You are on page 1of 186

‫كتاب اليمان الكبير‬

‫لشيخ السلم أحد بن عبدالليم ابن تيمية‬


‫والذي يقع ف مموع الفتاوى (‪)460-7/5‬‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬


‫المد ل وحده والصلة والسلم على من ل نب بعده‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪ :‬أحد ابن تيمية طيب ال ثراه‬
‫بسم ال الرحن الرحيم المد ل نستعينه ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‬
‫مهن يهده ال فل مضهل له ومهن يضلله فل هادي له ونشههد أن ل إله إل ال وحده ل شريهك له ونشههد أن‬
‫ممدا عبده ورسوله صلى ال عليه وعلى آله وسلم تسليما‪ .‬اعلم أن " اليان والسلم " يتمع فيهما الدين‬
‫كله وقد كثر كلم الناس ف " حقيقة اليان والسلم " ونزاعهم واضطرابم ; وقد صنفت ف ذلك ملدات ;‬
‫والناع ف ذلك من حي خرجت الوارج بي عامة الطوائف‪ .‬ونن نذكر ما يستفاد من كلم النب صلى ال‬
‫عليه وسلم مع ما يستفاد من كلم ال تعال فيصل الؤمن إل ذلك من نفس كلم ال ورسوله فإن هذا هو‬
‫ه يسهتفاد مهن كلم ال‬ ‫القصهود‪ .‬فل نذكهر اختلف الناس ابتداء ; بهل نذكهر مهن ذلك ‪ -‬فه ضمهن بيان م ا‬
‫ه يهبي أن رد موارد الناع إل ال وإل الرسهول خيه وأحسهن تأويل وأحسهن عاقبهة فه الدنيها‬‫ورسهوله ‪ -‬م ا‬
‫والخرة‪ .‬فنقول‪ :‬قد فرق ال نب صلى ال عليه وسلم ف حديث جبيل عليه السلم ب ي مسمى " السلم "‬
‫وم سمى " اليان " وم سمى " الح سان {‪ .‬فقال‪ :‬ال سلم‪ :‬أن تش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال‬
‫وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتج البيت إن استطعت إليه سبيل‪ .‬وقال‪ :‬اليان‪ :‬أن تؤمن بال‬
‫وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيه وشره}‪ .‬و " الفرق " مذكور ف حديث عمر الذي‬
‫انفرد به م سلم و ف حد يث أ ب هريرة الذي ات فق البخاري وم سلم عل يه وكله ا ف يه‪ :‬أن جبائ يل جاءه ف‬
‫صورة إنسان أعراب فسأله‪ .‬وف حديث عمر‪ :‬أنه جاءه ف صورة أعراب‪ .‬وكذلك فسر " السلم " ف حديث‬
‫ابهن عمهر الشهور قال‪{ :‬بنه السهلم على خسه‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده ورسهوله وإقام‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان}‪ .‬وحديث جبائيل يبي أن " السلم البن على خس " هو‬
‫السلم نفسه ليس البن غي البن عليه ; بل جعل النب صلى ال عليه وسلم الدين ثلث درجات‪ :‬أعلها "‬
‫الح سان " وأو سطها " اليان " ويل يه " ال سلم " ف كل م سن مؤ من و كل مؤ من م سلم ول يس كل مؤ من‬
‫مسنا ول كل مسلم مؤمنا كما سيأت بيانه ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬ف سائر الحاديث كالديث الذي رواه حاد بن‬
‫زيد عن أيوب عن أب قلبة عن رجل من أهل الشام عن أبيه {عن النب صلى ال عليه وسلم قال له‪ :‬أسلم‬
‫تسلم‪ .‬قال‪ :‬وما السلم ؟ قال‪ :‬أن تسلم قلبك ل وأن يسلم السلمون من لسانك ويدك‪ .‬قال‪ :‬فأي السلم‬
‫أفضل ؟ قال‪ :‬اليان‪ .‬قال‪ :‬وما اليان ؟ قال‪ :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الوت‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأي اليان أفضهل ؟ قال‪ :‬الجرة‪ .‬قال‪ :‬ومها الجرة ؟ قال‪ :‬أن تجهر السهوء‪ .‬قال‪ :‬فأي الجرة أفضهل ؟ قال‪:‬‬
‫الهاد‪ .‬قال‪ :‬و ما الهاد ؟ قال‪ :‬أن تا هد أو تقا تل الكفار إذا لقيت هم ول تغلل ول ت ب}‪ .‬ث قال ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪{ :‬عملن ها أفضل العمال إل من عمل بثلهما ‪ -‬قالا ثلثا ‪ -‬حجة مبورة أو عمرة}‬
‫رواه أحد وممد بن نصر الروزي‪ .‬ولذا يذكر هذه " الراتب الربعة {فيقول‪ :‬السلم من سلم السلمون من‬
‫لسانه ويده والؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم والهاجر من هجر السيئات والجاهد من جاهد نفسه‬
‫ل}‪ .‬وهذا مروي عن النب صلى ال عليه وسلم من حديث عبد ال بن عمرو وفضالة بن عبيد وغيها بإسناد‬
‫جيد وهو ف " السنن " وبعضه ف " الصحيحي "‪ .‬وقد ثبت عنه من غي وجه أنه قال‪{ :‬السلم من سلم‬
‫ال سلمون من ل سانه ويده والؤ من من أم نه الناس على دمائ هم وأموال م}‪ .‬ومعلوم أن من كان مأمو نا على‬
‫الدماء والموال ; كان السلمون يسلمون من لسانه ويده ولول سلمتهم منه لا ائتمنوه‪ .‬وكذلك ف حديث‬
‫عبيد بن عمي عن عمرو بن عبسة‪ .‬وف حديث عبد ال بن عبيد بن عمي أيضا عن أبيه عن جده أنه {قيل‬
‫لر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬ما ال سلم ؟ قال‪ :‬إطعام الطعام وط يب الكلم‪ .‬ق يل‪ :‬ف ما اليان ؟ قال‪:‬‬
‫ال سماحة وال صب‪ .‬ق يل‪ :‬ف من أف ضل ال سلمي إ سلما ؟ قال‪ :‬من سلم ال سلمون من ل سانه ويده‪ .‬ق يل‪ :‬ف من‬
‫أفضل الؤمني إيانا ؟ قال‪ :‬أحسنهم خلقا‪ .‬قيل فما أفضل الجرة ؟ قال‪ :‬من هجر ما حرم ال عليه‪ .‬قال‪ :‬أي‬
‫الصلة أفضل ؟ قال‪ :‬طول القنوت‪ .‬قال‪ :‬أي الصدقة أفضل ؟ قال‪ :‬جهد مقل‪ .‬قال‪ :‬أي الهاد أفضل ؟ قال‪:‬‬
‫أن تاهد بالك ونف سك ; فيع قر جوادك ويراق د مك‪ .‬قال أي ال ساعات أف ضل ؟ قال‪ :‬جوف الليل الغابر}‪.‬‬
‫ومعلوم أن هذا كله مراتب بعضها فوق بعض ; وإل فالهاجر لبد أن يكون مؤمنا وكذلك الجاهد ولذا قال‪:‬‬
‫{اليان‪ :‬السماحة والصب}‪ .‬وقال ف السلم‪{ :‬إطعام الطعام وطيب الكلم}‪ .‬والول مستلزم للثان ; فإن‬
‫من كان خلقه السماحة فعل هذا بلف الول ; فإن النسان قد يفعل ذلك تلقا ول يكون ف خلقه ساحة‬
‫و صب‪ .‬وكذلك قال‪{ :‬أف ضل ال سلمي من سلم ال سلمون من ل سانه ويده}‪ .‬وقال‪{ :‬أف ضل الؤمن ي إيا نا‬
‫أحسنهم خلقا}‪ .‬ومعلوم أن هذا يتضمن الول ; فمن كان حسن اللق فعل ذلك‪ .‬قيل للحسن البصري‪ :‬ما‬
‫ح سن اللق ؟ قال‪ :‬بذل الندى و كف الذى وطل قة الو جه‪ .‬ف كف الذى جزء من ح سن اللق‪ .‬و ستأت‬
‫الحاديث الصحيحة بأنه جعل العمال الظاهرة من اليان كقوله‪{ :‬اليان بضع وسبعون شعبة أعلها قول‬
‫ل إله إل ال وأدنا ها إما طة الذى عن الطر يق}‪{ .‬وقوله لو فد ع بد الق يس‪ :‬آمر كم بال وحده ‪ ,‬أتدرون ما‬
‫اليان بال وحده ؟ شهادة أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خس ما‬
‫غنمتم}‪ .‬ومعلوم أنه ل يرد أن هذه العمال تكون إيانا بال بدون إيان القلب ; لا قد أخب ف غي موضع أنه‬
‫ل بد من إيان القلب فعلم أن هذه مع إيان القلب هو اليان وف " السند " عن أنس عن النب صلى ال عليه‬
‫و سلم أ نه قال‪{ :‬ال سلم علن ية واليان ف القلب}‪{ .‬وقال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬إن ف ال سد مض غة إذا‬
‫صلحت صلح ل ا سائر ال سد وإذا ف سدت ف سد ل ا سائر ال سد أل و هي القلب}‪ .‬ف من صلح قل به صلح‬
‫جسده قطعا بلف العكس‪ .‬وقال سفيان بن عيينة‪ :‬كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إل بعض بؤلء‬
‫الكلمات‪ :‬من أصلح سريرته أصلح ال علنيته ‪ ,‬ومن أصلح ما بينه وبي ال أصلح ال ما بينه وبي الناس ‪,‬‬
‫و من ع مل لخر ته كفاه ال أ مر دنياه‪ .‬رواه ا بن أ ب الدن يا ف " كتاب الخلص "‪ .‬فعلم أن القلب إذا صلح‬
‫باليان ; صلح ال سد بال سلم و هو من اليان ; يدل على ذلك أ نه قال ف حد يث جبائ يل‪{ :‬هذا جب يل‬
‫جاءكم يعلمكم دينكم}‪ .‬فجعل " الدين " هو السلم واليان والحسان‪ .‬فتبي أن ديننا يمع الثلثة لكن‬
‫هو درجات ثلث‪ " :‬مسلم " ث " مؤمن " ث " مسن " كما قال تعال‪{ :‬ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من‬
‫عباد نا فمن هم ظال لنف سه ومن هم مقت صد ومن هم سابق باليات بإذن ال} والقت صد وال سابق كله ا يد خل‬
‫النة بل عقوبة بلف الظال لنفسه‪ .‬وهكذا من أتى بالسلم الظاهر مع تصديق القلب ; لكن ل يقم با يب‬
‫عليه من اليان الباطن ; فإنه معرض للوعيد كما سيأت بيانه إن شاء ال‪ .‬وأما " الحسان " فهو أعم من جهة‬
‫نف سه وأ خص من جهة أ صحابه من اليان‪ " .‬واليان " أ عم من جهة نف سه وأ خص من جهة أ صحابه من‬
‫ال سلم‪ .‬فالح سان يد خل ف يه اليان واليان يد خل ف يه ال سلم والح سنون أ خص من الؤمن ي والؤمنون‬
‫أخص من السلمي ; وهذا كما يقال‪ :‬ف " الرسالة والنبوة " فالنبوة داخلة ف الرسالة والرسالة أعم من جهة‬
‫نفسها وأخص من جهة أهلها ; فكل رسول نب وليس كل نب رسول ; فالنبياء أعم والنبوة نفسها جزء من‬
‫الرسالة فالرسالة تتناول النبوة وغيها بلف النبوة ; فإنا ل تتناول الرسالة‪ .‬والنب صلى ال عليه وسلم فسر "‬
‫ال سلم واليان " ب ا أجاب به ; ك ما ياب عن الحدود بال د إذا ق يل ما كذا ؟ ق يل‪ :‬كذا وكذا‪ .‬ك ما ف‬
‫الديث الصحيح {لا قيل‪ :‬ما الغيبة ؟ قال‪ :‬ذكرك أخاك با يكره}‪ .‬وف الديث الخر‪{ :‬الكب بطر الق‬
‫وغ مط الناس}‪ .‬وب طر ال ق‪ :‬جحده ودف عه‪ .‬وغ مط الناس‪ :‬احتقار هم وازدراؤ هم‪ .‬و سنذكر ‪ -‬إن شاء ال‬
‫تعال ‪ -‬سبب تنوع أجوبته وأنا كلها حق‪ .‬ولكن (القصود) أن قوله‪{ :‬بن السلم على خس} ; كقوله‪:‬‬
‫{السلم هو المس} كما ذكر ف حديث جبائيل ; فإن المر مركب من أجزاء تكون اليئة الجتماعية فيه‬
‫مبن ية على تلك الجزاء ومرك بة من ها ; فال سلم مب ن على هذه الركان ‪ -‬و سنبي إن شاء ال ‪ -‬اخت صاص‬
‫هذه المس بكون ا هي السلم ‪ ,‬وعليها بن السلم ‪ ,‬ول خصت بذلك دون غيها من الواجبات ؟ وقد‬
‫فسر " اليان " ف حديث وفد عبد القيس با فسر به السلم هنا لكنه ل يذكر فيه الج وهو متفق عليه‬
‫فقال‪{ :‬آمركم باليان بال وحده هل تدرون ما اليان بال وحده ؟ قالوا‪ :‬ال ورسوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬شهادة أن‬
‫ه غنمتهم أو‬
‫ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال وإقام الصهلة وإيتاء الزكاة وصهوم رمضان وأن تؤدوا خ س م ا‬
‫خسا من الغنم}‪ .‬وقد روي ف بعض طرقه‪{ :‬اليان بال وشهادة أن ل إله إل ال}‪ .‬لكن الول أشهر‪ .‬وف‬
‫رواية أب سعيد‪{ :‬آمركم بأربع وأناكم عن أربع‪ :‬اعبدوا ال ول تشركوا به شيئا}‪ .‬وقد فسر ‪ -‬ف حديث‬
‫شعب اليان ‪ -‬اليان بذا وبغيه فقال‪{ :‬اليان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها قول ل إله إل‬
‫ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق والياء شعبة من اليان}‪ .‬وثبت عنه من وجوه متعددة أنه قال‪{ :‬الياء‬
‫شعبة من اليان} من حديث ابن عمر وابن مسعود وعمران بن حصي‪ .‬وقال أيضا‪{ :‬ل يؤمن أحدكم حت‬
‫أكون أ حب إل يه من ولده ووالده والناس أجع ي}‪{ .‬وقال‪ :‬ل يؤ من أحد كم ح ت ي ب لخ يه ما ي ب‬
‫لنفسه}‪ .‬وقال‪{ :‬وال ل يؤمن وال ل يؤمن وال ل يؤمن‪ .‬قيل‪ :‬من يا رسول ال ؟ قال‪ :‬الذي ل يأمن جاره‬
‫بوائقه}‪ .‬وقال‪{ :‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف‬
‫اليان}‪ .‬وقال‪ { :‬ما ب عث ال من نب إل كان ف أم ته قوم يهتدون بد يه وي ستنون ب سنته‪ .‬ث إ نه يلف من‬
‫بعد هم خلوف يقولون ما ل يفعلون ويفعلون ما ل يؤمرون ; ف من جاهد هم بيده ف هو مؤ من و من جاهد هم‬
‫بل سانه ف هو مؤ من و من جاهد هم بقل به ف هو مؤ من ول يس وراء ذلك من اليان ح بة خردل} وهذا من إفراد‬
‫مسلم‪ .‬وكذلك ف إفراد مسلم قوله‪{ :‬والذي نفسي بيده ل تدخلون النة حت تؤمنوا ول تؤمنوا حت تابوا‬
‫أول أدلكم على شيء إذا فعلتموه تاببتم ؟‪ :‬أفشوا السلم بينكم} وقال ف الديث التفق عليه من رواية أب‬
‫هريرة ورواه البخاري من حديث ابن عباس قال ال نب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يز ن وهو‬
‫مؤمن ‪ ,‬ول يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن ‪ ,‬ول يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن ‪ ,‬ول ينتهب‬
‫النهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن}‪ .‬فيقال " اسم اليان " تارة يذكر مفردا غي مقرون باسم‬
‫السلم ول باسم العمل الصال ول غيها وتارة يذكر مقرونا ; إما بالسلم كقوله ف حديث جبائيل‪{ :‬ما‬
‫السهلم ومها اليان} ؟ وكقوله تعال‪{ :‬إن السهلمي والسهلمات والؤمنيه والؤمنات}‪ .‬وقوله عهز وجهل‪:‬‬
‫{قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬فأخرجنا من كان فيها من الؤمني}‬
‫{ف ما وجد نا في ها غ ي ب يت من ال سلمي}‪ .‬وكذلك ذ كر اليان مع الع مل ال صال ; وذلك ف موا ضع من‬
‫القرآن كقوله تعال‪{ :‬إن الذيهن آمنوا وعملوا الصهالات}‪ .‬وإمها مقرونها بالذيهن أوتوا العلم كقوله تعال‪:‬‬
‫{وقال الذين أوتوا العلم واليان} وقوله‪{ :‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}‪ .‬وحيث‬
‫ذكر الذين آمنوا فقد دخل فيهم الذين أوتوا العلم ; فإنم خيارهم قال تعال‪{ :‬والراسخون ف العلم يقولون‬
‫آمنا به كل من عند ربنا}‪ .‬وقال‪{ :‬لكن الراسخون ف العلم منهم والؤمنون يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل‬
‫من قبلك}‪ .‬ويذ كر أي ضا ل فظ الؤمن ي مقرو نا بالذ ين هادوا والن صارى وال صابئي ث يقول‪ { :‬من آ من بال‬
‫واليوم ال خر وع مل صالا فل هم أجر هم ع ند رب م ول خوف علي هم ول هم يزنون} فالؤمنون ف ابتداء‬
‫الطاب غي الثلثة ‪ ,‬واليان الخر عمهم ; كما عمهم ف قوله‪{ :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالات أولئك‬
‫هم خي البية}‪ .‬وسنبسط هذا إن شاء ال تعال‪( .‬فالقصود هنا) العموم والصوص بالنسبة إل ما ف الباطن‬
‫والظا هر من اليان‪ .‬وأ ما العموم بالن سبة إل اللل ; فتلك " م سألة أخرى "‪ .‬فل ما ذ كر اليان مع ال سلم ;‬
‫جعل السلم هو العمال الظاهرة‪ :‬الشهادتان والصلة والزكاة والصيام والج‪ .‬وجعل اليان ما ف القلب من‬
‫اليان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر‪ .‬وهكذا ف الديث الذي رواه أحد عن أنس عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬السلم علنية واليان ف القلب}‪ .‬وإذا ذكر اسم اليان مردا ; دخل فيه السلم‬
‫والعمال الصالة كقوله ف حديث الشعب‪{ :‬اليان بضع وسبعون شعبة أعلها قول ل إله إل ال وأدناها‬
‫إماطة الذى عن الطريق}‪ .‬وكذلك سائر الحاديث الت يعل فيها أعمال الب من اليان‪ .‬ث إن نفي " اليان‬
‫" عند عدمها ; دل على أنا واجبة وإن ذكر فضل إيان صاحبها ‪ -‬ول ينف إيانه ‪ -‬دل على أنا مستحبة ;‬
‫فإن ال و رسوله ل ينفي اسم مسمى أمر ‪ -‬أمر ال به ورسوله ‪ -‬إل إذا ترك بعض واجباته كقوله‪{ :‬ل صلة‬
‫إل بأم القرآن}‪ .‬وقوله‪{ :‬ل إيان ل ن ل أما نة له ‪ ,‬ول د ين ل ن ل ع هد له} ون و ذلك فأ ما إذا كان الف عل‬
‫م ستحبا ف " العبادة " ل ينف ها لنتفاء ال ستحب فإن هذا لو جاز ; لاز أن ين في عن جهور الؤمن ي ا سم‬
‫اليان والصلة والزكاة والج ; لنه ما من عمل إل وغيه أفضل منه وليس أحد يفعل أفعال الب مثل ما فعلها‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ; بل ول أبو بكر ول عمر‪ .‬فلو كان من ل يأت بكمالا الستحب يوز نفيها عنه ;‬
‫لاز أن ين فى عن جهور ال سلمي من الول ي والخر ين ‪ ,‬وهذا ل يقوله عا قل‪ .‬ف من قال‪ :‬إن الن في هو‬
‫الكمال فإن أراد أ نه ن في " الكمال الوا جب " الذي يذم تار كه ويتعرض للعقو بة ; ف قد صدق‪ .‬وإن أراد أ نه‬
‫نفي " الكمال الستحب " فهذا ل يقع قط ف كلم ال ورسوله ول يوز أن يقع فإن من فعل الواجب كما‬
‫و جب عل يه ول ينت قص من واج به شيئا ; ل ي ز أن يقال‪ :‬ما فعله ل حقي قة ول مازا‪ .‬فإذا {قال للعرا ب‬
‫السيء ف صلته‪ :‬ارجع فصل فإنك ل تصل}‪{ .‬وقال لن صلى خلف الصف ‪ -‬وقد أمره بالعادة‪ :‬ل صلة‬
‫لفهذ خلف الصهف} كان لترك واجهب‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ :‬إناه الؤمنون الذيهن آمنوا بال ورسهوله ثه ل‬
‫يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} يبي أن الهاد واجب وترك الرتياب‬
‫وا جب‪ .‬والهاد ‪ -‬وإن كان فر ضا على الكفا ية ‪ -‬فجم يع الؤمن ي ياطبون به ابتداء فعلي هم كل هم اعتقاد‬
‫وجوبه والعزم على فعله إذا تعي ; ولذا {قال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬من مات ول يغز ول يدث نفسه‬
‫بغزو مات على شعبة نفاق} رواه مسلم‪ .‬فأخب أنه من ل يهم به ; كان على شعبة نفاق‪ " .‬وأيضا " فالهاد‬
‫جنس تته أنواع متعددة ول بد أن يب على الؤمن نوع من أنواعه‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬إنا الؤمنون الذين إذا‬
‫ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا وعلى ربم يتوكلون} {الذين يقيمون الصلة وما‬
‫رزقنا هم ينفقون} {أولئك هم الؤمنون حقها}‪ .‬هذا كله واجهب ; فإن التو كل على ال وا جب من أعظهم‬
‫الواجبات كما أن الخلص ل واجب وحب ال ورسوله واجب‪ .‬وقد أمر ال بالتوكل ف غي آية أعظم ما‬
‫أمر بالوضوء والغسل من النابة ونى عن التوكل على غي ال قال تعال‪{ :‬فاعبده وتوكل عليه}‪ .‬وقال تعال‪:‬‬
‫{ال ل إله إل هو وعلى ال فليتو كل الؤمنون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬إن ين صركم ال فل غالب ل كم وإن يذل كم‬
‫ف من ذا الذي ين صركم من بعده وعلى ال فليتو كل الؤمنون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وقال مو سى يا قوم إن كن تم‬
‫آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتم م سلمي}‪ .‬وأما قوله‪{ :‬الذ ين إذا ذكر ال وجلت قلوب م وإذا تليت عليهم‬
‫آيا ته زادت م إيا نا}‪ .‬فيقال‪ :‬من أحوال القلب وأعماله ما يكون من لوازم اليان الثاب تة ف يه ب يث إذا كان‬
‫النسان مؤمنا ; لزم ذلك بغي قصد منه ول تعمد له وإذا ل يوجد ; دل على أن اليان الواجب ل يصل ف‬
‫القلب وهذا كقوله تعال‪{ :‬ل تده قومها يؤمنون بال واليوم الخهر يوادون مهن حاد ال ورسهوله ولو كانوا‬
‫آباءهم أو أبناءهم أو إخوانم أو عشيتم أولئك كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه}‪ .‬فأخب أنك ل‬
‫ت د مؤم نا يواد الحاد ين ل ور سوله فإن ن فس اليان ينا ف مواد ته ك ما ين في أ حد الضد ين ال خر فإذا و جد‬
‫اليان انت فى ضده و هو موالة أعداء ال فإذا كان الر جل يوال أعداء ال بقل به ; كان ذلك دليل على أن قل به‬
‫ليس فيه اليان الواجب‪ .‬ومثله قوله تعال ف ال ية الخرى‪{ :‬ترى كثيا منهم يتولون الذ ين كفروا لبئس ما‬
‫قدمت لم أنفسهم أن سخط ال عليهم وف العذاب هم خالدون} {ولو كانوا يؤمنون بال والنب وما أنزل‬
‫إليه ما اتذوهم أولياء ولكن كثيا منهم فاسقون}‪ .‬فذكر " جلة شرطية " تقتضي أنه إذا وجد الشرط وجد‬
‫الشروط برف " لو " ال ت تقت ضي مع الشرط انتفاء الشروط فقال‪{ :‬ولو كانوا يؤمنون بال وال نب و ما أنزل‬
‫إليه ما اتذوهم أولياء}‪ .‬فدل على أن اليان الذكور ينفي اتاذهم أولياء ويضاده ول يتمع اليان واتاذهم‬
‫أولياء ف القلب‪ .‬ودل ذلك على أن من اتذهم أولياء ; ما فعل اليان الواجب من اليان بال والنب وما أنزل‬
‫إليه‪ .‬ومثله قوله تعال‪{ :‬ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولم منكم فإنه منهم}‪.‬‬
‫فإنه أخب ف تلك اليات أن متوليهم ل يكون مؤمنا‪ .‬وأخب هنا أن متوليهم هو منهم ; فالقرآن يصدق بعضه‬
‫بع ضا‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬ال نزل أح سن الد يث كتا با متشاب ا مثا ن تقش عر م نه جلود الذ ين يشون رب م}‬
‫ال ية‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬إن ا الؤمنون الذ ين آمنوا بال ور سوله وإذا كانوا م عه على أ مر جا مع ل يذهبوا ح ت‬
‫يستأذنوه}‪ :‬دليل على أن الذهاب الذكور بدون استئذانه ل يوز وأنه يب أن ل يذهب حت يستأذن فمن‬
‫ذهب ول يستأذن كان قد ترك بعض ما يب عليه من اليان ; فلهذا نفى عنه اليان فإن حرف " إنا " تدل‬
‫على إثبات الذكور ونفي غيه‪ .‬ومن الصوليي من يقول‪ :‬إن " إن " للثبات و " ما " للنفي فإذا جع بينهما‬
‫دلت على النفي والثبات وليس كذلك عند أهل العربية ومن يتكلم ف ذلك بعلم ‪ ,‬فإن " ما " هذه هي الكافة‬
‫الت تدخل على إن وأخواتا فتكفها عن العمل ; لنا إنا تعمل إذا اختصت بالمل السية فلما كفت بطل‬
‫عمل ها واخت صاصها ف صار يلي ها ال مل الفعل ية وال سية ; فتغ ي معنا ها وعمل ها جي عا بانضمام " ما " إلي ها‬
‫وكذلك " كأنا " وغيها‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ :‬ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من‬
‫ب عد ذلك و ما أولئك بالؤمن ي} {وإذا دعوا إل ال ور سوله ليح كم بين هم إذا فر يق من هم معرضون} {وإن‬
‫ي كن ل م ال ق يأتوا إل يه مذعن ي} {أ ف قلوب م مرض أم ارتابوا أم يافون أن ي يف ال علي هم ور سوله بل‬
‫أولئك هم الظالون} {إن ا كان قول الؤمن ي إذا دعوا إل ال ور سوله ليح كم بين هم أن يقولوا سعنا وأطع نا‬
‫وأولئك هم الفلحون}‪ .‬فإن ق يل‪ :‬إذا كان الؤ من ح قا هو الفا عل للواجبات التارك للمحرمات‪ :‬ف قد قال‪:‬‬
‫{أولئك هم الؤمنون ح قا} ول يذ كر إل خ سة أشياء‪ .‬وكذلك قال ف ال ية الخرى‪{ :‬إن ا الؤمنون الذ ين‬
‫آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون}‪ .‬وكذلك قوله‪:‬‬
‫{إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بال ورسوله}‪ .‬قيل عن هذا جوابان‪( :‬أحدها)‪ :‬أن يكون ما ذكر‬
‫مستلزما لا ترك ; فإنه ذكر وجل قلوبم إذا ذكر ال ‪ ,‬وزيادة إيانم إذا تليت عليهم آياته مع التوكل عليه‬
‫ه وظاهرا ‪ ,‬وكذلك النفاق مهن الال والنافهع ; فكان هذا مسهتلزما‬ ‫وإقام الصهلة على الوجهه الأمور بهه باطن ا‬
‫للباقي ; فإن وجل القلب عند ذكر ال يقتضي خشيته والوف منه‪ .‬وقد فسروا (وجلت) بفرقت‪ .‬وف قراءة‬
‫ا بن م سعود‪( :‬إذا ذ كر ال فر قت قلوب م)‪ .‬وهذا صحيح ; فإن " الو جل ف الل غة " هو الوف يقال‪ :‬حرة‬
‫الجل وصفرة الوجل‪ .‬ومنه قوله تعال‪{ :‬والذين يؤتون ما آتوا وقلوبم وجلة أنم إل ربم راجعون} {قالت‬
‫عائشة‪ :‬يا رسول ال ! هو الرجل يزن ويسرق وياف أن يعاقب ؟ قال‪ :‬ل يا ابنة الصديق ! هو الرجل يصلي‬
‫ويصوم ويتصدق وياف أن ل يقبل منه}‪ .‬وقال السدي ف قوله تعال‪{ :‬الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم}‪:‬‬
‫هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بعصية فينع عنه‪ .‬وهذا كقوله تعال‪{ :‬وأما من خاف مقام ربه ونى النفس‬
‫عن الوى} {فإن النة هي الأوى} وقوله‪{ :‬ولن خاف مقام ربه جنتان}‪ .‬قال ماهد وغيه من الفسرين‪:‬‬
‫هو الرجل يهم بالعصية فيذكر مقامه بي يدي ال ; فيتركها خوفا من ال‪ .‬وإذا كان " وجل القلب من ذكره‬
‫" يتضمن خشيته ومافته ; فذلك يدعو صاحبه إل فعل الأمور وترك الحظور‪ .‬قال سهل بن عبد ال‪ :‬ليس بي‬
‫الع بد وب ي ال حجاب أغلظ من الدعوى ‪ ,‬ول طر يق إل يه أقرب من الفتقار ‪ ,‬وأ صل كل خ ي ف الدن يا‬
‫والخرة الوف مهن ال‪ .‬ويدل على ذلك قوله تعال‪{ :‬ولاه سهكت عهن موسهى الغضهب أخهذ اللواح وفه‬
‫نسهختها هدى ورحةه للذيهن ههم لربمه يرهبون}‪ .‬فأخهب أن الدى والرحةه للذيهن يرهبون ال‪ .‬قال ماههد‬
‫وإبراهيم‪ :‬هو الرجل يريد أن يذنب الذنب فيذكر مقام ال فيدع الذنب‪ .‬رواه ابن أب الدنيا عن ابن العد عن‬
‫شعبة عن منصور عنهما ف قوله تعال‪{ :‬ولن خاف مقام ربه جنتان}‪ .‬وهؤلء هم أهل الفلح الذكورون ف‬
‫قوله تعال‪{ :‬أولئك على هدى مهن ربمه وأولئك ههم الفلحون}‪ .‬وههم " الؤمنون " وههم " التقون "‬
‫الذكورون ف قوله تعال‪{ :‬ال} {ذلك الكتاب ل ر يب ف يه هدى للمتق ي} ك ما قال ف آ ية الب‪{ :‬أولئك‬
‫الذ ين صدقوا وأولئك هم التقون}‪ .‬وهؤلء هم التبعون للكتاب ك ما ف قوله تعال‪{ :‬ف من ات بع هداي فل‬
‫يضل ول يشقى}‪ .‬وإذا ل يضل فهو متبع مهتد وإذا ل يشق فهو مرحوم‪ .‬وهؤلء هم أهل الصراط الستقيم‬
‫الذين أنعم ال عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي غي الغضوب عليهم ول الضالي‪ .‬فإن أهل‬
‫الرحة ليسوا مغضوبا علي هم‪ .‬وأ هل الدى ليسوا ضال ي فتبي أن أهل رهبة ال يكونون متق ي ل مستحقي‬
‫لنته بل عذاب‪ .‬وهؤلء هم الذين أتوا باليان الواجب‪ .‬وما يدل على هذا العن قوله تعال‪{ :‬إنا يشى ال‬
‫من عباده العلماء} والع ن أ نه ل يشاه إل عال ; ف قد أ خب ال أن كل من خ شي ال ف هو عال ك ما قال ف‬
‫الية الخرى‪{ :‬أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة ويرجو رحة ربه قل هل يستوي الذين‬
‫يعلمون والذين ل يعلمون}‪ .‬والشية أبدا متضمنة للرجاء ولول ذلك لكانت قنوطا ; كما أن الرجاء يستلزم‬
‫الوف ولول ذلك لكان أم نا ; فأ هل الوف ل والرجاء له هم أ هل العلم الذ ين مدح هم ال‪ .‬و قد روي عن‬
‫أ ب حيان التي مي أ نه قال‪ " :‬العلماء ثل ثة "‪ .‬فعال بال ل يس عال ا بأ مر ال ‪ ,‬وعال بأ مر ال ل يس عال ا بال ‪,‬‬
‫وعال بال عال بأمر ال‪ .‬فالعال بال هو الذي يافه والعال بأمر ال هو الذي يعلم أمره ونيه‪ .‬وف " الصحيح‬
‫" عن ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه قال‪{ :‬وال إ ن لر جو أن أكون أخشا كم ل وأعلم كم بدوده}‪ .‬وإذا‬
‫كان أ هل الش ية هم العلماء المدوحون ف الكتاب وال سنة ل يكونوا م ستحقي للذم وذلك ل يكون إل مع‬
‫فعل الواجبات ويدل عليه قوله تعال‪{ :‬فأوحى إليهم ربم لنهلكن الظالي} {ولنسكننكم الرض من بعدهم‪.‬‬
‫ذلك ل ن خاف مقا مي وخاف وع يد}‪ .‬وقوله‪{ :‬ول ن خاف مقام ر به جنتان}‪ .‬فو عد بن صر الدن يا وبثواب‬
‫الخرة ل هل الوف وذلك إن ا يكون لن م أدوا الوا جب فدل على أن الوف ي ستلزم ف عل الوا جب ; ولذا‬
‫يقال للفا جر‪ :‬ل ياف ال‪ .‬ويدل على هذا العن قوله تعال‪{ :‬إنا التوبة على ال للذ ين يعملون ال سوء بهالة‬
‫ث يتوبون من قريب}‪ .‬قال أبو العالية‪ :‬سألت أصحاب ممد عن هذه الية فقالوا ل‪ :‬كل من عصى ال فهو‬
‫جاهل وكل من تاب قبل الوت فقد تاب من قريب وكذلك قال سائر الفسرين‪ ..‬قال ماهد‪ :‬كل عاص فهو‬
‫جاهل حي معصيته وقال السن وقتادة وعطاء والسدي وغيهم‪ :‬إنا سوا جهال لعاصيهم ل أنم غي ميزين‪.‬‬
‫وقال الزجاج‪ :‬ليس معن الية أنم يهلون أنه سوء ; لن السلم لو أتى ما يهله كان كمن ل يواقع سوءا ;‬
‫وإنا يتمل أمرين‪( .‬أحدها)‪ :‬أنم عملوه وهم يهلون الكروه فيه‪ .‬والثان‪ :‬أنم أقدموا على بصية وعلم بأن‬
‫عاقبته مكروهة وآثروا العاجل على الجل ; فسموا جهال ليثارهم القليل على الراحة الكثية والعافية الدائمة‪.‬‬
‫ف قد ج عل الزجاج " ال هل " إ ما عدم العلم بعاق بة الف عل وإ ما ف ساد الرادة ; و قد يقال‪ :‬ه ا متلزمان وهذا‬
‫مبسوط ف الكلم مع الهمية‪ .‬والقصود هنا أن كل عاص ل فهو جاهل ‪ ,‬وكل خائف منه فهو عال مطيع‬
‫ل ; وإنا يكون جاهل لنقص خوفه من ال إذ لو ت خوفه من ال ل يعص‪ .‬ومنه قول ابن مسعود رضي ال‬
‫عنه‪ :‬كفى بشية ال علما وكفى بالغترار بال جهل‪ .‬وذلك لن تصور الخوف يوجب الرب منه وتصور‬
‫الحبوب يوجب طلبه فإذا ل يهرب من هذا ول يطلب هذا ; دل على أنه ل يتصوره تصورا تاما ; ولكن قد‬
‫يتصور الب عنه ‪ ,‬وتصور الب وتصديقه وحفظ حروفه غي تصور الخب عنه‪ .‬وكذلك إذا ل يكن التصور‬
‫مبو با له ول مكرو ها ; فإن الن سان ي صدق ب ا هو موف على غيه ومبوب لغيه ول يور ثه ذلك هر با ول‬
‫طلبا‪ .‬وكذلك إذا أخب با هو مبوب له ومكروه ول يكذب الخب بل عرف صدقه ; لكن قلبه مشغول بأمور‬
‫أخرى عن ت صور ما أ خب به ; فهذا ل يتحرك للهرب ول للطلب‪ .‬و ف الكلم العروف عن ال سن الب صري‬
‫ويروى مر سل عن ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬العلم علمان فعلم ف القلب وعلم على الل سان‪ .‬فعلم القلب‬
‫هو العلم النافع ; وعلم اللسان حجة ال على عباده}‪ .‬وقد أخرجا ف " الصحيحي " عن أب موسى عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬مثل الؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الترجة طعمها طيب وريها طيب‪ .‬ومثل‬
‫الؤ من الذي ل يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ول ريح لا‪ .‬ومثل النا فق الذي يقرأ القرآن مثل الريانة‬
‫ريها طيب وطعمها مر ومثل النافق الذي ل يقرأ القرآن مثل النظلة طعمها مر ول ريح لا}‪ .‬وهذا النافق‬
‫الذي يقرأ القرآن يفظه ويتصور معانيه وقد يصدق أنه كلم ال وأن الرسول حق‪ .‬ول يكون مؤمنا‪ .‬كما أن‬
‫اليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وليسوا مؤمني وكذلك إبليس وفرعون وغيها‪ .‬لكن من كان كذلك ;‬
‫ل ي كن ح صل له العلم التام والعر فة التا مة فإن ذلك ي ستلزم الع مل بوج به ل مالة ; ولذا صار يقال ل ن ل‬
‫يعمل بعلمه‪ :‬إنه جاهل كما تقدم‪ .‬وكذلك لفظ " العقل " ‪ -‬وإن كان هو ف الصل‪ :‬مصدر عقل يعقل عقل‬
‫وكثي من النظار جعله من جنس العلوم ‪ -‬فل بد أن يعتب مع ذلك أنه علم يعمل بوجبه فل يسمى " عاقل "‬
‫إل من عرف الي فطلبه والشر فتركه ; ولذا قال أصحاب النار‪{ :‬لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا ف أصحاب‬
‫السعي}‪ .‬وقال عن النافقي‪{ :‬تسبهم جيعا وقلوبم شت ذلك بأنم قوم ل يعقلون}‪ .‬ومن فعل ما يعلم أنه‬
‫يضره ; فم ثل هذا ما له ع قل‪ .‬فك ما أن الوف من ال ي ستلزم العلم به ; فالعلم به ي ستلزم خشي ته وخشي ته‬
‫تستلزم طاعته‪ .‬فالائف من ال متثل لوامره متنب لنواهيه وهذا هو الذي قصدنا بيانه أول‪ .‬ويدل على ذلك‬
‫أيضا قوله تعال‪{ :‬فذكر إن نفعت الذكرى} {سيذكر من يشى} {ويتجنبها الشقى} {الذي يصلى النار‬
‫ال كبى}‪ .‬فأ خب أن من يشاه يتذ كر ‪ ,‬والتذ كر ه نا م ستلزم لعباد ته قال ال تعال‪ { :‬هو الذي يري كم آيا ته‬
‫وينل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إل من ينيب}‪ .‬وقال‪{ :‬تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}‪ .‬ولذا قالوا‬
‫ف قوله {سيذكر من يشى}‪ :‬سيتعظ بالقرآن من يشى ال‪ .‬وف قوله {وما يتذكر إل من ينيب}‪ :‬إنا يتعظ‬
‫من يرجع إل الطاعة‪ .‬وهذا لن التذكر التام يستلزم التأثر با تذكره ; فإن تذكر مبوبا طلبه وإن تذكر مرهوبا‬
‫هرب م نه وم نه قوله تعال‪ { :‬سواء علي هم أأنذرت م أم ل تنذر هم ل يؤمنون}‪ .‬وقال سبحانه‪{ :‬إن ا تنذر من‬
‫ات بع الذ كر وخ شي الرح ن بالغ يب}‪ .‬فن فى النذار عن غ ي هؤلء مع قوله‪ { :‬سواء علي هم أأنذرت م أم ل‬
‫تنذر هم ل يؤمنون}‪ .‬فأث بت ل م النذار من و جه ونفاه عن هم من و جه ; فإن النذار هو العلم بالخوف‪.‬‬
‫فالنذار م ثل التعل يم والتخو يف ف من علم ته فتعلم ف قد ت تعلي مه وآ خر يقول‪ :‬علم ته فلم يتعلم‪ .‬وكذلك من‬
‫خوف ته فخاف فهذا هو الذي ت توي فه‪ .‬وأ ما من خوف ف ما خاف ; فلم ي تم توي فه‪ .‬وكذلك من هدي ته‬
‫فاهتدى ; ت هداه ومنه قوله تعال‪{ :‬هدى للمتقي}‪ .‬ومن هديته فلم يهتد ‪ -‬كما قال‪{ :‬وأما ثود فهديناهم‬
‫فا ستحبوا الع مى على الدى} ‪ -‬فلم ي تم هداه ك ما تقول‪ :‬قطع ته فانق طع وقطع ته ف ما انق طع‪ .‬فالؤ ثر التام‬
‫ي ستلزم أثره‪ :‬فم ت ل ي صل أثره ل ي كن تا ما والف عل إذا صادف مل قابل ت وإل ل ي تم‪ .‬والعلم بالحبوب‬
‫يورث طل به والعلم بالكروه يورث تر كه ; ولذا ي سمى هذا العلم‪ :‬الدا عي ويقال‪ :‬الدا عي مع القدرة ي ستلزم‬
‫وجود القدور ‪ ,‬وههو العلم بالطلوب السهتلزم لرادة العلوم الراد ‪ ,‬وهذا كله إناه يصهل مهع صهحة الفطرة‬
‫و سلمتها وأ ما مع ف سادها ف قد ي س الن سان باللذ يذ فل ي د له لذة بل يؤل ه ‪ ,‬وكذلك يل تذ بالؤل لف ساد‬
‫الفطرة ‪ ,‬والف ساد يتناول القوة العلم ية والقوة العمل ية جي عا كالمرور الذي ي د الع سل مرا‪ :‬فإ نه ف سد ن فس‬
‫إح ساسه ح ت كان ي س به على خلف ما هو عل يه للمرة ال ت مازج ته وكذلك من ف سد باط نه قال تعال‪:‬‬
‫{وما يشعركم أنا إذا جاءت ل يؤمنون} {ونقلب أفئدتم وأبصارهم كما ل يؤمنوا به أول مرة ونذرهم ف‬
‫طغيانم يعمهون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬فلما زاغوا أزاغ ال قلوبم}‪ .‬وقال‪{ :‬وقولم قلوبنا غلف بل طبع ال عليها‬
‫بكفر هم}‪ .‬وقال ف ال ية الخرى‪{ :‬وقالوا قلوب نا غلف بل لعن هم ال بكفر هم}‪ .‬و " الغلف "‪ :‬ج ع أغلف‬
‫وهو ذو الغلف الذي ف غلف مثل القلف كأنم جعلوا الانع خلقة أي خلقت القلوب وعليها أغطية فقال‬
‫ال تعال‪{ :‬بل لعنهم ال بكفرهم} و {طبع ال عليها بكفرهم فل يؤمنون إل قليل}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ومنهم‬
‫من ي ستمع إل يك ح ت إذا خرجوا من عندك قالوا للذ ين أوتوا العلم‪ :‬ماذا قال آن فا أولئك الذ ين ط بع ال على‬
‫قلوبم واتبعوا أهواء هم}‪ .‬وكذلك قالوا‪{ :‬يا شعيب ما نفقه كثيا ما تقول} قال‪{ :‬ولو علم ال فيهم خيا‬
‫لسعهم} أي لفهمهم ما سعوه‪ .‬ث قال‪ :‬ولو أفهمهم مع هذه الال الت هم عليها {لتولوا وهم معرضون}‬
‫ف قد ف سدت فطرت م فلم يفهموا ولو فهموا ل يعملوا‪ .‬فن فى عن هم صحة القوة العلم ية و صحة القوة العمل ية‬
‫وقال‪{ :‬أم ت سب أن أكثر هم ي سمعون أو يعقلون إن هم إل كالنعام بل هم أ ضل سبيل}‪ .‬وقال‪{ :‬ول قد‬
‫ذرأنا لهنم كثيا من الن والنس لم قلوب ل يفقهون با ولم أعي ل يبصرون با ولم آذان ل يسمعون‬
‫ب ا أولئك كالنعام بل هم أ ضل أولئك هم الغافلون}‪ .‬وقال‪{ :‬وم ثل الذ ين كفروا كم ثل الذي ين عق ب ا ل‬
‫يسمع إل دعاء ونداء صم بكم عمي فهم ل يعقلون} وقال عن النافقي‪{ :‬صم بكم عمي فهم ل يرجعون}‪.‬‬
‫ومن الناس من يقول‪ :‬لا ل ينتفعوا بالسمع والبصر والنطق ; جعلوا صما بكما عميا أو لا أعرضوا عن السمع‬
‫والبصر والنطق صاروا كالصم العمي البكم وليس كذلك ; بل نفس قلوبم عميت وصمت وبكمت كما قال‬
‫ال تعال‪{ :‬فإن ا ل تع مى الب صار ول كن تع مى القلوب ال ت ف ال صدور} " والقلب " هو اللك والعضاء‬
‫جنوده وإذا صلح صلح سائر ال سد وإذا ف سد ف سد سائر ال سد فيب قى ي سمع بالذن ال صوت ك ما ت سمع‬
‫البهائم ‪ ,‬والعن‪ :‬ل يفقهه وإن فقه بعض الفقه ل يفقه فقها تاما فإن الفقه التام يستلزم تأثيه ف القلب مبة‬
‫الحبوب وب غض الكروه ; فم ت ل ي صل هذا ل ي كن الت صور التام حا صل فجاز نف يه لن ما ل ي تم ين فى‬
‫كقوله للذي أساء ف صلته‪{ :‬صل فإنك ل تصل}‪ .‬فنفى اليان حيث نفى من هذا الباب‪ .‬وقد جع ال بي‬
‫وصفهم بوجل القلب إذا ذكر وبزيادة اليان إذا سعوا آياته‪ .‬قال الضحاك‪ :‬زادتم يقينا‪ .‬وقال الربيع بن أنس‪:‬‬
‫خشية‪ .‬وعن ابن عباس تصديقا‪ .‬وهكذا قد ذكر ال هذين الصلي ف مواضع قال تعال‪{ :‬أل يأن للذين آمنوا‬
‫أن ت شع قلوب م لذ كر ال و ما نزل من ال ق ول يكونوا كالذ ين أوتوا الكتاب من ق بل فطال علي هم ال مد‬
‫فقست قلوبم وكثي منهم فاسقون}‪ .‬و " الشوع " يتضمن معنيي‪( :‬أحدها)‪ :‬التواضع والذل‪( .‬والثان)‪:‬‬
‫السكون والطمأنينة وذلك مستلزم للي القلب الناف للقسوة ; فخشوع القلب يتضمن عبوديته ل وطمأنينته‬
‫أيضا ولذا كان الشوع ف الصلة يتضمن هذا وهذا‪ :‬التواضع والسكون‪ .‬وعن ابن عباس ف قوله‪{ :‬الذين‬
‫هم ف صلتم خاشعون}‪ .‬قال‪ :‬مبتون أذلء‪ .‬وعن السن وقتادة‪ :‬خائفون‪ .‬وعن مقاتل‪ :‬متواضعون‪ .‬وعن‬
‫علي‪ :‬الشوع ف القلب وأن تل ي للمرء ال سلم كن فك ول تلت فت يي نا ول شال‪ :‬وقال ما هد‪ :‬غض الب صر‬
‫وخ فض الناح وكان الر جل من العلماء إذا قام إل ال صلة يهاب الرح ن أن ي شد ب صره أو أن يدث نف سه‬
‫بشيء من أمر الدنيا‪ .‬وعن عمرو بن دينار‪ :‬ليس الشوع الركوع والسجود ; ولكنه السكون وحب حسن‬
‫اليئة ف ال صلة‪ .‬و عن ا بن سيين وغيه‪{ :‬كان ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه يرفعون أب صارهم ف‬
‫الصهلة إل السهماء وينظرون يينها وشال حته نزلت هذه‪{ :‬قهد أفلح الؤمنون} {الذيهن ههم فه صهلتم‬
‫خاشعون} ال ية‪ .‬فجعلوا ب عد ذلك أب صارهم ح يث ي سجدون و ما رئي أ حد من هم ب عد ذلك ين ظر إل إل‬
‫الرض‪ }.‬وعن عطاء‪ :‬هو أن ل تعبث بشيء من جسدك وأنت ف الصلة‪{ .‬وأبصر النب صلى ال عليه وسلم‬
‫رجل يعبث بلحيته ف الصلة فقال‪ :‬لو خشع قلب هذا لشعت جوارحه}‪ .‬ولفظ " الشوع " ‪ -‬إن شاء ال‬
‫‪ -‬يبسط ف موضع آخر‪ .‬و " خشوع السد " تبع لشوع القلب إذا ل يكن الرجل مرائيا يظهر ما ليس ف‬
‫قل به ك ما روي‪{ :‬تعوذوا بال من خشوع النفاق} و هو أن يرى ال سد خاش عا والقلب خال يا له يا‪ .‬ف هو‬
‫سبحانه استبطأ الؤمني بقوله‪{ :‬أل يأن للذين آمنوا أن تشع قلوبم لذكر ال وما نزل من الق} فدعاهم إل‬
‫خشوع القلب لذكره وما نزل من كتابه وناهم أن يكونوا كالذين طال عليهم المد فقست قلوبم وهؤلء‬
‫هم الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا‪ .‬وكذلك قال ف الية الخرى‪{ :‬ال‬
‫نزل أحسن الديث كتابا متشابا مثان تقشعر منه جلود الذين يشون ربم ث تلي جلودهم وقلوبم إل ذكر‬
‫ال}‪ .‬والذين يشون ربم هم الذين إذا ذكر ال تعال وجلت قلوبم‪ .‬فإن قيل‪ :‬فخشوع القلب لذكر ال وما‬
‫نزل من ال ق وا جب‪ .‬ق يل‪ :‬ن عم ل كن الناس ف يه على ق سمي‪ " :‬مقت صد " " و سابق " فال سابقون يت صون‬
‫بالستحبات والقتصدون البرار‪ :‬هم عموم الؤمني الستحقي للجنة ومن ل يكن من هؤلء ول هؤلء ; فهو‬
‫ظال لنفسه‪ .‬وف الديث الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬اللهم إن أعوذ بك من علم ل ينفع وقلب‬
‫ل يشع ونفس ل تشبع ودعاء ل يسمع}‪ .‬وقد ذم ال " قسوة القلوب " النافية للخشوع ف غي موضع فقال‬
‫تعال‪{ :‬ث قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالجارة أو أشد قسوة}‪ .‬قال الزجاج‪ :‬قست ف اللغة‪ :‬غلظت‬
‫ويبست وعسيت‪ .‬فقسوة القلب ذهاب اللي والرحة والشوع منه والقاسي والعاسي‪ :‬الشديد الصلبة‪ .‬وقال‬
‫ابن قتيبة‪ :‬قست وعست وعتت‪ .‬أي يبست‪ .‬وقوة القلب الحمودة غي قسوته الذمومة فإنه ينبغي أن يكون‬
‫قويا من غي عنف ولينا من غي ضعف‪ .‬وف الثر‪{ :‬القلوب آنية ال ف أرضه فأحبها إل ال أصلبها وأرقها‬
‫وأصفاها}‪ .‬وهذا كاليد فإنا قوية لينة بلف ما يقسو من العقب فإنه يابس ل لي فيه وإن كان فيه قوة‪ .‬وهو‬
‫سبحانه ذكر وجل القلب من ذكره ث ذكر زيادة اليان عند تلوة كتابه علما وعمل‪ .‬ث ل بد من التوكل‬
‫على ال في ما ل يقدر عل يه و من طاع ته في ما يقدر عل يه وأ صل ذلك " ال صلة " و " الزكاة "‪ .‬ف من قام بذه‬
‫المس كما أمر لزم أن يأت بسائر الواجبات‪ .‬بل " الصلة نفسها " إذا فعلها كما أمر فهي تنهى عن الفحشاء‬
‫والنكر ; كما روي عن ابن مسعود وابن عباس‪ :‬إن ف الصلة منتهى ومزدجرا عن معاصي ال فمن ل تنهه‬
‫صلته عن الفحشاء والنكر ل يزدد بصلته من ال إل بعدا "‪ .‬وقوله‪ " :‬ل يزدد إل بعدا " إذا كان ما ترك من‬
‫الواجب منها أعظم ما فعله ‪ ,‬أبعده ترك الواجب الكثر من ال أكثر ما قربه فعل الواجب القل ‪ ,‬وهذا كما‬
‫ف " الصحيح " {عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪ :‬تلك صلة النافق ‪ ,‬تلك صلة النافق ‪ ,‬تلك صلة‬
‫النافق ‪ ,‬يرقب الشمس حت إذا كانت بي قرن شيطان قام فنقر أربعا ل يذكر ال فيها إل قليل}‪ .‬وقد قال‬
‫تعال‪{ :‬إن النافقي يادعون ال وهو خادعهم وإذا قاموا إل الصلة قاموا كسال يراءون الناس ول يذكرون‬
‫ال إل قليل}‪ .‬وف السنن عن عمار {عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪ :‬إن العبد لينصرف من صلته ول‬
‫يكتب له منها إل نصفها ‪ ,‬إل ثلثها‪ ..‬حت قال‪ :‬إل عشرها} وعن ابن عباس قال‪ :‬ليس لك من صلتك إل ما‬
‫عقلت منها‪ .‬وهذا وإن ل يؤمر بإعادة الصلة عند أكثر العلماء لكن يؤمر بأن يأت من التطوعات با يب نقص‬
‫فر ضه‪ .‬ومعلوم أن من حا فظ على ال صلوات بشوع ها البا طن وأعمال ا الظاهرة وكان ي شى ال الش ية ال ت‬
‫أمره با ; فإنه يأت بالواجبات ; ول يأت كبية‪ .‬ومن أتى الكبائر ‪ -‬مثل الزنا أو السرقة أو شرب المر ; وغي‬
‫ذلك ‪ -‬فل بد أن يذهب ما ف قلبه من تلك الشية والشوع والنور ; وإن بقي أصل التصديق ف قلبه‪ .‬وهذا‬
‫من " اليان " الذي ينع منه عند فعل الكبية كما قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن‬
‫وهو مؤمن ول يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن}‪ .‬فإن " التقي " كما وصفهم ال بقوله‪{ :‬إن الذين‬
‫اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} فإذا طاف بقلوبم طائف من الشيطان تذكروا‬
‫فيبصرون‪ .‬قال سعيد بن جبي‪ :‬هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر ال ; فيكظم الغيظ‪ .‬وقال ليث عن ماهد‪ :‬هو‬
‫الر جل ي هم بالذ نب فيذ كر ال فيد عه‪ .‬والشهوة والغ ضب مبدأ ال سيئات فإذا أب صر ر جع ث قال‪{ :‬وإخوان م‬
‫يدون م ف ال غي ث ل يق صرون}‪ .‬أي‪ :‬وإخوان الشياط ي تد هم الشياط ي ف ال غي ث ل يق صرون‪ .‬قال ا بن‬
‫عباس‪ :‬ل النس تقصر عن السيئات‪ .‬ول الشياطي تسك عنهم‪ .‬فإذا ل يبصر بقي قلبه ف غي والشيطان يده‬
‫ف غ يه‪ .‬وإن كان الت صديق ف قل به ل يكذب‪ .‬فذلك النور والب صار‪ .‬وتلك الشية والوف يرج من قلبه‪.‬‬
‫وهذا‪ :‬ك ما أن الن سان يغ مض عين يه فل يرى شيئا وإن ل ي كن أع مى ; فكذلك القلب ب ا يغشاه من ر ين‬
‫الذنوب ل يبصر الق‪ .‬وإن ل يكن أعمى كعمى الكافر‪ .‬وهكذا جاء ف الثار‪ :‬قال أحد بن حنبل ف كتاب‬
‫(اليان)‪ :‬حدثنا يي عن أشعث عن السن عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ :‬ينع منه اليان ; فإن تاب‬
‫أع يد إل يه}‪ .‬وقال‪ :‬حدث نا ي ي عن عوف قال‪ :‬قال ال سن‪ " :‬يان به اليان ما دام كذلك فإن را جع راج عه‬
‫اليان "‪ .‬وقال أح د‪ :‬حدث نا معاو ية عن أ ب إ سحاق عن الوزا عي قال‪ :‬و قد قلت للزهري ح ي ذ كر هذا‬
‫الد يث ‪{ -‬ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو مؤ من} فإن م يقولون‪ :‬فإن ل ي كن مؤم نا ف ما هو ؟ قال‪ :‬فأن كر‬
‫ذلك‪ .‬وكره مسألت عنه‪ .‬وقال أحد‪ :‬حدثنا عبد الرحن بن مهدي‪ .‬عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر عن‬
‫ما هد عن ا بن عباس أ نه قال لغلما نه‪ :‬من أراد من كم الباءة زوجناه ل يز ن من كم زان إل نزع ال م نه نور‬
‫اليان فإن شاء أن يرده رده وإن شاء أن ينعه منعه‪ .‬وقال أبو داود ال سجستان‪ :‬حدثنا عبد الوهاب بن ندة‬
‫حدثنا بقية بن الوليد حدثنا صفوان بن عمرو عن عبد ال بن ربيعة الضرمي أنه أخبه {عن أب هريرة أنه‬
‫كان يقول‪ :‬إن ا اليان كثوب أحد كم يلب سه مرة ويقل عه أخرى} وكذلك رواه بإ سناده عن ع مر وروي عن‬
‫السن عن النب صلى ال عليه وسلم مرسل‪ .‬وف حديث عن أب هريرة مرفوع إل النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫{إذا ز ن الزا ن خرج م نه اليان فكان كالظلة فإذا انق طع ر جع إل يه اليان}‪ .‬وهذا (إن شاء ال) يب سط ف‬
‫موضع آخر‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)34‬‬
‫وقد جاءت أحاديث تنازع الناس ف صحتها‪ .‬مثل قوله‪{ :‬ل صلة إل بوضوء ول وضوء لن ل يذكر‬
‫ا سم ال عل يه} فأ ما الول‪ :‬ف هو كقوله‪{ :‬ل صلة إل بطهور} وهذا مت فق عل يه ب ي ال سلمي ; فإن الطهور‬
‫وا جب ف الصلة فإنا نفى الصلة لنتفاء واجب فيها وأ ما ذكر اسم ال تعال على الوضوء ; ففي وجوبه‬
‫نزاع معروف وأك ثر العلماء ل يوجبو نه و هو مذ هب مالك وأ ب حني فة والشاف عي و هو إحدى الروايت ي عن‬
‫أحد اختارها الرقي وأبو ممد وغيها‪ .‬والثان‪ :‬يب وهو قول طائفة من أهل العلم وهو الرواية الخرى عن‬
‫أحد اختارها أبو بكر عبد العزيز والقاضي أبو يعلى وأصحابه‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬ل صلة لار السجد إل ف‬
‫السجد} رواه الدارقطن‪ .‬فمن الناس من يضعفه مرفوعا ويقول‪ :‬هو من كلم علي رضي ال عنه ومنهم من‬
‫يثبته كعبد الق‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬ل صيام لن ل يبيت الصيام من الليل} قد رواه أهل السنن وقيل‪ :‬إن رفعه ل‬
‫يصح وإنا يصح موقوفا على ابن عمر أو حفصة فليس لحد أن يثبت لفظا عن الرسول مع أنه أريد به نفي‬
‫الكمال ال ستحب فإن صحت هذه اللفاظ دلت قط عا على وجوب هذه المور ; فإن ل ت صح فل ين قض ب ا‬
‫أصل مستقر من الكتاب والسنة وليس لحد أن يمل كلم ال ورسوله على وفق مذهبه إن ل يتبي من كلم‬
‫ال ور سوله ما يدل على مراد ال ور سوله ; وإل فأقوال العلماء تاب عة لقول ال تعال ور سوله صلى ال عل يه‬
‫و سلم ل يس قول ال ور سوله تاب عا لقوال م‪ .‬فإذا كان ف وجوب ش يء نزاع ب ي العلماء ‪ ,‬ول فظ الشارع قد‬
‫اطرد ف معن ; ل يز أن ينقض الصل العروف من كلم ال ورسوله بقول فيه نزاع بي العلماء‪ .‬ولكن من‬
‫الناس من ل يعرف مذاهب أهل العلم وقد نشأ على قول ل يعرف غيه فيظنه إجاعا كمن يظن أنه إذا ترك‬
‫النسان الماعة وصلى وحده برئت ذمته إجاعا ; وليس المر كذلك ; بل للعلماء قولن معروفان ف إجزاء‬
‫هذه الصلة وف مذهب أحد فيها قولن ; فطائفة من قدماء أصحابه ‪ -‬حكاه عنهم القاضي أبو يعلى ف شرح‬
‫الذهب ومن متأخريهم كابن عقيل وغيه ‪ -‬يقولون‪ :‬من صلى الكتوبة وحده من غي عذر يسوغ له ذلك‬
‫فهو كمن صلى الظهر يوم المعة فإن أمكنه أن يؤديها ف جاعة بعد ذلك فعليه ذلك وإل باء بإثه كما يبوء‬
‫تارك المعة بإثه ‪ ,‬والتوبة معروضة‪ .‬وهذا قول غي واحد من أهل العلم ‪ ,‬وأكثر الثار الروية عن السلف من‬
‫الصحابة والتابعي تدل على هذا‪ .‬وقد احتجوا با ثبت عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬من سع النداء ث ل‬
‫يب من غي عذر ; فل صلة له} وأجابوا عن حديث التفضيل بأنه ف العذور الذي تباح له الصلة وحده‬
‫كما ثبت عنه أنه قال‪{ :‬صلة الرجل قاعدا على النصف من صلة القائم وصلة الضطجع على النصف من‬
‫صلة القاعد} والراد به العذور كما ف الديث أنه خرج وقد أصابم وعك وهم يصلون قعودا فقال ذلك‪.‬‬
‫ول يوز أحد من السلف صلة التطوع مضطجعا من غي عذر ‪ ,‬ول يعرف أن أحدا من السلف فعل ذلك ‪,‬‬
‫وجوازه و جه ف مذ هب الشاف عي وأح د ‪ ,‬ول يعرف ل صاحبه سلف صدق مع أن هذه ال سألة م ا ت عم ب ا‬
‫البلوى ; فلو كان يوز لكل مسلم أن يصلي التطوع على جنبه وهو صحيح ل مرض به كما يوز أن يصلي‬
‫التطوع قاعدا وعلى الراحلة ; لكان هذا م ا قد بي نه الر سول صلى ال عل يه و سلم لم ته وكان ال صحابة تعلم‬
‫ذلك ‪ ,‬ث مع قوة الداعي إل الي ل بد أن يفعل ذلك بعضهم ‪ ,‬فلما ل يفعله أحد منهم دل على أنه ل يكن‬
‫مشروعا عندهم وهذا مبسوط ف موضعه‪ .‬والقصود هنا أنه ينبغي للمسلم أن يقدر قدر كلم ال ورسوله ;‬
‫بل ليس لحد أن يمل كلم أحد من الناس إل على ما عرف أنه أراده ل على ما يتمله ذلك اللفظ ف كلم‬
‫كل أحد فإن كثيا من الناس يتأول النصوص الخالفة لقوله ; يسلك مسلك من يعل " التأويل " كأنه ذكر ما‬
‫يتمله اللفظ وق صده به د فع ذلك الح تج عل يه بذلك ال نص وهذا خ طأ ; بل ج يع ما قاله ال ورسوله ي ب‬
‫اليان به‪ .‬فليس لنا أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ‪ ,‬وليس العتناء براده ف أحد النصي دون الخر‬
‫بأول من العكس ‪ ,‬فإذا كان النص الذي وافقه يعتقد أنه اتبع فيه مراد الرسول ; فكذلك النص الخر الذي‬
‫تأوله فيكون أصل مقصوده معرفة ما أراده الرسول بكلمه ; وهذا هو القصود بكل ما يوز من تفسي وتأويل‬
‫عند من يكون اصطلحه تغاير معناها‪ .‬وأما من يعلهما بعن واحد كما هو الغالب على اصطلح الفسرين ;‬
‫فالتأو يل عند هم هو التف سي‪ .‬وأ ما " التأو يل " ف كلم ال ور سوله ; فله مع ن ثالث غ ي معناه ف ا صطلح‬
‫الفسرين‪ .‬وغي معناه ف اصطلح متأخري الفقهاء والصوليي ; كما بسط ف موضعه‪ .‬والقصود هنا أن كل‬
‫ما نفاه ال ورسوله من مسمى أساء المور الواجبة كاسم اليان والسلم والدين والصلة والصيام والطهارة‬
‫والج وغي ذلك ; فإنا يكون لترك واجب من ذلك السمى ومن هذا قوله تعال‪{ :‬فل وربك ل يؤمنون حت‬
‫يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما} فلما نفى اليان حت‬
‫توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس ; فمن تركها كان من أهل الوعيد ل يكن قد أتى‬
‫باليان الواجب الذي وعد أهله بدخول النة بل عذاب ‪ ,‬فإن ال إنا وعد بذلك من فعل ما أمر به وأما من‬
‫فعل بعض الواجبات وترك بعضها ; فهو معرض للوعيد‪ .‬ومعلوم باتفاق السلمي أنه يب " تكيم الرسول "‬
‫ف كل ما شجر بي الناس ف أمر دينهم ودنياهم ف أصول دينهم وفروعه وعليهم كلهم إذا حكم بشيء أل‬
‫يدوا ف أنفسهم حرجا ما حكم ويسلموا تسليما‪ .‬قال تعال‪{ :‬أل تر إل الذين يزعمون أنم آمنوا با أنزل‬
‫إليهك ومها أنزل مهن قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت وقهد أمروا أن يكفروا بهه ويريهد الشيطان أن‬
‫يضلههم ضلل بعيدا} {وإذا قيهل لمه تعالوا إل مها أنزل ال وإل الرسهول رأيهت النافقيه يصهدون عنهك‬
‫صدودا}‪ .‬وقوله‪{ :‬إل ما أنزل ال} وقد أنزل ال الكتاب والكمة وهي السنة قال تعال‪{ :‬واذكروا نعمة ال‬
‫عليكم و ما أنزل عليكم من الكتاب والكمة يعظكم به}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وأنزل ال عليك الكتاب والكمة‬
‫وعل مك ما ل ت كن تعلم وكان ف ضل ال عل يك عظي ما}‪ .‬والدعاء إل ما أنزل ي ستلزم الدعاء إل الر سول ‪,‬‬
‫والدعاء إل الرسول يستلزم الدعاء إل ما أنزله ال ‪ ,‬وهذا مثل طاعة ال والرسول ; فإنما متلزمان فمن يطع‬
‫الرسول فقد أطاع ال ومن أطاع ال فقد أطاع الرسول‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ :‬ومن يشاقق الرسول من بعد‬
‫ما تبي له الدى ويتبع غي سبيل الؤمني}‪ .‬فإنما متلزمان ; فكل من شاق الرسول من بعد ما تبي له الدى‬
‫فقد اتبع غي سبيل الؤمني وكل من اتبع غي سبيل الؤمني فقد شاق الرسول من بعد ما تبي له الدى‪ .‬فإن‬
‫كان يظن أنه متبع سبيل الؤمني وهو مطئ ; فهو بنلة من ظن أنه متبع للرسول وهو مطئ‪ .‬وهذه " الية "‬
‫تدل على أن إجاع الؤمني حجة من جهة أن مالفتهم مستلزمة لخالفة الرسول وأن كل ما أجعوا عليه فل‬
‫بد أن يكون فيه نص عن الرسول ; فكل مسألة يقطع فيها بالجاع وبانتفاء النازع من الؤمني ; فإنا ما بي‬
‫ال فيه الدى ‪ ,‬ومالف مثل هذا الجاع يكفر كما يكفر مالف النص البي‪ .‬وأما إذا كان يظن الجاع ول‬
‫يق طع به فهنا قد ل يقطع أيضا بأن ا ما تبي فيه الدى من جهة الر سول ‪ ,‬ومالف م ثل هذا الجاع قد ل‬
‫يكفر ; بل قد يكون ظن الجاع خطأ‪ .‬والصواب ف خلف هذا القول وهذا هو فصل الطاب فيما يكفر به‬
‫من مال فة الجاع و ما ل يك فر‪ .‬و " الجاع " هل هو قط عي الدللة أو ظ ن الدللة ؟‪ .‬فإن من الناس من‬
‫يطلق الثبات بذا أو هذا ‪ ,‬ومنهم من يطلق النفي لذا ولذا‪ .‬والصواب التفصيل بي ما يقطع به من الجاع‬
‫ويعلم يقينا أنه ليس فيه منازع من الؤمني أصل ; فهذا يب القطع بأنه حق ; وهذا ل بد أن يكون ما بي فيه‬
‫الرسول الدى ; كما قد بسط هذا ف موضع آخر‪ .‬ومن جهة أنه إذا وصف الواجب بصفات متلزمة ; دل‬
‫على أن كل صفة من تلك الصفات مت ظهرت وجب اتباعها وهذا مثل {الصراط الستقيم} الذي أمرنا ال‬
‫بسؤال هدايته ; فإنه قد وصف بأنه السلم ووصف بأنه اتباع القرآن ووصف بأنه طاعة ال ورسوله ووصف‬
‫بأ نه طر يق العبود ية ; ومعلوم أن كل ا سم من هذه ال ساء ي ب اتباع م سماه ‪ ,‬وم سماها كل ها وا حد وإن‬
‫تنو عت صفاته ; فأي صفة ظهرت و جب اتباع مدلول ا فإ نه مدلول الخرى‪ .‬وكذلك أ ساء ال تعال وأ ساء‬
‫كتا به وأ ساء ر سوله هي م ثل أ ساء دي نه‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ .‬واعت صموا ب بل ال جي عا ول تفرقوا} ق يل‪:‬‬
‫ح بل ال هو د ين ال سلم وق يل‪ :‬القرآن وق يل‪ :‬عهده وق يل‪ :‬طاع ته وأمره وق يل جا عة ال سلمي ; و كل هذا‬
‫حق‪ .‬وكذلك إذا قلنا‪ :‬الكتاب والسنة والجاع فمدلول الثلثة واحد فإن كل ما ف الكتاب فالرسول صلى‬
‫ال عليه و سلم موا فق له والمة ممعة عليه من ح يث الملة فليس ف الؤمن ي إل من يوجب اتباع الكتاب‬
‫وكذلك كل ما سنه الر سول صلى ال عل يه و سلم فالقرآن يأ مر باتبا عه ف يه والؤمنون ممعون على ذلك‪.‬‬
‫وكذلك كل ما أجع عليه السلمون فإنه ل يكون إل حقا موافقا لا ف الكتاب والسنة ; لكن السلمون يتلقون‬
‫دينهم كله عن الرسول صلى ال عليه وسلم وأما الرسول صلى ال عليه وسلم فينل عليه وحي القرآن ووحي‬
‫آخر هو الكمة كما قال صلى ال عليه وسلم {أل إن أوتيت الكتاب ومثله معه}‪ .‬وقال حسان بن عطية‪:‬‬
‫{كان جب يل ينل على ال نب صلى ال عل يه و سلم بال سنة فيعل مه إيا ها ك ما يعل مه القرآن‪ }.‬فل يس كل ما‬
‫جاءت به ال سنة ي ب أن يكون مف سرا ف القرآن ; بلف ما يقوله أ هل الجاع ; فإ نه ل بد أن يدل عل يه‬
‫الكتاب والسنة فإن الرسول صلى ال عليه وسلم هو الواسطة بينهم وبي ال ف أمره ونيه وتليله وتريه ;‬
‫والقصود ذكر اليان‪ .‬ومن هذا الباب قول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يبغض النصار رجل يؤمن بال‬
‫واليوم ال خر}‪ .‬وقوله‪{ :‬آ ية اليان حب الن صار وآ ية النفاق ب غض الن صار}‪ .‬فإن من علم ما قا مت به‬
‫النصار من نصر ال ورسوله من أول المر وكان مبا ل ولرسوله ; أحبهم قطعا فيكون حبه لم علمة اليان‬
‫الذي ف قلبه ومن أبغضهم ل يكن ف قلبه اليان الذي أوجبه ال عليه‪ .‬وكذلك من ل يكن ف قلبه بغض ما‬
‫يبغضه ال ورسوله من النكر الذي حرمه ال ورسوله من الكفر والفسوق والعصيان ; ل يكن ف قلبه اليان‬
‫الذي أوجبه ال عليه فإن ل يكن مبغضا لشيء من الحرمات أصل ; ل يكن معه إيان أصل كما سنبينه إن‬
‫شاء ال تعال‪ .‬وكذلك من ل يب لخيه الؤمن ما يب لنفسه ; ل يكن معه ما أوجبه ال عليه من اليان‬
‫فحيث نفى ال اليان عن شخص ; فل يكون إل لنقص ما يب عليه من اليان ويكون من العرضي للوعيد‬
‫ليس من الستحقي للوعد الطلق‪ .‬وكذلك قوله صلى ال عليه وسلم‪{ :‬من غشنا فليس منا ومن حل علينا‬
‫السلح فليس منا} كله من هذا الباب ل يقوله إل لن ترك ما أوجب ال عليه أو فعل ما حرمه ال ورسوله ;‬
‫فيكون قد ترك من اليان الفروض عل يه ما ين في ع نه ال سم لجله فل يكون من الؤمن ي ال ستحقي للو عد‬
‫ال سالي من الوع يد‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ :‬ويقولون آم نا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فر يق من هم من ب عد‬
‫ذلك وما أولئك بالؤمني} {وإذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون} {وإن يكن لم‬
‫ال ق يأتوا إل يه مذعن ي} {أ ف قلوب م مرض أم ارتابوا أم يافون أن ي يف ال علي هم ور سوله بل أولئك هم‬
‫الظالون} {إنا كان قول الؤمن ي إذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سعنا وأطعنا وأولئك هم‬
‫الفلحون}‪ .‬فهذا حكم اسم اليان إذا أطلق ف كلم ال ورسوله ; فإنه يتناول فعل الواجبات وترك الحرمات‬
‫و من ن فى ال ور سوله ع نه اليان ; فل بد أن يكون قد ترك واج با أو ف عل مر ما فل يد خل ف ال سم الذي‬
‫يستحق أهله الوعد دون الوعيد ; بل يكون من أهل الوعيد‪ .‬وكذلك قوله تعال‪{ :‬حبب إليكم اليان وزينه‬
‫ف قلوب كم وكره إلي كم الك فر والف سوق والع صيان أولئك هم الراشدون}‪ .‬قال م مد بن ن صر الروزي‪ :‬ل ا‬
‫كا نت العا صي بعض ها ك فر وبعض ها ل يس بك فر فرق بين ها فجعل ها ثل ثة أنواع‪ :‬نوع من ها ك فر ونوع من ها‬
‫فسوق وليس بكفر ونوع عصيان وليس بكفر ول فسوق‪ .‬وأخب أنه كرهها كلها إل الؤمني‪ .‬ولا كانت‬
‫الطاعات كلهها داخلة فه اليان وليهس فيهها شيهء خارج عنهه ل يفرق بينهها فيقول‪ :‬حبهب إليكهم اليان‬
‫والفرائض و سائر الطاعات ; بل أج ل ذلك فقال‪{ :‬ح بب إلي كم اليان}‪ .‬فد خل ف ذلك ج يع الطاعات ;‬
‫ل نه قد ح بب إل الؤمن ي ال صلة والزكاة و سائر الطاعات حب تد ين لن ال أ خب‪ :‬أ نه ح بب ذلك إلي هم‬
‫وزينه ف قلوبم لقوله‪{ :‬حبب إليكم اليان} ويكرهون جيع العاصي ; الكفر منها والفسوق وسائر العاصي‬
‫كراهة تد ين لن ال أ خب‪ :‬أنه كره ذلك إليهم‪ .‬و من ذلك قول ر سول ال صلى ال عليه وسلم {من سرته‬
‫ح سنته و ساءته سيئته ; ف هو مؤ من} لن ال ح بب إل الؤمن ي ال سنات وكره إلي هم ال سيئات‪ " .‬قلت "‪:‬‬
‫وتكريهه جيع العاصي إليهم يستلزم حب جيع الطاعات ; لن ترك الطاعات معصية ولنه ل يترك العاصي‬
‫كلها إن ل يتلبس بضدها فيكون مبا لضدها وهو الطاعة ; إذ القلب ل بد له من إرادة فإذا كان يكره الشر‬
‫كله ; فل بد أن يريد الي‪ .‬والباح بالنية السنة يكون خيا وبالنية السيئة يكون شرا‪ .‬ول يكون فعل اختياري‬
‫إل بإرادة ; ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف الد يث ال صحيح {أ حب ال ساء إل ال‪ :‬ع بد ال وع بد‬
‫الرحن وأصدق الساء‪ :‬حارث وهام وأقبحها‪ :‬حرب ومرة}‪ .‬وقوله أصدق الساء‪ :‬حارث وهام ; لن كل‬
‫إنسان هام حارث والارث الكاسب العامل‪ .‬والمام الكثي الم ‪ -‬وهو مبدأ الرادة ‪ -‬وهو حيوان ‪ ,‬وكل‬
‫حيوان ح ساس متحرك بالرادة فإذا ف عل شيئا من الباحات ; فل بد له من غا ية ينت هي إلي ها ق صده‪ .‬و كل‬
‫مقصود إما أن يقصد لنفسه وإما أن يقصد لغيه‪ .‬فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة ال وحده ل شريك‬
‫له وهو إله الذي يعبده ل يعبد شيئا سواه وهو أحب إليه من كل ما سواه ; فإن إرادته تنتهي إل إرادته وجه‬
‫ال فيثاب على مباحاته الت يقصد الستعانة با على الطاعة كما ف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه‬
‫و سلم أ نه قال‪{ :‬نف قة الر جل على أهله يت سبها صدقة}‪ .‬و ف " ال صحيحي " ع نه أ نه {قال ل سعد بن أ ب‬
‫وقاص لا مرض بكة وعاده ‪ -‬إنك لن تنفق نفقة تبتغي با وجه ال إل ازددت با درجة ورفعة حت اللقمة‬
‫ترفعها إل ف امرأتك}‪ .‬وقال معاذ بن جبل لب موسى‪ " :‬إن أحتسب نومت كما أحتسب قومت "‪ .‬وف‬
‫ال ثر‪ :‬نوم العال ت سبيح‪ .‬وإن كان أ صل مق صوده عبادة غ ي ال ; ل ت كن الطيبات مبا حة له فإن ال أباح ها‬
‫للمؤمن ي من عباده ; بل الكفار وأ هل الرائم والذنوب وأ هل الشهوات يا سبون يوم القيا مة على الن عم ال ت‬
‫تنعموا ب ا فلم يذكروه ول يعبدوه ب ا ويقال ل م‪{ :‬أذهب تم طيبات كم ف حيات كم الدن يا وا ستمتعتم ب ا فاليوم‬
‫تزون عذاب الون ب ا كنتم تستكبون ف الرض بغي ال ق وبا كنتم تف سقون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ث لت سألن‬
‫يومئذ عن النعيم}‪ .‬أي عن شكره والكافر ل يشكر على النعيم الذي أنعم ال عليه به فيعاقبه على ذلك ; وال‬
‫إنا أباحها للمؤمني وأمرهم معها بالشكر كما قال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم‬
‫واشكروا ل}‪ .‬وف " صحيح مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬إن ال ليضى عن العبد يأكل‬
‫الكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها}‪ .‬وف " سنن ابن ماجه " وغيه‪{ :‬الطاعم الشاكر بنلة‬
‫الصهائم الصهابر}‪ .‬وكذلك قال للرسهل‪{ :‬يها أيهها الرسهل كلوا مهن الطيبات واعملوا صهالا} وقال تعال‪:‬‬
‫{أحلت ل كم بي مة النعام إل ما يتلى علي كم غ ي ملي ال صيد وأن تم حرم} وقال الل يل‪{ :‬وارزق أهله من‬
‫الثمرات من آ من من هم بال واليوم ال خر} قال ال تعال‪{ :‬و من ك فر فأمت عه قليل ث أضطره إل عذاب النار‬
‫وبئس الصي}‪ .‬فالليل إنا دعا بالطيبات للمؤمني خاصة وال إنا أباح بيمة النعام لن حرم ما حرمه ال من‬
‫ال صيد و هو مرم والؤمنون أمر هم أن يأكلوا من الطيبات ويشكروه‪ .‬ولذا م يز سبحانه وتعال ب ي خطاب‬
‫الناس مطلقها وخطاب الؤمنيه فقال‪{ :‬يها أيهها الناس كلوا ماه فه الرض حلل طيبها ول تتبعوا خطوات‬
‫الشيطان إنه لكم عدو مبي} {إنا يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون} {وإذا قيل‬
‫لم اتبعوا ما أنزل ال قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم ل يعقلون شيئا ول يهتدون}‪ .‬فإنا‬
‫أذن للناس أن يأكلوا م ا ف الرض بشرط ي‪ :‬أن يكون طي با وأن يكون حلل‪ .‬ث قال‪ { :‬يا أي ها الذ ين آمنوا‬
‫كلوا من طيبات ما رزقنا كم واشكروا ل إن كن تم إياه تعبدون} {إن ا حرم علي كم الي تة والدم ول م الن ير‬
‫وما أهل به لغي ال}‪ .‬فأذن للمؤمني ف الكل من الطيبات ول يشترط الل ‪ ,‬وأخب أنه ل يرم عليهم إل ما‬
‫ذكره ; فما سواه ل يكن مرما على الؤمني ومع هذا فلم يكن أحله بطابه ; بل كان عفوا كما ف الديث‬
‫عن سلمان موقوفا ومرفوعا‪{ :‬اللل ما أحله ال ف كتابه والرام ما حرمه ال ف كتابه وما سكت عنه فهو‬
‫ما عفي عنه}‪ .‬وف حديث أب ثعلبة عن النب صلى ال عليه وسلم {إن ال فرض فرائض فل تضيعوها وحد‬
‫حدودا فل تعتدوها وحرم حرمات فل تنتهكوها وسكت عن أشياء رحة لكم غي نسيان فل تبحثوا عنها}‪.‬‬
‫وكذلك قوله تعال‪{ :‬قل ل أجد ف ما أوحي إل مرما على طاعم يطعمه إل أن يكون ميتة}‪ .‬نفى التحري‬
‫عن غي الذكور فيكون الباقي مسكوتا عن تريه عفوا والتحليل إنا يكون بطاب ; ولذا قال ف سورة الائدة‬
‫الت أنزلت بعد هذا‪{ :‬يسألونك ماذا أحل لم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الوارح مكلبي}‪ .‬إل‬
‫قوله‪{ :‬اليوم أ حل ل كم الطيبات وطعام الذ ين أوتوا الكتاب حل ل كم وطعام كم حل ل م}‪ .‬ف في ذلك اليوم‬
‫أحل لم الطيبات وقبل هذا ل يكن مرما عليهم إل ما استثناه‪ .‬وقد {حرم النب صلى ال عليه وسلم كل ذي‬
‫ناب من ال سباع و كل ذي ملب من الط ي} ول ي كن هذا ن سخا للكتاب ; لن الكتاب ل ي ل ذلك ول كن‬
‫سكت عن تريه فكان تريه ابتداء شرع ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الروي من طرق من‬
‫حديث أب رافع وأب ثعلبة وأب هريرة وغيهم‪{ :‬ل ألفي أحدكم متكئا على أريكته يأتيه المر من أمري ما‬
‫أمرت به أو نيت عنه فيقول‪ :‬بيننا وبينكم هذا القرآن ; فما وجدنا فيه من حلل أحللناه وما وجدنا فيه من‬
‫حرام حرمناه أل وإن أوتيت الكتاب ومثله معه}‪ .‬وف لفظ‪{ :‬أل وإنه مثل القرآن أو أكثر‪ .‬أل وإن حرمت‬
‫كل ذي ناب من السباع}‪ .‬فبي أنه أنزل عليه وحي آخر وهو الكمة غي الكتاب‪ .‬وأن ال حرم عليه ف هذا‬
‫الوحي ما أخب بتحريه ول يكن ذلك نسخا للكتاب ; فإن الكتاب ل يل هذه قط‪ .‬إنا أحل الطيبات وهذه‬
‫ليست من الطيبات وقال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}‪ .‬فلم تدخل هذه الية ف العموم‬
‫; لكنه ل يكن حرمها ; فكانت معفوا عن تريها ; ل مأذونا ف أكلها‪ .‬وأما " الكفار " فلم يأذن ال لم ف‬
‫أ كل ش يء ول أ حل ل م شيئا ول ع فا ل م عن ش يء يأكلو نه ; بل قال‪ { :‬يا أي ها الناس كلوا م ا ف الرض‬
‫حلل طي با}‪ .‬فشرط في ما يأكلو نه أن يكون حلل ; و هو الأذون ف يه من ج هة ال ور سوله وال ل يأذن ف‬
‫الكل إل للمؤمن به ; فلم يأذن لم ف أكل شيء إل إذا آمنوا‪ .‬ولذا ل تكن أموالم ملوكة لم ملكا شرعيا ;‬
‫لن اللك الشر عي هو القدرة على الت صرف الذي أبا حه الشارع صلى ال عل يه و سلم والشارع ل ي بح ل م‬
‫تصرفا ف الموال إل بشرط اليان ; فكانت أموالم على الباحة‪ .‬فإذا قهر طائفة منهم طائفة قهرا يستحلونه‬
‫ف دينهم وأخذوها منهم ; صار هؤلء فيها كما كان أولئك‪ .‬والسلمون إذا استولوا عليها ‪ ,‬فغنموها ملكوها‬
‫شر عا لن ال أباح ل م الغنائم ول يبح ها لغي هم‪ .‬ويوز ل م أن يعاملوا الكفار في ما أخذه بعض هم من ب عض‬
‫بالقهر الذي يستحلونه ف دينهم ويوز أن يشتري من بعضهم ما سباه من غيه ; لن هذا بنلة استيلئه على‬
‫الباحات‪ .‬ولذا سهى ال مها عاد مهن أموالمه إل السهلمي " فيئا " ; لن ال أفاءه إل مسهتحقه أي‪ :‬رده إل‬
‫الؤمن ي به الذ ين يعبدو نه وي ستعينون برز قه على عباد ته ; فإ نه إن ا خلق اللق ليعبدوه وإن ا خلق الرزق ل م‬
‫لي ستعينوا به على عباد ته‪ .‬ول فظ " الف يء " قد يتناول " الغني مة " كقول ال نب صلى ال عل يه و سلم ف غنائم‬
‫حن ي‪{ :‬ل يس ل م ا أفاء ال علي كم إل ال مس وال مس مردود علي كم}‪ .‬لك نه ل ا قال تعال‪{ :‬و ما أفاء ال‬
‫على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ول ركاب}‪ :‬صار لفظ " الفيء " إذا أطلق ف عرف الفقهاء ;‬
‫فهو ما أخذ من مال الكفار بغي إياف خيل ول ركاب ‪ ,‬والياف نوع من التحريك‪ .‬وأما إذا فعل الؤمن ما‬
‫أبيح له قاصدا للعدول عن الرام إل اللل لاجته إل يه ; فإنه يثاب على ذلك ك ما قال ال نب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪{ :‬وف بضع أحدكم صدقة‪ .‬قالوا يا رسول ال يأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال‪ :‬أرأيتم لو‬
‫وضع ها ف الرام كان عل يه وزر‪ .‬فكذلك إذا وضع ها ف اللل كان له أ جر}‪ .‬وهذا كقوله ف حد يث ا بن‬
‫عمر عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ :‬إن ال يب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته} رواه‬
‫أحد وابن خزية ف " صحيحه " وغيها‪ .‬فأخب أن ال يب إتيان رخصه كما يكره فعل معصيته‪ .‬وبعض‬
‫الفقهاء يرويه‪{ :‬كما يب أن تؤتى عزائمه}‪ .‬وليس هذا لفظ الديث ; وذلك لن الرخص إنا أباحها ال‬
‫لا جة العباد إلي ها والؤمنون ي ستعينون ب ا على عباد ته ; ف هو ي ب ال خذ ب ا لن الكر ي ي ب قبول إح سانه‬
‫وفضله ; ك ما قال ف حد يث‪{ :‬الق صر صدقة ت صدق ال ب ا علي كم فاقبلوا صدقته}‪ .‬ول نه ب ا ت تم عباد ته‬
‫وطاعته‪ .‬و ما ل يتاج إليه الن سان من قول وعمل بل يفعله عبثا ; فهذا عل يه ل له ك ما ف الديث‪ { :‬كل‬
‫كلم ابن آدم عليه ل له إل أمرا بعروف أو نيا عن منكر أو ذكرا ل}‪ .‬وف " الصحيحي " عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت}‪ .‬فأمر الؤمن بأحد أمرين‪:‬‬
‫إ ما قول ال ي أو ال صمات‪ .‬ولذا كان قول ال ي خيا من ال سكوت عنه وال سكوت عن ال شر خيا من قوله‬
‫ولذا قال ال تعال‪{ :‬ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد}‪ .‬وقد اختلف " أهل التفسي " هل يكتب جيع‬
‫أقواله ؟ فقال ماهد وغيه‪ :‬يكتبان كل شيء حت أنينه ف مرضه‪ .‬وقال عكرمة ل يكتبان إل ما يؤجر عليه أو‬
‫يؤزر‪ .‬والقرآن يدل على أنما يكتبان الميع ; فإنه قال‪{ :‬ما يلفظ من قول} نكرة ف الشرط مؤكدة برف "‬
‫من " ; فهذا يعم كل قوله‪ .‬وأيضا فكونه يؤجر على قول معي أو يؤزر ; يتاج إل أن يعرف الكاتب ما أمر‬
‫به وما ني عنه ; فل بد ف إثبات معرفة الكاتب به إل نقل‪ .‬وأيضا فهو مأمور إما بقول الي وإما بالصمات‪.‬‬
‫فإذا عدل ع ما أ مر به من ال صمات إل فضول القول الذي ل يس ب ي ; كان هذا عل يه فإ نه يكون مكرو ها‬
‫والكروه ينقصه ; ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬من حسن إسلم الرء تركه ما ل يعنيه}‪ .‬فإذا خاض‬
‫في ما ل يعن يه ; ن قص من ح سن إ سلمه فكان هذا عل يه‪ .‬إذ ل يس من شرط ما هو عل يه أن يكون م ستحقا‬
‫لعذاب جهنهم وغضهب ال بهل نقهص قدره ودرجتهه عليهه‪ .‬ولذا قال تعال‪{ :‬لاه مها كسهبت وعليهها مها‬
‫اكت سبت}‪ .‬ف ما يع مل أ حد إل عل يه أو له فإن كان م ا أ مر به كان له‪ .‬وإل كان عل يه ولو أ نه ين قص قدره‪.‬‬
‫والنفس طبعها الركة ل تسكن قط ; لكن قد عفا ال عما حدث به الؤمنون أنفسهم ما ل يتكلموا به أو‬
‫يعملوا به ; فإذا عملوا به دخل ف المر والنهي‪ .‬فإذا كان ال قد كره إل الؤمني جيع العاصي وهو قد حبب‬
‫إليهم اليان الذي يقتضي جيع الطاعات إذا ل يعارضه ضد باتفاق الناس ; فإن الرجئة ل تنازع ف أن اليان‬
‫الذي ف القلب يد عو إل ف عل الطا عة ويقت ضي ذلك والطا عة من ثرا ته ونتائ جه لكن ها تنازع هل ي ستلزم‬
‫الطا عة ؟ فإ نه وإن كان يد عو إل الطا عة ; فله معارض من الن فس والشيطان ‪ ,‬فإذا كان قد كره إل الؤمن ي‬
‫العارض كان القتضي للطاعة سالا عن هذا العارض‪ .‬وأيضا فإذا كرهوا جيع السيئات ل يبق إل حسنات أو‬
‫مباحات ‪ ,‬والباحات ل تبح إل لهل اليان الذين يستعينون با على الطاعات وإل فال ل يبح قط لحد شيئا‬
‫أن يستعي به على كفر ول فسوق ول عصيان ; ولذا لعن النب صلى ال عليه وسلم عاصر المر ومعتصرها‬
‫كما لعن شاربا ‪ ,‬والعاصر يعصر عنبا يصي عصيا يكن أن ينتفع به ف الباح لكن لا علم أن قصد العاصر أن‬
‫يعلها خرا ; ل يكن له أن يعينه با جنسه مباح على معصية ال بل لعنه النب صلى ال عليه وسلم على ذلك‬
‫لن ال ل يبح إعانة العاصي على معصيته ول أباح له ما يستعي به ف العصية فل تكون مباحات لم إل إذا‬
‫استعانوا با على الطاعات‪ .‬فيلزم من انتفاء السيئات أنم ل يفعلون إل السنات ; ولذا كان من ترك العاصي‬
‫كلها فل بد أن يشتغل بطاعة ال‪ .‬وف الديث الصحيح‪{ :‬كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها}‪.‬‬
‫فالؤمن ل بد أن يب السنات ول بد أن يبغض السيئات ول بد أن يسره فعل السنة ويسوءه فعل السيئة‬
‫ومت قدر أن ف بعض المور ليس كذلك كان ناقص اليان والؤمن قد تصدر منه السيئة فيتوب منها أو يأت‬
‫ب سنات تحو ها أو يبتلى ببلء يكفر ها ع نه ول كن ل بد أن يكون كار ها ل ا ; فإن ال أ خب أ نه ح بب إل‬
‫الؤمن ي اليان وكره إليهم الك فر والفسوق والعصيان ف من ل يكره الثلثة ل يكن من هم‪ .‬ول كن " ممد بن‬
‫نصر " يقول‪ :‬الفاسق يكرهها تدينا‪ .‬فيقال‪ :‬إن أريد بذلك أنه يعتقد أن دينه حرمها وهو يب دينه وهذه من‬
‫جلته ; فهو يكرهها‪ .‬وإن كان يب دينه ممل وليس ف قلبه كراهة لا ; كان قد عدم من اليان بقدر ذلك‬
‫ك ما ف الد يث ال صحيح‪ { :‬من رأى من كم منكرا فليغيه بيده فإن ل ي ستطع فبل سانه فإن ل ي ستطع فبقل به‬
‫وذلك أضعف اليان}‪ .‬وف الديث الخر الذي ف الصحيح أيضا ‪ " -‬صحيح مسلم " ‪{ :-‬فمن جاهدهم‬
‫بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من اليان‬
‫مثقال ح بة من خردل}‪ .‬فعلم أن القلب إذا ل ي كن ف يه كرا هة ما يكر هه ال ; ل ي كن ف يه من اليان الذي‬
‫يستحق به الثواب‪ .‬وقوله‪{ :‬من اليان} أي‪ :‬من هذا اليان وهو اليان الطلق‪ .‬أي‪ :‬ليس وراء هذه الثلث‬
‫ما هو من اليان ول قدر حبة خردل‪ .‬والعن‪ :‬هذا آخر حدود اليان ‪ ,‬ما بقي بعد هذا من اليان شيء ;‬
‫ليس مراده أنه من ل يفعل ذلك ل يبق معه من اليان شيء ; بل لفظ الديث إنا يدل على العن الول‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)53‬‬

‫ومن هذا الباب لفظ " الكفر " و " النفاق " فالكفر إذا ذكر مفردا ف وعيد الخرة دخل فيه النافقون‬
‫كقوله‪{ :‬ومهن يكفهر باليان فقهد حبهط عمله وههو فه الخرة مهن الاسهرين}‪ .‬وقوله‪{ :‬ومهن يكفهر بال‬
‫وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر فقد ضل ضلل بعيدا}‪ .‬وقوله‪{ :‬ل يصلها إل الشقى} {الذي كذب‬
‫وتول} وقوله‪{ :‬كلما ألقي فيها فوج سألم خزنتها أل يأتكم نذير} {قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا‬
‫ما نزل ال من شيء إن أنتم إل ف ضلل كبي} وقوله‪{ :‬وسيق الذين كفروا إل جهنم زمرا حت إذا جاءوها‬
‫فتحت أبوابا وقال لم خزنتها أل يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا‬
‫قالوا بلى ول كن ح قت كل مة العذاب على الكافر ين} {ق يل ادخلوا أبواب جه نم خالد ين في ها فبئس مثوى‬
‫التكهبين}‪ .‬وقوله‪{ :‬ومهن أظلم منه افترى على ال كذبها أو كذب بالقه لاه جاءه أليهس فه جهنهم مثوى‬
‫للكافر ين}‪ .‬وقوله‪{ :‬و من أعرض عن ذكري فإن له معي شة ضن كا ونشره يوم القيا مة أع مى} {قال رب ل‬
‫حشرتن أعمى وقد كنت بصيا} {قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} {وكذلك نزي من‬
‫أسهرف ول يؤمهن بآيات ربهه ولعذاب الخرة أشهد وأبقهى} وقوله‪{ :‬إن الذيهن كفروا مهن أههل الكتاب‬
‫والشركي ف نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البية}‪ .‬وأمثال هذه النصوص كثي ف القرآن‪ .‬فهذه كلها‬
‫يدخل فيها " النافقون " الذين هم ف الباطن كفار ليس معهم من اليان شيء كما يدخل فيها " الكفار "‬
‫الظهرون للكفر ; بل النافقون ف الدرك السفل من النار كما أخب ال بذلك ف كتابه‪ .‬ث قد يقرن " الكفر‬
‫بالنفاق " ف مواضع ; ففي أول البقرة ذكر أربع آيات ف صفة الؤمني وآيتي ف صفة الكافرين وبضع عشرة‬
‫آ ية ف صفة النافق ي فقال تعال‪{ :‬إن ال جا مع النافق ي والكافر ين ف جه نم جي عا} وقال‪{ :‬يوم يقول‬
‫النافقون والنافقات للذ ين آمنوا انظرو نا نقت بس من نور كم ق يل ارجعوا وراء كم فالتم سوا نورا} إل قوله‪:‬‬
‫{فاليوم ل يؤخذ منكم فدية ول من الذين كفروا مأواكم النار هي مولكم وبئس الصي}‪ .‬وقال‪{ :‬يا أيها‬
‫ال نب جا هد الكفار والنافق ي واغلظ علي هم}‪ .‬ف سورتي وقال‪{ :‬أل تر إل الذ ين نافقوا يقولون لخوان م‬
‫الذين كفروا}‪ .‬الية‪ .‬وكذلك لفظ " الشركي " قد يقرن بأهل الكتاب فقط وقد يقرن باللل المس ; كما‬
‫ف قوله تعال‪{ :‬إن الذ ين آمنوا والذ ين هادوا وال صابئي والن صارى والجوس والذ ين أشركوا إن ال يف صل‬
‫بين هم يوم القيا مة إن ال على كل ش يء شه يد}‪ .‬و (الول) كقوله‪{ :‬ل ي كن الذ ين كفروا من أ هل الكتاب‬
‫والشرك ي منفك ي ح ت تأتي هم البي نة}‪ .‬وقوله‪{ :‬إن الذ ين كفروا من أ هل الكتاب والشرك ي ف نار جه نم‬
‫خالدين فيها أولئك هم شر البية}‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬وقل للذين أوتوا الكتاب والميي أأسلمتم فإن أسلموا فقد‬
‫اهتدوا وإن تولوا فإنا عليك البلغ}‪ .‬وليس أحد بعد مبعث ممد صلى ال عليه وسلم إل من الذين أوتوا‬
‫الكتاب أو المي ي ‪ ,‬و كل أ مة ل ت كن من الذ ين أوتوا الكتاب ف هم من المي ي ; كالمي ي من العرب و من‬
‫الزر والصقالبة والند والسودان وغيهم من المم الذين ل كتاب لم فهؤلء كلهم أميون ‪ ,‬والرسول مبعوث‬
‫إليهم كما بعث إل الميي من العرب‪ .‬وقوله‪{ :‬وقل للذين أوتوا الكتاب} ‪ -‬وهو إنا ياطب الوجودين ف‬
‫زما نه ب عد الن سخ والتبد يل ‪ -‬يدل على أن من دان بد ين اليهود والن صارى ف هو من الذ ين أوتوا الكتاب ل‬
‫ي تص هذا الل فظ ب ن كانوا متم سكي به ق بل الن سخ والتبد يل ول فرق ب ي أولد هم وأولد غي هم ; فإن‬
‫أولد هم إذا كانوا ب عد الن سخ والتبد يل م ن أوتوا الكتاب فكذلك غي هم إذا كانوا كل هم كفارا و قد جعل هم‬
‫الذ ين أوتوا الكتاب بقوله‪{ :‬و قل للذ ين أوتوا الكتاب} و هو ل يا طب بذلك إل من بلغ ته ر سالته ; ل من‬
‫مات ; فدل ذلك على أن قوله‪{ :‬وطعام الذ ين أوتوا الكتاب} يتناول هؤلء كل هم ك ما هو مذ هب المهور‬
‫من السلف واللف وهو مذهب مالك وأب حنيفة وهو النصوص عن أحد ف عامة أجوبته ل يتلف كلمه‬
‫إل ف نصارى بن تغلب ‪ ,‬وآخر الروايتي عنه‪ :‬أنم تباح نساؤهم وذبائحهم ; كما هو قول جهور الصحابة‪.‬‬
‫وقوله ف " الرواية الخرى "‪ :‬ل تباح ; متابعة لعلي بن أب طالب رضي ال عنه ل يكن لجل النسب ; بل‬
‫لكونم ل يدخلوا ف دين أهل الكتاب إل فيما يشتهونه من شرب المر ونوه ولكن بعض التابعي ظن أن‬
‫ذلك ل جل الن سب ك ما ن قل عن عطاء وقال به الشاف عي و من واف قه من أ صحاب أح د وفرعوا على ذلك‬
‫فروعا كمن كان أحد أبويه كتابيا والخر ليس بكتاب ونو ذلك حت ل يوجد ف طائفة من كتب أصحاب‬
‫أحد إل هذا القول ; وهو خطأ على مذهبه مالف لنصوصه ل يعلق الكم بالنسب ف مثل هذا ألبتة كما قد‬
‫بسط ف موضعه‪ .‬ولفظ " الشركي " يذكر مفردا ف مثل قوله‪{ :‬ول تنكحوا الشركات حت يؤمن} وهل‬
‫يتناول أهل الكتاب ؟ فيه " قولن " مشهوران للسلف واللف‪ .‬والذين قالوا‪ :‬بأنا تعم ; منهم من قال‪ :‬هي‬
‫مكمة كابن عمر والمهور الذين يبيحون نكاح الكتابيات ; ك ما ذكره ال ف آية الائدة وهي متأخرة عن‬
‫هذه‪ .‬ومن هم من يقول‪ :‬ن سخ من ها تر ي نكاح الكتابيات‪ .‬ومن هم من يقول‪ :‬بل هو م صوص ل يرد بالل فظ‬
‫العام ‪ ,‬وقد أنزل ال تعال بعد صلح الديبية قوله‪{ :‬ول تسكوا بعصم الكوافر}‪ .‬وهذا قد يقال‪ :‬إنا نى عن‬
‫التمسك بالعصمة من كان متزوجا كافرة ول يكونوا حينئذ متزوجي إل بشركة وثنية ; فلم يدخل ف ذلك‬
‫الكتابيات‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)57‬‬
‫وكذلك لفظ " الصال " و " الشهيد " و " الصديق "‪ :‬يذكر مفردا ; فيتناول النبيي قال تعال ف حق الليل‪:‬‬
‫{وآتيناه أجره ف الدن يا وإ نه ف الخرة ل ن ال صالي}‪ .‬وقال‪{ :‬وآتيناه ف الدن يا ح سنة وإ نه ف الخرة ل ن‬
