل بد أن يظهر باطل .وهكذا " أهل البدع " ل تد أحدا ترك
بعض السنة الت يب التصديق با والعمل إل وقع ف بدعة ول تد صاحب بدعة إل ترك شيئا من السنة كما
جاء ف الد يث { " :ما ابتدع قوم بد عة إل تركوا من ال سنة مثل ها} " رواه المام أح د .و قد قال تعال:
{فن سوا ح ظا م ا ذكروا به فأغري نا بين هم العداوة والبغضاء} فل ما تركوا ح ظا م ا ذكروا به اعتاضوا بغيه
فوقعت بينهم العداوة والبغضاء وقال تعال{ :ومن يعش عن ذكر الرحن نقيض له شيطانا فهو له قرين} أي
عن الذكر الذي أنزله الرحن وقال تعال{ :فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى} {ومن أعرض عن ذكري
فإن له معي شة ضنكا ونشره يوم القيامة أع مى} وقال{ :اتبعوا ما أنزل إلي كم من رب كم ول تتبعوا من دونه
أولياء قليل ما تذكرون} فأ مر باتباع ما أنزل ون ى ع ما يضاد ذلك و هو اتباع أولياء من دو نه ف من ل يت بع
أحدها اتبع الخر ولذا قال {ويتبع غي سبيل الؤمني} قال العلماء :من ل يكن متبعا سبيلهم كان متبعا غي
سبيلهم فاستدلوا بذلك على أن اتباع سبيلهم واجب فليس لحد أن يرج عما أجعوا عليه .وكذلك من ل
يفعل الأمور فعل بعض الحظور ومن فعل الحظور ل يفعل جيع الأمور فل يكن النسان أن يفعل جيع ما
أمر به مع فعله لبعض ما حظر ول يكنه ترك كل ما حظر مع تركه لبعض ما أمر فإن ترك ما حظر من جلة ما
أ مر به ف هو مأمور و من الحظور ترك الأمور ف كل ما شغله عن الوا جب ف هو مرم و كل ما ل ي كن ف عل
الواجب إل به فعليه فعله ولذا كان لفظ " المر " إذا أطلق يتناول النهي وإذا قيد بالنهي كان النهي نظي ما
تقدم فإذا قال تعال عن اللئ كة{ :ل يع صون ال ما أمر هم} د خل ف ذلك أ نه إذا نا هم عن ش يء اجتنبوه
وأ ما قوله{ :ويفعلون ما يؤمرون} ف قد ق يل :ل يتعدون ما أمروا به وق يل :يفعلو نه ف وق ته ل يقدمو نه ول
يؤخرونه .وقد يقال :هو ل يقل :ول يفعلون إل ما يؤمرون بل هذا دل عليه قوله{ :ل يسبقونه بالقول وهم
بأمره يعملون} وقد قيل :ل يعصون ما أمرهم به ف الاضي ويفعلون ما يؤمرون ف الستقبل وقد يقال :هذه
الية خب عما سيكون ليس ما أمروا به هنا ماضيا بل الميع مستقبل فإنه قال{ :قوا أنفسكم وأهليكم نارا}
و ما يت قي به إن ا يكون م ستقبل و قد يقال :ترك الأمور تارة يكون لع صية ال مر وتارة يكون لعجزه فإذا كان
قادرا مريدا لزم وجود الأمور القدور فقوله {ل يعصون} ل يتنعون عن الطاعة وقوله {ويفعلون ما يؤمرون}
أي هم قادرون على ذلك ل يعجزون عن شيء منه بل يفعلونه كله فيلزم وجود كل ما أمروا به وقد يكون ف
ضمن ذلك أنم ل يفعلون إل الأمور به كما يقول القائل :أنا أفعل ما أمرت به أي أفعله ول أتعداه إل زيادة
ول نقصان .وأيضا فقوله{ :ل يعصون ال ما أمرهم} إن كان نا هم عن ف عل آ خر كان ذلك من أمره وإن
كان ل ينه هم ل يكونوا مذموم ي بف عل ما ل ينهوا ع نه .والق صود أن ل فظ " ال مر " إذا أطلق تناول الن هي
ومنه قوله{ :أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأول المر منكم} أي أصحاب المر ومن كان صاحب المر كان
صاحب النهي ووجبت طاعته ف هذا وهذا فالنهي داخل ف المر وقال موسى للخضر{ :ستجدن إن شاء ال
صابرا ول أعصي لك أمرا} {قال فإن اتبعتن فل تسألن عن شيء حت أحدث لك منه ذكرا} وهذا ني له
عن ال سؤال ح ت يدث له منه ذكرا ول ا خرق ال سفينة قال له مو سى {أخرقتها لتغرق أهل ها ل قد جئت شيئا
إمرا} فسأله قبل إحداث الذكر وقال ف الغلم {أقتلت نفسا زكية بغي نفس لقد جئت شيئا نكرا} فسأله قبل
إحداث الذكر وقال ف الدار {لو شئت لتذت عليه أجرا} وهذا سؤال من جهة العن فإن السؤال والطلب
قد يكون بصيغة الشرط كما تقول :لو نزلت عندنا لكرمناك وإن بت الليلة عندنا أحسنت إلينا ومنه قول آدم
{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين} وقول نوح {رب إن أعوذ بك أن أسألك
ما ليس ل به علم وإل تغ فر ل وترح ن أ كن من الا سرين} ومثله كث ي ولذا قال مو سى {إن سألتك عن
شيء بعدها فل تصاحبن} فدل على أنه سأله الثلث قبل أن يدث له الذكر وهذا معصية لنهيه وقد دخل ف
قوله {ول أعصي لك أمرا} فدل على أن عاصي النهي عاص المر ومنه قوله تعال {أل له اللق والمر} وقد
دخل النهي ف ال مر .ومنه قوله{ :فليحذر الذ ين يالفون عن أمره} وقوله{ :وما كان لؤ من ول مؤم نة إذا
ق ضى ال ور سوله أمرا أن يكون ل م الية من أمر هم} فإن ن يه دا خل ف ذلك .و قد تنازع الفقهاء ف قول
الر جل لمرأ ته :إذا ع صيت أمري فأ نت طالق إذا نا ها فع صته هل يكون ذلك داخل ف أمره ؟ على قول ي:
ق يل :ل يدخل لن حقيقة النهي غ ي حقيقة ال مر وقيل :يد خل لن ذلك يفهم منه ف العرف معصية ال مر
والنهي وهذا هو الصواب لن ما ذكر ف العرف هو حقيقة ف اللغة والشرع فإن المر الطلق من كل متكلم
إذا ق يل :أ طع أ مر فلن أو فلن يط يع أ مر فلن أو ل يع صي أمره فإ نه يد خل ف يه الن هي لن النا هي آ مر بترك
الن هي ع نه فلهذا قال سبحانه{ :ول تلب سوا ال ق بالبا طل وتكتموا ال ق وأن تم تعلمون} ول ي قل :ل تكتموا
الق فلم ينه عن كل منهما لتلزمهما وليست هذه واو المع الت يسميها الكوفيون واو الصرف كما قد يظنه
بعض هم فإ نه كان يكون الع ن :ل تمعوا بينه ما فيكون أحده ا وحده غ ي من هي ع نه .و " أي ضا " فتلك إن ا
ت يء إذا ظ هر الفرق كقوله{ :ول ا يعلم ال الذ ين جاهدوا من كم ويعلم ال صابرين} وقوله{ :أو يوبق هن ب ا
كسبوا ويعف عن كثي} {ويعلم الذين يادلون ف آياتنا ما لم من ميص} .ومن عطف اللزوم قوله تعال:
{أطيعوا ال وأطيعوا الر سول وأول ال مر من كم} فإن م إذا أطاعوا الر سول ف قد أطاعوا ال ك ما قال تعال:
{ من ي طع الر سول ف قد أطاع ال} وإذا أطاع ال من بلغ ته ر سالة م مد فإ نه ل بد أن يط يع الر سول فإ نه ل
طاعهة ل إل بطاعتهه .و " الثالث " عطهف بعهض الشيهء عليهه كقوله{ :حافظوا على الصهلوات والصهلة
الوسطى} وقوله {وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري} وقوله:
{من كان عدوا ل وملئكته ورسله وجبيل وميكال} وقوله{ :وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالم وأرضا ل
تطئوها} و " الرابع " عطف الشيء على الشيء لختلف الصفتي كقوله{ :سبح اسم ربك العلى} {الذي
خلق فسوى} {والذي قدر فهدى} {والذي أخرج الرعى} وقوله{ :الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلة
وما رزقناهم ينفقون} {والذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالخرة هم يوقنون} وقد جاء ف
الشعر ما ذكر أنه عطف لختلف اللفظ فقط كقوله :وألفى قولا كذبا ومينا .ومن الناس من يدعي أن مثل
هذا جاء ف كتاب ال كما يذكرونه ف قوله( :شرعة ومنهاجا) وهذا غلط مثل هذا ل ييء ف القرآن ول ف
كلم ف صيح وغا ية ما يذ كر الناس اختلف مع ن الل فظ ك ما اد عى بعض هم أن من هذا قوله :أل حبذا ه ند
وأرض با هند وهند أتى من دونا النأي والبعد فزعموا أنما بعن واحد .واستشهدوا بذلك على ما ادعوه من
أن الشرعة هي النهاج فقال الخالفون لم :النأي أعم من البعد فإن النأي كلما قل بعده أو كثر ; كأنه مثل
الفارقة .والبعد إنا يستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته وقد قال تعال{ :وهم ينهون عنه وينأون عنه} وهم
مذمومون على مانبته والتنحي عنه سواء كانوا قريبي أو بعيدين وليس كلهم كان بعيدا عنه ل سيما عند من
يقول :نزلت ف أب طالب وقد قال النابغة - :والنؤي كالوض بالظلومة اللد .والراد به ما يفر حول اليمة
لينل فيه الاء ول يدخل اليمة أي صار كالوض فهو مانب للخيمة ليس بعيدا منها.
فصل (ص )179
فإذا تبي هذا فل فظ " اليان " إذا أطلق ف القرآن وال سنة يراد به ما يراد بل فظ " الب " وبل فظ " التقوى "
وبل فظ " الد ين " ك ما تقدم ; فإن ال نب صلى ال عل يه و سلم ب ي أن " {اليان ب ضع و سبعون شع بة أفضل ها
قول :ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} " فكان كل ما يبه ال يدخل ف اسم اليان وكذلك
لفهظ " الب " يدخهل فيهه جيهع ذلك إذا أطلق وكذلك لفهظ " التقوى " وكذلك " الديهن أو ديهن السهلم "
وكذلك روي أن م سألوا عن اليان فأنزل ال هذه ال ية {ليس الب أن تولوا وجوه كم} ال ية و قد ف سر الب
باليان وف سر بالتقوى وف سر بالع مل الذي يقرب إل ال والم يع حق و قد روي مرفو عا إل ال نب صلى ال
عليه وسلم أنه فسر الب باليان .قال ممد بن نصر :حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد ال بن يزيد القري
واللئي قال :حدثنا السعودي عن القاسم قال{ :جاء رجل إل أب ذر فسأله عن اليان فقرأ{ :ليس الب أن
تولوا وجوهكم} إل آخر الية ; فقال الرجل :ليس عن الب سألتك .فقال :جاء رجل إل النب صلى ال عليه
وسلم فسأله عن الذي سألتن عنه فقرأ عليه الذي قرأت عليك فقال له الذي قلت ل .فلما أب أن يرضى قال
له :إن الؤمن الذي إذا عمل السنة سرته ورجا ثوابا وإذا عمل السيئة ساءته وخاف عقابا} .وقال :حدثنا
إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن عبد الكري الزري عن ماهد {أن أبا ذر سأل النب صلى ال عليه
وسلم عن اليان فقرأ عليه{ :ليس الب أن تولوا وجوهكم} إل آخر الية} وروي بإسناده عن عكرمة قال:
سئل السن بن علي بن أب طالب مقبله من الشام عن اليان فقرأ{ :ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق
والغرب} وروى ابن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال :قلت لسال الفطس :رجل أطاع ال فلم يعصه
ورجل عصى ال فلم يطعه فصار الطيع إل ال فأدخله النة وصار العاصي إل ال فأدخله النار هل يتفاضلن
ف اليان ؟ قال :ل .قال فذكرت ذلك لعطاء فقال :سلهم اليان طيب أو خبيث ؟ فإن ال قال{ :ليميز ال
ال بيث من الط يب وي عل ال بيث بع ضه على ب عض فيك مه جي عا فيجعله ف جه نم أولئك هم الا سرون}
فسألتهم فلم ييبون فقال بعضهم :إن اليان يبطن ليس معه عمل فذكرت ذلك لعطاء فقال :سبحان ال أما
يقرؤون الية الت ف البقرة{ :ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق والغرب ولكن الب من آمن بال واليوم
ال خر واللئ كة والكتاب وال نبيي} ؟ .قال :ث و صف ال على هذا ال سم ما لز مه من الع مل فقال{ :وآ تى
الال على حبهه ذوي القربه واليتامهى والسهاكي وابهن السهبيل} -إل قوله { -وأولئك ههم التقون} فقال:
سلهم هل د خل هذا الع مل ف هذا ال سم .وقال{ :و من أراد الخرة و سعى ل ا سعيها و هو مؤ من} فألزم
السم العمل والعمل السم .والقصود هنا أنه ل يثبت الدح إل على إيان معه العمل ل على إيان خال عن
عمل فإذا عرف أن الذم والعقاب واقع ف ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم ل فائدة فيه بل يكون نزاعا لفظيا
مهع أن م مطئون ف اللفهظ مالفون للكتاب والسهنة وإن قالوا :إنهه ل يضره ترك الع مل فهذا كفهر صريح ;
وب عض الناس ي كى هذا عن هم وأن م يقولون :إن ال فرض على العباد فرائض ول يرد من هم أن يعملو ها ول
يضرهم تركها وهذا قد يكون قول الغالية الذين يقولون :ل يدخل النار من أهل التوحيد أحد لكن ما علمت
معينا أحكي عنه هذا القول وإنا الناس يكونه ف الكتب ول يعينون قائله وقد يكون قول من ل خلق له ;
فإن كثيا من الف ساق والنافق ي يقولون :ل ي ضر مع اليان ذ نب أو مع التوح يد وب عض كلم الراد ين على
الرجئة و صفهم بذا .ويدل على ذلك قوله تعال ف آ خر ال ية {أولئك الذ ين صدقوا وأولئك هم التقون}.
فقوله صدقوا أي ف قولم :آمنوا ; كقوله{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولا يدخل
اليان ف قلوبكم} إل قوله{ :إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم
ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} أي هم الصادقون ف قولم :آمنا بال بلف الكاذبي الذين قال ال فيهم:
{إذا جاءك النافقون قالوا نش هد إ نك لر سول ال وال يعلم إ نك لر سوله وال يش هد إن النافق ي لكاذبون}
وقال تعال{ :ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} {يادعون ال والذين آمنوا وما
يدعون إل أنفسهم وما يشعرون} {ف قلوبم مرض فزادهم ال مرضا ولم عذاب أليم با كانوا يكذبون}
وف {يكذبون} قراءتان مشهورتان فإنم كذبوا ف قولم :آمنا بال واليوم ال خر وكذبوا الر سول ف الباطن
وإن صدقوه ف الظا هر وقال تعال{ :ال} {أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون} {ول قد
فتنا الذين من قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي} فبي أنه ل بد أن يفت الناس أي يتحنهم
ويبتلي هم وي تبهم .يقال :فت نت الذ هب إذا أدخل ته النار لتميزه م ا اختلط به وم نه قول مو سى{ :إن هي إل
فتن تك ت ضل ب ا من تشاء وتدي من تشاء} أي من تك واختبارك وابتلؤك ك ما ابتليهت عبادك بال سنات
وال سيئات لي تبي ال صبار الشكور من غيه وابتليت هم بإر سال الر سل وإنزال الك تب لي تبي الؤ من من الكا فر
والصادق من الكاذب والنافق من الخلص فتجعل ذلك سببا لضللة قوم وهدي آخرين .والقرآن فيه كثي من
هذا يصف الؤمني بالصدق والنافقي بالكذب لن الطائفتي قالتا بألسنتهما :آمنا فمن حقق قوله بعمله فهو
مؤمن صادق ومن قال بلسانه ما ليس ف قلبه فهو كاذب منافق قال تعال{ :وما أصابكم يوم التقى المعان
فبإذن ال وليعلم الؤمني} {وليعلم الذين نافقوا وقيل لم تعالوا قاتلوا ف سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتال
لتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوبم وال أعلم با يكتمون} فلما
قال ف آية الب{ :أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون} دل على أن الراد صدقوا ف قولم :آمنا فإن هذا
هو القول الذي أمروا به وكانوا يقولو نه .ول يؤمروا أن يلفظوا بأل سنتهم ويقولوا :ن ن أبرار أو بررة ; بل إذا
قال الرجل :أنا بر فهذا مزك لنفسه ولذا كانت زينب بنت جحش اسها برة فقيل :تزكي نفسها فسماها النب
صلى ال عل يه و سلم زي نب ; بلف إنشاء اليان بقول م " :آم نا " فإن هذا قد فرض علي هم أن يقولوه قال
تعال {قولوا آم نا بال و ما أنزل إلي نا و ما أنزل إل إبراه يم وإ ساعيل وإ سحاق ويعقوب وال سباط و ما أو ت
موسى وعيسى وما أوت النبيون من ربم} وكذلك ف أول آل عمران {قل آمنا بال وما أنزل علينا وما أنزل
على إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى والنبيون من ربم} .وقال تعال:
{آ من الر سول ب ا أنزل إل يه من ر به والؤمنون كل آ من بال وملئك ته وكت به ور سله ل نفرق ب ي أ حد من
رسله} فقوله{ :ل نفرق} دليل على أنم قالوا :آمنا ول نفرق ولذا قال{ :وقالوا سعنا وأطعنا} فجمعوا بي
قولم :آمنا وبي قولم :سعنا وأطعنا وقد قال ف آية الب{ :وأولئك هم التقون} فجعل البرار هم التقي عند
الطلق والتجر يد و قد م يز بينه ما ع ند القتران والتقي يد ف قوله{ :وتعاونوا على الب والتقوى} ودلت هذه
اليهة على أن مسهمى اليان ومسهمى الب ومسهمى التقوى عنهد الطلق واحهد فالؤمنون ههم التقون وههم
البرار .ولذا جاء ف أحاديث الشفاعة الصحيحة{ " :يرج من النار من ف قلبه مثقال ذرة من إيان} " وف
بعض ها{ " :مثقال ذرة من خ ي} " وهذا مطا بق لقوله تعال {ف من يع مل مثقال ذرة خيا يره} {و من يع مل
مثقال ذرة شرا يره} وذلك الذي ههو مثقال ذرة مهن خيه ههو مثقال ذرة مهن إيان وهؤلء الؤمنون البرار
التقياء هم أهل السعادة الطلقة وهم أهل النة الذين وعدوا بدخولا بل عذاب وهؤلء الذين قال النب صلى
ال عليه وسلم{ " :من غشنا فليس منا ومن حل علينا السلح فليس منا} " فإنه ليس من هؤلء ; بل من أهل
الذنوب العرضي للوعيد أسوة أمثالم.
فصل (ص )185
وهذا النوع من ن ط " أ ساء ال وأ ساء كتا به وأ ساء ر سوله وأ ساء دي نه " قال ال تعال { :قل ادعوا ال أو
ادعوا الرح ن أ يا ما تدعوا فله ال ساء ال سن} وقال تعال{ :ول ال ساء ال سن فادعوه باه وذروا الذ ين
يلحدون ف أ سائه} وقال ال تعال { :هو ال الذي ل إله إل هو عال الغ يب والشهادة هو الرح ن الرح يم}
{ههو ال الذي ل إله إل ههو اللك القدوس السهلم الؤمهن الهيمهن العزيهز البار التكهب سهبحان ال عمها
يشركون} { هو ال الالق البارئ ال صور له ال ساء ال سن ي سبح له ما ف ال سماوات والرض و هو العز يز
الكيم} فأساؤه كلها متفقة ف الدللة على نفسه القدسة ث كل اسم يدل على معن من صفاته .ليس هو
العن الذي دل عليه السم الخر ; فالعزيز يدل على نفسه مع عزته والالق يدل على نفسه مع خلقه والرحيم
يدل على نفسه مع رحته ونفسه تستلزم جيع صفاته فصار كل اسم يدل على ذاته والصفة الختصة به بطريق
الطاب قة وعلى أحده ا بطر يق التض من وعلى ال صفة الخرى بطر يق اللزوم .وهكذا " أ ساء كتا به " القرآن
والفرقان والكتاب والدى والبيان والشفاء والنور ونو ذلك هي بذه النلة .وكذلك " أساء رسوله " :ممد
وأح د والا حي والا شر والق في و نب الرح ة و نب التو بة و نب اللح مة كل ا سم يدل على صفة من صفاته
المدوحة غي الصفة الخرى وهكذا ما يثن ذكره من القصص ف القرآن كقصة موسى وغيها ليس القصود
با أن تكون سرا ; بل القصود با أن تكون عبا كما قال تعال{ :لقد كان ف قصصهم عبة لول اللباب}
فالذي وقع شيء واحد وله صفات فيعب عنه بعبارات متنوعة كل عبارة تدل على صفة من الصفات الت يعتب
با العتبون وليس هذا من التكرير ف شيء .وهكذا " أساء دينه " الذي أمر ال به ورسوله يسمى إيانا وبرا
وتقوى وخيا ودينا وعمل صالا وصراطا مستقيما ونو ذلك ; وهو ف نفسه واحد لكن كل اسم يدل على
صفة ليست هي الصفة الت يدل عليها الخر وتكون تلك الصفة هي الصل ف اللفظ والباقي كان تابعا لا
لزما لا ث صارت دالة عليه بالتضمن فإن " اليان " أصله اليان الذي ف القلب ول بد فيه من " شيئي ":
تصهديق بالقلب وإقراره ومعرفتهه .ويقال لذا :قول القلب .قال " النيهد بهن ممهد " :التوحيهد :قول القلب.
والتوكل :عمل القلب فل بد فيه من قول القلب وعمله ; ث قول البدن وعمله ول بد فيه من عمل القلب مثل
حب ال ور سوله وخش ية ال و حب ما ي به ال ور سوله وب غض ما يبغ ضه ال ور سوله وإخلص الع مل ل
وحده وتوكهل القلب على ال وحده وغيه ذلك مهن أعمال القلوب الته أوجبهها ال ورسهوله وجعلهها مهن
اليان .ث القلب هو ال صل فإذا كان ف يه معر فة وإرادة سرى ذلك إل البدن بالضرورة ل ي كن أن يتخلف
البدن عما يريده القلب ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح{ " :أل وإن ف السد مضغة
إذا صلحت صلح ل ا سائر ال سد وإذا ف سدت ف سد ل ا سائر ال سد أل و هي القلب} " .وقال أ بو هريرة:
القلب ملك والعضاء جنوده فإذا طاب اللك طا بت جنوده وإذا خ بث اللك خب ثت جنوده وقول أ ب هريرة
تقريب .وقول النب صلى ال عليه وسلم أحسن بيانا فإن اللك وإن كان صالا فالند لم اختيار قد يعصون
به ملكهم وبالعكس فيكون فيهم صلح مع فساده أو فساد مع صلحه ; بلف القلب فإن السد تابع له ل
يرج عن إرادته قط كما قال النب صلى ال عليه وسلم{ :إذا صلحت صلح لا سائر السد وإذا فسدت فسد
لا سائر السد} .فإذا كان القلب صالا با فيه من اليان علما وعمل قلبيا لزم ضرورة صلح السد بالقول
الظاهر والعمل باليان الطلق كما قال أئمة أهل الديث :قول وعمل قول باطن وظاهر وعمل باطن وظاهر
والظاهر تابع للباطن لزم له مت صلح الباطن صلح الظاهر وإذا فسد فسد ; ولذا قال من قال من الصحابة
عن ال صلي العا بث :لو خ شع قلب هذا لش عت جوار حه فل بد ف إيان القلب من حب ال ور سوله وأن
يكون ال ور سوله أ حب إل يه م ا سواها قال ال تعال{ :و من الناس من يت خذ من دون ال أندادا يبون م
كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل} فوصف الذين آمنوا بأنم أشد حبا ل من الشركي لندادهم .وف الية
" قولن " :قيل :يبونم كحب الؤمني ال والذين آمنوا أشد حبا ل منهم لوثانم .وقيل :يبونم كما يبون
ال والذين آمنوا أشد حبا ل منهم وهذا هو الصواب ; والول قول متناقض وهو باطل فإن الشركي ل يبون
النداد مثل مبة الؤمني ل وتستلزم الرادة والرادة التامة مع القدرة تستلزم الفعل فيمتنع أن يكون النسان
م با ل ور سوله ; مريدا ل ا ي به ال ور سوله إرادة جاز مة مع قدر ته على ذلك و هو ل يفعله فإذا ل يتكلم
النسان باليان مع قدرته دل على أنه ليس ف قلبه اليان الواجب الذي فرضه ال عليه .ومن هنا يظهر خطأ
قول " جهم بن صفوان " ومن اتبعه حيث ظنوا أن اليان مرد تصديق القلب وعلمه ل يعلوا أعمال القلب
من اليان وظنوا أنه قد يكون النسان مؤمنا كامل اليان بقلبه وهو مع هذا يسب ال ورسوله ويعادي ال
ورسوله ويعادي أولياء ال ويوال أعداء ال ويقتل النبياء ويهدم الساجد ويهي الصاحف ويكرم الكفار غاية
الكرامة ويهي الؤمني غاية الهانة قالوا :وهذه كلها معاص ل تناف اليان الذي ف قلبه بل يفعل هذا وهو ف
البا طن ع ند ال مؤ من قالوا :وإن ا ث بت له ف الدن يا أحكام الكفار لن هذه القوال أمارة على الك فر ليح كم
بالظاهر كما يكم بالقرار والشهود وإن كان الباطن قد يكون بلف ما أقر به وبلف ما شهد به الشهود
فإذا أورد علي هم الكتاب وال سنة والجاع على أن الوا حد من هؤلء كا فر ف ن فس ال مر معذب ف الخرة
قالوا :فهذا دل يل على انتفاء الت صديق والعلم من قل به فالك فر عند هم ش يء وا حد و هو ال هل واليان ش يء
واحد وهو العلم أو تكذيب القلب وتصديقه فإنم متنازعون هل تصديق القلب شيء غي العلم أو هو هو ؟.
وهذا القول مع أنه أفسد قول قيل ف " اليان " فقد ذهب إليه كثي من " أهل الكلم الرجئة " .وقد كفر
السلف -كوكيع بن الراح وأحد بن حنبل وأب عبيد وغيهم -من يقول بذا القول .وقالوا :إبليس كافر
ب نص القرآن وإن ا كفره با ستكباره وامتنا عه عن ال سجود لدم ل لكو نه كذب خبا .وكذلك فرعون وقو مه
قال ال تعال فيهم{ :وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} وقال موسى عليه السلم لفرعون{ :لقد
عل مت ما أنزل هؤلء إل رب ال سماوات والرض ب صائر} ب عد قوله{ :ول قد آتي نا مو سى ت سع آيات بينات
فاسأل بن إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إن لظنك يا موسى مسحورا} {قال لقد علمت ما أنزل هؤلء
إل رب ال سماوات والرض ب صائر وإ ن لظ نك يا فرعون مثبورا} .فمو سى و هو ال صادق ال صدوق يقول:
{لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب السماوات والرض بصائر} .فدل على أن فرعون كان عالا بأن ال أنزل
اليات وهو من أكب خلق ال عنادا وبغيا لفساد إرادته وقصده ل لعدم علمه .قال تعال{ :إن فرعون عل ف
الرض وج عل أهل ها شي عا ي ستضعف طائ فة من هم يذ بح أبناء هم وي ستحيي ن ساءهم إ نه كان من الف سدين}
وقال تعال{ :وجحدوا ب ا وا ستيقنتها أنف سهم ظل ما وعلوا} .وكذلك اليهود الذ ين قال ال في هم{ :الذ ين
آتينا هم الكتاب يعرفو نه ك ما يعرفون أبناء هم} .وكذلك كث ي من الشرك ي الذ ين قال ال في هم{ :فإن م ل
يكذبونك ولكن الظالي بآيات ال يحدون} .فهؤلء غلطوا ف " أصلي "( :أحدها :ظنهم أن اليان مرد
تصديق وعلم فقط ليس معه عمل وحال وحركة وإرادة ومبة وخشية ف القلب ; وهذا من أعظم غلط الرجئة
مطلقها فإن " أعمال القلوب " الته يسهميها بعهض الصهوفية أحوال ومقامات أو منازل السهائرين إل ال أو
مقامات العارفي أو غي ذلك كل ما فيها ما فرضه ال ورسوله فهو من اليان الواجب وفيها ما أحبه ول
يفرضه فهو من اليان الستحب فالول ل بد لكل مؤمن منه ومن اقتصر عليه فهو من البرار أصحاب اليمي
ومن فعله وفعل الثان كان من القربي السابقي وذلك مثل حب ال ورسوله بل أن يكون ال ورسوله أحب
إليه ما سواها بل أن يكون ال ورسوله والهاد ف سبيله أحب إليه من أهله وماله ومثل خشية ال وحده دون
خشية الخلوقي ورجاء ال وحده دون رجاء الخلوقي والتوكل على ال وحده دون الخلوقي والنابة إليه مع
خشيته كما قال تعال{ :هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ} {من خشي الرحن بالغيب وجاء بقلب منيب}
وم ثل ال ب ف ال والب غض ف ال والوالة ل والعاداة ل .و (الثا ن) :ظن هم أن كل من ح كم الشارع بأ نه
كافر ملد ف النار فإنا ذاك لنه ل يكن ف قلبه شيء من العلم والتصديق .وهذا أمر خالفوا به الس والعقل
والشرع وما أجع عليه طوائف بن آدم السليمي الفطرة وجاهي النظار ; فإن النسان قد يعرف أن الق مع
غيه و مع هذا ي حد ذلك ل سده إياه أو لطلب علوه عل يه أو لوى الن فس ويمله ذلك الوى على أن يعتدي
عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو ف قلبه يعلم أن الق معه وعامة من كذب الرسل علموا أن الق معهم
وأنم صادقون لكن إما لسدهم وإما لرادتم العلو والرياسة وإما لبهم دينهم الذي كانوا عليه وما يصل
لم به من الغراض كأموال ورياسة وصداقة أقوام وغي ذلك فيون ف اتباع الرسل ترك الهواء الحبوبة إليهم
أو ح صول أمور مكرو هة إلي هم فيكذبون م ويعادون م فيكونون من أك فر الناس كإبل يس وفرعون مع علم هم
بأنم على الباطل والرسل على الق .ولذا ل يذكر الكفار حجة صحيحة تقدح ف صدق الرسل إنا يعتمدون
على مال فة أهوائ هم كقول م لنوح{ :أنؤ من لك واتب عك الرذلون} ومعلوم أن اتباع الرذل ي له ل يقدح ف
صدقه ; لكن كرهوا مشاركة أولئك كما طلب الشركون من النب صلى ال عليه وسلم إبعاد الضعفاء كسعد
بن أب وقاص وابن مسعود وخباب بن الرت وعمار بن ياسر وبلل ونوهم وكان ذلك بكة قبل أن يكون
ف الصحابة أهل الصفة فأنزل ال تبارك وتعال{ :ول تطرد الذين يدعون ربم بالغداة والعشي يريدون وجهه
ما عليك من حسابم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالي} {وكذلك فتنا
بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلء من ال عليهم من بيننا أليس ال بأعلم بالشاكرين} .ومثل قول فرعون{ :أنؤمن
لبشريهن مثلنها وقومهمها لنها عابدون} وقول فرعون{ :أل نربهك فينها وليدا ولبثهت فينها مهن عمرك سهني}
{وفعلت فعلتك الت فعلت وأنت من الكافرين} ومثل قول مشركي العرب{ :إن نتبع الدى معك نتخطف
من أرضنا} قال ال تعال{ :أول نكن لم حرما آمنا يب إليه ثرات كل شيء رزقا من لدنا} ومثل قول قوم
شعيهب له{ :أصهلتك تأمرك أن نترك مها يعبهد آباؤنها أو أن نفعهل فه أموالنها مها نشاء} ومثهل قول عامهة
الشركي{ :إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} .وهذه المور وأمثالا ليست حججا تقدح
ف صدق الرسل بل تبي أنا تالف إرادتم وأهواءهم وعاداتم فلذلك ل يتبعوهم وهؤلء كلهم كفار بل أبو
طالب وغيه كانوا يبون النب صلى ال عليه وسلم ويبون علو كلمته وليس عندهم حسد له وكانوا يعلمون
صدقه ول كن كانوا يعلمون أن ف متابع ته فراق د ين آبائ هم وذم قر يش ل م ف ما احتملت نفو سهم ترك تلك
العادة واحتمال هذا الذم فلم يتركوا اليان لعدم العلم بصهدق اليان بهه ; بهل لوى النفهس فكيهف يقال :إن
كل كا فر إن ا ك فر لعدم عل مه بال .ول ي كف الهم ية أن جعلوا كل كا فر جاهل بال ق ح ت قالوا :هو ل
يعرف أن ال موجود حق والك فر عند هم ليس هو الهل بأي حق كان ; بل الهل بذا ال ق الع ي .ون ن
والناس كلهم يرون خلقا من الكفار يعرفون ف الباطن أن دين السلم حق ويذكرون ما ينعهم من اليان إما
معاداة أهلهم وإما مال يصل لم من جهتهم يقطعونه عنهم وإما خوفهم إذا آمنوا أن ل يكون لم حرمة عند
السلمي كحرمتهم ف دينهم وأمثال ذلك من أغراضهم الت يبينون أنا الانعة لم من اليان مع علمهم بأن
دين السلم حق ودينهم باطل .وهذا موجود ف جيع المور الت هي حق يوجد من يعرف بقلبه أنا حق وهو
ف الظاهر يحد ذلك ويعادي أهله لظنه أن ذلك يلب له منفعة ويدفع عنه مضرة .قال تعال{ :يا أيها الذين
آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولم منكم فإنه منهم إن ال ل يهدي القوم
الظال ي} {فترى الذ ين ف قلوب م مرض ي سارعون في هم يقولون ن شى أن ت صيبنا دائرة فع سى ال أن يأ ت
بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا ف أنفسهم نادمي} {ويقول الذين آمنوا أهؤلء الذين أقسموا
بال جهد أيانم إنم لعكم حبطت أعمالم فأصبحوا خاسرين} .والفسرون متفقون على أنا نزلت بسبب
قوم من كان يظ هر السلم و ف قل به مرض خاف أن يغلب أهل السلم فيوال الكفار من اليهود والنصارى
وغيهم للخوف الذي ف قلوب م ; ل لعتقاد هم أن ممدا كاذب واليهود والن صارى صادقون وأشهر النقول
ف ذلك {أن عبادة بن ال صامت قال :يا ر سول ال إن ل موال من اليهود وإ ن أبرأ إل ال من ول ية يهود
فقال :ع بد ال بن أ ب :لك ن ر جل أخاف الدوائر ول أبرأ من ول ية يهود فنلت هذه ال ية} " .والرجئة "
الذيهن قالوا :اليان تصهديق القلب وقول اللسهان والعمال ليسهت منهه كان منههم طائفهة مهن فقهاء الكوفهة
وعبادها ; ول يكن قولم م ثل قول جهم ; فعرفوا أن النسان ل يكون مؤمنا إن ل يتكلم باليان مع قدرته
عليهه .وعرفوا أن إبليهس وفرعون وغيهاه كفار مهع تصهديق قلوبمه لكنههم إذا ل يدخلوا أعمال القلوب فه
اليان لزمهم قول جهم وإن أدخلوها ف اليان لزمهم دخول أعمال الوارح أيضا فإنا لزمة لا ولكن هؤلء
لم حجج شرعية بسببها اشتبه المر عليهم فإنم رأوا أن ال قد فرق ف كتابه بي اليان والعمل ; فقال ف
غ ي مو ضع{ :إن الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات} ورأوا أن ال خا طب الن سان باليان ق بل وجود العمال
فقال{ :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إل الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إل الرافق}{ .يا أيها الذين آمنوا
إذا نودي للصلة من يوم المعة} وقالوا :لو أن رجل آمن بال ورسوله ضحوة ومات قبل أن يب عليه شيء
من العمال مات مؤم نا وكان من أ هل ال نة فدل على أن العمال لي ست من اليان .وقالوا :ن ن ن سلم أن
اليان يزيد بعن أنه كان كلما أنزل ال آية وجب التصديق با فانضم هذا التصديق إل التصديق الذي كان
قبله ; لكن بعد كمال ما أنزل ال ما بقي اليان يتفاضل عندهم بل إيان الناس كلهم سواء ; إيان السابقي
الولي كأب بكر وعمر وإيان أفجر الناس كالجاج وأب مسلم الراسان وغيها .والرجئة التكلمون منهم
والفقهاء من هم يقولون :إن العمال قد ت سمى إيا نا مازا لن الع مل ثرة اليان ومقتضاه ولن ا دل يل عل يه
ويقولون :قوله صلى ال عليه وسلم{ " :اليان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها قول :ل إله إل
ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} " :ماز " .والرجئة ثلثة أصناف " :الذين يقولون :اليان مرد ما ف
القلب ث من هؤلء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أك ثر فرق الرجئة كما قد ذكر أبو السن الشعري
أقوال م ف كتا به وذ كر فر قا كثية يطول ذكر هم ل كن ذكر نا ج ل أقوال م ومن هم من ل يدخل ها ف اليان
كجهم ومن اتبعه كالصالي وهذا الذي نصره هو وأكثر أصحابه .و " القول الثان " من يقول :هو مرد قول
اللسان وهذا ل يعرف لحد قبل الكرامية " والثالث " تصديق القلب وقول اللسان وهذا هو الشهور عن أهل
الفقه والعبادة منهم وهؤلء غلطوا من وجوه( :أحدها) :ظنهم أن اليان الذي فرضه ال على العباد متماثل ف
حهق العباد وأن اليان الذي يبه على شخهص يبه مثله على كهل شخهص وليهس المهر كذلك فإن أتباع
النبياء التقدمي أوجب ال عليهم من اليان ما ل يوجبه على أمة ممد صلى ال عليه وسلم وأوجب على
أمة ممد صلى ال عليه و سلم من اليان ما ل يوجبه على غي هم واليان الذي كان ي ب ق بل نزول ج يع
القرآن ليس هو مثل اليان الذي يب بعد نزول القرآن واليان الذي يب على من عرف ما أخب به الرسول
صلى ال عليه وسلم مفصل ليس مثل اليان الذي يب على من عرف ما أخب به ممل فإنه ل بد ف اليان
من تصديق الرسول ف كل ما أخب لكن من صدق الرسول ومات عقب ذلك ل يب عليه من اليان غي
ذلك .وأ ما من بل غه القرآن والحاد يث و ما فيه ما من الخبار والوا مر الف صلة في جب عل يه من الت صديق
الفصل بب خب وأمر أمر ما ل يب على من ل يب عليه إل اليان الجمل لوته قبل أن يبلغه شيء آخر .و
" أيضا " لو قدر أنه عاش فل يب على كل واحد من العامة أن يعرف كل ما أمر به الرسول وكل ما نى
عنه وكل ما أخب به بل إنا عليه أن يعرف ما يب عليه هو وما يرم عليه فمن ل مال له ل يب عليه أن
يعرف أمره الفصل ف الزكاة .ومن ل استطاعة له على الج ليس عليه أن يعرف أمره الفصل بالناسك ومن
ل يتزوج ل يس عل يه أن يعرف ما و جب للزو جة ف صار ي ب من اليان ت صديقا وعمل على أشخاص ما ل
يب على آخرين .وبذا يظهر الواب عن قولم :خوطبوا باليان قبل العمال .فنقول :إن قلتم :إنم خوطبوا
به قبل أن تب تلك العمال فقبل وجوب ا ل تكن من اليان وكانوا مؤمن ي اليان الواجب علي هم قبل أن
يفرض علي هم ما خوطبوا بفر ضه فل ما نزل إن ل يقروا بوجو به ل يكونوا مؤمن ي ولذا قال تعال{ :ول على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر فإن ال غن عن العالي} ولذا ل يئ ذكر الج ف أكثر
الحاديث الت فيها ذكر السلم واليان كحديث وفد عبد القيس وحديث الرجل النجدي الذي يقال له:
ضمام بن ثعلبة وغيها وإنا جاء ذكر الج ف حديث ابن عمر وجبيل وذلك لن الج آخر ما فرض من
المس فكان قبل فرضه ل يدخل ف اليان والسلم فلما فرض أدخله النب صلى ال عليه وسلم ف اليان إذا
أفرد وأدخله ف ال سلم إذا قرن باليان وإذا أفرد و سنذكر إن شاء ال م ت فرض ال ج .وكذلك قول م :من
آمن ومات قبل وجوب العمل عليه مات مؤمنا فصحيح لنه أتى باليان الواجب عليه والعمل ل يكن وجب
عليه بعد فهذا ما يب أن يعرف فإنه تزول به شبهة حصلت للطائفتي .فإذا قيل :العمال الواجبة من اليان.
فاليان الوا جب متنوع ل يس شيئا واحدا ف حق ج يع الناس .وأ هل ال سنة والد يث يقولون :ج يع العمال
السنة واجبها ومستحبها من اليان أي من اليان الكامل بالستحبات .ليست من اليان الواجب .ويفرق
ب ي اليان الوا جب وب ي اليان الكا مل بال ستحبات ك ما يقول الفقهاء :الغ سل ينق سم إل مزئ وكا مل.
فالجزئ :ما أ تى ف يه بالواجبات ف قط .والكا مل :ما أ تى ف يه بال ستحبات .ول فظ الكمال قد يراد به الكمال
الواجب .وقد يراد به الكمال الستحب .وأما قولم :إن ال فرق بي اليان والعمل ف مواضع فهذا صحيح.
و قد بي نا أن اليان إذا أطلق أد خل ال ور سوله ف يه العمال الأمور ب ا .و قد يقرن به العمال وذكر نا نظائر
لذلك كثية .وذلك لن أصل اليان هو ما ف القلب .والعمال الظاهرة لزمة لذلك .ل يتصور وجود إيان
القلب الوا جب مع عدم ج يع أعمال الوارح بل م ت نق صت العمال الظاهرة كان لن قص اليان الذي ف
القلب ; فصار اليان متناول للملزوم واللزم وإن كان أصله ما ف القلب ; وحيث عطفت عليه العمال فإنه
أر يد أ نه ل يكت في بإيان القلب بل ل بد م عه من العمال ال صالة .ث للناس ف م ثل هذا قولن :من هم من
يقول :العطوف دخل ف العطوف عليه أول .ث ذكر باسه الاص تصيصا له لئل يظن أنه ل يدخل ف الول
وقالوا :هذا فه كهل مها عطهف فيهه خاص على عام كقوله{ :مهن كان عدوا ل وملئكتهه ورسهله وجبيهل
وميكال} وقوله{ :وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري} وقوله:
{والذ ين آمنوا وعملوا ال صالات وآمنوا ب ا نزل على م مد وهو ال ق من رب م} ف خص اليان ب ا نزل على
ممهد بعهد قوله{ :والذيهن آمنوا} وهذه نزلت فه الصهحابة وغيههم مهن الؤمنيه .وقوله{ :حافظوا على
الصلوات والصلة الوسطى} وقوله{ :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا
الزكاة} والصهلة والزكاة مهن العبادة فقوله{ :آمنوا وعملوا الصهالات} كقوله{ :ومها أمروا إل ليعبدوا ال
ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة} .فإنه قصد " أول " أن تكون العبادة ل وحده ل لغيه
ث أ مر بال صلة والزكاة ليعلم أن ما عبادتان واجبتان فل يكت في بطلق العبادة الال صة دون ما وكذلك يذ كر
اليان أول لنه الصل الذي ل بد منه ث يذكر العمل الصال فإنه أيضا من تام الدين ل بد منه فل يظن الظان
اكتفاءه بجرد إيان ليس معه العمل الصال وكذلك قوله{ :ال} {ذلك الكتاب ل ريب فيه هدى للمتقي}
{الذ ين يؤمنون بالغ يب ويقيمون ال صلة وم ا رزقنا هم ينفقون} والذ ين يؤمنون ب ا أنزل إل يك و ما أنزل من
قبلك وبالخرة هم يوقنون {أولئك على هدى من ربم وأولئك هم الفلحون} .وقد قيل :إن هؤلء هم أهل
الكتاب الذين آمنوا ب ا أنزل عليه وما أنزل على من قبله كابن سلم ونوه وإن هؤلء نوع غي النوع التقدم
الذين يؤمنون بالغيب وقد قيل :هؤلء جيع التقدمي الذين آمنوا با أنزل إليه وما أنزل من قبله وهؤلء هم
الذين يؤمنون بالغيب وهم صنف واحد وإنا عطفوا لتغاير الصفتي كقوله{ :سبح اسم ربك العلى} {الذي
خلق فسهوى} {والذي قدر فهدى} {والذي أخرج الرعهى} {فجعله غثاء أحوى} ; فههو سهبحانه واحهد
وعطف بعض صفاته على بعض وكذلك قوله{ :والصلة الوسطى} وهي صلة العصر .والصفات :إذا كانت
معارف كا نت للتوضيح وتضم نت الدح أو الذم .تقول :هذا الر جل هو الذي ف عل كذا و هو الذي ف عل كذا
وهو الذي فعل كذا تعدد ماسنه ولذا مع التباع قد يعطفونا وينصبون أو يرفعون وهذا القول هو الصواب
فإن الؤمني بالغيب إن ل يؤمنوا با أنزل إليه وما أنزل من قبله ل يكونوا على هدى من ربم ول مفلحي ول
متق ي وكذلك الذ ين آمنوا ب ا أنزل إل يه و ما أنزل من قبله إن ل يكونوا من الذ ين يؤمنون بالغ يب ويقيمون
الصلة وما رزقهم ال ينفقون ل يكونوا على هدى من ربم ول يكونوا مفلحي ول يكونوا متقي فدل على
أن الميع صفة الهتدين التقي الذين اهتدوا بالكتاب النل إل ممد فقد عطفت هذه الصفة على تلك مع أنا
داخلة فيها لكن القصود صفة إيانم وأنم يؤمنون بميع ما أنزل ال على أنبيائه ل يفرقون بي أحد منهم ;
وإل فإذا ل يذكر إل اليان بالغيب فقد يقول :من يؤمن ببعض ويكفر ببعض :نن نؤمن بالغيب .ولا كانت
سورة البقرة سنام القرآن ; ويقال :إن ا أول سورة نزلت بالدي نة افتتح ها ال بأر بع آيات ف صفة الؤمن ي
وآيتي ف صفة الكافرين وبضع عشرة آية ف صفة النافقي فإنه من حي هاجر النب صلى ال عليه وسلم صار
الناس " ثلثة أصناف " :إما مؤمن وإما كافر مظهر للكفر وإما منافق ; بلف ما كانوا وهو بكة ; فإنه ل
ي كن هناك منا فق ; ولذا قال أح د بن حن بل وغيه :ل ي كن من الهاجر ين منا فق وإن ا كان النفاق ف قبائل
النصار ; فإن مكة كانت للكفار مستولي عليها فل يؤمن ويهاجر إل من هو مؤمن ليس هناك داع يدعو إل
النفاق ; والدي نة آ من ب ا أ هل الشو كة ; ف صار للمؤمن ي ب ا عز ومن عة بالن صار ف من ل يظ هر اليان آذوه.
فاحتاج النافقون إل إظهار اليان مع أن قلوب م ل تؤ من ; وال تعال افت تح البقرة وو سط البقرة وخ تم البقرة
باليان بميع ما جاءت به النبياء ; فقال ف أولا ما تقدم وقال ف وسطها{ :قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا
وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى وما أوت النبيون من ربم
ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنا هم ف شقاق}
الية :وقال ف آخرها{ :آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل
نفرق بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي} والية الخرى .وف " الصحيحي "
عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ " :اليتان من آخر سورة البقرة :من قرأ بما ف ليلة كفتاه} " والية
الو سطى قد ث بت ف " ال صحيح " {أ نه كان يقرأ ب ا ف ركع ت الف جر :وب { قل يا أ هل الكتاب تعالوا إل
كلمة سواء بيننا وبينكم} الية تارة .وب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو ال أحد} تارة} .فيقرأ با فيه
ذ كر اليان وال سلم أو ب ا ف يه ذ كر التوح يد والخلص .فعلى قول هؤلء يقال :العمال ال صالة العطو فة
على اليان دخلت ف اليان وع طف عل يه ع طف الاص على العام ; إ ما لذكره خ صوصا ب عد عموم وإ ما
لكونه إذا عطف كان دليل على أنه ل يدخل ف العام .وقيل :بل العمال ف الصل ليست من اليان ; فإن
أصل اليان هو ما ف القلب ولكن هي لزمة له فمن ل يفعلها كان إيانه منتفيا ; لن انتفاء اللزم يقتضي
انتفاء اللزوم لكن صارت بعرف الشارع داخلة ف اسم اليان إذا أطلق كما تقدم ف كلم النب صلى ال عليه
و سلم فإذا عط فت عل يه ذكرت لئل ي ظن الظان أن مرد إيا نه بدون العمال ال صالة اللز مة لليان يو جب
الوعد ; فكان ذكرها تصيصا وتنصيصا ليعلم أن الثواب الوعود به ف الخرة وهو النة بل عذاب ل يكون
إل لن آمن وعمل صالا ; ل يكون لن ادعى اليان ول يعمل وقد بي سبحانه ف غي موضع أن الصادق ف
قوله :آم نت ل بد أن يقوم بالوا جب وح صر اليان ف هؤلء يدل على انتفائه ع من سواهم .وللجهم ية ه نا
سؤال ذكره أبو السن ف كتاب " الوجز " وهو أن القرآن نفى اليان عن غي هؤلء كقوله{ :إنا الؤمنون
الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} ول يقل :إن هذه العمال من اليان قالوا :فنحن نقول :من ل يعمل هذه
العمال ل ي كن مؤم نا لن انتفاء ها دل يل على انتفاء العلم من قل به .والواب عن هذا من وجوه( :أحد ها):
أنكم سلمتم أن هذه العمال لزمة ليان القلب فإذا انتفت ل يبق ف القلب إيان وهذا هو الطلوب ; وبعد
هذا فكوناه لزمهة أو جزءا نزاع لفظهي( .الثانه) :أن نصهوصا صهرحت بأناه جزء كقوله{ " :اليان بضهع
وستون أو بضع وسبعون شعبة} "( .الثالث) :إنكم إن قلتم بأن من انتفى عنه هذه المور فهو كافر خال من
كل إيان كان قولكم قول الوارج وأنتم ف طرف والوارج ف طرف فكيف توافقونم ومن هذه المور إقام
الصلة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والج والهاد والجابة إل حكم ال ورسوله ; وغي ذلك ما ل تكفرون
تار كه وإن كفرتوه كان قول كم قول الوارج( .الرا بع) :أن قول القائل :إن انتفاء ب عض هذه العمال ي ستلزم
أن ل يكون ف قلب الن سان ش يء من الت صديق بأن الرب حق قول يعلم ف ساده بالضطرار( .الا مس) :أن
هذا إذا ثبت ف هذه ثبت ف سائر الواجبات فيتفع الناع العنوي.
فصل ()204
(الو جه الثا ن) من غلط " الرجئة " :ظن هم أن ما ف القلب من اليان ل يس إل الت صديق ف قط دون أعمال
القلوب ; كما تقدم عن جهمية الرجئة( .الثالث) ظنهم أن اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون شيء من
العمال ولذا يعلون العمال ثرة اليان ومقتضاه بنلة السبب مع السبب ول يعلونا لزمة له ; والتحقيق
أن إيان القلب التام ي ستلزم الع مل الظا هر ب سبه ل مالة ويت نع أن يقوم بالقلب إيان تام بدون ع مل ظا هر ;
ولذا صاروا يقدرون مسائل يتنع وقوعها لعدم تقق الرتباط الذي بي البدن والقلب مثل أن يقولوا :رجل ف
قلبه من اليان مثل ما ف قلب أب بكر وعمر وهو ل يسجد ل سجدة ول يصوم رمضان ويزن بأمه وأخته
ويشرب ال مر نار رمضان ; يقولون :هذا مؤ من تام اليان فيب قى سائر الؤمن ي ينكرون ذلك غا ية النكار.
قال أح د بن حن بل :حدث نا خلف بن حيان حدث نا مع قل بن عب يد ال العب سي قال :قدم علي نا سال الف طس
بالرجاء فن فر م نه أ صحابنا نفورا شديدا من هم ميمون بن مهران وع بد الكر ي بن مالك فإ نه عا هد ال أن ل
يؤويه وإياه سقف بيت إل السجد قال معقل :فحججت فدخلت على عطاء بن أب رباح ف نفر من أصحاب
وهو يقرأ{ :حت إذا استيئس الرسل وظنوا أنم قد كذبوا} قلت :إن لنا حاجة فأخلنا ففعل ; فأخبته أن قوما
قبل نا قد أحدثوا وتكلموا وقالوا :إن ال صلة والزكاة لي ستا من الد ين ; فقال :أول يس ال تعال يقول{ :و ما
أمروا إل ليعبدوا ال ملصهي له الديهن حنفاء ويقيموا الصهلة ويؤتوا الزكاة وذلك ديهن القيمهة} .فالصهلة
والزكاة مهن الديهن قال :فقلت :إنمه يقولون :ليهس فه اليان زيادة فقال :أوليهس قهد قال ال فيمها أنزل:
{ليزدادوا إيانا مع إيانم} هذا اليان .فقلت :إنم انتحلوك .وبلغن أن ابن ذر دخل عليك ف أصحاب له ;
فعرضوا عليك قولم فقبلته .فقلت هذا ال مر فقال :ل وال الذي ل إله إل هو مرتي أو ثلثا ث قال :قدمت
الدينة فجلست إل نافع فقلت :يا أبا عبد ال إن ل إليك حاجة فقال :سر أم علنية ؟ فقلت :ل بل سر :قال:
رب سر ل خي فيه فقلت :ليس من ذلك فلما صلينا العصر قام وأخذ بثوب ث خرج من الوخة ول ينتظر
القاص فقال :حاج تك ؟ قال فقلت :أخل ن هذا .فقال :ت نح ; قال :فذكرت له قول م .فقال :قال ر سول ال
صلى ال عليه وعلى آله وسلم{ " :أمرت أن أضربم بالسيف حت يقولوا :ل إله إل ال ; فإذا قالوا :ل إله إل
ال عصموا من دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال} " قال :قلت :إنم يقولون :نن نقر بأن الصلة
فرض ول نصلي ; وبأن المر حرام ونشربا ; وأن نكاح المهات حرام ونن ننكح .فنثر يده من يدي وقال:
من فعل هذا فهو كافر .قال معقل :فلقيت الزهري فأخبته بقولم .فقال :سبحان ال وقد أخذ الناس ف هذه
الصومات .قال رسول ال صلى ال عليه وسلم{ " .ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن ; ول يشرب المر
حي يشربا وهو مؤمن} " .قال معقل .فلقيت الكم بن عتبة فقلت له :إن عبد الكري وميمونا بلغهما أنه
دخل عليك ناس من الرجئة فعرضوا بقولم عليك فقبلت قولم ; قال .فقبل ذلك علي ميمون ; وعبد الكري
لقد دخل علي اثنا عشر رجل وأنا مريض فقالوا :يا أبا ممد بلغك {أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتاه
رجل بأمة سوداء أو حبشية فقال :يا رسول ال علي رقبة مؤمنة أفترى هذه مؤمنة ؟ فقال لا رسول ال صلى
ال عليه وسلم :أتشهدين أن ل إله إل ال .فقالت :نعم .قال :وتشهدين أن ممدا رسول ال ؟ :.قالت :نعم
قال :وتشهدين أن النة حق والنار حق قالت :نعم قال :وتشهدين أن ال يبعثك من بعد الوت ؟ .قالت نعم ;
قال :فأعتقها فإنا مؤمنة} " :فخرجوا وهم ينتحلون ذلك .قال معقل :ث جلست إل ميمون بن مهران فقلت
يا أ با أيوب لو قرأت ل نا سورة فف سرتا قال :فقرأ{ :إذا الش مس كورت} ح ت إذا بلغ{ :مطاع ث أم ي}
قال :ذا كم جب يل والي بة ل ن يقول :أن إيا نه كإيان جب يل ورواه حن بل عن أح د ورواه أي ضا عن ا بن أ ب
مليكة قال :لقد أتى علي برهة من الدهر وما أران أدرك قوما يقول أحدهم " :إن مؤمن مستكمل اليان ث
ما رضي حت قال :إيان على إيان جبيل وميكائيل وما زال بم الشيطان حت قال أحدهم :إن مؤمن وإن
نكح أخته وأمه وبنته وال لقد أدركت كذا وكذا من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ; ما مات أحد منهم
إل وهو يشى النفاق على نفسه وقد ذكر هذا العن عنه البخاري ف " صحيحه " قال :أدركت ثلثي من
أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم كلهم ياف النفاق على نفسه ; ما منهم أحد يقول :إيانه كإيان جبيل.
وروى البغوي عن عبد ال بن ممد عن ابن ماهد قال :كنت عند عطاء بن أب رباح فجاء ابنه يعقوب فقال:
يا أبتاه إن أصحابا ل يزعمون أن إيانم كإيان جبيل ; فقال :يا بن ليس إيان من أطاع ال كإيان من عصى
ال .قلت :قوله عن " الرجئة " :إنم يقولون :إن الصلة والزكاة ليستا من الدين قد يكون قول بعضهم فإنم
كلهم يقولون :ليستا من اليان وأما من الدين فقد حكي عن بعضهم أنه يقول :ليستا من الدين ; ول نفرق
بي اليان والدين ومنهم من يقول :بل ها من الدين ويفرق بي اسم اليان واسم الدين وهذا هو العروف
من أقوالم الت يقولونا عن أنفسهم :ول أر أنا ف كتاب أحد منهم أنه قال :العمال ليست من الدين بل
يقولون ليست من اليان وكذلك حكى أبو عبيد عمن ناظره منهم فإن أبا عبيد وغيه يتجون بأن العمال
من الدين ; فذكر قوله{ :اليوم أكملت لكم دينكم} إنا نزلت ف حجة الوداع .قال أبو عبيد :فأخب أنه إنا
كمل الدين الن ف آخر السلم ف حجة النب صلى ال عليه وسلم وزعم هؤلء أنه كان كامل قبل ذلك
بعشرين سنة من أول ما نزل عليه الوحي بكة حي دعا الناس إل القرار حت قال :لقد اضطر بعضهم حي
أدخلت عل يه هذه ال جة ..إل أن قال :إن اليان ل يس بم يع الد ين ول كن الد ين ثل ثة أجزاء :اليان جزء ;
والفرائض جزء والنوافل جزء .قلت :هذا الذي قاله هذا هو مذهب القوم قال أبو عبيد :وهذا غي ما نطق به
الكتاب أل تسمع إل قوله{ :إن الدين عند ال السلم} وقال {ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه}.
وقال{ :ورضيت لكم السلم دينا} فأخب أن السلم هو الدين برمته ; وزعم هؤلء أنه ثلث الدين .قلت:
إناه قالوا :إن اليان ثلث ول يقولوا إن اليان ثلث الديهن .لكنههم فرقوا بيه مسهمى اليان ومسهمى الديهن
وسنذكر إن شاء ال تعال الكلم ف مسمى هذا ومسمى هذا فقد يكى عن بعضهم أنه يقول ليستا من الدين
ول يفرق بي اسم اليان والدين ومنهم من يقول بل كلها من الدين ويفرق بي اسم اليان واسم الدين
والشافعي رضي ال عنه كان معظما لعطاء بن أب رباح ويقول :ليس ف التابعي أتبع للحديث منه وكذلك أبو
حني فة قال :ما رأ يت م ثل عطاء و قد أ خذ الشاف عي هذه ال جة عن عطاء .فروى ا بن أ ب حا ت ف منا قب
الشافعي :حدثنا أب حدثنا ميمون حدثنا أبو عثمان بن الشافعي سعت أب يقول ليلة للحميدي :ما يتج عليهم
يعن أهل الرجاء بآية أحج من قوله{ :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا
الزكاة وذلك دين القيمة} .وقال الشافعي رضي ال عنه ف كتاب " الم " ف (باب النية ف الصلة :يتج بأن
ل تزئ صلة إل بنية بديث عمر بن الطاب رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم{ " :إنا العمال
بالنيات} " ث قال :وكان الجاع من ال صحابة والتابع ي من بعد هم و من أدركنا هم يقولون :اليان قول
وعمهل ونيهة ل يزئ واحهد مهن الثلث إل بالخهر .وقال حنبهل :حدثنها الميدي قال :وأخهبت أن ناسها
يقولون :من أقر بالصلة والزكاة والصوم والج ول يفعل من ذلك شيئا حت يوت ويصلي مستدبر القبلة حت
يوت ; فهو مؤمن ما ل يكن جاحدا إذا علم أن تركه ذلك فيه إيانه إذا كان مقرا بالفرائض واستقبال القبلة
فقلت :هذا الك فر ال صراح وخلف كتاب ال و سنة ر سوله وعلماء ال سلمي .قال ال تعال{ :و ما أمروا إل
ليعبدوا ال مل صي له الد ين} ال ية .وقال حن بل :سعت أبا عبد ال أح د بن حن بل يقول :من قال هذا ف قد
كفر بال ورد على أمره وعلى الرسول ما جاء به عن ال .قلت :وأما احتجاجهم بقوله للمة " {أعتقها فإنا
مؤم نة} " ف هو من حجج هم الشهورة و به اح تج ا بن كلب وكان يقول :اليان هو الت صديق والقول جي عا
فكان قوله أقرب من قول ج هم وأتبا عه وهذا ل ح جة ف يه ; لن اليان الظا هر الذي تري عل يه الحكام ف
الدن يا ل ي ستلزم اليان ف البا طن الذي يكون صاحبه من أ هل ال سعادة ف الخرة فإن النافق ي الذ ين قالوا:
{آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي} هم ف الظا هر مؤمنون ي صلون مع الناس .وي صومون ويجون
ويغزون وال سلمون يناكحون م ويوارثون م كما كان النافقون على ع هد ر سول ال صلى ال عليه و سلم ول
يكم النب صلى ال عليه وسلم ف النافقي بكم الكفار الظهرين للكفر ل ف مناكحتهم ول موارثتهم ول
نو ذلك ; بل لا مات عبد ال بن أب ابن سلول -وهو من أشهر الناس بالنفاق -ورثه ابنه عبد ال وهو من
خيار الؤمني وكذلك سائر من كان يوت منهم يرثه ورثته الؤمنون ; وإذا مات لحدهم .وارث ورثوه مع
السلمي .وقد تنازع الفقهاء ف النافق الزنديق الذي يكتم زندقته هل يرث ويورث ؟ على قولي والصحيح أنه
يرث ويورث وإن علم ف الباطن أنه منافق كما كان الصحابة على عهد النب صلى ال عليه وسلم لن الياث
مبناه على الوالة الظاهرة ل على الحبة الت ف القلوب فإنه لو علق بذلك ل تكن معرفته والكمة إذا كانت
خفية أو منتشرة علق الكم بظنتها وهو ما أظهره من موالة السلمي ; فقول النب صلى ال عليه وسلم{ :ل
يرث ال سلم الكا فر ول الكا فر ال سلم} " ل يد خل ف يه النافقون وإن كانوا ف الخرة ف الدرك ال سفل من
النار ; بل كانوا يورثون ويرثون ; وكذلك كانوا ف القوق والدود كسائر السلمي وقد أخب ال عنهم أنم
ي صلون ويزكون و مع هذا ل يق بل ذلك من هم فقال{ :و ما منع هم أن تق بل من هم نفقات م إل أن م كفروا بال
وبر سوله ول يأتون ال صلة إل و هم ك سال ول ينفقون إل و هم كارهون} وقال {إن النافق ي يادعون ال
وههو خادعههم وإذا قاموا إل الصهلة قاموا كسهال يراءون الناس ول يذكرون ال إل قليل} .وفه " صهحيح
مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم قال{ " :تلك صلة النافق تلك صلة النافق تلك صلة النافق يرقب
الشمس حت إذا كانت بي قرن شيطان قام فنقر أربعا ل يذكر ال فيها إل قليل} " وكانوا يرجون مع النب
صلى ال عليه وسلم ف الغازي كما خرج ابن أب ف غزوة بن الصطلق وقال فيها{ :لئن رجعنا إل الدينة
ليخر جن ال عز من ها الذل} " .و ف ال صحيحي " عن {ز يد بن أر قم قال :خرج نا مع ال نب صلى ال عل يه
وسلم ف سفر أصاب الناس فيها شدة ; فقال عبد ال بن أب لصحابه :ل تنفقوا على من عند رسول ال حت
ينفضوا من حوله .وقال{ :لئن رجعنا إل الدينة ليخرجن العز منها الذل} فأتيت النب صلى ال عليه وسلم
فأخبته فأرسل إل عبد ال بن أب ; فسأله فاجتهد يينه ما فعل وقالوا :كذب زيد يا رسول ال فوقع ف نفسي
ما قالوا شدة حت أنزل ال تصديقي ف {إذا جاءك النافقون} فدعاهم النب صلى ال عليه وسلم ليستغفر لم
فلووا رءوسهم .وف غزوة تبوك استنفرهم النب صلى ال عليه وسلم كما استنفر غيهم فخرج بعضهم معه
وبعض هم تلفوا وكان ف الذ ين خرجوا م عه من هم بقتله ف الطر يق هوا ب ل حزام ناق ته لي قع ف واد هناك
فجاءه الوحي فأسر إل حذيفة أساءهم ولذلك يقال :هو صاحب السر الذي ل يعلمه غيه} كما ثبت ذلك
ف " الصحيح " ومع هذا ففي الظاهر تري عليهم أحكام أهل اليان .وبذا يظهر الواب عن شبهات كثية
تورد ف هذا القام ; فإن كثيا من التأخرين ما بقي ف الظهرين للسلم عندهم إل عدل أو فاسق وأعرضوا
عهن حكهم النافقيه والنافقون مها زالوا ول يزالون إل يوم القيامهة والنفاق شعهب كثية وقهد كان الصهحابة
يافون النفاق على أنفسهم .ففي " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم قال{ " :آية النافق ثلث إذا
حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان} " وف لفظ مسلم{ " :وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم} ".