‫الصالي}‪ .‬وقال الليل‪{ :‬رب هب ل حكما وألقن بالصالي}‪ .‬وقال يوسف‪{ :‬توفن مسلما وألقن‬
‫بال صالي}‪ .‬وقال سليمان‪{ :‬وأدخل ن برح تك ف عبادك ال صالي}‪ .‬وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف‬
‫الديث الصحيح التفق على صحته {لا كانوا يقولون ف آخر صلتم‪ :‬السلم على ال قبل عباده السلم على‬
‫فلن فقال لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات يوم إن ال هو السلم فإذا قعد أحدكم ف الصلة ; فليقل‪:‬‬
‫التحيات ل وال صلوات والطيبات ال سلم عل يك أي ها ال نب ورح ة ال وبركا ته ال سلم علي نا وعلى عباد ال‬
‫الصالي فإذا قالا أصابت كل عبد صال ل ف السماء والرض}‪ ..‬الديث‪ .‬وقد يذكر " الصال مع غيه "‬
‫كقوله تعال‪{ :‬فأولئك مع الذ ين أن عم ال علي هم من ال نبيي وال صديقي والشهداء وال صالي}‪ .‬قال الزجاج‬
‫وغيه‪ :‬الصهال‪ :‬القائم بقوق ال وحقوق عباده‪ .‬ولفهظ " الصهال " خلف الفاسهد ; فإذا أطلق فههو الذي‬
‫أصلح جيع أمره فلم يكن فيه شيء من الفساد فاستوت سريرته وعلنيته وأقواله وأعماله على ما يرضي ربه ;‬
‫وهذا يتناول النبيي ومن دونم‪ .‬ولفظ " الصديق " قد جعل هنا معطوفا على النبيي ; وقد وصف به النبيي ف‬
‫م ثل قوله‪{ :‬واذكر ف الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا} ‪{ -‬واذكر ف الكتاب إدريس إنه كان صديقا‬
‫نبيا}‪ .‬وكذلك " الشهيد " قد جعل هنا قرين الصديق والصال وقد قال‪{ :‬وجيء بالنبيي والشهداء وقضي‬
‫بينهم بالق}‪ .‬ولا قيدت الشهادة على الناس وصفت به المة كلها ف قوله‪{ :‬وكذلك جعلناكم أمة وسطا‬
‫لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}‪ .‬فهذه شهادة مقيدة بالشهادة على الناس كالشهادة‬
‫الذكورة ف قوله‪{ :‬لول جاءوا عل يه بأرب عة شهداء}‪ .‬وقوله {وا ستشهدوا شهيد ين من رجال كم}‪ .‬ولي ست‬
‫هذه الشهادة الطلقة ف اليتي بل ذلك كقوله‪{ :‬ويتخذ منكم شهداء}‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)59‬‬
‫وكذلك ل فظ " الع صية " و " الف سوق " و " الك فر "‪ :‬فإذا أطل قت الع صية ل ور سوله د خل في ها الك فر‬
‫والف سوق كقوله‪{ :‬و من ي عص ال ور سوله فإن له نار جه نم خالد ين في ها أبدا}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وتلك عاد‬
‫جحدوا بآيات رب م وع صوا ر سله واتبعوا أ مر كل جبار عن يد}‪ .‬فأطلق مع صيتهم للر سل بأن م ع صوا هودا‬
‫معصية تكذيب لنس الرسل فكانت العصية لنس الرسل كمعصية من قال‪{ :‬فكذبنا وقلنا ما نزل ال من‬
‫شيهء}‪ .‬ومعصهية مهن كذب وتول قال تعال‪{ :‬ل يصهلها إل الشقهى} {الذي كذب وتول} أي كذب‬
‫بالي وتول عن طاعة المر ‪ ,‬وإنا على اللق أن يصدقوا الرسل فيما أخبوا ويطيعوهم فيما أمروا‪ .‬وكذلك‬
‫قال ف فرعون‪{ :‬فكذب وعصى}‪ .‬وقال عن جنس الكافر‪{ :‬فل صدق ول صلى} {ولكن كذب وتول}‪.‬‬
‫فالتكذ يب لل خب والتول عن ال مر‪ .‬وإنا اليان ت صديق الر سل في ما أ خبوا وطاعتهم فيما أمروا ومنه قوله‪:‬‬
‫{كما أرسلنا إل فرعون رسول} {فعصى فرعون الرسول} ولفظ " التول " بعن التول عن الطاعة مذكور‬
‫ف مواضع من القرآن كقوله‪{ :‬ستدعون إل قوم أول بأس شديد تقاتلونم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم ال‬
‫أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} وذمه ف غي موضع من القرآن من تول ;‬
‫دل يل على وجوب طا عة ال ور سوله وأن ال مر الطلق يقت ضي وجوب الطا عة وذم التول عن الطا عة ; ك ما‬
‫علق الذم بطلق العصية ف مثل قوله‪{ :‬فعصى فرعون الرسول}‪ .‬وقد قيل‪ :‬إن " التأبيد " ل يذكر ف القرآن‬
‫إل ف وعيد الكفار ; ولذا قال‪{ :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ال عليه ولعنه‬
‫وأ عد له عذا با عظي ما}‪ .‬وقال في من يور ف الوار يث‪{ :‬و من ي عص ال ور سوله ويت عد حدوده يدخله نارا‬
‫خالدا فيها وله عذاب مهي}‪ .‬فهنا قيد العصية بتعدي حدوده فلم يذكرها مطلقة ; وقال‪{ :‬وعصى آدم ربه‬
‫فغوى}‪ .‬فهي معصية خاصة ; وقال تعال‪{ :‬حت إذا فشلتم وتنازعتم ف المر وعصيتم من بعد ما أراكم ما‬
‫تبون} فأ خب عن مع صية واق عة معي نة و هي مع صية الرماة لل نب صلى ال عل يه و سلم ; ح يث أمر هم بلزوم‬
‫ثغرهم وإن رأوا السلمي قد انتصروا فعصى من عصى منهم هذا المر وجعل أميهم يأمرهم لا رأوا الكفار‬
‫منهزم ي وأق بل من أق بل من هم على الغا ن‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬وكره إلي كم الك فر والف سوق والع صيان}‪ .‬ج عل‬
‫ذلك ثلث مراتب‪ .‬وقد قال‪{ :‬ول يعصينك ف معروف}‪ .‬فقيد العصية ولذا فسرت بالنياحة قاله ابن عباس‪:‬‬
‫وروي ذلك مرفوعا‪ .‬وكذلك قال زيد بن أسلم ل يدعن ويل ول يدشن وجها ول ينشرن شعرا ول يشققن‬
‫ثو با‪ .‬و قد قال بعض هم‪ :‬هو ج يع ما يأمر هم به الر سول من شرائع ال سلم وأدل ته ك ما قاله أ بو سليمان‬
‫الدمشقي ‪ ,‬ولفظ الية عام أنن ل يعصينه ف معروف‪ .‬ومعصيته ل تكون إل ف معروف ; فإنه ل يأمر بنكر‬
‫لكن هذا كما قيل‪ :‬فيه دللة على أن طاعة أول المر إنا تلزم ف العروف كما ثبت ف " الصحيح " عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬إنا الطاعة ف العروف} ونظي هذا قوله‪{ :‬استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم‬
‫لا يييكم} وهو ل يدعو إل إل ذلك‪ .‬والتقييد هنا ل مفهوم له ; فإنه ل يقع دعاء لغي ذلك‪ .‬ول أمر بغي‬
‫معروف وهذا كقوله تعال‪{ :‬ول تكرهوا فتياتكهم على البغاء إن أردن تصهنا}‪ .‬فإننه إذا ل يردن تصهنا ;‬
‫امت نع الكراه‪ .‬ول كن ف هذا بيان الو صف النا سب للح كم وم نه قوله تعال‪{ :‬و من يدع مع ال إل ا آ خر ل‬
‫برهان له به فإن ا ح سابه ع ند ر به إ نه ل يفلح الكافرون}‪ .‬وقوله‪{ :‬ويقتلون ال نبيي بغ ي ال ق}‪ .‬فالتقي يد ف‬
‫جيع هذا للبيان واليضاح ل لخراج ف وصف آخر ; ولذا يقول من يقول من النحاة‪ :‬الصفات ف العارف‬
‫للتوض يح ل للتخ صيص و ف النكرات للتخ صيص يع ن ف العارف ال ت ل تتاج إل ت صيص كقوله‪ { :‬سبح‬
‫ا سم ر بك العلى} {الذي خلق ف سوى}‪ .‬وقوله‪{ :‬الذ ين يتبعون الر سول ال نب ال مي الذي يدو نه مكتو با‬
‫عندهم ف التوراة والنيل}‪ .‬وقوله‪{ :‬المد ل رب العالي} {الرحن الرحيم}‪ .‬والصفات ف النكرات إذا‬
‫تيزت تكون للتوضيح أيضا ومع هذا فقد عطف العصية على الكفر والفسوق ف قوله‪{ :‬وكره إليكم الكفر‬
‫والفسوق والعصيان}‪ .‬ومعلوم أن الفاسق عاص أيضا‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)62‬‬
‫ومن هذا الباب " ظلم النفس "‪ :‬فإنه إذا أطلق تناول جيع الذنوب فإنا ظلم العبد نفسه قال تعال‪{ :‬ذلك من‬
‫أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد} {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلتهم الت‬
‫يدعون من دون ال من شيء لا جاء أمر ربك وما زادوهم غي تتبيب}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وإذ قال موسى لقومه‬
‫يا قوم إن كم ظلم تم أنف سكم باتاذ كم الع جل فتوبوا إل بارئ كم}‪ .‬وقال ف ق تل الن فس‪{ :‬رب إ ن ظل مت‬
‫نفسي فاغفر ل}‪ .‬وقالت بلقيس‪{ :‬رب إن ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان ل رب العالي}‪ .‬وقال آدم‬
‫عليه السلم‪{ :‬ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين}‪ .‬ث قد يقرن ببعض الذنوب‬
‫كقوله تعال‪{ :‬والذيهن إذا فعلوا فاحشهة أو ظلموا أنفسههم}‪ .‬وقوله‪{ :‬ومهن يعمهل سهوءا أو يظلم نفسهه ثه‬
‫ي ستغفر ال ي د ال غفورا رحي ما}‪ .‬وأ ما ل فظ " الظلم الطلق " فيد خل ف يه الك فر و سائر الذنوب قال تعال‪:‬‬
‫{احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون} {من دون ال فاهدوهم إل صراط الحيم} {وقفوهم‬
‫إن م مسئولون}‪ .‬قال عمر بن الطاب‪ :‬ونظراؤهم‪ .‬وهذا ثابت عن عمر وروي ذلك عنه مرفوعا‪ .‬وكذلك‬
‫قال ابن عباس‪ :‬وأشباههم‪ .‬وكذلك قال قتادة والكلب‪ :‬كل من عمل بثل عملهم ; فأهل المر مع أهل المر‬
‫وأهل الزنا مع أهل الزنا‪ .‬وعن الضحاك ومقاتل‪ :‬قرناؤهم من الشياطي ; كل كافر معه شيطانه ف سلسلة‬
‫وهذا كقوله‪{ :‬وإذا النفوس زو جت}‪ .‬قال ع مر بن الطاب ر ضي ال ع نه‪ :‬الفا جر مع الفا جر وال صال مع‬
‫الصال‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬وذلك حي يكون الناس أزواجا ثلثة‪ .‬وقال السن وقتادة‪ :‬ألق كل امرئ بشيعته ;‬
‫اليهودي مع اليهود والن صران مع الن صارى‪ .‬وقال الرب يع بن خي ثم‪ :‬ي شر الرء مع صاحب عمله وهذا ك ما‬
‫ثبت ف " الصحيح " {عن النب صلى ال عليه وسلم لا قيل له‪ :‬الرجل يب القوم ولا يلحق بم قال‪ :‬الرء مع‬
‫من أ حب}‪ .‬وقال‪{ :‬الرواح جنود مندة ; ف ما تعارف من ها ائتلف و ما تنا كر من ها اختلف}‪ .‬وقال‪{ :‬الرء‬
‫على دين خليله فلينظر أحدكم من يالل}‪ .‬وزوج الشيء نظيه وسي الصنف زوجا ; لتشابه أفراده كقوله‪:‬‬
‫{فأنبتنا فيها من كل زوج كري}‪ .‬وقال‪{ :‬ومن كل شيء خلقنا زوجي لعلكم تذكرون}‪ .‬قال غي واحد‬
‫من الفسرين‪ :‬صنفي ونوعي متلفي‪ :‬السماء والرض والشمس والقمر والليل والنهار ; والب والبحر والسهل‬
‫والبل والشتاء والصيف والن والنس ; والكفر واليان والسعادة والشقاوة والق والباطل والذكر والنثى‬
‫والنور والظلمة واللو والر وأشباه ذلك {لعلكم تذكرون} فتعلمون أن خالق الزواج واحد‪ .‬وليس الراد أنه‬
‫يشر معهم زوجاتم مطلقا ; فإن الرأة الصالة قد يكون زوجها فاجرا ; بل كافرا كامرأة فرعون‪ .‬وكذلك‬
‫الرجل الصال قد تكون امرأته فاجرة بل كافرة كامرأة نوح ولوط‪ .‬لكن إذا كانت الرأة على دين زوجها ;‬
‫دخلت ف عموم الزواج ولذا قال ال سن الب صري‪ :‬وأزواج هم الشركات‪ .‬فل ر يب أن هذه ال ية تناولت‬
‫الكفار كما دل عليه سياق الية‪ .‬وقد تقدم كلم الفسرين‪ :‬أنه يدخل فيها الزناة مع الزناة ‪ ,‬وأهل المر مع‬
‫أهل المر‪ .‬وكذلك الثر الروي‪{ :‬إذا كان يوم القيامة قيل‪ :‬أين الظلمة وأعوانم ؟ ‪ -‬أو قال‪ :‬وأشباههم ‪-‬‬
‫فيجمعون ف توابيت من نار ث يقذف بم ف النار}‪ .‬وقد قال غي واحد من السلف‪ :‬أعوان الظلمة من أعانم‬
‫ولو أنه لق لم دواة أو برى لم قلما ومنهم من كان يقول‪ :‬بل من يغسل ثيابم من أعوانم‪ .‬وأعوانم‪ :‬هم‬
‫من أزواجهم الذكورين ف الية‪ .‬فإن العي على الب والتقوى من أهل ذلك ‪ ,‬والعي على الث والعدوان من‬
‫أهل ذلك‪ .‬قال تعال‪{ :‬من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل‬
‫منها} والشافع الذي يعي غيه فيصي معه شفعا بعد أن كان وترا ; ولذا فسرت " الشفاعة السنة " بإعانة‬
‫الؤمن ي على الهاد و " الشفا عة ال سيئة " بإعا نة الكفار على قتال الؤمن ي ك ما ذ كر ذلك ا بن جر ير وأ بو‬
‫سليمان‪ .‬وفسرت " الشفاعة السنة " بشفاعة النسان للنسان ليجتلب له نفعا أو يلصه من بلء كما قال‬
‫السن وماهد وقتادة وابن زيد ; فالشفاعة السنة إعانة على خي يبه ال ورسوله ; من نفع من يستحق النفع‬
‫ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه‪ .‬و " الشفاعة السيئة " إعانته على ما يكرهه ال ورسوله كالشفاعة‬
‫ال ت في ها ظلم الن سان أو م نع الح سان الذي ي ستحقه‪ .‬وف سرت الشفا عة ال سنة بالدعاء للمؤمن ي وال سيئة‬
‫بالدعاء عليهم ‪ ,‬وفسرت الشفاعة السنة بالصلح بي اثني وكل هذا صحيح‪ .‬فالشافع زوج الشفوع له إذ‬
‫الشفوع عنده من اللق إ ما أن يعي نه على بر وتقوى وإ ما أن يعي نه على إ ث وعدوان‪ .‬وكان {ال نب صلى ال‬
‫عل يه و سلم إذا أتاه طالب حا جة قال ل صحابه‪ :‬اشفعوا تؤجروا ويق ضي ال على ل سان نبيه ما شاء}‪ .‬وتام‬
‫الكلم يبي أن الية ‪ -‬وإن تناولت الظال الذي ظلم بكفره ‪ -‬فهي أيضا متناولة ما دون ذلك وإن قيل فيها‪:‬‬
‫{وما كانوا يعبدون} فقد ثبت ف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬تعس عبد الدينار‬
‫تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الميصة تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش}‪ .‬وثبت عنه ف "‬
‫الصحيح " أنه قال‪{ :‬ما من صاحب كن إل جعل له كنه يوم القيامة شجاعا أقرع يأخذ بلهزمته أنا مالك أنا‬
‫كنك‪ .‬وف لفظ‪ :‬إل مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع يفر منه وهو يتبعه حت يطوقه ف عنقه وقرأ رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم هذه الية‪{ :‬سيطوقون ما بلوا به يوم القيامة}}‪ .‬وف حديث آخر‪{ :‬مثل له يوم القيامة‬
‫شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب وهو يفر منه‪ :‬هذا مالك الذي كنت تبخل به فإذا رأى أنه ل بد له منه‬
‫أدخل يده ف فيه فيقضمها كما يقضم الفحل}‪ .‬وف رواية‪{ :‬فل يزال يتبعه فيلقمه يده فيقضمها ث يلقمه‬
‫سائر جسده}‪ .‬وقد قال تعال ف الية الخرى‪{ :‬والذين يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف سبيل ال‬
‫فبشرهم بعذاب أليم} {يوم يمى عليها ف نار جهنم فتكوى با جباههم وجنوبم وظهورهم هذا ما كنت‬
‫لنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنون} وقد ثبت ف " الصحيح " وغيه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫{ما من صاحب كن ل يؤدي زكاته إل أحي عليها ف نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى با جبينه وجنباه‬
‫حت يكم ال بي عباده ف يوم كان مقداره خسي ألف سنة ما تعدون ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل‬
‫النار}‪ .‬وف حديث أب ذر‪{ :‬بشر الكانزين برضف يمى عليها ف نار جهنم فتوضع على حلمة ثدي أحدهم‬
‫ح ت يرج من ن غض كتف يه ‪ ,‬ويو ضع على ن غض كتف يه ح ت يرج من حل مة ثدي يه يتزلزل وتكوي الباه‬
‫والنوب والظهور حت يلتقي الر ف أجوافهم}‪ .‬وهذا كما ف القرآن ويدل على أنه بعد دخول النار فيكون‬
‫هذا لن دخل النار من فعل به ذلك أول ف الوقف‪ .‬فهذا الظال لا منع الزكاة يشر مع أشباهه وماله الذي‬
‫صار عبدا له من دون ال فيعذب به وإن ل يكن هذا من أهل الشرك الكب الذين يلدون ف النار‪ .‬ولذا قال‬
‫ف آخر الديث‪{ :‬ث يرى سبيله إما إل النة وإما إل النار}‪ .‬فهذا بعد تعذيبه خسي ألف سنة ما تعدون ث‬
‫يد خل ال نة‪ .‬و قد {قال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ :‬الشرك ف هذه ال مة أخ فى من دب يب الن مل} قال ا بن‬
‫عباس وأصحابه‪ :‬كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق‪ .‬وكذلك قال أهل السنة كأحد بن حنبل‬
‫وغيه كمها سهنذكره ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬وقهد قال ال تعال‪{ :‬اتذوا أحبارههم ورهبانمه أربابها مهن دون ال‬
‫والسيح ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون}‪ .‬وف حديث {عدي‬
‫بن حات ‪ -‬وهو حديث حسن طويل رواه أحد والترمذي وغيها ‪ -‬وكان قد قدم على النب صلى ال عليه‬
‫و سلم و هو ن صران ف سمعه يقرأ هذه ال ية قال‪ :‬فقلت له إ نا ل سنا نعبد هم ; قال‪ :‬أل يس يرمون ما أ حل ال‬
‫فتحرمو نه ويلون ما حرم ال فتحلونه قال‪ :‬فقلت‪ :‬بلى‪ .‬قال‪ :‬فتلك عبادت م} وكذلك قال أبو البختري‪ :‬أما‬
‫إن م ل ي صلوا ل م ‪ ,‬ولو أمرو هم أن يعبدو هم من دون ال ما أطاعو هم ‪ ,‬ول كن أمرو هم فجعلوا حلل ال‬
‫حرامه وحرامه حلله ; فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية‪ .‬وقال الربيع بن أنس‪ :‬قلت لب العالية‪ :‬كيف كانت‬
‫تلك الربوبية ف بن إسرائيل ؟ قال‪ :‬كانت الربوبية أنم وجدوا ف كتاب ال ما أمروا به ونوا عنه فقالوا‪ :‬لن‬
‫نسبق أحبارنا بشيء ; فما أمرونا به ائتمرنا وما نونا عنه انتهينا لقولم فاستنصحوا الرجال ونبذوا كتاب ال‬
‫وراء ظهورهم ‪ ,‬فقد بي النب صلى ال عليه وسلم أن عبادتم إياهم كانت ف تليل الرام وتري اللل ل‬
‫أنم صلوا لم وصاموا لم ودعوهم من دون ال فهذه عبادة للرجال وتلك عبادة للموال وقد بينها النب صلى‬
‫ال عل يه و سلم و قد ذ كر ال أن ذلك شرك بقوله‪{ :‬ل إله إل هو سبحانه ع ما يشركون}‪ .‬فهذا من الظلم‬
‫الذي يدخهل فه قوله‪{ :‬احشروا الذيهن ظلموا وأزواجههم ومها كانوا يعبدون} {مهن دون ال}‪ .‬فإن هؤلء‬
‫والذيهن أمروههم بذا ههم جيعها معذبون وقال‪{ :‬إنكهم ومها تعبدون مهن دون ال حصهب جهنهم أنتهم لاه‬
‫واردون}‪ .‬وإن ا يرج من هذا من ع بد مع كراه ته لن يع بد ويطاع ف مع صية ال‪ .‬ف هم الذ ين سبقت ل م‬
‫ال سن كال سيح والعز ير وغيه ا فأولئك (مبعدون)‪ .‬وأ ما من ر ضي بأن يع بد ويطاع ف مع صية ال ف هو‬
‫مستحق للوعيد ولو ل يأمر بذلك فكيف إذا أمر وكذلك من أمر غيه بأن يعبد غي ال وهذا من " أزواجهم‬
‫" فإن " أزواجهم " قد يكونون رؤساء لم وقد يكونون أتباعا وهم أزواج وأشباه لتشابهم ف الدين ‪ ,‬وسياق‬
‫ال ية يدل على ذلك فإ نه سبحانه قال‪{ :‬احشروا الذ ين ظلموا وأزواج هم و ما كانوا يعبدون} { من دون ال‬
‫فاهدوههم إل صهراط الحيهم} قال ابهن عباس‪ :‬دلوههم‪ .‬وقال الضحاك مثله‪ .‬وقال ابهن كيسهان‪ :‬قدموههم‪.‬‬
‫والعن‪ :‬قودوهم كما يقود الادي لن يهديه ‪ ,‬ولذا تسمى العناق الوادي لنا تقود سائر البدن ‪ ,‬وتسمى‬
‫أوائل الوحش الوادي‪{ .‬وقفوهم إنم مسئولون} {ما لكم ل تناصرون}‪ .‬أي‪ :‬كما كنتم تتناصرون ف الدنيا‬
‫على الباطل‪{ .‬بل هم اليوم مستسلمون} {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} {قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن‬
‫اليمي} {قالوا بل ل تكونوا مؤمني} {وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغي} {فحق علينا‬
‫قول ربنا إنا لذائقون} {فأغويناكم إنا كنا غاوين} {فإنم يومئذ ف العذاب مشتركون} {إنا كذلك نفعل‬
‫بالجرم ي} {إن م كانوا إذا ق يل ل م ل إله إل ال ي ستكبون} {ويقولون أئ نا لتار كو آلت نا لشا عر منون}‪.‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬قال ادخلوا ف أمم قد خلت من قبلكم من الن والنس ف النار كلما دخلت أمة لعنت أختها‬
‫ح ت إذا اداركوا في ها جي عا قالت أخرا هم لول هم رب نا هؤلء أضلو نا فآت م عذا با ضع فا من النار قال ل كل‬
‫ض عف ول كن ل تعلمون وقالت أول هم لخرا هم ف ما كان ل كم علي نا من ف ضل فذوقوا العذاب ب ا كن تم‬
‫تك سبون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وإذ يتحاجون ف النار فيقول الضعفاء للذ ين ا ستكبوا إ نا ك نا ل كم تب عا ف هل أن تم‬
‫مغنون عنا نصيبا من النار} {قال الذين استكبوا إنا كل فيها إن ال قد حكم بي العباد}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ولو‬
‫ترى إذ الظالون موقوفون عند ربم يرجع بعضهم إل بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبوا لول‬
‫أنتم لكنا مؤمني} {قال الذين استكبوا للذين استضعفوا أنن صددناكم عن الدى بعد إذ جاءكم بل كنتم‬
‫مرم ي} {وقال الذ ين ا ستضعفوا للذ ين ا ستكبوا بل م كر الل يل والنهار إذ تأمرون نا أن نك فر بال ون عل له‬
‫أندادا وأسروا الندامة لا رأوا العذاب وجعلنا الغلل ف أعناق الذين كفروا هل يزون إل ما كانوا يعملون}‪.‬‬
‫وقوله ف سياق الية‪{ :‬إن م كانوا إذا ق يل ل م ل إله إل ال ي ستكبون} ول ريب أن ا تتناول " الشرك ي "‪:‬‬
‫الصغر والكب وتتناول أيضا من استكب عما أمره ال به من طاعته ; فإن ذلك من تقيق قول ل إله إل ال ;‬
‫فإن الله هو ال ستحق للعبادة ف كل ما يع بد به ال ف هو من تام تأله العباد له ف من ا ستكب عن ب عض عباد ته‬
‫سامعا مطيعا ف ذلك لغيه ; ل يقق قول‪ :‬ل إله إل ال ف هذا القام‪ .‬وهؤلء الذين اتذوا أحبارهم ورهبانم‬
‫أربابا ‪ -‬حيث أطاعوهم ف تليل ما حرم ال وتري ما أحل ال يكونون على وجهي‪( :‬أحدها)‪ :‬أن يعلموا‬
‫أنم بدلوا دين ال فيتبعونم على التبديل فيعتقدون تليل ما حرم ال وتري ما أحل ال اتباعا لرؤسائهم مع‬
‫علمههم أنمه خالفوا ديهن الرسهل فهذا كفهر وقهد جعله ال ورسهوله شركها ‪ -‬وإن ل يكونوا يصهلون لمه‬
‫ويسجدون لم ‪ -‬فكان من اتبع غيه ف خلف الدين مع علمه أنه خلف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما‬
‫قاله ال ورسوله ; مشركا مثل هؤلء‪ .‬و (الثان)‪ :‬أن يكون اعتقادهم وإيانم بتحري اللل وتليل الرام ثابتا‬
‫لكنهم أطاعوهم ف معصية ال كما يفعل السلم ما يفعله من العاصي الت يعتقد أنا معاص ; فهؤلء لم حكم‬
‫أمثالم من أهل الذنوب كما ثبت ف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬إنا الطاعة ف‬
‫العروف} وقال‪{ :‬على ال سلم ال سمع والطا عة في ما أ حب أو كره ما ل يؤ مر بع صية}‪ .‬وقال‪{ :‬ل طا عة‬
‫لخلوق فه معصهية الالق}‪ .‬وقال‪{ :‬مهن أمركهم بعصهية ال فل تطيعوه}‪ .‬ثه ذلك الحرم للحلل والحلل‬
‫للحرام إن كان متهدا قصده اتباع الر سول لكن خفي عليه ال ق ف نفس ال مر وقد اتقى ال ما ا ستطاع ;‬
‫فهذا ل يؤاخذه ال بطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه‪ .‬ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به‬
‫الرسول ث اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه ال ل سيما إن‬
‫ات بع ف ذلك هواه ون صره بالل سان وال يد مع عل مه بأ نه مالف للر سول ; فهذا شرك ي ستحق صاحبه العقو بة‬
‫عليه‪ .‬ولذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الق ل يوز له تقليد أحد ف خلفه وإنا تنازعوا ف جواز التقليد‬
‫للقادر على الستدلل وإن كان عاجزا عن إظهار الق الذي يعلمه ; فهذا يكون كمن عرف أن دين السلم‬
‫حق وهو بي النصارى فإذا فعل ما يقدر عليه من الق ; ل يؤاخذ با عجز عنه وهؤلء كالنجاشي وغيه‪.‬‬
‫وقد أنزل ال ف هؤلء آيات من كتابه كقوله تعال‪{ :‬وإن من أهل الكتاب لن يؤمن بال وما أنزل إليكم وما‬
‫أنزل إليههم}‪ .‬وقوله‪{ :‬ومهن قوم موسهى أمهة يهدون بالقه وبهه يعدلون}‪ .‬وقوله‪{ :‬وإذا سعوا مها أنزل إل‬
‫الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق}‪ .‬وأما إن كان التبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الق‬
‫على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الجتهاد ف التقليد ; فهذا ل يؤاخذ إن أخطأ كما ف القبلة‪ .‬وأما‬
‫إن قلد شخصا دون نظيه بجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غي علم أن معه الق ; فهذا من أهل الاهلية‪.‬‬
‫وإن كان متبوعه مصيبا ; ل يكن عمله صالا‪ .‬وإن كان متبوعه مطئا ; كان آثا‪ .‬كمن قال ف القرآن برأيه ;‬
‫فإن أصاب فقد أخطأ وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار‪ .‬وهؤلء من جنس مانع الزكاة الذي تقدم فيه الوعيد‬
‫ومن جنس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والميصة فإن ذلك لا أحب الال حبا منعه عن عبادة ال وطاعته‬
‫صار عبدا له‪ .‬وكذلك هؤلء ; فيكون فيه شرك أصغر ولم من الوعيد بسب ذلك‪ .‬وف الديث‪{ :‬إن يسي‬
‫الرياء شرك}‪ .‬وهذا مبسوط عند النصوص الت فيها إطلق الكفر والشرك على كثي من الذنوب‪( .‬والقصود‬
‫هنا) أن الظلم الطلق يتناول الكفر ول يتص بالكفر ; بل يتناول ما دونه أيضا وكل بسبه كلفظ " الذنب "‬
‫و " الطيئة " " والعصية "‪ .‬فإن هذا يتناول الكفر والفسوق والعصيان كما ف " الصحيحي " عن {عبد ال‬
‫بن مسعود قال‪ :‬قلت يا رسول ال أي الذنب أعظم ؟ قال‪ :‬أن تعل ل ندا وهو خلقك‪ .‬قلت‪ :‬ث أي ؟ قال‪:‬‬
‫ثه أن تقتهل ولدك خشيهة أن يطعهم معهك‪ .‬قلت‪ :‬ثه أي ؟ قال‪ :‬ثه أن تزانه بليلة جارك فأنزل ال تعال‪:‬‬
‫{والذين ل يدعون مع ال إلا آخر ول يقتلون النفس الت حرم ال إل بالق ول يزنون ومن يفعل ذلك يلق‬
‫أثا ما} {يضا عف له العذاب يوم القيا مة ويلد ف يه مها نا} {إل من تاب وآ من وع مل عمل صالا فأولئك‬
‫يبدل ال سيئاتم ح سنات وكان ال غفورا رحي ما} {و من تاب وع مل صالا فإ نه يتوب إل ال متا با}‪}.‬‬
‫فهذا الوعيد بتمامه على الثلثة ولكل عمل قسط منه ; فلو أشرك ول يقتل ول يزن ; كان عذابه دون ذلك‪.‬‬
‫ولو ز ن وق تل ول يشرك ; كان له من هذا العذاب ن صيب ك ما ف قوله‪{ :‬و من يق تل مؤم نا متعمدا فجزاؤه‬
‫جه نم خالدا في ها وغ ضب ال عل يه ولع نه وأ عد له عذا با عظي ما}‪ .‬ول يذ كر‪( :‬أبدا)‪ .‬و قد ق يل‪ :‬إن ل فظ "‬
‫التأبيد " ل يئ إل مع الكفر وقال ال تعال‪{ :‬ويوم يعض الظال على يديه يقول يا ليتن اتذت مع الرسول‬
‫سبيل} {يا ويلت ليتن ل أتذ فلنا خليل} {لقد أضلن عن الذكر بعد إذ جاءن وكان الشيطان للنسان‬
‫خذول}‪ .‬فل ريهب أن هذا يتناول الكافهر الذي ل يؤمهن بالرسهول‪ .‬وسهبب نزول اليهة كان فه ذلك فإن "‬
‫الظلم الطلق " يتناول ذلك ويتناول ما دونه بسبه‪ .‬فمن خال ملوقا ف خلف أمر ال ورسوله ; كان له من‬
‫هذا الوع يد ن صيب ك ما قال تعال‪{ :‬الخلء يومئذ بعض هم لب عض عدو إل التق ي}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬إذ تبأ‬
‫الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بم السباب}‪ .‬قال الفضيل بن عياض‪ :‬حدثنا الليث عن‬
‫ماههد‪ :‬ههي الودات الته كانهت بينههم لغيه ال‪ .‬فإن " الخالة " تاب وتواد ; ولذا قال‪{ :‬الرء على ديهن‬
‫خليله} فإن التحابي يب أحدها ما يب الخر بسب الب فإذا اتبع أحدها صاحبه على مبته ما يبغضه‬
‫ال ورسوله ; نقص من دينهما بسب ذلك إل أن ينتهي إل الشرك الكب قال تعال‪{ :‬ومن الناس من يتخذ‬
‫مهن دون ال أندادا يبونمه كحهب ال والذيهن آمنوا أشهد حبها ل}‪ .‬والذيهن قدموا مبهة الال الذي كنوه‬
‫والخلوق الذي اتبعوه على م بة ال ور سوله كان في هم من الظلم والشرك ب سب ذلك فلهذا ألزم هم مبوب م‬
‫ك ما ف الديث يقول ال تعال‪{ :‬أليس عدل م ن أن أول كل ر جل من كم ما كان يتوله ف الدن يا}‪ .‬و قد‬
‫ثبت ف " الصحيح " يقول‪{ :‬ليذهب كل قوم إل ما كانوا يعبدون ; فمن كان يعبد الشمس الشمس ومن‬
‫كان يعبد القمر القمر ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت ويثل للنصارى السيح ولليهود عزير‪ .‬فيتبع كل‬
‫قوم ما كانوا يعبدون وتبقى هذه المة فيها منافقوها} كما سيأت هذا الديث ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬فهؤلء " أهل‬
‫الشرك الكب "‪ .‬وأما " عبيد الال " الذين كنوه وعبيد الرجال الذين أطاعوهم ف معاصي ال فأولئك يعذبون‬
‫عذابا دون عذاب أولئك الشركي ; إما ف عرصات القيامة وإما ف جهنم ومن أحب شيئا دون ال عذب به‪.‬‬
‫وقال تعال‪ { :‬يا أي ها الذ ين آمنوا أنفقوا م ا رزقنا كم من ق بل أن يأ ت يوم ل ب يع ف يه ول خلة ول شفا عة‬
‫والكافرون هم الظالون}‪ " .‬فالك فر الطلق " هو الظلم الطلق ; ولذا ل شف يع لهله يوم القيامهة ك ما ن فى‬
‫الشفاعة ف هذه الية وف قوله‪{ :‬وأنذرهم يوم الزفة إذ القلوب لدى الناجر كاظمي ما للظالي من حيم‬
‫ول شف يع يطاع} {يعلم خائ نة الع ي و ما ت في ال صدور}‪ .‬وقال‪{ :‬فكبكبوا في ها هم والغاوون} {وجنود‬
‫إبل يس أجعون} {قالوا و هم في ها يت صمون} {تال إن ك نا ل في ضلل مبي} {إذ ن سويكم برب العال ي}‬
‫{وما أضلنا إل الجرمون} {فما لنا من شافعي} {ول صديق حيم} {فلو أن لنا كرة فنكون من الؤمني}‪.‬‬
‫وقوله‪{ :‬إذ نسويكم} ل يريدوا به أنم جعلوهم مساوين ل من كل وجه ; فإن هذا ل يقله أحد من بن آدم‬
‫ول نقل عن قوم قط من الكفار أنم قالوا‪ :‬إن هذا العال له خالقان متماثلن حت الجوس القائلي " بالصلي‪:‬‬
‫النور والظلمة " متفقون على أن " النور " خي يستحق أن يعبد ويمد وأن " الظلمة " شريرة تستحق أن تذم‬
‫وتل عن واختلفوا هل الظل مة مد ثة أو قدي ة ؟ على قول ي وب كل حال ل يعلو ها م ثل النور من كل و جه‪.‬‬
‫وكذلك " مشركهو العرب " كانوا متفقيه على أن أربابمه ل تشارك ال فه خلق السهموات والرض ; بهل‬
‫كانوا مقرين بأن ال وحده خلق السموات والرض وما بينهما كما أخب ال عنهم بذلك ف غي آية كقوله‬
‫تعال‪{ :‬ولئن سألتهم من خلق ال سماوات والرض و سخر الش مس والق مر ليقولن ال فأ ن يؤفكون} {ال‬
‫يب سط الرزق ل ن يشاء من عباده ويقدر له إن ال ب كل ش يء عل يم} {ولئن سألتهم من نزل من ال سماء ماء‬
‫فأحيا به الرض من بعد موتا ليقولن ال قل المد ل بل أكثرهم ل يعقلون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ولئن سألتهم من‬
‫خلق السماوات والرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} {الذي جعل لكم الرض مهدا وجعل لكم فيها سبل‬
‫لعلكهم تتدون} {والذي نزل مهن السهماء ماء بقدر فأنشرنها بهه بلدة ميتها كذلك ترجون} {والذي خلق‬
‫الزواج كل ها وج عل ل كم من الفلك والنعام ما تركبون} {لت ستووا على ظهوره ث تذكروا نع مة رب كم إذا‬
‫استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرني وإنا إل ربنا لنقلبون}‪ .‬وهذه الصفات من‬
‫كلم ال تعال ; ليست من تام جوابم‪ .‬وقال تعال‪{ :‬قل لن الرض ومن فيها إن كنتم تعلمون} {سيقولون‬
‫ل قل أفل تذكرون} { قل من رب ال سماوات ال سبع ورب العرش العظ يم} { سيقولون ل} اليات‪ .‬وقال‬
‫تعال {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب ال أو أتتكم الساعة أغي ال تدعون إن كنتم صادقي} {بل إياه تدعون‬
‫فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون}‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬آل خي أم ما يشركون} {أمن خلق‬
‫السماوات والرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله‬
‫مع ال بل هم قوم يعدلون} {أ من ج عل الرض قرارا وج عل خلل ا أنارا وج عل ل ا روا سي وج عل ب ي‬
‫البحر ين حاجزا أإله مع ال}‪ .‬أي‪ :‬أإله مع ال فعل هذا ؟ وهذا استفهام إنكار وهم مقرون بأنه ل يفعل هذا‬
‫إله آخر مع ال‪ .‬ومن قال من الفسرين إن الراد‪ :‬هل مع ال إله آخر ؟ فقد غلط ; فإنم كانوا يعلون مع ال‬
‫آلة أخرى كما قال تعال‪{ :‬أئنكم لتشهدون أن مع ال آلة أخرى قل ل أشهد}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬فما أغنت‬
‫عنهم آلتهم الت يدعون من دون ال من ش يء}‪ .‬وقال تعال عنهم‪{ :‬أجعل اللة إلا واحدا إن هذا لشيء‬
‫عجاب}‪ .‬وكانوا معترف ي بأن آلت هم ل تشارك ال ف خلق ال سموات والرض ول خلق ش يء ; بل كانوا‬
‫يتخذون م شفعاء وو سائط ك ما قال تعال‪{ :‬ويعبدون من دون ال ما ل يضر هم ول ينفع هم ويقولون هؤلء‬
‫شفعاؤنا عند ال}‪ .‬وقال عن صاحب يس‪{ :‬وما ل ل أعبد الذي فطرن وإليه ترجعون} {أأتذ من دونه آلة‬
‫إن يردن الرحنه بضهر ل تغهن عنه شفاعتههم شيئا ول ينقذون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وأنذر بهه الذيهن يافون أن‬
‫يشروا إل رب م ل يس ل م من دو نه ول ول شف يع}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ال الذي خلق ال سماوات والرض و ما‬
‫بينه ما ف ستة أيام ث ا ستوى على العرش ما ل كم من دو نه من ول ول شف يع أفل تتذكرون}‪ .‬وقال‪ { :‬قل‬
‫ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يلكون مثقال ذرة ف السماوات ول ف الرض وما لم فيهما من شرك وما‬
‫له منهم من ظهي} {ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن له} فنفى عما سواه كل ما يتعلق به الشركون فنفى‬
‫أن يكون لغيه ملك أو قسط من اللك أو يكون عونا ل ول يبق إل الشفاعة ; فبي أنا ل تنفع إل لن أذن له‬
‫الرب ك ما قال تعال‪ { :‬من ذا الذي يش فع عنده إل بإذ نه} وقال تعال عن اللئ كة‪{ :‬ول يشفعون إل ل ن‬
‫ارت ضى}‪ .‬وقال‪{ :‬و كم من ملك ف ال سماوات ل تغ ن شفاعت هم شيئا إل من ب عد أن يأذن ال ل ن يشاء‬
‫ويرضى}‪ .‬فهذه " الشفاعة " الت يظنها الشركون ; هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن‪ .‬وأما ما أخب به‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أنه يكون‪ .‬فأخب‪{ :‬أنه يأت فيسجد لربه ويمده ل يبدأ بالشفاعة أول‪ .‬فإذا سجد‬
‫وحد ربه بحامد يفتحها عليه ; يقال له‪ :‬أي ممد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط واشفع تشفع‪ .‬فيقول‪:‬‬
‫أي رب أمت فيحد له حدا فيدخلهم النة‪ .‬وكذلك ف الثانية وكذلك ف الثالثة وقال له أبو هريرة‪ :‬من أسعد‬
‫الناس بشفاع تك يوم القيا مة ؟ قال‪ :‬من قال‪ :‬ل إله إل ال خال صا من قل به}‪ .‬فتلك " الشفا عة " هي ل هل‬
‫الخلص بإذن ال لي ست ل ن أشرك بال ول تكون إل بإذن ال‪ .‬وحقيق ته أن ال هو الذي يتف ضل على أ هل‬
‫الخلص والتوحيهد فيغفهر لمه بواسهطة دعاء الشافهع الذي أذن له أن يشفهع ليكرمهه بذلك وينال بهه القام‬
‫الحمود الذي يغبطه به الولون والخرون صلى ال عليه وسلم كما كان ف الدنيا يستسقي لم ويدعو لم‬
‫وتلك شفاعة منه لم فكان ال ييب دعاءه وشفاعته‪ .‬وإذا كان كذلك " فالظلم ثلثة أنواع "‪ :‬فالظلم الذي‬
‫هو شرك ل شفاعة فيه‪ .‬وظلم الناس بعضهم بعضا ل بد فيه من إعطاء الظلوم حقه ; ل يسقط حق الظلوم ل‬
‫بشفاعة ول غيها ولكن قد يعطى الظلوم من الظال كما قد يغفر لظال نفسه بالشفاعة‪ .‬فالظال الطلق ما له‬
‫من شفيع مطاع وأما الوحد فلم يكن ظالا مطلقا بل هو موحد مع ظلمه لنفسه‪ .‬وهذا إنا نفعه ف القيقة‬
‫إخلصه ل فبه صار من أهل الشفاعة‪ .‬ومقصود القرآن ينفي الشفاعة نفي الشرك وهو‪ :‬أن أحدا ل يعبد إل‬
‫ال ول يدعو غيه ول يسأل غيه ول يتوكل على غيه ل ف شفاعة ول غيها ; فليس له أن يتوكل على أحد‬
‫ف أن يرزقه وإن كان ال يأتيه برزقه بأسباب‪ .‬كذلك ليس له أن يتوكل على غي ال ف أن يغفر له ويرحه ف‬
‫الخرة وإن كان ال يغفر له ويرحه بأسباب من شفاعة وغيها فالشفاعة الت نفاها القرآن مطلقا ; ما كان‬
‫في ها شرك وتلك منتف ية مطل قا ; ولذا أث بت الشفا عة بإذ نه ف موا ضع وتلك قد ب ي الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسلم أنا ل تكون إل لهل التوحيد والخلص فهي من التوحيد ‪ ,‬ومستحقها أهل التوحيد‪ .‬وأما " الظلم‬
‫القيد " فقد يتص بظلم النسان نفسه وظلم الناس بعضهم بعضا كقول آدم عليه السلم وحواء‪{ :‬ربنا ظلمنا‬
‫أنفسنا}‪ .‬وقول موسى‪{ :‬رب إن ظلمت نفسي}‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم‬
‫ذكروا ال فا ستغفروا لذنوب م}‪ .‬ل كن قول آدم ومو سى إخبار عن وا قع ل عموم ف يه وذلك قد عرف ول‬
‫المد أنه ليس كفرا‪ .‬وأما قوله‪{ :‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} فهو نكرة ف سياق الشرط يعم‬
‫كل ما فيه ظلم النسان نفسه ; وهو إذا أشرك ث تاب تاب ال عليه‪ .‬وقد تقدم أن ظلم النسان لنفسه يدخل‬
‫فيه كل ذنب كبي أو صغي مع الطلق وقال تعال {ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظال‬
‫لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات}‪ .‬فهذا ظلم لنفسه مقرون بغيه ; فل يدخل فيه الشرك الكب‪.‬‬
‫وف " الصحيحي " {عن ابن مسعود أنه لا أنزلت هذه الية‪{ :‬الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم} شق ذلك‬
‫على أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وقالوا‪ :‬أينا ل يظلم نفسه ؟ فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنا هو‬
‫الشرك ; أل ت سمعوا إل قول الع بد ال صال‪{ :‬إن الشرك لظلم عظ يم}}‪ .‬والذ ين شق ذلك علي هم ظنوا‪ :‬أن‬
‫الظلم الشروط هو ظلم الع بد نف سه وأ نه ل يكون ال من والهتداء إل ل ن ل يظلم نف سه ; ف شق ذلك علي هم‬
‫فبي النب صلى ال عليه وسلم لم ما دلم على أن الشرك ظلم ف كتاب ال تعال‪ .‬وحينئذ فل يصل المن‬
‫والهتداء إل لن ل يلبس إيانه بذا الظلم ; ومن ل يلبس إيانه به كان من أهل المن والهتداء‪ .‬كما كان من‬
‫أ هل ال صطفاء ف قوله‪ { :‬ث أورث نا الكتاب الذ ين ا صطفينا من عباد نا} إل قوله {جنات عدن يدخلون ا}‪.‬‬
‫وهذا ل ينفي أن يؤاخذ أحدهم بظلم نفسه إذا ل يتب كما قال تعال {فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ومن‬
‫يعمل مثقال ذرة شرا يره}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬من يعمل سوءا يز به}‪ .‬وقد {سأل أبو بكر النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن ذلك فقال‪ :‬يا رسول ال وأينا ل يعمل سوءا ؟ فقال‪ :‬يا أبا بكر ألست تنصب ألست تزن ألست‬
‫ت صيبك اللواء ؟ فذلك ما تزون به} فبي أن الؤ من الذي إذا تاب د خل ال نة قد يزى ب سيئاته ف الدن يا‬
‫بالصائب الت تصيبه كما ف " الصحيحي " عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬مثل الؤمن كمثل الامة من‬
‫الزرع تفيئها الرياح تقومها تارة وتيلها أخرى ومثل النافق كمثل شجرة الرز ل تزال ثابتة على أصلها حت‬
‫يكون انعاف ها مرة واحدة}‪ .‬و ف " ال صحيحي " عنه صلى ال عليه و سلم أنه قال‪{ :‬ما ي صيب الؤمن من‬
‫وصب ول نصب ول هم ول حزن ول غم ول أذى حت الشوكة يشاكها إل كفر ال با من خطاياه} وف‬
‫حد يث { سعد بن أ ب وقاص قلت‪ :‬يا ر سول ال أي الناس أ شد بلء ؟ قال‪ :‬ال نبياء ث ال صالون ث الم ثل‬
‫فالمثل ; يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان ف دينه صلبة زيد ف بلئه وإن كان ف دينه رقة ; خفف‬
‫عنه ول يزال البلء بالؤمن حت يشي على الرض وليس عليه خطيئة} رواه أحد والترمذي وغيها‪ .‬وقال‪:‬‬
‫{الرض ح طة ي ط الطا يا عن صاحبه ك ما ت ط الشجرة الياب سة ورق ها} والحاد يث ف هذا الباب كثية‪.‬‬
‫فمن سلم من أجناس الظلم الثلثة ; كان له المن التام والهتداء التام‪ .‬ومن ل يسلم من ظلمه نفسه ; كان له‬
‫المن والهتداء مطلقا بعن أنه ل بد أن يدخل النة كما وعد بذلك ف الية الخرى وقد هداه إل الصراط‬
‫الستقيم الذي تكون عاقبته فيه إل النة ويصل له من نقص المن والهتداء بسب ما نقص من إيانه بظلمه‬
‫نفسه‪ .‬وليس مراد النب صلى ال عليه وسلم بقوله {إنا هو الشرك} أن من ل يشرك الشرك الكب يكون له‬
‫ال من التام والهتداء التام‪ .‬فإن أحادي ثه الكثية مع ن صوص القرآن تبي أن أ هل الكبائر معرضون للخوف ل‬
‫يصل ل م ال من التام ول الهتداء التام الذي يكونون به مهتدين إل الصراط ال ستقيم صراط الذين أن عم ال‬
‫عليهم من النبيي والصديقي والشهداء والصالي من غي عذاب يصل لم ; بل معهم أصل الهتداء إل هذا‬
‫الصراط ومعهم أصل نعمة ال عليهم ول بد لم من دخول النة‪ .‬وقول النب صلى ال عليه وسلم {إنا هو‬
‫الشرك} إن أراد به الشرك الكب فمقصوده أن من ل يكن من أهله فهو آمن ما وعد به الشركون من عذاب‬
‫الدن يا والخرة و هو مه تد إل ذلك‪ .‬وإن كان مراده ج نس الشرك ; فيقال‪ :‬ظلم الع بد نف سه كبخله ‪ -‬ل ب‬
‫الال ‪ -‬ببعض الواجب هو شرك أصغر ‪ ,‬وحبه ما يبغضه ال حت يكون يقدم هواه على مبة ال شرك أصغر‬
‫ونو ذلك‪ .‬فهذا صاحبه قد فاته من المن والهتداء بسبه ولذا كان السلف يدخلون الذنوب ف هذا الظلم‬
‫بذا العتبار‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)83‬‬
‫و من هذا الباب ل فظ " ال صلح " و " الف ساد "‪ :‬فإذا أطلق ال صلح تناول ج يع ال ي وكذلك الف ساد يتناول‬
‫جيع الشر كما تقدم ف اسم الصال وكذلك اسم الصلح والفسد قال تعال ف قصة موسى‪{ :‬أتريد أن تقتلن‬
‫ك ما قتلت نف سا بال مس إن تر يد إل أن تكون جبارا ف الرض و ما تر يد أن تكون من ال صلحي} {وقال‬
‫موسى لخيه هارون اخلفن ف قومي وأصلح ول تتبع سبيل الفسدين} وقال تعال‪{ :‬وإذا قيل لم ل تفسدوا‬
‫ف الرض قالوا إنا نن مصلحون} {أل إنم هم الفسدون ولكن ل يشعرون}‪ .‬والضمي عائد على النافقي‬
‫ف قوله‪{ :‬و من الناس من يقول آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي} وهذا مطلق يتناول من كان على‬
‫عهد النب صلى ال عليه وسلم ومن سيكون بعدهم ; ولذا قال سلمان الفارسي‪ :‬إنه عن بذه الية قوما ل‬
‫يكونوا خلقوا ح ي نزول ا وكذا قال ال سدي عن أشيا خه‪ :‬الف ساد الك فر والعا صي‪ .‬و عن ما هد‪ :‬ترك امتثال‬
‫الوا مر واجتناب النوا هي‪ .‬والقولن معناه ا وا حد‪ .‬و عن ابن عباس‪ :‬الك فر‪ .‬وهذا مع ن قول من قال‪ :‬النفاق‬
‫الذي صافوا به الكفار وأطلعوهم على أسرار الؤمني‪ .‬وعن أب العالية ومقاتل‪ :‬العمل بالعاصي‪ .‬وهذا أيضا‬
‫عام كالولي‪ .‬وقولم‪{ :‬إنا نن مصلحون} فسر بإنكار ما أقروا به أي‪ :‬إنا إنا نفعل ما أمرنا به الرسول‪.‬‬
‫وف سر‪ :‬بأن الذي نفعله صلح ونق صد به ال صلح وكل القول ي يروى عن ا بن عباس وكله ا حق فإن م‬
‫يقولون هذا وهذا ‪ ,‬يقولون الول لن ل يطلع على بواطنهم ويقولون الثان لنفسهم ولن اطلع على بواطنهم‪.‬‬
‫لكن الثان يتناول الول ; فإن من جلة أفعالم إسرار خلف ما يظهرون وهم يرون هذا صلحا قال ماهد‪:‬‬
‫أرادوا أن م صافاة الكفار صلح ل ف ساد‪ .‬و عن ال سدي‪ :‬إن فعل نا هذا هو ال صلح وت صديق م مد ف ساد ‪,‬‬
‫وقيل‪ :‬أرادوا أن هذا صلح ف الدنيا فإن الدولة إن كانت للنب صلى ال عليه وسلم ; فقد أمنوا بتابعته وإن‬
‫كا نت للكفار ; ف قد أمنو هم ب صافاتم‪ .‬ول جل القول ي ق يل ف قوله‪{ :‬أل إن م هم الف سدون ول كن ل‬
‫يشعرون} أي ل يشعرون أن مها فعلوه فسهاد ل صهلح‪ .‬وقيهل‪ :‬ل يشعرون أن ال يطلع نهبيه على فسهادهم‪.‬‬
‫والقول الول يتناول الثان ; فهو الراد كما يدل عليه لفظ الية‪ .‬وقال تعال {إن وليي ال الذي نزل الكتاب‬
‫وهو يتول الصالي} وقال {قال موسى ما جئتم به السحر إن ال سيبطله إن ال ل يصلح عمل الفسدين}‬
‫وقول يو سف {توف ن م سلما وألق ن بال صالي}‪ .‬و قد يقرن أحده ا ب ا هو أ خص م نه كقوله‪{ :‬وإذا تول‬
‫سهعى فه الرض ليفسهد فيهها ويهلك الرث والنسهل وال ل يبه الفسهاد} قيهل‪ :‬بالكفهر وقيهل‪ :‬بالظلم ;‬
‫وكله ا صحيح وقال تعال‪{ :‬تلك الدار الخرة نعل ها للذ ين ل يريدون علوا ف الرض ول ف سادا} و قد‬
‫تقدم قوله تعال‪{ :‬إن فرعون عل ف الرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي‬
‫نساءهم إنه كان من الفسدين}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬من أجل ذلك كتبنا على بن إسرائيل أنه من قتل نفسا بغي‬
‫نفس أو فساد ف الرض فكأنا قتل الناس جيعا} وقتل النفس الول من جلة الفساد لكن الق ف القتل لول‬
‫القتول و ف الردة والحار بة والز نا ; ال ق في ها لعموم الناس ; ولذا يقال‪ :‬هو حق ل ولذا ل يع فى عن هذا‬
‫ك ما يع فى عن الول لن ف ساده عام قال تعال {إن ا جزاء الذ ين ياربون ال ور سوله وي سعون ف الرض‬
‫فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف} الية‪ .‬قيل‪ :‬سبب نزول هذه الية العرنيون‬
‫الذ ين ارتدوا وقتلوا وأخذوا الال‪ .‬وق يل‪ :‬سببه ناس معاهدون نقضوا الع هد وحاربوا‪ .‬وق يل‪ :‬الشركون ; ف قد‬
‫قرن بالرتد ين الحارب ي وناق ضي الع هد الحارب ي وبالشرك ي الحارب ي‪ .‬وجهور ال سلف واللف على أن ا‬
‫تتناول قطاع الطر يق من ال سلمي وال ية تتناول ذلك كله ; ولذا كان من تاب ق بل القدرة عل يه من ج يع‬
‫هؤلء فإ نه ي سقط ع نه حق ال تعال‪ .‬وكذلك قرن " ال صلح وال صلح باليان " ف موا ضع كثية كقوله‬
‫تعال‪{ :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالات}‪{ .‬فمن آمن وأصلح فل خوف عليهم ول هم يزنون}‪ .‬ومعلوم‬
‫أن اليان أفضل الصلح وأفضل العمل الصال كما جاء ف الديث الصحيح أنه {قيل‪ :‬يا رسول ال أي‬
‫العمال أفضل ؟ قال‪ :‬إيان بال}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وإن لغفار لن تاب وآمن وعمل صالا ث اهتدى}‪ .‬وقال‪:‬‬
‫{إل من تاب وآ من وع مل صالا فأولئك يدخلون ال نة}‪ .‬وقال‪{ :‬إل من تاب وآ من وع مل عمل صالا‬
‫فأولئك يبدل ال سيئاتم حسنات}‪ .‬وقال ف القذف‪{ :‬إل الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن ال غفور‬
‫رحيم}‪ .‬وقال ف السارق‪{ :‬فمن تاب من بعد ظلمه وأ صلح فإن ال يتوب عل يه}‪ .‬وقال‪{ :‬واللذان يأتيان ا‬
‫منكم فآذوها فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما}‪ .‬ولذا شرط الفقهاء ف أحد قوليهم ف قبول شهادة القاذف‬
‫أن يصلح وقدروا ذلك بسنة كما فعل عمر بصبيغ بن عسل لا أجله سنة ‪ ,‬وبذلك أخذ أحد ف توبة الداعي‬
‫إل البدعة أنه يؤجل سنة كما أجل عمر صبيغ بن عسل‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)87‬‬
‫فإن قيل‪ :‬ما ذكر من تنوع دللة اللفظ بالطلق والتقييد ف كلم ال ورسوله وكلم كل أحد ; بي ظاهر ل‬
‫ي كن دف عه ; ل كن نقول‪ :‬دللة ل فظ اليان على العمال ماز ; فقوله صلى ال عل يه و سلم‪{ " :‬اليان ب ضع‬
‫وستون أو بضع وسبعون شعبة ; أعلها قول ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} " ماز‪ .‬وقوله‪" :‬‬
‫{اليان‪ :‬أن تؤمهن بال وملئكتهه وكتبهه ورسهله} "‪ ...‬إل آخره ; حقيقهة‪ .‬وهذا عمدة الرجئة والهميهة‬
‫والكرام ية و كل من ل يد خل العمال ف ا سم اليان‪ .‬ون ن ن يب بواب ي‪ " :‬أحده ا "‪ :‬كلم عام ف ل فظ‬
‫(القيقة والجاز)‪ " .‬والثان "‪ :‬ما يتص بذا الوضع‪ .‬فبتقدير أن يكون أحدها مازا ; ما هو القيقة من ذلك‬
‫من الجاز ؟ هل القي قة هو الطلق أو الق يد أو كله ا حقي قة ح ت يعرف أن ل فظ اليان إذا أطلق على ماذا‬
‫يمل ؟‪ .‬فيقال أول‪ :‬تقسيم اللفاظ الدالة على معانيها إل " حقيقة وماز " وتقسيم دللتها أو العان الدلول‬
‫علي ها إن ا ستعمل ل فظ القي قة والجاز ف الدلول أو ف الدللة ; فإن هذا كله قد ي قع ف كلم التأخر ين‪.‬‬
‫ول كن الشهور أن القي قة والجاز من عوارض اللفاظ وب كل حال فهذا التق سيم هو ا صطلح حادث ب عد‬
‫انقضاء القرون الثلثة ل يتكلم به أحد من الصحابة ول التابعي لم بإحسان ول أحد من الئمة الشهورين ف‬
‫العلم كمالك والثوري والوزاعي وأب حنيفة والشافعي بل ول تكلم به أئمة اللغة والنحو كالليل وسيبويه‬
‫وأب عمرو بن العلء ونوهم‪ .‬وأول من عرف أنه تكلم بلفظ " الجاز " أبو عبيدة معمر بن الثن ف كتابه‪.‬‬
‫ولكن ل يعن بالجاز ما هو قسيم القيقة‪ .‬وإنا عن بجاز الية ما يعب به عن الية ; ولذا قال من قال من‬
‫الصوليي ‪ -‬كأب السي البصري وأمثاله ‪ -‬إنا تعرف القيقة من الجاز بطرق منها‪ :‬نص أهل اللغة على‬
‫ذلك بأن يقولوا‪ :‬هذا حقي قة وهذا ماز ‪ ,‬ف قد تكلم بل علم ‪ ,‬فإ نه ظن أن أ هل الل غة قالوا هذا ول ي قل ذلك‬
‫أحد من أهل اللغة ول من سلف المة وعلمائها وإنا هذا اصطلح حادث والغالب أنه كان من جهة العتزلة‬
‫ونوهم من التكلمي فإنه ل يوجد هذا ف كلم أحد من أهل الفقه والصول والتفسي والديث ونوهم من‬
‫السلف‪ .‬وهذا الشافعي هو أول من جرد الكلم ف " أصول الفقه " ل يقسم هذا التقسيم " ول تكلم بلفظ "‬
‫القيقة والجاز "‪ .‬وكذلك ممد بن السن له ف السائل البنية على العربية كلم معروف ف " الامع الكبي "‬
‫وغيه ; ول يتكلم بلفظ القيقة والجاز‪ .‬وكذلك سائر الئمة ل يوجد لفظ الجاز ف كلم أحد منهم إل ف‬
‫كلم أحد بن حنبل ; فإنه قال ف كتاب الرد على الهمية ف قوله‪( :‬إنا ‪ ,‬ونن) ونو ذلك ف القرآن‪ :‬هذا‬
‫من ماز اللغة يقول الرجل‪ :‬إنا سنعطيك‪ .‬إنا سنفعل ; فذكر أن هذا ماز اللغة‪ .‬وبذا احتج على مذهبه من‬
‫أصحابه من قال‪ :‬إن ف " القرآن " مازا كالقاضي أب يعلى وابن عقيل وأب الطاب وغيهم‪ .‬وآخرون من‬
‫أصحابه منعوا أن يكون ف القرآن ماز كأب السن الرزي‪ .‬وأب عبد ال بن حامد‪ .‬وأب الفضل التميمي بن‬
‫أ ب ال سن التمي مي وكذلك م نع أن يكون ف القرآن ماز م مد بن خو يز منداد وغيه من الالكية وم نع منه‬
‫داود بن علي وابنه أبو بكر ومنذر بن سعيد البلوطي وصنف فيه مصنفا‪ .‬وحكى بعض الناس عن أحد ف ذلك‬
‫روايتي‪ .‬وأما سائر الئمة فلم يقل أحد منهم ول من قدماء أصحاب أحد‪ :‬إن ف القرآن مازا ل مالك ول‬
‫الشافعي ول أبو حنيفة فإن تقسيم اللفاظ إل حقيقة وماز‪ .‬إنا اشتهر ف الائة الرابعة وظهرت أوائله ف الائة‬
‫الثالثة وما علمته موجودا ف الائة الثانية اللهم إل أن يكون ف أواخرها والذين أنكروا أن يكون أحد وغيه‬
‫نطقوا بذا التق سيم‪ .‬قالوا‪ :‬إن مع ن قول أح د‪ :‬من ماز اللغة‪ .‬أي‪ :‬م ا يوز ف الل غة أن يقول الوا حد العظ يم‬
‫الذي له أعوان‪ :‬نن فعلنا كذا ونفعل كذا ونو ذلك‪ .‬قالوا‪ :‬ول يرد أحد بذلك أن اللفظ استعمل ف غي ما‬
‫و ضع له‪ .‬و قد أن كر طائ فة أن يكون ف الل غة ماز ل ف القرآن ول غيه كأ ب إ سحاق ال سفرايين‪ .‬وقال‬
‫النازعون له‪ :‬الناع معه لفظي فإنه إذا سلم أن ف اللغة لفظا مستعمل ف غي ما وضع له ل يدل على معناه إل‬
‫بقرينة ; فهذا هو الجاز وإن ل يسمه مازا‪ .‬فيقول من ينصره‪ :‬إن الذين قسموا اللفظ‪ :‬حقيقة ومازا قالوا‪" :‬‬
‫القيقة " هو اللفظ الستعمل فيما وضع له‪ " .‬والجاز " هو اللفظ الستعمل ف غي ما وضع له كلفظ السد‬
‫والمار إذا أريد بما البهيمة أو أريد بما الشجاع والبليد‪ .‬وهذا التقسيم والتحديد يستلزم أن يكون اللفظ قد‬
‫وضع أول لعن ث بعد ذلك قد يستعمل ف موضوعه وقد يستعمل ف غي موضوعه ; ولذا كان الشهور عند‬
‫أهل التقسيم أن كل ماز فل بد له من حقيقة وليس لكل حقيقة ماز ؟ فاعترض عليهم بعض متأخريهم وقال‪:‬‬
‫اللفظ الوضوع قبل الستعمال ل حقيقة ول ماز فإذا استعمل ف غي موضوعه فهو ماز ل حقيقة له‪ .‬وهذا‬
‫كله إن ا ي صح لو علم أن اللفاظ العرب ية وض عت أول لعان ث ب عد ذلك ا ستعملت في ها ; فيكون ل ا و ضع‬
‫ه مهن العقلء‬ ‫متقدم على السهتعمال‪ .‬وهذا إناه صهح على قول مهن يعهل اللغات اصهطلحية فيدعهي أن قوم ا‬
‫اجتمعوا واصهطلحوا على أن يسهموا هذا بكذا وهذا بكذا ويعهل هذا عامها فه جيهع اللغات‪ .‬وهذا القول ل‬
‫نعرف أحدا من السلمي قاله قبل أب هاشم بن البائي ; فإنه وأبا السن الشعري كلها قرأ على أب علي‬
‫البائي لكن الشعري رجع عن مذهب العتزلة وخالفهم ف القدر والوعيد وف الساء والحكام وف صفات‬
‫ال تعال وبي من تناقضهم وفساد قولم ما هو معروف عنه‪ .‬فتنازع الشعري وأبو هاشم ف مبدأ اللغات ;‬
‫فقال أ بو ها شم‪ :‬هي ا صطلحية وقال الشعري‪ :‬هي توقيف ية‪ .‬ث خاض الناس بعده ا ف هذه ال سألة ; فقال‬
‫آخرون‪ :‬بعضها توقيفي وبعضها اصطلحي وقال فريق رابع بالوقف‪ .‬والقصود هنا أنه ل يكن أحدا أن ينقل‬
‫عن العرب بل ول عن أ مة من ال مم أ نه اجت مع جا عة فوضعوا ج يع هذه ال ساء الوجودة ف الل غة ث‬
‫استعملوها بعد الوضع وإنا العروف النقول بالتواتر استعمال هذه اللفاظ فيما عنوه با من العان فإن ادعى‬
‫مدع أنه يعلم وضعا يتقدم ذلك فهو مبطل فإن هذا ل ينقله أحد من الناس‪ .‬ول يقال‪ :‬نن نعلم ذلك بالدليل‬
‫; فإ نه إن ل ي كن ا صطلح متقدم ل ي كن ال ستعمال‪ .‬ق يل‪ :‬ل يس ال مر كذلك ; بل ن ن ن د أن ال يل هم‬
‫اليوان من ال صوات ما به يعرف بعض ها مراد ب عض و قد سي ذلك منط قا وقول ف قول سليمان‪{ :‬علم نا‬
‫منطق الطي}‪ .‬وف قوله‪{ :‬قالت نلة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} وف قوله‪{ :‬يا جبال أوب معه والطي}‪.‬‬
‫وكذلك الدميون ; فالولود إذا ظ هر م نه التمي يز سع أبو يه أو من يرب يه ين طق بالل فظ ويش ي إل الع ن ف صار‬
‫يفهم أن ذلك اللفظ يستعمل ف ذلك العن أي‪ :‬أراد التكلم به ذلك العن ث هذا يسمع لفظا بعد لفظ حت‬
‫يعرف لغة القوم الذين نشأ بينهم من غي أن يكونوا قد اصطلحوا معه على وضع متقدم ; بل ول أوقفوه على‬
‫معان الساء وإن كان أحيانا قد يسأل عن مسمى بعض الشياء فيوقف عليها كما يترجم للرجل اللغة الت ل‬
‫يعرفها فيوقف على معان ألفاظها وإن باشر أهلها مدة علم ذلك بدون توقيف من أحدهم‪ .‬نعم قد يضع الناس‬
‫السم لا يدث ما ل يكن من قبلهم يعرفه فيسميه كما يولد لحدهم ولد فيسميه اسا إما منقول وإما مرتل‬
‫وقد يكون السمى واحدا ل يصطلح مع غيه وقد يستوون فيما يسمونه‪ .‬وكذلك قد يدث للرجل آلة من‬
‫صناعة أو يصنف كتابا أو يبن مدينة ونو ذلك فيسمي ذلك باسم لنه ليس من الجناس العروفة حت يكون‬
‫له ا سم ف الل غة العا مة‪ .‬و قد قال ال‪{ :‬الرح ن} {علم القرآن} {خلق الن سان} {عل مه البيان}‪ .‬و {قالوا‬
‫أنطق نا ال الذي أن طق كل ش يء}‪ .‬وقال‪{ :‬الذي خلق ف سوى} {والذي قدر فهدى}‪ .‬ف هو سبحانه يل هم‬
‫النسان النطق كما يلهم غيه‪ .‬وهو سبحانه إذا كان قد علم آدم الساء كلها وعرض السميات على اللئكة‬
‫ك ما أ خب بذلك ف كتا به فن حن نعلم أ نه ل يعلم آدم ج يع اللغات ال ت يتكلم ب ا ج يع الناس إل يوم القيا مة‬
‫وأن تلك اللغات اتصلت إل أولده فل يتكلمون إل با فإن دعوى هذا كذب ظاهر فإن آدم عليه السلم إنا‬
‫ين قل ع نه بنوه و قد أغرق ال عام الطوفان ج يع ذري ته إل من ف ال سفينة وأ هل ال سفينة انقط عت ذريت هم إل‬
‫أولد نوح ول يكونوا يتكلمون بميع ما تكلمت به المم بعدهم‪ .‬فإن " اللغة الواحدة " كالفارسية والعربية‬
‫والروميهة والتركيهة فيهها مهن الختلف والنواع مها ل يصهيه إل ال ‪ ,‬والعرب أنفسههم لكهل قوم لغات ل‬
‫يفهمها غيهم فكيف يتصور أن ينقل هذا جيعه عن أولئك الذين كانوا ف السفينة وأولئك جيعهم ل يكن‬
‫لم نسل وإنا النسل لنوح وجيع الناس من أولده وهم ثلثة‪ :‬سام وحام ويافث كما قال ال تعال‪{ :‬وجعلنا‬
‫ذريته هم الباقي}‪ .‬فلم يعل باقيا إل ذريته وكما روي ذلك عن النب صلى ال عليه وسلم‪ " :‬أن أولده ثلثة‬
‫"‪ .‬رواه أحد وغيه‪ .‬ومعلوم أن الثلثة ل يكن أن ينطقوا بذا كله ويتنع نقل ذلك عنهم ; فإن الذين يعرفون‬
‫هذه اللغة ل يعرفون هذه ‪ ,‬وإذا كان الناقل ثلثة ; فهم قد علموا أولدهم ‪ ,‬وأولدهم علموا أولدهم ‪ ,‬ولو‬
‫كان كذلك لتصلت‪ .‬ونن ند بن الب الواحد يتكلم كل قبيلة منهم بلغة ل تعرفها الخرى والب واحد‬
‫‪ ,‬ل يقال‪ :‬إ نه علم أ حد ابنيهه ل غة واب نه ال خر ل غة ; فإن الب قد ل يكون له إل ابنان واللغات ف أولده‬
‫أضعاف ذلك‪ .‬والذي أجرى ال عليهه عادة بنه آدم أنمه إناه يعلمون أولدههم لغتههم الته ياطبونمه باه أو‬
‫ياطب هم ب ا غي هم فأ ما لغات ل يلق ال من يتكلم ب ا فل يعلمون ا أولد هم‪ .‬وأي ضا فإ نه يو جد ب نو آدم‬
‫يتكلمون بألفاظ ما سعوها قط من غيهم‪ .‬والعلماء من الفسرين وغيهم لم ف الساء الت علمها ال آدم‬
‫قولن معروفان عن ال سلف‪( .‬أحده ا)‪ :‬أ نه إن ا عل مه أ ساء من يع قل واحتجوا بقوله‪ { :‬ث عرض هم على‬
‫اللئكة}‪ .‬قالوا‪ :‬وهذا الضمي ل يكون إل لن يعقل ‪ ,‬وما ل يعقل يقال فيها‪ :‬عرضها‪ .‬ولذا قال أبو العالية‪:‬‬
‫علمه أساء اللئكة لنه ل يكن حينئذ من يعقل إل اللئكة ; ول كان إبليس قد انفصل عن اللئكة ول كان‬
‫له ذر ية‪ .‬وقال ع بد الرح ن بن ز يد بن أ سلم‪ :‬عل مه أ ساء ذري ته وهذا ينا سب الد يث الذي رواه الترمذي‬
‫وصححه عن النب صلى ال عليه وسلم‪{ " :‬إن آدم سأل ربه أن يريه صور النبياء من ذريته ; فرآهم فرأى‬
‫فيهم من يبص‪ .‬فقال‪ :‬يا رب من هذا ؟ قال‪ :‬ابنك داود} "‪ .‬فيكون قد أراه صور ذريته أو بعضهم وأساءهم‬
‫وهذه أ ساء أعلم ل أجناس‪( .‬والثا ن)‪ :‬أن ال عل مه أ ساء كل ش يء وهذا هو قول الكثر ين كا بن عباس‬
‫وأ صحابه ; قال ا بن عباس‪ :‬عل مه ح ت الف سوة والف سية والق صعة والق صيعة ‪ ,‬أراد أ ساء العراض والعيان‬
‫مكبها وم صغرها‪ .‬والدليل على ذلك ما ثبت ف " ال صحيحي " عن ال نب صلى ال عليه وسلم أنه قال ف‬
‫حديث الشفاعة‪{ " :‬إن الناس يقولون‪ :‬يا آدم أنت أبو البشر خلقك ال بيده ونفخ فيك من روحه وعلمك‬
‫أساء كل شيء} "‪ .‬وأيضا قوله‪ " :‬الساء كلها " لفظ عام مؤكد ; فل يوز تصيصه بالدعوى‪ .‬وقوله‪{ :‬ث‬
‫عرضهم على اللئكة} ; لنه اجتمع من يعقل ومن ل يعقل فغلب من يعقل‪ .‬كما قال‪{ :‬فمنهم من يشي‬
‫على بطنه ومنهم من يشي على رجلي ومنهم من يشي على أربع}‪ .‬قال عكرمة‪ :‬علمه أساء الجناس دون‬
‫أنواع ها كقولك‪ :‬إن سان و جن وملك وطائر‪ .‬وقال مقا تل وا بن ال سائب وا بن قتي بة‪ :‬عل مه أ ساء ما خلق ف‬
‫الرض مهن الدواب والوام والطيه‪ .‬وماه يدل على أن هذه اللغات ليسهت متلقاة عهن آدم ; أن أكثهر اللغات‬
‫ناقصة عن اللغة العربية ليس عندهم أساء خاصة للولد والبيوت والصوات وغي ذلك ما يضاف إل اليوان‬
‫; بل إنا يستعملون ف ذلك الضافة‪ .‬فلو كان آدم عليه السلم علمها الميع لعلمها متناسبة ‪ ,‬وأيضا فكل أمة‬
‫ليس لا كتاب ليس ف لغتها أيام السبوع ‪ ,‬وإنا يوجد ف لغتها اسم اليوم والشهر والسنة ; لن ذلك عرف‬
‫بالس والعقل ; فوضعت له المم الساء ; لن التعبي يتبع التصور ‪ ,‬وأما السبوع فلم يعرف إل بالسمع ‪ ,‬ل‬
‫يعرف أن ال خلق السموات والرض وما بينهما ف ستة أيام ث استوى على العرش إل بأخبار النبياء الذين‬
‫شرع لم أن يتمعوا ف السبوع يوما يعبدون ال فيه ويفظون به السبوع الول الذي بدأ ال فيه خلق هذا‬
‫العال ; ففي لغة العرب والعبانيي ‪ ,‬ومن تلقى عنهم ‪ ,‬أيام السبوع ; بلف الترك ونوهم ; فإنه ليس ف‬
‫لغت هم أيام ال سبوع لن م ل يعرفوا ذلك فلم ي عبوا ع نه‪ .‬فعلم أن ال أل م النوع الن سان أن ي عب ع ما يريده‬
‫ويتصوره بلفظه وأن أول من علم ذلك أبوهم آدم وهم علموا كما علم وإن اختلفت اللغات‪ .‬وقد أوحى ال‬
‫إل موسى بالعبانية وإل ممد بالعربية ; والميع كلم ال ‪ ,‬وقد بي ال بذلك ما أراد من خلقه وأمره ‪ ,‬وإن‬
‫كا نت هذه اللغة لي ست الخرى ‪ ,‬مع أن العبان ية من أقرب اللغات إل العرب ية ح ت إن ا أقرب إليها من ل غة‬
‫بعض العجم إل بعض‪ .‬فبالملة نن ليس غرضنا إقامة الدليل على عدم ذلك ; بل يكفينا أن يقال‪ :‬هذا غي‬
‫معلوم وجوده بل اللام كاف ف النطق باللغات من غي مواضعة متقدمة ; وإذا سي هذا توقيفا ; فليسم توقيفا‬
‫وحينئذ فمن ادعى وضعا متقدما على استعمال جيع الجناس ; فقد قال ما ل علم له به‪ .‬وإنا العلوم بل ريب‬
‫هو الستعمال‪ .‬ث هؤلء يقولون‪ :‬تتميز القيقة من الجاز بالكتفاء باللفظ فإذا دل اللفظ بجرده فهو حقيقة ‪,‬‬
‫وإذا ل يدل إل مع القري نة ; ف هو ماز وهذا أ مر متعلق با ستعمال الل فظ ف الع ن ل بو ضع متقدم‪ .‬ث يقال‬
‫(ثان يا)‪ :‬هذا التق سيم ل حقي قة له ; ول يس ل ن فرق بينه ما حد صحيح ي يز به ب ي هذا وهذا فعلم أن هذا‬
‫التقسيم باطل وهو تق سيم من ل يتصور ما يقول بل يتكلم بل علم ; فهم مبتدعة ف الشرع مالفون للعقل‬
‫وذلك أنم قالوا‪ " :‬القيقة "‪ :‬اللفظ الستعمل فيما وضع له‪ .‬و " الجاز "‪ :‬هو الستعمل ف غي ما وضع له ;‬
‫فاحتاجوا إل إثبات الوضع السابق على الستعمال وهذا يتعذر‪ .‬ث يقسمون القيقة إل لغوية وعرفية وأكثرهم‬
‫يقسمها إل ثلث‪ :‬لغوية وشرعية وعرفية‪ " .‬فالقيقة العرفية "‪ :‬هي ما صار اللفظ دال فيها على العن بالعرف‬
‫ل باللغهة وذلك العنه يكون تارة أعهم مهن اللغوي وتارة أخهص وتارة يكون مباينها له ‪ ,‬لكهن بينهمها علقهة‬
‫استعمل لجلها‪ .‬فالول‪ :‬مثل لفظ " الرقبة " و " الرأس " ونوها كان يستعمل ف العضو الخصوص ث صار‬
‫يستعمل ف جيع البدن‪ .‬والثان مثل لفظ " الدابة " ونوها كان يستعمل ف كل ما دب ث صار يستعمل ف‬
‫عرف ب عض الناس ف ذوات الر بع و ف عرف ب عض الناس ف الفرس و ف عرف بعض هم ف المار‪ .‬والثالث‬
‫م ثل ل فظ " الغائط " و " الظعي نة " و " الراو ية " و " الزادة " فإن الغائط ف الل غة هو الكان النخ فض من‬
‫الرض ‪ ,‬فلما كانوا ينتابونه لقضاء حوائجهم سوا ما يرج من النسان باسم مله ‪ ,‬والظعينة اسم الدابة ث‬
‫سوا الرأة ال ت تركب ها با سها ونظائر ذلك‪ .‬و " الق صود " أن هذه القي قة العرف ية ل ت صر حقي قة لما عة‬
‫تواطئوا على نقلها ولكن تكلم با بعض الناس وأراد با ذلك العن العرف ث شاع الستعمال فصارت حقيقة‬
‫عرف ية بذا ال ستعمال ‪ ,‬ولذا زاد من زاد من هم ف حد القي قة ف الل غة ال ت ب ا التخا طب ث هم يعلمون‬
‫ويقولون‪ :‬إنه قد يغلب الستعمال على بعض اللفاظ فيصي العن العرف أشهر فيه ول يدل عند الطلق إل‬
‫عليه فتصي القيقة العرفية ناسخة للحقيقة اللغوية‪ .‬واللفظ مستعمل ف هذا الستعمال الادث للعرف وهو‬
‫حقي قة من غ ي أن يكون ل ا ا ستعمل ف يه ذلك تقدم و ضع ‪ ,‬فعلم أن تف سي القي قة بذا ل ي صح‪ .‬وإن قالوا‪:‬‬
‫نعن با وضع له ما استعملت فيه أول ; فيقال‪ :‬من أين يعلم أن هذه اللفاظ الت كانت العرب تتخاطب با‬
‫ع ند نزول القرآن وقبله ل ت ستعمل ق بل ذلك ف مع ن ش يء آ خر‪ .‬وإذا ل يعلموا هذا الن في ; فل يعلم أن ا‬
‫حقي قة وهذا خلف ما اتفقوا عل يه‪ .‬وأي ضا فيلزم من هذا أن ل يق طع بش يء من اللفاظ أ نه حقي قة وهذا ل‬
‫يقوله عاقل‪ .‬ث هؤلء الذين يقولون هذا ‪ ,‬ند أحدهم يأت إل ألفاظ ل يعلم أنا استعملت إل مقيدة فينطق با‬
‫مردة عن جيع القيود ث يدعي أن ذلك هو حقيقتها من غي أن يعلم أنا نطق با مردة ول وضعت مردة ‪,‬‬
‫مثل أن يقول حقيقة العي هو العضو البصر ث سيت به عي الشمس والعي النابعة وعي الذهب ; للمشابة‪.‬‬
‫ل كن أكثر هم يقولون‪ :‬إن هذا من باب الشترك ل من باب القي قة والجاز ; فيم ثل بغيه م ثل ل فظ الرأس‪.‬‬
‫يقولون‪ :‬هو حقي قة ف رأس الن سان‪ .‬ث قالوا‪ :‬رأس الدرب لوله ورأس الع ي لنبع ها ورأس القوم ل سيدهم‬
‫ورأس المر لوله ورأس الشهر ورأس الول وأمثال ذلك على طريق الجاز‪ .‬وهم ل يدون قط أن لفظ الرأس‬
‫استعمل مردا ; بل يدون أنه استعمل بالقيود ف رأس النسان‪ .‬كقوله تعال‪{ :‬وامسحوا برءوسكم وأرجلكم‬
‫إل الكعبي} ونوه وهذا القيد ينع أن تدخل فيه تلك العان‪ .‬فإذا قيل‪ :‬رأس العي ورأس الدرب ورأس الناس‬
‫ورأس المر ; فهذا القيد غي ذاك القيد الدال ‪ ,‬ومموع اللفظ الدال هنا غي مموع اللفظ الدال هناك ; لكن‬
‫اشتر كا ف ب عض الل فظ كاشتراك كل ال ساء العر فة ف لم التعر يف ‪ ,‬ولو قدر أن النا طق باللغة ن طق بلفظ‬
‫رأس الن سان أول ; لن الن سان يت صور رأ سه ق بل غيه ‪ ,‬والت عبي أول هو ع ما يت صور أول ‪ ,‬فالن طق بذا‬
‫الضاف أول ل ينع أن ينطق به مضافا إل غيه ثانيا ‪ ,‬ول يكون هذا من الجاز كما ف سائر الضافات فإذا‬
‫قيل‪ :‬ابن آدم أول ; ل يكن قولنا‪ :‬ابن الفرس وابن المار مازا وكذلك إذا قيل‪ :‬بنت النسان ; ل يكن قولنا‪:‬‬
‫بنهت الفرس مازا‪ .‬وكذلك إذا قيهل‪ :‬رأس النسهان أول ل يكهن قولنها‪ :‬رأس الفرس مازا وكذلك فه سهائر‬
‫الضافات إذا ق يل‪ :‬يده أو رجله‪ .‬فإذا ق يل‪ :‬هو حقي قة في ما أض يف إل اليوان ; ق يل‪ :‬ل يس ج عل هذا هو‬
‫القيقة بأول من أن يعل ما أضيف إل النسان رأس ث قد يضاف إل ما ل يتصوره أكثر الناس من اليوانات‬
‫ال صغار ال ت ل ت طر ببال عا مة الناطق ي بالل غة‪ .‬فإذا ق يل‪ :‬إ نه حقي قة ف هذا فلماذا ل يكون حقي قة ف رأس‬
‫ال بل والطر يق والع ي وكذلك سائر ما يضاف إل الن سان من أعضائه وأولده وم ساكنه ; يضاف مثله إل‬
‫غيه ويضاف ذلك إل المادات ; فيقال‪ :‬رأس ال بل ورأس الع ي وخ طم ال بل أي أن فه و فم الوادي وب طن‬
‫الوادي وظ هر ال بل وب طن الرض وظهر ها ‪ ,‬وي ستعمل مع اللف و هو ل فظ الظا هر والبا طن ف أمور كثية‬
‫والعن ف الميع أن الظاهر لا ظهر فتبي والباطن لا بطن فخفي‪ .‬وسي ظهر النسان ظهرا لظهوره وبطن‬
‫الن سان بط نا لبطو نه‪ .‬فإذا ق يل‪ :‬إن هذا حقي قة وذاك ماز ; ل ي كن هذا أول من الع كس‪ .‬و " أي ضا " من‬
‫الساء ما تكلم به أهل اللغة مفردا كلفظ " النسان " ونوه ث قد يستعمل مقيدا بالضافة كقولم‪ :‬إنسان‬
‫العي وإبرة الذراع ونو ذلك وبتقدير أن يكون ف اللغة حقيقة وماز ; فقد ادعى بعضهم أن هذا من الجاز ;‬
‫وهو غلط فإن الجاز‪ :‬هو اللفظ الستعمل ف غي ما وضع له أول وهنا ل يستعمل اللفظ ; بل ركب مع لفظ‬
‫آخر فصار وضعا آخر بالضافة‪ .‬فلو استعمل مضافا ف معن ث استعمل بتلك الضافة ف غيه كان مازا بل‬
‫إذا كان بعلبك وحضرموت ونوه ا ما ير كب ترك يب مزج بعد أن كان ال صل فيه الضافة ; ل يقال‪ :‬إنه‬
‫ماز‪ .‬فما ل ينطق به إل مضافا أول أن ل يكون مازا‪ .‬وأما من فرق بي القيقة والجاز ; بأن القيقة ما يفيد‬
‫الع ن مردا عن القرائن ‪ ,‬والجاز ما ل يف يد ذلك الع ن إل مع قري نة ‪ ,‬أو قال‪ " :‬القي قة "‪ :‬ما يفيده الل فظ‬
‫الطلق‪ .‬و " الجاز "‪ :‬ما ل يف يد إل مع التقي يد‪ .‬أو قال‪ " :‬القي قة " هي الع ن الذي ي سبق إل الذ هن ع ند‬
‫الطلق‪ " .‬والجاز " ما ل يسبق إل الذهن‪ .‬أو قال‪ " :‬الجاز " ما صح نفيه و " القيقة " ما ل يصح نفيها ‪,‬‬
‫فإ نه يقال‪ :‬ما تع ن بالتجر يد عن القرائن والقتران بالقرائن ؟ إن ع ن بذلك القرائن اللفظ ية م ثل كون ال سم‬
‫يستعمل مقرونا بالضافة أو لم التعريف ويقيد بكونه فاعل ومفعول ومبتدأ وخبا فل يوجد قط ف الكلم‬
‫الؤلف اسم إل مقيدا‪ .‬وكذلك الفعل إن عن بتقييده أنه ل بد له من فاعل وقد يقيد بالفعول به وظرف الزمان‬
‫والكان والفعول له ومعه والال فالفعل ل يستعمل قط إل مقيدا وأما الرف فأبلغ فإن الرف أت به لعن ف‬
‫غيه‪ .‬ففي الملة ل يو جد قط ف كلم تام ا سم ول ف عل ول حرف إل مقيدا بقيود تزيل عنه الطلق‪ .‬فإن‬
‫كانت القرينة ما ينع الطلق عن كل قيد فليس ف الكلم الذي يتكلم به جيع الناس لفظ مطلق عن كل قيد‬
‫سواء كانت الملة اسية أو فعلية ولذا كان لفظ " الكلم " و " الكلمة " ف لغة العرب بل وف لغة غيهم ل‬
‫تستعمل إل ف القيد‪ .‬وهو الملة التامة اسية كانت أو فعلية أو ندائية إن قيل إنا قسم ثالث‪ .‬فأما مرد السم‬
‫أو الفعل أو الرف الذي جاء لعن ليس باسم ول فعل فهذا ل يسمى ف كلم العرب قط كلمة وإنا تسمية‬
‫هذا كل مة ا صطلح نوي ك ما سوا ب عض اللفاظ فعل وق سموه إل ف عل ماض ومضارع وأ مر ‪ ,‬والعرب ل‬
‫تسم قط اللفظ فعل ; بل النحاة اصطلحوا على هذا فسموا اللفظ باسم مدلوله فاللفظ الدال على حدوث فعل‬
‫ف زمن ماض سوه فعل ماضيا وكذلك سائرها‪ .‬وكذلك حيث وجد ف الكتاب والسنة بل وف كلم العرب‬
‫نظمه ونثره لفظ كلمة ; فإنا يراد به الفيد الت تسميها النحاة جلة تامة كقوله تعال‪{ :‬وينذر الذين قالوا اتذ‬
‫ال ولدا ما لم به من علم ول لبائهم كبت كلمة ترج من أفواههم إن يقولون إل كذبا}‪ .‬وقوله تعال‪:‬‬
‫{وجعهل كلمهة الذيهن كفروا السهفلى وكلمهة ال ههي العليها}‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬تعالوا إل كلمهة سهواء بيننها‬
‫وبينكم}‪ .‬وقوله‪{ :‬وجعلها كلمة باقية ف عقبه}‪ .‬وقوله‪{ :‬وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق با وأهلها}‪.‬‬
‫وقول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬أ صدق كل مة قال ا الشا عر كل مة لب يد‪ :‬أل كل شيء ما خل ال با طل}‬
‫وقوله " {كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان ف اليزان حبيبتان إل الرحن‪ :‬سبحان ال وبمده سبحان ال‬
‫العظيم} "‪ .‬وقوله‪{ .‬إن الر جل ليتكلم بالكلمة من رضوان ال ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب ال له با‬
‫رضوانه إل يوم القيامة وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط ال ما يظن أن تبلغ به ما بلغت يكتب ال با‬
‫سخطه إل يوم القيامة} ‪ .‬وقوله‪{ :‬لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت با قلته منذ اليوم لوزنتهن‪ :‬سبحان‬
‫ال عدد خلقه سبحان ال زنة عرشه سبحان ال رضا نفسه سبحان ال مداد كلماته} ‪ .‬وإذا كان كل اسم أو‬
‫ف عل أو حرف يو جد ف الكلم فإ نه مق يد ل مطلق ل ي ز أن يقال للفظ القي قة ما دل مع الطلق والتجرد‬
‫عن كل قرينة تقارنه‪ .‬فإن قيل‪ :‬أريد بعض القرائن دون بعض قيل له‪ :‬اذكر الفصل بي القرينة الت يكون معها‬
‫حقي قة والقرينة ال ت يكون معها ماز ولن ت د إل ذلك سبيل تقدر به على تق سيم صحيح معقول‪ .‬وم ا يدل‬
‫على ذلك أن الناس اختلفوا ف " العام " إذا خص هل يكون استعماله فيما بقي حقيقة أو مازا ؟ وكذلك لفظ‬
‫" ال مر " إذا أر يد به الندب هل يكون حقي قة أو مازا ؟ و ف ذلك قولن لك ثر الطوائف‪ :‬ل صحاب أح د‬
‫قولن ولصهحاب الشافعهي قولن ولصهحاب مالك قولن‪ .‬ومهن الناس مهن ظهن أن هذا اللف يطرد فه‬
‫التخصيص التصل كالصفة والشرط والغاية والبدل وجعل يكي ف ذلك أقوال من يفصل كما يوجد ف كلم‬
‫طائ فة من ال صنفي ف أ صول الف قه وهذا م ا ل يعرف أن أحدا قاله فج عل الل فظ العام الق يد ف ال صفات‬
‫والغايات والشروط مازا بل لا أطلق بعض الصنفي أن اللفظ العام إذا خص يصي مازا ; ظن هذا الناقل أنه‬
‫عن التخصيص التصل وأولئك ل يكن ف اصطلحهم عام مصوص إل إذا خص بنفصل‪ .‬وأما التصل ; فل‬
‫ي سمون الل فظ عا ما م صوصا الب تة فإ نه ل يدل إل مت صل والت صال من عه العموم وهذا ا صطلح كث ي من‬
‫الصوليي وهو الصواب‪ .‬ل يقال لا قيد بالشرط والصفة ونوها‪ :‬أنه داخل فيما خص من العموم ول ف العام‬
‫الخصوص ; لكن يقيد فيقال‪ :‬تصيص متصل وهذا القيد ل يدخل ف التخصيص الطلق‪ .‬وبالملة فيقال‪ :‬إذا‬
‫كان هذا مازا ; فيكون تقييد الفعل الطلق بالفعول به وبظرف الزمان والكان مازا‪ :‬وكذلك بالال وكذلك‬
‫كل ما قيد بقيد فيلزم أن يكون الكلم كله مازا فأين القيقة ؟ فإن قيل‪ :‬يفرق بي القرائن التصلة والنفصلة‬
‫فما كان مع القرينة التصلة فهو حقيقة وما كان مع النفصلة كان مازا ; قيل‪ :‬تعن بالتصل ما كان ف اللفظ‬
‫أو ما كان موجودا ح ي الطاب ؟ فإن عنيت الول ; لزم أن يكون ما علم من حال التكلم أو الستمع أول‬
‫قري نة منف صلة‪ .‬ف ما ا ستعمل بلم التعر يف ل ا يعرفا نه ك ما يقول‪ :‬قال ال نب صلى ال عل يه و سلم و هو ع ند‬
‫السلمي رسول ال أو قال الصديق وهو عندهم أبو بكر وإذا قال الرجل لصاحبه‪ :‬اذهب إل المي أو القاضي‬
‫أو الوال يريد ما يعرفانه فإنه يكون مازا‪ .‬وكذلك الضمي يعود إل معلوم غي مذكور‪ .‬كقوله‪{ :‬إنا أنزلناه}‬
‫وقوله‪{ :‬ح ت توارت بالجاب} وأمثال ذلك أن يكون هذا مازا ; وهذا ل يقوله أ حد‪ .‬و " أي ضا " فإذا قال‬
‫لشجاع‪ :‬هذا ال سد ف عل اليوم كذا ‪ ,‬ولبل يد‪ :‬هذا المار قال اليوم كذا ‪ ,‬أو لعال أو جواد‪ :‬هذا الب حر جرى‬
‫منه اليوم كذا ; أن يكون حقيقة لن قوله هذا قرينة لفظية فل يبقى قط مازا‪ .‬وإن قال‪ :‬التصل أعم من ذلك‬
‫و هو ما كان موجودا ح ي الطاب‪ .‬ق يل له‪ :‬فهذا أ شد عل يك من الول ; فإن كل متكلم بالجاز ل بد أن‬
‫يقترن به حال الطاب ما يبي مراده وإل ل يز التكلم به‪ .‬فإن قيل‪ :‬أنا أجوز تأخي البيان عن مورد الطاب‬
‫إل وقت الاجة‪ .‬قيل‪ :‬أكثر الناس ل يوزون أن يتكلم بلفظ يدل على معن وهو ل يريد ذلك العن إل إذا‬
‫بي وإنا يوزون تأخي بيان ما ل يدل اللفظ عليه كالجملت‪ .‬ث نقول‪ :‬إذا جوزت تأخي البيان فالبيان قد‬
‫يصل بملة تامة وبأفعال من الرسول وبغي ذلك‪ .‬ول يكون البيان التأخر إل مستقل بنفسه ل يكون ما يب‬
‫اقترانه بغيه‪ .‬فإن جعلت هذا مازا ; لزم أن يكون ما يتاج ف العمل إل بيان مازا كقوله‪{ :‬خذ من أموالم‬
‫صدقة تطهرهم وتزكيهم با}‪ .‬ث يقال‪ :‬هب أن هذا جائز عقل لكن ليس واقعا ف الشريعة أصل وجيع ما‬
‫يذكر من ذلك باطل ‪ ,‬كما قد بسط ف موضعه ‪ ,‬فإن الذين قالوا‪ :‬الظاهر الذي ل يرد به ما يدل عليه ظاهره‬
‫قد يؤخر بيانه ‪ ,‬احتجوا بقوله‪{ :‬إن ال يأمركم أن تذبوا بقرة}‪ .‬وادعوا أنا كانت معينة وأخر بيان التعيي‪.‬‬
‫وهذا خلف ما استفاض عن السلف من الصحابة والتابعي لم بإحسان من أنم أمروا ببقرة مطلقة فلو أخذوا‬
‫بقرة من البقر فذبوها أجزأ عنهم ولكن شددوا فشدد ال عليهم‪ .‬والية نكرة ف سياق الثبات فهي مطلقة‪.‬‬
‫والقرآن يدل سياقه على أن ال ذمهم على السؤال با هي ولو كان الأمور به معينا لا كانوا ملومي‪ .‬ث إن مثل‬
‫هذا ل يقع قط ف أمر ال ورسوله أن يأمر عباده بشيء معي ويبهمه عليهم مرة بعد مرة ول يذكره بصفات‬
‫ت تص به ابتداء‪ .‬واحتجوا بأن ال أ خر بيان ل فظ ال صلة والزكاة وال ج وأن هذه اللفاظ ل ا معان ف الل غة‬
‫بلف الشرع ; وهذا غلط فإن ال إنا أمرهم بالصلة بعد أن عرفوا الأمور به وكذلك الصيام وكذلك الج‬
‫ول يؤ خر ال قط بيان ش يء من هذه الأمورات ولب سط هذه ال سألة مو ضع آ خر‪ .‬وأ ما قول من يقول‪ :‬إن‬
‫القيقة ما يسبق إل الذهن عند الطلق ; فمن أفسد القوال ‪ ,‬فإنه يقال‪ :‬إذا كان اللفظ ل ينطق به إل مقيدا‬
‫; فإنه يسبق إل الذهن ف كل موضع منه ما دل عليه ذلك الوضع‪ .‬وأما إذا أطلق ; فهو ل يستعمل ف الكلم‬
‫مطل قا قط فلم ي بق له حال إطلق م ض ح ت يقال‪ :‬إن الذ هن ي سبق إل يه أم ل‪ .‬و " أي ضا " فأي ذ هن فإن‬
‫العر ب الذي يفهم كلم العرب ; يسبق إل ذهنه من الل فظ ما ل يسبق إل ذهن النب طي الذي صار ي ستعمل‬
‫اللفاظ ف غي معانيها ومن هنا غلط كثي من الناس ; فإنم قد تعودوا ما اعتادوه إما من خطاب عامتهم وإما‬
‫من خطاب علمائهم باستعمال اللفظ ف معن فإذا سعوه ف القرآن والديث ظنوا أنه مستعمل ف ذلك العن‬
‫فيحملون كلم ال ور سوله على لغت هم النبط ية وعادت م الاد ثة‪ .‬وهذا م ا د خل به الغلط على طوائف ‪ ,‬بل‬
‫الواجب أن تعرف اللغة والعادة والعرف الذي نزل ف القرآن والسنة وما كان الصحابة يفهمون من الر سول‬
‫عند ساع تلك اللفاظ ; فبتلك اللغة والعادة والعرف خاطبهم ال ورسوله‪ .‬ل با حدث بعد ذلك‪ .‬وأيضا فقد‬
‫بينا ف غي هذا الوضع أن ال ورسوله ل يدع شيئا من القرآن والديث إل بي معناه للمخاطبي ول يوجهم‬
‫إل شيء آخر كما قد بسطنا القول فيه ف غي هذا الوضع‪ .‬فقد تبي أن ما يدعيه هؤلء من اللفظ الطلق من‬
‫جيع القيود ; ل يوجد إل مقدرا ف الذهان ل موجودا ف الكلم الستعمل‪ .‬كما أن ما يدعيه النطقيون من‬
‫العن الطلق من جيع القيود ل يو جد إل مقدرا ف الذهن ل يوجد ف الارج شيء موجود خارج عن كل‬
‫قيد‪ .‬ولذا كان ما يدعونه من تقسيم العلم إل تصور وتصديق وأن التصور هو تصور العن الساذج الال عن‬
‫كل قيد ل يوجد‪ .‬وكذلك ما يدعونه من البسائط الت تتركب منها النواع وأنا أمور مطلقة عن كل قيد ل‬
‫تو جد‪ .‬و ما يدعو نه من أن وا جب الوجود هو وجود مطلق عن كل أ مر ثبو ت ; ل يو جد‪ .‬فهذه ال صفات‬
‫الطلقات عن جيع القيود ينبغي معرفتها لن ين ظر ف هذه العلوم‪ .‬فإنه ب سبب ظن وجود ها ضل طوائف ف‬
‫العقليات والسمعيات بل إذا قال العلماء‪ :‬مطلق ومقيد إنا يعنون به مطلقا عن ذلك القيد ومقيدا بذلك القيد‪.‬‬
‫كما يقولون‪ :‬الرقبة مطلقة ف آية كفارة اليمي ومقيدة ف آية القتل‪ .‬أي مطلقة عن قيد اليان وإل فقد قيل‪:‬‬
‫{فتحر ير رق بة}‪ .‬فقيدت بأن ا رق بة واحدة وأن ا موجودة وأن ا تق بل التحر ير‪ .‬والذ ين يقولون بالطلق ال حض‬
‫يقولون هو الذي ل يتصف بوحدة ول كثرة ول وجود ول عدم ول غي ذلك ; بل هو القيقة من حيث هي‬
‫هي كما يذكره الرازي تلقيا له عن ابن سينا وأمثاله من التفلسفة‪ .‬وقد بسطنا الكلم ف هذا الطلق والتقيد‬
‫والكليات والزئيات ف مواضع غي هذا وبينا من غلط هؤلء ف ذلك ما ليس هذا موضعه‪ .‬وإنا القصود هنا‬
‫" الطلق اللف ظي " و هو أن يتكلم بالل فظ مطل قا عن كل ق يد وهذا ل وجود له وحينئذ فل يتكلم أ حد إل‬
‫بكلم مؤلف مقيد مرتبط بعضه ببعض فتكون تلك قيودا متنعة الطلق‪ .‬فتبي أنه ليس لن فرق بي القيقة‬
‫والجاز فرق معقول ي كن به التمي يز ب ي نوع ي ; فعلم أن هذا التق سيم با طل وحينئذ ف كل ل فظ موجود ف‬
‫كتاب ال ورسوله فإنه مقيد با يبي معناه فليس ف شيء من ذلك ماز بل كله حقيقة‪ .‬ولذا لا ادعى كثي‬
‫من التأخرين أن ف القرآن مازا وذكروا ما يشهد لم ; رد عليهم النازعون جيع ما ذكروه‪ .‬فمن أشهر ما‬
‫ذكروه قوله تعال‪{ :‬جدارا يريهد أن ينقهض}‪ .‬قالوا‪ :‬والدار ليهس بيوان ‪ ,‬والرادة إناه تكون للحيوان ;‬
‫فاستعمالا ف ميل الدار ماز‪ .‬فقيل لم‪ :‬لفظ الرادة قد استعمل ف اليل الذي يكون معه شعور وهو ميل‬
‫ال ي و ف ال يل الذي ل شعور ف يه و هو م يل الماد و هو من مشهور الل غة ; يقال هذا ال سقف ير يد أن ي قع‬
‫وهذه الرض تر يد أن ترث وهذا الزرع ير يد أن ي سقى ; وهذا الث مر ير يد أن يق طف وهذا الثوب ير يد أن‬
‫يغسل وأمثال ذلك‪ .‬واللفظ إذا استعمل ف معنيي فصاعدا ; فإما أن يعل حقيقة ف أحدها مازا ف الخر أو‬
‫حقيقة فيما يتص به كل منهما فيكون مشتركا اشتراكا لفظيا أو حقيقة ف القدر الشترك بينهما‪ .‬وهي الساء‬
‫التواطئة‪ .‬و هي ال ساء العا مة كل ها‪ .‬وعلى الول يلزم الجاز‪ .‬وعلى الثا ن يلزم الشتراك ; وكله ا خلف‬
‫ال صل فو جب أن ي عل من التواطئة‪ .‬وبذا يعرف عموم ال ساء العا مة كل ها وإل فلو قال قائل‪ :‬هو ف م يل‬