وف " الصحيحي " عن عبد ال بن عمرو عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ " .أربع من كن فيه كان
منافقا خالصا ومن كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حت يدعها :إذا حدث كذب وإذا ائتمن
خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر} " .وكان النب صلى ال عليه وسلم أول يصلي عليهم ويستغفر لم
حت ناه ال عن ذلك فقال{ :ول تصل على أحد منهم مات أبدا ول تقم على قبه} وقال{ :استغفر لم أو
ل ت ستغفر ل م إن ت ستغفر ل م سبعي مرة فلن يغ فر ال ل م} فلم ي كن ي صلي علي هم ول ي ستغفر ل م ول كن
دماؤهم وأموالم معصومة ل يستحل منهم ما يستحله من الكفار الذين ل يظهرون أنم مؤمنون بل يظهرون
الكفر دون اليان فإنه صلى ال عليه وسلم قال{ " :أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن
رسول ال فإذا قالوها عصموا من دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال} " {ولا قال لسامة بن زيد:
أقتلته بعد ما قال :ل إله إل ال ؟ قال :إنا قالا تعوذا .قال :هل شققت عن قلبه ؟ وقال .إن ل أومر أن أنقب
عن قلوب الناس ول أشق بطونم} " {وكان إذا استؤذن ف قتل رجل يقول :أليس يصلي أليس يتشهد ؟ فإذا
قيل له :إنه منافق .قال :ذاك} فكان حكمه صلى ال عليه وسلم ف دمائهم وأموالم كحكمه ف دماء غيهم
ل ي ستحل من ها شيئا إل بأ مر ظا هر مع أ نه كان يعلم نفاق كث ي من هم ; وفي هم من ل ي كن يعلم نفا قه .قال
تعال{ :ومن حولكم من العراب منافقون ومن أهل الدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نن نعلمهم سنعذبم
مرتي ث يردون إل عذاب عظيم} وكان من مات منهم صلى عليه السلمون الذين ل يعلمون أنه منافق ومن
علم أنه منافق ل يصل عليه .وكان عمر إذا مات ميت ل يصل عليه حت يصلي عليه حذيفة لن حذيفة كان
قد علم أعيانم .وقد قال ال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم الؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ال أعلم
بإيان ن فإن علمتمو هن مؤمنات فل ترجعو هن إل الكفار} فأ مر بامتحان ن ه نا وقال{ :ال أعلم بإيان ن}.
وال تعال لا أمر ف الكفارة بعتق رقبة مؤمنة ل يكن على الناس أل يعتقوا إل من يعلموا أن اليان ف قلبه ;
فإن هذا كما لو قيل لم :اقتلوا إل من علمتم أن اليان ف قلبه .وهم ل يؤمروا أن ينقبوا عن قلوب الناس ول
يشقوا بطونم ; فإذا رأوا رجل يظهر اليان جاز لم عتقه وصاحب الارية لا سأل النب صلى ال عليه وسلم
هل هي مؤمنة ؟ إنا أراد اليان الظاهر الذي يفرق به بي السلم والكافر وكذلك من عليه نذر ل يلزمه أن
يعتق إل من علم أن اليان ف قلبه ; فإنه ل يعلم ذلك مطلقا ; بل ول أحد من اللق يعلم ذلك مطلقا .وهذا
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أعلم اللق وال يقول له{ :وم ن حول كم من العراب منافقون و من أ هل
الدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نن نعلمهم سنعذبم مرتي} .فأولئك إنا كان النب صلى ال عليه وسلم
يكم فيهم كحكمه ف سائر الؤمني ; ولو حضرت جنازة أحدهم صلى عليها ول يكن منهيا عن الصلة إل
على من علم نفا قه ; وإل لزم أن ين قب عن قلوب الناس ويعلم سرائرهم وهذا ل يقدر عل يه ب شر .ولذا ل ا
كشفهم ال بسورة براءة بقوله{ :ومنهم} {ومنهم} صار يعرف نفاق ناس منهم ل يكن يعرف نفاقهم قبل
ذلك فإن ال و صفهم ب صفات علم ها الناس من هم ; و ما كان الناس يزمون بأن ا م ستلزمة لنفاق هم وإن كان
بعضهم يظن ذلك وبعضهم يعلمه ; فلم يكن نفاقهم معلوما عند الماعة بلف حالم لا نزل القرآن ; ولذا
ل ا نزلت سورة براءة كتموا النفاق و ما ب قي يكن هم من إظهاره أحيا نا ما كان يكن هم ق بل ذلك وأنزل ال
تعال{ :لئن ل ينته النافقون والذين ف قلوبم مرض والرجفون ف الدينة لنغرينك بم ث ل ياورونك فيها إل
قليل} {ملعوني أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل} {سنة ال ف الذين خلوا من قبل ولن تد لسنة ال تبديل}
فلما توعدوا بالقتل إذا أظهروا النفاق كتموه .ولذا تنازع الفقهاء ف استتابة الزنديق .فقيل :يستتاب .واستدل
من قال ذلك بالنافقي الذين كان النب صلى ال عليه وسلم يقبل علنيتهم ويكل أمرهم إل ال ; فيقال له:
هذا كان ف أول المر وبعد هذا أنزل ال{ :ملعوني أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل} فعلموا أنم إن أظهروه
كما كانوا يظهرونه قتلوا فكتموه .والزنديق :هو النافق وإنا يقتله من يقتله إذا ظهر منه أنه يكتم النفاق قالوا:
ول تعلم توبته لن غاية ما عنده أنه يظهر ما كان يظهر ; وقد كان يظهر اليان وهو منافق ; ولو قبلت توبة
الزناد قة ل ي كن سبيل إل تقتيلهم والقرآن قد توعدهم بالتقتيل .والقصود أن النب صلى ال عليه و سلم إنا
أ خب عن تلك ال مة باليان الظا هر الذي عل قت به الحكام الظاهرة وإل ف قد ث بت ع نه أن سعدا ل ا ش هد
لرجل أنه مؤمن قال " :أو مسلم " وكان يظهر من اليان ما تظهره المة وزيادة فيجب أن يفرق بي أحكام
الؤمني الظاهرة الت يكم فيها الناس ف الدنيا وبي حكمهم ف الخرة بالثواب والعقاب ; فالؤمن الستحق
للج نة ل بد أن يكون مؤم نا ف البا طن باتفاق ج يع أ هل القبلة ح ت الكرام ية الذ ين ي سمون النا فق مؤم نا
ويقولون :اليان هو الكلمة يقولون :إنه ل ينفع ف الخرة إل اليان الباطن .وقد حكى بعضهم عنهم أنم
يعلون النافقي من أهل النة وهو غلط عليهم ; إنا نازعوا ف السم ل ف الكم بسبب شبهة الرجئة ف أن
اليان ل يتب عض ول يتفا ضل ; ولذا أك ثر ما اشترط الفقهاء ف الرق بة ال ت تزئ ف الكفارة الع مل الظا هر
فتنازعوا هل يزئ ال صغي ؟ على قول ي معروف ي لل سلف ه ا روايتان عن أح د ; فق يل :ل يزئ عت قه لن
اليان قول وعمل والصغي ل يؤمن بنفسه إنا إيانه تبع لبويه ف أحكام الدنيا ; ول يشترط أحد أن يعلم أنه
مؤمن ف الباطن ; وقيل :بل يزئ عتقه لن العتق من الحكام الظاهرة وهو تبع لبويه ; فكما أنه يرث منهما
ويصلى عليه ول يصلى إل على مؤمن فإنه يعتق .وكذلك النافقون الذين ل يظهروا نفاقهم يصلى عليهم إذا
ماتوا ويدفنون ف مقابر السلمي من عهد النب صلى ال عليه وسلم والقبة الت كانت للمسلمي ف حياته
وحياة خلفائه وأصحابه يدفن فيها كل من أظهر اليان وإن كان منافقا ف الباطن ول يكن للمنافقي مقبة
يتميزون با عن السلمي ف شيء من ديار السلم كما تكون لليهود والنصارى مقبة يتميزون با ومن دفن
ف مقابر السلمي صلى عليه السلمون والصلة ل توز على من علم نفاقه بنص القرآن فعلم أن ذلك بناء على
اليان الظاهر وال يتول السرائر وقد كان النب صلى ال عليه وسلم يصلي عليهم ويستغفر لم حت ني عن
ذلك .وعلل ذلك بالكفهر فكان ذلك دليل على أن كهل مهن ل يعلم أنهه كافهر بالباطهن جازت الصهلة عليهه
والستغفار له وإن كانت فيه بدعة وإن كان له ذنوب .وإذا ترك المام أو أهل العلم والدين " الصلة " على
بعض التظاهرين ببدعة أو فجور زجرا عنها ل يكن ذلك مرما للصلة عليه والستغفار له بل قال النب صلى
ال عليه وسلم فيمن كان يتنع عن الصلة عليه وهو الغال وقاتل نفسه والدين الذي ل وفاء له{ " :صلوا على
صاحبكم} " وروي أنه كان يستغفر للرجل ف الباطن وإن كان ف الظاهر يدع ذلك زجرا عن مثل مذهبه
كما روي ف حديث ملم بن جثامة .وليس ف الكتاب والسنة الظهرون للسلم إل قسمان :مؤمن أو منافق
فالنافق ف الدرك السفل من النار والخر مؤمن ث قد يكون ناقص اليان فل يتناوله السم الطلق وقد يكون
تام اليان وهذا يأ ت الكلم عل يه إن شاء ال ف م سألة ال سلم واليان وأ ساء الف ساق من أ هل اللة ; ل كن
القصود هنا أنه ل يعل أحد بجرد ذنب يذنبه ول ببدعة ابتدعها -ولو دعا الناس إليها -كافرا ف الباطن إل
إذا كان منافقا .فأما من كان ف قلبه اليان بالرسول وما جاء به وقد غلط ف بعض ما تأوله من البدع فهذا
ل يس بكا فر أ صل والوارج كانوا من أظ هر الناس بد عة وقتال لل مة وتكفيا ل ا ول ي كن ف ال صحابة من
يكفرهم ل علي بن أب طالب ول غيه بل حكموا فيهم بكمهم ف السلمي الظالي العتدين كما ذكرت
الثار عنهم بذلك ف غي هذا الوضع .وكذلك سائر الثنتي والسبعي فرقة من كان منهم منافقا فهو كافر ف
الباطن ومن ل يكن منافقا بل كان مؤمنا بال ورسوله ف الباطن ل يكن كافرا ف الباطن وإن أخطأ ف التأويل
كائنا ما كان خطؤه ; وقد يكون ف بعضهم شعبة من شعب النفاق ول يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه
ف الدرك السفل من النار .ومن قال :إن الثنتي والسبعي فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن اللة فقد
خالف الكتاب والسنة وإجاع الصحابة رضوان ال عليهم أجعي بل وإجاع الئمة الربعة وغي الربعة فليس
فيهم من كفر كل واحد من الثنتي وسبعي فرقة وإنا يكفر بعضهم بعضا ببعض القالت كما قد بسط الكلم
عليهم ف غي هذا الوضع .وإنا قال الئمة بكفر هذا لن هذا فرض ما ل يقع فيمتنع أن يكون الرجل ل يفعل
شيئا ما أمر به من الصلة والزكاة والصيام والج ويفعل ما يقدر عليه من الحرمات مثل الصلة بل وضوء
وإل غ ي القبلة ونكاح المهات و هو مع ذلك مؤ من ف البا طن ; بل ل يف عل ذلك إل لعدم اليان الذي ف
قل به ولذا كان أ صحاب أ ب حني فة يكفرون أنوا عا م ن يقول كذا وكذا ; ل ا ف يه من ال ستخفاف ويعلو نه
مرتدا ببعض هذه النواع مع الناع اللفظي الذي بي أصحابه وبي المهور ف العمل :هل هو داخل ف اسم
اليان أم ل ؟ ولذا فرض متأخرو الفقهاء م سألة يت نع وقوع ها و هو أن الر جل إذا كان مقرا بوجوب ال صلة
فدعي إليها وامتنع واستتيب ثلثا مع تديده بالقتل فلم يصل حت قتل هل يوت كافرا أو فاسقا ؟ على قولي:
وهذا الفرض با طل فإ نه يت نع ف الفطرة أن يكون الر جل يعت قد أن ال فرض ها عل يه وأ نه يعاق به على ترك ها
ويصب على القتل ول يسجد ل سجدة من غي عذر له ف ذلك هذا ل يفعله بشر قط بل ول يضرب أحد من
ي قر بوجوب ال صلة إل صلى ل ينت هي ال مر به إل الق تل و سبب ذلك أن الق تل ضرر عظ يم ل ي صب عل يه
النسان إل لمر عظيم مثل لزومه لدين يعتقد أنه إن فارقه هلك فيصب عليه حت يقتل وسواء كان الدين حقا
أو باطل أما مع اعتقاده أن الفعل يب عليه باطنا وظاهرا فل يكون فعل الصلة أصعب عليه من احتمال القتل
قط .ونظي هذا لو قيل :إن رجل من أهل السنة قيل له :ترض عن أب بكر وعمر فامتنع عن ذلك حت قتل مع
مبته لما واعتقاده فضلهما ومع عدم العذار الانعة من الترضي عنهما فهذا ل يقع قط .وكذلك لو قيل :إن
رجل يش هد أن ممدا ر سول ال باط نا وظاهرا و قد طلب م نه ذلك ول يس هناك ره بة ول رغ بة يت نع لجل ها
فامتنع منها حت قتل فهذا يتنع أن يكون ف الباطن يشهد أن ممدا رسول ال ; ولذا كان القول الظاهر من
اليان الذي ل ناة للع بد إل به ع ند عا مة ال سلف واللف من الول ي والخر ين إل الهم ية -جه ما و من
وافقه -فإنه إذا قدر أنه معذور لكونه أخرس أو لكونه خائفا من قوم إن أظهر السلم آذوه ونو ذلك فهذا
ي كن أن ل يتكلم مع إيان ف قل به كالكره على كل مة الك فر .قال ال تعال{ :إل من أكره وقل به مطمئن
باليان ول كن من شرح بالك فر صدرا فعلي هم غ ضب من ال ول م عذاب عظ يم} وهذه ال ية م ا يدل على
فساد قول جهم ومن اتبعه فإنه جعل كل من تكلم بالكفر من أهل وعيد الكفار إل من أكره وقلبه مطمئن
باليان .فإن قيل :فقد قال تعال{ :ولكن من شرح بالكفر صدرا} قيل :وهذا موافق لولا فإنه من كفر من
غ ي إكراه ف قد شرح بالك فر صدرا وإل نا قض أول ال ية آخر ها ولو كان الراد ب ن ك فر هو الشارح صدره
وذلك يكون بل إكراه ل ي ستثن الكره ف قط بل كان ي ب أن ي ستثن الكره وغ ي الكره إذا ل يشرح صدره
وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح با صدرا وهي كفر وقد دل على ذلك قوله تعال{ :يذر النافقون
أن تنل عليهم سورة تنبئهم با ف قلوبم قل استهزئوا إن ال مرج ما تذرون} {ولئن سألتهم ليقولن إنا كنا
نوض ونل عب قل أبال وآيا ته ور سوله كن تم ت ستهزئون} {ل تعتذروا قد كفر ت ب عد إيان كم إن ن عف عن
طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي} .فقد أخب أنم كفروا بعد إيانم مع قولم :إنا تكلمنا بالكفر
من غي اعتقاد له بل كنا نوض ونلعب وبي أن الستهزاء بآيات ال كفر ول يكون هذا إل من شرح صدره
بذا الكلم ولو كان اليان فه قلبهه منعهه أن يتكلم بذا الكلم .والقرآن يهبي أن إيان القلب يسهتلزم العمهل
الظاهر بسبه كقوله تعال{ .ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك
بالؤمني} {وإذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون} {وإن يكن لمالق يأتوا إليه
مذعن ي} إل قوله{ :إن ا كان قول الؤمن ي إذا دعوا إل ال ور سوله ليح كم بين هم أن يقولوا سعنا وأطع نا
وأولئك هم الفلحون} فنفى اليان عمن تول عن طاعة الرسول وأخب أن الؤمني إذا دعوا إل ال ورسوله
ليحكم بينهم سعوا وأطاعوا ; فبي أن هذا من لوازم اليان.
فصل (ص )222
فإن قيل :فإذا كان اليان الطلق يتناول جيع ما أمر ال به ورسوله فمت ذهب بعض ذلك بطل اليان فيلزم
تكف ي أ هل الذنوب ك ما تقوله الوارج أو تليد هم ف النار و سلبهم ا سم اليان بالكل ية ك ما تقوله العتزلة
وكل هذين القولي شر من قول الرجئة فإن الرجئة منهم جاعة من العلماء والعباد الذكورين عند المة بي
وأما الوارج والعتزلة فأهل السنة والماعة من جيع الطوائف مطبقون على ذمهم .قيل :أول ينبغي أن يعرف
أن القول الذي ل يوافق الوارج والعتزلة عليه أحد من أهل السنة هو القول بتخليد أهل الكبائر ف النار ; فإن
هذا القول من البدع الشهورة و قد ات فق ال صحابة والتابعون ل م بإح سان ; و سائر أئ مة ال سلمي على أ نه ل
يلد ف النار أحد من ف قلبه مثقال ذرة من إيان واتفقوا أيضا على أن نبينا صلى ال عليه وسلم يشفع فيمن
يأذن ال له بالشفا عة ف يه من أ هل الكبائر من أم ته .ف في " ال صحيحي " ع نه أ نه قال{ " :ل كل نب دعوة
مستجابة وإن اختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة} " وهذه الحاديث مذكورة ف مواضعها .وقد نقل
بعهض الناس عهن الصهحابة فه ذلك خلفها كمها روي عهن ابهن عباس أن القاتهل ل توبهة له وهذا غلط على
الصحابة ; فإنه ل يقل أحد منهم أن النب صلى ال عليه وسلم ل يشفع لهل الكبائر ول قال :إنم يلدون ف
النار ول كن ا بن عباس ف إحدى الروايت ي ع نه قال :إن القا تل ل تو بة له و عن أح د بن حن بل ف قبول تو بة
القاتل روايتان أيضا والناع ف التوبة غي الناع ف التخليد وذلك أن القتل يتعلق به حق آدمي فلهذا حصل فيه
الناع ..وأما قول القائل :إن اليان إذا ذهب بعضه ذهب كله فهذا منوع وهذا هو الصل الذي تفرعت عنه
البدع ف اليان فإنم ظنوا أنه مت ذهب بعضه ذهب كله ل يبق منه شيء .ث قالت " الوارج والعتزلة " :هو
مموع ما أمر ال به ورسوله وهو اليان الطلق كما قاله أهل الديث ; قالوا :فإذا ذهب شيء منه ل يبق مع
صهاحبه مهن اليان شيهء فيخلد فه النار وقالت " الرجئة " على اختلف فرقههم :ل تذههب الكبائر وترك
الواجبات الظاهرة شيئا من اليان إذ لو ذهب شيء منه ل ي بق م نه شيء فيكون شيئا واحدا ي ستوي فيه الب
والفاجر ونصوص الرسول وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه ; كقوله{ " :يرج من النار من كان
ف قلبه مثقال ذرة من إيان} " .ولذا كان " أهل السنة والديث " على أنه يتفاضل وجهورهم يقولون :يزيد
وينقص ومنهم من يقول :يزيد ول يقول :ينقص كما روي عن مالك ف إحدى الروايتي ومنهم من يقول:
يتفا ضل كع بد ال بن البارك و قد ث بت ل فظ الزيادة والنق صان م نه عن ال صحابة ول يعرف ف يه مالف من
الصحابة ; فروى الناس من وجوه كثية مشهورة :عن حاد بن سلمة عن أب جعفر عن جده عمي بن حبيب
الطمي ; وهو من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :اليان يزيد وينقص ; قيل له :وما زيادته
و ما نق صانه ؟ قال :إذا ذكر نا ال وحدناه و سبحناه فتلك زياد ته ; وإذا غفل نا ون سينا فتلك نق صانه .وروى
إساعيل بن عياش عن جرير بن عثمان عن الارث بن ممد عن أب الدرداء قال :اليان يزيد وينقص .وقال
أحد بن حنبل :حدثنا يزيد حدثنا جرير بن عثمان قال :سعت أشياخنا أو بعض أشياخنا أن أبا الدرداء قال:
إن من فقه العبد أن يتعاهد إيانه وما نقص معه ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد اليان أم ينقص ؟ وإن من فقه
الرجل أن يعلم نزغات الشيطان أن تأتيه .وروى إساعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد ال بن ربيعة
الضرمي عن أب هريرة قال :اليان يزيد وينقص .وقال أحد بن حنبل :حدثنا يزيد بن هارون حدثنا ممد
بن طلحة عن زبيد عن ذر قال كان عمر بن الطاب يقول لصحابه :هلموا نزدد إيانا فيذكرون ال عز وجل
وقال أ بو عب يد ف " الغر يب " ف حد يث علي :إن اليان يبدو ل ظة ف القلب وكل ما ازداد اليان ازدادت
اللم ظة يروى ذلك عن عثمان بن ع بد ال عن عمرو بن ه ند الملي عن علي قال ال صمعي اللم ظة :م ثل
النكتة أو نوها .وقال أحد بن حنبل :حدثنا وكيع عن شريك عن هلل عن عبد ال بن عكيم قال :سعت
ا بن م سعود يقول ف دعائه :الل هم زد نا إيا نا ويقي نا وفق ها .وروى سفيان الثوري عن جا مع بن شداد عن
ال سود بن هلل قال :كان معاذ بن ج بل يقول لر جل :اجلس ب نا نؤ من نذ كر ال تعال وروى أ بو اليمان:
حدثنا صفوان عن شريح بن عبيد أن عبد ال بن رواحة كان يأخذ بيد الرجل من أصحابه فيقول :قم بنا نؤمن
ساعة فنحن ف ملس ذكر .وهذه الزيادة أثبتها الصحابة بعد موت النب صلى ال عليه وسلم ونزول القرآن
كله .وصح عن عمار بن ياسر أنه قال :ثلث من كن فيه فقد استكمل اليان النصاف من نفسه والنفاق
من القتار ; وبذل السلم للعال ذكره البخاري ف " صحيحه " وقال جندب بن عبد ال وابن عمر وغيها:
تعلمنا اليان ث تعلمنا القرآن فازددنا إيانا والثار ف هذا كثية رواها الصنفون ف هذا الباب عن الصحابة
والتابعيه فه كتهب كثية معروفهة .قال مالك بهن دينار :اليان يبدو فه القلب ضعيفها ضئيل كالبقلة ; فإن
صاحبه تعاهده فسقاه بالعلوم النافعة والعمال الصالة وأماط عنه الدغل وما يضعفه ويوهنه أوشك أن ينمو
أو يزداد وي صي له أ صل وفروع وثرة و ظل إل ما ل يتنا هى ح ت ي صي أمثال البال .وإن صاحبه أهله ول
يتعاهده جاءه عن فنتفتها أو صب فذهب با وأكثر عليها الدغل فأضعفها أو أهلكها أو أيبسها كذلك اليان
وقال خيثمة بن عبد الرحن :اليان يسمن ف الصب ويهزل ف الدب فخصبه العمل الصال وجدبه الذنوب
والعا صي .وق يل لب عض ال سلف :يزداد اليان وين قص ؟ قال ن عم يزداد ح ت ي صي أمثال البال وين قص ح ت
يصي أمثال الباء .وف حديث حذيفة الصحيح{ " :حت يقال للرجل :ما أجلده ما أظرفه ما أعقله ; وما ف
قل به مثقال ح بة من خردل من إيان} " و ف حدي ثه ال خر ال صحيح " {تعرض الف ت على القلوب كال صي
عودا عودا فأي قلب أشربا نكتت فيه نكتة سوداء ; وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حت تصي على
قلب ي :أب يض م ثل ال صفا فل تضره فت نة ما دا مت ال سموات والرض وال خر أ سود :مربادا كالكوز مخ يا ل
يعرف معرو فا ول ين كر منكرا إل ما أشرب هواه} " ; و ف حد يث ال سبعي أل فا الذ ين يدخلون ال نة بغ ي
ح ساب كفا ية فإ نه من أع ظم الدلة على زيادة اليان ونق صانه ل نه و صفهم بقوة اليان وزياد ته ف تلك
الصال الت تدل على قوة إيانم ; وتوكلهم على ال ف أمورهم كلها .وروى أبو نعيم من طريق الليث بن
سعد عن يزيد بن عبد ال اليزن {عن أب رافع أنه سع رجل حدثه أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم
عن اليان فقال :أتب أن أخبك بصريح اليان ؟ قال :نعم .قال :إذا أسأت أو ظلمت أحدا عبدك أو أمتك
أو أحدا من الناس حزنت وساءك ذلك .وإذا تصدقت أو أحسنت استبشرت وسرك ذلك} ورواه بعضهم عن
يزيد عمن سع النب صلى ال عليه وسلم أنه سأله عن زيادة اليان ف القلب ونقصانه فذكر نوه وقال البزار:
حدثنا ممد بن أب السن البصري ثنا هانئ بن التوكل ثنا عبد ال بن سليمان عن إسحاق عن أنس مرفوعا:
{ثلث من كن فيه استوجب الثواب واستكمل اليان خلق يعيش به ف الناس وورع يجزه عن معصية ال
وحلم يرد به جهل الاهل} " .و " {أربع من الشقاء :جود العي وقساوة القلب وطول المل والرص على
الدن يا} " .فال صال الول تدل على زيادة اليان وقو ته والرب عة ال خر تدل على ضع فه ونق صانه .وقال أ بو
يعلى الوصلي :ثنا عبد ال القواريري ويي بن سعيد قال :ثنا يزيد بن زريع ويي بن سعيد قال :حدثنا عوف
حدثن عقبة بن عبد ال الزن {قال يزيد ف حديثه ف مسجد البصرة :حدثن رجل قد ساه ونسي عوف اسه
قال :كنت بالدينة ف م سجد فيه عمر بن الطاب .فقال لبعض جلسائه :كيف سعتم رسول ال صلى ال
عليه وسلم يقول ف السلم ؟ فقال :سعته يقول :السلم بدأ جذعا ; ث ثنيا ; ث رباعيا ; ث سداسيا ; ث
بازل .فقال ع مر :ف ما ب عد البزول إل النق صان} كذا ذكره أ بو يعلى ف " م سند ع مر " و ف " م سند " هذا
الصحاب البهم ذكره أول :قال أبو سليمان :من أحسن ف ليله كوفئ ف ناره ومن أحسن ف ناره كوفئ ف
ليله ] .والزيادة قهد نطهق باه القرآن فه عدة آيات ; كقوله تعال{ :إناه الؤمنون الذيهن إذا ذكهر ال وجلت
قلوب م وإذا تل يت علي هم آيا ته زادت م إيا نا} وهذه زيادة إذا تل يت علي هم اليات أي و قت تل يت ل يس هو
تصديقهم با عند النول وهذا أمر يده الؤمن إذا تليت عليه اليات زاد ف قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من
علم اليان ما ل يكن ; حت كأنه ل يسمع الية إل حينئذ ويصل ف قلبه من الرغبة ف الي والرهبة من الشر
ما ل يكن ; فزاد علمه بال ومبته لطاعته وهذه زيادة اليان وقال تعال{ :الذين قال لم الناس إن الناس قد
جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل} فهذه الزيادة عند تويفهم بالعدو ل تكن
ع ند آ ية نزلت فازدادوا يقي نا وتوكل على ال وثبا تا على الهاد وتوحيدا بأن ل يافوا الخلوق ; بل يافون
الالق وحده وقال تعال{ :وإذا مها أنزلت سهورة فمنههم مهن يقول أيكهم زادتهه هذه إيانها فأمها الذيهن آمنوا
فزادتم إيانا وهم يستبشرون} {وأما الذين ف قلوبم مرض فزادتم رجسا إل رجسهم} .وهذه " الزيادة "
ليست مرد التصديق بأن ال أنزلا بل زادتم إيانا بسب مقتضاها ; فإن كانت أمرا بالهاد أو غيه ازدادوا
ه عهن شيهء انتهوا عنهه فكرهوه ولذا قال{ :وههم يسهتبشرون} والسهتبشار غيه مرد رغبهة وإن كانهت ني ا
التصديق وقال تعال{ :والذين آتيناهم الكتاب يفرحون با أنزل إليك ومن الحزاب من ينكر بعضه} والفرح
بذلك مهن زيادة اليان قال تعال{ :قهل بفضهل ال وبرحتهه فبذلك فليفرحوا} .وقال تعال{ :ويومئذ يفرح
الؤمنون} {بن صر ال} وقال تعال{ :و ما جعل نا أ صحاب النار إل ملئ كة و ما جعل نا عدت م إل فت نة للذ ين
كفروا ليسهتيقن الذيهن أوتوا الكتاب ويزداد الذيهن آمنوا إيانها} .وقال{ :ههو الذي أنزل السهكينة فه قلوب
الؤمن ي ليزدادوا إيا نا مع إيان م} وهذه نزلت ل ا ر جع ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه من الديب ية ;
فج عل ال سكينة موج بة لزيادة اليان .وال سكينة طمأني نة ف القلب غ ي علم القلب وت صديقه ولذا قال يوم
حني{ :ث أنزل ال سكينته على رسوله وعلى الؤمني وأنزل جنودا ل تروها} وقال تعال{ :ثان اثني إذ ها
ف الغار إذ يقول لصاحبه ل تزن إن ال معنا فأنزل ال سكينته عليه وأيده بنود ل تروها} ول يكن قد نزل
يوم حن ي قرآن ول يوم الغار ; وإن ا أنزل سكينته وطمأنين ته من خوف العدو فل ما أنزل ال سكينة ف قلوب م
مرجع هم من الديب ية ليزدادوا إيا نا مع إيان م دل على أن اليان الز يد حال للقلب و صفة له وع مل م ثل
طمأنينته وسكونه ويقينه واليقي قد يكون بالعمل والطمأنينة كما يكون بالعلم والريب الناف لليقي يكون ريبا
ف العلم وريبا ف طمأنينة القلب ولذا جاء ف الدعاء الأثور{ " :اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تول به بيننا
وبي معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقي ما تون به علينا مصائب الدنيا} " .وف حديث
الصديق الذي رواه أحد والترمذي وغيها عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ " :سلوا ال العافية واليقي
; فما أعطي أحد بعد اليقي شيئا خيا من العافية ; فسلوها ال تعال} " ; فاليقي عند الصائب بعد العلم بأن
ال قدرهها سهكينة القلب وطمأنينتهه وتسهليمه وهذا مهن تام اليان بالقدر خيه وشره كمها قال تعال{ :مها
أ صاب من م صيبة إل بإذن ال و من يؤ من بال ي هد قل به} قال علق مة :ويروى عن ا بن م سعود :هو الر جل
تصيبه الصيبة فيعلم أنا من عند ال فيضى ويسلم وقوله تعال{ :يهد قلبه} هداه لقلبه هو زيادة ف إيانه ;
كما قال تعال{ :والذين اهتدوا زادهم هدى} وقال{ :إنم فتية آمنوا بربم وزدناهم هدى} .ولفظ " اليان
" أكثر ما يذكر ف القرآن مقيدا ; فل يكون ذلك اللفظ متناول لميع ما أمر ال به ; بل يعل موجبا للوازمه
وتام ما أمر به وحينئذ يتناوله السم الطلق قال تعال{ :آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه
فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لم أ جر كبي} {وما لكم ل تؤمنون بال والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد
أ خذ ميثاق كم إن كن تم مؤمن ي} { هو الذي ينل على عبده آيات بينات ليخرج كم من الظلمات إل النور}
وقال تعال ف آخر السورة{ :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وآمنوا برسوله يؤتكم كفلي من رحته ويعل لكم
نورا تشون به ويغفر لكم وال غفور رحيم} .وقد قال بعض الفسرين ف الية الول :إنا خطاب لقريش ;
وف الثانية إنا خطاب لليهود والنصارى وليس كذلك ; فإن ال ل يقل قط للكفار{ :يا أيها الذين آمنوا} ث
قال ب عد ذلك{ :لئل يعلم أ هل الكتاب أل يقدرون على ش يء من ف ضل ال} وهذه ال سورة مدن ية باتفاق ل
ياطب با الشركي بكة ; وقد قال{ :وما لكم ل تؤمنون بال والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ
ميثاق كم إن كن تم مؤمن ي} وهذا ل يا طب به كا فر ; وكفار م كة ل ي كن أ خذ ميثاق هم وإن ا أ خذ ميثاق
الؤمني ببيعتهم له ; فإن كل من كان مسلما مهاجرا كان يبايع النب صلى ال عليه وسلم كما بايعه النصار
ليلة العقبة وإنا دعاهم إل تقيق اليان وتكميله بأداء ما يب من تامه باطنا وظاهرا كما نسأل ال أن يهدينا
ال صراط ال ستقيم ف كل صلة ; وإن كان قد هدى الؤمن ي للقرار ب ا جاء به الر سول جلة ل كن الدا ية
الفصلة ف جيع ما يقولونه ويفعلونه ف جيع أمورهم ل تصل وجيع هذه الداية الاصة الفصلة هي من
اليان الأمور به .وبذلك يرجهم ال من الظلمات إل النور.
فصل (ص )232
وزيادة اليان الذي أمر ال به والذي يكون من عباده الؤمني يعرف من وجوه( :أحدها) :الجال والتفصيل
في ما أمروا به فإ نه وإن و جب على ج يع اللق اليان بال ور سوله وو جب على كل أ مة التزام ما يأ مر به
رسولم ممل فمعلوم أنه ل يب ف أول المر ما وجب بعد نزول القرآن كله ول يب على كل عبد من
اليان الفصل م ا أخب به الر سول ما يب على من بلغه غيه ف من عرف القرآن وال سنن ومعانيها لز مه من
اليان الفصهل بذلك مها ل يلزم غيه ولو آمهن الرجهل بال وبالرسهول باطنها وظاهرا ثه مات قبهل أن يعرف
شرائع الدين مات مؤمنا با وجب عليه من اليان وليس ما وجب عليه ول ما وقع عنه مثل إيان من عرف
الشرائع فآمن با وعمل با ; بل إيان هذا أكمل وجوبا ووقوعا فإن ما وجب عليه من اليان أكمل وما وقع
منه أكمل .وقوله تعال{ :اليوم أكملت لكم دينكم} أي ف التشريع بالمر والنهي ليس الراد أن كل واحد
من المة وجب عليه ما يب على سائر المة وأنه فعل ذلك ; بل ف " الصحيحي " {عن النب صلى ال عليه
وسلم أنه وصف النساء بأنن ناقصات عقل ودين} وجعل نقصان عقلها أن شهادة امرأتي شهادة رجل واحد
ونقصان دينها أنا إذا حاضت ل تصوم ول تصلي وهذا النقصان ليس هو نقص ما أمرت به ; فل تعاقب على
هذا النق صان ل كن من أ مر بال صلة وال صوم ففعله كان دي نه كامل بالن سبة إل هذه الناق صة الد ين( .الو جه
الثان) :الجال والتفصيل فيما وقع منهم فمن آمن با جاء به الرسول مطلقا فلم يكذبه قط لكن أعرض عن
معرفة أمره ونيه وخبه وطلب العلم الواجب عليه ; فلم يعلم الواجب عل يه ول يعمله ; بل اتبع هواه وآخر
طلب علم ما أمر به فعمل به وآخر طلب علمه فعلمه وآمن به ول يعمل به وإن اشتركوا ف الوجوب لكن من
طلب علم التفصيل وعمل به فإيانه أكمل به ; فهؤلء من عرف ما يب عليه والتزمه وأقر به لكنه ل يعمل
بذلك كله وهذا القر با جاء به الرسول العترف بذنبه الائف من عقوبة ربه على ترك العمل أكمل إيانا من
ل يطلب معرفة ما أمر به الرسول ول عمل بذلك ; ول هو خائف أن يعاقب ; بل هو ف غفلة عن تفصيل ما
جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم مع أنه مقر بنبوته باطنا وظاهرا .فكلما علم القلب ما أخب به الرسول
ف صدقه و ما أ مر به فالتز مه ; كان ذلك زيادة ف إيا نه على من ل ي صل له ذلك ; وإن كان م عه التزام عام
وإقرار عام .وكذلك من عرف أ ساء ال ومعاني ها فآ من ب ا ; كان إيانه أك مل م ن ل يعرف تلك ال ساء بل
آ من ب ا إيا نا ممل أو عرف بعض ها ; وكل ما ازداد الن سان معر فة بأ ساء ال و صفاته وآيا ته كان إيا نه به
أكمل( .الثالث) :أن العلم والتصديق نفسه يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت وأبعد عن الشك والريب وهذا
أمر يشهده كل أحد من نفسه ; كما أن الس الظاهر بالشيء الواحد مثل رؤية الناس للهلل وإن اشتركوا
فيها فبعضهم تكون رؤيته أت من بعض ; وكذلك ساع الصوت الواحد وشم الرائحة الواحدة وذوق النوع
الواحد من الطعام فكذلك معرفة القلب وتصديقه يتفاضل أعظم من ذلك من وجوه متعددة والعان الت يؤمن
با من معان أساء الرب وكلمه يتفاضل الناس ف معرفتها أعظم من تفاضلهم ف معرفة غيها( .الرابع) أن
التصديق الستلزم لعمل القلب أكمل من التصديق الذي ل يستلزم عمله ; فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل
من العلم الذي ل يع مل به وإذا كان شخ صان يعلمان أن ال حق ور سوله حق وال نة حق والنار حق وهذا
علمه أوجب له مبة ال وخشيته والرغبة ف النة والرب من النار والخر علمه ل يوجب ذلك ; فعلم الول
أك مل ; فإن قوة ال سبب دل على قوة ال سبب وهذه المور نشأت عن العلم فالعلم بالحبوب ي ستلزم طل به ;
والعلم بالخوف ي ستلزم الرب م نه ; فإذا ل ي صل اللزم دل على ض عف اللزوم ; ولذا قال ال نب صلى ال
عليه وسلم{ " :ليس الب كالعاين} " فإن موسى لا أخبه ربه أن قومه عبدوا العجل ل يلق اللواح .فلما
رآ هم قد عبدوه ألقا ها ; ول يس ذلك ل شك مو سى ف خب ال ل كن ال خب وإن جزم ب صدق ال خب ف قد ل
يتصور الخب به ف نفسه كما يتصوره إذا عاينه ; بل يكون قلبه مشغول عن تصور الخب به وإن كان مصدقا
به .ومعلوم أنه عند العاينة يصل له من تصور الخب به ما ل يكن عند الخب فهذا التصديق أكمل من ذلك
التصديق( .الامس) :أن أعمال القلوب مثل مبة ال ورسوله وخشية ال تعال ورجائه ونو ذلك هي كلها
مهن اليان كمها دل على ذلك الكتاب والسهنة واتفاق السهلف ; وهذه يتفاضهل الناس فيهها تفاضل عظيمها.
(السادس) :أن العمال الظاهرة مع الباطنة هي أيضا من اليان والناس يتفاضلون فيها( .السابع) ذكر النسان
بقلبه ما أمره ال به واستحضاره لذلك بيث ل يكون غافل عنه ; أكمل من صدق به وغفل عنه ; فإن الغفلة
تضاد كمال العلم ; والت صديق والذ كر وال ستحضار يك مل العلم واليق ي ; ولذا قال عم ي بن حبيب من
الصحابة إذا ذكرنا ال وحدناه وسبحناه فتلك زيادته ; وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه وهو كذلك ;
وكان معاذ بن جبل يقول لصحابه :اجلسوا بنا ساعة نؤمن قال تعال {ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا
واتبع هواه} وقال تعال{ :وذ كر فإن الذكرى تنفع الؤمن ي} وقال تعال{ :سيذكر من يشى} {ويتجنبها
الشقى} ث كلما تذكر النسان ما عرفه قبل ذلك ; وعمل به حصل له معرفة شيء آخر ل يكن عرفه قبل
ذلك وعرف من معان أساء ال وآياته ما ل يكن عرفه قبل ذلك كما ف الثر " {من عمل با علم ورثه ال
علم ما ل يعلم} " وهذا أ مر يده ف نف سه كل مؤ من .و ف " ال صحيح " عن ال نب صلى ال عليه و سلم" :
{مثل الذي يذكر ربه والذي ل يذكر ربه مثل الي واليت} " .قال تعال{ :وإذا تليت عليهم آياته زادتم
إيا نا} وذلك أن ا تزيد هم علم ما ل يكونوا ق بل ذلك علموه وتزيد هم عمل بذلك العلم وتزيد هم تذكرا ل ا
كانوا ن سوه وعمل بتلك التذكرة وكذلك ما يشاهده العباد من اليات ف الفاق و ف أنف سهم .قال تعال:
{سنريهم آياتنا ف الفاق وف أنفسهم حت يتبي لم أنه الق} أي إن القرآن حق ث قال تعال{ :أول يكف
بربك أنه على كل شيء شهيد} .فإن ال شهيد ف القرآن با أخب به ; فآمن به الؤمن ث أراهم ف الفاق وف
أنفسهم من اليات ما يدل على مثل ما أخب به ف القرآن فبينت لم هذه اليات أن القرآن حق مع ما كان قد
ح صل ل م ق بل ذلك .وقال تعال{ :أفلم ينظروا إل ال سماء فوق هم كيف بنيناها وزيناها وما ل ا من فروج}
{والرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بيج} {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}
فاليات الخلوقة والتلوة فيها تبصرة وفيها تذكرة :تبصرة من العمى وتذكرة من الغفلة ; فيبصر من ل يكن
عرف حت يعرف ويذكر من عرف ونسي والنسان يقرأ السورة مرات حت سورة الفاتة ويظهر له ف أثناء
الال من معانيها ما ل يكن خطر له قبل ذلك حت كأنا تلك الساعة نزلت ; فيؤمن بتلك العان ويزداد علمه
وعمله وهذا موجود ف كل من قرأ القرآن بتدبر بلف من قرأه مع الغفلة عنه ث كلما فعل شيئا ما أمر به
استحضر أنه أمر به فصدق المر فحصل له ف تلك الساعة من التصديق ف قلبه ما كان غافل عنه وإن ل يكن
مكذبا منكرا( .الوجه الثامن) :أن النسان قد يكون مكذبا ومنكرا لمور ل يعلم أن الرسول أخب با وأمر با
ولو علم ذلك ل يكذب ول ين كر .بل قل به جازم بأ نه ل ي ب إل ب صدق ول يأ مر إل ب ق ث ي سمع ال ية أو
الديث أو يتدبر ذلك أو يفسر له معناه أو يظهر له ذلك بوجه من الوجوه فيصدق با كان مكذبا به ويعرف
ما كان منكرا وهذا تصديق جديد وإيان جديد ازداد به إيانه ول يكن قبل ذلك كافرا بل جاهل ; وهذا وإن
أشبه الجمل والفصل لكون قلبه سليما عن تكذيب وتصديق لشيء من التفاصيل وعن معرفة وإنكار لشيء
من ذلك فيأت يه التف صيل ب عد الجال على قلب ساذج ; وأ ما كث ي من الناس بل من أ هل العلوم والعبادات
فيقوم بقلوبم من التفصيل أمور كثية تالف ما جاء به الرسول وهم ل يعرفون أنا تالف فإذا عرفوا رجعوا
وكل من ابتدع ف الدين قول أخطأ فيه أو عمل عمل أخطأ فيه وهو مؤمن بالرسول أو عرف ما قاله وآمن به
ل يعدل عنه ; هو من هذا الباب وكل مبتدع قصده متابعة الرسول فهو من هذا الباب ; فمن علم ما جاء به
الر سول وع مل به أك مل م ن أخ طأ ذلك ; و من علم ال صواب ب عد ال طأ وع مل به ف هو أك مل م ن ل ي كن
كذلك.
فصل (ص )238
وقد أثبت ال ف القرآن إسلما بل إيان ف قوله تعال{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا
ولا يدخل اليان ف قلوبكم وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} .وقد ثبت ف " الصحيحي
{عن سعد بن أب وقاص قال :أعطى النب صلى ال عليه وسلم رهطا وف رواية قسم قسما وترك فيهم من ل
يعطه وهو أعجبهم إل فقلت :يا رسول ال ما لك عن فلن ؟ فوال إن لراه مؤمنا فقال رسول ال صلى ال
عل يه و سلم :أو م سلما .أقول ا ثل ثا ويردد ها علي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ثل ثا ث قال :إ ن لع طي
الر جل وغيه أ حب إل م نه ما فة أن يك به ال على وج هه ف النار} و ف روا ية{ :فضرب ب ي عن قي وكت في
وقال :أقتال أي سعد} .فهذا ال سلم الذي ن فى ال عن أهله دخول اليان ف قلوب م هل هو إ سلم يثابون
عليه ؟ أم هو من جنس إسلم النافقي ؟ فيه قولن مشهوران للسلف واللف :أحدها :أنه إسلم يثابون عليه
ويرجهم من الكفر والنفاق .وهذا مروي عن السن وابن سيين وإبراهيم النخعي وأب جعفر الباقر ; وهو
قول حاد بن ز يد وأح د بن حن بل و سهل بن ع بد ال الت ستري وأ ب طالب ال كي وكث ي من أ هل الد يث
والسنة والقائق .قال أحد بن حنبل :حدثنا مؤمل بن إسحاق عن عمار بن زيد قال :سعت هشاما يقول:
كان السن وممد يقولن :مسلم ويهابان :مؤمن .وقال أحد بن حنبل :حدثنا أبو سلمة الزاعي قال :قال
مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أب سلمة وحاد بن سلمة وحاد بن زيد " :اليان " العرفة
والقرار والعمل إل أن حاد بن زيد يفرق بي السلم واليان يعل اليان خاصا والسلم عاما .و (القول
الثا ن) :أن هذا ال سلم :هو ال ستسلم خوف ال سب والق تل م ثل إ سلم النافق ي .قالوا :وهؤلء كفار فإن
اليان ل يد خل ف قلوب م و من ل يد خل اليان ف قل به ف هو كا فر .وهذا اختيار البخاري وم مد بن ن صر
الروزي وال سلف متلفون ف ذلك .قال م مد بن ن صر :حدث نا إ سحاق أنبأ نا جر ير عن مغية قال :أت يت
إبراهيم النخعي فقلت :إن رجل خاصمن يقال له :سعيد العنبي فقال إبراهيم ليس بالعنبي ولكنه زبيدي.
قوله{ :قالت العراب آمنها قهل ل تؤمنوا ولكهن قولوا أسهلمنا} فقال :ههو السهتسلم فقال إبراهيهم :ل ههو
السلم .وقال :حدثنا ممد بن يي حدثنا ممد بن يوسف حدثنا سفيان عن ماهد{ :قالت العراب آمنا قل
ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قال :استسلمنا خوف السب والقتل .ولكن هذا منقطع سفيان ل يدرك ماهدا.
والذ ين قالوا :إن هذا ال سلم هو كإ سلم النافق ي ل يثابون عل يه قالوا :لن ال ن فى عن هم اليان و من ن في
ع نه اليان ف هو كا فر .وقال هؤلء :ال سلم هو اليان و كل م سلم مؤ من .و كل مؤ من م سلم و من ج عل
الف ساق م سلمي غ ي مؤمن ي لز مه أن ل يعل هم داخل ي ف قوله تعال { :يا أي ها الذ ين آمنوا إذا قم تم إل
الصلة} :وف قوله تعال{ :يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يوم المعة} وأمثال ذلك فإنم إنا دعوا
با سم اليان ل با سم ال سلم ف من ل ي كن مؤم نا ل يد خل ف ذلك .وجواب هذا أن يقال :الذ ين قالوا من
السلف :إنم خرجوا من اليان إل السلم ل يقولوا :إنه ل يبق معهم من اليان شيء بل هذا قول الوارج
والعتزلة .وأهل السنة الذين قالوا هذا يقولون :الفساق يرجون من النار بالشفاعة .وإن معهم إيانا يرجون به
من النار .ل كن ل يطلق علي هم ا سم اليان لن اليان الطلق هو الذي ي ستحق صاحبه الثواب ودخول ال نة
وهؤلء لي سوا من أهله و هم يدخلون ف الطاب باليان لن الطاب بذلك هو ل ن د خل ف اليان وإن ل
يستكمله فإنه إنا خوطب ليفعل تام اليان فكيف يكون قد أته قبل الطاب وإل كنا قد تبينا أن هذا الأمور
من اليان ق بل الطاب ; وإن ا صار من اليان ب عد أن أمروا به فالطاب ب ه { يا أي ها الذ ين آمنوا} ; غ ي
قوله{ :إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم} ونظائرها فإن الطاب
به {يا أيها الذين آمنوا} أول :يدخل فيه من أظهر اليان وإن كان منافقا ف الباطن يدخل فيه ف الظاهر
فكيف ل يدخل فيه من ل يكن منافقا وإن ل يكن من الؤمني حقا .وحقيقته أن من ل يكن من الؤمني حقا
يقال فيه :إنه مسلم ومعه إيان ينعه اللود ف النار وهذا متفق عليه بي أهل السنة .لكن هل يطلق عليه اسم
اليان ؟ هذا هو الذي تنازعوا فيه فقيل :يقال مسلم ول يقال :مؤمن .وقيل :بل يقال :مؤمن .والتحقيق أن
يقال :إنه مؤمن نا قص اليان مؤمن بإيا نه فاسق بكبيته ول يعطى اسم اليان الطلق ; فإن الكتاب والسنة
نفيا عنه ال سم الطلق ; واسم اليان يتناوله فيما أمر ال به ورسوله لن ذلك إياب عليه وتري عليه وهو
لزم له ك ما يلز مه غيه وإن ا الكلم ف ا سم الدح الطلق ; وعلى هذا فالطاب باليان يد خل ف يه " ثلث
طوائف " :يدخل فيه الؤمن حقا ويدخل فيه النافق ف أحكامه الظاهرة وإن كانوا ف الخرة ف الدرك السفل
من النار ; وهو ف الباطن ينفي عنه السلم واليان وف الظاهر يثبت له السلم واليان الظاهر ; ويدخل فيه
الذين أسلموا وإن ل تدخل حقيقة اليان ف قلوبم ; لكن معهم جزء من اليان والسلم يثابون عليه .ث قد
يكونون مفرطي فيما فرض عليهم وليس معهم من الكبائر ما يعاقبون عليه كأهل الكبائر لكن يعاقبون على
ترك الفروضات وهؤلء كالعراب الذكورين ف الية وغيهم ; فإنم قالوا :آمنا من غي قيام منهم با أمروا
به باطنا وظاهرا .فل دخلت حقيقة اليان ف قلوبم ول جاهدوا ف سبيل ال وقد كان دعاهم النب صلى ال
عل يه و سلم إل الهاد و قد يكونون من أ هل الكبائر العرض ي للوع يد ; كالذ ين ي صلون ويزكون وياهدون
ويأتون الكبائر ; وهؤلء ل يرجون من السلم ; بل هم مسلمون ولكن بينهم نزاع لفظي :هل يقال :إنم
مؤمنون كما سنذكره إن شاء ال ؟ .وأما " الوارج " ; " والعتزلة " فيخرجونم من اسم اليان والسلم ;
فإن اليان والسلم عندهم واحد ; فإذا خرجوا عندهم من اليان خرجوا من السلم ; لكن الوارج تقول:
ههم كفار ; والعتزلة تقول :ل مسهلمون ول كفار ; ينلونمه منلة بيه النلتيه ; والدليهل على أن السهلم
الذكور ف الية هو إسلم يثابون عليه وأنم ليسوا منافقي أنه قال{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن
قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف قلوبكم} ث قال{ :وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} ;
فدل على أن م إذا أطاعوا ال ور سوله مع هذا ال سلم ; آجر هم ال على الطا عة .والنا فق عمله حا بط ف
الخرة .وأيضا فإنه وصفهم بلف صفات النافقي فإن النافقي وصفهم بكفر ف قلوبم وأنم يبطنون خلف
ما يظهرون ; كما قال تعال{ :ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} {يادعون ال
والذ ين آمنوا و ما يدعون إل أنف سهم و ما يشعرون} { ف قلوب م مرض فزاد هم ال مر ضا} اليات .وقال:
{إذا جاءك النافقون قالوا نش هد إ نك لر سول ال وال يعلم إ نك لر سوله وال يش هد إن النافق ي لكاذبون}
فالنافقون يصفهم ف القرآن بالكذب ; وأنم يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوبم وبأن ف قلوبم من الكفر ما
يعاقبون عل يه ; وهؤلء ل ي صفهم بش يء من ذلك ل كن ل ا ادعوا اليان قال للر سول { :قل ل تؤمنوا ول كن
قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف قلوبكم وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} .ونفي اليان
الطلق ل ي ستلزم أن يكونوا منافق ي ك ما ف قوله{ :ي سألونك عن النفال قل النفال ل والر سول فاتقوا ال
وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا ال ورسوله إن كنتم مؤمني} ث قال{ :إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت
قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا وعلى ربم يتوكلون} {الذين يقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون}
{أولئك هم الؤمنون ح قا} ومعلوم أ نه ل يس من ل ي كن كذلك ; يكون مناف قا من أ هل الدرك ال سفل من
النار بل ل يكون قد أ تى باليان الوا جب فن في ع نه ك ما ين فى سائر ال ساء ع من ترك ب عض ما ي ب عل يه
فكذلك العراب ل يأتوا باليان الوا جب ; فنفي عنهم لذلك وإن كانوا م سلمي معهم من اليان ما يثابون
عليه .وهذا حال أكثر الداخلي ف السلم ابتداء ; بل حال أكثر من ل يعرف حقائق اليان ; فإن الرجل إذا
قوتل حت أسلم كما كان الكفار يقاتلون حت يسلموا أو أسلم بعد السر أو سع بالسلم فجاء فأسلم ; فإنه
مسلم ملتزم طاعة الرسول ول تدخل إل قلبه العرفة بقائق اليان فإن هذا إنا يصل لن تيسرت له أسباب
ذلك ; إ ما بف هم القرآن وإ ما بباشرة أ هل اليان والقتداء ب ا ي صدر عن هم من القوال والعمال وإ ما بدا ية
خاصة من ال يهديه با .والنسان قد يظهر له من ماسن السلم ما يدعوه إل الدخول فيه وإن كان قد ولد
عليه وترب بي أهله فإنه يبه فقد ظهر له بعض ماسنه وبعض مساوئ الكفار .وكثي من هؤلء قد يرتاب إذا
سع الش به القاد حة ف يه ول يا هد ف سبيل ال ; فل يس هو داخل ف قوله{ :إن ا الؤمنون الذ ين آمنوا بال
ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال} وليس هو منافقا ف الباطن مضمرا للكفر فل
هو من الؤمني حقا ول هو من النافقي ول هو أيضا من أصحاب الكبائر بل يأت بالطاعات الظاهرة ول يأت
بقائق اليان الت يكون با من الؤمني حقا ; فهذا معه إيان وليس هو من الؤمني حقا ويثاب على ما فعل
مهن الطاعات ولذا قال تعال{ :ولكهن قولوا أسهلمنا} ولذا قال{ :ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي
إسلمكم بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} يعن ف قولكم{ :آمنا} .يقول :إن كنتم
صادقي فال ي ن علي كم أن هدا كم لليان ; وهذا يقت ضي أن م قد يكونون صادقي ف قول م{ :آم نا} .ث
صدقهم إما أن يراد به اتصافهم بأنم {آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال
أولئك هم ال صادقون} ; وإ ما أن يراد به أن م ل يكونوا كالنافق ي بل مع هم إيان وإن ل ي كن ل م أن يدعوا
مطلق اليان وهذا أش به وال أعلم لن الن سوة المتحنات قال في هن{ :فإن علمتمو هن مؤمنات فل ترجعو هن
إل الكفار} ول يكن نفي الريب عنهن ف الستقبل ولن ال إنا كذب النافقي ول يكذب غيهم ; وهؤلء
ل يكذبم ولكن قال{ :ل تؤمنوا} كما قال{ :ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه} وقوله{ :ل
يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} و {ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} وهؤلء ليسوا منافقي .وسياق الية
يدل على أن ال ذمهم لكونم منوا بإسلمهم لهلهم وجفائهم وأظهروا ما ف أنفسهم مع علم ال به ; فإن
ال تعال قال { :قل أتعلمون ال بدين كم وال يعلم ما ف ال سماوات و ما ف الرض} فلو ل ي كن ف قلوب م
ش يء من الد ين ل يكونوا يعلمون ال بدين هم ; فإن ال سلم الظا هر يعر فه كل أ حد .ودخلت الباء ف قوله:
{أتعلمون ال بدينكم} لنه ضمن معن يبون ويدثون كأنه قال :أتبونه وتدثونه بدينكم وهو يعلم ما ف
ال سموات و ما ف الرض .و سياق ال ية يدل على أن الذي أ خبوا به ال هو ما ذكره ال عن هم من قول م:
{آمنا} فإنم أخبوا عما ف قلوبم .وقد ذكر الفسرون أنه {لا نزلت هاتان اليتان أتوا رسول ال صلى ال
عل يه و سلم يلفون أن م مؤمنون صادقون فنل قوله تعال { :قل أتعلمون ال بدين كم}} وهذا يدل على أن م
كانوا صادقي أول ف دخولم ف الدين لنه ل يتجدد لم بعد نزول الية جهاد حت يدخلوا به ف الية إنا هو
كلم قالوه وهو سبحانه قال{ :ولا يدخل اليان ف قلوبكم} ولفظ( :لا) ينفي به ما يقرب حصوله ويصل
غال با كقوله{ :أم ح سبتم أن تدخلوا ال نة ول ا يعلم ال الذ ين جاهدوا من كم} و قد قال ال سدي :نزلت هذه
الية ف أعراب مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار وهم الذين ذكرهم ال ف سورة الفتح وكانوا يقولون:
آمنا بال ليأمنوا على أنفسهم فلما استنفروا إل الديبية تلفوا ; فنلت فيهم هذه الية .وعن مقاتل :كانت
منازلم بي مكة والدينة وكانوا إذا مرت بم سرية من سرايا رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا :آمنا ليأمنوا
على دمائهم وأموالم فلما سار رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الديبية استنفرهم فلم ينفروا معه .وقال
ما هد :نزلت ف أعراب ب ن أسد بن خزية وو صف غيه حالم .فقال :قدموا الدينة ف سنة مدبة فأظهروا
السهلم ول يكونوا مؤمنيه وأفسهدوا طرق الدينهة بالعذرات وأغلوا أسهعارهم وكانوا ينون على رسهول ال
صلى ال عل يه و سلم يقولون :أتيناك بالثقال والعيال فنلت في هم هذه ال ية و قد قال قتادة ف قوله{ :ينون
عليك أن أسلموا قل ل تنوا علي إسلمكم بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} قال :منوا
على النب صلى ال عليه وسلم حي جاءوا فقالوا :إنا أسلمنا بغي قتال ل نقاتلك ك ما قاتلك بنو فلن وبنو
فلن فقال ال لنهبيه{ :ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي إسهلمكم بهل ال ينه عليكهم أن هداكهم
لليان} .وقال مقاتل بن حيان :هم {أعراب بن أسد بن خزية قالوا :يا رسول ال أتيناك بغي قتال وتركنا
العشائر والموال وكل قبيلة من العرب قاتلتك حت دخلوا كرها ف السلم ; فلنا بذلك عليك حق :فأنزل ال
تعال{ :ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي إسهلمكم بهل ال ينه عليكهم أن هداكهم لليان إن كنتهم
صادقي} .فله بذلك الن عليكم وفيهم أنزل ال{ :ول تبطلوا أعمالكم} ويقال :من الكبائر الت ختمت بنار
كل موجبة من ركبها ومات عليها ل يتب منها .وهذا كله يبي أنم ل يكونوا كفارا ف الباطن ; ول كانوا
قد دخلوا فيما يب من اليان ; وسورة الجرات قد ذكرت هذه الصناف فقال{ :إن الذين ينادونك من
وراء الجرات أكثر هم ل يعقلون} ول ي صفهم بكفهر ول نفاق ; لكهن هؤلء ي شى علي هم الك فر والنفاق
ولذا ارتد بعضهم لنم ل يالط اليان بشاشة قلوبم وقال بعد ذلك {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق
بنبإ فتبينوا} الية وهذه الية نزلت ف الوليد بن عقبة وكان قد كذب فيما أخب .قال الفسرون :نزلت هذه
الية ف {الوليد بن عقبة بعثه رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بن الصطلق ليقبض صدقاتم وقد كانت بينه
وبين هم عداوة ف الاهل ية ف سار ب عض الطر يق ث ر جع إل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقال :إن م منعوا
ال صدقة وأرادوا قتلي فضرب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم الب عث إلي هم فنلت هذه ال ية} .وهذه الق صة
معروفة من وجوه كثية ث قال تعال ف تامها{ :واعلموا أن فيكم رسول ال لو يطيعكم ف كثي من المر
لعنتم} وقال تعال{ :وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الخرى} الية.
ث ناهم عن أن يسخر بعضهم ببعض وعن اللمز والتنابز باللقاب وقال{ :بئس السم الفسوق بعد اليان}
وقد قيل :معناه :ل تسميه فاسقا ول كافرا بعد إيانه وهذا ضعيف بل الراد :بئس السم أن تكونوا فساقا بعد
إيانكم كما قال تعال ف الذي كذب{ :إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} فسماه فاسقا .وف " الصحيحي " عن
النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :سباب السلم فسوق وقتاله كفر} يقول :فإذا ساببتم السلم وسخرت منه
ولزتوه اسهتحققتم أن تسهموا فسهاقا وقهد قال فه آيهة القذف{ :ول تقبلوا لمه شهادة أبدا وأولئك ههم
الفاسقون} .يقول :فإذا أتيتم بذه المور الت تستحقون با أن تسموا فساقا كنتم قد استحققتم اسم الفسوق
ب عد اليان وإل ف هم ف تنابز هم ما كانوا يقولون :فا سق كا فر فإن ال نب صلى ال عل يه و سلم قدم الدي نة
وبعضهم يلقب بعضا .وقد قال طائفة من الفسرين ف هذه الية :ل تسميه بعد السلم بدينه قبل السلم
كقوله لليهودي إذا أسلم :يا يهودي ,وهذا مروي عن ابن عباس وطائفة من التابعي كالسن وسعيد بن جبي
وعطاء الرا سان والقر ظي وقال عكر مة :هو قول الر جل :يا كا فر يا منا فق وقال ع بد الرح ن بن ز يد :هو
تسمية الرجل بالعمال كقوله :يا زان يا سارق يا فاسق وف تفسي العوف عن ابن عباس قال :هو تعيي التائب
بسيئات كان قد عملها ومعلوم أن اسم الكفر واليهودية والزان والسارق وغي ذلك من السيئات ليست هي
اسم الفاسق فعلم أن قوله{ :بئس السم الفسوق} ل يرد به تسمية السبوب باسم الفاسق فإن تسميته كافرا
أعظم بل إن الساب يصي فاسقا لقوله{ :سباب السلم فسوق وقتاله كفر} ث قال{ :ومن ل يتب فأولئك هم
الظالون} فجعلهم ظالي إذا ل يتوبوا من ذلك وإن كانوا يدخلون ف اسم الؤمني ث ذكر النهي عن الغيبة ث
ذكر النهي عن التفاخر بالحساب وقال{ :إن أكرمكم عند ال أتقاكم} .ث ذكر قول العراب{ :آمنا}.
فالسورة تنهى عن هذه العاصي والذنوب الت فيها تعد على الرسول وعلى الؤمني فالعراب الذكورون فيها
من جنس النافقي .وأهل السباب والفسوق والنادين من وراء الجرات وأمثالم ليسوا من النافقي ولذا قال
الف سرون :إن م الذ ين ا ستنفروا عام الديب ية وأولئك وإن كانوا من أ هل الكبائر فلم يكونوا ف البا طن كفارا
منافق ي .قال ا بن إ سحاق{ :ل ا أراد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم العمرة -عمرة الديب ية -ا ستنفر من
حول الدينة من أهل البوادي والعراب ليخرجوا معه خوفا من قومه أن يعرضوا له برب أو بصد فتثاقل عنه
كثي منهم} فهم الذين عن ال بقوله{ :سيقول لك الخلفون من العراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا}
أي ادع ال أن يغفر لنا تلفنا عنك {يقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم} أي ما يبالون استغفرت لم أم ل
ت ستغفر ل م وهذا حال الفاسق الذي ل يبال بالذنب والنافقون قال في هم{ :وإذا قيل لم تعالوا يستغفر لكم
رسول ال لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبون} {سواء عليهم أأستغفرت لم أم ل تستغفر لم لن
يغفر ال لم} ول يقل مثل هذا ف هؤلء العراب بل الية دليل على أنم لو صدقوا ف طلب الستغفار نفعهم
استغفار الرسول لم ث قال{ :ستدعون إل قوم أول بأس شديد تقاتلونم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم ال
أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} فوعدهم ال بالثواب على طاعة الداعي إل
الهاد وتوعدهم بالتول عن طاعته .وهذا كخطاب أمثالم من أهل الذنوب والكبائر ; بلف من هو كافر ف
الباطن فإنه ل يستحق الثواب بجرد طاعة المر حت يؤمن أول ووعيده ليس على مرد توليه عن الطاعة ف
الهاد فإن كفره أعظهم مهن هذا .فهذا كله يدل على أن هؤلء مهن فسهاق اللة فإن الفسهق يكون تارة بترك
الفرائض وتارة بفعل الحرمات وهؤلء لا تركوا ما فرض ال عليهم من الهاد وحصل عندهم نوع من الريب
الذي أضعف إيانم ل يكونوا من الصادقي الذين وصفهم وإن كانوا صادقي ف أنم ف الباطن متدينون بدين
ال سلم .وقول الف سرين :ل يكونوا مؤمن ي ن في ل ا نفاه ال عن هم من اليان ك ما نفاه عن الزا ن وال سارق
والشارب وع من ل يأ من جاره بوائ قه وع من ل ي ب لخ يه من ال ي ما ي ب لنف سه ; وع من ل ي يب إل
ح كم ال ور سوله وأمثال هؤلء .و قد ي تج على ذلك بقوله{ :بئس ال سم الف سوق ب عد اليان} ك ما قال:
{سباب السلم فسوق وقتاله كفر} فذم من استبدل اسم الفسوق بعد اليان ; فدل على أن الفاسق ل يسمى
مؤم نا فدل ذلك على أن هؤلء العراب من جنس أهل الكبائر ل من جنس النافق ي .وأ ما ما ن قل من أن م
أسلموا خوف القتل والسب ; فهكذا كان إسلم غي الهاجرين والنصار أسلموا رغبة ورهبة كإسلم الطلقاء
من قريش بعد أن قهرهم النب صلى ال عليه وسلم ; وإسلم الؤلفة قلوبم من هؤلء ومن أهل ند وليس كل
من أ سلم لرغ بة أو ره بة كان من النافق ي الذ ين هم ف الدرك ال سفل من النار ; بل يدخلون ف ال سلم
والطاعة وليس ف قلوبم تكذيب ومعاداة للرسول ول استنارت قلوبم بنور اليان ول استبصروا فيه ; وهؤلء
قد يسن إسلم أحدهم فيصي من الؤمني كأكثر الطلقاء وقد يبقى من فساق اللة ; ومنهم من يصي منافقا
مرتا با {إذا قال له من كر ونك ي :ما تقول ف هذا الر جل الذي ب عث في كم ؟ فيقول :هاه هاه ل أدري سعت
الناس يقولون شيئا فقلته} .وقد تقدم قول من قال :إنم أسلموا بغي قتال ; فهؤلء كانوا أحسن إسلما من
غي هم وأن ال إن ا ذم هم لكون م منوا بال سلم وأنزل في هم {ول تبطلوا أعمال كم} وأن م من ج نس أ هل
الكبائر .وأي ضا قوله{ :ول كن قولوا أ سلمنا ول ا يد خل اليان ف قلوب كم} و {ل ا} إن ا ين في ب ا ما ينت ظر
ويكون حصهوله مترقبها كقوله{ :أم حسهبتم أن تدخلوا النهة ولاه يعلم ال الذيهن جاهدوا منكهم ويعلم
الصابرين} وقوله{ :أم حسبتم أن تدخلوا النة ولا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} فقوله{ :ول ا يدخل
اليان ف قلوبكم} يدل على أن دخول اليان منتظر منهم ; فإن الذي يدخل ف السلم ابتداء ل يكون قد
حصل ف قلبه اليان لكنه يصل فيما بعد كما ف الديث{ :كان الرجل يسلم أول النهار رغبة ف الدنيا فل
ييء آخر النهار إل والسلم أحب إليه ما طلعت عليه الشمس} .ولذا كان عامة الذين أسلموا رغبة ورهبة
د خل اليان ف قلوب م ب عد ذلك ; وقوله{ :ول كن قولوا أ سلمنا} أ مر ل م بأن يقولوا ذلك والنا فق ل يؤ مر
بشيء ث قال{ :وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} والنافق ل تنفعه طاعة ال ورسوله حت
يؤمن أول .وهذه الية ما احتج با أحد بن حنبل وغيه على أنه يستثن ف اليان دون السلم وأن أصحاب
الكبائر يرجون من اليان إل ال سلم .قال اليمو ن :سألت أح د بن حن بل عن رأ يه ف :أ نا مؤ من إن شاء
ال ؟ فقال :أقول :مؤمن إن شاء ال وأقول :مسلم ول أستثن قال :قلت لحد :تفرق بي السلم واليان ؟
فقال ل :ن عم فقلت له :بأي ش يء ت تج ؟ قال ل{ :قالت العراب آم نا قل ل تؤمنوا ول كن قولوا أ سلمنا}
وذكر أشياء .وقال الشالنجي :سألت أحد عمن قال :أنا مؤمن عند نفسي من طريق الحكام والواريث ول
أعلم ما أنا عند ال ؟ قال :ليس برجئ .وقال أبو أيوب سليمان بن داود الاشي :الستثناء جائز ومن قال :أنا
مؤمن حقا ول يقل :عند ال ول يستثن ; فذلك عندي جائز وليس برجئ وبه قال أبو خيثمة وابن أب شيبة ;
وذكر الشالنجي أنه سأل أحد بن حنبل عن الصر على الكبائر يطلبها بهده أي يطلب الذنب بهده إل أنه ل
يترك ال صلة والزكاة وال صوم ; هل يكون م صرا من كا نت هذه حاله ؟ قال :هو م صر م ثل قوله{ :ل يز ن
الزان حي يزن وهو مؤمن} يرج من اليان ويقع ف السلم ومن نو قوله{ :ول يشرب المر حي يشربا
وهو مؤمن ول يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن} ومن نو قول ابن عباس ف قوله{ :ومن ل يكم با
أنزل ال فأولئك هم الكافرون} فقلت له :ما هذا الكفر ؟ قال :كفر ل ينقل عن اللة مثل اليان بعضه دون
بعض ; فكذلك الكفر حت ييء من ذلك أمر ل يتلف فيه .وقال ابن أب شيبة{ :ل يزن الزان حي يزن
و هو مؤ من} :ل يكون م ستكمل اليان يكون ناق صا من إيا نه .قال الشالن جي :و سألت أح د عن اليان
والسلم .فقال :اليان قول وعمل ; والسلم :إقرار قال :وبه قال أبو خيثمة .وقال ابن أب شيبة :ل يكون
إسلم إل بإيان ول إيان إل بإسلم ; وإذا كان على الخاطبة فقال :قد قبلت اليان فهو داخل ف السلم ;
وإذا قال :قد قبلت السلم فهو داخل ف اليان .وقال ممد بن نصر الروزي :وحكى غي هؤلء أنه سأل
أحد بن حنبل عن قول النب صلى ال عليه وسلم{ :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} فقال :من أتى هذه
الربعة أو مثلهن أو فوقهن فهو مسلم ول أسيه مؤمنا ومن أتى دون ذلك يريد دون الكبائر أسيه مؤمنا ناقص
اليان .قلت :أحد بن حنبل كان يقول تارة بذا الفرق وتارة كان يذكر الختلف ويتوقف وهو التأخر عنه
قال أبو بكر الثرم ف " السنة " سعت أبا عبد ال يسأل عن الستثناء ف اليان ما تقول فيه ؟ فقال :أما أنا
فل أعيبه أي من الناس من يعيبه .قال أبو عبد ال :إذا كان يقول :إن اليان قول وعمل يزيد وينقص فاستثن
مافة واحتياطا ليس كما يقولون على الشك ; إنا يستثن للعمل .قال أبو عبد ال :قال ال تعال{ :لتدخلن
السجد الرام إن شاء ال} أي أن هذا استثناء بغي شك وقال النب صلى ال عليه وسلم ف أهل القبور{ :وإنا
إن شاء ال ب كم لحقون} أي ل ي كن ي شك ف هذا و قد ا ستثناه وذ كر قول ال نب صلى ال عل يه و سلم:
{وعلي ها نب عث إن شاء ال} يع ن من ال قب وذ كر قول ال نب صلى ال عل يه و سلم{ :إ ن لر جو أن أكون
أخشاكم ل} قال :هذا كله تقوية للستثناء ف اليان .قلت لب عبد ال :وكأنك ل ترى بأسا أن ل يستثن.
فقال :إذا كان من يقول اليان قول وع مل يز يد وين قص ; فهو أسهل عندي ; ث قال أبو عبد ال :إن قوما
تضعف قلوبم عن الستثناء كالتعجب منهم وسعت أبا عبد ال وقيل له :شبابة أي شيء تقول فيه ؟ :فقال:
شبابة كان يدعي الرجاء قال :وحكي عن شبابة قول أخبث من هذه القاويل ما سعت عن أحد بثله ; قال
أبو عبد ال :قال شبابة :إذا قال :فقد عمل بلسانه كما يقولون فإذا قال فقد عمل بارحته أي بلسانه حي
تكلم به ; ث قال أ بو ع بد ال :هذا قول خبيث ما سعت أحدا يقول به ول بلغ ن ق يل ل ب ع بد ال :ك نت
كتبت عن شبابة شيئا ؟ فقال :نعم كنت كتبت عنه قديا يسيا قبل أن نعلم أنه يقول بذا قلت لب عبد ال:
كتبت عنه بعد ؟ قال :ل ول حرفا .قيل لب عبد ال :يزعمون أن سفيان كان يذهب إل الستثناء ف اليان.
فقال :هذا مذهب سفيان العروف به الستثناء قلت لب عبد ال :من يرويه عن سفيان فقال كل من حكى
عن سفيان ف هذا حكاية كان يستثن قال وقال وكيع عن سفيان :الناس عندنا مؤمنون ف الحكام والواريث
؟ ول ندري ما هم عند ال قلت لب عبد ال :فأنت بأي شيء تقول ؟ .فقال :نن نذهب إل الستثناء .قلت
لب عبد ال :فأما إذا قال :أنا مسلم فل يستثن ؟ فقال :نعم ل يستثن إذا قال :أنا مسلم :قلت لب عبد ال:
أقول :هذا مسلم وقد قال النب صلى ال عليه وسلم {السلم من سلم السلمون من لسانه ويده} وأنا أعلم أنه
ل يسلم الناس منه فذكر حديث معمر عن الزهري :فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل قال أبو عبد ال:
حدثناه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قيل لب عبد ال :فنقول :اليان يزيد وينقص ؟ فقال :حديث النب
صلى ال عل يه و سلم يدل على ذلك فذ كر قوله {أخرجوا من النار من كان ف قل به مثقال كذا أخرجوا من
كان ف قل به مثقال كذا} ف هو يدل على ذلك وذ كر ع ند أ ب ع بد ال عي سى الح ر وقوله ف الرجاء فقال:
نعم وذلك خبيث القول وقال أبو عبد ال :حدثنا مؤمل حدثنا حاد بن زيد سعت هشاما يقول :كان السن
وممد يقولن :مسلم .ويهابان :مؤمن .قلت لب عبد ال :رواه غي سويد ؟ قال :ما علمت بذلك وسعت
أ با ع بد ال يقول :اليان قول وع مل .قلت ل ب ع بد ال :فالد يث الذي يروى {أعتق ها فإن ا مؤم نة} قال:
ل يس كل أ حد يقول :إن ا مؤم نة يقولون أعتق ها .قال :ومالك سعه من هذا الش يخ هلل بن علي ل يقول
{فإنا مؤمنة} وقد قال بعضهم بأنا مؤمنة فهي حي تقر بذاك فحكمها حكم الؤمنة هذا معناه .قلت لب
عبد ال :تفرق بي اليان والسلم ؟ فقال :قد اختلف الناس فيه وكان حاد بن زيد -زعموا -يفرق بي
اليان والسلم قيل له :من الرجئة ؟ قال :الذين يقولون :اليان قول بل عمل .قلت :فأحد بن حنبل ل يرد
قط أنه سلب جيع اليان فلم يبق معه منه شيء كما تقوله الوارج والعتزلة فإنه قد صرح ف غي موضع :بأن
أهل الكبائر معهم إيان يرجون به من النار واحتج بقول النب صلى ال عليه وسلم{ :أخرجوا من النار من
كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} وليس هذا قوله ول قول أحد من أئمة أهل السنة بل كلهم متفقون على أن
الف ساق الذ ين لي سوا منافق ي مع هم ش يء من اليان يرجون به من النار هو الفارق بين هم وب ي الكفار
والنافقي لكن إذا كان معه بعض اليان ل يلزم أن يدخل ف السم الطلق المدوح وصاحب الشرع قد نفى
السم عن هؤلء فقال{ :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} وقال{ :ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه من
الي ما يب لنفسه} وقال{ :ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} وأقسم على ذلك مرات وقال{ :الؤمن من
أمنه الناس على دمائهم وأموالم} .و " العتزلة " ينفون عنه اسم اليان بالكلية واسم السلم أيضا ويقولون:
ليس معه شيء من اليان والسلم ويقولون :ننله منلة بي منلتي فهم يقولون :إنه يلد ف النار ل يرج
منها بالشفاعة وهذا هو الذي أنكر عليهم وإل لو نفوا مطلق السم وأثبتوا معه شيئا من اليان يرج به من
النار ل يكونوا مبتد عة و كل أ هل ال سنة متفقون على أ نه قد سلب كمال اليان الوا جب فزال ب عض إيا نه
الواجب لكنه من أهل الوعيد وإنا ينازع ف ذلك من يقول :اليان ل يتبعض من الهمية والرجئة فيقولون:
إنه كامل اليان فالذي ينفي إطلق السم يقول :السم الطلق مقرون بالدح واستحقاق الثواب كقولنا :متق
وبر وعلى ال صراط ال ستقيم فإذا كان الفا سق ل تطلق عل يه هذه ال ساء فكذلك ا سم اليان وأ ما دخوله ف
الطاب فلن الخاطب باسم اليان كل من معه شيء منه لنه أمر لم فمعاصيهم ل تسقط عنهم المر .وأما
ما ذكره أحد ف السلم فاتبع فيه الزهري حيث قال :فكانوا يرون السلم الكلمة واليان العمل ف حديث
سعد بن أب وقاص وهذا على وجهي فإنه قد يراد به الكلمة بتوابعها من العمال الظاهرة وهذا هو السلم
الذي بي نه ال نب صلى ال عل يه و سلم ح يث قال{ :ال سلم :أن تش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال
وتق يم ال صلة وتؤ ت الزكاة وت صوم رمضان وت ج الب يت} و قد يراد به الكل مة ف قط من غ ي ف عل الواجبات
الظاهرة وليس هذا هو الذي جعله النب صلى ال عليه وسلم السلم .لكن قد يقال :إسلم العراب كان من
هذا فيقال .العراب وغيهم كانوا إذا أسلموا على عهد النب صلى ال عليه و سلم ألزموا بالعمال الظاهرة:
ال صلة والزكاة وال صيام وال ج ول ي كن أ حد يترك بجرد الكل مة بل كان من أظ هر الع صية يعا قب علي ها.
وأح د إن كان أراد ف هذه الروا ية أن ال سلم هو الشهادتان ف قط ف كل من قال ا ف هو م سلم فهذه إحدى
الروايات عنه والرواية الخرى :ل يكون مسلما حت يأت با ويصلي فإذا ل يصل كان كافرا .و " الثالثة " أنه
كافر بترك الزكاة أيضا .و " الرابعة " أنه يكفر بترك الزكاة إذا قاتل المام عليها دون ما إذا ل يقاتله وعنه أنه
لو قال :أنا أؤديها ول أدفعها إل المام ل يكن للمام أن يقتله وكذلك عنه رواية أنه يكفر بترك الصيام والج
إذا عزم أنه ل يج أبدا .ومعلوم أنه على القول بكفر تارك البان يتنع أن يكون السلم مرد الكلمة بل الراد
أنه إذا أتى بالكلمة دخل ف السلم وهذا صحيح فإنه يشهد له بالسلم ول يشهد له باليان الذي ف القلب
ول ي ستثن ف هذا ال سلم لنه أ مر مشهور ل كن ال سلم الذي هو أداء ال مس ك ما أ مر به يق بل ال ستثناء
فالسلم الذي ل يستثن فيه الشهادتان باللسان فقط فإنا ل تزيد ول تنقص فل استثناء فيها .وقد صار الناس
ف مسمى السلم على " ثلثة أقوال " :قيل :هو اليان وها اسان لسمى واحد .وقيل :هو الكلمة وهذان
القولن ل ما و جه سنذكره ل كن التحق يق ابتداء هو ما بي نه ال نب صلى ال عل يه و سلم ل ا سئل عن ال سلم
واليان فف سر ال سلم بالعمال الظاهرة واليان باليان بال صول الم سة فل يس ل نا إذا جع نا ب ي ال سلم
واليان أن نيب بغي ما أجاب به النب صلى ال عليه وسلم ; وأما إذا أفرد اسم اليان فإنه يتضمن السلم ;
وإذا أفرد السلم ; فقد يكون مع السلم مؤمنا بل نزاع ; وهذا هو الواجب ; وهل يكون مسلما ول يقال
له :مؤمن ؟ قد تقدم الكلم فيه .وكذلك هل يستلزم السلم لليان ؟ هذا فيه الناع الذكور وسنبينه والوعد
الذي ف القرآن بالنة وبالنجاة من العذاب إنا هو معلق باسم اليان وأما اسم السلم مردا فما علق به ف
القرآن دخول النة لكنه فرضه وأخب أنه دينه الذي ل يقبل من أحد سواه .وبالسلم بعث ال جيع النبيي
قال تعال{ :ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه وهو ف الخرة من الاسرين} وقال{ :إن الدين عند ال
السهلم} وقال نوح{ :يها قوم إن كان كهب عليكهم مقامهي وتذكيي بآيات ال فعلى ال توكلت فأجعوا
أمركم وشركاءكم ث ل يكن أمركم عليكم غمة ث اقضوا إل ول تنظرون} {فإن توليتم فما سألتكم من أجر
إن أجري إل على ال وأمرت أن أكون من ال سلمي} و قد أ خب أ نه ل ي نج من العذاب إل الؤمن ي فقال:
{قلنا احل فيها من كل زوجي اثني وأهلك إل من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إل قليل} وقال:
{وأوحي إل نوح أنه لن يؤمن من قومك إل من قد آمن} وقال نوح{ :وما أنا بطارد الذين آمنوا} .وكذلك
أخب عن إبراهيم أن دينه السلم فقال تعال{ :ومن يرغب عن ملة إبراهيم إل من سفه نفسه ولقد اصطفيناه
ف الدنيا وإنه ف الخرة لن الصالي} {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالي} {ووصى با إبراهيم
بنيه ويعقوب يا ب ن إن ال ا صطفى ل كم الدين فل تو تن إل وأنتم م سلمون} وقال{ :ومن أحسن دينا من
أسلم وجهه ل وهو مسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتذ ال إبراهيم خليل} وبجموع هذين الوصفي علق
السعادة فقال{ :بلى من أسلم وجهه ل وهو مسن فله أجره عند ربه ول خوف عليهم ول هم يزنون} كما
علقه باليان باليوم الخر والعمل الصال ف قوله{ :إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئي من آمن
بال واليوم الخر وعمل صالا فلهم أجرهم عند ربم ول خوف عليهم ول هم يزنون} .وهذا يدل على أن
ال سلم الذي هو إخلص الد ين ل مع الح سان و هو الع مل ال صال الذي أ مر ال به هو واليان القرون
بالع مل ال صال متلزمان فإن الو عد على الو صفي و عد وا حد و هو الثواب وانتفاء العقاب فإن انتفاء الوف
علة تقتضي انتفاء ما يا فه ; ولذا قال{ :ل خوف عليهم ول هم يزنون} ل يقل :ل يافون فهم ل خوف
علي هم وإن كانوا يافون ال ون فى عن هم أن يزنوا لن الزن إنا يكون على ماض ف هم ل يزنون بال ل ف
القب ول ف عرصات القيامة بلف الوف فإنه قد يصل لم قبل دخول النة ول خوف عليهم ف الباطن
كمها قال تعال{ :أل إن أولياء ال ل خوف عليههم ول ههم يزنون} {الذيهن آمنوا وكانوا يتقون} .وأمها "
السلم الطلق الجرد " فليس ف كتاب ال تعليق دخول النة به كما ف كتاب ال تعليق دخول النة باليان
الطلق الجرد كقوله{ :سابقوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والرض أعدت للذين آمنوا
بال ورسله} وقال{ :وبشر الذين آمنوا أن لم قدم صدق عند ربم} .وقد وصف الليل ومن اتبعه باليان
كقوله{ :فآمن له لوط} ووصفه بذلك فقال{ :فأي الفريقي أحق بالمن إن كنتم تعلمون} {الذين آمنوا ول
يلبسوا إيانم بظلم أولئك لم المن وهم مهتدون} {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} ووصفه بأعلى
طبقات اليان و هو أف ضل الب ية ب عد م مد صلى ال عل يه و سلم .والل يل إن ا د عا بالرزق للمؤمن ي خا صة
فقال{ :وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بال واليوم الخر} وقال{ :واجعلنا مسلمي لك ومن ذريتنا
أمة مسلمة لك} {وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتم مسلمي} بعد قوله{ :فما
آمن لوسى إل ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم} وقال{ :وأوحينا إل موسى وأخيه
أن تبوآ لقومكما بصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلة وبشر الؤمني} وقد ذكرنا البشرى الطلقة
للمسلمي ف قوله{ :ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحة وبشرى للمسلمي} .وقد وصف
ال السحرة بالسلم واليان معا فقالوا{ :آمنا برب العالي} {رب موسى وهارون} وقالوا{ :وما تنقم منا
إل أن آمنا بآيات ربنا لا جاءتنا} وقالوا{ :إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول الؤمني} وقالوا:
{ربنا أفرغ علينا صبا وتوفنا مسلمي} .ووصف ال أنبياء بن إسرائيل بالسلم ف قوله{ :إنا أنزلنا التوراة
في ها هدى ونور ي كم ب ا ال نبيون الذ ين أ سلموا للذ ين هادوا} وال نبياء كل هم مؤمنون .وو صف الواري ي
باليان والسهلم فقال تعال{ :وإذ أوحيهت إل الوارييه أن آمنوا به وبرسهول قالوا آمنها واشههد بأننها
مسلمون} و {قال الواريون نن أنصار ال آمنا بال واشهد بأنا مسلمون} .وحقيقة الفرق أن السلم دين.
و " الد ين " م صدر دان يد ين دي نا :إذا خ ضع وذل و " د ين ال سلم " الذي ارتضاه ال وب عث به ر سله هو
الستسلم ل وحده ; فأصله ف القلب هو الضوع ل وحده بعبادته وحده دون ما سواه .فمن عبده وعبد
معه إلا آخر ل يكن مسلما ومن ل يعبده بل استكب عن عبادته ل يكن مسلما والسلم هو الستسلم ل
و هو الضوع له والعبود ية له هكذا قال أ هل الل غة :أ سلم الر جل إذا ا ستسلم ; فال سلم ف ال صل من باب
الع مل ع مل القلب والوارح .وأ ما اليان فأ صله ت صديق وإقرار ومعر فة ف هو من باب قول القلب التض من
ع مل القلب ; وال صل ف يه الت صديق والع مل تا بع له فلهذا ف سر ال نب صلى ال عل يه و سلم " اليان " بإيان
القلب وبضو عه و هو اليان بال وملئك ته وكت به ور سله وف سر " ال سلم " با ستسلم م صوص هو البا ن
ال مس .وهكذا ف سائر كل مه صلى ال عل يه و سلم :يف سر اليان بذلك النوع ويف سر ال سلم بذا وذلك
النوع أعلى .ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم {ال سلم علن ية واليان ف القلب} فإن العمال الظاهرة
يراها الناس وأما ما ف القلب من تصديق ومعرفة وحب وخشية ورجاء فهذا باطن ; لكن له لوازم قد تدل
عليه واللزم ل يدل إل إذا كان ملزوما فلهذا كان من لوازمه ما يفعله الؤمن والنافق فل يدل (000بياض ف
الصل) .ففي حديث عبد ال بن عمرو وأب هريرة جيعا أن النب صلى ال عليه وسلم قال{ :السلم من سلم
السلمون من لسانه ويده والؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم} ففسر السلم بأمر ظاهر وهو سلمة
الناس م نه وف سر الؤ من بأ مر با طن و هو أن يأمنوه على دمائ هم وأموال م وهذه ال صفة أعلى من تلك فإن من
كان مأمونا سلم الناس منه ; وليس كل من سلموا منه يكون مأمونا فقد يترك أذاهم وهم ل يأمنون إليه خوفا
أن يكون ترك أذاهم لرغبة ورهبة ; ل ليان ف قلبه .وف حديث عبيد بن عمي عن عمرو بن عبسة عن النب
صلى ال عليه وسلم {أن رجل قال للنب صلى ال عليه وسلم :ما السلم ؟ قال إطعام الطعام .ولي الكلم
قال :فما اليان قال السماحة والصب} فإطعام الطعام عمل ظاهر يفعله النسان لقاصد متعددة وكذلك لي
الكلم وأما السماحة والصب فخلقان ف النفس .قال تعال{ :وتواصوا بالصب وتواصوا بالرحة} وهذا أعلى
من ذاك و هو أن يكون صبارا شكورا ف يه ساحة بالرح ة للن سان و صب على الكاره وهذا ضد الذي خلق
هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الي منوعا ; فإن ذاك ليس فيه ساحة عند النعمة ول صب عند الصيبة.
وتام الديث{ :فأي السلم أفضل ؟ قال من سلم السلمون من لسانه ويده قال :يا رسول ال أي الؤمني
أكمل إيانا ؟ قال أحسنهم خلقا قال :يا رسول ال أي القتل أشرف ؟ قال من أريق دمه وعقر جواده قال يا
رسهول ال فأي الهاد أفضهل ؟ قال الذيهن جاهدوا بأموالمه وأنفسههم فه سهبيل ال قال يها رسهول ال فأي
ال صدقة أف ضل ؟ قال ج هد ال قل قال يا ر سول ال فأي ال صلة أف ضل ؟ قال طول القنوت قال يا ر سول ال
فأي الجرة أف ضل ؟ قال من ه جر ال سوء} وهذا مفوظ عن عب يد بن عم ي تارة يروى مر سل وتارة يروى
مسندا وف رواية{ :أي الساعات أفضل ؟ قال جوف الليل الغابر} وقوله{ :أفضل اليان السماحة والصب}
يروى من وجه آخر عن جابر عن النب صلى ال عليه وسلم .وهكذا ف سائر الحاديث إنا يفسر السلم
بالستسلم ل بالقلب مع العمال الظاهرة كما ف الديث العروف الذي رواه أحد {عن بز بن حكيم عن
أبيه عن جده أنه قال :وال يا رسول ال ما أتيتك حت حلفت عدد أصابعي هذه أن ل آتيك فبالذي بعثك
بالق ما بعثك به ؟ قال :السلم .قال :وما السلم ؟ قال أن تسلم قلبك ل وأن توجه وجهك إل ال وأن
ت صلي الصلة الكتوبة وتؤدي الزكاة الفرو ضة أخوان نصيان ل يق بل ال من ع بد أشرك ب عد إ سلمه} و ف
رواية قال {أن تقول :أسلمت وجهي ل وتليت وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وكل مسلم على مسلم مرم}
وف لفظ تقول {أسلمت نفسي ل وخليت وجهي إليه} وروى ممد بن نصر من حديث خالد بن معدان عن
أ ب هريرة قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم {إن لل سلم صوى ومنارا كمنار الطر يق من ذلك أن
تعبد ال ول تشرك به شيئا .وأن تقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان والمر بالعروف والنهي عن النكر
وتسلم على بن آدم إذ لقيتهم فإن ردوا عليك ردت عليك وعليهم اللئكة وإن ل يردوا عليك ردت عليك
اللئكة ولعنتهم إن سكت عنهم وتسليمك على أهل بيتك إذا دخلت عليهم فمن انتقص منهن شيئا فهو سهم
ف السلم تركه ومن تركهن فقد نبذ السلم وراء ظهره} .وقد قال تعال{ :يا أيها الذين آمنوا ادخلوا ف
ال سلم كافة} قال ماهد :وقتادة :نزلت ف ال سلمي يأمرهم بالدخول ف شرائع السلم كلها وهذا ل يناف
قول من قال :نزلت في من أ سلم من أ هل الكتاب أو في من ل ي سلم لن هؤلء كل هم مأمورون أي ضا بذلك
والمهور يقولون { :ف ال سلم} أي ف ال سلم وقالت طائ فة :هو الطا عة وكله ا مأثور عن ا بن عباس
وكله ا حق فإن ال سلم هو الطا عة ك ما تقدم أ نه من باب العمال .وأ ما قوله{ :كا فة} ف قد ق يل :الراد
ادخلوا كل كم .وق يل :الراد به ادخلوا ف ال سلم جي عه وهذا هو ال صحيح فإن الن سان ل يؤ مر بع مل غيه
وإنا يؤمر با يقدر عليه وقوله{ :ادخلوا} خطاب لم كلهم فقوله {كافة} إن أريد به متمعي لزم أن يترك
النسان السلم حت يسلم غيه فل يكون السلم مأمورا به إل بشرط موافقة الغي له كالمعة وهذا ل يقوله
مسلم وإن أريد به {كافة} :أي ادخلوا جيعكم فكل أوامر القرآن كقوله{ :آمنوا بال ورسوله} {وأقيموا
ال صلة وآتوا الزكاة} كل ها من هذا الباب و ما ق يل في ها كا فة وقوله تعال{ :وقاتلوا الشرك ي كا فة} أي
قاتلو هم كل هم ل تدعوا مشر كا ح ت تقاتلوه فإن ا أنزلت ب عد ن بذ العهود ل يس الراد :قاتلو هم متمع ي أو
جيعكم فإن هذا ل يب بل يقاتلون بسب الصلحة والهاد فرض على الكفاية فإذا كانت فرائض العيان ل
يؤكد الأمورين فيها به {كافة} فكيف يؤكد بذلك ف فروض الكفاية وإنا القصود تعميم القاتلي .وقوله:
{ك ما يقاتلون كم كا فة} ف يه احتمالن .والق صود أن ال أ مر بالدخول ف ج يع ال سلم ك ما دل عل يه هذا
الديث فكل ما كان من السلم وجب الدخول فيه فإن كان واجبا على العيان لزمه فعله وإن كان واجبا
على الكفاية اعتقد وجوبه وعزم عليه إذا تعي أو أخذ بالفضل ففعله وإن كان مستحبا اعتقد حسنه وأحب
فعله وف حديث جرير {أن رجل قال :يا رسول ال صف ل السلم .قال :تشهد أن ل إله إل ال وتقر با
جاء من عند ال وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتج البيت قال :أقررت ;} ف قصة طويلة فيها
أنه وقع ف أخاقيق جرذان وأنه قتل وكان جائعا وملكان يدسان ف شدقه من ثار النة .فقوله{ :وتقر با جاء
من عند ال} .هو القرار بأن ممدا رسول ال فإنه هو الذي جاء بذلك .وف الديث الذي يرويه أبو سليمان
الداران :حديث {الوفد الذين قالوا :نن الؤمنون قال :فما علمة إيانكم ؟ قالوا :خس عشرة خصلة :خس
أمرتنا رسلك أن نعمل بن وخس أمرتنا رسلك أن نؤمن بن وخس تلقنا با ف الاهلية ونن عليها ف
السلم إل أن تكره منها شيئا .قال :فما المس الت أمرتكم رسلي أن تعملوا با ؟ قالوا :أن نشهد أن ل إله
إل ال وأن ممدا رسول ال ونقيم الصلة ونؤت الزكاة ونصوم رمضان ونج البيت .قال :وما المس الت
أمرتكم أن تؤمنوا با ؟ قالوا أمرتنا أن نؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله والبعث بعد الوت قال :وما المس
الت تلقتم با ف الاهلية وثبتم عليها ف السلم ؟ قالوا :الصب عند البلء والشكر عند الرخاء والرضى بر
القضاء والصدق ف مواطن اللقاء وترك الشماتة بالعداء فقال النب صلى ال عليه وسلم :علماء حكماء كادوا
من صدقهم أن يكونوا أ نبياء .فقال صلى ال عل يه و سلم :وأ نا أزيد كم خ سا فت تم ل كم عشرون خ صلة :إن
كنتم كما تقولون فل تمعوا ما ل تأكلون ول تبنوا ما ل تسكنون ول تنافسوا ف شيء أنتم عنه غدا تزولون
وع نه منتقلون واتقوا ال الذي إل يه ترجعون وعل يه تعرضون وارغبوا في ما عل يه تقدمون وف يه تلدون} .ف قد
فرقوا بي المس الت يعمل با فجعلوها السلم ; والمس الت يؤمن با فجعلوها اليان ; وجيع الحاديث
الأثورة عن النب صلى ال عليه وسلم تدل على مثل هذا .وف الديث الذي رواه أحد من حديث أيوب عن
أب قلبة {عن رجل من أهل الشام عن أبيه أن النب صلى ال عليه وسلم قال له :أسلم تسلم قال .وما السلم
قال :أن تسلم قلبك ل ويسلم السلمون من لسانك ويدك قال :فأي السلم أفضل ؟ قال :اليان قال :وما
اليان ؟ قال :أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الوت قال :فأي اليان أفضل ؟ قال :الجرة
قال :ومها الجرة ؟ قال :أن تجهر السهوء قال :فأي الجرة أفضهل ؟ قال :الهاد قال :ومها الهاد ؟ قال :أن
تاهد الكفار إذا لقيتهم ول تغل ول تب ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم .ث عملن ها أفضل العمال
إل من عمل بثلهما قالا ثلثا :حجة مبورة :أو عمرة} وقوله{ :ها أفضل العمال} أي بعد الهاد ; لقوله:
{ث عملن} ففي هذا الديث جعل اليان خصوصا ف السلم والسلم أعم منه كما جعل الجرة خصوصا
ف اليان واليان أعم منها وجعل الهاد خصوصا من الجرة والجرة أعم منه .فالسلم أن تعبد ال وحده
ل شريك له ملصا له الدين .وهذا دين ال الذي ل يقبل من أحد دينا غيه ل من الولي ول من الخرين ول
تكون عبادته مع إرسال الرسل إلينا إل با أمرت به رسله ل با يضاد ذلك فإن ضد ذلك معصية وقد ختم ال
الر سل بح مد صلى ال عل يه و سلم فل يكون م سلما إل من ش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده ور سوله
وهذه الكلمة با يدخل النسان ف السلم .فمن قال :السلم الكلمة وأراد هذا فقد صدق ث ل بد من التزام
ما أمر به الرسول من العمال الظاهرة كالبان المس ومن ترك من ذلك شيئا نقص إسلمه بقدر ما نقص
من ذلك كما ف الديث{ :من انتقص منهن شيئا فهو سهم من السلم تركه} .وهذه العمال إذا عملها
النسان ملصا ل تعال فإنه يثيبه عليها ول يكون ذلك إل مع إقراره بقلبه أنه ل إله إل ال وأن ممدا رسول
ال فيكون معه من اليان هذا القرار وهذا القرار ل يستلزم أن يكون صاحبه معه من اليقي ما ل يقبل الريب
ول أن يكون ماهدا ول سائر ما يتميز به الؤمن عن السلم الذي ليس بؤمن وخلق كثي من السلمي باطنا
وظاهرا معههم هذا السهلم بلوازمهه مهن اليان ول يصهلوا إل اليقيه والهاد فهؤلء يثابون على إسهلمهم
وإقرارهم بالرسول ممل وقد ل يعرفون أنه جاء بكتاب وقد ل يعرفون أنه جاءه ملك ول أنه أخب بكذا وإذا
ل يبلغهم أن الرسول أخب بذلك ل يكن عليهم القرار الفصل به لكن ل بد من القرار بأنه رسول ال وأنه
صادق ف كل ما يب به عن ال .ث اليان الذي يتاز به فيه تفصيل وفيه طمأنينة ويقي فهذا متميز بصفته
وقدره ف الكمية والكيفية فإن أولئك معهم من اليان بال وملئكته وكتبه ورسله وتفصيل العاد والقدر ما ل
يعر فه هؤلء .وأي ضا ف في قلوب م من اليق ي والثبات ولزوم الت صديق لقلوب م ما ل يس مع هؤلء وأولئك هم
الؤمنون ح قا .وكل مؤ من ل بد أن يكون م سلما ; فإن اليان يستلزم العمال وليس كل مسلم مؤمنا هذا
اليان الطلق لن السهتسلم ل والعمهل له ل يتوقهف على هذا اليان الاص وهذا الفرق يده النسهان مهن
نفسه ويعرفه من غيه فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على السلم والتزموا شرائعه وكانوا من أهل
الطا عة ل ور سوله ف هم م سلمون ومع هم إيان م مل ول كن دخول حقي قة اليان إل قلوب م إن ا ي صل شيئا
فشيئا إن أعطاهم ال ذلك وإل فكثي من الناس ل يصلون ل إل اليقي ول إل الهاد ولو شككوا لشكوا ولو
أمروا بالهاد ل ا جاهدوا ولي سوا كفارا ول منافق ي بل ل يس عند هم من علم القلب ومعرف ته ويقي نه ما يدرأ
الريب ول عندهم من قوة الب ل ولرسوله ما يقدمونه على الهل والال وهؤلء إن عرفوا من الحنة وماتوا
دخلوا ال نة .وإن ابتلوا ب ن يورد علي هم شبهات تو جب ريب هم فإن ل ين عم ال علي هم ب ا يز يل الر يب وإل
صاروا مرتابي وانتقلوا إل نوع من النفاق .وكذلك إذا تعي عليهم الهاد ول ياهدوا كانوا من أهل الوعيد
ولذا لا قدم النب صلى ال عليه وسلم الدينة أسلم عامة أهلها فلما جاءت الحنة والبتلء نافق من نافق .فلو
مات هؤلء ق بل المتحان لاتوا على ال سلم ودخلوا النهة ول يكونوا من الؤمن ي ح قا الذ ين ابتلوا فظ هر
صدقهم .قال تعال{ :ال} {أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آم نا و هم ل يفتنون} {ول قد فت نا الذ ين من
قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي} وقال تعال{ :ما كان ال ليذر الؤمني على ما أنتم عليه
ح ت ي يز ال بيث من الط يب} وقال{ :و من الناس من يع بد ال على حرف فإن أ صابه خ ي اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو السران البي} ولذا ذم ال النافقي بأنم دخلوا
ف اليان ث خرجوا منه بقوله تعال{ :وال يشهد إن النافقي لكاذبون} {اتذوا أيانم جنة فصدوا عن سبيل
ال} -إل قوله { -ذلك بأن م آمنوا ث كفروا فط بع على قلوب م ف هم ل يفقهون} وقال ف ال ية الخرى
{يذر النافقون أن تنل عليهم سورة} -إل قوله { -قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} {ل تعتذروا
قد كفرت بعد إيانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي} فقد أمره أن يقول لم :قد
كفر ت ب عد إيان كم .وقول من يقول عن م ثل هذه اليات :إن م كفروا ب عد إيان م بل سانم مع كفر هم أول
بقلوبم ل يصح لن اليان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فل يقال :قد كفرت بعد إيانكم فإنم ل
يزالوا كافر ين ف ن فس ال مر وإن أر يد أن كم أظهر ت الك فر ب عد إظهار كم اليان ف هم ل يظهروا للناس إل
لواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا ; بل لا نافقوا وحذروا أن تنل سورة تبي ما ف قلوبم من النفاق
وتكلموا بالستهزاء صاروا كافرين بعد إيانم ول يدل اللفظ على أنم ما زالوا منافقي وقد قال تعال{ :يا
أيها النب جاهد الكفار والنافقي واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس الصي} {يلفون بال ما قالوا ولقد قالوا
كلمة الكفر وكفروا بعد إسلمهم وهوا با ل ينالوا وما نقموا إل أن أغناهم ال ورسوله من فضله فإن يتوبوا
يك خيا لم وإن يتولوا يعذبم ال عذابا أليما ف الدنيا والخرة} فهنا قال{ :وكفروا بعد إسلمهم} .فهذا
السلم قد يكون من جنس إسلم العراب فيكون قوله{ :بعد إيانم} وبعد إسلمهم سواء وقد يكونون ما
زالوا منافقي فلم يكن لم حال كان معهم فيها من اليان شيء لكونم أظهروا الكفر والردة .ولذا دعاهم
إل التوبة فقال{ :فإن يتوبوا يك خيا لم وإن يتولوا} بعد التوبة عن التوبة {يعذبم ال عذابا أليما ف الدنيا
والخرة} وهذا إنا هو لن أظهر الكفر فيجاهده الرسول بإقامة الد والعقوبة .ولذا ذكر هذا ف سياق قوله:
{جا هد الكفار والنافق ي واغلظ علي هم} ولذا قال ف تام ها{ :و ما ل م ف الرض من ول ول ن صي}.
وهؤلء ال صنف الذ ين كفروا ب عد إ سلمهم غ ي الذ ين كفروا ب عد إيان م فإن هؤلء حلفوا بال ما قالوا و قد
قالوا كلمة الكفر الت كفروا با بعد إسلمهم وهوا با ل ينالوا وهو يدل على أنم سعوا ف ذلك فلم يصلوا
إل مقصودهم ; فإنه ل يقل :هوا با ل يفعلوا لكن {با ل ينالوا} فصدر منهم قول وفعل قال تعال{ :ولئن
سألتهم ليقولن إنا كنا نوض ونلعب} فاعترفوا واعتذروا ; ولذا قيل{ :ل تعتذروا قد كفرت بعد إيانكم إن
نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي} فدل على أنم ل يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا بل
ظنوا أن ذلك ليس بكفر فبي أن الستهزاء بال وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيانه فدل على أنه
كان عند هم إيان ضع يف ففعلوا هذا الحرم الذي عرفوا أ نه مرم ول كن ل يظنوه كفرا وكان كفرا كفروا به
فإن م ل يعتقدوا جوازه وهكذا قال غ ي وا حد من ال سلف ف صفة النافق ي الذ ين ضرب لم ال ثل ف سورة
البقرة أنم أبصروا ث عموا وعرفوا ث أنكروا وآمنوا ث كفروا .وكذلك قال قتادة وماهد :ضرب الثل لقبالم
على الؤمني ; وساعهم ما جاء به الرسول وذهاب نورهم قال{ :مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت
ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون} {صم بكم عمي فهم ل يرجعون} إل ما كانوا
عليه .وأما قول من قال :الراد بالنور ما حصل ف الدنيا من حقن دمائهم وأموالم فإذا ماتوا سلبوا ذلك الضوء
كمها سهلب صهاحب النار ضوءه ; فلفهظ اليهة يدل على خلف ذلك فإنهه قال{ :وتركههم فه ظلمات ل
يب صرون} { صم بكم ع مي ف هم ل يرجعون} .ويوم القيامة يكونون ف العذاب ك ما قال تعال{ :يوم يقول
النافقون والنافقات للذ ين آمنوا انظرونا نقت بس من نور كم ق يل ارجعوا وراء كم فالتمسوا نورا فضرب بين هم
ب سور له باب باط نه ف يه الرح ة وظاهره من قبله العذاب} {ينادون م أل ن كن مع كم قالوا بلى ولكن كم فتن تم
أنف سكم} ال ية و قد قال غ ي وا حد من ال سلف :إن النا فق يع طى يوم القيا مة نورا ث يط فأ ولذا قال تعال:
{يوم ل يزي ال النب والذين آمنوا معه نورهم يسعى بي أيديهم وبأيانم يقولون ربنا أتم لنا نورنا واغفر
لنا} .قال الفسرون :إذا رأى الؤمنون نور النافقي يطفأ سألوا ال أن يتم لم نورهم ويبلغهم به النة .قال ابن
عباس :ليس أحد من السلمي إل يعطى نورا يوم القيامة ; فأما النافق فيطفأ نوره وأما الؤمن فيشفق ما رأى
من إطفاء نور النافق فهو يقول{ :ربنا أتم لنا نورنا} وهو كما قال :فقد ثبت ف " الصحيحي " من حديث
أب هريرة وأب سعيد -وهو ثابت من وجوه أخر -عن النب صلى ال عليه وسلم .ورواه مسلم من حديث
جابر وهو معروف من حديث ابن مسعود وهو أطولا -ومن حديث أب موسى ف الديث الطويل الذي
يذكر فيه أنه {ينادى يوم القيامة :لتتبع كل أمة ما كانت تعبد :فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من
كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه المة فيها منافقوها فيأتيهم ال ف
صورة غي صورته الت يعرفون فيقول أنا ربكم .فيقولون :نعوذ بال منك وهذا مكاننا حت يأتينا ربنا فإذا جاء
رب نا عرفناه فيأتي هم ال ف صورته ال ت يعرفون فيقول أ نا رب كم :فيقولون :أ نت رب نا فيتبعو نه} .و ف روا ية:
{فيكشف عن ساقه} :وف رواية فيقول{ :هل بينكم وبينه آية فتعرفونه با فيقولون :نعم .فيكشف عن ساقه
فل يبقى من كان يسجد ل من تلقاء نفسه إل أذن له بالسجود ول يبقى من كان يسجد نفاقا ورياء إل جعل
ال ظهره طبقهة واحدة كلمها أراد أن يسهجد خهر على قفاه .فتبقهى ظهورههم مثهل صهياصي البقهر فيفعون
رءو سهم فإذا نور هم ب ي أيدي هم وبأيان م ويط فأ نور النافق ي فيقولون ذرو نا نقت بس من نور كم} .فبي أن
النافق ي يشرون مع الؤمن ي ف الظا هر ك ما كانوا مع هم ف الدن يا ث و قت القي قة هؤلء ي سجدون لرب م
وأولئك ل يتمكنون من السجود فإنم ل يسجدوا ف الدنيا له بل قصدوا الرياء للناس والزاء ف الخرة هو
من ج نس الع مل ف الدن يا فلهذا أعطوا نورا ث ط فئ لن م ف الدن يا دخلوا ف اليان ث خرجوا م نه .ولذا
ضرب ال لم الثل بذلك .وهذا الثل هو لن كان فيهم آمن ث كفر وهؤلء الذين يعطون ف الخرة نورا ث
يطفأ .ولذا قال{ :فهم ل يرجعون} إل السلم ف الباطن وقال قتادة ومقاتل :ل يرجعون عن ضللم وقال
السدي :ل يرجعون إل السلم يعن ف الباطن وإل فهم يظهرونه وهذا الثل إنا يكون ف الدنيا وهذا الثل
مضروب لبعضهم وهم الذين آمنوا ث كفروا .وأما الذين ل يزالوا منافقي فضرب لم الثل الخر وهو قوله:
{أو ك صيب من ال سماء ف يه ظلمات ور عد وبرق} وهذا أ صح القول ي .فإن الف سرين اختلفوا هل الثلن
مضروبان لم كلهم أو هذا الثل لبعضهم ؟ على " قولي " .و " الثان " هو الصواب لنه قال{ :أو كصيب}
وإنا يثبت با أحد المرين ; فدل ذلك على أنم مثلهم هذا وهذا فإنم ل يرجون عن الثلي بل بعضهم يشبه
هذا وبعضهم يشبه هذا ولو كانوا كلهم يشبهون الثلي ل يذكر (أو) بل يذكر الواو العاطفة .وقول من قال:
(أو) هاهنا للتخيي -كقولم :جالس السن أو ابن سيين -ليس بشيء لن التخيي يكون ف المر والطلب
ل يكون ف ال ب وكذلك قول من قال( :أو) بع ن الواو أو لتشكيك الخاطبي أو البام عليهم ليس بشيء
فإن ال ير يد بالمثال البيان والتفه يم ل ير يد التشك يك والبام .والق صود تفه يم الؤمن ي حال م ويدل على
ذلك أ نه قال ف " ال ثل الول " { :صم ب كم ع مي} وقال ف " الثا ن "{ :يعلون أ صابعهم ف آذان م من
الصواعق حذر الوت وال ميط بالكافرين} {يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم
عليهم قاموا ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شيء قدير} فبي ف " الثل الثان " أنم
يسمعون ويبصرون {ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم} وف " الول " كانوا يبصرون ث صاروا {ف
ظلمات ل يبصرون} {صم بكم عمي} .وف " الثان " {كلما أضاء لم} البق {مشوا فيه وإذا أظلم عليهم
قاموا} فلههم " حالن " :حال ضياء وحال ظلم والولون بقوا فه الظلمهة .فالول حال مهن كان فه ضوء
فصار ف ظلمة والثان حال من ل يستقر ل ف ضوء ول ف ظلمة بل تتلف عليه الحوال الت توجب مقامه
واسترابته .يبي هذا أنه سبحانه ضرب للكفار أيضا مثلي برف (أو فقال{ :والذين كفروا أعمالم كسراب
بقي عة ي سبه الظمآن ماء ح ت إذا جاءه ل يده شيئا وو جد ال عنده فوفاه ح سابه وال سريع ال ساب} {أو
كظلمات ف بر لي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده ل
يكد يراها ومن ل يعل ال له نورا فما له من نور} " فالول " مثل الكفر الذي يسب صاحبه أنه على حق
وهو على باطل {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} فإنه ل يعلم ول يعلم أنه ل يعلم ; فلهذا مثل بسراب
بقيعة و " الثان " مثل الكفر الذي ل يعتقد صاحبه شيئا بل هو ف {ظلمات بعضها فوق بعض} من عظم
جهله ل يكن معه اعتقاد أنه على حق ; بل ل يزل جاهل ضال ف ظلمات متراكمة .و " أيضا " فقد يكون
النافق والكافر تارة متصفا بذا الوصف وتارة متصفا بذا الوصف فيكون التقسيم ف الثلي لتنوع الشخاص
ولتنوع أحوالم وبكل حال فليس ما ضرب له هذا الثل هو ماثل لا ضرب له هذا الثل لختلف الثلي صورة
ومعن ولذا ل يضرب لليان إل مثل واحد لن الق واحد فضرب مثله بالنور وأولئك ضرب لم الثل بضوء
ل حقيقة له .كالسراب بالقيعة أو بالظلمات التراكمة وكذلك النافق يضرب له الثل بن أبصر ث عمي أو هو
مضطرب يسمع ويبصر ما ل ينتفع به .فتبي أن من النافقي من كان آمن ث كفر باطنا وهذا ما استفاض به
النقل عند أهل العلم بالديث والتفسي والسي أنه كان رجال قد آمنوا ث نافقوا وكان يري ذلك لسباب:
منها أمر القبلة لا حولت ارتد عن اليان لجل ذلك طائفة وكانت منة امتحن ال با الناس .قال تعال{ :وما
جعلنا القبلة الت كنت عليها إل لنعلم من يتبع الرسول من ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبية إل على الذين
هدى ال} قال :أي إذا حولت ; والعن أن الكعبة هي القبلة الت كان ف علمنا أن نعلها قبلتكم ; فإن الكعبة
ومسجدها وحرمها أفضل بكثي من بيت القدس وهي البيت العتيق وقبلة إبراهيم وغيه من النبياء ول يأمر
ال قط أحدا أن ي صلي إل ب يت القدس ل مو سى ول عي سى ول غيه ا ; فلم ن كن لنجعل ها لك قبلة دائ مة
ولكن جعلناها أول قبلة لنمتحن بتحويلك عنها الناس فيتبي من يتبع الرسول من ينقلب على عقبيه فكان ف
شرعها هذه الكمة .وكذلك أيضا لا انزم السلمون يوم أحد وشج وجه النب صلى ال عليه وسلم وكسرت
رباعيته ارتد طائفة نافقوا قال تعال{ :ول تنوا ول تزنوا وأنتم العلون إن كنتم مؤمني} {إن يسسكم قرح
ف قد مس القوم قرح مثله وتلك اليام نداول ا ب ي الناس وليعلم ال الذ ين آمنوا ويت خذ من كم شهداء وال ل
يب الظالي} {وليمحص ال الذين آمنوا ويحق الكافرين} وقال تعال{ :وما أصابكم يوم التقى المعان
فبإذن ال وليعلم الؤمني} {وليعلم الذين نافقوا وقيل لم تعالوا قاتلوا ف سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتال
لتبعنا كم هم للك فر يومئذ أقرب من هم لليان يقولون بأفواه هم ما ل يس ف قلوب م وال أعلم ب ا يكتمون}
فقوله{ :وليعلم الذين نافقوا} ظاهر فيمن أحدث نفاقا وهو يتناول من ل ينافق قبل ومن نافق ث جدد نفاقا
ثان يا .وقوله { :هم للك فر يومئذ أقرب من هم لليان} يبي أن م ل يكونوا ق بل ذلك أقرب من هم بل إ ما أن
يتساويا وإما أن يكونوا لليان أقرب وكذلك كان ; فإن ابن أب لا انزل عن النب صلى ال عليه وسلم يوم
أحد .انزل معه ثلث الناس قيل :كانوا نو ثلثائة وهؤلء ل يكونوا قبل ذلك كلهم منافقي ف الباطن إذ ل
يكن لم داع إل النفاق .فإن ابن أب كان مظهرا لطاعة النب صلى ال عليه وسلم واليان به ; وكان كل يوم
جعة يقوم خطيبا ف السجد يأمر باتباع النب صلى ال عليه وسلم ول يكن ما ف قلبه يظ هر إل لقليل من
الناس إن ظههر وكان معظمها فه قومهه ; كانوا قهد عزموا على أن يتوجوه ويعلوه مثهل اللك عليههم ; فلمها
جاءت النبوة بطل ذلك فحمله السد على النفاق وإل فلم يكن له قبل ذلك دين يدعو إليه ; وإنا كان هذا ف
اليهود فل ما جاء ال نب صلى ال عل يه و سلم بدي نه و قد أظ هر ال ح سنه ونوره مالت إل يه القلوب ل سيما ل ا
نصهره ال يوم بدر ون صره على يهود ب ن قينقاع صهار معهه الديهن والدنيها ; فكان القتضهي لليان ف عامهة
النصار قائما وكان كثي منهم يعظم ابن أب تعظيما كثيا ويواليه ول يكن ابن أب أظهر مالفة توجب المتياز
; فل ما انزل يوم أ حد وقال :يدع رأ يي ورأ يه ويأ خذ برأي ال صبيان -أو ك ما قال -انزل م عه خلق كث ي
منهم من ل ينافق قبل ذلك .وف الملة :ففي الخبار عمن نافق بعد إيانه ما يطول ذكره هنا ; فأولئك كانوا
مسهلمي وكان معههم إيان ههو الضوء الذي ضرب ال بهه الثهل فلو ماتوا قبهل الحنهة والنفاق ماتوا على هذا
السلم الذي يثابون عليه ول يكونوا من الؤمن ي حقا الذين امتحنوا فثبتوا على اليان ول من النافقي حقا
الذ ين ارتدوا عن اليان بالح نة .وهذا حال كث ي من ال سلمي ف زمان نا أو أكثر هم إذا ابتلوا بال حن ال ت
يتضعضع فيها أهل اليان ينقص إيانم كثيا وينافق أكثرهم أو كثي منهم .ومنهم من يظهر الردة إذا كان
العدو غال با ; وقد رأينا ورأى غينا من هذا ما فيه عبة .وإذا كانت العافية أو كان السلمون ظاهر ين على
عدو هم كانوا م سلمي .و هم مؤمنون بالر سول باط نا وظاهرا ل كن إيا نا ل يث بت على الح نة .ولذا يك ثر ف
هؤلء ترك الفرائض وانتهاك الحارم .وهؤلء من الذ ين قالوا{ :آم نا} فق يل ل م { :قل ل تؤمنوا ول كن قولوا
أ سلمنا ول ا يد خل اليان ف قلوب كم} أي اليان الطلق الذي أهله هم الؤمنون ح قا فإن هذا هو اليان إذا
أطلق فه كتاب ال تعال كمها دل عليهه الكتاب والسهنة .ولذا قال تعال{ :إناه الؤمنون الذيهن آمنوا بال
ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} فلم يصل لم ريب عند
ال حن ال ت تقل قل اليان ف القلوب والر يب يكون ف علم القلب و ف ع مل القلب ; بلف ال شك فإ نه ل
يكون إل ف العلم ولذا ل يوصف باليقي إل من اطمأن قلبه علما وعمل ; وإل فإذا كان عالا بالق ; ولكن
الصيبة أو الوف أورثه جزعا عظيما ل يكن صاحب يقي .قال تعال{ :هنالك ابتلي الؤمنون وزلزلوا زلزال
شديدا} .وكثيا ما تعرض للمؤ من شع بة من ش عب النفاق ث يتوب ال عل يه ; و قد يرد على قل به ب عض ما
يوجب النفاق .ويدفعه ال عنه .والؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر الت يضيق با صدره .كما
{قالت الصحابة :يا رسول ال إن أحدنا ليجد ف نفسه ما لئن ير من السماء إل الرض أحب إليه من أن
يتكلم به .فقال :ذاك صريح اليان} و ف روا ية { :ما يتعا ظم أن يتكلم به قال :ال مد ل الذي رد كيده إل
الوسوسة} أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودف عه عن القلب هو من صريح اليان ;
كالجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حت غلبه ; فهذا أعظم الهاد و " الصريح " الالص كاللب الصريح .وإنا
صار صريا لا كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص اليان فصار صريا .ول بد لعامة اللق من
هذه الوساوس ; فمن الناس من ييبها فيصي كافرا أو منافقا ; ومنهم من قد غمر قلبه الشهوات والذنوب فل
ي س ب ا إل إذا طلب الد ين فإ ما أن ي صي مؤم نا وإ ما أن ي صي مناف قا ; ولذا يعرض للناس من الو ساوس ف
ال صلة ما ل يعرض ل م إذا ل ي صلوا لن الشيطان يك ثر تعر ضه للع بد إذا أراد النا بة إل ر به والتقرب إل يه
والت صال به ; فلهذا يعرض للم صلي ما ل يعرض لغي هم ويعرض لا صة أ هل العلم والد ين أك ثر م ا يعرض
للعامة ولذا يوجد عند طلب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيهم لنه ل يسلك شرع
ال ومنها جه ; بل هو مق بل على هواه ف غفلة عن ذ كر ر به .وهذا مطلوب الشيطان بلف التوجه ي إل
رب م بالعلم والعبادة فإ نه عدو هم يطلب صدهم عن ال .قال تعال{ :إن الشيطان ل كم عدو فاتذوه عدوا}
ولذا أمهر قارئ القرآن أن يسهتعيذ بال مهن الشيطان الرجيهم فإن قراءة القرآن على الوجهه الأمور بهه تورث
القلب اليان العظيهم وتزيده يقينها وطمأنينهة وشفاء .وقال تعال{ :وننل مهن القرآن مها ههو شفاء ورحةه
للمؤمن ي ول يز يد الظال ي إل خ سارا} وقال تعال{ :هذا بيان للناس وهدى وموع ظة للمتق ي} وقال تعال
{هدى للمتقي} وقال تعال{ :فأما الذين آمنوا فزادتم إيانا وهم يستبشرون} .وهذا ما يده كل مؤمن من
نف سه ; فالشيطان ير يد بو ساوسه أن يش غل القلب عن النتفاع بالقرآن ; فأ مر ال القارئ إذا قرأ القرآن أن
يستعيذ منه قال تعال{ :فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم} {إنه ليس له سلطان على الذين
آمنوا وعلى رب م يتوكلون} {إن ا سلطانه على الذ ين يتولو نه والذ ين هم به مشركون} فإن ال ستعيذ بال
مستجي به لجئ إليه مستغيث به من الشيطان ; فالعائذ بغيه مستجي به ; فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيا
به متوكل عليه فيعيذه ال من الشيطان وييه منه ; ولذلك قال ال تعال{ :ادفع بالت هي أحسن فإذا الذي
بينك وبينه عداوة كأنه ول حيم} {وما يلقاها إل الذين صبوا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم} {وإما ينغنك
من الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو السميع العليم} .وف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه
قال{ :إ ن لعلم كلمة لو قالا لذهب عنه ما يد أعوذ بال من الشيطان الرجيم} فأمر سبحانه بالستعاذة
ع ند طلب الع بد ال ي لئل يعو قه الشيطان ع نه ; وع ند ما يعرض عل يه من ال شر ليدف عه ع نه ع ند إرادة الع بد
للحسنات ; وعند ما يأمره الشيطان بالسيئات .ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم{ :ل يزال الشيطان يأت
أحد كم فيقول :من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ ح ت يقول :من خلق ال ؟ ف من و جد ذلك فلي ستعذ بال
ولينته} فأمر بالستعاذة عندما يطلب الشيطان أن يوقعه ف شر أو ينعه من خي ; كما يفعل العدو مع عدوه.