‫الماد حقي قة و ف م يل اليوان ماز ; ل ي كن ب ي الدعوي ي فرق إل كثرة ال ستعمال ف م يل اليوان ; ل كن‬
‫ي ستعمل مقيدا ب ا يبي أ نه أر يد به ميل اليوان وهنا ا ستعمل مقيدا ب ا يبي أ نه أر يد به م يل الماد‪ .‬والقدر‬
‫الشترك بي مسميات الساء التواطئة أمر كلي عام ل يوجد كليا عاما إل ف الذهن وهو مورد التقسيم بي‬
‫النواع ل كن ذلك الع ن العام الكلي كان أ هل الل غة ل يتاجون إل الت عبي ع نه ; لن م إن ا يتاجون إل ما‬
‫يوجد ف الارج وإل ما يوجد ف القلوب ف العادة‪ .‬وما ل يكون ف الارج إل مضافا إل غيه ; ل يوجد ف‬
‫الذ هن مردا بلف ل فظ الن سان والفرس فإ نه ل ا كان يو جد ف الارج غ ي مضاف تعودت الذهان ت صور‬
‫مسمى النسان ومسمى الفرس بلف تصور مسمى الرادة ومسمى العلم ومسمى القدرة ومسمى الوجود‬
‫الطلق العام ; فإن هذا ل يوجد له ف اللغة لفظ مطلق يدل عليه بل ل يوجد لفظ الرادة إل مقيدا بالريد ول‬
‫ل فظ العلم إل مقيدا بالعال ول ل فظ القدرة إل مقيدا بالقادر‪ .‬بل وهكذا سائر العراض ل ا ل تو جد إل ف‬
‫مالا مقيدة با ل يكن لا ف اللغة لفظ إل كذلك‪ .‬فل يوجد ف اللغة لفظ السواد والبياض والطول والقصر‬
‫إل مقيدا بال سود والب يض والطو يل والق صي ون و ذلك ل مردا عن كل ق يد ; وإن ا يو جد مردا ف كلم‬
‫الصنفي ف اللغة ; لنم فهموا من كلم أهل اللغة ما يريدون به من القدر الشترك ومنه قوله تعال‪{ :‬فأذاقها‬
‫ال لباس الوع والوف}‪ .‬فإن من الناس من يقول‪ :‬الذوق حقي قة ف الذوق بال فم ‪ ,‬واللباس ب ا يل بس على‬
‫البدن ‪ ,‬وإن ا ا ستعي هذا وهذا ول يس كذلك ; بل قال الل يل‪ :‬الذوق ف ل غة العرب هو وجود ط عم الش يء‬
‫والسهتعمال يدل على ذلك‪ .‬قال تعال‪{ :‬ولنذيقنههم مهن العذاب الدنه دون العذاب الكهب}‪ .‬وقال‪{ :‬ذق‬
‫إنهك أنهت العزيهز الكريه}‪ .‬وقال‪{ :‬فذاقهت وبال أمرهها}‪ .‬وقال‪{ :‬فذوقوا العذاب باه كنتهم تكفرون} ‪-‬‬
‫{فذوقوا عذاب ونذر} ‪{ -‬ل يذوقون فيها الوت إل الوتة الول} ‪{ -‬ل يذوقون فيها بردا ول شرابا} {إل‬
‫حي ما وغ ساقا}‪ .‬وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ " :‬ذاق ط عم اليان من ر ضي بال ر با وبال سلم دي نا‬
‫وبحمد رسول} "‪ .‬وف بعض الدعية‪ " :‬أذقنا برد عفوك وحلوة مغفرتك "‪ .‬فلفظ " الذوق " يستعمل ف‬
‫كل ما يس به ويد أله أو لذته فدعوى الدعي اختصاص لفظ الذوق با يكون بالفم تكم منه ‪ ,‬لكن ذاك‬
‫مق يد فيقال‪ :‬ذ قت الطعام وذ قت هذا الشراب ; فيكون م عه من القيود ما يدل على أ نه ذوق بال فم وإذا كان‬
‫الذوق مستعمل فيما يسه النسان بباطنه أو بظاهره ; حت الاء الميم يقال‪ :‬ذاقه فالشراب إذا كان باردا أو‬
‫حارا يقال‪ :‬ذقت حره وبرده‪ .‬وأما لفظ " اللباس "‪ :‬فهو مستعمل ف كل ما يغشى النسان ويلتبس به قال‬
‫تعال‪{ :‬وجعلنا الليل لباسا}‪ .‬وقال‪{ :‬ولباس التقوى ذلك خي}‪ .‬وقال‪{ :‬هن لباس لكم وأنتم لباس لن}‪.‬‬
‫ومنه يقال‪ :‬لبس الق بالباطل إذا خلطه به حت غشيه فلم يتميز‪ .‬فالوع الذي يشمل أله جيع الائع‪ :‬نفسه‬
‫وبد نه وكذلك الوف الذي يل بس البدن‪ .‬فلو ق يل‪ :‬فأذاق ها ال الوع والوف ; ل يدل ذلك على أ نه شا مل‬
‫لم يع أجزاء الائع بلف ما إذا قيل‪ :‬لباس الوع والوف‪ .‬ولو قال فألبسهم ل ي كن فيه ما يدل على أن م‬
‫ذاقوا ما يؤلهم إل بالعقل من حيث إنه يعرف أن الائع الائف يأل‪ .‬بلف لفظ ذوق الوع والوف ; فإن‬
‫هذا اللفهظ يدل على الحسهاس بالؤل وإذا أضيهف إل اللتهذ‪ :‬دل على الحسهاس بهه كقوله صهلى ال عليهه‬
‫وسلم‪{ " :‬ذاق طعم اليان من رضي بال ربا وبالسلم دينا وبحمد صلى ال عليه وسلم نبيا} "‪ .‬فإن قيل‪:‬‬
‫فلم ل ي صف نع يم ال نة بالذوق ؟ ق يل‪ :‬لن الذوق يدل على ج نس الح ساس ويقال‪ :‬ذاق الطعام ل ن و جد‬
‫طعمه وإن ل يأكله‪ .‬وأهل النة نعيمهم كامل تام ل يقتصر فيه على الذوق ; بل استعمل لفظ الذوق ف النفي‬
‫ك ما قال عن أهل النار‪{ :‬ل يذوقون فيها بردا ول شرابا} ; أي ل يصل لم من ذلك ول ذوق‪ .‬وقال عن‬
‫أهل النة‪{ :‬ل يذوقون فيها الوت إل الوتة الول}‪ .‬وكذلك ما ادعوا أنه ماز ف القرآن كلفظ " الكر " و‬
‫" السهتهزاء " و " السهخرية " الضاف إل ال وزعموا أنهه مسهمى باسهم مها يقابله على طريهق الجاز وليهس‬
‫كذلك بل م سميات هذه ال ساء إذا فعلت ب ن ل ي ستحق العقو بة كا نت ظل ما له وأ ما إذا فعلت ب ن فعل ها‬
‫بالج ن عليه عقو بة له ب ثل فعله كانت عدل ك ما قال تعال‪{ :‬كذلك كدنا ليو سف}‪ .‬فكاد له ك ما كادت‬
‫إخوتهه لاه قال له أبوه‪{ :‬ل تقصهص رؤياك على إخوتهك فيكيدوا لك كيدا}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬إنمه يكيدون‬
‫كيدا} {وأكيهد كيدا}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ومكروا مكرا ومكرنها مكرا وههم ل يشعرون} {فانظهر كيهف كان‬
‫عاقبة مكرهم}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬الذين يلمزون الطوعي من الؤمني ف الصدقات والذين ل يدون إل جهدهم‬
‫فيسخرون منهم سخر ال منهم}‪ .‬ولذا كان الستهزاء بم فعل يستحق هذا السم كما روي عن ابن عباس‬
‫; أ نه يف تح ل م باب من ال نة و هم ف النار في سرعون إليه فيغلق ث يفتح ل م باب آ خر في سرعون إل يه فيغلق‬
‫فيضحهك منههم الؤمنون‪ .‬قال تعال‪{ :‬فاليوم الذيهن آمنوا مهن الكفار يضحكون} {على الرائك ينظرون}‬
‫{هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون}‪ .‬وعن السن البصري‪ :‬إذا كان يوم القيامة ; خدت النار لم كما تمد‬
‫الهالة من القدر فيمشون فيخسف بم‪ .‬وعن مقاتل‪ :‬إذا ضرب بينهم وبي الؤمني بسور له باب باطنه فيه‬
‫الرح ة وظاهره من قبله العذاب فيبقون ف الظل مة فيقال ل م‪ :‬ارجعوا وراء كم فالتم سوا نورا‪ .‬وقال بعض هم‪:‬‬
‫استهزاؤه‪ :‬استدراجه لم‪ .‬وقيل‪ :‬إيقاع استهزائهم ورد خداعهم ومكرهم عليهم‪ .‬وقيل‪ :‬إنه يظهر لم ف الدنيا‬
‫خلف ما أبطن ف الخرة‪ .‬وقيل هو تهيلهم وتطئتهم فيما فعلوه ; وهذا كله حق وهو استهزاء بم حقيقة‪.‬‬
‫ومن المثلة الشهورة لن يثبت الجاز ف القرآن‪{ :‬واسأل القرية}‪ .‬قالوا الراد به أهلها فحذف الضاف وأقيم‬
‫الضاف إليه مقامه فقيل لم‪ :‬لفظ القرية والدينة والنهر واليزاب ; وأمثال هذه المور الت فيها الال والحال‬
‫كلها داخل ف السم‪ .‬ث قد يعود الكم على الال وهو السكان وتارة على الحل وهو الكان وكذلك ف‬
‫النهر يقال‪ :‬حفرت النهر وهو الحل‪ .‬وجرى النهر وهو الاء ووضعت اليزاب وهو الحل وجرى اليزاب وهو‬
‫الاء وكذلك القرية قال تعال‪{ :‬وضرب ال مثل قرية كانت آمنة مطمئنة}‪ .‬وقوله‪{ :‬وكم من قرية أهلكناها‬
‫فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون} {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إل أن قالوا إنا كنا ظالي}‪ .‬وقال ف‬
‫آية أخرى‪{ :‬أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون}‪ .‬فجعل القرى هم السكان‪ .‬وقال‪{ :‬وكأين‬
‫من قرية هي أشد قوة من قريتك الت أخرجتك أهلكناهم فل ناصر لم}‪ .‬وهم السكان‪ .‬وكذلك قوله تعال‪:‬‬
‫{وتلك القرى أهلكناههم لاه ظلموا وجعلنها لهلكههم موعدا}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬أو كالذي مهر على قريهة وههي‬
‫خاوية على عروشها}‪ .‬فهذا الكان ل السكان لكن ل بد أن يلحظ أنه كان مسكونا ; فل يسمى قرية إل إذا‬
‫كان قد عمر للسكن مأخوذ من القرى وهو المع ‪ ,‬ومنه قولم‪ :‬قريت الاء ف الوض إذا جعته فيه‪ .‬ونظي‬
‫ذلك لفظ " النسان " يتناول السد والروح ث الحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلزمهما ; فكذلك القرية‬
‫إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لهلها ; فما يصيب أحدها من الشر ينال الخر ; كما ينال‬
‫البدن والروح ما يصيب أحدها‪ .‬فقوله‪{ :‬واسأل القرية}‪ .‬مثل قوله {قرية كانت آمنة مطمئنة}‪ .‬فاللفظ هنا‬
‫يراد بهه السهكان مهن غيه إضمار ول حذف فهذا بتقديهر أن يكون فه اللغهة ماز ‪ ,‬فل ماز فه القرآن‪ .‬بهل‬
‫وتقسيم اللغة إل حقيقة وماز تقسيم مبتدع مدث ل ينطق به السلف‪ .‬واللف فيه على قولي وليس الناع‬
‫ف يه لفظ يا ; بل يقال‪ :‬نفس هذا التقسيم باطل ل يتم يز هذا عن هذا ولذا كان كل ما يذكرونه من الفروق‬
‫تهبي أناه فروق باطلة وكلمها ذكهر بعضههم فرقها أبطله الثانه كمها يدعهي النطقيون أن الصهفات القائمهة‬
‫بالو صوفات تنق سم اللز مة ل ا إل دا خل ف ماهيت ها الثاب تة ف الارج وإل خارج عن ها لزم للماه ية ولزم‬
‫خارج للوجود‪ .‬وذكروا ثلثة فروق كلها باطلة لن هذا التقسيم باطل ل حقيقة له بل ما يعلونه داخل يكن‬
‫جعله خارجا وبالعكس كما قد بسط ف موضعه‪ .‬وقولم‪ :‬اللفظ إن دل بل قرينة فهو حقيقة وإن ل يدل إل‬
‫معها فهو ماز ; قد تبي بطلنه وأنه ليس ف اللفاظ الدالة ما يدل مردا عن جيع القرائن ول فيها ما يتاج‬
‫إل ج يع القرائن‪ .‬وأش هر أمثلة الجاز ل فظ " ال سد " و " المار " و " الب حر " ون و ذلك م ا يقولون‪ :‬إ نه‬
‫استعي للشجاع والبليد والواد‪ .‬وهذه ل تستعمل إل مؤلفة مركبة مقيدة بقيود لفظية كما تستعمل القيقة ‪,‬‬
‫كقول أب بكر الصديق عن أب قتادة لا طلب غيه سلب القتيل‪ :‬لها ال إذا يعمد إل أسد من أسد ال يقاتل‬
‫عن ال ورسوله فيعطيك سلبه‪ .‬فقوله‪ :‬يع مد إل أسد من أسد ال يقاتل عن ال ورسوله ; و صف له بالقوة‬
‫للجهاد ف سبيله وقد عينه تعيينا أزال اللبس‪ .‬وكذلك قول النب صلى ال عليه وسلم‪{ " :‬إن خالدا سيف من‬
‫سيوف ال سله ال على الشرك ي} " وأمثال ذلك‪ .‬وإن قال القائل‪ :‬القرائن اللفظ ية موضو عة ودللت ها على‬
‫العن حقيقة ‪ ,‬لكن القرائن الالية ماز ; قيل‪ :‬اللفظ ل يستعمل قط إل مقيدا بقيود لفظية موضوعة ; والال‬
‫حال التكلم والستمع ل بد من اعتباره ف جيع الكلم فإنه إذا عرف التكلم فهم من معن كلمه ما ل يفهم‬
‫إذا ل يعرف ل نه بذلك يعرف عاد ته ف خطا به ‪ ,‬والل فظ إن ا يدل إذا عرف ل غة التكلم ال ت ب ا يتكلم و هي‬
‫عاد ته وعر فه ال ت يعتاد ها ف خطا به ‪ ,‬ودللة الل فظ على الع ن دللة ق صدية إراد ية اختيار ية ‪ ,‬فالتكلم ير يد‬
‫دللة الل فظ على الع ن ; فإذا اعتاد أن ي عب بالل فظ عن الع ن كا نت تلك لغ ته ولذا كل من كان له عنا ية‬
‫بألفاظ الرسول ومراده با‪ :‬عرف عادته ف خطابه وتبي له من مراده ما ل يتبي لغيه‪ .‬ولذا ينبغي أن يقصد‬
‫إذا ذ كر ل فظ من القرآن والد يث أن يذ كر نظائر ذلك الل فظ ; ماذا ع ن ب ا ال ور سوله فيعرف بذلك ل غة‬
‫القرآن والد يث و سنة ال ور سوله ال ت يا طب ب ا عباده و هي العادة العرو فة من كل مه ث إذا كان لذلك‬
‫نظائر ف كلم غيه وكا نت النظائر كثية ; عرف أن تلك العادة والل غة مشتر كة عا مة ل ي تص ب ا هو ‪-‬‬
‫صلى ال عل يه و سلم ‪ -‬بل هي ل غة قو مه ول يوز أن ي مل كل مه على عادات حد ثت بعده ف الطاب ل‬
‫تكن معروفة ف خطابه وخطاب أصحابه‪ .‬كما يفعله كثي من الناس وقد ل يعرفون انتفاء ذلك ف زمانه‪ .‬ولذا‬
‫كان ا ستعمال القياس ف الل غة وإن جاز ف ال ستعمال فإ نه ل يوز ف ال ستدلل فإ نه قد يوز للن سان أن‬
‫يستعمل هو اللفظ ف نظي العن الذي استعملوه فيه مع بيان ذلك على ما فيه من الناع ; لكن ل يوز أن‬
‫يع مد إل ألفاظ قد عرف ا ستعمالا ف معان فيحمل ها على غ ي تلك العا ن ويقول‪ :‬إن م أرادوا تلك بالقياس‬
‫على تلك ; بل هذا تبديل وتريف فإذا قال‪{ :‬الار أحق بسقبه} فالار هو الار ليس هو الشريك ; فإن هذا‬
‫ل يعرف ف لغتهم ; لكن ليس ف اللفظ ما يقتضي أنه يستحق الشفعة ; لكن يدل على أن البيع له أول‪ .‬وأما‬
‫" ال مر " ف قد ث بت بالن صوص الكثية والنقول ال صحيحة أن ا كا نت ا سا ل كل م سكر ‪ ,‬ل ي سم ال نبيذ خرا‬
‫بالقياس‪ .‬وكذلك " النباش " كانوا ي سمونه سارقا ك ما قالت عائ شة‪ :‬سارق موتا نا ك سارق أحيا نا‪ .‬واللئط‬
‫عند هم كان أغلظ من الزا ن بالرأة‪ .‬ول بد ف تف سي القرآن والد يث من أن يعرف ما يدل على مراد ال‬
‫ور سوله من اللفاظ وك يف يف هم كل مه ‪ ,‬فمعر فة العرب ية ال ت خوطب نا ب ا م ا يع ي على أن نف قه مراد ال‬
‫ور سوله بكل مه ‪ ,‬وكذلك معر فة دللة اللفاظ على العا ن ; فإن عا مة ضلل أ هل البدع كان بذا ال سبب ;‬
‫فإنمه صهاروا يملون كلم ال ورسهوله على مها يدعون أنهه دال عليهه ول يكون المهر كذلك ويعلون هذه‬
‫الدللة حقي قة ‪ ,‬وهذه مازا ‪ ,‬ك ما أخ طأ الرجئة ف ا سم " اليان " جعلوا ل فظ " اليان " حقي قة ف مرد‬
‫التصديق وتناوله للعمال مازا‪ .‬فيقال‪ :‬إن ل يصح التقسيم إل حقيقة وماز فل حاجة إل هذا وإن صح فهذا‬
‫ل ينفعكم‪ .‬بل هو عليكم ل لكم ; لن القيقة هي اللفظ الذي يدل بإطلقه بل قرينة والجاز إنا يدل بقرينة‪.‬‬
‫و قد تبي أن ل فظ اليان ح يث أطلق ف الكتاب وال سنة دخلت ف يه العمال وإن ا يد عي خروج ها م نه ع ند‬
‫التقي يد ; وهذا يدل على أن القي قة قوله‪{ " .‬اليان ب ضع و سبعون شع بة} "‪ .‬وأ ما حد يث جب يل فإن كان‬
‫أراد باليان ما ذكر مع السلم‪ .‬فهو كذلك‪ .‬وهذا هو العن الذي أراد النب صلى ال عليه وسلم قطعا‪ .‬كما‬
‫أنه لا ذكر الحسان أراد الحسان مع اليان والسلم ; ل يرد أن الحسان مرد عن إيان وإسلم‪ .‬ولو قدر‬
‫أنهه أريهد بلفهظ " اليان " مرد التصهديق ; فلم يقهع ذلك إل مهع قرينهة فيلزم أن يكون مازا وهذا معلوم‬
‫بالضرورة ل يكننا النازعة فيه بعد تدبر القرآن والديث بلف كون لفظ " اليان " ف اللغة مرادفا للتصديق‬
‫ودعوى أن الشارع ل يغيه ول ينقله ; بل أراد به ما كان يريده أهل اللغة بل تصيص ول تقييد ; فإن هاتي‬
‫القدمتي ل يكن الزم بواحدة منهما ‪ ,‬فل يعارض اليقي ‪ ,‬كيف وقد عرف فساد كل واحدة من القدمتي‬
‫وأن ا من أف سد الكلم‪ .‬و " أي ضا " فل يس ل فظ اليان ف دلل ته على العمال الأمور ب ا بدون ل فظ ال صلة‬
‫والصيام والزكاة والج ; ف دللته على الصلة الشرعية والصيام الشرعي ; والج الشرعي ; سواء قيل‪ :‬إن‬
‫الشارع نقله ; أو أراد الكهم دون السهم ; أو أراد السهم وتصهرف فيهه تصهرف أههل العرف ; أو خاطهب‬
‫بالسم مقيدا ل مطلقا‪ .‬فإن قيل‪ :‬الصلة والج ونوها لو ترك بعضها بطلت بلف اليان فإنه ل يبطل عند‬
‫الصحابة وأهل السنة والماعة بجرد الذنب ; قيل‪ :‬إن أريد بالبطلن أنه ل تبأ الذمة منها كلها ; فكذلك‬
‫اليان الواجب إذا ترك منه شيئا ل تبأ الذمة منه كله‪ .‬وإن أريد به وجوب العادة فهذا ليس على الطلق‪.‬‬
‫فإن ف الج واجبات إذا تركها ل يعد بل تب بدم ‪ ,‬وكذلك ف الصلة عند أكثر العلماء إذا تركها سهوا أو‬
‫مطلقا وجبت العادة فإنا تب إذا أمكنت العادة وإل فما تعذرت إعادته يبقى مطالبا به كالمعة ونوها‪.‬‬
‫وإن أريد بذلك أنه ل يثاب على ما فعله فليس كذلك بل قد بي النب صلى ال عليه وسلم ف حديث السيء‬
‫ف صلته أنه إذا ل يتمها يثاب على ما فعل ول يكون بنلة من ل يصل‪ .‬وف عدة أحاديث أن الفرائض تكمل‬
‫يوم القيامة من النوافل ; فإذا كانت الفرائض مبورة بثواب النوافل دل على أنه يعتد له با فعل منها ; فكذلك‬
‫اليان إذا ترك م نه شيئا كان عل يه فعله ; إن كان مر ما تاب م نه وإن كان واج با فعله ; فإذا ل يفعله ل تبأ‬
‫ذمته منه وأثيب على ما فعله كسائر العبادات وقد دلت النصوص على أنه يرج من النار من ف قلبه مثقال ذرة‬
‫من اليان‪ .‬و قد عدلت " الرجئة " ف هذا ال صل عن بيان الكتاب وال سنة وأقوال ال صحابة والتابع ي ل م‬
‫بإح سان واعتمدوا على رأي هم وعلى ما تأولوه بفهم هم الل غة ‪ ,‬وهذه طري قة أ هل البدع ; ولذا كان المام‬
‫أحد يقول‪ :‬أكثر ما يطئ الناس من جهة التأويل والقياس‪ .‬ولذا تد العتزلة والرجئة والرافضة وغيهم من‬
‫أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولم وما تأولوه من اللغة ; ولذا تدهم ل يعتمدون على أحاديث النب‬
‫صلى ال عليه وسلم والصحابة والتابعي وأئمة السلمي ; فل يعتمدون ل على السنة ول على إجاع السلف‬
‫وآثارهم ; وإنا يعتمدون على العقل واللغة وتدهم ل يعتمدون على كتب التفسي الأثورة والديث ; وآثار‬
‫السلف وإنا يعتمدون على كتب الدب وكتب الكلم الت وضعتها رؤوسهم وهذه طريقة اللحدة أيضا ; إنا‬
‫يأخذون ما ف ك تب الفل سفة وك تب الدب والل غة وأ ما ك تب القرآن والد يث والثار ; فل يلتفتون إلي ها‪.‬‬
‫هؤلء يعرضون عن ن صوص ال نبياء إذ هي عند هم ل تف يد العلم وأولئك يتأولون القرآن برأي هم وفهم هم بل‬
‫آثار عن ال نب صلى ال عليه وسلم وأ صحابه و قد ذكرنا كلم أحد وغيه ف إنكار هذا وجعله طريقة أ هل‬
‫البدع‪ .‬وإذا تدبرت حججهم وجدت دعاوى ل يقوم عليها دليل‪ .‬والقاضي أبو بكر الباقلن نصر قول جهم‬
‫ف " مسألة اليان " متابعة لب السن الشعري وكذلك أكثر أصحابه‪ .‬فأما أبو العباس القلنسي وأبو علي‬
‫الثقفي وأبو عبد ال بن ماهد شيخ القاضي أب بكر وصاحب أب السن ‪ -‬فإنم نصروا مذهب السلف‪ .‬وابن‬
‫كلب ‪ -‬نفسه ‪ -‬وال سي بن الفضل البجلي ونوها كانوا يقولون‪ :‬هو التصديق والقول جيعا موافقة ل ن‬
‫قاله من فقهاء الكوفيي كحماد بن أب سليمان ومن اتبعه مثل أب حنيفة وغيه‪.‬‬
‫فصل (ص ‪)120‬‬
‫وأبو ال سن الشعري ن صر قول ج هم ف " اليان " مع أنه ن صر الشهور عن أهل السنة من أ نه ي ستثن ف‬
‫اليان فيقول‪ :‬أ نا مؤ من إن شاء ال ; ل نه ن صر مذ هب أ هل ال سنة ف أ نه ل يك فر أ حد من أ هل القبلة ول‬
‫يلدون ف النار وتق بل في هم الشفا عة ون و ذلك‪ .‬و هو دائ ما ين صر ‪ -‬ف ال سائل ال ت في ها الناع ب ي أ هل‬
‫الديث وغيهم ‪ -‬قول أهل الديث لكنه ل يكن خبيا بآخذهم فينصره على ما يراه هو من الصول الت‬
‫تلقاها عن غيهم ; فيقع ف ذلك من التناقض ما ينكره هؤلء وهؤلء ‪ ,‬كما فعل ف مسألة اليان ونصر فيها‬
‫قول جهم مع نصره للستثناء ; ولذا خالفه كثي من أصحابه ف الستثناء كما سنذكر مأخذه ف ذلك واتبعه‬
‫أك ثر أ صحابه على ن صر قول ج هم ف ذلك‪ .‬و من ل ي قف إل على ك تب الكلم ول يعرف ما قاله ال سلف‬
‫وأئمة السنة ف هذا الباب ; فيظن أن ما ذكروه هو قول أهل السنة ; وهو قول ل يقله أحد من أئمة السنة بل‬
‫قد كفر أحد بن حنبل ووكيع وغيها من قال بقول جهم ف اليان الذي نصره أبو السن‪ .‬وهو عندهم شر‬
‫من قول الرجئة ; ولذا صار من يعظم الشافعي من الزيدية والعتزلة ونوهم يطعن ف كثي من ينتسب إليه‬
‫يقولون‪ :‬الشافعي ل يكن فيلسوفا ول مرجئا وهؤلء فلسفة أشعرية مرجئة وغرضهم ذم الرجاء ونن نذكر‬
‫عمدتم لكونه مشهورا عند كثي من التأخرين النتسبي إل السنة‪ .‬قال القاضي أبو بكر ف " التمهيد "‪ :‬فإن‬
‫قالوا‪ :‬فخبو نا ما اليان عند كم ؟ ق يل‪ :‬اليان هو الت صديق بال و هو العلم ‪ ,‬والت صديق يو جد بالقلب فإن‬
‫قال‪ :‬فما الدليل على ما قلتم ؟ قيل‪ :‬إجاع أهل اللغة قاطبة على أن اليان قبل نزول القرآن وبعثة النب صلى‬
‫ال عليه وسلم هو التصديق ل يعرفون ف اللغة إيانا غي ذلك ويدل على ذلك قوله تعال‪{ :‬وما أنت بؤمن‬
‫ل نا} أي ب صدق ل نا‪ .‬وم نه قول م‪ :‬فلن يؤ من بالشفا عة وفلن ل يؤ من بعذاب ال قب أي‪ :‬ل ي صدق بذلك‪.‬‬
‫فو جب أن اليان ف الشري عة هو اليان العروف ف الل غة ; لن ال ما غ ي الل سان العر ب ول قل به ولو ف عل‬
‫ذلك لتواترت الخبار بفعله وتوفرت دوا عي ال مة على نقله ولغلب إظهاره على كتما نه ‪ ,‬و ف علم نا بأ نه ل‬
‫يف عل ذلك بل إقرار أساء الشياء والتخاطب بأ سره على ما كان دل يل على أن اليان ف الشريعة هو اليان‬
‫اللغوي وما يبي ذلك قوله تعال‪{ :‬وما أرسلنا من رسول إل بلسان قومه} وقوله‪{ :‬إنا جعلناه قرآنا عربيا}‪.‬‬
‫فأ خب أ نه أنزل القرآن بل غة العرب و سى ال ساء ب سمياتم ول و جه للعدول بذه اليات عن ظواهر ها بغ ي‬
‫ح جة ل سيما مع القول بالعموم وح صول التوق يف على أن القرآن نزل بلغت هم ; فدل على ما قلناه من أن‬
‫اليان ما وصفناه دون ما سواه من سائر الطاعات من النوافل والفروضات ‪ ,‬هذا لفظه‪ .‬وهذا عمدة من نصر‬
‫قول الهمية ف " مسألة اليان " وللجمهور من أهل السنة وغيهم عن هذا أجوبة‪( .‬أحدها)‪ :‬قول من ينازعه‬
‫ف أن اليان ف اللغة مرادف للتصديق ويقول هو بعن القرار وغيه‪ .‬و (الثان)‪ :‬قول من يقول‪ :‬وإن كان ف‬
‫الل غة هو الت صديق ; فالت صديق يكون بالقلب والل سان و سائر الوارح ك ما قال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫" {والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} "‪ .‬و (الثالث)‪ :‬أن يقال‪ :‬ليس هو مطلق التصديق بل هو تصديق خاص‬
‫مق يد بقيود ات صل الل فظ ب ا ول يس هذا نقل لل فظ ول تغييا له فإن ال ل يأمر نا بإيان مطلق بل بإيان خاص‬
‫وصفه وبينه‪ .‬و (الرابع)‪ :‬أن يقال‪ :‬وإن كان هو التصديق ; فالتصديق التام القائم بالقلب مستلزم لا وجب من‬
‫أعمال القلب والوارح فإن هذه لوازم اليان التام ‪ ,‬وانتفاء اللزم دليهل على انتفاء اللزوم ‪ ,‬ونقول‪ :‬إن هذه‬
‫اللوازم تدخل ف مسمى اللفظ تارة وترج عنه أخرى‪( .‬الامس)‪ :‬قول من يقول‪ :‬إن اللفظ باق على معناه ف‬
‫اللغة ولكن الشارع زاد فيه أحكاما‪( .‬السادس)‪ :‬قول من يقول‪ :‬إن الشارع استعمله ف معناه الجازي ; فهو‬
‫حقيقة شرعية ماز لغوي‪( .‬السابع)‪ :‬قول من يقول‪ :‬إنه منقول‪ .‬فهذه سبعة أقوال‪( :‬الول)‪ :‬قول من ينازع ف‬
‫أن معناه ف الل غة الت صديق ويقول‪ :‬ل يس هو الت صديق ; بل بع ن القرار وغيه‪ " .‬قوله "‪ :‬إجاع أ هل الل غة‬
‫قاط بة على أن اليان ق بل نزول القرآن هو الت صديق‪ .‬فيقال له‪ :‬من ن قل هذا الجاع ؟ و من أ ين يعلم هذا‬
‫الجاع ؟ وفه أي كتاب ذكهر هذا الجاع ؟‪( .‬الثانه)‪ :‬أن يقال‪ :‬أتعنه بأههل اللغهة نقلتهها كأبه عمرو‬
‫والصمعي والليل ونوهم ; أو التكلمي با ؟ فإن عنيت الول ; فهؤلء ل ينقلون كل ما كان قبل السلم‬
‫بإ سناد وإن ا ينقلون ما سعوه من العرب ف زمان م و ما سعوه ف دواو ين الش عر وكلم العرب وغ ي ذلك‬
‫بالسناد ول نعلم فيما نقلوه لفظ اليان فضل عن أن يكونوا أجعوا عليه‪ .‬وإن عنيت التكلمي بذا اللفظ قبل‬
‫ال سلم ; فهؤلء ل نشهد هم ول ن قل ل نا أ حد عن هم ذلك‪( .‬الثالث)‪ :‬أ نه ل يعرف عن هؤلء جيع هم أن م‬
‫قالوا‪ :‬اليان ف اللغة هو التصديق ; بل ول عن بعضهم وإن قدر أنه قاله واحد أو اثنان ; فليس هذا إجاعا‪.‬‬
‫(الرا بع)‪ :‬أن يقال‪ :‬هؤلء ل ينقلون عن العرب أن م قالوا‪ :‬مع ن هذا الل فظ كذا وكذا ; وإن ا ينقلون الكلم‬
‫السموع من العرب وأنه يفهم منه كذا وكذا وحينئذ فلو قدر أنم نقلوا كلما عن العرب يفهم منه أن اليان‬
‫هو التصديق ; ل يكن ذلك أبلغ من نقل السلمي كافة للقرآن عن النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬وإذا كان مع‬
‫ذلك قد يظن بعضهم أنه أريد به معن ول يرده ; فظن هؤلء ذلك فيما ينقلونه عن العرب أول‪( .‬الامس)‪:‬‬
‫أنه لو قدر أنم قالوا هذا ; فهم آحاد ل يثبت بنقلهم التواتر و " التواتر " من شرطه استواء الطرفي والواسطة‬
‫وأين التواتر الوجود عن العرب قاطبة قبل نزول القرآن ؟ إنم كانوا ل يعرفون لليان معن غي التصديق‪ .‬فإن‬
‫قيل‪ :‬هذا يقدح ف العلم باللغة قبل نزول القرآن ; قيل‪ :‬فليكن‪ .‬ونن ل حاجة بنا مع بيان الرسول لا بعثه ال‬
‫به من القرآن أن نعرف اللغة قبل نزول القرآن ‪ ,‬والقرآن نزل بلغة قريش والذين خوطبوا به كانوا عربا وقد‬
‫فهموا ما أريد به وهم الصحابة ث الصحابة بلغوا لفظ القرآن ومعناه إل التابعي حت انتهى إلينا فلم يبق بنا‬
‫حاجة إل أن تتواتر عندنا تلك اللغة من غي طريق تواتر القرآن ‪ ,‬لكن لا تواتر القرآن لفظا ومعن وعرفنا أنه‬
‫نزل بلغتهم ; عرفنا أنه كان ف لغتهم لفظ السماء والرض والليل والنهار والشمس والقمر ونو ذلك على ما‬
‫هو معنا ها ف القرآن‪ .‬وإل فلو كلف نا نقل متواترا لحاد هذه اللفاظ من غ ي القرآن ; لتعذر علي نا ذلك ف‬
‫جيع اللفاظ ل سيما إذا كان الطلوب أن جيع العرب كانت تريد باللفظ هذا العن فإن هذا يتعذر العلم به ‪,‬‬
‫والعلم بعان القرآن ليس موقوفا على شيء من ذلك ; بل الصحابة بلغوا معان القرآن كما بلغوا لفظه‪ .‬ولو‬
‫قدر نا أن قو ما سعوا كل ما أعجم يا وترجوه ل نا بلغت هم ; ل ن تج إل معر فة الل غة ال ت خوطبوا ب ا أول‪.‬‬
‫(ال سادس)‪ :‬أ نه ل يذ كر شاهدا من كلم العرب على ما ادعاه علي هم ; وإن ا ا ستدل من غ ي القرآن بقول‬
‫الناس‪ :‬فلن يؤمن بالشفاعة وفلن يؤمن بالنة والنار وفلن يؤمن بعذاب القب وفلن ل يؤمن بذلك‪ .‬ومعلوم‬
‫أن هذا ل يس من ألفاظ العرب ق بل نزول القرآن ; بل هو م ا تكلم الناس به ب عد ع صر ال صحابة ل ا صار من‬
‫الناس أهل البدع يكذبون بالشفاعة وعذاب القب ‪ ,‬ومرادهم بذلك هو مرادهم بقوله‪ :‬فلن يؤمن بالنة والنار‬
‫وفلن ل يؤمن بذلك‪ .‬والقائل لذلك وإن كان تصديق القلب داخل ف مراده ; فليس مراده ذلك وحده ‪ ,‬بل‬
‫مراده التصديق بالقلب واللسان فإن مرد تصديق القلب بدون اللسان ل يعلم حت يب به عنه‪( .‬السابع)‪ :‬أن‬
‫يقال‪ :‬من قال ذلك ; فليس مراده التصديق با يرجى وياف بدون خوف ول رجاء ; بل يصدق بعذاب القب‬
‫ويافه ويصدق بالشفاعة ويرجوها‪ .‬وإل فلو صدق بأنه يعذب ف قبه ول يكن ف قلبه خوف من ذلك أصل‬
‫ل يسموه مؤمنا به كما أنم ل يسمون مؤمنا بالنة والنار إل من رجا النة وخاف النار ‪ ,‬دون العرض عن‬
‫ذلك بالكلية مع عل مه بأنه حق‪ .‬ك ما ل ي سمون إبليس مؤم نا بال وإن كان م صدقا بوجوده وربوبيته ‪ ,‬ول‬
‫يسمون فرعون مؤمنا وإن كان عالا بأن ال بعث موسى وأنه هو الذي أنزل اليات وقد استيقنت با أنفسهم‬
‫مع جحد هم ل ا بأل سنتهم ‪ ,‬ول ي سمون اليهود مؤمن ي بالقرآن والر سول وإن كانوا يعرفون أ نه حق ك ما‬
‫يعرفون أبناءهم‪ .‬فل يوجد قط ف كلم العرب أن من علم وجود شيء ما ياف ويرجى ويب حبه وتعظيمه‬
‫; و هو مع ذلك ل ي به ول يعظ مه ول يا فه ول يرجوه ‪ ,‬بل ي حد به ويكذب به بل سانه أن م يقولون‪ :‬هو‬
‫مؤمن ‪ ,‬بل ولو عرفه بقلبه وكذب به بلسانه ل يقولوا‪ :‬هو مصدق به‪ .‬ولو صدق به مع العمل بلف مقتضاه‬
‫ل يقولوا هو مؤمن به‪ .‬فل يوجد ف كلم العرب شاهد واحد يدل على ما ادعوه‪ .‬وقوله‪{ :‬وما أنت بؤمن‬
‫ل نا} قد تكلمنا علي ها ف غ ي هذا الو ضع فإن هذا ا ستدلل بالقرآن وليس ف الية ما يدل على أن الصدق‬
‫مرادف للمؤمن فإن صحة هذا العن بأحد اللفظ ي ل يدل على أنه مرادف للخر كما بسطناه ف موضعه‪.‬‬
‫(الوجه الثامن)‪ :‬قوله‪ :‬ل يعرفون ف اللغة إيانا غي ذلك‪ .‬من أين له هذا النفي الذي ل تكن الحاطة به ؟ بل‬
‫هو قول بل علم‪( .‬التاسع)‪ :‬قول من يقول‪ :‬أصل اليان مأخوذ من المن كما ستأت أقوالم إن شاء ال‪ .‬وقد‬
‫نقلوا ف الل غة اليان بغ ي هذا الع ن‪ .‬ك ما قاله الش يخ أ بو البيان ف قول ‪(000‬بياض ف ال صل)‪( .‬الو جه‬
‫العاشر)‪ :‬أنه لو فرض أن اليان ف اللغة التصديق ; فمعلوم أن اليان ليس هو التصديق بكل شيء ‪ ,‬بل بشيء‬
‫مصوص وهو ما أخب به الرسول صلى ال عليه وسلم ; وحينئذ فيكون اليان ف كلم الشارع أخص من‬
‫اليان ف الل غة‪ .‬ومعلوم أن الاص ين ضم إل يه قيود ل تو جد ف ج يع العام ‪ ,‬كاليوان إذا أ خذ ب عض أنوا عه‬
‫وهو النسان كان فيه العن العام ومعن اختص به وذلك الجموع ليس هو العن العام‪ .‬فالتصديق الذي هو‬
‫اليان ; أدن أحواله أن يكون نوعا من التصديق العام فل يكون مطابقا له ف العموم والصوص من غي تغيي‬
‫اللسان ول قلبه ; بل يكون اليان ف كلم الشارع مؤلفا من العام والاص كالنسان الوصوف بأنه حيوان‬
‫وأنه نا طق‪( .‬الو جه الادي ع شر)‪ :‬أن القرآن ليس فيه ذ كر إيان مطلق غ ي مف سر ; بل ل فظ اليان ف يه إ ما‬
‫مقيد وإما مطلق مفسر‪ " .‬فالقيد " كقوله {يؤمنون بالغيب} وقوله‪{ :‬فما آمن لوسى إل ذرية من قومه} ‪ ,‬و‬
‫" الطلق الف سر " كقوله تعال‪{ :‬إنا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال وجلت قلوبم} الية‪ .‬وقوله‪{ :‬إن ا الؤمنون‬
‫الذ ين آمنوا بال ور سوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموال م وأنف سهم ف سبيل ال أولئك هم ال صادقون} ون و‬
‫ذلك‪ .‬وقوله‪{ :‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت‬
‫ويسلموا تسليما}‪ .‬وأمثال هذه اليات‪ .‬وكل إيان مطلق ف القرآن فقد يبي فيه أنه ل يكون الرجل مؤمنا إل‬
‫بالعمل مع التصديق ; فقد بي ف القرآن أن اليان ل بد فيه من عمل مع التصديق كما ذكر مثل ذلك ف اسم‬
‫ال صلة والزكاة وال صيام وال ج‪ .‬فإن ق يل‪ :‬تلك ال ساء باق ية ول كن ضم إل ال سمى أعمال ف ال كم ل ف‬
‫ال سم ك ما يقوله القا ضي أ بو يعلى وغيه‪ .‬ق يل‪ :‬إن كان هذا صحيحا ق يل مثله ف اليان‪ .‬و قد أورد هذا‬
‫السؤال لبعضهم ث ل يب عنه بواب صحيح بل زعم أن القرآن ل يذكر فيه ذلك‪ .‬وليس كذلك بل القرآن‬
‫والسنة ملوءان با يدل على أن الرجل ل يثبت له حكم اليان إل بالعمل مع التصديق‪ .‬وهذا ف القرآن أكثر‬
‫بكث ي من مع ن ال صلة والزكاة‪ .‬فإن تلك إن ا ف سرتا ال سنة " واليان " ب ي معناه الكتاب وال سنة وإجاع‬
‫السلف‪( .‬الثان عشر)‪ :‬أنه إذا قيل‪ :‬إن الشارع خاطب الناس بلغة العرب ; فإنا خاطبهم بلغتهم العروفة وقد‬
‫جرى عرفهم أن السم يكون مطلقا وعاما ث يدخل فيه قيد أخص من معناه كما يقولون‪ :‬ذهب إل القاضي‬
‫والوال والمي يريدون شخصا معينا يعرفونه دلت عليه اللم مع معرفتهم به‪ .‬وهذا السم ف اللغة اسم جنس‬
‫ل يدل على خ صوص ش خص وأمثال ذلك‪ .‬فكذلك اليان وال صلة والزكاة إن ا خاطب هم بذه ال ساء بلم‬
‫التعريف وقد عرفهم قبل ذلك أن الراد اليان الذي صفته كذا وكذا‪ .‬والدعاء الذي صفته كذا وكذا‪ .‬فبتقدير‬
‫أن يكون ف لغت هم الت صديق‪ .‬فإ نه قد يبي أ ن ل أكت في بت صديق القلب والل سان فضل عن ت صديق القلب‬
‫وحده بل ل بد أن يعمل بوجب ذلك التصديق كما ف قوله تعال‪{ :‬إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث‬
‫ل يرتابوا} {إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} وف قوله صلى ال عليه وسلم " {ل تؤمنون حت‬
‫تكونوا كذا} "‪ .‬وف قوله تعال‪{ :‬ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله}‪ .‬وف‬
‫قوله‪{ :‬ولو كانوا يؤمنون بال وال نب و ما أنزل إل يه ما اتذو هم أولياء}‪ .‬وم ثل هذا كث ي ف الكتاب وال سنة‬
‫كقوله عليه السلم‪{ " :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} "‪ .‬وقوله‪{ " :‬ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه}‬
‫"‪ .‬وأمثال ذلك‪ .‬ف قد ب ي ل م أن الت صديق الذي ل يكون الر جل مؤم نا إل به هو أن يكون ت صديقا على هذا‬
‫الوجه‪ .‬وهذا بي ف القرآن والسنة من غي تغيي للغة ول نقل لا‪( .‬الثالث ع شر)‪ :‬أن يقال‪ :‬بل نقل وغي‪.‬‬
‫قوله‪ :‬لو ف عل لتوا تر‪ .‬ق يل‪ :‬ن عم‪ .‬و قد توا تر أ نه أراد بال صلة والزكاة وال صيام وال ج معاني ها العرو فة‪ .‬وأراد‬
‫باليان ما بينه بكتابه وسنة رسوله من أن العبد ل يكون مؤمنا إل به كقوله‪{ :‬إنا الؤمنون} وهذا متواتر ف "‬
‫القرآن وال سنن " ومتوا تر أي ضا أ نه ل ي كن ي كم ل حد ب كم اليان إل أن يؤدي الفرائض‪ .‬ومتوا تر ع نه أ نه‬
‫أخب أنه‪ :‬من مات مؤمنا دخل النة ول يعذب وأن الفساق ل يستحقون ذلك ; بل هم معرضون للعذاب‪.‬‬
‫فقد توا تر عنه من معا ن اسم اليان وأحكا مه ما ل يتوا تر عنه ف غيه فأي تواتر أبلغ من هذا وقد توفرت‬
‫الدواعي على نقل ذلك وإظهاره ول المد‪ .‬ول يقدر أحد أن ينقل عن النب صلى ال عليه وسلم نقل يناقض‬
‫هذا‪ .‬لكن أخب أنه يرج منها من كان معه شيء من اليان‪ .‬ول يقل‪ :‬إن الؤمن يدخلها ‪ ,‬ول قال إن الفساق‬
‫مؤمنون‪ .‬لكن أدخلهم ف مسمى اليان ف مواضع كما أدخل النافقي ف اسم اليان ف مواضع مع القيود‪.‬‬
‫وأما السم الطلق الذي وعد أهله بالنة ; فلم يدخل فيه ل هؤلء ول هؤلء‪( .‬الوجه الرابع عشر)‪ :‬قوله‪ :‬ول‬
‫وجه للعدول ‪ -‬باليات الت تدل على أنه عرب ‪ -‬عن ظاهرها ; فيقال له‪ :‬اليات الت فسرت الؤمن وسلبت‬
‫اليان عمن ل يعمل ; أصرح وأبي وأكثر من هذه اليات‪ .‬ث إذا دلت على أنه عرب ; فما ذكر ل يرجه‬
‫عن كونه عربيا‪ .‬ولذا لا خاطبهم بلفظ الصلة والج وغي ذلك ; ل يقولوا‪ :‬هذا ليس بعرب‪ .‬بل خاطبهم‬
‫باسم النافقي وقد ذكر أهل اللغة أن هذا السم ل يكن يعرف ف الاهلية ول يقولوا‪ :‬إنه ليس بعرب ; لن‬
‫النا فق مش تق من ن فق إذا خرج ; فإذا كان الل فظ مشت قا من لغت هم و قد ت صرف ف يه التكلم به ك ما جرت‬
‫عادتم ف لغتهم ; ل يرج ذلك عن كونه عربيا‪( .‬الوجه الامس عشر)‪ :‬أنه لو فرض أن هذه اللفاظ ليست‬
‫عربية فليس تصيص عموم هذه اللفاظ بأعظم من إخراج لفظ اليان عما دل عليه الكتاب والسنة وإجاع‬
‫السلف ‪ ,‬فإن النصوص الت تنفي اليان عمن ل يب ال ورسوله ول ياف ال ول يتقيه ول يعمل شيئا من‬
‫الواجب ول يترك شيئا من الحرم ; كثية صرية‪ .‬فإذا قدر أنا عارضها آية ; كان تصيص اللفظ القليل العام‬
‫أول من رد النصوص الكثية الصرية‪( .‬السادس عشر)‪ :‬أن هؤلء واقفة ف ألفاظ العموم ل يقولون بعمومها ‪,‬‬
‫وال سلف يقولون‪ :‬الر سول وقف نا على معا ن اليان وبي نه ل نا‪ .‬وعلم نا مراده م نه بالضطرار وعلم نا من مراده‬
‫عل ما ضرور يا أن من ق يل‪ :‬إ نه صدق ول يتكلم بل سانه باليان مع قدر ته على ذلك ول صلى ول صام ول‬
‫أ حب ال ور سوله ول خاف ال ; بل كان مبغ ضا للر سول معاد يا له يقاتله ; أن هذا ل يس بؤ من‪ .‬ك ما قد‬
‫علمنا أن الكفار من الشركي وأهل الكتاب الذين كانوا يعلمون أنه رسول ال وفعلوا ذلك معه ; كانوا عنده‬
‫كفارا ل مؤمني فهذا معلوم عندنا بالضطرار أكثر من علمنا بأن القرآن كله ليس فيه لفظ غي عرب‪ .‬فلو قدر‬
‫التعارض ; لكان تقديه ذلك العلم الضروري أول‪ .‬فإن قالوا‪ :‬مهن علم أن الرسهول كفره علم انتفاء التصهديق‬
‫من قلبه‪ .‬قيل لم‪ :‬هذه مكابرة ‪ ,‬إن أرادوا أنم كانوا شاكي مرتابي‪ .‬وأما إن عن التصديق الذي ل يصل‬
‫معه ع مل ; فهو نا قص كالعدوم ; فهذا صحيح‪ .‬ث إنا يث بت إذا ثبت أن اليان مرد ت صديق القلب وعل مه‬
‫وذاك إنا يثبت بعد تسليم هذه القدمات الت منها هذا فل تثبت الدعوى بالدعوى مع كفر صاحبها‪ .‬ث يقال‪:‬‬
‫قد علمنا بالضطرار أن اليهود وغيهم كانوا يعرفون أن ممدا رسول ال ; وكان يكم بكفرهم‪ .‬فقد علمنا‬
‫من دينه ضرورة أنه يكفر الشخص مع ثبوت التصديق بنبوته ف القلب إذا ل يعمل بذا التصديق بيث يبه‬
‫ويعظ مه وي سلم ل ا جاء به‪ .‬وم ا يعارضون به أن يقال‪ :‬هذا الذي ذكرتوه إن كان صحيحا ; ف هو أدل على‬
‫قول الرجئة ‪ ,‬بل على قول الكرام ية ‪ ,‬م نه على قول كم ‪ ,‬وذلك أن اليان إذا كان هو الت صديق ك ما ذكر ت‬
‫فالتصديق نوع من أنواع الكلم ‪ ,‬فاستعمال لفظ الكلم والقول ونو ذلك ف العن واللفظ ‪ ,‬بل ف اللفظ‬
‫الدال على العن ‪ ,‬أكثر ف اللغة من استعماله ف العن الجرد عن اللفظ ‪ ,‬بل ل يوجد قط إطلق اسم الكلم‬
‫ول أنواعه‪ :‬كالب أو التصديق والتكذيب والمر والنهي على مرد العن من غي شيء يقترن به من عبارة ول‬
‫إشارة ول غيه ا ; وإن ا ي ستعمل مقيدا‪ .‬وإذا كان ال إن ا أنزل القرآن بل غة العرب ; ف هي ل تعرف الت صديق‬
‫والتكذيب وغيها من القوال إل ما كان معن ولفظا أو لفظا يدل على معن ; ولذا ل يعل ال أحدا مصدقا‬
‫للرسل بجرد العلم والتصديق الذي ف قلوبم حت يصدقوهم بألسنتهم‪ .‬ول يوجد ف كلم العرب أن يقال‪:‬‬
‫فلن صدق فل نا أو كذ به إذا كان يعلم بقل به أ نه صادق أو كاذب ول يتكلم بذلك‪ .‬ك ما ل يقال‪ :‬أمره أو‬
‫ناه إذا قام بقل به طلب مرد ع ما يقترن به من ل فظ أو إشارة أو نوه ا‪ .‬ول ا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫" {إن صلتنا هذه ل يصلح فيها شيء من كلم الناس} "‪ .‬وقال‪{ " :‬إن ال يدث من أمره ما شاء وإن ما‬
‫أحدث أن ل تكلموا ف ال صلة} " ات فق العلماء على أ نه إذا تكلم ف ال صلة عامدا لغ ي م صلحتها ; بطلت‬
‫صلته‪ .‬واتفقوا كل هم على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيو ية وطلب ل يب طل ال صلة وإن ا يبطلها‬
‫التكلم بذلك‪ .‬فعلم اتفاق ال سلمي على أن هذا ل يس بكلم‪ .‬وأي ضا ف في " ال صحيحي " عن ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قال‪{ :‬إن ال تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما ل تتكلم به أو تعمل به} " فقد أخب أن‬
‫ال عفا عن حديث النفس إل أن تتكلم ; ففرق بي حديث النفس وبي الكلم وأخب أنه ل يؤاخذ به حت‬
‫يتكلم به ‪ ,‬والراد حت ينطق به اللسان باتفاق العلماء‪ .‬فعلم أن هذا هو الكلم ف اللغة ; لن الشارع ‪ -‬كما‬
‫قرر ‪ -‬إنا خاطبنا بلغة العرب‪ .‬وأيضا ففي " السنن " {أن معاذا قال له‪ :‬يا رسول ال وإنا لؤاخذون با نتكلم‬
‫به ؟ فقال‪ :‬وهل يكب الناس ف النار على وجوه هم أو قال على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم} "‪ .‬فبي أن‬
‫الكلم إنا هو ما يكون باللسان‪ .‬وف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ " :‬أصدق كلمة‬
‫قال ا الشا عر كل مة لب يد‪ :‬أل كل ش يء ما خل ال با طل} "‪ " .‬و ف ال صحيحي " ع نه أ نه قال‪{ " :‬كلمتان‬
‫خفيفتان على اللسان ثقيلتان ف اليزان حبيبتان إل الرحن‪ :‬سبحان ال وبمده سبحان ال العظيم} " وقد قال‬
‫ال تعال‪{ :‬وينذر الذين قالوا اتذ ال ولدا} {ما لم به من علم ول لبائهم كبت كلمة ترج من أفواههم‬
‫إن يقولون إل كذبا} وف " الصحيح " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ " :‬أفضل الكلم بعد القرآن‬
‫أر بع كلمات و هن ف القرآن‪ :‬سبحان ال وال مد ل ول إله إل ال وال أ كب} "‪ .‬رواه م سلم‪ .‬وقال تعال‪:‬‬
‫{إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصال يرفعه} ومثل هذا كثي‪ .‬وف الملة‪ :‬حيث ذكر ال ف كتابه عن‬
‫أحد من اللق من النبياء أو أتباعهم أو مكذبيهم أنم قالوا ويقولون وذلك قولم وأمثال ذلك ; فإنا يعن به‬
‫العن مع اللفظ‪ .‬فهذا اللفظ وما تصرف منه من فعل ماض ومضارع وأمر ومصدر واسم فاعل من لفظ القول‬
‫والكلم ونوهاه ; إناه يعرف فه القرآن والسهنة وسهائر كلم العرب إذا كان لفظها ومعنه وكذلك أنواعهه‬
‫كالتصديق والتكذيب والمر والنهي وغي ذلك‪ .‬وهذا ما ل يكن أحدا جحده فإنه أكثر من أن يصى‪ .‬ول‬
‫يكن ف مسمى " الكلم " نزاع بي الصحابة والتابعي لم بإحسان وتابعيهم ل من أهل السنة ول من أهل‬
‫البدعة‪ .‬بل أول من عرف ف السلم أنه جعل مسمى الكلم العن فقط هو عبد ال بن سعيد بن كلب وهو‬
‫متأ خر ‪ -‬ف ز من م نة أح د بن حن بل ‪ -‬و قد أن كر ذلك عل يه علماء ال سنة وعلماء البد عة فيمت نع أن يكون‬
‫الكلم الذي هو أظ هر صفات ب ن آدم ‪ -‬ك ما قال تعال‪{ :‬فورب ال سماء والرض إ نه ل ق م ثل ما أن كم‬
‫تنطقون}‪ .‬ولفظه ل تصى وجوهه كثرة ‪ -‬ل يعرفه أحد من الصحابة والتابعي وتابعيهم حت جاء من قال فيه‬
‫قول ل يسبقه إليه أحد من السلمي ول غيهم‪ .‬فإن قالوا‪ :‬فقد قال ال تعال‪{ :‬ويقولون ف أنفسهم} وقال‪:‬‬
‫{واذكر ربك ف نفسك تضرعا وخيفة} ونو ذلك‪ .‬قيل‪ :‬إن كان الراد أنم قالوه بألسنتهم سرا فل حجة‬
‫ف يه‪ .‬وهذا هو الذي ذكره الف سرون‪ .‬قالوا‪ :‬كانوا يقولون‪ :‬سام عل يك فإذا خرجوا يقولون ف أنف سهم أي‬
‫يقول بعضهم لبعض‪ :‬لو كان نبيا عذبنا بقولنا له ما نقول‪ .‬وإن قدر أنه أريد بذلك أنم قالوه ف قلوبم فهذا‬
‫قول مق يد بالن فس م ثل قوله‪{ " :‬ع ما حد ثت به أنف سها} " ولذا قالوا‪{ :‬لول يعذب نا ال ب ا نقول} فأطلقوا‬
‫ل فظ القول ه نا والراد به ما قالوه بأل سنتهم ل نه النجوى والتح ية ال ت نوا عن ها ك ما قال تعال‪{ :‬أل تر إل‬
‫الذين نوا عن النجوى ث يعودون لا نوا عنه ويتناجون بالث والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك با‬
‫ل ي يك به ال ويقولون ف أنف سهم لول يعذب نا ال ب ا نقول}‪ .‬مع أن الول هو الذي عل يه أك ثر الف سرين‬
‫وعليه تدل نظائره ; فإن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ " :‬يقول ال‪ :‬من ذكرن ف نفسه ذكرته ف نفسي‬
‫ومن ذكرن ف مل ذكرته ف مل خي منه} " ليس الراد أنه ل يتكلم به بلسانه بل الراد أنه ذكر ال بلسانه‪.‬‬
‫وكذلك قوله‪{ :‬واذكر ربك ف نفسك تضرعا وخيفة ودون الهر من القول} هو الذكر باللسان والذي يقيد‬
‫بالنفس لفظ الديث يقال‪ :‬حديث النفس ‪ ,‬ول يوجد عنهم أنم قالوا‪ :‬كلم النفس وقول النفس ; كما قالوا‪:‬‬
‫حديث النفس ولذا يعب بلفظ الديث عن الحلم الت ترى ف النام كقول يعقوب عليه السلم‪{ :‬ويعلمك‬
‫من تأويل الحاديث}‪ .‬وقول يوسف‪{ :‬وعلمتن من تأويل الحاديث} وتلك ف النفس ل تكون باللسان ;‬
‫فلفظ الديث قد يقيد با ف النفس بلف لفظ الكلم فإنه ل يعرف أنه أريد به ما ف النفس فقط‪ .‬وأما قوله‬
‫تعال‪{ :‬وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فالراد به القول الذي تارة يسر به فل يسمعه‬
‫النسان وتارة يهر به فيسمعونه كما يقال‪ :‬أسر القراءة وجهر با وصلة السر وصلة الهر‪ .‬ولذا ل يقل‪:‬‬
‫قولوه بألسنتكم أو بقلوبكم وما ف النفس ل يتصور الهر به وإنا يهر با ف اللسان وقوله‪{ :‬إنه عليم بذات‬
‫ال صدور} من باب الت نبيه‪ .‬يقول‪ :‬إ نه يعلم ما ف ال صدور فك يف ل يعلم القول ك ما قال ف ال ية الخرى‪:‬‬
‫{وإن تهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} فنبه بذلك على أنه يعلم الهر ويدل على ذلك أنه قال‪{ :‬وأسروا‬
‫قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فلو أراد بالقول ما ف النفس لكونه ذكر علمه بذات الصدور ل‬
‫يكن قد ذكر علمه بالنوع الخر وهو الهر‪ .‬وإن قيل‪ :‬نبه ‪ ,‬قيل‪ :‬بل نبه على القسمي‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬آيتك‬
‫أل تكلم الناس ثلثة أيام إل رمزا} قد ذكر هذا ف قوله‪{ :‬ثلث ليال سويا} وهناك ل يستثن شيئا ‪ ,‬والقصة‬
‫واحدة وهذا يدل على أن الستثناء منقطع والعن آيتك أل تكلم الناس لكن ترمز لم رمزا كنظائره ف القرآن‬
‫‪ ,‬وقوله‪{ :‬فأوحى إليهم} هو الرمز ولو قدر أن الرمز استثناء متصل لكان قد دخل ف الكلم القيد بالستثناء‬
‫كما ف قوله‪{ :‬وما كان لبشر أن يكلمه ال إل وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي بإذنه ما‬
‫يشاء}‪ .‬ول يلزم من ذلك أن يدخل ف لفظ الكلم الطلق ; فليس ف لغة القوم أصل ما يدل على أن ما ف‬
‫الن فس يتناوله ل فظ الكلم والقول الطلق ; فضل عن الت صديق والتكذ يب فعلم أن من ل ي صدق بل سانه مع‬
‫القدرة ل يسمى ف لغة القوم مؤمنا كما اتفق على ذلك سلف المة من الصحابة والتابعي لم بإحسان‪ .‬وقول‬
‫ع مر ر ضي ال ع نه‪ :‬زورت ف نف سي مقالة أردت أن أقول ا ح جة علي هم‪ .‬قال أ بو عب يد‪ :‬التزو ير‪ :‬إ صلح‬
‫الكلم وتيئته قال‪ :‬وقال أبو زيد‪ :‬الزور من الكلم والزوق واحد وهو الصلح السن ‪ ,‬وقال غيه‪ :‬زورت‬
‫ف نف سي مقالة أي هيأت ا لقول ا‪ .‬فلفظ ها يدل على أ نه قدر ف نف سه ما ير يد أن يقوله ول يقله فعلم أ نه ل‬
‫يكون قول إل إذا ق يل بالل سان وق بل ذلك ل ي كن قول ل كن كان مقدرا ف الن فس يراد أن يقال ك ما يقدر‬
‫النسان ف نفسه أنه يج وأنه يصلي وأنه يسافر إل غي ذلك فيكون لا يريده من القول والعمل صورة ذهنية‬
‫مقدرة ف النفس ولكن ل يسمى قول وعمل إل إذا وجد ف الارج كما أنه ل يكون حاجا ومصليا إل إذا‬
‫وجدت هذه الفعال ف الارج ولذا كان ما يهم به الرء من القوال الحرمة والفعال الحرمة ل تكتب عليه‬
‫حت يقوله ويفعله وما هم به من القول السن والعمل السن إنا يكتب له به حسنة واحدة فإذا صار قول‬
‫وفعل كتب له به عشر حسنات إل سبعمائة وعوقب عليه ‪ -‬إذا قال أو فعل ‪ -‬كما قال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪{ " :‬إن ال تاوز لمت عما حدثت به أنفسها ما ل تتكلم به أو تعمل} "‪ .‬وأما البيت الذي يكى عن‬
‫الخطل أنه قال‪ :‬إن الكلم لفي الفؤاد وإنا جعل اللسان على الفؤاد دليل فمن الناس من أنكر أن يكون هذا‬
‫من شعره‪ .‬وقالوا‪ :‬إنم فتشوا دواوينه فلم يدوه ‪ ,‬وهذا يروى عن ممد بن الشاب‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬لفظه‪ :‬إن‬
‫البيان لفي الفؤاد‪ .‬ولو احتج متج ف مسألة بديث أخرجاه ف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫لقالوا‪ :‬هذا خب واحد ويكون ما اتفق العلماء على تصديقه وتلقيه بالقبول وهذا البيت ل يثبت نقله عن قائله‬
‫بإسناد صحيح ل واحد ول أكثر من واحد ول تلقاه أهل العربية بالقبول فكيف يثبت به أدن شيء من اللغة‬
‫فضل عن م سمى الكلم‪ .‬ث يقال‪ :‬م سمى الكلم والقول ونوه ا ل يس هو م ا يتاج ف يه إل قول شا عر فإن‬
‫هذا م ا تكلم به الولون والخرون من أ هل الل غة وعرفوا معناه ف لغت هم ك ما عرفوا م سمى الرأس وال يد‬
‫والرجل‪ .‬وأيضا فالناطقون باللغة يتج باستعمالم لللفاظ ف معانيها ل با يذكرونه من الدود فإن أهل اللغة‬
‫الناطق ي ل يقول أ حد من هم‪ :‬إن الرأس كذا وال يد كذا والكلم كذا واللون كذا بل ينطقون بذه اللفاظ دالة‬
‫على معاني ها فتعرف لغت هم من استعمالم‪ .‬فعلم أن الخ طل ل يرد بذا أن يذ كر م سمى " الكلم " ول أ حد‬
‫من الشعراء يقصد ذلك البتة ; وإنا أراد‪ :‬إن كان قال ذلك ما فسره به الفسرون للشعر أي أصل الكلم من‬
‫الفؤاد وهو العن ; فإذا قال النسان بلسانه ما ليس ف قلبه فل تثق به ; وهذا كالقوال الت ذكرها ال عن‬
‫النافقي ذكر أنم يقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم ; ولذا قال‪ :‬ل يعجبنك من أثي لفظه حت يكون مع‬
‫الكلم أصيل إن الكلم لفي الفؤاد وإنا جعل اللسان على الفؤاد دليل ناه أن يعجب بقوله الظاهر حت يعلم‬
‫ما ف قل به من ال صل ; ولذا قال‪ :‬ح ت يكون مع الكلم أصيل‪ .‬وقوله‪ " :‬مع الكلم " دل يل على أن اللفظ‬
‫الظا هر قد ساه كل ما وإن ل يعلم قيام معناه بقلب صاحبه وهذا ح جة علي هم ; ف قد اشت مل شعره على هذا‬
‫وهذا ; بهل قوله‪ " :‬مهع الكلم " مطلق‪ .‬وقوله‪ :‬إن الكلم لفهي الفؤاد‪ .‬أراد بهه أصهله ومعناه القصهود بهه ‪,‬‬
‫والل سان دل يل على ذلك‪ .‬و " بالملة " ف من احتاج إل أن يعرف م سمى " الكلم " ف ل غة العرب والفرس‬
‫والروم والترك وسائر أجناس بن آدم بقول شاعر فإنه من أبعد الناس عن معرفة طرق العلم‪ .‬ث هو من الولدين‬
‫; ول يس من الشعراء القدماء و هو ن صران كا فر مثلث وا سه الخ طل وال طل ف ساد ف الكلم و هو ن صران‬
‫والنصارى قد أخطؤوا ف مسمى الكلم فجعلوا السيح القائم بنفسه هو نفس كلمة ال‪ .‬فتبي أنه إن كان "‬
‫اليان " ف اللغة هو التصديق والقرآن إنا أراد به مرد التصديق الذي هو قول ول يسم العمل تصديقا فليس‬
‫ال صواب إل قول الرجئة‪ :‬إ نه الل فظ والع ن‪ .‬أو قول الكرام ية‪ :‬إ نه قول بالل سان ف قط فإن ت سمية قول الل سان‬
‫قول أش هر ف الل غة من ت سمية مع ن ف القلب قول‪ .‬كقوله تعال‪{ :‬يقولون بأل سنتهم ما ل يس ف قلوب م}‬
‫وقوله‪{ :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} وأمثال ذلك بلف ما ف النفس فإنه‬
‫إنا يسمى حديثا‪ .‬والكرامية يقولون‪ :‬النافق مؤمن وهو ملد ف النار لنه آمن ظاهرا ل باطنا وإنا يدخل النة‬
‫من آمن ظاهرا وباطنا‪ .‬قالوا‪ :‬والدليل على شول اليان له أنه يدخل ف الحكام الدينية التعلقة باسم اليان‬
‫كقوله تعال‪{ :‬فتحر ير رق بة مؤم نة} ويا طب ف الظا هر بالم عة والطهارة وغ ي ذلك م ا خو طب به الذ ين‬
‫آمنوا‪ .‬وأ ما من صدق بقل به ول يتكلم بل سانه فإ نه ل يتعلق به ش يء من أحكام اليان ل ف الدن يا ول ف‬
‫الخرة ول يدخل ف خطاب ال لعباده بقوله‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا} فعلم أن قول الكرامية ف اليان وإن كان‬
‫باطل مبتدعا ل يسبقهم إليه أحد فقول الهمية أبطل منه وأولئك أقرب إل الستدلل باللغة والقرآن والعقل‬
‫من الهمية‪ .‬و " الكرامية " توافق الرجئة والهمية ف أن إيان الناس كلهم سواء ول يستثنون ف اليان ; بل‬
‫يقولون‪ :‬هو مؤمن حقا لن أظهر اليان وإذا كان منافقا فهو ملد ف النار عندهم ; فإنه إنا يدخل النة من‬
‫آمن باطنا وظاهرا ‪ ,‬ومن حكى عنهم أنم يقولون‪ :‬النافق يدخل النة ‪ ,‬فقد كذب عليهم بل يقولون‪ :‬النافق‬
‫مؤمن لن اليان هو القول الظاهر كما يسميه غيهم مسلما إذ السلم‪ :‬هو الستسلم الظاهر ‪ ,‬ول ريب أن‬
‫قول الهم ية أف سد من قول م من وجوه متعددة شر عا ول غة وعقل‪ .‬وإذا ق يل‪ :‬قول الكرام ية قول خارج عن‬
‫إجاع السلمي قيل‪ :‬وقول جهم ف اليان قول خارج عن إجاع السلمي قبله بل ال سلف كفروا من يقول‬
‫بقول ج هم ف اليان‪ .‬و قد اح تج الناس على ف ساد قول الكرام ية ب جج صحيحة وال جج من جن سها على‬
‫ف ساد قول الهم ية أك ثر م ثل قوله تعال‪{ :‬و من الناس من يقول آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي}‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ف قد ن فى ال اليان عن النافق ي‪ .‬فنقول‪ :‬هذا حق فإن النا فق ل يس بؤ من و قد ضل من ساه مؤم نا‪.‬‬
‫وكذلك من قام بقلبه علم وتصديق وهو يحد الرسول ويعاديه كاليهود وغيهم ساهم ال كفارا ل يسمهم‬
‫مؤمني قط ول دخلوا ف شيء من أحكام اليان‪ .‬بلف النافق فإنه يدخل ف أحكام اليان الظاهرة ف الدنيا‬
‫; بل قد نفى ال اليان عمن قال بلسانه وقلبه إذا ل يعمل كما قال تعال‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا‬
‫ولكن قولوا أسلمنا} إل قوله‪{ :‬إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم‬
‫فه سهبيل ال أولئك ههم الصهادقون} فنفهى اليان عمهن سهوى هؤلء‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ويقولون آمنها بال‬
‫وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالؤمني}‪ .‬و " التول " هو التول عن الطاعة‬
‫ك ما قال تعال‪ { :‬ستدعون إل قوم أول بأس شد يد تقاتلون م أو ي سلمون فإن تطيعوا يؤت كم ال أجرا ح سنا‬
‫وإن تتولوا ك ما تولي تم من ق بل يعذب كم عذا با ألي ما}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬فل صدق ول صلى} {ول كن كذب‬
‫وتول} و قد قال تعال‪{ :‬ل ي صلها إل الش قى} {الذي كذب وتول} وكذلك قال مو سى وهارون‪{ :‬إ نا‬
‫قد أو حي إلي نا أن العذاب على من كذب وتول}‪ .‬فعلم أن " التول " ل يس هو التكذ يب بل هو التول عن‬
‫الطا عة فإن الناس علي هم أن ي صدقوا الر سول في ما أ خب ويطيعوه في ما أ مر‪ .‬و ضد الت صديق التكذ يب و ضد‬
‫الطاعة التول فلهذا قال‪{ :‬فل صدق ول صلى} {ول كن كذب وتول} و قد قال تعال‪{ :‬ويقولون آمنا بال‬
‫وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالؤمني} فنفى اليان عمن تول عن العمل‬
‫وإن كان قد أتى بالقول‪ .‬وقال تعال‪{ :‬إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع ل‬
‫يذهبوا حت يستأذنوه} وقال‪{ :‬إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم}‪ .‬ففي القرآن والسنة من نفي‬
‫ه العال بقل به مع العاداة‬‫ه اليان عهن النا فق‪ .‬وأم ا‬
‫ه نفهى فيه ا‬
‫اليان ع من ل يأت بالعمهل مواضهع كثية كم ا‬
‫والخالفة الظاهرة فهذا ل يسم قط مؤمنا ; وعند الهمية إذا كان العلم ف قلبه فهو مؤمن كامل اليان إيانه‬
‫كإيان النبيي ولو قال وعمل ماذا عسى أن يقول ويعمل ؟ ول يتصور عندهم أن ينتفي عنه اليان إل إذا زال‬
‫ذلك العلم من قلبه‪ .‬ث أكثر التأخرين الذين نصروا قول جهم يقولون بالستثناء ف اليان ويقولون‪ " :‬اليان‬
‫ف الشرع " هو ما يواف به العبد ربه وإن كان ف اللغة أعم من ذلك فجعلوا ف " مسألة الستثناء " مسمى‬
‫اليان ما ادعوا أ نه م سماه ف الشرع وعدلوا عن الل غة‪ .‬فهل فعلوا هذا ف العمال‪ .‬ودللة الشرع على أن‬
‫العمال الواجبة من تام اليان ل تصى كثرة بلف دللته على أنه ل يسمى إيانا ; إل ما مات الرجل عليه‬
‫فإ نه ل يس ف الشرع ما يدل على هذا و هو قول مدث ل يقله أ حد من ال سلف ل كن هؤلء ظنوا أن الذ ين‬
‫ا ستثنوا ف اليان من ال سلف كان هذا مأخذ هم ; لن هؤلء وأمثال م ل يكونوا خبيين بكلم ال سلف بل‬
‫ينصرون ما يظهر من أقوالم با تلقوه عن التكلمي من الهمية ونوهم من أهل البدع فيبقى الظاهر قول‬
‫السلف والباطن قول الهمية الذين هم أفسد الناس مقالة ف اليان‪ .‬وسنذكر ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬أقوال السلف‬
‫ف " الستثناء ف اليان " ولذا لا صار يظهر لبعض أتباع أب السن فساد قول جهم ف اليان خالفه كثي‬
‫منهم فمنهم من اتبع السلف‪ .‬قال أبو القاسم النصاري شيخ الشهرستان ف " شرح الرشاد " لب العال بعد‬
‫أن ذكر قول أصحابه قال‪ :‬وذهب أهل الثر إل أن اليان جيع الطاعات فرضها ونفلها وعبوا عنه بأنه إتيان‬
‫ما أ مر ال به فر ضا ونفل والنتهاء ع ما ن ى ع نه تري ا وأد با‪ .‬قال‪ :‬وبذا كان يقول أ بو علي الثق في من‬
‫متقد مي أ صحابنا ; وأ بو العباس القلن سي‪ .‬و قد مال إل هذا الذ هب أ بو ع بد ال بن ما هد قال‪ :‬وهذا قول‬
‫مالك بن أنس إمام دار الجرة ‪ ,‬ومعظم أئمة السلف رضوان ال عليهم أجعي‪ .‬وكانوا يقولون‪ :‬اليان معرفة‬
‫بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالركان‪ .‬ومنهم من يقول بقول الرجئة‪ :‬إنه التصديق بالقلب واللسان‪ .‬ومنهم‬
‫من قال‪ :‬إذا ترك الت صديق بالل سان عنادا كان كافرا بالشرع وإن كان ف قل به الت صديق والعلم‪ .‬وكذلك قال‬
‫أ بو إ سحاق ال سفرايين‪ .‬قال الن صاري‪ :‬رأ يت ف ت صانيفه أن الؤ من إن ا يكون مؤم نا ح قا إذا ح قق إيا نه‬
‫بالعمال الصالة كما أن العال إنا يكون عالا حقا إذا عمل با علم واستشهد بقول ال تعال‪{ :‬إنا الؤمنون‬
‫الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادت م إيانا} إل قوله‪{ :‬أولئك هم الؤمنون حقا}‬
‫وقال أيضها أبهو إسهحاق‪ :‬حقيقهة اليان فه اللغهة‪ :‬التصهديق ول يتحقهق ذلك إل بالعرفهة والئتمار ‪ ,‬وتقوم‬
‫الشارة والنقياد مقام العبارة‪ .‬وقال أيضها أبهو إسهحاق فه كتاب " السهاء والصهفات "‪ :‬اتفقوا على أن مها‬
‫يستحق به الكلف اسم اليان ف الشريعة أوصاف كثية وعقائد متلفة وإن اختلفوا فيها على تفصيل ذكروه‬
‫واختلفوا ف إضافة ما ل يدخل ف جلة التصديق إليه لصحة السم فمنها ترك قتل الرسول وترك إيذائه وترك‬
‫تعظيم الصنام فهذا من التروك ‪ ,‬ومن الفعال نصرة الرسول والذب عنه وقالوا‪ :‬إن جيعه يضاف إل التصديق‬
‫شر عا وقال آخرون‪ :‬إ نه من الكبائر ل يرج الرء بالخال فة ف يه عن اليان‪ .‬قلت‪ :‬وهذان القولن لي سا قول‬
‫جهم ; لكن من قال ذلك فقد اعترف بأنه ليس مرد تصديق القلب وليس هو شيئا واحدا وقال‪ :‬إن الشرع‬
‫تصرف فيه وهذا يهدم أصلهم ; ولذا كان حذاق هؤلء كجهم والصالي وأب السن والقاضي أب بكر على‬
‫أنه ل يزول عنه اسم اليان إل بزوال العلم من قلبه‪ .‬قال أبو العال‪( :‬باب) ف ذكر الساء والحكام‪ :‬اعلم‬
‫أن غرضنا ف هذا الباب يستدعي تقدي ذكر حقيقة اليان‪ .‬قال‪ :‬وهذا ما تباينت فيه مذاهب السلميي ث‬
‫ذكر قول الوارج والعتزلة والكرامية ث قال‪ :‬وأما مذاهب أصحابنا فصار أهل التحقيق من أصحاب الديث‬
‫والنظار من هم إل أن اليان هو الت صديق و به قال شيخ نا أ بو ال سن رح ة ال عل يه واختلف رأ يه ف مع ن‬
‫التصديق ; وقال مرة‪ :‬العرفة بوجوده وقدمه وإليته‪ .‬وقال مرة‪ :‬التصديق‪ :‬قول ف النفس غي أنه يتضمن العرفة‬
‫ول يصح أن يوجد دونا وهذا مقتضاه ; فإن التصديق والتكذيب والصدق والكذب بالقوال أجدر فالتصديق‬
‫إذا قول ف الن فس ي عب عنهه بالل سان فتو صف العبادة بأناه ت صديق لناه عبارة عهن الت صديق‪ :‬وقال بعهض‬
‫أصحابنا‪ :‬التصديق ل يتحقق إل بالقول والعرفة جيعا فإذا اجتمعا كانا تصديقا واحدا‪ .‬ومنهم من اكتفى بترك‬
‫العناد ; فلم ي عل القرار أ حد رك ن اليان فيقول‪ :‬اليان هو الت صديق بالقلب وأو جب ترك العناد بالشرع‬
‫وعلى هذا الصل يوز أن يعرف الكافر ال وإنا يكفر بالعناد ل لنه ترك ما هو الهم ف اليان‪ .‬وعلى هذا‬
‫الصل يقال‪ :‬إن اليهود كانوا عالي بال ونبوة ممد صلى ال عليه وسلم إل أنم كفروا عنادا وبغيا وحسدا‪.‬‬
‫قال وعلى قول شيخنا أب السن‪ :‬كل من حكمنا بكفره فنقول‪ :‬إنه ل يعرف ال أصل ول عرف رسوله ول‬
‫دينه‪ .‬قال أبو القاسم النصاري تلميذه‪ :‬كأن العن‪ :‬ل حكم ليانه ول لعرفته شرعا‪ .‬قلت‪ :‬وليس المر على‬
‫هذا القول ك ما قاله الن صاري هذا ول كن على قول م‪ :‬العا ند كا فر شر عا فيج عل الك فر تارة بانتفاء اليان‬
‫الذي ف القلب وتارة بالعناد ‪ ,‬وي عل هذا كافرا ف الشرع وإن كان م عه حقي قة اليان الذي هو الت صديق‬
‫ويلز مه أن يكون كافرا ف الشرع مع أن م عه اليان الذي هو م ثل إيان ال نبياء واللئ كة‪ .‬والذاق ف هذا‬
‫الذ هب ; كأ ب ال سن والقا ضي و من قبل هم من أتباع ج هم عرفوا أن هذا تنا قض يف سد ال صل فقالوا‪ :‬ل‬
‫يكون أحد كافرا إل إذا ذهب ما ف قلبه من التصديق والتزموا أن كل من حكم الشرع بكفره ; فإنه ليس ف‬
‫قلبه شيء من معرفة ال ول معرفة رسوله ولذا أنكر هذا عليهم جاهي العقلء وقالوا‪ :‬هذا مكابرة وسفسطة‪.‬‬
‫وقد احتجوا على قولم بقوله تعال‪{ :‬ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله} إل‬
‫قوله‪{ :‬أولئك كتب ف قلوبم اليان} الية‪ .‬قالوا‪ :‬ومفهوم هذا أن من ل يعمل بقتضاه ل يكتب ف قلوبم‬
‫اليان‪ .‬قالوا‪ :‬فإن قيهل معناه ل يؤمنون إيانها مزئا معتدا بهه أو يكون العنه‪ :‬ل يؤدون حقوق اليان ول‬
‫يعملون بقتضاه‪ .‬قلنا‪ :‬هذا عام ل يصص إل بدليل‪ .‬فيقال لم‪ :‬هذه الية فيها نفي اليان عمن يواد الحادين‬
‫ل ورسوله وفيها أن من ل يواد الحادين ل ورسوله فإن ال كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه وهذا‬
‫يدل على مذهب السلف أنه ل بد ف اليان من مبة القلب ل ولرسوله ومن بغض من ياد ال ورسوله ث ل‬
‫تدل الية على أن العلم الذي ف قلوبم بأن ممدا رسول ال يرتفع ل يبقى منه شيء واليان الذي كتب ف‬
‫القلب ل يس هو مرد العلم والت صديق بل هو ت صديق القلب وع مل القلب ولذا قال‪{ :‬وأيد هم بروح م نه‬
‫ه النار خالديهن فيهها رضهي ال عنههم ورضوا عنهه أولئك حزب ال أل إن‬ ‫ويدخلههم جنات تري مهن تته ا‬
‫حزب ال هم الفلحون} فقد وعدهم بالنة‪ .‬و قد اتفق الميع على أن الوعد بالنة ل يكون إل مع التيان‬
‫بالأمور به وترك الحظور ; فعلم أن هؤلء الذين كتب ف قلوبم اليان وأيدهم بروح منه قد أدوا الواجبات‬
‫الت با يستحقون ما وعد ال به البرار التقي ودل هذا على أن الفساق ل يدخلوا ف هذا الوعد ودلت هذه‬
‫الية على أنه ل يوجد مؤمن يواد الكفار ومعلوم أن خلقا كثيا من الناس يعرف من نفسه أن التصديق ف قلبه‬
‫ل يكذب الرسول وهو مع هذا يواد بعض الكفار ; فالسلف يقولون‪ :‬ترك الواجبات الظاهرة دليل على انتفاء‬
‫اليان الواجب من القلب لكن قد يكون ذلك بزوال ع مل القلب ‪ -‬الذي هو حب ال ورسوله وخشية ال‬
‫ونو ذلك ‪ -‬ل يستلزم أل يكون ف القلب من التصديق شيء وعند هؤلء كل من نفى الشرع إيانه دل على‬
‫أنه ليس ف قلبه شيء من التصديق أصل وهذا سفسطة عند جاهي العقلء‪ .‬وكذلك حكى ابن فورك عن أب‬
‫ال سن الشعري قال‪ :‬اليان هو اعتقاد صدق ال خب في ما ي ب به اعتقادا هو علم وم نه اعتقاد ل يس بعلم ;‬
‫واليان بال ‪ -‬وهو اعتقاد صدقه ‪ -‬إنا يصح إذا كان عالا بصدقه ف أخباره وإنا يكون كذلك إذا كان عالا‬
‫بأنه يتكلم ‪ ,‬والعلم بأنه متكلم بعد العلم بأنه حي ; والعلم بأنه حي بعد العلم بأنه فاعل ‪ ,‬والعلم بأنه فاعل‬
‫بعد العلم بالفعل ‪ ,‬وهو كون العال فعل له وقال‪ :‬وكذلك يتضمن العلم بكونه قادرا وله قدرة وعالا وله علم‬
‫ومريدا وله إرادة و سائر ما ل ي صح العلم بال إل ب عد العلم به من شرائط اليان‪ .‬قلت‪ :‬هذا م ا اختلف ف يه‬
‫قول الشعري وهو أن الهل ببعض الصفات هل يكون جهل بالوصوف أم ل ؟ على قولي والصحيح الذي‬
‫عليه المهور وهو آخر قوليه أنه ل يستلزم الهل بالوصوف‪ .‬وجعل إثبات الصفات من اليان ما خالف فيه‬
‫الشعري جهما فإن جهما غال ف نفي الصفات بل وف نفي الساء‪ .‬قال أبو السن‪ :‬ث السمع ورد بضم‬
‫شرائط أخر إليه وهو أن ل يقترن به ما يدل على كفر من يأتيه فعل وتركا وهو أن الشرع أمره بترك العبادة‬
‫والسجود للصنم فلو أتى به دل على كفره وكذلك من قتل نبيا أو استخف به دل على كفره وكذلك لو ترك‬
‫تعظيهم الصهحف أو الكعبهة دل على كفره‪ .‬قال‪ :‬وأحهد مها اسهتدللنا بهه على كفره مها منهع الشرع أن يقرن‬
‫باليان أو أوجهب ضمهه إل اليان لو وجهد دلنها ذلك على أن التصهديق الذي ههو اليان مفقود مهن قلبهه‬
‫وكذلك كل ما ك فر به الخالف من طر يق التأو يل فإن ا كفرناه به لدلل ته على ف قد ما هو إيان من قل به ;‬
‫لستحالة أن يقضي السمع بكفر من معه اليان والتصديق بقلبه‪ .‬فيقال‪ :‬ل ريب أن الشارع ل يقضي بكفر‬
‫من معه اليان بقلبه لكن دعواكم أن اليان هو التصديق وإن ترد عن جيع أعمال القلب غلط ‪ ,‬ولذا قالوا‪:‬‬
‫أعمال التصديق والعرفة من قلبه أل ترى أن الشريعة حكمت بكفره ; والشريعة ل تكم بكفر الؤمن الصدق‬
‫; ولذا نقول‪ :‬إن كفر إبليس لعنه ال كان أشد من كفر كل كافر وأنه ل يعرف ال بصفاته قطعا ول آمن به‬
‫إيا نا حقيق يا باط نا وإن و جد م نه القول والعبادة وكذلك اليهود والن صارى والجوس وغي هم من الكفرة ل‬
‫يو جد ف قلوب م حقيقة اليان الع تد به ف حال حكم نا ل م بالك فر‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬ولو كانوا يؤمنون بال‬
‫والنب وما أنزل إليه ما اتذوهم أولياء} وقوله‪{ :‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم} الية‬
‫فج عل ال هذه المور شرطا ف ثبوت ح كم اليان فث بت أن اليان العر فة بشرائط ل يكون معتدا به دون ا‪.‬‬
‫فيقال‪ :‬إن قلتم‪ :‬إنه ضم إل معرفة القلب شروطا ف ثبوت الكم أو السم ل يكن هذا قول جهم ; بل يكون‬
‫هذا قول من جعل اليان ‪ -‬كالصلة والج هو ‪ -‬وإن كان ف اللغة بعن القصد والدعاء لكن الشارع ضم‬
‫إل يه أمورا إ ما ف ال كم وإ ما ف ال كم وال سم ; وهذا القول قد سلم صاحبه أن ح كم اليان الذكور ف‬
‫الكتاب والسنة ل يثبت بجرد تصديق القلب ; بل ل بد من تلك الشرائط ‪ ,‬وعلى هذا فل يكنه جعل الفاسق‬
‫مؤم نا إل بدل يل يدل على ذلك ل بجرد قوله‪ :‬إن م عه ت صديق القلب و من ج عل اليان هو ت صديق القلب‬
‫يقول‪ :‬كل كا فر ف النار ل يس مع هم من الت صديق بال ش يء ل مع إبل يس ول مع غيه‪ .‬و قد قال ال تعال‪:‬‬
‫{وإذ يتحاجون ف النار فيقول الضعفاء للذين استكبوا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار‬
‫قال الذين استكبوا إنا كل فيها إن ال قد حكم بي العباد} وقال تعال‪{ :‬وسيق الذين كفروا إل جهنم زمرا‬
‫حت إذا جاءوها فتحت أبوابا وقال لم خزنتها أل يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم‬
‫لقاء يوم كم هذا قالوا بلى ول كن ح قت كل مة العذاب على الكافر ين}‪ .‬ف قد اعترفوا بأن الر سل أتت هم وتلت‬
‫عليهم آيات ربم وأنذرتم لقاء يومهم هذا ; فقد عرفوا ال ورسوله واليوم الخر وهم ف الخرة كفار‪ .‬وقال‬
‫تعال‪{ :‬كلما ألقي فيها فوج سألم خزنتها أل يأتكم نذير} {قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل ال‬
‫من شيء} فقد كذبوا بوجوده وكذبوا بتنيله‪ .‬وأما ف الخرة فعرفوا الميع‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ولو ترى إذ وقفوا‬
‫على رب م قال أليس هذا بال ق قالوا بلى ورب نا قال فذوقوا العذاب با كن تم تكفرون} وقال تعال‪{ :‬وجاءت‬
‫سكرة الوت بال ق ذلك ما ك نت م نه ت يد} إل قوله‪{ :‬ل قد ك نت ف غفلة من هذا فكشف نا ع نك غطاءك‬
‫فب صرك اليوم حد يد} إل آيات أ خر كثية تدل على أن الكفار ف الخرة يعرفون رب م فإن كان مرد العر فة‬
‫إيانا كانوا مؤمني ف الخرة‪ .‬فإن قالوا‪ :‬اليان ف الخرة ل ينفع وإنا الثواب على اليان ف الدنيا‪ .‬قيل‪ :‬هذا‬
‫صحيح لكن إذا ل يكن اليان إل مرد العلم ; فهذه القيقة ل تتلف فإن ل يكن العمل من اليان فالعارف‬
‫ف الخرة ل يفته شيء من اليان‪ .‬لكن أكثر ما يدعونه أنه حي مات ل يكن ف قلبه من التصديق بالرب‬
‫شيء‪ .‬ونصوص القرآن ف غي موضع تدل على أن الكفار كانوا ف الدنيا مصدقي بالرب حت فرعون الذي‬
‫أظهر التكذيب كان ف باطنه مصدقا‪ .‬قال تعال‪{ :‬وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} وكما قال‬
‫موسى لفرعون‪{ :‬لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب السماوات والرض بصائر} ومع هذا ل يكن مؤمنا ; بل‬
‫قال موسى‪{ :‬ربنا اطمس على أموالم واشدد على قلوبم فل يؤمنوا حت يروا العذاب الليم}‪ :‬قال ال‪{ :‬قد‬
‫أجيبت دعوتكما}‪ :‬ولا قال فرعون‪{ :‬آمنت أنه ل إله إل الذي آمنت به بنو إسرائيل}‪ .‬قال ال‪{ :‬آلن وقد‬
‫عصيت قبل وكنت من الفسدين}‪ .‬فوصفه بالعصية ول يصفه بعدم العلم ف الباطن كما قال‪{ :‬فعصى فرعون‬
‫الرسول} وكما قال عن إبليس‪{ :‬فسجد اللئكة كلهم أجعون} {إل إبليس استكب وكان من الكافرين}‬
‫فلم يصفه إل بالباء والستكبار ومعارضته المر ‪ ,‬ل يصفه بعدم العلم وقد أخب ال عن الكفار ف غي موضع‬
‫أن م كانوا معترف ي بالصانع ف مثل قوله‪{ :‬ولئن سألتهم من خلق هم ليقولن ال}‪ .‬ث يقال ل م‪ :‬إذا قل تم هو‬
‫التصديق بالقلب أو باللسان أو بما ; فهل هو التصديق الجمل ؟ أو ل بد فيه من التفصيل ؟ فلو صدق أن‬
‫ممدا رسهول ال ول يعرف صهفات القه ههل يكون مؤمنها أم ل ؟ فإن جعلوه مؤمنها‪ .‬قيهل‪ :‬فإذا بلغهه ذلك‬
‫فكذب به ل ي كن مؤم نا باتفاق ال سلمي ف صار ب عض اليان أك مل من ب عض ; وإن قالوا‪ :‬ل يكون مؤم نا‬
‫لزمهم أن ل يكون أحد مؤمنا حت يعرف تفصيل كل ما أخب به الرسول ; ومعلوم أن أكثر المة ل يعرفون‬
‫ذلك وعند هم اليان ل يتفا ضل إل بالدوام ف قط‪ .‬قال أ بو العال‪ :‬فإن قال القائل‪ :‬أ صلكم يلزم كم أن يكون‬
‫إيان النهمك ف فسقه كإيان النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬قلنا‪ :‬الذي يفضل إيانه على إيان من عداه باستمرار‬
‫ت صديقه وع صمة ال إياه من مامرة الشكوك واختلج الر يب ‪ ,‬والت صديق عرض من العراض ل يب قى و هو‬
‫متوال للنب صلى ال عليه وسلم ثابت لغيه ف بعض الوقات وزائل عنه ف أوقات الفترات فيثبت للنب صلى‬
‫ال عل يه و سلم أعداد من الت صديق ول يث بت لغيه إل بعض ها فيكون إيا نه لذلك أك ثر وأف ضل ; قال‪ :‬ولو‬
‫و صف اليان بالزيادة والنق صان وأر يد به ذلك كان م ستقيما‪ .‬قلت‪ :‬فهذا هو الذي يف ضل به ال نب غيه ف‬
‫اليان عندهم ومعلوم أن هذا ف غاية الفساد من وجوه كثية كما قد بسط ف مواضع أخرى‪.‬‬

‫فصل (‪)154‬‬
‫قال الذين نصروا مذهب جهم ف اليان من التأخرين ‪ -‬كالقاضي أب بكر وهذا لفظه ‪ -‬فإن قال قائل‪ :‬وما‬
‫السلم عندكم ؟ قيل له‪ " :‬السلم "‪ :‬النقياد والستسلم ; فكل طاعة انقاد العبد با لربه واستسلم فيها‬
‫لمره فهي إسلم ‪ ,‬واليان‪ :‬خصلة من خصال السلم ; وكل إيان إسلم وليس كل إسلم إيانا فإن قال‪:‬‬
‫فلم قلتم‪ :‬إن معن السلم ما وصفتم ؟ قيل‪ :‬لجل قوله تعال‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا‬
‫أ سلمنا} فن فى عن هم اليان وأث بت ل م ال سلم وإن ا أراد ب ا أثب ته النقياد وال ستسلم وم نه‪{ :‬وألقوا إلي كم‬
‫السلم} وكل من استسلم لشيء فقد أسلم وإن كان أكثر ما يستعمل ذلك ف الستسلم ل ولنبيه‪ " .‬قلت "‪:‬‬
‫وهذا الذي ذكروه مع بطل نه ومالف ته للكتاب وال سنة هو تنا قض فإن م جعلوا اليان خ صلة من خ صال‬
‫ال سلم فالطاعات كل ها إ سلم ول يس في ها إيان إل الت صديق‪ .‬والرجئة وإن قالوا‪ :‬إن اليان يتض من ال سلم‬
‫فهم يقولون‪ :‬اليان هو تصديق القلب واللسان وأما الهمية فيجعلونه تصديق القلب فل تكون الشهادتان ول‬
‫ال صلة ول الزكاة ول غي هن من اليان و قد تقدم ما بي نه ال ور سوله من أن ال سلم دا خل ف اليان فل‬
‫يكون الرجل مؤمنا حت يكون مسلما كما أن اليان داخل ف الحسان فل يكون مسنا حت يكون مؤمنا‪.‬‬
‫وأما التناقض فإنم إذا قالوا‪ :‬اليان خصلة من خصال السلم كان من أتى باليان إنا أتى بصلة من خصال‬
‫السلم ل بالسلم الواجب جيعه‪ .‬فل يكون مسلما حت يأت بالسلم كله كما ل يكون عندهم مؤمنا حت‬
‫يأت باليان كله وإل فمن أتى ببعض اليان عندهم ل يكون مؤمنا ول فيه شيء من اليان فكذلك يب أن‬
‫يقولوا ف ال سلم و قد قالوا‪ :‬كل إيان إ سلم ول يس كل إ سلم إيا نا وهذا إن أرادوا به أن كل إيان هو‬
‫السلم الذي أمر ال به ناقض قولم‪ :‬إن اليان خصلة من خصاله فجعلوا اليان بعضه ول يعلوه إياه وإن‬
‫قالوا‪ :‬كل إيان فهو إسلم أي هو طاعة ل وهو جزء من السلم الواجب وهذا مرادهم‪ .‬قيل لم‪ :‬فعلى هذا‬
‫يكون السهلم متعددا بتعدد الطاعات وتكون الشهادتان وحدهاه إسهلما والصهلة وحدهها إسهلما والزكاة‬
‫إسلما بل كل درهم تعطيه للفقي إسلما وكل سجدة إسلما وكل يوم تصومه إسلما وكل تسبيحة تسبحها‬
‫ف الصلة أو غيها إسلما‪ .‬ث السلم إن كان ل يكون مسلما إل بفعل كل ما سيتموه إسلما لزم أن يكون‬
‫الفساق ليسوا مسلمي مع كونم مؤمني فجعلتم الؤمني الكاملي اليان عندكم ليسوا مسلمي وهذا شر من‬
‫قول الكرامية ويلزم أن الفساق من أهل القبلة ليسوا مسلمي ; وهذا شر من قول الوارج والعتزلة وغيهم بل‬
‫وأن يكون من ترك التطوعات ل يس م سلما إذ كا نت التطوعات طا عة ل إن جعل تم كل طا عة فر ضا أو نفل‬
‫إ سلما‪ .‬ث هذا خلف ما احتجج تم به من قوله للعراب‪{ :‬ل تؤمنوا ول كن قولوا أ سلمنا}‪ .‬فأث بت ل م‬
‫السلم دون اليان وأيضا فإخراجكم الفساق من اسم السلم إن أخرجتموهم أعظم شناعة من إخراجهم‬
‫من اسم اليان فوقعتم ف أعظم ما عبتموه على العتزلة فإن الكتاب والسنة ينفيان عنهم اسم اليان أعظم ما‬
‫ينفيان اسم السلم واسم اليان ف الكتاب والسنة أعظم‪ .‬وإن قلتم‪ :‬بل كل من فعل طاعة سي مسلما لزم‬
‫أن يكون من ف عل طا عة من الطاعات ول يتكلم بالشهادت ي م سلما و من صدق بقل به ول يتكلم بل سانه أن‬
‫يكون مسلما عندكم لن اليان عندكم إسلم فمن أتى به فقد أتى بالسلم فيكون مسلما عندكم من تكلم‬
‫بالشهادت ي ول أ تى بش يء من العمال‪ .‬واحتجاج كم بقوله‪{ :‬قالت العراب آم نا قل ل تؤمنوا ول كن قولوا‬
‫أسلمنا} قلتم‪ :‬نفى عنهم اليان وأثبت لم السلم‪ .‬فيقال‪ :‬هذه الية حجة عليكم لنه لا أثبت لم السلم‬
‫مع انتفاء اليان دل ذلك على أن اليان ليس بزء من السلم إذ لو كان بعضه لا كانوا مسلمي إن ل يأتوا‬
‫به وإن قلتم‪ :‬أردنا بقولنا‪ :‬أثبت لم السلم أي إسلما ما فإن كل طاعة من السلم إسلم عندنا لزمكم ما‬
‫تقدم من أن يكون صوم يوم إسلما وصدقة درهم إسلما وأمثال ذلك‪ .‬وهم يقولون‪ :‬كل مؤمن مسلم وليس‬
‫كل م سلم مؤم نا قالوا‪ :‬هذا من ح يث الطلق وإل فالتف صيل ما ذكرناه من أن اليان خ صلة من خ صال‬
‫السلم والدين وليس هو جيع السلم والدين فإن السلم هو الستسلم ل بفعل كل طاعة وقعت موافقة‬
‫للمر‪ .‬واليان أعظم خصلة من خصال السلم‪ .‬واسم السلم شامل لكل طاعة انقاد با العبد ل من إيان‬
‫وتصديق وفرض سواه ونفل غي أنه ل يصلح التقرب بفعل ما عدا اليان من الطاعات دون تقدي فعل اليان‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬والدين مأخوذ من التدين ; وهو قريب من السلم ف العن‪ .‬فيقال لم‪ :‬إذا كان هذا قولكم‪ :‬فقولكم‪:‬‬
‫كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا يناقض هذا ; فإن السلم هو الطيع ل ول تصح الطاعة من أحد إل‬
‫مع اليان فيمتنع أن يكون أحد فعل شيئا من السلم إل وهو مؤمن ولو كان ذلك أدن الطاعات فيجب أن‬
‫يكون كل مسلم مؤمنا سواء أريد بالسلم فعل جيع الطاعات أو فعل واحدة منها وذلك ل يصح كله إل مع‬
‫اليان وحينئذ فالية حجة عليكم ل لكم‪ .‬ث قولكم‪ :‬كل مؤمن مسلم إن كنتم تريدون باليان تصديق القلب‬
‫ف قط فيلزم أن يكون الر جل م سلما ولو ل يتكلم بالشهادت ي ول أ تى بش يء من العمال الأمور ب ا وهذا م ا‬
‫يعلم بطلنه بالضرورة من دين السلم بل عامة اليهود والنصارى يعلمون أن الرجل ل يكون مسلما حت يأت‬
‫بالشهادتي أو ما يقوم مقامهما وقولكم‪ :‬كل مؤمن مسلم ل يريدون أنه أتى بالشهادتي ول بشيء من البان‬
‫المس بل أتى با هو طاعة وتلك طاعة باطنة وليس هذا هو السلم العروف ف الكتاب والسنة ول عند الئمة‬
‫الولي والخرين ث استدللتم بالية والعراب إنا أتوا بإسلم ظاهر نطقوا فيه بالشهادتي سواء كانوا صادقي‬
‫أو كاذبي فأثبت ال لم السلم دون اليان فيظن من ل يعرف حقيقة المر أن هذا هو قول السلف الذي‬
‫دل عليه الكتاب والسنة من أن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وبينهما من التباين أعظم ما بي قول‬
‫السلف وقول العتزلة ف اليان والسلم ; فإن قول العتزلة ف اليان والسلم أقرب من قول الهمية بكثي‬
‫ولكن قولم ف تليد أهل القبلة أبعد عن قول السلف من قول الهمية‪ .‬فالتأخرون الذين نصروا قول جهم ف‬
‫" مسهألة اليان " يظهرون قول ال سلف ف هذا وفه السهتثناء و ف انتفاء اليان الذي ف القلب حيهث نفاه‬
‫القرآن ونو ذلك‪ .‬وذلك كله موافق للسلف ف مرد اللفظ وإل فقولم ف غاية الباينة لقول السلف ; ليس ف‬
‫القوال أبعد عن السلف منه‪ .‬وقول العتزلة والوارج والكرامية ف اسم اليان والسلم أقرب إل قول السلف‬
‫من قول الهمية ; لكن العتزلة والوارج يقولون بتخليد العصاة وهذا أبعد عن قول السلف من كل قول فهم‬
‫أقرب ف السم وأبعد ف الكم ; والهمية وإن كانوا ف قولم‪ :‬بأن الفساق ل يلدون أقرب ف الكم إل‬
‫السلف فقولم ف مسمى السلم واليان وحقيقتهما أبعد من كل قول عن الكتاب والسنة وفيه من مناقضة‬
‫العقل والشرع واللغة ما ل يوجد مثله لغيهم‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)160‬‬
‫وما يدل من القرآن على أن اليان الطلق مستلزم للعمال قوله تعال‪{ :‬إنا يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا با‬
‫خروا سجدا وسبحوا بمد ربم وهم ل يستكبون} فنفى اليان عن غي هؤلء فمن كان إذا ذكر بالقرآن ل‬
‫يفعل ما فرضه ال عليه من السجود ل يكن من الؤمني وسجود الصلوات المس فرض باتفاق السلمي وأما‬
‫سجود التلوة ففيه نزاع ; وقد يتج بذه الية من يوجبه لكن ليس هذا موضع بسط هذه السألة فهذه الية‬
‫م ثل قوله‪{ :‬إن ا الؤمنون الذ ين آمنوا بال ور سوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموال م وأنف سهم}‪ .‬وقوله‪{ :‬إن ا‬
‫الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} وقوله {إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على‬
‫أمر جامع ل يذهبوا حت يستأذنوه} ومن ذلك قوله تعال‪{ :‬عفا ال عنك ل أذنت لم حت يتبي لك الذين‬
‫صدقوا وتعلم الكاذب ي} {ل ي ستأذنك الذ ين يؤمنون بال واليوم ال خر أن ياهدوا بأموال م وأنف سهم وال‬
‫عليم بالتقي} {إنا يستأذنك الذين ل يؤمنون بال واليوم ال خر وارتابت قلوبم فهم ف ريبهم يترددون}‪.‬‬
‫وهذه ال ية م ثل قوله‪{ :‬ل ت د قو ما يؤمنون بال واليوم ال خر يوادون من حاد ال ور سوله} وقوله‪{ :‬ولو‬
‫كانوا يؤمنون بال والنب وما أنزل إليه ما اتذوهم أولياء} بي سبحانه أن اليان له لوازم وله أضداد موجودة‬
‫ي ستلزم ثبوت لواز مه وانتفاء أضداده و من أضداده موادة من حاد ال ور سوله و من أضداده ا ستئذانه ف ترك‬
‫الهاد ث صرح بأن استئذانه إنا يصدر من الذين ل يؤمنون بال واليوم الخر ودل قوله‪{ :‬وال عليم بالتقي}‬
‫على أن التق ي هم الؤمنون‪ .‬و من هذا الباب قوله صلى ال عل يه و سلم‪{ " :‬ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو‬
‫مؤ من} " وقوله‪{ " :‬ل يؤ من من ل يأ من جاره بوائ قه} " وقوله‪{ " :‬ل تؤمنوا ح ت تابوا} " وقوله‪{ " :‬ل‬
‫يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي} " وقوله " {ل يؤمن أحدكم حت يب‬
‫لخيه من الي ما يب لنفسه} " وقوله " {من غشنا فليس منا ومن حل علينا السلح فليس منا} "‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)162‬‬