وكلما كان النسان أعظم رغبة ف العلم والعبادة وأقدر على ذلك من غيه بيث تكون قوته على ذلك أقوى
ورغبته وإرادته ف ذلك أت ; كان ما يصل له إن سلمه ال من الشيطان أعظم ; وكان ما يفتت به إن تكن
م نه الشيطان أع ظم .ولذا قال الش عب :كل أ مة علماؤ ها شرار ها إل ال سلمي فإن علماء هم خيار هم .وأ هل
السنة ف السلم ; كأهل السلم ف اللل ; وذلك أن كل أمة غي السلمي فهم ضالون وإنا يضلهم علماؤهم
; فعلماؤهم شرارهم والسلمون على هدى وإنا يتبي الدى بعلمائهم فعلماؤهم خيارهم ; وكذلك أهل السنة
أئمتهم خيار المة وأئمة أهل البدع أضر على المة من أهل الذنوب .ولذا أمر النب صلى ال عليه وسلم بقتل
الوارج ; ونى عن قتال الولة الظلمة ; وأولئك لم نمة ف العلم والعبادة ; فصار يعرض لم من الوساوس
ال ت تضل هم -و هم يظنون ا هدى فيطيعون ا -ما ل يعرض لغي هم و من سلم من ذلك من هم كان من أئ مة
التقي مصابيح الدى وينابيع العلم ; كما قال ابن مسعود لصحابه :كونوا ينابيع العلم مصابيح الكمة سرج
الليل ; جدد القلوب أحلس البيوت خلقان الثياب ; تعرفون ف أهل السماء وتفون على أهل الرض.
فصل (ص )286
وم ا ينب غي أن يعلم أن اللفاظ الوجودة ف القرآن والد يث إذا عرف تف سيها و ما أر يد ب ا من ج هة ال نب
صلى ال عليه وسلم ل يتج ف ذلك إل الستدلل بأقوال أهل اللغة ول غيهم ; ولذا قال الفقهاء " :الساء
ثلثة أنواع " نوع يعرف حده بالشرع كالصلة والزكاة ; ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر ; ونوع
يعرف حده بالعرف كلفظ القبض ولفظ العروف ف قوله{ :وعاشروهن بالعروف} ون و ذلك .وروي عن
ا بن عباس أ نه قال :تف سي القرآن على أرب عة أو جه :تف سي تعر فه العرب من كلم ها وتف سي ل يعذر أ حد
بهال ته وتف سي يعل مه العلماء وتف سي ل يعل مه إل ال من اد عى عل مه ف هو كاذب .فا سم ال صلة والزكاة
والصيام والج ونو ذلك قد بي الرسول صلى ال عليه وسلم ما يراد با ف كلم ال ورسوله وكذلك لفظ
المر وغيها ومن هناك يعرف معناها فلو أراد أحد أن يفسرها بغي ما بينه النب صلى ال عليه وسلم ل يقبل
م نه وأ ما الكلم ف اشتقاق ها وو جه دللت ها فذاك من ج نس علم البيان .وتعل يل الحكام هو زيادة ف العلم
وبيان حكمة ألفاظ القرآن ; لكن معرفة الراد با ل يتوقف على هذا .واسم اليان والسلم والنفاق والكفر
هي أعظم من هذا كله ; فالنب صلى ال عليه وسلم قد بي الراد بذه اللفاظ بيانا ل يتاج معه إل الستدلل
على ذلك بالشتقاق وشواهد استعمال العرب ونو ذلك ; فلهذا يب الرجوع ف مسميات هذه الساء إل
بيان ال ورسوله فإنه شاف كاف ; بل معان هذه الساء معلومة من حيث الملة للخاصة والعامة بل كل من
تأمل ما تقوله الوارج والرجئة ف معن اليان علم بالضطرار أنه مالف للرسول ويعلم بالضطرار أن طاعة
ال ورسوله من تام اليان وأنه ل يكن يعل كل من أذنب ذنبا كافرا ويعلم أنه لو قدر أن قوما قالوا للنب
صلى ال عليه وسلم :نن نؤمن با جئتنا به بقلوبنا من غي شك ; ونقر بألسنتنا بالشهادتي إل أنا ل نطيعك
ف شيء ما أمرت به ونيت عنه فل نصلي ول نصوم ول نج ول نصدق الديث ول نؤدي المانة ول نفي
بالعهد ول نصل الرحم ول نفعل شيئا من الي الذي أمرت به ونشرب المر ; وننكح ذوات الحارم بالزنا
الظاهر ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالم بل نقتلك أيضا ونقاتلك مع أعدائك ; هل
كان يتوهم عاقل أن النب صلى ال عليه وسلم يقول لم :أنتم مؤمنون كاملو اليان وأنتم من أهل شفاعت
يوم القيامة وير جى ل كم أل يد خل أ حد من كم النار بل كل م سلم يعلم بالضطرار أنه يقول ل م :أن تم أك فر
الناس ب ا جئت به ويضرب رقاب م إن ل يتوبوا من ذلك .وكذلك كل م سلم يعلم أن شارب ال مر والزا ن
والقاذف والسارق ل يكن النب صلى ال عليه وسلم يعلهم مرتدين يب قتلهم بل القرآن والنقل التواتر عنه
يبي أن هؤلء لم عقوبات غي عقوبة الرتد عن السلم كما ذكر ال ف القرآن جلد القاذف والزان وقطع
ال سارق وهذا متوا تر عن ال نب صلى ال عل يه و سلم ولو كانوا مرتد ين لقتل هم .فكل القول ي م ا يعلم ف ساده
بالضطرار من دين الرسول صلى ال عليه وسلم .وأهل البدع إنا دخل عليهم الداخل لنم أعرضوا عن هذه
الطريق وصاروا يبنون دين السلم على مقدمات يظنون صحتها .إما ف دللة اللفاظ .وإما ف العان العقولة.
ول يتأملون بيان ال ور سوله و كل مقدمات تالف بيان ال ور سوله فإن ا تكون ضلل ولذا تكلم أح د ف
ر سالته العرو فة ف الرد على من يتم سك ب ا يظ هر له من القرآن من غ ي ا ستدلل ببيان الر سول وال صحابة
والتابعي ; وكذلك ذكر ف رسالته إل أب عبد الرحن الرجان ف الرد على الرجئة وهذه طريقة سائر أئمة
السلمي .ل يعدلون عن بيان الرسول إذا وجدوا إل ذلك سبيل ; ومن عدل عن سبيلهم وقع ف البدع الت
مضموناه أنهه يقول على ال ورسهوله مها ل يعلم أو غيه القه وهذا ماه حرمهه ال ورسهوله .وقال تعال فه
الشيطان{ :إن ا يأمر كم بال سوء والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون} وقال تعال{ :أل يؤ خذ علي هم
ميثاق الكتاب أن ل يقولوا على ال إل الق} وهذا من تفسي القرآن بالرأي الذي جاء فيه الديث{ :من قال
فه القرآن برأيهه فليتبوأ مقعده مهن النار} .مثال ذلك أن " الرجئة " لاه عدلوا عهن معرفهة كلم ال ورسهوله
أخذوا يتكلمون ف مسمى " اليان " و " السلم " وغيها بطرق ابتدعوها مثل أن يقولوا " :اليان ف اللغة
" هو الت صديق والر سول إن ا خا طب الناس بل غة العرب ل يغي ها فيكون مراده باليان الت صديق ; ث قالوا:
والتصهديق إناه يكون بالقلب واللسهان أو بالقلب فالعمال ليسهت مهن اليان ثه عمدتمه فه أن اليان ههو
الت صديق قوله{ :و ما أ نت بؤ من ل نا} أي ب صدق ل نا .فيقال ل م " :ا سم اليان " قد تكرر ذكره ف القرآن
والديث أكثر من ذكر سائر اللفاظ وهو أصل الدين وبه يرج الناس من الظلمات إل النور ; ويفرق بي
السعداء والشقياء ومن يوال ومن يعادي والدين كله تابع لذا ; وكل مسلم متاج إل معرفة ذلك ; أفيجوز
أن يكون الرسول قد أهل بيان هذا كله .ووكله إل هاتي القدمتي ؟ .ومعلوم أن الشاهد الذي استشهدوا به
على أن اليان هو التصديق أنه من القرآن .ونقل معن اليان متواتر عن النب صلى ال عليه وسلم أعظم من
تواتر لفظ الكلمة فإن اليان يتاج إل معرفة جيع المة فينقلونه بلف كلمة من سورة .فأكثر الؤمني ل
يكونوا يفظون هذه السورة فل يوز أن يعل بيان أصل الدين مبنيا على مثل هذه القدمات ولذا كثر الناع
والضطراب ب ي الذين عدلوا عن صراط ال الستقيم وسلكوا ال سبل وصاروا من الذ ين فرقوا دينهم وكانوا
شيعا ومن الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتم البينات فهذا كلم عام مطلق .ث يقال " :هاتان القدمتان
" كلها منوعة فمن الذي قال :إن لفظ اليان مرادف للفظ التصديق ؟ وهب أن العن يصح إذا استعمل ف
هذا الوضع فلم قلت :إنه يوجب الترادف ؟ ولو قلت :ما أنت بسلم لنا ما أنت بؤمن لنا صح العن لكن ل
قلت :إن هذا هو الراد بل فظ مؤ من ؟ وإذا قال ال{ :وأقيموا ال صلة} .ولو قال القائل :أتوا ال صلة ولزموا
ال صلة التزموا ال صلة افعلوا ال صلة كان الع ن صحيحا .ل كن ل يدل هذا على مع ن :أقيموا .فكون الل فظ
يرادف اللفظ ; يراد دللته على ذلك .ث يقال :ليس هو مرادفا له وذلك من وجوه( :أحدها) :أن يقال للمخب
إذا صدقته :صدقه ول يقال :آم نه وآ من به .بل يقال :آ من له ك ما قال{ :فآ من له لوط} وقال{ :ف ما آ من
لو سى إل ذر ية من قو مه} وقال فرعون{ :آمن تم له ق بل أن آذن ل كم} وقالوا لنوح{ :أنؤ من لك واتب عك
الرذلون} وقال تعال{ :قهل أذن خيه لكهم يؤمهن بال ويؤمهن للمؤمنيه} .فقالوا{ :أنؤمهن لبشريهن مثلنها
وقومه ما ل نا عابدون} وقال{ :وإن ل تؤمنوا ل فاعتزلون} .فإن ق يل :ف قد يقال :ما أ نت ب صدق ل نا .ق يل:
اللم تدخل على ما يتعدى بنفسه إذا ضعف عمله إما بتأخيه أو بكونه اسم فاعل أو مصدرا أو باجتماعهما
فيقال :فلن يعبد ال ويافه ويتقيه ث إذا ذكر باسم الفاعل قيل :هو عابد لربه متق لربه خائف لربه وكذلك
تقول :فلن يرهب ال ث تقول :هو راهب لربه وإذا ذكرت الفعل وأخرته تقويه باللم كقوله{ :وف نسختها
هدى ورح ة للذ ين هم لرب م يرهبون} و قد قال{ :فإياي فارهبون} فعداه بنف سه وهناك ذ كر اللم فإن ه نا
قوله{ :فإياي} أ ت من قوله :فلي .وقوله هنالك {لرب م} أ ت من قوله :رب م فإن الضم ي النف صل الن صوب
أكمل من ضمي الر بالياء وهناك اسم ظاهر فتقويته باللم أول وأت من تريده ; ومن هذا قوله{ :إن كنتم
للرؤيا تعبون} ويقال :عبت رؤياه وكذلك قوله{ :وإنم لنا لغائظون} وإنا يقال :غظته ل يقال :غظت له
ومثله كثي فيقول القائل :ما أنت بصدق لنا أدخل فيه اللم لكونه اسم فاعل وإل فإنا يقال :صدقته ل يقال:
صدقت له ولو ذكروا الفعل لقالوا :ما صدقتنا وهذا بلف لفظ اليان فإنه تعدى إل الضمي باللم دائما ; ل
يقال :آمنته قط وإنا يقال :آمنت له كما يقال :أقررت له فكان تفسيه بلفظ القرار أقرب من تفسيه بلفظ
التصديق مع أن بينهما فرقا( .الثان) :أنه ليس مرادفا للفظ التصديق ف العن فإن كل مب عن مشاهدة أو
غيب يقال له ف اللغة :صدقت كما يقال :كذبت .فمن قال :السماء فوقنا قيل له :صدق كما يقال :كذب
وأ ما ل فظ اليان فل ي ستعمل إل ف ال ب عن غائب ل يو جد ف الكلم أن من أ خب عن مشاهدة ; كقوله:
طلعهت الشمهس وغربهت أنهه يقال :آمناه كمها يقال :صهدقناه ولذا ; الحدثون والشهود ونوههم ; يقال:
صدقناهم ; وما يقال آمنا لم ; فإن اليان مشتق من المن .فإنا يستعمل ف خب يؤتن عليه الخب كالمر
الغائب الذي يؤتن عليه الخب ; ولذا ل يوجد قط ف القرآن وغيه لفظ آمن له إل ف هذا النوع ; والثنان
إذا اشتركا ف معرفة الشيء يقال :صدق أحدها صاحبه ول يقال :آمن له لنه ل يكن غائبا عنه ائتمنه عليه
ولذا قال{ :فآ من له لوط} {أنؤ من لبشر ين مثل نا}{ .آمن تم له}{ .يؤ من بال ويؤ من للمؤمن ي} في صدقهم
فيما أخبوا به .ما غاب عنه وهو مأمون عنده على ذلك فاللفظ متضمن مع التصديق ومعن الئتمان والمانة
; ك ما يدل عل يه ال ستعمال والشتقاق ولذا قالوا{ :و ما أ نت بؤ من ل نا} أي ل ت قر بب نا ول ت ثق به ول
تطمئن إليه ولو كنا صادقي ; لنم ل يكونوا عنده من يؤتن على ذلك .فلو صدقوا ل يأمن لم( .الثالث):
أن ل فظ اليان ف الل غة ل يقا بل بالتكذ يب كل فظ الت صديق فإ نه من العلوم ف الل غة أن كل م ب يقال له:
صدقت أو كذبت ويقال :صدقناه أو كذبناه ول يقال لكل مب :آمنا له أو كذبناه ; ول يقال أنت مؤمن له
أو مكذب له ; بل العروف ف مقابلة اليان لفظ الكفر .يقال :هو مؤمن أو كافر والكفر ل يتص بالتكذيب
; بل لو قال :أ نا أعلم إ نك صادق ل كن ل أتب عك بل أعاد يك وأبغ ضك وأخال فك ول أواف قك لكان كفره
أعظم ; فلما كان الكفر القابل لليان ليس هو التكذيب فقط علم أن اليان ليس هو التصديق فقط بل إذا
كان الك فر يكون تكذي با ويكون مال فة ومعاداة وامتنا عا بل تكذ يب ; فل بد أن يكون اليان ت صديقا مع
مواف قة وموالة وانقياد ل يك في مرد الت صديق ; فيكون ال سلم جزء م سمى اليان ك ما كان المتناع من
النقياد مع التصديق جزء مسمى الكفر فيجب أن يكون كل مؤمن مسلما منقادا للمر وهذا هو العمل .فإن
قيل :فالرسول صلى ال عليه وسلم فسر اليان با يؤمن به .قيل :فالرسول ذكر ما يؤمن به ل يذكر ما يؤمن
له وهو نفسه يب أن يؤمن به ويؤمن له فاليان به من حيث ثبوته غيب عنا أخبنا به وليس كل غيب آمنا به
علي نا أن نطي عه وأ ما ما ي ب من اليان له ف هو الذي يو جب طاع ته والر سول ي ب اليان به وله فينب غي أن
يعرف هذا وأيضا فإن طاعته طاعة ل وطاعة ال من تام اليان به( .الرابع) :أن من الناس من يقول :اليان
أصله ف اللغة من المن الذي هو ضد الوف; {فآمن} أي صار داخل ف المن وأنشدوا ( 000بياض ف
ال صل) وأ ما " القد مة الثان ية " فيقال :إ نه إذا فرض أ نه مرادف للت صديق فقول م :إن الت صديق ل يكون إل
بالقلب أو اللسان ; عنه جوابان " .أحدها " :النع بل الفعال تسمى تصديقا كما ثبت ف " الصحيح " عن
ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه قال{ :العينان تزنيان وزناه ا الن ظر ; والذن تز ن وزنا ها ال سمع ; وال يد تز ن
وزناها البطش ; والرجل تزن وزناها الشي والقلب يتمن ذلك ويشتهي ; والفرج يصدق ذلك أو يكذبه}.
وكذلك قال أهل اللغة وطوائف من السلف واللف .قال الوهري :والصديق مثال الفسيق :الدائم التصديق.
ويكون الذي ي صدق قوله بالع مل .وقال ال سن الب صري :ل يس اليان بالتحلي ول بالتم ن ولك نه ما و قر ف
القلوب وصدقته العمال وهذا مشهور عن السن يروى عنه من غي وجه كما رواه عباس الدوري :حدثنا
حجاج ; حدثنا أبو عبيدة الناجي عن السن قال :ليس اليان بالتحلي ول بالتمن ; ولكن ما وقر ف القلب
وصدقته العمال .من قال حسنا وعمل غي صال رد ال عليه قوله ومن قال حسنا وعمل صالا رفعه العمل
ذلك بأن ال يقول{ :إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصال يرفعه} ورواه ابن بطة من الوجهي .وقوله :ليس
اليان بالتمن -يعن الكلم -وقوله :بالتحلي .يعن أن يصي حلية ظاهرة له فيظهره من غي حقيقة من قلبه
ومعناه ليس هو ما يظهر من القول ول من اللية الظاهرة ولكن ما وقر ف القلب وصدقته العمال فالعمل
يصدق أن ف القلب إيانا وإذا ل يكن عمل كذب أن ف قلبه إيانا لن ما ف القلب مستلزم للعمل الظاهر.
وانتفاء اللزم يدل على انتفاء اللزوم .وقد روى ممد بن نصر الروزي بإسناده أن عبد اللك بن مروان كتب
إل سعيد بن جبي ي سأله عن هذه السائل .فأجابه عنها :سألت عن اليان فاليان هو التصديق أن يصدق
الع بد بال وملئك ته و ما أنزل ال من كتاب و ما أر سل من ر سول وباليوم ال خر .و سألت عن الت صديق.
والتصديق :أن يعمل العبد با صدق به من القرآن وما ضعف عن شيء منه وفرط فيه عرف أنه ذنب واستغفر
ال وتاب منه ول يصر عليه فذلك هو التصديق .وتسأل عن الدين فالدين هو العبادة فإنك لن تد رجل من
أهل الدين ترك عبادة أهل دين ث ل يدخل ف دين آخر إل صار ل دين له .وتسأل عن العبادة والعبادة هي
الطاعة ذلك أنه من أطاع ال فيما أمره به وفيما ناه عنه فقد آثر عبادة ال ومن أطاع الشيطان ف دينه وعمله
فقد عبد الشيطان أل ترى أن ال قال للذين فرطوا{ :أل أعهد إليكم يا بن آدم أن ل تعبدوا الشيطان} وإنا
كانت عبادتم الشيطان أنم أطاعوه ف دينهم .وقال أسد بن موسى :حدثنا الوليد بن مسلم الوزاعي حدثنا
ح سان بن عط ية قال :اليان ف كتاب ال صار إل الع مل .قال ال تعال{ :إن ا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال
وجلت قلوبم} الية .ث صيهم إل العمل فقال{ :الذين يقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون} قال :وسعت
الوزاعهي يقول :قال ال تعال{ :فإن تابوا وأقاموا الصهلة وآتوا الزكاة فإخوانكهم فه الديهن} واليان بال
بالل سان والت صديق به الع مل .وقال مع مر عن الزهري :ك نا نقول ال سلم بالقرار واليان بالع مل واليان:
قول وع مل قرينان ل ين فع أحده ا إل بال خر و ما من أ حد إل يوزن قوله وعمله ; فإن كان عمله أوزن من
قوله :صعد إل ال ; وإن كان كل مه أوزن من عمله ل ي صعد إل ال .ورواه أ بو عمرو الطلمن كي بإ سناده
العروف .وقال معاوية بن عمرو :عن أب إسحاق الفزاري عن الوزاعي قال :ل يستقيم اليان إل بالقول ول
يستقيم اليان والقول إل بالعمل ول يستقيم اليان والقول والعمل إل بنية موافقة للسنة .وكان من مضى من
سلفنا ل يفرقون بي اليان والعمل ; العمل من اليان واليان من العمل ; وإنا اليان اسم يمع كما يمع
هذه الديان ا سها وي صدقه الع مل .ف من آ من بل سانه وعرف بقل به و صدق بعمله فتلك العروة الوث قى ال ت ل
انف صام ل ا .و من قال بلسانه ول يعرف بقل به ول ي صدق بعمله كان ف الخرة من الا سرين .وهذا معروف
عن غي واحد من السلف واللف ; أنم يعلون العمل مصدقا للقول ; ورووا ذلك عن النب صلى ال عليه
وسلم كما رواه معاذ بن أسد :حدثنا الفضيل بن عياض عن ليث بن أب سليم عن ماهد{ :أن أبا ذر سأل
ال نب صلى ال عل يه و سلم عن اليان .فقال :اليان :القرار والت صديق بالع مل ; ث تل {ل يس الب أن تولوا
وجوه كم ق بل الشرق والغرب} إل قوله {وأولئك هم التقون}} .قلت حد يث أ ب ذر هذا مروي من غ ي
و جه ; فإن كان هذا الل فظ هو ل فظ الر سول فل كلم وإن كانوا رووه بالع ن دل على أ نه من العروف ف
لغتههم أنهه يقال :صهدق قوله بعمله ; وكذلك قال شيهخ السهلم الروي :اليان تصهديق كله .وكذلك "
الواب الثان " أنه إذا كان أصله التصديق فهو تصديق مصوص كما أن الصلة دعاء مصوص والج قصد
مصوص والصيام إمساك مصوص ; وهذا التصديق له لوازم صارت لوازمه داخلة ف مسماه عند الطلق ;
فإن انتفاء اللزم يقت ضي انتفاء اللزوم ويب قى الناع لفظ يا :هل اليان دال على الع مل بالتض من أو باللزوم ؟
وما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بي أهل السنة ف هذه السألة هو نزاع لفظي وإل فالقائلون بأن اليان
قول من الفقهاء -كحماد بن أ ب سليمان و هو أول من قال ذلك و من اتب عه من أ هل الكو فة وغي هم -
متفقون مع جيع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تت الذم والوعيد وإن قالوا :إن إيانم كامل
كإيان جبيل فهم يقولون :إن اليان بدون العمل الفروض ومع فعل الحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم
والعقاب ك ما تقوله الما عة .ويقولون أي ضا بأن من أ هل الكبائر من يد خل النار ك ما تقوله الما عة والذ ين
ينفون عن الفاسق اسم اليان من أهل السنة متفقون على أنه ل يلد ف النار .فليس بي فقهاء اللة نزاع ف
أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا ب ا جاء به الرسول وما تواتر عنه أنم من أهل الوعيد وأنه
يد خل النار من هم من أ خب ال ور سوله بدخوله إلي ها ول يلد من هم في ها أ حد ول يكونون مرتد ين مبا حي
الدماء ولكهن " القوال النحرفهة " قول مهن يقول بتخليدههم فه النار كالوارج والعتزلة .وقول غلة الرجئة
الذين يقولون :ما نعلم أن أحدا منهم يدخل النار ; بل نقف ف هذا كله .وحكي عن بعض غلة الرجئة الزم
بالنفي العام .ويقال للخوارج :الذي نفى عن السارق والزان والشارب وغيهم اليان ; هو ل يعلهم مرتدين
عن السلم ; بل عاقب هذا باللد وهذا بالقطع ول يقتل أحدا إل الزان الحصن ول يقتله قتل الرتد ; فإن
الرتد يقتل بالسيف بعد الستتابة وهذا يرجم بالجارة بل استتابة .فدل ذلك على أنه وإن نفى عنهم اليان
فليسوا عنده مرتدين عن السلم مع ظهور ذنوبم وليسوا كالنافقي الذين كانوا يظهرون السلم ويبطنون
الكفر فأولئك ل يعاقبهم إل على ذنب ظاهر .وبسبب الكلم ف " مسألة اليان " تنازع الناس هل ف اللغة
أ ساء شرع ية نقل ها الشارع عن م سماها ف الل غة أو أن ا باق ية ف الشرع على ما كا نت عل يه ف الل غة ل كن
الشارع زاد ف أحكامها ل ف معن الساء ؟ .وهكذا قالوا ف اسم " الصلة " و " الزكاة " و " الصيام " "
والج " إنا باقية ف كلم الشارع على معناها اللغوي لكن زاد ف أحكامها .ومقصودهم أن اليان هو مرد
التصديق وذلك يصل بالقلب واللسان .وذهبت طائفة ثالثة إل أن الشارع تصرف فيها تصرف أهل العرف
فهي بالنسبة إل اللغة ماز وبالنسبة إل عرف الشارع حقيقة .والتحقيق أن الشارع ل ينقلها ول يغيها ولكن
استعملها مقيدة ل مطلقة كما يستعمل نظائرها كقوله تعال{ :ول على الناس حج البيت} فذكر حجا خاصا
وهو حج البيت وكذلك قوله{ :فمن حج البيت أو اعتمر} فلم يكن لفظ الج متناول لكل قصد بل لقصد
م صوص دل عل يه الل فظ نف سه من غ ي تغي ي الل غة والشا عر إذا قال :واش هد من عوف حلول كثية يجون
سب الزبرقان الزعفرا كان متكلما باللغة وقد قيد :لفظه :بج سب الزبرقان الزعفر .ومعلوم أن ذلك ال ج
الخصوص دلت عليه الضافة فكذلك الج الخصوص الذي أمر ال به دلت عليه الضافة أو التعريف باللم:
فإذا ق يل :ال ج فرض عل يك كا نت لم الع هد تبي أ نه حج الب يت وكذلك " الزكاة " هي ا سم ل ا تز كو به
النفس ; وزكاة النفس زيادة خيها وذهاب شرها والحسان إل الناس من أعظم ما تزكو به النفس ; كما
قال تعال { :خذ من أموال م صدقة تطهرهم وتزكيهم ب ا} وكذلك ترك الفوا حش م ا تز كو به .قال تعال.
{ولول فضل ال عليكم ورحته ما زكا منكم من أحد أبدا} وأصل زكاتا بالتوحيد وإخلص الدين ل ; قال
تعال{ :وو يل للمشرك ي} {الذ ين ل يؤتون الزكاة} و هي ع ند الف سرين التوح يد .و قد ب ي ال نب صلى ال
عليه وسلم مقدار الواجب و ساها الزكاة الفروضة ; فصار لفظ الزكاة إذا عرف باللم ينصرف إليها لجل
الع هد و من ال ساء ما يكون أ هل العرف نقلوه وين سبون ذلك إل الشارع م ثل ل فظ " التي مم " فإن ال تعال
قال{ :فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} فلفظ " التيمم " استعمل ف معناه العروف ف
اللغة فإنه أمر بتيمم الصعيد ث أمر بسح الوجوه واليدي منه ; فصار لفظ التيمم ف عرف الفقهاء يدخل فيه
هذا السح ; وليس هو لغة الشارع بل الشارع فرق بي تيمم الصعيد وبي السح الذي يكون بعده ولفظ "
اليان " أمهر بهه مقيدا باليان بال وملئكتهه وكتبهه ورسهله وكذلك لفهظ " السهلم " بالسهتسلم ل رب
العالي ; وكذلك لفظ " الكفر " مقيدا ; ولكن لفظ " النفاق " قد قيل :إنه ل تكن العرب تكلمت به لكنه
مأخوذ من كلمهم فإن نفق يشبه خرج ومنه نفقت الدابة إذا ماتت :ومنه نافقاء اليبوع والنفق ف الرض
قال تعال{ :فإن استطعت أن تبتغي نفقا ف الرض} فالنافق هو الذي خرج من اليان باطنا بعد دخوله فيه
ظاهرا ; وقيد النفاق بأنه نفاق من اليان .ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة اللك منافقا عليه ; لكن
النفاق الذي ف القرآن هو النفاق على الرسول .فخطاب ال ورسوله للناس بذه الساء كخطاب الناس بغيها
; وهو خطاب مقيد خاص ل مطلق يتمل أنواعا .وقد بي الرسول تلك الصائص ; والسم دل عليها ; فل
يقال :إنا منقولة ول إنه زيد ف الكم دون السم ; بل السم إنا استعمل على وجه يتص براد الشارع ; ل
يستعمل مطلقا وهو إنا قال{ :وأقيموا الصلة} بعد أن عرفهم الصلة الأمور با ; فكان التعريف منصرفا إل
الصلة الت يعرفونا ; ل يرد لفظ الصلة وهم ل يعرفون معناه .ولذا كل من قال ف لفظ الصلة :إنه عام
للمعن اللغوي ; أو إنه ممل لتردده بي العن اللغوي والشرعي ونو ذلك ; فأقوالم ضعيفة فإن هذا اللفظ إنا
ورد خبا أو أمرا فالب كقوله{ :أرأيت الذي ينهى} {عبدا إذا صلى} وسورة {اقرأ} من أول ما نزل من
القرآن {وكان ب عض الكفار إ ما أ بو ج هل أو غيه قد ن ى ال نب صلى ال عل يه و سلم عن ال صلة وقال :لئن
رأيته يصلي لطأن عنقه .فلما رآه ساجدا رأى من الول ما أوجب نكوصه على عقبيه} ; فإذا قيل{ :أرأيت
الذي ينهى} {عبدا إذا صلى} فقد علمت تلك الصلة الواقعة بل إجال ف اللفظ ول عموم .ث إنه لا فرضت
الصلوات ال مس ليلة العراج أقام ال نب صلى ال عليه و سلم ل م الصلوات بواقيتها صبيحة ذلك اليوم وكان
جبائيل يؤم النب صلى ال عليه وسلم .والسلمون يأتون بالنب صلى ال عليه وسلم .فإذا قيل لم{ :وأقيموا
الصلة} عرفوا أنا تلك الصلة وقيل :إنه قبل ذلك كانت له صلتان طرف النهار فكانت أيضا معروفة فلم
ياطبوا با سم من هذه ال ساء إل وم سماه معلوم عند هم .فل إجال ف ذلك ول يتناول كل ما ي سمى ح جا
ودعاء وصوما فإن هذا إنا يكون إذا كان اللفظ مطلقا وذلك ل يرد .وكذلك " اليان " و " السلم " وقد
كان معن ذلك عندهم من أظهر المور وإنا سأل جبيل النب صلى ال عليه وسلم عن ذلك وهم يسمعون
وقال{ :هذا جبيل جاءكم يعلمكم دينكم} ليبي لم كمال هذه الساء وحقائقها الت ينبغي أن تقصد لئل
يقتصروا على أدن مسمياتا وهذا كما ف الديث الصحيح أنه قال{ :ليس السكي هذا الطواف الذي ترده
اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن السكي الذي ل يد غن يغنيه ول يفطن له فيتصدق عليه ول يسأل
الناس إلافا} فهم كانوا يعرفون السكي وأنه الحتاج وكان ذلك مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته بالسؤال
فبي النب صلى ال عليه وسلم أن الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه تزول مسكنته بإعطاء الناس له
والسؤال له بنلة الرفة وهو وإن كان مسكينا يستحق من الزكاة إذا ل يعط من غيها كفايته فهو إذا وجد
من يعطيه كفايته ل يبق مسكينا وإنا السكي الحتاج الذي ل يسأل ول يعرف فيعطى .فهذا هو الذي يب
أن يقدم ف العطاء فإنه مسكي قطعا وذاك مسكنته تندفع بعطاء من يسأله وكذلك قوله " :السلم هو المس
" يريد أن هذا كله واجب داخل ف السلم فليس للنسان أن يكتفي بالقرار بالشهادت ي ; وكذلك اليان
ي ب أن يكون على هذا الو جه الف صل ل يكت في ف يه باليان الج مل ولذا و صف ال سلم بذا .و قد ات فق
السلمون على أنه من ل يأت بالشهادتي فهو كافر وأما العمال الربعة فاختلفوا ف تكفي تاركها ونن إذا
قلنا :أهل السنة متفقون على أنه ل يكفر بالذنب فإنا نريد به العاصي كالزنا والشرب وأما هذه البان ففي
تكفي تاركها نزاع مشهور .وعن أحد :ف ذلك نزاع وإحدى الروايات عنه :إنه يكفر من ترك واحدة منها
و هو اختيار أ ب ب كر وطائ فة من أ صحاب مالك كا بن حبيب .وع نه روا ية ثان ية :ل يك فر إل بترك ال صلة
والزكاة ف قط وروا ية ثال ثة :ل يك فر إل بترك ال صلة والزكاة إذا قا تل المام علي ها وراب عة :ل يك فر إل بترك
ال صلة .وخام سة :ل يك فر بترك ش يء من هن .وهذه أقوال معرو فة لل سلف .قال ال كم بن عتي بة :من ترك
الصلة متعمدا فقد كفر ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر .ومن ترك الج متعمدا فقد كفر .ومن ترك صوم
رمضان متعمدا ف قد ك فر .وقال سعيد بن جبي :من ترك ال صلة متعمدا ف قد ك فر بال .و من ترك الزكاة
متعمدا فقهد كفهر بال .ومهن ترك صهوم رمضان متعمدا فقهد كفهر بال .وقال الضحاك :ل ترفهع الصهلة إل
بالزكاة .وقال عبد ال بن مسعود :من أقام الصلة ول يؤت الزكاة فل صلة له .رواهن أسد بن موسى .وقال
ع بد ال بن عمرو :من شرب ال مر م سيا أ صبح مشر كا و من شر به م صبحا أم سى مشر كا فق يل لبراه يم
النخعي :كيف ذلك ؟ قال :لنه يترك الصلة قال أبو عبد ال الخنس ف كتابه :من شرب السكر فقد تعرض
لترك الصلة ومن ترك الصلة فقد خرج من اليان .وما يوضح ذلك أن جبيل لا سأل النب صلى ال عليه
وسلم عن السلم واليان والحسان كان ف آخر المر بعد فرض الج والج إنا فرض سنة تسع أو عشر.
وقد اتفق الناس على أنه ل يفرض قبل ست من الجرة ومعلوم أن الرسول صلى ال عليه وسلم ل يأمر الناس
باليان .ول يبي لم معناه إل ذلك الوقت بل كانوا يعرفون أصل معناه وهذه السائل لبسطها موضع آخر .و
(القصهود هنها) أن مهن نفهى عنهه الرسهول اسهم " اليان " أو " السهلم " فل بهد أن يكون قهد ترك بعهض
الواجبات فيه وإن بقي بعضها ولذا كان الصحابة والسلف يقولون :إنه يكون ف العبد إيان ونفاق .قال أبو
داود السجستان :حدثنا أحد بن حنبل حدثنا وكيع عن العمش عن شقيق عن أب القدام عن أب يي قال:
سئل حذيفة عن النا فق .قال :الذي يعرف السلم ول يعمل به .وقال أبو داود :حدثنا عثمان بن أب شيبة
حدث نا جر ير عن الع مش عن عمرو بن مرة عن أ ب البختري عن حذي فة قال :القلوب أرب عة :قلب أغلف
فذلك قلب الكا فر وقلب م صفح وذلك قلب النا فق وقلب أجرد ف يه سراج يز هر فذلك قلب الؤ من ; وقلب
ف يه إيان ونفاق ; فم ثل اليان ف يه كم ثل شجرة يد ها ماء ط يب ; وم ثل النفاق م ثل قر حة يد ها ق يح ودم ;
فأيه ما غلب عل يه غلب .و قد روي مرفو عا ; و هو ف " ال سند " مرفو عا .وهذا الذي قاله حذي فة يدل عل يه
قوله تعال{ :هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان} فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب فلما كان يوم أحد
غلب نفاقهم فصاروا إل الكفر أقرب .وروى عبد ال بن البارك عن عوف بن أب جيلة عن عبد ال بن عمرو
بن هند عن علي بن أب طالب قال :إن اليان يبدو لظة بيضاء ف القلب فكلما ازداد العبد إيانا ازداد القلب
بيا ضا ح ت إذا ا ستكمل اليان اب يض القلب كله .وإن النفاق يبدو ل ظة سوداء ف القلب فكل ما ازداد الع بد
نفاقها ازداد القلب سهوادا حته إذا اسهتكمل العبهد النفاق اسهود القلب وأيه ال لو شققتهم عهن قلب الؤمهن
لوجدتوه أبيض ولو شققتم عن قلب النافق والكافر لوجدتوه أسود .وقال ابن مسعود :الغناء ينبت النفاق ف
القلب كما ينبت الاء البقل .رواه أحد وغيه وهذا كثي ف كلم السلف يبينون أن القلب قد يكون فيه إيان
ونفاق والكتاب والسنة يدلن على ذلك فإن النب صلى ال عليه وسلم ذكر شعب اليان وذكر شعب النفاق
وقال{ :من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حت يدعها} وتلك الشعبة قد يكون معها كثي
من شعب اليان ولذا قال{ :ويرج من النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} فعلم أن من كان معه من
اليان أقل القليل ل يلد ف النار وأن من كان معه كثي من النفاق فهو يعذب ف النار على قدر ما معه من
ذلك ثه يرج مهن النار .وعلى هذا فقوله للعراب{ :ل تؤمنوا ولكهن قولوا أسهلمنا ولاه يدخهل اليان فه
قلوب كم} ن فى حقي قة دخول اليان ف قلوب م وذلك ل ي نع أن يكون مع هم شع بة م نه ك ما نفاه عن الزا ن
وال سارق و من ل ي ب لخ يه ما ي ب لنف سه و من ل يأ من جاره بوائ قه وغ ي ذلك ك ما تقدم ذكره فإن ف
القرآن والديث من نفي عنه اليان لترك بعض الواجبات شيء كثي .وحينئذ فنقول :من قال من ال سلف:
أسلمنا أي استسلمنا خوف السيف وقول من قال :هو السلم .الميع صحيح فإن هذا إنا أراد الدخول ف
السلم والسلم الظاهر يدخل فيه النافقون فيدخل فيه من كان ف قلبه إيان ونفاق وقد علم أنه يرج من
النار من ف قلبه مثقال ذرة من إيان بلف النافق الحض الذي قلبه كله أسود فهذا هو الذي يكون ف الدرك
ال سفل من النار ولذا كان ال صحابة يشون النفاق على أنف سهم ول يافوا التكذ يب ل ور سوله فإن الؤ من
يعلم من نفسه أنه ل يكذب ال ورسوله يقينا وهذا مستند من قال :أنا مؤمن حقا فإنه أراد بذلك ما يعلمه من
من نفسه من التصديق الازم ولكن اليان ليس مرد التصديق بل ل بد من أعمال قلبية تستلزم أعمال ظاهرة
كما تقدم فحب ال ورسوله من اليان وحب ما أمر ال به وبغض ما نى عنه هذا من أخص المور باليان
ولذا ذكر النب صلى ال عليه وسلم ف عدة أحاديث أن{ :من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن} فهذا
يب السنة ويفرح با ويبغض السيئة ويسوءه فعلها وإن فعلها بشهوة غالبة وهذا الب والبغض من خصائص
اليان .ومعلوم أن الزان حي يزن إنا يزن لب نفسه لذلك الفعل فلو قام بقلبه خشية ال الت تقهر الشهوة
أو حهب ال الذي يغلبهها ; ل يزن ولذا قال تعال عهن يوسهف عليهه السهلم{ :كذلك لنصهرف عنهه السهوء
والفحشاء إنه من عبادنا الخلصي} فمن كان ملصا ل حق الخلص ل يزن وإنا يزن للوه عن ذلك وهذا
هو اليان الذي ينع منه ل ينع منه نفس التصديق ولذا قيل :هو مسلم وليس بؤمن ; فإن السلم الستحق
للثواب ل بد أن يكون م صدقا وإل كان مناف قا ; ل كن ل يس كل من صدق قام بقل به من الحوال اليان ية
الواجبة مثل كمال مبة ال ورسوله ومثل خشية ال والخلص له ف العمال والتوكل عليه بل يكون الرجل
مصدقا با جاء به الرسول وهو مع ذلك يرائي بأعماله ويكون أهله وماله أحب إليه من ال ورسوله والهاد ف
سبيله و قد خو طب بذا الؤمنون ف آ خر ال مر ف سورة " براءة " فق يل ل م{ :إن كان آباؤ كم وأبناؤ كم
وإخوانكم وأزواجكم وعشيتكم وأموال اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم
من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقي} ومعلوم أن كثيا
من السلمي أو أكثرهم بذه الصفة .وقد ثبت أنه ل يكون الرجل مؤمنا حت يكون ال ورسوله أحب إليه ما
سواها ; وإنا الؤمن من ل يرتب وجاهد باله ونفسه ف سبيل ال فمن ل تقم بقلبه الحوال الواجبة ف اليان
فهو الذي نفى عنه الرسول اليان وإن كان معه التصديق والتصديق من اليان ول بد أن يكون مع التصديق
ش يء من حب ال وخش ية ال وإل فالت صديق الذي ل يكون م عه ش يء من ذلك ل يس إيا نا ألب تة بل هو
كت صديق فرعون واليهود وإبل يس وهذا هو الذي أنكره ال سلف على الهم ية .قال الميدي :سعت وكي عا
يقول :أ هل ال سنة يقولون :اليان قول وع مل والرجئة يقولون :اليان قول .والهم ية يقولون :اليان العر فة
وف رواية أخرى عنه :وهذا كفر .قال ممد بن عمر الكلب :سعت وكيعا يقول :الهمية شر من القدرية
قال :وقال وكيع :الرجئة :الذين يقولون :القرار يزئ عن العمل ; ومن قال هذا فقد هلك ; ومن قال :النية
تزئ عن الع مل ف هو ك فر و هو قول ج هم وكذلك قال أح د بن حن بل .ولذا كان القول :إن اليان قول
وعمل عند أهل السنة من شعائر السنة وحكى غي واحد الجاع على ذلك وقد ذكرنا عن الشافعي رضي ال
عنه ما ذكره من الجاع على ذلك قوله ف " الم " :وكان الجاع من الصحابة والتابع ي من بعدهم ومن
أدركناهم يقولون :إن اليان قول وعمل ونية ل يزئ واحد من الثلثة إل بالخر ; وذكر ابن أب حات -ف
" مناقبه " :-سعت حرملة يقول :اجتمع حفص الفرد ومصلن الباضي عند الشافعي ف دار الروي فتناظرا
معه ف اليان فاحتج مصلن ف الزيادة والنقصان وخالفه حفص الفرد فحمي الشافعي وتقلد السألة على أن
اليان قول وعمل يزيد وينقص فطحن حفصا الفرد وقطعه .وروى أبو عمرو الطلمنكي بإسناده العروف عن
موسى بن هارون المال قال :أملى علينا إسحاق بن راهويه أن اليان قول وعمل يزيد وينقص ل شك أن
ذلك ك ما و صفنا وإن ا عقل نا هذا بالروايات ال صحيحة والثار العا مة الحك مة ; وآحاد أ صحاب ر سول ال
صلى ال عل يه و سلم والتابع ي وهلم جرا على ذلك وكذلك ب عد التابع ي من أ هل العلم على ش يء وا حد ل
يتلفون فيهه وكذلك فه عههد الوزاعهي بالشام وسهفيان الثوري بالعراق ; ومالك بهن أنهس بالجاز ومعمهر
باليمن على ما فسرنا وبينا أن اليان قول وع مل يزيد وينقص .وقال إسحاق :من ترك الصلة متعمدا حت
ذهب وقت الظهر إل الغرب والغرب إل نصف الليل فإنه كافر بال العظيم يستتاب ثلثة أيام فإن ل يرجع
وقال تركها ل يكون كفرا ضربت عنقه -يعن تاركها .وقال ذلك -وأما إذا صلى وقال ذلك فهذه مسألة
اجتهاد قال :واتبعهم على ما وصفنا من بعدهم من عصرنا هذا أهل العلم إل من باين الماعة واتبع الهواء
الختل فة فأولئك قوم ل يع بأ ال ب م ل ا باينوا الما عة .قال أ بو عب يد القا سم بن سلم المام -وله كتاب
مصنف ف اليان قال :-هذه تسمية من كان يقول :اليان قول وعمل يزيد وينقص .من أهل مكة :عبيد بن
عمي الليثي ،عطاء بن أب رباح ،ماهد بن جب ،وابن أب مليكة ; عمرو بن دينار ; ابن أب نيح عبيد ال بن
عمر ; عبد ال بن عمرو بن عثمان ،عبداللك بن جريح ،نافع بن جبي ،داود بن عبد الرحن العطار ،عبد ال
بن رجاء .ومن أهل الدينة :ممد بن شهاب الزهري ،ربيعة بن أب عبد الرحن ،أبو حازم العرج ،سعد بن
إبراه يم بن ع بد الرح ن بن عوف ،ي ي بن سعيد الن صاري ،هشام بن عروة بن الزب ي ،ع بد ال بن ع مر
العمري ،مالك بن أنس ،ممد بن أب ذئب ،سليمان بن بلل ،عبد العزيز بن عبد ال -يعن الاجشون ،-عبد
العزيز بن أب حازم .ومن أهل اليمن :طاووس اليمان ،وهب بن منبه ،معمر بن راشد ،عبدالرزاق بن هام.
ومن أهل مصر والشام :مكحول ،الوزاعي ،سعيد بن عبد العزيز ،الوليد بن مسلم ،يونس بن يزيد اليلي،
يزيد بن أب حبيب ،يزيد بن شريح ،سعيد بن أب أيوب ،الليث بن سعد ،عبد ال بن أب جعفر ،معاوية بن أب
صال ،حيوة ابن شريح ،عبد ال بن وهب .ومن سكن العواصم وغيها من الزيرة :ميمون بن مهران ،يي
بن عبد الكري ،معقل بن عبيدال ،عبيدال بن عمرو الرقي ،عبد اللك بن مالك ،العاف بن عمران ،ممد بن
سلمة الران ،أبو إسحاق الفزاري ،ملد بن السي ،علي بن بكار ،يوسف بن أسباط ،عطاء بن مسلم ،ممد
بن كثي ،اليثم بن جيل .ومن أهل الكوفة :علقمة ،السود بن يزيد ،أبو وائل ،سعيد بن جبي ،الربيع بن
خيثم ،عامر الشعب ،إبراهيم النخعي ،الكم بن عتيبة ،طلحة بن مصرف ،منصور بن العتمر ،سلمة بن كهيل،
مغية ال ضب،ي عطاء بن ال سائب ،إ ساعيل بن أ ب خالد ،أ بو حيان ي ي بن سعيد ،سليمان بن مهران
العمش ،يزيد بن أب زياد ،سفيان بن سعيد الثوري ،سفيان بن عيينة ،الفضيل بن عياض ،أبو القدام ثابت بن
العجلن ،ابن شبمة ،ابن أب ليلى ،زهي ،شريك بن عبد ال ،السن بن صال ،حفص بن غياث ،أبو بكر
بن عياش ،أبو الحوص ،وكيع بن الراح ،عبدال بن ني ،أبو أسامة عبد ال بن إدريس ،زيد بن الباب،
ال سي بن علي الع في ،م مد بن ب شر العبدي ،ي ي بن آدم ،وم مد ويعلى وعمرو ب نو عب يد .و من أ هل
البصرة :السن بن أب السن ،ممد بن سيين ،قتادة ابن دعامة ،بكر بن عبدال الزن ،أيوب السختيان ،
يونس بن عبيد ،عبد ال بن عون ،سليمان التيمي ،هشام بن حسان الدستوائي ،شعبة ابن الجاج ،حاد
بن سلمة ،حاد بن زيد ،أبو الشهب يزيد بن إبراهيم ،أبو عوانة وهيب بن خالد ،عبدالوارث بن سعيد ،
معت مر بن سليمان التي مي ،ي ي بن سعيد القطان ،ع بد الرح ن بن مهدي ،ب شر بن الف ضل ،يز يد بن
زريع ،الؤمل بن إساعيل ،خالد بن الارث ،معاذ بن معاذ ،أبو عبد الرحن القري .ومن أهل واسط :هشيم
بن بشي ،خالد بن عبد ال ،علي بن عاصم ،يزيد بن هارون ،صال بن عمر بن علي بن عاصم .ومن أهل
الشرق :الضحاك بن مزاحم ،أبو جرة نصر بن عمران ،عبد ال بن البارك ،النضر بن شيل ،جرير بن عبد
الم يد ال ضب .قال أ بو عب يد :هؤلء جي عا يقولون :اليان قول وع مل يز يد وين قص ; و هو قول أ هل ال سنة
العمول به عندنا .قلت :ذكر من الكوفيي من قال ذلك أكثر ما ذكر من غيهم لن الرجاء ف أهل الكوفة
كان أول في هم أك ثر وكان أول من قاله حاد بن أ ب سليمان فاحتاج علماؤ ها أن يظهروا إنكار ذلك فك ثر
من هم من قال ذلك ; ك ما أن التج هم وتعط يل ال صفات ل ا كان ابتداء حدو ثه من خرا سان ك ثر من علماء
خراسان ذلك الوقت من النكار على الهمية ما ل يوجد قط لن ل تكن هذه البدعة ف بلده ول سع با كما
جاء ف حد يث{ :إن ل ع ند كل بد عة يكاد ب ا ال سلم وأهله من يتكلم بعلمات ال سلم ; فاغتنموا تلك
الجالس فإن الرح ة تنل على أهل ها} أو ك ما قال .وإذا كان من قول ال سلف :إن الن سان يكون ف يه إيان
ونفاق فكذلك ف قولم :إنه يكون فيه إيان وكفر ليس هو الكفر الذي ينقل عن اللة ; كما قال ابن عباس
وأ صحابه ف قوله تعال{ :و من ل ي كم ب ا أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قالوا :كفروا كفرا ل ين قل عن
اللة وقد اتبعهم على ذلك أحد بن حنبل وغيه من أئمة السنة .قال المام ممد بن نصر الروزي ف كتاب "
ال صلة " :اختلف الناس ف تف سي حد يث جبائ يل هذا فقال طائ فة من أ صحابنا :قول ال نب صلى ال عل يه
وسلم{ :اليان أن تؤمن بال} وما ذكر معه كلم جامع متصر له غور وقد وهت الرجئة ف تفسيه فتأولوه
على غي تأويله قلة معرفة منهم بلسان العرب وغور كلم النب صلى ال عليه و سلم الذي قد أعطي جوامع
الكلم وفواته واختصر له الديث اختصارا .أما قوله{ :اليان أن تؤمن بال} فأن توحده وتصدق به بالقلب
واللسان وتضع له ولمره بإعطاء العزم للداء لا أمر مانبا للستنكاف والستكبار والعاندة فإذا فعلت ذلك
لزمت مابه واجتنبت مساخطه .وأما قوله " :وملئكته " فأن تؤمن بن سى ال لك منهم ف كتابه وتؤمن بأن
ل ملئكة سواهم ل يعرف أ ساءهم وعددهم إل الذي خلقهم .وأما قوله " :وكتبه " فأن تؤمن با سى ال
من كت به ف كتا به من التوراة والن يل والزبور خا صة ; وتؤمن بأن ل سوى ذلك كتبا أنزل ا على أنبيائه ل
يعرف أساءها وعددها إل الذي أنزلا وتؤمن بالفرقان وإيانك به غي إيانك بسائر الكتب .إيانك بغيه من
الكتب إقرارك به بالقلب واللسان وإيانك بالفرقان إقرارك به واتباعك ما فيه .وأما قوله " :ورسله " فأن تؤمن
با سى ال ف كتابه من رسله وتؤمن بأن ال سواهم رسل وأنبياء ل يعلم أساءهم إل الذي أرسلهم وتؤمن
بح مد صلى ال عل يه و سلم وإيا نك به غ ي إيا نك ب سائر الر سل .إيا نك ب سائر الر سل إقرارك ب م وإيا نك
بح مد إقرارك به وت صديقك إياه دائ با على ما جاء به فإذا اتب عت ما جاء به أد يت الفرائض وأحللت اللل
وحرمت الرام ووقفت عند الشبهات وسارعت ف اليات وأما قوله " :واليوم الخر " فأن تؤمن بالبعث بعد
الوت والسهاب واليزان والثواب والعقاب والنهة والنار وبكهل مها وصهف ال بهه يوم القيامهة .وأمها قوله:
{وتؤمن بالقدر خيه وشره} فأن تؤمن بأن ما أصابك ل يكن ليخطئك وأن ما أخطأك ل يكن ليصيبك ول
تقل :لو كان كذا ل يكن كذا ولول كذا وكذا ل يكن كذا وكذا .قال :فهذا هو اليان بال وملئكته وكتبه
ورسله واليوم الخر.
فصل (ص )314
وم ا ي سأل ع نه أ نه إذا كان ما أوج به ال من العمال الظاهرة أك ثر من هذه ال مس ; فلماذا قال :ال سلم
هذه المس وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر السلم وأعظمها وبقيام العبد با يتم إسلمه وتركه
لا يشعر بانلل قيد انقياده .و " التحقيق " أن النب صلى ال عليه وسلم ذكر الدين الذي هو استسلم العبد
لربه مطلقا الذي يب ل عبادة مضة على العيان .فيجب على كل من كان قادرا عليه ليعبد ال با ملصا له
الدين .وهذه هي المس وما سوى ذلك فإنا يب بأسباب لصال فل يعم وجوبا جيع الناس ; بل إما أن
يكون فرضا على الكفاية كالهاد والمر بالعروف والنهي عن النكر ; وما يتبع ذلك من إمارة وحكم وفتيا ;
وإقراء وتد يث وغ ي ذلك .وإ ما أن ي ب ب سبب حق للدمي ي ي تص به من و جب له وعل يه و قد ي سقط
بإ سقاطه .وإذا ح صلت ال صلحة أو البراء إ ما بإبرائه وإ ما ب صول ال صلحة فحقوق العباد م ثل قضاء الديون
ورد الغصهوب والعواري والودائع والنصهاف مهن الظال مهن الدماء والموال والعراض ; إناه ههي حقوق
الدميي وإذا أبرئوا منها سقطت .وتب على شخص دون شخص ف حال دون حال ل تب عبادة مضة ل
على كهل عبهد قادر ; ولذا يشترك فيهها السهلمون واليهود والنصهارى بلف المسهة فإناه مهن خصهائص
السلمي .وكذلك ما يب من صلة الرحام وحقوق الزوجة والولد واليان والشركاء والفقراء .وما يب
من أداء الشهادة والفتيا والقضاء والمارة والمر بالعروف والنهي عن النكر والهاد ; كل ذلك يب بأسباب
عار ضة على ب عض الناس دون ب عض للب منا فع ود فع مضار لو ح صلت بدون ف عل الن سان ل ت ب ; ف ما
كان مشتر كا ف هو وا جب على الكفا ية و ما كان مت صا فإن ا ي ب على ز يد دون عمرو ل يشترك الناس ف
وجوب ع مل بعي نه على كل أ حد قادر سوى ال مس ; فإن زو جة ز يد وأقار به لي ست زو جة عمرو وأقار به
فليس الواجب على هذا مثل الواجب على هذا بلف صوم رمضان وحج البيت والصلوات المس والزكاة ;
فإن الزكاة وإن كانت حقا ماليا فإنا واجبة ل ; والصناف الثمانية مصارفها ; ولذا وجبت فيها النية ول يز
أن يفعلها الغي عنه بل إذنه ول تطلب من الكفار .وحقوق العباد ل يشترط لا النية ولو أداها غيه عنه بغي
إذ نه برئت ذم ته ويطالب ب ا الكفار و ما ي ب ح قا ل تعال كالكفارات هو ب سبب من الع بد وفي ها شوب
العقوبات فإن الوا جب ل " ثلثهة أنواع " :عبادة م ضة كال صلوات وعقوبات م ضة كالدود و ما يشبه ها
كالكفارات .وكذلك كفارات ال ج و ما ي ب بالنذر فإن ذلك ي ب ب سبب ف عل من الع بد و هو وا جب ف
ذمته .وأما " الزكاة " فإنا تب حقا ل ف ماله .ولذا يقال :ليس ف الال حق سوى الزكاة أي ليس فيه حق
يب بسبب الال سوى الزكاة وإل ففيه واجبات بغي سبب الال كما تب النفقات للقارب والزوجة والرقيق
والبهائم وي ب ح ل العاقلة وي ب قضاء الديون وي ب العطاء ف النائ بة وي ب إطعام الائع وك سوة العاري
فرضا على الكفاية ; إل غي ذلك من الواجبات الالية .لكن بسبب عارض والال شرط وجوبا كالستطاعة
ف الج فإن البدن سبب الوجوب والستطاعة شرط والال ف الزكاة هو السبب والوجوب معه ; حت لو ل
يكن ف بلده من يستحقها حلها إل بلدة أخرى وهي حق وجب ل تعال .ولذا قال :من قال من الفقهاء :إن
التكليف شرط فيها فل تب على الصغي والجنون .وأما عامة الصحابة والمهور كمالك والشافعي وأحد
فأوجبوها ف مال الصغي والجنون لن مالما من جنس مال غيها ووليهما يقوم مقامهما بلف بدنما .فإنه
إنا يتصرف بعقلهما ; وعقلهما ناقص .وصار هذا كما يب العشر ف أرضهما مع أنه إنا يستحقه الثمانية.
وكذلك إياب الكفارة ف مالما .والصلة والصيام إنا تسقط لعجز العقل عن الياب ل سيما إذا انضم إل
عجز البدن كالصغي .وهذا العن منتف ف الال فإن الول قام مقامهما ف الفهم كما يقوم مقامهما ف جيع ما
يب ف الال وأما بدنما فل يب عليهما فيه شيء.
فصل (ص )317
قال ممد بن ن صر :واستدلوا على أن اليان هو ما ذكره باليات الت تلوناها عند ذكر تسمية ال الصلة
و سائر الطاعات إيا نا وا ستدلوا أي ضا ب ا قص ال من إباء إبل يس ح ي ع صى ر به ف سجدة واحدة أ مر أن
ي سجدها لدم فأباها .ف هل ج حد إبليس ربه وهو يقول{ :رب با أغويت ن} ويقول{ :رب فأنظر ن إل يوم
يبعثون} إيانا منه بالبعث وإيانا بنفاذ قدرته ف إنظاره إياه إل يوم يبعثون وهل جحد أحدا من أنبيائه أو أنكر
شيئا من سلطانه وهو يلف بعزته ؟ وهل كان كفره إل بترك سجدة واحدة أمر با فأباها ؟ قال :واستدلوا
أي ضا ب ا قص ال علي نا من ن بأ اب ن آدم {إذ قر با قربا نا فتق بل من أحده ا ول يتق بل من ال خر} إل قوله:
{فأصبح من الاسرين} قالوا :وهل جحد ربه ؟ وكيف يحده وهو يقرب القربان ؟ .قالوا :قال ال تعال:
{إن ا يؤ من بآيات نا الذ ين إذا ذكروا ب ا خروا سجدا و سبحوا ب مد رب م و هم ل ي ستكبون} ول ي قل :إذا
ذكروا با أقروا با فقط .وقال{ :الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلوته أولئك يؤمنون به} يعن يتبعونه حق
اتباعه فإن قيل :فهل مع ما ذكرت من سنة ثابتة تبي أن العمل داخل ف اليان بال وملئكته وكتبه ورسله ؟
قيل :نعم عامة السنن والثار تنطق بذلك منها حديث وفد عبد القيس ; وذكر حديث شعبة وقرة بن خالد
عن أ ب جرة عن ا بن عباس ك ما تقدم ولف ظه {آمر كم باليان بال وحده} ث قال { :هل تدرون ما اليان
بال وحده ؟ قالوا :ال ورسهوله أعلم قال :شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال وإقام الصهلة وإيتاء
الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا خس ما غنمتم} وذكر أحاديث كثية توجب دخول العمال ف اليان مثل
قوله ف حد يث (000بياض ف ال صل) ل ا سئل صلى ال عل يه و سلم ث قال أ بو ع بد ال م مد بن ن صر:
اختلف أصحابنا ف تفسي قول النب صلى ال عليه وسلم{ :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} فقالت طائفة
منهم :إنا أراد النب صلى ال عليه وسلم إزالة اسم اليان عنه من غي أن يرجه من السلم ول يزيل عنه اسه
وفرقوا بي اليان والسلم وقالوا :إذا زن فليس بؤمن وهو مسلم واحتجوا لتفريقهم بي السلم واليان.
بقوله{ :قالت العراب آم نا} ال ية فقالوا :اليان خاص يث بت ال سم به بالع مل مع التوح يد وال سلم عام
يث بت ال سم بالتوح يد والروج من ملل الك فر واحتجوا بد يث سعد بن أ ب وقاص وذكره عن { سعد أن
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أع طى رجال ول ي عط رجل من هم شيئا .فقلت :يا ر سول ال أعط يت فل نا
وفلنا ول تعط فلنا وهو مؤمن .فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم :أو مسلم أعادها ثلثا والنب صلى ال
عليه وسلم يقول :أو مسلم ث قال :إن لعطي رجال وأمنع آخرين وهم أحب إل منهم مافة أن يكبوا على
وجوههم ف النار} قال الزهري :فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل .قال ممد بن نصر :واحتجوا بإنكار
عبد ال بن مسعود على من شهد لنفسه باليان فقال :أنا مؤمن من غي استثناء وكذلك أصحابه من بعده
وجل علماء الكوفة على ذلك .واحتجوا بديث أب هريرة{ :يرج منه اليان فإن رجع رجع إليه} وبا أشبه
ذلك من الخبار وبا روي عن السن وممد بن سيين أنما كانا يقولن :مسلم ويهابان :مؤمن ; واحتجوا
بقول أب جعفر الذي حدثناه إسحاق بن إبراهيم أنبأنا وهب بن جرير بن حازم حدثن أب عن فضيل بن بشار
عن أ ب جع فر م مد بن علي أ نه سئل عن قول ال نب صلى ال عل يه و سلم{ :ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو
مؤمن} فقال أبو جعفر :هذا السلم ودور دارة واسعة وهذا اليان ودور دارة صغية ف وسط الكبية فإذا
زن أو سرق خرج من اليان إل السلم ول يرجه من السلم إل الكفر بال .واحتجوا با روي عن النب
صلى ال عليه وسلم قال{ :أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص} حدثنا بذلك يي بن يي حدثنا ابن ليعة
عن شريح بن هانئ عن عقبة بن عامر الهن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال {أسلم الناس وآمن عمرو
بن العاص} .وذكر عن حاد بن زيد أنه كان يفرق بي اليان والسلم فجعل اليان خاصا والسلم عاما.
قال :فل نا ف هؤلء أ سوة وب م قدوة مع ما يث بت ذلك من الن ظر وذلك أن ال ج عل ا سم الؤ من ا سم ثناء
وتزكية ومدحة أوجب عليه النة فقال{ :وكان بالؤمني رحيما} {تيتهم يوم يلقونه سلم وأعد لم أجرا
كريا} وقال{ :وبشر الؤمني بأن لم من ال فضل كبيا} وقال{ :وبشر الذين آمنوا أن لم قدم صدق عند
ربم} وقال{ :يوم ترى الؤمني والؤمنات يسعى نورهم بي أيديهم وبأيانم} وقال{ :ال ول الذين آمنوا
يرجهم من الظلمات إل النور} وقال{ :وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار} .قال :ث
أوجهب ال النار على الكبائر فدل بذلك على أن اسهم اليان زائل عمهن أتهى كهبية .قالوا :ول نده أوجهب
النة باسم السلم فثبت أن اسم السلم له ثابت على حاله وا سم اليان زائل عنه .فإن ق يل لم ف قولم
هذا :ل يس اليان ضد الك فر قالوا :الك فر ضد ل صل اليان لن لليان أ صل وفرو عا فل يث بت الك فر ح ت
يزول أصل اليان الذي هو ضد الكفر فإن قيل لم ; فالذين زعمتم أن النب صلى ال عليه وسلم أزال عنهم
اسم اليان هل فيهم من اليان شيء ؟ قالوا :نعم أصله ثابت ولول ذلك لكفروا .أل تسمع إل ابن مسعود
أنكر على الذي شهد أنه مؤمن ث قال :لكنا نؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله يبك أنه قد آمن من جهة أنه
صدق وأ نه ل ي ستحق ا سم الؤ من إذا كان يعلم أ نه مق صر ل نه ل ي ستحق هذا ال سم عنده إل من أدى ما
و جب عل يه وانت هى ع ما حرم عل يه من الوجبات للنار ال ت هي الكبائر .قالوا :فل ما أبان ال أن هذا ال سم
يستحقه من قد استحق النة وأن ال قد أوجب النة عليه .وعلمنا أنا قد آمنا وصدقنا ; لنه ل يرج من
التصديق إل بالتكذيب ; ولسنا بشاك ي ول مكذب ي ; وعلم نا أ نا عا صون له م ستوجبون للعذاب و هو ضد
الثواب الذي حكم ال به للمؤمني على اسم اليان ; علمنا أنا قد آمنا وأمسكنا عن السم الذي أثبت ال
عليه الكم ف النة وهو من ال اسم ثناء وتزكية وقد نانا ال أن نزكي أنفسنا وأمرنا بالوف على أنفسنا
وأوجب لنا العذاب بعصياننا فعلمنا أنا لسنا بستحقي بأن نتسمى مؤمني إذ أوجب ال على اسم اليان الثناء
والتزكيهة والرأفهة والرحةه والغفرة والنهة ; وأوجهب على الكبائر النار وهذان حكمان متضادان .فإن قيهل:
فكيف أمسكتم عن اسم اليان أن تسموا به وأنتم تزعمون أن أصل اليان ف قلوبكم وهو التصديق بأن ال
حق وما قاله صدق ؟ قالوا :إن ال ورسوله وجاهي السلمي سوا الشياء با غلب عليها من الساء فسموا
الزا ن فا سقا والقاذف فا سقا وشارب ال مر فا سقا ول ي سموا واحدا من هؤلء متق يا ول ور عا ; و قد أج ع
السلمون أن فيه أصل التقوى والورع وذلك أنه يتقي أن يكفر أو يشرك بال شيئا .وكذلك يتقي ال أن يترك
الغ سل من النا بة أو ال صلة ويت قي أن يأ ت أ مه ف هو ف ج يع ذلك م تق و قد أج ع ال سلمون من الوافق ي
والخالفي أنم ل يسمونه متقيا ول ورعا إذا كان يأت بالفجور فلما أجعوا أن أصل التقى والورع ثابت فيه
وأ نه قد يز يد ف يه فر عا ب عد ال صل كتور عه عن إتيان الحارم ث ل ي سمونه متق يا ول ور عا مع إتيا نه ب عض
الكبائر بل سوه فاسقا وفاجرا مع علمهم أنه قد أتى ببعض التقى والورع فمنعهم من ذلك أن اسم التقى اسم
ثناء وتزك ية وأن ال قد أو جب عل يه الغفرة وال نة .قالوا :فلذلك ل ن سميه مؤم نا ون سميه فا سقا زان يا .وإن
كان ف قلبه أصل اسم اليان لن اليان اسم أثن ال به على الؤمني وزكاهم به وأوجب عليه النة فمن ث
قل نا :م سلم ول ن قل :مؤ من قالوا :ولو كان أ حد من ال سلمي الوحد ين ي ستحق أل يكون ف قل به إيان ول
إ سلم لكان أ حق الناس بذلك أ هل النار الذ ين دخلو ها فل ما وجد نا ال نب صلى ال عل يه و سلم ي ب أن ال
يقول{ :أخرجوا من النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} ثبت أن شر السلمي ف قلبه إيان ولا وجدنا
المة تكم عليه بالحكام الت ألزمها ال للمسلمي ول يكفرونم ول يشهدون لم بالنة :ثبت أنم مسلمون
إذ أجعوا أن يضوا عليهم أحكام السلمي وأنم ل يستحقون أن يسموا مؤمن ي إذ كان السلم يثبت للملة
الت يرج با النسان من جيع اللل فتزول عنه أساء اللل إل اسم السلم وتثبت أحكام السلم عليه وتزول
ع نه أحكام ج يع اللل .فإن قال ل م قائل :ل ل تقولوا :كا فر إن شاء ال تريدون به كمال الك فر ك ما قل تم:
مؤمنون إن شاء ال تريدون بهه كمال اليان ؟ قالوا :لن الكافهر منكهر للحهق والؤمهن أصهل إيانهه القرار ,
والنكار ل أول له ول آ خر فتنت ظر به القائق واليان أ صله الت صديق والقرار ينت ظر به حقائق الداء ل ا أ قر
والتحقيق لا صدق ; ومثل ذلك كمثل رجلي عليهما حق لرجل فسأل أحدها حقه فقال :ليس لك عندي
حق فأنكر وجحد فلم يبق له منلة يقق با ما قال إذا جحد وأنكر وسأل الخر حقه فقال :نعم لك علي
كذا وكذا فل يس إقراره بالذي ي صل إل يه بذلك ح قه دون أن يوف يه ; ف هو منت ظر له أن ي قق ما قال بالداء
ويصدق إقراره بالوفاء ولو أقر ث ل يؤد إليه حقه كان كمن جحده ف العن إذ استويا ف الترك للداء فتحقيق
ما قال أن يؤدي إليه حقه ; فإن أدى جزءا منه حقق بعض ما قال ووف ببعض ما أقر به .وكلما أدى جزءا
ازداد تقيقا لا أقر به .وعلى الؤمن الداء أبدا با أقر به حت يوت .فمن ث قلنا :مؤمن إن شاء ال ول نقل:
كافر إن شاء ال .قال ممد بن نصر :وقالت طائفة أخرى من أصحاب الديث بثل مقالة هؤلء إل أنم سوه
مسهلما لروجهه مهن ملل الكفهر ولقراره بال وباه قال ول يسهموه مؤمنها .وزعموا أنمه مهع تسهميتهم إياه
بالسلم كافر ; ل كافر بال ; ولكن كافر من طريق العمل .وقالوا :كفر ل ينقل عن اللة ; وقالوا :مال أن
يقول النب صلى ال عليه وسلم{ :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} والكفر ضد اليان فل يزول عنه اسم
اليان إل واسم الكفر لزم له لن الكفر ضد اليان إل أن الكفر كفران :كفر هو جحد بال وبا قال فذاك
ضده القرار بال والتصديق به وبا قال وكفر هو عمل فهو ضد اليان الذي هو عمل أل ترى إل ما روي
عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} قالوا :فإذا ل يؤمن فقد كفر ول
يوز غي ذلك إل أنه كفر من جهة العمل إذ ل يؤمن من جهة العمل لنه ل يضيع ما فرض عليه ويرتكب
الكبائر إل من قلة خوفه وإنا يقل خوفه من قلة تعظيمه ل ووعيده فقد ترك من اليان التعظيم الذي صدر عنه
الوف والورع فأقسم النب صلى ال عليه وسلم أنه ل يؤمن إذا ل يأمن جاره بوائقه .ث قد روى جاعة عن
النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :سباب السلم فسوق وقتاله كفر} وأنه قال{ :إذا قال السلم لخيه :يا
كافر فلم يكن كذلك باء بالكفر} .فقد ساه النب صلى ال عليه وسلم بقتاله أخاه كافرا وبقوله له :يا كافر
كافرا ; وهذه الكل مة دون الز نا وال سرقة وشرب ال مر .قالوا :فأ ما قول من اح تج علي نا فز عم أ نا إذا سيناه
كافرا لزمنا أن يكم عليه بكم الكافرين بال فنستتيبه ونبطل الدود عنه ; لنه إذا كفر فقد زالت عنه أحكام
الؤمني وحدودهم وف ذلك إسقاط الدود وأحكام الؤمني على كل من أتى كبية فإنا ل نذهب ف ذلك
إل حيهث ذهبوا ولكنها نقول :لليان أصهل وفرع وضهد اليان الكفهر فه كهل معنه فأصهل اليان القرار
والتصديق وفرعه إكمال العمل بالقلب والبدن فضد القرار والتصديق الذي هو أصل اليان :الكفر بال وبا
قال وترك التصديق به وله وضد اليان الذي هو عمل وليس هو إقرار كفر ليس بكفر بال ينقل عن اللة ;
ولكن كفر تضييع العمل كما كان العمل إيانا وليس هو اليان الذي هو إقرار بال فلما كان من ترك اليان
الذي هو إقرار بال كافرا ي ستتاب و من ترك اليان الذي هو ع مل م ثل الزكاة والج والصوم أو ترك الورع
عن شرب المر والزنا قد زال عنه بعض اليان ول يب أن يستتاب عندنا ول عند من خالفنا من أهل السنة
وأ هل البدع م ن قال :إن اليان ت صديق وع مل إل الوارج وحد ها فكذلك ل ي ب بقول نا :كا فر من ج هة
تضي يع الع مل أن ي ستتاب ول تزول ع نه الدود ك ما ل ي كن بزوال اليان الذي هو ع مل ا ستتابة ول إزالة
الدود والحكام ع نه إذ ل يزل أ صل اليان ع نه فكذلك ل ي ب علي نا ا ستتابته وإزالة الدود والحكام ع نه
بإثباتنا له اسم الكفر من قبل العمل إذ ل يأت بأصل الك فر الذي هو جحد بال أو با قال .قالوا :ولا كان
العلم بال إيانا والهل به كفرا وكان العمل بالفرائض إيانا والهل ب ا قبل نزول ا ليس بكفر لن أصحاب
رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أقروا بال أول ما بعث ال رسوله صلى ال عليه وسلم إليهم ول يعلموا
الفرائض الت افترضت عليهم بعد ذلك فلم يكن جهلهم بذلك كفرا ث أنزل ال عليهم الفرائض فكان إقرارهم
با والقيام با إيانا وإنا يكفر من جحدها لتكذيبه خب ال ; ولو ل يأت خب من ال ما كان بهلها كافرا
وبعد ميء الب من ل يسمع بالب من السلمي ل يكن بهلها كافرا .والهل بال ف كل حال كفر قبل
ال ب وب عد ال ب .قالوا :ف من ث قل نا :إن ترك الت صديق بال ك فر ; وإن ترك الفرائض مع ت صديق ال أ نه قد
أوجبها كفر ; ليس بكفر بال إنا هو كفر من جهة ترك الق كما يقول القائل :كفرتن حقي ونعمت يريد
ضيعت حقي وضيعت شكر نعمت ; قالوا :ولنا ف هذا قدوة بن روي عنهم من أصحاب رسول ال صلى ال
عليه وسلم والتابعي إذ جعلوا للكفر فروعا دون أصله ل ينقل صاحبه عن ملة السلم كما أثبتوا لليان من
جهة العمل فروعا للصل ل ينقل تركه عن ملة السلم من ذلك قول ابن عباس ف قوله{ :ومن ل يكم با
أنزل ال فأولئك هم الكافرون} .قال ممد بن نصر :حدثنا ابن يي حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام يعن ابن
عروة عن حجي عن طاووس عن ابن عباس{ :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} ليس بالكفر
الذي يذهبون إليه .حدثنا ممد بن يي وممد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه
قال :سئل ابن عباس عن قوله{ :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قال هي به كفر قال ابن
طاووس :وليس كمن كفر بال وملئكته وكتبه ورسله .حدثنا إسحاق أنبأنا وكيع عن سفيان عن معمر عن
ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال :هو به كفر وليس كمن كفر بال وملئكته وكتبه ورسله وبه أنبأنا
وكيع عن سفيان عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال :قلت لبن عباس{ :ومن ل يكم با أنزل ال} فهو
كافر .قال :هو به كفر وليس كمن كفر بال واليوم الخر وملئكته وكتبه ورسله حدثنا ممد بن يي حدثنا
عبد الرزاق عن سفيان عن رجل عن طاووس عن ابن عباس قال :كفر ل ينقل عن اللة .حدثنا إسحاق أنبأنا
وكيع عن سفيان عن سعيد الكي عن طاووس قال ليس بكفر ينقل عن اللة .حدثنا إسحاق أنبأنا وكيع عن
سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال :كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق .قال ممد بن نصر:
قالوا :وقد صدق عطاء قد يسمى الكافر ظالا ويسمى العاصي من السلمي ظالا فظلم ينقل عن ملة السلم
وظلم ل ين قل .قال ال تعال{ :الذ ين آمنوا ول يلب سوا إيان م بظلم} وقال{ :إن الشرك لظلم عظ يم} وذ كر
حديهث ابهن مسهعود التفهق عليهه قال{ :لاه نزلت{ :الذيهن آمنوا ول يلبسهوا إيانمه بظلم} شهق ذلك على
أ صحاب ال نب صلى ال عل يه و سلم وقالوا :أي نا ل يظلم نف سه ؟ قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل يس
بذلك .أل ت سمعوا إل قول الع بد ال صال{ :إن الشرك لظلم عظ يم} إن ا هو الشرك} .حدث نا م مد بن ي ي
حدثنا الجاج بن النهال عن حاد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن عمر بن
الطاب كان إذا دخل بيته نشر الصحف فقرأ فيه فدخل ذات يوم فقرأ فأتى على هذه الية {الذين آمنوا ول
يلبسوا إيانم بظلم} إل آخر الية فانتعل وأخذ رداءه ث أتى إل أب بن كعب فقال :يا أبا النذر أتيت قبل
على هذه الية {الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم} وقد نرى أنا نظلم ونفعل .فقال :يا أمي الؤمني إن هذا
ليس بذلك يقول ال{ :إن الشرك لظلم عظيم} إنا ذلك الشرك .قال ممد بن نصر :وكذلك " الفسق فسقان
" :فسق ينقل عن اللة وفسق ل ينقل عن اللة فيسمى الكافر فاسقا والفاسق من السلمي فاسقا ذكر ال إبليس
فقال{ :ففسق عن أمر ربه} وكان ذلك الفسق منه كفرا وقال ال تعال{ :وأما الذين فسقوا فمأواهم النار}
يريد الكفار دل على ذلك قوله{ :كل ما أرادوا أن يرجوا منها أعيدوا فيها وق يل ل م ذوقوا عذاب النار الذي
كنتم به تكذبون} وسي الفاسق من السلمي فاسقا ول يرجه من السلم .قال ال تعال{ :والذين يرمون
الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة ول تقبلوا لم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}
وقال تعال{ :فمهن فرض فيههن الجه فل رفهث ول فسهوق ول جدال فه الجه} فقالت العلماء فه تفسهي
الف سوق هاه نا :هي العا صي .قالوا :فل ما كان الظلم ظلم ي والف سق ف سقي كذلك الك فر كفران( :أحده ا
ينقل عن اللة) و (الخر ل ينقل عن اللة) وكذلك الشرك " شركان " :شرك ف التوحيد ينقل عن اللة وشرك
ف الع مل ل ين قل عن اللة و هو الرياء قال تعال{ :ف من كان يرجوا لقاء ر به فليع مل عمل صالا ول يشرك
بعبادة ربه أحدا} يريد بذلك الراءاة بالعمال الصالة .وقال النب صلى ال عليه وسلم{ :الطية شرك} .قال
ممد بن نصر :فهذان مذهبان ها ف الملة مكيان عن أحد بن حنبل ف موافقيه من أصحاب الديث حكى
الشالنجي إساعيل بن سعيد أنه سأل أحد بن حنبل عن الصر على الكبائر يطلبها بهده إل أنه ل يترك الصلة
والزكاة والصيام هل يكون مصرا من كانت هذه حاله ؟ قال :هو مصر مثل قوله{ :ل يزن الزان حي يزن
وهو مؤمن} .يرج من اليان ويقع ف السلم ومن نو قوله{ :ل يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن ول
ي سرق ح ي ي سرق و هو مؤ من} و من ن و قول ا بن عباس ف قوله{ :و من ل ي كم ب ا أنزل ال فأولئك هم
الكافرون} فقلت له :ما هذا الكفر ؟ فقال :كفر ل ينقل عن اللة مثل اليان بعضه دون بعض وكذلك الكفر
حت ييء من ذلك أمر ل يتلف فيه .وقال ابن أب شيبة{ :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} :ل يكون
م ستكمل اليان يكون ناق صا من إيا نه قال :و سألت أح د بن حن بل عن " ال سلم واليان " فقال :اليان
قول وعمل والسلم إقرار .قال :وبه قال أبو خيثمة وقال ابن أب شيبة ل يكون السلم إل بإيان ول إيان
إل بإسلم " .قلت " :وقد تقدم تام الكلم بتلزمهما وإن كان مسمى أحدها ليس هو مسمى الخر .وقد
حكى غي واحد إجاع أهل السنة والديث على أن اليان قول وعمل .قال أبو عمر بن عبد الب ف " التمهيد
" :أجع أهل الفقه والديث على أن اليان قول وعمل ول عمل إل بنية واليان عندهم يزيد بالطاعة وينقص
بالعصية والطاعات كلها عندهم إيان إل ما ذكر عن أب حنيفة وأصحابه فإنم ذهبوا إل أن الطاعة ل تسمى
إيانا قالوا إنا اليان الت صديق والقرار ومنهم من زاد العرفة وذكر ما احتجوا به ...إل أن قال :وأ ما سائر
الفقهاء من أهل الرأي والثار بالجاز والعراق والشام وم صر من هم مالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان
الثوري والوزاعي والشافعي وأحد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلم وداود ابن علي
وال طبي و من سلك سبيلهم ; فقالوا :اليان قول وع مل قول بالل سان و هو القرار واعتقاد بالقلب وع مل
بالوارح مع الخلص بالنية الصادقة .قالوا :وكل ما يطاع ال عز وجل به من فريضة ونافلة فهو من اليان
واليان يزيد بالطاعات وينقص بالعاصي وأهل الذنوب عندهم مؤمنون غي مستكملي اليان من أجل ذنوبم
وإنا صاروا ناقصي اليان بارتكابم الكبائر .أل ترى إل قول النب صلى ال عليه وسلم {ل يزن الزان حي
يزن وهو مؤمن} ...الديث يريد مستكمل اليان ول يرد به نفي جيع اليان عن فاعل ذلك بدليل الجاع
على تور يث الزا ن وال سارق وشارب ال مر إذا صلوا إل القبلة وانتحلوا دعوة ال سلم من قرابات م الؤمن ي
الذ ين ليسوا بتلك الحوال واح تج على ذلك ; ث قال :وأك ثر أ صحاب مالك على أن اليان والسلم شيء
واحد .قال :وأما قول العتزلة فاليان عندهم جاع الطاعات ومن قصر منها عن شيء فهو فاسق ; ل مؤمن
ول كا فر وهؤلء هم التحققون بالعتزال أ صحاب النلة ب ي النلت ي ...إل أن قال :وعلى أن اليان يز يد
وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالعصية وعليه جاعة أهل الثار ; والفقهاء من أهل الفتيا ف المصار وروى ابن
القاسم عن مالك أن اليان يزيد وتوقف ف نقصانه .وروى عنه عبد الرزاق ومعن بن عيسى وابن نافع أنه
يزيد وينقص وعلى هذا مذهب الماعة من أهل الديث والمد ل .ث ذكر حجج الرجئة ; ث حجج أهل
ال سنة ورد على الوارج التكف ي بالدود الذكورة للع صاة ف الز نا وال سرقة ون و ذلك .وبالوار ثة وبد يث
عبادة{ :من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ف الدنيا فهو كفارة} وقال :اليان مراتب بعضها فوق بعض ;
فليس ناقص اليان ككامل اليان .قال ال تعال{ :إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} أي حقا.
ولذلك قال{ :هم الؤمنون حقا} وكذلك قوله صلى ال عليه و سلم{ :الؤمن من أمنه الناس ; والسلم من
سلم ال سلمون من ل سانه ويده} -يع ن ح قا -و من هذا قوله{ :أك مل الؤمن ي إيا نا} .ومعلوم أن هذا ل
يكون أك مل ح ت يكون غيه أن قص وقوله{ :أو ثق عرى اليان ال ب ف ال والب غض ف ال} .وقوله{ :ل
إيان ل ن ل أما نة له} يدل على أن ب عض اليان أو ثق وأك مل من ب عض وذ كر الد يث الذي رواه الترمذي
وغيه { :من أ حب ل وأب غض ل} الد يث .وكذلك ذ كر أ بو عمرو الطلمن كي إجاع أ هل ال سنة على أن
اليان قول وع مل ون ية وإ صابة ال سنة .وقال أ بو طالب ال كي :مبا ن ال سلم الم سة :يع ن الشهادت ي ;
والصلوات المس ; والزكاة وصيام شهر رمضان ; والج .قال وأركان اليان سبعة :يعن المسة الذكورة
ف حديث جبائيل واليان بالقدر ; واليان بالنة والنار وكلها قد رويت ف حديث جبيل كما سنذكر
إن شاء ال تعال .قال :واليان بأسهاء ال تعال وصهفاته ; واليان بكتهب ال وأنهبيائه واليان باللئكهة
والشياطي ; يعن -وال أعلم -اليان بالفرق بينهما ; فإن من الناس من يعلهما جنسا واحدا ; لكن تتلف
باختلف العمال كما يتلف النسان الب والفاجر واليان بالنة والنار ; وأنما قد خلقتا قبل آدم .واليان
بالب عث ب عد الوت واليان بم يع أقدار ال خي ها وشر ها وحلو ها ومر ها ; إن ا من ال قضاء وقدرا ومشيئة
وحك ما وأن ذلك عدل م نه وحك مة بال غة ; ا ستأثر بعلم غيب ها ومع ن حقائق ها .قال :و قد قال قائلون :إن
اليان ههو السهلم وهذا قهد أذههب التفاوت والقامات وهذا يقرب مهن مذههب الرجئة :وقال آخرون :إن
ال سلم غ ي اليان وهؤلء قد أدخلوا التضاد والتغا ير وهذا قر يب من قول الباض ية ; فهذه م سألة مشكلة
تتاج إل شرح وتف صيل فم ثل ال سلم من اليان كم ثل الشهادت ي إحداه ا من الخرى ف الع ن وال كم
فشهادة الر سول غ ي شهادة الوحدان ية فه ما شيئان ف العيان .وإحداه ا مرتب طة بالخرى ف الع ن وال كم
كشيء واحد كذلك اليان والسلم أحدها مرتبط بالخر فهما كشيء واحد ل إيان لن ل إسلم له ; ول
إسلم لن ل إيان له إذ ل يلو السلم من إيان به يصح إسلمه ول يلو الؤمن من إسلم به يقق إيانه من
حيث اشترط ال للعمال الصالة اليان ; واشترط لليان العمال الصالة فقال ف تقيق ذلك {فمن يعمل
من ال صالات و هو مؤ من فل كفران ل سعيه} وقال ف تق يق اليان بالع مل{ :و من يأ ته مؤم نا قد ع مل
ال صالات فأولئك ل م الدرجات العل} ف من كان ظاهره أعمال ال سلم ول ير جع إل عقود اليان بالغ يب
فهو منافق نفاقا ينقل عن اللة ومن كان عقده اليان بالغيب ول يعمل بأحكام اليان وشرائع السلم فهو
كافر كفرا ل يثبت معه توحيد ; ومن كان مؤمنا بالغيب ما أخبت به الرسل عن ال عامل با أمر ال فهو
مؤمن مسلم ; ولول أنه كذلك لكان الؤمن يوز أن ل يسمى مسلما ; ولاز أن السلم ل يسمى مؤمنا بال.
وقد أجع أهل القبلة على أن كل مؤمن مسلم ; وكل مسلم مؤمن بال وملئكته وكتبه قال :ومثل اليان ف
العمال كم ثل القلب ف ال سم ل ين فك أحده ا عن ال خر ; ل يكون ذو ج سم حي ل قلب له ; ول ذو
قلب بغي جسم ; فهما شيئان منفردان ; وها ف الكم والعن منفصلن ; ومثلهما أيضا مثل حبة لا ظاهر
وباطن وهي واحدة .ل يقال :حبتان :لتفاوت صفتهما .فكذلك أعمال السلم من السلم هو ظاهر اليان
; وهو من أعمال الوارح ; واليان باطن السلم وهو من أعمال القلوب .وروي عن ال نب صلى ال عليه
و سلم أ نه قال{ :ال سلم علن ية ; واليان ف القلب} ; و ف ل فظ{ :اليان سر} فال سلم أعمال اليان ;
واليان عقود ال سلم ; فل إيان إل بع مل ; ول ع مل إل بع قد .وم ثل ذلك م ثل الع مل الظا هر والبا طن ;
أحدها مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الوارح ; ومثله قول رسول ال صلى ال عليه وسلم {إنا
العمال بالنيات} أي ل عمل إل بعقد وقصد لن " إنا " تقيق للشيء ونفي لا سواه ; فأثبت بذلك عمل
الوارح من العاملت ; وعمل القلوب من النيات ; فمثل العمل من اليان كمثل الشفتي من اللسان ل يصح
الكلم إل ب ما ; لن الشفت ي ت مع الروف ; والل سان يظ هر الكلم ; و ف سقوط أحده ا بطلن الكلم ;
وكذلك ف سقوط الع مل ذهاب اليان ; ولذلك حي عدد ال نعمه على النسان بالكلم ذكر الشفتي مع
الل سان ف قوله{ :أل ن عل له عين ي} {ول سانا وشفت ي} بع ن أل نعله ناظرا متكل ما ; ف عب عن الكلم
باللسان والشفتي لنما مكان له وذكر الشفتي ; لن الكلم الذي جرت به النعمة ل يتم إل بما .ومثل "
اليان " و " السلم " أيضا كفسطاط قائم ف الرض له ظاهر وأطناب وله عمود ف باطنه فالفسطاط مثل
السلم له أركان من أعمال العلنية والوارح وهي الطناب الت تسك أرجاء الفسطاط ,والعمود الذي ف
وسط الفسطاط مثله كاليان ل قوام للفسطاط إل به فقد احتاج الفسطاط إليها إذ ل قوام له ول قوة إل بما
كذلك السهلم فه أعمال الوارح ل قوام له إل باليان واليان مهن أعمال القلوب ل نفهع له إل بالسهلم
و هو صال العمال .و " أي ضا " فإن ال قد ج عل ضد ال سلم واليان واحدا فلول أن ما كش يء وا حد ف
ال كم والع ن ما كان ضده ا واحدا فقال{ :ك يف يهدي ال قو ما كفروا ب عد إيان م} وقال{ :أيأمر كم
بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون} .فجعل ضدها الكفر .قال :وعلى مثل هذا أخب رسول ال صلى ال عليه وسلم
عن اليان والسلم من صنف واحد ; فقال ف حديث ابن عمر{ :بن السلم على خس} وقال ف حديث
ابن عباس عن وفد عبد القيس إنم سألوه عن اليان فذكر هذه الوصاف فدل بذلك على أنه ل إيان باطن
إل بإسهلم ظاههر ول إسهلم ظاههر علنيهة إل بإيان سهر وأن اليان والعمهل قرينان ل ينفهع أحدهاه بدون
صاحبه .قال :فأما تفرقة النب صلى ال عليه وسلم ف حديث جبيل بي اليان والسلم فإن ذلك تفصيل
أعمال القلوب وعقودها على ما توجب هذه العان الت وصفناها أن تكون عقودا من تفصيل أعمال الوارح
ماه يوجهب الفعال الظاهرة الته وصهفها أن تكون علنيهة ل أن ذلك يفرق بيه السهلم واليان فه العنه
باختلف وتضاد ليس فيه دليل أنما متلفان ف الكم قال :ويتمعان ف عبد واحد مسلم مؤمن فيكون ما
ذكره من عقود القلب وصف قلبه وما ذكره من العلنية وصف جسمه .قال :و " أيضا " فإن المة متمعة أن
الع بد لو آ من بم يع ما ذكره من عقود القلب ف حد يث جب يل من و صف اليان ول يع مل ب ا ذكره من
وصف السلم أنه ل يسمى مؤمنا وأنه إن عمل بميع ما وصف به السلم ث ل يعتقد ما وصفه من اليان
أنه ل يكون مسلما وقد أخب النب صلى ال عليه وسلم أن المة ل تتمع على ضللة .قلت :كأنه أراد بذلك
إجاع ال صحابة و من اتبع هم أو أ نه ل ي سمى مؤم نا ف الحكام وأ نه ل يكون م سلما إذا أن كر ب عض هذه
الركان أو علم أن الرسول أخب با ول يصدقه أو أنه ل ير خلف أهل الهواء خلفا ; وإل فأبو طالب كان
عارفها بأقوالمه وهذا -وال أعلم -مراده فإنهه عقهد " الفصهل الثالث والثلثيه " فه بيان تفصهيل السهلم
واليان وشرح عقود معاملة القلب من مذهب أهل الماعة وهذا الذي قاله أجود ما قاله كثي من الناس لكن
ينازع ف شيئي( .أحدها) :أن السلم الستحق للثواب ل بد أن يكون معه اليان الواجب الفصل الذكور ف
حديث جبيل .و (الثان) :أن النب صلى ال عليه وسلم إنا يطلق مؤمنا دون مسلم ف مثل قول النب صلى ال
عل يه و سلم " :أو م سلم " لكو نه ل يس من خواص الؤمن ي وأفاضل هم كأ نه يقول :لكو نه ل يس من ال سابقي
القربي بل من القتصدين البرار فهذان ما تنازع فيهما جهور العلماء ويقولون :ل يقل النب صلى ال عليه
وسلم ف ذلك الرجل " أو مسلم " لكونه ل يكن من خواص الؤمني وأفاضلهم كالسابقي القربي فإن هذا
لو كان كذلك لكان ينفي اليان الطلق عن البرار القتصدين التقي الوعودين بالنة بل عذاب إذا كانوا من
أ صحاب اليم ي ول يكونوا من ال سابقي والقرب ي ; ول يس ال مر كذلك بل كل من أ صحاب اليم ي مع
السهابقي القربيه كلههم مؤمنون موعودون بالنهة بل عذاب وكهل مهن كان كذلك فههو [ مؤمهن ] باتفاق
السلمي من أهل السنة وأهل البدع ; ولو جاز أن ينفى اليان عن شخص لكون غيه أفضل منه إيانا نفي
اليان عن أك ثر أولياء ال التق ي بل و عن كث ي من ال نبياء وهذا ف غا ية الف ساد وهذا من ج نس قول من
يقول :ن في ال سم لن في كماله ال ستحب .و قد ذكر نا أن م ثل هذا ل يو جد ف كلم ال ور سوله ; بل هذا
الديث خص من قيل فيه مسلم وليس بؤمن فل بد أن يكون ناقصا عن درجة البرار القتصدين أهل النة
ويكون إيانه ناقصا عن إيان هؤلء كلهم فل يكون قد أتى باليان الذي أمر به هؤلء كله ث إن كان قادرا
على ذلك اليان وترك الواجهب كان مسهتحقا للذم وإن قدر أنهه ل يقدر على ذلك اليان الذي اتصهف بهه
هؤلء كان عاجزا عن مثل إيانم ول يكون هذا وجب عليه فهو وإن دخل النة ل يكون كمن قدر أنه آمن
إيانا ممل ومات قبل أن يعلم تفصيل اليان وقبل أن يتحقق به ويعمل بشيء منه فهو يدخل النة لكن ل
يكون مثل أولئك .لكن قد يقال :البرار أهل اليمي هم أيضا على درجات كما ف الديث الصحيح عن النب
صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :الؤمن القوي خي وأحب إل ال من الؤمن الضعيف وف كل خي} وقد قال
ال تعال{ :ل يستوي القاعدون من الؤمني غي أول الضرر} الية فدرجة الؤمن القوي ف النة أعلى وإن
كان كل منه ما ك مل ما و جب عل يه و قد ير يد أ بو طالب وغيه بقول م :ليس هذا من خواص الؤمن ي هذا
الع ن :أي ل يس إيا نه كإيان من ح قق خا صة اليان سواء كان من البرار أو من القرب ي وإن ل ي كن ترك
واجبا لعجزه عنه أو لكونه ل يؤمر به فل يكون مذموما ول يدح مدح أولئك ول يلزم أن يكون من أولئك
القربي .فيقال :وهذا أيضا ل ينفي عنه اليان .فيقال :هو مسلم ل مؤمن كما يقال :ليس بعال ول مفت ول
من أهل الجتهاد وقد قال النب صلى ال عليه وسلم {لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول
ن صيفه} وهذا كث ي فل يس كل ما ف ضل به الفا ضل يكون مقدورا ل ن دو نه فكذلك من حقائق اليان ما ل
يقدر عل يه كث ي من الناس بل ول أكثر هم فهؤلء يدخلون ال نة وإن ل يكونوا م ن تققوا بقائق اليان ال ت
ف ضل ال ب ا غي هم ول تركوا واج با علي هم وإن كان واج با على غي هم ولذا كان من اليان ما هو من
الواهب والف ضل من ال فإنه من جنس العلم وال سلم الظا هر من جنس الع مل ; و قد قال تعال{ :والذ ين
اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} :وقال{ :ويزيد ال الذين اهتدوا هدى} وقال{ :هو الذي أنزل السكينة
ف قلوب الؤمني ليزدادوا إيانا مع إيانم} .ومثل هذه السكينة قد ل تكون مقدورة ; ولكن ال يعل ذلك ف
قلبه فضل منه وجزاء على عمل سابق كما قال{ :ولو أنم فعلوا ما يوعظون به لكان خيا لم وأشد تثبيتا}
{وإذا لتينا هم من لد نا أجرا عظي ما} {ولدينا هم صراطا م ستقيما} ك ما قال{ :اتقوا ال وآمنوا بر سوله
يؤت كم كفل ي من رح ته وي عل ل كم نورا تشون به} وك ما قال{ :أولئك ك تب ف قلوب م اليان وأيد هم
بروح منه} ولذا قيل :من عمل با علم أورثه ال علم ما ل يعلم ; وهذا النس غي مقدور للعباد ; وإن كان
ما يقدرون عليه من العمال الظاهرة والباطنة هو أيضا بفضل ال وإعانته وإقداره لم ; لكن المور قسمان:
منه ما جنسه مقدور لم لعانة ال لم كالقيام والقعود ومنه ما جنسه غي مقدور لم ; إذا قيل :إن ال يعطي
من أطا عه قوة ف قل به وبد نه يكون ب ا قادرا على ما ل يقدر عل يه غيه فهذا أي ضا حق و هو من ج نس هذا
العن .قال تعال{ :إذ يوحي ربك إل اللئكة أن معكم فثبتوا الذين آمنوا} وقد قال{ :إذا لقيتم فئة فاثبتوا}
فأمر هم بالثبات وهذا الثبات يو حي إل اللئ كة أن م يفعلو نه بالؤمن ي والق صود أ نه قد يكون من اليان ما
يؤمر به بعض الناس ويذم على تركه ول يذم عليه بعض الناس من ل يقدر عليه ويف ضل ال ذاك بذا اليان
وإن ل ي كن الفضول ترك واج با فيقال :وكذلك ف العمال الظاهرة يؤ مر القادر على الف عل ب ا ل يؤ مر به
العاجز عنه ويؤمر بعض الناس با يؤمر به غيه ; لكن العمال الظاهرة قد يعطى النسان مثل أجر العامل إذا
كان يؤمن با ويريدها جهده ولكن بدنه عاجز كما قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح{ :إن
بالدينة لرجال ما سرت مسيا ول قطعتم واديا إل كانوا معكم قالوا :وهم بالدينة ؟ قال :وهم بالدينة حبسهم
العذر} وكما قال تعال{ :ل يستوي القاعدون من الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم
وأنفسهم فضل ال الجاهدين بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة} فاستثن أول الضرر .وف " الصحيحي
" عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :من دعا إل هدى كان له من الجر مثل أجور من اتبعه من غي أن
ينقص من أجورهم شيئا ومن دعا إل ضللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غي أن ينقص من
أوزارهم شيئا} .و ف حديث أب كب شة الناري{ :ه ا ف ال جر سواء وه ا ف الوزر سواء} رواه الترمذي
وصححه ولفظه{ :إنا الدنيا لربعة :رجل آتاه ال علما ومال فهو يتقي ف ذلك الال ربه ويصل فيه رحه
ويعلم ل فيه حقا فهذا بأفضل النازل وعبد رزقه ال علما ول يرزقه مال فهو صادق النية يقول :لو أن ل مال
لعملت بعمل فلن فهو بنيته فأجرها سواء وعبد رزقه ال مال ول يرزقه علما يبط ف ماله بغي علم ل يتقي
ف يه ر به ول ي صل ف يه رح ه ول يعلم ل ف يه ح قا فهذا بأخ بث النازل وع بد ل يرز قه ال مال ول عل ما ف هو
يقول :لو أن ل مال لعملت ف يه بع مل فلن ف هو بني ته فوزره ا سواء} .ول فظ ا بن ما جه{ :م ثل هذه ال مة
كمثل أربعة نفر :رجل آتاه ال مال وعلما فهو يعمل بعلمه ف ماله ينفقه ف حقه ورجل آتاه ال علما ول يؤته
مال فهو يقول :لو كان ل مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل .قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :فهما ف
الجر سواء ورجل آتاه ال مال ول يؤته علما فهو يتبط ف ماله ينفقه ف غي حقه ورجل ل يؤته علما ول
مال وهو يقول :لو كان ل مثل مال هذا عملت مثل الذي يعمل فهما ف الوزر سواء} .كالشخصي إذا تاثل
ف إيان القلوب معرفة وتصديقا وحبا وقوة وحال ومقاما فقد يتماثلن وإن كان لحدها من أعمال البدن ما
يعجز عنه بدن الخر كما جاء ف الثر :إن الؤمن قوته ف قلبه وضعفه ف جسمه والنافق قوته ف جسمه
وضع فه ف قل به ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف الد يث ال صحيح{ :ل يس الشد يد ذو ال صرعة إن ا
الشديد الذي يلك نفسه عند الغضب} وقد قال{ :رأيت كأن أنزع على قليب فأخذها ابن أب قحافة فنع
ذنوبا أو ذنوبي وف نزعه ضعف وال يغفر له فأخذها ابن الطاب فاستحالت ف يده غربا فلم أر عبقريا يفري
فريه حت صدر الناس بعطن} فذكر أن أبا بكر أضعف وسواء أراد قصر مدته أو أراد ضعفه عن مثل قوة عمر
فل ريب أن أبا بكر أقوى إيانا من عمر .وعمر أقوى عمل منه كما قال ابن مسعود :مازلنا أعزة منذ أسلم
عمر ; وقوة اليان أقوى وأكمل من قوة العمل وصاحب اليان يكتب له أجر عمل غيه ,وما فعله عمر ف
سيته مكتوب مثله لب بكر فإنه هو الذي استخلفه .وف " السند " من وجهي عن النب صلى ال عليه وسلم
{أن النب صلى ال عليه وسلم وزن بالمة فرجح ث وزن أبو بكر بالمة فرجح ث وزن عمر بالمة فرجح}
وكان ف حياة النب صلى ال عليه وسلم وبعد موته يصل لعمر بسبب أب بكر من اليان والعلم ما ل يكن
عنده فهو قد دعاه إل ما فعله من خي وأعانه عليه بهده والعي على الفعل إذا كان يريده إرادة جازمة كان
كفاعله كما ثبت ف الديث الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :من جهز غازيا فقد غزا ومن
خلفه ف أهله بي فقد غزا} وقال{ :من دل على خي فله مثل أجر فاعله} وقال{ :من فطر صائما فله مثل
أجره} .وقد روى الترمذي {من عزى مصابا فله مثل أجره} وهذا وغيه ما يبي أن الشخصي قد يتماثلن
ف العمال الظاهرة بل يتفاضلن ويكون الفضول فيها أفضل عند ال من الخر لنه أفضل ف اليان الذي ف
القلب وأما إذا تفاضل ف إيان القلوب فل يكون الفضول فيها أفضل عند ال ألبتة وإن كان الفضول ل يهبه
ال من اليان ما وهبه للفاضل ول أعطى قلبه من السباب الت با ينال ذلك اليان الفاضل ما أعطى الفضول
ولذا فضل ال بعض النبيي على بعض وإن كان الفاضل أقل عمل من الفضول كما فضل ال نبينا صلى ال
عليه وسلم -ومدة نبوته بضع وعشرون سنة -على نوح وقد لبث ف قومه ألف سنة إل خسي عاما وفضل
أمة ممد وقد عملوا من صلة العصر إل الغرب على من عمل من أول النهار إل صلة الظهر وعلى من عمل
من صلة الظهر إل العصر فأعطى ال أمة ممد أجرين وأعطى كل من أولئك أجرا أجرا لن اليان الذي ف
قلوبم كان أكمل وأفضل وكان أولئك أكثر عمل ; وهؤلء أعظم أجرا وهو فضله يؤتيه من يشاء بالسباب
ال ت تف ضل ب ا علي هم وخ صهم ب ا .وهكذا سائر من يفضله ال تعال فإ نه يفضله بال سباب ال ت ي ستحق ب ا
التفضيهل بالزاء كمها يصه أحهد الشخصهي بقوة ينال باه العلم وبقوة ينال باه اليقيه والصهب والتوكهل
والخلص ; وغي ذلك ما يفضله ال به وإنا فضله ف الزاء با فضل به من اليان .كما قال تعال{ :وقالت
طائ فة من أ هل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذ ين آمنوا و جه النهار واكفروا آخره لعل هم يرجعون} {ول
تؤمنوا إل لن تبع دينكم قل إن الدى هدى ال أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو ياجوكم عند ربكم قل إن
الف ضل ب يد ال} وقال ف ال ية الخرى{ :ال أعلم ح يث ي عل ر سالته} وقال{ :ال ي صطفي من اللئ كة
ر سل و من الناس} وقال{ :يغ فر ل ن يشاء ويعذب من يشاء} .و قد ب ي ف موا ضع أ سباب الغفرة وأ سباب
العذاب وكذلك يرزق من يشاء بغي حساب وقد عرف أنه قد يص من يشاء بأسباب الرزق .وإذا كان من
اليان ما يعجز عنه كثي من الناس ويتص ال به من يشاء فذلك ما يفضلهم ال به وذلك اليان ينفي عن
غيهم لكن ل على وجه الذم بل على وجه التفضيل فإن الذم إنا يكون على ترك مأمور أو فعل مظور .لكن
على مها ذكره أبهو طالب .يقال :فمثهل هؤلء مسهلمون ل مؤمنون باعتبار ويقال :إنمه مؤمنون باعتبار آخهر
وعلى هذا ينفى اليان ع من فاته الكمال الستحب ; بل الكمال الذي يفضل به على من فاته وإن كان غي
مقدور للعباد بل ينفى عنه الكمال الذي وجب على غيه وإن ل يكن ف حقه ل واجبا ول مستحبا لكن هذا
ل يعرف ف كلم الشارع ول يعرف ف كلمه إل أن نفي اليان يقتضي الذم حيث كان فل ينفى إل عمن
له ذنب فتبي أن قوله " :أو مسلم " توقف ف أداء الواجبات الباطنة والظاهرة كما قال جاهي الناس .ث طائفة
يقولون :قد يكون مناف قا ل يس م عه ش يء من اليان و هم الذ ين يقولون :العراب الذكورون منافقون ل يس
معهم من اليان شيء وهذا هو القول الذي نصره طائفة كمحمد بن نصر والكثرون يقولون :بل هؤلء ل
يكونوا من النافقي الذين ل يقبل منهم شيء من أعمالم وإن كان فيهم شعبة نفاق ; بل كان معهم تصديق
يقبل معه منهم ما عملوه ل ولذا جعلهم مسلمي ; ولذا قال{ :أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} كما
قالوا مثل ذلك ف الزان والسارق وغيها من نفي عنه اليان مع أن معه التصديق .وهذا أصح القوال الثلثة
في هم .وأ بو طالب ج عل من كان مذمو ما لترك وا جب من الؤل فة قلوب م الذ ين ل يعطوا شيئا وج عل ذلك
الشخهص مؤمنها غيه أفضهل منهه .وأمها الكثرون فيقولون :إثبات السهلم لمه دون اليان كإثباتهه لذلك
الشخص كان مسلما ل مؤمنا كلها مذموم ل لجرد أن غيه أفضل منه .وقد قال النب صلى ال عليه وسلم:
{أكمل الؤمني إيانا أحسنهم خلقا} ول يسلب عمن دونه اليان .وقال تعال{ :ل يستوي منكم من أنفق
من ق بل الف تح وقا تل أولئك أع ظم در جة من الذ ين أنفقوا من ب عد وقاتلوا وكل و عد ال ال سن} .فأث بت
اليان للفا ضل والفضول وهذا مت فق عل يه ب ي ال سلمي و قد قال ال نب صلى ال عل يه و سلم{ :إذا اجت هد
الا كم فأ صاب فله أجران وإن اجت هد فأخ طأ فله أ جر} {وقال ل سعد بن معاذ ل ا ح كم ف ب ن قري ظة :ل قد
حكمت فيهم بكم اللك من فوق سبعة أرقعة} وكان يقول لن يرسله ف جيش أو سرية{ :إذا حاصرت أهل
حصن فسألوك أن تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال فإنك ل تدري ما حكم ال فيهم ; ولكن
أنزل م على حكمك وحكم أ صحابك} .وهذه الحاديث الثلثة ف " الصحيح " و ف حديث سليمان عليه
السلم :وأسألك حكما يوافق حكمك .فهذه النصوص وغيها تدل على ما اتفق عليه الصحابة والتابعون لم
بإح سان أن أ حد الشخ صي قد يصه ال باجتهاد ي صل له به من العلم ما يعجز عنه غيه فيكون له أجران
وذلك ال خر عا جز له أ جر ول إ ث عل يه ; وذلك العلم الذي خص به هذا والع مل به باط نا وظاهرا زيادة ف
إيانه وهو إيان يب عليه لنه قادر عليه .وغيه عاجز عنه فل يب .فهذا قد فضل بإيان واجب عليه وليس
بوا جب على من ع جز ع نه .وهذا حال ج يع ال مة في ما تناز عت ف يه من ال سائل الب ية والعمل ية إذا خص
أحدها بعرفة الق ف نفس المر مع اجتهاد الخر وعجزه كلها ممود مثاب مؤمن وذلك خصه ال من
اليان الذي وجب عليه با فضله به على هذا ; وذلك الخطئ ل يستحق ذما ول عقابا وإن كان ذاك لو فعل
ما فعل ذم وعوقب كما خص ال أمة نبينا بشريعة فضلها به ولو تركنا ما أمرنا به فيها شيئا ; لكان ذلك سببا
للذم والعقاب ; وال نبياء قبل نا ل يذمون بترك ذلك ل كن م مد صلى ال عل يه و سلم فضله ال على النهبياء
وفضل أمته على المم من غي ذم لحد من النبياء ول لن اتبعهم من المم .وأيضا فإذا كان النسان ل يب
عليه شيء من اليان إل ما يقدر عليه وهو إذا فعل ذلك كان مستحقا لا وعد ال به من النة فلو كان مثل
هذا ي سمى م سلما ول ي سمى مؤم نا لو جب أن يكون من أ هل الو عد بال نة من ي سمى م سلما ل مؤم نا
كالعراب وكالشخص الذي قال فيه النب صلى ال عليه وسلم " أو مسلم " وكسائر من نفي عنه اليان مع
أنه مسلم كالزان والشارب والسارق ومن ل يأمن جاره بوائقه ومن ل يب لخيه من الي ما يب لنفسه ;
وغي هؤلء وليس المر كذلك .فإن ال ل يعلق وعد النة إل باسم اليان ل يعلقه باسم السلم مع إيابه
السلم وإخباره أنه دينه الذي ارتضاه ; وأنه ل يقبل دينا غيه ومع هذا فما قال :إن النة أعدت للمسلمي
ول قال :وعد ال السلمي بالنة بل إنا ذكر ذلك باسم اليان كقوله{ :وعد ال الؤمني والؤمنات جنات
تري من تت ها النار} ف هو يعلق ها با سم اليان الطلق أو الق يد بالع مل ال صال كقوله{ :إن الذ ين آمنوا
وعملوا ال صالات أولئك هم خ ي الب ية} {جزاؤ هم ع ند رب م جنات عدن تري من تت ها النار} وقوله:
{وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالات أن لم جنات تري من تتها النار كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا
هذا الذي رزقنا من قبل} وقوله{ :إن الذين آمنوا وعملوا الصالات وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة لم أجرهم
ع ند رب م ول خوف علي هم ول هم يزنون} وقوله{ :فأ ما الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات فيوفي هم أجور هم
ويزيدهم من فضله} وقوله{ :فأما الذين آمنوا بال واعتصموا به فسيدخلهم ف رحة منه وفضل ويهديهم إليه
صراطا م ستقيما} وقوله{ :والذ ين آمنوا وعملوا ال صالات سندخلهم جنات تري من تت ها النار خالد ين
فيها أبدا لم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظل ظليل} وف الية الخرى{ :ومن أصدق من ال قيل} وقال:
{وأ ما الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات فيوفي هم أجور هم وال ل ي ب الظال ي} وقال{ :و عد ال الذ ين آمنوا
وعملوا ال صالات ل م مغفرة وأ جر عظ يم} وقال{ :ف من آ من وأ صلح فل خوف علي هم ول هم يزنون}
وقال{ :والذين آمنوا وعملوا الصالات ل نكلف نف سا إل وسعها أولئك أ صحاب النة هم في ها خالدون}
واليات ف هذا العن كثية .فالوعد بالنة والرحة ف الخرة وبالسلمة من العذاب علق باسم اليان الطلق
والقيد بالعمل الصال ونو ذلك ; وهذا كما تقدم أن الطلق يدخل فيه فعل ما أمر ال به ورسوله ول يعلق
باسم السلم .فلو كان من أتى من اليان با يقدر عليه وعجز عن معرفة تفاصيله قد يسمى مسلما ل مؤمنا
لكان من أهل النة وكانت النة يستحقها من يسمى مسلما وإن ل يسم مؤمنا وليس المر كذلك بل النة ل
تعلق إل باسم اليان وهذا أيضا ما استدل به من قال :إنه ليس كل مسلم من الؤمني الوعودين بالنة إذ لو
كان ال مر كذلك لكان و عد ال نة معل قا با سم ال سلم ك ما علق با سم اليان وك ما علق با سم " التقوى "
وا سم " الب " ف م ثل قوله{ :إن التق ي ف جنات ون ر} وقوله{ :إن البرار ل في نع يم} وبا سم أولياء ال
كقوله{ :أل إن أولياء ال ل خوف علي هم ول هم يزنون} {الذ ين آمنوا وكانوا يتقون} {ل م البشرى ف
الياة الدن يا و ف الخرة ل تبد يل لكلمات ال ذلك هو الفوز العظ يم} فل ما ل ي ر ا سم ال سلم هذا الجرى
علم أن مسماه ليس ملزما لسمى اليان كما يلزمه اسم الب والتقوى وأولياء ال وأن اسم السلم يتناول
من هو من أهل الوعيد وإن كان ال يثيبه على طاعته م ثل أن يكون ف قل به إيان ونفاق ي ستحق به العذاب
فهذا يعاقبه ال ول يلده ف النار ; لن ف قلبه مثقال ذرة أو أكثر من مثقال ذرة من إيان .وهكذا سائر أهل
الكبائر إيان م نا قص وإذا كان ف قلب أحد هم شع بة نفاق عو قب ب ا إذا ل ي عف ال ع نه ول يلد ف النار
فهؤلء مسلمون وليسوا مؤمني ومعهم إيان .لكن معهم أيضا ما يالف اليان من النفاق فلم تكن تسميتهم
مؤمني بأول من تسميتهم منافقي ل سيما إن كانوا للكفر أقرب منهم لليان وهؤلء يدخلون ف اسم اليان
ف أحكام الدنيا كما يدخل النافق الحض وأول لن هؤلء معهم إيان يدخلون به ف خطاب ال به {يا أيها
الذ ين آمنوا} لن ذلك أ مر ل م ب ا ينفع هم ون ي ل م ع ما يضر هم و هم متاجون إل ذلك ث إن اليان الذي
مع هم إن اقت ضى شول ل فظ الطاب ل م فل كلم وإل فلي سوا بأ سوأ حال من النا فق ال حض وذلك النا فق
ياطب بذه العمال وتنفعه ف الدنيا ويشر با مع الؤمني يوم القيامة ويتميز با عن سائر اللل يوم القيامة
كما تيز عنهم با ف الدنيا لكن وقت القيقة يضرب {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحة وظاهره
من قبله العذاب} {ينادونم أل نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم المان
ح ت جاء أ مر ال وغر كم بال الغرور} {فاليوم ل يؤ خذ من كم فد ية ول من الذ ين كفروا مأوا كم النار هي
مول كم وبئس ال صي} و قد قال تعال{ :إن النافق ي ف الدرك ال سفل من النار ولن ت د ل م ن صيا} {إل
الذ ين تابوا وأ صلحوا واعت صموا بال وأخل صوا دين هم ل فأولئك مع الؤمن ي و سوف يؤت ال الؤمن ي أجرا
عظيما} .فإذا عمل العبد صالا ل :فهذا هو السلم الذي هو دين ال ويكون معه من اليان ما يشر به مع
الؤمني يوم القيامة ; ث إن كان معه من الذنوب ما يعذب به عذب وأخرج من النار ; إذا كان ف قلبه مثقال
ح بة خردل من إيان وإن كان معه نفاق ; ولذا قال تعال ف هؤلء{ :فأولئك مع الؤمن ي وسوف يؤت ال
الؤمني أجرا عظيما} فلم يقل :إنم مؤمنون بجرد هذا إذ ل يذكر اليان بال وملئكته وكتبه ورسله بل هم
مع هم وإن ا ذ كر الع مل ال صال وإخل صه ل وقال{ :فأولئك مع الؤمن ي} فيكون ل م حكم هم .و قد ب ي
تفاضل الؤمني ف مواضع أخر وإنه من أتى باليان الواجب استحق الثواب ومن كان فيه شعبة نفاق وأتى
بالكبائر فذاك من أ هل الوع يد وإيا نه ينف عه ال به ; وير جه به من النار ولو أ نه مثقال ح بة خردل ل كن ل
يستحق به السم الطلق العلق به وعد النة بل عذاب .وتام هذا أن الناس قد يكون فيهم من معه شعبة من
شعب اليان وشعبة من شعب الكفر أو النفاق ويسمى مسلما كما نص عليه أحد .وتام هذا أن النسان قد
يكون ف يه شع بة من ش عب اليان وشع بة من ش عب النفاق ; و قد يكون م سلما وف يه ك فر دون الك فر الذي
ينقل عن السلم بالكلية كما قال الصحابة :ابن عباس وغيه :كفر دون كفر .وهذا قول عامة السلف وهو
الذي نص عليه أحد وغيه من قال ف السارق والشارب ونوهم من قال فيه النب صلى ال عليه وسلم{ :إنه
ليس بؤ من} .إنه يقال ل م :م سلمون ل مؤمنون ; واستدلوا بالقرآن والسنة على نفي ا سم اليان مع إثبات
اسم السلم وبأن الرجل قد يكون مسلما ومعه كفر ل ينقل عن اللة بل كفر دون كفر كما قال ابن عباس
وأصحابه ف قوله{ :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قالوا :كفر ل ينقل عن اللة وكفر دون
ك فر وف سق دون ف سق وظلم دون ظلم .وهذا أي ضا م ا ا ستشهد به البخاري ف " صحيحه " فإن كتاب "
اليان " الذي افتتح به " الصحيح " قرر مذهب أهل السنة والماعة وضمنه الرد على الرجئة فإنه كان من
القائمي بنصر السنة والماعة مذهب الصحابة والتابعي لم بإحسان .وقد اتفق العلماء على أن اسم السلمي
ف الظاهر يري على النافقي لن م استسلموا ظاهرا ; وأتو با أتوا به من العمال الظاهرة بالصلة الظاهرة
والزكاة الظاهرة والج الظاهر والهاد الظاهر كما كان النب يري عليهم أحكام السلم الظاهر واتفقوا على
أ نه من ل ي كن م عه ش يء من اليان ف هو ك ما قال تعال{ :إن النافق ي ف الدرك ال سفل من النار} وفي ها
قراءتان (درك ودرك قال أبو السي ابن فارس :النة درجات والنار دركات .قال الضحاك :الدرج :إذا كان
بعضها فوق بعض .والدرك :إذا كان بعضها أسفل من بعض فصار الظهرون للسلم بعضهم ف أعلى درجة
ف النة وهو رسول ال صلى ال عليه وسلم كما قال ف الديث الصحيح{ :إذا سعتم الؤذن فقولوا مثل ما
يقول ث سلوا ال ل الوسيلة فإنا درجة ف النة ل تنبغي إل لعبد من عباد ال وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد
فمن سأل ال ل الوسيلة حلت عليه شفاعت يوم القيامة} وقوله :صلى ال عليه وسلم{ :وأرجو أن أكون}
م ثل قوله{ :إ ن لر جو أن أكون أخشا كم ل وأعلم كم بدوده} ول ر يب أ نه أخ شى ال مة ل وأعلم هم
بدوده .وكذلك قوله{ :اختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة فهي نائلة إن شاء ال من مات ل يشرك بال
شيئا} .وقوله{ :إن لرجو أن تكونوا نصف أهل النة} وأمثال هذه النصوص وكان يستدل به أحد وغيه
على الستثناء ف اليان كما نذكره ف موضعه .والقصود أن خي الؤمني ف أعلى درجات النة والنافقون ف
الدرك ال سفل من النار وإن كانوا ف الدنيا م سلمي ظاهرا تري علي هم أحكام ال سلم الظاهرة ; ف من كان
فيه إيان ونفاق يسمى مسلما إذ ليس هو دون النافق الحض وإذا كان نفاقه أغلب ل يستحق اسم اليان بل
اسم النافق أحق به فإن ما فيه بياض وسواد وسواده أكثر من بياضه هو باسم السود أحق منه باسم البيض
كما قال تعال{ :هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان} وأما إذا كان إيانه أغلب ومعه نفاق يستحق به الوعيد
ل يكن أيضا من الؤمني الوعودين بالنة وهذا حجة لا ذكره ممد بن نصر عن أحد ول أره أنا فيما بلغن
من كلم أحد ول ذكره اللل ونوه .وقال ممد بن نصر :وحكى غي هؤلء عن أحد أنه قال :من أتى
هذه الربعة :الزنا والسرقة وشرب المر والنهبة الت يرفع الناس فيها أبصارهم إليه أو مثلهن أو فوقهن فهو
مسلم ول أسيه مؤمنا ومن أتى دون الكبائر نسميه مؤمنا ناقص اليان فإن صاحب هذا القول يقول :لا نفى
عنه النب صلى ال عليه وسلم اليان نفيته عنه كما نفاه عنه الرسول صلى ال عليه وسلم والرسول ل ينفه إل
عن صاحب كبية وإل فالؤ من الذي يف عل ال صغية هي مكفرة ع نه بفعله للح سنات واجتنا به للكبائر لك نه
ناقص اليان عمن اجتنب الصغائر فما أتى باليان الواجب ولكن خلطه بسيئات كفرت عنه بغيها ونقصت
بذلك درجته عمن ل يأت بذلك .وأما الذين نفى عنهم الرسول اليان فننفيه كما نفاه الرسول وأولئك وإن
كان معهم التصديق وأصل اليان فقد تركوا منه ما استحقوا لجله سلب اليان وقد يتمع ف العبد نفاق
وإيان وكفر وإيان فاليان الطلق عند هؤلء ما كان صاحبه مستحقا للوعد بالنة .وطوائف " أهل الهواء "
من الوارج والعتزلة والهم ية والرجئة كرامي هم وغ ي كرامي هم يقولون :إ نه ل يت مع ف الع بد إيان ونفاق
ومنهم من يدعي الجاع على ذلك وقد ذكر أبو السن ف بعض كتبه الجاع على ذلك ومن هنا غلطوا فيه
وخالفوا ف يه الكتاب وال سنة وآثار ال صحابة والتابع ي ل م بإح سان مع مال فة صريح العقول ; بل الوارج
والعتزلة طردوا هذا ال صل الفا سد وقالوا :ل يت مع ف الش خص الوا حد طا عة ي ستحق ب ا الثواب ومع صية
يستحق با العقاب ول يكون الشخص الواحد ممودا من وجه مذموما من وجه ول مبوبا مدعوا له من وجه
م سخوطا ملعو نا من و جه ول يت صور أن الش خص الوا حد يد خل ال نة والنار جي عا عند هم بل من د خل
إحداها ل يدخل الخرى عندهم ولذا أنكروا خروج أحد من النار أو الشفاعة ف أحد من أهل النار .وحكى
عن غالية الرجئة أنم وافقوهم على هذا الصل لكن هؤلء قالوا :إن أهل الكبائر يدخلون النة ول يدخلون
النار مقابلة لولئك .وأما أهل السنة والماعة والصحابة والتابعون لم بإحسان ; وسائر طوائف السلمي من
أهل الديث والفقهاء وأهل الكلم من مرجئة الفقهاء والكرامية والكلبية والشعرية والشيعة مرجئهم وغي
مرجئههم فيقولون :إن الشخهص الواحهد قهد يعذبهه ال بالنار ثه يدخله النهة كمها نطقهت بذلك الحاديهث
الصحيحة وهذا الشخص الذي له سيئات عذب با وله حسنات دخل با النة وله معصية وطاعة باتفاق فإن
هؤلء الطوائف ل يتنازعوا ف حك مه ; ل كن تنازعوا ف ا سه .فقالت الرجئة :جهميتهم وغ ي جهميت هم :هو
مؤمن كامل اليان .وأهل السنة والماعة على أنه مؤمن ناقص اليان ولول ذلك لا عذب كما أنه ناقص الب
والتقوى باتفاق ال سلمي و هل يطلق عل يه ا سم مؤ من ؟ هذا ف يه القولن وال صحيح التف صيل .فإذا سئل عن
أحكام الدنيا كعتقه ف الكفارة .قيل :هو مؤمن وكذلك إذا سئل عن دخوله ف خطاب الؤمني .وأما إذا سئل
عن حك مه ف الخرة .ق يل :ليس هذا النوع من الؤمن ي الوعود ين بال نة بل معه إيان ين عه اللود ف النار
ويد خل به ال نة ب عد أن يعذب ف النار إن ل يغ فر ال له ذنو به ولذا قال من قال :هو مؤ من بإيا نه فا سق
بكبيته أو مؤمن ناقص اليان والذين ل يسمونه مؤمنا من أهل السنة ومن العتزلة يقولون :اسم الفسوق يناف
اسم اليان لقوله{ :بئس السم الفسوق بعد اليان} وقوله{ :أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} وقد قال
النب صلى ال عليه وسلم {سباب السلم فسوق وقتاله كفر} .وعلى هذا الصل فبعض الناس يكون معه شعبة
من شعب الكفر ومعه إيان أيضا وعلى هذا ورد عن النب صلى ال عليه وسلم ف تسمية كثي من الذنوب
كفرا مع أن صاحبها قد يكون م عه أك ثر من مثقال ذرة من إيان فل يلد ف النار .كقوله { سباب ال سلم
فسوق وقتاله كفر} وقوله{ :ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض} وهذا مستفيض عن النب
صلى ال عليه وسلم ف " الصحيح " من غي وجه فإنه أمر ف حجة الوداع أن ينادي به ف الناس فقد سى من
يضرب بعضهم رقاب بعض بل حق كفارا ; وسى هذا الفعل كفرا ; ومع هذا فقد قال تعال{ :وإن طائفتان
مهن الؤمنيه اقتتلوا فأصهلحوا بينهمها} إل قوله{ :إناه الؤمنون إخوة} فهبي أن هؤلء ل يرجوا مهن اليان
بالكلية ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الصلة .كما قال بعض الصحابة :كفر دون كفر .وكذلك قوله:
{ من قال لخيه يا كا فر فقد باء ب ا أحده ا} ف قد ساه أخاه ح ي القول ; و قد أ خب أن أحدها باء ب ا فلو
خرج أحدها عن السلم بالكلية ل يكن أخاه بل فيه كفر .وكذلك قوله ف الديث الصحيح{ :ليس من
رجل ادعى لغي أبيه وهو يعلمه إل كفر} وف حديث آخر{ :كفر بال من تبأ من نسب وإن دق} وكان
من القرآن الذي نسخ لفظه " :ل ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم " فإن حق الوالدين
مقرون ب ق ال ف م ثل قوله{ :أن اش كر ل ولوالد يك إل ال صي} وقوله{ :وق ضى ر بك أل تعبدوا إل إياه
وبالوالدين إحسانا} فالوالد أصله الذي منه خلق والولد من كسبه .كما قال{ :ما أغن عنه ماله وما كسب}
فالحد لما شعبة من شعب الكفر فإنه جحد لا منه خلقه ربه فقد جحد خلق الرب إياه وقد كان ف لغة من
قبلنا يسمى الرب أبا فكان فيه كفر بال من هذا الوجه ولكن ليس هذا كمن جحد الالق بالكلية وسنتكلم
إن شاء ال على سائر الحاديث .والقصود هنا ذكر " أصل جامع " تنبن عليه معرفة النصوص ورد ما تنازع
ف يه الناس إل الكتاب وال سنة فإن الناس ك ثر نزاع هم ف موا ضع ف م سمى اليان وال سلم لكثرة ذكره ا
وكثرة كلم الناس فيهما والسم كلما كثر التكلم فيه فتكلم به مطلقا ومقيدا بقيد ومقيد بقيد آخر ف موضع
آخر .كان هذا سببا لشتباه بعض معناه ث كلما كثر ساعه كثر من يشتبه عليه ذلك .ومن أسباب ذلك أن
ي سمع ب عض الناس ب عض موارده ول ي سمع بع ضه ويكون ما سعه مقيدا بق يد أوج به اخت صاصه بع ن في ظن
معناه ف سائر موارده كذلك ; فمن اتبع علمه حت عرف مواقع الستعمال عامة وعلم مأخذ الشبه أعطى كل
ذي حق حقه وعلم أن خي الكلم كلم ال وأنه ل بيان أت من بيانه ; وأن ما أجع عليه السلمون من دينهم
الذي يتاجون إليه أضعاف أضعاف ما تنازعوا فيه .فالسلمون :سنيهم وبدعيهم متفقون على وجوب اليان
بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ومتفقون على وجوب الصلة والزكاة والصيام والج ومتفقون على
أن من أطاع ال ورسوله فإنه يدخل النة ; ول يعذب وعلى أن من ل يؤمن بأن ممدا رسول ال -صلى ال
عليه وسلم -إليه فهو كافر وأمثال هذه المور الت هي أصول الدين وقواعد اليان الت اتفق عليها النتسبون
إل السلم واليان فتنازعهم بعد هذا ف بعض أحكام الوعيد أو بعض معان بعض الساء أمر خفيف بالنسبة
إل ما اتفقوا عل يه مع أن الخالف ي لل حق الب ي من الكتاب وال سنة هم ع ند جهور ال مة معروفون بالبد عة ;
مشهود عليهم بالضللة ; ليس لم ف المة لسان صدق ول قبول عام كالوارج والروافض والقدرية ونوهم
وإن ا تنازع أ هل العلم وال سنة ف أمور دقي قة ت فى على أك ثر الناس ; ول كن ي ب رد ما تنازعوا ف يه إل ال
ور سوله .والرد إل ال ور سوله ف " م سألة ال سلم واليان " يو جب أن كل من ال سي وإن كان م سماه
واجبا ل يستحق أحد النة إل بأن يكون مؤمنا مسلما .فالق ف ذلك ما بينه النب صلى ال عليه وسلم ف
حديث جبيل فجعل الدين وأهله " ثلث طبقات " :أولا :السلم وأوسطها اليان وأعلها الحسان ومن
وصل إل العليا فقد وصل إل الت تليها .فالسن مؤمن والؤمن مسلم ; وأما السلم فل يب أن يكون مؤمنا.