‫وأما إذا قيد اليان فقرن بالسلم أو بالعمل الصال فإنه قد يراد به ما ف القلب من اليان باتفاق الناس وهل‬
‫يراد بهه أيضها العطوف عليهه ويكون مهن باب عطهف الاص على العام أو ل يكون حيه القتران داخل فه‬
‫مسماه ؟ بل يكون لزما له على مذهب أهل السنة أو ل يكون بعضا ول لزما هذا فيه ثلثة أقوال للناس كما‬
‫سيأت إن شاء ال وهذا موجود ف عامة الساء يتنوع مسماها بالطلق والتقييد مثال ذلك اسم " العروف "‬
‫و " الن كر " إذا أطلق ك ما ف قوله تعال‪{ :‬يأمر هم بالعروف وينها هم عن الن كر} وقوله‪{ :‬كن تم خ ي أ مة‬
‫أخرجهت للناس تأمرون بالعروف وتنهون عهن النكهر} وقوله‪{ :‬والؤمنون والؤمنات بعضههم أولياء بعهض‬
‫يأمرون بالعروف وينهون عن الن كر} يد خل ف العروف كل خ ي و ف الن كر كل شر‪ .‬ث قد يقرن ب ا هو‬
‫أخص منه كقوله‪{ :‬ل خي ف كثي من نواهم إل من أمر بصدقة أو معروف أو إصلح بي الناس} فغاير بي‬
‫العروف وبي الصدقة والصلح بي الناس ‪ -‬كما غاير بي اسم اليان والعمل ; واسم اليان والسلم ‪-‬‬
‫وكذلك قوله تعال‪{ :‬إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر} غاير بينهما وقد دخلت الفحشاء ف النكر ف‬
‫قوله‪{ :‬وينهون عن النكر} ث ذكر مع النكر اثني ف قوله‪{ :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القرب‬
‫وينهى عن الفحشاء والنكر والبغي} جعل البغي هنا مغايرا لما وقد دخل ف النكر ف ذينك الوضعي‪ .‬ومن‬
‫هذا الباب لفظ " العبادة " فإذا أمر بعبادة ال مطلقا دخل ف عبادته كل ما أمر ال به فالتوكل عليه ما أمر به‬
‫وال ستعانة به م ا أ مر به ; فيد خل ذلك ف م ثل قوله‪{ :‬و ما خل قت ال ن وال نس إل ليعبدون} و ف قوله‪:‬‬
‫{واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا}‪ .‬وقوله‪ { :‬يا أي ها الناس اعبدوا رب كم الذي خلق كم} وقوله‪{ :‬إ نا أنزل نا‬
‫إليك الكتاب بالق فاعبد ال ملصا له الدين} {قل ال أعبد ملصا له دين}‪ .‬وقوله‪{ :‬أفغي ال تأمرون أعبد‬
‫أيها الاهلون}‪ .‬ث قد يقرن با اسم آخر كما ف قوله‪{ :‬إياك نعبد وإياك نستعي} وقوله‪{ :‬فاعبده وتوكل‬
‫عليه}‪ .‬وقول نوح {اعبدوا ال واتقوه وأطيعون}‪ .‬وكذلك إذا أفرد اسم " طاعة ال " دخل ف طاعته كل ما‬
‫أمر به وكانت طاعة الرسول داخلة ف طاعته وكذا اسم " التقوى " إذا أفرد دخل فيه فعل كل مأمور به وترك‬
‫كهل مظور‪ .‬قال طلق بهن حهبيب‪ :‬التقوى‪ :‬أن تعمهل بطاعهة ال على نور مهن ال ترجهو رحةه ال وأن تترك‬
‫معصية ال على نور من ال تاف عذاب ال وهذا كما ف قوله‪{ :‬إن التقي ف جنات ونر} {ف مقعد صدق‬
‫ع ند مليك مقتدر}‪ .‬و قد يقرن ب ا ا سم آ خر كقوله‪{ :‬و من يتق ال ي عل له مر جا} {ويرز قه من حيث ل‬
‫يتسب} {ومن يتوكل على ال فهو حسبه} وقوله‪{ :‬إنه من يتق ويصب فإن ال ل يضيع أجر الحسني}‬
‫وقوله‪{ :‬واتقوا ال الذي تسهاءلون بهه والرحام} وقوله‪{ :‬اتقوا ال وقولوا قول سهديدا}‪ .‬وقوله‪{ :‬اتقوا ال‬
‫وكونوا مع الصادقي} وقوله‪{ :‬اتقوا ال حق تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون} وأمثال ذلك‪ .‬فقوله‪{ :‬اتقوا‬
‫ال وقولوا قول سديدا} م ثل قوله‪{ :‬آمنوا بال ور سوله وأنفقوا م ا جعل كم م ستخلفي ف يه} وقوله‪{ :‬آ من‬
‫الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق بي أحد من رسله وقالوا‬
‫سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي} فعطف قولم على اليان ; كما عطف القول السديد على التقوى ;‬
‫ومعلوم أن التقوى إذا أطلقت دخل فيها القول السديد وكذلك اليان إذا أطلق دخل فيه السمع والطاعة ل‬
‫وللر سول وكذلك قوله‪{ :‬آمنوا بال ور سوله} وإذا أطلق اليان بال ف حق أمة م مد صلى ال عليه و سلم‬
‫دخل فيه اليان بالرسول وكذلك قوله‪{ :‬كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله} وإذا أطلق اليان بال دخل‬
‫فيه اليان بذه التوابع وكذلك قوله‪{ :‬والذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك} وقوله‪{ :‬قولوا آمنا‬
‫بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم} الية وإذا قيل‪{ :‬فآمنوا بال ورسوله النب المي} دخل ف اليان‬
‫برسوله اليان بميع الكتب والرسل والنبيي وكذلك إذا قيل‪{ :‬وآمنوا برسوله يؤتكم كفلي من رحته} وإذا‬
‫قيل‪{ :‬آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه} دخل ف اليان بال ورسوله اليان بذلك كله‬
‫والنفاق يد خل ف قوله ف ال ية الخرى‪{ :‬آمنوا بال ور سوله} ك ما يد خل القول ال سديد ف م ثل قوله‪:‬‬
‫{ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب}‪ .‬وكذلك لفظ " الب " إذا أطلق تناول جيع ما أمر ال به كما ف قوله‪:‬‬
‫{إن البرار لفي نعيم} {وإن الفجار لفي جحيم} وقوله‪{ :‬ولكن الب من اتقى} وقوله‪{ :‬ولكن الب من آمن‬
‫بال واليوم الخر واللئكة والكتاب والنبيي وآتى الال على حبه ذوي القرب واليتامى والساكي وابن السبيل‬
‫وال سائلي و ف الرقاب وأقام ال صلة وآ تى الزكاة والوفون بعهد هم إذا عاهدوا وال صابرين ف البأ ساء والضراء‬
‫وحي البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون} فالب إذا أطلق كان مسماه مسمى التقوى والتقوى إذا‬
‫أطلقهت كان مسهماها مسهمى الب ثه قهد يمهع بينهمها كمها فه قوله تعال‪{ :‬وتعاونوا على الب والتقوى}‪.‬‬
‫وكذلك لفظ " الث " إذا أطلق دخل فيه كل ذنب وقد يقرن بالعدوان كما ف قوله تعال‪{ :‬ول تعاونوا على‬
‫الث والعدوان}‪ .‬وكذلك لفظ " الذنوب " إذا أطلق دخل فيه ترك كل واجب وفعل كل مرم كما ف قوله‪:‬‬
‫{يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال إن ال يغفر الذنوب جيعا}‪ .‬ث قد يقرن بغيه‬
‫ك ما ف قوله‪{ :‬رب نا اغ فر ل نا ذنوب نا وإ سرافنا ف أمر نا} وكذلك ل فظ " الدى " إذا أطلق تناول العلم الذي‬
‫بعث ال به رسوله والعمل به جيعا فيدخل فيه كل ما أمر ال به كما ف قوله‪{ :‬اهدنا الصراط الستقيم}‬
‫والراد طلب العلم بال ق والع مل به جي عا‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬هدى للمتق ي}‪ .‬والراد به أن م يعلمون ما ف يه‬
‫ويعملون به ولذا صاروا مفلح ي وكذلك قول أ هل ال نة‪{ :‬ال مد ل الذي هدا نا لذا} وإن ا هدا هم بأن‬
‫ألم هم العلم النافع والعمل الصال‪ .‬ث قد يقرن الدى إما بالجتباء ك ما ف قوله {واجتبيناهم وهديناهم إل‬
‫صراط م ستقيم} وك ما ف قوله‪{ :‬شاكرا لنع مه اجتباه وهداه} {ال ي تب إل يه من يشاء ويهدي إل يه من‬
‫ينيب} وكذلك قوله تعال‪{ :‬هو الذي أرسل رسوله بالدى ودين الق} والدى هنا هو اليان ودين الق‬
‫هو السلم وإذا أطلق الدى كان كاليان الطلق يدخل فيه هذا وهذا‪ .‬ولفظ " الضلل " إذا أطلق تناول من‬
‫ضل عن الدى سواء كان عمدا أو جهل ولزم أن يكون معذبا كقوله‪{ :‬إنم ألفوا آباءهم ضالي} {فهم على‬
‫آثارهم يهرعون} وقوله‪{ :‬ربنا إنا أطعنا سادتنا وكباءنا فأضلونا السبيل ربنا آتم ضعفي من العذاب والعنهم‬
‫لعنا كبيا} وقوله‪{ :‬فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى} ث قد يقرن بالغي والغضب كما ف قوله‪{ :‬ما ضل‬
‫صهاحبكم ومها غوى}‪ .‬وفه قوله‪{ :‬غيه الغضوب عليههم ول الضاليه}‪ .‬وقوله‪{ :‬إن الجرميه فه ضلل‬
‫وسهعر}‪ .‬وكذلك لفهظ " الغهي " إذا أطلق تناول كهل معصهية ل كمها فه قوله عهن الشيطان‪{ :‬ولغوينههم‬
‫أجع ي} {إل عبادك من هم الخل صي}‪ .‬و قد يقرن بالضلل ك ما ف قوله‪ { :‬ما ضل صاحبكم و ما غوى}‪.‬‬
‫وكذلك اسم " الفقي " إذا أطلق دخل فيه السكي وإذا أطلق لفظ " السكي " تناول الفقي وإذا قرن بينهما‬
‫فأحده ا غ ي ال خر ; فالول كقوله‪{ :‬وإن تفو ها وتؤتو ها الفقراء ف هو خ ي ل كم} وقوله‪{ :‬فكفار ته إطعام‬
‫عشرة م ساكي} والثا ن كقوله‪{ :‬إن ا ال صدقات للفقراء وال ساكي}‪ .‬و " هذه ال ساء " ال ت تتلف دللت ها‬
‫بالطلق والتقييهد والتجريهد والقتران تارة يكونان إذا أفرد أحدهاه أعهم مهن الخهر كاسهم " اليان " و "‬
‫العروف " مع العمل ومع الصدق ; و " كالنكر " مع الفحشاء ومع البغي ونو ذلك‪ .‬وتارة يكونان متساويي‬
‫ف العموم والصوص كلفظ " اليان " و " الب " و " التقوى " ولفظ " الفقي " و " السكي " ; فأيها أطلق‬
‫تناول ما يتناوله الخر ; وكذلك لفظ " التلوة " فإنا إذا أطلقت ف مثل قوله‪{ :‬الذين آتيناهم الكتاب يتلونه‬
‫حق تلو ته} تناولت الع مل به ك ما ف سره بذلك ال صحابة والتابعون م ثل ا بن م سعود وا بن عباس وما هد‬
‫وغيهم قالوا‪ :‬يتلونه حق تلوته يتبعونه حق اتباعه فيحلون حلله ويرمون حرامه ويعملون بحكمه ويؤمنون‬
‫بتشابه‪ .‬وقيل‪ :‬هو من التلوة بعن التباع كقوله‪{ :‬والقمر إذا تلها} وهذا يدخل فيه من ل يقرأه وقيل‪ :‬بل‬
‫من تام قراءته أن يفهم معناه ويعمل به كما قال أبو عبد الرحن السلمي‪ :‬حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن‬
‫عثمان بن عفان وعبد ال بن مسعود وغيها أنم كانوا إذا تعلموا من النب صلى ال عليه وسلم عشر آيات ل‬
‫ياوزو ها ح ت يتعلموا ما في ها من العلم والع مل قالوا‪ :‬فتعلم نا القرآن والعلم والع مل جي عا‪ .‬وقوله‪{ :‬الذ ين‬
‫آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلوته} قد فسر بالقرآن وفسر بالتوراة‪ .‬وروى ممد بن نصر بإسناده الثابت عن‬
‫ابن عباس‪{ :‬يتلونه حق تلوته} قال يتبعونه حق اتباعه‪ .‬وروي أيضا عن ابن عباس‪ :‬يتلونه حق تلوته قال‪:‬‬
‫يلون حلله‪ .‬ويرمون حرامه ول يرفونه عن مواضعه وعن قتادة‪ :‬يتلونه حق تلوته أولئك يؤمنون به قال‪:‬‬
‫أولئك أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم آمنوا بكتاب ال وصدقوا به أحلوا حلله وحرموا حرامه وعملوا با‬
‫فيه ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول إن حق تلوته‪ :‬أن يل حلله ويرم حرامه وأن نقرأه كما أنزل ال ول‬
‫نرفه عن مواضعه وعن السن‪ :‬يتلونه حق تلوته قال‪ :‬يعملون بحكمه ويؤمنون بتشابه ويكلون ما أشكل‬
‫عليهم إل عاله وعن ماهد‪ :‬يتبعونه حق اتباعه وف رواية‪ :‬يعملون به حق عمله‪ .‬ث قد يقرن بالتلوة غيها‬
‫كقوله‪{ :‬اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلة إن الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر}‪ .‬قال أحد بن‬
‫حنبل وغيه‪ :‬تلوة الكتاب‪ :‬العمل بطاعة ال كلها ث خص الصلة بالذكر كما ف قوله‪{ :‬والذين يسكون‬
‫بالكتاب وأقاموا ال صلة} وقوله‪{ :‬فاعبد ن وأ قم ال صلة لذكري}‪ .‬وكذلك ل فظ اتباع ما أنزل ال يتناول‬
‫جيع الطاعات كقوله‪{ :‬اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء} وقوله‪{ :‬فمن اتبع هداي‬
‫فل ي ضل ول يش قى} وقوله‪{ :‬وأن هذا صراطي م ستقيما فاتبعوه ول تتبعوا ال سبل فتفرق ب كم عن سبيله}‬
‫وقد يقرن به غيه كقوله‪{ :‬وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحون} وقوله‪{ :‬اتبع ما أوحي‬
‫إليك من ربك ل إله إل هو وأعرض عن الشركي} وقوله‪{ :‬واتبع ما يوحى إليك واصب حت يكم ال وهو‬
‫خ ي الاكم ي}‪ .‬وكذلك ل فظ " البرار " إذا أطلق د خل ف يه كل ت قي من ال سابقي والقت صدين وإذا قرن‬
‫بالقربي كان أخص قال تعال ف الول‪{ :‬إن البرار لفي نعيم} {وإن الفجار لفي جحيم} وقال ف الثان‪:‬‬
‫{كل إن كتاب البرار ل في علي ي} {و ما أدراك ما عليون} {كتاب مرقوم} {يشهده القربون} وهذا باب‬
‫واسع يطول استقصاؤه‪ .‬وهو من أنفع المور ف معرفة دللة اللفاظ مطلقا وخصوصا ألفاظ الكتاب والسنة‬
‫و به تزول شبهات كثية ك ثر في ها نزاع الناس من جلت ها " م سألة اليان وال سلم " فإن الناع ف م سماها‬
‫أول اختلف وقع افترقت المة لجله وصاروا متلفي ف الكتاب والسنة وكفر بعضهم بعضا وقاتل بعضهم‬
‫بعضا كما قد بسطنا هذا ف مواضع أخر إذ القصود هنا بيان شرح كلم ال ورسوله على وجه يبي أن الدى‬
‫كله مأخوذ من كلم ال ور سوله بإقا مة الدلئل الدالة ل بذ كر القوال ال ت تق بل بل دل يل وترد بل دل يل أو‬
‫يكون القصود با نصر غي ال والرسول فإن الواجب أن يقصد معرفة ما جاء به الرسول واتباعه بالدلة الدالة‬
‫على ما بي نه ال ور سوله‪ .‬و من هذا الباب أقوال ال سلف وأئ مة ال سنة ف " تف سي اليان " فتارة يقولون‪ :‬هو‬
‫قول وعمل‪ .‬وتارة يقولون‪ :‬هو قول وعمل ونية‪ .‬وتارة يقولون قول وعمل ونية واتباع السنة‪ .‬وتارة يقولون‪:‬‬
‫قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالوارح وكل هذا صحيح‪ .‬فإذا قالوا‪ :‬قول وعمل فإنه يدخل ف القول‬
‫قول القلب والل سان جي عا ; وهذا هو الفهوم من ل فظ القول والكلم ون و ذلك إذا أطلق‪ .‬والناس ل م ف‬
‫م سمى " الكلم " و " القول " ع ند الطلق أرب عة أقوال فالذي عل يه ال سلف والفقهاء والمهور أ نه يتناول‬
‫اللفظ والعن جيعا كما يتناول لفظ النسان للروح والبدن جيعا‪ .‬وقيل‪ :‬بل مسماه هو اللفظ والعن ليس‬
‫جزء مسماه بل هو مدلول مسماه وهذا قول كثي من أهل الكلم من العتزلة وغيهم وطائفة من النتسبي إل‬
‫السنة وهو قول النحاة لن صناعتهم متعلقة باللفاظ‪ .‬وقيل‪ :‬بل مسماه هو العن وإطلق الكلم على اللفظ‬
‫ماز لنه دال عليه وهذا قول ابن كلب ومن اتبعه وقيل‪ :‬بل هو مشترك بي اللفظ والعن وهو قول بعض‬
‫التأخرين من الكلبية ولم قول ثالث يروى عن أب السن أنه ماز ف كلم ال حقيقة ف كلم الدميي لن‬
‫حروف الدمي ي تقوم ب م فل يكون الكلم قائ ما بغ ي التكلم بلف الكلم القرآ ن ; فإ نه ل يقوم عنده بال‬
‫فيمتنع أن يكون كلمه ولبسط هذا موضع آخر‪( .‬والقصود هنا) أن من قال من السلف‪ :‬اليان قول وعمل‬
‫أراد قول القلب واللسهان وعمهل القلب والوارح ; ومهن أراد العتقاد رأى أن لفهظ القول ل يفههم منهه إل‬
‫القول الظاهر أو خاف ذلك فزاد العتقاد بالقلب ومن قال‪ :‬قول وعمل ونية قال‪ :‬القول يتناول العتقاد وقول‬
‫اللسان وأما العمل فقد ل يفهم منه النية فزاد ذلك ومن زاد اتباع السنة فلن ذلك كله ل يكون مبوبا ل إل‬
‫باتباع ال سنة وأولئك ل يريدوا كل قول وع مل إن ا أرادوا ما كان مشروعا من القوال والعمال ول كن كان‬
‫مق صودهم الرد على " الرجئة " الذ ين جعلوه قول ف قط فقالوا‪ :‬بل هو قول وع مل والذ ين جعلوه " أرب عة‬
‫أقسام " فسروا مرادهم كما سئل سهل بن عبد ال التستري عن اليان ما هو ؟ فقال‪ :‬قول وعمل ونية وسنة‬
‫لن اليان إذا كان قول بل عمل فهو كفر وإذا كان قول وعمل بل نية فهو نفاق وإذا كان قول وعمل ونية‬
‫بل سنة فهو بدعة‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)172‬‬
‫وعطف الشيء على الشيء ف القرآن وسائر الكلم يقتضي مغايرة بي العطوف والعطوف عليه مع اشتراك‬
‫العطوف والعطوف عليه ف الكم الذي ذكر لما والغايرة على مراتب أعلها أن يكونا متبايني ليس أحدها‬
‫هو الخر ول جزأه ول يعرف لزومه له كقوله {خلق السماوات والرض وما بينهما ف ستة أيام} ونو ذلك‬
‫وقوله‪{ :‬وجبيل وميكال} وقوله‪{ :‬وأنزل التوراة والنيل} {من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان} وهذا هو‬
‫الغالب‪ .‬ويليه أن يكون بينهما لزوم كقوله‪{ :‬ول تلبسوا ال ق بالباطل وتكتموا الق} وقوله‪{ :‬ومن يشاقق‬
‫الرسول من بعد ما تبي له الدى ويتبع غي سبيل الؤمني} وقوله‪{ :‬ومن يكفر بال وملئكته وكتبه ورسله}‬
‫فإن من ك فر بال فقد ك فر بذا كله فالعطوف لزم للمعطوف عليه وف الية الت قبلها العطوف عل يه لزم‬
‫فإنه من يشاقق الرسول من بعد ما تبي له الدى فقد اتبع غي سبيل الؤمني‪ .‬وف الثان نزاع وقوله‪{ :‬ول‬
‫تلبسوا الق بالباطل وتكتموا الق} ها متلزمان فإن من لبس الق بالباطل فجعله ملبوسا به خفى من الق‬
‫بقدر ما ظهر من الباطل فصار ملبوسا ومن كتم الق احتاج أن يقيم موضعه باطل فيلبس الق بالباطل ولذا‬
‫كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل ال فل بد أن يظهر باطل‪ .‬وهكذا " أهل البدع " ل تد أحدا ترك‬
‫بعض السنة الت يب التصديق با والعمل إل وقع ف بدعة ول تد صاحب بدعة إل ترك شيئا من السنة كما‬
‫جاء ف الد يث‪ { " :‬ما ابتدع قوم بد عة إل تركوا من ال سنة مثل ها} " رواه المام أح د‪ .‬و قد قال تعال‪:‬‬
‫{فن سوا ح ظا م ا ذكروا به فأغري نا بين هم العداوة والبغضاء} فل ما تركوا ح ظا م ا ذكروا به اعتاضوا بغيه‬
‫فوقعت بينهم العداوة والبغضاء وقال تعال‪{ :‬ومن يعش عن ذكر الرحن نقيض له شيطانا فهو له قرين} أي‬
‫عن الذكر الذي أنزله الرحن وقال تعال‪{ :‬فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى} {ومن أعرض عن ذكري‬
‫فإن له معي شة ضنكا ونشره يوم القيامة أع مى} وقال‪{ :‬اتبعوا ما أنزل إلي كم من رب كم ول تتبعوا من دونه‬
‫أولياء قليل ما تذكرون} فأ مر باتباع ما أنزل ون ى ع ما يضاد ذلك و هو اتباع أولياء من دو نه ف من ل يت بع‬
‫أحدها اتبع الخر ولذا قال {ويتبع غي سبيل الؤمني} قال العلماء‪ :‬من ل يكن متبعا سبيلهم كان متبعا غي‬
‫سبيلهم فاستدلوا بذلك على أن اتباع سبيلهم واجب فليس لحد أن يرج عما أجعوا عليه‪ .‬وكذلك من ل‬
‫يفعل الأمور فعل بعض الحظور ومن فعل الحظور ل يفعل جيع الأمور فل يكن النسان أن يفعل جيع ما‬
‫أمر به مع فعله لبعض ما حظر ول يكنه ترك كل ما حظر مع تركه لبعض ما أمر فإن ترك ما حظر من جلة ما‬
‫أ مر به ف هو مأمور و من الحظور ترك الأمور ف كل ما شغله عن الوا جب ف هو مرم و كل ما ل ي كن ف عل‬
‫الواجب إل به فعليه فعله ولذا كان لفظ " المر " إذا أطلق يتناول النهي وإذا قيد بالنهي كان النهي نظي ما‬
‫تقدم فإذا قال تعال عن اللئ كة‪{ :‬ل يع صون ال ما أمر هم} د خل ف ذلك أ نه إذا نا هم عن ش يء اجتنبوه‬
‫وأ ما قوله‪{ :‬ويفعلون ما يؤمرون} ف قد ق يل‪ :‬ل يتعدون ما أمروا به وق يل‪ :‬يفعلو نه ف وق ته ل يقدمو نه ول‬
‫يؤخرونه‪ .‬وقد يقال‪ :‬هو ل يقل‪ :‬ول يفعلون إل ما يؤمرون بل هذا دل عليه قوله‪{ :‬ل يسبقونه بالقول وهم‬
‫بأمره يعملون} وقد قيل‪ :‬ل يعصون ما أمرهم به ف الاضي ويفعلون ما يؤمرون ف الستقبل وقد يقال‪ :‬هذه‬
‫الية خب عما سيكون ليس ما أمروا به هنا ماضيا بل الميع مستقبل فإنه قال‪{ :‬قوا أنفسكم وأهليكم نارا}‬
‫و ما يت قي به إن ا يكون م ستقبل و قد يقال‪ :‬ترك الأمور تارة يكون لع صية ال مر وتارة يكون لعجزه فإذا كان‬
‫قادرا مريدا لزم وجود الأمور القدور فقوله {ل يعصون} ل يتنعون عن الطاعة وقوله {ويفعلون ما يؤمرون}‬
‫أي هم قادرون على ذلك ل يعجزون عن شيء منه بل يفعلونه كله فيلزم وجود كل ما أمروا به وقد يكون ف‬
‫ضمن ذلك أنم ل يفعلون إل الأمور به كما يقول القائل‪ :‬أنا أفعل ما أمرت به أي أفعله ول أتعداه إل زيادة‬
‫ول نقصان‪ .‬وأيضا فقوله‪{ :‬ل يعصون ال ما أمرهم} إن كان نا هم عن ف عل آ خر كان ذلك من أمره وإن‬
‫كان ل ينه هم ل يكونوا مذموم ي بف عل ما ل ينهوا ع نه‪ .‬والق صود أن ل فظ " ال مر " إذا أطلق تناول الن هي‬
‫ومنه قوله‪{ :‬أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأول المر منكم} أي أصحاب المر ومن كان صاحب المر كان‬
‫صاحب النهي ووجبت طاعته ف هذا وهذا فالنهي داخل ف المر وقال موسى للخضر‪{ :‬ستجدن إن شاء ال‬
‫صابرا ول أعصي لك أمرا} {قال فإن اتبعتن فل تسألن عن شيء حت أحدث لك منه ذكرا} وهذا ني له‬
‫عن ال سؤال ح ت يدث له منه ذكرا ول ا خرق ال سفينة قال له مو سى {أخرقتها لتغرق أهل ها ل قد جئت شيئا‬
‫إمرا} فسأله قبل إحداث الذكر وقال ف الغلم {أقتلت نفسا زكية بغي نفس لقد جئت شيئا نكرا} فسأله قبل‬
‫إحداث الذكر وقال ف الدار {لو شئت لتذت عليه أجرا} وهذا سؤال من جهة العن فإن السؤال والطلب‬
‫قد يكون بصيغة الشرط كما تقول‪ :‬لو نزلت عندنا لكرمناك وإن بت الليلة عندنا أحسنت إلينا ومنه قول آدم‬
‫{ربنا ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين} وقول نوح {رب إن أعوذ بك أن أسألك‬
‫ما ليس ل به علم وإل تغ فر ل وترح ن أ كن من الا سرين} ومثله كث ي ولذا قال مو سى {إن سألتك عن‬
‫شيء بعدها فل تصاحبن} فدل على أنه سأله الثلث قبل أن يدث له الذكر وهذا معصية لنهيه وقد دخل ف‬
‫قوله {ول أعصي لك أمرا} فدل على أن عاصي النهي عاص المر ومنه قوله تعال {أل له اللق والمر} وقد‬
‫دخل النهي ف ال مر‪ .‬ومنه قوله‪{ :‬فليحذر الذ ين يالفون عن أمره} وقوله‪{ :‬وما كان لؤ من ول مؤم نة إذا‬
‫ق ضى ال ور سوله أمرا أن يكون ل م الية من أمر هم} فإن ن يه دا خل ف ذلك‪ .‬و قد تنازع الفقهاء ف قول‬
‫الر جل لمرأ ته‪ :‬إذا ع صيت أمري فأ نت طالق إذا نا ها فع صته هل يكون ذلك داخل ف أمره ؟ على قول ي‪:‬‬
‫ق يل‪ :‬ل يدخل لن حقيقة النهي غ ي حقيقة ال مر وقيل‪ :‬يد خل لن ذلك يفهم منه ف العرف معصية ال مر‬
‫والنهي وهذا هو الصواب لن ما ذكر ف العرف هو حقيقة ف اللغة والشرع فإن المر الطلق من كل متكلم‬
‫إذا ق يل‪ :‬أ طع أ مر فلن أو فلن يط يع أ مر فلن أو ل يع صي أمره فإ نه يد خل ف يه الن هي لن النا هي آ مر بترك‬
‫الن هي ع نه فلهذا قال سبحانه‪{ :‬ول تلب سوا ال ق بالبا طل وتكتموا ال ق وأن تم تعلمون} ول ي قل‪ :‬ل تكتموا‬
‫الق فلم ينه عن كل منهما لتلزمهما وليست هذه واو المع الت يسميها الكوفيون واو الصرف كما قد يظنه‬
‫بعض هم فإ نه كان يكون الع ن‪ :‬ل تمعوا بينه ما فيكون أحده ا وحده غ ي من هي ع نه‪ .‬و " أي ضا " فتلك إن ا‬
‫ت يء إذا ظ هر الفرق كقوله‪{ :‬ول ا يعلم ال الذ ين جاهدوا من كم ويعلم ال صابرين} وقوله‪{ :‬أو يوبق هن ب ا‬
‫كسبوا ويعف عن كثي} {ويعلم الذين يادلون ف آياتنا ما لم من ميص}‪ .‬ومن عطف اللزوم قوله تعال‪:‬‬
‫{أطيعوا ال وأطيعوا الر سول وأول ال مر من كم} فإن م إذا أطاعوا الر سول ف قد أطاعوا ال ك ما قال تعال‪:‬‬
‫{ من ي طع الر سول ف قد أطاع ال} وإذا أطاع ال من بلغ ته ر سالة م مد فإ نه ل بد أن يط يع الر سول فإ نه ل‬
‫طاعهة ل إل بطاعتهه‪ .‬و " الثالث " عطهف بعهض الشيهء عليهه كقوله‪{ :‬حافظوا على الصهلوات والصهلة‬
‫الوسطى} وقوله {وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري} وقوله‪:‬‬
‫{من كان عدوا ل وملئكته ورسله وجبيل وميكال} وقوله‪{ :‬وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالم وأرضا ل‬
‫تطئوها} و " الرابع " عطف الشيء على الشيء لختلف الصفتي كقوله‪{ :‬سبح اسم ربك العلى} {الذي‬
‫خلق فسوى} {والذي قدر فهدى} {والذي أخرج الرعى} وقوله‪{ :‬الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلة‬
‫وما رزقناهم ينفقون} {والذين يؤمنون با أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالخرة هم يوقنون} وقد جاء ف‬
‫الشعر ما ذكر أنه عطف لختلف اللفظ فقط كقوله‪ :‬وألفى قولا كذبا ومينا‪ .‬ومن الناس من يدعي أن مثل‬
‫هذا جاء ف كتاب ال كما يذكرونه ف قوله‪( :‬شرعة ومنهاجا) وهذا غلط مثل هذا ل ييء ف القرآن ول ف‬
‫كلم ف صيح وغا ية ما يذ كر الناس اختلف مع ن الل فظ ك ما اد عى بعض هم أن من هذا قوله‪ :‬أل حبذا ه ند‬
‫وأرض با هند وهند أتى من دونا النأي والبعد فزعموا أنما بعن واحد‪ .‬واستشهدوا بذلك على ما ادعوه من‬
‫أن الشرعة هي النهاج فقال الخالفون لم‪ :‬النأي أعم من البعد فإن النأي كلما قل بعده أو كثر ; كأنه مثل‬
‫الفارقة‪ .‬والبعد إنا يستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته وقد قال تعال‪{ :‬وهم ينهون عنه وينأون عنه} وهم‬
‫مذمومون على مانبته والتنحي عنه سواء كانوا قريبي أو بعيدين وليس كلهم كان بعيدا عنه ل سيما عند من‬
‫يقول‪ :‬نزلت ف أب طالب وقد قال النابغة‪ - :‬والنؤي كالوض بالظلومة اللد‪ .‬والراد به ما يفر حول اليمة‬
‫لينل فيه الاء ول يدخل اليمة أي صار كالوض فهو مانب للخيمة ليس بعيدا منها‪.‬‬
‫فصل (ص ‪)179‬‬
‫فإذا تبي هذا فل فظ " اليان " إذا أطلق ف القرآن وال سنة يراد به ما يراد بل فظ " الب " وبل فظ " التقوى "‬
‫وبل فظ " الد ين " ك ما تقدم ; فإن ال نب صلى ال عل يه و سلم ب ي أن " {اليان ب ضع و سبعون شع بة أفضل ها‬
‫قول‪ :‬ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} " فكان كل ما يبه ال يدخل ف اسم اليان وكذلك‬
‫لفهظ " الب " يدخهل فيهه جيهع ذلك إذا أطلق وكذلك لفهظ " التقوى " وكذلك " الديهن أو ديهن السهلم "‬
‫وكذلك روي أن م سألوا عن اليان فأنزل ال هذه ال ية {ليس الب أن تولوا وجوه كم} ال ية و قد ف سر الب‬
‫باليان وف سر بالتقوى وف سر بالع مل الذي يقرب إل ال والم يع حق و قد روي مرفو عا إل ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه فسر الب باليان‪ .‬قال ممد بن نصر‪ :‬حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد ال بن يزيد القري‬
‫واللئي قال‪ :‬حدثنا السعودي عن القاسم قال‪{ :‬جاء رجل إل أب ذر فسأله عن اليان فقرأ‪{ :‬ليس الب أن‬
‫تولوا وجوهكم} إل آخر الية ; فقال الرجل‪ :‬ليس عن الب سألتك‪ .‬فقال‪ :‬جاء رجل إل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فسأله عن الذي سألتن عنه فقرأ عليه الذي قرأت عليك فقال له الذي قلت ل‪ .‬فلما أب أن يرضى قال‬
‫له‪ :‬إن الؤمن الذي إذا عمل السنة سرته ورجا ثوابا وإذا عمل السيئة ساءته وخاف عقابا}‪ .‬وقال‪ :‬حدثنا‬
‫إسحاق حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن عبد الكري الزري عن ماهد {أن أبا ذر سأل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن اليان فقرأ عليه‪{ :‬ليس الب أن تولوا وجوهكم} إل آخر الية} وروي بإسناده عن عكرمة قال‪:‬‬
‫سئل السن بن علي بن أب طالب مقبله من الشام عن اليان فقرأ‪{ :‬ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق‬
‫والغرب} وروى ابن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال‪ :‬قلت لسال الفطس‪ :‬رجل أطاع ال فلم يعصه‬
‫ورجل عصى ال فلم يطعه فصار الطيع إل ال فأدخله النة وصار العاصي إل ال فأدخله النار هل يتفاضلن‬
‫ف اليان ؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال فذكرت ذلك لعطاء فقال‪ :‬سلهم اليان طيب أو خبيث ؟ فإن ال قال‪{ :‬ليميز ال‬
‫ال بيث من الط يب وي عل ال بيث بع ضه على ب عض فيك مه جي عا فيجعله ف جه نم أولئك هم الا سرون}‬
‫فسألتهم فلم ييبون فقال بعضهم‪ :‬إن اليان يبطن ليس معه عمل فذكرت ذلك لعطاء فقال‪ :‬سبحان ال أما‬
‫يقرؤون الية الت ف البقرة‪{ :‬ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق والغرب ولكن الب من آمن بال واليوم‬
‫ال خر واللئ كة والكتاب وال نبيي} ؟‪ .‬قال‪ :‬ث و صف ال على هذا ال سم ما لز مه من الع مل فقال‪{ :‬وآ تى‬
‫الال على حبهه ذوي القربه واليتامهى والسهاكي وابهن السهبيل} ‪ -‬إل قوله ‪{ -‬وأولئك ههم التقون} فقال‪:‬‬
‫سلهم هل د خل هذا الع مل ف هذا ال سم‪ .‬وقال‪{ :‬و من أراد الخرة و سعى ل ا سعيها و هو مؤ من} فألزم‬
‫السم العمل والعمل السم‪ .‬والقصود هنا أنه ل يثبت الدح إل على إيان معه العمل ل على إيان خال عن‬
‫عمل فإذا عرف أن الذم والعقاب واقع ف ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم ل فائدة فيه بل يكون نزاعا لفظيا‬
‫مهع أن م مطئون ف اللفهظ مالفون للكتاب والسهنة وإن قالوا‪ :‬إنهه ل يضره ترك الع مل فهذا كفهر صريح ;‬
‫وب عض الناس ي كى هذا عن هم وأن م يقولون‪ :‬إن ال فرض على العباد فرائض ول يرد من هم أن يعملو ها ول‬
‫يضرهم تركها وهذا قد يكون قول الغالية الذين يقولون‪ :‬ل يدخل النار من أهل التوحيد أحد لكن ما علمت‬
‫معينا أحكي عنه هذا القول وإنا الناس يكونه ف الكتب ول يعينون قائله وقد يكون قول من ل خلق له ;‬
‫فإن كثيا من الف ساق والنافق ي يقولون‪ :‬ل ي ضر مع اليان ذ نب أو مع التوح يد وب عض كلم الراد ين على‬
‫الرجئة و صفهم بذا‪ .‬ويدل على ذلك قوله تعال ف آ خر ال ية {أولئك الذ ين صدقوا وأولئك هم التقون}‪.‬‬
‫فقوله صدقوا أي ف قولم‪ :‬آمنوا ; كقوله‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولا يدخل‬
‫اليان ف قلوبكم} إل قوله‪{ :‬إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم‬
‫ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} أي هم الصادقون ف قولم‪ :‬آمنا بال بلف الكاذبي الذين قال ال فيهم‪:‬‬
‫{إذا جاءك النافقون قالوا نش هد إ نك لر سول ال وال يعلم إ نك لر سوله وال يش هد إن النافق ي لكاذبون}‬
‫وقال تعال‪{ :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} {يادعون ال والذين آمنوا وما‬
‫يدعون إل أنفسهم وما يشعرون} {ف قلوبم مرض فزادهم ال مرضا ولم عذاب أليم با كانوا يكذبون}‬
‫وف {يكذبون} قراءتان مشهورتان فإنم كذبوا ف قولم‪ :‬آمنا بال واليوم ال خر وكذبوا الر سول ف الباطن‬
‫وإن صدقوه ف الظا هر وقال تعال‪{ :‬ال} {أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون} {ول قد‬
‫فتنا الذين من قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي} فبي أنه ل بد أن يفت الناس أي يتحنهم‬
‫ويبتلي هم وي تبهم‪ .‬يقال‪ :‬فت نت الذ هب إذا أدخل ته النار لتميزه م ا اختلط به وم نه قول مو سى‪{ :‬إن هي إل‬
‫فتن تك ت ضل ب ا من تشاء وتدي من تشاء} أي من تك واختبارك وابتلؤك ك ما ابتليهت عبادك بال سنات‬
‫وال سيئات لي تبي ال صبار الشكور من غيه وابتليت هم بإر سال الر سل وإنزال الك تب لي تبي الؤ من من الكا فر‬
‫والصادق من الكاذب والنافق من الخلص فتجعل ذلك سببا لضللة قوم وهدي آخرين‪ .‬والقرآن فيه كثي من‬
‫هذا يصف الؤمني بالصدق والنافقي بالكذب لن الطائفتي قالتا بألسنتهما‪ :‬آمنا فمن حقق قوله بعمله فهو‬
‫مؤمن صادق ومن قال بلسانه ما ليس ف قلبه فهو كاذب منافق قال تعال‪{ :‬وما أصابكم يوم التقى المعان‬
‫فبإذن ال وليعلم الؤمني} {وليعلم الذين نافقوا وقيل لم تعالوا قاتلوا ف سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتال‬
‫لتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوبم وال أعلم با يكتمون} فلما‬
‫قال ف آية الب‪{ :‬أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون} دل على أن الراد صدقوا ف قولم‪ :‬آمنا فإن هذا‬
‫هو القول الذي أمروا به وكانوا يقولو نه‪ .‬ول يؤمروا أن يلفظوا بأل سنتهم ويقولوا‪ :‬ن ن أبرار أو بررة ; بل إذا‬
‫قال الرجل‪ :‬أنا بر فهذا مزك لنفسه ولذا كانت زينب بنت جحش اسها برة فقيل‪ :‬تزكي نفسها فسماها النب‬
‫صلى ال عل يه و سلم زي نب ; بلف إنشاء اليان بقول م‪ " :‬آم نا " فإن هذا قد فرض علي هم أن يقولوه قال‬
‫تعال {قولوا آم نا بال و ما أنزل إلي نا و ما أنزل إل إبراه يم وإ ساعيل وإ سحاق ويعقوب وال سباط و ما أو ت‬
‫موسى وعيسى وما أوت النبيون من ربم} وكذلك ف أول آل عمران {قل آمنا بال وما أنزل علينا وما أنزل‬
‫على إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى والنبيون من ربم}‪ .‬وقال تعال‪:‬‬
‫{آ من الر سول ب ا أنزل إل يه من ر به والؤمنون كل آ من بال وملئك ته وكت به ور سله ل نفرق ب ي أ حد من‬
‫رسله} فقوله‪{ :‬ل نفرق} دليل على أنم قالوا‪ :‬آمنا ول نفرق ولذا قال‪{ :‬وقالوا سعنا وأطعنا} فجمعوا بي‬
‫قولم‪ :‬آمنا وبي قولم‪ :‬سعنا وأطعنا وقد قال ف آية الب‪{ :‬وأولئك هم التقون} فجعل البرار هم التقي عند‬
‫الطلق والتجر يد و قد م يز بينه ما ع ند القتران والتقي يد ف قوله‪{ :‬وتعاونوا على الب والتقوى} ودلت هذه‬
‫اليهة على أن مسهمى اليان ومسهمى الب ومسهمى التقوى عنهد الطلق واحهد فالؤمنون ههم التقون وههم‬
‫البرار‪ .‬ولذا جاء ف أحاديث الشفاعة الصحيحة‪{ " :‬يرج من النار من ف قلبه مثقال ذرة من إيان} " وف‬
‫بعض ها‪{ " :‬مثقال ذرة من خ ي} " وهذا مطا بق لقوله تعال {ف من يع مل مثقال ذرة خيا يره} {و من يع مل‬
‫مثقال ذرة شرا يره} وذلك الذي ههو مثقال ذرة مهن خيه ههو مثقال ذرة مهن إيان وهؤلء الؤمنون البرار‬
‫التقياء هم أهل السعادة الطلقة وهم أهل النة الذين وعدوا بدخولا بل عذاب وهؤلء الذين قال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم‪{ " :‬من غشنا فليس منا ومن حل علينا السلح فليس منا} " فإنه ليس من هؤلء ; بل من أهل‬
‫الذنوب العرضي للوعيد أسوة أمثالم‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)185‬‬
‫وهذا النوع من ن ط " أ ساء ال وأ ساء كتا به وأ ساء ر سوله وأ ساء دي نه " قال ال تعال‪ { :‬قل ادعوا ال أو‬
‫ادعوا الرح ن أ يا ما تدعوا فله ال ساء ال سن} وقال تعال‪{ :‬ول ال ساء ال سن فادعوه باه وذروا الذ ين‬
‫يلحدون ف أ سائه} وقال ال تعال‪ { :‬هو ال الذي ل إله إل هو عال الغ يب والشهادة هو الرح ن الرح يم}‬
‫{ههو ال الذي ل إله إل ههو اللك القدوس السهلم الؤمهن الهيمهن العزيهز البار التكهب سهبحان ال عمها‬
‫يشركون} { هو ال الالق البارئ ال صور له ال ساء ال سن ي سبح له ما ف ال سماوات والرض و هو العز يز‬
‫الكيم} فأساؤه كلها متفقة ف الدللة على نفسه القدسة ث كل اسم يدل على معن من صفاته‪ .‬ليس هو‬
‫العن الذي دل عليه السم الخر ; فالعزيز يدل على نفسه مع عزته والالق يدل على نفسه مع خلقه والرحيم‬
‫يدل على نفسه مع رحته ونفسه تستلزم جيع صفاته فصار كل اسم يدل على ذاته والصفة الختصة به بطريق‬
‫الطاب قة وعلى أحده ا بطر يق التض من وعلى ال صفة الخرى بطر يق اللزوم‪ .‬وهكذا " أ ساء كتا به " القرآن‬
‫والفرقان والكتاب والدى والبيان والشفاء والنور ونو ذلك هي بذه النلة‪ .‬وكذلك " أساء رسوله "‪ :‬ممد‬
‫وأح د والا حي والا شر والق في و نب الرح ة و نب التو بة و نب اللح مة كل ا سم يدل على صفة من صفاته‬
‫المدوحة غي الصفة الخرى وهكذا ما يثن ذكره من القصص ف القرآن كقصة موسى وغيها ليس القصود‬
‫با أن تكون سرا ; بل القصود با أن تكون عبا كما قال تعال‪{ :‬لقد كان ف قصصهم عبة لول اللباب}‬
‫فالذي وقع شيء واحد وله صفات فيعب عنه بعبارات متنوعة كل عبارة تدل على صفة من الصفات الت يعتب‬
‫با العتبون وليس هذا من التكرير ف شيء‪ .‬وهكذا " أساء دينه " الذي أمر ال به ورسوله يسمى إيانا وبرا‬
‫وتقوى وخيا ودينا وعمل صالا وصراطا مستقيما ونو ذلك ; وهو ف نفسه واحد لكن كل اسم يدل على‬
‫صفة ليست هي الصفة الت يدل عليها الخر وتكون تلك الصفة هي الصل ف اللفظ والباقي كان تابعا لا‬
‫لزما لا ث صارت دالة عليه بالتضمن فإن " اليان " أصله اليان الذي ف القلب ول بد فيه من " شيئي "‪:‬‬
‫تصهديق بالقلب وإقراره ومعرفتهه‪ .‬ويقال لذا‪ :‬قول القلب‪ .‬قال " النيهد بهن ممهد "‪ :‬التوحيهد‪ :‬قول القلب‪.‬‬
‫والتوكل‪ :‬عمل القلب فل بد فيه من قول القلب وعمله ; ث قول البدن وعمله ول بد فيه من عمل القلب مثل‬
‫حب ال ور سوله وخش ية ال و حب ما ي به ال ور سوله وب غض ما يبغ ضه ال ور سوله وإخلص الع مل ل‬
‫وحده وتوكهل القلب على ال وحده وغيه ذلك مهن أعمال القلوب الته أوجبهها ال ورسهوله وجعلهها مهن‬
‫اليان‪ .‬ث القلب هو ال صل فإذا كان ف يه معر فة وإرادة سرى ذلك إل البدن بالضرورة ل ي كن أن يتخلف‬
‫البدن عما يريده القلب ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح‪{ " :‬أل وإن ف السد مضغة‬
‫إذا صلحت صلح ل ا سائر ال سد وإذا ف سدت ف سد ل ا سائر ال سد أل و هي القلب} "‪ .‬وقال أ بو هريرة‪:‬‬
‫القلب ملك والعضاء جنوده فإذا طاب اللك طا بت جنوده وإذا خ بث اللك خب ثت جنوده وقول أ ب هريرة‬
‫تقريب‪ .‬وقول النب صلى ال عليه وسلم أحسن بيانا فإن اللك وإن كان صالا فالند لم اختيار قد يعصون‬
‫به ملكهم وبالعكس فيكون فيهم صلح مع فساده أو فساد مع صلحه ; بلف القلب فإن السد تابع له ل‬
‫يرج عن إرادته قط كما قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬إذا صلحت صلح لا سائر السد وإذا فسدت فسد‬
‫لا سائر السد}‪ .‬فإذا كان القلب صالا با فيه من اليان علما وعمل قلبيا لزم ضرورة صلح السد بالقول‬
‫الظاهر والعمل باليان الطلق كما قال أئمة أهل الديث‪ :‬قول وعمل قول باطن وظاهر وعمل باطن وظاهر‬
‫والظاهر تابع للباطن لزم له مت صلح الباطن صلح الظاهر وإذا فسد فسد ; ولذا قال من قال من الصحابة‬
‫عن ال صلي العا بث‪ :‬لو خ شع قلب هذا لش عت جوار حه فل بد ف إيان القلب من حب ال ور سوله وأن‬
‫يكون ال ور سوله أ حب إل يه م ا سواها قال ال تعال‪{ :‬و من الناس من يت خذ من دون ال أندادا يبون م‬
‫كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل} فوصف الذين آمنوا بأنم أشد حبا ل من الشركي لندادهم‪ .‬وف الية‬
‫" قولن "‪ :‬قيل‪ :‬يبونم كحب الؤمني ال والذين آمنوا أشد حبا ل منهم لوثانم‪ .‬وقيل‪ :‬يبونم كما يبون‬
‫ال والذين آمنوا أشد حبا ل منهم وهذا هو الصواب ; والول قول متناقض وهو باطل فإن الشركي ل يبون‬
‫النداد مثل مبة الؤمني ل وتستلزم الرادة والرادة التامة مع القدرة تستلزم الفعل فيمتنع أن يكون النسان‬
‫م با ل ور سوله ; مريدا ل ا ي به ال ور سوله إرادة جاز مة مع قدر ته على ذلك و هو ل يفعله فإذا ل يتكلم‬
‫النسان باليان مع قدرته دل على أنه ليس ف قلبه اليان الواجب الذي فرضه ال عليه‪ .‬ومن هنا يظهر خطأ‬
‫قول " جهم بن صفوان " ومن اتبعه حيث ظنوا أن اليان مرد تصديق القلب وعلمه ل يعلوا أعمال القلب‬
‫من اليان وظنوا أنه قد يكون النسان مؤمنا كامل اليان بقلبه وهو مع هذا يسب ال ورسوله ويعادي ال‬
‫ورسوله ويعادي أولياء ال ويوال أعداء ال ويقتل النبياء ويهدم الساجد ويهي الصاحف ويكرم الكفار غاية‬
‫الكرامة ويهي الؤمني غاية الهانة قالوا‪ :‬وهذه كلها معاص ل تناف اليان الذي ف قلبه بل يفعل هذا وهو ف‬
‫البا طن ع ند ال مؤ من قالوا‪ :‬وإن ا ث بت له ف الدن يا أحكام الكفار لن هذه القوال أمارة على الك فر ليح كم‬
‫بالظاهر كما يكم بالقرار والشهود وإن كان الباطن قد يكون بلف ما أقر به وبلف ما شهد به الشهود‬
‫فإذا أورد علي هم الكتاب وال سنة والجاع على أن الوا حد من هؤلء كا فر ف ن فس ال مر معذب ف الخرة‬
‫قالوا‪ :‬فهذا دل يل على انتفاء الت صديق والعلم من قل به فالك فر عند هم ش يء وا حد و هو ال هل واليان ش يء‬
‫واحد وهو العلم أو تكذيب القلب وتصديقه فإنم متنازعون هل تصديق القلب شيء غي العلم أو هو هو ؟‪.‬‬
‫وهذا القول مع أنه أفسد قول قيل ف " اليان " فقد ذهب إليه كثي من " أهل الكلم الرجئة "‪ .‬وقد كفر‬
‫السلف ‪ -‬كوكيع بن الراح وأحد بن حنبل وأب عبيد وغيهم ‪ -‬من يقول بذا القول‪ .‬وقالوا‪ :‬إبليس كافر‬
‫ب نص القرآن وإن ا كفره با ستكباره وامتنا عه عن ال سجود لدم ل لكو نه كذب خبا‪ .‬وكذلك فرعون وقو مه‬
‫قال ال تعال فيهم‪{ :‬وجحدوا با واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} وقال موسى عليه السلم لفرعون‪{ :‬لقد‬
‫عل مت ما أنزل هؤلء إل رب ال سماوات والرض ب صائر} ب عد قوله‪{ :‬ول قد آتي نا مو سى ت سع آيات بينات‬
‫فاسأل بن إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إن لظنك يا موسى مسحورا} {قال لقد علمت ما أنزل هؤلء‬
‫إل رب ال سماوات والرض ب صائر وإ ن لظ نك يا فرعون مثبورا}‪ .‬فمو سى و هو ال صادق ال صدوق يقول‪:‬‬
‫{لقد علمت ما أنزل هؤلء إل رب السماوات والرض بصائر}‪ .‬فدل على أن فرعون كان عالا بأن ال أنزل‬
‫اليات وهو من أكب خلق ال عنادا وبغيا لفساد إرادته وقصده ل لعدم علمه‪ .‬قال تعال‪{ :‬إن فرعون عل ف‬
‫الرض وج عل أهل ها شي عا ي ستضعف طائ فة من هم يذ بح أبناء هم وي ستحيي ن ساءهم إ نه كان من الف سدين}‬
‫وقال تعال‪{ :‬وجحدوا ب ا وا ستيقنتها أنف سهم ظل ما وعلوا}‪ .‬وكذلك اليهود الذ ين قال ال في هم‪{ :‬الذ ين‬
‫آتينا هم الكتاب يعرفو نه ك ما يعرفون أبناء هم}‪ .‬وكذلك كث ي من الشرك ي الذ ين قال ال في هم‪{ :‬فإن م ل‬
‫يكذبونك ولكن الظالي بآيات ال يحدون}‪ .‬فهؤلء غلطوا ف " أصلي "‪( :‬أحدها‪ :‬ظنهم أن اليان مرد‬
‫تصديق وعلم فقط ليس معه عمل وحال وحركة وإرادة ومبة وخشية ف القلب ; وهذا من أعظم غلط الرجئة‬
‫مطلقها فإن " أعمال القلوب " الته يسهميها بعهض الصهوفية أحوال ومقامات أو منازل السهائرين إل ال أو‬
‫مقامات العارفي أو غي ذلك كل ما فيها ما فرضه ال ورسوله فهو من اليان الواجب وفيها ما أحبه ول‬
‫يفرضه فهو من اليان الستحب فالول ل بد لكل مؤمن منه ومن اقتصر عليه فهو من البرار أصحاب اليمي‬
‫ومن فعله وفعل الثان كان من القربي السابقي وذلك مثل حب ال ورسوله بل أن يكون ال ورسوله أحب‬
‫إليه ما سواها بل أن يكون ال ورسوله والهاد ف سبيله أحب إليه من أهله وماله ومثل خشية ال وحده دون‬
‫خشية الخلوقي ورجاء ال وحده دون رجاء الخلوقي والتوكل على ال وحده دون الخلوقي والنابة إليه مع‬
‫خشيته كما قال تعال‪{ :‬هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ} {من خشي الرحن بالغيب وجاء بقلب منيب}‬
‫وم ثل ال ب ف ال والب غض ف ال والوالة ل والعاداة ل‪ .‬و (الثا ن)‪ :‬ظن هم أن كل من ح كم الشارع بأ نه‬
‫كافر ملد ف النار فإنا ذاك لنه ل يكن ف قلبه شيء من العلم والتصديق‪ .‬وهذا أمر خالفوا به الس والعقل‬
‫والشرع وما أجع عليه طوائف بن آدم السليمي الفطرة وجاهي النظار ; فإن النسان قد يعرف أن الق مع‬
‫غيه و مع هذا ي حد ذلك ل سده إياه أو لطلب علوه عل يه أو لوى الن فس ويمله ذلك الوى على أن يعتدي‬
‫عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو ف قلبه يعلم أن الق معه وعامة من كذب الرسل علموا أن الق معهم‬
‫وأنم صادقون لكن إما لسدهم وإما لرادتم العلو والرياسة وإما لبهم دينهم الذي كانوا عليه وما يصل‬
‫لم به من الغراض كأموال ورياسة وصداقة أقوام وغي ذلك فيون ف اتباع الرسل ترك الهواء الحبوبة إليهم‬
‫أو ح صول أمور مكرو هة إلي هم فيكذبون م ويعادون م فيكونون من أك فر الناس كإبل يس وفرعون مع علم هم‬
‫بأنم على الباطل والرسل على الق‪ .‬ولذا ل يذكر الكفار حجة صحيحة تقدح ف صدق الرسل إنا يعتمدون‬
‫على مال فة أهوائ هم كقول م لنوح‪{ :‬أنؤ من لك واتب عك الرذلون} ومعلوم أن اتباع الرذل ي له ل يقدح ف‬
‫صدقه ; لكن كرهوا مشاركة أولئك كما طلب الشركون من النب صلى ال عليه وسلم إبعاد الضعفاء كسعد‬
‫بن أب وقاص وابن مسعود وخباب بن الرت وعمار بن ياسر وبلل ونوهم وكان ذلك بكة قبل أن يكون‬
‫ف الصحابة أهل الصفة فأنزل ال تبارك وتعال‪{ :‬ول تطرد الذين يدعون ربم بالغداة والعشي يريدون وجهه‬
‫ما عليك من حسابم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالي} {وكذلك فتنا‬
‫بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلء من ال عليهم من بيننا أليس ال بأعلم بالشاكرين}‪ .‬ومثل قول فرعون‪{ :‬أنؤمن‬
‫لبشريهن مثلنها وقومهمها لنها عابدون} وقول فرعون‪{ :‬أل نربهك فينها وليدا ولبثهت فينها مهن عمرك سهني}‬
‫{وفعلت فعلتك الت فعلت وأنت من الكافرين} ومثل قول مشركي العرب‪{ :‬إن نتبع الدى معك نتخطف‬
‫من أرضنا} قال ال تعال‪{ :‬أول نكن لم حرما آمنا يب إليه ثرات كل شيء رزقا من لدنا} ومثل قول قوم‬
‫شعيهب له‪{ :‬أصهلتك تأمرك أن نترك مها يعبهد آباؤنها أو أن نفعهل فه أموالنها مها نشاء} ومثهل قول عامهة‬
‫الشركي‪{ :‬إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}‪ .‬وهذه المور وأمثالا ليست حججا تقدح‬
‫ف صدق الرسل بل تبي أنا تالف إرادتم وأهواءهم وعاداتم فلذلك ل يتبعوهم وهؤلء كلهم كفار بل أبو‬
‫طالب وغيه كانوا يبون النب صلى ال عليه وسلم ويبون علو كلمته وليس عندهم حسد له وكانوا يعلمون‬
‫صدقه ول كن كانوا يعلمون أن ف متابع ته فراق د ين آبائ هم وذم قر يش ل م ف ما احتملت نفو سهم ترك تلك‬
‫العادة واحتمال هذا الذم فلم يتركوا اليان لعدم العلم بصهدق اليان بهه ; بهل لوى النفهس فكيهف يقال‪ :‬إن‬
‫كل كا فر إن ا ك فر لعدم عل مه بال‪ .‬ول ي كف الهم ية أن جعلوا كل كا فر جاهل بال ق ح ت قالوا‪ :‬هو ل‬
‫يعرف أن ال موجود حق والك فر عند هم ليس هو الهل بأي حق كان ; بل الهل بذا ال ق الع ي‪ .‬ون ن‬
‫والناس كلهم يرون خلقا من الكفار يعرفون ف الباطن أن دين السلم حق ويذكرون ما ينعهم من اليان إما‬
‫معاداة أهلهم وإما مال يصل لم من جهتهم يقطعونه عنهم وإما خوفهم إذا آمنوا أن ل يكون لم حرمة عند‬
‫السلمي كحرمتهم ف دينهم وأمثال ذلك من أغراضهم الت يبينون أنا الانعة لم من اليان مع علمهم بأن‬
‫دين السلم حق ودينهم باطل‪ .‬وهذا موجود ف جيع المور الت هي حق يوجد من يعرف بقلبه أنا حق وهو‬
‫ف الظاهر يحد ذلك ويعادي أهله لظنه أن ذلك يلب له منفعة ويدفع عنه مضرة‪ .‬قال تعال‪{ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولم منكم فإنه منهم إن ال ل يهدي القوم‬
‫الظال ي} {فترى الذ ين ف قلوب م مرض ي سارعون في هم يقولون ن شى أن ت صيبنا دائرة فع سى ال أن يأ ت‬
‫بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا ف أنفسهم نادمي} {ويقول الذين آمنوا أهؤلء الذين أقسموا‬
‫بال جهد أيانم إنم لعكم حبطت أعمالم فأصبحوا خاسرين}‪ .‬والفسرون متفقون على أنا نزلت بسبب‬
‫قوم من كان يظ هر السلم و ف قل به مرض خاف أن يغلب أهل السلم فيوال الكفار من اليهود والنصارى‬
‫وغيهم للخوف الذي ف قلوب م ; ل لعتقاد هم أن ممدا كاذب واليهود والن صارى صادقون وأشهر النقول‬
‫ف ذلك {أن عبادة بن ال صامت قال‪ :‬يا ر سول ال إن ل موال من اليهود وإ ن أبرأ إل ال من ول ية يهود‬
‫فقال‪ :‬ع بد ال بن أ ب‪ :‬لك ن ر جل أخاف الدوائر ول أبرأ من ول ية يهود فنلت هذه ال ية}‪ " .‬والرجئة "‬
‫الذيهن قالوا‪ :‬اليان تصهديق القلب وقول اللسهان والعمال ليسهت منهه كان منههم طائفهة مهن فقهاء الكوفهة‬
‫وعبادها ; ول يكن قولم م ثل قول جهم ; فعرفوا أن النسان ل يكون مؤمنا إن ل يتكلم باليان مع قدرته‬
‫عليهه‪ .‬وعرفوا أن إبليهس وفرعون وغيهاه كفار مهع تصهديق قلوبمه لكنههم إذا ل يدخلوا أعمال القلوب فه‬
‫اليان لزمهم قول جهم وإن أدخلوها ف اليان لزمهم دخول أعمال الوارح أيضا فإنا لزمة لا ولكن هؤلء‬
‫لم حجج شرعية بسببها اشتبه المر عليهم فإنم رأوا أن ال قد فرق ف كتابه بي اليان والعمل ; فقال ف‬
‫غ ي مو ضع‪{ :‬إن الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات} ورأوا أن ال خا طب الن سان باليان ق بل وجود العمال‬
‫فقال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إل الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إل الرافق}‪{ .‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫إذا نودي للصلة من يوم المعة} وقالوا‪ :‬لو أن رجل آمن بال ورسوله ضحوة ومات قبل أن يب عليه شيء‬
‫من العمال مات مؤم نا وكان من أ هل ال نة فدل على أن العمال لي ست من اليان‪ .‬وقالوا‪ :‬ن ن ن سلم أن‬
‫اليان يزيد بعن أنه كان كلما أنزل ال آية وجب التصديق با فانضم هذا التصديق إل التصديق الذي كان‬
‫قبله ; لكن بعد كمال ما أنزل ال ما بقي اليان يتفاضل عندهم بل إيان الناس كلهم سواء ; إيان السابقي‬
‫الولي كأب بكر وعمر وإيان أفجر الناس كالجاج وأب مسلم الراسان وغيها‪ .‬والرجئة التكلمون منهم‬
‫والفقهاء من هم يقولون‪ :‬إن العمال قد ت سمى إيا نا مازا لن الع مل ثرة اليان ومقتضاه ولن ا دل يل عل يه‬
‫ويقولون‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم‪{ " :‬اليان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أفضلها قول‪ :‬ل إله إل‬
‫ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق} "‪ :‬ماز‪ " .‬والرجئة ثلثة أصناف "‪ :‬الذين يقولون‪ :‬اليان مرد ما ف‬
‫القلب ث من هؤلء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أك ثر فرق الرجئة كما قد ذكر أبو السن الشعري‬
‫أقوال م ف كتا به وذ كر فر قا كثية يطول ذكر هم ل كن ذكر نا ج ل أقوال م ومن هم من ل يدخل ها ف اليان‬
‫كجهم ومن اتبعه كالصالي وهذا الذي نصره هو وأكثر أصحابه‪ .‬و " القول الثان " من يقول‪ :‬هو مرد قول‬
‫اللسان وهذا ل يعرف لحد قبل الكرامية " والثالث " تصديق القلب وقول اللسان وهذا هو الشهور عن أهل‬
‫الفقه والعبادة منهم وهؤلء غلطوا من وجوه‪( :‬أحدها)‪ :‬ظنهم أن اليان الذي فرضه ال على العباد متماثل ف‬
‫حهق العباد وأن اليان الذي يبه على شخهص يبه مثله على كهل شخهص وليهس المهر كذلك فإن أتباع‬
‫النبياء التقدمي أوجب ال عليهم من اليان ما ل يوجبه على أمة ممد صلى ال عليه وسلم وأوجب على‬
‫أمة ممد صلى ال عليه و سلم من اليان ما ل يوجبه على غي هم واليان الذي كان ي ب ق بل نزول ج يع‬
‫القرآن ليس هو مثل اليان الذي يب بعد نزول القرآن واليان الذي يب على من عرف ما أخب به الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم مفصل ليس مثل اليان الذي يب على من عرف ما أخب به ممل فإنه ل بد ف اليان‬
‫من تصديق الرسول ف كل ما أخب لكن من صدق الرسول ومات عقب ذلك ل يب عليه من اليان غي‬
‫ذلك‪ .‬وأ ما من بل غه القرآن والحاد يث و ما فيه ما من الخبار والوا مر الف صلة في جب عل يه من الت صديق‬
‫الفصل بب خب وأمر أمر ما ل يب على من ل يب عليه إل اليان الجمل لوته قبل أن يبلغه شيء آخر‪ .‬و‬
‫" أيضا " لو قدر أنه عاش فل يب على كل واحد من العامة أن يعرف كل ما أمر به الرسول وكل ما نى‬
‫عنه وكل ما أخب به بل إنا عليه أن يعرف ما يب عليه هو وما يرم عليه فمن ل مال له ل يب عليه أن‬
‫يعرف أمره الفصل ف الزكاة‪ .‬ومن ل استطاعة له على الج ليس عليه أن يعرف أمره الفصل بالناسك ومن‬
‫ل يتزوج ل يس عل يه أن يعرف ما و جب للزو جة ف صار ي ب من اليان ت صديقا وعمل على أشخاص ما ل‬
‫يب على آخرين‪ .‬وبذا يظهر الواب عن قولم‪ :‬خوطبوا باليان قبل العمال‪ .‬فنقول‪ :‬إن قلتم‪ :‬إنم خوطبوا‬
‫به قبل أن تب تلك العمال فقبل وجوب ا ل تكن من اليان وكانوا مؤمن ي اليان الواجب علي هم قبل أن‬
‫يفرض علي هم ما خوطبوا بفر ضه فل ما نزل إن ل يقروا بوجو به ل يكونوا مؤمن ي ولذا قال تعال‪{ :‬ول على‬
‫الناس حج البيت من استطاع إليه سبيل ومن كفر فإن ال غن عن العالي} ولذا ل يئ ذكر الج ف أكثر‬
‫الحاديث الت فيها ذكر السلم واليان كحديث وفد عبد القيس وحديث الرجل النجدي الذي يقال له‪:‬‬
‫ضمام بن ثعلبة وغيها وإنا جاء ذكر الج ف حديث ابن عمر وجبيل وذلك لن الج آخر ما فرض من‬
‫المس فكان قبل فرضه ل يدخل ف اليان والسلم فلما فرض أدخله النب صلى ال عليه وسلم ف اليان إذا‬
‫أفرد وأدخله ف ال سلم إذا قرن باليان وإذا أفرد و سنذكر إن شاء ال م ت فرض ال ج‪ .‬وكذلك قول م‪ :‬من‬
‫آمن ومات قبل وجوب العمل عليه مات مؤمنا فصحيح لنه أتى باليان الواجب عليه والعمل ل يكن وجب‬
‫عليه بعد فهذا ما يب أن يعرف فإنه تزول به شبهة حصلت للطائفتي‪ .‬فإذا قيل‪ :‬العمال الواجبة من اليان‪.‬‬
‫فاليان الوا جب متنوع ل يس شيئا واحدا ف حق ج يع الناس‪ .‬وأ هل ال سنة والد يث يقولون‪ :‬ج يع العمال‬
‫السنة واجبها ومستحبها من اليان أي من اليان الكامل بالستحبات‪ .‬ليست من اليان الواجب‪ .‬ويفرق‬
‫ب ي اليان الوا جب وب ي اليان الكا مل بال ستحبات ك ما يقول الفقهاء‪ :‬الغ سل ينق سم إل مزئ وكا مل‪.‬‬
‫فالجزئ‪ :‬ما أ تى ف يه بالواجبات ف قط‪ .‬والكا مل‪ :‬ما أ تى ف يه بال ستحبات‪ .‬ول فظ الكمال قد يراد به الكمال‬
‫الواجب‪ .‬وقد يراد به الكمال الستحب‪ .‬وأما قولم‪ :‬إن ال فرق بي اليان والعمل ف مواضع فهذا صحيح‪.‬‬
‫و قد بي نا أن اليان إذا أطلق أد خل ال ور سوله ف يه العمال الأمور ب ا‪ .‬و قد يقرن به العمال وذكر نا نظائر‬
‫لذلك كثية‪ .‬وذلك لن أصل اليان هو ما ف القلب‪ .‬والعمال الظاهرة لزمة لذلك‪ .‬ل يتصور وجود إيان‬
‫القلب الوا جب مع عدم ج يع أعمال الوارح بل م ت نق صت العمال الظاهرة كان لن قص اليان الذي ف‬
‫القلب ; فصار اليان متناول للملزوم واللزم وإن كان أصله ما ف القلب ; وحيث عطفت عليه العمال فإنه‬
‫أر يد أ نه ل يكت في بإيان القلب بل ل بد م عه من العمال ال صالة‪ .‬ث للناس ف م ثل هذا قولن‪ :‬من هم من‬
‫يقول‪ :‬العطوف دخل ف العطوف عليه أول‪ .‬ث ذكر باسه الاص تصيصا له لئل يظن أنه ل يدخل ف الول‬
‫وقالوا‪ :‬هذا فه كهل مها عطهف فيهه خاص على عام كقوله‪{ :‬مهن كان عدوا ل وملئكتهه ورسهله وجبيهل‬
‫وميكال} وقوله‪{ :‬وإذ أخذنا من النبيي ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري} وقوله‪:‬‬
‫{والذ ين آمنوا وعملوا ال صالات وآمنوا ب ا نزل على م مد وهو ال ق من رب م} ف خص اليان ب ا نزل على‬
‫ممهد بعهد قوله‪{ :‬والذيهن آمنوا} وهذه نزلت فه الصهحابة وغيههم مهن الؤمنيه‪ .‬وقوله‪{ :‬حافظوا على‬
‫الصلوات والصلة الوسطى} وقوله‪{ :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا‬
‫الزكاة} والصهلة والزكاة مهن العبادة فقوله‪{ :‬آمنوا وعملوا الصهالات} كقوله‪{ :‬ومها أمروا إل ليعبدوا ال‬
‫ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة}‪ .‬فإنه قصد " أول " أن تكون العبادة ل وحده ل لغيه‬
‫ث أ مر بال صلة والزكاة ليعلم أن ما عبادتان واجبتان فل يكت في بطلق العبادة الال صة دون ما وكذلك يذ كر‬
‫اليان أول لنه الصل الذي ل بد منه ث يذكر العمل الصال فإنه أيضا من تام الدين ل بد منه فل يظن الظان‬
‫اكتفاءه بجرد إيان ليس معه العمل الصال وكذلك قوله‪{ :‬ال} {ذلك الكتاب ل ريب فيه هدى للمتقي}‬
‫{الذ ين يؤمنون بالغ يب ويقيمون ال صلة وم ا رزقنا هم ينفقون} والذ ين يؤمنون ب ا أنزل إل يك و ما أنزل من‬
‫قبلك وبالخرة هم يوقنون {أولئك على هدى من ربم وأولئك هم الفلحون}‪ .‬وقد قيل‪ :‬إن هؤلء هم أهل‬
‫الكتاب الذين آمنوا ب ا أنزل عليه وما أنزل على من قبله كابن سلم ونوه وإن هؤلء نوع غي النوع التقدم‬
‫الذين يؤمنون بالغيب وقد قيل‪ :‬هؤلء جيع التقدمي الذين آمنوا با أنزل إليه وما أنزل من قبله وهؤلء هم‬
‫الذين يؤمنون بالغيب وهم صنف واحد وإنا عطفوا لتغاير الصفتي كقوله‪{ :‬سبح اسم ربك العلى} {الذي‬
‫خلق فسهوى} {والذي قدر فهدى} {والذي أخرج الرعهى} {فجعله غثاء أحوى} ; فههو سهبحانه واحهد‬
‫وعطف بعض صفاته على بعض وكذلك قوله‪{ :‬والصلة الوسطى} وهي صلة العصر‪ .‬والصفات‪ :‬إذا كانت‬
‫معارف كا نت للتوضيح وتضم نت الدح أو الذم‪ .‬تقول‪ :‬هذا الر جل هو الذي ف عل كذا و هو الذي ف عل كذا‬
‫وهو الذي فعل كذا تعدد ماسنه ولذا مع التباع قد يعطفونا وينصبون أو يرفعون وهذا القول هو الصواب‬
‫فإن الؤمني بالغيب إن ل يؤمنوا با أنزل إليه وما أنزل من قبله ل يكونوا على هدى من ربم ول مفلحي ول‬
‫متق ي وكذلك الذ ين آمنوا ب ا أنزل إل يه و ما أنزل من قبله إن ل يكونوا من الذ ين يؤمنون بالغ يب ويقيمون‬
‫الصلة وما رزقهم ال ينفقون ل يكونوا على هدى من ربم ول يكونوا مفلحي ول يكونوا متقي فدل على‬
‫أن الميع صفة الهتدين التقي الذين اهتدوا بالكتاب النل إل ممد فقد عطفت هذه الصفة على تلك مع أنا‬
‫داخلة فيها لكن القصود صفة إيانم وأنم يؤمنون بميع ما أنزل ال على أنبيائه ل يفرقون بي أحد منهم ;‬
‫وإل فإذا ل يذكر إل اليان بالغيب فقد يقول‪ :‬من يؤمن ببعض ويكفر ببعض‪ :‬نن نؤمن بالغيب‪ .‬ولا كانت‬
‫سورة البقرة سنام القرآن ; ويقال‪ :‬إن ا أول سورة نزلت بالدي نة افتتح ها ال بأر بع آيات ف صفة الؤمن ي‬
‫وآيتي ف صفة الكافرين وبضع عشرة آية ف صفة النافقي فإنه من حي هاجر النب صلى ال عليه وسلم صار‬
‫الناس " ثلثة أصناف "‪ :‬إما مؤمن وإما كافر مظهر للكفر وإما منافق ; بلف ما كانوا وهو بكة ; فإنه ل‬
‫ي كن هناك منا فق ; ولذا قال أح د بن حن بل وغيه‪ :‬ل ي كن من الهاجر ين منا فق وإن ا كان النفاق ف قبائل‬
‫النصار ; فإن مكة كانت للكفار مستولي عليها فل يؤمن ويهاجر إل من هو مؤمن ليس هناك داع يدعو إل‬
‫النفاق ; والدي نة آ من ب ا أ هل الشو كة ; ف صار للمؤمن ي ب ا عز ومن عة بالن صار ف من ل يظ هر اليان آذوه‪.‬‬
‫فاحتاج النافقون إل إظهار اليان مع أن قلوب م ل تؤ من ; وال تعال افت تح البقرة وو سط البقرة وخ تم البقرة‬
‫باليان بميع ما جاءت به النبياء ; فقال ف أولا ما تقدم وقال ف وسطها‪{ :‬قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا‬
‫وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى وما أوت النبيون من ربم‬
‫ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنا هم ف شقاق}‬
‫الية‪ :‬وقال ف آخرها‪{ :‬آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل‬
‫نفرق بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي} والية الخرى‪ .‬وف " الصحيحي "‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ " :‬اليتان من آخر سورة البقرة‪ :‬من قرأ بما ف ليلة كفتاه} " والية‬
‫الو سطى قد ث بت ف " ال صحيح " {أ نه كان يقرأ ب ا ف ركع ت الف جر‪ :‬وب { قل يا أ هل الكتاب تعالوا إل‬
‫كلمة سواء بيننا وبينكم} الية تارة‪ .‬وب {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو ال أحد} تارة}‪ .‬فيقرأ با فيه‬
‫ذ كر اليان وال سلم أو ب ا ف يه ذ كر التوح يد والخلص‪ .‬فعلى قول هؤلء يقال‪ :‬العمال ال صالة العطو فة‬
‫على اليان دخلت ف اليان وع طف عل يه ع طف الاص على العام ; إ ما لذكره خ صوصا ب عد عموم وإ ما‬
‫لكونه إذا عطف كان دليل على أنه ل يدخل ف العام‪ .‬وقيل‪ :‬بل العمال ف الصل ليست من اليان ; فإن‬
‫أصل اليان هو ما ف القلب ولكن هي لزمة له فمن ل يفعلها كان إيانه منتفيا ; لن انتفاء اللزم يقتضي‬
‫انتفاء اللزوم لكن صارت بعرف الشارع داخلة ف اسم اليان إذا أطلق كما تقدم ف كلم النب صلى ال عليه‬
‫و سلم فإذا عط فت عل يه ذكرت لئل ي ظن الظان أن مرد إيا نه بدون العمال ال صالة اللز مة لليان يو جب‬
‫الوعد ; فكان ذكرها تصيصا وتنصيصا ليعلم أن الثواب الوعود به ف الخرة وهو النة بل عذاب ل يكون‬
‫إل لن آمن وعمل صالا ; ل يكون لن ادعى اليان ول يعمل وقد بي سبحانه ف غي موضع أن الصادق ف‬
‫قوله‪ :‬آم نت ل بد أن يقوم بالوا جب وح صر اليان ف هؤلء يدل على انتفائه ع من سواهم‪ .‬وللجهم ية ه نا‬
‫سؤال ذكره أبو السن ف كتاب " الوجز " وهو أن القرآن نفى اليان عن غي هؤلء كقوله‪{ :‬إنا الؤمنون‬
‫الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} ول يقل‪ :‬إن هذه العمال من اليان قالوا‪ :‬فنحن نقول‪ :‬من ل يعمل هذه‬
‫العمال ل ي كن مؤم نا لن انتفاء ها دل يل على انتفاء العلم من قل به‪ .‬والواب عن هذا من وجوه‪( :‬أحد ها)‪:‬‬
‫أنكم سلمتم أن هذه العمال لزمة ليان القلب فإذا انتفت ل يبق ف القلب إيان وهذا هو الطلوب ; وبعد‬
‫هذا فكوناه لزمهة أو جزءا نزاع لفظهي‪( .‬الثانه)‪ :‬أن نصهوصا صهرحت بأناه جزء كقوله‪{ " :‬اليان بضهع‬
‫وستون أو بضع وسبعون شعبة} "‪( .‬الثالث)‪ :‬إنكم إن قلتم بأن من انتفى عنه هذه المور فهو كافر خال من‬
‫كل إيان كان قولكم قول الوارج وأنتم ف طرف والوارج ف طرف فكيف توافقونم ومن هذه المور إقام‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والج والهاد والجابة إل حكم ال ورسوله ; وغي ذلك ما ل تكفرون‬
‫تار كه وإن كفرتوه كان قول كم قول الوارج‪( .‬الرا بع)‪ :‬أن قول القائل‪ :‬إن انتفاء ب عض هذه العمال ي ستلزم‬
‫أن ل يكون ف قلب الن سان ش يء من الت صديق بأن الرب حق قول يعلم ف ساده بالضطرار‪( .‬الا مس)‪ :‬أن‬
‫هذا إذا ثبت ف هذه ثبت ف سائر الواجبات فيتفع الناع العنوي‪.‬‬

‫فصل (‪)204‬‬
‫(الو جه الثا ن) من غلط " الرجئة "‪ :‬ظن هم أن ما ف القلب من اليان ل يس إل الت صديق ف قط دون أعمال‬
‫القلوب ; كما تقدم عن جهمية الرجئة‪( .‬الثالث) ظنهم أن اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون شيء من‬
‫العمال ولذا يعلون العمال ثرة اليان ومقتضاه بنلة السبب مع السبب ول يعلونا لزمة له ; والتحقيق‬
‫أن إيان القلب التام ي ستلزم الع مل الظا هر ب سبه ل مالة ويت نع أن يقوم بالقلب إيان تام بدون ع مل ظا هر ;‬
‫ولذا صاروا يقدرون مسائل يتنع وقوعها لعدم تقق الرتباط الذي بي البدن والقلب مثل أن يقولوا‪ :‬رجل ف‬
‫قلبه من اليان مثل ما ف قلب أب بكر وعمر وهو ل يسجد ل سجدة ول يصوم رمضان ويزن بأمه وأخته‬
‫ويشرب ال مر نار رمضان ; يقولون‪ :‬هذا مؤ من تام اليان فيب قى سائر الؤمن ي ينكرون ذلك غا ية النكار‪.‬‬
‫قال أح د بن حن بل‪ :‬حدث نا خلف بن حيان حدث نا مع قل بن عب يد ال العب سي قال‪ :‬قدم علي نا سال الف طس‬
‫بالرجاء فن فر م نه أ صحابنا نفورا شديدا من هم ميمون بن مهران وع بد الكر ي بن مالك فإ نه عا هد ال أن ل‬
‫يؤويه وإياه سقف بيت إل السجد قال معقل‪ :‬فحججت فدخلت على عطاء بن أب رباح ف نفر من أصحاب‬
‫وهو يقرأ‪{ :‬حت إذا استيئس الرسل وظنوا أنم قد كذبوا} قلت‪ :‬إن لنا حاجة فأخلنا ففعل ; فأخبته أن قوما‬
‫قبل نا قد أحدثوا وتكلموا وقالوا‪ :‬إن ال صلة والزكاة لي ستا من الد ين ; فقال‪ :‬أول يس ال تعال يقول‪{ :‬و ما‬
‫أمروا إل ليعبدوا ال ملصهي له الديهن حنفاء ويقيموا الصهلة ويؤتوا الزكاة وذلك ديهن القيمهة}‪ .‬فالصهلة‬
‫والزكاة مهن الديهن قال‪ :‬فقلت‪ :‬إنمه يقولون‪ :‬ليهس فه اليان زيادة فقال‪ :‬أوليهس قهد قال ال فيمها أنزل‪:‬‬
‫{ليزدادوا إيانا مع إيانم} هذا اليان‪ .‬فقلت‪ :‬إنم انتحلوك‪ .‬وبلغن أن ابن ذر دخل عليك ف أصحاب له ;‬
‫فعرضوا عليك قولم فقبلته‪ .‬فقلت هذا ال مر فقال‪ :‬ل وال الذي ل إله إل هو مرتي أو ثلثا ث قال‪ :‬قدمت‬
‫الدينة فجلست إل نافع فقلت‪ :‬يا أبا عبد ال إن ل إليك حاجة فقال‪ :‬سر أم علنية ؟ فقلت‪ :‬ل بل سر‪ :‬قال‪:‬‬
‫رب سر ل خي فيه فقلت‪ :‬ليس من ذلك فلما صلينا العصر قام وأخذ بثوب ث خرج من الوخة ول ينتظر‬
‫القاص فقال‪ :‬حاج تك ؟ قال فقلت‪ :‬أخل ن هذا‪ .‬فقال‪ :‬ت نح ; قال‪ :‬فذكرت له قول م‪ .‬فقال‪ :‬قال ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪{ " :‬أمرت أن أضربم بالسيف حت يقولوا‪ :‬ل إله إل ال ; فإذا قالوا‪ :‬ل إله إل‬
‫ال عصموا من دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال} " قال‪ :‬قلت‪ :‬إنم يقولون‪ :‬نن نقر بأن الصلة‬
‫فرض ول نصلي ; وبأن المر حرام ونشربا ; وأن نكاح المهات حرام ونن ننكح‪ .‬فنثر يده من يدي وقال‪:‬‬
‫من فعل هذا فهو كافر‪ .‬قال معقل‪ :‬فلقيت الزهري فأخبته بقولم‪ .‬فقال‪ :‬سبحان ال وقد أخذ الناس ف هذه‬
‫الصومات‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪{ " .‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن ; ول يشرب المر‬
‫حي يشربا وهو مؤمن} "‪ .‬قال معقل‪ .‬فلقيت الكم بن عتبة فقلت له‪ :‬إن عبد الكري وميمونا بلغهما أنه‬
‫دخل عليك ناس من الرجئة فعرضوا بقولم عليك فقبلت قولم ; قال‪ .‬فقبل ذلك علي ميمون ; وعبد الكري‬
‫لقد دخل علي اثنا عشر رجل وأنا مريض فقالوا‪ :‬يا أبا ممد بلغك {أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتاه‬
‫رجل بأمة سوداء أو حبشية فقال‪ :‬يا رسول ال علي رقبة مؤمنة أفترى هذه مؤمنة ؟ فقال لا رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬أتشهدين أن ل إله إل ال‪ .‬فقالت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وتشهدين أن ممدا رسول ال ؟‪ :.‬قالت‪ :‬نعم‬
‫قال‪ :‬وتشهدين أن النة حق والنار حق قالت‪ :‬نعم قال‪ :‬وتشهدين أن ال يبعثك من بعد الوت ؟‪ .‬قالت نعم ;‬
‫قال‪ :‬فأعتقها فإنا مؤمنة} "‪ :‬فخرجوا وهم ينتحلون ذلك‪ .‬قال معقل‪ :‬ث جلست إل ميمون بن مهران فقلت‬
‫يا أ با أيوب لو قرأت ل نا سورة فف سرتا قال‪ :‬فقرأ‪{ :‬إذا الش مس كورت} ح ت إذا بلغ‪{ :‬مطاع ث أم ي}‬
‫قال‪ :‬ذا كم جب يل والي بة ل ن يقول‪ :‬أن إيا نه كإيان جب يل ورواه حن بل عن أح د ورواه أي ضا عن ا بن أ ب‬
‫مليكة قال‪ :‬لقد أتى علي برهة من الدهر وما أران أدرك قوما يقول أحدهم‪ " :‬إن مؤمن مستكمل اليان ث‬
‫ما رضي حت قال‪ :‬إيان على إيان جبيل وميكائيل وما زال بم الشيطان حت قال أحدهم‪ :‬إن مؤمن وإن‬
‫نكح أخته وأمه وبنته وال لقد أدركت كذا وكذا من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ; ما مات أحد منهم‬
‫إل وهو يشى النفاق على نفسه وقد ذكر هذا العن عنه البخاري ف " صحيحه " قال‪ :‬أدركت ثلثي من‬
‫أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم كلهم ياف النفاق على نفسه ; ما منهم أحد يقول‪ :‬إيانه كإيان جبيل‪.‬‬
‫وروى البغوي عن عبد ال بن ممد عن ابن ماهد قال‪ :‬كنت عند عطاء بن أب رباح فجاء ابنه يعقوب فقال‪:‬‬
‫يا أبتاه إن أصحابا ل يزعمون أن إيانم كإيان جبيل ; فقال‪ :‬يا بن ليس إيان من أطاع ال كإيان من عصى‬
‫ال‪ .‬قلت‪ :‬قوله عن " الرجئة "‪ :‬إنم يقولون‪ :‬إن الصلة والزكاة ليستا من الدين قد يكون قول بعضهم فإنم‬
‫كلهم يقولون‪ :‬ليستا من اليان وأما من الدين فقد حكي عن بعضهم أنه يقول‪ :‬ليستا من الدين ; ول نفرق‬
‫بي اليان والدين ومنهم من يقول‪ :‬بل ها من الدين ويفرق بي اسم اليان واسم الدين وهذا هو العروف‬
‫من أقوالم الت يقولونا عن أنفسهم‪ :‬ول أر أنا ف كتاب أحد منهم أنه قال‪ :‬العمال ليست من الدين بل‬
‫يقولون ليست من اليان وكذلك حكى أبو عبيد عمن ناظره منهم فإن أبا عبيد وغيه يتجون بأن العمال‬
‫من الدين ; فذكر قوله‪{ :‬اليوم أكملت لكم دينكم} إنا نزلت ف حجة الوداع‪ .‬قال أبو عبيد‪ :‬فأخب أنه إنا‬
‫كمل الدين الن ف آخر السلم ف حجة النب صلى ال عليه وسلم وزعم هؤلء أنه كان كامل قبل ذلك‬
‫بعشرين سنة من أول ما نزل عليه الوحي بكة حي دعا الناس إل القرار حت قال‪ :‬لقد اضطر بعضهم حي‬
‫أدخلت عل يه هذه ال جة‪ ..‬إل أن قال‪ :‬إن اليان ل يس بم يع الد ين ول كن الد ين ثل ثة أجزاء‪ :‬اليان جزء ;‬
‫والفرائض جزء والنوافل جزء‪ .‬قلت‪ :‬هذا الذي قاله هذا هو مذهب القوم قال أبو عبيد‪ :‬وهذا غي ما نطق به‬
‫الكتاب أل تسمع إل قوله‪{ :‬إن الدين عند ال السلم} وقال {ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه}‪.‬‬
‫وقال‪{ :‬ورضيت لكم السلم دينا} فأخب أن السلم هو الدين برمته ; وزعم هؤلء أنه ثلث الدين‪ .‬قلت‪:‬‬
‫إناه قالوا‪ :‬إن اليان ثلث ول يقولوا إن اليان ثلث الديهن‪ .‬لكنههم فرقوا بيه مسهمى اليان ومسهمى الديهن‬
‫وسنذكر إن شاء ال تعال الكلم ف مسمى هذا ومسمى هذا فقد يكى عن بعضهم أنه يقول ليستا من الدين‬
‫ول يفرق بي اسم اليان والدين ومنهم من يقول بل كلها من الدين ويفرق بي اسم اليان واسم الدين‬
‫والشافعي رضي ال عنه كان معظما لعطاء بن أب رباح ويقول‪ :‬ليس ف التابعي أتبع للحديث منه وكذلك أبو‬
‫حني فة قال‪ :‬ما رأ يت م ثل عطاء و قد أ خذ الشاف عي هذه ال جة عن عطاء‪ .‬فروى ا بن أ ب حا ت ف منا قب‬
‫الشافعي‪ :‬حدثنا أب حدثنا ميمون حدثنا أبو عثمان بن الشافعي سعت أب يقول ليلة للحميدي‪ :‬ما يتج عليهم‬
‫يعن أهل الرجاء بآية أحج من قوله‪{ :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا‬
‫الزكاة وذلك دين القيمة}‪ .‬وقال الشافعي رضي ال عنه ف كتاب " الم " ف (باب النية ف الصلة‪ :‬يتج بأن‬
‫ل تزئ صلة إل بنية بديث عمر بن الطاب رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم‪{ " :‬إنا العمال‬
‫بالنيات} " ث قال‪ :‬وكان الجاع من ال صحابة والتابع ي من بعد هم و من أدركنا هم يقولون‪ :‬اليان قول‬
‫وعمهل ونيهة ل يزئ واحهد مهن الثلث إل بالخهر‪ .‬وقال حنبهل‪ :‬حدثنها الميدي قال‪ :‬وأخهبت أن ناسها‬
‫يقولون‪ :‬من أقر بالصلة والزكاة والصوم والج ول يفعل من ذلك شيئا حت يوت ويصلي مستدبر القبلة حت‬
‫يوت ; فهو مؤمن ما ل يكن جاحدا إذا علم أن تركه ذلك فيه إيانه إذا كان مقرا بالفرائض واستقبال القبلة‬
‫فقلت‪ :‬هذا الك فر ال صراح وخلف كتاب ال و سنة ر سوله وعلماء ال سلمي‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬و ما أمروا إل‬
‫ليعبدوا ال مل صي له الد ين} ال ية‪ .‬وقال حن بل‪ :‬سعت أبا عبد ال أح د بن حن بل يقول‪ :‬من قال هذا ف قد‬
‫كفر بال ورد على أمره وعلى الرسول ما جاء به عن ال‪ .‬قلت‪ :‬وأما احتجاجهم بقوله للمة " {أعتقها فإنا‬
‫مؤم نة} " ف هو من حجج هم الشهورة و به اح تج ا بن كلب وكان يقول‪ :‬اليان هو الت صديق والقول جي عا‬
‫فكان قوله أقرب من قول ج هم وأتبا عه وهذا ل ح جة ف يه ; لن اليان الظا هر الذي تري عل يه الحكام ف‬
‫الدن يا ل ي ستلزم اليان ف البا طن الذي يكون صاحبه من أ هل ال سعادة ف الخرة فإن النافق ي الذ ين قالوا‪:‬‬
‫{آم نا بال وباليوم ال خر و ما هم بؤمن ي} هم ف الظا هر مؤمنون ي صلون مع الناس‪ .‬وي صومون ويجون‬
‫ويغزون وال سلمون يناكحون م ويوارثون م كما كان النافقون على ع هد ر سول ال صلى ال عليه و سلم ول‬
‫يكم النب صلى ال عليه وسلم ف النافقي بكم الكفار الظهرين للكفر ل ف مناكحتهم ول موارثتهم ول‬
‫نو ذلك ; بل لا مات عبد ال بن أب ابن سلول ‪ -‬وهو من أشهر الناس بالنفاق ‪ -‬ورثه ابنه عبد ال وهو من‬
‫خيار الؤمني وكذلك سائر من كان يوت منهم يرثه ورثته الؤمنون ; وإذا مات لحدهم‪ .‬وارث ورثوه مع‬
‫السلمي‪ .‬وقد تنازع الفقهاء ف النافق الزنديق الذي يكتم زندقته هل يرث ويورث ؟ على قولي والصحيح أنه‬
‫يرث ويورث وإن علم ف الباطن أنه منافق كما كان الصحابة على عهد النب صلى ال عليه وسلم لن الياث‬
‫مبناه على الوالة الظاهرة ل على الحبة الت ف القلوب فإنه لو علق بذلك ل تكن معرفته والكمة إذا كانت‬
‫خفية أو منتشرة علق الكم بظنتها وهو ما أظهره من موالة السلمي ; فقول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل‬
‫يرث ال سلم الكا فر ول الكا فر ال سلم} " ل يد خل ف يه النافقون وإن كانوا ف الخرة ف الدرك ال سفل من‬
‫النار ; بل كانوا يورثون ويرثون ; وكذلك كانوا ف القوق والدود كسائر السلمي وقد أخب ال عنهم أنم‬
‫ي صلون ويزكون و مع هذا ل يق بل ذلك من هم فقال‪{ :‬و ما منع هم أن تق بل من هم نفقات م إل أن م كفروا بال‬
‫وبر سوله ول يأتون ال صلة إل و هم ك سال ول ينفقون إل و هم كارهون} وقال {إن النافق ي يادعون ال‬
‫وههو خادعههم وإذا قاموا إل الصهلة قاموا كسهال يراءون الناس ول يذكرون ال إل قليل}‪ .‬وفه " صهحيح‬
‫مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ " :‬تلك صلة النافق تلك صلة النافق تلك صلة النافق يرقب‬
‫الشمس حت إذا كانت بي قرن شيطان قام فنقر أربعا ل يذكر ال فيها إل قليل} " وكانوا يرجون مع النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ف الغازي كما خرج ابن أب ف غزوة بن الصطلق وقال فيها‪{ :‬لئن رجعنا إل الدينة‬
‫ليخر جن ال عز من ها الذل}‪ " .‬و ف ال صحيحي " عن {ز يد بن أر قم قال‪ :‬خرج نا مع ال نب صلى ال عل يه‬
‫وسلم ف سفر أصاب الناس فيها شدة ; فقال عبد ال بن أب لصحابه‪ :‬ل تنفقوا على من عند رسول ال حت‬
‫ينفضوا من حوله‪ .‬وقال‪{ :‬لئن رجعنا إل الدينة ليخرجن العز منها الذل} فأتيت النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فأخبته فأرسل إل عبد ال بن أب ; فسأله فاجتهد يينه ما فعل وقالوا‪ :‬كذب زيد يا رسول ال فوقع ف نفسي‬
‫ما قالوا شدة حت أنزل ال تصديقي ف {إذا جاءك النافقون} فدعاهم النب صلى ال عليه وسلم ليستغفر لم‬
‫فلووا رءوسهم‪ .‬وف غزوة تبوك استنفرهم النب صلى ال عليه وسلم كما استنفر غيهم فخرج بعضهم معه‬
‫وبعض هم تلفوا وكان ف الذ ين خرجوا م عه من هم بقتله ف الطر يق هوا ب ل حزام ناق ته لي قع ف واد هناك‬
‫فجاءه الوحي فأسر إل حذيفة أساءهم ولذلك يقال‪ :‬هو صاحب السر الذي ل يعلمه غيه} كما ثبت ذلك‬
‫ف " الصحيح " ومع هذا ففي الظاهر تري عليهم أحكام أهل اليان‪ .‬وبذا يظهر الواب عن شبهات كثية‬
‫تورد ف هذا القام ; فإن كثيا من التأخرين ما بقي ف الظهرين للسلم عندهم إل عدل أو فاسق وأعرضوا‬
‫عهن حكهم النافقيه والنافقون مها زالوا ول يزالون إل يوم القيامهة والنفاق شعهب كثية وقهد كان الصهحابة‬
‫يافون النفاق على أنفسهم‪ .‬ففي " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ " :‬آية النافق ثلث إذا‬
‫حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان} " وف لفظ مسلم‪{ " :‬وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم} "‪.‬‬
‫وف " الصحيحي " عن عبد ال بن عمرو عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ " .‬أربع من كن فيه كان‬
‫منافقا خالصا ومن كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حت يدعها‪ :‬إذا حدث كذب وإذا ائتمن‬
‫خان وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر} "‪ .‬وكان النب صلى ال عليه وسلم أول يصلي عليهم ويستغفر لم‬
‫حت ناه ال عن ذلك فقال‪{ :‬ول تصل على أحد منهم مات أبدا ول تقم على قبه} وقال‪{ :‬استغفر لم أو‬
‫ل ت ستغفر ل م إن ت ستغفر ل م سبعي مرة فلن يغ فر ال ل م} فلم ي كن ي صلي علي هم ول ي ستغفر ل م ول كن‬
‫دماؤهم وأموالم معصومة ل يستحل منهم ما يستحله من الكفار الذين ل يظهرون أنم مؤمنون بل يظهرون‬
‫الكفر دون اليان فإنه صلى ال عليه وسلم قال‪{ " :‬أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن‬
‫رسول ال فإذا قالوها عصموا من دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال} " {ولا قال لسامة بن زيد‪:‬‬
‫أقتلته بعد ما قال‪ :‬ل إله إل ال ؟ قال‪ :‬إنا قالا تعوذا‪ .‬قال‪ :‬هل شققت عن قلبه ؟ وقال‪ .‬إن ل أومر أن أنقب‬
‫عن قلوب الناس ول أشق بطونم} " {وكان إذا استؤذن ف قتل رجل يقول‪ :‬أليس يصلي أليس يتشهد ؟ فإذا‬
‫قيل له‪ :‬إنه منافق‪ .‬قال‪ :‬ذاك} فكان حكمه صلى ال عليه وسلم ف دمائهم وأموالم كحكمه ف دماء غيهم‬
‫ل ي ستحل من ها شيئا إل بأ مر ظا هر مع أ نه كان يعلم نفاق كث ي من هم ; وفي هم من ل ي كن يعلم نفا قه‪ .‬قال‬
‫تعال‪{ :‬ومن حولكم من العراب منافقون ومن أهل الدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نن نعلمهم سنعذبم‬
‫مرتي ث يردون إل عذاب عظيم} وكان من مات منهم صلى عليه السلمون الذين ل يعلمون أنه منافق ومن‬
‫علم أنه منافق ل يصل عليه‪ .‬وكان عمر إذا مات ميت ل يصل عليه حت يصلي عليه حذيفة لن حذيفة كان‬
‫قد علم أعيانم‪ .‬وقد قال ال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم الؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ال أعلم‬
‫بإيان ن فإن علمتمو هن مؤمنات فل ترجعو هن إل الكفار} فأ مر بامتحان ن ه نا وقال‪{ :‬ال أعلم بإيان ن}‪.‬‬
‫وال تعال لا أمر ف الكفارة بعتق رقبة مؤمنة ل يكن على الناس أل يعتقوا إل من يعلموا أن اليان ف قلبه ;‬
‫فإن هذا كما لو قيل لم‪ :‬اقتلوا إل من علمتم أن اليان ف قلبه‪ .‬وهم ل يؤمروا أن ينقبوا عن قلوب الناس ول‬
‫يشقوا بطونم ; فإذا رأوا رجل يظهر اليان جاز لم عتقه وصاحب الارية لا سأل النب صلى ال عليه وسلم‬
‫هل هي مؤمنة ؟ إنا أراد اليان الظاهر الذي يفرق به بي السلم والكافر وكذلك من عليه نذر ل يلزمه أن‬
‫يعتق إل من علم أن اليان ف قلبه ; فإنه ل يعلم ذلك مطلقا ; بل ول أحد من اللق يعلم ذلك مطلقا‪ .‬وهذا‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أعلم اللق وال يقول له‪{ :‬وم ن حول كم من العراب منافقون و من أ هل‬
‫الدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم نن نعلمهم سنعذبم مرتي}‪ .‬فأولئك إنا كان النب صلى ال عليه وسلم‬
‫يكم فيهم كحكمه ف سائر الؤمني ; ولو حضرت جنازة أحدهم صلى عليها ول يكن منهيا عن الصلة إل‬
‫على من علم نفا قه ; وإل لزم أن ين قب عن قلوب الناس ويعلم سرائرهم وهذا ل يقدر عل يه ب شر‪ .‬ولذا ل ا‬
‫كشفهم ال بسورة براءة بقوله‪{ :‬ومنهم} {ومنهم} صار يعرف نفاق ناس منهم ل يكن يعرف نفاقهم قبل‬
‫ذلك فإن ال و صفهم ب صفات علم ها الناس من هم ; و ما كان الناس يزمون بأن ا م ستلزمة لنفاق هم وإن كان‬
‫بعضهم يظن ذلك وبعضهم يعلمه ; فلم يكن نفاقهم معلوما عند الماعة بلف حالم لا نزل القرآن ; ولذا‬
‫ل ا نزلت سورة براءة كتموا النفاق و ما ب قي يكن هم من إظهاره أحيا نا ما كان يكن هم ق بل ذلك وأنزل ال‬
‫تعال‪{ :‬لئن ل ينته النافقون والذين ف قلوبم مرض والرجفون ف الدينة لنغرينك بم ث ل ياورونك فيها إل‬
‫قليل} {ملعوني أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل} {سنة ال ف الذين خلوا من قبل ولن تد لسنة ال تبديل}‬
‫فلما توعدوا بالقتل إذا أظهروا النفاق كتموه‪ .‬ولذا تنازع الفقهاء ف استتابة الزنديق‪ .‬فقيل‪ :‬يستتاب‪ .‬واستدل‬
‫من قال ذلك بالنافقي الذين كان النب صلى ال عليه وسلم يقبل علنيتهم ويكل أمرهم إل ال ; فيقال له‪:‬‬
‫هذا كان ف أول المر وبعد هذا أنزل ال‪{ :‬ملعوني أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل} فعلموا أنم إن أظهروه‬
‫كما كانوا يظهرونه قتلوا فكتموه‪ .‬والزنديق‪ :‬هو النافق وإنا يقتله من يقتله إذا ظهر منه أنه يكتم النفاق قالوا‪:‬‬
‫ول تعلم توبته لن غاية ما عنده أنه يظهر ما كان يظهر ; وقد كان يظهر اليان وهو منافق ; ولو قبلت توبة‬
‫الزناد قة ل ي كن سبيل إل تقتيلهم والقرآن قد توعدهم بالتقتيل‪ .‬والقصود أن النب صلى ال عليه و سلم إنا‬
‫أ خب عن تلك ال مة باليان الظا هر الذي عل قت به الحكام الظاهرة وإل ف قد ث بت ع نه أن سعدا ل ا ش هد‬
‫لرجل أنه مؤمن قال‪ " :‬أو مسلم " وكان يظهر من اليان ما تظهره المة وزيادة فيجب أن يفرق بي أحكام‬
‫الؤمني الظاهرة الت يكم فيها الناس ف الدنيا وبي حكمهم ف الخرة بالثواب والعقاب ; فالؤمن الستحق‬
‫للج نة ل بد أن يكون مؤم نا ف البا طن باتفاق ج يع أ هل القبلة ح ت الكرام ية الذ ين ي سمون النا فق مؤم نا‬
‫ويقولون‪ :‬اليان هو الكلمة يقولون‪ :‬إنه ل ينفع ف الخرة إل اليان الباطن‪ .‬وقد حكى بعضهم عنهم أنم‬
‫يعلون النافقي من أهل النة وهو غلط عليهم ; إنا نازعوا ف السم ل ف الكم بسبب شبهة الرجئة ف أن‬
‫اليان ل يتب عض ول يتفا ضل ; ولذا أك ثر ما اشترط الفقهاء ف الرق بة ال ت تزئ ف الكفارة الع مل الظا هر‬
‫فتنازعوا هل يزئ ال صغي ؟ على قول ي معروف ي لل سلف ه ا روايتان عن أح د ; فق يل‪ :‬ل يزئ عت قه لن‬
‫اليان قول وعمل والصغي ل يؤمن بنفسه إنا إيانه تبع لبويه ف أحكام الدنيا ; ول يشترط أحد أن يعلم أنه‬
‫مؤمن ف الباطن ; وقيل‪ :‬بل يزئ عتقه لن العتق من الحكام الظاهرة وهو تبع لبويه ; فكما أنه يرث منهما‬
‫ويصلى عليه ول يصلى إل على مؤمن فإنه يعتق‪ .‬وكذلك النافقون الذين ل يظهروا نفاقهم يصلى عليهم إذا‬
‫ماتوا ويدفنون ف مقابر السلمي من عهد النب صلى ال عليه وسلم والقبة الت كانت للمسلمي ف حياته‬
‫وحياة خلفائه وأصحابه يدفن فيها كل من أظهر اليان وإن كان منافقا ف الباطن ول يكن للمنافقي مقبة‬
‫يتميزون با عن السلمي ف شيء من ديار السلم كما تكون لليهود والنصارى مقبة يتميزون با ومن دفن‬
‫ف مقابر السلمي صلى عليه السلمون والصلة ل توز على من علم نفاقه بنص القرآن فعلم أن ذلك بناء على‬
‫اليان الظاهر وال يتول السرائر وقد كان النب صلى ال عليه وسلم يصلي عليهم ويستغفر لم حت ني عن‬
‫ذلك‪ .‬وعلل ذلك بالكفهر فكان ذلك دليل على أن كهل مهن ل يعلم أنهه كافهر بالباطهن جازت الصهلة عليهه‬
‫والستغفار له وإن كانت فيه بدعة وإن كان له ذنوب‪ .‬وإذا ترك المام أو أهل العلم والدين " الصلة " على‬
‫بعض التظاهرين ببدعة أو فجور زجرا عنها ل يكن ذلك مرما للصلة عليه والستغفار له بل قال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم فيمن كان يتنع عن الصلة عليه وهو الغال وقاتل نفسه والدين الذي ل وفاء له‪{ " :‬صلوا على‬
‫صاحبكم} " وروي أنه كان يستغفر للرجل ف الباطن وإن كان ف الظاهر يدع ذلك زجرا عن مثل مذهبه‬
‫كما روي ف حديث ملم بن جثامة‪ .‬وليس ف الكتاب والسنة الظهرون للسلم إل قسمان‪ :‬مؤمن أو منافق‬
‫فالنافق ف الدرك السفل من النار والخر مؤمن ث قد يكون ناقص اليان فل يتناوله السم الطلق وقد يكون‬
‫تام اليان وهذا يأ ت الكلم عل يه إن شاء ال ف م سألة ال سلم واليان وأ ساء الف ساق من أ هل اللة ; ل كن‬
‫القصود هنا أنه ل يعل أحد بجرد ذنب يذنبه ول ببدعة ابتدعها ‪ -‬ولو دعا الناس إليها ‪ -‬كافرا ف الباطن إل‬
‫إذا كان منافقا‪ .‬فأما من كان ف قلبه اليان بالرسول وما جاء به وقد غلط ف بعض ما تأوله من البدع فهذا‬
‫ل يس بكا فر أ صل والوارج كانوا من أظ هر الناس بد عة وقتال لل مة وتكفيا ل ا ول ي كن ف ال صحابة من‬
‫يكفرهم ل علي بن أب طالب ول غيه بل حكموا فيهم بكمهم ف السلمي الظالي العتدين كما ذكرت‬
‫الثار عنهم بذلك ف غي هذا الوضع‪ .‬وكذلك سائر الثنتي والسبعي فرقة من كان منهم منافقا فهو كافر ف‬
‫الباطن ومن ل يكن منافقا بل كان مؤمنا بال ورسوله ف الباطن ل يكن كافرا ف الباطن وإن أخطأ ف التأويل‬
‫كائنا ما كان خطؤه ; وقد يكون ف بعضهم شعبة من شعب النفاق ول يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه‬
‫ف الدرك السفل من النار‪ .‬ومن قال‪ :‬إن الثنتي والسبعي فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن اللة فقد‬
‫خالف الكتاب والسنة وإجاع الصحابة رضوان ال عليهم أجعي بل وإجاع الئمة الربعة وغي الربعة فليس‬
‫فيهم من كفر كل واحد من الثنتي وسبعي فرقة وإنا يكفر بعضهم بعضا ببعض القالت كما قد بسط الكلم‬
‫عليهم ف غي هذا الوضع‪ .‬وإنا قال الئمة بكفر هذا لن هذا فرض ما ل يقع فيمتنع أن يكون الرجل ل يفعل‬
‫شيئا ما أمر به من الصلة والزكاة والصيام والج ويفعل ما يقدر عليه من الحرمات مثل الصلة بل وضوء‬
‫وإل غ ي القبلة ونكاح المهات و هو مع ذلك مؤ من ف البا طن ; بل ل يف عل ذلك إل لعدم اليان الذي ف‬
‫قل به ولذا كان أ صحاب أ ب حني فة يكفرون أنوا عا م ن يقول كذا وكذا ; ل ا ف يه من ال ستخفاف ويعلو نه‬
‫مرتدا ببعض هذه النواع مع الناع اللفظي الذي بي أصحابه وبي المهور ف العمل‪ :‬هل هو داخل ف اسم‬
‫اليان أم ل ؟ ولذا فرض متأخرو الفقهاء م سألة يت نع وقوع ها و هو أن الر جل إذا كان مقرا بوجوب ال صلة‬
‫فدعي إليها وامتنع واستتيب ثلثا مع تديده بالقتل فلم يصل حت قتل هل يوت كافرا أو فاسقا ؟ على قولي‪:‬‬
‫وهذا الفرض با طل فإ نه يت نع ف الفطرة أن يكون الر جل يعت قد أن ال فرض ها عل يه وأ نه يعاق به على ترك ها‬
‫ويصب على القتل ول يسجد ل سجدة من غي عذر له ف ذلك هذا ل يفعله بشر قط بل ول يضرب أحد من‬
‫ي قر بوجوب ال صلة إل صلى ل ينت هي ال مر به إل الق تل و سبب ذلك أن الق تل ضرر عظ يم ل ي صب عل يه‬
‫النسان إل لمر عظيم مثل لزومه لدين يعتقد أنه إن فارقه هلك فيصب عليه حت يقتل وسواء كان الدين حقا‬
‫أو باطل أما مع اعتقاده أن الفعل يب عليه باطنا وظاهرا فل يكون فعل الصلة أصعب عليه من احتمال القتل‬
‫قط‪ .‬ونظي هذا لو قيل‪ :‬إن رجل من أهل السنة قيل له‪ :‬ترض عن أب بكر وعمر فامتنع عن ذلك حت قتل مع‬
‫مبته لما واعتقاده فضلهما ومع عدم العذار الانعة من الترضي عنهما فهذا ل يقع قط‪ .‬وكذلك لو قيل‪ :‬إن‬
‫رجل يش هد أن ممدا ر سول ال باط نا وظاهرا و قد طلب م نه ذلك ول يس هناك ره بة ول رغ بة يت نع لجل ها‬
‫فامتنع منها حت قتل فهذا يتنع أن يكون ف الباطن يشهد أن ممدا رسول ال ; ولذا كان القول الظاهر من‬
‫اليان الذي ل ناة للع بد إل به ع ند عا مة ال سلف واللف من الول ي والخر ين إل الهم ية ‪ -‬جه ما و من‬
‫وافقه ‪ -‬فإنه إذا قدر أنه معذور لكونه أخرس أو لكونه خائفا من قوم إن أظهر السلم آذوه ونو ذلك فهذا‬
‫ي كن أن ل يتكلم مع إيان ف قل به كالكره على كل مة الك فر‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬إل من أكره وقل به مطمئن‬
‫باليان ول كن من شرح بالك فر صدرا فعلي هم غ ضب من ال ول م عذاب عظ يم} وهذه ال ية م ا يدل على‬
‫فساد قول جهم ومن اتبعه فإنه جعل كل من تكلم بالكفر من أهل وعيد الكفار إل من أكره وقلبه مطمئن‬
‫باليان‪ .‬فإن قيل‪ :‬فقد قال تعال‪{ :‬ولكن من شرح بالكفر صدرا} قيل‪ :‬وهذا موافق لولا فإنه من كفر من‬
‫غ ي إكراه ف قد شرح بالك فر صدرا وإل نا قض أول ال ية آخر ها ولو كان الراد ب ن ك فر هو الشارح صدره‬
‫وذلك يكون بل إكراه ل ي ستثن الكره ف قط بل كان ي ب أن ي ستثن الكره وغ ي الكره إذا ل يشرح صدره‬
‫وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعا فقد شرح با صدرا وهي كفر وقد دل على ذلك قوله تعال‪{ :‬يذر النافقون‬
‫أن تنل عليهم سورة تنبئهم با ف قلوبم قل استهزئوا إن ال مرج ما تذرون} {ولئن سألتهم ليقولن إنا كنا‬
‫نوض ونل عب قل أبال وآيا ته ور سوله كن تم ت ستهزئون} {ل تعتذروا قد كفر ت ب عد إيان كم إن ن عف عن‬
‫طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي}‪ .‬فقد أخب أنم كفروا بعد إيانم مع قولم‪ :‬إنا تكلمنا بالكفر‬
‫من غي اعتقاد له بل كنا نوض ونلعب وبي أن الستهزاء بآيات ال كفر ول يكون هذا إل من شرح صدره‬
‫بذا الكلم ولو كان اليان فه قلبهه منعهه أن يتكلم بذا الكلم‪ .‬والقرآن يهبي أن إيان القلب يسهتلزم العمهل‬
‫الظاهر بسبه كقوله تعال‪{ .‬ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك‬
‫بالؤمني} {وإذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون} {وإن يكن لمالق يأتوا إليه‬
‫مذعن ي} إل قوله‪{ :‬إن ا كان قول الؤمن ي إذا دعوا إل ال ور سوله ليح كم بين هم أن يقولوا سعنا وأطع نا‬
‫وأولئك هم الفلحون} فنفى اليان عمن تول عن طاعة الرسول وأخب أن الؤمني إذا دعوا إل ال ورسوله‬
‫ليحكم بينهم سعوا وأطاعوا ; فبي أن هذا من لوازم اليان‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)222‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فإذا كان اليان الطلق يتناول جيع ما أمر ال به ورسوله فمت ذهب بعض ذلك بطل اليان فيلزم‬
‫تكف ي أ هل الذنوب ك ما تقوله الوارج أو تليد هم ف النار و سلبهم ا سم اليان بالكل ية ك ما تقوله العتزلة‬
‫وكل هذين القولي شر من قول الرجئة فإن الرجئة منهم جاعة من العلماء والعباد الذكورين عند المة بي‬
‫وأما الوارج والعتزلة فأهل السنة والماعة من جيع الطوائف مطبقون على ذمهم‪ .‬قيل‪ :‬أول ينبغي أن يعرف‬
‫أن القول الذي ل يوافق الوارج والعتزلة عليه أحد من أهل السنة هو القول بتخليد أهل الكبائر ف النار ; فإن‬
‫هذا القول من البدع الشهورة و قد ات فق ال صحابة والتابعون ل م بإح سان ; و سائر أئ مة ال سلمي على أ نه ل‬
‫يلد ف النار أحد من ف قلبه مثقال ذرة من إيان واتفقوا أيضا على أن نبينا صلى ال عليه وسلم يشفع فيمن‬
‫يأذن ال له بالشفا عة ف يه من أ هل الكبائر من أم ته‪ .‬ف في " ال صحيحي " ع نه أ نه قال‪{ " :‬ل كل نب دعوة‬
‫مستجابة وإن اختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة} " وهذه الحاديث مذكورة ف مواضعها‪ .‬وقد نقل‬
‫بعهض الناس عهن الصهحابة فه ذلك خلفها كمها روي عهن ابهن عباس أن القاتهل ل توبهة له وهذا غلط على‬
‫الصحابة ; فإنه ل يقل أحد منهم أن النب صلى ال عليه وسلم ل يشفع لهل الكبائر ول قال‪ :‬إنم يلدون ف‬
‫النار ول كن ا بن عباس ف إحدى الروايت ي ع نه قال‪ :‬إن القا تل ل تو بة له و عن أح د بن حن بل ف قبول تو بة‬
‫القاتل روايتان أيضا والناع ف التوبة غي الناع ف التخليد وذلك أن القتل يتعلق به حق آدمي فلهذا حصل فيه‬
‫الناع‪ ..‬وأما قول القائل‪ :‬إن اليان إذا ذهب بعضه ذهب كله فهذا منوع وهذا هو الصل الذي تفرعت عنه‬
‫البدع ف اليان فإنم ظنوا أنه مت ذهب بعضه ذهب كله ل يبق منه شيء‪ .‬ث قالت " الوارج والعتزلة "‪ :‬هو‬
‫مموع ما أمر ال به ورسوله وهو اليان الطلق كما قاله أهل الديث ; قالوا‪ :‬فإذا ذهب شيء منه ل يبق مع‬
‫صهاحبه مهن اليان شيهء فيخلد فه النار وقالت " الرجئة " على اختلف فرقههم‪ :‬ل تذههب الكبائر وترك‬
‫الواجبات الظاهرة شيئا من اليان إذ لو ذهب شيء منه ل ي بق م نه شيء فيكون شيئا واحدا ي ستوي فيه الب‬
‫والفاجر ونصوص الرسول وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه ; كقوله‪{ " :‬يرج من النار من كان‬
‫ف قلبه مثقال ذرة من إيان} "‪ .‬ولذا كان " أهل السنة والديث " على أنه يتفاضل وجهورهم يقولون‪ :‬يزيد‬
‫وينقص ومنهم من يقول‪ :‬يزيد ول يقول‪ :‬ينقص كما روي عن مالك ف إحدى الروايتي ومنهم من يقول‪:‬‬
‫يتفا ضل كع بد ال بن البارك و قد ث بت ل فظ الزيادة والنق صان م نه عن ال صحابة ول يعرف ف يه مالف من‬
‫الصحابة ; فروى الناس من وجوه كثية مشهورة‪ :‬عن حاد بن سلمة عن أب جعفر عن جده عمي بن حبيب‬
‫الطمي ; وهو من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬اليان يزيد وينقص ; قيل له‪ :‬وما زيادته‬
‫و ما نق صانه ؟ قال‪ :‬إذا ذكر نا ال وحدناه و سبحناه فتلك زياد ته ; وإذا غفل نا ون سينا فتلك نق صانه‪ .‬وروى‬
‫إساعيل بن عياش عن جرير بن عثمان عن الارث بن ممد عن أب الدرداء قال‪ :‬اليان يزيد وينقص‪ .‬وقال‬
‫أحد بن حنبل‪ :‬حدثنا يزيد حدثنا جرير بن عثمان قال‪ :‬سعت أشياخنا أو بعض أشياخنا أن أبا الدرداء قال‪:‬‬
‫إن من فقه العبد أن يتعاهد إيانه وما نقص معه ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد اليان أم ينقص ؟ وإن من فقه‬
‫الرجل أن يعلم نزغات الشيطان أن تأتيه‪ .‬وروى إساعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد ال بن ربيعة‬
‫الضرمي عن أب هريرة قال‪ :‬اليان يزيد وينقص‪ .‬وقال أحد بن حنبل‪ :‬حدثنا يزيد بن هارون حدثنا ممد‬
‫بن طلحة عن زبيد عن ذر قال كان عمر بن الطاب يقول لصحابه‪ :‬هلموا نزدد إيانا فيذكرون ال عز وجل‬
‫وقال أ بو عب يد ف " الغر يب " ف حد يث علي‪ :‬إن اليان يبدو ل ظة ف القلب وكل ما ازداد اليان ازدادت‬
‫اللم ظة يروى ذلك عن عثمان بن ع بد ال عن عمرو بن ه ند الملي عن علي قال ال صمعي اللم ظة‪ :‬م ثل‬
‫النكتة أو نوها‪ .‬وقال أحد بن حنبل‪ :‬حدثنا وكيع عن شريك عن هلل عن عبد ال بن عكيم قال‪ :‬سعت‬
‫ا بن م سعود يقول ف دعائه‪ :‬الل هم زد نا إيا نا ويقي نا وفق ها‪ .‬وروى سفيان الثوري عن جا مع بن شداد عن‬
‫ال سود بن هلل قال‪ :‬كان معاذ بن ج بل يقول لر جل‪ :‬اجلس ب نا نؤ من نذ كر ال تعال وروى أ بو اليمان‪:‬‬
‫حدثنا صفوان عن شريح بن عبيد أن عبد ال بن رواحة كان يأخذ بيد الرجل من أصحابه فيقول‪ :‬قم بنا نؤمن‬
‫ساعة فنحن ف ملس ذكر‪ .‬وهذه الزيادة أثبتها الصحابة بعد موت النب صلى ال عليه وسلم ونزول القرآن‬
‫كله‪ .‬وصح عن عمار بن ياسر أنه قال‪ :‬ثلث من كن فيه فقد استكمل اليان النصاف من نفسه والنفاق‬
‫من القتار ; وبذل السلم للعال ذكره البخاري ف " صحيحه " وقال جندب بن عبد ال وابن عمر وغيها‪:‬‬
‫تعلمنا اليان ث تعلمنا القرآن فازددنا إيانا والثار ف هذا كثية رواها الصنفون ف هذا الباب عن الصحابة‬
‫والتابعيه فه كتهب كثية معروفهة‪ .‬قال مالك بهن دينار‪ :‬اليان يبدو فه القلب ضعيفها ضئيل كالبقلة ; فإن‬
‫صاحبه تعاهده فسقاه بالعلوم النافعة والعمال الصالة وأماط عنه الدغل وما يضعفه ويوهنه أوشك أن ينمو‬
‫أو يزداد وي صي له أ صل وفروع وثرة و ظل إل ما ل يتنا هى ح ت ي صي أمثال البال‪ .‬وإن صاحبه أهله ول‬
‫يتعاهده جاءه عن فنتفتها أو صب فذهب با وأكثر عليها الدغل فأضعفها أو أهلكها أو أيبسها كذلك اليان‬
‫وقال خيثمة بن عبد الرحن‪ :‬اليان يسمن ف الصب ويهزل ف الدب فخصبه العمل الصال وجدبه الذنوب‬
‫والعا صي‪ .‬وق يل لب عض ال سلف‪ :‬يزداد اليان وين قص ؟ قال ن عم يزداد ح ت ي صي أمثال البال وين قص ح ت‬
‫يصي أمثال الباء‪ .‬وف حديث حذيفة الصحيح‪{ " :‬حت يقال للرجل‪ :‬ما أجلده ما أظرفه ما أعقله ; وما ف‬
‫قل به مثقال ح بة من خردل من إيان} " و ف حدي ثه ال خر ال صحيح " {تعرض الف ت على القلوب كال صي‬
‫عودا عودا فأي قلب أشربا نكتت فيه نكتة سوداء ; وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حت تصي على‬
‫قلب ي‪ :‬أب يض م ثل ال صفا فل تضره فت نة ما دا مت ال سموات والرض وال خر أ سود‪ :‬مربادا كالكوز مخ يا ل‬
‫يعرف معرو فا ول ين كر منكرا إل ما أشرب هواه} " ; و ف حد يث ال سبعي أل فا الذ ين يدخلون ال نة بغ ي‬
‫ح ساب كفا ية فإ نه من أع ظم الدلة على زيادة اليان ونق صانه ل نه و صفهم بقوة اليان وزياد ته ف تلك‬
‫الصال الت تدل على قوة إيانم ; وتوكلهم على ال ف أمورهم كلها‪ .‬وروى أبو نعيم من طريق الليث بن‬
‫سعد عن يزيد بن عبد ال اليزن {عن أب رافع أنه سع رجل حدثه أنه سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عن اليان فقال‪ :‬أتب أن أخبك بصريح اليان ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬إذا أسأت أو ظلمت أحدا عبدك أو أمتك‬
‫أو أحدا من الناس حزنت وساءك ذلك‪ .‬وإذا تصدقت أو أحسنت استبشرت وسرك ذلك} ورواه بعضهم عن‬
‫يزيد عمن سع النب صلى ال عليه وسلم أنه سأله عن زيادة اليان ف القلب ونقصانه فذكر نوه وقال البزار‪:‬‬
‫حدثنا ممد بن أب السن البصري ثنا هانئ بن التوكل ثنا عبد ال بن سليمان عن إسحاق عن أنس مرفوعا‪:‬‬
‫{ثلث من كن فيه استوجب الثواب واستكمل اليان خلق يعيش به ف الناس وورع يجزه عن معصية ال‬
‫وحلم يرد به جهل الاهل} "‪ .‬و " {أربع من الشقاء‪ :‬جود العي وقساوة القلب وطول المل والرص على‬
‫الدن يا} "‪ .‬فال صال الول تدل على زيادة اليان وقو ته والرب عة ال خر تدل على ضع فه ونق صانه‪ .‬وقال أ بو‬
‫يعلى الوصلي‪ :‬ثنا عبد ال القواريري ويي بن سعيد قال‪ :‬ثنا يزيد بن زريع ويي بن سعيد قال‪ :‬حدثنا عوف‬
‫حدثن عقبة بن عبد ال الزن {قال يزيد ف حديثه ف مسجد البصرة‪ :‬حدثن رجل قد ساه ونسي عوف اسه‬
‫قال‪ :‬كنت بالدينة ف م سجد فيه عمر بن الطاب‪ .‬فقال لبعض جلسائه‪ :‬كيف سعتم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول ف السلم ؟ فقال‪ :‬سعته يقول‪ :‬السلم بدأ جذعا ; ث ثنيا ; ث رباعيا ; ث سداسيا ; ث‬
‫بازل‪ .‬فقال ع مر‪ :‬ف ما ب عد البزول إل النق صان} كذا ذكره أ بو يعلى ف " م سند ع مر " و ف " م سند " هذا‬
‫الصحاب البهم ذكره أول‪ :‬قال أبو سليمان‪ :‬من أحسن ف ليله كوفئ ف ناره ومن أحسن ف ناره كوفئ ف‬
‫ليله ]‪ .‬والزيادة قهد نطهق باه القرآن فه عدة آيات ; كقوله تعال‪{ :‬إناه الؤمنون الذيهن إذا ذكهر ال وجلت‬
‫قلوب م وإذا تل يت علي هم آيا ته زادت م إيا نا} وهذه زيادة إذا تل يت علي هم اليات أي و قت تل يت ل يس هو‬
‫تصديقهم با عند النول وهذا أمر يده الؤمن إذا تليت عليه اليات زاد ف قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من‬
‫علم اليان ما ل يكن ; حت كأنه ل يسمع الية إل حينئذ ويصل ف قلبه من الرغبة ف الي والرهبة من الشر‬
‫ما ل يكن ; فزاد علمه بال ومبته لطاعته وهذه زيادة اليان وقال تعال‪{ :‬الذين قال لم الناس إن الناس قد‬
‫جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل} فهذه الزيادة عند تويفهم بالعدو ل تكن‬
‫ع ند آ ية نزلت فازدادوا يقي نا وتوكل على ال وثبا تا على الهاد وتوحيدا بأن ل يافوا الخلوق ; بل يافون‬
‫الالق وحده وقال تعال‪{ :‬وإذا مها أنزلت سهورة فمنههم مهن يقول أيكهم زادتهه هذه إيانها فأمها الذيهن آمنوا‬
‫فزادتم إيانا وهم يستبشرون} {وأما الذين ف قلوبم مرض فزادتم رجسا إل رجسهم}‪ .‬وهذه " الزيادة "‬
‫ليست مرد التصديق بأن ال أنزلا بل زادتم إيانا بسب مقتضاها ; فإن كانت أمرا بالهاد أو غيه ازدادوا‬
‫ه عهن شيهء انتهوا عنهه فكرهوه ولذا قال‪{ :‬وههم يسهتبشرون} والسهتبشار غيه مرد‬ ‫رغبهة وإن كانهت ني ا‬
‫التصديق وقال تعال‪{ :‬والذين آتيناهم الكتاب يفرحون با أنزل إليك ومن الحزاب من ينكر بعضه} والفرح‬
‫بذلك مهن زيادة اليان قال تعال‪{ :‬قهل بفضهل ال وبرحتهه فبذلك فليفرحوا}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ويومئذ يفرح‬
‫الؤمنون} {بن صر ال} وقال تعال‪{ :‬و ما جعل نا أ صحاب النار إل ملئ كة و ما جعل نا عدت م إل فت نة للذ ين‬
‫كفروا ليسهتيقن الذيهن أوتوا الكتاب ويزداد الذيهن آمنوا إيانها}‪ .‬وقال‪{ :‬ههو الذي أنزل السهكينة فه قلوب‬
‫الؤمن ي ليزدادوا إيا نا مع إيان م} وهذه نزلت ل ا ر جع ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه من الديب ية ;‬
‫فج عل ال سكينة موج بة لزيادة اليان‪ .‬وال سكينة طمأني نة ف القلب غ ي علم القلب وت صديقه ولذا قال يوم‬
‫حني‪{ :‬ث أنزل ال سكينته على رسوله وعلى الؤمني وأنزل جنودا ل تروها} وقال تعال‪{ :‬ثان اثني إذ ها‬
‫ف الغار إذ يقول لصاحبه ل تزن إن ال معنا فأنزل ال سكينته عليه وأيده بنود ل تروها} ول يكن قد نزل‬
‫يوم حن ي قرآن ول يوم الغار ; وإن ا أنزل سكينته وطمأنين ته من خوف العدو فل ما أنزل ال سكينة ف قلوب م‬
‫مرجع هم من الديب ية ليزدادوا إيا نا مع إيان م دل على أن اليان الز يد حال للقلب و صفة له وع مل م ثل‬
‫طمأنينته وسكونه ويقينه واليقي قد يكون بالعمل والطمأنينة كما يكون بالعلم والريب الناف لليقي يكون ريبا‬
‫ف العلم وريبا ف طمأنينة القلب ولذا جاء ف الدعاء الأثور‪{ " :‬اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تول به بيننا‬
‫وبي معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقي ما تون به علينا مصائب الدنيا} "‪ .‬وف حديث‬
‫الصديق الذي رواه أحد والترمذي وغيها عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ " :‬سلوا ال العافية واليقي‬
‫; فما أعطي أحد بعد اليقي شيئا خيا من العافية ; فسلوها ال تعال} " ; فاليقي عند الصائب بعد العلم بأن‬
‫ال قدرهها سهكينة القلب وطمأنينتهه وتسهليمه وهذا مهن تام اليان بالقدر خيه وشره كمها قال تعال‪{ :‬مها‬
‫أ صاب من م صيبة إل بإذن ال و من يؤ من بال ي هد قل به} قال علق مة‪ :‬ويروى عن ا بن م سعود‪ :‬هو الر جل‬
‫تصيبه الصيبة فيعلم أنا من عند ال فيضى ويسلم وقوله تعال‪{ :‬يهد قلبه} هداه لقلبه هو زيادة ف إيانه ;‬
‫كما قال تعال‪{ :‬والذين اهتدوا زادهم هدى} وقال‪{ :‬إنم فتية آمنوا بربم وزدناهم هدى}‪ .‬ولفظ " اليان‬
‫" أكثر ما يذكر ف القرآن مقيدا ; فل يكون ذلك اللفظ متناول لميع ما أمر ال به ; بل يعل موجبا للوازمه‬
‫وتام ما أمر به وحينئذ يتناوله السم الطلق قال تعال‪{ :‬آمنوا بال ورسوله وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه‬
‫فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لم أ جر كبي} {وما لكم ل تؤمنون بال والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد‬
‫أ خذ ميثاق كم إن كن تم مؤمن ي} { هو الذي ينل على عبده آيات بينات ليخرج كم من الظلمات إل النور}‬
‫وقال تعال ف آخر السورة‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وآمنوا برسوله يؤتكم كفلي من رحته ويعل لكم‬
‫نورا تشون به ويغفر لكم وال غفور رحيم}‪ .‬وقد قال بعض الفسرين ف الية الول‪ :‬إنا خطاب لقريش ;‬
‫وف الثانية إنا خطاب لليهود والنصارى وليس كذلك ; فإن ال ل يقل قط للكفار‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا} ث‬
‫قال ب عد ذلك‪{ :‬لئل يعلم أ هل الكتاب أل يقدرون على ش يء من ف ضل ال} وهذه ال سورة مدن ية باتفاق ل‬
‫ياطب با الشركي بكة ; وقد قال‪{ :‬وما لكم ل تؤمنون بال والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ‬
‫ميثاق كم إن كن تم مؤمن ي} وهذا ل يا طب به كا فر ; وكفار م كة ل ي كن أ خذ ميثاق هم وإن ا أ خذ ميثاق‬
‫الؤمني ببيعتهم له ; فإن كل من كان مسلما مهاجرا كان يبايع النب صلى ال عليه وسلم كما بايعه النصار‬
‫ليلة العقبة وإنا دعاهم إل تقيق اليان وتكميله بأداء ما يب من تامه باطنا وظاهرا كما نسأل ال أن يهدينا‬
‫ال صراط ال ستقيم ف كل صلة ; وإن كان قد هدى الؤمن ي للقرار ب ا جاء به الر سول جلة ل كن الدا ية‬
‫الفصلة ف جيع ما يقولونه ويفعلونه ف جيع أمورهم ل تصل وجيع هذه الداية الاصة الفصلة هي من‬
‫اليان الأمور به‪ .‬وبذلك يرجهم ال من الظلمات إل النور‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)232‬‬
‫وزيادة اليان الذي أمر ال به والذي يكون من عباده الؤمني يعرف من وجوه‪( :‬أحدها)‪ :‬الجال والتفصيل‬
‫في ما أمروا به فإ نه وإن و جب على ج يع اللق اليان بال ور سوله وو جب على كل أ مة التزام ما يأ مر به‬
‫رسولم ممل فمعلوم أنه ل يب ف أول المر ما وجب بعد نزول القرآن كله ول يب على كل عبد من‬
‫اليان الفصل م ا أخب به الر سول ما يب على من بلغه غيه ف من عرف القرآن وال سنن ومعانيها لز مه من‬
‫اليان الفصهل بذلك مها ل يلزم غيه ولو آمهن الرجهل بال وبالرسهول باطنها وظاهرا ثه مات قبهل أن يعرف‬
‫شرائع الدين مات مؤمنا با وجب عليه من اليان وليس ما وجب عليه ول ما وقع عنه مثل إيان من عرف‬
‫الشرائع فآمن با وعمل با ; بل إيان هذا أكمل وجوبا ووقوعا فإن ما وجب عليه من اليان أكمل وما وقع‬
‫منه أكمل‪ .‬وقوله تعال‪{ :‬اليوم أكملت لكم دينكم} أي ف التشريع بالمر والنهي ليس الراد أن كل واحد‬
‫من المة وجب عليه ما يب على سائر المة وأنه فعل ذلك ; بل ف " الصحيحي " {عن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه وصف النساء بأنن ناقصات عقل ودين} وجعل نقصان عقلها أن شهادة امرأتي شهادة رجل واحد‬
‫ونقصان دينها أنا إذا حاضت ل تصوم ول تصلي وهذا النقصان ليس هو نقص ما أمرت به ; فل تعاقب على‬
‫هذا النق صان ل كن من أ مر بال صلة وال صوم ففعله كان دي نه كامل بالن سبة إل هذه الناق صة الد ين‪( .‬الو جه‬
‫الثان)‪ :‬الجال والتفصيل فيما وقع منهم فمن آمن با جاء به الرسول مطلقا فلم يكذبه قط لكن أعرض عن‬
‫معرفة أمره ونيه وخبه وطلب العلم الواجب عليه ; فلم يعلم الواجب عل يه ول يعمله ; بل اتبع هواه وآخر‬
‫طلب علم ما أمر به فعمل به وآخر طلب علمه فعلمه وآمن به ول يعمل به وإن اشتركوا ف الوجوب لكن من‬
‫طلب علم التفصيل وعمل به فإيانه أكمل به ; فهؤلء من عرف ما يب عليه والتزمه وأقر به لكنه ل يعمل‬
‫بذلك كله وهذا القر با جاء به الرسول العترف بذنبه الائف من عقوبة ربه على ترك العمل أكمل إيانا من‬
‫ل يطلب معرفة ما أمر به الرسول ول عمل بذلك ; ول هو خائف أن يعاقب ; بل هو ف غفلة عن تفصيل ما‬
‫جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم مع أنه مقر بنبوته باطنا وظاهرا‪ .‬فكلما علم القلب ما أخب به الرسول‬
‫ف صدقه و ما أ مر به فالتز مه ; كان ذلك زيادة ف إيا نه على من ل ي صل له ذلك ; وإن كان م عه التزام عام‬
‫وإقرار عام‪ .‬وكذلك من عرف أ ساء ال ومعاني ها فآ من ب ا ; كان إيانه أك مل م ن ل يعرف تلك ال ساء بل‬
‫آ من ب ا إيا نا ممل أو عرف بعض ها ; وكل ما ازداد الن سان معر فة بأ ساء ال و صفاته وآيا ته كان إيا نه به‬
‫أكمل‪( .‬الثالث)‪ :‬أن العلم والتصديق نفسه يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت وأبعد عن الشك والريب وهذا‬
‫أمر يشهده كل أحد من نفسه ; كما أن الس الظاهر بالشيء الواحد مثل رؤية الناس للهلل وإن اشتركوا‬
‫فيها فبعضهم تكون رؤيته أت من بعض ; وكذلك ساع الصوت الواحد وشم الرائحة الواحدة وذوق النوع‬
‫الواحد من الطعام فكذلك معرفة القلب وتصديقه يتفاضل أعظم من ذلك من وجوه متعددة والعان الت يؤمن‬
‫با من معان أساء الرب وكلمه يتفاضل الناس ف معرفتها أعظم من تفاضلهم ف معرفة غيها‪( .‬الرابع) أن‬
‫التصديق الستلزم لعمل القلب أكمل من التصديق الذي ل يستلزم عمله ; فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل‬
‫من العلم الذي ل يع مل به وإذا كان شخ صان يعلمان أن ال حق ور سوله حق وال نة حق والنار حق وهذا‬
‫علمه أوجب له مبة ال وخشيته والرغبة ف النة والرب من النار والخر علمه ل يوجب ذلك ; فعلم الول‬
‫أك مل ; فإن قوة ال سبب دل على قوة ال سبب وهذه المور نشأت عن العلم فالعلم بالحبوب ي ستلزم طل به ;‬
‫والعلم بالخوف ي ستلزم الرب م نه ; فإذا ل ي صل اللزم دل على ض عف اللزوم ; ولذا قال ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪{ " :‬ليس الب كالعاين} " فإن موسى لا أخبه ربه أن قومه عبدوا العجل ل يلق اللواح‪ .‬فلما‬
‫رآ هم قد عبدوه ألقا ها ; ول يس ذلك ل شك مو سى ف خب ال ل كن ال خب وإن جزم ب صدق ال خب ف قد ل‬
‫يتصور الخب به ف نفسه كما يتصوره إذا عاينه ; بل يكون قلبه مشغول عن تصور الخب به وإن كان مصدقا‬
‫به‪ .‬ومعلوم أنه عند العاينة يصل له من تصور الخب به ما ل يكن عند الخب فهذا التصديق أكمل من ذلك‬
‫التصديق‪( .‬الامس)‪ :‬أن أعمال القلوب مثل مبة ال ورسوله وخشية ال تعال ورجائه ونو ذلك هي كلها‬
‫مهن اليان كمها دل على ذلك الكتاب والسهنة واتفاق السهلف ; وهذه يتفاضهل الناس فيهها تفاضل عظيمها‪.‬‬
‫(السادس)‪ :‬أن العمال الظاهرة مع الباطنة هي أيضا من اليان والناس يتفاضلون فيها‪( .‬السابع) ذكر النسان‬
‫بقلبه ما أمره ال به واستحضاره لذلك بيث ل يكون غافل عنه ; أكمل من صدق به وغفل عنه ; فإن الغفلة‬
‫تضاد كمال العلم ; والت صديق والذ كر وال ستحضار يك مل العلم واليق ي ; ولذا قال عم ي بن حبيب من‬
‫الصحابة إذا ذكرنا ال وحدناه وسبحناه فتلك زيادته ; وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه وهو كذلك ;‬
‫وكان معاذ بن جبل يقول لصحابه‪ :‬اجلسوا بنا ساعة نؤمن قال تعال {ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا‬
‫واتبع هواه} وقال تعال‪{ :‬وذ كر فإن الذكرى تنفع الؤمن ي} وقال تعال‪{ :‬سيذكر من يشى} {ويتجنبها‬
‫الشقى} ث كلما تذكر النسان ما عرفه قبل ذلك ; وعمل به حصل له معرفة شيء آخر ل يكن عرفه قبل‬
‫ذلك وعرف من معان أساء ال وآياته ما ل يكن عرفه قبل ذلك كما ف الثر " {من عمل با علم ورثه ال‬
‫علم ما ل يعلم} " وهذا أ مر يده ف نف سه كل مؤ من‪ .‬و ف " ال صحيح " عن ال نب صلى ال عليه و سلم‪" :‬‬
‫{مثل الذي يذكر ربه والذي ل يذكر ربه مثل الي واليت} "‪ .‬قال تعال‪{ :‬وإذا تليت عليهم آياته زادتم‬
‫إيا نا} وذلك أن ا تزيد هم علم ما ل يكونوا ق بل ذلك علموه وتزيد هم عمل بذلك العلم وتزيد هم تذكرا ل ا‬
‫كانوا ن سوه وعمل بتلك التذكرة وكذلك ما يشاهده العباد من اليات ف الفاق و ف أنف سهم‪ .‬قال تعال‪:‬‬
‫{سنريهم آياتنا ف الفاق وف أنفسهم حت يتبي لم أنه الق} أي إن القرآن حق ث قال تعال‪{ :‬أول يكف‬
‫بربك أنه على كل شيء شهيد}‪ .‬فإن ال شهيد ف القرآن با أخب به ; فآمن به الؤمن ث أراهم ف الفاق وف‬
‫أنفسهم من اليات ما يدل على مثل ما أخب به ف القرآن فبينت لم هذه اليات أن القرآن حق مع ما كان قد‬
‫ح صل ل م ق بل ذلك‪ .‬وقال تعال‪{ :‬أفلم ينظروا إل ال سماء فوق هم كيف بنيناها وزيناها وما ل ا من فروج}‬
‫{والرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بيج} {تبصرة وذكرى لكل عبد منيب}‬
‫فاليات الخلوقة والتلوة فيها تبصرة وفيها تذكرة‪ :‬تبصرة من العمى وتذكرة من الغفلة ; فيبصر من ل يكن‬
‫عرف حت يعرف ويذكر من عرف ونسي والنسان يقرأ السورة مرات حت سورة الفاتة ويظهر له ف أثناء‬
‫الال من معانيها ما ل يكن خطر له قبل ذلك حت كأنا تلك الساعة نزلت ; فيؤمن بتلك العان ويزداد علمه‬
‫وعمله وهذا موجود ف كل من قرأ القرآن بتدبر بلف من قرأه مع الغفلة عنه ث كلما فعل شيئا ما أمر به‬
‫استحضر أنه أمر به فصدق المر فحصل له ف تلك الساعة من التصديق ف قلبه ما كان غافل عنه وإن ل يكن‬
‫مكذبا منكرا‪( .‬الوجه الثامن)‪ :‬أن النسان قد يكون مكذبا ومنكرا لمور ل يعلم أن الرسول أخب با وأمر با‬
‫ولو علم ذلك ل يكذب ول ين كر‪ .‬بل قل به جازم بأ نه ل ي ب إل ب صدق ول يأ مر إل ب ق ث ي سمع ال ية أو‬
‫الديث أو يتدبر ذلك أو يفسر له معناه أو يظهر له ذلك بوجه من الوجوه فيصدق با كان مكذبا به ويعرف‬
‫ما كان منكرا وهذا تصديق جديد وإيان جديد ازداد به إيانه ول يكن قبل ذلك كافرا بل جاهل ; وهذا وإن‬
‫أشبه الجمل والفصل لكون قلبه سليما عن تكذيب وتصديق لشيء من التفاصيل وعن معرفة وإنكار لشيء‬
‫من ذلك فيأت يه التف صيل ب عد الجال على قلب ساذج ; وأ ما كث ي من الناس بل من أ هل العلوم والعبادات‬
‫فيقوم بقلوبم من التفصيل أمور كثية تالف ما جاء به الرسول وهم ل يعرفون أنا تالف فإذا عرفوا رجعوا‬
‫وكل من ابتدع ف الدين قول أخطأ فيه أو عمل عمل أخطأ فيه وهو مؤمن بالرسول أو عرف ما قاله وآمن به‬
‫ل يعدل عنه ; هو من هذا الباب وكل مبتدع قصده متابعة الرسول فهو من هذا الباب ; فمن علم ما جاء به‬
‫الر سول وع مل به أك مل م ن أخ طأ ذلك ; و من علم ال صواب ب عد ال طأ وع مل به ف هو أك مل م ن ل ي كن‬
‫كذلك‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)238‬‬
‫وقد أثبت ال ف القرآن إسلما بل إيان ف قوله تعال‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا‬
‫ولا يدخل اليان ف قلوبكم وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا}‪ .‬وقد ثبت ف " الصحيحي‬
‫{عن سعد بن أب وقاص قال‪ :‬أعطى النب صلى ال عليه وسلم رهطا وف رواية قسم قسما وترك فيهم من ل‬
‫يعطه وهو أعجبهم إل فقلت‪ :‬يا رسول ال ما لك عن فلن ؟ فوال إن لراه مؤمنا فقال رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ :‬أو م سلما‪ .‬أقول ا ثل ثا ويردد ها علي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ثل ثا ث قال‪ :‬إ ن لع طي‬
‫الر جل وغيه أ حب إل م نه ما فة أن يك به ال على وج هه ف النار} و ف روا ية‪{ :‬فضرب ب ي عن قي وكت في‬
‫وقال‪ :‬أقتال أي سعد}‪ .‬فهذا ال سلم الذي ن فى ال عن أهله دخول اليان ف قلوب م هل هو إ سلم يثابون‬
‫عليه ؟ أم هو من جنس إسلم النافقي ؟ فيه قولن مشهوران للسلف واللف‪ :‬أحدها‪ :‬أنه إسلم يثابون عليه‬
‫ويرجهم من الكفر والنفاق‪ .‬وهذا مروي عن السن وابن سيين وإبراهيم النخعي وأب جعفر الباقر ; وهو‬
‫قول حاد بن ز يد وأح د بن حن بل و سهل بن ع بد ال الت ستري وأ ب طالب ال كي وكث ي من أ هل الد يث‬
‫والسنة والقائق‪ .‬قال أحد بن حنبل‪ :‬حدثنا مؤمل بن إسحاق عن عمار بن زيد قال‪ :‬سعت هشاما يقول‪:‬‬
‫كان السن وممد يقولن‪ :‬مسلم ويهابان‪ :‬مؤمن‪ .‬وقال أحد بن حنبل‪ :‬حدثنا أبو سلمة الزاعي قال‪ :‬قال‬
‫مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبد العزيز بن أب سلمة وحاد بن سلمة وحاد بن زيد‪ " :‬اليان " العرفة‬
‫والقرار والعمل إل أن حاد بن زيد يفرق بي السلم واليان يعل اليان خاصا والسلم عاما‪ .‬و (القول‬
‫الثا ن)‪ :‬أن هذا ال سلم‪ :‬هو ال ستسلم خوف ال سب والق تل م ثل إ سلم النافق ي‪ .‬قالوا‪ :‬وهؤلء كفار فإن‬
‫اليان ل يد خل ف قلوب م و من ل يد خل اليان ف قل به ف هو كا فر‪ .‬وهذا اختيار البخاري وم مد بن ن صر‬
‫الروزي وال سلف متلفون ف ذلك‪ .‬قال م مد بن ن صر‪ :‬حدث نا إ سحاق أنبأ نا جر ير عن مغية قال‪ :‬أت يت‬
‫إبراهيم النخعي فقلت‪ :‬إن رجل خاصمن يقال له‪ :‬سعيد العنبي فقال إبراهيم ليس بالعنبي ولكنه زبيدي‪.‬‬
‫قوله‪{ :‬قالت العراب آمنها قهل ل تؤمنوا ولكهن قولوا أسهلمنا} فقال‪ :‬ههو السهتسلم فقال إبراهيهم‪ :‬ل ههو‬
‫السلم‪ .‬وقال‪ :‬حدثنا ممد بن يي حدثنا ممد بن يوسف حدثنا سفيان عن ماهد‪{ :‬قالت العراب آمنا قل‬
‫ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قال‪ :‬استسلمنا خوف السب والقتل‪ .‬ولكن هذا منقطع سفيان ل يدرك ماهدا‪.‬‬
‫والذ ين قالوا‪ :‬إن هذا ال سلم هو كإ سلم النافق ي ل يثابون عل يه قالوا‪ :‬لن ال ن فى عن هم اليان و من ن في‬
‫ع نه اليان ف هو كا فر‪ .‬وقال هؤلء‪ :‬ال سلم هو اليان و كل م سلم مؤ من‪ .‬و كل مؤ من م سلم و من ج عل‬
‫الف ساق م سلمي غ ي مؤمن ي لز مه أن ل يعل هم داخل ي ف قوله تعال‪ { :‬يا أي ها الذ ين آمنوا إذا قم تم إل‬
‫الصلة}‪ :‬وف قوله تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يوم المعة} وأمثال ذلك فإنم إنا دعوا‬
‫با سم اليان ل با سم ال سلم ف من ل ي كن مؤم نا ل يد خل ف ذلك‪ .‬وجواب هذا أن يقال‪ :‬الذ ين قالوا من‬
‫السلف‪ :‬إنم خرجوا من اليان إل السلم ل يقولوا‪ :‬إنه ل يبق معهم من اليان شيء بل هذا قول الوارج‬
‫والعتزلة‪ .‬وأهل السنة الذين قالوا هذا يقولون‪ :‬الفساق يرجون من النار بالشفاعة‪ .‬وإن معهم إيانا يرجون به‬
‫من النار‪ .‬ل كن ل يطلق علي هم ا سم اليان لن اليان الطلق هو الذي ي ستحق صاحبه الثواب ودخول ال نة‬
‫وهؤلء لي سوا من أهله و هم يدخلون ف الطاب باليان لن الطاب بذلك هو ل ن د خل ف اليان وإن ل‬
‫يستكمله فإنه إنا خوطب ليفعل تام اليان فكيف يكون قد أته قبل الطاب وإل كنا قد تبينا أن هذا الأمور‬
‫من اليان ق بل الطاب ; وإن ا صار من اليان ب عد أن أمروا به فالطاب ب ه { يا أي ها الذ ين آمنوا} ; غ ي‬
‫قوله‪{ :‬إنا الؤمنون الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم} ونظائرها فإن الطاب‬
‫به {يا أيها الذين آمنوا} أول‪ :‬يدخل فيه من أظهر اليان وإن كان منافقا ف الباطن يدخل فيه ف الظاهر‬
‫فكيف ل يدخل فيه من ل يكن منافقا وإن ل يكن من الؤمني حقا‪ .‬وحقيقته أن من ل يكن من الؤمني حقا‬
‫يقال فيه‪ :‬إنه مسلم ومعه إيان ينعه اللود ف النار وهذا متفق عليه بي أهل السنة‪ .‬لكن هل يطلق عليه اسم‬
‫اليان ؟ هذا هو الذي تنازعوا فيه فقيل‪ :‬يقال مسلم ول يقال‪ :‬مؤمن‪ .‬وقيل‪ :‬بل يقال‪ :‬مؤمن‪ .‬والتحقيق أن‬
‫يقال‪ :‬إنه مؤمن نا قص اليان مؤمن بإيا نه فاسق بكبيته ول يعطى اسم اليان الطلق ; فإن الكتاب والسنة‬
‫نفيا عنه ال سم الطلق ; واسم اليان يتناوله فيما أمر ال به ورسوله لن ذلك إياب عليه وتري عليه وهو‬
‫لزم له ك ما يلز مه غيه وإن ا الكلم ف ا سم الدح الطلق ; وعلى هذا فالطاب باليان يد خل ف يه " ثلث‬
‫طوائف "‪ :‬يدخل فيه الؤمن حقا ويدخل فيه النافق ف أحكامه الظاهرة وإن كانوا ف الخرة ف الدرك السفل‬
‫من النار ; وهو ف الباطن ينفي عنه السلم واليان وف الظاهر يثبت له السلم واليان الظاهر ; ويدخل فيه‬
‫الذين أسلموا وإن ل تدخل حقيقة اليان ف قلوبم ; لكن معهم جزء من اليان والسلم يثابون عليه‪ .‬ث قد‬
‫يكونون مفرطي فيما فرض عليهم وليس معهم من الكبائر ما يعاقبون عليه كأهل الكبائر لكن يعاقبون على‬
‫ترك الفروضات وهؤلء كالعراب الذكورين ف الية وغيهم ; فإنم قالوا‪ :‬آمنا من غي قيام منهم با أمروا‬
‫به باطنا وظاهرا‪ .‬فل دخلت حقيقة اليان ف قلوبم ول جاهدوا ف سبيل ال وقد كان دعاهم النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم إل الهاد و قد يكونون من أ هل الكبائر العرض ي للوع يد ; كالذ ين ي صلون ويزكون وياهدون‬
‫ويأتون الكبائر ; وهؤلء ل يرجون من السلم ; بل هم مسلمون ولكن بينهم نزاع لفظي‪ :‬هل يقال‪ :‬إنم‬
‫مؤمنون كما سنذكره إن شاء ال ؟‪ .‬وأما " الوارج " ; " والعتزلة " فيخرجونم من اسم اليان والسلم ;‬
‫فإن اليان والسلم عندهم واحد ; فإذا خرجوا عندهم من اليان خرجوا من السلم ; لكن الوارج تقول‪:‬‬
‫ههم كفار ; والعتزلة تقول‪ :‬ل مسهلمون ول كفار ; ينلونمه منلة بيه النلتيه ; والدليهل على أن السهلم‬
‫الذكور ف الية هو إسلم يثابون عليه وأنم ليسوا منافقي أنه قال‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن‬
‫قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف قلوبكم} ث قال‪{ :‬وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} ;‬
‫فدل على أن م إذا أطاعوا ال ور سوله مع هذا ال سلم ; آجر هم ال على الطا عة‪ .‬والنا فق عمله حا بط ف‬
‫الخرة‪ .‬وأيضا فإنه وصفهم بلف صفات النافقي فإن النافقي وصفهم بكفر ف قلوبم وأنم يبطنون خلف‬
‫ما يظهرون ; كما قال تعال‪{ :‬ومن الناس من يقول آمنا بال وباليوم الخر وما هم بؤمني} {يادعون ال‬
‫والذ ين آمنوا و ما يدعون إل أنف سهم و ما يشعرون} { ف قلوب م مرض فزاد هم ال مر ضا} اليات‪ .‬وقال‪:‬‬
‫{إذا جاءك النافقون قالوا نش هد إ نك لر سول ال وال يعلم إ نك لر سوله وال يش هد إن النافق ي لكاذبون}‬
‫فالنافقون يصفهم ف القرآن بالكذب ; وأنم يقولون بأفواههم ما ليس ف قلوبم وبأن ف قلوبم من الكفر ما‬
‫يعاقبون عل يه ; وهؤلء ل ي صفهم بش يء من ذلك ل كن ل ا ادعوا اليان قال للر سول‪ { :‬قل ل تؤمنوا ول كن‬
‫قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف قلوبكم وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا}‪ .‬ونفي اليان‬
‫الطلق ل ي ستلزم أن يكونوا منافق ي ك ما ف قوله‪{ :‬ي سألونك عن النفال قل النفال ل والر سول فاتقوا ال‬
‫وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا ال ورسوله إن كنتم مؤمني} ث قال‪{ :‬إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت‬
‫قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا وعلى ربم يتوكلون} {الذين يقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون}‬
‫{أولئك هم الؤمنون ح قا} ومعلوم أ نه ل يس من ل ي كن كذلك ; يكون مناف قا من أ هل الدرك ال سفل من‬
‫النار بل ل يكون قد أ تى باليان الوا جب فن في ع نه ك ما ين فى سائر ال ساء ع من ترك ب عض ما ي ب عل يه‬
‫فكذلك العراب ل يأتوا باليان الوا جب ; فنفي عنهم لذلك وإن كانوا م سلمي معهم من اليان ما يثابون‬
‫عليه‪ .‬وهذا حال أكثر الداخلي ف السلم ابتداء ; بل حال أكثر من ل يعرف حقائق اليان ; فإن الرجل إذا‬
‫قوتل حت أسلم كما كان الكفار يقاتلون حت يسلموا أو أسلم بعد السر أو سع بالسلم فجاء فأسلم ; فإنه‬
‫مسلم ملتزم طاعة الرسول ول تدخل إل قلبه العرفة بقائق اليان فإن هذا إنا يصل لن تيسرت له أسباب‬
‫ذلك ; إ ما بف هم القرآن وإ ما بباشرة أ هل اليان والقتداء ب ا ي صدر عن هم من القوال والعمال وإ ما بدا ية‬
‫خاصة من ال يهديه با‪ .‬والنسان قد يظهر له من ماسن السلم ما يدعوه إل الدخول فيه وإن كان قد ولد‬
‫عليه وترب بي أهله فإنه يبه فقد ظهر له بعض ماسنه وبعض مساوئ الكفار‪ .‬وكثي من هؤلء قد يرتاب إذا‬
‫سع الش به القاد حة ف يه ول يا هد ف سبيل ال ; فل يس هو داخل ف قوله‪{ :‬إن ا الؤمنون الذ ين آمنوا بال‬
‫ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال} وليس هو منافقا ف الباطن مضمرا للكفر فل‬
‫هو من الؤمني حقا ول هو من النافقي ول هو أيضا من أصحاب الكبائر بل يأت بالطاعات الظاهرة ول يأت‬
‫بقائق اليان الت يكون با من الؤمني حقا ; فهذا معه إيان وليس هو من الؤمني حقا ويثاب على ما فعل‬
‫مهن الطاعات ولذا قال تعال‪{ :‬ولكهن قولوا أسهلمنا} ولذا قال‪{ :‬ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي‬
‫إسلمكم بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} يعن ف قولكم‪{ :‬آمنا}‪ .‬يقول‪ :‬إن كنتم‬
‫صادقي فال ي ن علي كم أن هدا كم لليان ; وهذا يقت ضي أن م قد يكونون صادقي ف قول م‪{ :‬آم نا}‪ .‬ث‬
‫صدقهم إما أن يراد به اتصافهم بأنم {آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال‬
‫أولئك هم ال صادقون} ; وإ ما أن يراد به أن م ل يكونوا كالنافق ي بل مع هم إيان وإن ل ي كن ل م أن يدعوا‬
‫مطلق اليان وهذا أش به وال أعلم لن الن سوة المتحنات قال في هن‪{ :‬فإن علمتمو هن مؤمنات فل ترجعو هن‬
‫إل الكفار} ول يكن نفي الريب عنهن ف الستقبل ولن ال إنا كذب النافقي ول يكذب غيهم ; وهؤلء‬
‫ل يكذبم ولكن قال‪{ :‬ل تؤمنوا} كما قال‪{ :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه} وقوله‪{ :‬ل‬
‫يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} و {ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} وهؤلء ليسوا منافقي‪ .‬وسياق الية‬
‫يدل على أن ال ذمهم لكونم منوا بإسلمهم لهلهم وجفائهم وأظهروا ما ف أنفسهم مع علم ال به ; فإن‬
‫ال تعال قال‪ { :‬قل أتعلمون ال بدين كم وال يعلم ما ف ال سماوات و ما ف الرض} فلو ل ي كن ف قلوب م‬
‫ش يء من الد ين ل يكونوا يعلمون ال بدين هم ; فإن ال سلم الظا هر يعر فه كل أ حد‪ .‬ودخلت الباء ف قوله‪:‬‬
‫{أتعلمون ال بدينكم} لنه ضمن معن يبون ويدثون كأنه قال‪ :‬أتبونه وتدثونه بدينكم وهو يعلم ما ف‬
‫ال سموات و ما ف الرض‪ .‬و سياق ال ية يدل على أن الذي أ خبوا به ال هو ما ذكره ال عن هم من قول م‪:‬‬
‫{آمنا} فإنم أخبوا عما ف قلوبم‪ .‬وقد ذكر الفسرون أنه {لا نزلت هاتان اليتان أتوا رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم يلفون أن م مؤمنون صادقون فنل قوله تعال‪ { :‬قل أتعلمون ال بدين كم}} وهذا يدل على أن م‬
‫كانوا صادقي أول ف دخولم ف الدين لنه ل يتجدد لم بعد نزول الية جهاد حت يدخلوا به ف الية إنا هو‬
‫كلم قالوه وهو سبحانه قال‪{ :‬ولا يدخل اليان ف قلوبكم} ولفظ‪( :‬لا) ينفي به ما يقرب حصوله ويصل‬
‫غال با كقوله‪{ :‬أم ح سبتم أن تدخلوا ال نة ول ا يعلم ال الذ ين جاهدوا من كم} و قد قال ال سدي‪ :‬نزلت هذه‬
‫الية ف أعراب مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار وهم الذين ذكرهم ال ف سورة الفتح وكانوا يقولون‪:‬‬
‫آمنا بال ليأمنوا على أنفسهم فلما استنفروا إل الديبية تلفوا ; فنلت فيهم هذه الية‪ .‬وعن مقاتل‪ :‬كانت‬
‫منازلم بي مكة والدينة وكانوا إذا مرت بم سرية من سرايا رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا‪ :‬آمنا ليأمنوا‬
‫على دمائهم وأموالم فلما سار رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الديبية استنفرهم فلم ينفروا معه‪ .‬وقال‬
‫ما هد‪ :‬نزلت ف أعراب ب ن أسد بن خزية وو صف غيه حالم‪ .‬فقال‪ :‬قدموا الدينة ف سنة مدبة فأظهروا‬
‫السهلم ول يكونوا مؤمنيه وأفسهدوا طرق الدينهة بالعذرات وأغلوا أسهعارهم وكانوا ينون على رسهول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم يقولون‪ :‬أتيناك بالثقال والعيال فنلت في هم هذه ال ية و قد قال قتادة ف قوله‪{ :‬ينون‬
‫عليك أن أسلموا قل ل تنوا علي إسلمكم بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} قال‪ :‬منوا‬
‫على النب صلى ال عليه وسلم حي جاءوا فقالوا‪ :‬إنا أسلمنا بغي قتال ل نقاتلك ك ما قاتلك بنو فلن وبنو‬
‫فلن فقال ال لنهبيه‪{ :‬ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي إسهلمكم بهل ال ينه عليكهم أن هداكهم‬
‫لليان}‪ .‬وقال مقاتل بن حيان‪ :‬هم {أعراب بن أسد بن خزية قالوا‪ :‬يا رسول ال أتيناك بغي قتال وتركنا‬
‫العشائر والموال وكل قبيلة من العرب قاتلتك حت دخلوا كرها ف السلم ; فلنا بذلك عليك حق‪ :‬فأنزل ال‬
‫تعال‪{ :‬ينون عليهك أن أسهلموا قهل ل تنوا علي إسهلمكم بهل ال ينه عليكهم أن هداكهم لليان إن كنتهم‬
‫صادقي}‪ .‬فله بذلك الن عليكم وفيهم أنزل ال‪{ :‬ول تبطلوا أعمالكم} ويقال‪ :‬من الكبائر الت ختمت بنار‬
‫كل موجبة من ركبها ومات عليها ل يتب منها‪ .‬وهذا كله يبي أنم ل يكونوا كفارا ف الباطن ; ول كانوا‬
‫قد دخلوا فيما يب من اليان ; وسورة الجرات قد ذكرت هذه الصناف فقال‪{ :‬إن الذين ينادونك من‬
‫وراء الجرات أكثر هم ل يعقلون} ول ي صفهم بكفهر ول نفاق ; لكهن هؤلء ي شى علي هم الك فر والنفاق‬
‫ولذا ارتد بعضهم لنم ل يالط اليان بشاشة قلوبم وقال بعد ذلك {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق‬
‫بنبإ فتبينوا} الية وهذه الية نزلت ف الوليد بن عقبة وكان قد كذب فيما أخب‪ .‬قال الفسرون‪ :‬نزلت هذه‬
‫الية ف {الوليد بن عقبة بعثه رسول ال صلى ال عليه وسلم إل بن الصطلق ليقبض صدقاتم وقد كانت بينه‬
‫وبين هم عداوة ف الاهل ية ف سار ب عض الطر يق ث ر جع إل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقال‪ :‬إن م منعوا‬
‫ال صدقة وأرادوا قتلي فضرب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم الب عث إلي هم فنلت هذه ال ية}‪ .‬وهذه الق صة‬
‫معروفة من وجوه كثية ث قال تعال ف تامها‪{ :‬واعلموا أن فيكم رسول ال لو يطيعكم ف كثي من المر‬
‫لعنتم} وقال تعال‪{ :‬وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الخرى} الية‪.‬‬
‫ث ناهم عن أن يسخر بعضهم ببعض وعن اللمز والتنابز باللقاب وقال‪{ :‬بئس السم الفسوق بعد اليان}‬
‫وقد قيل‪ :‬معناه‪ :‬ل تسميه فاسقا ول كافرا بعد إيانه وهذا ضعيف بل الراد‪ :‬بئس السم أن تكونوا فساقا بعد‬
‫إيانكم كما قال تعال ف الذي كذب‪{ :‬إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} فسماه فاسقا‪ .‬وف " الصحيحي " عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬سباب السلم فسوق وقتاله كفر} يقول‪ :‬فإذا ساببتم السلم وسخرت منه‬
‫ولزتوه اسهتحققتم أن تسهموا فسهاقا وقهد قال فه آيهة القذف‪{ :‬ول تقبلوا لمه شهادة أبدا وأولئك ههم‬
‫الفاسقون}‪ .‬يقول‪ :‬فإذا أتيتم بذه المور الت تستحقون با أن تسموا فساقا كنتم قد استحققتم اسم الفسوق‬
‫ب عد اليان وإل ف هم ف تنابز هم ما كانوا يقولون‪ :‬فا سق كا فر فإن ال نب صلى ال عل يه و سلم قدم الدي نة‬
‫وبعضهم يلقب بعضا‪ .‬وقد قال طائفة من الفسرين ف هذه الية‪ :‬ل تسميه بعد السلم بدينه قبل السلم‬
‫كقوله لليهودي إذا أسلم‪ :‬يا يهودي ‪ ,‬وهذا مروي عن ابن عباس وطائفة من التابعي كالسن وسعيد بن جبي‬
‫وعطاء الرا سان والقر ظي وقال عكر مة‪ :‬هو قول الر جل‪ :‬يا كا فر يا منا فق وقال ع بد الرح ن بن ز يد‪ :‬هو‬
‫تسمية الرجل بالعمال كقوله‪ :‬يا زان يا سارق يا فاسق وف تفسي العوف عن ابن عباس قال‪ :‬هو تعيي التائب‬
‫بسيئات كان قد عملها ومعلوم أن اسم الكفر واليهودية والزان والسارق وغي ذلك من السيئات ليست هي‬
‫اسم الفاسق فعلم أن قوله‪{ :‬بئس السم الفسوق} ل يرد به تسمية السبوب باسم الفاسق فإن تسميته كافرا‬
‫أعظم بل إن الساب يصي فاسقا لقوله‪{ :‬سباب السلم فسوق وقتاله كفر} ث قال‪{ :‬ومن ل يتب فأولئك هم‬
‫الظالون} فجعلهم ظالي إذا ل يتوبوا من ذلك وإن كانوا يدخلون ف اسم الؤمني ث ذكر النهي عن الغيبة ث‬
‫ذكر النهي عن التفاخر بالحساب وقال‪{ :‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم}‪ .‬ث ذكر قول العراب‪{ :‬آمنا}‪.‬‬
‫فالسورة تنهى عن هذه العاصي والذنوب الت فيها تعد على الرسول وعلى الؤمني فالعراب الذكورون فيها‬
‫من جنس النافقي‪ .‬وأهل السباب والفسوق والنادين من وراء الجرات وأمثالم ليسوا من النافقي ولذا قال‬
‫الف سرون‪ :‬إن م الذ ين ا ستنفروا عام الديب ية وأولئك وإن كانوا من أ هل الكبائر فلم يكونوا ف البا طن كفارا‬
‫منافق ي‪ .‬قال ا بن إ سحاق‪{ :‬ل ا أراد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم العمرة ‪ -‬عمرة الديب ية ‪ -‬ا ستنفر من‬
‫حول الدينة من أهل البوادي والعراب ليخرجوا معه خوفا من قومه أن يعرضوا له برب أو بصد فتثاقل عنه‬
‫كثي منهم} فهم الذين عن ال بقوله‪{ :‬سيقول لك الخلفون من العراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا}‬
‫أي ادع ال أن يغفر لنا تلفنا عنك {يقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم} أي ما يبالون استغفرت لم أم ل‬
‫ت ستغفر ل م وهذا حال الفاسق الذي ل يبال بالذنب والنافقون قال في هم‪{ :‬وإذا قيل لم تعالوا يستغفر لكم‬
‫رسول ال لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبون} {سواء عليهم أأستغفرت لم أم ل تستغفر لم لن‬
‫يغفر ال لم} ول يقل مثل هذا ف هؤلء العراب بل الية دليل على أنم لو صدقوا ف طلب الستغفار نفعهم‬
‫استغفار الرسول لم ث قال‪{ :‬ستدعون إل قوم أول بأس شديد تقاتلونم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم ال‬
‫أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} فوعدهم ال بالثواب على طاعة الداعي إل‬
‫الهاد وتوعدهم بالتول عن طاعته‪ .‬وهذا كخطاب أمثالم من أهل الذنوب والكبائر ; بلف من هو كافر ف‬
‫الباطن فإنه ل يستحق الثواب بجرد طاعة المر حت يؤمن أول ووعيده ليس على مرد توليه عن الطاعة ف‬
‫الهاد فإن كفره أعظهم مهن هذا‪ .‬فهذا كله يدل على أن هؤلء مهن فسهاق اللة فإن الفسهق يكون تارة بترك‬
‫الفرائض وتارة بفعل الحرمات وهؤلء لا تركوا ما فرض ال عليهم من الهاد وحصل عندهم نوع من الريب‬
‫الذي أضعف إيانم ل يكونوا من الصادقي الذين وصفهم وإن كانوا صادقي ف أنم ف الباطن متدينون بدين‬
‫ال سلم‪ .‬وقول الف سرين‪ :‬ل يكونوا مؤمن ي ن في ل ا نفاه ال عن هم من اليان ك ما نفاه عن الزا ن وال سارق‬
‫والشارب وع من ل يأ من جاره بوائ قه وع من ل ي ب لخ يه من ال ي ما ي ب لنف سه ; وع من ل ي يب إل‬
‫ح كم ال ور سوله وأمثال هؤلء‪ .‬و قد ي تج على ذلك بقوله‪{ :‬بئس ال سم الف سوق ب عد اليان} ك ما قال‪:‬‬
‫{سباب السلم فسوق وقتاله كفر} فذم من استبدل اسم الفسوق بعد اليان ; فدل على أن الفاسق ل يسمى‬
‫مؤم نا فدل ذلك على أن هؤلء العراب من جنس أهل الكبائر ل من جنس النافق ي‪ .‬وأ ما ما ن قل من أن م‬
‫أسلموا خوف القتل والسب ; فهكذا كان إسلم غي الهاجرين والنصار أسلموا رغبة ورهبة كإسلم الطلقاء‬
‫من قريش بعد أن قهرهم النب صلى ال عليه وسلم ; وإسلم الؤلفة قلوبم من هؤلء ومن أهل ند وليس كل‬
‫من أ سلم لرغ بة أو ره بة كان من النافق ي الذ ين هم ف الدرك ال سفل من النار ; بل يدخلون ف ال سلم‬
‫والطاعة وليس ف قلوبم تكذيب ومعاداة للرسول ول استنارت قلوبم بنور اليان ول استبصروا فيه ; وهؤلء‬
‫قد يسن إسلم أحدهم فيصي من الؤمني كأكثر الطلقاء وقد يبقى من فساق اللة ; ومنهم من يصي منافقا‬
‫مرتا با {إذا قال له من كر ونك ي‪ :‬ما تقول ف هذا الر جل الذي ب عث في كم ؟ فيقول‪ :‬هاه هاه ل أدري سعت‬
‫الناس يقولون شيئا فقلته}‪ .‬وقد تقدم قول من قال‪ :‬إنم أسلموا بغي قتال ; فهؤلء كانوا أحسن إسلما من‬
‫غي هم وأن ال إن ا ذم هم لكون م منوا بال سلم وأنزل في هم {ول تبطلوا أعمال كم} وأن م من ج نس أ هل‬
‫الكبائر‪ .‬وأي ضا قوله‪{ :‬ول كن قولوا أ سلمنا ول ا يد خل اليان ف قلوب كم} و {ل ا} إن ا ين في ب ا ما ينت ظر‬
‫ويكون حصهوله مترقبها كقوله‪{ :‬أم حسهبتم أن تدخلوا النهة ولاه يعلم ال الذيهن جاهدوا منكهم ويعلم‬
‫الصابرين} وقوله‪{ :‬أم حسبتم أن تدخلوا النة ولا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} فقوله‪{ :‬ول ا يدخل‬
‫اليان ف قلوبكم} يدل على أن دخول اليان منتظر منهم ; فإن الذي يدخل ف السلم ابتداء ل يكون قد‬
‫حصل ف قلبه اليان لكنه يصل فيما بعد كما ف الديث‪{ :‬كان الرجل يسلم أول النهار رغبة ف الدنيا فل‬
‫ييء آخر النهار إل والسلم أحب إليه ما طلعت عليه الشمس}‪ .‬ولذا كان عامة الذين أسلموا رغبة ورهبة‬
‫د خل اليان ف قلوب م ب عد ذلك ; وقوله‪{ :‬ول كن قولوا أ سلمنا} أ مر ل م بأن يقولوا ذلك والنا فق ل يؤ مر‬
‫بشيء ث قال‪{ :‬وإن تطيعوا ال ورسوله ل يلتكم من أعمالكم شيئا} والنافق ل تنفعه طاعة ال ورسوله حت‬
‫يؤمن أول‪ .‬وهذه الية ما احتج با أحد بن حنبل وغيه على أنه يستثن ف اليان دون السلم وأن أصحاب‬
‫الكبائر يرجون من اليان إل ال سلم‪ .‬قال اليمو ن‪ :‬سألت أح د بن حن بل عن رأ يه ف‪ :‬أ نا مؤ من إن شاء‬
‫ال ؟ فقال‪ :‬أقول‪ :‬مؤمن إن شاء ال وأقول‪ :‬مسلم ول أستثن قال‪ :‬قلت لحد‪ :‬تفرق بي السلم واليان ؟‬
‫فقال ل‪ :‬ن عم فقلت له‪ :‬بأي ش يء ت تج ؟ قال ل‪{ :‬قالت العراب آم نا قل ل تؤمنوا ول كن قولوا أ سلمنا}‬
‫وذكر أشياء‪ .‬وقال الشالنجي‪ :‬سألت أحد عمن قال‪ :‬أنا مؤمن عند نفسي من طريق الحكام والواريث ول‬
‫أعلم ما أنا عند ال ؟ قال‪ :‬ليس برجئ‪ .‬وقال أبو أيوب سليمان بن داود الاشي‪ :‬الستثناء جائز ومن قال‪ :‬أنا‬
‫مؤمن حقا ول يقل‪ :‬عند ال ول يستثن ; فذلك عندي جائز وليس برجئ وبه قال أبو خيثمة وابن أب شيبة ;‬
‫وذكر الشالنجي أنه سأل أحد بن حنبل عن الصر على الكبائر يطلبها بهده أي يطلب الذنب بهده إل أنه ل‬
‫يترك ال صلة والزكاة وال صوم ; هل يكون م صرا من كا نت هذه حاله ؟ قال‪ :‬هو م صر م ثل قوله‪{ :‬ل يز ن‬
‫الزان حي يزن وهو مؤمن} يرج من اليان ويقع ف السلم ومن نو قوله‪{ :‬ول يشرب المر حي يشربا‬
‫وهو مؤمن ول يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن} ومن نو قول ابن عباس ف قوله‪{ :‬ومن ل يكم با‬
‫أنزل ال فأولئك هم الكافرون} فقلت له‪ :‬ما هذا الكفر ؟ قال‪ :‬كفر ل ينقل عن اللة مثل اليان بعضه دون‬
‫بعض ; فكذلك الكفر حت ييء من ذلك أمر ل يتلف فيه‪ .‬وقال ابن أب شيبة‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن‬
‫و هو مؤ من}‪ :‬ل يكون م ستكمل اليان يكون ناق صا من إيا نه‪ .‬قال الشالن جي‪ :‬و سألت أح د عن اليان‬
‫والسلم‪ .‬فقال‪ :‬اليان قول وعمل ; والسلم‪ :‬إقرار قال‪ :‬وبه قال أبو خيثمة‪ .‬وقال ابن أب شيبة‪ :‬ل يكون‬
‫إسلم إل بإيان ول إيان إل بإسلم ; وإذا كان على الخاطبة فقال‪ :‬قد قبلت اليان فهو داخل ف السلم ;‬
‫وإذا قال‪ :‬قد قبلت السلم فهو داخل ف اليان‪ .‬وقال ممد بن نصر الروزي‪ :‬وحكى غي هؤلء أنه سأل‬
‫أحد بن حنبل عن قول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} فقال‪ :‬من أتى هذه‬
‫الربعة أو مثلهن أو فوقهن فهو مسلم ول أسيه مؤمنا ومن أتى دون ذلك يريد دون الكبائر أسيه مؤمنا ناقص‬
‫اليان‪ .‬قلت‪ :‬أحد بن حنبل كان يقول تارة بذا الفرق وتارة كان يذكر الختلف ويتوقف وهو التأخر عنه‬
‫قال أبو بكر الثرم ف " السنة " سعت أبا عبد ال يسأل عن الستثناء ف اليان ما تقول فيه ؟ فقال‪ :‬أما أنا‬
‫فل أعيبه أي من الناس من يعيبه‪ .‬قال أبو عبد ال‪ :‬إذا كان يقول‪ :‬إن اليان قول وعمل يزيد وينقص فاستثن‬
‫مافة واحتياطا ليس كما يقولون على الشك ; إنا يستثن للعمل‪ .‬قال أبو عبد ال‪ :‬قال ال تعال‪{ :‬لتدخلن‬
‫السجد الرام إن شاء ال} أي أن هذا استثناء بغي شك وقال النب صلى ال عليه وسلم ف أهل القبور‪{ :‬وإنا‬
‫إن شاء ال ب كم لحقون} أي ل ي كن ي شك ف هذا و قد ا ستثناه وذ كر قول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫{وعلي ها نب عث إن شاء ال} يع ن من ال قب وذ كر قول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬إ ن لر جو أن أكون‬
‫أخشاكم ل} قال‪ :‬هذا كله تقوية للستثناء ف اليان‪ .‬قلت لب عبد ال‪ :‬وكأنك ل ترى بأسا أن ل يستثن‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إذا كان من يقول اليان قول وع مل يز يد وين قص ; فهو أسهل عندي ; ث قال أبو عبد ال‪ :‬إن قوما‬
‫تضعف قلوبم عن الستثناء كالتعجب منهم وسعت أبا عبد ال وقيل له‪ :‬شبابة أي شيء تقول فيه ؟‪ :‬فقال‪:‬‬
‫شبابة كان يدعي الرجاء قال‪ :‬وحكي عن شبابة قول أخبث من هذه القاويل ما سعت عن أحد بثله ; قال‬
‫أبو عبد ال‪ :‬قال شبابة‪ :‬إذا قال‪ :‬فقد عمل بلسانه كما يقولون فإذا قال فقد عمل بارحته أي بلسانه حي‬
‫تكلم به ; ث قال أ بو ع بد ال‪ :‬هذا قول خبيث ما سعت أحدا يقول به ول بلغ ن ق يل ل ب ع بد ال‪ :‬ك نت‬
‫كتبت عن شبابة شيئا ؟ فقال‪ :‬نعم كنت كتبت عنه قديا يسيا قبل أن نعلم أنه يقول بذا قلت لب عبد ال‪:‬‬
‫كتبت عنه بعد ؟ قال‪ :‬ل ول حرفا‪ .‬قيل لب عبد ال‪ :‬يزعمون أن سفيان كان يذهب إل الستثناء ف اليان‪.‬‬
‫فقال‪ :‬هذا مذهب سفيان العروف به الستثناء قلت لب عبد ال‪ :‬من يرويه عن سفيان فقال كل من حكى‬
‫عن سفيان ف هذا حكاية كان يستثن قال وقال وكيع عن سفيان‪ :‬الناس عندنا مؤمنون ف الحكام والواريث‬
‫؟ ول ندري ما هم عند ال قلت لب عبد ال‪ :‬فأنت بأي شيء تقول ؟‪ .‬فقال‪ :‬نن نذهب إل الستثناء‪ .‬قلت‬
‫لب عبد ال‪ :‬فأما إذا قال‪ :‬أنا مسلم فل يستثن ؟ فقال‪ :‬نعم ل يستثن إذا قال‪ :‬أنا مسلم‪ :‬قلت لب عبد ال‪:‬‬
‫أقول‪ :‬هذا مسلم وقد قال النب صلى ال عليه وسلم {السلم من سلم السلمون من لسانه ويده} وأنا أعلم أنه‬
‫ل يسلم الناس منه فذكر حديث معمر عن الزهري‪ :‬فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل قال أبو عبد ال‪:‬‬
‫حدثناه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قيل لب عبد ال‪ :‬فنقول‪ :‬اليان يزيد وينقص ؟ فقال‪ :‬حديث النب‬
‫صلى ال عل يه و سلم يدل على ذلك فذ كر قوله {أخرجوا من النار من كان ف قل به مثقال كذا أخرجوا من‬
‫كان ف قل به مثقال كذا} ف هو يدل على ذلك وذ كر ع ند أ ب ع بد ال عي سى الح ر وقوله ف الرجاء فقال‪:‬‬
‫نعم وذلك خبيث القول وقال أبو عبد ال‪ :‬حدثنا مؤمل حدثنا حاد بن زيد سعت هشاما يقول‪ :‬كان السن‬
‫وممد يقولن‪ :‬مسلم‪ .‬ويهابان‪ :‬مؤمن‪ .‬قلت لب عبد ال‪ :‬رواه غي سويد ؟ قال‪ :‬ما علمت بذلك وسعت‬
‫أ با ع بد ال يقول‪ :‬اليان قول وع مل‪ .‬قلت ل ب ع بد ال‪ :‬فالد يث الذي يروى {أعتق ها فإن ا مؤم نة} قال‪:‬‬
‫ل يس كل أ حد يقول‪ :‬إن ا مؤم نة يقولون أعتق ها‪ .‬قال‪ :‬ومالك سعه من هذا الش يخ هلل بن علي ل يقول‬
‫{فإنا مؤمنة} وقد قال بعضهم بأنا مؤمنة فهي حي تقر بذاك فحكمها حكم الؤمنة هذا معناه‪ .‬قلت لب‬
‫عبد ال‪ :‬تفرق بي اليان والسلم ؟ فقال‪ :‬قد اختلف الناس فيه وكان حاد بن زيد ‪ -‬زعموا ‪ -‬يفرق بي‬
‫اليان والسلم قيل له‪ :‬من الرجئة ؟ قال‪ :‬الذين يقولون‪ :‬اليان قول بل عمل‪ .‬قلت‪ :‬فأحد بن حنبل ل يرد‬
‫قط أنه سلب جيع اليان فلم يبق معه منه شيء كما تقوله الوارج والعتزلة فإنه قد صرح ف غي موضع‪ :‬بأن‬
‫أهل الكبائر معهم إيان يرجون به من النار واحتج بقول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬أخرجوا من النار من‬
‫كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} وليس هذا قوله ول قول أحد من أئمة أهل السنة بل كلهم متفقون على أن‬
‫الف ساق الذ ين لي سوا منافق ي مع هم ش يء من اليان يرجون به من النار هو الفارق بين هم وب ي الكفار‬
‫والنافقي لكن إذا كان معه بعض اليان ل يلزم أن يدخل ف السم الطلق المدوح وصاحب الشرع قد نفى‬
‫السم عن هؤلء فقال‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} وقال‪{ :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه من‬
‫الي ما يب لنفسه} وقال‪{ :‬ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} وأقسم على ذلك مرات وقال‪{ :‬الؤمن من‬
‫أمنه الناس على دمائهم وأموالم}‪ .‬و " العتزلة " ينفون عنه اسم اليان بالكلية واسم السلم أيضا ويقولون‪:‬‬
‫ليس معه شيء من اليان والسلم ويقولون‪ :‬ننله منلة بي منلتي فهم يقولون‪ :‬إنه يلد ف النار ل يرج‬
‫منها بالشفاعة وهذا هو الذي أنكر عليهم وإل لو نفوا مطلق السم وأثبتوا معه شيئا من اليان يرج به من‬
‫النار ل يكونوا مبتد عة و كل أ هل ال سنة متفقون على أ نه قد سلب كمال اليان الوا جب فزال ب عض إيا نه‬
‫الواجب لكنه من أهل الوعيد وإنا ينازع ف ذلك من يقول‪ :‬اليان ل يتبعض من الهمية والرجئة فيقولون‪:‬‬
‫إنه كامل اليان فالذي ينفي إطلق السم يقول‪ :‬السم الطلق مقرون بالدح واستحقاق الثواب كقولنا‪ :‬متق‬
‫وبر وعلى ال صراط ال ستقيم فإذا كان الفا سق ل تطلق عل يه هذه ال ساء فكذلك ا سم اليان وأ ما دخوله ف‬
‫الطاب فلن الخاطب باسم اليان كل من معه شيء منه لنه أمر لم فمعاصيهم ل تسقط عنهم المر‪ .‬وأما‬
‫ما ذكره أحد ف السلم فاتبع فيه الزهري حيث قال‪ :‬فكانوا يرون السلم الكلمة واليان العمل ف حديث‬
‫سعد بن أب وقاص وهذا على وجهي فإنه قد يراد به الكلمة بتوابعها من العمال الظاهرة وهذا هو السلم‬
‫الذي بي نه ال نب صلى ال عل يه و سلم ح يث قال‪{ :‬ال سلم‪ :‬أن تش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال‬
‫وتق يم ال صلة وتؤ ت الزكاة وت صوم رمضان وت ج الب يت} و قد يراد به الكل مة ف قط من غ ي ف عل الواجبات‬
‫الظاهرة وليس هذا هو الذي جعله النب صلى ال عليه وسلم السلم‪ .‬لكن قد يقال‪ :‬إسلم العراب كان من‬
‫هذا فيقال‪ .‬العراب وغيهم كانوا إذا أسلموا على عهد النب صلى ال عليه و سلم ألزموا بالعمال الظاهرة‪:‬‬
‫ال صلة والزكاة وال صيام وال ج ول ي كن أ حد يترك بجرد الكل مة بل كان من أظ هر الع صية يعا قب علي ها‪.‬‬
‫وأح د إن كان أراد ف هذه الروا ية أن ال سلم هو الشهادتان ف قط ف كل من قال ا ف هو م سلم فهذه إحدى‬
‫الروايات عنه والرواية الخرى‪ :‬ل يكون مسلما حت يأت با ويصلي فإذا ل يصل كان كافرا‪ .‬و " الثالثة " أنه‬
‫كافر بترك الزكاة أيضا‪ .‬و " الرابعة " أنه يكفر بترك الزكاة إذا قاتل المام عليها دون ما إذا ل يقاتله وعنه أنه‬
‫لو قال‪ :‬أنا أؤديها ول أدفعها إل المام ل يكن للمام أن يقتله وكذلك عنه رواية أنه يكفر بترك الصيام والج‬
‫إذا عزم أنه ل يج أبدا‪ .‬ومعلوم أنه على القول بكفر تارك البان يتنع أن يكون السلم مرد الكلمة بل الراد‬
‫أنه إذا أتى بالكلمة دخل ف السلم وهذا صحيح فإنه يشهد له بالسلم ول يشهد له باليان الذي ف القلب‬
‫ول ي ستثن ف هذا ال سلم لنه أ مر مشهور ل كن ال سلم الذي هو أداء ال مس ك ما أ مر به يق بل ال ستثناء‬
‫فالسلم الذي ل يستثن فيه الشهادتان باللسان فقط فإنا ل تزيد ول تنقص فل استثناء فيها‪ .‬وقد صار الناس‬
‫ف مسمى السلم على " ثلثة أقوال "‪ :‬قيل‪ :‬هو اليان وها اسان لسمى واحد‪ .‬وقيل‪ :‬هو الكلمة وهذان‬
‫القولن ل ما و جه سنذكره ل كن التحق يق ابتداء هو ما بي نه ال نب صلى ال عل يه و سلم ل ا سئل عن ال سلم‬
‫واليان فف سر ال سلم بالعمال الظاهرة واليان باليان بال صول الم سة فل يس ل نا إذا جع نا ب ي ال سلم‬
‫واليان أن نيب بغي ما أجاب به النب صلى ال عليه وسلم ; وأما إذا أفرد اسم اليان فإنه يتضمن السلم ;‬
‫وإذا أفرد السلم ; فقد يكون مع السلم مؤمنا بل نزاع ; وهذا هو الواجب ; وهل يكون مسلما ول يقال‬
‫له‪ :‬مؤمن ؟ قد تقدم الكلم فيه‪ .‬وكذلك هل يستلزم السلم لليان ؟ هذا فيه الناع الذكور وسنبينه والوعد‬
‫الذي ف القرآن بالنة وبالنجاة من العذاب إنا هو معلق باسم اليان وأما اسم السلم مردا فما علق به ف‬
‫القرآن دخول النة لكنه فرضه وأخب أنه دينه الذي ل يقبل من أحد سواه‪ .‬وبالسلم بعث ال جيع النبيي‬
‫قال تعال‪{ :‬ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه وهو ف الخرة من الاسرين} وقال‪{ :‬إن الدين عند ال‬
‫السهلم} وقال نوح‪{ :‬يها قوم إن كان كهب عليكهم مقامهي وتذكيي بآيات ال فعلى ال توكلت فأجعوا‬
‫أمركم وشركاءكم ث ل يكن أمركم عليكم غمة ث اقضوا إل ول تنظرون} {فإن توليتم فما سألتكم من أجر‬
‫إن أجري إل على ال وأمرت أن أكون من ال سلمي} و قد أ خب أ نه ل ي نج من العذاب إل الؤمن ي فقال‪:‬‬
‫{قلنا احل فيها من كل زوجي اثني وأهلك إل من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إل قليل} وقال‪:‬‬
‫{وأوحي إل نوح أنه لن يؤمن من قومك إل من قد آمن} وقال نوح‪{ :‬وما أنا بطارد الذين آمنوا}‪ .‬وكذلك‬
‫أخب عن إبراهيم أن دينه السلم فقال تعال‪{ :‬ومن يرغب عن ملة إبراهيم إل من سفه نفسه ولقد اصطفيناه‬
‫ف الدنيا وإنه ف الخرة لن الصالي} {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالي} {ووصى با إبراهيم‬
‫بنيه ويعقوب يا ب ن إن ال ا صطفى ل كم الدين فل تو تن إل وأنتم م سلمون} وقال‪{ :‬ومن أحسن دينا من‬
‫أسلم وجهه ل وهو مسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتذ ال إبراهيم خليل} وبجموع هذين الوصفي علق‬
‫السعادة فقال‪{ :‬بلى من أسلم وجهه ل وهو مسن فله أجره عند ربه ول خوف عليهم ول هم يزنون} كما‬
‫علقه باليان باليوم الخر والعمل الصال ف قوله‪{ :‬إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئي من آمن‬
‫بال واليوم الخر وعمل صالا فلهم أجرهم عند ربم ول خوف عليهم ول هم يزنون}‪ .‬وهذا يدل على أن‬
‫ال سلم الذي هو إخلص الد ين ل مع الح سان و هو الع مل ال صال الذي أ مر ال به هو واليان القرون‬
‫بالع مل ال صال متلزمان فإن الو عد على الو صفي و عد وا حد و هو الثواب وانتفاء العقاب فإن انتفاء الوف‬
‫علة تقتضي انتفاء ما يا فه ; ولذا قال‪{ :‬ل خوف عليهم ول هم يزنون} ل يقل‪ :‬ل يافون فهم ل خوف‬
‫علي هم وإن كانوا يافون ال ون فى عن هم أن يزنوا لن الزن إنا يكون على ماض ف هم ل يزنون بال ل ف‬
‫القب ول ف عرصات القيامة بلف الوف فإنه قد يصل لم قبل دخول النة ول خوف عليهم ف الباطن‬
‫كمها قال تعال‪{ :‬أل إن أولياء ال ل خوف عليههم ول ههم يزنون} {الذيهن آمنوا وكانوا يتقون}‪ .‬وأمها "‬
‫السلم الطلق الجرد " فليس ف كتاب ال تعليق دخول النة به كما ف كتاب ال تعليق دخول النة باليان‬
‫الطلق الجرد كقوله‪{ :‬سابقوا إل مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والرض أعدت للذين آمنوا‬
‫بال ورسله} وقال‪{ :‬وبشر الذين آمنوا أن لم قدم صدق عند ربم}‪ .‬وقد وصف الليل ومن اتبعه باليان‬
‫كقوله‪{ :‬فآمن له لوط} ووصفه بذلك فقال‪{ :‬فأي الفريقي أحق بالمن إن كنتم تعلمون} {الذين آمنوا ول‬
‫يلبسوا إيانم بظلم أولئك لم المن وهم مهتدون} {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} ووصفه بأعلى‬
‫طبقات اليان و هو أف ضل الب ية ب عد م مد صلى ال عل يه و سلم‪ .‬والل يل إن ا د عا بالرزق للمؤمن ي خا صة‬
‫فقال‪{ :‬وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بال واليوم الخر} وقال‪{ :‬واجعلنا مسلمي لك ومن ذريتنا‬
‫أمة مسلمة لك} {وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتم مسلمي} بعد قوله‪{ :‬فما‬
‫آمن لوسى إل ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم} وقال‪{ :‬وأوحينا إل موسى وأخيه‬
‫أن تبوآ لقومكما بصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلة وبشر الؤمني} وقد ذكرنا البشرى الطلقة‬
‫للمسلمي ف قوله‪{ :‬ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحة وبشرى للمسلمي}‪ .‬وقد وصف‬
‫ال السحرة بالسلم واليان معا فقالوا‪{ :‬آمنا برب العالي} {رب موسى وهارون} وقالوا‪{ :‬وما تنقم منا‬
‫إل أن آمنا بآيات ربنا لا جاءتنا} وقالوا‪{ :‬إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول الؤمني} وقالوا‪:‬‬
‫{ربنا أفرغ علينا صبا وتوفنا مسلمي}‪ .‬ووصف ال أنبياء بن إسرائيل بالسلم ف قوله‪{ :‬إنا أنزلنا التوراة‬
‫في ها هدى ونور ي كم ب ا ال نبيون الذ ين أ سلموا للذ ين هادوا} وال نبياء كل هم مؤمنون‪ .‬وو صف الواري ي‬
‫باليان والسهلم فقال تعال‪{ :‬وإذ أوحيهت إل الوارييه أن آمنوا به وبرسهول قالوا آمنها واشههد بأننها‬
‫مسلمون} و {قال الواريون نن أنصار ال آمنا بال واشهد بأنا مسلمون}‪ .‬وحقيقة الفرق أن السلم دين‪.‬‬
‫و " الد ين " م صدر دان يد ين دي نا‪ :‬إذا خ ضع وذل و " د ين ال سلم " الذي ارتضاه ال وب عث به ر سله هو‬
‫الستسلم ل وحده ; فأصله ف القلب هو الضوع ل وحده بعبادته وحده دون ما سواه‪ .‬فمن عبده وعبد‬
‫معه إلا آخر ل يكن مسلما ومن ل يعبده بل استكب عن عبادته ل يكن مسلما والسلم هو الستسلم ل‬
‫و هو الضوع له والعبود ية له هكذا قال أ هل الل غة‪ :‬أ سلم الر جل إذا ا ستسلم ; فال سلم ف ال صل من باب‬
‫الع مل ع مل القلب والوارح‪ .‬وأ ما اليان فأ صله ت صديق وإقرار ومعر فة ف هو من باب قول القلب التض من‬
‫ع مل القلب ; وال صل ف يه الت صديق والع مل تا بع له فلهذا ف سر ال نب صلى ال عل يه و سلم " اليان " بإيان‬
‫القلب وبضو عه و هو اليان بال وملئك ته وكت به ور سله وف سر " ال سلم " با ستسلم م صوص هو البا ن‬
‫ال مس‪ .‬وهكذا ف سائر كل مه صلى ال عل يه و سلم‪ :‬يف سر اليان بذلك النوع ويف سر ال سلم بذا وذلك‬
‫النوع أعلى‪ .‬ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم {ال سلم علن ية واليان ف القلب} فإن العمال الظاهرة‬
‫يراها الناس وأما ما ف القلب من تصديق ومعرفة وحب وخشية ورجاء فهذا باطن ; لكن له لوازم قد تدل‬
‫عليه واللزم ل يدل إل إذا كان ملزوما فلهذا كان من لوازمه ما يفعله الؤمن والنافق فل يدل ‪(000‬بياض ف‬
‫الصل)‪ .‬ففي حديث عبد ال بن عمرو وأب هريرة جيعا أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪{ :‬السلم من سلم‬
‫السلمون من لسانه ويده والؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم} ففسر السلم بأمر ظاهر وهو سلمة‬
‫الناس م نه وف سر الؤ من بأ مر با طن و هو أن يأمنوه على دمائ هم وأموال م وهذه ال صفة أعلى من تلك فإن من‬
‫كان مأمونا سلم الناس منه ; وليس كل من سلموا منه يكون مأمونا فقد يترك أذاهم وهم ل يأمنون إليه خوفا‬
‫أن يكون ترك أذاهم لرغبة ورهبة ; ل ليان ف قلبه‪ .‬وف حديث عبيد بن عمي عن عمرو بن عبسة عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم {أن رجل قال للنب صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما السلم ؟ قال إطعام الطعام‪ .‬ولي الكلم‬
‫قال‪ :‬فما اليان قال السماحة والصب} فإطعام الطعام عمل ظاهر يفعله النسان لقاصد متعددة وكذلك لي‬
‫الكلم وأما السماحة والصب فخلقان ف النفس‪ .‬قال تعال‪{ :‬وتواصوا بالصب وتواصوا بالرحة} وهذا أعلى‬
‫من ذاك و هو أن يكون صبارا شكورا ف يه ساحة بالرح ة للن سان و صب على الكاره وهذا ضد الذي خلق‬
‫هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الي منوعا ; فإن ذاك ليس فيه ساحة عند النعمة ول صب عند الصيبة‪.‬‬
‫وتام الديث‪{ :‬فأي السلم أفضل ؟ قال من سلم السلمون من لسانه ويده قال‪ :‬يا رسول ال أي الؤمني‬
‫أكمل إيانا ؟ قال أحسنهم خلقا قال‪ :‬يا رسول ال أي القتل أشرف ؟ قال من أريق دمه وعقر جواده قال يا‬
‫رسهول ال فأي الهاد أفضهل ؟ قال الذيهن جاهدوا بأموالمه وأنفسههم فه سهبيل ال قال يها رسهول ال فأي‬
‫ال صدقة أف ضل ؟ قال ج هد ال قل قال يا ر سول ال فأي ال صلة أف ضل ؟ قال طول القنوت قال يا ر سول ال‬
‫فأي الجرة أف ضل ؟ قال من ه جر ال سوء} وهذا مفوظ عن عب يد بن عم ي تارة يروى مر سل وتارة يروى‬
‫مسندا وف رواية‪{ :‬أي الساعات أفضل ؟ قال جوف الليل الغابر} وقوله‪{ :‬أفضل اليان السماحة والصب}‬
‫يروى من وجه آخر عن جابر عن النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬وهكذا ف سائر الحاديث إنا يفسر السلم‬
‫بالستسلم ل بالقلب مع العمال الظاهرة كما ف الديث العروف الذي رواه أحد {عن بز بن حكيم عن‬
‫أبيه عن جده أنه قال‪ :‬وال يا رسول ال ما أتيتك حت حلفت عدد أصابعي هذه أن ل آتيك فبالذي بعثك‬
‫بالق ما بعثك به ؟ قال‪ :‬السلم‪ .‬قال‪ :‬وما السلم ؟ قال أن تسلم قلبك ل وأن توجه وجهك إل ال وأن‬
‫ت صلي الصلة الكتوبة وتؤدي الزكاة الفرو ضة أخوان نصيان ل يق بل ال من ع بد أشرك ب عد إ سلمه} و ف‬
‫رواية قال {أن تقول‪ :‬أسلمت وجهي ل وتليت وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وكل مسلم على مسلم مرم}‬
‫وف لفظ تقول {أسلمت نفسي ل وخليت وجهي إليه} وروى ممد بن نصر من حديث خالد بن معدان عن‬
‫أ ب هريرة قال‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم {إن لل سلم صوى ومنارا كمنار الطر يق من ذلك أن‬
‫تعبد ال ول تشرك به شيئا‪ .‬وأن تقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان والمر بالعروف والنهي عن النكر‬
‫وتسلم على بن آدم إذ لقيتهم فإن ردوا عليك ردت عليك وعليهم اللئكة وإن ل يردوا عليك ردت عليك‬
‫اللئكة ولعنتهم إن سكت عنهم وتسليمك على أهل بيتك إذا دخلت عليهم فمن انتقص منهن شيئا فهو سهم‬
‫ف السلم تركه ومن تركهن فقد نبذ السلم وراء ظهره}‪ .‬وقد قال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ادخلوا ف‬
‫ال سلم كافة} قال ماهد‪ :‬وقتادة‪ :‬نزلت ف ال سلمي يأمرهم بالدخول ف شرائع السلم كلها وهذا ل يناف‬
‫قول من قال‪ :‬نزلت في من أ سلم من أ هل الكتاب أو في من ل ي سلم لن هؤلء كل هم مأمورون أي ضا بذلك‬
‫والمهور يقولون‪ { :‬ف ال سلم} أي ف ال سلم وقالت طائ فة‪ :‬هو الطا عة وكله ا مأثور عن ا بن عباس‬