وهكذا جاء القرآن فجعل المة على هذه الصناف الثلثة .قال تعال{ :ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من
عبادنا فمنهم ظال لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال ذلك هو الفضل الكبي} فالسلم الذي
ل يقم بواجب اليان هو الظال لنفسه والقتصد هو الؤمن الطلق الذي أدى الواجب وترك الحرم ; والسابق
باليات هو الحسن الذي عبد ال كأنه يراه .وقد ذكر ال سبحانه تقسيم الناس ف العاد إل هذه الثلثة ف
سورة (الواقعة) و (الطففي) و (هل أتى) وذكر الكفار أيضا وأما هنا فجعل التقسيم للمصطفي من عباده.
وقال أ بو سليمان الطا ب :م ا أك ثر ما يغلط الناس ف " هذه ال سألة " فأ ما الزهري فقال :ال سلم الكل مة
واليان الع مل واحتج بالية وذهب غيه إل أن السلم واليان شيء وا حد .فاحتج بقوله{ :فأخرجنا من
كان فيها من الؤمني} {فما وجدنا فيها غي بيت من السلمي} قال الطاب :وقد تكلم رجلن من أهل
العلم وصار كل واحد منهما إل قول واحد من هذين ورد الخر منهما على التقدم وصنف عليه كتابا يبلغ
عدد أوراقه الائتي .قال الطاب :والصحيح من ذلك أن يقيد الكلم ف هذا ول يطلق ; وذلك أن السلم قد
يكون مؤمنا ف بعض الحوال ول يكون مؤمنا ف بعضها والؤمن مسلم ف جيع الحوال فكل مؤمن مسلم
ول يس كل م سلم مؤم نا وإذا حلت ال مر على هذا ا ستقام لك تأو يل اليات واعتدل القول في ها ول يتلف
شيء منها " .قلت " :الرجلن اللذان أشار إليهما الطاب أظن أحدها -وهو السابق -ممد بن نصر فإنه
الذي علمته بسط الكلم ف أن السلم واليان شيء واحد من أهل السنة والديث و ما علمت لغيه قبله
بسطا ف هذا .والخر الذي رد عليه أظنه .لكن ل أقف على رده ; والذي اختاره الطاب هو قول من فرق
بينهما كأب جعفر وحاد بن زيد وعبد الرحن بن مهدي وهو قول أحد بن حنبل وغيه ; ول علمت أحدا
من التقدمي خالف هؤلء فجعل نفس السلم نفس اليان ; ولذا كان عامة أهل السنة على هذا الذي قاله
هؤلء كما ذكره الطاب .وكذلك ذكر أبو القاسم التيمي الصبهان وابنه ممد شارح " مسلم " وغيها أن
الختار عند أهل السنة أنه ل يطلق على السارق والزان اسم مؤمن كما دل عليه النص وقد ذكر الطاب :ف "
شرح البخاري " كلما يقتضي تلزمهما مع افتراق اسيهما وذكره البغوي ف " شرح السنة " فقال :قد جعل
ال نب صلى ال عل يه و سلم ال سلم ا سا ل ا ظ هر من العمال وج عل اليان ا سا ل ا ب طن من العتقاد ول يس
كذلك لن العمال ليست من اليان أو التصديق بالقلب ليس من السلم بل ذلك تفصيل الملة هي كلها
شيء واحد وجاعها الدين ولذلك قال صلى ال عليه وسلم{ :هذا جبيل جاءكم يعلمكم دينكم} والتصديق
والعمل يتناولما اسم السلم واليان جيعا ; يدل عليه قوله تعال{ :إن الدين عند ال السلم} وقوله تعال:
{ورضيت لكم السلم دينا} وقوله{ :ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه} فبي أن الدين الذي رضيه
ويقبله من عباده هو السلم ول يكون الدين ف مل الرضى والقبول إل بانضمام التصديق إل العمل " .قلت
" :تفريق النب صلى ال عليه وسلم ف حديث جبيل وإن اقتضى أن العلى هو الحسان والحسان يتضمن
اليان واليان يتضمن السلم فل يدل على العكس ولو قدر أنه دل على التلزم فهو صريح بأن مسمى هذا
ل يس م سمى هذا ل كن التحق يق أن الدللة تتلف بالتجر يد والقتران ك ما قد بيناه و من ف هم هذا انلت ع نه
إشكالت كثية ف كثي من الواضع حاد عنها طوائف " -مسألة اليان " وغيها -وما ذكره من أن الدين
ل يكون ف م ل الر ضى والقبول إل بانضمام الت صديق إل الع مل يدل على أ نه ل بد مع الع مل من اليان ;
فهذا يدل على وجوب اليان مطل قا ل كن ل يدل على أن الع مل الذي هو الد ين ل يس ا سه إ سلما وإذا كان
اليان شر طا ف قبوله ل يلزم أن يكون ملز ما له ; ولو كان ملز ما له ل يلزم أن يكون جزء م سماه .وقال
الش يخ أ بو عمرو بن ال صلح :قوله صلى ال عل يه و سلم{ :ال سلم أن تش هد أن ل إله إل ال} إل آخره ;
{واليان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله} إل آخره .قال :هذا بيان لصل اليان وهو التصديق الباطن
وبيان لصل السلم وهو الستسلم والنقياد الظاهر وحكم السلم ف الظاهر يثبت بالشهادتي وإنا أضاف
إليهما الربع لكونا أظهر شعائر السلم ومعظمها وبقيامه با يتم استسلمه وتركه لا يشعر بل قيد انقياده
أو انلله .ث إن اسم اليان يتناول ما فسر به السلم ف هذا الديث وسائر الطاعات لكونا ثرات التصديق
الباطن الذي هو أصل اليان مقومات ومتممات وحافظات له ولذا فسر النب صلى ال عليه وسلم اليان ف
حديث و فد عبد القيس بالشهادت ي والصلة والزكاة والصوم وإعطاء ال مس من الغ نم ; ولذا ل ي قع ا سم
الؤمن الطلق على من ارتكب كبية أو ترك فريضة لن اسم الشيء الكامل يقع على الكامل منه ول يستعمل
ف الناقص ظاهرا إل بقيد ولذلك جاز إطلق نفيه عنه ف قوله صلى ال عليه وسلم{ :ل يزن الزان حي يزن
وهو مؤمن} .واسم " السلم " يتناول أيضا ما هو " أصل اليان " وهو التصديق ويتناول " أصل الطاعات "
فإن ذلك كله اسهتسلم قال :فخرج ماه ذكرناه وحققناه أن السهلم واليان يتمعان ويفترقان ; وأن كهل
مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا قال :فهذا تقيق واف بالتوفيق بي متفرقات النصوص الواردة ف اليان
والسلم الت طالا غلط فيها الائضون ; وما حققناه من ذلك موافق لذاهب جاهي العلماء من أهل الديث
وغيهم .فيقال :هذا الذي ذكره رحه ال فيه من الوافقة ل ا قد بي من أقوال الئمة :وما دل عليه الكتاب
والسنة ما يظهر به أن المهور يقولون :كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وقوله :إن الديث ذكر فيه
أصل اليان وأصل السلم قد يورد عليه أن النب صلى ال عليه وسلم أجاب عن اليان والسلم با هو من
جنس الواب بالد عن الحدود ; فيكون ما ذكره مطابقا لما ل لصلهما فقط فاليان هو اليان با ذكره
باطنا وظاهرا ; لكن ما ذكره من اليان تضمن السلم كما أن الحسان تضمن اليان .وقول القائل :أصل
ال ستسلم هو ال سلم الظا هر فال سلم هو ال ستسلم ل والنقياد له ظاهرا وباط نا فهذا هو د ين ال سلم
الذي ارتضاه ال كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ومن أسلم بظاهره دون باطنه فهو منافق يقبل ظاهره
فإنه ل يؤمر أن يشق عن قلوب الناس .وأيضا فإذا كان السلم يتناول التصديق الباطن الذي هو أصل اليان.
فيلزم أن يكون كل مسلم مؤمنا وهو خلف ما نقل عن المهور ولكن ل بد ف السلم من تصديق يصل به
أصل اليان وإل ل يثب عليه ; فيكون حينئذ مسلما مؤمنا فل بد أن يتبي السلم الذي ليس بؤمن ودخوله ف
السلم والنب صلى ال عليه وسلم قال{ :هذا جبيل أتاكم يعلمكم دينكم} وقوله{ :السلم هو الركان
المسة} ل يعن به من أداها بل إخلص ل بل مع النفاق بل الراد من فعلها كما أمر با باطنا وظاهرا وذكر
المس أنا هي السلم لنا هي العبادات الحضة الت تب ل تعال على كل عبد مطيق لا وما سواها إما
وا جب على الكفاية لصلحة إذا حصلت سقط الوجوب وإما من حقوق الناس بعض هم على بعض وإن كان
في ها قر بة ون و ذلك .وتلك تاب عة لذه ك ما قال{ :ال سلم من سلم ال سلمون من ل سانه ويده} {وأف ضل
السلم أن تطعم الطعام وتقرئ السلم على من عرفت ومن ل تعرف} ونو ذلك :فهذه المس هي الركان
والبان كما ف اليان .وقول القائل :الطاعات ثرات التصديق الباطن يراد به شيئان :يراد به أنا لوازم له فمت
وجد اليان الباطن وجدت وهذا مذهب السلف وأهل السنة ويراد به أن اليان الباطن قد يكون سببا وقد
يكون اليان البا طن تا ما كامل و هي ل تو جد وهذا قول الرجئة من الهم ية وغي هم و قد ذكر نا في ما تقدم
أنم غلطوا ف ثلثة أوجه( :أحدها) :ظنهم أن اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون العمل الذي ف القلب
ت صديق بل ع مل للقلب .كمح بة ال وخشي ته وخو فه والتو كل عل يه والشوق إل لقائه .و (الثا ن) :ظن هم أن
اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون العمل الظاهر وهذا يقول به جيع الرجئة .و (الثالث) :قولم كل من
كفره الشارع فإنا كفره لنتفاء تصديق القلب بالرب تبارك وتعال وكثي من التأخرين ل ييزون بي مذاهب
السلف وأقوال الرجئة والهمية ; لختلط هذا بذا ف كلم كثي منهم من هو ف باطنه يرى رأي الهمية
والرجئة ف اليان وهو معظم للسلف وأهل الديث فيظن أنه يمع بينهما أو يمع بي كلم أمثاله وكلم
السلف .قال أبو عبد ال ممد بن نصر الروزي :وقالت " طائفة ثالثة " وهم المهور العظم من أهل السنة
والما عة وأ صحاب الد يث :اليان الذي د عا ال العباد إل يه وافتر ضه علي هم هو ال سلم الذي جعله دي نا
وارتضاه لعباده ودعاهم إليه وهو ضد الكفر الذي سخطه فقال{ :ول يرضى لعباده الكفر} وقال{ .ورضيت
ل كم ال سلم دي نا} وقال{ :ف من يرد ال أن يهد يه يشرح صدره لل سلم} وقال{ :أف من شرح ال صدره
للسلم فهو على نور من ربه} فمدح ال السلم بثل ما مدح به اليان .وجعله اسم ثناء وتزكية فأخب أن
من أسلم فهو على نور من ربه وهدى وأخب أنه دينه الذي ارتضاه وما ارتضاه فقد أحبه وامتدحه أل ترى أن
أنبياء ال ورسله رغبوا فيه إليه وسألوه إياه فقال إبراهيم وإساعيل{ :ربنا واجعلنا مسلمي لك ومن ذريتنا أمة
مسلمة لك} وقال يوسف{ :توفن مسلما وألقن بالصالي} وقال{ :ووصى با إبراهيم بنيه ويعقوب يا بن
إن ال اصطفى لكم الدين فل توتن إل وأنتم مسلمون} وقال{ :وقل للذين أوتوا الكتاب والميي أأسلمتم
فإن أسلموا فقد اهتدوا} وقال ف موضع آخر{ :قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل
وإسحاق} إل قوله {فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} فحكم ال بأن من أسلم فقد اهتدى ومن آمن
فقد اهتدى فسوى بينهما .قال :وقد ذكرنا تام الجة ف أن السلم هو اليان وأنما ل يفترقان ول يتباينان
ف مو ضع غ ي هذا فكره نا إعادته ف هذا الو ضع كراهة التطويل والتكر ير غ ي أنا سنذكر من ال جة ما ل
نذكره ف غي هذا الوضع ونبي خطأ تأويلهم والجج الت احتجوا با من الكتاب والخبار على التفرقة بي
ال سلم واليان " .قلت " :مق صود م مد بن ن صر الروزي -رح ه ال :-أن ال سلم المدوح هو الؤ من
المدوح ; وأن الذموم نا قص ال سلم واليان وأن كل مؤ من ف هو م سلم و كل م سلم فل بد أن يكون م عه
إيان وهذا صحيح وهو متفق عليه ومقصوده أيضا أن من أطلق عليه السلم أطلق عليه اليان وهذا فيه نزاع
لف ظي ومق صوده أن م سمى أحده ا هو م سمى ال خر وهذا ل يعرف عن أ حد من ال سلف .وإن ق يل :ه ا
متلزمان .فالتلزمان ل يبه أن يكون مسهمى هذا ههو م سمى هذا وههو ل ينقهل عهن أحهد مهن الصهحابة
والتابعي لم بإحسان ول أئمة السلم الشهورين أنه قال :مسمى السلم هو مسمى اليان كما نص ; بل
ول عرفت أنا أحدا قال ذلك من السلف ولكن الشهور عن الماعة من السلف واللف أن الؤمن الستحق
لوعد ال هو السلم الستحق لوعد ال فكل مسلم مؤمن وكل مؤمن مسلم وهذا متفق على معناه بي السلف
واللف بل وبي فرق المة كلهم يقولون :إن الؤمن الذي وعد بالنة ل بد أن يكون مسلما والسلم الذي
وعد بالنة ل بد أن يكون مؤمنا وكل من يدخل النة بل عذاب من الولي والخرين فهو مؤمن مسلم .ث
إن أ هل ال سنة ل يقولون :الذ ين يرجون من النار ويدخلون ال نة مع هم ب عض ذلك وإن ا الناع ف إطلق
السم فالنقول متواترة عن السلف بأن اليان قول وعمل ول ينقل عنهم شيء من ذلك ف السلم ولكن لا
كان المهور الع ظم يقولون :إن ال سلم هو الد ين كله ل يس هو الكل مة ف قط خلف ظا هر ما ن قل عن
الزهري فكانوا يقولون :إن الصلة والزكاة والصيام والج وغي ذلك من الفعال الأمور با هي من السلم
كما هي من اليان ظن أنم يعلونا شيئا واحدا وليس كذلك ; فإن اليان مستلزم للسلم باتفاقهم وليس
إذا كان السلم داخل فيه يلزم أن يكون هو إياه ; وأما السلم فليس معه دليل على أنه يستلزم اليان عند
الطلق ولكن هل يستلزم اليان الواجب أو كمال اليان ؟ فيه نزاع وليس معه دليل على أنه مستلزم لليان
ولكن النبياء الذين وصفهم ال بالسلم كلهم كانوا مؤمني وقد وصفهم ال باليان ولو ل يذكر ذاك عنهم
فن حن نعلم قط عا أن ال نبياء كل هم مؤمنون .وكذلك ال سابقون الولون كانوا م سلمي مؤمن ي .ولو قدر أن
ال سلم ي ستلزم اليان الوا جب فغا ية ما يقال :إن ما متلزمان ف كل م سلم مؤ من و كل مؤ من م سلم وهذا
صحيح إذا أريد أن كل مسلم يدخل النة معه اليان الواجب .وهو متفق عليه إذا أريد أن كل مسلم يثاب
على عبادته فل بد أن يكون معه أصل اليان فما من مسلم إل وهو مؤمن وإن ل يكن هو اليان الذي نفاه
النب صلى ال عليه وسلم عمن ل يب لخيه ما يب لنفسه وعمن يفعل الكبائر وعن العراب وغيهم فإذا
ق يل :إن ال سلم واليان التام متلزمان ل يلزم أن يكون أحده ا هو ال خر كالروح والبدن فل يو جد عند نا
روح إل مع البدن ول يو جد بدن حي إل مع الروح ول يس أحده ا ال خر فاليان كالروح فإ نه قائم بالروح
ومتصل بالبدن والسلم كالبدن ول يكون البدن حيا إل مع الروح بعن أنما متلزمان ل أن مسمى أحدها
هو م سمى ال خر ; وإ سلم النافق ي كبدن ال يت ج سد بل روح ف ما من بدن حي إل وف يه روح ول كن
الرواح متنوعة كما قال النب صلى ال عليه وسلم{ :الرواح جنود مندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر
منها اختلف} وليس كل من صلى ببدنه يكون قلبه منورا بذكر ال والشوع وفهم القرآن وإن كانت صلته
يثاب عليها ويسقط عنه الفرض ف أحكام الدنيا فهكذا السلم الظاهر بنلة الصلة الظاهرة واليان بنلة ما
يكون ف القلب حي الصلة من العرفة بال والشوع وتدبر القرآن فكل من خشع قلبه خشعت جوارحه ول
ينعكس ولذا قيل ::إياكم وخشوع النفاق وهو أن يكون السد خاشعا والقلب ليس باشع فإذا صلح القلب
صلح السد كله وليس إذا كان السد ف عبادة يكون القلب قائما بقائقها .والناس ف " اليان والسلم "
على ثلث مراتب :ظال لنفسه ومقتصد وسابق باليات .فالسلم ظاهرا وباطنا إذا كان ظالا لنفسه فل بد أن
يكون م عه إيان ; ول كن ل يأت بالوا جب ول ينع كس وكذلك ف ال خر .و سيأت إن شاء ال .واليات ال ت
احتج ب ا ممد بن نصر تدل على وجوب السلم وأنه دين ال وأن ال يبه ويرضاه وأنه ليس له دين غيه
وهذا كله حق ; ل كن ل يس ف هذا ما يدل على أ نه هو اليان ; بل ول يدل على أن بجرد ال سلم يكون
الرجل من أهل النة كما ذكره ف حجة القول الول فإن ال وعد الؤمني بالنة ف غي آية ول يذكر هذا
الو عد با سم ال سلم وحينئذ فمد حه وإيا به وم بة ال له تدل على دخوله ف اليان ; وأ نه ب عض م نه وهذا
متفق عليه بي أهل السنة كلهم يقولون :كل مؤمن مسلم وكل من أتى باليان الواجب فقد أتى بالسلم
الواجب لكن الناع ف العكس ; وهذا كما أن الصلة يبها ال ويأمر با ويوجبها ويثن عليها وعلى أهلها ف
غي موضع ث ل يدل ذلك على أن مسمى الصلة مسمى اليان بل الصلة تدخل ف اليان فكل مؤمن مصل
ول يلزم أن يكون كل من صلى وأتى الكبائر مؤمنا .وجيع ما ذكره من الجة عن النب صلى ال عليه وسلم
فإن فيها التفريق بي مسمى اليان والسلم إذا ذكرا جيعا كما ف حديث جبيل وغيه وفيها أيضا أن اسم
اليان إذا أطلق دخل فيه السلم .قال أبو عبد ال بن حامد ف كتابه الصنف ف " أصول الدين " :قد ذكرنا
أن اليان قول وعمل فأما السلم فكلم أحد يتمل روايتي( .إحداها) أنه كاليان .و (الثانية) :أنه قول بل
عمل .وهو نصه ف رواية إساعيل بن سعيد قال :والصحيح أن الذهب رواية واحدة أنه قول وعمل ويتمل
قوله :إن السلم قول يريد به أنه ل يب فيه ما يب ف اليان من العمل الشروط فيه لن الصلة ليست من
شر طه إذ ال نص ع نه أ نه ل يك فر بتر كه ال صلة .قال :و قد قضي نا أن ال سلم واليان ا سان لعني ي وذكر نا
اختلف الفقهاء وقد ذكر قبل ذلك أن السلم واليان اسان لعنيي متلفي وبه قال مالك وشريك وحاد بن
زيد بالتفرقة بي السلم واليان قال :وقال أصحاب الشافعي وأصحاب أب حنيفة :إنما اسان معناها واحد
قال :ويفيد هذا أن اليان قد تنتفي عنه تسميته مع بقاء السلم عليه وهو بإتيان الكبائر الت ذكرت ف الب
فيخرج عن تسمية اليان إل أنه مسلم ; فإذا تاب من ذلك عاد إل ما كان عليه من اليان .ول تنتفي عنه
ت سمية اليان بارتكاب ال صغائر من الذنوب بل ال سم باق عل يه ث ذ كر أدلة ذلك ول كن ما ذكره ف يه أدلة
كثية على من يقول :السلم مرد الكلمة فإن الدلة الكثية تدل على أن العمال من السلم ; بل النصوص
كلها تدل على ذلك فمن قال :إن العمال الظاهرة الأمور با ليست من السلم فقوله باطل بلف التصديق
الذي ف القلب فإن هذا ليس ف النصوص ما يدل على أنه من السلم بل هو من اليان وإنا السلم الدين
كما فسره النب صلى ال عليه وسلم بأن يسلم وجهه وقلبه ل فإخلص الدين ل إسلم وهذا غي التصديق
ذاك من جنس عمل القلب وهذا من جنس علم القلب .وأحد بن حنبل وإن كان قد قال ف هذا الوضع :إن
السلم هو الكلمة فقد قال ف موضع آخر :إن العمال من السلم وهو اتبع هنا الزهري رحه ال فإن كان
مراد من قال ذلك إنه بالكلمة يدخل ف السلم ول يأت بتمام السلم فهذا قريب .وإن كان مراده أنه أت
بم يع ال سلم وإن ل يع مل فهذا غلط قط عا بل قد أن كر أح د هذا الواب و هو قول من قال :يطلق عل يه
ال سلم وإن ل يع مل متاب عة لد يث جب يل فكان ينب غي أن يذ كر قول أح د جي عه .قال إ ساعيل بن سعيد:
سألت أحد ف السلم واليان فقال " :اليان " قول وعمل والسلم القرار .وقال :وسألت أحد عمن قال
ف الذي قال جبيل للنب صلى ال عليه وسلم إذ سأله عن السلم فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم ؟ فقال :نعم.
فقال قائل :وإن ل يف عل الذي قال جب يل لل نب صلى ال عل يه و سلم ف هو م سلم أي ضا ؟ فقال :هذا معا ند
للحديث .فقد جعل أحد من جعله مسلما إذا ل يأت بالمس معاندا للحديث مع قوله :إن السلم القرار
فدل ذلك على أن ذاك أول الدخول ف ال سلم وأ نه ل يكون قائ ما بال سلم الوا جب ح ت يأ ت بال مس
وإطلق السم مشروط با فإنه ذم من ل يتبع حديث جبيل .وأيضا فهو ف أكثر أجوبته يكفر من ل يأت
بالصلة ; بل وبغيها من البان والكافر ل يكون مسلما باتفاق السلمي فعلم أنه ل يرد أن السلم هو مرد
القول بل عمل ; وإن قدر أنه أراد ذلك فهذا يكون أنه ل يكفر بترك شيء من البان الربعة .وأكثر الروايات
ع نه بلف ذلك والذ ين ل يكفرون من ترك هذه البا ن يعلون ا من ال سلم كالشاف عي ومالك وأ ب حني فة
وغيهم فكيف ل يعلها أحد من السلم وقوله ف دخولا ف السلم أقوى من قول غيه .وقد روي عنه أنه
جعل حديث سعد معارضا لديث عمر ورجح حديث سعد .قال السن بن علي :سألت أحد بن حنبل عن
اليان أو كد أو ال سلم ؟ قال :جاء حد يث ع مر هذا وحد يث سعد أ حب إل .كأ نه ف هم أن حد يث ع مر
يدل على أن العمال هي م سمى ال سلم فيكون م سماه أف ضل .وحد يث سعد يدل على أن م سمى اليان
أفضل ولكن حديث عمر ل يذكر السلم إل العمال الظاهرة فقط وهذه ل تكون إيانا إل مع اليان الذي
ف القلب بال وملئكته وكتبه ورسله فيكون حينئذ بعض اليان فيكون م سمى اليان أف ضل ك ما دل عليه
حد يث سعد فل منافاة ب ي الديث ي :وأ ما تفر يق أح د ب ي ال سلم واليان فكان يقوله تارة وتارة ي كي
اللف ول يزم بهه .وكان إذا قرن بينهمها " تارة " يقول السهلم الكلمهة " .وتارة " ل يقول ذلك وكذلك
التكف ي بترك البا ن كان تارة يك فر ب ا ح ت يغ ضب ; وتارة ل يك فر ب ا .قال اليمو ن :قلت :يا أ با ع بد ال
تفرق ب ي ال سلم واليان ؟ قال :ن عم .قلت بأي ش يء ت تج ؟ قال :عا مة الحاد يث تدل على هذا ث قال:
{ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو مؤ من ول ي سرق ال سارق ح ي ي سرق و هو مؤ من} وقال ال تعال{ :قالت
العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قال :وحاد بن زيد يفرق بي السلم واليان .قال :وحدثنا
أبو سلمة الزا عي قال :قال مالك وشريك وذكر قولم وقول حاد بن زيد :فرق بي السلم واليان .قال
أحد :قال ل رجل :لو ل يئنا ف اليان إل هذا لكان حسنا .قلت لب عبد ال :فتذهب إل ظاهر الكتاب
مع السنن ؟ قال :نعم .قلت :فإذا كانت الرجئة يقولون :إن السلم هو القول .قال
:هم يصيون هذا كله واحدا ويعلونه مسلما ومؤمنا شيئا واحدا على إيان جبيل ومستكمل اليان .قلت:
فمن هاهنا حجتنا عليهم ؟ قال :نعم .فقد ذكر عنه الفرق مطلقا واحتجاجه بالنصوص .وقال صال بن أحد:
سئل أب عن السلم واليان قال :قال ابن أب ذئب السلم :القول واليان :العمل .قيل له :ما تقول أنت ؟
قال :السلم غي اليان وذكر حديث سعد وقول النب صلى ال عليه وسلم .فهو ف هذا الديث ل يتر قول
من قال :السلم :القول ; بل أجاب بأن السلم غي اليان كما دل عليه الديث الصحيح مع القرآن .وقال
حنبل :حدثنا أبو عبد ال بديث بريدة{ :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إل القابر
أن يقول قائلههم :السهلم عليكهم أههل الديار مهن الؤمنيه والسهلمي ; وإنها إن شاء ال بكهم لحقون}...
الديث .قال :وسعت أبا عبد ال يقول ف هذا الديث :حجة على من قال :اليان قول .فمن قال :أنا مؤمن
[ ف قد خالف ] قوله :من الؤمن ي وال سلمي .فبي الؤ من من ال سلم ورد على من قال :أنا مؤ من م ستكمل
اليان وقوله{ :وإنا إن شاء ال ب كم لحقون} و هو يعلم أنه م يت ي شد قول من قال :أنا مؤ من إن شاء ال
بالستثناء ف هذا الو ضع .وقال أبو الارث سألت :أبا عبد ال قلت :قوله{ :ل يزن الزان حي يزن وهو
مؤمن ول يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن} .قال :قد تأولوه فأما عطاء فقال :يتنحى عنه اليان .وقال
طاووس :إذا فعل ذلك زال عنه اليان .وروي عن ال سن قال :إن رجع راجعه اليان .وقد قيل :يرج من
اليان إل السلم ول يرج من السلم .وروى هذه السألة صال فإن مسائل أب الارث يرويها صال أيضا.
وصال سأل أباه عن هذه القصة فقال فيها :هكذا يروى عن أب جعفر قال{ :ل يزن الزان حي يزن وهو
مؤمن} قال :يرج من اليان إل السلم فاليان مقصور ف السلم فإذا زن خرج من اليان إل السلم.
قال الزهري -يعن -لا روي حديث سعد " :أو مسلم " فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل قال أحد:
وهو حديث متأول وال أعلم .فقد ذكر أقوال التابعي ول يرجح شيئا وذلك وال أعلم لن جيع ما قالوه حق
و هو يوا فق على ذلك كله ك ما قد ذ كر ف موا ضع أ خر أ نه يرج من اليان إل ال سلم ون و ذلك وأح د
وأمثاله من السلف ل يريدون بلفظ التأويل صرف اللفظ عن ظاهره ; بل التأويل عندهم مثل التفسي وبيان ما
يؤول إليه اللفظ كقول عائشة رضي ال عنها{ :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يكثر أن يقول ف ركوعه
وسهجوده سهبحانك اللههم وبمدك اللههم اغفهر ل يتأول القرآن} وإل فمها ذكره التابعون ل يالف ظاههر
الد يث بل يوافقه وقول أحد يتأوله أي يف سر معناه ; وإن كان ذلك يوا فق ظاهره لئل ي ظن مبتدع أن معناه
أ نه صار كافرا ل إيان م عه بال ; ك ما تقوله الوارج فإن الد يث ل يدل على هذا .والذي ن فى عن هؤلء
اليان كان يعل هم م سلمي ل يعل هم مؤمن ي .قال الروذي :ق يل ل ب ع بد ال :نقول ن ن الؤمنون ؟ فقال:
نقول :نن السلمون .قلت لب عبد ال :نقول :إنا مؤمنون .قال :ولكن نقول :إنا مسلمون .وهذا لن من
أصله الستثناء ف اليان لنه ل يعلم أنه مؤد لميع ما أمره ال به فهو مثل قوله :أنا بر أنا تقي أنا ول ال ;
كما يذكر ف موضعه ; وهذا ل ينع ترك الستثناء إذا أراد :إن مصدق فإنه يزم با ف قلبه من التصديق ; ول
يزم بأنه متثل لكل ما أمر به ; وكما يزم بأنه يب ال ورسوله فإنه يبغض الكفر ونو ذلك ما يعلم أنه ف
قلبه ; وكذلك إذا أراد بأنه مؤمن ف الظاهر ; فل ي نع أن يزم با هو معلوم له ; وإن ا يكره ما كرهه سائر
العلماء من قول الرجئة إذ يقولون :اليان ش يء متما ثل ف ج يع أهله م ثل كون كل إن سان له رأس ; فيقول
أحدهم :أنا مؤمن حقا وأنا مؤمن عند ال ونو ذلك ; كما يقول النسان :ل رأس حقا وأنا ل رأس ف علم
ال حقا :فمن جزم به على هذا الوجه فقد أخرج العمال الباطنة والظاهرة عنه ; وهذا منكر من القول وزور
عند الصحابة والتابعي ومن اتبعهم من سائر السلمي ; وللناس ف " مسألة الستثناء " كلم يذكر ف موضع
هو (القصود هنا أن هنا قولي متطرفي :قول من يقول :السلم مرد الكلمة والعمال الظاهرة ليست داخلة
ف م سمى ال سلم وقول من يقول :م سمى ال سلم واليان وا حد ; وكله ا قول ضع يف مالف لد يث
جبيل وسائر أحاديث النب صلى ال عليه وسلم .ولذا لا نصر ممد بن نصر الروزي القول الثان :ل يكن
معه حجة على صحته ; ولكن احتج با يبطل به القول الول ; فاحتج بقوله ف قصة العراب{ :بل ال ين
عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} قال :فدل ذلك على أن " السلم " هو اليان .فيقال :بل يدل
على نقيض ذلك لن القوم ل يقولوا :أسلمنا ; بل قالوا :آمنا وال أمرهم أن يقولوا :أسلمنا ث ذكر تسميتهم
بالسلم فقال{ :بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} ف قولكم :آمنا ولو كان السلم هو
اليان ل يتج أن يقول{ :إن كنتم صادقي} فإنم صادقون ف قولم{ :أسلمنا} مع أنم ل يقولوا ولكن ال
قال{ :ينون عل يك أن أ سلموا قل ل تنوا علي إ سلمكم بل ال ي ن علي كم} أي :ينون عل يك ما فعلوه من
السلم فال تعال سى فعلهم إسلما وليس ف ذلك ما يدل على أنم سوه إسلما ; وإنا قالوا :آمنا ث أخب
أن النة تقع بالداية إل اليان فأما السلم الذي ل إيان معه فكان الناس يفعلونه خوفا من السيف ; فل منة
لم بفعله وإذا ل ين ال عليهم باليان كان ذلك كإسلم النافقي فل يقبله ال منهم .فأما إذا كانوا صادقي
ف قولم :آمنا فال هو الان عليهم بذا اليان وما يدخل فيه من السلم وهو سبحانه نفى عنهم اليان أول
وهنا علق منة ال به على صدقهم فدل على جواز صدقهم .وقد قيل :إنم صاروا صادقي بعد ذلك ويقال:
العلق بشرط ل ي ستلزم وجود ذلك الشرط ويقال :ل نه كان مع هم إيان ما .ل كن ما هو اليان الذي و صفه
ثانيا ؟ بل معهم شعبة من اليان .قال ممد بن ن صر :وقال ال تعال{ :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له
الدين} الية وقال{ :إن الدين عند ال السلم} فسمى إقام الصلة وإيتاء الزكاة دينا قيما وسى الدين إسلما
فمن ل يؤد الزكاة فقد ترك من الدين القيم -الذي أخب ال أنه عنده الدين وهو السلم -بعضا .قال :وقد
جاء معي نا هذه الطائ فة ال ت فر قت ب ي ال سلم واليان على أن اليان قول وع مل وأن ال صلة والزكاة من
اليان وقد ساها ال دينا وأخب أن الدين عنده السلم فقد سى ال السلم با سى به اليان وسى اليان
با سى به السلم وبثل ذلك جاءت الخبار عن النب صلى ال عليه وسلم .فمن زعم أن السلم هو القرار
وأن الع مل ل يس م نه ف قد خالف الكتاب وال سنة ; ول فرق بي نه وب ي الرجئة إذ زع مت أن اليان إقرار بل
عمل .فيقال :أما قوله إن ال جعل الصلة والزكاة من الدين والدين عنده هو السلم فهذا كلم حسن موافق
لديث جبيل ورده على من جعل العمل خارجا من السلم كلم حسن وأما قوله :إن ال سى اليان با
سى به السلم وسى السلم با سى به اليان فليس كذلك فإن ال إنا قال{ :إن الدين عند ال السلم}
ول ي قل قط إن الد ين ع ند ال اليان ; ول كن هذا الد ين من اليان ول يس إذا كان م نه يكون هو إياه ; فإن
اليان أصله معرفة القلب وتصديقه وقوله ; والعمل تابع لذا العلم والتصديق ملزم له ول يكون العبد مؤمنا
إل بما .وأما السلم فهو عمل مض مع قول والعلم والتصديق ليس جزء مسماه لكن يلزمه جنس التصديق
فل يكون ع مل إل بعلم ل كن ل ي ستلزم اليان الف صل الذي بي نه ال ور سوله ك ما قال تعال{ :إن ا الؤمنون
الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} وقوله:
{إن ا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال وجلت قلوب م وإذا تل يت علي هم آيا ته زادت م إيا نا وعلى رب م يتوكلون}.
وسائر النصوص الت تنفي اليان عمن ل يتصف با ذكره فإن كثيا من السلمي مسلم باطنا وظاهرا ومعه
ت صديق م مل ول يت صف بذا اليان وال تعال قال{ :و من يب تغ غ ي ال سلم دي نا فلن يق بل م نه} وقال:
{ورضيت لكم السلم دينا} ول يقل :ومن يبتغ غي السلم علما ومعرفة وتصديقا وإيانا ول قال :رضيت
لكم السلم تصديقا وعلما فإن السلم من جنس الدين والعمل والطاعة والنقياد والضوع ; فمن ابتغى غي
السلم دينا فلن يقبل معه واليان طمأنينة ويقي أصله علم وتصديق ومعرفة والدين تابع له يقال :آمنت بال
وأ سلمت ل .قال مو سى { :يا قوم إن كن تم آمن تم بال فعل يه توكلوا إن كن تم م سلمي} فلو كان م سماها
واحدا كان هذا تكريرا وكذلك قوله{ :إن ال سلمي وال سلمات والؤمن ي والؤمنات} ك ما قال :وال صادقي
والصابرين والاشعي :فالؤمن متصف بذا كله لكن هذه الساء ل تطابق اليان ف العموم والصوص وكان
النب صلى ال عليه وسلم يقول{ :اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت
وإليك حاكمت} كما ثبت ف " الصحيحي " أنه كان يقول ذلك إذا قام من الليل وثبت ف " صحيح مسلم
" وغيه أ نه كان يقول :ف سجوده{ :الل هم لك سجدت و بك آم نت ولك أ سلمت} و ف الركوع يقول:
{لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت} ولا بي النب صلى ال عليه وسلم خاصة كل منهما قال{ :السلم
من سلم السلمون من لسانه ويده والؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم} ومعلوم أن السلمة من ظلم
النسان غي كونه مأمونا على الدم والال فإن هذا أعلى والأمون يسلم الناس من ظلمه وليس من سلموا من
ظل مه يكون مأمو نا عند هم .قال م مد بن ن صر :ف من زعم أن ال سلم هو القرار وأن الع مل ل يس م نه ف قد
خالف الكتاب والسنة .وهذا صحيح ; فإن النصوص كلها تدل على أن العمال من السلم .قال :ول فرق
بينه وبي الرجئة إذ زعمت أن اليان إقرار بل عمل .فيقال :بل بينهما فرق وذلك أن هؤلء الذين قالوه من
أهل السنة كالزهري ومن وافقه يقولون :العمال داخلة ف اليان والسلم عند هم جزء من اليان واليان
عندهم أكمل وهذا موافق للكتاب والسنة .ويقولون :الناس يتفاضلون ف اليان وهذا موافق للكتاب والسنة
والرجئة يقولون :اليان ب عض ال سلم وال سلم أف ضل :ويقولون إيان الناس مت ساو فإيان ال صحابة وأف جر
الناس سواء ويقولون :ل يكون مع أ حد ب عض اليان دون ب عض وهذا مالف للكتاب وال سنة .و قد أجاب
أحد عن هذا السؤال كما قاله ف إحدى روايتيه :إن السلم هو الكلمة .قال الزهري :فإنه تارة يوافق من قال
ذلك وتارة ل يواف قه بل يذ كر ما دل عل يه الكتاب وال سنة من أن ال سلم غ ي اليان ; فل ما أجاب بقول
الزهري قال له اليمون :قلت يا أبا عبد ال تفرق بي السلم واليان ؟ قال :نعم ; قلت :بأي شيء تتج ؟
قال :عا مة الحاد يث تدل على هذا ث قال{ :ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو مؤ من ول ي سرق ال سارق ح ي
يسرق وهو مؤمن} .وقال تعال{ :قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قلت له :فتذهب إل
ظاهر الكتاب مع السنن ؟ قال :نعم قلت :فإذا كانت الرجئة تقول :إن السلم هو القول قال :هم يصيون
هذا كله واحدا ويعلو نه م سلما ومؤم نا شيئا واحدا على إيان جب يل وم ستكمل اليان ; قلت :ف من هه نا
حجتنا عليهم ؟ قال :نعم .ف قد أجاب أحد :بأنم يعلون الفاسق مؤمنا مستكمل اليان على إيان جبيل.
وأ ما قوله :يعلو نه م سلما ومؤم نا شيئا واحدا فهذا قول من يقول :الد ين واليان ش يء وا حد فال سلم هو
الدين فيجعلون السلم واليان شيئا واحدا ; وهذا القول قول الرجئة فيما يذكره كثي من الئمة كالشافعي
وأب عبيد وغيها ومع هؤلء يناظرون فالعروف من كلم الرجئة :الفرق بي لفظ الدين واليان والفرق بي
السلم واليان .ويقولون :السلم بعضه إيان وبعضه أعمال والعمال منها فرض ونفل ولكن كلم السلف
كان فيما يظهر لم ويصل إليهم من كلم أهل البدع كما تدهم ف الهمية ; إما يكون عنهم أن ال ف كل
مكان وهذا قول طائفة منهم كالنجارية وهو قول عوامهم وعبادهم وأما جهور نظارهم من الهمية والعتزلة
والضرار ية وغي هم فإن ا يقولون :هو ل دا خل العال ول خار جه ول هو فوق العال .وكذلك كلم هم ف "
القدر ية " يكون عن هم إنكار العلم والكتا بة وهؤلء هم القدر ية الذ ين قال ا بن ع مر في هم :إذا لق يت أولئك
فأخبهم أن بريء منهم وأنم برآء من وهم الذين كانوا يقولون :إن ال أمر العباد وناهم وهو ل يعلم من
يطيعه من يعصيه ول من يدخل النة من يدخل النار حت فعلوا ذلك فعلمه بعد ما فعلوه ولذا قالوا :المر
أ نف أي :م ستأنف ; يقال :روض أ نف إذا كا نت وافرة ل ترع ق بل ذلك يع ن أ نه م ستأنف العلم بال سعيد
والشقهي ويبتدئ ذلك مهن غيه أن يكون قهد تقدم بذلك علم ول كتاب فل يكون العمهل على مها قهد قدر
فيحتذي به حذو القدر بل هو أمر مستأنف مبتدأ والواحد من الناس إذا أراد أن يعمل عمل قدر ف نفسه ما
يريد عمله ث عمله ك ما قدر ف نفسه وربا أظهر ما قدره ف الارج بصورته ويسمى هذا التقدير الذي ف
النفس خلقا ومنه قول الشاعر :ولنت تفري ما خلقت وبعض الناس يلق ث ل يفري يقول :إذا قدرت أمرا
أمضيته وأنفذته بلف غيك فإنه عا جز عن إمضاء ما يقدره وقال تعال {إنا كل ش يء خلقناه بقدر} وهو
سبحانه يعلم ق بل أن يلق الشياء كل ما سيكون و هو يلق بشيئ ته ف هو يعل مه ويريده وعل مه وإراد ته قائم
بنف سه و قد يتكلم به وي ب به ك ما ف قوله{ :لملن جه نم منك ومن تبعك من هم أجع ي} وقال{ :ولول
كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} وقال تعال{ :ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا الرسلي} {إنم
لم النصورون} {وإن جندنا لم الغالبون} .وقال تعال{ :ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولول كلمة
سبقت من ربك لقضي بينهم} وهو سبحانه كتب ما يقدره فيما يكتبه فيه كما قال{ :أل تعلم أن ال يعلم ما
ف السماء والرض إن ذلك ف كتاب إن ذلك على ال يسي} قال ابن عباس :إن ال خلق اللق وعلم ما هم
عاملون ث قال لعل مه :كن كتا با ; فكان كتا با ث أنزل ت صديق ذلك ف قوله {أل تعلم أن ال يعلم ما ف
السماء والرض إن ذلك ف كتاب إن ذلك على ال يسي} وقال تعال{ :ما أصاب من مصيبة ف الرض ول
ف أنف سكم إل ف كتاب من ق بل أن نبأ ها إن ذلك على ال ي سي} وقال{ :ول قد كتب نا ف الزبور من ب عد
الذكهر أن الرض يرثهها عبادي الصهالون} وقال{ :يحوا ال مها يشاء ويثبهت وعنده أم الكتاب} وقال
للملئكة{ :إن جاعل ف الرض خليفة قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك
ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون} فاللئكة قد علمت ما يفعل بنو آدم من الفساد وسفك الدماء فكيف
ل يعل مه ال سواء علموه بإعلم ال -فيكون هو أعلم ب ا علم هم إياه ك ما قاله أك ثر الف سرين - :أو قالوه
بالقياس على من كان قبل هم ك ما قاله :طائفة منهم أو بغ ي ذلك وال أعلم ب ا سيكون من ملوقاته الذ ين ل
علم لم إل ما علمهم وما أوحاه إل أنبيائه وغيهم ما سيكون هو أعلم به منهم فإنم ل ييطون بشيء من
عل مه إل ب ا شاء .وأي ضا فإ نه قال للملئ كة{ :إ ن جا عل ف الرض خلي فة} ق بل أن يأمر هم بال سجود لدم
وقبل أن يتنع إبليس ; وقبل أن ينهى آدم عن أكله من الشجرة وقبل أن يأكل منها ويكون أكله سبب إهباطه
إل الرض فقد علم ال سبحانه أنه سيستخلفه مع أمره له ولبليس با يعلم أنما يالفانه فيه ويكون اللف
سبب أمره لما بالهباط إل الرض والستخلف ف الرض .وهذا يبي أنه علم ما سيكون منهما من مالفة
المر فإن إبليس امتنع من السجود لدم وأبغضه فصار عدوه فوسوس له حت يأكل من الشجرة فيذنب آدم
أي ضا فإ نه قد تأل إ نه ليغوين هم أجع ي و قد سأل النظار إل يوم يبعثون ف هو حر يص على إغواء آدم وذري ته
بكل ما أمكنه ل كن آدم تلقى من ربه كلمات فتاب عليه واجتباه ربه وهداه بتوبته فصار لبن آدم سبيل إل
ناتمه وسهعادتم ماه يوقعههم الشيطان فيهه بالغواء وههو التوبهة قال تعال{ :ليعذب ال النافقيه والنافقات
والشركيه والشركات ويتوب ال على الؤمنيه والؤمنات} .وقدر ال قهد أحاط بذا كله قبهل أن يكون
وإبليس أصر على الذنب واحتج بالقدر وسأل النظار ليهلك غيه وآدم تاب وأناب وقال هو وزوجته{ :ربنا
ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين} فتاب ال عليه فاجتباه وهداه وأنزله إل الرض
ليعمل فيها بطاعته ; فيفع ال بذلك درجته ويكون دخوله النة بعد هذا أكمل ما كان فمن أذنب من أولد
آدم فاقتدى بأبيه آدم ف التوبة كان سعيدا وإذا تاب وآمن وعمل صالا بدل ال سيئاته حسنات وكان بعد
التوبة خيا منه قبل الطيئة كسائر أولياء ال التقي .ومن اتبع منهم إبليس فأصر على الذنب واحتج بالقدر
وأراد أن يغوي غيه كان من الذين قال فيهم{ :لملن جهنم منك ومن تبعك منهم أجعي} .والقصود هنا
ذ كر القدر ; وقد ثبت ف " صحيح م سلم " عن عبد ال بن عمرو عن ال نب صلى ال عليه وسلم أنه قال:
{قدر ال مقادير اللئق قبل أن يلق السموات والرض بمسي ألف سنة ; وكان عرشه على الاء} وف "
صحيح البخاري " عن عمران بن حصي قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم{ :كان ال ول يكن شيء
قبله وكان عرشه على الاء وكتب ف الذكر كل شيء ث خلق السموات والرض} وف " الصحيحي " عن
النب صلى ال عليه وسلم من غي وجه أنه أخب{ :أن ال قد علم أهل النة من أهل النار وما يعمله العباد قبل
أن يعملوه} .و ف " ال صحيحي " عن ع بد ال بن م سعود{ :أن ال يب عث مل كا ب عد خلق ال سد وق بل ن فخ
الروح فيه فيكتب أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد} .وهذه الحاديث تأت إن شاء ال ف مواضعها .فهذا
القدر هو الذي أنكره " القدرية " الذين كانوا ف أواخر زمن الصحابة .وقد روي أن أول من ابتدعه بالعراق
ر جل من أ هل الب صرة يقال له :سيسويه من أبناء الجوس وتلقاه ع نه مع بد اله ن ويقال :أول ما حدث ف
الجاز ل ا احتر قت الكع بة فقال ر جل :احتر قت بقدر ال تعال .فقال آ خر :ل يقدر ال هذا .ول ي كن على
عهد اللفاء الراشدين أحد ينكر القدرة ; فلما ابتدع هؤلء التكذيب بالقدر رده عليهم من بقي من الصحابة
كع بد ال بن ع مر وع بد ال بن عباس وواثلة بن ال سقع :وكان أكثره بالب صرة والشام وقل يل م نه بالجاز ;
فأكثر كلم السلف ف ذم هؤلء القدرية :ولذا قال وكيع بن الراح :القدرية يقولون :المر مستقبل وإن ال
ل يقدر الكتابهة والعمال ; والرجئة يقولون :القول يزئ مهن العمهل ; والهميهة يقولون :العرفهة تزئ مهن
القول والعمل .قال وكيع :وهو كله كفر ورواه ابن (000بياض ف الصل) .ولكن لا اشتهر الكلم ف القدر
; ود خل ف يه كث ي من أ هل الن ظر والعباد صار جهور القدر ية يقرون بتقدم العلم وإن ا ينكرون عموم الشيئة
واللق .و عن عمرو بن عب يد ف إنكار الكتاب التقدم روايتان .وقول أولئك كفر هم عل يه مالك والشاف عي
وأحد وغيهم .وأما هؤلء فهم مبتدعون ضالون لكنهم ليسوا بنلة أولئك ; وف هؤلء خلق كثي من العلماء
والعباد كتب عنهم العلم .وأخرج البخاري ومسلم لماعة منهم لكن من كان داعية إليه ل يرجوا له وهذا
مذ هب فقهاء أهل الديث كأحد وغيه :أن من كان داع ية إل بدعة فإنه ي ستحق العقوبة لدفع ضرره عن
الناس وإن كان ف البا طن متهدا وأ قل عقوب ته أن يه جر فل يكون له مرت بة ف الد ين ل يؤ خذ ع نه العلم ول
ي ستقضى ول تق بل شهاد ته ون و ذلك .ومذ هب مالك قر يب من هذا ولذا ل يرج أ هل ال صحيح ل ن كان
داع ية ول كن رووا هم و سائر أ هل العلم عن كث ي م ن كان يرى ف البا طن رأي القدر ية والرجئة والوارج
والشيعة .وقال أحد :لو تركنا الرواية عن القدرية لتركنا أكثر أهل البصرة وهذا لن " مسألة خلق أفعال العباد
وإرادة الكائنات " مسألة مشكلة وكما أن القدرية من العتزلة وغيهم أخطئوا فيها فقد أخطأ فيها كثي من
رد عليهم أو أكثرهم فإنم سلكوا ف الرد عليهم مسلك جهم بن صفوان وأتباعه فنفوا حكمة ال ف خلقه
وأمره ونفوا رح ته بعباده ونفوا ما جعله من ال سباب خل قا وأمرا وجحدوا من القائق الوجودة ف ملوقا ته
وشرائعه ما صار ذلك سببا لنفور أكثر العقلء الذين فهموا قولم عما يظنونه السنة إذ كانوا يزعمون أن قول
أهل السنة ف القدر هو القول الذي ابتدعه جهم وهذا لبسطه موضع آخر .وإنا القصود هنا أن " السلف " ف
ردهم على الرجئة والهمية والقدرية وغيهم يردون من أقوالم ما يبلغهم عنهم وما سعوه من بعضهم .وقد
يكون ذلك قول طائفة منهم وقد يكون نقل مغيا .فلهذا ردوا على الرجئة الذين يعلون الدين واليان واحدا
; ويقولون ههو القول .وأيضها فلم يكهن حدث فه زمنههم مهن الرجئة مهن يقول :اليان ههو مرد القول بل
تصديق ول معرفة ف القلب .فإن هذا إنا أحدثه ابن كرام وهذا هو الذي انفرد به ابن كرام .وأما سائر ما قاله
فأقوال قيلت قبله ولذا ل يذ كر الشعري ول غيه م ن ي كي مقالت الناس ع نه قول انفرد به إل هذا .وأ ما
سائر أقواله فيحكونا عن ناس قبله ول يذكرونه .ول يكن ابن كرام ف زمن أحد بن حنبل وغيه من الئمة
فلهذا يكون إجاع الناس على خلف هذا القول ; كمها ذكهر ذلك أبهو عبهد ال أحدهبهن حنبهل وأبهو ثور
وغيه ا .وكان قول الرجئة قبله :إن اليان قول بالل سان وت صديق بالقلب وقول ج هم :إ نه ت صديق القلب ;
فلما قال ابن كرام :إنه مرد قول اللسان .صارت أقوال الرجئة ثلثة لكن أحد كان أعلم بقالت الناس من
غيه فكان يعرف قول الهميهة فه اليان وأمها أبهو ثور .فلم يكهن يعرفهه ول يعرف إل مرجئة الفقهاء فلهذا
حكهي الجاع على خلف قول الهميهة والكراميهة .قال أبهو ثور فه رده على الرجئة كمها روى ذلك أبهو
القاسم الطبي اللكائي وغيه :عن إدريس بن عبد الكري قال :سأل رجل من أهل خراسان أبا ثور عن اليان
وما هو أيزيد وينقص ؟ وقول هو أو قول وعمل ؟ أو تصديق وعمل .فأجابه أبو ثور بذا فقال :سألت رحك
ال وعفا عنا وعنك عن اليان ما هو يزيد وينقص ؟ وقول هو أو قول وعمل أو تصديق وعمل ؟ فأخبك
بقول الطوائف واختلف هم .اعلم يرح نا ال وإياك :أن اليان ت صديق بالقلب وقول بالل سان وع مل بالوارح
وذلك أنه ليس بي أهل العلم خلف ف رجل لو قال :أشهد أن ال عز وجل واحد وأن ما جاءت به الرسل
حق وأقر بميع الشرائع ث قال :ما عقد قلب على شيء من هذا ; ول أصدق به ; أنه ليس بسلم ولو قال:
السيح هو ال وجحد أمر السلم ث قال :ل يعقد قلب على شيء من ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بؤمن
فل ما ل يكن بالقرار إذا ل ي كن م عه الت صديق مؤمنا ول بالت صديق إذا ل ي كن معه القرار مؤم نا ح ت يكون
مصدقا بقلبه مقرا بلسانه .فإذا كان تصديقا بالقلب وإقرارا باللسان كان عندهم مؤمنا وعند بعضهم ل يكون
مؤمنا حت يكون مع التصديق عمل فيكون بذه الشياء إذا اجتمعت مؤمنا فلما نفوا أن يكون اليان بشيء
واحد وقالوا :يكون بشيئي ف قول بعضهم وثلثة أشياء ف قول غيهم .ل يكن مؤمنا إل با أجعوا عليه من
هذه الثلثة الشياء ; وذلك أنه إذا جاء بذه الثلثة الشياء .فكلهم يشهد أنه مؤمن ; فقلنا با أجعوا عليه من
التصديق بالقلب والقرار باللسان والعمل بالوارح فأما الطائفة الت ذهبت إل أن العمل ليس من اليان فيقال
لمه :ماذا أراد ال مهن العباد إذ قال لمه :أقيموا الصهلة وآتوا الزكاة القرار بذلك أو القرار والعمهل ؟ فإن
قالت :إن ال أراد القرار ول يرد الع مل ; ف قد كفرت .ع ند أ هل العلم .من قال :إن ال ل يرد من العباد أن
ي صلوا ول يؤتوا الزكاة ؟ وإن قالت :أراد من هم القرار ق يل :فإذا كان أراد من هم المر ين جي عا ل زعم تم أ نه
يكون مؤمنا بأحدها دون الخر وقد أرادها جيعا ؟ أرأيتم لو أن رجل قال :أعمل جيع ما أمر به ال ول أقر
به أيكون مؤمنا ؟ فإن قالوا :ل .قيل لم :فإن قال :أقر بميع ما أمر ال به ول أعمل به ; أيكون مؤمنا ؟ فإن
قالوا :ن عم .ق يل ما الفرق ؟ ف قد زعم تم أن ال أراد المر ين جي عا فإن جاز أن يكون بأحده ا مؤم نا إذا ترك
الخر جاز أن يكون بالخر إذا عمل به ول يقر مؤمنا ل فرق بي ذلك .فإن احتج فقال :لو أن رجل أسلم
فأقر بميع ما جاء به النب صلى ال عليه وسلم أيكون مؤمنا بذا القرار قبل أن ييء وقت عمل ؟ قيل له :إنا
يطلق له ال سم بت صديقه أن الع مل عل يه بقوله :أن يعمله ف وق ته إذا جاء ول يس عل يه ف هذا الو قت القرار
بم يع ما يكون به مؤم نا ; ولو قال :أ قر ول أع مل ل يطلق عل يه ا سم اليان .قلت :يع ن المام أ بو ثور -
رحه ال -إنه ل يكون مؤمنا إل إذا التزم بالعمل مع القرار وإل فلو أقر ول يلتزم العمل ل يكن مؤمنا .وهذا
الحتجاج الذي ذكره أبو ثور هو دليل على وجوب المرين :القرار والعمل وهو يدل على أن كل منهما من
الدين وأنه ل يكون مطيعا ل ول مستحقا للثواب ول مدوحا عند ال ورسوله إل بالمرين جيعا وهو حجة
على من يعل العمال خارجة عن الدين واليان جيعا .وأما من يقول إنا من الدين ويقول :إن الفاسق مؤمن
حيث أخذ ببعض الدين وهو اليان عندهم وترك بعضه ; فهذا يتج عليه بشيء آخر لكن أبو ثور وغيه من
علماء السنة عامة احتجاجهم مع هذا الصنف وأحد كان أوسع علما بالقوال والجج من أب ثور .ولذا إنا
حكى الجاع على خلف قول الكرامية ث إنه تورع ف النطق على عادته ول يزم بنفي اللف ; لكن قال:
ل أحسب أحدا يقول هذا وهذا ف رسالته إل أب عبد الرحيم الوزجان ذكرها اللل ف كتاب " السنة "
-وهو أجع كتاب يذكر فيه أقوال أحد ف مسائل الصول الدينية وإن كان له أقوال زائدة على ما فيه كما
أن كتابه ف العلم أجع كتاب يذكر فيه أقوال أحد ف الصول الفقهية .قال الروذي :رأيت أبا عبد الرحيم
الوزجان عند أب عبد ال وقد كان ذكره أبو عبد ال فقال :كان أبوه مرجئا أو قال :صاحب رأي .وأما أبو
عبد الرحيم فأثن عليه وقد كان كتب إل أب عبد ال من خراسان يسأله عن اليان وذكر الرسالة من طريقي
عن أ ب ع بد الرح يم وجواب أح د ب سم ال الرح ن الرح يم :أح سن ال إلي نا وإل يك ف المور كل ها و سلمنا
وإياك من كل شر برحته أتان كتابك تذكر ما تذكر من احتجاج من احتج من الرجئة .واعلم رحك ال أن
الصومة ف الدين ليست من طريق أهل السنة وأن تأويل من تأول القرآن بل سنة تدل على معن ما أراد ال
منه أو أثر عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ويعرف ذلك با جاء عن النب صلى ال عليه وسلم أو
عن أصحابه فهم شاهدوا النب صلى ال عليه وسلم وشهدوا تنيله وما قصه ال له ف القرآن وما عن به وما
أراد به أخاص هو أم عام ؟ فأما من تأوله على ظاهره بل دللة من رسول ال صلى ال عليه وسلم ول أحد
من الصحابة فهذا تأويل أهل البدع ; لن الية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكما عاما ويكون ظاهرها
على العموم وإن ا ق صدت لش يء بعي نه ور سول ال صلى ال عل يه و سلم هو ال عب عن كتاب ال و ما أراد
وأصحابه أعلم بذلك منا لشاهدتم المر وما أريد بذلك فقد تكون الية خاصة ; أي معناها مثل قوله تعال.