‫وكله ا حق فإن ال سلم هو الطا عة ك ما تقدم أ نه من باب العمال‪ .‬وأ ما قوله‪{ :‬كا فة} ف قد ق يل‪ :‬الراد‬
‫ادخلوا كل كم‪ .‬وق يل‪ :‬الراد به ادخلوا ف ال سلم جي عه وهذا هو ال صحيح فإن الن سان ل يؤ مر بع مل غيه‬
‫وإنا يؤمر با يقدر عليه وقوله‪{ :‬ادخلوا} خطاب لم كلهم فقوله {كافة} إن أريد به متمعي لزم أن يترك‬
‫النسان السلم حت يسلم غيه فل يكون السلم مأمورا به إل بشرط موافقة الغي له كالمعة وهذا ل يقوله‬
‫مسلم وإن أريد به {كافة} ‪ :‬أي ادخلوا جيعكم فكل أوامر القرآن كقوله‪{ :‬آمنوا بال ورسوله} {وأقيموا‬
‫ال صلة وآتوا الزكاة} كل ها من هذا الباب و ما ق يل في ها كا فة وقوله تعال‪{ :‬وقاتلوا الشرك ي كا فة} أي‬
‫قاتلو هم كل هم ل تدعوا مشر كا ح ت تقاتلوه فإن ا أنزلت ب عد ن بذ العهود ل يس الراد‪ :‬قاتلو هم متمع ي أو‬
‫جيعكم فإن هذا ل يب بل يقاتلون بسب الصلحة والهاد فرض على الكفاية فإذا كانت فرائض العيان ل‬
‫يؤكد الأمورين فيها به {كافة} فكيف يؤكد بذلك ف فروض الكفاية وإنا القصود تعميم القاتلي‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫{ك ما يقاتلون كم كا فة} ف يه احتمالن‪ .‬والق صود أن ال أ مر بالدخول ف ج يع ال سلم ك ما دل عل يه هذا‬
‫الديث فكل ما كان من السلم وجب الدخول فيه فإن كان واجبا على العيان لزمه فعله وإن كان واجبا‬
‫على الكفاية اعتقد وجوبه وعزم عليه إذا تعي أو أخذ بالفضل ففعله وإن كان مستحبا اعتقد حسنه وأحب‬
‫فعله وف حديث جرير {أن رجل قال‪ :‬يا رسول ال صف ل السلم‪ .‬قال‪ :‬تشهد أن ل إله إل ال وتقر با‬
‫جاء من عند ال وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان وتج البيت قال‪ :‬أقررت ;} ف قصة طويلة فيها‬
‫أنه وقع ف أخاقيق جرذان وأنه قتل وكان جائعا وملكان يدسان ف شدقه من ثار النة‪ .‬فقوله‪{ :‬وتقر با جاء‬
‫من عند ال}‪ .‬هو القرار بأن ممدا رسول ال فإنه هو الذي جاء بذلك‪ .‬وف الديث الذي يرويه أبو سليمان‬
‫الداران‪ :‬حديث {الوفد الذين قالوا‪ :‬نن الؤمنون قال‪ :‬فما علمة إيانكم ؟ قالوا‪ :‬خس عشرة خصلة‪ :‬خس‬
‫أمرتنا رسلك أن نعمل بن وخس أمرتنا رسلك أن نؤمن بن وخس تلقنا با ف الاهلية ونن عليها ف‬
‫السلم إل أن تكره منها شيئا‪ .‬قال‪ :‬فما المس الت أمرتكم رسلي أن تعملوا با ؟ قالوا‪ :‬أن نشهد أن ل إله‬
‫إل ال وأن ممدا رسول ال ونقيم الصلة ونؤت الزكاة ونصوم رمضان ونج البيت‪ .‬قال‪ :‬وما المس الت‬
‫أمرتكم أن تؤمنوا با ؟ قالوا أمرتنا أن نؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله والبعث بعد الوت قال‪ :‬وما المس‬
‫الت تلقتم با ف الاهلية وثبتم عليها ف السلم ؟ قالوا‪ :‬الصب عند البلء والشكر عند الرخاء والرضى بر‬
‫القضاء والصدق ف مواطن اللقاء وترك الشماتة بالعداء فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬علماء حكماء كادوا‬
‫من صدقهم أن يكونوا أ نبياء‪ .‬فقال صلى ال عل يه و سلم‪ :‬وأ نا أزيد كم خ سا فت تم ل كم عشرون خ صلة‪ :‬إن‬
‫كنتم كما تقولون فل تمعوا ما ل تأكلون ول تبنوا ما ل تسكنون ول تنافسوا ف شيء أنتم عنه غدا تزولون‬
‫وع نه منتقلون واتقوا ال الذي إل يه ترجعون وعل يه تعرضون وارغبوا في ما عل يه تقدمون وف يه تلدون}‪ .‬ف قد‬
‫فرقوا بي المس الت يعمل با فجعلوها السلم ; والمس الت يؤمن با فجعلوها اليان ; وجيع الحاديث‬
‫الأثورة عن النب صلى ال عليه وسلم تدل على مثل هذا‪ .‬وف الديث الذي رواه أحد من حديث أيوب عن‬
‫أب قلبة {عن رجل من أهل الشام عن أبيه أن النب صلى ال عليه وسلم قال له‪ :‬أسلم تسلم قال‪ .‬وما السلم‬
‫قال‪ :‬أن تسلم قلبك ل ويسلم السلمون من لسانك ويدك قال‪ :‬فأي السلم أفضل ؟ قال‪ :‬اليان قال‪ :‬وما‬
‫اليان ؟ قال‪ :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الوت قال‪ :‬فأي اليان أفضل ؟ قال‪ :‬الجرة‬
‫قال‪ :‬ومها الجرة ؟ قال‪ :‬أن تجهر السهوء قال‪ :‬فأي الجرة أفضهل ؟ قال‪ :‬الهاد قال‪ :‬ومها الهاد ؟ قال‪ :‬أن‬
‫تاهد الكفار إذا لقيتهم ول تغل ول تب ث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ث عملن ها أفضل العمال‬
‫إل من عمل بثلهما قالا ثلثا‪ :‬حجة مبورة‪ :‬أو عمرة} وقوله‪{ :‬ها أفضل العمال} أي بعد الهاد ; لقوله‪:‬‬
‫{ث عملن} ففي هذا الديث جعل اليان خصوصا ف السلم والسلم أعم منه كما جعل الجرة خصوصا‬
‫ف اليان واليان أعم منها وجعل الهاد خصوصا من الجرة والجرة أعم منه‪ .‬فالسلم أن تعبد ال وحده‬
‫ل شريك له ملصا له الدين‪ .‬وهذا دين ال الذي ل يقبل من أحد دينا غيه ل من الولي ول من الخرين ول‬
‫تكون عبادته مع إرسال الرسل إلينا إل با أمرت به رسله ل با يضاد ذلك فإن ضد ذلك معصية وقد ختم ال‬
‫الر سل بح مد صلى ال عل يه و سلم فل يكون م سلما إل من ش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده ور سوله‬
‫وهذه الكلمة با يدخل النسان ف السلم‪ .‬فمن قال‪ :‬السلم الكلمة وأراد هذا فقد صدق ث ل بد من التزام‬
‫ما أمر به الرسول من العمال الظاهرة كالبان المس ومن ترك من ذلك شيئا نقص إسلمه بقدر ما نقص‬
‫من ذلك كما ف الديث‪{ :‬من انتقص منهن شيئا فهو سهم من السلم تركه}‪ .‬وهذه العمال إذا عملها‬
‫النسان ملصا ل تعال فإنه يثيبه عليها ول يكون ذلك إل مع إقراره بقلبه أنه ل إله إل ال وأن ممدا رسول‬
‫ال فيكون معه من اليان هذا القرار وهذا القرار ل يستلزم أن يكون صاحبه معه من اليقي ما ل يقبل الريب‬
‫ول أن يكون ماهدا ول سائر ما يتميز به الؤمن عن السلم الذي ليس بؤمن وخلق كثي من السلمي باطنا‬
‫وظاهرا معههم هذا السهلم بلوازمهه مهن اليان ول يصهلوا إل اليقيه والهاد فهؤلء يثابون على إسهلمهم‬
‫وإقرارهم بالرسول ممل وقد ل يعرفون أنه جاء بكتاب وقد ل يعرفون أنه جاءه ملك ول أنه أخب بكذا وإذا‬
‫ل يبلغهم أن الرسول أخب بذلك ل يكن عليهم القرار الفصل به لكن ل بد من القرار بأنه رسول ال وأنه‬
‫صادق ف كل ما يب به عن ال‪ .‬ث اليان الذي يتاز به فيه تفصيل وفيه طمأنينة ويقي فهذا متميز بصفته‬
‫وقدره ف الكمية والكيفية فإن أولئك معهم من اليان بال وملئكته وكتبه ورسله وتفصيل العاد والقدر ما ل‬
‫يعر فه هؤلء‪ .‬وأي ضا ف في قلوب م من اليق ي والثبات ولزوم الت صديق لقلوب م ما ل يس مع هؤلء وأولئك هم‬
‫الؤمنون ح قا‪ .‬وكل مؤ من ل بد أن يكون م سلما ; فإن اليان يستلزم العمال وليس كل مسلم مؤمنا هذا‬
‫اليان الطلق لن السهتسلم ل والعمهل له ل يتوقهف على هذا اليان الاص وهذا الفرق يده النسهان مهن‬
‫نفسه ويعرفه من غيه فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على السلم والتزموا شرائعه وكانوا من أهل‬
‫الطا عة ل ور سوله ف هم م سلمون ومع هم إيان م مل ول كن دخول حقي قة اليان إل قلوب م إن ا ي صل شيئا‬
‫فشيئا إن أعطاهم ال ذلك وإل فكثي من الناس ل يصلون ل إل اليقي ول إل الهاد ولو شككوا لشكوا ولو‬
‫أمروا بالهاد ل ا جاهدوا ولي سوا كفارا ول منافق ي بل ل يس عند هم من علم القلب ومعرف ته ويقي نه ما يدرأ‬
‫الريب ول عندهم من قوة الب ل ولرسوله ما يقدمونه على الهل والال وهؤلء إن عرفوا من الحنة وماتوا‬
‫دخلوا ال نة‪ .‬وإن ابتلوا ب ن يورد علي هم شبهات تو جب ريب هم فإن ل ين عم ال علي هم ب ا يز يل الر يب وإل‬
‫صاروا مرتابي وانتقلوا إل نوع من النفاق‪ .‬وكذلك إذا تعي عليهم الهاد ول ياهدوا كانوا من أهل الوعيد‬
‫ولذا لا قدم النب صلى ال عليه وسلم الدينة أسلم عامة أهلها فلما جاءت الحنة والبتلء نافق من نافق‪ .‬فلو‬
‫مات هؤلء ق بل المتحان لاتوا على ال سلم ودخلوا النهة ول يكونوا من الؤمن ي ح قا الذ ين ابتلوا فظ هر‬
‫صدقهم‪ .‬قال تعال‪{ :‬ال} {أح سب الناس أن يتركوا أن يقولوا آم نا و هم ل يفتنون} {ول قد فت نا الذ ين من‬
‫قبلهم فليعلمن ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي} وقال تعال‪{ :‬ما كان ال ليذر الؤمني على ما أنتم عليه‬
‫ح ت ي يز ال بيث من الط يب} وقال‪{ :‬و من الناس من يع بد ال على حرف فإن أ صابه خ ي اطمأن به وإن‬
‫أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة ذلك هو السران البي} ولذا ذم ال النافقي بأنم دخلوا‬
‫ف اليان ث خرجوا منه بقوله تعال‪{ :‬وال يشهد إن النافقي لكاذبون} {اتذوا أيانم جنة فصدوا عن سبيل‬
‫ال} ‪ -‬إل قوله ‪{ -‬ذلك بأن م آمنوا ث كفروا فط بع على قلوب م ف هم ل يفقهون} وقال ف ال ية الخرى‬
‫{يذر النافقون أن تنل عليهم سورة} ‪ -‬إل قوله ‪{ -‬قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} {ل تعتذروا‬
‫قد كفرت بعد إيانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي} فقد أمره أن يقول لم‪ :‬قد‬
‫كفر ت ب عد إيان كم‪ .‬وقول من يقول عن م ثل هذه اليات‪ :‬إن م كفروا ب عد إيان م بل سانم مع كفر هم أول‬
‫بقلوبم ل يصح لن اليان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر فل يقال‪ :‬قد كفرت بعد إيانكم فإنم ل‬
‫يزالوا كافر ين ف ن فس ال مر وإن أر يد أن كم أظهر ت الك فر ب عد إظهار كم اليان ف هم ل يظهروا للناس إل‬
‫لواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا هكذا ; بل لا نافقوا وحذروا أن تنل سورة تبي ما ف قلوبم من النفاق‬
‫وتكلموا بالستهزاء صاروا كافرين بعد إيانم ول يدل اللفظ على أنم ما زالوا منافقي وقد قال تعال‪{ :‬يا‬
‫أيها النب جاهد الكفار والنافقي واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس الصي} {يلفون بال ما قالوا ولقد قالوا‬
‫كلمة الكفر وكفروا بعد إسلمهم وهوا با ل ينالوا وما نقموا إل أن أغناهم ال ورسوله من فضله فإن يتوبوا‬
‫يك خيا لم وإن يتولوا يعذبم ال عذابا أليما ف الدنيا والخرة} فهنا قال‪{ :‬وكفروا بعد إسلمهم}‪ .‬فهذا‬
‫السلم قد يكون من جنس إسلم العراب فيكون قوله‪{ :‬بعد إيانم} وبعد إسلمهم سواء وقد يكونون ما‬
‫زالوا منافقي فلم يكن لم حال كان معهم فيها من اليان شيء لكونم أظهروا الكفر والردة‪ .‬ولذا دعاهم‬
‫إل التوبة فقال‪{ :‬فإن يتوبوا يك خيا لم وإن يتولوا} بعد التوبة عن التوبة {يعذبم ال عذابا أليما ف الدنيا‬
‫والخرة} وهذا إنا هو لن أظهر الكفر فيجاهده الرسول بإقامة الد والعقوبة‪ .‬ولذا ذكر هذا ف سياق قوله‪:‬‬
‫{جا هد الكفار والنافق ي واغلظ علي هم} ولذا قال ف تام ها‪{ :‬و ما ل م ف الرض من ول ول ن صي}‪.‬‬
‫وهؤلء ال صنف الذ ين كفروا ب عد إ سلمهم غ ي الذ ين كفروا ب عد إيان م فإن هؤلء حلفوا بال ما قالوا و قد‬
‫قالوا كلمة الكفر الت كفروا با بعد إسلمهم وهوا با ل ينالوا وهو يدل على أنم سعوا ف ذلك فلم يصلوا‬
‫إل مقصودهم ; فإنه ل يقل‪ :‬هوا با ل يفعلوا لكن {با ل ينالوا} فصدر منهم قول وفعل قال تعال‪{ :‬ولئن‬
‫سألتهم ليقولن إنا كنا نوض ونلعب} فاعترفوا واعتذروا ; ولذا قيل‪{ :‬ل تعتذروا قد كفرت بعد إيانكم إن‬
‫نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي} فدل على أنم ل يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفرا بل‬
‫ظنوا أن ذلك ليس بكفر فبي أن الستهزاء بال وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيانه فدل على أنه‬
‫كان عند هم إيان ضع يف ففعلوا هذا الحرم الذي عرفوا أ نه مرم ول كن ل يظنوه كفرا وكان كفرا كفروا به‬
‫فإن م ل يعتقدوا جوازه وهكذا قال غ ي وا حد من ال سلف ف صفة النافق ي الذ ين ضرب لم ال ثل ف سورة‬
‫البقرة أنم أبصروا ث عموا وعرفوا ث أنكروا وآمنوا ث كفروا‪ .‬وكذلك قال قتادة وماهد‪ :‬ضرب الثل لقبالم‬
‫على الؤمني ; وساعهم ما جاء به الرسول وذهاب نورهم قال‪{ :‬مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت‬
‫ما حوله ذهب ال بنورهم وتركهم ف ظلمات ل يبصرون} {صم بكم عمي فهم ل يرجعون} إل ما كانوا‬
‫عليه‪ .‬وأما قول من قال‪ :‬الراد بالنور ما حصل ف الدنيا من حقن دمائهم وأموالم فإذا ماتوا سلبوا ذلك الضوء‬
‫كمها سهلب صهاحب النار ضوءه ; فلفهظ اليهة يدل على خلف ذلك فإنهه قال‪{ :‬وتركههم فه ظلمات ل‬
‫يب صرون} { صم بكم ع مي ف هم ل يرجعون}‪ .‬ويوم القيامة يكونون ف العذاب ك ما قال تعال‪{ :‬يوم يقول‬
‫النافقون والنافقات للذ ين آمنوا انظرونا نقت بس من نور كم ق يل ارجعوا وراء كم فالتمسوا نورا فضرب بين هم‬
‫ب سور له باب باط نه ف يه الرح ة وظاهره من قبله العذاب} {ينادون م أل ن كن مع كم قالوا بلى ولكن كم فتن تم‬
‫أنف سكم} ال ية و قد قال غ ي وا حد من ال سلف‪ :‬إن النا فق يع طى يوم القيا مة نورا ث يط فأ ولذا قال تعال‪:‬‬
‫{يوم ل يزي ال النب والذين آمنوا معه نورهم يسعى بي أيديهم وبأيانم يقولون ربنا أتم لنا نورنا واغفر‬
‫لنا}‪ .‬قال الفسرون‪ :‬إذا رأى الؤمنون نور النافقي يطفأ سألوا ال أن يتم لم نورهم ويبلغهم به النة‪ .‬قال ابن‬
‫عباس‪ :‬ليس أحد من السلمي إل يعطى نورا يوم القيامة ; فأما النافق فيطفأ نوره وأما الؤمن فيشفق ما رأى‬
‫من إطفاء نور النافق فهو يقول‪{ :‬ربنا أتم لنا نورنا} وهو كما قال‪ :‬فقد ثبت ف " الصحيحي " من حديث‬
‫أب هريرة وأب سعيد ‪ -‬وهو ثابت من وجوه أخر ‪ -‬عن النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬ورواه مسلم من حديث‬
‫جابر وهو معروف من حديث ابن مسعود وهو أطولا ‪ -‬ومن حديث أب موسى ف الديث الطويل الذي‬
‫يذكر فيه أنه {ينادى يوم القيامة‪ :‬لتتبع كل أمة ما كانت تعبد‪ :‬فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من‬
‫كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه المة فيها منافقوها فيأتيهم ال ف‬
‫صورة غي صورته الت يعرفون فيقول أنا ربكم‪ .‬فيقولون‪ :‬نعوذ بال منك وهذا مكاننا حت يأتينا ربنا فإذا جاء‬
‫رب نا عرفناه فيأتي هم ال ف صورته ال ت يعرفون فيقول أ نا رب كم‪ :‬فيقولون‪ :‬أ نت رب نا فيتبعو نه}‪ .‬و ف روا ية‪:‬‬
‫{فيكشف عن ساقه}‪ :‬وف رواية فيقول‪{ :‬هل بينكم وبينه آية فتعرفونه با فيقولون‪ :‬نعم‪ .‬فيكشف عن ساقه‬
‫فل يبقى من كان يسجد ل من تلقاء نفسه إل أذن له بالسجود ول يبقى من كان يسجد نفاقا ورياء إل جعل‬
‫ال ظهره طبقهة واحدة كلمها أراد أن يسهجد خهر على قفاه‪ .‬فتبقهى ظهورههم مثهل صهياصي البقهر فيفعون‬
‫رءو سهم فإذا نور هم ب ي أيدي هم وبأيان م ويط فأ نور النافق ي فيقولون ذرو نا نقت بس من نور كم}‪ .‬فبي أن‬
‫النافق ي يشرون مع الؤمن ي ف الظا هر ك ما كانوا مع هم ف الدن يا ث و قت القي قة هؤلء ي سجدون لرب م‬
‫وأولئك ل يتمكنون من السجود فإنم ل يسجدوا ف الدنيا له بل قصدوا الرياء للناس والزاء ف الخرة هو‬
‫من ج نس الع مل ف الدن يا فلهذا أعطوا نورا ث ط فئ لن م ف الدن يا دخلوا ف اليان ث خرجوا م نه‪ .‬ولذا‬
‫ضرب ال لم الثل بذلك‪ .‬وهذا الثل هو لن كان فيهم آمن ث كفر وهؤلء الذين يعطون ف الخرة نورا ث‬
‫يطفأ‪ .‬ولذا قال‪{ :‬فهم ل يرجعون} إل السلم ف الباطن وقال قتادة ومقاتل‪ :‬ل يرجعون عن ضللم وقال‬
‫السدي‪ :‬ل يرجعون إل السلم يعن ف الباطن وإل فهم يظهرونه وهذا الثل إنا يكون ف الدنيا وهذا الثل‬
‫مضروب لبعضهم وهم الذين آمنوا ث كفروا‪ .‬وأما الذين ل يزالوا منافقي فضرب لم الثل الخر وهو قوله‪:‬‬
‫{أو ك صيب من ال سماء ف يه ظلمات ور عد وبرق} وهذا أ صح القول ي‪ .‬فإن الف سرين اختلفوا هل الثلن‬
‫مضروبان لم كلهم أو هذا الثل لبعضهم ؟ على " قولي "‪ .‬و " الثان " هو الصواب لنه قال‪{ :‬أو كصيب}‬
‫وإنا يثبت با أحد المرين ; فدل ذلك على أنم مثلهم هذا وهذا فإنم ل يرجون عن الثلي بل بعضهم يشبه‬
‫هذا وبعضهم يشبه هذا ولو كانوا كلهم يشبهون الثلي ل يذكر (أو) بل يذكر الواو العاطفة‪ .‬وقول من قال‪:‬‬
‫(أو) هاهنا للتخيي ‪ -‬كقولم‪ :‬جالس السن أو ابن سيين ‪ -‬ليس بشيء لن التخيي يكون ف المر والطلب‬
‫ل يكون ف ال ب وكذلك قول من قال‪( :‬أو) بع ن الواو أو لتشكيك الخاطبي أو البام عليهم ليس بشيء‬
‫فإن ال ير يد بالمثال البيان والتفه يم ل ير يد التشك يك والبام‪ .‬والق صود تفه يم الؤمن ي حال م ويدل على‬
‫ذلك أ نه قال ف " ال ثل الول "‪ { :‬صم ب كم ع مي} وقال ف " الثا ن "‪{ :‬يعلون أ صابعهم ف آذان م من‬
‫الصواعق حذر الوت وال ميط بالكافرين} {يكاد البق يطف أبصارهم كلما أضاء لم مشوا فيه وإذا أظلم‬
‫عليهم قاموا ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم إن ال على كل شيء قدير} فبي ف " الثل الثان " أنم‬
‫يسمعون ويبصرون {ولو شاء ال لذهب بسمعهم وأبصارهم} وف " الول " كانوا يبصرون ث صاروا {ف‬
‫ظلمات ل يبصرون} {صم بكم عمي}‪ .‬وف " الثان " {كلما أضاء لم} البق {مشوا فيه وإذا أظلم عليهم‬
‫قاموا} فلههم " حالن "‪ :‬حال ضياء وحال ظلم والولون بقوا فه الظلمهة‪ .‬فالول حال مهن كان فه ضوء‬
‫فصار ف ظلمة والثان حال من ل يستقر ل ف ضوء ول ف ظلمة بل تتلف عليه الحوال الت توجب مقامه‬
‫واسترابته‪ .‬يبي هذا أنه سبحانه ضرب للكفار أيضا مثلي برف (أو فقال‪{ :‬والذين كفروا أعمالم كسراب‬
‫بقي عة ي سبه الظمآن ماء ح ت إذا جاءه ل يده شيئا وو جد ال عنده فوفاه ح سابه وال سريع ال ساب} {أو‬
‫كظلمات ف بر لي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده ل‬
‫يكد يراها ومن ل يعل ال له نورا فما له من نور} " فالول " مثل الكفر الذي يسب صاحبه أنه على حق‬
‫وهو على باطل {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا} فإنه ل يعلم ول يعلم أنه ل يعلم ; فلهذا مثل بسراب‬
‫بقيعة و " الثان " مثل الكفر الذي ل يعتقد صاحبه شيئا بل هو ف {ظلمات بعضها فوق بعض} من عظم‬
‫جهله ل يكن معه اعتقاد أنه على حق ; بل ل يزل جاهل ضال ف ظلمات متراكمة‪ .‬و " أيضا " فقد يكون‬
‫النافق والكافر تارة متصفا بذا الوصف وتارة متصفا بذا الوصف فيكون التقسيم ف الثلي لتنوع الشخاص‬
‫ولتنوع أحوالم وبكل حال فليس ما ضرب له هذا الثل هو ماثل لا ضرب له هذا الثل لختلف الثلي صورة‬
‫ومعن ولذا ل يضرب لليان إل مثل واحد لن الق واحد فضرب مثله بالنور وأولئك ضرب لم الثل بضوء‬
‫ل حقيقة له‪ .‬كالسراب بالقيعة أو بالظلمات التراكمة وكذلك النافق يضرب له الثل بن أبصر ث عمي أو هو‬
‫مضطرب يسمع ويبصر ما ل ينتفع به‪ .‬فتبي أن من النافقي من كان آمن ث كفر باطنا وهذا ما استفاض به‬
‫النقل عند أهل العلم بالديث والتفسي والسي أنه كان رجال قد آمنوا ث نافقوا وكان يري ذلك لسباب‪:‬‬
‫منها أمر القبلة لا حولت ارتد عن اليان لجل ذلك طائفة وكانت منة امتحن ال با الناس‪ .‬قال تعال‪{ :‬وما‬
‫جعلنا القبلة الت كنت عليها إل لنعلم من يتبع الرسول من ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبية إل على الذين‬
‫هدى ال} قال‪ :‬أي إذا حولت ; والعن أن الكعبة هي القبلة الت كان ف علمنا أن نعلها قبلتكم ; فإن الكعبة‬
‫ومسجدها وحرمها أفضل بكثي من بيت القدس وهي البيت العتيق وقبلة إبراهيم وغيه من النبياء ول يأمر‬
‫ال قط أحدا أن ي صلي إل ب يت القدس ل مو سى ول عي سى ول غيه ا ; فلم ن كن لنجعل ها لك قبلة دائ مة‬
‫ولكن جعلناها أول قبلة لنمتحن بتحويلك عنها الناس فيتبي من يتبع الرسول من ينقلب على عقبيه فكان ف‬
‫شرعها هذه الكمة‪ .‬وكذلك أيضا لا انزم السلمون يوم أحد وشج وجه النب صلى ال عليه وسلم وكسرت‬
‫رباعيته ارتد طائفة نافقوا قال تعال‪{ :‬ول تنوا ول تزنوا وأنتم العلون إن كنتم مؤمني} {إن يسسكم قرح‬
‫ف قد مس القوم قرح مثله وتلك اليام نداول ا ب ي الناس وليعلم ال الذ ين آمنوا ويت خذ من كم شهداء وال ل‬
‫يب الظالي} {وليمحص ال الذين آمنوا ويحق الكافرين} وقال تعال‪{ :‬وما أصابكم يوم التقى المعان‬
‫فبإذن ال وليعلم الؤمني} {وليعلم الذين نافقوا وقيل لم تعالوا قاتلوا ف سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتال‬
‫لتبعنا كم هم للك فر يومئذ أقرب من هم لليان يقولون بأفواه هم ما ل يس ف قلوب م وال أعلم ب ا يكتمون}‬
‫فقوله‪{ :‬وليعلم الذين نافقوا} ظاهر فيمن أحدث نفاقا وهو يتناول من ل ينافق قبل ومن نافق ث جدد نفاقا‬
‫ثان يا‪ .‬وقوله‪ { :‬هم للك فر يومئذ أقرب من هم لليان} يبي أن م ل يكونوا ق بل ذلك أقرب من هم بل إ ما أن‬
‫يتساويا وإما أن يكونوا لليان أقرب وكذلك كان ; فإن ابن أب لا انزل عن النب صلى ال عليه وسلم يوم‬
‫أحد‪ .‬انزل معه ثلث الناس قيل‪ :‬كانوا نو ثلثائة وهؤلء ل يكونوا قبل ذلك كلهم منافقي ف الباطن إذ ل‬
‫يكن لم داع إل النفاق‪ .‬فإن ابن أب كان مظهرا لطاعة النب صلى ال عليه وسلم واليان به ; وكان كل يوم‬
‫جعة يقوم خطيبا ف السجد يأمر باتباع النب صلى ال عليه وسلم ول يكن ما ف قلبه يظ هر إل لقليل من‬
‫الناس إن ظههر وكان معظمها فه قومهه ; كانوا قهد عزموا على أن يتوجوه ويعلوه مثهل اللك عليههم ; فلمها‬
‫جاءت النبوة بطل ذلك فحمله السد على النفاق وإل فلم يكن له قبل ذلك دين يدعو إليه ; وإنا كان هذا ف‬
‫اليهود فل ما جاء ال نب صلى ال عل يه و سلم بدي نه و قد أظ هر ال ح سنه ونوره مالت إل يه القلوب ل سيما ل ا‬
‫نصهره ال يوم بدر ون صره على يهود ب ن قينقاع صهار معهه الديهن والدنيها ; فكان القتضهي لليان ف عامهة‬
‫النصار قائما وكان كثي منهم يعظم ابن أب تعظيما كثيا ويواليه ول يكن ابن أب أظهر مالفة توجب المتياز‬
‫; فل ما انزل يوم أ حد وقال‪ :‬يدع رأ يي ورأ يه ويأ خذ برأي ال صبيان ‪ -‬أو ك ما قال ‪ -‬انزل م عه خلق كث ي‬
‫منهم من ل ينافق قبل ذلك‪ .‬وف الملة‪ :‬ففي الخبار عمن نافق بعد إيانه ما يطول ذكره هنا ; فأولئك كانوا‬
‫مسهلمي وكان معههم إيان ههو الضوء الذي ضرب ال بهه الثهل فلو ماتوا قبهل الحنهة والنفاق ماتوا على هذا‬
‫السلم الذي يثابون عليه ول يكونوا من الؤمن ي حقا الذين امتحنوا فثبتوا على اليان ول من النافقي حقا‬
‫الذ ين ارتدوا عن اليان بالح نة‪ .‬وهذا حال كث ي من ال سلمي ف زمان نا أو أكثر هم إذا ابتلوا بال حن ال ت‬
‫يتضعضع فيها أهل اليان ينقص إيانم كثيا وينافق أكثرهم أو كثي منهم‪ .‬ومنهم من يظهر الردة إذا كان‬
‫العدو غال با ; وقد رأينا ورأى غينا من هذا ما فيه عبة‪ .‬وإذا كانت العافية أو كان السلمون ظاهر ين على‬
‫عدو هم كانوا م سلمي‪ .‬و هم مؤمنون بالر سول باط نا وظاهرا ل كن إيا نا ل يث بت على الح نة‪ .‬ولذا يك ثر ف‬
‫هؤلء ترك الفرائض وانتهاك الحارم‪ .‬وهؤلء من الذ ين قالوا‪{ :‬آم نا} فق يل ل م‪ { :‬قل ل تؤمنوا ول كن قولوا‬
‫أ سلمنا ول ا يد خل اليان ف قلوب كم} أي اليان الطلق الذي أهله هم الؤمنون ح قا فإن هذا هو اليان إذا‬
‫أطلق فه كتاب ال تعال كمها دل عليهه الكتاب والسهنة‪ .‬ولذا قال تعال‪{ :‬إناه الؤمنون الذيهن آمنوا بال‬
‫ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} فلم يصل لم ريب عند‬
‫ال حن ال ت تقل قل اليان ف القلوب والر يب يكون ف علم القلب و ف ع مل القلب ; بلف ال شك فإ نه ل‬
‫يكون إل ف العلم ولذا ل يوصف باليقي إل من اطمأن قلبه علما وعمل ; وإل فإذا كان عالا بالق ; ولكن‬
‫الصيبة أو الوف أورثه جزعا عظيما ل يكن صاحب يقي‪ .‬قال تعال‪{ :‬هنالك ابتلي الؤمنون وزلزلوا زلزال‬
‫شديدا}‪ .‬وكثيا ما تعرض للمؤ من شع بة من ش عب النفاق ث يتوب ال عل يه ; و قد يرد على قل به ب عض ما‬
‫يوجب النفاق‪ .‬ويدفعه ال عنه‪ .‬والؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر الت يضيق با صدره‪ .‬كما‬
‫{قالت الصحابة‪ :‬يا رسول ال إن أحدنا ليجد ف نفسه ما لئن ير من السماء إل الرض أحب إليه من أن‬
‫يتكلم به‪ .‬فقال‪ :‬ذاك صريح اليان} و ف روا ية‪ { :‬ما يتعا ظم أن يتكلم به قال‪ :‬ال مد ل الذي رد كيده إل‬
‫الوسوسة} أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودف عه عن القلب هو من صريح اليان ;‬
‫كالجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حت غلبه ; فهذا أعظم الهاد و " الصريح " الالص كاللب الصريح‪ .‬وإنا‬
‫صار صريا لا كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص اليان فصار صريا‪ .‬ول بد لعامة اللق من‬
‫هذه الوساوس ; فمن الناس من ييبها فيصي كافرا أو منافقا ; ومنهم من قد غمر قلبه الشهوات والذنوب فل‬
‫ي س ب ا إل إذا طلب الد ين فإ ما أن ي صي مؤم نا وإ ما أن ي صي مناف قا ; ولذا يعرض للناس من الو ساوس ف‬
‫ال صلة ما ل يعرض ل م إذا ل ي صلوا لن الشيطان يك ثر تعر ضه للع بد إذا أراد النا بة إل ر به والتقرب إل يه‬
‫والت صال به ; فلهذا يعرض للم صلي ما ل يعرض لغي هم ويعرض لا صة أ هل العلم والد ين أك ثر م ا يعرض‬
‫للعامة ولذا يوجد عند طلب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيهم لنه ل يسلك شرع‬
‫ال ومنها جه ; بل هو مق بل على هواه ف غفلة عن ذ كر ر به‪ .‬وهذا مطلوب الشيطان بلف التوجه ي إل‬
‫رب م بالعلم والعبادة فإ نه عدو هم يطلب صدهم عن ال‪ .‬قال تعال‪{ :‬إن الشيطان ل كم عدو فاتذوه عدوا}‬
‫ولذا أمهر قارئ القرآن أن يسهتعيذ بال مهن الشيطان الرجيهم فإن قراءة القرآن على الوجهه الأمور بهه تورث‬
‫القلب اليان العظيهم وتزيده يقينها وطمأنينهة وشفاء‪ .‬وقال تعال‪{ :‬وننل مهن القرآن مها ههو شفاء ورحةه‬
‫للمؤمن ي ول يز يد الظال ي إل خ سارا} وقال تعال‪{ :‬هذا بيان للناس وهدى وموع ظة للمتق ي} وقال تعال‬
‫{هدى للمتقي} وقال تعال‪{ :‬فأما الذين آمنوا فزادتم إيانا وهم يستبشرون}‪ .‬وهذا ما يده كل مؤمن من‬
‫نف سه ; فالشيطان ير يد بو ساوسه أن يش غل القلب عن النتفاع بالقرآن ; فأ مر ال القارئ إذا قرأ القرآن أن‬
‫يستعيذ منه قال تعال‪{ :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم} {إنه ليس له سلطان على الذين‬
‫آمنوا وعلى رب م يتوكلون} {إن ا سلطانه على الذ ين يتولو نه والذ ين هم به مشركون} فإن ال ستعيذ بال‬
‫مستجي به لجئ إليه مستغيث به من الشيطان ; فالعائذ بغيه مستجي به ; فإذا عاذ العبد بربه كان مستجيا‬
‫به متوكل عليه فيعيذه ال من الشيطان وييه منه ; ولذلك قال ال تعال‪{ :‬ادفع بالت هي أحسن فإذا الذي‬
‫بينك وبينه عداوة كأنه ول حيم} {وما يلقاها إل الذين صبوا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم} {وإما ينغنك‬
‫من الشيطان نزغ فاستعذ بال إنه هو السميع العليم}‪ .‬وف " الصحيحي " عن النب صلى ال عليه وسلم أنه‬
‫قال‪{ :‬إ ن لعلم كلمة لو قالا لذهب عنه ما يد أعوذ بال من الشيطان الرجيم} فأمر سبحانه بالستعاذة‬
‫ع ند طلب الع بد ال ي لئل يعو قه الشيطان ع نه ; وع ند ما يعرض عل يه من ال شر ليدف عه ع نه ع ند إرادة الع بد‬
‫للحسنات ; وعند ما يأمره الشيطان بالسيئات‪ .‬ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزال الشيطان يأت‬
‫أحد كم فيقول‪ :‬من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ ح ت يقول‪ :‬من خلق ال ؟ ف من و جد ذلك فلي ستعذ بال‬
‫ولينته} فأمر بالستعاذة عندما يطلب الشيطان أن يوقعه ف شر أو ينعه من خي ; كما يفعل العدو مع عدوه‪.‬‬
‫وكلما كان النسان أعظم رغبة ف العلم والعبادة وأقدر على ذلك من غيه بيث تكون قوته على ذلك أقوى‬
‫ورغبته وإرادته ف ذلك أت ; كان ما يصل له إن سلمه ال من الشيطان أعظم ; وكان ما يفتت به إن تكن‬
‫م نه الشيطان أع ظم‪ .‬ولذا قال الش عب‪ :‬كل أ مة علماؤ ها شرار ها إل ال سلمي فإن علماء هم خيار هم‪ .‬وأ هل‬
‫السنة ف السلم ; كأهل السلم ف اللل ; وذلك أن كل أمة غي السلمي فهم ضالون وإنا يضلهم علماؤهم‬
‫; فعلماؤهم شرارهم والسلمون على هدى وإنا يتبي الدى بعلمائهم فعلماؤهم خيارهم ; وكذلك أهل السنة‬
‫أئمتهم خيار المة وأئمة أهل البدع أضر على المة من أهل الذنوب‪ .‬ولذا أمر النب صلى ال عليه وسلم بقتل‬
‫الوارج ; ونى عن قتال الولة الظلمة ; وأولئك لم نمة ف العلم والعبادة ; فصار يعرض لم من الوساوس‬
‫ال ت تضل هم ‪ -‬و هم يظنون ا هدى فيطيعون ا ‪ -‬ما ل يعرض لغي هم و من سلم من ذلك من هم كان من أئ مة‬
‫التقي مصابيح الدى وينابيع العلم ; كما قال ابن مسعود لصحابه‪ :‬كونوا ينابيع العلم مصابيح الكمة سرج‬
‫الليل ; جدد القلوب أحلس البيوت خلقان الثياب ; تعرفون ف أهل السماء وتفون على أهل الرض‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)286‬‬
‫وم ا ينب غي أن يعلم أن اللفاظ الوجودة ف القرآن والد يث إذا عرف تف سيها و ما أر يد ب ا من ج هة ال نب‬
‫صلى ال عليه وسلم ل يتج ف ذلك إل الستدلل بأقوال أهل اللغة ول غيهم ; ولذا قال الفقهاء‪ " :‬الساء‬
‫ثلثة أنواع " نوع يعرف حده بالشرع كالصلة والزكاة ; ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر ; ونوع‬
‫يعرف حده بالعرف كلفظ القبض ولفظ العروف ف قوله‪{ :‬وعاشروهن بالعروف} ون و ذلك‪ .‬وروي عن‬
‫ا بن عباس أ نه قال‪ :‬تف سي القرآن على أرب عة أو جه‪ :‬تف سي تعر فه العرب من كلم ها وتف سي ل يعذر أ حد‬
‫بهال ته وتف سي يعل مه العلماء وتف سي ل يعل مه إل ال من اد عى عل مه ف هو كاذب‪ .‬فا سم ال صلة والزكاة‬
‫والصيام والج ونو ذلك قد بي الرسول صلى ال عليه وسلم ما يراد با ف كلم ال ورسوله وكذلك لفظ‬
‫المر وغيها ومن هناك يعرف معناها فلو أراد أحد أن يفسرها بغي ما بينه النب صلى ال عليه وسلم ل يقبل‬
‫م نه وأ ما الكلم ف اشتقاق ها وو جه دللت ها فذاك من ج نس علم البيان‪ .‬وتعل يل الحكام هو زيادة ف العلم‬
‫وبيان حكمة ألفاظ القرآن ; لكن معرفة الراد با ل يتوقف على هذا‪ .‬واسم اليان والسلم والنفاق والكفر‬
‫هي أعظم من هذا كله ; فالنب صلى ال عليه وسلم قد بي الراد بذه اللفاظ بيانا ل يتاج معه إل الستدلل‬
‫على ذلك بالشتقاق وشواهد استعمال العرب ونو ذلك ; فلهذا يب الرجوع ف مسميات هذه الساء إل‬
‫بيان ال ورسوله فإنه شاف كاف ; بل معان هذه الساء معلومة من حيث الملة للخاصة والعامة بل كل من‬
‫تأمل ما تقوله الوارج والرجئة ف معن اليان علم بالضطرار أنه مالف للرسول ويعلم بالضطرار أن طاعة‬
‫ال ورسوله من تام اليان وأنه ل يكن يعل كل من أذنب ذنبا كافرا ويعلم أنه لو قدر أن قوما قالوا للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬نن نؤمن با جئتنا به بقلوبنا من غي شك ; ونقر بألسنتنا بالشهادتي إل أنا ل نطيعك‬
‫ف شيء ما أمرت به ونيت عنه فل نصلي ول نصوم ول نج ول نصدق الديث ول نؤدي المانة ول نفي‬
‫بالعهد ول نصل الرحم ول نفعل شيئا من الي الذي أمرت به ونشرب المر ; وننكح ذوات الحارم بالزنا‬
‫الظاهر ونقتل من قدرنا عليه من أصحابك وأمتك ونأخذ أموالم بل نقتلك أيضا ونقاتلك مع أعدائك ; هل‬
‫كان يتوهم عاقل أن النب صلى ال عليه وسلم يقول لم‪ :‬أنتم مؤمنون كاملو اليان وأنتم من أهل شفاعت‬
‫يوم القيامة وير جى ل كم أل يد خل أ حد من كم النار بل كل م سلم يعلم بالضطرار أنه يقول ل م‪ :‬أن تم أك فر‬
‫الناس ب ا جئت به ويضرب رقاب م إن ل يتوبوا من ذلك‪ .‬وكذلك كل م سلم يعلم أن شارب ال مر والزا ن‬
‫والقاذف والسارق ل يكن النب صلى ال عليه وسلم يعلهم مرتدين يب قتلهم بل القرآن والنقل التواتر عنه‬
‫يبي أن هؤلء لم عقوبات غي عقوبة الرتد عن السلم كما ذكر ال ف القرآن جلد القاذف والزان وقطع‬
‫ال سارق وهذا متوا تر عن ال نب صلى ال عل يه و سلم ولو كانوا مرتد ين لقتل هم‪ .‬فكل القول ي م ا يعلم ف ساده‬
‫بالضطرار من دين الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬وأهل البدع إنا دخل عليهم الداخل لنم أعرضوا عن هذه‬
‫الطريق وصاروا يبنون دين السلم على مقدمات يظنون صحتها‪ .‬إما ف دللة اللفاظ‪ .‬وإما ف العان العقولة‪.‬‬
‫ول يتأملون بيان ال ور سوله و كل مقدمات تالف بيان ال ور سوله فإن ا تكون ضلل ولذا تكلم أح د ف‬
‫ر سالته العرو فة ف الرد على من يتم سك ب ا يظ هر له من القرآن من غ ي ا ستدلل ببيان الر سول وال صحابة‬
‫والتابعي ; وكذلك ذكر ف رسالته إل أب عبد الرحن الرجان ف الرد على الرجئة وهذه طريقة سائر أئمة‬
‫السلمي‪ .‬ل يعدلون عن بيان الرسول إذا وجدوا إل ذلك سبيل ; ومن عدل عن سبيلهم وقع ف البدع الت‬
‫مضموناه أنهه يقول على ال ورسهوله مها ل يعلم أو غيه القه وهذا ماه حرمهه ال ورسهوله‪ .‬وقال تعال فه‬
‫الشيطان‪{ :‬إن ا يأمر كم بال سوء والفحشاء وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون} وقال تعال‪{ :‬أل يؤ خذ علي هم‬
‫ميثاق الكتاب أن ل يقولوا على ال إل الق} وهذا من تفسي القرآن بالرأي الذي جاء فيه الديث‪{ :‬من قال‬
‫فه القرآن برأيهه فليتبوأ مقعده مهن النار}‪ .‬مثال ذلك أن " الرجئة " لاه عدلوا عهن معرفهة كلم ال ورسهوله‬
‫أخذوا يتكلمون ف مسمى " اليان " و " السلم " وغيها بطرق ابتدعوها مثل أن يقولوا‪ " :‬اليان ف اللغة‬
‫" هو الت صديق والر سول إن ا خا طب الناس بل غة العرب ل يغي ها فيكون مراده باليان الت صديق ; ث قالوا‪:‬‬
‫والتصهديق إناه يكون بالقلب واللسهان أو بالقلب فالعمال ليسهت مهن اليان ثه عمدتمه فه أن اليان ههو‬
‫الت صديق قوله‪{ :‬و ما أ نت بؤ من ل نا} أي ب صدق ل نا‪ .‬فيقال ل م‪ " :‬ا سم اليان " قد تكرر ذكره ف القرآن‬
‫والديث أكثر من ذكر سائر اللفاظ وهو أصل الدين وبه يرج الناس من الظلمات إل النور ; ويفرق بي‬
‫السعداء والشقياء ومن يوال ومن يعادي والدين كله تابع لذا ; وكل مسلم متاج إل معرفة ذلك ; أفيجوز‬
‫أن يكون الرسول قد أهل بيان هذا كله‪ .‬ووكله إل هاتي القدمتي ؟‪ .‬ومعلوم أن الشاهد الذي استشهدوا به‬
‫على أن اليان هو التصديق أنه من القرآن‪ .‬ونقل معن اليان متواتر عن النب صلى ال عليه وسلم أعظم من‬
‫تواتر لفظ الكلمة فإن اليان يتاج إل معرفة جيع المة فينقلونه بلف كلمة من سورة‪ .‬فأكثر الؤمني ل‬
‫يكونوا يفظون هذه السورة فل يوز أن يعل بيان أصل الدين مبنيا على مثل هذه القدمات ولذا كثر الناع‬
‫والضطراب ب ي الذين عدلوا عن صراط ال الستقيم وسلكوا ال سبل وصاروا من الذ ين فرقوا دينهم وكانوا‬
‫شيعا ومن الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتم البينات فهذا كلم عام مطلق‪ .‬ث يقال‪ " :‬هاتان القدمتان‬
‫" كلها منوعة فمن الذي قال‪ :‬إن لفظ اليان مرادف للفظ التصديق ؟ وهب أن العن يصح إذا استعمل ف‬
‫هذا الوضع فلم قلت‪ :‬إنه يوجب الترادف ؟ ولو قلت‪ :‬ما أنت بسلم لنا ما أنت بؤمن لنا صح العن لكن ل‬
‫قلت‪ :‬إن هذا هو الراد بل فظ مؤ من ؟ وإذا قال ال‪{ :‬وأقيموا ال صلة}‪ .‬ولو قال القائل‪ :‬أتوا ال صلة ولزموا‬
‫ال صلة التزموا ال صلة افعلوا ال صلة كان الع ن صحيحا‪ .‬ل كن ل يدل هذا على مع ن‪ :‬أقيموا‪ .‬فكون الل فظ‬
‫يرادف اللفظ ; يراد دللته على ذلك‪ .‬ث يقال‪ :‬ليس هو مرادفا له وذلك من وجوه‪( :‬أحدها)‪ :‬أن يقال للمخب‬
‫إذا صدقته‪ :‬صدقه ول يقال‪ :‬آم نه وآ من به‪ .‬بل يقال‪ :‬آ من له ك ما قال‪{ :‬فآ من له لوط} وقال‪{ :‬ف ما آ من‬
‫لو سى إل ذر ية من قو مه} وقال فرعون‪{ :‬آمن تم له ق بل أن آذن ل كم} وقالوا لنوح‪{ :‬أنؤ من لك واتب عك‬
‫الرذلون} وقال تعال‪{ :‬قهل أذن خيه لكهم يؤمهن بال ويؤمهن للمؤمنيه}‪ .‬فقالوا‪{ :‬أنؤمهن لبشريهن مثلنها‬
‫وقومه ما ل نا عابدون} وقال‪{ :‬وإن ل تؤمنوا ل فاعتزلون}‪ .‬فإن ق يل‪ :‬ف قد يقال‪ :‬ما أ نت ب صدق ل نا‪ .‬ق يل‪:‬‬
‫اللم تدخل على ما يتعدى بنفسه إذا ضعف عمله إما بتأخيه أو بكونه اسم فاعل أو مصدرا أو باجتماعهما‬
‫فيقال‪ :‬فلن يعبد ال ويافه ويتقيه ث إذا ذكر باسم الفاعل قيل‪ :‬هو عابد لربه متق لربه خائف لربه وكذلك‬
‫تقول‪ :‬فلن يرهب ال ث تقول‪ :‬هو راهب لربه وإذا ذكرت الفعل وأخرته تقويه باللم كقوله‪{ :‬وف نسختها‬
‫هدى ورح ة للذ ين هم لرب م يرهبون} و قد قال‪{ :‬فإياي فارهبون} فعداه بنف سه وهناك ذ كر اللم فإن ه نا‬
‫قوله‪{ :‬فإياي} أ ت من قوله‪ :‬فلي‪ .‬وقوله هنالك {لرب م} أ ت من قوله‪ :‬رب م فإن الضم ي النف صل الن صوب‬
‫أكمل من ضمي الر بالياء وهناك اسم ظاهر فتقويته باللم أول وأت من تريده ; ومن هذا قوله‪{ :‬إن كنتم‬
‫للرؤيا تعبون} ويقال‪ :‬عبت رؤياه وكذلك قوله‪{ :‬وإنم لنا لغائظون} وإنا يقال‪ :‬غظته ل يقال‪ :‬غظت له‬
‫ومثله كثي فيقول القائل‪ :‬ما أنت بصدق لنا أدخل فيه اللم لكونه اسم فاعل وإل فإنا يقال‪ :‬صدقته ل يقال‪:‬‬
‫صدقت له ولو ذكروا الفعل لقالوا‪ :‬ما صدقتنا وهذا بلف لفظ اليان فإنه تعدى إل الضمي باللم دائما ; ل‬
‫يقال‪ :‬آمنته قط وإنا يقال‪ :‬آمنت له كما يقال‪ :‬أقررت له فكان تفسيه بلفظ القرار أقرب من تفسيه بلفظ‬
‫التصديق مع أن بينهما فرقا‪( .‬الثان)‪ :‬أنه ليس مرادفا للفظ التصديق ف العن فإن كل مب عن مشاهدة أو‬
‫غيب يقال له ف اللغة‪ :‬صدقت كما يقال‪ :‬كذبت‪ .‬فمن قال‪ :‬السماء فوقنا قيل له‪ :‬صدق كما يقال‪ :‬كذب‬
‫وأ ما ل فظ اليان فل ي ستعمل إل ف ال ب عن غائب ل يو جد ف الكلم أن من أ خب عن مشاهدة ; كقوله‪:‬‬
‫طلعهت الشمهس وغربهت أنهه يقال‪ :‬آمناه كمها يقال‪ :‬صهدقناه ولذا ; الحدثون والشهود ونوههم ; يقال‪:‬‬
‫صدقناهم ; وما يقال آمنا لم ; فإن اليان مشتق من المن‪ .‬فإنا يستعمل ف خب يؤتن عليه الخب كالمر‬
‫الغائب الذي يؤتن عليه الخب ; ولذا ل يوجد قط ف القرآن وغيه لفظ آمن له إل ف هذا النوع ; والثنان‬
‫إذا اشتركا ف معرفة الشيء يقال‪ :‬صدق أحدها صاحبه ول يقال‪ :‬آمن له لنه ل يكن غائبا عنه ائتمنه عليه‬
‫ولذا قال‪{ :‬فآ من له لوط} {أنؤ من لبشر ين مثل نا}‪{ .‬آمن تم له}‪{ .‬يؤ من بال ويؤ من للمؤمن ي} في صدقهم‬
‫فيما أخبوا به‪ .‬ما غاب عنه وهو مأمون عنده على ذلك فاللفظ متضمن مع التصديق ومعن الئتمان والمانة‬
‫; ك ما يدل عل يه ال ستعمال والشتقاق ولذا قالوا‪{ :‬و ما أ نت بؤ من ل نا} أي ل ت قر بب نا ول ت ثق به ول‬
‫تطمئن إليه ولو كنا صادقي ; لنم ل يكونوا عنده من يؤتن على ذلك‪ .‬فلو صدقوا ل يأمن لم‪( .‬الثالث)‪:‬‬
‫أن ل فظ اليان ف الل غة ل يقا بل بالتكذ يب كل فظ الت صديق فإ نه من العلوم ف الل غة أن كل م ب يقال له‪:‬‬
‫صدقت أو كذبت ويقال‪ :‬صدقناه أو كذبناه ول يقال لكل مب‪ :‬آمنا له أو كذبناه ; ول يقال أنت مؤمن له‬
‫أو مكذب له ; بل العروف ف مقابلة اليان لفظ الكفر‪ .‬يقال‪ :‬هو مؤمن أو كافر والكفر ل يتص بالتكذيب‬
‫; بل لو قال‪ :‬أ نا أعلم إ نك صادق ل كن ل أتب عك بل أعاد يك وأبغ ضك وأخال فك ول أواف قك لكان كفره‬
‫أعظم ; فلما كان الكفر القابل لليان ليس هو التكذيب فقط علم أن اليان ليس هو التصديق فقط بل إذا‬
‫كان الك فر يكون تكذي با ويكون مال فة ومعاداة وامتنا عا بل تكذ يب ; فل بد أن يكون اليان ت صديقا مع‬
‫مواف قة وموالة وانقياد ل يك في مرد الت صديق ; فيكون ال سلم جزء م سمى اليان ك ما كان المتناع من‬
‫النقياد مع التصديق جزء مسمى الكفر فيجب أن يكون كل مؤمن مسلما منقادا للمر وهذا هو العمل‪ .‬فإن‬
‫قيل‪ :‬فالرسول صلى ال عليه وسلم فسر اليان با يؤمن به‪ .‬قيل‪ :‬فالرسول ذكر ما يؤمن به ل يذكر ما يؤمن‬
‫له وهو نفسه يب أن يؤمن به ويؤمن له فاليان به من حيث ثبوته غيب عنا أخبنا به وليس كل غيب آمنا به‬
‫علي نا أن نطي عه وأ ما ما ي ب من اليان له ف هو الذي يو جب طاع ته والر سول ي ب اليان به وله فينب غي أن‬
‫يعرف هذا وأيضا فإن طاعته طاعة ل وطاعة ال من تام اليان به‪( .‬الرابع)‪ :‬أن من الناس من يقول‪ :‬اليان‬
‫أصله ف اللغة من المن الذي هو ضد الوف; {فآمن} أي صار داخل ف المن وأنشدوا ‪( 000‬بياض ف‬
‫ال صل) وأ ما " القد مة الثان ية " فيقال‪ :‬إ نه إذا فرض أ نه مرادف للت صديق فقول م‪ :‬إن الت صديق ل يكون إل‬
‫بالقلب أو اللسان ; عنه جوابان‪ " .‬أحدها "‪ :‬النع بل الفعال تسمى تصديقا كما ثبت ف " الصحيح " عن‬
‫ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه قال‪{ :‬العينان تزنيان وزناه ا الن ظر ; والذن تز ن وزنا ها ال سمع ; وال يد تز ن‬
‫وزناها البطش ; والرجل تزن وزناها الشي والقلب يتمن ذلك ويشتهي ; والفرج يصدق ذلك أو يكذبه}‪.‬‬
‫وكذلك قال أهل اللغة وطوائف من السلف واللف‪ .‬قال الوهري‪ :‬والصديق مثال الفسيق‪ :‬الدائم التصديق‪.‬‬
‫ويكون الذي ي صدق قوله بالع مل‪ .‬وقال ال سن الب صري‪ :‬ل يس اليان بالتحلي ول بالتم ن ولك نه ما و قر ف‬
‫القلوب وصدقته العمال وهذا مشهور عن السن يروى عنه من غي وجه كما رواه عباس الدوري‪ :‬حدثنا‬
‫حجاج ; حدثنا أبو عبيدة الناجي عن السن قال‪ :‬ليس اليان بالتحلي ول بالتمن ; ولكن ما وقر ف القلب‬
‫وصدقته العمال‪ .‬من قال حسنا وعمل غي صال رد ال عليه قوله ومن قال حسنا وعمل صالا رفعه العمل‬
‫ذلك بأن ال يقول‪{ :‬إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصال يرفعه} ورواه ابن بطة من الوجهي‪ .‬وقوله‪ :‬ليس‬
‫اليان بالتمن ‪ -‬يعن الكلم ‪ -‬وقوله‪ :‬بالتحلي‪ .‬يعن أن يصي حلية ظاهرة له فيظهره من غي حقيقة من قلبه‬
‫ومعناه ليس هو ما يظهر من القول ول من اللية الظاهرة ولكن ما وقر ف القلب وصدقته العمال فالعمل‬
‫يصدق أن ف القلب إيانا وإذا ل يكن عمل كذب أن ف قلبه إيانا لن ما ف القلب مستلزم للعمل الظاهر‪.‬‬
‫وانتفاء اللزم يدل على انتفاء اللزوم‪ .‬وقد روى ممد بن نصر الروزي بإسناده أن عبد اللك بن مروان كتب‬
‫إل سعيد بن جبي ي سأله عن هذه السائل‪ .‬فأجابه عنها‪ :‬سألت عن اليان فاليان هو التصديق أن يصدق‬
‫الع بد بال وملئك ته و ما أنزل ال من كتاب و ما أر سل من ر سول وباليوم ال خر‪ .‬و سألت عن الت صديق‪.‬‬
‫والتصديق‪ :‬أن يعمل العبد با صدق به من القرآن وما ضعف عن شيء منه وفرط فيه عرف أنه ذنب واستغفر‬
‫ال وتاب منه ول يصر عليه فذلك هو التصديق‪ .‬وتسأل عن الدين فالدين هو العبادة فإنك لن تد رجل من‬
‫أهل الدين ترك عبادة أهل دين ث ل يدخل ف دين آخر إل صار ل دين له‪ .‬وتسأل عن العبادة والعبادة هي‬
‫الطاعة ذلك أنه من أطاع ال فيما أمره به وفيما ناه عنه فقد آثر عبادة ال ومن أطاع الشيطان ف دينه وعمله‬
‫فقد عبد الشيطان أل ترى أن ال قال للذين فرطوا‪{ :‬أل أعهد إليكم يا بن آدم أن ل تعبدوا الشيطان} وإنا‬
‫كانت عبادتم الشيطان أنم أطاعوه ف دينهم‪ .‬وقال أسد بن موسى‪ :‬حدثنا الوليد بن مسلم الوزاعي حدثنا‬
‫ح سان بن عط ية قال‪ :‬اليان ف كتاب ال صار إل الع مل‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬إن ا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال‬
‫وجلت قلوبم} الية‪ .‬ث صيهم إل العمل فقال‪{ :‬الذين يقيمون الصلة وما رزقناهم ينفقون} قال‪ :‬وسعت‬
‫الوزاعهي يقول‪ :‬قال ال تعال‪{ :‬فإن تابوا وأقاموا الصهلة وآتوا الزكاة فإخوانكهم فه الديهن} واليان بال‬
‫بالل سان والت صديق به الع مل‪ .‬وقال مع مر عن الزهري‪ :‬ك نا نقول ال سلم بالقرار واليان بالع مل واليان‪:‬‬
‫قول وع مل قرينان ل ين فع أحده ا إل بال خر و ما من أ حد إل يوزن قوله وعمله ; فإن كان عمله أوزن من‬
‫قوله‪ :‬صعد إل ال ; وإن كان كل مه أوزن من عمله ل ي صعد إل ال‪ .‬ورواه أ بو عمرو الطلمن كي بإ سناده‬
‫العروف‪ .‬وقال معاوية بن عمرو‪ :‬عن أب إسحاق الفزاري عن الوزاعي قال‪ :‬ل يستقيم اليان إل بالقول ول‬
‫يستقيم اليان والقول إل بالعمل ول يستقيم اليان والقول والعمل إل بنية موافقة للسنة‪ .‬وكان من مضى من‬
‫سلفنا ل يفرقون بي اليان والعمل ; العمل من اليان واليان من العمل ; وإنا اليان اسم يمع كما يمع‬
‫هذه الديان ا سها وي صدقه الع مل‪ .‬ف من آ من بل سانه وعرف بقل به و صدق بعمله فتلك العروة الوث قى ال ت ل‬
‫انف صام ل ا‪ .‬و من قال بلسانه ول يعرف بقل به ول ي صدق بعمله كان ف الخرة من الا سرين‪ .‬وهذا معروف‬
‫عن غي واحد من السلف واللف ; أنم يعلون العمل مصدقا للقول ; ورووا ذلك عن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم كما رواه معاذ بن أسد‪ :‬حدثنا الفضيل بن عياض عن ليث بن أب سليم عن ماهد‪{ :‬أن أبا ذر سأل‬
‫ال نب صلى ال عل يه و سلم عن اليان‪ .‬فقال‪ :‬اليان‪ :‬القرار والت صديق بالع مل ; ث تل {ل يس الب أن تولوا‬
‫وجوه كم ق بل الشرق والغرب} إل قوله {وأولئك هم التقون}}‪ .‬قلت حد يث أ ب ذر هذا مروي من غ ي‬
‫و جه ; فإن كان هذا الل فظ هو ل فظ الر سول فل كلم وإن كانوا رووه بالع ن دل على أ نه من العروف ف‬
‫لغتههم أنهه يقال‪ :‬صهدق قوله بعمله ; وكذلك قال شيهخ السهلم الروي‪ :‬اليان تصهديق كله‪ .‬وكذلك "‬
‫الواب الثان " أنه إذا كان أصله التصديق فهو تصديق مصوص كما أن الصلة دعاء مصوص والج قصد‬
‫مصوص والصيام إمساك مصوص ; وهذا التصديق له لوازم صارت لوازمه داخلة ف مسماه عند الطلق ;‬
‫فإن انتفاء اللزم يقت ضي انتفاء اللزوم ويب قى الناع لفظ يا‪ :‬هل اليان دال على الع مل بالتض من أو باللزوم ؟‬
‫وما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بي أهل السنة ف هذه السألة هو نزاع لفظي وإل فالقائلون بأن اليان‬
‫قول من الفقهاء ‪ -‬كحماد بن أ ب سليمان و هو أول من قال ذلك و من اتب عه من أ هل الكو فة وغي هم ‪-‬‬
‫متفقون مع جيع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تت الذم والوعيد وإن قالوا‪ :‬إن إيانم كامل‬
‫كإيان جبيل فهم يقولون‪ :‬إن اليان بدون العمل الفروض ومع فعل الحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم‬
‫والعقاب ك ما تقوله الما عة‪ .‬ويقولون أي ضا بأن من أ هل الكبائر من يد خل النار ك ما تقوله الما عة والذ ين‬
‫ينفون عن الفاسق اسم اليان من أهل السنة متفقون على أنه ل يلد ف النار‪ .‬فليس بي فقهاء اللة نزاع ف‬
‫أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا ب ا جاء به الرسول وما تواتر عنه أنم من أهل الوعيد وأنه‬
‫يد خل النار من هم من أ خب ال ور سوله بدخوله إلي ها ول يلد من هم في ها أ حد ول يكونون مرتد ين مبا حي‬
‫الدماء ولكهن " القوال النحرفهة " قول مهن يقول بتخليدههم فه النار كالوارج والعتزلة‪ .‬وقول غلة الرجئة‬
‫الذين يقولون‪ :‬ما نعلم أن أحدا منهم يدخل النار ; بل نقف ف هذا كله‪ .‬وحكي عن بعض غلة الرجئة الزم‬
‫بالنفي العام‪ .‬ويقال للخوارج‪ :‬الذي نفى عن السارق والزان والشارب وغيهم اليان ; هو ل يعلهم مرتدين‬
‫عن السلم ; بل عاقب هذا باللد وهذا بالقطع ول يقتل أحدا إل الزان الحصن ول يقتله قتل الرتد ; فإن‬
‫الرتد يقتل بالسيف بعد الستتابة وهذا يرجم بالجارة بل استتابة‪ .‬فدل ذلك على أنه وإن نفى عنهم اليان‬
‫فليسوا عنده مرتدين عن السلم مع ظهور ذنوبم وليسوا كالنافقي الذين كانوا يظهرون السلم ويبطنون‬
‫الكفر فأولئك ل يعاقبهم إل على ذنب ظاهر‪ .‬وبسبب الكلم ف " مسألة اليان " تنازع الناس هل ف اللغة‬
‫أ ساء شرع ية نقل ها الشارع عن م سماها ف الل غة أو أن ا باق ية ف الشرع على ما كا نت عل يه ف الل غة ل كن‬
‫الشارع زاد ف أحكامها ل ف معن الساء ؟‪ .‬وهكذا قالوا ف اسم " الصلة " و " الزكاة " و " الصيام " "‬
‫والج " إنا باقية ف كلم الشارع على معناها اللغوي لكن زاد ف أحكامها‪ .‬ومقصودهم أن اليان هو مرد‬
‫التصديق وذلك يصل بالقلب واللسان‪ .‬وذهبت طائفة ثالثة إل أن الشارع تصرف فيها تصرف أهل العرف‬
‫فهي بالنسبة إل اللغة ماز وبالنسبة إل عرف الشارع حقيقة‪ .‬والتحقيق أن الشارع ل ينقلها ول يغيها ولكن‬
‫استعملها مقيدة ل مطلقة كما يستعمل نظائرها كقوله تعال‪{ :‬ول على الناس حج البيت} فذكر حجا خاصا‬
‫وهو حج البيت وكذلك قوله‪{ :‬فمن حج البيت أو اعتمر} فلم يكن لفظ الج متناول لكل قصد بل لقصد‬
‫م صوص دل عل يه الل فظ نف سه من غ ي تغي ي الل غة والشا عر إذا قال‪ :‬واش هد من عوف حلول كثية يجون‬
‫سب الزبرقان الزعفرا كان متكلما باللغة وقد قيد‪ :‬لفظه‪ :‬بج سب الزبرقان الزعفر‪ .‬ومعلوم أن ذلك ال ج‬
‫الخصوص دلت عليه الضافة فكذلك الج الخصوص الذي أمر ال به دلت عليه الضافة أو التعريف باللم‪:‬‬
‫فإذا ق يل‪ :‬ال ج فرض عل يك كا نت لم الع هد تبي أ نه حج الب يت وكذلك " الزكاة " هي ا سم ل ا تز كو به‬
‫النفس ; وزكاة النفس زيادة خيها وذهاب شرها والحسان إل الناس من أعظم ما تزكو به النفس ; كما‬
‫قال تعال‪ { :‬خذ من أموال م صدقة تطهرهم وتزكيهم ب ا} وكذلك ترك الفوا حش م ا تز كو به‪ .‬قال تعال‪.‬‬
‫{ولول فضل ال عليكم ورحته ما زكا منكم من أحد أبدا} وأصل زكاتا بالتوحيد وإخلص الدين ل ; قال‬
‫تعال‪{ :‬وو يل للمشرك ي} {الذ ين ل يؤتون الزكاة} و هي ع ند الف سرين التوح يد‪ .‬و قد ب ي ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم مقدار الواجب و ساها الزكاة الفروضة ; فصار لفظ الزكاة إذا عرف باللم ينصرف إليها لجل‬
‫الع هد و من ال ساء ما يكون أ هل العرف نقلوه وين سبون ذلك إل الشارع م ثل ل فظ " التي مم " فإن ال تعال‬
‫قال‪{ :‬فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} فلفظ " التيمم " استعمل ف معناه العروف ف‬
‫اللغة فإنه أمر بتيمم الصعيد ث أمر بسح الوجوه واليدي منه ; فصار لفظ التيمم ف عرف الفقهاء يدخل فيه‬
‫هذا السح ; وليس هو لغة الشارع بل الشارع فرق بي تيمم الصعيد وبي السح الذي يكون بعده ولفظ "‬
‫اليان " أمهر بهه مقيدا باليان بال وملئكتهه وكتبهه ورسهله وكذلك لفهظ " السهلم " بالسهتسلم ل رب‬
‫العالي ; وكذلك لفظ " الكفر " مقيدا ; ولكن لفظ " النفاق " قد قيل‪ :‬إنه ل تكن العرب تكلمت به لكنه‬
‫مأخوذ من كلمهم فإن نفق يشبه خرج ومنه نفقت الدابة إذا ماتت‪ :‬ومنه نافقاء اليبوع والنفق ف الرض‬
‫قال تعال‪{ :‬فإن استطعت أن تبتغي نفقا ف الرض} فالنافق هو الذي خرج من اليان باطنا بعد دخوله فيه‬
‫ظاهرا ; وقيد النفاق بأنه نفاق من اليان‪ .‬ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة اللك منافقا عليه ; لكن‬
‫النفاق الذي ف القرآن هو النفاق على الرسول‪ .‬فخطاب ال ورسوله للناس بذه الساء كخطاب الناس بغيها‬
‫; وهو خطاب مقيد خاص ل مطلق يتمل أنواعا‪ .‬وقد بي الرسول تلك الصائص ; والسم دل عليها ; فل‬
‫يقال‪ :‬إنا منقولة ول إنه زيد ف الكم دون السم ; بل السم إنا استعمل على وجه يتص براد الشارع ; ل‬
‫يستعمل مطلقا وهو إنا قال‪{ :‬وأقيموا الصلة} بعد أن عرفهم الصلة الأمور با ; فكان التعريف منصرفا إل‬
‫الصلة الت يعرفونا ; ل يرد لفظ الصلة وهم ل يعرفون معناه‪ .‬ولذا كل من قال ف لفظ الصلة‪ :‬إنه عام‬
‫للمعن اللغوي ; أو إنه ممل لتردده بي العن اللغوي والشرعي ونو ذلك ; فأقوالم ضعيفة فإن هذا اللفظ إنا‬
‫ورد خبا أو أمرا فالب كقوله‪{ :‬أرأيت الذي ينهى} {عبدا إذا صلى} وسورة {اقرأ} من أول ما نزل من‬
‫القرآن {وكان ب عض الكفار إ ما أ بو ج هل أو غيه قد ن ى ال نب صلى ال عل يه و سلم عن ال صلة وقال‪ :‬لئن‬
‫رأيته يصلي لطأن عنقه‪ .‬فلما رآه ساجدا رأى من الول ما أوجب نكوصه على عقبيه} ; فإذا قيل‪{ :‬أرأيت‬
‫الذي ينهى} {عبدا إذا صلى} فقد علمت تلك الصلة الواقعة بل إجال ف اللفظ ول عموم‪ .‬ث إنه لا فرضت‬
‫الصلوات ال مس ليلة العراج أقام ال نب صلى ال عليه و سلم ل م الصلوات بواقيتها صبيحة ذلك اليوم وكان‬
‫جبائيل يؤم النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬والسلمون يأتون بالنب صلى ال عليه وسلم‪ .‬فإذا قيل لم‪{ :‬وأقيموا‬
‫الصلة} عرفوا أنا تلك الصلة وقيل‪ :‬إنه قبل ذلك كانت له صلتان طرف النهار فكانت أيضا معروفة فلم‬
‫ياطبوا با سم من هذه ال ساء إل وم سماه معلوم عند هم‪ .‬فل إجال ف ذلك ول يتناول كل ما ي سمى ح جا‬
‫ودعاء وصوما فإن هذا إنا يكون إذا كان اللفظ مطلقا وذلك ل يرد‪ .‬وكذلك " اليان " و " السلم " وقد‬
‫كان معن ذلك عندهم من أظهر المور وإنا سأل جبيل النب صلى ال عليه وسلم عن ذلك وهم يسمعون‬
‫وقال‪{ :‬هذا جبيل جاءكم يعلمكم دينكم} ليبي لم كمال هذه الساء وحقائقها الت ينبغي أن تقصد لئل‬
‫يقتصروا على أدن مسمياتا وهذا كما ف الديث الصحيح أنه قال‪{ :‬ليس السكي هذا الطواف الذي ترده‬
‫اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن السكي الذي ل يد غن يغنيه ول يفطن له فيتصدق عليه ول يسأل‬
‫الناس إلافا} فهم كانوا يعرفون السكي وأنه الحتاج وكان ذلك مشهورا عندهم فيمن يظهر حاجته بالسؤال‬
‫فبي النب صلى ال عليه وسلم أن الذي يظهر حاجته بالسؤال والناس يعطونه تزول مسكنته بإعطاء الناس له‬
‫والسؤال له بنلة الرفة وهو وإن كان مسكينا يستحق من الزكاة إذا ل يعط من غيها كفايته فهو إذا وجد‬
‫من يعطيه كفايته ل يبق مسكينا وإنا السكي الحتاج الذي ل يسأل ول يعرف فيعطى‪ .‬فهذا هو الذي يب‬
‫أن يقدم ف العطاء فإنه مسكي قطعا وذاك مسكنته تندفع بعطاء من يسأله وكذلك قوله‪ " :‬السلم هو المس‬
‫" يريد أن هذا كله واجب داخل ف السلم فليس للنسان أن يكتفي بالقرار بالشهادت ي ; وكذلك اليان‬
‫ي ب أن يكون على هذا الو جه الف صل ل يكت في ف يه باليان الج مل ولذا و صف ال سلم بذا‪ .‬و قد ات فق‬
‫السلمون على أنه من ل يأت بالشهادتي فهو كافر وأما العمال الربعة فاختلفوا ف تكفي تاركها ونن إذا‬
‫قلنا‪ :‬أهل السنة متفقون على أنه ل يكفر بالذنب فإنا نريد به العاصي كالزنا والشرب وأما هذه البان ففي‬
‫تكفي تاركها نزاع مشهور‪ .‬وعن أحد‪ :‬ف ذلك نزاع وإحدى الروايات عنه‪ :‬إنه يكفر من ترك واحدة منها‬
‫و هو اختيار أ ب ب كر وطائ فة من أ صحاب مالك كا بن حبيب‪ .‬وع نه روا ية ثان ية‪ :‬ل يك فر إل بترك ال صلة‬
‫والزكاة ف قط وروا ية ثال ثة‪ :‬ل يك فر إل بترك ال صلة والزكاة إذا قا تل المام علي ها وراب عة‪ :‬ل يك فر إل بترك‬
‫ال صلة‪ .‬وخام سة‪ :‬ل يك فر بترك ش يء من هن‪ .‬وهذه أقوال معرو فة لل سلف‪ .‬قال ال كم بن عتي بة‪ :‬من ترك‬
‫الصلة متعمدا فقد كفر ومن ترك الزكاة متعمدا فقد كفر‪ .‬ومن ترك الج متعمدا فقد كفر‪ .‬ومن ترك صوم‬
‫رمضان متعمدا ف قد ك فر‪ .‬وقال سعيد بن جبي‪ :‬من ترك ال صلة متعمدا ف قد ك فر بال‪ .‬و من ترك الزكاة‬
‫متعمدا فقهد كفهر بال‪ .‬ومهن ترك صهوم رمضان متعمدا فقهد كفهر بال‪ .‬وقال الضحاك‪ :‬ل ترفهع الصهلة إل‬
‫بالزكاة‪ .‬وقال عبد ال بن مسعود‪ :‬من أقام الصلة ول يؤت الزكاة فل صلة له‪ .‬رواهن أسد بن موسى‪ .‬وقال‬
‫ع بد ال بن عمرو‪ :‬من شرب ال مر م سيا أ صبح مشر كا و من شر به م صبحا أم سى مشر كا فق يل لبراه يم‬
‫النخعي‪ :‬كيف ذلك ؟ قال‪ :‬لنه يترك الصلة قال أبو عبد ال الخنس ف كتابه‪ :‬من شرب السكر فقد تعرض‬
‫لترك الصلة ومن ترك الصلة فقد خرج من اليان‪ .‬وما يوضح ذلك أن جبيل لا سأل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن السلم واليان والحسان كان ف آخر المر بعد فرض الج والج إنا فرض سنة تسع أو عشر‪.‬‬
‫وقد اتفق الناس على أنه ل يفرض قبل ست من الجرة ومعلوم أن الرسول صلى ال عليه وسلم ل يأمر الناس‬
‫باليان‪ .‬ول يبي لم معناه إل ذلك الوقت بل كانوا يعرفون أصل معناه وهذه السائل لبسطها موضع آخر‪ .‬و‬
‫(القصهود هنها) أن مهن نفهى عنهه الرسهول اسهم " اليان " أو " السهلم " فل بهد أن يكون قهد ترك بعهض‬
‫الواجبات فيه وإن بقي بعضها ولذا كان الصحابة والسلف يقولون‪ :‬إنه يكون ف العبد إيان ونفاق‪ .‬قال أبو‬
‫داود السجستان‪ :‬حدثنا أحد بن حنبل حدثنا وكيع عن العمش عن شقيق عن أب القدام عن أب يي قال‪:‬‬
‫سئل حذيفة عن النا فق‪ .‬قال‪ :‬الذي يعرف السلم ول يعمل به‪ .‬وقال أبو داود‪ :‬حدثنا عثمان بن أب شيبة‬
‫حدث نا جر ير عن الع مش عن عمرو بن مرة عن أ ب البختري عن حذي فة قال‪ :‬القلوب أرب عة‪ :‬قلب أغلف‬
‫فذلك قلب الكا فر وقلب م صفح وذلك قلب النا فق وقلب أجرد ف يه سراج يز هر فذلك قلب الؤ من ; وقلب‬
‫ف يه إيان ونفاق ; فم ثل اليان ف يه كم ثل شجرة يد ها ماء ط يب ; وم ثل النفاق م ثل قر حة يد ها ق يح ودم ;‬
‫فأيه ما غلب عل يه غلب‪ .‬و قد روي مرفو عا ; و هو ف " ال سند " مرفو عا‪ .‬وهذا الذي قاله حذي فة يدل عل يه‬
‫قوله تعال‪{ :‬هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان} فقد كان قبل ذلك فيهم نفاق مغلوب فلما كان يوم أحد‬
‫غلب نفاقهم فصاروا إل الكفر أقرب‪ .‬وروى عبد ال بن البارك عن عوف بن أب جيلة عن عبد ال بن عمرو‬
‫بن هند عن علي بن أب طالب قال‪ :‬إن اليان يبدو لظة بيضاء ف القلب فكلما ازداد العبد إيانا ازداد القلب‬
‫بيا ضا ح ت إذا ا ستكمل اليان اب يض القلب كله‪ .‬وإن النفاق يبدو ل ظة سوداء ف القلب فكل ما ازداد الع بد‬
‫نفاقها ازداد القلب سهوادا حته إذا اسهتكمل العبهد النفاق اسهود القلب وأيه ال لو شققتهم عهن قلب الؤمهن‬
‫لوجدتوه أبيض ولو شققتم عن قلب النافق والكافر لوجدتوه أسود‪ .‬وقال ابن مسعود‪ :‬الغناء ينبت النفاق ف‬
‫القلب كما ينبت الاء البقل‪ .‬رواه أحد وغيه وهذا كثي ف كلم السلف يبينون أن القلب قد يكون فيه إيان‬
‫ونفاق والكتاب والسنة يدلن على ذلك فإن النب صلى ال عليه وسلم ذكر شعب اليان وذكر شعب النفاق‬
‫وقال‪{ :‬من كانت فيه شعبة منهن كانت فيه شعبة من النفاق حت يدعها} وتلك الشعبة قد يكون معها كثي‬
‫من شعب اليان ولذا قال‪{ :‬ويرج من النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} فعلم أن من كان معه من‬
‫اليان أقل القليل ل يلد ف النار وأن من كان معه كثي من النفاق فهو يعذب ف النار على قدر ما معه من‬
‫ذلك ثه يرج مهن النار‪ .‬وعلى هذا فقوله للعراب‪{ :‬ل تؤمنوا ولكهن قولوا أسهلمنا ولاه يدخهل اليان فه‬
‫قلوب كم} ن فى حقي قة دخول اليان ف قلوب م وذلك ل ي نع أن يكون مع هم شع بة م نه ك ما نفاه عن الزا ن‬
‫وال سارق و من ل ي ب لخ يه ما ي ب لنف سه و من ل يأ من جاره بوائ قه وغ ي ذلك ك ما تقدم ذكره فإن ف‬
‫القرآن والديث من نفي عنه اليان لترك بعض الواجبات شيء كثي‪ .‬وحينئذ فنقول‪ :‬من قال من ال سلف‪:‬‬
‫أسلمنا أي استسلمنا خوف السيف وقول من قال‪ :‬هو السلم‪ .‬الميع صحيح فإن هذا إنا أراد الدخول ف‬
‫السلم والسلم الظاهر يدخل فيه النافقون فيدخل فيه من كان ف قلبه إيان ونفاق وقد علم أنه يرج من‬
‫النار من ف قلبه مثقال ذرة من إيان بلف النافق الحض الذي قلبه كله أسود فهذا هو الذي يكون ف الدرك‬
‫ال سفل من النار ولذا كان ال صحابة يشون النفاق على أنف سهم ول يافوا التكذ يب ل ور سوله فإن الؤ من‬
‫يعلم من نفسه أنه ل يكذب ال ورسوله يقينا وهذا مستند من قال‪ :‬أنا مؤمن حقا فإنه أراد بذلك ما يعلمه من‬
‫من نفسه من التصديق الازم ولكن اليان ليس مرد التصديق بل ل بد من أعمال قلبية تستلزم أعمال ظاهرة‬
‫كما تقدم فحب ال ورسوله من اليان وحب ما أمر ال به وبغض ما نى عنه هذا من أخص المور باليان‬
‫ولذا ذكر النب صلى ال عليه وسلم ف عدة أحاديث أن‪{ :‬من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن} فهذا‬
‫يب السنة ويفرح با ويبغض السيئة ويسوءه فعلها وإن فعلها بشهوة غالبة وهذا الب والبغض من خصائص‬
‫اليان‪ .‬ومعلوم أن الزان حي يزن إنا يزن لب نفسه لذلك الفعل فلو قام بقلبه خشية ال الت تقهر الشهوة‬
‫أو حهب ال الذي يغلبهها ; ل يزن ولذا قال تعال عهن يوسهف عليهه السهلم‪{ :‬كذلك لنصهرف عنهه السهوء‬
‫والفحشاء إنه من عبادنا الخلصي} فمن كان ملصا ل حق الخلص ل يزن وإنا يزن للوه عن ذلك وهذا‬
‫هو اليان الذي ينع منه ل ينع منه نفس التصديق ولذا قيل‪ :‬هو مسلم وليس بؤمن ; فإن السلم الستحق‬
‫للثواب ل بد أن يكون م صدقا وإل كان مناف قا ; ل كن ل يس كل من صدق قام بقل به من الحوال اليان ية‬
‫الواجبة مثل كمال مبة ال ورسوله ومثل خشية ال والخلص له ف العمال والتوكل عليه بل يكون الرجل‬
‫مصدقا با جاء به الرسول وهو مع ذلك يرائي بأعماله ويكون أهله وماله أحب إليه من ال ورسوله والهاد ف‬
‫سبيله و قد خو طب بذا الؤمنون ف آ خر ال مر ف سورة " براءة " فق يل ل م‪{ :‬إن كان آباؤ كم وأبناؤ كم‬
‫وإخوانكم وأزواجكم وعشيتكم وأموال اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم‬
‫من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأت ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقي} ومعلوم أن كثيا‬
‫من السلمي أو أكثرهم بذه الصفة‪ .‬وقد ثبت أنه ل يكون الرجل مؤمنا حت يكون ال ورسوله أحب إليه ما‬
‫سواها ; وإنا الؤمن من ل يرتب وجاهد باله ونفسه ف سبيل ال فمن ل تقم بقلبه الحوال الواجبة ف اليان‬
‫فهو الذي نفى عنه الرسول اليان وإن كان معه التصديق والتصديق من اليان ول بد أن يكون مع التصديق‬
‫ش يء من حب ال وخش ية ال وإل فالت صديق الذي ل يكون م عه ش يء من ذلك ل يس إيا نا ألب تة بل هو‬
‫كت صديق فرعون واليهود وإبل يس وهذا هو الذي أنكره ال سلف على الهم ية‪ .‬قال الميدي‪ :‬سعت وكي عا‬
‫يقول‪ :‬أ هل ال سنة يقولون‪ :‬اليان قول وع مل والرجئة يقولون‪ :‬اليان قول‪ .‬والهم ية يقولون‪ :‬اليان العر فة‬
‫وف رواية أخرى عنه‪ :‬وهذا كفر‪ .‬قال ممد بن عمر الكلب‪ :‬سعت وكيعا يقول‪ :‬الهمية شر من القدرية‬
‫قال‪ :‬وقال وكيع‪ :‬الرجئة‪ :‬الذين يقولون‪ :‬القرار يزئ عن العمل ; ومن قال هذا فقد هلك ; ومن قال‪ :‬النية‬
‫تزئ عن الع مل ف هو ك فر و هو قول ج هم وكذلك قال أح د بن حن بل‪ .‬ولذا كان القول‪ :‬إن اليان قول‬
‫وعمل عند أهل السنة من شعائر السنة وحكى غي واحد الجاع على ذلك وقد ذكرنا عن الشافعي رضي ال‬
‫عنه ما ذكره من الجاع على ذلك قوله ف " الم "‪ :‬وكان الجاع من الصحابة والتابع ي من بعدهم ومن‬
‫أدركناهم يقولون‪ :‬إن اليان قول وعمل ونية ل يزئ واحد من الثلثة إل بالخر ; وذكر ابن أب حات ‪ -‬ف‬
‫" مناقبه " ‪ :-‬سعت حرملة يقول‪ :‬اجتمع حفص الفرد ومصلن الباضي عند الشافعي ف دار الروي فتناظرا‬
‫معه ف اليان فاحتج مصلن ف الزيادة والنقصان وخالفه حفص الفرد فحمي الشافعي وتقلد السألة على أن‬
‫اليان قول وعمل يزيد وينقص فطحن حفصا الفرد وقطعه‪ .‬وروى أبو عمرو الطلمنكي بإسناده العروف عن‬
‫موسى بن هارون المال قال‪ :‬أملى علينا إسحاق بن راهويه أن اليان قول وعمل يزيد وينقص ل شك أن‬
‫ذلك ك ما و صفنا وإن ا عقل نا هذا بالروايات ال صحيحة والثار العا مة الحك مة ; وآحاد أ صحاب ر سول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم والتابع ي وهلم جرا على ذلك وكذلك ب عد التابع ي من أ هل العلم على ش يء وا حد ل‬
‫يتلفون فيهه وكذلك فه عههد الوزاعهي بالشام وسهفيان الثوري بالعراق ; ومالك بهن أنهس بالجاز ومعمهر‬
‫باليمن على ما فسرنا وبينا أن اليان قول وع مل يزيد وينقص‪ .‬وقال إسحاق‪ :‬من ترك الصلة متعمدا حت‬
‫ذهب وقت الظهر إل الغرب والغرب إل نصف الليل فإنه كافر بال العظيم يستتاب ثلثة أيام فإن ل يرجع‬
‫وقال تركها ل يكون كفرا ضربت عنقه ‪ -‬يعن تاركها‪ .‬وقال ذلك ‪ -‬وأما إذا صلى وقال ذلك فهذه مسألة‬
‫اجتهاد قال‪ :‬واتبعهم على ما وصفنا من بعدهم من عصرنا هذا أهل العلم إل من باين الماعة واتبع الهواء‬
‫الختل فة فأولئك قوم ل يع بأ ال ب م ل ا باينوا الما عة‪ .‬قال أ بو عب يد القا سم بن سلم المام ‪ -‬وله كتاب‬
‫مصنف ف اليان قال ‪ :-‬هذه تسمية من كان يقول‪ :‬اليان قول وعمل يزيد وينقص‪ .‬من أهل مكة‪ :‬عبيد بن‬
‫عمي الليثي‪ ،‬عطاء بن أب رباح‪ ،‬ماهد بن جب‪ ،‬وابن أب مليكة ; عمرو بن دينار ; ابن أب نيح عبيد ال بن‬
‫عمر ; عبد ال بن عمرو بن عثمان‪ ،‬عبداللك بن جريح‪ ،‬نافع بن جبي‪ ،‬داود بن عبد الرحن العطار‪ ،‬عبد ال‬
‫بن رجاء‪ .‬ومن أهل الدينة‪ :‬ممد بن شهاب الزهري‪ ،‬ربيعة بن أب عبد الرحن‪ ،‬أبو حازم العرج‪ ،‬سعد بن‬
‫إبراه يم بن ع بد الرح ن بن عوف‪ ،‬ي ي بن سعيد الن صاري‪ ،‬هشام بن عروة بن الزب ي‪ ،‬ع بد ال بن ع مر‬
‫العمري‪ ،‬مالك بن أنس‪ ،‬ممد بن أب ذئب‪ ،‬سليمان بن بلل‪ ،‬عبد العزيز بن عبد ال ‪-‬يعن الاجشون‪ ،-‬عبد‬
‫العزيز بن أب حازم‪ .‬ومن أهل اليمن‪ :‬طاووس اليمان‪ ،‬وهب بن منبه‪ ،‬معمر بن راشد‪ ،‬عبدالرزاق بن هام‪.‬‬
‫ومن أهل مصر والشام‪ :‬مكحول‪ ،‬الوزاعي‪ ،‬سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬الوليد بن مسلم‪ ،‬يونس بن يزيد اليلي‪،‬‬
‫يزيد بن أب حبيب‪ ،‬يزيد بن شريح‪ ،‬سعيد بن أب أيوب‪ ،‬الليث بن سعد‪ ،‬عبد ال بن أب جعفر‪ ،‬معاوية بن أب‬
‫صال‪ ،‬حيوة ابن شريح‪ ،‬عبد ال بن وهب‪ .‬ومن سكن العواصم وغيها من الزيرة‪ :‬ميمون بن مهران‪ ،‬يي‬
‫بن عبد الكري‪ ،‬معقل بن عبيدال‪ ،‬عبيدال بن عمرو الرقي‪ ،‬عبد اللك بن مالك‪ ،‬العاف بن عمران‪ ،‬ممد بن‬
‫سلمة الران‪ ،‬أبو إسحاق الفزاري‪ ،‬ملد بن السي‪ ،‬علي بن بكار‪ ،‬يوسف بن أسباط‪ ،‬عطاء بن مسلم‪ ،‬ممد‬
‫بن كثي‪ ،‬اليثم بن جيل‪ .‬ومن أهل الكوفة‪ :‬علقمة‪ ،‬السود بن يزيد‪ ،‬أبو وائل‪ ،‬سعيد بن جبي‪ ،‬الربيع بن‬
‫خيثم‪ ،‬عامر الشعب ‪،‬إبراهيم النخعي‪ ،‬الكم بن عتيبة‪ ،‬طلحة بن مصرف‪ ،‬منصور بن العتمر‪ ،‬سلمة بن كهيل‪،‬‬
‫مغية ال ضب‪،‬ي عطاء بن ال سائب‪ ،‬إ ساعيل بن أ ب خالد‪ ،‬أ بو حيان ي ي بن سعيد‪ ،‬سليمان بن مهران‬
‫العمش‪ ،‬يزيد بن أب زياد‪ ،‬سفيان بن سعيد الثوري‪ ،‬سفيان بن عيينة‪ ،‬الفضيل بن عياض‪ ،‬أبو القدام ثابت بن‬
‫العجلن‪ ،‬ابن شبمة‪ ،‬ابن أب ليلى‪ ،‬زهي‪ ،‬شريك بن عبد ال ‪ ،‬السن بن صال‪ ،‬حفص بن غياث‪ ،‬أبو بكر‬
‫بن عياش‪ ،‬أبو الحوص‪ ،‬وكيع بن الراح‪ ،‬عبدال بن ني ‪ ،‬أبو أسامة عبد ال بن إدريس ‪ ،‬زيد بن الباب‪،‬‬
‫ال سي بن علي الع في ‪ ،‬م مد بن ب شر العبدي ‪ ،‬ي ي بن آدم‪ ،‬وم مد ويعلى وعمرو ب نو عب يد‪ .‬و من أ هل‬
‫البصرة‪ :‬السن بن أب السن‪ ،‬ممد بن سيين‪ ،‬قتادة ابن دعامة‪ ،‬بكر بن عبدال الزن ‪ ،‬أيوب السختيان ‪،‬‬
‫يونس بن عبيد‪ ،‬عبد ال بن عون‪ ،‬سليمان التيمي‪ ،‬هشام بن حسان الدستوائي ‪ ،‬شعبة ابن الجاج‪ ،‬حاد‬
‫بن سلمة‪ ،‬حاد بن زيد‪ ،‬أبو الشهب يزيد بن إبراهيم‪ ،‬أبو عوانة وهيب بن خالد‪ ،‬عبدالوارث بن سعيد ‪،‬‬
‫معت مر بن سليمان التي مي ‪ ،‬ي ي بن سعيد القطان ‪ ،‬ع بد الرح ن بن مهدي ‪ ،‬ب شر بن الف ضل ‪ ،‬يز يد بن‬
‫زريع ‪ ،‬الؤمل بن إساعيل‪ ،‬خالد بن الارث‪ ،‬معاذ بن معاذ‪ ،‬أبو عبد الرحن القري‪ .‬ومن أهل واسط‪ :‬هشيم‬
‫بن بشي‪ ،‬خالد بن عبد ال ‪ ،‬علي بن عاصم‪ ،‬يزيد بن هارون‪ ،‬صال بن عمر بن علي بن عاصم‪ .‬ومن أهل‬
‫الشرق‪ :‬الضحاك بن مزاحم‪ ،‬أبو جرة نصر بن عمران‪ ،‬عبد ال بن البارك‪ ،‬النضر بن شيل‪ ،‬جرير بن عبد‬
‫الم يد ال ضب‪ .‬قال أ بو عب يد‪ :‬هؤلء جي عا يقولون‪ :‬اليان قول وع مل يز يد وين قص ; و هو قول أ هل ال سنة‬
‫العمول به عندنا‪ .‬قلت‪ :‬ذكر من الكوفيي من قال ذلك أكثر ما ذكر من غيهم لن الرجاء ف أهل الكوفة‬
‫كان أول في هم أك ثر وكان أول من قاله حاد بن أ ب سليمان فاحتاج علماؤ ها أن يظهروا إنكار ذلك فك ثر‬
‫من هم من قال ذلك ; ك ما أن التج هم وتعط يل ال صفات ل ا كان ابتداء حدو ثه من خرا سان ك ثر من علماء‬
‫خراسان ذلك الوقت من النكار على الهمية ما ل يوجد قط لن ل تكن هذه البدعة ف بلده ول سع با كما‬
‫جاء ف حد يث‪{ :‬إن ل ع ند كل بد عة يكاد ب ا ال سلم وأهله من يتكلم بعلمات ال سلم ; فاغتنموا تلك‬
‫الجالس فإن الرح ة تنل على أهل ها} أو ك ما قال‪ .‬وإذا كان من قول ال سلف‪ :‬إن الن سان يكون ف يه إيان‬
‫ونفاق فكذلك ف قولم‪ :‬إنه يكون فيه إيان وكفر ليس هو الكفر الذي ينقل عن اللة ; كما قال ابن عباس‬
‫وأ صحابه ف قوله تعال‪{ :‬و من ل ي كم ب ا أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قالوا‪ :‬كفروا كفرا ل ين قل عن‬
‫اللة وقد اتبعهم على ذلك أحد بن حنبل وغيه من أئمة السنة‪ .‬قال المام ممد بن نصر الروزي ف كتاب "‬
‫ال صلة "‪ :‬اختلف الناس ف تف سي حد يث جبائ يل هذا فقال طائ فة من أ صحابنا‪ :‬قول ال نب صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪{ :‬اليان أن تؤمن بال} وما ذكر معه كلم جامع متصر له غور وقد وهت الرجئة ف تفسيه فتأولوه‬
‫على غي تأويله قلة معرفة منهم بلسان العرب وغور كلم النب صلى ال عليه و سلم الذي قد أعطي جوامع‬
‫الكلم وفواته واختصر له الديث اختصارا‪ .‬أما قوله‪{ :‬اليان أن تؤمن بال} فأن توحده وتصدق به بالقلب‬
‫واللسان وتضع له ولمره بإعطاء العزم للداء لا أمر مانبا للستنكاف والستكبار والعاندة فإذا فعلت ذلك‬
‫لزمت مابه واجتنبت مساخطه‪ .‬وأما قوله‪ " :‬وملئكته " فأن تؤمن بن سى ال لك منهم ف كتابه وتؤمن بأن‬
‫ل ملئكة سواهم ل يعرف أ ساءهم وعددهم إل الذي خلقهم‪ .‬وأما قوله‪ " :‬وكتبه " فأن تؤمن با سى ال‬
‫من كت به ف كتا به من التوراة والن يل والزبور خا صة ; وتؤمن بأن ل سوى ذلك كتبا أنزل ا على أنبيائه ل‬
‫يعرف أساءها وعددها إل الذي أنزلا وتؤمن بالفرقان وإيانك به غي إيانك بسائر الكتب‪ .‬إيانك بغيه من‬
‫الكتب إقرارك به بالقلب واللسان وإيانك بالفرقان إقرارك به واتباعك ما فيه‪ .‬وأما قوله‪ " :‬ورسله " فأن تؤمن‬
‫با سى ال ف كتابه من رسله وتؤمن بأن ال سواهم رسل وأنبياء ل يعلم أساءهم إل الذي أرسلهم وتؤمن‬
‫بح مد صلى ال عل يه و سلم وإيا نك به غ ي إيا نك ب سائر الر سل‪ .‬إيا نك ب سائر الر سل إقرارك ب م وإيا نك‬
‫بح مد إقرارك به وت صديقك إياه دائ با على ما جاء به فإذا اتب عت ما جاء به أد يت الفرائض وأحللت اللل‬
‫وحرمت الرام ووقفت عند الشبهات وسارعت ف اليات وأما قوله‪ " :‬واليوم الخر " فأن تؤمن بالبعث بعد‬
‫الوت والسهاب واليزان والثواب والعقاب والنهة والنار وبكهل مها وصهف ال بهه يوم القيامهة‪ .‬وأمها قوله‪:‬‬
‫{وتؤمن بالقدر خيه وشره} فأن تؤمن بأن ما أصابك ل يكن ليخطئك وأن ما أخطأك ل يكن ليصيبك ول‬
‫تقل‪ :‬لو كان كذا ل يكن كذا ولول كذا وكذا ل يكن كذا وكذا‪ .‬قال‪ :‬فهذا هو اليان بال وملئكته وكتبه‬
‫ورسله واليوم الخر‪.‬‬
‫فصل (ص ‪)314‬‬
‫وم ا ي سأل ع نه أ نه إذا كان ما أوج به ال من العمال الظاهرة أك ثر من هذه ال مس ; فلماذا قال‪ :‬ال سلم‬
‫هذه المس وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر السلم وأعظمها وبقيام العبد با يتم إسلمه وتركه‬
‫لا يشعر بانلل قيد انقياده‪ .‬و " التحقيق " أن النب صلى ال عليه وسلم ذكر الدين الذي هو استسلم العبد‬
‫لربه مطلقا الذي يب ل عبادة مضة على العيان‪ .‬فيجب على كل من كان قادرا عليه ليعبد ال با ملصا له‬
‫الدين‪ .‬وهذه هي المس وما سوى ذلك فإنا يب بأسباب لصال فل يعم وجوبا جيع الناس ; بل إما أن‬
‫يكون فرضا على الكفاية كالهاد والمر بالعروف والنهي عن النكر ; وما يتبع ذلك من إمارة وحكم وفتيا ;‬
‫وإقراء وتد يث وغ ي ذلك‪ .‬وإ ما أن ي ب ب سبب حق للدمي ي ي تص به من و جب له وعل يه و قد ي سقط‬
‫بإ سقاطه‪ .‬وإذا ح صلت ال صلحة أو البراء إ ما بإبرائه وإ ما ب صول ال صلحة فحقوق العباد م ثل قضاء الديون‬
‫ورد الغصهوب والعواري والودائع والنصهاف مهن الظال مهن الدماء والموال والعراض ; إناه ههي حقوق‬
‫الدميي وإذا أبرئوا منها سقطت‪ .‬وتب على شخص دون شخص ف حال دون حال ل تب عبادة مضة ل‬
‫على كهل عبهد قادر ; ولذا يشترك فيهها السهلمون واليهود والنصهارى بلف المسهة فإناه مهن خصهائص‬
‫السلمي‪ .‬وكذلك ما يب من صلة الرحام وحقوق الزوجة والولد واليان والشركاء والفقراء‪ .‬وما يب‬
‫من أداء الشهادة والفتيا والقضاء والمارة والمر بالعروف والنهي عن النكر والهاد ; كل ذلك يب بأسباب‬
‫عار ضة على ب عض الناس دون ب عض للب منا فع ود فع مضار لو ح صلت بدون ف عل الن سان ل ت ب ; ف ما‬
‫كان مشتر كا ف هو وا جب على الكفا ية و ما كان مت صا فإن ا ي ب على ز يد دون عمرو ل يشترك الناس ف‬
‫وجوب ع مل بعي نه على كل أ حد قادر سوى ال مس ; فإن زو جة ز يد وأقار به لي ست زو جة عمرو وأقار به‬
‫فليس الواجب على هذا مثل الواجب على هذا بلف صوم رمضان وحج البيت والصلوات المس والزكاة ;‬
‫فإن الزكاة وإن كانت حقا ماليا فإنا واجبة ل ; والصناف الثمانية مصارفها ; ولذا وجبت فيها النية ول يز‬
‫أن يفعلها الغي عنه بل إذنه ول تطلب من الكفار‪ .‬وحقوق العباد ل يشترط لا النية ولو أداها غيه عنه بغي‬
‫إذ نه برئت ذم ته ويطالب ب ا الكفار و ما ي ب ح قا ل تعال كالكفارات هو ب سبب من الع بد وفي ها شوب‬
‫العقوبات فإن الوا جب ل " ثلثهة أنواع "‪ :‬عبادة م ضة كال صلوات وعقوبات م ضة كالدود و ما يشبه ها‬
‫كالكفارات‪ .‬وكذلك كفارات ال ج و ما ي ب بالنذر فإن ذلك ي ب ب سبب ف عل من الع بد و هو وا جب ف‬
‫ذمته‪ .‬وأما " الزكاة " فإنا تب حقا ل ف ماله‪ .‬ولذا يقال‪ :‬ليس ف الال حق سوى الزكاة أي ليس فيه حق‬
‫يب بسبب الال سوى الزكاة وإل ففيه واجبات بغي سبب الال كما تب النفقات للقارب والزوجة والرقيق‬
‫والبهائم وي ب ح ل العاقلة وي ب قضاء الديون وي ب العطاء ف النائ بة وي ب إطعام الائع وك سوة العاري‬
‫فرضا على الكفاية ; إل غي ذلك من الواجبات الالية‪ .‬لكن بسبب عارض والال شرط وجوبا كالستطاعة‬
‫ف الج فإن البدن سبب الوجوب والستطاعة شرط والال ف الزكاة هو السبب والوجوب معه ; حت لو ل‬
‫يكن ف بلده من يستحقها حلها إل بلدة أخرى وهي حق وجب ل تعال‪ .‬ولذا قال‪ :‬من قال من الفقهاء‪ :‬إن‬
‫التكليف شرط فيها فل تب على الصغي والجنون‪ .‬وأما عامة الصحابة والمهور كمالك والشافعي وأحد‬
‫فأوجبوها ف مال الصغي والجنون لن مالما من جنس مال غيها ووليهما يقوم مقامهما بلف بدنما‪ .‬فإنه‬
‫إنا يتصرف بعقلهما ; وعقلهما ناقص‪ .‬وصار هذا كما يب العشر ف أرضهما مع أنه إنا يستحقه الثمانية‪.‬‬
‫وكذلك إياب الكفارة ف مالما‪ .‬والصلة والصيام إنا تسقط لعجز العقل عن الياب ل سيما إذا انضم إل‬
‫عجز البدن كالصغي‪ .‬وهذا العن منتف ف الال فإن الول قام مقامهما ف الفهم كما يقوم مقامهما ف جيع ما‬
‫يب ف الال وأما بدنما فل يب عليهما فيه شيء‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)317‬‬
‫قال ممد بن ن صر‪ :‬واستدلوا على أن اليان هو ما ذكره باليات الت تلوناها عند ذكر تسمية ال الصلة‬
‫و سائر الطاعات إيا نا وا ستدلوا أي ضا ب ا قص ال من إباء إبل يس ح ي ع صى ر به ف سجدة واحدة أ مر أن‬
‫ي سجدها لدم فأباها‪ .‬ف هل ج حد إبليس ربه وهو يقول‪{ :‬رب با أغويت ن} ويقول‪{ :‬رب فأنظر ن إل يوم‬
‫يبعثون} إيانا منه بالبعث وإيانا بنفاذ قدرته ف إنظاره إياه إل يوم يبعثون وهل جحد أحدا من أنبيائه أو أنكر‬
‫شيئا من سلطانه وهو يلف بعزته ؟ وهل كان كفره إل بترك سجدة واحدة أمر با فأباها ؟ قال‪ :‬واستدلوا‬
‫أي ضا ب ا قص ال علي نا من ن بأ اب ن آدم {إذ قر با قربا نا فتق بل من أحده ا ول يتق بل من ال خر} إل قوله‪:‬‬
‫{فأصبح من الاسرين} قالوا‪ :‬وهل جحد ربه ؟ وكيف يحده وهو يقرب القربان ؟‪ .‬قالوا‪ :‬قال ال تعال‪:‬‬
‫{إن ا يؤ من بآيات نا الذ ين إذا ذكروا ب ا خروا سجدا و سبحوا ب مد رب م و هم ل ي ستكبون} ول ي قل‪ :‬إذا‬
‫ذكروا با أقروا با فقط‪ .‬وقال‪{ :‬الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلوته أولئك يؤمنون به} يعن يتبعونه حق‬
‫اتباعه فإن قيل‪ :‬فهل مع ما ذكرت من سنة ثابتة تبي أن العمل داخل ف اليان بال وملئكته وكتبه ورسله ؟‬
‫قيل‪ :‬نعم عامة السنن والثار تنطق بذلك منها حديث وفد عبد القيس ; وذكر حديث شعبة وقرة بن خالد‬
‫عن أ ب جرة عن ا بن عباس ك ما تقدم ولف ظه {آمر كم باليان بال وحده} ث قال‪ { :‬هل تدرون ما اليان‬
‫بال وحده ؟ قالوا‪ :‬ال ورسهوله أعلم قال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال وإقام الصهلة وإيتاء‬
‫الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا خس ما غنمتم} وذكر أحاديث كثية توجب دخول العمال ف اليان مثل‬
‫قوله ف حد يث ‪(000‬بياض ف ال صل) ل ا سئل صلى ال عل يه و سلم ث قال أ بو ع بد ال م مد بن ن صر‪:‬‬
‫اختلف أصحابنا ف تفسي قول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} فقالت طائفة‬
‫منهم‪ :‬إنا أراد النب صلى ال عليه وسلم إزالة اسم اليان عنه من غي أن يرجه من السلم ول يزيل عنه اسه‬
‫وفرقوا بي اليان والسلم وقالوا‪ :‬إذا زن فليس بؤمن وهو مسلم واحتجوا لتفريقهم بي السلم واليان‪.‬‬
‫بقوله‪{ :‬قالت العراب آم نا} ال ية فقالوا‪ :‬اليان خاص يث بت ال سم به بالع مل مع التوح يد وال سلم عام‬
‫يث بت ال سم بالتوح يد والروج من ملل الك فر واحتجوا بد يث سعد بن أ ب وقاص وذكره عن { سعد أن‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أع طى رجال ول ي عط رجل من هم شيئا‪ .‬فقلت‪ :‬يا ر سول ال أعط يت فل نا‬
‫وفلنا ول تعط فلنا وهو مؤمن‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أو مسلم أعادها ثلثا والنب صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول‪ :‬أو مسلم ث قال‪ :‬إن لعطي رجال وأمنع آخرين وهم أحب إل منهم مافة أن يكبوا على‬
‫وجوههم ف النار} قال الزهري‪ :‬فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل‪ .‬قال ممد بن نصر‪ :‬واحتجوا بإنكار‬
‫عبد ال بن مسعود على من شهد لنفسه باليان فقال‪ :‬أنا مؤمن من غي استثناء وكذلك أصحابه من بعده‬
‫وجل علماء الكوفة على ذلك‪ .‬واحتجوا بديث أب هريرة‪{ :‬يرج منه اليان فإن رجع رجع إليه} وبا أشبه‬
‫ذلك من الخبار وبا روي عن السن وممد بن سيين أنما كانا يقولن‪ :‬مسلم ويهابان‪ :‬مؤمن ; واحتجوا‬
‫بقول أب جعفر الذي حدثناه إسحاق بن إبراهيم أنبأنا وهب بن جرير بن حازم حدثن أب عن فضيل بن بشار‬
‫عن أ ب جع فر م مد بن علي أ نه سئل عن قول ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو‬
‫مؤمن} فقال أبو جعفر‪ :‬هذا السلم ودور دارة واسعة وهذا اليان ودور دارة صغية ف وسط الكبية فإذا‬
‫زن أو سرق خرج من اليان إل السلم ول يرجه من السلم إل الكفر بال‪ .‬واحتجوا با روي عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم قال‪{ :‬أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص} حدثنا بذلك يي بن يي حدثنا ابن ليعة‬
‫عن شريح بن هانئ عن عقبة بن عامر الهن أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال {أسلم الناس وآمن عمرو‬
‫بن العاص}‪ .‬وذكر عن حاد بن زيد أنه كان يفرق بي اليان والسلم فجعل اليان خاصا والسلم عاما‪.‬‬
‫قال‪ :‬فل نا ف هؤلء أ سوة وب م قدوة مع ما يث بت ذلك من الن ظر وذلك أن ال ج عل ا سم الؤ من ا سم ثناء‬
‫وتزكية ومدحة أوجب عليه النة فقال‪{ :‬وكان بالؤمني رحيما} {تيتهم يوم يلقونه سلم وأعد لم أجرا‬
‫كريا} وقال‪{ :‬وبشر الؤمني بأن لم من ال فضل كبيا} وقال‪{ :‬وبشر الذين آمنوا أن لم قدم صدق عند‬
‫ربم} وقال‪{ :‬يوم ترى الؤمني والؤمنات يسعى نورهم بي أيديهم وبأيانم} وقال‪{ :‬ال ول الذين آمنوا‬
‫يرجهم من الظلمات إل النور} وقال‪{ :‬وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار}‪ .‬قال‪ :‬ث‬
‫أوجهب ال النار على الكبائر فدل بذلك على أن اسهم اليان زائل عمهن أتهى كهبية‪ .‬قالوا‪ :‬ول نده أوجهب‬
‫النة باسم السلم فثبت أن اسم السلم له ثابت على حاله وا سم اليان زائل عنه‪ .‬فإن ق يل لم ف قولم‬
‫هذا‪ :‬ل يس اليان ضد الك فر قالوا‪ :‬الك فر ضد ل صل اليان لن لليان أ صل وفرو عا فل يث بت الك فر ح ت‬
‫يزول أصل اليان الذي هو ضد الكفر فإن قيل لم ; فالذين زعمتم أن النب صلى ال عليه وسلم أزال عنهم‬
‫اسم اليان هل فيهم من اليان شيء ؟ قالوا‪ :‬نعم أصله ثابت ولول ذلك لكفروا‪ .‬أل تسمع إل ابن مسعود‬
‫أنكر على الذي شهد أنه مؤمن ث قال‪ :‬لكنا نؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله يبك أنه قد آمن من جهة أنه‬
‫صدق وأ نه ل ي ستحق ا سم الؤ من إذا كان يعلم أ نه مق صر ل نه ل ي ستحق هذا ال سم عنده إل من أدى ما‬
‫و جب عل يه وانت هى ع ما حرم عل يه من الوجبات للنار ال ت هي الكبائر‪ .‬قالوا‪ :‬فل ما أبان ال أن هذا ال سم‬
‫يستحقه من قد استحق النة وأن ال قد أوجب النة عليه‪ .‬وعلمنا أنا قد آمنا وصدقنا ; لنه ل يرج من‬
‫التصديق إل بالتكذيب ; ولسنا بشاك ي ول مكذب ي ; وعلم نا أ نا عا صون له م ستوجبون للعذاب و هو ضد‬
‫الثواب الذي حكم ال به للمؤمني على اسم اليان ; علمنا أنا قد آمنا وأمسكنا عن السم الذي أثبت ال‬
‫عليه الكم ف النة وهو من ال اسم ثناء وتزكية وقد نانا ال أن نزكي أنفسنا وأمرنا بالوف على أنفسنا‬
‫وأوجب لنا العذاب بعصياننا فعلمنا أنا لسنا بستحقي بأن نتسمى مؤمني إذ أوجب ال على اسم اليان الثناء‬
‫والتزكيهة والرأفهة والرحةه والغفرة والنهة ; وأوجهب على الكبائر النار وهذان حكمان متضادان‪ .‬فإن قيهل‪:‬‬
‫فكيف أمسكتم عن اسم اليان أن تسموا به وأنتم تزعمون أن أصل اليان ف قلوبكم وهو التصديق بأن ال‬
‫حق وما قاله صدق ؟ قالوا‪ :‬إن ال ورسوله وجاهي السلمي سوا الشياء با غلب عليها من الساء فسموا‬
‫الزا ن فا سقا والقاذف فا سقا وشارب ال مر فا سقا ول ي سموا واحدا من هؤلء متق يا ول ور عا ; و قد أج ع‬
‫السلمون أن فيه أصل التقوى والورع وذلك أنه يتقي أن يكفر أو يشرك بال شيئا‪ .‬وكذلك يتقي ال أن يترك‬
‫الغ سل من النا بة أو ال صلة ويت قي أن يأ ت أ مه ف هو ف ج يع ذلك م تق و قد أج ع ال سلمون من الوافق ي‬
‫والخالفي أنم ل يسمونه متقيا ول ورعا إذا كان يأت بالفجور فلما أجعوا أن أصل التقى والورع ثابت فيه‬
‫وأ نه قد يز يد ف يه فر عا ب عد ال صل كتور عه عن إتيان الحارم ث ل ي سمونه متق يا ول ور عا مع إتيا نه ب عض‬
‫الكبائر بل سوه فاسقا وفاجرا مع علمهم أنه قد أتى ببعض التقى والورع فمنعهم من ذلك أن اسم التقى اسم‬
‫ثناء وتزك ية وأن ال قد أو جب عل يه الغفرة وال نة‪ .‬قالوا‪ :‬فلذلك ل ن سميه مؤم نا ون سميه فا سقا زان يا‪ .‬وإن‬
‫كان ف قلبه أصل اسم اليان لن اليان اسم أثن ال به على الؤمني وزكاهم به وأوجب عليه النة فمن ث‬
‫قل نا‪ :‬م سلم ول ن قل‪ :‬مؤ من قالوا‪ :‬ولو كان أ حد من ال سلمي الوحد ين ي ستحق أل يكون ف قل به إيان ول‬
‫إ سلم لكان أ حق الناس بذلك أ هل النار الذ ين دخلو ها فل ما وجد نا ال نب صلى ال عل يه و سلم ي ب أن ال‬
‫يقول‪{ :‬أخرجوا من النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان} ثبت أن شر السلمي ف قلبه إيان ولا وجدنا‬
‫المة تكم عليه بالحكام الت ألزمها ال للمسلمي ول يكفرونم ول يشهدون لم بالنة‪ :‬ثبت أنم مسلمون‬
‫إذ أجعوا أن يضوا عليهم أحكام السلمي وأنم ل يستحقون أن يسموا مؤمن ي إذ كان السلم يثبت للملة‬
‫الت يرج با النسان من جيع اللل فتزول عنه أساء اللل إل اسم السلم وتثبت أحكام السلم عليه وتزول‬
‫ع نه أحكام ج يع اللل‪ .‬فإن قال ل م قائل‪ :‬ل ل تقولوا‪ :‬كا فر إن شاء ال تريدون به كمال الك فر ك ما قل تم‪:‬‬
‫مؤمنون إن شاء ال تريدون بهه كمال اليان ؟ قالوا‪ :‬لن الكافهر منكهر للحهق والؤمهن أصهل إيانهه القرار ‪,‬‬
‫والنكار ل أول له ول آ خر فتنت ظر به القائق واليان أ صله الت صديق والقرار ينت ظر به حقائق الداء ل ا أ قر‬
‫والتحقيق لا صدق ; ومثل ذلك كمثل رجلي عليهما حق لرجل فسأل أحدها حقه فقال‪ :‬ليس لك عندي‬
‫حق فأنكر وجحد فلم يبق له منلة يقق با ما قال إذا جحد وأنكر وسأل الخر حقه فقال‪ :‬نعم لك علي‬
‫كذا وكذا فل يس إقراره بالذي ي صل إل يه بذلك ح قه دون أن يوف يه ; ف هو منت ظر له أن ي قق ما قال بالداء‬
‫ويصدق إقراره بالوفاء ولو أقر ث ل يؤد إليه حقه كان كمن جحده ف العن إذ استويا ف الترك للداء فتحقيق‬
‫ما قال أن يؤدي إليه حقه ; فإن أدى جزءا منه حقق بعض ما قال ووف ببعض ما أقر به‪ .‬وكلما أدى جزءا‬
‫ازداد تقيقا لا أقر به‪ .‬وعلى الؤمن الداء أبدا با أقر به حت يوت‪ .‬فمن ث قلنا‪ :‬مؤمن إن شاء ال ول نقل‪:‬‬
‫كافر إن شاء ال‪ .‬قال ممد بن نصر‪ :‬وقالت طائفة أخرى من أصحاب الديث بثل مقالة هؤلء إل أنم سوه‬
‫مسهلما لروجهه مهن ملل الكفهر ولقراره بال وباه قال ول يسهموه مؤمنها‪ .‬وزعموا أنمه مهع تسهميتهم إياه‬
‫بالسلم كافر ; ل كافر بال ; ولكن كافر من طريق العمل‪ .‬وقالوا‪ :‬كفر ل ينقل عن اللة ; وقالوا‪ :‬مال أن‬
‫يقول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن} والكفر ضد اليان فل يزول عنه اسم‬
‫اليان إل واسم الكفر لزم له لن الكفر ضد اليان إل أن الكفر كفران‪ :‬كفر هو جحد بال وبا قال فذاك‬
‫ضده القرار بال والتصديق به وبا قال وكفر هو عمل فهو ضد اليان الذي هو عمل أل ترى إل ما روي‬
‫عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬ل يؤمن من ل يأمن جاره بوائقه} قالوا‪ :‬فإذا ل يؤمن فقد كفر ول‬
‫يوز غي ذلك إل أنه كفر من جهة العمل إذ ل يؤمن من جهة العمل لنه ل يضيع ما فرض عليه ويرتكب‬
‫الكبائر إل من قلة خوفه وإنا يقل خوفه من قلة تعظيمه ل ووعيده فقد ترك من اليان التعظيم الذي صدر عنه‬
‫الوف والورع فأقسم النب صلى ال عليه وسلم أنه ل يؤمن إذا ل يأمن جاره بوائقه‪ .‬ث قد روى جاعة عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬سباب السلم فسوق وقتاله كفر} وأنه قال‪{ :‬إذا قال السلم لخيه‪ :‬يا‬
‫كافر فلم يكن كذلك باء بالكفر}‪ .‬فقد ساه النب صلى ال عليه وسلم بقتاله أخاه كافرا وبقوله له‪ :‬يا كافر‬
‫كافرا ; وهذه الكل مة دون الز نا وال سرقة وشرب ال مر‪ .‬قالوا‪ :‬فأ ما قول من اح تج علي نا فز عم أ نا إذا سيناه‬
‫كافرا لزمنا أن يكم عليه بكم الكافرين بال فنستتيبه ونبطل الدود عنه ; لنه إذا كفر فقد زالت عنه أحكام‬
‫الؤمني وحدودهم وف ذلك إسقاط الدود وأحكام الؤمني على كل من أتى كبية فإنا ل نذهب ف ذلك‬
‫إل حيهث ذهبوا ولكنها نقول‪ :‬لليان أصهل وفرع وضهد اليان الكفهر فه كهل معنه فأصهل اليان القرار‬
‫والتصديق وفرعه إكمال العمل بالقلب والبدن فضد القرار والتصديق الذي هو أصل اليان‪ :‬الكفر بال وبا‬
‫قال وترك التصديق به وله وضد اليان الذي هو عمل وليس هو إقرار كفر ليس بكفر بال ينقل عن اللة ;‬
‫ولكن كفر تضييع العمل كما كان العمل إيانا وليس هو اليان الذي هو إقرار بال فلما كان من ترك اليان‬
‫الذي هو إقرار بال كافرا ي ستتاب و من ترك اليان الذي هو ع مل م ثل الزكاة والج والصوم أو ترك الورع‬
‫عن شرب المر والزنا قد زال عنه بعض اليان ول يب أن يستتاب عندنا ول عند من خالفنا من أهل السنة‬
‫وأ هل البدع م ن قال‪ :‬إن اليان ت صديق وع مل إل الوارج وحد ها فكذلك ل ي ب بقول نا‪ :‬كا فر من ج هة‬
‫تضي يع الع مل أن ي ستتاب ول تزول ع نه الدود ك ما ل ي كن بزوال اليان الذي هو ع مل ا ستتابة ول إزالة‬
‫الدود والحكام ع نه إذ ل يزل أ صل اليان ع نه فكذلك ل ي ب علي نا ا ستتابته وإزالة الدود والحكام ع نه‬
‫بإثباتنا له اسم الكفر من قبل العمل إذ ل يأت بأصل الك فر الذي هو جحد بال أو با قال‪ .‬قالوا‪ :‬ولا كان‬
‫العلم بال إيانا والهل به كفرا وكان العمل بالفرائض إيانا والهل ب ا قبل نزول ا ليس بكفر لن أصحاب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أقروا بال أول ما بعث ال رسوله صلى ال عليه وسلم إليهم ول يعلموا‬
‫الفرائض الت افترضت عليهم بعد ذلك فلم يكن جهلهم بذلك كفرا ث أنزل ال عليهم الفرائض فكان إقرارهم‬
‫با والقيام با إيانا وإنا يكفر من جحدها لتكذيبه خب ال ; ولو ل يأت خب من ال ما كان بهلها كافرا‬
‫وبعد ميء الب من ل يسمع بالب من السلمي ل يكن بهلها كافرا‪ .‬والهل بال ف كل حال كفر قبل‬
‫ال ب وب عد ال ب‪ .‬قالوا‪ :‬ف من ث قل نا‪ :‬إن ترك الت صديق بال ك فر ; وإن ترك الفرائض مع ت صديق ال أ نه قد‬
‫أوجبها كفر ; ليس بكفر بال إنا هو كفر من جهة ترك الق كما يقول القائل‪ :‬كفرتن حقي ونعمت يريد‬
‫ضيعت حقي وضيعت شكر نعمت ; قالوا‪ :‬ولنا ف هذا قدوة بن روي عنهم من أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم والتابعي إذ جعلوا للكفر فروعا دون أصله ل ينقل صاحبه عن ملة السلم كما أثبتوا لليان من‬
‫جهة العمل فروعا للصل ل ينقل تركه عن ملة السلم من ذلك قول ابن عباس ف قوله‪{ :‬ومن ل يكم با‬
‫أنزل ال فأولئك هم الكافرون}‪ .‬قال ممد بن نصر‪ :‬حدثنا ابن يي حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام يعن ابن‬
‫عروة عن حجي عن طاووس عن ابن عباس‪{ :‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} ليس بالكفر‬
‫الذي يذهبون إليه‪ .‬حدثنا ممد بن يي وممد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه‬
‫قال‪ :‬سئل ابن عباس عن قوله‪{ :‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قال هي به كفر قال ابن‬
‫طاووس‪ :‬وليس كمن كفر بال وملئكته وكتبه ورسله‪ .‬حدثنا إسحاق أنبأنا وكيع عن سفيان عن معمر عن‬
‫ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال‪ :‬هو به كفر وليس كمن كفر بال وملئكته وكتبه ورسله وبه أنبأنا‬
‫وكيع عن سفيان عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال‪ :‬قلت لبن عباس‪{ :‬ومن ل يكم با أنزل ال} فهو‬
‫كافر‪ .‬قال‪ :‬هو به كفر وليس كمن كفر بال واليوم الخر وملئكته وكتبه ورسله حدثنا ممد بن يي حدثنا‬
‫عبد الرزاق عن سفيان عن رجل عن طاووس عن ابن عباس قال‪ :‬كفر ل ينقل عن اللة‪ .‬حدثنا إسحاق أنبأنا‬
‫وكيع عن سفيان عن سعيد الكي عن طاووس قال ليس بكفر ينقل عن اللة‪ .‬حدثنا إسحاق أنبأنا وكيع عن‬
‫سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال‪ :‬كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق‪ .‬قال ممد بن نصر‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬وقد صدق عطاء قد يسمى الكافر ظالا ويسمى العاصي من السلمي ظالا فظلم ينقل عن ملة السلم‬
‫وظلم ل ين قل‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬الذ ين آمنوا ول يلب سوا إيان م بظلم} وقال‪{ :‬إن الشرك لظلم عظ يم} وذ كر‬
‫حديهث ابهن مسهعود التفهق عليهه قال‪{ :‬لاه نزلت‪{ :‬الذيهن آمنوا ول يلبسهوا إيانمه بظلم} شهق ذلك على‬
‫أ صحاب ال نب صلى ال عل يه و سلم وقالوا‪ :‬أي نا ل يظلم نف سه ؟ قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل يس‬
‫بذلك‪ .‬أل ت سمعوا إل قول الع بد ال صال‪{ :‬إن الشرك لظلم عظ يم} إن ا هو الشرك}‪ .‬حدث نا م مد بن ي ي‬
‫حدثنا الجاج بن النهال عن حاد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن عمر بن‬
‫الطاب كان إذا دخل بيته نشر الصحف فقرأ فيه فدخل ذات يوم فقرأ فأتى على هذه الية {الذين آمنوا ول‬
‫يلبسوا إيانم بظلم} إل آخر الية فانتعل وأخذ رداءه ث أتى إل أب بن كعب فقال‪ :‬يا أبا النذر أتيت قبل‬
‫على هذه الية {الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم} وقد نرى أنا نظلم ونفعل‪ .‬فقال‪ :‬يا أمي الؤمني إن هذا‬
‫ليس بذلك يقول ال‪{ :‬إن الشرك لظلم عظيم} إنا ذلك الشرك‪ .‬قال ممد بن نصر‪ :‬وكذلك " الفسق فسقان‬
‫"‪ :‬فسق ينقل عن اللة وفسق ل ينقل عن اللة فيسمى الكافر فاسقا والفاسق من السلمي فاسقا ذكر ال إبليس‬
‫فقال‪{ :‬ففسق عن أمر ربه} وكان ذلك الفسق منه كفرا وقال ال تعال‪{ :‬وأما الذين فسقوا فمأواهم النار}‬
‫يريد الكفار دل على ذلك قوله‪{ :‬كل ما أرادوا أن يرجوا منها أعيدوا فيها وق يل ل م ذوقوا عذاب النار الذي‬
‫كنتم به تكذبون} وسي الفاسق من السلمي فاسقا ول يرجه من السلم‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬والذين يرمون‬
‫الحصنات ث ل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثاني جلدة ول تقبلوا لم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}‬
‫وقال تعال‪{ :‬فمهن فرض فيههن الجه فل رفهث ول فسهوق ول جدال فه الجه} فقالت العلماء فه تفسهي‬
‫الف سوق هاه نا‪ :‬هي العا صي‪ .‬قالوا‪ :‬فل ما كان الظلم ظلم ي والف سق ف سقي كذلك الك فر كفران‪( :‬أحده ا‬
‫ينقل عن اللة) و (الخر ل ينقل عن اللة) وكذلك الشرك " شركان "‪ :‬شرك ف التوحيد ينقل عن اللة وشرك‬
‫ف الع مل ل ين قل عن اللة و هو الرياء قال تعال‪{ :‬ف من كان يرجوا لقاء ر به فليع مل عمل صالا ول يشرك‬
‫بعبادة ربه أحدا} يريد بذلك الراءاة بالعمال الصالة‪ .‬وقال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬الطية شرك}‪ .‬قال‬
‫ممد بن نصر‪ :‬فهذان مذهبان ها ف الملة مكيان عن أحد بن حنبل ف موافقيه من أصحاب الديث حكى‬
‫الشالنجي إساعيل بن سعيد أنه سأل أحد بن حنبل عن الصر على الكبائر يطلبها بهده إل أنه ل يترك الصلة‬
‫والزكاة والصيام هل يكون مصرا من كانت هذه حاله ؟ قال‪ :‬هو مصر مثل قوله‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن‬
‫وهو مؤمن}‪ .‬يرج من اليان ويقع ف السلم ومن نو قوله‪{ :‬ل يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن ول‬
‫ي سرق ح ي ي سرق و هو مؤ من} و من ن و قول ا بن عباس ف قوله‪{ :‬و من ل ي كم ب ا أنزل ال فأولئك هم‬
‫الكافرون} فقلت له‪ :‬ما هذا الكفر ؟ فقال‪ :‬كفر ل ينقل عن اللة مثل اليان بعضه دون بعض وكذلك الكفر‬
‫حت ييء من ذلك أمر ل يتلف فيه‪ .‬وقال ابن أب شيبة‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن}‪ :‬ل يكون‬
‫م ستكمل اليان يكون ناق صا من إيا نه قال‪ :‬و سألت أح د بن حن بل عن " ال سلم واليان " فقال‪ :‬اليان‬
‫قول وعمل والسلم إقرار‪ .‬قال‪ :‬وبه قال أبو خيثمة وقال ابن أب شيبة ل يكون السلم إل بإيان ول إيان‬
‫إل بإسلم‪ " .‬قلت "‪ :‬وقد تقدم تام الكلم بتلزمهما وإن كان مسمى أحدها ليس هو مسمى الخر‪ .‬وقد‬
‫حكى غي واحد إجاع أهل السنة والديث على أن اليان قول وعمل‪ .‬قال أبو عمر بن عبد الب ف " التمهيد‬
‫"‪ :‬أجع أهل الفقه والديث على أن اليان قول وعمل ول عمل إل بنية واليان عندهم يزيد بالطاعة وينقص‬
‫بالعصية والطاعات كلها عندهم إيان إل ما ذكر عن أب حنيفة وأصحابه فإنم ذهبوا إل أن الطاعة ل تسمى‬
‫إيانا قالوا إنا اليان الت صديق والقرار ومنهم من زاد العرفة وذكر ما احتجوا به‪ ...‬إل أن قال‪ :‬وأ ما سائر‬
‫الفقهاء من أهل الرأي والثار بالجاز والعراق والشام وم صر من هم مالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان‬
‫الثوري والوزاعي والشافعي وأحد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلم وداود ابن علي‬
‫وال طبي و من سلك سبيلهم ; فقالوا‪ :‬اليان قول وع مل قول بالل سان و هو القرار واعتقاد بالقلب وع مل‬
‫بالوارح مع الخلص بالنية الصادقة‪ .‬قالوا‪ :‬وكل ما يطاع ال عز وجل به من فريضة ونافلة فهو من اليان‬
‫واليان يزيد بالطاعات وينقص بالعاصي وأهل الذنوب عندهم مؤمنون غي مستكملي اليان من أجل ذنوبم‬
‫وإنا صاروا ناقصي اليان بارتكابم الكبائر‪ .‬أل ترى إل قول النب صلى ال عليه وسلم {ل يزن الزان حي‬
‫يزن وهو مؤمن}‪ ...‬الديث يريد مستكمل اليان ول يرد به نفي جيع اليان عن فاعل ذلك بدليل الجاع‬
‫على تور يث الزا ن وال سارق وشارب ال مر إذا صلوا إل القبلة وانتحلوا دعوة ال سلم من قرابات م الؤمن ي‬
‫الذ ين ليسوا بتلك الحوال واح تج على ذلك ; ث قال‪ :‬وأك ثر أ صحاب مالك على أن اليان والسلم شيء‬
‫واحد‪ .‬قال‪ :‬وأما قول العتزلة فاليان عندهم جاع الطاعات ومن قصر منها عن شيء فهو فاسق ; ل مؤمن‬
‫ول كا فر وهؤلء هم التحققون بالعتزال أ صحاب النلة ب ي النلت ي‪ ...‬إل أن قال‪ :‬وعلى أن اليان يز يد‬
‫وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالعصية وعليه جاعة أهل الثار ; والفقهاء من أهل الفتيا ف المصار وروى ابن‬
‫القاسم عن مالك أن اليان يزيد وتوقف ف نقصانه‪ .‬وروى عنه عبد الرزاق ومعن بن عيسى وابن نافع أنه‬
‫يزيد وينقص وعلى هذا مذهب الماعة من أهل الديث والمد ل‪ .‬ث ذكر حجج الرجئة ; ث حجج أهل‬
‫ال سنة ورد على الوارج التكف ي بالدود الذكورة للع صاة ف الز نا وال سرقة ون و ذلك‪ .‬وبالوار ثة وبد يث‬
‫عبادة‪{ :‬من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ف الدنيا فهو كفارة} وقال‪ :‬اليان مراتب بعضها فوق بعض ;‬
‫فليس ناقص اليان ككامل اليان‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم} أي حقا‪.‬‬
‫ولذلك قال‪{ :‬هم الؤمنون حقا} وكذلك قوله صلى ال عليه و سلم‪{ :‬الؤمن من أمنه الناس ; والسلم من‬
‫سلم ال سلمون من ل سانه ويده} ‪ -‬يع ن ح قا ‪ -‬و من هذا قوله‪{ :‬أك مل الؤمن ي إيا نا}‪ .‬ومعلوم أن هذا ل‬
‫يكون أك مل ح ت يكون غيه أن قص وقوله‪{ :‬أو ثق عرى اليان ال ب ف ال والب غض ف ال}‪ .‬وقوله‪{ :‬ل‬
‫إيان ل ن ل أما نة له} يدل على أن ب عض اليان أو ثق وأك مل من ب عض وذ كر الد يث الذي رواه الترمذي‬
‫وغيه‪ { :‬من أ حب ل وأب غض ل} الد يث‪ .‬وكذلك ذ كر أ بو عمرو الطلمن كي إجاع أ هل ال سنة على أن‬
‫اليان قول وع مل ون ية وإ صابة ال سنة‪ .‬وقال أ بو طالب ال كي‪ :‬مبا ن ال سلم الم سة‪ :‬يع ن الشهادت ي ;‬
‫والصلوات المس ; والزكاة وصيام شهر رمضان ; والج‪ .‬قال وأركان اليان سبعة‪ :‬يعن المسة الذكورة‬
‫ف حديث جبائيل واليان بالقدر ; واليان بالنة والنار وكلها قد رويت ف حديث جبيل كما سنذكر‬
‫إن شاء ال تعال‪ .‬قال‪ :‬واليان بأسهاء ال تعال وصهفاته ; واليان بكتهب ال وأنهبيائه واليان باللئكهة‬
‫والشياطي ; يعن ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬اليان بالفرق بينهما ; فإن من الناس من يعلهما جنسا واحدا ; لكن تتلف‬
‫باختلف العمال كما يتلف النسان الب والفاجر واليان بالنة والنار ; وأنما قد خلقتا قبل آدم‪ .‬واليان‬
‫بالب عث ب عد الوت واليان بم يع أقدار ال خي ها وشر ها وحلو ها ومر ها ; إن ا من ال قضاء وقدرا ومشيئة‬
‫وحك ما وأن ذلك عدل م نه وحك مة بال غة ; ا ستأثر بعلم غيب ها ومع ن حقائق ها‪ .‬قال‪ :‬و قد قال قائلون‪ :‬إن‬
‫اليان ههو السهلم وهذا قهد أذههب التفاوت والقامات وهذا يقرب مهن مذههب الرجئة‪ :‬وقال آخرون‪ :‬إن‬
‫ال سلم غ ي اليان وهؤلء قد أدخلوا التضاد والتغا ير وهذا قر يب من قول الباض ية ; فهذه م سألة مشكلة‬
‫تتاج إل شرح وتف صيل فم ثل ال سلم من اليان كم ثل الشهادت ي إحداه ا من الخرى ف الع ن وال كم‬
‫فشهادة الر سول غ ي شهادة الوحدان ية فه ما شيئان ف العيان‪ .‬وإحداه ا مرتب طة بالخرى ف الع ن وال كم‬
‫كشيء واحد كذلك اليان والسلم أحدها مرتبط بالخر فهما كشيء واحد ل إيان لن ل إسلم له ; ول‬
‫إسلم لن ل إيان له إذ ل يلو السلم من إيان به يصح إسلمه ول يلو الؤمن من إسلم به يقق إيانه من‬
‫حيث اشترط ال للعمال الصالة اليان ; واشترط لليان العمال الصالة فقال ف تقيق ذلك {فمن يعمل‬
‫من ال صالات و هو مؤ من فل كفران ل سعيه} وقال ف تق يق اليان بالع مل‪{ :‬و من يأ ته مؤم نا قد ع مل‬
‫ال صالات فأولئك ل م الدرجات العل} ف من كان ظاهره أعمال ال سلم ول ير جع إل عقود اليان بالغ يب‬
‫فهو منافق نفاقا ينقل عن اللة ومن كان عقده اليان بالغيب ول يعمل بأحكام اليان وشرائع السلم فهو‬
‫كافر كفرا ل يثبت معه توحيد ; ومن كان مؤمنا بالغيب ما أخبت به الرسل عن ال عامل با أمر ال فهو‬
‫مؤمن مسلم ; ولول أنه كذلك لكان الؤمن يوز أن ل يسمى مسلما ; ولاز أن السلم ل يسمى مؤمنا بال‪.‬‬
‫وقد أجع أهل القبلة على أن كل مؤمن مسلم ; وكل مسلم مؤمن بال وملئكته وكتبه قال‪ :‬ومثل اليان ف‬
‫العمال كم ثل القلب ف ال سم ل ين فك أحده ا عن ال خر ; ل يكون ذو ج سم حي ل قلب له ; ول ذو‬
‫قلب بغي جسم ; فهما شيئان منفردان ; وها ف الكم والعن منفصلن ; ومثلهما أيضا مثل حبة لا ظاهر‬
‫وباطن وهي واحدة‪ .‬ل يقال‪ :‬حبتان‪ :‬لتفاوت صفتهما‪ .‬فكذلك أعمال السلم من السلم هو ظاهر اليان‬
‫; وهو من أعمال الوارح ; واليان باطن السلم وهو من أعمال القلوب‪ .‬وروي عن ال نب صلى ال عليه‬
‫و سلم أ نه قال‪{ :‬ال سلم علن ية ; واليان ف القلب} ; و ف ل فظ‪{ :‬اليان سر} فال سلم أعمال اليان ;‬
‫واليان عقود ال سلم ; فل إيان إل بع مل ; ول ع مل إل بع قد‪ .‬وم ثل ذلك م ثل الع مل الظا هر والبا طن ;‬
‫أحدها مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الوارح ; ومثله قول رسول ال صلى ال عليه وسلم {إنا‬
‫العمال بالنيات} أي ل عمل إل بعقد وقصد لن " إنا " تقيق للشيء ونفي لا سواه ; فأثبت بذلك عمل‬
‫الوارح من العاملت ; وعمل القلوب من النيات ; فمثل العمل من اليان كمثل الشفتي من اللسان ل يصح‬
‫الكلم إل ب ما ; لن الشفت ي ت مع الروف ; والل سان يظ هر الكلم ; و ف سقوط أحده ا بطلن الكلم ;‬
‫وكذلك ف سقوط الع مل ذهاب اليان ; ولذلك حي عدد ال نعمه على النسان بالكلم ذكر الشفتي مع‬
‫الل سان ف قوله‪{ :‬أل ن عل له عين ي} {ول سانا وشفت ي} بع ن أل نعله ناظرا متكل ما ; ف عب عن الكلم‬
‫باللسان والشفتي لنما مكان له وذكر الشفتي ; لن الكلم الذي جرت به النعمة ل يتم إل بما‪ .‬ومثل "‬
‫اليان " و " السلم " أيضا كفسطاط قائم ف الرض له ظاهر وأطناب وله عمود ف باطنه فالفسطاط مثل‬
‫السلم له أركان من أعمال العلنية والوارح وهي الطناب الت تسك أرجاء الفسطاط ‪ ,‬والعمود الذي ف‬
‫وسط الفسطاط مثله كاليان ل قوام للفسطاط إل به فقد احتاج الفسطاط إليها إذ ل قوام له ول قوة إل بما‬
‫كذلك السهلم فه أعمال الوارح ل قوام له إل باليان واليان مهن أعمال القلوب ل نفهع له إل بالسهلم‬
‫و هو صال العمال‪ .‬و " أي ضا " فإن ال قد ج عل ضد ال سلم واليان واحدا فلول أن ما كش يء وا حد ف‬
‫ال كم والع ن ما كان ضده ا واحدا فقال‪{ :‬ك يف يهدي ال قو ما كفروا ب عد إيان م} وقال‪{ :‬أيأمر كم‬
‫بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون}‪ .‬فجعل ضدها الكفر‪ .‬قال‪ :‬وعلى مثل هذا أخب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عن اليان والسلم من صنف واحد ; فقال ف حديث ابن عمر‪{ :‬بن السلم على خس} وقال ف حديث‬
‫ابن عباس عن وفد عبد القيس إنم سألوه عن اليان فذكر هذه الوصاف فدل بذلك على أنه ل إيان باطن‬
‫إل بإسهلم ظاههر ول إسهلم ظاههر علنيهة إل بإيان سهر وأن اليان والعمهل قرينان ل ينفهع أحدهاه بدون‬
‫صاحبه‪ .‬قال‪ :‬فأما تفرقة النب صلى ال عليه وسلم ف حديث جبيل بي اليان والسلم فإن ذلك تفصيل‬
‫أعمال القلوب وعقودها على ما توجب هذه العان الت وصفناها أن تكون عقودا من تفصيل أعمال الوارح‬
‫ماه يوجهب الفعال الظاهرة الته وصهفها أن تكون علنيهة ل أن ذلك يفرق بيه السهلم واليان فه العنه‬
‫باختلف وتضاد ليس فيه دليل أنما متلفان ف الكم قال‪ :‬ويتمعان ف عبد واحد مسلم مؤمن فيكون ما‬
‫ذكره من عقود القلب وصف قلبه وما ذكره من العلنية وصف جسمه‪ .‬قال‪ :‬و " أيضا " فإن المة متمعة أن‬
‫الع بد لو آ من بم يع ما ذكره من عقود القلب ف حد يث جب يل من و صف اليان ول يع مل ب ا ذكره من‬
‫وصف السلم أنه ل يسمى مؤمنا وأنه إن عمل بميع ما وصف به السلم ث ل يعتقد ما وصفه من اليان‬
‫أنه ل يكون مسلما وقد أخب النب صلى ال عليه وسلم أن المة ل تتمع على ضللة‪ .‬قلت‪ :‬كأنه أراد بذلك‬
‫إجاع ال صحابة و من اتبع هم أو أ نه ل ي سمى مؤم نا ف الحكام وأ نه ل يكون م سلما إذا أن كر ب عض هذه‬
‫الركان أو علم أن الرسول أخب با ول يصدقه أو أنه ل ير خلف أهل الهواء خلفا ; وإل فأبو طالب كان‬
‫عارفها بأقوالمه وهذا ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬مراده فإنهه عقهد " الفصهل الثالث والثلثيه " فه بيان تفصهيل السهلم‬
‫واليان وشرح عقود معاملة القلب من مذهب أهل الماعة وهذا الذي قاله أجود ما قاله كثي من الناس لكن‬
‫ينازع ف شيئي‪( .‬أحدها)‪ :‬أن السلم الستحق للثواب ل بد أن يكون معه اليان الواجب الفصل الذكور ف‬
‫حديث جبيل‪ .‬و (الثان)‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم إنا يطلق مؤمنا دون مسلم ف مثل قول النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ " :‬أو م سلم " لكو نه ل يس من خواص الؤمن ي وأفاضل هم كأ نه يقول‪ :‬لكو نه ل يس من ال سابقي‬
‫القربي بل من القتصدين البرار فهذان ما تنازع فيهما جهور العلماء ويقولون‪ :‬ل يقل النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ف ذلك الرجل " أو مسلم " لكونه ل يكن من خواص الؤمني وأفاضلهم كالسابقي القربي فإن هذا‬
‫لو كان كذلك لكان ينفي اليان الطلق عن البرار القتصدين التقي الوعودين بالنة بل عذاب إذا كانوا من‬
‫أ صحاب اليم ي ول يكونوا من ال سابقي والقرب ي ; ول يس ال مر كذلك بل كل من أ صحاب اليم ي مع‬
‫السهابقي القربيه كلههم مؤمنون موعودون بالنهة بل عذاب وكهل مهن كان كذلك فههو [ مؤمهن ] باتفاق‬
‫السلمي من أهل السنة وأهل البدع ; ولو جاز أن ينفى اليان عن شخص لكون غيه أفضل منه إيانا نفي‬
‫اليان عن أك ثر أولياء ال التق ي بل و عن كث ي من ال نبياء وهذا ف غا ية الف ساد وهذا من ج نس قول من‬
‫يقول‪ :‬ن في ال سم لن في كماله ال ستحب‪ .‬و قد ذكر نا أن م ثل هذا ل يو جد ف كلم ال ور سوله ; بل هذا‬
‫الديث خص من قيل فيه مسلم وليس بؤمن فل بد أن يكون ناقصا عن درجة البرار القتصدين أهل النة‬
‫ويكون إيانه ناقصا عن إيان هؤلء كلهم فل يكون قد أتى باليان الذي أمر به هؤلء كله ث إن كان قادرا‬
‫على ذلك اليان وترك الواجهب كان مسهتحقا للذم وإن قدر أنهه ل يقدر على ذلك اليان الذي اتصهف بهه‬
‫هؤلء كان عاجزا عن مثل إيانم ول يكون هذا وجب عليه فهو وإن دخل النة ل يكون كمن قدر أنه آمن‬
‫إيانا ممل ومات قبل أن يعلم تفصيل اليان وقبل أن يتحقق به ويعمل بشيء منه فهو يدخل النة لكن ل‬
‫يكون مثل أولئك‪ .‬لكن قد يقال‪ :‬البرار أهل اليمي هم أيضا على درجات كما ف الديث الصحيح عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬الؤمن القوي خي وأحب إل ال من الؤمن الضعيف وف كل خي} وقد قال‬
‫ال تعال‪{ :‬ل يستوي القاعدون من الؤمني غي أول الضرر} الية فدرجة الؤمن القوي ف النة أعلى وإن‬
‫كان كل منه ما ك مل ما و جب عل يه و قد ير يد أ بو طالب وغيه بقول م‪ :‬ليس هذا من خواص الؤمن ي هذا‬
‫الع ن‪ :‬أي ل يس إيا نه كإيان من ح قق خا صة اليان سواء كان من البرار أو من القرب ي وإن ل ي كن ترك‬
‫واجبا لعجزه عنه أو لكونه ل يؤمر به فل يكون مذموما ول يدح مدح أولئك ول يلزم أن يكون من أولئك‬
‫القربي‪ .‬فيقال‪ :‬وهذا أيضا ل ينفي عنه اليان‪ .‬فيقال‪ :‬هو مسلم ل مؤمن كما يقال‪ :‬ليس بعال ول مفت ول‬
‫من أهل الجتهاد وقد قال النب صلى ال عليه وسلم {لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول‬
‫ن صيفه} وهذا كث ي فل يس كل ما ف ضل به الفا ضل يكون مقدورا ل ن دو نه فكذلك من حقائق اليان ما ل‬
‫يقدر عل يه كث ي من الناس بل ول أكثر هم فهؤلء يدخلون ال نة وإن ل يكونوا م ن تققوا بقائق اليان ال ت‬
‫ف ضل ال ب ا غي هم ول تركوا واج با علي هم وإن كان واج با على غي هم ولذا كان من اليان ما هو من‬
‫الواهب والف ضل من ال فإنه من جنس العلم وال سلم الظا هر من جنس الع مل ; و قد قال تعال‪{ :‬والذ ين‬
‫اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}‪ :‬وقال‪{ :‬ويزيد ال الذين اهتدوا هدى} وقال‪{ :‬هو الذي أنزل السكينة‬
‫ف قلوب الؤمني ليزدادوا إيانا مع إيانم}‪ .‬ومثل هذه السكينة قد ل تكون مقدورة ; ولكن ال يعل ذلك ف‬
‫قلبه فضل منه وجزاء على عمل سابق كما قال‪{ :‬ولو أنم فعلوا ما يوعظون به لكان خيا لم وأشد تثبيتا}‬
‫{وإذا لتينا هم من لد نا أجرا عظي ما} {ولدينا هم صراطا م ستقيما} ك ما قال‪{ :‬اتقوا ال وآمنوا بر سوله‬
‫يؤت كم كفل ي من رح ته وي عل ل كم نورا تشون به} وك ما قال‪{ :‬أولئك ك تب ف قلوب م اليان وأيد هم‬
‫بروح منه} ولذا قيل‪ :‬من عمل با علم أورثه ال علم ما ل يعلم ; وهذا النس غي مقدور للعباد ; وإن كان‬
‫ما يقدرون عليه من العمال الظاهرة والباطنة هو أيضا بفضل ال وإعانته وإقداره لم ; لكن المور قسمان‪:‬‬
‫منه ما جنسه مقدور لم لعانة ال لم كالقيام والقعود ومنه ما جنسه غي مقدور لم ; إذا قيل‪ :‬إن ال يعطي‬
‫من أطا عه قوة ف قل به وبد نه يكون ب ا قادرا على ما ل يقدر عل يه غيه فهذا أي ضا حق و هو من ج نس هذا‬
‫العن‪ .‬قال تعال‪{ :‬إذ يوحي ربك إل اللئكة أن معكم فثبتوا الذين آمنوا} وقد قال‪{ :‬إذا لقيتم فئة فاثبتوا}‬
‫فأمر هم بالثبات وهذا الثبات يو حي إل اللئ كة أن م يفعلو نه بالؤمن ي والق صود أ نه قد يكون من اليان ما‬
‫يؤمر به بعض الناس ويذم على تركه ول يذم عليه بعض الناس من ل يقدر عليه ويف ضل ال ذاك بذا اليان‬
‫وإن ل ي كن الفضول ترك واج با فيقال‪ :‬وكذلك ف العمال الظاهرة يؤ مر القادر على الف عل ب ا ل يؤ مر به‬
‫العاجز عنه ويؤمر بعض الناس با يؤمر به غيه ; لكن العمال الظاهرة قد يعطى النسان مثل أجر العامل إذا‬
‫كان يؤمن با ويريدها جهده ولكن بدنه عاجز كما قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح‪{ :‬إن‬
‫بالدينة لرجال ما سرت مسيا ول قطعتم واديا إل كانوا معكم قالوا‪ :‬وهم بالدينة ؟ قال‪ :‬وهم بالدينة حبسهم‬
‫العذر} وكما قال تعال‪{ :‬ل يستوي القاعدون من الؤمني غي أول الضرر والجاهدون ف سبيل ال بأموالم‬
‫وأنفسهم فضل ال الجاهدين بأموالم وأنفسهم على القاعدين درجة} فاستثن أول الضرر‪ .‬وف " الصحيحي‬
‫" عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬من دعا إل هدى كان له من الجر مثل أجور من اتبعه من غي أن‬
‫ينقص من أجورهم شيئا ومن دعا إل ضللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه من غي أن ينقص من‬
‫أوزارهم شيئا}‪ .‬و ف حديث أب كب شة الناري‪{ :‬ه ا ف ال جر سواء وه ا ف الوزر سواء} رواه الترمذي‬
‫وصححه ولفظه‪{ :‬إنا الدنيا لربعة‪ :‬رجل آتاه ال علما ومال فهو يتقي ف ذلك الال ربه ويصل فيه رحه‬
‫ويعلم ل فيه حقا فهذا بأفضل النازل وعبد رزقه ال علما ول يرزقه مال فهو صادق النية يقول‪ :‬لو أن ل مال‬
‫لعملت بعمل فلن فهو بنيته فأجرها سواء وعبد رزقه ال مال ول يرزقه علما يبط ف ماله بغي علم ل يتقي‬
‫ف يه ر به ول ي صل ف يه رح ه ول يعلم ل ف يه ح قا فهذا بأخ بث النازل وع بد ل يرز قه ال مال ول عل ما ف هو‬
‫يقول‪ :‬لو أن ل مال لعملت ف يه بع مل فلن ف هو بني ته فوزره ا سواء}‪ .‬ول فظ ا بن ما جه‪{ :‬م ثل هذه ال مة‬
‫كمثل أربعة نفر‪ :‬رجل آتاه ال مال وعلما فهو يعمل بعلمه ف ماله ينفقه ف حقه ورجل آتاه ال علما ول يؤته‬
‫مال فهو يقول‪ :‬لو كان ل مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬فهما ف‬
‫الجر سواء ورجل آتاه ال مال ول يؤته علما فهو يتبط ف ماله ينفقه ف غي حقه ورجل ل يؤته علما ول‬
‫مال وهو يقول‪ :‬لو كان ل مثل مال هذا عملت مثل الذي يعمل فهما ف الوزر سواء}‪ .‬كالشخصي إذا تاثل‬
‫ف إيان القلوب معرفة وتصديقا وحبا وقوة وحال ومقاما فقد يتماثلن وإن كان لحدها من أعمال البدن ما‬
‫يعجز عنه بدن الخر كما جاء ف الثر‪ :‬إن الؤمن قوته ف قلبه وضعفه ف جسمه والنافق قوته ف جسمه‬
‫وضع فه ف قل به ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم ف الد يث ال صحيح‪{ :‬ل يس الشد يد ذو ال صرعة إن ا‬
‫الشديد الذي يلك نفسه عند الغضب} وقد قال‪{ :‬رأيت كأن أنزع على قليب فأخذها ابن أب قحافة فنع‬
‫ذنوبا أو ذنوبي وف نزعه ضعف وال يغفر له فأخذها ابن الطاب فاستحالت ف يده غربا فلم أر عبقريا يفري‬
‫فريه حت صدر الناس بعطن} فذكر أن أبا بكر أضعف وسواء أراد قصر مدته أو أراد ضعفه عن مثل قوة عمر‬
‫فل ريب أن أبا بكر أقوى إيانا من عمر‪ .‬وعمر أقوى عمل منه كما قال ابن مسعود‪ :‬مازلنا أعزة منذ أسلم‬
‫عمر ; وقوة اليان أقوى وأكمل من قوة العمل وصاحب اليان يكتب له أجر عمل غيه ‪ ,‬وما فعله عمر ف‬
‫سيته مكتوب مثله لب بكر فإنه هو الذي استخلفه‪ .‬وف " السند " من وجهي عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫{أن النب صلى ال عليه وسلم وزن بالمة فرجح ث وزن أبو بكر بالمة فرجح ث وزن عمر بالمة فرجح}‬
‫وكان ف حياة النب صلى ال عليه وسلم وبعد موته يصل لعمر بسبب أب بكر من اليان والعلم ما ل يكن‬
‫عنده فهو قد دعاه إل ما فعله من خي وأعانه عليه بهده والعي على الفعل إذا كان يريده إرادة جازمة كان‬
‫كفاعله كما ثبت ف الديث الصحيح عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬من جهز غازيا فقد غزا ومن‬
‫خلفه ف أهله بي فقد غزا} وقال‪{ :‬من دل على خي فله مثل أجر فاعله} وقال‪{ :‬من فطر صائما فله مثل‬
‫أجره}‪ .‬وقد روى الترمذي {من عزى مصابا فله مثل أجره} وهذا وغيه ما يبي أن الشخصي قد يتماثلن‬
‫ف العمال الظاهرة بل يتفاضلن ويكون الفضول فيها أفضل عند ال من الخر لنه أفضل ف اليان الذي ف‬
‫القلب وأما إذا تفاضل ف إيان القلوب فل يكون الفضول فيها أفضل عند ال ألبتة وإن كان الفضول ل يهبه‬
‫ال من اليان ما وهبه للفاضل ول أعطى قلبه من السباب الت با ينال ذلك اليان الفاضل ما أعطى الفضول‬
‫ولذا فضل ال بعض النبيي على بعض وإن كان الفاضل أقل عمل من الفضول كما فضل ال نبينا صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬ومدة نبوته بضع وعشرون سنة ‪ -‬على نوح وقد لبث ف قومه ألف سنة إل خسي عاما وفضل‬
‫أمة ممد وقد عملوا من صلة العصر إل الغرب على من عمل من أول النهار إل صلة الظهر وعلى من عمل‬
‫من صلة الظهر إل العصر فأعطى ال أمة ممد أجرين وأعطى كل من أولئك أجرا أجرا لن اليان الذي ف‬
‫قلوبم كان أكمل وأفضل وكان أولئك أكثر عمل ; وهؤلء أعظم أجرا وهو فضله يؤتيه من يشاء بالسباب‬
‫ال ت تف ضل ب ا علي هم وخ صهم ب ا‪ .‬وهكذا سائر من يفضله ال تعال فإ نه يفضله بال سباب ال ت ي ستحق ب ا‬
‫التفضيهل بالزاء كمها يصه أحهد الشخصهي بقوة ينال باه العلم وبقوة ينال باه اليقيه والصهب والتوكهل‬
‫والخلص ; وغي ذلك ما يفضله ال به وإنا فضله ف الزاء با فضل به من اليان‪ .‬كما قال تعال‪{ :‬وقالت‬
‫طائ فة من أ هل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذ ين آمنوا و جه النهار واكفروا آخره لعل هم يرجعون} {ول‬
‫تؤمنوا إل لن تبع دينكم قل إن الدى هدى ال أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو ياجوكم عند ربكم قل إن‬
‫الف ضل ب يد ال} وقال ف ال ية الخرى‪{ :‬ال أعلم ح يث ي عل ر سالته} وقال‪{ :‬ال ي صطفي من اللئ كة‬
‫ر سل و من الناس} وقال‪{ :‬يغ فر ل ن يشاء ويعذب من يشاء}‪ .‬و قد ب ي ف موا ضع أ سباب الغفرة وأ سباب‬
‫العذاب وكذلك يرزق من يشاء بغي حساب وقد عرف أنه قد يص من يشاء بأسباب الرزق‪ .‬وإذا كان من‬
‫اليان ما يعجز عنه كثي من الناس ويتص ال به من يشاء فذلك ما يفضلهم ال به وذلك اليان ينفي عن‬
‫غيهم لكن ل على وجه الذم بل على وجه التفضيل فإن الذم إنا يكون على ترك مأمور أو فعل مظور‪ .‬لكن‬
‫على مها ذكره أبهو طالب‪ .‬يقال‪ :‬فمثهل هؤلء مسهلمون ل مؤمنون باعتبار ويقال‪ :‬إنمه مؤمنون باعتبار آخهر‬
‫وعلى هذا ينفى اليان ع من فاته الكمال الستحب ; بل الكمال الذي يفضل به على من فاته وإن كان غي‬
‫مقدور للعباد بل ينفى عنه الكمال الذي وجب على غيه وإن ل يكن ف حقه ل واجبا ول مستحبا لكن هذا‬
‫ل يعرف ف كلم الشارع ول يعرف ف كلمه إل أن نفي اليان يقتضي الذم حيث كان فل ينفى إل عمن‬
‫له ذنب فتبي أن قوله‪ " :‬أو مسلم " توقف ف أداء الواجبات الباطنة والظاهرة كما قال جاهي الناس‪ .‬ث طائفة‬
‫يقولون‪ :‬قد يكون مناف قا ل يس م عه ش يء من اليان و هم الذ ين يقولون‪ :‬العراب الذكورون منافقون ل يس‬
‫معهم من اليان شيء وهذا هو القول الذي نصره طائفة كمحمد بن نصر والكثرون يقولون‪ :‬بل هؤلء ل‬
‫يكونوا من النافقي الذين ل يقبل منهم شيء من أعمالم وإن كان فيهم شعبة نفاق ; بل كان معهم تصديق‬
‫يقبل معه منهم ما عملوه ل ولذا جعلهم مسلمي ; ولذا قال‪{ :‬أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} كما‬
‫قالوا مثل ذلك ف الزان والسارق وغيها من نفي عنه اليان مع أن معه التصديق‪ .‬وهذا أصح القوال الثلثة‬
‫في هم‪ .‬وأ بو طالب ج عل من كان مذمو ما لترك وا جب من الؤل فة قلوب م الذ ين ل يعطوا شيئا وج عل ذلك‬
‫الشخهص مؤمنها غيه أفضهل منهه‪ .‬وأمها الكثرون فيقولون‪ :‬إثبات السهلم لمه دون اليان كإثباتهه لذلك‬
‫الشخص كان مسلما ل مؤمنا كلها مذموم ل لجرد أن غيه أفضل منه‪ .‬وقد قال النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫{أكمل الؤمني إيانا أحسنهم خلقا} ول يسلب عمن دونه اليان‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ل يستوي منكم من أنفق‬
‫من ق بل الف تح وقا تل أولئك أع ظم در جة من الذ ين أنفقوا من ب عد وقاتلوا وكل و عد ال ال سن}‪ .‬فأث بت‬
‫اليان للفا ضل والفضول وهذا مت فق عل يه ب ي ال سلمي و قد قال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬إذا اجت هد‬
‫الا كم فأ صاب فله أجران وإن اجت هد فأخ طأ فله أ جر} {وقال ل سعد بن معاذ ل ا ح كم ف ب ن قري ظة‪ :‬ل قد‬
‫حكمت فيهم بكم اللك من فوق سبعة أرقعة} وكان يقول لن يرسله ف جيش أو سرية‪{ :‬إذا حاصرت أهل‬
‫حصن فسألوك أن تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال فإنك ل تدري ما حكم ال فيهم ; ولكن‬
‫أنزل م على حكمك وحكم أ صحابك}‪ .‬وهذه الحاديث الثلثة ف " الصحيح " و ف حديث سليمان عليه‬
‫السلم‪ :‬وأسألك حكما يوافق حكمك‪ .‬فهذه النصوص وغيها تدل على ما اتفق عليه الصحابة والتابعون لم‬
‫بإح سان أن أ حد الشخ صي قد يصه ال باجتهاد ي صل له به من العلم ما يعجز عنه غيه فيكون له أجران‬
‫وذلك ال خر عا جز له أ جر ول إ ث عل يه ; وذلك العلم الذي خص به هذا والع مل به باط نا وظاهرا زيادة ف‬
‫إيانه وهو إيان يب عليه لنه قادر عليه‪ .‬وغيه عاجز عنه فل يب‪ .‬فهذا قد فضل بإيان واجب عليه وليس‬
‫بوا جب على من ع جز ع نه‪ .‬وهذا حال ج يع ال مة في ما تناز عت ف يه من ال سائل الب ية والعمل ية إذا خص‬
‫أحدها بعرفة الق ف نفس المر مع اجتهاد الخر وعجزه كلها ممود مثاب مؤمن وذلك خصه ال من‬
‫اليان الذي وجب عليه با فضله به على هذا ; وذلك الخطئ ل يستحق ذما ول عقابا وإن كان ذاك لو فعل‬
‫ما فعل ذم وعوقب كما خص ال أمة نبينا بشريعة فضلها به ولو تركنا ما أمرنا به فيها شيئا ; لكان ذلك سببا‬
‫للذم والعقاب ; وال نبياء قبل نا ل يذمون بترك ذلك ل كن م مد صلى ال عل يه و سلم فضله ال على النهبياء‬
‫وفضل أمته على المم من غي ذم لحد من النبياء ول لن اتبعهم من المم‪ .‬وأيضا فإذا كان النسان ل يب‬
‫عليه شيء من اليان إل ما يقدر عليه وهو إذا فعل ذلك كان مستحقا لا وعد ال به من النة فلو كان مثل‬
‫هذا ي سمى م سلما ول ي سمى مؤم نا لو جب أن يكون من أ هل الو عد بال نة من ي سمى م سلما ل مؤم نا‬
‫كالعراب وكالشخص الذي قال فيه النب صلى ال عليه وسلم " أو مسلم " وكسائر من نفي عنه اليان مع‬
‫أنه مسلم كالزان والشارب والسارق ومن ل يأمن جاره بوائقه ومن ل يب لخيه من الي ما يب لنفسه ;‬
‫وغي هؤلء وليس المر كذلك‪ .‬فإن ال ل يعلق وعد النة إل باسم اليان ل يعلقه باسم السلم مع إيابه‬
‫السلم وإخباره أنه دينه الذي ارتضاه ; وأنه ل يقبل دينا غيه ومع هذا فما قال‪ :‬إن النة أعدت للمسلمي‬
‫ول قال‪ :‬وعد ال السلمي بالنة بل إنا ذكر ذلك باسم اليان كقوله‪{ :‬وعد ال الؤمني والؤمنات جنات‬
‫تري من تت ها النار} ف هو يعلق ها با سم اليان الطلق أو الق يد بالع مل ال صال كقوله‪{ :‬إن الذ ين آمنوا‬
‫وعملوا ال صالات أولئك هم خ ي الب ية} {جزاؤ هم ع ند رب م جنات عدن تري من تت ها النار} وقوله‪:‬‬
‫{وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالات أن لم جنات تري من تتها النار كلما رزقوا منها من ثرة رزقا قالوا‬
‫هذا الذي رزقنا من قبل} وقوله‪{ :‬إن الذين آمنوا وعملوا الصالات وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة لم أجرهم‬
‫ع ند رب م ول خوف علي هم ول هم يزنون} وقوله‪{ :‬فأ ما الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات فيوفي هم أجور هم‬
‫ويزيدهم من فضله} وقوله‪{ :‬فأما الذين آمنوا بال واعتصموا به فسيدخلهم ف رحة منه وفضل ويهديهم إليه‬
‫صراطا م ستقيما} وقوله‪{ :‬والذ ين آمنوا وعملوا ال صالات سندخلهم جنات تري من تت ها النار خالد ين‬
‫فيها أبدا لم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظل ظليل} وف الية الخرى‪{ :‬ومن أصدق من ال قيل} وقال‪:‬‬
‫{وأ ما الذ ين آمنوا وعملوا ال صالات فيوفي هم أجور هم وال ل ي ب الظال ي} وقال‪{ :‬و عد ال الذ ين آمنوا‬
‫وعملوا ال صالات ل م مغفرة وأ جر عظ يم} وقال‪{ :‬ف من آ من وأ صلح فل خوف علي هم ول هم يزنون}‬
‫وقال‪{ :‬والذين آمنوا وعملوا الصالات ل نكلف نف سا إل وسعها أولئك أ صحاب النة هم في ها خالدون}‬
‫واليات ف هذا العن كثية‪ .‬فالوعد بالنة والرحة ف الخرة وبالسلمة من العذاب علق باسم اليان الطلق‬
‫والقيد بالعمل الصال ونو ذلك ; وهذا كما تقدم أن الطلق يدخل فيه فعل ما أمر ال به ورسوله ول يعلق‬
‫باسم السلم‪ .‬فلو كان من أتى من اليان با يقدر عليه وعجز عن معرفة تفاصيله قد يسمى مسلما ل مؤمنا‬
‫لكان من أهل النة وكانت النة يستحقها من يسمى مسلما وإن ل يسم مؤمنا وليس المر كذلك بل النة ل‬
‫تعلق إل باسم اليان وهذا أيضا ما استدل به من قال‪ :‬إنه ليس كل مسلم من الؤمني الوعودين بالنة إذ لو‬
‫كان ال مر كذلك لكان و عد ال نة معل قا با سم ال سلم ك ما علق با سم اليان وك ما علق با سم " التقوى "‬
‫وا سم " الب " ف م ثل قوله‪{ :‬إن التق ي ف جنات ون ر} وقوله‪{ :‬إن البرار ل في نع يم} وبا سم أولياء ال‬
‫كقوله‪{ :‬أل إن أولياء ال ل خوف علي هم ول هم يزنون} {الذ ين آمنوا وكانوا يتقون} {ل م البشرى ف‬
‫الياة الدن يا و ف الخرة ل تبد يل لكلمات ال ذلك هو الفوز العظ يم} فل ما ل ي ر ا سم ال سلم هذا الجرى‬
‫علم أن مسماه ليس ملزما لسمى اليان كما يلزمه اسم الب والتقوى وأولياء ال وأن اسم السلم يتناول‬
‫من هو من أهل الوعيد وإن كان ال يثيبه على طاعته م ثل أن يكون ف قل به إيان ونفاق ي ستحق به العذاب‬
‫فهذا يعاقبه ال ول يلده ف النار ; لن ف قلبه مثقال ذرة أو أكثر من مثقال ذرة من إيان‪ .‬وهكذا سائر أهل‬
‫الكبائر إيان م نا قص وإذا كان ف قلب أحد هم شع بة نفاق عو قب ب ا إذا ل ي عف ال ع نه ول يلد ف النار‬
‫فهؤلء مسلمون وليسوا مؤمني ومعهم إيان‪ .‬لكن معهم أيضا ما يالف اليان من النفاق فلم تكن تسميتهم‬
‫مؤمني بأول من تسميتهم منافقي ل سيما إن كانوا للكفر أقرب منهم لليان وهؤلء يدخلون ف اسم اليان‬
‫ف أحكام الدنيا كما يدخل النافق الحض وأول لن هؤلء معهم إيان يدخلون به ف خطاب ال به {يا أيها‬
‫الذ ين آمنوا} لن ذلك أ مر ل م ب ا ينفع هم ون ي ل م ع ما يضر هم و هم متاجون إل ذلك ث إن اليان الذي‬
‫مع هم إن اقت ضى شول ل فظ الطاب ل م فل كلم وإل فلي سوا بأ سوأ حال من النا فق ال حض وذلك النا فق‬
‫ياطب بذه العمال وتنفعه ف الدنيا ويشر با مع الؤمني يوم القيامة ويتميز با عن سائر اللل يوم القيامة‬
‫كما تيز عنهم با ف الدنيا لكن وقت القيقة يضرب {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحة وظاهره‬
‫من قبله العذاب} {ينادونم أل نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم المان‬
‫ح ت جاء أ مر ال وغر كم بال الغرور} {فاليوم ل يؤ خذ من كم فد ية ول من الذ ين كفروا مأوا كم النار هي‬
‫مول كم وبئس ال صي} و قد قال تعال‪{ :‬إن النافق ي ف الدرك ال سفل من النار ولن ت د ل م ن صيا} {إل‬
‫الذ ين تابوا وأ صلحوا واعت صموا بال وأخل صوا دين هم ل فأولئك مع الؤمن ي و سوف يؤت ال الؤمن ي أجرا‬
‫عظيما}‪ .‬فإذا عمل العبد صالا ل‪ :‬فهذا هو السلم الذي هو دين ال ويكون معه من اليان ما يشر به مع‬
‫الؤمني يوم القيامة ; ث إن كان معه من الذنوب ما يعذب به عذب وأخرج من النار ; إذا كان ف قلبه مثقال‬
‫ح بة خردل من إيان وإن كان معه نفاق ; ولذا قال تعال ف هؤلء‪{ :‬فأولئك مع الؤمن ي وسوف يؤت ال‬
‫الؤمني أجرا عظيما} فلم يقل‪ :‬إنم مؤمنون بجرد هذا إذ ل يذكر اليان بال وملئكته وكتبه ورسله بل هم‬
‫مع هم وإن ا ذ كر الع مل ال صال وإخل صه ل وقال‪{ :‬فأولئك مع الؤمن ي} فيكون ل م حكم هم‪ .‬و قد ب ي‬
‫تفاضل الؤمني ف مواضع أخر وإنه من أتى باليان الواجب استحق الثواب ومن كان فيه شعبة نفاق وأتى‬
‫بالكبائر فذاك من أ هل الوع يد وإيا نه ينف عه ال به ; وير جه به من النار ولو أ نه مثقال ح بة خردل ل كن ل‬
‫يستحق به السم الطلق العلق به وعد النة بل عذاب‪ .‬وتام هذا أن الناس قد يكون فيهم من معه شعبة من‬
‫شعب اليان وشعبة من شعب الكفر أو النفاق ويسمى مسلما كما نص عليه أحد‪ .‬وتام هذا أن النسان قد‬
‫يكون ف يه شع بة من ش عب اليان وشع بة من ش عب النفاق ; و قد يكون م سلما وف يه ك فر دون الك فر الذي‬
‫ينقل عن السلم بالكلية كما قال الصحابة‪ :‬ابن عباس وغيه‪ :‬كفر دون كفر‪ .‬وهذا قول عامة السلف وهو‬
‫الذي نص عليه أحد وغيه من قال ف السارق والشارب ونوهم من قال فيه النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬إنه‬
‫ليس بؤ من}‪ .‬إنه يقال ل م‪ :‬م سلمون ل مؤمنون ; واستدلوا بالقرآن والسنة على نفي ا سم اليان مع إثبات‬
‫اسم السلم وبأن الرجل قد يكون مسلما ومعه كفر ل ينقل عن اللة بل كفر دون كفر كما قال ابن عباس‬
‫وأصحابه ف قوله‪{ :‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون} قالوا‪ :‬كفر ل ينقل عن اللة وكفر دون‬
‫ك فر وف سق دون ف سق وظلم دون ظلم‪ .‬وهذا أي ضا م ا ا ستشهد به البخاري ف " صحيحه " فإن كتاب "‬
‫اليان " الذي افتتح به " الصحيح " قرر مذهب أهل السنة والماعة وضمنه الرد على الرجئة فإنه كان من‬
‫القائمي بنصر السنة والماعة مذهب الصحابة والتابعي لم بإحسان‪ .‬وقد اتفق العلماء على أن اسم السلمي‬
‫ف الظاهر يري على النافقي لن م استسلموا ظاهرا ; وأتو با أتوا به من العمال الظاهرة بالصلة الظاهرة‬
‫والزكاة الظاهرة والج الظاهر والهاد الظاهر كما كان النب يري عليهم أحكام السلم الظاهر واتفقوا على‬
‫أ نه من ل ي كن م عه ش يء من اليان ف هو ك ما قال تعال‪{ :‬إن النافق ي ف الدرك ال سفل من النار} وفي ها‬
‫قراءتان (درك ودرك قال أبو السي ابن فارس‪ :‬النة درجات والنار دركات‪ .‬قال الضحاك‪ :‬الدرج‪ :‬إذا كان‬
‫بعضها فوق بعض‪ .‬والدرك‪ :‬إذا كان بعضها أسفل من بعض فصار الظهرون للسلم بعضهم ف أعلى درجة‬
‫ف النة وهو رسول ال صلى ال عليه وسلم كما قال ف الديث الصحيح‪{ :‬إذا سعتم الؤذن فقولوا مثل ما‬
‫يقول ث سلوا ال ل الوسيلة فإنا درجة ف النة ل تنبغي إل لعبد من عباد ال وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد‬
‫فمن سأل ال ل الوسيلة حلت عليه شفاعت يوم القيامة} وقوله‪ :‬صلى ال عليه وسلم‪{ :‬وأرجو أن أكون}‬
‫م ثل قوله‪{ :‬إ ن لر جو أن أكون أخشا كم ل وأعلم كم بدوده} ول ر يب أ نه أخ شى ال مة ل وأعلم هم‬
‫بدوده‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬اختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة فهي نائلة إن شاء ال من مات ل يشرك بال‬
‫شيئا}‪ .‬وقوله‪{ :‬إن لرجو أن تكونوا نصف أهل النة} وأمثال هذه النصوص وكان يستدل به أحد وغيه‬
‫على الستثناء ف اليان كما نذكره ف موضعه‪ .‬والقصود أن خي الؤمني ف أعلى درجات النة والنافقون ف‬
‫الدرك ال سفل من النار وإن كانوا ف الدنيا م سلمي ظاهرا تري علي هم أحكام ال سلم الظاهرة ; ف من كان‬
‫فيه إيان ونفاق يسمى مسلما إذ ليس هو دون النافق الحض وإذا كان نفاقه أغلب ل يستحق اسم اليان بل‬
‫اسم النافق أحق به فإن ما فيه بياض وسواد وسواده أكثر من بياضه هو باسم السود أحق منه باسم البيض‬
‫كما قال تعال‪{ :‬هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليان} وأما إذا كان إيانه أغلب ومعه نفاق يستحق به الوعيد‬
‫ل يكن أيضا من الؤمني الوعودين بالنة وهذا حجة لا ذكره ممد بن نصر عن أحد ول أره أنا فيما بلغن‬
‫من كلم أحد ول ذكره اللل ونوه‪ .‬وقال ممد بن نصر‪ :‬وحكى غي هؤلء عن أحد أنه قال‪ :‬من أتى‬
‫هذه الربعة‪ :‬الزنا والسرقة وشرب المر والنهبة الت يرفع الناس فيها أبصارهم إليه أو مثلهن أو فوقهن فهو‬
‫مسلم ول أسيه مؤمنا ومن أتى دون الكبائر نسميه مؤمنا ناقص اليان فإن صاحب هذا القول يقول‪ :‬لا نفى‬
‫عنه النب صلى ال عليه وسلم اليان نفيته عنه كما نفاه عنه الرسول صلى ال عليه وسلم والرسول ل ينفه إل‬
‫عن صاحب كبية وإل فالؤ من الذي يف عل ال صغية هي مكفرة ع نه بفعله للح سنات واجتنا به للكبائر لك نه‬
‫ناقص اليان عمن اجتنب الصغائر فما أتى باليان الواجب ولكن خلطه بسيئات كفرت عنه بغيها ونقصت‬
‫بذلك درجته عمن ل يأت بذلك‪ .‬وأما الذين نفى عنهم الرسول اليان فننفيه كما نفاه الرسول وأولئك وإن‬
‫كان معهم التصديق وأصل اليان فقد تركوا منه ما استحقوا لجله سلب اليان وقد يتمع ف العبد نفاق‬
‫وإيان وكفر وإيان فاليان الطلق عند هؤلء ما كان صاحبه مستحقا للوعد بالنة‪ .‬وطوائف " أهل الهواء "‬
‫من الوارج والعتزلة والهم ية والرجئة كرامي هم وغ ي كرامي هم يقولون‪ :‬إ نه ل يت مع ف الع بد إيان ونفاق‬
‫ومنهم من يدعي الجاع على ذلك وقد ذكر أبو السن ف بعض كتبه الجاع على ذلك ومن هنا غلطوا فيه‬
‫وخالفوا ف يه الكتاب وال سنة وآثار ال صحابة والتابع ي ل م بإح سان مع مال فة صريح العقول ; بل الوارج‬
‫والعتزلة طردوا هذا ال صل الفا سد وقالوا‪ :‬ل يت مع ف الش خص الوا حد طا عة ي ستحق ب ا الثواب ومع صية‬
‫يستحق با العقاب ول يكون الشخص الواحد ممودا من وجه مذموما من وجه ول مبوبا مدعوا له من وجه‬
‫م سخوطا ملعو نا من و جه ول يت صور أن الش خص الوا حد يد خل ال نة والنار جي عا عند هم بل من د خل‬
‫إحداها ل يدخل الخرى عندهم ولذا أنكروا خروج أحد من النار أو الشفاعة ف أحد من أهل النار‪ .‬وحكى‬
‫عن غالية الرجئة أنم وافقوهم على هذا الصل لكن هؤلء قالوا‪ :‬إن أهل الكبائر يدخلون النة ول يدخلون‬
‫النار مقابلة لولئك‪ .‬وأما أهل السنة والماعة والصحابة والتابعون لم بإحسان ; وسائر طوائف السلمي من‬
‫أهل الديث والفقهاء وأهل الكلم من مرجئة الفقهاء والكرامية والكلبية والشعرية والشيعة مرجئهم وغي‬
‫مرجئههم فيقولون‪ :‬إن الشخهص الواحهد قهد يعذبهه ال بالنار ثه يدخله النهة كمها نطقهت بذلك الحاديهث‬
‫الصحيحة وهذا الشخص الذي له سيئات عذب با وله حسنات دخل با النة وله معصية وطاعة باتفاق فإن‬
‫هؤلء الطوائف ل يتنازعوا ف حك مه ; ل كن تنازعوا ف ا سه‪ .‬فقالت الرجئة‪ :‬جهميتهم وغ ي جهميت هم‪ :‬هو‬
‫مؤمن كامل اليان‪ .‬وأهل السنة والماعة على أنه مؤمن ناقص اليان ولول ذلك لا عذب كما أنه ناقص الب‬
‫والتقوى باتفاق ال سلمي و هل يطلق عل يه ا سم مؤ من ؟ هذا ف يه القولن وال صحيح التف صيل‪ .‬فإذا سئل عن‬
‫أحكام الدنيا كعتقه ف الكفارة‪ .‬قيل‪ :‬هو مؤمن وكذلك إذا سئل عن دخوله ف خطاب الؤمني‪ .‬وأما إذا سئل‬
‫عن حك مه ف الخرة‪ .‬ق يل‪ :‬ليس هذا النوع من الؤمن ي الوعود ين بال نة بل معه إيان ين عه اللود ف النار‬
‫ويد خل به ال نة ب عد أن يعذب ف النار إن ل يغ فر ال له ذنو به ولذا قال من قال‪ :‬هو مؤ من بإيا نه فا سق‬
‫بكبيته أو مؤمن ناقص اليان والذين ل يسمونه مؤمنا من أهل السنة ومن العتزلة يقولون‪ :‬اسم الفسوق يناف‬
‫اسم اليان لقوله‪{ :‬بئس السم الفسوق بعد اليان} وقوله‪{ :‬أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} وقد قال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم {سباب السلم فسوق وقتاله كفر}‪ .‬وعلى هذا الصل فبعض الناس يكون معه شعبة‬
‫من شعب الكفر ومعه إيان أيضا وعلى هذا ورد عن النب صلى ال عليه وسلم ف تسمية كثي من الذنوب‬
‫كفرا مع أن صاحبها قد يكون م عه أك ثر من مثقال ذرة من إيان فل يلد ف النار‪ .‬كقوله { سباب ال سلم‬
‫فسوق وقتاله كفر} وقوله‪{ :‬ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض} وهذا مستفيض عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ف " الصحيح " من غي وجه فإنه أمر ف حجة الوداع أن ينادي به ف الناس فقد سى من‬
‫يضرب بعضهم رقاب بعض بل حق كفارا ; وسى هذا الفعل كفرا ; ومع هذا فقد قال تعال‪{ :‬وإن طائفتان‬
‫مهن الؤمنيه اقتتلوا فأصهلحوا بينهمها} إل قوله‪{ :‬إناه الؤمنون إخوة} فهبي أن هؤلء ل يرجوا مهن اليان‬
‫بالكلية ولكن فيهم ما هو كفر وهي هذه الصلة‪ .‬كما قال بعض الصحابة‪ :‬كفر دون كفر‪ .‬وكذلك قوله‪:‬‬
‫{ من قال لخيه يا كا فر فقد باء ب ا أحده ا} ف قد ساه أخاه ح ي القول ; و قد أ خب أن أحدها باء ب ا فلو‬
‫خرج أحدها عن السلم بالكلية ل يكن أخاه بل فيه كفر‪ .‬وكذلك قوله ف الديث الصحيح‪{ :‬ليس من‬
‫رجل ادعى لغي أبيه وهو يعلمه إل كفر} وف حديث آخر‪{ :‬كفر بال من تبأ من نسب وإن دق} وكان‬
‫من القرآن الذي نسخ لفظه‪ " :‬ل ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم " فإن حق الوالدين‬
‫مقرون ب ق ال ف م ثل قوله‪{ :‬أن اش كر ل ولوالد يك إل ال صي} وقوله‪{ :‬وق ضى ر بك أل تعبدوا إل إياه‬
‫وبالوالدين إحسانا} فالوالد أصله الذي منه خلق والولد من كسبه‪ .‬كما قال‪{ :‬ما أغن عنه ماله وما كسب}‬
‫فالحد لما شعبة من شعب الكفر فإنه جحد لا منه خلقه ربه فقد جحد خلق الرب إياه وقد كان ف لغة من‬
‫قبلنا يسمى الرب أبا فكان فيه كفر بال من هذا الوجه ولكن ليس هذا كمن جحد الالق بالكلية وسنتكلم‬
‫إن شاء ال على سائر الحاديث‪ .‬والقصود هنا ذكر " أصل جامع " تنبن عليه معرفة النصوص ورد ما تنازع‬
‫ف يه الناس إل الكتاب وال سنة فإن الناس ك ثر نزاع هم ف موا ضع ف م سمى اليان وال سلم لكثرة ذكره ا‬
‫وكثرة كلم الناس فيهما والسم كلما كثر التكلم فيه فتكلم به مطلقا ومقيدا بقيد ومقيد بقيد آخر ف موضع‬
‫آخر‪ .‬كان هذا سببا لشتباه بعض معناه ث كلما كثر ساعه كثر من يشتبه عليه ذلك‪ .‬ومن أسباب ذلك أن‬
‫ي سمع ب عض الناس ب عض موارده ول ي سمع بع ضه ويكون ما سعه مقيدا بق يد أوج به اخت صاصه بع ن في ظن‬
‫معناه ف سائر موارده كذلك ; فمن اتبع علمه حت عرف مواقع الستعمال عامة وعلم مأخذ الشبه أعطى كل‬
‫ذي حق حقه وعلم أن خي الكلم كلم ال وأنه ل بيان أت من بيانه ; وأن ما أجع عليه السلمون من دينهم‬
‫الذي يتاجون إليه أضعاف أضعاف ما تنازعوا فيه‪ .‬فالسلمون‪ :‬سنيهم وبدعيهم متفقون على وجوب اليان‬
‫بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ومتفقون على وجوب الصلة والزكاة والصيام والج ومتفقون على‬
‫أن من أطاع ال ورسوله فإنه يدخل النة ; ول يعذب وعلى أن من ل يؤمن بأن ممدا رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬إليه فهو كافر وأمثال هذه المور الت هي أصول الدين وقواعد اليان الت اتفق عليها النتسبون‬
‫إل السلم واليان فتنازعهم بعد هذا ف بعض أحكام الوعيد أو بعض معان بعض الساء أمر خفيف بالنسبة‬
‫إل ما اتفقوا عل يه مع أن الخالف ي لل حق الب ي من الكتاب وال سنة هم ع ند جهور ال مة معروفون بالبد عة ;‬
‫مشهود عليهم بالضللة ; ليس لم ف المة لسان صدق ول قبول عام كالوارج والروافض والقدرية ونوهم‬
‫وإن ا تنازع أ هل العلم وال سنة ف أمور دقي قة ت فى على أك ثر الناس ; ول كن ي ب رد ما تنازعوا ف يه إل ال‬
‫ور سوله‪ .‬والرد إل ال ور سوله ف " م سألة ال سلم واليان " يو جب أن كل من ال سي وإن كان م سماه‬
‫واجبا ل يستحق أحد النة إل بأن يكون مؤمنا مسلما‪ .‬فالق ف ذلك ما بينه النب صلى ال عليه وسلم ف‬
‫حديث جبيل فجعل الدين وأهله " ثلث طبقات "‪ :‬أولا‪ :‬السلم وأوسطها اليان وأعلها الحسان ومن‬
‫وصل إل العليا فقد وصل إل الت تليها‪ .‬فالسن مؤمن والؤمن مسلم ; وأما السلم فل يب أن يكون مؤمنا‪.‬‬
‫وهكذا جاء القرآن فجعل المة على هذه الصناف الثلثة‪ .‬قال تعال‪{ :‬ث أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من‬
‫عبادنا فمنهم ظال لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال ذلك هو الفضل الكبي} فالسلم الذي‬
‫ل يقم بواجب اليان هو الظال لنفسه والقتصد هو الؤمن الطلق الذي أدى الواجب وترك الحرم ; والسابق‬
‫باليات هو الحسن الذي عبد ال كأنه يراه‪ .‬وقد ذكر ال سبحانه تقسيم الناس ف العاد إل هذه الثلثة ف‬
‫سورة (الواقعة) و (الطففي) و (هل أتى) وذكر الكفار أيضا وأما هنا فجعل التقسيم للمصطفي من عباده‪.‬‬
‫وقال أ بو سليمان الطا ب‪ :‬م ا أك ثر ما يغلط الناس ف " هذه ال سألة " فأ ما الزهري فقال‪ :‬ال سلم الكل مة‬
‫واليان الع مل واحتج بالية وذهب غيه إل أن السلم واليان شيء وا حد‪ .‬فاحتج بقوله‪{ :‬فأخرجنا من‬
‫كان فيها من الؤمني} {فما وجدنا فيها غي بيت من السلمي} قال الطاب‪ :‬وقد تكلم رجلن من أهل‬
‫العلم وصار كل واحد منهما إل قول واحد من هذين ورد الخر منهما على التقدم وصنف عليه كتابا يبلغ‬
‫عدد أوراقه الائتي‪ .‬قال الطاب‪ :‬والصحيح من ذلك أن يقيد الكلم ف هذا ول يطلق ; وذلك أن السلم قد‬
‫يكون مؤمنا ف بعض الحوال ول يكون مؤمنا ف بعضها والؤمن مسلم ف جيع الحوال فكل مؤمن مسلم‬
‫ول يس كل م سلم مؤم نا وإذا حلت ال مر على هذا ا ستقام لك تأو يل اليات واعتدل القول في ها ول يتلف‬
‫شيء منها‪ " .‬قلت "‪ :‬الرجلن اللذان أشار إليهما الطاب أظن أحدها ‪ -‬وهو السابق ‪ -‬ممد بن نصر فإنه‬
‫الذي علمته بسط الكلم ف أن السلم واليان شيء واحد من أهل السنة والديث و ما علمت لغيه قبله‬
‫بسطا ف هذا‪ .‬والخر الذي رد عليه أظنه‪ .‬لكن ل أقف على رده ; والذي اختاره الطاب هو قول من فرق‬
‫بينهما كأب جعفر وحاد بن زيد وعبد الرحن بن مهدي وهو قول أحد بن حنبل وغيه ; ول علمت أحدا‬
‫من التقدمي خالف هؤلء فجعل نفس السلم نفس اليان ; ولذا كان عامة أهل السنة على هذا الذي قاله‬
‫هؤلء كما ذكره الطاب‪ .‬وكذلك ذكر أبو القاسم التيمي الصبهان وابنه ممد شارح " مسلم " وغيها أن‬
‫الختار عند أهل السنة أنه ل يطلق على السارق والزان اسم مؤمن كما دل عليه النص وقد ذكر الطاب‪ :‬ف "‬
‫شرح البخاري " كلما يقتضي تلزمهما مع افتراق اسيهما وذكره البغوي ف " شرح السنة " فقال‪ :‬قد جعل‬
‫ال نب صلى ال عل يه و سلم ال سلم ا سا ل ا ظ هر من العمال وج عل اليان ا سا ل ا ب طن من العتقاد ول يس‬
‫كذلك لن العمال ليست من اليان أو التصديق بالقلب ليس من السلم بل ذلك تفصيل الملة هي كلها‬
‫شيء واحد وجاعها الدين ولذلك قال صلى ال عليه وسلم‪{ :‬هذا جبيل جاءكم يعلمكم دينكم} والتصديق‬
‫والعمل يتناولما اسم السلم واليان جيعا ; يدل عليه قوله تعال‪{ :‬إن الدين عند ال السلم} وقوله تعال‪:‬‬
‫{ورضيت لكم السلم دينا} وقوله‪{ :‬ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه} فبي أن الدين الذي رضيه‬
‫ويقبله من عباده هو السلم ول يكون الدين ف مل الرضى والقبول إل بانضمام التصديق إل العمل‪ " .‬قلت‬
‫"‪ :‬تفريق النب صلى ال عليه وسلم ف حديث جبيل وإن اقتضى أن العلى هو الحسان والحسان يتضمن‬
‫اليان واليان يتضمن السلم فل يدل على العكس ولو قدر أنه دل على التلزم فهو صريح بأن مسمى هذا‬
‫ل يس م سمى هذا ل كن التحق يق أن الدللة تتلف بالتجر يد والقتران ك ما قد بيناه و من ف هم هذا انلت ع نه‬
‫إشكالت كثية ف كثي من الواضع حاد عنها طوائف ‪ " -‬مسألة اليان " وغيها ‪ -‬وما ذكره من أن الدين‬
‫ل يكون ف م ل الر ضى والقبول إل بانضمام الت صديق إل الع مل يدل على أ نه ل بد مع الع مل من اليان ;‬
‫فهذا يدل على وجوب اليان مطل قا ل كن ل يدل على أن الع مل الذي هو الد ين ل يس ا سه إ سلما وإذا كان‬
‫اليان شر طا ف قبوله ل يلزم أن يكون ملز ما له ; ولو كان ملز ما له ل يلزم أن يكون جزء م سماه‪ .‬وقال‬
‫الش يخ أ بو عمرو بن ال صلح‪ :‬قوله صلى ال عل يه و سلم‪{ :‬ال سلم أن تش هد أن ل إله إل ال} إل آخره ;‬
‫{واليان أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله} إل آخره‪ .‬قال‪ :‬هذا بيان لصل اليان وهو التصديق الباطن‬
‫وبيان لصل السلم وهو الستسلم والنقياد الظاهر وحكم السلم ف الظاهر يثبت بالشهادتي وإنا أضاف‬
‫إليهما الربع لكونا أظهر شعائر السلم ومعظمها وبقيامه با يتم استسلمه وتركه لا يشعر بل قيد انقياده‬
‫أو انلله‪ .‬ث إن اسم اليان يتناول ما فسر به السلم ف هذا الديث وسائر الطاعات لكونا ثرات التصديق‬
‫الباطن الذي هو أصل اليان مقومات ومتممات وحافظات له ولذا فسر النب صلى ال عليه وسلم اليان ف‬
‫حديث و فد عبد القيس بالشهادت ي والصلة والزكاة والصوم وإعطاء ال مس من الغ نم ; ولذا ل ي قع ا سم‬
‫الؤمن الطلق على من ارتكب كبية أو ترك فريضة لن اسم الشيء الكامل يقع على الكامل منه ول يستعمل‬
‫ف الناقص ظاهرا إل بقيد ولذلك جاز إطلق نفيه عنه ف قوله صلى ال عليه وسلم‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن‬
‫وهو مؤمن}‪ .‬واسم " السلم " يتناول أيضا ما هو " أصل اليان " وهو التصديق ويتناول " أصل الطاعات "‬
‫فإن ذلك كله اسهتسلم قال‪ :‬فخرج ماه ذكرناه وحققناه أن السهلم واليان يتمعان ويفترقان ; وأن كهل‬
‫مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا قال‪ :‬فهذا تقيق واف بالتوفيق بي متفرقات النصوص الواردة ف اليان‬
‫والسلم الت طالا غلط فيها الائضون ; وما حققناه من ذلك موافق لذاهب جاهي العلماء من أهل الديث‬
‫وغيهم‪ .‬فيقال‪ :‬هذا الذي ذكره رحه ال فيه من الوافقة ل ا قد بي من أقوال الئمة‪ :‬وما دل عليه الكتاب‬
‫والسنة ما يظهر به أن المهور يقولون‪ :‬كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وقوله‪ :‬إن الديث ذكر فيه‬
‫أصل اليان وأصل السلم قد يورد عليه أن النب صلى ال عليه وسلم أجاب عن اليان والسلم با هو من‬
‫جنس الواب بالد عن الحدود ; فيكون ما ذكره مطابقا لما ل لصلهما فقط فاليان هو اليان با ذكره‬
‫باطنا وظاهرا ; لكن ما ذكره من اليان تضمن السلم كما أن الحسان تضمن اليان‪ .‬وقول القائل‪ :‬أصل‬
‫ال ستسلم هو ال سلم الظا هر فال سلم هو ال ستسلم ل والنقياد له ظاهرا وباط نا فهذا هو د ين ال سلم‬
‫الذي ارتضاه ال كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ومن أسلم بظاهره دون باطنه فهو منافق يقبل ظاهره‬
‫فإنه ل يؤمر أن يشق عن قلوب الناس‪ .‬وأيضا فإذا كان السلم يتناول التصديق الباطن الذي هو أصل اليان‪.‬‬
‫فيلزم أن يكون كل مسلم مؤمنا وهو خلف ما نقل عن المهور ولكن ل بد ف السلم من تصديق يصل به‬
‫أصل اليان وإل ل يثب عليه ; فيكون حينئذ مسلما مؤمنا فل بد أن يتبي السلم الذي ليس بؤمن ودخوله ف‬
‫السلم والنب صلى ال عليه وسلم قال‪{ :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم دينكم} وقوله‪{ :‬السلم هو الركان‬
‫المسة} ل يعن به من أداها بل إخلص ل بل مع النفاق بل الراد من فعلها كما أمر با باطنا وظاهرا وذكر‬
‫المس أنا هي السلم لنا هي العبادات الحضة الت تب ل تعال على كل عبد مطيق لا وما سواها إما‬
‫وا جب على الكفاية لصلحة إذا حصلت سقط الوجوب وإما من حقوق الناس بعض هم على بعض وإن كان‬
‫في ها قر بة ون و ذلك‪ .‬وتلك تاب عة لذه ك ما قال‪{ :‬ال سلم من سلم ال سلمون من ل سانه ويده} {وأف ضل‬
‫السلم أن تطعم الطعام وتقرئ السلم على من عرفت ومن ل تعرف} ونو ذلك‪ :‬فهذه المس هي الركان‬
‫والبان كما ف اليان‪ .‬وقول القائل‪ :‬الطاعات ثرات التصديق الباطن يراد به شيئان‪ :‬يراد به أنا لوازم له فمت‬
‫وجد اليان الباطن وجدت وهذا مذهب السلف وأهل السنة ويراد به أن اليان الباطن قد يكون سببا وقد‬
‫يكون اليان البا طن تا ما كامل و هي ل تو جد وهذا قول الرجئة من الهم ية وغي هم و قد ذكر نا في ما تقدم‬
‫أنم غلطوا ف ثلثة أوجه‪( :‬أحدها)‪ :‬ظنهم أن اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون العمل الذي ف القلب‬
‫ت صديق بل ع مل للقلب‪ .‬كمح بة ال وخشي ته وخو فه والتو كل عل يه والشوق إل لقائه‪ .‬و (الثا ن)‪ :‬ظن هم أن‬
‫اليان الذي ف القلب يكون تاما بدون العمل الظاهر وهذا يقول به جيع الرجئة‪ .‬و (الثالث)‪ :‬قولم كل من‬
‫كفره الشارع فإنا كفره لنتفاء تصديق القلب بالرب تبارك وتعال وكثي من التأخرين ل ييزون بي مذاهب‬
‫السلف وأقوال الرجئة والهمية ; لختلط هذا بذا ف كلم كثي منهم من هو ف باطنه يرى رأي الهمية‬
‫والرجئة ف اليان وهو معظم للسلف وأهل الديث فيظن أنه يمع بينهما أو يمع بي كلم أمثاله وكلم‬
‫السلف‪ .‬قال أبو عبد ال ممد بن نصر الروزي‪ :‬وقالت " طائفة ثالثة " وهم المهور العظم من أهل السنة‬
‫والما عة وأ صحاب الد يث‪ :‬اليان الذي د عا ال العباد إل يه وافتر ضه علي هم هو ال سلم الذي جعله دي نا‬
‫وارتضاه لعباده ودعاهم إليه وهو ضد الكفر الذي سخطه فقال‪{ :‬ول يرضى لعباده الكفر} وقال‪{ .‬ورضيت‬
‫ل كم ال سلم دي نا} وقال‪{ :‬ف من يرد ال أن يهد يه يشرح صدره لل سلم} وقال‪{ :‬أف من شرح ال صدره‬
‫للسلم فهو على نور من ربه} فمدح ال السلم بثل ما مدح به اليان‪ .‬وجعله اسم ثناء وتزكية فأخب أن‬
‫من أسلم فهو على نور من ربه وهدى وأخب أنه دينه الذي ارتضاه وما ارتضاه فقد أحبه وامتدحه أل ترى أن‬
‫أنبياء ال ورسله رغبوا فيه إليه وسألوه إياه فقال إبراهيم وإساعيل‪{ :‬ربنا واجعلنا مسلمي لك ومن ذريتنا أمة‬
‫مسلمة لك} وقال يوسف‪{ :‬توفن مسلما وألقن بالصالي} وقال‪{ :‬ووصى با إبراهيم بنيه ويعقوب يا بن‬
‫إن ال اصطفى لكم الدين فل توتن إل وأنتم مسلمون} وقال‪{ :‬وقل للذين أوتوا الكتاب والميي أأسلمتم‬
‫فإن أسلموا فقد اهتدوا} وقال ف موضع آخر‪{ :‬قولوا آمنا بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل‬
‫وإسحاق} إل قوله {فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا} فحكم ال بأن من أسلم فقد اهتدى ومن آمن‬
‫فقد اهتدى فسوى بينهما‪ .‬قال‪ :‬وقد ذكرنا تام الجة ف أن السلم هو اليان وأنما ل يفترقان ول يتباينان‬
‫ف مو ضع غ ي هذا فكره نا إعادته ف هذا الو ضع كراهة التطويل والتكر ير غ ي أنا سنذكر من ال جة ما ل‬
‫نذكره ف غي هذا الوضع ونبي خطأ تأويلهم والجج الت احتجوا با من الكتاب والخبار على التفرقة بي‬
‫ال سلم واليان‪ " .‬قلت "‪ :‬مق صود م مد بن ن صر الروزي ‪ -‬رح ه ال ‪ :-‬أن ال سلم المدوح هو الؤ من‬
‫المدوح ; وأن الذموم نا قص ال سلم واليان وأن كل مؤ من ف هو م سلم و كل م سلم فل بد أن يكون م عه‬
‫إيان وهذا صحيح وهو متفق عليه ومقصوده أيضا أن من أطلق عليه السلم أطلق عليه اليان وهذا فيه نزاع‬
‫لف ظي ومق صوده أن م سمى أحده ا هو م سمى ال خر وهذا ل يعرف عن أ حد من ال سلف‪ .‬وإن ق يل‪ :‬ه ا‬
‫متلزمان‪ .‬فالتلزمان ل يبه أن يكون مسهمى هذا ههو م سمى هذا وههو ل ينقهل عهن أحهد مهن الصهحابة‬
‫والتابعي لم بإحسان ول أئمة السلم الشهورين أنه قال‪ :‬مسمى السلم هو مسمى اليان كما نص ; بل‬
‫ول عرفت أنا أحدا قال ذلك من السلف ولكن الشهور عن الماعة من السلف واللف أن الؤمن الستحق‬
‫لوعد ال هو السلم الستحق لوعد ال فكل مسلم مؤمن وكل مؤمن مسلم وهذا متفق على معناه بي السلف‬
‫واللف بل وبي فرق المة كلهم يقولون‪ :‬إن الؤمن الذي وعد بالنة ل بد أن يكون مسلما والسلم الذي‬
‫وعد بالنة ل بد أن يكون مؤمنا وكل من يدخل النة بل عذاب من الولي والخرين فهو مؤمن مسلم‪ .‬ث‬
‫إن أ هل ال سنة ل يقولون‪ :‬الذ ين يرجون من النار ويدخلون ال نة مع هم ب عض ذلك وإن ا الناع ف إطلق‬
‫السم فالنقول متواترة عن السلف بأن اليان قول وعمل ول ينقل عنهم شيء من ذلك ف السلم ولكن لا‬
‫كان المهور الع ظم يقولون‪ :‬إن ال سلم هو الد ين كله ل يس هو الكل مة ف قط خلف ظا هر ما ن قل عن‬
‫الزهري فكانوا يقولون‪ :‬إن الصلة والزكاة والصيام والج وغي ذلك من الفعال الأمور با هي من السلم‬
‫كما هي من اليان ظن أنم يعلونا شيئا واحدا وليس كذلك ; فإن اليان مستلزم للسلم باتفاقهم وليس‬
‫إذا كان السلم داخل فيه يلزم أن يكون هو إياه ; وأما السلم فليس معه دليل على أنه يستلزم اليان عند‬
‫الطلق ولكن هل يستلزم اليان الواجب أو كمال اليان ؟ فيه نزاع وليس معه دليل على أنه مستلزم لليان‬
‫ولكن النبياء الذين وصفهم ال بالسلم كلهم كانوا مؤمني وقد وصفهم ال باليان ولو ل يذكر ذاك عنهم‬
‫فن حن نعلم قط عا أن ال نبياء كل هم مؤمنون‪ .‬وكذلك ال سابقون الولون كانوا م سلمي مؤمن ي‪ .‬ولو قدر أن‬
‫ال سلم ي ستلزم اليان الوا جب فغا ية ما يقال‪ :‬إن ما متلزمان ف كل م سلم مؤ من و كل مؤ من م سلم وهذا‬
‫صحيح إذا أريد أن كل مسلم يدخل النة معه اليان الواجب‪ .‬وهو متفق عليه إذا أريد أن كل مسلم يثاب‬
‫على عبادته فل بد أن يكون معه أصل اليان فما من مسلم إل وهو مؤمن وإن ل يكن هو اليان الذي نفاه‬
‫النب صلى ال عليه وسلم عمن ل يب لخيه ما يب لنفسه وعمن يفعل الكبائر وعن العراب وغيهم فإذا‬
‫ق يل‪ :‬إن ال سلم واليان التام متلزمان ل يلزم أن يكون أحده ا هو ال خر كالروح والبدن فل يو جد عند نا‬
‫روح إل مع البدن ول يو جد بدن حي إل مع الروح ول يس أحده ا ال خر فاليان كالروح فإ نه قائم بالروح‬
‫ومتصل بالبدن والسلم كالبدن ول يكون البدن حيا إل مع الروح بعن أنما متلزمان ل أن مسمى أحدها‬
‫هو م سمى ال خر ; وإ سلم النافق ي كبدن ال يت ج سد بل روح ف ما من بدن حي إل وف يه روح ول كن‬
‫الرواح متنوعة كما قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬الرواح جنود مندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر‬
‫منها اختلف} وليس كل من صلى ببدنه يكون قلبه منورا بذكر ال والشوع وفهم القرآن وإن كانت صلته‬
‫يثاب عليها ويسقط عنه الفرض ف أحكام الدنيا فهكذا السلم الظاهر بنلة الصلة الظاهرة واليان بنلة ما‬
‫يكون ف القلب حي الصلة من العرفة بال والشوع وتدبر القرآن فكل من خشع قلبه خشعت جوارحه ول‬
‫ينعكس ولذا قيل‪ ::‬إياكم وخشوع النفاق وهو أن يكون السد خاشعا والقلب ليس باشع فإذا صلح القلب‬
‫صلح السد كله وليس إذا كان السد ف عبادة يكون القلب قائما بقائقها‪ .‬والناس ف " اليان والسلم "‬
‫على ثلث مراتب‪ :‬ظال لنفسه ومقتصد وسابق باليات‪ .‬فالسلم ظاهرا وباطنا إذا كان ظالا لنفسه فل بد أن‬
‫يكون م عه إيان ; ول كن ل يأت بالوا جب ول ينع كس وكذلك ف ال خر‪ .‬و سيأت إن شاء ال‪ .‬واليات ال ت‬
‫احتج ب ا ممد بن نصر تدل على وجوب السلم وأنه دين ال وأن ال يبه ويرضاه وأنه ليس له دين غيه‬
‫وهذا كله حق ; ل كن ل يس ف هذا ما يدل على أ نه هو اليان ; بل ول يدل على أن بجرد ال سلم يكون‬
‫الرجل من أهل النة كما ذكره ف حجة القول الول فإن ال وعد الؤمني بالنة ف غي آية ول يذكر هذا‬
‫الو عد با سم ال سلم وحينئذ فمد حه وإيا به وم بة ال له تدل على دخوله ف اليان ; وأ نه ب عض م نه وهذا‬
‫متفق عليه بي أهل السنة كلهم يقولون‪ :‬كل مؤمن مسلم وكل من أتى باليان الواجب فقد أتى بالسلم‬
‫الواجب لكن الناع ف العكس ; وهذا كما أن الصلة يبها ال ويأمر با ويوجبها ويثن عليها وعلى أهلها ف‬
‫غي موضع ث ل يدل ذلك على أن مسمى الصلة مسمى اليان بل الصلة تدخل ف اليان فكل مؤمن مصل‬
‫ول يلزم أن يكون كل من صلى وأتى الكبائر مؤمنا‪ .‬وجيع ما ذكره من الجة عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فإن فيها التفريق بي مسمى اليان والسلم إذا ذكرا جيعا كما ف حديث جبيل وغيه وفيها أيضا أن اسم‬
‫اليان إذا أطلق دخل فيه السلم‪ .‬قال أبو عبد ال بن حامد ف كتابه الصنف ف " أصول الدين "‪ :‬قد ذكرنا‬
‫أن اليان قول وعمل فأما السلم فكلم أحد يتمل روايتي‪( .‬إحداها) أنه كاليان‪ .‬و (الثانية)‪ :‬أنه قول بل‬
‫عمل‪ .‬وهو نصه ف رواية إساعيل بن سعيد قال‪ :‬والصحيح أن الذهب رواية واحدة أنه قول وعمل ويتمل‬
‫قوله‪ :‬إن السلم قول يريد به أنه ل يب فيه ما يب ف اليان من العمل الشروط فيه لن الصلة ليست من‬
‫شر طه إذ ال نص ع نه أ نه ل يك فر بتر كه ال صلة‪ .‬قال‪ :‬و قد قضي نا أن ال سلم واليان ا سان لعني ي وذكر نا‬