{يوصيكم ال ف أولدكم للذكر مثل حظ النثيي} وظاهرها على العموم أي من وقع عليه اسم (ولد) فله ما
فرض ال فجاءت سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم أل يرث مسلم كافرا .وروي عن النب صلى ال عليه
و سلم -وليس بالث بت -إل أنه عن أ صحابه أن م ل يورثوا قاتل فكان ر سول ال صلى ال عليه و سلم هو
العب عن الكتاب أن الية إنا قصدت للمسلم ل للكافر ومن حلها على ظاهرها لزمه أن يورث من وقع عليه
ا سم الولد كافرا كان أو قاتل وكذلك أحكام الوارث من البو ين وغ ي ذلك مع آي كث ي يطول ب ا الكتاب
وإن ا ا ستعملت ال مة ال سنة من ال نب صلى ال عل يه و سلم و من أ صحابه إل من د فع ذلك من أ هل البدع
والوارج وما يشبههم فقد رأيت إل ما خرجوا .قلت :لفظ الجمل والطلق والعام كان ف اصطلح الئمة
كالشافعي وأحد وأب عبيد وإسحاق وغيهم سواء ل يريدون بالجمل ما ل يفهم منه كما فسره به بعض
التأخرين وأخطأ ف ذلك بل الجمل ما ل يكفي وحده ف العمل به وإن كان ظاهره حقا كما ف قوله تعال:
{خذ من أموالم صدقة تطهرهم وتزكيهم با} فهذه الية ظاهرها ومعناها مفهوم ليست ما ل يفهم الراد به
; بل نفس ما دلت عليه ل يكفي وحده ف العمل فإن الأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لم هذا إنا يعرف
ببيان الرسول صلى ال عليه وسلم ولذا قال أحد يذر التكلم ف الفقه هذين " الصلي " :الجمل والقياس.
وقال :أكثر ما يطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك أل يكم با يدل عليه العام والطلق قبل النظر
فيما يصه ويقيده ول يعمل بالقياس قبل النظر ف دللة النصوص هل تدفعه فإن أكثر خطأ الناس تسكهم با
يظنونه من دللة اللفظ والقياس ; فالمور الظنية ل يعمل با حت يبحث عن العارض بثا يطمئن القلب إليه
وإل أخطأ من ل يفعل ذلك وهذا هو الواقع ف التمسكي بالظواهر والقيسة ولذا جعل الحتجاج بالظواهر
مع العراض عن تف سي ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه طر يق أ هل البدع .وله ف ذلك م صنف كبي.
وكذلك التم سك بالقي سة مع العراض عن الن صوص والثار طر يق أ هل البدع .ولذا كان كل قول ابتد عه
هؤلء قول فا سدا وإن ا ال صواب من أقوال م ما وافقوا ف يه ال سلف من ال صحابة والتابع ي ل م بإح سان وقوله
تعال{ :يوصيكم ال ف أولدكم} ساه عاما وهو مطلق ف الحوال يعمها على طريق البدل كما يعم قوله:
{فتحرير رقبة} جيع الرقاب ل يعمها كما يعم لفظ الولد للولد .ومن أخذ بذا ل يأخذ با دل عليه ظاهر
لفظ القرآن بل أخذ با ظهر له ما سكت عنه القرآن فكان الظهور لسكوت القرآن عنه ل لدللة القرآن على
أنه ظاهر فكانوا متمسكي بظاهر من القول ل بظاهر القول ; وعمدتم عدم العلم بالنصوص الت فيها علم با
قيد وإل فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق ; بلف ما يظهر للنسان لعن آخر غي نفس القرآن يسمى
ظا هر القرآن كا ستدللت أ هل البدع من الرجئة والهم ية والوارج والشي عة .قال أح د :وأ ما من ز عم أن
اليان القرار فما يقول ف العرفة ؟ هل يتاج إل العرفة مع القرار ؟ وهل يتاج أن يكون مصدقا با عرف ؟
فإن زعم أنه يتاج إل العرفة مع القرار فقد زعم أنه من شيئي وإن زعم أنه يتاج أن يكون مقرا ومصدقا با
عرف فهو من ثلثة أشياء ; وإن جحد وقال :ل يتاج إل العرفة والتصديق فقد قال قول عظيما ول أحسب
أحدا يدفع العرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه الشياء .قلت أحد وأبو ثور وغيها من الئمة كانوا قد
عرفوا أصل قول الرجئة وهو أن اليان ل يذهب بعضه ويبقى بعضه ; فل يكون إل شيئا واحدا فل يكون ذا
عدد :اثن ي أو ثل ثة فإ نه إذا كان له عدد أم كن ذهاب بع ضه وبقاء بع ضه بل ل يكون إل شيئا واحدا ولذا
قالت الهم ية :إ نه ش يء وا حد ف القلب .وقالت الكرام ية :إ نه ش يء وا حد على الل سان كل ذلك فرارا من
تبعض اليان وتعدده فلهذا صاروا يناظرونم با يدل على أنه ليس شيئا واحدا كما قلتم .فأبو ثور احتج با
اجت مع عل يه " الفقهاء الرجئة " من أ نه ت صديق وع مل ول ي كن بل غه قول متكلمي هم وجهميت هم أو ل ي عد
خلفهم خلفا وأحد ذكر أنه ل بد من العرفة والتصديق مع القرار وقال :إن من جحد العرفة والتصديق فقد
قال قول عظي ما فإن ف ساد هذا القول معلوم من د ين ال سلم ولذا ل يذ هب إل يه أ حد ق بل الكرام ية مع أن
الكرام ية ل تن كر وجوب العر فة والت صديق ول كن تقول :ل يد خل ف ا سم اليان حذرا من تبع ضه وتعدده
لنم رأوا أنه ل يكن أن يذهب بعضه ويبقى بعضه بل ذلك يقتضي أن يتمع ف القلب إيان وكب واعتقدوا
الجاع على نفي ذلك .كما ذكر هذا الجاع الشعري وغيه .وهذه الشبهة الت أوقعتهم مع علم كثي منهم
وعبادته وحسن إسلمه وإيانه ولذا دخل ف " إرجاء الفقهاء " جاعة هم عند المة أهل علم ودين .ولذا ل
يك فر أ حد من ال سلف أحدا من " مرجئة الفقهاء " بل جعلوا هذا من بدع القوال والفعال ; ل من بدع
العقائد فإن كثيا من الناع فيها لفظي لكن اللفظ الطابق للكتاب والسنة هو الصواب فليس لحد أن يقول
بلف قول ال ور سوله ل سيما و قد صار ذلك ذري عة إل بدع أ هل الكلم من أ هل الرجاء وغي هم وإل
ظهور الفسق فصار ذلك الطأ اليسي ف اللفظ سببا لطأ عظيم ف العقائد والعمال فلهذا عظم القول ف ذم
" الرجاء " حت قال إبراهيم النخعي :لفتنتهم -يعن الرجئة -أخوف على هذه المة من فتنة الزارقة .وقال
الزهري :ما ابتد عت ف ال سلم بد عة أ ضر على أهله من الرجاء .وقال الوزا عي :كان ي ي بن أ ب كث ي
وقتادة يقولن :ليس شيء من الهواء أخوف عندهم على المة من الرجاء .وقال شريك القاضي -وذكر
الرجئة فقال :-هم أخبث قوم حسبك بالرافضة خبثا ولكن الرجئة يكذبون على ال .وقال سفيان الثوري:
تر كت الرجئة ال سلم أرق من ثوب سابري وقال قتادة :إن ا حدث الرجاء ب عد فت نة فر قة ا بن الش عث.
وسئل ميمون بن مهران عن كلم " الرجئة " فقال :أنا أكب من ذلك وقال سعيد بن جبي لذر المدان :أل
تستحي من رأي أنت أكب منه وقال أيوب السختيان :أنا أكب من دين الرجئة إن أول من تكلم ف الرجاء
رجل من أهل الدينة من بن هاشم يقال له :السن .وقال زاذان :أتينا السن بن ممد فقلنا :ما هذا الكتاب
الذي وض عت ؟ وكان هو الذي أخرج كتاب الرجئة فقال ل :يا أ با ع مر لوددت أ ن ك نت مت ق بل أن
أخرج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب فإن الطأ ف اسم اليان ليس كالطأ ف اسم مدث ; ول كالطأ ف
غيه من الساء إذ كانت أحكام الدنيا والخرة متعلقة باسم اليان والسلم والكفر والنفاق وأحد -رضي
ال عنه -فرق بي العرفة الت ف القلب وبي التصديق الذي ف القلب فإن تصديق اللسان هو القرار ; وقد
ذ كر ثل ثة أشياء وهذا يت مل " شيئ ي " يت مل أن يفرق ب ي ت صديق القلب ومعرف ته وهذا قول ا بن كلب
والقلنسي .والشعري وأصحابه يفرقون بي معرفة القلب وبي تصديق القلب فإن تصديق القلب قوله .وقول
القلب عندهم ليس هو العلم بل نوعا آخر ; ولذا قال أحد :هل يتاج إل العرفة مع القرار ؟ وهل يتاج إل
أن يكون مصدقا با عرف ؟ فإن زعم أنه يتاج إل العرفة مع القرار فقد زعم أنه من شيئي وإن زعم أنه
يتاج أن يكون مقرا ومصدقا با عرف فهو من ثلثة أشياء فإن جحد وقال :ل يتاج إل العرفة والتصديق.
ف قد أ تى عظي ما ول أح سب امرأ يد فع العر فة والت صديق والذ ين قالوا :اليان هو القرار .فالقرار بالل سان
يتض من الت صديق بالل سان .والرجئة ل تتلف أن القرار بالل سان ف يه الت صديق ; فعلم أ نه أراد ت صديق القلب
ومعرف ته مع القرار بالل سان ; إل أن يقال :أراد ت صديق القلب والل سان جي عا مع العر فة والقرار ; ومراده
بالقرار اللتزام ل التصهديق ك ما قال تعال{ :وإذ أ خذ ال ميثاق النهبيي لاه آتيت كم مهن كتاب وحك مة ثه
جاءكم رسول مصدق لا معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررت وأخذت على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال
فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} فاليثاق الأخوذ على أنم يؤمنون به وينصرونه وقد أمروا بذا وليس هذا
القرار تصهديقا فإن ال تعال ل يبههم ببه ; بهل أوجهب عليههم إذا جاءههم ذلك الرسهول أن يؤمنوا بهه
وينصروه .فصدقوا بذا القرار والتزموه فهذا هو إقرارهم .والنسان قد يقر للرسول بعن أنه يلتزم ما يأمر به
مع غي معرفة ومن غي تصديق له بأنه رسول ال لكن ل يقل أحد من الرجئة :إن هذا القرار يكون إيانا .بل
ل بد عند هم من القرار ال بي وهو أنه ي قر له بأنه ر سول ال ك ما ي قر ال قر با ي قر به من القوق ولفظ
القرار يتناول اللتزام والت صديق ول بد منه ما و قد يراد بالقرار مرد الت صديق بدون التزام الطا عة ; والرجئة
تارة يعلون هذا ههو اليان وتارة يعلون اليان التصهديق واللتزام معها هذا ههو القرار الذي يقوله فقهاء
الرجئة :إنه إيان وإل لو قال :أنا أطيعه ول أصدق أنه رسول ال أو أصدقه ول ألتزم طاعته ل يكن مسلما ول
مؤم نا عند هم .وأح د قال :ل بد مع هذا القرار أن يكون م صدقا وأن يكون عار فا وأن يكون م صدقا ب ا
عرف .و ف روا ية أخرى :م صدقا ب ا أ قر وهذا يقت ضي أ نه ل بد من ت صديق با طن ويت مل أن يكون ل فظ
الت صديق عنده يتض من القول والع مل جي عا ك ما قد ذكر نا شواهده أ نه يقال :صدق بالقول والع مل فيكون
تصديق القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول ال قد خضع له وانقاد ; فصدقه بقول قلبه وعمل قلبه
مبة وتعظيما وإل فمجرد معرفة قلبه أنه رسول ال مع العراض عن النقياد له ول ا جاء به إما حسدا وإما
كبا وإما لحبة دينه الذي يالفه وإما لغي ذلك فل يكون إيانا .ول بد ف اليان من علم القلب وعمله فأراد
أحد بالتصديق أنه مع العرفة به صار القلب مصدقا له تابعا له مبا له معظما له فإن هذا ل بد منه ومن دفع
هذا عن أن يكون من اليان فهو من جنس من دفع العرفة من أن تكون من اليان وهذا أشبه بأن يمل عليه
كلم أح د ; لن وجوب انقياد القلب مع معرف ته ظا هر ثا بت بدلئل الكتاب وال سنة وإجاع ال مة بل ذلك
معلوم بالضطرار من دين السلم ومن نازع من الهمية ف أن انقياد القلب من اليان فهو كمن نازع من
الكرام ية ف أن معر فة القلب من اليان فكان ح ل كلم أح د على هذا هو النا سب لكل مه ف هذا القام.
وأيضا فإن الفرق ب ي معرفة القلب وب ي مرد ت صديق القلب الال عن النقياد الذي ي عل قول القلب ; أ مر
دقيق وأكثر العقلء ينكرونه وبتقدير صحته ل يب على كل أحد أن يوجب شيئي ل يتصور الفرق بينهما
وأك ثر الناس ل يت صورون الفرق ب ي معر فة القلب وت صديقه ويقولون :إن ما قاله ا بن كلب والشعري من
الفرق كلم باطل ل حقيقة له وكثي من أصحابه اعترف بعدم الفرق وعمدتم من الجة إنا هو خب الكاذب
قالوا :ف في قل به خب بلف عل مه فدل على الفرق .فقال ل م الناس :ذاك بتقد ير خب وعلم ل يس هو عل ما
حقيقيا ول خبا حقيقيا ولا أثبتوه من قول القلب الخالف للعلم والرادة إنا يعود إل تقدير علوم وإرادات ل
إل جنس آخر يالفها .ولذا قالوا :إن النسان ل يكنه أن يقوم بقلبه خب بلف علمه ; وإنا يكنه أن يقول
ذلك بلسانه وأما أنه يقوم بقلبه خب بلف ما يعلمه فهذا غي مكن وهذا ما استدلوا به على أن الرب تعال ل
يتصور قيام الكذب بذاته لنه بكل شيء عليم ويتنع قيام معن يضاد العلم بذات العال والب النفسان الكاذب
يضاد العلم .فيقال ل م :ال ب النف سان لو كان خل فا للعلم لاز وجود العلم مع ضده ك ما يقولون م ثل ذلك
ف موا ضع كثية و هي من أقوى ال جج ال ت ي تج ب ا القا ضي أ بو ب كر وموافقوه ف م سألة الع قل وغي ها
كالقا ضي أ ب يعلى وأ ب م مد ا بن اللبان وأ ب علي بن شاذان وأ ب الط يب وأ ب الول يد البا جي وأ ب الطاب
وابن عقيل وغيهم ; فيقولون :العقل نوع من العلم فإنه ليس بضد له فإن ل يكن نوعا منه كان خلفا له ولو
كان خل فا لاز وجوده مع ضد الع قل وهذه ال جة وإن كا نت ضعيفة -ك ما ضعف ها المهور وأبو العال
الوين من ضعفها -فإن ما كان مستلزما لغيه ل يكن ضدا له إذ قد اجتمعا وليس هو من نوعه ; بل هو
خلف له على هذا الصطلح الذي يقسمون فيه كل اثني إل أن يكونا مثلي أو خلفي أو ضدين فاللزوم
كالرادة مع العلم أو كالعلم مع الياة ونو ذلك ضدا ول مثل ; بل هو خلف ومع هذا فل يوز وجوده مع
ضهد اللزم فإن ضهد اللزم ينافيهه ووجود اللزوم بدون اللزم مال كوجود الرادة بدون العلم والعلم بدون
الياة فهذان خلفان عندهم ول يوز وجود أحدها مع ضد الخر .كذلك العلم هو مستلزم للعقل فكل عال
عاقل والعقل شرط ف العلم فليس مثل له ول ضدا ول نوعا منه ومع هذا ل يوز وجوده مع ضد العقل لكن
هذه الجة تقال لم ف العلم مع كلم النفس الذي هو الب فإنه ليس ضدا ول مثل بل خلفا ; فيجوز وجود
العلم مع ضد ال ب ال صادق و هو الكاذب فبطلت تلك ال جة على امتناع الكذب النف سان من العال وب سط
هذا له مو ضع آ خر .والق صود ه نا أن الن سان إذا ر جع إل نف سه ع سر عل يه التفر يق ب ي عل مه بأن الر سول
صادق وب ي تصديق قلبه تصديقا مردا عن انقياد وغيه من أعمال القلب بأنه صادق .ث احتج المام أحد
على أن العمال من اليان بجج كثية فقال وقد {سأل وفد عبد القيس رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
اليان فقال :شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال وإقام الصهلة وإيتاء الزكاة وصهوم رمضان وأن
تعطوا خسا من الغنم} فجعل ذلك كله من اليان .قال :وقال النب صلى ال عليه وسلم {الياء شعبة من
اليان} وقال{ :أك مل الؤمن ي إيا نا أح سنهم خل قا} وقال{ .إن البذاذة من اليان} .وقال {اليان ب ضع
وستون شعبة فأدناها إماطة الذى عن الطريق وأرفعها قول ل إله إل ال} مع أشياء كثية منها{ :أخرجوا من
النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} :وما روي عن النب صلى ال عليه وسلم ف صفة النافق{ :ثلث
من كن ف يه ف هو منا فق} مع ح جج كثية .و ما روي عن ال نب صلى ال عل يه و سلم ف تارك ال صلة و عن
أصحابه من بعده ث ما وصف ال تعال ف كتابه من زيادة اليان ف غي موضع مثل قوله{ :هو الذي أنزل
السكينة ف قلوب الؤمني ليزدادوا إيانا مع إيانم} وقال{ :ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا
إيانا} وقال{ :وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا} وقال تعال {فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيانا فأما
الذيهن آمنوا فزادتمه إيانها وههم يسهتبشرون} وقال{ :إناه الؤمنون الذيهن آمنوا بال ورسهوله ثه ل يرتابوا
وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} وقال تعال{ :فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا
الزكاة فخلوا سبيلهم} وقال تعال{ :فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فإخوانكم ف الدين} وقال{ :وما
أمروا إل ليعبدوا ال ملصهي له الديهن حنفاء ويقيموا الصهلة ويؤتوا الزكاة وذلك ديهن القيمهة} .قال أحده:
ويلز مه أن يقول :هو مؤ من بإقراره وإن أ قر بالزكاة ف الملة ول ي د ف كل مائ ت در هم خ سة أ نه مؤ من
فيلزمه أن يقول :إذا أقر ث شد الزنار ف وسطه وصلى للصليب وأتى الكنائس والبيع وعمل الكبائر كلها إل
أ نه ف ذلك م قر بال ; فيلز مه أن يكون عنده مؤم نا وهذه الشياء من أش نع ما يلزم هم " .قلت " :هذا الذي
ذكره المام أح د من أح سن ما اح تج الناس به علي هم ج ع ف ذلك جل يقول غيه بعض ها وهذا اللزام ل
ميد لم عنه ولذا لا عرف متكلمهم مثل جهم ومن وافقه أنه لزم التزموه .وقالوا :لو فعل [ ما فعل ] من
الفعال الظاهرة ل يكهن بذلك كافرا فه الباطهن ; لكهن يكون دليل على الكفهر فه أحكام الدنيها فإذا احتهج
عليهم بنصوص تقتضي أنه يكون كافرا ف الخرة .قالوا :فهذه النصوص تدل على أنه ف الباطن ليس معه من
معرفة ال شيء فإنا عندهم شيء واحد فخالفوا صريح العقول وصريح الشرع .وهذا القول مع فساده عقل
وشرعا ومع كونه عند التحقيق ل يثبت إيانا ; فإنم جعلوا اليان شيئا واحدا ل حقيقة له كما قالت الهمية
ومهن وافقههم مثهل ذلك فه وحدة الرب أنهه ذات بل صهفات .وقالوا بأن القرآن ملوق وأن ال ل يرى فه
الخرة و ما يقوله [ ا بن كلب ] من وحدة الكلم وغيه من ال صفات .فقول م ف الرب و صفاته وكل مه
واليان به ير جع إل تعط يل م ض وهذا قد و قع ف يه طوائف كثية من التأخر ين النت سبي إل ال سنة والف قه
والديث التبعي للئمة الربعة التعصبي للجهمية والعتزلة ; بل وللمرجئة أيضا ; لكن لعدم معرفتهم بالقائق
الت نشأت منها البدع يمعون بي الضدين ولكن من رحة ال بعباده السلمي أن الئمة الذين لم ف المة
ل سان صدق م ثل الئ مة الرب عة وغي هم كمالك والثوري والوزا عي والل يث بن سعد وكالشاف عي وأح د
وإسحاق وأب عبيد وأب حنيفة وأب يوسف وممد ; كانوا ينكرون على أهل الكلم من الهمية قولم ف
القرآن واليان وصفات الرب وكانوا متفقي على ما كان عليه السلف من أن ال يرى ف الخرة وأن القرآن
كلم ال غ ي ملوق وأن اليان ل بد ف يه من ت صديق القلب والل سان فلو ش تم ال ور سوله كان كافرا باط نا
وظاهرا عندهم كلهم ومن كان موافقا لقول جهم ف اليان بسبب انتصار أب السن لقوله ف اليان يبقى
تارة يقول بقول السلف والئمة وتارة يقول بقول التكلمي الوافقي لهم ; حت ف مسألة سب ال ورسوله
رأيت طائفة من النبليي والشافعيي والالكيي إذا تكلموا بكلم الئمة قالوا :إن هذا كفر باطنا وظاهرا .وإذا
تكلموا بكلم أولئك قالوا :هذا ك فر ف الظا هر و هو ف البا طن يوز أن يكون مؤم نا تام اليان فإن اليان
عند هم ل يتب عض .ولذا ل ا عرف القا ضي عياض هذا من قول ب عض أ صحابه أنكره ون صر قول مالك وأ هل
ال سنة وأح سن ف ذلك .و قد ذكرت ب عض ما يتعلق بذا ف كتاب " ال صارم ال سلول على شا ت الر سول "
وكذلك تدههم فه مسهائل اليان يذكرون أقوال الئمهة والسهلف ويبحثون بثها يناسهب قول الهميهة لن
البحث أخذوه من كتب أهل الكلم الذين نصروا قول جهم ف مسائل اليان .والرازي لا صنف " مناقب
الشاف عي " ذ كر قوله ف اليان .وقول الشاف عي قول ال صحابة والتابع ي و قد ذ كر الشاف عي أ نه إجاع من
الصحابة والتابعي .ومن لقيه استشكل قول الشافعي جدا لنه كان قد انعقد ف نفسه شبهة أهل البدع ف
اليان :من الوارج والعتزلة والهمية والكرامية وسائر الرجئة وهو أن الشيء الركب إذا زال بعض أجزائه
لزم زواله كله ; ل كن هو ل يذ كر إل ظا هر شبهت هم .والواب ع ما ذكروه هو سهل فإ نه ي سلم له أن اليئة
الجتماع ية ل ت بق متم عة ك ما كا نت ; ل كن ل يلزم من زوال بعض ها زوال سائر الجزاء .والشاف عي مع
ال صحابة والتابع ي و سائر ال سلف يقولون :إن الذ نب يقدح ف كمال اليان ولذا ن فى الشارع اليان عن
هؤلء فذلك الجموع الذي هو اليان ل ي بق ممو عا مع الذنوب ل كن يقولون ب قي بع ضه :إ ما أ صل وإ ما
أكثره وإما غي ذلك فيعود الكلم إل أنه يذهب بعضه ويبقى بعضه .ولذا كانت الرجئة تنفر من لفظ النقص
أعظم من نفورها من لفظ الزيادة ; لنه إذا نقص لزم ذهابه كله عندهم إن كان متبعضا متعددا عند من يقول
بذلك وهم الوارج والعتزلة .و أما الهمية فهو واحد عندهم ل يقبل التعدد ; فيثبتون واحدا ل حقيقة له ;
ك ما قالوا م ثل ذلك ف وحدان ية الرب ووحدان ية صفاته ع ند من أثبت ها من هم و من الع جب أن ال صل الذي
أوقع هم ف هذا اعتقاد هم أ نه ل يت مع ف الن سان ب عض اليان وب عض الك فر أو ما هو إيان و ما هو ك فر
واعتقدوا أن هذا متفق عليه بي السلمي كما ذكر ذلك أبو السن وغيه فلجل اعتقادهم هذا الجاع وقعوا
فيما هو مالف للجاع القيقي إجاع السلف الذي ذكره غي واحد من الئمة ; بل وصرح غي واحد منهم
بك فر من قال بقول ج هم ف اليان .ولذا نظائر متعددة ; يقول الن سان قول مال فا لل نص والجاع القد ي
حقي قة ويكون معتقدا أ نه متم سك بال نص والجاع .وهذا إذا كان مبلغ عل مه واجتهاده ; فال يثي به على ما
أطاع ال فيه من اجتهاده ويغفر له ما عجز عن معرفته من الصواب الباطن وهم لا توهوا أن اليان الواجب
على جيع الناس نوع واحد ; صار بعضهم يظن أن ذلك النوع من حيث هو ل يقبل التفاضل .فقال ل مرة
بعض هم :اليان من ح يث هو إيان ل يق بل الزيادة والنق صان .فقلت له :قولك من ح يث هو ; ك ما تقول:
النسان من حيث هو إنسان واليوان من حيث هو حيوان والوجود من حيث هو وجود والسواد من حيث
هو سواد وأمثال ذلك ل يق بل الزيادة والنق صان وال صفات ; فتث بت لذه ال سميات وجودا مطل قا مردا عن
جيع القيود والصفات وهذا ل حقيقة له ف الارج وإنا هو شيء يقدره النسان ف ذهنه كما يقدر موجودا
ل قديا ول حادثا ول قائما بنفسه ول بغيه ويقدر إنسانا ل موجودا ول معدوما ويقول :الاهية من حيث هي
هي ل توصف بوجود ول عدم والاهية من حيث هي هي شيء يقدره الذهن وذلك موجود ف الذهن ل ف
الارج .وأما تقدير شيء ل يكون ف الذهن ول ف الارج فممتنع وهذا التقدير ل يكون إل ف الذهن كسائر
تقدير المور المتنعة ; مثل تقدير صدور العال عن صانعي ونو ذلك ; فإن هذه القدرات ف الذهن .فهكذا
تقدير إيان ل يتصف به مؤمن ; بل هو مرد عن كل قيد .وتقدير إنسان ل يكون موجودا ول معدوما ; بل
ما ث إيان إل مع الؤمني ول ث إنسانية إل ما اتصف با النسان ; فكل إنسان له إنسانية تصه وكل مؤمن له
إيان ي صه ; فإن سانية ز يد تش به إن سانية ع مر ولي ست هي هي .وإذا اشتركوا ف نوع الن سانية فمع ن ذلك
أن ما يشتبهان في ما يو جد ف الارج ويشتركان ف أ مر كلي مطلق يكون ف الذ هن .وكذلك إذا ق يل :إيان
زيد مثل إيان عمرو ; فإيان كل واحد يصه .فلو قدر أن اليان يتماثل لكان لكل مؤمن إيان يصه وذلك
اليان متص معي ليس هو اليان من حيث هو هو ; بل هو إيان معي وذلك اليان يقبل الزيادة .والذين
ينفون التفا ضل ف هذه المور يت صورون ف أنف سهم إيا نا مطلقا أو إن سانا مطلقا أو وجودا مطل قا مردا عن
ج يع ال صفات العي نة له ث يظنون أن هذا هو اليان الوجود ف الناس وذلك ل يق بل التفا ضل ول يق بل ف
نف سه التعدد ; إذ هو ت صور مع ي قائم ف ن فس مت صوره .ولذا ي ظن كث ي من هؤلء أن المور الشتر كة ف
ش يء وا حد هي واحدة بالش خص والع ي .ح ت انت هى ال مر بطائ فة من علمائ هم عل ما وعبادة إل أن جعلوا
الوجود كذلك ; فت صوروا أن الوجودات مشتر كة ف م سمى الوجود وت صوروا هذا ف أنف سهم فظنوه ف
الارج ك ما هو ف أنف سهم ث ظنوا أ نه ال ; فجعلوا الرب هو هذا الوجود الذي ل يو جد قط إل ف ن فس
متصوره ; ول يكون ف الارج .وهكذا كثي من الفلسفة تصوروا أعدادا مردة وحقائق مردة ويسمونا الثل
الفلطونية وزمانا مردا عن الركة والتحرك وبعدا مردا عن الجسام وصفاتا ث ظنوا وجود ذلك ف الارج
وهؤلء كلهم اشتبه عليهم ما ف الذهان با ف العيان وهؤلء قد يعلون الواحد اثني والثني واحدا ; فتارة
ييئون إل المور التعددة التفاضلة ف الارج فيجعلون ا واحدة أو متماثلة وتارة ييئون إل ما ف الارج من
اليوان والكان والزمان فيجعلون الوا حد اثن ي .والتفل سفة والهم ية وقعوا ف هذا وهذا فجاءوا إل صفات
الرب ال ت هي أ نه عال وقادر فجعلوا هذه ال صفة هي ع ي الخرى وجعلوا ال صفة هي الو صوف .وهكذا
القائلون بأن اليان شيء واحد وأنه متماثل ف بن آدم غلطوا ف كونه واحدا وف كونه متماثل كما غلطوا ف
أمثال ذلك من م سائل " التوح يد " و " ال صفات " و " القرآن " ون و ذلك ; فكان غلط ج هم وأتبا عه ف
اليان كغلطهم ف صفات الرب الذي يؤمن به الؤمنون وف كلمه وصفاته سبحانه وتعال عما يقول الظالون
علوا كبيا .وكذلك السواد والبياض يقبل الشتداد والضعف ; بل عامة الصفات الت يتصف با الوصوفون
تق بل التفا ضل ; ولذا كان الع قل يق بل التفا ضل والياب والتحر ي يق بل التفا ضل فيكون إياب أقوى من
إياب وتري أقوى من تري .وكذلك العرفة الت ف القلوب تقبل التفاضل على الصحيح عند أهل السنة وف
هذا كله نزاع فطائفة من النتسبي إل السنة تنكر التفاضل ف هذا كله كما يتار ذلك القاضي أبو بكر وابن
عقيل وغيها .وقد حكي عن أحد ف التفاضل ف العرفة روايتان .وإنكار التفاضل ف هذه الصفات هو من
ج نس أ صل قول الرجئة ول كن يقوله من يالف الرجئة وهؤلء يقولون :التفا ضل إن ا هو ف العمال وأ ما
اليان الذي ف القلوب فل يتفا ضل ول يس ال مر ك ما قالوه بل ج يع ذلك يتفا ضل و قد يقولون :إن أعمال
القلب تتفاضل ; بلف معارف القلب وليس المر كذلك بل إيان القلوب يتفاضل من جهة ما وجب على
هذا ومن جهة ما وجب على هذا فل يستوون ف الوجوب .وأمة ممد وإن وجب عليهم جيعهم اليان بعد
اسهتقرار الشرع فوجوب اليان بالشيهء العيه موقوف على أن يبلغ العبهد إن كان خهبا وعلى أن يتاج إل
العمل به إن كان أمرا وعلى العلم به إن كان علما وإل فل يب على كل مسلم أن يعرف كل خب وكل أمر
ف الكتاب وال سنة ويعرف معناه ويعل مه ; فإن هذا ل يقدر عل يه أ حد .فالوجوب يتنوع بتنوع الناس ف يه ; ث
قدر هم ف أداء الوا جب متفاو تة ; ث ن فس العر فة تتلف بالجال والتف صيل والقوة والض عف ودوام الضور
ومع الغفلة فليست الفصلة الستحضرة الثابتة الت يثبت ال صاحبها بالقول الثابت ف الياة الدنيا وف الخرة
كالجملة الت غفل عنها وإذا حصل له ما يريبه فيها وذكرها ف قلبه ث رغب إل ال ف كشف الريب .ث
أحوال القلوب وأعمالا مثل مبة ال ورسوله وخشية ال والتوكل عليه والصب على حكمه والشكر له والنابة
إليه وإخلص العمل له ما يتفاضل الناس فيها تفاضل ل يعرف قدره إل ال عز وجل ومن أنكر تفاضلهم ف
هذا فهو إما جاهل ل يتصوره وإما معاند .قال المام أحد :فإن زعموا أنم ل يقبلون زيادة اليان من أجل
أنم ل يدرون ما زيادته وأنا غي مدودة فما يقولون ف أنبياء ال وكتبه ورسله ؟ هل يقرون بم ف الملة ؟
ويزعمون أ نه من اليان ; فإذا قالوا :ن عم ; ق يل ل م :هل تدون م وتعرفون عدد هم ؟ أل يس إن ا ي صيون ف
ذلك إل القرار بم ف الملة ث يكفون عن عدد هم ؟ فكذلك زيادة اليان .وب ي أحد أن كون م ل يعرفوا
منت هى زياد ته ل ينع هم من القرار ب ا ف الملة ; ك ما أن م يؤمنون بال نبياء والك تب و هم ل يعرفون عدد
الكتب والرسل .وهذا الذي ذكره أحد وذكره ممد بن نصر وغيها يبي أنم ل يعلموا عدد الكتب والرسل
وأن حد يث أ ب ذر ف ذلك ل يث بت عند هم .وأ ما قول من سوى ب ي ال سلم واليان وقال :إن ال سى
اليان با سى به السلم ; وسى السلم با سى به اليان فليس كذلك فإن ال ورسوله قد فسر اليان بأنه
اليان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر .وبي أيضا أن العمل با أمر به يدخل ف اليان ول يسم ال
اليان بلئك ته وكت به ور سله والب عث ب عد الوت إ سلما ; بل إن ا سى ال سلم ال ستسلم له بقل به وق صده
وإخلص الدين والعمل با أمر به كالصلة والزكاة خالصا لوجهه فهذا هو الذي ساه ال إسلما وجعله دينا
وقال{ :ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه} ول يدخل فيما خص به اليان وهو اليان بال وملئكته
وكت به ور سله ; بل ول أعمال القلوب م ثل حب ال ور سوله ون و ذلك فإن هذه جعل ها من اليان وال سلم
الؤمن يتصف با وليس إذا اتصف با السلم الؤمن يلزم أن تكون من السلم بل هي من اليان والسلم
فرض واليان فرض وال سلم دا خل ف يه ; ف من أ تى باليان الذي أ مر به فل بد أن يكون قد أ تى بال سلم
التناول لميع العمال الواجبة ومن أتى با يسمى إسلما ل يلزم أن يكون قد أتى باليان إل بدليل منفصل
ك ما علم أن من أث ن ال عل يه بال سلم من ال نبياء وأتباع هم إل الواري ي كل هم كانوا مؤمن ي ك ما كانوا
مسلمي كما قال الواريون{ :آمنا بال واشهد بأنا مسلمون} وقال{ :وإذ أوحيت إل الواريي أن آمنوا ب
وبرسول قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} ولذا أمرنا ال بذا وبذا ف خطاب واحد كما قال{ :قولوا آمنا
بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى وما
أوت النبيون من ربم ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا
فإنا هم ف شقاق فسيكفيكهم ال وهو السميع العليم} وقال ف الية الخرى{ :ومن يبتغ غي السلم دينا
فلن يقبل منه وهو ف الخرة من الا سرين} .وهذا يقت ضي أن كل من دان بغ ي دين ال سلم فعمله مردود
وهو خاسر ف الخرة فيقتضي وجوب دين السلم وبطلن ما سواه ل يقتضي أن مسمى الدين هو مسمى
اليان ; بل أمرنا أن نقول{ :آمنا بال} وأمرنا أن نقول {ونن له مسلمون} ; فأمرنا باثني ; فكيف نعلهما
واحدا ؟ وإذا جعلوا ال سلم واليان شيئا واحدا .فإ ما أن يقولوا :الل فظ مترادف فيكون هذا تكريرا م ضا ث
مدلول هذا اللفظ عي مدلول هذا اللفظ وإما أن يقولوا :بل أحد اللفظي يدل على صفة غي الصفة الخرى
كما ف أساء ال وأساء كتابه ; لكن هذا ل يقتضي المر بما جيعا ولكن يقتضي أن يذكر تارة بذا الوصف
وتارة بذا الو صف ; فل يقول قائل قد فرض ال عل يك ال صلوات ال مس وال صلة الكتو بة وهذا هو هذا.
والعطف بالصفات يكون إذا قصد بيان الصفات لا فيها من الدح أو الذم ; كقوله{ :سبح اسم ربك العلى}
{الذي خلق فسهوى} {والذي قدر فهدى} ل يقال :صهل لربهك العلى ولربهك الذي خلق فسهوى .وقال
ممد بن نصر الروزي -رحه ال -فقد بي ال ف كتابه وسنة رسوله أن السلم واليان ل يفترقان فمن
صدق بال فقد آمن به ومن آمن بال فقد خضع له وقد أسلم له ; ومن صام وصلى وقام بفرائض ال وانتهى
ع ما ن ى ال ع نه ف قد ا ستكمل اليان وال سلم الفترض عل يه و من ترك من ذلك شيئا فلن يزول ع نه ا سم
اليان ول السلم إل أنه أنقص من غيه ف السلم واليان من غي نقصان من القرار بأن ال حق وما قال
حق ل باطل وصدق ل كذب ولكن ينقص من اليان الذي هو تعظيم ل وخضوع للهيبة واللل والطاعة
للمصدق به وهو ال فمن ذلك يكون النقصان ل من إقرارهم بأن ال حق وما قال صدق .فيقال :ما ذكره
يدل على أن من أتى باليان الواجب فقد أتى بالسلم ; وهذا حق ولكن ليس فيه ما يدل عن أن من أتى
بالسلم الواجب فقد أتى باليان فقوله :من آمن بال فقد خضع له وقد استسلم له حق ; لكن أي شيء ف
هذا يدل على أن من أسلم ل وخضع له فقد آمن به وبلئكته وبكتبه ورسله والبعث بعد الوت ؟ وقوله :إن
ال ورسوله قد بي أن السلم واليان ل يفترقان إن أراد أن ال أوجبهما جيعا ونى عن التفريق بينهما فهذا
حق ; وإن أراد أن ال جعل مسمى هذا مسمى هذا فنصوص الكتاب والسنة تالف ذلك وما ذكر قط نصا
واحدا يدل على اتفاق السلمي .وكذلك قوله :من فعل ما أمر به وانتهى عما ني عنه فقد استكمل اليان
والسلم فهذا صحيح إذا فعل ما أمر به باطنا وظاهرا ويكون قد استكمل اليان والسلم الواجب عليه ول
يلزم أن يكون إيانه وإسلمه مساويا لليان والسلم الذي فعله أولوا العزم من الرسل كالليل إبراهيم وممد
خات النبيي عليهما الصلة والسلم بل كان معه من اليان والسلم ما ل يقدر عليه غيه من ليس كذلك
ول يؤ مر به .وقوله :من ترك من ذلك شيئا فلن يزول ع نه ا سم ال سلم واليان إل أ نه أن قص من غيه ف
ذلك .فيقال :إن أريد بذلك أنه بقي معه شيء من السلم واليان فهذا حق كما دلت عليه النصوص خلفا
للخوارج والعتزلة وإن أراد أنه يطلق عليه بل تقييد مؤمن ومسلم ف سياق الثناء والوعد بالنة ; فهذا خلف
الكتاب والسنة ولو كان كذلك لدخلوا ف قوله{ :وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار}
وأمثال ذلك ما وعدوا فيه بالنة بل عذاب .وأيضا :فصاحب الشرع قد نفى عنهم السم ف غي موضع بل
قال{ :قتال الؤ من ك فر} وقال{ :ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعض كم رقاب ب عض} وإذا اح تج بقوله:
{وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا} ونو ذلك قيل :كل هؤلء إنا سوا به مع التقييد بأنم فعلوا هذه المور
ليذكر ما يؤمرون به هم وما يؤمر به غيهم .وكذلك قوله :ل يكون النقصان من إقرارهم بأن ال حق وما
قاله صدق فيقال :بل النقصان يكون ف اليان الذي ف القلوب من معرفتهم ومن علمهم فل تكون معرفتهم
وتصديقهم بال وأسائه وصفاته وما قاله من أمر وني ووعد ووعيد كمعرفة غيهم وتصديقه ; ل من جهة
الجال والتفصيل ول من جهة القوة والضعف ول من جهة الذكر والغفلة وهذه المور كلها داخلة ف اليان
بال وبا أرسل به رسوله وكيف يكون اليان بال وأسائه وصفاته متماثل ف القلوب أم كيف يكون اليان
بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه غفور رحيم عزيز حكيم شديد العقاب ; ليس هو من اليان
به فل يكن مسلما أن يقول :إن اليان بذلك ليس من اليان به ول يدعي تاثل الناس فيه .وأما ما ذكره من
أن السلم ينقص كما ينقص اليان فهذا أيضا حق كما دلت عليه الحاديث الصحيحة ; فإن من نقص من
الصلة والزكاة أو الصوم أو الج شيئا فقد نقص من إسلمه بسب ذلك .ومن قال :إن السلم هو الكلمة
ف قط وأراد بذلك أ نه ل يز يد ول ين قص فقوله خ طأ .ورد الذ ين جعلوا ال سلم واليان سواء إن ا يتو جه إل
هؤلء ; فإن قولم ف السلم يشبه قول الرجئة ف اليان .ولذا صار الناس ف اليان والسلم على " ثلثة
أقوال " فالرجئة يقولون :ال سلم أف ضل ; فإ نه يد خل ف يه اليان .وآخرون يقولون :اليان وال سلم سواء
وهم العتزلة والوارج وطائفة من أهل الديث والسنة وحكاه ممد بن نصر عن جهورهم وليس كذلك.
والقول الثالث أن اليان أكمل وأفضل وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة ف غي موضع وهو الأثور عن
الصحابة والتابعي لم بإحسان .ث هؤلء منهم من يقول :السلم مرد القول والعمال ليست من السلم.
والصحيح أن السلم هو العمال الظاهرة كلها وأحد إنا منع الستثناء فيه على قول الزهري :هو الكلمة.
هكذا نقل الثرم واليمون وغيها عنه .وأما على جوابه الخر الذي ل يتر فيه قول من قال :السلم الكلمة
فيستثن ف السلم كما يستثن ف اليان فإن النسان ل يزم بأنه قد فعل كل ما أمر به من السلم .وإذا قال
النب صلى ال عليه وسلم{ :السلم من سلم السلمون من لسانه ويده} و {بن السلم على خس} فجزمه
بأنه فعل المس بل نقص كما أمر كجزمه بإيانه .فقد قال تعال{ :ادخلوا ف السلم كافة} أي السلم كافة
أي ف جيع شرائع السلم .وتعليل أحد وغيه من السلف ما ذكروه ف اسم اليان ييء ف اسم السلم
فإذا أريد بالسلم الكلمة فل استثناء فيه كما نص عليه أحد وغيه وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة
كل ها فال ستثناء ف يه كال ستثناء ف اليان ول ا كان كل من أ تى بالشهادت ي صار م سلما متميزا عن اليهود
والنصارى تري عليه أحكام السلم الت تري على السلمي كان هذا ما يزم به بل استثناء فيه فلهذا قال
الزهري :ال سلم الكل مة .وعلى ذلك واف قه أح د وغيه وح ي واف قه ل يرد أن ال سلم الوا جب هو الكل مة
وحدها فإن الزهري أجل من أن يفى عليه ذلك ; ولذا أحد ل يب بذا ف جوابه الثان خوفا من أن يظن
أن ال سلم ل يس هو إل الكل مة ; ولذا ل ا قال الثرم لح د :فإذا قال :أ نا م سلم فل ي ستثن ؟ قال ن عم :ل
ي ستثن إذا قال :أنا مسلم .فقلت له أقول :هذا مسلم وقد قال النب صلى ال عليه وسلم{ :السلم من سلم
ال سلمون من ل سانه ويده} وأ نا أعلم أ نه ل ي سلم الناس م نه فذ كر حد يث مع مر عن الزهري قال :فنرى أن
ال سلم الكل مة واليان الع مل .فبي أح د أن ال سلم إذا كان هو الكل مة فل ا ستثناء في ها فح يث كان هو
الفهوم من ل فظ ال سلم فل ا ستثناء ف يه ولو أر يد باليان هذا ك ما يراد ذلك ف م ثل قوله{ :فتحر ير رق بة
مؤمنة} فإنا أريد من أظهر السلم فإن اليان الذي علقت به أحكام الدنيا هو اليان الظاهر وهو السلم
فال سمى وا حد ف الحكام الظاهرة .ولذا ل ا ذ كر الثرم لح د احتجاج الرجئة بقول ال نب صلى ال عل يه
و سلم{ :أعتق ها فإن ا مؤم نة} أجا به بأن الراد حكم ها ف الدن يا ح كم الؤم نة ; ل يرد أن ا مؤم نة ع ند ال
تسهتحق دخول النهة بل نار إذا لقيتهه بجرد هذا القرار وهذا ههو الؤمهن الطلق فه كتاب ال وههو الوعود
بالنة بل نار إذا مات على إيانه ولذا كان ابن مسعود وغيه من السلف يلزمون من شهد لنفسه باليان أن
يش هد ل ا بال نة ; يعنون إذا مات على ذلك فإ نه قد عرف أن ال نة ل يدخل ها إل من مات مؤم نا .فإذا قال
الن سان :أ نا مؤ من قطعا وأ نا مؤ من ع ند ال .ق يل له :فاق طع بأنك تد خل ال نة بل عذاب إذا مت على هذا
الال فإن ال أخب أن الؤمني ف النة .وأنكر أحد بن حنبل حديث ابن عمية أن عبد ال رجع عن الستثناء
; فإن ابن مسعود لا قيل له :إن قوما يقولون :إنا مؤمنون فقال :أفل سألتموهم أف النة هم ؟ وف رواية :أفل
قالوا :ن ن أ هل ال نة و ف روا ية ق يل له :إن هذا يز عم أ نه مؤ من ; قال :فا سألوه أ ف ال نة هو أو ف النار ؟
فسألوه فقال :ال أعلم فقال له عبد ال :فهل وكلت الول كما وكلت الثانية ؟ من قال :أنا مؤمن فهو كافر
ومن قال :أنا عال فهو جاهل ومن قال :هو ف النة فهو ف النار يروى عن عمر بن الطاب من وجوه مرسل
من حديث قتادة ونعيم ابن أب هند وغيها .والسؤال الذي تورده الرجئة على ابن مسعود ويقولون :إن يزيد
بن عمية أورده عليه حت رجع جعل هذا أن النسان يعلم حاله الن وما يدري ماذا يوت عليه ولذا السؤال
صار طائفة كثية يقولون :الؤمن هو من سبق ف علم ال أنه يتم له باليان والكافر من سبق ف علم ال أنه
كا فر وأ نه ل اعتبار ب ا كان ق بل ذلك وعلى هذا يعلون ال ستثناء وهذا أ حد قول الناس من أ صحاب أح د
وغيهم وهو قول أب السن وأصحابه .ولكن أحد وغيه من السلف ل يكن هذا مقصودهم وإنا مقصودهم
أن اليان الطلق يتضمن فعل الأمورات .فقوله :أنا مؤمن .كقوله :أنا ول ال وأنا مؤمن تقي وأنا من البرار
ونو ذلك .وابن مسعود رضي ال عنه ل يكن يفى عليه أن النة ل تكون إل لن مات مؤمنا وأن النسان ل
يعلم على ماذا يوت فإن ابن مسعود أجل قدرا من هذا وإنا أراد :سلوه هل هو ف النة إن مات على هذه
الال ؟ كأنه قال :سلوه أيكون من أهل النة على هذه الال ؟ فلما قال :ال ورسوله أعلم قال :أفل وكلت
الول كمها وكلت الثانيهة .يقول :هذا التوقهف يدل على أنهك ل تشههد لنفسهك بفعهل الواجبات وترك
الحرمات .فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد لنفسه أنه من أهل النة إن مات على ذلك ولذا صار الذين ل
يرون ال ستثناء ل جل الال الا ضر بل للموافاة ل يقطعون بأن ال يق بل تو بة تائب ك ما ل يقطعون بأن ال
تعال يعاقب مذنبا فإنم لو قطعوا بقبول توبته لزمهم أن يقطعوا له النة وهم ل يقطعون لحد من أهل القبلة
ل بنة ول نار ; إل من قطع له النص .وإذا قيل :النة هي لن أتى بالتوبة النصوح من جيع السيئات .قالوا:
ولو مات على هذه التو بة ل يق طع له بال نة و هم ل ي ستثنون ف الحوال بل يزمون بأن الؤ من مؤ من تام
اليان ولكن عندهم اليان عند ال هو ما يواف به فمن قطعوا له بأنه مات مؤمنا ل ذنب له قطعوا له بالنة
فلهذا ل يقطعون بقبول التو بة لئل يلزم هم أن يقطعوا بال نة وأ ما أئ مة ال سلف فإن ا ل يقطعوا بال نة لن م ل
يقطعون بأنهه فعهل الأمور وترك الحظور ول أنهه أتهى بالتوبهة النصهوح وإل فههم يقطعون بأن مهن تاب توبهة
نصوحا قبل ال توبته وجاع المر أن السم الواحد ينفى ويثبت بسب الحكام التعلقة به فل يب إذا أثبت
أو نفي ف حكم أن يكون كذلك ف سائر الحكام وهذا ف كلم العرب وسائر المم لن العن مفهوم .مثال
ذلك النافقون قد يعلون من الؤمن ي ف مو ضع ; و ف مو ضع آ خر يقال :ما هم من هم .قال ال تعال { :قد
يعلم ال العوقي منكم والقائلي لخوانم هلم إلينا ول يأتون البأس إل قليل} {أشحة عليكم فإذا جاء الوف
رأيت هم ينظرون إل يك تدور أعين هم كالذي يغ شى عل يه من الوت فإذا ذ هب الوف سلقوكم بأل سنة حداد
أشحة على الي أولئك ل يؤمنوا فأحبط ال أعمالم وكان ذلك على ال يسيا} فهنالك جعل هؤلء النافقي
الائفي من العدو الناكلي عن الهاد الناهي لغيهم الذامي للمؤمني :منهم .وقال ف آية أخرى {ويلفون
بال إن م لن كم و ما هم من كم ولكن هم قوم يفرقون} {لو يدون مل جأ أو مغارات أو مدخل لولوا إل يه و هم
يمحون} وهؤلء ذنبهم أخف فإنم ل يؤذوا الؤمني ل بنهي ول سلق بألسنة حداد ولكن حلفوا بال إنم
من الؤمني ف الباطن بقلوبم وإل فقد علم الؤمنون أنم منهم ف الظاهر فكذبم ال وقال{ :وما هم منكم}
وهناك قال{ :قد يعلم ال العوقي منكم} فالطاب لن كان ف الظاهر مسلما مؤمنا وليس مؤمنا بأن منكم
من هو بذه الصفة وليس مؤمنا بل أحبط ال عمله فهو منكم ف الظاهر ل الباطن .ولذا لا استؤذن النب صلى
ال عليه وسلم ف قتل بعض النافقي قال{ :ل يتحدث الناس أن ممدا يقتل أصحابه} فإنم من أصحابه ف
الظاهر عند من ل يعرف حقائق المور وأصحابه الذين هم أصحابه ليس فيهم نفاق كالذين علموا سنته الناس
وبلغوها إليهم وقاتلوا الرتدين بعد موته والذين بايعوه تت الشجرة وأهل بدر وغيهم بل الذين كانوا منافقي
غمرت م الناس .وكذلك الن ساب م ثل كون الن سان أ با ل خر أو أخاه يث بت ف ب عض الحكام دون ب عض ;
فإنه قد ثبت ف " الصحيحي " أنه {لا اختصم إل النب صلى ال عليه وسلم سعد بن أب وقاص وعبد بن
زمعة بن السود ف ابن وليدة زمعة وكان عتبة بن أب وقاص قد فجر با ف الاهلية وولدت منه ولدا فقال
عتبة لخيه سعد :إذا قدمت مكة فانظر ابن وليدة زمعة فإنه ابن فاختصم فيه هو وعبد بن زمعة إل النب صلى
ال عليه وسلم فقال سعد :يا رسول ال ابن أخي عتبة عهد إل أخي عتبة فيه إذا قدمت مكة انظر إل ابن
وليدة زمعة فإنه ابن أل ترى يا رسول ال شبهه بعتبة ؟ فقال عبد :يا رسول ال أخي وابن وليدة أب ; ولد
على فراش أ ب فرأى ال نب صلى ال عل يه و سلم شب ها بي نا بعت بة فقال :هو لك يا ع بد بن زم عة الولد للفراش
وللعاهر الجر واحتجب منه يا سودة} لا رأى من شبهه البي بعتبة .فقد جعله النب صلى ال عليه وسلم ابن
زمعة لنه ولد على فراشه وجعله أخا لولده بقوله{ :فهو لك يا عبد بن زمعة} وقد صارت سودة أخته يرثها
وترثه ; لنه ابن أبيها زمعة ولد على فراشه .ومع هذا فأمرها النب صلى ال عليه وسلم أن تتجب منه لا رأى
من شبهه البي بعتبة فإنه قام فيه دليلن متعارضان :الفراش والشبه والنسب ف الظاهر لصاحب الفراش أقوى
ولن ا أ مر ظا هر مباح والفجور أ مر با طن ل يعلم وي ب ستره ل إظهاره ك ما قال{ :للعا هر ال جر} ك ما
يقال :بف يك الكثلب وبف يك الثلب أي :عل يك أن ت سكت عن إظهار الفجور فإن ال يب غض ذلك ول ا كان
احتجابا منه مكنا من غي ضرر أمرها بالحتجاب لا ظهر من الدللة على أنه ليس أخاها ف الباطن .فتبي أن
السم الواحد ينفى ف حكم ويثبت ف حكم .فهو أخ ف الياث وليس بأخ ف الحرمية .وكذلك ولد الزنا
عند بعض العلماء وابن اللعنة عند الميع إل من شذ ; ليس بولد ف الياث ونوه وهو ولد ف تري النكاح
والحرمية .ولفظ النكاح وغيه ف المر يتناول الكامل وهو العقد والوطء كما ف قوله{ :فانكحوا ما طاب
لكم من النساء} وقوله{ :حت تنكح زوجا غيه} وف النهي يعم الناقص والكامل ; فينهى عن العقد مفردا
وإن ل يكن وطء كقوله{ :ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} وهذا لن المر مقصوده تصيل الصلحة
وت صيل ال صلحة إن ا يكون بالدخول ك ما لو قال :اش تر ل طعاما ; فالق صود ما ي صل إل بالشراء والق بض
والنا هي مق صوده د فع الف سدة فيد خل كل جزء م نه ; لن وجوده مف سدة وكذلك الن سب والياث معلق
بالكامل منه والتحري معلق بأدن سبب حت الرضاع .وكذلك كل ما يكون له مبتدأ وكمال ينفى تارة باعتبار
انتفاء كماله ويثبت تارة باعتبار ثبوت مبدئه .فلفظ الرجال يعم الذكور وإن كانوا صغارا ف مثل قوله{ :وإن
كانوا إخوة رجال ونساء فللذكر مثل حظ النثيي} ول يعم الصغار ف مثل قوله{ :والستضعفي من الرجال
والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها} فإن باب الجرة والهاد عمل يعمله
القادرون عليه فلو اقتصر على ذكر الستضعفي من الرجال لظن أن الولدان غي داخلي لنم ليسوا من أهله
و هم ضعفاء فذكر هم بال سم الاص ل يبي عذر هم ف ترك الجرة ووجوب الهاد .وكذلك اليان له مبدأ
وكمال وظاههر وباطهن فإذا عل قت به الحكام الدنيويهة مهن القوق والدود كحقهن الدم والال والواريهث
والعقوبات الدنيويهة علقهت بظاهره ل يكهن غيه ذلك إذ تعليهق ذلك بالباطهن متعذر ; وإن قدر أحيانها فههو
متعسر علما وقدرة ; فل يعلم ذلك علما يثبت به ف الظاهر ول يكن عقوبة من يعلم ذلك منه ف الباطن.