‫اختلف الفقهاء وقد ذكر قبل ذلك أن السلم واليان اسان لعنيي متلفي وبه قال مالك وشريك وحاد بن‬
‫زيد بالتفرقة بي السلم واليان قال‪ :‬وقال أصحاب الشافعي وأصحاب أب حنيفة‪ :‬إنما اسان معناها واحد‬
‫قال‪ :‬ويفيد هذا أن اليان قد تنتفي عنه تسميته مع بقاء السلم عليه وهو بإتيان الكبائر الت ذكرت ف الب‬
‫فيخرج عن تسمية اليان إل أنه مسلم ; فإذا تاب من ذلك عاد إل ما كان عليه من اليان‪ .‬ول تنتفي عنه‬
‫ت سمية اليان بارتكاب ال صغائر من الذنوب بل ال سم باق عل يه ث ذ كر أدلة ذلك ول كن ما ذكره ف يه أدلة‬
‫كثية على من يقول‪ :‬السلم مرد الكلمة فإن الدلة الكثية تدل على أن العمال من السلم ; بل النصوص‬
‫كلها تدل على ذلك فمن قال‪ :‬إن العمال الظاهرة الأمور با ليست من السلم فقوله باطل بلف التصديق‬
‫الذي ف القلب فإن هذا ليس ف النصوص ما يدل على أنه من السلم بل هو من اليان وإنا السلم الدين‬
‫كما فسره النب صلى ال عليه وسلم بأن يسلم وجهه وقلبه ل فإخلص الدين ل إسلم وهذا غي التصديق‬
‫ذاك من جنس عمل القلب وهذا من جنس علم القلب‪ .‬وأحد بن حنبل وإن كان قد قال ف هذا الوضع‪ :‬إن‬
‫السلم هو الكلمة فقد قال ف موضع آخر‪ :‬إن العمال من السلم وهو اتبع هنا الزهري رحه ال فإن كان‬
‫مراد من قال ذلك إنه بالكلمة يدخل ف السلم ول يأت بتمام السلم فهذا قريب‪ .‬وإن كان مراده أنه أت‬
‫بم يع ال سلم وإن ل يع مل فهذا غلط قط عا بل قد أن كر أح د هذا الواب و هو قول من قال‪ :‬يطلق عل يه‬
‫ال سلم وإن ل يع مل متاب عة لد يث جب يل فكان ينب غي أن يذ كر قول أح د جي عه‪ .‬قال إ ساعيل بن سعيد‪:‬‬
‫سألت أحد ف السلم واليان فقال‪ " :‬اليان " قول وعمل والسلم القرار‪ .‬وقال‪ :‬وسألت أحد عمن قال‬
‫ف الذي قال جبيل للنب صلى ال عليه وسلم إذ سأله عن السلم فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم ؟ فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فقال قائل‪ :‬وإن ل يف عل الذي قال جب يل لل نب صلى ال عل يه و سلم ف هو م سلم أي ضا ؟ فقال‪ :‬هذا معا ند‬
‫للحديث‪ .‬فقد جعل أحد من جعله مسلما إذا ل يأت بالمس معاندا للحديث مع قوله‪ :‬إن السلم القرار‬
‫فدل ذلك على أن ذاك أول الدخول ف ال سلم وأ نه ل يكون قائ ما بال سلم الوا جب ح ت يأ ت بال مس‬
‫وإطلق السم مشروط با فإنه ذم من ل يتبع حديث جبيل‪ .‬وأيضا فهو ف أكثر أجوبته يكفر من ل يأت‬
‫بالصلة ; بل وبغيها من البان والكافر ل يكون مسلما باتفاق السلمي فعلم أنه ل يرد أن السلم هو مرد‬
‫القول بل عمل ; وإن قدر أنه أراد ذلك فهذا يكون أنه ل يكفر بترك شيء من البان الربعة‪ .‬وأكثر الروايات‬
‫ع نه بلف ذلك والذ ين ل يكفرون من ترك هذه البا ن يعلون ا من ال سلم كالشاف عي ومالك وأ ب حني فة‬
‫وغيهم فكيف ل يعلها أحد من السلم وقوله ف دخولا ف السلم أقوى من قول غيه‪ .‬وقد روي عنه أنه‬
‫جعل حديث سعد معارضا لديث عمر ورجح حديث سعد‪ .‬قال السن بن علي‪ :‬سألت أحد بن حنبل عن‬
‫اليان أو كد أو ال سلم ؟ قال‪ :‬جاء حد يث ع مر هذا وحد يث سعد أ حب إل‪ .‬كأ نه ف هم أن حد يث ع مر‬
‫يدل على أن العمال هي م سمى ال سلم فيكون م سماه أف ضل‪ .‬وحد يث سعد يدل على أن م سمى اليان‬
‫أفضل ولكن حديث عمر ل يذكر السلم إل العمال الظاهرة فقط وهذه ل تكون إيانا إل مع اليان الذي‬
‫ف القلب بال وملئكته وكتبه ورسله فيكون حينئذ بعض اليان فيكون م سمى اليان أف ضل ك ما دل عليه‬
‫حد يث سعد فل منافاة ب ي الديث ي‪ :‬وأ ما تفر يق أح د ب ي ال سلم واليان فكان يقوله تارة وتارة ي كي‬
‫اللف ول يزم بهه‪ .‬وكان إذا قرن بينهمها " تارة " يقول السهلم الكلمهة‪ " .‬وتارة " ل يقول ذلك وكذلك‬
‫التكف ي بترك البا ن كان تارة يك فر ب ا ح ت يغ ضب ; وتارة ل يك فر ب ا‪ .‬قال اليمو ن‪ :‬قلت‪ :‬يا أ با ع بد ال‬
‫تفرق ب ي ال سلم واليان ؟ قال‪ :‬ن عم‪ .‬قلت بأي ش يء ت تج ؟ قال‪ :‬عا مة الحاد يث تدل على هذا ث قال‪:‬‬
‫{ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو مؤ من ول ي سرق ال سارق ح ي ي سرق و هو مؤ من} وقال ال تعال‪{ :‬قالت‬
‫العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قال‪ :‬وحاد بن زيد يفرق بي السلم واليان‪ .‬قال‪ :‬وحدثنا‬
‫أبو سلمة الزا عي قال‪ :‬قال مالك وشريك وذكر قولم وقول حاد بن زيد‪ :‬فرق بي السلم واليان‪ .‬قال‬
‫أحد‪ :‬قال ل رجل‪ :‬لو ل يئنا ف اليان إل هذا لكان حسنا‪ .‬قلت لب عبد ال‪ :‬فتذهب إل ظاهر الكتاب‬
‫مع السنن ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلت‪ :‬فإذا كانت الرجئة يقولون‪ :‬إن السلم هو القول‪ .‬قال‬
‫‪ :‬هم يصيون هذا كله واحدا ويعلونه مسلما ومؤمنا شيئا واحدا على إيان جبيل ومستكمل اليان‪ .‬قلت‪:‬‬
‫فمن هاهنا حجتنا عليهم ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فقد ذكر عنه الفرق مطلقا واحتجاجه بالنصوص‪ .‬وقال صال بن أحد‪:‬‬
‫سئل أب عن السلم واليان قال‪ :‬قال ابن أب ذئب السلم‪ :‬القول واليان‪ :‬العمل‪ .‬قيل له‪ :‬ما تقول أنت ؟‬
‫قال‪ :‬السلم غي اليان وذكر حديث سعد وقول النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬فهو ف هذا الديث ل يتر قول‬
‫من قال‪ :‬السلم‪ :‬القول ; بل أجاب بأن السلم غي اليان كما دل عليه الديث الصحيح مع القرآن‪ .‬وقال‬
‫حنبل‪ :‬حدثنا أبو عبد ال بديث بريدة‪{ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إل القابر‬
‫أن يقول قائلههم‪ :‬السهلم عليكهم أههل الديار مهن الؤمنيه والسهلمي ; وإنها إن شاء ال بكهم لحقون}‪...‬‬
‫الديث‪ .‬قال‪ :‬وسعت أبا عبد ال يقول ف هذا الديث‪ :‬حجة على من قال‪ :‬اليان قول‪ .‬فمن قال‪ :‬أنا مؤمن‬
‫[ ف قد خالف ] قوله‪ :‬من الؤمن ي وال سلمي‪ .‬فبي الؤ من من ال سلم ورد على من قال‪ :‬أنا مؤ من م ستكمل‬
‫اليان وقوله‪{ :‬وإنا إن شاء ال ب كم لحقون} و هو يعلم أنه م يت ي شد قول من قال‪ :‬أنا مؤ من إن شاء ال‬
‫بالستثناء ف هذا الو ضع‪ .‬وقال أبو الارث سألت‪ :‬أبا عبد ال قلت‪ :‬قوله‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو‬
‫مؤمن ول يشرب المر حي يشربا وهو مؤمن}‪ .‬قال‪ :‬قد تأولوه فأما عطاء فقال‪ :‬يتنحى عنه اليان‪ .‬وقال‬
‫طاووس‪ :‬إذا فعل ذلك زال عنه اليان‪ .‬وروي عن ال سن قال‪ :‬إن رجع راجعه اليان‪ .‬وقد قيل‪ :‬يرج من‬
‫اليان إل السلم ول يرج من السلم‪ .‬وروى هذه السألة صال فإن مسائل أب الارث يرويها صال أيضا‪.‬‬
‫وصال سأل أباه عن هذه القصة فقال فيها‪ :‬هكذا يروى عن أب جعفر قال‪{ :‬ل يزن الزان حي يزن وهو‬
‫مؤمن} قال‪ :‬يرج من اليان إل السلم فاليان مقصور ف السلم فإذا زن خرج من اليان إل السلم‪.‬‬
‫قال الزهري ‪ -‬يعن ‪ -‬لا روي حديث سعد‪ " :‬أو مسلم " فنرى أن السلم الكلمة واليان العمل قال أحد‪:‬‬
‫وهو حديث متأول وال أعلم‪ .‬فقد ذكر أقوال التابعي ول يرجح شيئا وذلك وال أعلم لن جيع ما قالوه حق‬
‫و هو يوا فق على ذلك كله ك ما قد ذ كر ف موا ضع أ خر أ نه يرج من اليان إل ال سلم ون و ذلك وأح د‬
‫وأمثاله من السلف ل يريدون بلفظ التأويل صرف اللفظ عن ظاهره ; بل التأويل عندهم مثل التفسي وبيان ما‬
‫يؤول إليه اللفظ كقول عائشة رضي ال عنها‪{ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يكثر أن يقول ف ركوعه‬
‫وسهجوده سهبحانك اللههم وبمدك اللههم اغفهر ل يتأول القرآن} وإل فمها ذكره التابعون ل يالف ظاههر‬
‫الد يث بل يوافقه وقول أحد يتأوله أي يف سر معناه ; وإن كان ذلك يوا فق ظاهره لئل ي ظن مبتدع أن معناه‬
‫أ نه صار كافرا ل إيان م عه بال ; ك ما تقوله الوارج فإن الد يث ل يدل على هذا‪ .‬والذي ن فى عن هؤلء‬
‫اليان كان يعل هم م سلمي ل يعل هم مؤمن ي‪ .‬قال الروذي‪ :‬ق يل ل ب ع بد ال‪ :‬نقول ن ن الؤمنون ؟ فقال‪:‬‬
‫نقول‪ :‬نن السلمون‪ .‬قلت لب عبد ال‪ :‬نقول‪ :‬إنا مؤمنون‪ .‬قال‪ :‬ولكن نقول‪ :‬إنا مسلمون‪ .‬وهذا لن من‬
‫أصله الستثناء ف اليان لنه ل يعلم أنه مؤد لميع ما أمره ال به فهو مثل قوله‪ :‬أنا بر أنا تقي أنا ول ال ;‬
‫كما يذكر ف موضعه ; وهذا ل ينع ترك الستثناء إذا أراد‪ :‬إن مصدق فإنه يزم با ف قلبه من التصديق ; ول‬
‫يزم بأنه متثل لكل ما أمر به ; وكما يزم بأنه يب ال ورسوله فإنه يبغض الكفر ونو ذلك ما يعلم أنه ف‬
‫قلبه ; وكذلك إذا أراد بأنه مؤمن ف الظاهر ; فل ي نع أن يزم با هو معلوم له ; وإن ا يكره ما كرهه سائر‬
‫العلماء من قول الرجئة إذ يقولون‪ :‬اليان ش يء متما ثل ف ج يع أهله م ثل كون كل إن سان له رأس ; فيقول‬
‫أحدهم‪ :‬أنا مؤمن حقا وأنا مؤمن عند ال ونو ذلك ; كما يقول النسان‪ :‬ل رأس حقا وأنا ل رأس ف علم‬
‫ال حقا‪ :‬فمن جزم به على هذا الوجه فقد أخرج العمال الباطنة والظاهرة عنه ; وهذا منكر من القول وزور‬
‫عند الصحابة والتابعي ومن اتبعهم من سائر السلمي ; وللناس ف " مسألة الستثناء " كلم يذكر ف موضع‬
‫هو (القصود هنا أن هنا قولي متطرفي‪ :‬قول من يقول‪ :‬السلم مرد الكلمة والعمال الظاهرة ليست داخلة‬
‫ف م سمى ال سلم وقول من يقول‪ :‬م سمى ال سلم واليان وا حد ; وكله ا قول ضع يف مالف لد يث‬
‫جبيل وسائر أحاديث النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬ولذا لا نصر ممد بن نصر الروزي القول الثان‪ :‬ل يكن‬
‫معه حجة على صحته ; ولكن احتج با يبطل به القول الول ; فاحتج بقوله ف قصة العراب‪{ :‬بل ال ين‬
‫عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} قال‪ :‬فدل ذلك على أن " السلم " هو اليان‪ .‬فيقال‪ :‬بل يدل‬
‫على نقيض ذلك لن القوم ل يقولوا‪ :‬أسلمنا ; بل قالوا‪ :‬آمنا وال أمرهم أن يقولوا‪ :‬أسلمنا ث ذكر تسميتهم‬
‫بالسلم فقال‪{ :‬بل ال ين عليكم أن هداكم لليان إن كنتم صادقي} ف قولكم‪ :‬آمنا ولو كان السلم هو‬
‫اليان ل يتج أن يقول‪{ :‬إن كنتم صادقي} فإنم صادقون ف قولم‪{ :‬أسلمنا} مع أنم ل يقولوا ولكن ال‬
‫قال‪{ :‬ينون عل يك أن أ سلموا قل ل تنوا علي إ سلمكم بل ال ي ن علي كم} أي‪ :‬ينون عل يك ما فعلوه من‬
‫السلم فال تعال سى فعلهم إسلما وليس ف ذلك ما يدل على أنم سوه إسلما ; وإنا قالوا‪ :‬آمنا ث أخب‬
‫أن النة تقع بالداية إل اليان فأما السلم الذي ل إيان معه فكان الناس يفعلونه خوفا من السيف ; فل منة‬
‫لم بفعله وإذا ل ين ال عليهم باليان كان ذلك كإسلم النافقي فل يقبله ال منهم‪ .‬فأما إذا كانوا صادقي‬
‫ف قولم‪ :‬آمنا فال هو الان عليهم بذا اليان وما يدخل فيه من السلم وهو سبحانه نفى عنهم اليان أول‬
‫وهنا علق منة ال به على صدقهم فدل على جواز صدقهم‪ .‬وقد قيل‪ :‬إنم صاروا صادقي بعد ذلك ويقال‪:‬‬
‫العلق بشرط ل ي ستلزم وجود ذلك الشرط ويقال‪ :‬ل نه كان مع هم إيان ما‪ .‬ل كن ما هو اليان الذي و صفه‬
‫ثانيا ؟ بل معهم شعبة من اليان‪ .‬قال ممد بن ن صر‪ :‬وقال ال تعال‪{ :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له‬
‫الدين} الية وقال‪{ :‬إن الدين عند ال السلم} فسمى إقام الصلة وإيتاء الزكاة دينا قيما وسى الدين إسلما‬
‫فمن ل يؤد الزكاة فقد ترك من الدين القيم ‪ -‬الذي أخب ال أنه عنده الدين وهو السلم ‪ -‬بعضا‪ .‬قال‪ :‬وقد‬
‫جاء معي نا هذه الطائ فة ال ت فر قت ب ي ال سلم واليان على أن اليان قول وع مل وأن ال صلة والزكاة من‬
‫اليان وقد ساها ال دينا وأخب أن الدين عنده السلم فقد سى ال السلم با سى به اليان وسى اليان‬
‫با سى به السلم وبثل ذلك جاءت الخبار عن النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬فمن زعم أن السلم هو القرار‬
‫وأن الع مل ل يس م نه ف قد خالف الكتاب وال سنة ; ول فرق بي نه وب ي الرجئة إذ زع مت أن اليان إقرار بل‬
‫عمل‪ .‬فيقال‪ :‬أما قوله إن ال جعل الصلة والزكاة من الدين والدين عنده هو السلم فهذا كلم حسن موافق‬
‫لديث جبيل ورده على من جعل العمل خارجا من السلم كلم حسن وأما قوله‪ :‬إن ال سى اليان با‬
‫سى به السلم وسى السلم با سى به اليان فليس كذلك فإن ال إنا قال‪{ :‬إن الدين عند ال السلم}‬
‫ول ي قل قط إن الد ين ع ند ال اليان ; ول كن هذا الد ين من اليان ول يس إذا كان م نه يكون هو إياه ; فإن‬
‫اليان أصله معرفة القلب وتصديقه وقوله ; والعمل تابع لذا العلم والتصديق ملزم له ول يكون العبد مؤمنا‬
‫إل بما‪ .‬وأما السلم فهو عمل مض مع قول والعلم والتصديق ليس جزء مسماه لكن يلزمه جنس التصديق‬
‫فل يكون ع مل إل بعلم ل كن ل ي ستلزم اليان الف صل الذي بي نه ال ور سوله ك ما قال تعال‪{ :‬إن ا الؤمنون‬
‫الذين آمنوا بال ورسوله ث ل يرتابوا وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} وقوله‪:‬‬
‫{إن ا الؤمنون الذ ين إذا ذ كر ال وجلت قلوب م وإذا تل يت علي هم آيا ته زادت م إيا نا وعلى رب م يتوكلون}‪.‬‬
‫وسائر النصوص الت تنفي اليان عمن ل يتصف با ذكره فإن كثيا من السلمي مسلم باطنا وظاهرا ومعه‬
‫ت صديق م مل ول يت صف بذا اليان وال تعال قال‪{ :‬و من يب تغ غ ي ال سلم دي نا فلن يق بل م نه} وقال‪:‬‬
‫{ورضيت لكم السلم دينا} ول يقل‪ :‬ومن يبتغ غي السلم علما ومعرفة وتصديقا وإيانا ول قال‪ :‬رضيت‬
‫لكم السلم تصديقا وعلما فإن السلم من جنس الدين والعمل والطاعة والنقياد والضوع ; فمن ابتغى غي‬
‫السلم دينا فلن يقبل معه واليان طمأنينة ويقي أصله علم وتصديق ومعرفة والدين تابع له يقال‪ :‬آمنت بال‬
‫وأ سلمت ل‪ .‬قال مو سى‪ { :‬يا قوم إن كن تم آمن تم بال فعل يه توكلوا إن كن تم م سلمي} فلو كان م سماها‬
‫واحدا كان هذا تكريرا وكذلك قوله‪{ :‬إن ال سلمي وال سلمات والؤمن ي والؤمنات} ك ما قال‪ :‬وال صادقي‬
‫والصابرين والاشعي‪ :‬فالؤمن متصف بذا كله لكن هذه الساء ل تطابق اليان ف العموم والصوص وكان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يقول‪{ :‬اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت‬
‫وإليك حاكمت} كما ثبت ف " الصحيحي " أنه كان يقول ذلك إذا قام من الليل وثبت ف " صحيح مسلم‬
‫" وغيه أ نه كان يقول‪ :‬ف سجوده‪{ :‬الل هم لك سجدت و بك آم نت ولك أ سلمت} و ف الركوع يقول‪:‬‬
‫{لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت} ولا بي النب صلى ال عليه وسلم خاصة كل منهما قال‪{ :‬السلم‬
‫من سلم السلمون من لسانه ويده والؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالم} ومعلوم أن السلمة من ظلم‬
‫النسان غي كونه مأمونا على الدم والال فإن هذا أعلى والأمون يسلم الناس من ظلمه وليس من سلموا من‬
‫ظل مه يكون مأمو نا عند هم‪ .‬قال م مد بن ن صر‪ :‬ف من زعم أن ال سلم هو القرار وأن الع مل ل يس م نه ف قد‬
‫خالف الكتاب والسنة‪ .‬وهذا صحيح ; فإن النصوص كلها تدل على أن العمال من السلم‪ .‬قال‪ :‬ول فرق‬
‫بينه وبي الرجئة إذ زعمت أن اليان إقرار بل عمل‪ .‬فيقال‪ :‬بل بينهما فرق وذلك أن هؤلء الذين قالوه من‬
‫أهل السنة كالزهري ومن وافقه يقولون‪ :‬العمال داخلة ف اليان والسلم عند هم جزء من اليان واليان‬
‫عندهم أكمل وهذا موافق للكتاب والسنة‪ .‬ويقولون‪ :‬الناس يتفاضلون ف اليان وهذا موافق للكتاب والسنة‬
‫والرجئة يقولون‪ :‬اليان ب عض ال سلم وال سلم أف ضل‪ :‬ويقولون إيان الناس مت ساو فإيان ال صحابة وأف جر‬
‫الناس سواء ويقولون‪ :‬ل يكون مع أ حد ب عض اليان دون ب عض وهذا مالف للكتاب وال سنة‪ .‬و قد أجاب‬
‫أحد عن هذا السؤال كما قاله ف إحدى روايتيه‪ :‬إن السلم هو الكلمة‪ .‬قال الزهري‪ :‬فإنه تارة يوافق من قال‬
‫ذلك وتارة ل يواف قه بل يذ كر ما دل عل يه الكتاب وال سنة من أن ال سلم غ ي اليان ; فل ما أجاب بقول‬
‫الزهري قال له اليمون‪ :‬قلت يا أبا عبد ال تفرق بي السلم واليان ؟ قال‪ :‬نعم ; قلت‪ :‬بأي شيء تتج ؟‬
‫قال‪ :‬عا مة الحاد يث تدل على هذا ث قال‪{ :‬ل يز ن الزا ن ح ي يز ن و هو مؤ من ول ي سرق ال سارق ح ي‬
‫يسرق وهو مؤمن}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬قالت العراب آمنا قل ل تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} قلت له‪ :‬فتذهب إل‬
‫ظاهر الكتاب مع السنن ؟ قال‪ :‬نعم قلت‪ :‬فإذا كانت الرجئة تقول‪ :‬إن السلم هو القول قال‪ :‬هم يصيون‬
‫هذا كله واحدا ويعلو نه م سلما ومؤم نا شيئا واحدا على إيان جب يل وم ستكمل اليان ; قلت‪ :‬ف من هه نا‬
‫حجتنا عليهم ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬ف قد أجاب أحد‪ :‬بأنم يعلون الفاسق مؤمنا مستكمل اليان على إيان جبيل‪.‬‬
‫وأ ما قوله‪ :‬يعلو نه م سلما ومؤم نا شيئا واحدا فهذا قول من يقول‪ :‬الد ين واليان ش يء وا حد فال سلم هو‬
‫الدين فيجعلون السلم واليان شيئا واحدا ; وهذا القول قول الرجئة فيما يذكره كثي من الئمة كالشافعي‬
‫وأب عبيد وغيها ومع هؤلء يناظرون فالعروف من كلم الرجئة‪ :‬الفرق بي لفظ الدين واليان والفرق بي‬
‫السلم واليان‪ .‬ويقولون‪ :‬السلم بعضه إيان وبعضه أعمال والعمال منها فرض ونفل ولكن كلم السلف‬
‫كان فيما يظهر لم ويصل إليهم من كلم أهل البدع كما تدهم ف الهمية ; إما يكون عنهم أن ال ف كل‬
‫مكان وهذا قول طائفة منهم كالنجارية وهو قول عوامهم وعبادهم وأما جهور نظارهم من الهمية والعتزلة‬
‫والضرار ية وغي هم فإن ا يقولون‪ :‬هو ل دا خل العال ول خار جه ول هو فوق العال‪ .‬وكذلك كلم هم ف "‬
‫القدر ية " يكون عن هم إنكار العلم والكتا بة وهؤلء هم القدر ية الذ ين قال ا بن ع مر في هم‪ :‬إذا لق يت أولئك‬
‫فأخبهم أن بريء منهم وأنم برآء من وهم الذين كانوا يقولون‪ :‬إن ال أمر العباد وناهم وهو ل يعلم من‬
‫يطيعه من يعصيه ول من يدخل النة من يدخل النار حت فعلوا ذلك فعلمه بعد ما فعلوه ولذا قالوا‪ :‬المر‬
‫أ نف أي‪ :‬م ستأنف ; يقال‪ :‬روض أ نف إذا كا نت وافرة ل ترع ق بل ذلك يع ن أ نه م ستأنف العلم بال سعيد‬
‫والشقهي ويبتدئ ذلك مهن غيه أن يكون قهد تقدم بذلك علم ول كتاب فل يكون العمهل على مها قهد قدر‬
‫فيحتذي به حذو القدر بل هو أمر مستأنف مبتدأ والواحد من الناس إذا أراد أن يعمل عمل قدر ف نفسه ما‬
‫يريد عمله ث عمله ك ما قدر ف نفسه وربا أظهر ما قدره ف الارج بصورته ويسمى هذا التقدير الذي ف‬
‫النفس خلقا ومنه قول الشاعر‪ :‬ولنت تفري ما خلقت وبعض الناس يلق ث ل يفري يقول‪ :‬إذا قدرت أمرا‬
‫أمضيته وأنفذته بلف غيك فإنه عا جز عن إمضاء ما يقدره وقال تعال {إنا كل ش يء خلقناه بقدر} وهو‬
‫سبحانه يعلم ق بل أن يلق الشياء كل ما سيكون و هو يلق بشيئ ته ف هو يعل مه ويريده وعل مه وإراد ته قائم‬
‫بنف سه و قد يتكلم به وي ب به ك ما ف قوله‪{ :‬لملن جه نم منك ومن تبعك من هم أجع ي} وقال‪{ :‬ولول‬
‫كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} وقال تعال‪{ :‬ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا الرسلي} {إنم‬
‫لم النصورون} {وإن جندنا لم الغالبون}‪ .‬وقال تعال‪{ :‬ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولول كلمة‬
‫سبقت من ربك لقضي بينهم} وهو سبحانه كتب ما يقدره فيما يكتبه فيه كما قال‪{ :‬أل تعلم أن ال يعلم ما‬
‫ف السماء والرض إن ذلك ف كتاب إن ذلك على ال يسي} قال ابن عباس‪ :‬إن ال خلق اللق وعلم ما هم‬
‫عاملون ث قال لعل مه‪ :‬كن كتا با ; فكان كتا با ث أنزل ت صديق ذلك ف قوله {أل تعلم أن ال يعلم ما ف‬
‫السماء والرض إن ذلك ف كتاب إن ذلك على ال يسي} وقال تعال‪{ :‬ما أصاب من مصيبة ف الرض ول‬
‫ف أنف سكم إل ف كتاب من ق بل أن نبأ ها إن ذلك على ال ي سي} وقال‪{ :‬ول قد كتب نا ف الزبور من ب عد‬
‫الذكهر أن الرض يرثهها عبادي الصهالون} وقال‪{ :‬يحوا ال مها يشاء ويثبهت وعنده أم الكتاب} وقال‬
‫للملئكة‪{ :‬إن جاعل ف الرض خليفة قالوا أتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونن نسبح بمدك‬
‫ونقدس لك قال إن أعلم ما ل تعلمون} فاللئكة قد علمت ما يفعل بنو آدم من الفساد وسفك الدماء فكيف‬
‫ل يعل مه ال سواء علموه بإعلم ال ‪ -‬فيكون هو أعلم ب ا علم هم إياه ك ما قاله أك ثر الف سرين‪ - :‬أو قالوه‬
‫بالقياس على من كان قبل هم ك ما قاله‪ :‬طائفة منهم أو بغ ي ذلك وال أعلم ب ا سيكون من ملوقاته الذ ين ل‬
‫علم لم إل ما علمهم وما أوحاه إل أنبيائه وغيهم ما سيكون هو أعلم به منهم فإنم ل ييطون بشيء من‬
‫عل مه إل ب ا شاء‪ .‬وأي ضا فإ نه قال للملئ كة‪{ :‬إ ن جا عل ف الرض خلي فة} ق بل أن يأمر هم بال سجود لدم‬
‫وقبل أن يتنع إبليس ; وقبل أن ينهى آدم عن أكله من الشجرة وقبل أن يأكل منها ويكون أكله سبب إهباطه‬
‫إل الرض فقد علم ال سبحانه أنه سيستخلفه مع أمره له ولبليس با يعلم أنما يالفانه فيه ويكون اللف‬
‫سبب أمره لما بالهباط إل الرض والستخلف ف الرض‪ .‬وهذا يبي أنه علم ما سيكون منهما من مالفة‬
‫المر فإن إبليس امتنع من السجود لدم وأبغضه فصار عدوه فوسوس له حت يأكل من الشجرة فيذنب آدم‬
‫أي ضا فإ نه قد تأل إ نه ليغوين هم أجع ي و قد سأل النظار إل يوم يبعثون ف هو حر يص على إغواء آدم وذري ته‬
‫بكل ما أمكنه ل كن آدم تلقى من ربه كلمات فتاب عليه واجتباه ربه وهداه بتوبته فصار لبن آدم سبيل إل‬
‫ناتمه وسهعادتم ماه يوقعههم الشيطان فيهه بالغواء وههو التوبهة قال تعال‪{ :‬ليعذب ال النافقيه والنافقات‬
‫والشركيه والشركات ويتوب ال على الؤمنيه والؤمنات}‪ .‬وقدر ال قهد أحاط بذا كله قبهل أن يكون‬
‫وإبليس أصر على الذنب واحتج بالقدر وسأل النظار ليهلك غيه وآدم تاب وأناب وقال هو وزوجته‪{ :‬ربنا‬
‫ظلمنا أنفسنا وإن ل تغفر لنا وترحنا لنكونن من الاسرين} فتاب ال عليه فاجتباه وهداه وأنزله إل الرض‬
‫ليعمل فيها بطاعته ; فيفع ال بذلك درجته ويكون دخوله النة بعد هذا أكمل ما كان فمن أذنب من أولد‬
‫آدم فاقتدى بأبيه آدم ف التوبة كان سعيدا وإذا تاب وآمن وعمل صالا بدل ال سيئاته حسنات وكان بعد‬
‫التوبة خيا منه قبل الطيئة كسائر أولياء ال التقي‪ .‬ومن اتبع منهم إبليس فأصر على الذنب واحتج بالقدر‬
‫وأراد أن يغوي غيه كان من الذين قال فيهم‪{ :‬لملن جهنم منك ومن تبعك منهم أجعي}‪ .‬والقصود هنا‬
‫ذ كر القدر ; وقد ثبت ف " صحيح م سلم " عن عبد ال بن عمرو عن ال نب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫{قدر ال مقادير اللئق قبل أن يلق السموات والرض بمسي ألف سنة ; وكان عرشه على الاء} وف "‬
‫صحيح البخاري " عن عمران بن حصي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪{ :‬كان ال ول يكن شيء‬
‫قبله وكان عرشه على الاء وكتب ف الذكر كل شيء ث خلق السموات والرض} وف " الصحيحي " عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم من غي وجه أنه أخب‪{ :‬أن ال قد علم أهل النة من أهل النار وما يعمله العباد قبل‬
‫أن يعملوه}‪ .‬و ف " ال صحيحي " عن ع بد ال بن م سعود‪{ :‬أن ال يب عث مل كا ب عد خلق ال سد وق بل ن فخ‬
‫الروح فيه فيكتب أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد}‪ .‬وهذه الحاديث تأت إن شاء ال ف مواضعها‪ .‬فهذا‬
‫القدر هو الذي أنكره " القدرية " الذين كانوا ف أواخر زمن الصحابة‪ .‬وقد روي أن أول من ابتدعه بالعراق‬
‫ر جل من أ هل الب صرة يقال له‪ :‬سيسويه من أبناء الجوس وتلقاه ع نه مع بد اله ن ويقال‪ :‬أول ما حدث ف‬
‫الجاز ل ا احتر قت الكع بة فقال ر جل‪ :‬احتر قت بقدر ال تعال‪ .‬فقال آ خر‪ :‬ل يقدر ال هذا‪ .‬ول ي كن على‬
‫عهد اللفاء الراشدين أحد ينكر القدرة ; فلما ابتدع هؤلء التكذيب بالقدر رده عليهم من بقي من الصحابة‬
‫كع بد ال بن ع مر وع بد ال بن عباس وواثلة بن ال سقع‪ :‬وكان أكثره بالب صرة والشام وقل يل م نه بالجاز ;‬
‫فأكثر كلم السلف ف ذم هؤلء القدرية‪ :‬ولذا قال وكيع بن الراح‪ :‬القدرية يقولون‪ :‬المر مستقبل وإن ال‬
‫ل يقدر الكتابهة والعمال ; والرجئة يقولون‪ :‬القول يزئ مهن العمهل ; والهميهة يقولون‪ :‬العرفهة تزئ مهن‬
‫القول والعمل‪ .‬قال وكيع‪ :‬وهو كله كفر ورواه ابن ‪(000‬بياض ف الصل)‪ .‬ولكن لا اشتهر الكلم ف القدر‬
‫; ود خل ف يه كث ي من أ هل الن ظر والعباد صار جهور القدر ية يقرون بتقدم العلم وإن ا ينكرون عموم الشيئة‬
‫واللق‪ .‬و عن عمرو بن عب يد ف إنكار الكتاب التقدم روايتان‪ .‬وقول أولئك كفر هم عل يه مالك والشاف عي‬
‫وأحد وغيهم‪ .‬وأما هؤلء فهم مبتدعون ضالون لكنهم ليسوا بنلة أولئك ; وف هؤلء خلق كثي من العلماء‬
‫والعباد كتب عنهم العلم‪ .‬وأخرج البخاري ومسلم لماعة منهم لكن من كان داعية إليه ل يرجوا له وهذا‬
‫مذ هب فقهاء أهل الديث كأحد وغيه‪ :‬أن من كان داع ية إل بدعة فإنه ي ستحق العقوبة لدفع ضرره عن‬
‫الناس وإن كان ف البا طن متهدا وأ قل عقوب ته أن يه جر فل يكون له مرت بة ف الد ين ل يؤ خذ ع نه العلم ول‬
‫ي ستقضى ول تق بل شهاد ته ون و ذلك‪ .‬ومذ هب مالك قر يب من هذا ولذا ل يرج أ هل ال صحيح ل ن كان‬
‫داع ية ول كن رووا هم و سائر أ هل العلم عن كث ي م ن كان يرى ف البا طن رأي القدر ية والرجئة والوارج‬
‫والشيعة‪ .‬وقال أحد‪ :‬لو تركنا الرواية عن القدرية لتركنا أكثر أهل البصرة وهذا لن " مسألة خلق أفعال العباد‬
‫وإرادة الكائنات " مسألة مشكلة وكما أن القدرية من العتزلة وغيهم أخطئوا فيها فقد أخطأ فيها كثي من‬
‫رد عليهم أو أكثرهم فإنم سلكوا ف الرد عليهم مسلك جهم بن صفوان وأتباعه فنفوا حكمة ال ف خلقه‬
‫وأمره ونفوا رح ته بعباده ونفوا ما جعله من ال سباب خل قا وأمرا وجحدوا من القائق الوجودة ف ملوقا ته‬
‫وشرائعه ما صار ذلك سببا لنفور أكثر العقلء الذين فهموا قولم عما يظنونه السنة إذ كانوا يزعمون أن قول‬
‫أهل السنة ف القدر هو القول الذي ابتدعه جهم وهذا لبسطه موضع آخر‪ .‬وإنا القصود هنا أن " السلف " ف‬
‫ردهم على الرجئة والهمية والقدرية وغيهم يردون من أقوالم ما يبلغهم عنهم وما سعوه من بعضهم‪ .‬وقد‬
‫يكون ذلك قول طائفة منهم وقد يكون نقل مغيا‪ .‬فلهذا ردوا على الرجئة الذين يعلون الدين واليان واحدا‬
‫; ويقولون ههو القول‪ .‬وأيضها فلم يكهن حدث فه زمنههم مهن الرجئة مهن يقول‪ :‬اليان ههو مرد القول بل‬
‫تصديق ول معرفة ف القلب‪ .‬فإن هذا إنا أحدثه ابن كرام وهذا هو الذي انفرد به ابن كرام‪ .‬وأما سائر ما قاله‬
‫فأقوال قيلت قبله ولذا ل يذ كر الشعري ول غيه م ن ي كي مقالت الناس ع نه قول انفرد به إل هذا‪ .‬وأ ما‬
‫سائر أقواله فيحكونا عن ناس قبله ول يذكرونه‪ .‬ول يكن ابن كرام ف زمن أحد بن حنبل وغيه من الئمة‬
‫فلهذا يكون إجاع الناس على خلف هذا القول ; كمها ذكهر ذلك أبهو عبهد ال أحدهبهن حنبهل وأبهو ثور‬
‫وغيه ا‪ .‬وكان قول الرجئة قبله‪ :‬إن اليان قول بالل سان وت صديق بالقلب وقول ج هم‪ :‬إ نه ت صديق القلب ;‬
‫فلما قال ابن كرام‪ :‬إنه مرد قول اللسان‪ .‬صارت أقوال الرجئة ثلثة لكن أحد كان أعلم بقالت الناس من‬
‫غيه فكان يعرف قول الهميهة فه اليان وأمها أبهو ثور‪ .‬فلم يكهن يعرفهه ول يعرف إل مرجئة الفقهاء فلهذا‬
‫حكهي الجاع على خلف قول الهميهة والكراميهة‪ .‬قال أبهو ثور فه رده على الرجئة كمها روى ذلك أبهو‬
‫القاسم الطبي اللكائي وغيه‪ :‬عن إدريس بن عبد الكري قال‪ :‬سأل رجل من أهل خراسان أبا ثور عن اليان‬
‫وما هو أيزيد وينقص ؟ وقول هو أو قول وعمل ؟ أو تصديق وعمل‪ .‬فأجابه أبو ثور بذا فقال‪ :‬سألت رحك‬
‫ال وعفا عنا وعنك عن اليان ما هو يزيد وينقص ؟ وقول هو أو قول وعمل أو تصديق وعمل ؟ فأخبك‬
‫بقول الطوائف واختلف هم‪ .‬اعلم يرح نا ال وإياك‪ :‬أن اليان ت صديق بالقلب وقول بالل سان وع مل بالوارح‬
‫وذلك أنه ليس بي أهل العلم خلف ف رجل لو قال‪ :‬أشهد أن ال عز وجل واحد وأن ما جاءت به الرسل‬
‫حق وأقر بميع الشرائع ث قال‪ :‬ما عقد قلب على شيء من هذا ; ول أصدق به ; أنه ليس بسلم ولو قال‪:‬‬
‫السيح هو ال وجحد أمر السلم ث قال‪ :‬ل يعقد قلب على شيء من ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بؤمن‬
‫فل ما ل يكن بالقرار إذا ل ي كن م عه الت صديق مؤمنا ول بالت صديق إذا ل ي كن معه القرار مؤم نا ح ت يكون‬
‫مصدقا بقلبه مقرا بلسانه‪ .‬فإذا كان تصديقا بالقلب وإقرارا باللسان كان عندهم مؤمنا وعند بعضهم ل يكون‬
‫مؤمنا حت يكون مع التصديق عمل فيكون بذه الشياء إذا اجتمعت مؤمنا فلما نفوا أن يكون اليان بشيء‬
‫واحد وقالوا‪ :‬يكون بشيئي ف قول بعضهم وثلثة أشياء ف قول غيهم‪ .‬ل يكن مؤمنا إل با أجعوا عليه من‬
‫هذه الثلثة الشياء ; وذلك أنه إذا جاء بذه الثلثة الشياء‪ .‬فكلهم يشهد أنه مؤمن ; فقلنا با أجعوا عليه من‬
‫التصديق بالقلب والقرار باللسان والعمل بالوارح فأما الطائفة الت ذهبت إل أن العمل ليس من اليان فيقال‬
‫لمه‪ :‬ماذا أراد ال مهن العباد إذ قال لمه‪ :‬أقيموا الصهلة وآتوا الزكاة القرار بذلك أو القرار والعمهل ؟ فإن‬
‫قالت‪ :‬إن ال أراد القرار ول يرد الع مل ; ف قد كفرت‪ .‬ع ند أ هل العلم‪ .‬من قال‪ :‬إن ال ل يرد من العباد أن‬
‫ي صلوا ول يؤتوا الزكاة ؟ وإن قالت‪ :‬أراد من هم القرار ق يل‪ :‬فإذا كان أراد من هم المر ين جي عا ل زعم تم أ نه‬
‫يكون مؤمنا بأحدها دون الخر وقد أرادها جيعا ؟ أرأيتم لو أن رجل قال‪ :‬أعمل جيع ما أمر به ال ول أقر‬
‫به أيكون مؤمنا ؟ فإن قالوا‪ :‬ل‪ .‬قيل لم‪ :‬فإن قال‪ :‬أقر بميع ما أمر ال به ول أعمل به ; أيكون مؤمنا ؟ فإن‬
‫قالوا‪ :‬ن عم‪ .‬ق يل ما الفرق ؟ ف قد زعم تم أن ال أراد المر ين جي عا فإن جاز أن يكون بأحده ا مؤم نا إذا ترك‬
‫الخر جاز أن يكون بالخر إذا عمل به ول يقر مؤمنا ل فرق بي ذلك‪ .‬فإن احتج فقال‪ :‬لو أن رجل أسلم‬
‫فأقر بميع ما جاء به النب صلى ال عليه وسلم أيكون مؤمنا بذا القرار قبل أن ييء وقت عمل ؟ قيل له‪ :‬إنا‬
‫يطلق له ال سم بت صديقه أن الع مل عل يه بقوله‪ :‬أن يعمله ف وق ته إذا جاء ول يس عل يه ف هذا الو قت القرار‬
‫بم يع ما يكون به مؤم نا ; ولو قال‪ :‬أ قر ول أع مل ل يطلق عل يه ا سم اليان‪ .‬قلت‪ :‬يع ن المام أ بو ثور ‪-‬‬
‫رحه ال ‪ -‬إنه ل يكون مؤمنا إل إذا التزم بالعمل مع القرار وإل فلو أقر ول يلتزم العمل ل يكن مؤمنا‪ .‬وهذا‬
‫الحتجاج الذي ذكره أبو ثور هو دليل على وجوب المرين‪ :‬القرار والعمل وهو يدل على أن كل منهما من‬
‫الدين وأنه ل يكون مطيعا ل ول مستحقا للثواب ول مدوحا عند ال ورسوله إل بالمرين جيعا وهو حجة‬
‫على من يعل العمال خارجة عن الدين واليان جيعا‪ .‬وأما من يقول إنا من الدين ويقول‪ :‬إن الفاسق مؤمن‬
‫حيث أخذ ببعض الدين وهو اليان عندهم وترك بعضه ; فهذا يتج عليه بشيء آخر لكن أبو ثور وغيه من‬
‫علماء السنة عامة احتجاجهم مع هذا الصنف وأحد كان أوسع علما بالقوال والجج من أب ثور‪ .‬ولذا إنا‬
‫حكى الجاع على خلف قول الكرامية ث إنه تورع ف النطق على عادته ول يزم بنفي اللف ; لكن قال‪:‬‬
‫ل أحسب أحدا يقول هذا وهذا ف رسالته إل أب عبد الرحيم الوزجان ذكرها اللل ف كتاب " السنة "‬
‫‪ -‬وهو أجع كتاب يذكر فيه أقوال أحد ف مسائل الصول الدينية وإن كان له أقوال زائدة على ما فيه كما‬
‫أن كتابه ف العلم أجع كتاب يذكر فيه أقوال أحد ف الصول الفقهية‪ .‬قال الروذي‪ :‬رأيت أبا عبد الرحيم‬
‫الوزجان عند أب عبد ال وقد كان ذكره أبو عبد ال فقال‪ :‬كان أبوه مرجئا أو قال‪ :‬صاحب رأي‪ .‬وأما أبو‬
‫عبد الرحيم فأثن عليه وقد كان كتب إل أب عبد ال من خراسان يسأله عن اليان وذكر الرسالة من طريقي‬
‫عن أ ب ع بد الرح يم وجواب أح د ب سم ال الرح ن الرح يم‪ :‬أح سن ال إلي نا وإل يك ف المور كل ها و سلمنا‬
‫وإياك من كل شر برحته أتان كتابك تذكر ما تذكر من احتجاج من احتج من الرجئة‪ .‬واعلم رحك ال أن‬
‫الصومة ف الدين ليست من طريق أهل السنة وأن تأويل من تأول القرآن بل سنة تدل على معن ما أراد ال‬
‫منه أو أثر عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ويعرف ذلك با جاء عن النب صلى ال عليه وسلم أو‬
‫عن أصحابه فهم شاهدوا النب صلى ال عليه وسلم وشهدوا تنيله وما قصه ال له ف القرآن وما عن به وما‬
‫أراد به أخاص هو أم عام ؟ فأما من تأوله على ظاهره بل دللة من رسول ال صلى ال عليه وسلم ول أحد‬
‫من الصحابة فهذا تأويل أهل البدع ; لن الية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكما عاما ويكون ظاهرها‬
‫على العموم وإن ا ق صدت لش يء بعي نه ور سول ال صلى ال عل يه و سلم هو ال عب عن كتاب ال و ما أراد‬
‫وأصحابه أعلم بذلك منا لشاهدتم المر وما أريد بذلك فقد تكون الية خاصة ; أي معناها مثل قوله تعال‪.‬‬
‫{يوصيكم ال ف أولدكم للذكر مثل حظ النثيي} وظاهرها على العموم أي من وقع عليه اسم (ولد) فله ما‬
‫فرض ال فجاءت سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم أل يرث مسلم كافرا‪ .‬وروي عن النب صلى ال عليه‬
‫و سلم ‪ -‬وليس بالث بت ‪ -‬إل أنه عن أ صحابه أن م ل يورثوا قاتل فكان ر سول ال صلى ال عليه و سلم هو‬
‫العب عن الكتاب أن الية إنا قصدت للمسلم ل للكافر ومن حلها على ظاهرها لزمه أن يورث من وقع عليه‬
‫ا سم الولد كافرا كان أو قاتل وكذلك أحكام الوارث من البو ين وغ ي ذلك مع آي كث ي يطول ب ا الكتاب‬
‫وإن ا ا ستعملت ال مة ال سنة من ال نب صلى ال عل يه و سلم و من أ صحابه إل من د فع ذلك من أ هل البدع‬
‫والوارج وما يشبههم فقد رأيت إل ما خرجوا‪ .‬قلت‪ :‬لفظ الجمل والطلق والعام كان ف اصطلح الئمة‬
‫كالشافعي وأحد وأب عبيد وإسحاق وغيهم سواء ل يريدون بالجمل ما ل يفهم منه كما فسره به بعض‬
‫التأخرين وأخطأ ف ذلك بل الجمل ما ل يكفي وحده ف العمل به وإن كان ظاهره حقا كما ف قوله تعال‪:‬‬
‫{خذ من أموالم صدقة تطهرهم وتزكيهم با} فهذه الية ظاهرها ومعناها مفهوم ليست ما ل يفهم الراد به‬
‫; بل نفس ما دلت عليه ل يكفي وحده ف العمل فإن الأمور به صدقة تكون مطهرة مزكية لم هذا إنا يعرف‬
‫ببيان الرسول صلى ال عليه وسلم ولذا قال أحد يذر التكلم ف الفقه هذين " الصلي "‪ :‬الجمل والقياس‪.‬‬
‫وقال‪ :‬أكثر ما يطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك أل يكم با يدل عليه العام والطلق قبل النظر‬
‫فيما يصه ويقيده ول يعمل بالقياس قبل النظر ف دللة النصوص هل تدفعه فإن أكثر خطأ الناس تسكهم با‬
‫يظنونه من دللة اللفظ والقياس ; فالمور الظنية ل يعمل با حت يبحث عن العارض بثا يطمئن القلب إليه‬
‫وإل أخطأ من ل يفعل ذلك وهذا هو الواقع ف التمسكي بالظواهر والقيسة ولذا جعل الحتجاج بالظواهر‬
‫مع العراض عن تف سي ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه طر يق أ هل البدع‪ .‬وله ف ذلك م صنف كبي‪.‬‬
‫وكذلك التم سك بالقي سة مع العراض عن الن صوص والثار طر يق أ هل البدع‪ .‬ولذا كان كل قول ابتد عه‬
‫هؤلء قول فا سدا وإن ا ال صواب من أقوال م ما وافقوا ف يه ال سلف من ال صحابة والتابع ي ل م بإح سان وقوله‬
‫تعال‪{ :‬يوصيكم ال ف أولدكم} ساه عاما وهو مطلق ف الحوال يعمها على طريق البدل كما يعم قوله‪:‬‬
‫{فتحرير رقبة} جيع الرقاب ل يعمها كما يعم لفظ الولد للولد‪ .‬ومن أخذ بذا ل يأخذ با دل عليه ظاهر‬
‫لفظ القرآن بل أخذ با ظهر له ما سكت عنه القرآن فكان الظهور لسكوت القرآن عنه ل لدللة القرآن على‬
‫أنه ظاهر فكانوا متمسكي بظاهر من القول ل بظاهر القول ; وعمدتم عدم العلم بالنصوص الت فيها علم با‬
‫قيد وإل فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق ; بلف ما يظهر للنسان لعن آخر غي نفس القرآن يسمى‬
‫ظا هر القرآن كا ستدللت أ هل البدع من الرجئة والهم ية والوارج والشي عة‪ .‬قال أح د‪ :‬وأ ما من ز عم أن‬
‫اليان القرار فما يقول ف العرفة ؟ هل يتاج إل العرفة مع القرار ؟ وهل يتاج أن يكون مصدقا با عرف ؟‬
‫فإن زعم أنه يتاج إل العرفة مع القرار فقد زعم أنه من شيئي وإن زعم أنه يتاج أن يكون مقرا ومصدقا با‬
‫عرف فهو من ثلثة أشياء ; وإن جحد وقال‪ :‬ل يتاج إل العرفة والتصديق فقد قال قول عظيما ول أحسب‬
‫أحدا يدفع العرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه الشياء‪ .‬قلت أحد وأبو ثور وغيها من الئمة كانوا قد‬
‫عرفوا أصل قول الرجئة وهو أن اليان ل يذهب بعضه ويبقى بعضه ; فل يكون إل شيئا واحدا فل يكون ذا‬
‫عدد‪ :‬اثن ي أو ثل ثة فإ نه إذا كان له عدد أم كن ذهاب بع ضه وبقاء بع ضه بل ل يكون إل شيئا واحدا ولذا‬
‫قالت الهم ية‪ :‬إ نه ش يء وا حد ف القلب‪ .‬وقالت الكرام ية‪ :‬إ نه ش يء وا حد على الل سان كل ذلك فرارا من‬
‫تبعض اليان وتعدده فلهذا صاروا يناظرونم با يدل على أنه ليس شيئا واحدا كما قلتم‪ .‬فأبو ثور احتج با‬
‫اجت مع عل يه " الفقهاء الرجئة " من أ نه ت صديق وع مل ول ي كن بل غه قول متكلمي هم وجهميت هم أو ل ي عد‬
‫خلفهم خلفا وأحد ذكر أنه ل بد من العرفة والتصديق مع القرار وقال‪ :‬إن من جحد العرفة والتصديق فقد‬
‫قال قول عظي ما فإن ف ساد هذا القول معلوم من د ين ال سلم ولذا ل يذ هب إل يه أ حد ق بل الكرام ية مع أن‬
‫الكرام ية ل تن كر وجوب العر فة والت صديق ول كن تقول‪ :‬ل يد خل ف ا سم اليان حذرا من تبع ضه وتعدده‬
‫لنم رأوا أنه ل يكن أن يذهب بعضه ويبقى بعضه بل ذلك يقتضي أن يتمع ف القلب إيان وكب واعتقدوا‬
‫الجاع على نفي ذلك‪ .‬كما ذكر هذا الجاع الشعري وغيه‪ .‬وهذه الشبهة الت أوقعتهم مع علم كثي منهم‬
‫وعبادته وحسن إسلمه وإيانه ولذا دخل ف " إرجاء الفقهاء " جاعة هم عند المة أهل علم ودين‪ .‬ولذا ل‬
‫يك فر أ حد من ال سلف أحدا من " مرجئة الفقهاء " بل جعلوا هذا من بدع القوال والفعال ; ل من بدع‬
‫العقائد فإن كثيا من الناع فيها لفظي لكن اللفظ الطابق للكتاب والسنة هو الصواب فليس لحد أن يقول‬
‫بلف قول ال ور سوله ل سيما و قد صار ذلك ذري عة إل بدع أ هل الكلم من أ هل الرجاء وغي هم وإل‬
‫ظهور الفسق فصار ذلك الطأ اليسي ف اللفظ سببا لطأ عظيم ف العقائد والعمال فلهذا عظم القول ف ذم‬
‫" الرجاء " حت قال إبراهيم النخعي‪ :‬لفتنتهم ‪ -‬يعن الرجئة ‪ -‬أخوف على هذه المة من فتنة الزارقة‪ .‬وقال‬
‫الزهري‪ :‬ما ابتد عت ف ال سلم بد عة أ ضر على أهله من الرجاء‪ .‬وقال الوزا عي‪ :‬كان ي ي بن أ ب كث ي‬
‫وقتادة يقولن‪ :‬ليس شيء من الهواء أخوف عندهم على المة من الرجاء‪ .‬وقال شريك القاضي ‪ -‬وذكر‬
‫الرجئة فقال ‪ :-‬هم أخبث قوم حسبك بالرافضة خبثا ولكن الرجئة يكذبون على ال‪ .‬وقال سفيان الثوري‪:‬‬
‫تر كت الرجئة ال سلم أرق من ثوب سابري وقال قتادة‪ :‬إن ا حدث الرجاء ب عد فت نة فر قة ا بن الش عث‪.‬‬
‫وسئل ميمون بن مهران عن كلم " الرجئة " فقال‪ :‬أنا أكب من ذلك وقال سعيد بن جبي لذر المدان‪ :‬أل‬
‫تستحي من رأي أنت أكب منه وقال أيوب السختيان‪ :‬أنا أكب من دين الرجئة إن أول من تكلم ف الرجاء‬
‫رجل من أهل الدينة من بن هاشم يقال له‪ :‬السن‪ .‬وقال زاذان‪ :‬أتينا السن بن ممد فقلنا‪ :‬ما هذا الكتاب‬
‫الذي وض عت ؟ وكان هو الذي أخرج كتاب الرجئة فقال ل‪ :‬يا أ با ع مر لوددت أ ن ك نت مت ق بل أن‬
‫أخرج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب فإن الطأ ف اسم اليان ليس كالطأ ف اسم مدث ; ول كالطأ ف‬
‫غيه من الساء إذ كانت أحكام الدنيا والخرة متعلقة باسم اليان والسلم والكفر والنفاق وأحد ‪ -‬رضي‬
‫ال عنه ‪ -‬فرق بي العرفة الت ف القلب وبي التصديق الذي ف القلب فإن تصديق اللسان هو القرار ; وقد‬
‫ذ كر ثل ثة أشياء وهذا يت مل " شيئ ي " يت مل أن يفرق ب ي ت صديق القلب ومعرف ته وهذا قول ا بن كلب‬
‫والقلنسي‪ .‬والشعري وأصحابه يفرقون بي معرفة القلب وبي تصديق القلب فإن تصديق القلب قوله‪ .‬وقول‬
‫القلب عندهم ليس هو العلم بل نوعا آخر ; ولذا قال أحد‪ :‬هل يتاج إل العرفة مع القرار ؟ وهل يتاج إل‬
‫أن يكون مصدقا با عرف ؟ فإن زعم أنه يتاج إل العرفة مع القرار فقد زعم أنه من شيئي وإن زعم أنه‬
‫يتاج أن يكون مقرا ومصدقا با عرف فهو من ثلثة أشياء فإن جحد وقال‪ :‬ل يتاج إل العرفة والتصديق‪.‬‬
‫ف قد أ تى عظي ما ول أح سب امرأ يد فع العر فة والت صديق والذ ين قالوا‪ :‬اليان هو القرار‪ .‬فالقرار بالل سان‬
‫يتض من الت صديق بالل سان‪ .‬والرجئة ل تتلف أن القرار بالل سان ف يه الت صديق ; فعلم أ نه أراد ت صديق القلب‬
‫ومعرف ته مع القرار بالل سان ; إل أن يقال‪ :‬أراد ت صديق القلب والل سان جي عا مع العر فة والقرار ; ومراده‬
‫بالقرار اللتزام ل التصهديق ك ما قال تعال‪{ :‬وإذ أ خذ ال ميثاق النهبيي لاه آتيت كم مهن كتاب وحك مة ثه‬
‫جاءكم رسول مصدق لا معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررت وأخذت على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال‬
‫فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} فاليثاق الأخوذ على أنم يؤمنون به وينصرونه وقد أمروا بذا وليس هذا‬
‫القرار تصهديقا فإن ال تعال ل يبههم ببه ; بهل أوجهب عليههم إذا جاءههم ذلك الرسهول أن يؤمنوا بهه‬
‫وينصروه‪ .‬فصدقوا بذا القرار والتزموه فهذا هو إقرارهم‪ .‬والنسان قد يقر للرسول بعن أنه يلتزم ما يأمر به‬
‫مع غي معرفة ومن غي تصديق له بأنه رسول ال لكن ل يقل أحد من الرجئة‪ :‬إن هذا القرار يكون إيانا‪ .‬بل‬
‫ل بد عند هم من القرار ال بي وهو أنه ي قر له بأنه ر سول ال ك ما ي قر ال قر با ي قر به من القوق ولفظ‬
‫القرار يتناول اللتزام والت صديق ول بد منه ما و قد يراد بالقرار مرد الت صديق بدون التزام الطا عة ; والرجئة‬
‫تارة يعلون هذا ههو اليان وتارة يعلون اليان التصهديق واللتزام معها هذا ههو القرار الذي يقوله فقهاء‬
‫الرجئة‪ :‬إنه إيان وإل لو قال‪ :‬أنا أطيعه ول أصدق أنه رسول ال أو أصدقه ول ألتزم طاعته ل يكن مسلما ول‬
‫مؤم نا عند هم‪ .‬وأح د قال‪ :‬ل بد مع هذا القرار أن يكون م صدقا وأن يكون عار فا وأن يكون م صدقا ب ا‬
‫عرف‪ .‬و ف روا ية أخرى‪ :‬م صدقا ب ا أ قر وهذا يقت ضي أ نه ل بد من ت صديق با طن ويت مل أن يكون ل فظ‬
‫الت صديق عنده يتض من القول والع مل جي عا ك ما قد ذكر نا شواهده أ نه يقال‪ :‬صدق بالقول والع مل فيكون‬
‫تصديق القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول ال قد خضع له وانقاد ; فصدقه بقول قلبه وعمل قلبه‬
‫مبة وتعظيما وإل فمجرد معرفة قلبه أنه رسول ال مع العراض عن النقياد له ول ا جاء به إما حسدا وإما‬
‫كبا وإما لحبة دينه الذي يالفه وإما لغي ذلك فل يكون إيانا‪ .‬ول بد ف اليان من علم القلب وعمله فأراد‬
‫أحد بالتصديق أنه مع العرفة به صار القلب مصدقا له تابعا له مبا له معظما له فإن هذا ل بد منه ومن دفع‬
‫هذا عن أن يكون من اليان فهو من جنس من دفع العرفة من أن تكون من اليان وهذا أشبه بأن يمل عليه‬
‫كلم أح د ; لن وجوب انقياد القلب مع معرف ته ظا هر ثا بت بدلئل الكتاب وال سنة وإجاع ال مة بل ذلك‬
‫معلوم بالضطرار من دين السلم ومن نازع من الهمية ف أن انقياد القلب من اليان فهو كمن نازع من‬
‫الكرام ية ف أن معر فة القلب من اليان فكان ح ل كلم أح د على هذا هو النا سب لكل مه ف هذا القام‪.‬‬
‫وأيضا فإن الفرق ب ي معرفة القلب وب ي مرد ت صديق القلب الال عن النقياد الذي ي عل قول القلب ; أ مر‬
‫دقيق وأكثر العقلء ينكرونه وبتقدير صحته ل يب على كل أحد أن يوجب شيئي ل يتصور الفرق بينهما‬
‫وأك ثر الناس ل يت صورون الفرق ب ي معر فة القلب وت صديقه ويقولون‪ :‬إن ما قاله ا بن كلب والشعري من‬
‫الفرق كلم باطل ل حقيقة له وكثي من أصحابه اعترف بعدم الفرق وعمدتم من الجة إنا هو خب الكاذب‬
‫قالوا‪ :‬ف في قل به خب بلف عل مه فدل على الفرق‪ .‬فقال ل م الناس‪ :‬ذاك بتقد ير خب وعلم ل يس هو عل ما‬
‫حقيقيا ول خبا حقيقيا ولا أثبتوه من قول القلب الخالف للعلم والرادة إنا يعود إل تقدير علوم وإرادات ل‬
‫إل جنس آخر يالفها‪ .‬ولذا قالوا‪ :‬إن النسان ل يكنه أن يقوم بقلبه خب بلف علمه ; وإنا يكنه أن يقول‬
‫ذلك بلسانه وأما أنه يقوم بقلبه خب بلف ما يعلمه فهذا غي مكن وهذا ما استدلوا به على أن الرب تعال ل‬
‫يتصور قيام الكذب بذاته لنه بكل شيء عليم ويتنع قيام معن يضاد العلم بذات العال والب النفسان الكاذب‬
‫يضاد العلم‪ .‬فيقال ل م‪ :‬ال ب النف سان لو كان خل فا للعلم لاز وجود العلم مع ضده ك ما يقولون م ثل ذلك‬
‫ف موا ضع كثية و هي من أقوى ال جج ال ت ي تج ب ا القا ضي أ بو ب كر وموافقوه ف م سألة الع قل وغي ها‬
‫كالقا ضي أ ب يعلى وأ ب م مد ا بن اللبان وأ ب علي بن شاذان وأ ب الط يب وأ ب الول يد البا جي وأ ب الطاب‬
‫وابن عقيل وغيهم ; فيقولون‪ :‬العقل نوع من العلم فإنه ليس بضد له فإن ل يكن نوعا منه كان خلفا له ولو‬
‫كان خل فا لاز وجوده مع ضد الع قل وهذه ال جة وإن كا نت ضعيفة ‪ -‬ك ما ضعف ها المهور وأبو العال‬
‫الوين من ضعفها ‪ -‬فإن ما كان مستلزما لغيه ل يكن ضدا له إذ قد اجتمعا وليس هو من نوعه ; بل هو‬
‫خلف له على هذا الصطلح الذي يقسمون فيه كل اثني إل أن يكونا مثلي أو خلفي أو ضدين فاللزوم‬
‫كالرادة مع العلم أو كالعلم مع الياة ونو ذلك ضدا ول مثل ; بل هو خلف ومع هذا فل يوز وجوده مع‬
‫ضهد اللزم فإن ضهد اللزم ينافيهه ووجود اللزوم بدون اللزم مال كوجود الرادة بدون العلم والعلم بدون‬
‫الياة فهذان خلفان عندهم ول يوز وجود أحدها مع ضد الخر‪ .‬كذلك العلم هو مستلزم للعقل فكل عال‬
‫عاقل والعقل شرط ف العلم فليس مثل له ول ضدا ول نوعا منه ومع هذا ل يوز وجوده مع ضد العقل لكن‬
‫هذه الجة تقال لم ف العلم مع كلم النفس الذي هو الب فإنه ليس ضدا ول مثل بل خلفا ; فيجوز وجود‬
‫العلم مع ضد ال ب ال صادق و هو الكاذب فبطلت تلك ال جة على امتناع الكذب النف سان من العال وب سط‬
‫هذا له مو ضع آ خر‪ .‬والق صود ه نا أن الن سان إذا ر جع إل نف سه ع سر عل يه التفر يق ب ي عل مه بأن الر سول‬
‫صادق وب ي تصديق قلبه تصديقا مردا عن انقياد وغيه من أعمال القلب بأنه صادق‪ .‬ث احتج المام أحد‬
‫على أن العمال من اليان بجج كثية فقال وقد {سأل وفد عبد القيس رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬
‫اليان فقال‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال وإقام الصهلة وإيتاء الزكاة وصهوم رمضان وأن‬
‫تعطوا خسا من الغنم} فجعل ذلك كله من اليان‪ .‬قال‪ :‬وقال النب صلى ال عليه وسلم {الياء شعبة من‬
‫اليان} وقال‪{ :‬أك مل الؤمن ي إيا نا أح سنهم خل قا} وقال‪{ .‬إن البذاذة من اليان}‪ .‬وقال {اليان ب ضع‬
‫وستون شعبة فأدناها إماطة الذى عن الطريق وأرفعها قول ل إله إل ال} مع أشياء كثية منها‪{ :‬أخرجوا من‬
‫النار من كان ف قلبه مثقال ذرة من إيان}‪ :‬وما روي عن النب صلى ال عليه وسلم ف صفة النافق‪{ :‬ثلث‬
‫من كن ف يه ف هو منا فق} مع ح جج كثية‪ .‬و ما روي عن ال نب صلى ال عل يه و سلم ف تارك ال صلة و عن‬
‫أصحابه من بعده ث ما وصف ال تعال ف كتابه من زيادة اليان ف غي موضع مثل قوله‪{ :‬هو الذي أنزل‬
‫السكينة ف قلوب الؤمني ليزدادوا إيانا مع إيانم} وقال‪{ :‬ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا‬
‫إيانا} وقال‪{ :‬وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا} وقال تعال {فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيانا فأما‬
‫الذيهن آمنوا فزادتمه إيانها وههم يسهتبشرون} وقال‪{ :‬إناه الؤمنون الذيهن آمنوا بال ورسهوله ثه ل يرتابوا‬
‫وجاهدوا بأموالم وأنفسهم ف سبيل ال أولئك هم الصادقون} وقال تعال‪{ :‬فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا‬
‫الزكاة فخلوا سبيلهم} وقال تعال‪{ :‬فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فإخوانكم ف الدين} وقال‪{ :‬وما‬
‫أمروا إل ليعبدوا ال ملصهي له الديهن حنفاء ويقيموا الصهلة ويؤتوا الزكاة وذلك ديهن القيمهة}‪ .‬قال أحده‪:‬‬
‫ويلز مه أن يقول‪ :‬هو مؤ من بإقراره وإن أ قر بالزكاة ف الملة ول ي د ف كل مائ ت در هم خ سة أ نه مؤ من‬
‫فيلزمه أن يقول‪ :‬إذا أقر ث شد الزنار ف وسطه وصلى للصليب وأتى الكنائس والبيع وعمل الكبائر كلها إل‬
‫أ نه ف ذلك م قر بال ; فيلز مه أن يكون عنده مؤم نا وهذه الشياء من أش نع ما يلزم هم‪ " .‬قلت "‪ :‬هذا الذي‬
‫ذكره المام أح د من أح سن ما اح تج الناس به علي هم ج ع ف ذلك جل يقول غيه بعض ها وهذا اللزام ل‬
‫ميد لم عنه ولذا لا عرف متكلمهم مثل جهم ومن وافقه أنه لزم التزموه‪ .‬وقالوا‪ :‬لو فعل [ ما فعل ] من‬
‫الفعال الظاهرة ل يكهن بذلك كافرا فه الباطهن ; لكهن يكون دليل على الكفهر فه أحكام الدنيها فإذا احتهج‬
‫عليهم بنصوص تقتضي أنه يكون كافرا ف الخرة‪ .‬قالوا‪ :‬فهذه النصوص تدل على أنه ف الباطن ليس معه من‬
‫معرفة ال شيء فإنا عندهم شيء واحد فخالفوا صريح العقول وصريح الشرع‪ .‬وهذا القول مع فساده عقل‬
‫وشرعا ومع كونه عند التحقيق ل يثبت إيانا ; فإنم جعلوا اليان شيئا واحدا ل حقيقة له كما قالت الهمية‬
‫ومهن وافقههم مثهل ذلك فه وحدة الرب أنهه ذات بل صهفات‪ .‬وقالوا بأن القرآن ملوق وأن ال ل يرى فه‬
‫الخرة و ما يقوله [ ا بن كلب ] من وحدة الكلم وغيه من ال صفات‪ .‬فقول م ف الرب و صفاته وكل مه‬
‫واليان به ير جع إل تعط يل م ض وهذا قد و قع ف يه طوائف كثية من التأخر ين النت سبي إل ال سنة والف قه‬
‫والديث التبعي للئمة الربعة التعصبي للجهمية والعتزلة ; بل وللمرجئة أيضا ; لكن لعدم معرفتهم بالقائق‬
‫الت نشأت منها البدع يمعون بي الضدين ولكن من رحة ال بعباده السلمي أن الئمة الذين لم ف المة‬
‫ل سان صدق م ثل الئ مة الرب عة وغي هم كمالك والثوري والوزا عي والل يث بن سعد وكالشاف عي وأح د‬
‫وإسحاق وأب عبيد وأب حنيفة وأب يوسف وممد ; كانوا ينكرون على أهل الكلم من الهمية قولم ف‬
‫القرآن واليان وصفات الرب وكانوا متفقي على ما كان عليه السلف من أن ال يرى ف الخرة وأن القرآن‬
‫كلم ال غ ي ملوق وأن اليان ل بد ف يه من ت صديق القلب والل سان فلو ش تم ال ور سوله كان كافرا باط نا‬
‫وظاهرا عندهم كلهم ومن كان موافقا لقول جهم ف اليان بسبب انتصار أب السن لقوله ف اليان يبقى‬
‫تارة يقول بقول السلف والئمة وتارة يقول بقول التكلمي الوافقي لهم ; حت ف مسألة سب ال ورسوله‬
‫رأيت طائفة من النبليي والشافعيي والالكيي إذا تكلموا بكلم الئمة قالوا‪ :‬إن هذا كفر باطنا وظاهرا‪ .‬وإذا‬
‫تكلموا بكلم أولئك قالوا‪ :‬هذا ك فر ف الظا هر و هو ف البا طن يوز أن يكون مؤم نا تام اليان فإن اليان‬
‫عند هم ل يتب عض‪ .‬ولذا ل ا عرف القا ضي عياض هذا من قول ب عض أ صحابه أنكره ون صر قول مالك وأ هل‬
‫ال سنة وأح سن ف ذلك‪ .‬و قد ذكرت ب عض ما يتعلق بذا ف كتاب " ال صارم ال سلول على شا ت الر سول "‬
‫وكذلك تدههم فه مسهائل اليان يذكرون أقوال الئمهة والسهلف ويبحثون بثها يناسهب قول الهميهة لن‬
‫البحث أخذوه من كتب أهل الكلم الذين نصروا قول جهم ف مسائل اليان‪ .‬والرازي لا صنف " مناقب‬
‫الشاف عي " ذ كر قوله ف اليان‪ .‬وقول الشاف عي قول ال صحابة والتابع ي و قد ذ كر الشاف عي أ نه إجاع من‬
‫الصحابة والتابعي‪ .‬ومن لقيه استشكل قول الشافعي جدا لنه كان قد انعقد ف نفسه شبهة أهل البدع ف‬
‫اليان‪ :‬من الوارج والعتزلة والهمية والكرامية وسائر الرجئة وهو أن الشيء الركب إذا زال بعض أجزائه‬
‫لزم زواله كله ; ل كن هو ل يذ كر إل ظا هر شبهت هم‪ .‬والواب ع ما ذكروه هو سهل فإ نه ي سلم له أن اليئة‬
‫الجتماع ية ل ت بق متم عة ك ما كا نت ; ل كن ل يلزم من زوال بعض ها زوال سائر الجزاء‪ .‬والشاف عي مع‬
‫ال صحابة والتابع ي و سائر ال سلف يقولون‪ :‬إن الذ نب يقدح ف كمال اليان ولذا ن فى الشارع اليان عن‬
‫هؤلء فذلك الجموع الذي هو اليان ل ي بق ممو عا مع الذنوب ل كن يقولون ب قي بع ضه‪ :‬إ ما أ صل وإ ما‬
‫أكثره وإما غي ذلك فيعود الكلم إل أنه يذهب بعضه ويبقى بعضه‪ .‬ولذا كانت الرجئة تنفر من لفظ النقص‬
‫أعظم من نفورها من لفظ الزيادة ; لنه إذا نقص لزم ذهابه كله عندهم إن كان متبعضا متعددا عند من يقول‬
‫بذلك وهم الوارج والعتزلة‪ .‬و أما الهمية فهو واحد عندهم ل يقبل التعدد ; فيثبتون واحدا ل حقيقة له ;‬
‫ك ما قالوا م ثل ذلك ف وحدان ية الرب ووحدان ية صفاته ع ند من أثبت ها من هم و من الع جب أن ال صل الذي‬
‫أوقع هم ف هذا اعتقاد هم أ نه ل يت مع ف الن سان ب عض اليان وب عض الك فر أو ما هو إيان و ما هو ك فر‬
‫واعتقدوا أن هذا متفق عليه بي السلمي كما ذكر ذلك أبو السن وغيه فلجل اعتقادهم هذا الجاع وقعوا‬
‫فيما هو مالف للجاع القيقي إجاع السلف الذي ذكره غي واحد من الئمة ; بل وصرح غي واحد منهم‬
‫بك فر من قال بقول ج هم ف اليان‪ .‬ولذا نظائر متعددة ; يقول الن سان قول مال فا لل نص والجاع القد ي‬
‫حقي قة ويكون معتقدا أ نه متم سك بال نص والجاع‪ .‬وهذا إذا كان مبلغ عل مه واجتهاده ; فال يثي به على ما‬
‫أطاع ال فيه من اجتهاده ويغفر له ما عجز عن معرفته من الصواب الباطن وهم لا توهوا أن اليان الواجب‬
‫على جيع الناس نوع واحد ; صار بعضهم يظن أن ذلك النوع من حيث هو ل يقبل التفاضل‪ .‬فقال ل مرة‬
‫بعض هم‪ :‬اليان من ح يث هو إيان ل يق بل الزيادة والنق صان‪ .‬فقلت له‪ :‬قولك من ح يث هو ; ك ما تقول‪:‬‬
‫النسان من حيث هو إنسان واليوان من حيث هو حيوان والوجود من حيث هو وجود والسواد من حيث‬
‫هو سواد وأمثال ذلك ل يق بل الزيادة والنق صان وال صفات ; فتث بت لذه ال سميات وجودا مطل قا مردا عن‬
‫جيع القيود والصفات وهذا ل حقيقة له ف الارج وإنا هو شيء يقدره النسان ف ذهنه كما يقدر موجودا‬
‫ل قديا ول حادثا ول قائما بنفسه ول بغيه ويقدر إنسانا ل موجودا ول معدوما ويقول‪ :‬الاهية من حيث هي‬
‫هي ل توصف بوجود ول عدم والاهية من حيث هي هي شيء يقدره الذهن وذلك موجود ف الذهن ل ف‬
‫الارج‪ .‬وأما تقدير شيء ل يكون ف الذهن ول ف الارج فممتنع وهذا التقدير ل يكون إل ف الذهن كسائر‬
‫تقدير المور المتنعة ; مثل تقدير صدور العال عن صانعي ونو ذلك ; فإن هذه القدرات ف الذهن‪ .‬فهكذا‬
‫تقدير إيان ل يتصف به مؤمن ; بل هو مرد عن كل قيد‪ .‬وتقدير إنسان ل يكون موجودا ول معدوما ; بل‬
‫ما ث إيان إل مع الؤمني ول ث إنسانية إل ما اتصف با النسان ; فكل إنسان له إنسانية تصه وكل مؤمن له‬
‫إيان ي صه ; فإن سانية ز يد تش به إن سانية ع مر ولي ست هي هي‪ .‬وإذا اشتركوا ف نوع الن سانية فمع ن ذلك‬
‫أن ما يشتبهان في ما يو جد ف الارج ويشتركان ف أ مر كلي مطلق يكون ف الذ هن‪ .‬وكذلك إذا ق يل‪ :‬إيان‬
‫زيد مثل إيان عمرو ; فإيان كل واحد يصه‪ .‬فلو قدر أن اليان يتماثل لكان لكل مؤمن إيان يصه وذلك‬
‫اليان متص معي ليس هو اليان من حيث هو هو ; بل هو إيان معي وذلك اليان يقبل الزيادة‪ .‬والذين‬
‫ينفون التفا ضل ف هذه المور يت صورون ف أنف سهم إيا نا مطلقا أو إن سانا مطلقا أو وجودا مطل قا مردا عن‬
‫ج يع ال صفات العي نة له ث يظنون أن هذا هو اليان الوجود ف الناس وذلك ل يق بل التفا ضل ول يق بل ف‬
‫نف سه التعدد ; إذ هو ت صور مع ي قائم ف ن فس مت صوره‪ .‬ولذا ي ظن كث ي من هؤلء أن المور الشتر كة ف‬
‫ش يء وا حد هي واحدة بالش خص والع ي‪ .‬ح ت انت هى ال مر بطائ فة من علمائ هم عل ما وعبادة إل أن جعلوا‬
‫الوجود كذلك ; فت صوروا أن الوجودات مشتر كة ف م سمى الوجود وت صوروا هذا ف أنف سهم فظنوه ف‬
‫الارج ك ما هو ف أنف سهم ث ظنوا أ نه ال ; فجعلوا الرب هو هذا الوجود الذي ل يو جد قط إل ف ن فس‬
‫متصوره ; ول يكون ف الارج‪ .‬وهكذا كثي من الفلسفة تصوروا أعدادا مردة وحقائق مردة ويسمونا الثل‬
‫الفلطونية وزمانا مردا عن الركة والتحرك وبعدا مردا عن الجسام وصفاتا ث ظنوا وجود ذلك ف الارج‬
‫وهؤلء كلهم اشتبه عليهم ما ف الذهان با ف العيان وهؤلء قد يعلون الواحد اثني والثني واحدا ; فتارة‬
‫ييئون إل المور التعددة التفاضلة ف الارج فيجعلون ا واحدة أو متماثلة وتارة ييئون إل ما ف الارج من‬
‫اليوان والكان والزمان فيجعلون الوا حد اثن ي‪ .‬والتفل سفة والهم ية وقعوا ف هذا وهذا فجاءوا إل صفات‬
‫الرب ال ت هي أ نه عال وقادر فجعلوا هذه ال صفة هي ع ي الخرى وجعلوا ال صفة هي الو صوف‪ .‬وهكذا‬
‫القائلون بأن اليان شيء واحد وأنه متماثل ف بن آدم غلطوا ف كونه واحدا وف كونه متماثل كما غلطوا ف‬
‫أمثال ذلك من م سائل " التوح يد " و " ال صفات " و " القرآن " ون و ذلك ; فكان غلط ج هم وأتبا عه ف‬
‫اليان كغلطهم ف صفات الرب الذي يؤمن به الؤمنون وف كلمه وصفاته سبحانه وتعال عما يقول الظالون‬
‫علوا كبيا‪ .‬وكذلك السواد والبياض يقبل الشتداد والضعف ; بل عامة الصفات الت يتصف با الوصوفون‬
‫تق بل التفا ضل ; ولذا كان الع قل يق بل التفا ضل والياب والتحر ي يق بل التفا ضل فيكون إياب أقوى من‬
‫إياب وتري أقوى من تري‪ .‬وكذلك العرفة الت ف القلوب تقبل التفاضل على الصحيح عند أهل السنة وف‬
‫هذا كله نزاع فطائفة من النتسبي إل السنة تنكر التفاضل ف هذا كله كما يتار ذلك القاضي أبو بكر وابن‬
‫عقيل وغيها‪ .‬وقد حكي عن أحد ف التفاضل ف العرفة روايتان‪ .‬وإنكار التفاضل ف هذه الصفات هو من‬
‫ج نس أ صل قول الرجئة ول كن يقوله من يالف الرجئة وهؤلء يقولون‪ :‬التفا ضل إن ا هو ف العمال وأ ما‬
‫اليان الذي ف القلوب فل يتفا ضل ول يس ال مر ك ما قالوه بل ج يع ذلك يتفا ضل و قد يقولون‪ :‬إن أعمال‬
‫القلب تتفاضل ; بلف معارف القلب وليس المر كذلك بل إيان القلوب يتفاضل من جهة ما وجب على‬
‫هذا ومن جهة ما وجب على هذا فل يستوون ف الوجوب‪ .‬وأمة ممد وإن وجب عليهم جيعهم اليان بعد‬
‫اسهتقرار الشرع فوجوب اليان بالشيهء العيه موقوف على أن يبلغ العبهد إن كان خهبا وعلى أن يتاج إل‬
‫العمل به إن كان أمرا وعلى العلم به إن كان علما وإل فل يب على كل مسلم أن يعرف كل خب وكل أمر‬
‫ف الكتاب وال سنة ويعرف معناه ويعل مه ; فإن هذا ل يقدر عل يه أ حد‪ .‬فالوجوب يتنوع بتنوع الناس ف يه ; ث‬
‫قدر هم ف أداء الوا جب متفاو تة ; ث ن فس العر فة تتلف بالجال والتف صيل والقوة والض عف ودوام الضور‬
‫ومع الغفلة فليست الفصلة الستحضرة الثابتة الت يثبت ال صاحبها بالقول الثابت ف الياة الدنيا وف الخرة‬
‫كالجملة الت غفل عنها وإذا حصل له ما يريبه فيها وذكرها ف قلبه ث رغب إل ال ف كشف الريب‪ .‬ث‬
‫أحوال القلوب وأعمالا مثل مبة ال ورسوله وخشية ال والتوكل عليه والصب على حكمه والشكر له والنابة‬
‫إليه وإخلص العمل له ما يتفاضل الناس فيها تفاضل ل يعرف قدره إل ال عز وجل ومن أنكر تفاضلهم ف‬
‫هذا فهو إما جاهل ل يتصوره وإما معاند‪ .‬قال المام أحد‪ :‬فإن زعموا أنم ل يقبلون زيادة اليان من أجل‬
‫أنم ل يدرون ما زيادته وأنا غي مدودة فما يقولون ف أنبياء ال وكتبه ورسله ؟ هل يقرون بم ف الملة ؟‬
‫ويزعمون أ نه من اليان ; فإذا قالوا‪ :‬ن عم ; ق يل ل م‪ :‬هل تدون م وتعرفون عدد هم ؟ أل يس إن ا ي صيون ف‬
‫ذلك إل القرار بم ف الملة ث يكفون عن عدد هم ؟ فكذلك زيادة اليان‪ .‬وب ي أحد أن كون م ل يعرفوا‬
‫منت هى زياد ته ل ينع هم من القرار ب ا ف الملة ; ك ما أن م يؤمنون بال نبياء والك تب و هم ل يعرفون عدد‬
‫الكتب والرسل‪ .‬وهذا الذي ذكره أحد وذكره ممد بن نصر وغيها يبي أنم ل يعلموا عدد الكتب والرسل‬
‫وأن حد يث أ ب ذر ف ذلك ل يث بت عند هم‪ .‬وأ ما قول من سوى ب ي ال سلم واليان وقال‪ :‬إن ال سى‬
‫اليان با سى به السلم ; وسى السلم با سى به اليان فليس كذلك فإن ال ورسوله قد فسر اليان بأنه‬
‫اليان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر‪ .‬وبي أيضا أن العمل با أمر به يدخل ف اليان ول يسم ال‬
‫اليان بلئك ته وكت به ور سله والب عث ب عد الوت إ سلما ; بل إن ا سى ال سلم ال ستسلم له بقل به وق صده‬
‫وإخلص الدين والعمل با أمر به كالصلة والزكاة خالصا لوجهه فهذا هو الذي ساه ال إسلما وجعله دينا‬
‫وقال‪{ :‬ومن يبتغ غي السلم دينا فلن يقبل منه} ول يدخل فيما خص به اليان وهو اليان بال وملئكته‬
‫وكت به ور سله ; بل ول أعمال القلوب م ثل حب ال ور سوله ون و ذلك فإن هذه جعل ها من اليان وال سلم‬
‫الؤمن يتصف با وليس إذا اتصف با السلم الؤمن يلزم أن تكون من السلم بل هي من اليان والسلم‬
‫فرض واليان فرض وال سلم دا خل ف يه ; ف من أ تى باليان الذي أ مر به فل بد أن يكون قد أ تى بال سلم‬
‫التناول لميع العمال الواجبة ومن أتى با يسمى إسلما ل يلزم أن يكون قد أتى باليان إل بدليل منفصل‬
‫ك ما علم أن من أث ن ال عل يه بال سلم من ال نبياء وأتباع هم إل الواري ي كل هم كانوا مؤمن ي ك ما كانوا‬
‫مسلمي كما قال الواريون‪{ :‬آمنا بال واشهد بأنا مسلمون} وقال‪{ :‬وإذ أوحيت إل الواريي أن آمنوا ب‬
‫وبرسول قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} ولذا أمرنا ال بذا وبذا ف خطاب واحد كما قال‪{ :‬قولوا آمنا‬
‫بال وما أنزل إلينا وما أنزل إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وما أوت موسى وعيسى وما‬
‫أوت النبيون من ربم ل نفرق بي أحد منهم ونن له مسلمون فإن آمنوا بثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا‬
‫فإنا هم ف شقاق فسيكفيكهم ال وهو السميع العليم} وقال ف الية الخرى‪{ :‬ومن يبتغ غي السلم دينا‬
‫فلن يقبل منه وهو ف الخرة من الا سرين}‪ .‬وهذا يقت ضي أن كل من دان بغ ي دين ال سلم فعمله مردود‬
‫وهو خاسر ف الخرة فيقتضي وجوب دين السلم وبطلن ما سواه ل يقتضي أن مسمى الدين هو مسمى‬
‫اليان ; بل أمرنا أن نقول‪{ :‬آمنا بال} وأمرنا أن نقول {ونن له مسلمون} ; فأمرنا باثني ; فكيف نعلهما‬
‫واحدا ؟ وإذا جعلوا ال سلم واليان شيئا واحدا‪ .‬فإ ما أن يقولوا‪ :‬الل فظ مترادف فيكون هذا تكريرا م ضا ث‬
‫مدلول هذا اللفظ عي مدلول هذا اللفظ وإما أن يقولوا‪ :‬بل أحد اللفظي يدل على صفة غي الصفة الخرى‬
‫كما ف أساء ال وأساء كتابه ; لكن هذا ل يقتضي المر بما جيعا ولكن يقتضي أن يذكر تارة بذا الوصف‬
‫وتارة بذا الو صف ; فل يقول قائل قد فرض ال عل يك ال صلوات ال مس وال صلة الكتو بة وهذا هو هذا‪.‬‬
‫والعطف بالصفات يكون إذا قصد بيان الصفات لا فيها من الدح أو الذم ; كقوله‪{ :‬سبح اسم ربك العلى}‬
‫{الذي خلق فسهوى} {والذي قدر فهدى} ل يقال‪ :‬صهل لربهك العلى ولربهك الذي خلق فسهوى‪ .‬وقال‬
‫ممد بن نصر الروزي ‪ -‬رحه ال ‪ -‬فقد بي ال ف كتابه وسنة رسوله أن السلم واليان ل يفترقان فمن‬
‫صدق بال فقد آمن به ومن آمن بال فقد خضع له وقد أسلم له ; ومن صام وصلى وقام بفرائض ال وانتهى‬
‫ع ما ن ى ال ع نه ف قد ا ستكمل اليان وال سلم الفترض عل يه و من ترك من ذلك شيئا فلن يزول ع نه ا سم‬
‫اليان ول السلم إل أنه أنقص من غيه ف السلم واليان من غي نقصان من القرار بأن ال حق وما قال‬
‫حق ل باطل وصدق ل كذب ولكن ينقص من اليان الذي هو تعظيم ل وخضوع للهيبة واللل والطاعة‬
‫للمصدق به وهو ال فمن ذلك يكون النقصان ل من إقرارهم بأن ال حق وما قال صدق‪ .‬فيقال‪ :‬ما ذكره‬
‫يدل على أن من أتى باليان الواجب فقد أتى بالسلم ; وهذا حق ولكن ليس فيه ما يدل عن أن من أتى‬
‫بالسلم الواجب فقد أتى باليان فقوله‪ :‬من آمن بال فقد خضع له وقد استسلم له حق ; لكن أي شيء ف‬
‫هذا يدل على أن من أسلم ل وخضع له فقد آمن به وبلئكته وبكتبه ورسله والبعث بعد الوت ؟ وقوله‪ :‬إن‬
‫ال ورسوله قد بي أن السلم واليان ل يفترقان إن أراد أن ال أوجبهما جيعا ونى عن التفريق بينهما فهذا‬
‫حق ; وإن أراد أن ال جعل مسمى هذا مسمى هذا فنصوص الكتاب والسنة تالف ذلك وما ذكر قط نصا‬
‫واحدا يدل على اتفاق السلمي‪ .‬وكذلك قوله‪ :‬من فعل ما أمر به وانتهى عما ني عنه فقد استكمل اليان‬
‫والسلم فهذا صحيح إذا فعل ما أمر به باطنا وظاهرا ويكون قد استكمل اليان والسلم الواجب عليه ول‬
‫يلزم أن يكون إيانه وإسلمه مساويا لليان والسلم الذي فعله أولوا العزم من الرسل كالليل إبراهيم وممد‬
‫خات النبيي عليهما الصلة والسلم بل كان معه من اليان والسلم ما ل يقدر عليه غيه من ليس كذلك‬
‫ول يؤ مر به‪ .‬وقوله‪ :‬من ترك من ذلك شيئا فلن يزول ع نه ا سم ال سلم واليان إل أ نه أن قص من غيه ف‬
‫ذلك‪ .‬فيقال‪ :‬إن أريد بذلك أنه بقي معه شيء من السلم واليان فهذا حق كما دلت عليه النصوص خلفا‬
‫للخوارج والعتزلة وإن أراد أنه يطلق عليه بل تقييد مؤمن ومسلم ف سياق الثناء والوعد بالنة ; فهذا خلف‬
‫الكتاب والسنة ولو كان كذلك لدخلوا ف قوله‪{ :‬وعد ال الؤمني والؤمنات جنات تري من تتها النار}‬
‫وأمثال ذلك ما وعدوا فيه بالنة بل عذاب‪ .‬وأيضا‪ :‬فصاحب الشرع قد نفى عنهم السم ف غي موضع بل‬
‫قال‪{ :‬قتال الؤ من ك فر} وقال‪{ :‬ل ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعض كم رقاب ب عض} وإذا اح تج بقوله‪:‬‬
‫{وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا} ونو ذلك قيل‪ :‬كل هؤلء إنا سوا به مع التقييد بأنم فعلوا هذه المور‬
‫ليذكر ما يؤمرون به هم وما يؤمر به غيهم‪ .‬وكذلك قوله‪ :‬ل يكون النقصان من إقرارهم بأن ال حق وما‬
‫قاله صدق فيقال‪ :‬بل النقصان يكون ف اليان الذي ف القلوب من معرفتهم ومن علمهم فل تكون معرفتهم‬
‫وتصديقهم بال وأسائه وصفاته وما قاله من أمر وني ووعد ووعيد كمعرفة غيهم وتصديقه ; ل من جهة‬
‫الجال والتفصيل ول من جهة القوة والضعف ول من جهة الذكر والغفلة وهذه المور كلها داخلة ف اليان‬
‫بال وبا أرسل به رسوله وكيف يكون اليان بال وأسائه وصفاته متماثل ف القلوب أم كيف يكون اليان‬
‫بأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه غفور رحيم عزيز حكيم شديد العقاب ; ليس هو من اليان‬
‫به فل يكن مسلما أن يقول‪ :‬إن اليان بذلك ليس من اليان به ول يدعي تاثل الناس فيه‪ .‬وأما ما ذكره من‬
‫أن السلم ينقص كما ينقص اليان فهذا أيضا حق كما دلت عليه الحاديث الصحيحة ; فإن من نقص من‬
‫الصلة والزكاة أو الصوم أو الج شيئا فقد نقص من إسلمه بسب ذلك‪ .‬ومن قال‪ :‬إن السلم هو الكلمة‬
‫ف قط وأراد بذلك أ نه ل يز يد ول ين قص فقوله خ طأ‪ .‬ورد الذ ين جعلوا ال سلم واليان سواء إن ا يتو جه إل‬
‫هؤلء ; فإن قولم ف السلم يشبه قول الرجئة ف اليان‪ .‬ولذا صار الناس ف اليان والسلم على " ثلثة‬
‫أقوال " فالرجئة يقولون‪ :‬ال سلم أف ضل ; فإ نه يد خل ف يه اليان‪ .‬وآخرون يقولون‪ :‬اليان وال سلم سواء‬
‫وهم العتزلة والوارج وطائفة من أهل الديث والسنة وحكاه ممد بن نصر عن جهورهم وليس كذلك‪.‬‬
‫والقول الثالث أن اليان أكمل وأفضل وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة ف غي موضع وهو الأثور عن‬
‫الصحابة والتابعي لم بإحسان‪ .‬ث هؤلء منهم من يقول‪ :‬السلم مرد القول والعمال ليست من السلم‪.‬‬
‫والصحيح أن السلم هو العمال الظاهرة كلها وأحد إنا منع الستثناء فيه على قول الزهري‪ :‬هو الكلمة‪.‬‬
‫هكذا نقل الثرم واليمون وغيها عنه‪ .‬وأما على جوابه الخر الذي ل يتر فيه قول من قال‪ :‬السلم الكلمة‬
‫فيستثن ف السلم كما يستثن ف اليان فإن النسان ل يزم بأنه قد فعل كل ما أمر به من السلم‪ .‬وإذا قال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬السلم من سلم السلمون من لسانه ويده} و {بن السلم على خس} فجزمه‬
‫بأنه فعل المس بل نقص كما أمر كجزمه بإيانه‪ .‬فقد قال تعال‪{ :‬ادخلوا ف السلم كافة} أي السلم كافة‬
‫أي ف جيع شرائع السلم‪ .‬وتعليل أحد وغيه من السلف ما ذكروه ف اسم اليان ييء ف اسم السلم‬
‫فإذا أريد بالسلم الكلمة فل استثناء فيه كما نص عليه أحد وغيه وإذا أريد به من فعل الواجبات الظاهرة‬
‫كل ها فال ستثناء ف يه كال ستثناء ف اليان ول ا كان كل من أ تى بالشهادت ي صار م سلما متميزا عن اليهود‬
‫والنصارى تري عليه أحكام السلم الت تري على السلمي كان هذا ما يزم به بل استثناء فيه فلهذا قال‬
‫الزهري‪ :‬ال سلم الكل مة‪ .‬وعلى ذلك واف قه أح د وغيه وح ي واف قه ل يرد أن ال سلم الوا جب هو الكل مة‬
‫وحدها فإن الزهري أجل من أن يفى عليه ذلك ; ولذا أحد ل يب بذا ف جوابه الثان خوفا من أن يظن‬
‫أن ال سلم ل يس هو إل الكل مة ; ولذا ل ا قال الثرم لح د‪ :‬فإذا قال‪ :‬أ نا م سلم فل ي ستثن ؟ قال ن عم‪ :‬ل‬
‫ي ستثن إذا قال‪ :‬أنا مسلم‪ .‬فقلت له أقول‪ :‬هذا مسلم وقد قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬السلم من سلم‬
‫ال سلمون من ل سانه ويده} وأ نا أعلم أ نه ل ي سلم الناس م نه فذ كر حد يث مع مر عن الزهري قال‪ :‬فنرى أن‬
‫ال سلم الكل مة واليان الع مل‪ .‬فبي أح د أن ال سلم إذا كان هو الكل مة فل ا ستثناء في ها فح يث كان هو‬
‫الفهوم من ل فظ ال سلم فل ا ستثناء ف يه ولو أر يد باليان هذا ك ما يراد ذلك ف م ثل قوله‪{ :‬فتحر ير رق بة‬
‫مؤمنة} فإنا أريد من أظهر السلم فإن اليان الذي علقت به أحكام الدنيا هو اليان الظاهر وهو السلم‬
‫فال سمى وا حد ف الحكام الظاهرة‪ .‬ولذا ل ا ذ كر الثرم لح د احتجاج الرجئة بقول ال نب صلى ال عل يه‬
‫و سلم‪{ :‬أعتق ها فإن ا مؤم نة} أجا به بأن الراد حكم ها ف الدن يا ح كم الؤم نة ; ل يرد أن ا مؤم نة ع ند ال‬
‫تسهتحق دخول النهة بل نار إذا لقيتهه بجرد هذا القرار وهذا ههو الؤمهن الطلق فه كتاب ال وههو الوعود‬
‫بالنة بل نار إذا مات على إيانه ولذا كان ابن مسعود وغيه من السلف يلزمون من شهد لنفسه باليان أن‬
‫يش هد ل ا بال نة ; يعنون إذا مات على ذلك فإ نه قد عرف أن ال نة ل يدخل ها إل من مات مؤم نا‪ .‬فإذا قال‬
‫الن سان‪ :‬أ نا مؤ من قطعا وأ نا مؤ من ع ند ال‪ .‬ق يل له‪ :‬فاق طع بأنك تد خل ال نة بل عذاب إذا مت على هذا‬
‫الال فإن ال أخب أن الؤمني ف النة‪ .‬وأنكر أحد بن حنبل حديث ابن عمية أن عبد ال رجع عن الستثناء‬
‫; فإن ابن مسعود لا قيل له‪ :‬إن قوما يقولون‪ :‬إنا مؤمنون فقال‪ :‬أفل سألتموهم أف النة هم ؟ وف رواية‪ :‬أفل‬
‫قالوا‪ :‬ن ن أ هل ال نة و ف روا ية ق يل له‪ :‬إن هذا يز عم أ نه مؤ من ; قال‪ :‬فا سألوه أ ف ال نة هو أو ف النار ؟‬
‫فسألوه فقال‪ :‬ال أعلم فقال له عبد ال‪ :‬فهل وكلت الول كما وكلت الثانية ؟ من قال‪ :‬أنا مؤمن فهو كافر‬
‫ومن قال‪ :‬أنا عال فهو جاهل ومن قال‪ :‬هو ف النة فهو ف النار يروى عن عمر بن الطاب من وجوه مرسل‬
‫من حديث قتادة ونعيم ابن أب هند وغيها‪ .‬والسؤال الذي تورده الرجئة على ابن مسعود ويقولون‪ :‬إن يزيد‬
‫بن عمية أورده عليه حت رجع جعل هذا أن النسان يعلم حاله الن وما يدري ماذا يوت عليه ولذا السؤال‬
‫صار طائفة كثية يقولون‪ :‬الؤمن هو من سبق ف علم ال أنه يتم له باليان والكافر من سبق ف علم ال أنه‬
‫كا فر وأ نه ل اعتبار ب ا كان ق بل ذلك وعلى هذا يعلون ال ستثناء وهذا أ حد قول الناس من أ صحاب أح د‬
‫وغيهم وهو قول أب السن وأصحابه‪ .‬ولكن أحد وغيه من السلف ل يكن هذا مقصودهم وإنا مقصودهم‬
‫أن اليان الطلق يتضمن فعل الأمورات‪ .‬فقوله‪ :‬أنا مؤمن‪ .‬كقوله‪ :‬أنا ول ال وأنا مؤمن تقي وأنا من البرار‬
‫ونو ذلك‪ .‬وابن مسعود رضي ال عنه ل يكن يفى عليه أن النة ل تكون إل لن مات مؤمنا وأن النسان ل‬
‫يعلم على ماذا يوت فإن ابن مسعود أجل قدرا من هذا وإنا أراد‪ :‬سلوه هل هو ف النة إن مات على هذه‬
‫الال ؟ كأنه قال‪ :‬سلوه أيكون من أهل النة على هذه الال ؟ فلما قال‪ :‬ال ورسوله أعلم قال‪ :‬أفل وكلت‬
‫الول كمها وكلت الثانيهة‪ .‬يقول‪ :‬هذا التوقهف يدل على أنهك ل تشههد لنفسهك بفعهل الواجبات وترك‬
‫الحرمات‪ .‬فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد لنفسه أنه من أهل النة إن مات على ذلك ولذا صار الذين ل‬
‫يرون ال ستثناء ل جل الال الا ضر بل للموافاة ل يقطعون بأن ال يق بل تو بة تائب ك ما ل يقطعون بأن ال‬
‫تعال يعاقب مذنبا فإنم لو قطعوا بقبول توبته لزمهم أن يقطعوا له النة وهم ل يقطعون لحد من أهل القبلة‬
‫ل بنة ول نار ; إل من قطع له النص‪ .‬وإذا قيل‪ :‬النة هي لن أتى بالتوبة النصوح من جيع السيئات‪ .‬قالوا‪:‬‬
‫ولو مات على هذه التو بة ل يق طع له بال نة و هم ل ي ستثنون ف الحوال بل يزمون بأن الؤ من مؤ من تام‬
‫اليان ولكن عندهم اليان عند ال هو ما يواف به فمن قطعوا له بأنه مات مؤمنا ل ذنب له قطعوا له بالنة‬
‫فلهذا ل يقطعون بقبول التو بة لئل يلزم هم أن يقطعوا بال نة وأ ما أئ مة ال سلف فإن ا ل يقطعوا بال نة لن م ل‬
‫يقطعون بأنهه فعهل الأمور وترك الحظور ول أنهه أتهى بالتوبهة النصهوح وإل فههم يقطعون بأن مهن تاب توبهة‬
‫نصوحا قبل ال توبته وجاع المر أن السم الواحد ينفى ويثبت بسب الحكام التعلقة به فل يب إذا أثبت‬
‫أو نفي ف حكم أن يكون كذلك ف سائر الحكام وهذا ف كلم العرب وسائر المم لن العن مفهوم‪ .‬مثال‬
‫ذلك النافقون قد يعلون من الؤمن ي ف مو ضع ; و ف مو ضع آ خر يقال‪ :‬ما هم من هم‪ .‬قال ال تعال‪ { :‬قد‬
‫يعلم ال العوقي منكم والقائلي لخوانم هلم إلينا ول يأتون البأس إل قليل} {أشحة عليكم فإذا جاء الوف‬
‫رأيت هم ينظرون إل يك تدور أعين هم كالذي يغ شى عل يه من الوت فإذا ذ هب الوف سلقوكم بأل سنة حداد‬
‫أشحة على الي أولئك ل يؤمنوا فأحبط ال أعمالم وكان ذلك على ال يسيا} فهنالك جعل هؤلء النافقي‬
‫الائفي من العدو الناكلي عن الهاد الناهي لغيهم الذامي للمؤمني‪ :‬منهم‪ .‬وقال ف آية أخرى {ويلفون‬
‫بال إن م لن كم و ما هم من كم ولكن هم قوم يفرقون} {لو يدون مل جأ أو مغارات أو مدخل لولوا إل يه و هم‬
‫يمحون} وهؤلء ذنبهم أخف فإنم ل يؤذوا الؤمني ل بنهي ول سلق بألسنة حداد ولكن حلفوا بال إنم‬
‫من الؤمني ف الباطن بقلوبم وإل فقد علم الؤمنون أنم منهم ف الظاهر فكذبم ال وقال‪{ :‬وما هم منكم}‬
‫وهناك قال‪{ :‬قد يعلم ال العوقي منكم} فالطاب لن كان ف الظاهر مسلما مؤمنا وليس مؤمنا بأن منكم‬
‫من هو بذه الصفة وليس مؤمنا بل أحبط ال عمله فهو منكم ف الظاهر ل الباطن‪ .‬ولذا لا استؤذن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ف قتل بعض النافقي قال‪{ :‬ل يتحدث الناس أن ممدا يقتل أصحابه} فإنم من أصحابه ف‬
‫الظاهر عند من ل يعرف حقائق المور وأصحابه الذين هم أصحابه ليس فيهم نفاق كالذين علموا سنته الناس‬
‫وبلغوها إليهم وقاتلوا الرتدين بعد موته والذين بايعوه تت الشجرة وأهل بدر وغيهم بل الذين كانوا منافقي‬
‫غمرت م الناس‪ .‬وكذلك الن ساب م ثل كون الن سان أ با ل خر أو أخاه يث بت ف ب عض الحكام دون ب عض ;‬
‫فإنه قد ثبت ف " الصحيحي " أنه {لا اختصم إل النب صلى ال عليه وسلم سعد بن أب وقاص وعبد بن‬
‫زمعة بن السود ف ابن وليدة زمعة وكان عتبة بن أب وقاص قد فجر با ف الاهلية وولدت منه ولدا فقال‬
‫عتبة لخيه سعد‪ :‬إذا قدمت مكة فانظر ابن وليدة زمعة فإنه ابن فاختصم فيه هو وعبد بن زمعة إل النب صلى‬
‫ال عليه وسلم فقال سعد‪ :‬يا رسول ال ابن أخي عتبة عهد إل أخي عتبة فيه إذا قدمت مكة انظر إل ابن‬
‫وليدة زمعة فإنه ابن أل ترى يا رسول ال شبهه بعتبة ؟ فقال عبد‪ :‬يا رسول ال أخي وابن وليدة أب ; ولد‬
‫على فراش أ ب فرأى ال نب صلى ال عل يه و سلم شب ها بي نا بعت بة فقال‪ :‬هو لك يا ع بد بن زم عة الولد للفراش‬
‫وللعاهر الجر واحتجب منه يا سودة} لا رأى من شبهه البي بعتبة‪ .‬فقد جعله النب صلى ال عليه وسلم ابن‬
‫زمعة لنه ولد على فراشه وجعله أخا لولده بقوله‪{ :‬فهو لك يا عبد بن زمعة} وقد صارت سودة أخته يرثها‬
‫وترثه ; لنه ابن أبيها زمعة ولد على فراشه‪ .‬ومع هذا فأمرها النب صلى ال عليه وسلم أن تتجب منه لا رأى‬
‫من شبهه البي بعتبة فإنه قام فيه دليلن متعارضان‪ :‬الفراش والشبه والنسب ف الظاهر لصاحب الفراش أقوى‬
‫ولن ا أ مر ظا هر مباح والفجور أ مر با طن ل يعلم وي ب ستره ل إظهاره ك ما قال