وبذين الثلي كان النب صلى ال عليه وسلم يتنع من عقوبة النافقي ; فإن فيهم من ل يكن يعرفهم كما أخب
ال بذلك ; والذ ين كان يعرف هم لو عا قب بعض هم لغ ضب له قو مه ; ولقال الناس :إن ممدا يق تل أ صحابه ;
فكان يصل بسبب ذلك نفور عن السلم ; إذ ل يكن الذنب ظاهرا يشترك الناس ف معرفته .ولا هم بعقوبة
من يتخلف عن الصلة منعه من ف البيوت من النساء والذرية وأما مبدؤه فيتعلق به خطاب المر والنهي فإذا
قال ال{ :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إل الصلة} ونو ذلك فهو أمر ف الظاهر لكل من أظهره وهو خطاب
ف الباطن لكل من عرف من نفسه أنه مصدق للرسول وإن كان عاصيا وإن كان ل يقم بالواجبات الباطنة
والظاهرة وذلك أنهه إن كان لفهظ{ :الذيهن آمنوا} يتناولمه فل كلم وإن كان ل يتناولمه فذاك لذنوبمه فل
تكون ذنوب م مان عة من أمر هم بال سنات ال ت إن فعلو ها كا نت سبب رحت هم وإن تركو ها كان أمر هم ب ا
وعقوبتهم عليها عقوبة على ترك اليان والكافر يب عليه أيضا لكن ل يصح منه حت يؤمن وكذلك النافق
الحض ل يصح منه ف الباطن حت يؤ من .وأ ما من كان م عه أول اليان فهذا يصح منه لن معه إقراره ف
البا طن بوجوب ما أوج به الر سول وتر ي ما حر مه وهذا سبب ال صحة وأ ما كماله فيتعلق به خطاب الو عد
بالنة والنصرة والسلمة من النار فإن هذا الوعد إنا هو لن فعل الأمور وترك الحظور ومن فعل بعضا وترك
بعضا فيثاب على ما فعله ويعاقب على ما تركه فل يدخل هذا ف اسم الؤمن الستحق للحمد والثناء دون الذم
والعقاب .ومن نفى عنه الرسول اليان فنفى اليان ف هذا الكم لنه ذكر ذلك على سبيل الوعيد .والوعيد
إن ا يكون بن في ما يقت ضي الثواب ويد فع العقاب ولذا ما ف الكتاب وال سنة من ن في اليان عن أ صحاب
الذنوب فإن ا هو ف خطاب الوع يد والذم ل ف خطاب ال مر والن هي ول ف أحكام الدن يا .وا سم ال سلم
واليان والح سان هي أ ساء مدو حة مرغوب في ها ل سن العاق بة لهل ها فبي ال نب صلى ال عل يه و سلم أن
العاق بة ال سنة ل ن ات صف ب ا على الو جه الذي بي نه ; ولذا كان من ن فى عن هم اليان ; أو اليان وال سلم
جي عا ول يعل هم كفارا إن ا ن فى ذلك ف أحكام الخرة و هو الثواب ل ين فه ف أحكام الدن يا .ل كن العتزلة
ظنت أنه إذا انتفى السم انتفت جيع أجزائه فلم يعلوا معهم شيئا من اليان والسلم فجعلوهم ملدين ف
النار وهذا خلف الكتاب وال سنة وإجاع ال سلف ولو ل ي كن مع هم ش يء من اليان وال سلم ل يث بت ف
حقهم شيء من أحكام الؤمني والسلمي لكن كانوا كالنافقي .وقد ثبت بالكتاب والسنة والجاع التفريق
بي النافق الذي يكذب الرسول ف الباطن وبي الؤمن الذنب فالعتزلة سووا بي أهل الذنوب وبي النافقي ف
أحكام الدنيا والخرة ف ن في ال سلم واليان عن هم بل قد يثبتونه للمنا فق ظاهرا وينفونه عن الذ نب باطنا
وظاهرا .فإن ق يل :فإذا كان كل مؤ من م سلما ول يس كل م سلم مؤم نا -اليان الكا مل -ك ما دل عل يه
حد يث جب يل وغيه من الحاد يث مع القرآن وك ما ذ كر ذلك ع من ذ كر ع نه من ال سلف لن ال سلم
الطاعات الظاهرة وههو السهتسلم والنقياد لن " السهلم فه الصهل " ههو السهتسلم والنقياد وهذا ههو
النقياد والطاعة واليان فيه معن التصديق والطمأنينة وهذا قدر زائد فما تقولون فيمن فعل ما أمره ال وترك
ما ن ى ال ع نه مل صا ل تعال ظاهرا وباط نا ؟ أل يس هذا م سلما باط نا وظاهرا و هو من أ هل ال نة وإذا كان
كذلك فالنة ل يدخلها إل نفس مؤمنة فهذا يب أن يكون مؤمنا .قلنا :قد ذكرنا غي مرة أنه ل بد أن يكون
معه اليان الذي وجب عليه إذ لو ل يؤد الواجب لكان معرضا للوعيد ; لكن قد يكون من اليان ما ل يب
عل يه إ ما لكو نه ل يا طب به أو لكو نه كان عاجزا ع نه وهذا أول لن اليان الو صوف ف حد يث جب يل
والسلم ل يكونا واجبي ف أول السلم بل ول أوجبا على من تقدم قبلنا من المم اتباع النبياء أهل النة
مع أنم مؤمنون مسلمون ومع أن السلم دين ال الذي ل يقبل دينا غيه ; وهو دين ال ف الولي والخرين
لن ال سلم عبادة ال وحده ل شر يك له ب ا أ مر ف قد تتنوع أوامره ف الشري عة الواحدة فضل عن الشرائع
فيصي ف السلم بعض اليان با يرج عنه ف وقت آخر كالصلة إل الصخرة كان من السلم حي كان
ال أمر به ث خرج من السلم لا نى ال عنه .ومعلوم أن المس الذكورة ف حديث جبيل ل تب ف أول
المر بل الصيام والج وفرائض الزكاة إنا وجبت بالدينة ; والصلوات المس إنا وجبت ليلة العراج ; وكثي
من الحاديث ليس فيها ذكر الج لتأخر وجوبه إل سنة تسع أو عشر على أصح القولي ; ولا بعث ال ممدا
صلى ال عليه وسلم كان من اتبعه وآمن با جاء به مؤمنا مسلما ; وإذا مات كان من أهل النة ث إنه بعد
هذا زاد " اليان والسهلم " حته قال تعال{ :اليوم أكملت لكهم دينكهم} وكذلك اليان فإن هذا اليان
الفصل الذي ذكره ف حديث جبيل ل يكن مأمورا به ف أول المر لا أنزل ال سورة العلق والدثر بل إنا
جاء هذا ف ال سور الدن ية كالبقرة والن ساء وإذا كان كذلك ل يلزم أن يكون هذا اليان الف صل واج با على
من تقدم قبلنا .وإذا كان كذلك فقد يكون الرجل مسلما يعبد ال وحده ل يشرك به شيئا ومعه اليان الذي
فرض عليه وهو من أهل النة وليس معه هذا اليان الذكور ف حديث جبيل لكن هذا يقال :معه ما أمر به
من اليان والسلم وقد يكون مسلما يعبد ال كما أمر ول يعبد غيه ويافه ويرجوه ; ولكن ل يلص إل
قلبه أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها ول أن يكون ال ورسوله والهاد ف سبيله أحب إليه من جيع
أهله وماله ; وأن يب لخيه ما يب لنفسه وأن ياف ال ل ياف غيه ; وأن ل يتوكل إل على ال ; وهذه
كلها من اليان الواجب ; وليست من لوازم السلم ; فإن السلم هو الستسلم وهو يتضمن الضوع ل
وحده ; والنقياد له والعبودية ل وحده ; وهذا قد يتض من خوفه ورجاءه .وأ ما طمأنينة القلب بحب ته وحده
وأن يكون أ حب إل يه م ا سواها وبالتو كل عل يه وحده وبأن ي ب لخ يه الؤ من ما ي ب لنف سه ; فهذه من
حقائق اليان الت تتص به فمن ل يتصف با ل يكن من الؤمني حقا وإن كان مسلما وكذلك وجل قلبه إذا
ذكر ال وكذلك زيادة اليان إذا تليت عليه آياته .فإن قيل :ففوات هذا اليان من الذنوب أم ل ؟ قيل :إذا ل
يبلغ النسان الطاب الوجب لذلك ل يكون تركه من الذنوب وأما إن بلغه الطاب الوجب لذلك فلم يعمل
به كان تركه من الذنوب إذا كان قادرا على ذلك وكثي من الناس أو أكثرهم ليس عندهم هذه التفاصيل الت
تدخل ف اليان مع أنم قائمون بالطاعة الواجبة ف السلم وإذا وقعت منهم ذنوب تابوا واستغفروا منها ;
وحقائق اليان الت ف القلوب ل يعرفون وجوبا ; بل ول أنا من اليان بل كثي من يعرفها منهم يظن أنا
من النوافل الستحبة إن صدق بوجوبا " .فالسلم " يتناول من أظهر السلم وليس معه شيء من اليان وهو
النافق الحض ويتناول من أظهر السلم مع التصديق الجمل ف الباطن ولكن ل يفعل الواجب كله ل من هذا
ول هذا وهم الفساق يكون ف أحدهم شعبة نفاق ويتناول من أتى بالسلم الواجب وما يلزمه من اليان ;
ول يأت بتمام اليان الوا جب .وهؤلء لي سوا ف ساقا تارك ي فري ضة ظاهرة ول مرت كبي مر ما ظاهرا ل كن
تركوا من حقائق اليان الواج بة علما وعمل بالقلب يتبعه ب عض الوارح ما كانوا به مذموم ي .وهذا هو "
النفاق " الذي كان يافه السلف على نفوسهم .فإن صاحبه قد يكون فيه شعبة نفاق .وبعد هذا ما ميز ال به
القربي على البرار أصحاب اليمي من إيان وتوابعه وذلك قد يكون من باب الستحبات وقد يكون أيضا ما
فضل به الؤمن :إيان وإسلم ما وجب عليه ول يب على غيه .ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم{ :من
رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان} وف الديث
ال خر{ :ل يس وراء ذلك من اليان مثقال ح بة خردل} فإن مراده أ نه ل ي بق ب عد هذا النكار ما يد خل ف
اليان حت يفعله الؤمن ; بل النكار بالقلب آخر حدود اليان ليس مراده أن من ل ينكر ذلك ل يكن معه
من اليان حبة خردل :ولذا قال :ليس وراء ذلك " فجعل الؤمني ثلث طبقات وكل منهم فعل اليان الذي
ي ب عل يه ل كن الول ل ا كان أقدر هم كان الذي ي ب عل يه أك مل م ا ي ب على الثا ن وكان ما ي ب على
الثان أكمل ما يب على الخر وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون ف
ي اليان الواجب عليهم بسب استطاعتهم مع بلوغ الطاب إليهم كلهم.
فصل (ص )429
وأ ما " ال ستثناء ف اليان " بقول الر جل :أ نا مؤ من إن شاء ال فالناس ف يه على " ثل ثة " أقوال :من هم من
يوجبه ومنهم من يرمه ومنهم من يوز المرين باعتبارين ; وهذا أصح القوال .فالذين يرمونه هم الرجئة
والهمية ونوهم من يعل اليان شيئا واحدا يعلمه النسان من نفسه كالتصديق بالرب ونو ذلك ما ف قلبه
; فيقول أحدهم :أنا أعلم أن مؤمن كما أعلم أن تكلمت بالشهادتي وكما أعلم أن قرأت الفاتة وكما أعلم
أ ن أ حب ر سول ال ; وأ ن أب غض اليهود والن صارى .فقول :أ نا مؤ من كقول :أ نا م سلم وكقول :تكل مت
بالشهادتي وقرأت الفاتة وكقول :أنا أبغض اليهود والنصارى ونو ذلك من المور الاضرة الت أنا أعلمها
وأقطع با وكما أنه ل يوز أن يقال :أنا قرأت الفاتة إن شاء ال كذلك ل يقول :أنا مؤمن إن شاء ال لكن
إذا كان يشك ف ذلك فيقول :فعلته إن شاء ال قالوا :فمن استثن ف إيانه فهو شاك فيه وسوهم الشكاكة.
والذين أوجبوا الستثناء لم مأخذان( :أحدها) أن اليان هو ما مات عليه النسان ; والنسان إنا يكون عند
ال مؤمنا وكافرا باعتبار الوافاة وما سبق ف علم ال أنه يكون عليه وما قبل ذلك ل عبة به .قالوا :واليان
الذي يتعقبه الكفر فيموت صاحبه كافرا ليس بإيان كالصلة الت يفسدها صاحبها قبل الكمال ; وكالصيام
الذي يفطر صاحبه قبل الغروب وصاحب هذا هو عند ال كافر لعلمه با يوت عليه وكذلك قالوا ف الكفر
وهذا الأ خذ مأ خذ كث ي من التأخر ين من الكلب ية وغي هم م ن ير يد أن ين صر ما اشت هر عن أ هل ال سنة
والد يث من قول م :أ نا مؤ من إن شاء ال ; وير يد مع ذلك أن اليان ل يتفا ضل ; ول ي شك الن سان ف
الوجود منه وإنا يشك ف الستقبل وانضم إل ذلك أنم يقولون :مبة ال ورضاه وسخطه وبغضه قدي .ث هل
ذلك ههو الرادة أم صهفات أخهر ؟ لمه فه ذلك " قولن " .وأكثهر قدمائههم يقولون :إن الرضهى والسهخط
والغضهب ونوه ذلك صهفات ليسهت ههي الرادة كمها أن السهمع والبصهر ليهس ههو العلم وكذلك الوليهة
والعداوة .هذه كلها صفات قدية أزلية عند أب ممد عبد ال بن سعيد بن كلب ومن اتبعه من التكلمي
ومن أتباع الذاهب من النبلية والشافعية والالكية وغيهم .قالوا :وال يب ف أزله من كان كافرا إذا علم أنه
يوت مؤم نا .فال صحابة ما زالوا مبوب ي ل وإن كانوا قد عبدوا ال صنام مدة من الد هر وإبل يس ما زال ال
يبغضه وإن كان ل يكفر بعد .وهذا على أحد القولي لم فالرضى والسخط يرجع إل الرادة والرادة تطابق
العلم .فالعن :ما زال ال يريد أن يثيب هؤلء بعد إيانم ويعاقب إبليس بعد كفره .وهذا معن صحيح .فإن
ال يريد أن يلق كل ما علم أن سيخلقه .وعلى قول من يثبتها صفات أخر يقول :هو أيضا حبه تابع لن يريد
أن يثيبه .فكل من أراد إثابته فهو يبه وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه وهذا تابع للعلم .وهؤلء عندهم ل
ير ضى عن أ حد ب عد أن كان ساخطا عل يه ول يفرح بتو بة ع بد ب عد أن تاب عل يه بل ما زال يفرح بتوب ته.
والفرح عند هم إ ما الرادة وإ ما الر ضى .والع ن ما زال ير يد إثاب ته أو ير ضى ع ما ير يد إثاب ته .وكذلك ل
يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله .بل غضبه قدي إما بعن الرادة وإما بعن آخر .فهؤلء يقولون :إذا
علم أن الن سان يوت كافرا ل يزل مريدا لعقوب ته فذاك اليان الذي كان م عه با طل ل فائدة ف يه بل وجوده
كعد مه .فل يس هذا بؤ من أ صل وإذا علم أ نه يوت مؤم نا ل يزل مريدا لثاب ته وذاك الك فر الذي فعله وجوده
كعد مه .فلم ي كن هذا كافرا عند هم أ صل .فهؤلء ي ستثنون ف اليان بناء على هذا الأ خذ وكذلك ب عض
مققيهم يستثنون ف الكفر مثل أب منصور الاتريدي فإن ما ذكروه مطرد فيهما .ولكن جاهي الئمة على أنه
ل يستثن ف الكفر والستثناء فيه بدعة ل يعرف عن أحد من السلف ولكن هو لزم لم .والذين فرقوا من
هؤلء قالوا :نستثن ف اليان رغبة إل ال ف أن يثبتنا عليه إل الوت والكفر ل يرغب فيه أحد .لكن يقال:
إذا كان قولك :مؤمن كقولك :ف النة .فأنت تقول عن الكافر :هو كافر .ول تقول :هو ف النار إل معلقا
بوته على الكفر فدل على أنه كافر ف الال قطعا .وإن جاز أن يصي مؤمنا كذلك الؤمن .وسواء أخب عن
نفسه أو عن غيه .فلو قيل عن يهودي أو نصران :هذا كافر قال :إن شاء ال ; إذا ل يعلم أنه يوت كافرا ;
وعنهد هؤلء ل يعلم أحهد أحدا مؤمنها إل إذا علم أنهه يوت عليهه ; وهذا القول قاله كثيه مهن أههل الكلم
أصحاب ابن كلب ووافقهم على ذلك كثي منه أتباع الئمة لكن ليس هذا قول أحد من السلف ل الئمة
الربعة ول غيهم ول كان أحد من السلف الذين يستثنون ف اليان يعللون بذا ل أحد ول من قبله .ومأخذ
هذا القول طرده طائفة من كانوا ف الصل يستثنون ف اليان اتباعا للسلف وكانوا قد أخذوا الستثناء عن
السهلف وكان أههل الشام شديديهن على الرجئة وكان ممهد بهن يوسهف الفريابه صهاحب الثوري مرابطها
بعسقلن لا كانت معمورة وكانت من خيار ثغور السلمي ولذا كان فيها فضائل لفضيلة الرباط ف سبيل ال
وكانوا يستثنون ف اليان اتباعا للسلف واستثنوا أيضا ف العمال الصالة كقول الرجل :صليت إن شاء ال
ونو ذلك بعن القبول لا ف ذلك من الثار عن السلف .ث صار كثي من هؤلء بآخرة يستثنون ف كل شيء
فيقول هذا ثوب إن شاء ال وهذا حبل إن شاء ال .فإذا قيل لحدهم :هذا ل شك فيه ; قال :نعم ل شك فيه
; ل كن إذا شاء ال أن يغيه غيه ; فييدون بقول م إن شاء ال جواز تغييه ف ال ستقبل وإن كان ف الال ل
شك فيه ; كأن القيقة عندهم الت ل يستثن فيها ما ل تتبدل كما يقوله أولئك ف اليان :إن اليان ما علم
ال أنه ل يتبدل حت يوت صاحبه عليه .لكن هذا القول .قاله قوم من أهل العلم والدين باجتهاد ونظر وهؤلء
الذ ين ي ستثنون ف كل ش يء تلقوا ذلك عن ب عض أتباع شيخ هم وشيخ هم الذي ينت سبون إل يه يقال له :أ بو
عمرو عثمان بن مرزوق ل يكن من يرى هذا الستثناء بل كان ف الستثناء على طريقة من كان قبله ; ولكن
أحدث ذلك بعض أصحابه بعده وكان شيخهم منتسبا إل المام أحد وهو من أتباع عبد الوهاب بن الشيخ
أب الفرج القدسي وأبو الفرج من تلمذة القاضي أب يعلى .وهؤلء كلهم وإن كانوا منتسبي إل المام أحد
فهم يوافقون ابن كلب على أصله الذي كان أحد ينكره على الكلبية وأمر بجر الارث الحاسب من أجله
كما وافقه على أصله طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأب حنيفة كأب العال الوين وأب الوليد الباجي
وأ ب من صور الاتريدي وغي هم وقول هؤلء ف م سائل متعددة من م سائل ال صفات و ما يتعلق ب ا كم سألة
القرآن هل هو سبحانه يتكلم بشيئته وقدرته ؟ أم القرآن لزم لذاته ؟ وقولم ف " الستثناء " مبن على ذلك
الصل .وكذلك بناه الشعري وأتباعه عليه ; لن هؤلء كلهم كلبية يقولون :إن ال ل يتكلم بشيئته وقدرته
ول يرضى ول يغضب على أحد بعد إيانه وكفره ول يفرح بتوبة التائب بعد توبته .ولذا وافقوا السلف على
أن القرآن كلم ال غي ملوق .ث قالوا :إنه قدي ل يتكلم به بشيئته وقدرته .ث اختلفوا بعد هذا ف القدي أهو
معن واحد ؟ أم حروف قدية مع تعاقبها ؟ كما بسطت أقوالم وأقوال غيهم ف مواضع أخر .وهذه الطائفة
التأخرة تنكر أن يقال :قطعا ف شيء من الشياء مع غلوهم ف الستثناء حت صار هذا اللفظ منكرا عندهم
وإن قطعوا بالعن فيجزمون بأن ممدا رسول ال وأن ال ربم ول يقولون :قطعا .وقد اجتمع ب طائفة منهم
فأنكرت عليهم ذلك ; وامتنعت من فعل مطلوبم حت يقولوا :قطعا وأحضروا ل كتابا فيه أحاديث عن النب
صلى ال عليه وسلم أنه نى أن يقول الرجل :قطعا وهي أحاديث موضوعة متلقة قد افتراها بعض التأخرين.
والق صود ه نا أن " ال ستثناء ف اليان " ل ا علل ب ثل تلك العلة طرد أقوام تلك العلة ف الشياء ال ت ل يوز
السهتثناء فيهها بإجاع السهلمي بناء على أن الشياء الوجودة الن إذا كانهت فه علم ال تتبدل أحوالاه ;
فيستثن ف صفاتا الوجودة ف الال ويقال :هذا صغي إن شاء ال لن ال قد يعله كبيا ويقال :هذا منون
إن شاء ال لن ال قهد يعله عاقل ويقال للمرتهد :هذا كافهر إن شاء ال لمكان أن يتوب .وهؤلء الذيهن
استثنوا ف اليان بناء على هذا الأخذ ظنوا هذا قول السلف .وهؤلء وأمثالم من أهل الكلم ينصرون ما ظهر
من دين السلم كما ينصر ذلك العتزلة والهمية وغيهم من التكلمي فينصرون إثبات الصانع والنبوة والعاد
ونو ذلك .وينصرون مع ذلك ما ظهر من مذاهب أهل السنة والماعة كما ينصر ذلك الكلبية والكرامية
والشعرية ونوهم ينصرون أن القرآن كلم ال غي ملوق وأن ال يرى ف الخرة وأن أهل القبلة ل يكفرون
بالذنب ول يلدون ف النار وأن النب صلى ال عليه وسلم له شفاعة ف أهل الكبائر وأن فتنة القب حق وعذاب
القب حق وحوض نبينا صلى ال عليه وسلم ف الخرة حق .وأمثال ذلك من القوال الت شاع أنا من أصول
أهل السنة والماعة .كما ينصرون خلفة اللفاء الربعة وفضيلة أب بكر وعمر ونو ذلك .وكثي من أهل
الكلم ف كثي ما ينصره ل يكون عارفا بقيقة دين السلم ف ذلك ول ما جاءت به السنة .ول ما كان عليه
السلف .فينصر ما ظهر من قولم بغي الآخذ الت كانت مآخذهم ف القيقة بل بآخذ أخر قد تلقوها عن
غيهم من أهل البدع فيقع ف كلم هؤلء من التناقض والضطراب والطأ ما ذم به السلف مثل هذا الكلم
وأهله فإن كلمهم ف ذم مثل هذا الكلم كثي .والكلم الذموم هو الخالف للكتاب والسنة وكل ما خالف
الكتاب والسنة فهو باطل وكذب ف هو مالف للشرع والع قل {وتت كلمة ربك صدقا وعدل} .فهؤلء ل ا
اشتهر عندهم عن أهل السنة أنم يستثنون ف اليان ورأوا أن هذا ل يكن إل إذا جعل اليان هو ما يوت
العبد عليه وهو ما يواف به العبد ربه ظنوا أن اليان عند السلف هو هذا ; فصاروا يكون هذا عن السلف ;
وهذا القول ل يقل به أحد من السلف ; ولكن هؤلء حكوه عنهم بسب ظنهم :لا رأوا أن قولم ل يتوجه
إل على هذا الصل وهم يدعون أن ما نصروه من أصل جهم ف اليان هو قول الحققي والنظار من أصحاب
الديث .ومثل هذا يوجد كثيا ف مذاهب السلف الت خالفها بعض النظار وأظهر حجته ف ذلك ول يعرف
حقيقة قول السلف ; فيقول من عرف حجة هؤلء دون السلف أو من يعظمهم لا يراه من تيزهم عليه :هذا
قول الحقق ي .وقال الحققون .ويكون ذلك من القوال الباطلة الخال فة للع قل مع الشرع ; وهذا كثيا ما
يوجد ف كلم بعض البتدعي وبعض اللحدين ،ومن آتاه ال علما وإيانا ; علم أنه ل يكون عند التأخرين
من التحقيق إل ما هو دون تقيق السلف ل ف العلم ول ف العمل ومن كان له خبة بالنظريات والعقليات
وبالعمليات علم أن مذهب الصحابة دائما أرجح من قول من بعدهم وأنه ل يبتدع أحد قول ف السلم إل
كان خ طأ وكان ال صواب قد سبق إل يه من قبله .قال أ بو القا سم الن صاري في ما حكاه عن أ ب إ سحاق
السفرايين لا ذكر قول أب السن وأصحابه ف اليان وصحح أنه تصديق القلب قال :ومن أصحابنا ; من
قال بالوافاة وشرط ف اليان القي قي أن يوا ف ر به به وي تم عل يه .ومن هم من ل ي عل ذلك شر طا ف يه ف
الال .قال الن صاري :ل ا ذ كر أن مع ظم أئ مة ال سلف كانوا يقولون :اليان معر فة بالقلب وإقرار بالل سان
وعمل بالوارح قال :الكثرون من هؤلء على القول بالوافاة .ومن قال بالوافاة فإنا يقوله فيمن ل يرد الب
بأنه من أهل النة .وأما من ورد الب بأنه من أهل النة فإنه يقطع على إيانه كالعشرة من الصحابة .ث قال:
والذي اختاره الحققون ; أن اليان هو التصديق .وقد ذكرنا اختلف أقوالم ف الوافاة ; وأن ذلك هل هو
شرط ف صحة اليان وحقيق ته ف الال وكو نه معتدا ع ند ال به و ف حك مه ف من قال :إن ذلك شرط ف يه
ي ستثنون ف الطلق ف الال ; ل أن م يشكون ف حقي قة التوح يد والعر فة ; لكن هم يقولون :ل يدري أي
اليان الذي نن موصوفون به ف الال هل هو معتد به عند ال ؟ على معن أنا ننتفع به ف العاقبة ونتن من
ثاره .فإذا قيل لم :أمؤمنون أنتم حقا ؟ أو تقولون إن شاء ال ؟ أو تقولون نرجو ؟ فيقولون نن مؤمنون إن
شاء ال يعنون بذا الستثناء تفويض المر ف العاقبة إل ال سبحانه وتعال وإنا يكون اليان إيانا معتدا به ف
ح كم ال إذا كان ذلك علم الفوز وآ ية النجاة وإذا كان صاحبه -والعياذ بال -ف ح كم ال من الشقياء
يكون إيا نه الذي تلى به ف الال عار ية .قال :ول فرق ع ند ال صائرين إل هذا الذ هب ب ي أن يقول :أ نا
مؤ من من أ هل ال نة قط عا ; وب ي أن يقول أ نا مؤ من ح قا .قلت :هذا إن ا ي يء على قول من ي عل اليان
متناول لداء الواجبات وترك الحرمات ; فمهن مات على هذا كان مهن أههل النهة وأمها على قول الهميهة
والرجئة و هو القول الذي ن صره هؤلء الذ ين ن صروا قول ج هم ; فإ نه يوت على اليان قط عا ويكون كا مل
اليان عندهم وهو مع هذا عندهم من أهل الكبائر الذين يدخلون النار فل يلزم إذا واف باليان أن يكون من
أ هل ال نة .وهذا اللزم لقول م يدل على ف ساده لن ال و عد الؤمن ي بال نة .وكذلك قالوا :ل سيما وال
سبحانه وتعال يقول{ :وعد ال الؤمني والؤمنات جنات} الية .قال :فهؤلء -يعن القائلي بالوافاة جعلوا
الثبات على هذا التصديق واليان الذي وصفناه إل العاقبة والوفاء به ف الآل شرطا ف اليان شرعا ل لغة ول
عقل .قال :وهذا مذ هب سلف أ صحاب الد يث والكثر ين ; قال :و هو اختيار المام أ ب ب كر بن فورك ;
وكان المام م مد ا بن إ سحاق بن خزي ة يغلو ف يه وكان يقول :من قال :أ نا مؤ من ح قا ف هو مبتدع .وأ ما
مذ هب سلف أصحاب الد يث كا بن م سعود وأ صحابه والثوري وابن عيي نة وأك ثر علماء الكو فة وي ي بن
سعيد القطان في ما يرو يه عن علماء أ هل الب صرة وأح د بن حن بل وغيه من أئ مة ال سنة فكانوا ي ستثنون ف
اليان .وهذا متوا تر عن هم ل كن ليس ف هؤلء من قال :أنا أ ستثن لجل الوافاة وأن اليان إن ا هو اسم ل ا
يواف به العبد ربه ; بل صرح أئمة هؤلء بأن الستثناء إنا هو لن اليان يتضمن فعل الواجبات فل يشهدون
لنف سهم بذلك ك ما ل يشهدون ل ا بالب والتقوى ; فإن ذلك م ا ل يعلمو نه و هو تزك ية لنف سهم بل علم ;
كما سنذكر أقوالم إن شاء ال ف ذلك .وأما الوافاة ; فما علمت أحدا من السلف علل با الستثناء ولكن
كثي من التأخرين يعلل با من أصحاب الديث من أصحاب أحد ومالك والشافعي وغيهم ; كما يعلل با
نظارهم كأب السن الشعري وأكثر أصحابه لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الديث .ث قال :فإن قال
قائل :إذا قلتم إن اليان الأمور به ف الشريعة هو ما وصفتموه بشرائطه وليس ذلك متلقى من اللغة فكيف
يستقيم قولكم إن اليان لغوي ؟ قلنا اليان هو التصديق لغة وشرعا غي أن الشرع ضم إل التصديق أوصافا
وشرائط :مموعها يصي مزيا مقبول كما قلنا ف الصلة والصوم والج ونوها والصلة ف اللغة :هي الدعاء
غي أن الشرع ضم إليها شرائط .فيقال :هذا يناقض ما ذكروه ف مسمى اليان فإنم لا زعموا أنه ف اللغة
التصهديق والشرع ل يغيه أوردوا على أنفسههم .فإن قيهل :أليهس الصهلة والجه والزكاة معدولة عهن اللغهة
مستعملة ف غي مذهب أهلها .قلنا :قد اختلف العلماء ف ذلك والصحيح أنا مقررة على استعمال أهل اللغة
ومبقاة على مقتضيات ا ولي ست منقولة إل أن ا ز يد في ها أمور .فلو سلمنا للخ صم كون هذه اللفاظ منقولة أو
ممولة على وجه من الجاز بدليل مقطوع به فعليه إقامة الدليل على وجود ذلك ف اليان .فإنه ل يب إزالة
ظواههر القرآن بسهبب إزالة ظاههر منهها .فيقال :أنتهم فه اليان جعلتهم الشرع زاد فيهه وجعلتموه كالصهلة
والزكاة مع أنه ل يكن أحدا أن يذكر شيئا من الشرع دليل على أن اليان ل يسمى به إل الوافاة به وبتقدير
ذلك فمعلوم أن دللة الشرع على ضم العمال إليه أكثر وأشهر فكيف ل تدخل العمال ف مسماه شرعا ؟
وقوله :ل بد من دليل مقطوع به عنه جوابان( :أحدها) :النقض بالوافاة فإنه ل يقطع فيه( .الثان) :ل نسلم
بل نن نقطع بأن حب ال ورسوله وخشية ال ونو ذلك داخل ف مسمى اليان ف كلم ال ورسوله أعظم
ما نقطع ببعض أفعال الصلة والصوم والج كمسائل الناع .ث أبو السن وابن فورك وغيها من القائلي
بالوافاة هم ل يعلون الشرع ضم إل يه شيئا بل عند هم كل من سلبه الشرع ا سم اليان ف قد ف قد من قل به
التصديق .قال :و من أصحابنا [ من ] ل يعل الوافاة على اليان شرطا ف كونه إيانا حقيقيا ف الال وإن
جعل ذلك شرطا ف استحقاق الثواب عليه وهذا مذهب العتزلة والكرامية وهو اختيار أب إسحاق السفرايين
وكلم القاضي يدل عليه قال :وهو اختيار شيخنا أب العال ; فإنه قال :اليان ثابت ف الال قطعا ل شك
فيه ولكن اليان الذي هو علم الفوز وآية النجاة إيان الوافاة .فاعتن السلف به وقرنوه بالستثناء ول يقصدوا
ال شك ف اليان النا جز .قال :و من صار إل هذا يقول :اليان صفة يش تق من ها ا سم الؤ من و هو العر فة
والتصديق ; كما أن العال مشتق من العلم فإذا عرفت ذلك من نفسي قطعت به كما قطعت بأن عال وعارف
وم صدق فإن ورد ف ال ستقبل ما يزيله خرج إذ ذاك عن استحقاق هذا الو صف .ول يقال :تبينا أنه ل يكن
إيانا مأمورا به بل كان إيانا مزيا فتغي وبطل .وليس كذلك قوله :أنا من أهل النة فإن ذلك مغيب عنه وهو
مرجو .قال :ومن صار إل القول الول يتمسك بأشياء .منها أن يقال :اليان عبادة العمر وهو كطاعة واحدة
فيتوقف صحة أولا على سلمة آخرها .كما نقول ف الصلة والصيام والج .قالوا :ول شك أنه ل يسمى ف
الال وليا ول سعيدا ول مرضيا عند ال .وكذلك الكافر ل يسمى ف الال عدوا ل ول شقيا إل على معن
أنه تري عليه أحكام العداء ف الال لظهاره من نفسه علمتهم .قلت :هذا الذي قالوه أنه ل شك فيه هو
قول ا بن كلب والشعري وأ صحابه و من وافق هم من أ صحاب أح د ومالك والشاف عي وغي هم .وأ ما أك ثر
الناس فيقولون :بل هو إذا كان كافرا ف هو عدو ل ث إذا آ من وات قى صار ول يا ل .قال ال تعال { :يا أي ها
الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم} إل قوله{ :عسى ال أن يعل بينكم وبي الذين
عادي تم من هم مودة وال قد ير وال غفور رح يم} وكذلك كان فإن هؤلء أ هل م كة الذ ين كانوا يعادون ال
ورسوله قبل الفتح آمن أكثرهم وصاروا من أولياء ال ورسوله وابن كلب وأتباعه بنوا ذلك على أن الولية
صفة قدية لذات ال وهي الرادة والحبة والرضا ونو ذلك .فمعناها إرادة إثابته بعد الوت ; وهذا العن تابع
لعلم ال فمن علم أنه يوت مؤمنا ل يزل وليا ل ; لنه ل يزل ال مريدا لدخاله النة وكذلك العداوة .وأما
المهور فيقولون :الول ية والعداوة وإن تضم نت م بة ال ورضاه وبغ ضه و سخطه ف هو سبحانه ير ضى عن
النسان ويبه بعد أن يؤمن ويعمل صالا ; وإنا يسخط عليه ويغضب بعد أن يكفر كما قال تعال{ :ذلك
بأن م اتبعوا ما أ سخط ال وكرهوا رضوا نه} ; فأ خب أن العمال أ سخطته ; وكذلك قال{ :فل ما آ سفونا
انتقم نا من هم} قال الف سرون :أغضبو نا وكذلك قال ال تعال{ :وإن تشكروا ير ضه ل كم} :و ف الد يث
الصحيح الذي ف البخاري عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال{ :يقول ال تعال :من عادى
ل ول يا ف قد بارز ن بالحار بة و ما تقرب إل عبدي ب ثل أداء ما افتر ضت عل يه ; ول يزال عبدي يتقرب إل
بالنوافل حت أحبه ; فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله
الت يشي با فب يسمع وب يبصر وب يبطش وب يشي ; ولئن سألن لعطينه ولئن استعاذن لعيذنه وما
ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي الؤمن يكره الوت وأكره مساءته ول بد له منه}.
فأ خب أ نه :ل يزال يتقرب إل يه بالنوا فل ح ت ي به ث قال :فإذا أحبب ته :ك نت كذا وكذا .وهذا يبي أن ح به
لعبده إناه يكون بعهد أن يأته بحابهه .والقرآن قهد دل على مثهل ذلك قال تعال{ :قهل إن كنتهم تبون ال
فاتبعو ن يبب كم ال} فقوله( :يبب كم جواب ال مر ف قوله :فاتبعو ن و هو بنلة الزاء مع الشرط ولذا جزم
وهذا ثواب عمل هم و هو اتباع الر سول فأثاب م على ذلك بأن أحب هم ; وجزاء الشرط وثواب الع مل وم سبب
ال سبب ل يكون إل بعده ل قبله وهذا كقوله تعال{ :ادعو ن أ ستجب ل كم} وقوله تعال { :يا قوم نا أجيبوا
دا عي ال وآمنوا به يغ فر ل كم من ذنوب كم وير كم من عذاب أل يم} ; وقوله تعال{ :اتقوا ال وقولوا قول
سديدا} {يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} ومثل هذا كثي وكذلك قوله{ :فأتوا إليهم عهدهم إل
مدت م إن ال ي ب التق ي} وقوله{ :ل تقولون ما ل تفعلون} { كب مق تا ع ند ال أن تقولوا ما ل تفعلون}
{إن ال ي ب الذين يقاتلون ف سبيله صفا كأن م بنيان مر صوص} ; وكانوا قد سألوه :لو علمنا أي الع مل
أحب إل ال لعملناه .وقوله{ :إن الذين كفروا ينادون لقت ال أكب من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إل اليان
فتكفرون} فهذا يدل على أن ح به ومق ته جزاء لعمل هم وأ نه يب هم إذا اتقوا وقاتلوا ; ولذا رغب هم ف الع مل
بذلك كمها يرغبههم بسهائر مها يعدههم بهه ; وجزاء العمهل بعهد العمهل وكذلك قوله{ :إذ تدعون إل اليان
فتكفرون} ; فإنه سبحانه يقتهم إذ يدعون إل اليان فيكفرون ; ومثل هذا قوله{ :لقد رضي ال عن الؤمني
إذ يبايعونك تت الشجرة فعلم ما ف قلوبم فأنزل السكينة عليهم وأثابم فتحا قريبا} ; فقوله{ :لقد رضي
ال عن الؤمني إذ يبايعونك} ; بي أنه رضي عنهم هذا الوقت فإن حرف (إذ ظرف لا مضى من الزمان ;
فعلم أنه ذاك الوقت رضي عنهم بسبب ذلك العمل وأثابم عليه والسبب ل يكون قبل سببه والوقت بوقت ل
يكون قبل وقته ; وإذا كان راضيا عنهم من جهة فهذا الرضى الاص الاصل بالبيعة ل يكن إل حينئذ كما
ثبت ف الصحيح أنه يقول لهل النة{ :يا أهل النة هل رضيتم ; فيقولون :يا ربنا وما لنا ل نرضى وقد
أعطيت نا ما ل ت عط أحدا من خل قك فيقول :أل أعطي كم ما هو أف ضل من ذلك فيقولون :يا رب نا وأي ش يء
أف ضل من ذلك ; فيقول :أ حل علي كم رضوا ن فل أ سخط علي كم بعده أبدا} ; وهذا يدل على أ نه ف ذلك
الوقت حصل لم هذا الرضوان الذي ل يتعقبه سخط أبدا .ودل على أن غيه من الرضوان قد يتعقبه سخط" .
وف الصحيحي " ف حديث الشفاعة {يقول :كل من الرسل :إن رب قد غضب اليوم غضبا ل يغضب قبله
مثله ولن يغضب بعده مثله} وف " الصحاح " :عن النب صلى ال عليه وسلم من غي وجه أنه قال{ :ل أشد
فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يدها ; فاضطجع
ينتظر الوت فلما استيقظ إذا دابته عليها طعامه وشرابه -وف رواية -كيف تدون فرحه با ؟ قالوا :عظيما
يا ر سول ال ; قال :ل أ شد فر حا بتو بة عبده من هذا براحل ته} وكذلك ضح كه إل رجل ي يق تل أحده ا
الخر كلها يدخل النة ; وضحكه إل الذي يدخل النة آخر الناس ويقول أتسخر ب وأنت رب العالي ;
ه أشاء قادر وكهل هذا فه " الصهحيح " .وفه دعاء القنوت( :تولنه فيمهن توليهت) فيقول :ل ولكنه على م ا
والقدي ل يتصور طلبه وقد قال تعال{ :إن وليي ال الذي نزل الكتاب وهو يتول الصالي} ; وقال{ :وال
ول التقي} .فهذا التول لم جزاء صلحهم وتقواهم ومسبب عنه فل يكون متقدما عليه وإن كان إنا صاروا
صالي ومتقي بشيئته وقدرته وفضله وإحسانه ; لكن تعلق بكونم متقي وصالي فدل على أن هذا التول
هو بعد ذلك مثل كونه مع التقي والصالي بنصره وتأييده ; ليس ذلك قبل كونم متقي وصالي وهكذا
الرحة قال صلى ال عليه وسلم{( :الراحون يرحهم الرحن ارحوا من ف الرض يرحكم من ف السماء}
قال الترمذي حديث صحيح .وكذلك قوله{ :وإن تشكروا يرضه لكم} ; علق الرضا به تعليق الزاء بالشرط
وال سبب بال سبب والزاء إن ا يكون ب عد الشرط وكذلك قوله{ :لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال آمن ي}.
يدل على أ نه يشاء ذلك في ما ب عد .وكذلك قوله{ :إن ا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} ; " فإذا "
ظرف ل ا ي ستقبل من الزمان .فدل على أ نه إذا أراد كو نه .قال له :كن فيكون .وكذلك قوله{ :و قل اعملوا
فسيى ال عملكم} ; فبي فيه أنه سيى ذلك ف الستقبل إذا عملوه .والأخذ الثان ف الستثناء أن اليان
الطلق يتضمن فعل ما أمر ال به عبده كله ; وترك الحرمات كلها ; فإذا قال الرجل :أنا مؤمن بذا العتبار
ف قد شهد لنف سه بأنه من البرار التقي القائم ي بف عل ج يع ما أمروا به ; وترك كل ما نوا عنه فيكون من
أولياء ال ; وهذا من تزكية النسان لنفسه وشهادته لنفسه با ل يعلم ولو كانت هذه الشهادة صحيحة لكان
ينبغي له أن يشهد لنفسه بالنة إن مات على هذه الال ول أحد يشهد لنفسه بالنة ; فشهادته لنفسه باليان
كشهادته لنفسه بالنة إذا مات على هذه الال ; وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون وإن جوزوا
ترك الستثناء بعن آخر كما سنذكره إن شاء ال تعال .قال اللل ف " كتاب السنة " :حدثنا سليمان بن
الشعث يعن أبا داود السجستان قال :سعت أبا عبد ال أحد بن حنبل قال له رجل :قيل ل أمؤمن أنت ؟
قلت ن عم ; هل علي ف ذلك ش يء ؟ هل الناس إل مؤ من وكا فر ؟ فغ ضب أح د وقال :هذا كلم الرجاء ;
قال ال تعال{ :وآخرون مرجون لمر ال} من هؤلء ث قال أحد :أليس اليان قول وعمل قال له الرجل:
بلى .قال فجئنها بالقول .قال :نعهم قال :فجئنها بالعمهل .قال :ل .قال :فكيهف تعيهب أن يقول :إن شاء ال
ويستثن .قال أبو داود :أخبن أحد بن أب شريح أن أحد بن حنبل كتب إليه ف هذه السألة أن اليان قول
وعمل فجئنا بالقول ول نئ بالعمل فنحن نستثن ف العمل .وذكر اللل هذا الواب من رواية الفضل بن
زياد .وقال :زاد الفضل :سعت أبا عبد ال يقول :كان سليمان بن حرب يمل هذا على التقبل ; يقول :نن
نعمل ول ندري يتقبل منا أم ل ؟ قلت :والقبول متعلق بفعله كما أمر .فكل من اتقى ال ف عمله ففعله كما
أمر فقد تقبل منه .لكن هو ل يزم بالقبول لعدم جزمه بكمال الفعل كما {قال تعال{ :والذين يؤتون ما آتوا
وقلوب م وجلة} ; قالت عائ شة :يا ر سول ال أهو الر جل يز ن وي سرق ويشرب ال مر وياف ؟ فقال :ل يا
بنت الصديق بل هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق وياف أن ل يتقبل منه} .وروى اللل عن أب طالب
قال :سعت أبا عبد ال يقول :ل ند بدا من الستثناء لنم إذا قالوا :مؤمن فقد جاء بالقول .فإنا الستثناء
بالعمل ل بالقول .وعن إسحاق بن إبراهيم قال :سعت أبا عبد ال يقول :أذهب إل حديث ابن مسعود ف
الستثناء ف اليان لن اليان قول وعمل والعمل الفعل فقد جئنا بالقول ونشى أن نكون فرطنا ف العمل ;
فيعجبن أن يستثن ف اليان بقول :أنا مؤمن إن شاء ال قال :وسعت أبا عبد ال وسئل عن قول النب صلى
ال عل يه و سلم {وإ نا إن شاء ال ب كم لحقون} ال ستثناء هاه نا على أي ش يء ي قع ؟ قال :على البقاع ل
يدري أيدفن ف الوضع الذي سلم عليه أم ف غيه .وعن اليمون أنه سأل أبا عبد ال عن قوله ورأيه ف :مؤمن
إن شاء ال .قال :أقول :مؤ من إن شاء ال ومؤ من أر جو ل نه ل يدري ك يف الباءة للعمال على ما افترض
عليهه أم ل .ومثهل هذا كثيه فه كلم أحده وأمثاله وهذا مطابهق لاه تقدم مهن أن الؤمهن الطلق ههو القائم
بالواجبات الستحق للجنة إذا مات على ذلك وأن الفرط بترك الأمور أو فعل الحظور ل يطلق عليه أنه مؤمن
; وأن الؤمن الطلق هو الب التقي ول ال فإذا قال :أنا مؤمن قطعا كان كقوله :أنا بر تقي ول ال قطعا .وقد
كان أحد وغيه من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل لغيه :أمؤمن أنت ؟ ويكرهون الواب ; لن هذه
بدعة أحدثها الرجئة ليحتجوا با لقولم ; فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر ; بل يد قلبه مصدقا با
جاء به الرسول فيقول :أنا مؤمن فيثبت أن اليان هو التصديق لنك تزم بأنك مؤمن ول تزم ; بأنك فعلت
كل ما أمرت به ; فلما علم السلف مقصدهم صاروا يكرهون الواب أو يفصلون ف الواب ; وهذا لن لفظ
" اليان " فيه إطلق وتقييد فكانوا ييبون باليان القيد الذي ل يستلزم أنه شاهد فيه لنفسه بالكمال ولذا
كان الصحيح أنه يوز أن يقال :أنا مؤمن بل استثناء إذا أراد ذلك لكن ينبغي أن يقرن كلمه با يبي أنه ل
يرد اليان الطلق الكا مل ولذا كان أح د يكره أن ي يب على الطلق بل ا ستثناء يقد مه .وقال الروذي :ق يل
لبه عبهد ال نقول :ننه الؤمنون ؟ فقال نقول :ننه السهلمون وقال أيضها :قلت لبه عبهد ال :نقول إنها
مؤمنون ؟ قال :ولكن نقول :إنا مسلمون ; ومع هذا فلم ينكر على من ترك الستثناء إذا ل يكن قصده قصد
الرجئة أن اليان مرد القول بهل يكره تركهه لاه يعلم أن فه قلبهه إيانها وإن كان ل يزم بكمال إيانهه ؟ قال
اللل :أخبن أحد بن أصرم الزن أن أبا عبد ال قيل له :إذا سألن الرجل فقال :أمؤمن أنت ؟ قال سؤالك
إياي بدعة ل يشك ف إيانه أو قال ل نشك ف إياننا .قال الزن :وحفظي أن أبا عبد ال قال :أقول كما قال
طاووس :آمنت بال وملئكته وكتبه ورسله .وقال اللل :أخبن حرب بن إساعيل وأبو داود قال أبو داود:
سعت أحد :قال :سعت سفيان يعن ابن عيينة -يقول :إذا سئل أمؤمن أنت ؟ ل يبه ويقول :سؤالك إياي
بدعة ول أشك ف إيان وقال :إن قال إن شاء ال فليس يكره ول يداخل الشك فقد أخب عن أحد أنه قال:
ل نشك ف إياننا وإن السائل ل يشك ف إيان السئول وهذا أبلغ وهو إنا يزم بأنه مقر مصدق با جاء به
الرسول ل يزم بأنه قائم بالواجبات .فعلم أن أحد وغيه من السلف كانوا يزمون ول يشكون ف وجود ما
ف القلب من اليان ف هذه الال ويعلون ال ستثناء عائدا إل اليان الطلق التض من ف عل الأمور ويتجون
ه مهن اليانه ل نشهك في ما ف قلوبن ا أي ضا بواز السهتثناء فيمها ل ي شك فيهه وهذا " مأ خذ ثان " وإن كن ا
فال ستثناء في ما يعلم وجوده قد جاءت به ال سنة ل ا ف يه من الك مة .و عن م مد بن ال سن بن هارون قال:
سألت أبا عبد ال عن الستثناء ف اليان فقال :نعم الستثناء على غي معن شك مافة واحتياطا للعمل وقد
ا ستثن ا بن م سعود وغيه و هو مذ هب الثوري .قال ال تعال{ :لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال} {وقال
النب صلى ال عليه وسلم لصحابه :إن لرجو أن أكون أتقاكم ل} .وقال ف اليت " :وعليه تبعث إن شاء
ال " ف قد ب ي أح د أ نه ي ستثن ما فة واحتيا طا للع مل فإ نه ياف أن ل يكون قد ك مل الأمور به فيحتاط
بالستثناء وقال على غي معن شك ; يعن من غي شك ما يعلمه النسان من نفسه وإل فهو يشك ف تكميل
العمل الذي خاف أن ل يكون كمله ; فيخاف من نقصه ول يشك ف أصله .قال اللل :وأخبن ممد بن
أب هارون :أن حبيش بن سندي حدثهم ف هذه السألة .قال أبو عبد ال {قول النب صلى ال عليه وسلم
حي وقف على القابر فقال :وإنا إن شاء ال بكم لحقون} وقد نعيت إليه نفسه وعلم أنه صائر إل الوت
وف قصة صاحب القب " وعليه حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء ال " وف {قول النب صلى ال عليه
و سلم إ ن اختبأت دعو ت و هي نائلة إن شاء ال من ل يشرك بال شيئا} {و ف م سألة الر جل ال نب صلى ال
عليه وسلم :أحدنا يصبح جنبا يصوم ؟ فقال :إن أفعل ذلك ث أصوم فقال :إنك لست مثلنا أنت قد غفر ال
لك ما تقدم من ذن بك و ما تأ خر فقال :وال إ ن لر جو أن أكون أخشا كم ل} .وهذا كث ي وأشبا هه على
اليقي .قال :ودخل عليه شيخ فسأله عن اليان فقال له :قول وعمل يزيد وينقص .فقال له :أقول :مؤمن إن
شاء ال ؟ قال :نعم .فقال له :إنم يقولون ل إنك شاك ; قال :بئس ما قالوا ث خرج فقال :ردوه فقال :أليس
يقولون :اليان قول وعمل يزيد وينقص ؟ قال :نعم قال :هؤلء يستثنون .قال له :كيف يا أبا عبد ال ؟ قال:
قل لم :زعمتم أن اليان قول وعمل فالقول قد أتيتم به والعمل ل تأتوا به فهذا الستثناء لذا العمل قيل له
يستثن ف اليان ؟ قال :نعم أقول :أنا مؤمن إن شاء ال أستثن على اليقي ل على الشك ; ث قال :قال ال:
{لتدخلن السجد الرام إن شاء ال آمني} فقد أخب ال تعال أنم داخلون السجد الرام .فقد بي أحد ف
كلمه أنه يستثن مع تيقنه با هو الن موجود فيه يقوله بلسانه وقلبه ل يشك ف ذلك ويستثن لكون العمل
من اليان ; وهو ل يتيقن أنه أكمله بل يشك ف ذلك فنفى الشك وأثبت اليقي فيما يتيقنه من نفسه وأثبت
ال شك في ما ل يعلم وجوده وب ي أن ال ستثناء م ستحب لذا الثا ن الذي ل يعلم هل أ تى به أم ل و هو جائز
أيضا لا يتيقنه فلو استثن لنفس الوجود ف قلبه جاز كقول النب صلى ال عليه وسلم{ :وال إن لرجو أن
أكون أخشا كم ل} وهذا أ مر موجود ف الال ل يس ب ستقبل و هو كو نه أخشا نا ; فإ نه ل ير جو أن ي صي
أخشانا ل ; بل هو يرجو أن يكون حي هذا القول أخشانا ل .كما يرجو الؤمن إذا عمل عمل أن يكون ال
تقبله م نه وياف أن ل يكون تقبله م نه .ك ما قال تعال{ :والذ ين يؤتون ما آتوا وقلوب م وجلة أن م إل رب م
راجعون} وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم { :هو الر جل ي صلي وي صوم ويت صدق وياف أن ل يق بل م نه}
والقبول هو أمر حاضر أو ماض وهو يرجوه ويافه وذلك أن ما له عاقبة مستقبلة ممودة أو مذمومة والنسان
يوز وجوده وعدمه .يقال :إنه يرجوه وإنه يافه .فتعلق الرجاء والوف بالاضر والاضي لن عاقبته الطلوبة
والكرو هة م ستقبلة .ف هو ير جو أن يكون ال تق بل عمله فيثي به عل يه فيح ه ف ال ستقبل .وياف أن ل يكون
تقبله فيحرم ثوابه .كما ياف أن يكون ال قد سخط عليه ف معصيته فيعاقبه عليها .وإذا كان النسان يسعى
فيما يطلبه كتاجر أو بريد أرسله ف حاجته يقضيها ف بعض الوقات فإذا مضى ذلك الوقت يقول أرجو أن
يكون فلن قد قضى ذلك المر وقضاؤه ماض لكن ما يصل لذا من الفرح والسرور وغي ذلك من مقاصده
مستقبل .ويقول النسان ف الوقت الذي جرت عادة الاج بدخولم إل مكة :أرجو أن يكونوا دخلوا ويقول
ف سرية بع ثت إل الكفار :نر جو أن يكون ال قد ن صر الؤمن ي وغنم هم ويقال ف ن يل م صر ع ند و قت
ارتفاعه :نرجو أن يكون قد صعد النيل كما يقول الاضر ف مصر مثل هذا الوقت :نرجو أن يكون النيل ف
هذا العام نيل مرتف عا ويقال ل ن له أرض ي ب أن ت طر إذا مطرت ب عض النوا حي أر جو أن يكون ال طر عا ما
وأر جو أن تكون قد مطرت الرض الفلن ية وذلك لن الر جو هو ما يفرح بوجوده وي سره فالكروه ما يتأل
بوجوده .وهذا يتعلق بالعلم والعلم بذلك مستقبل فإذا علم أن السلمي انتصروا والاج قد دخلوا أو الطر قد
نزل فرح بذلك وحصهل بهه مقاصهد أخهر له وإذا كان المهر بلف ذلك ل يصهل ذلك الحبوب الطلوب
فيقول :أر جو وأخاف لن الحبوب والكروه متعلق بالعلم بذلك و هو م ستقبل وكذلك الطلوب باليان من
ال سعادة والنجاة هو أمر مستقبل فيستثن ف الا ضر بذلك لن الطلوب به مستقبل ث كل مطلوب مستقبل
تعلق بشيئة ال وإن جزم بوجوده لنه ل يكون مستقبل إل بشيئة ال .فقولنا :يكون هذا إن شاء ال حق فإنه
ل يكون إل إن شاء ال والل فظ ل يس ف يه إل التعل يق ول يس من ضرورة التعل يق ال شك .بل هذا ب سب علم
التكلم فتارة يكون شاكا وتارة ل يكون شاكا ; فلما كان الشك يصحبها كثيا لعدم علم النسان بالعواقب
ظن الظان أن ال شك دا خل ف معنا ها ول يس كذلك .فقوله{ :لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال} ل يت صور
فيه شك من ال ; بل ول من رسوله الخاطب والؤمني ولذا قال ثعلب :هذا استثناء من ال وقد علمه واللق
يستثنون فيما ل يعلمون .وقال أبو عبيدة وابن قتيبة إن إن بعن إذ أي :إذ شاء ال ومقصوده بذا تقيق الفعل
ب ه (إن ك ما يتح قق مع إذ .وإل فإذ ظرف توق يت و (إن حرف تعل يق .فإن ق يل :فالعرب تقول :إذا اح ر
البسر فأتن ول تقول :إن احر البسر .قيل :لن القصود هنا توقيت التيان بي احراره فأتوا بالظرف الحقق
ول فظ( :إن ل يدل على توقيت بل هي تعليق مض تقتضي ارتباط الفعل الثان بالول ونظي ما نن فيه أن
يقولوا :الب سر ي مر ويط يب إن شاء ال وهذا حق فهذا نظ ي ذلك .فإن ق يل :فطائ فة من الناس فروا من هذا
الع ن وجعلوا ال ستثناء ل مر مشكوك ف يه فقال الزجاج{ :لتدخلن ال سجد الرام} أي :أمر كم ال به وق يل:
الستثناء يعود إل المن والوف .أي :لتدخلنه آمني فأما الدخول فل شك فيه .وقيل :لتدخلن جيعكم أو
بعض كم ل نه علم أن بعض هم يوت فال ستثناء لن م ل يدخلوا جيع هم .ق يل :كل هذه القوال و قع أ صحابا
فيما فروا منه ; مع خروجهم عن مدلول القرآن فحرفوه تريفا ل ينتفعوا به فإن قول من قال :أي :أمركم ال
به هو سبحانه قد علم هل يأمر هم أو ل يأمر هم فعل مه بأ نه سيأمرهم بدخوله كعل مه بأن يدخلوا فعلقوا
الستثناء با ل يدل عليه اللفظ وعلم ال متعلق بالظهر والضمر جيعا وكذلك أمنهم وخوفهم هو يعلم أنم
يدخلون آمني أو خائفي وقد أخب أنم يدخلون آمني مع علمه بأنم يدخلون آمني فكلها ل يكن فيه شك
عند ال ; بل ول عند رسوله .وقول من قال :جيعهم أو بعضهم يقال :العلق بالشيئة دخول من أريد باللفظ
فإن كان أراد الميع فالميع ل بد أن يدخلوه وإن أريد الكثر كان دخولم هو العلق بالشيئة وما ل يرد ل
يوز أن يعلق ب ه (إن وإن ا علق ب ه (إن ما سيكون ; وكان هذا وعدا مزو ما به .ولذا ل ا {قال ع مر لل نب
صلى ال عليه وسلم عام الديبية :أل تكن تدثنا أنا نأت البيت ونطوف به ؟ قال :بلى قلت لك :إنك تأتيه
هذا العام ؟ قال :ل قال :فإنك آتيه ومطوف به} .فإن قيل :ل ل يعلق غي هذا من مواعيد القرآن ؟ قيل :لن
هذه ال ية نزلت ب عد مر جع ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه من الديب ية وكانوا قد اعتمروا ذلك العام
واجتهدوا ف الدخول فصدهم الشركون فرجعوا وبم من الل ما ل يعلمه إل ال فكانوا منتظرين لتحقيق هذا
الو عد ذلك العام إذ كان ال نب صلى ال عليه وسلم وعدهم وعدا مطل قا .و قد {روي أ نه رأى ف النام قائل
يقول :لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال فأ صبح فحدث الناس برؤياه وأمر هم بالروج إل العمرة فلم ت صل
لم العمرة ذلك العام فنلت هذه الية} واعدة لم با وعدهم به الرسول من المر الذي كانوا يظنون حصوله
ذلك العام .وكان قوله{ :إن شاء ال} ه نا تقي قا لدخوله وأن ال ي قق ذلك ل كم ; ك ما يقول الر جل في ما
عزم على أن يفعله ل مالة :وال لفعلن كذا إن شاء ال ل يقول ا ل شك ف إراد ته وعز مه بل تقي قا لعز مه
وإرادته فإنه ياف إذا ل يقل :إن شاء ال أن ينقض ال عزمه ول يصل ما طلبه كما ف " الصحيحي {أن
سليمان عليه السلم قال :وال لطوفن الليلة على مائة امرأة كل منهن تأت بفارس يقاتل ف سبيل ال فقال له
صاحبه :قل :إن شاء ال فلم يقل فلم تمل منهن إل امرأة جاءت بشق رجل .قال النب صلى ال عليه وسلم:
والذي نفسي بيده لو قال :إن شاء ال لاهدوا ف سبيل ال فرسانا أجعون} فهو إذا قال :إن شاء ال ل يكن
ل شك ف طل به وإراد ته بل لتحق يق ال ذلك له إذ المور ل ت صل إل بشيئة ال فإذا تأل الع بد عل يه من غ ي
تعليهق بشيئتهه ل يصهل مراده فإنهه مهن يتأل على ال يكذبهه ولذا يروى " :ل أتمهت لقدر أمرا " .وقيهل
لبعض هم :باذا عر فت ر بك ؟ قال :بف سخ العزائم ون قض ال مم و قد قال تعال{ :ول تقولن لش يء إ ن فا عل
ذلك غدا إل أن يشاء ال} فإن قوله :لفعلن فيه معن الطلب والب وطلبه جازم وأما كون مطلوبه يقع فهذا
يكون إن شاء ال .وطل به للف عل ي ب أن يكون من ال بوله وقو ته ,ف في الطلب :عل يه أن يطلب من ال ,
و ف ال ب :ل ي ب إل ب ا عل مه ال ; فإذا جزم بل تعل يق كان كالتأل على ال فيكذ به ال ,فال سلم ف ال مر
الذي هو عازم عليه ومريد له وطالب له طلبا ل تردد فيه يقول " :إن شاء ال " لتحقيق مطلوبه وحصول ما
أق سم عل يه لكو نه ل يكون إل بشيئة ال ل لتردد ف إراد ته ,والرب تعال مر يد لناز ما وعد هم به إرادة
جازمة ل مثنوية فيها وما شاء فعل فإنه -سبحانه -ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن ليس كالعبد الذي يريد
ما ل يكون ويكون ما ل يريد .فقوله سبحانه{ :إن شاء ال} تقيق أن ما وعدتكم به يكون ل مالة بشيئت
وإراد ت فإن ما شئت كان و ما ل أ شأ ل ي كن ; فكان ال ستثناء ه نا لق صد التحق يق لكون م ل ي صل ل م
مطلوبم الذي وعدوا به ذلك العام ,وأما سائر ما وعدوا به فلم يكن كذلك .ولذا تنازع الفقهاء فيمن أراد
باستثنائه ف اليمي هذا العن وهو التحقيق ف استثنائه ل التعليق :هل يكون مستثنيا به أم تلزمه الكفارة إذا
حنث ؟ بلف من ترددت إرادته فإنه يكون مستثنيا بل نزاع والصحيح أنه يكون ف الميع مستثنيا لعموم
الشيئة ولن الر جل وإن كا نت إراد ته للمحلوف به جاز مة ف قد عل قه بشيئة ال ف هو يزم بإراد ته له ل يزم
بصول مراده ول هو أيضا مريد له بتقدير أل يكون ; فإن هذا تييز ل إرادة فهو إنا التزمه إذا شاء ال فإذا ل
يشأه ل يلتز مه بيمي نه ول حلف أ نه يكون :وإن كا نت إراد ته له جاز مة فل يس كل ما أر يد التزم باليم ي فل
كفارة عليه .وقد تبي با ذكرناه أن قول القائل :إن شاء ال يكون مع كمال إرادته ف حصول الطلوب وهو
يقولا لتحقيق الطلوب ; لستعانته بال ف ذلك ل لشك ف الرادة هذا فيما يلف عليه ويريده كقوله تعال:
{لتدخلن ال سجد الرام} فإ نه خب ع ما أراد ال كو نه ,و هو عال بأن سيكون و قد عل قه بقوله{ :إن شاء
ال} فكذلك ما يب به النسان عن مستقبل أمره ما هو جازم بإرادته ,وجازم بوقوعه فيقول فيه " :إن شاء
ال " لتحقيق وقوعه ل للشك ل ف إرادته ول ف العلم بوقوعه .ولذا يذكر الستثناء ع ند كمال الرغبة ف
العلق ,وقوة إرادة الن سان له .فتب قى خوا طر الوف تعارض الرجاء ; فيقول " :إن شاء ال " لتحق يق رجائه
مع علمه بأن سيكون كما يسأل ال ويدعوه ف المر الذي قد علم أنه يكون كما {كان النب صلى ال عليه
وسلم يوم بدر قد أخبهم بصارع الشركي ث هو بعد هذا يدخل إل العريش يستغيث ربه ويقول :اللهم أنز
ل ما وعدت ن} ; لن العلم ب ا يقدره ل ينا ف أن يكون قدره بأ سباب ,والدعاء من أع ظم أ سبابه .كذلك
رجاء رحة ال وخوف عذابه من أعظم السباب ف النجاة من عذابه وحصول رحته والستثناء بالشيئة يصل
ف الب الحض وف الب الذي معه طلب ; فالول إذا حلف على جلة خبية ل يقصد به حضا ول منعا بل
ت صديقا أو تكذي با كقوله :وال ليكو نن كذا إن شاء ال أو ل يكون كذا .وال ستثن قد يكون عال ا بأن هذا
يكون أو ل يكون كمها فه قوله{ :لتدخلن} فإن هذا جواب غيه مذوف .والثانه :مها فيهه معنه الطلب ,
كقوله :وال لفعلن كذا أو ل أفعله إن شاء ال ; فال صيغة صيغة خب ضمن ها الطلب ول ي قل :وال إ ن لر يد
هذا ول عازم عليه بل قال :وال ليكو نن .فإذا ل يكن فقد حنث لوقوع المر بلف ما حلف عليه فحنث
فإذا قال " :إن شاء ال " فإن ا حلف عل يه بتقد ير :إن ي شأ ال ل مطل قا .ولذا ذ هب كث ي من الفقهاء إل أ نه
مت ل يوجد الحلوف عليه حنث أو مت وجد الحلوف عليه أنه ل يفعله حنث سواء كان ناسيا أو مطئا أو
جاهل فإنم لظوا أن هذا ف معن الب فإذا وجد بلف مبه فقد حنث ,وقال الخرون :بل هذا مقصوده
الض والنع كالمر والنهي ومت ني النسان عن شيء ففعله ناسيا أو مطئا ل يكن مالفا فكذلك هذا .قال
الولون :فقد يكون ف معن التصديق والتكذيب كقوله :وال ليقعن الطر أو ل يقع وهذا خب مض ليس فيه
حض ول منع ولو حلف على اعتقاده فكان ال مر بلف ما حلف عليه حنث وبذا يظهر الفرق ب ي اللف
على الاضهي واللف على السهتقبل ,فإن اليميه على الاضهي غيه منعقدة فإذا أخطهأ فيهها ل يلزمهه كفارة
كالغموس بلف الستقبل .وليس عليه أن يستثن ف الستقبل إذا كان فعله .قال تعال{ :زعم الذين كفروا أن
لن يبعثوا قل بلى ور ب لتبع ثن ث لتنبؤن ب ا عمل تم وذلك على ال ي سي} فأمره أن يق سم على ما سيكون
وكذلك قوله{ :وقال الذين كفروا ل تأتينا الساعة قل بلى ورب لتأتينكم} كما أمره أن يقسم على الاضر ف
قوله{ :ويستنبئونك أحق هو قل إي ورب إنه لق} وقد قال النب صلى ال عليه وسلم{ :والذي نفسي بيده
لينلن فيكم ابن مري حكما عدل وإماما مقسطا} .وقال{ :والذي نفسي بيده ل تذهب الدنيا حت يأت على
الناس يوم ل يدري القاتل فيما قتل ,ول القتول فيما قتل} وقال{ :إذا هلك كسرى أو ليهلك كسرى ث ل
يكون كسهرى بعده وإذا هلك قيصهر فل قيصهر بعده .والذي نفسهي بيده لتنفقهن كنوزهاه فه سهبيل ال}
وكلها ف " الصحيح " .فأقسم صلوات ال وسلمه عليه على الستقبل ف مواضع كثية بل استثناء.
وال -سبحانه وتعال أعلم –
والمد ل رب العالي ,
وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم.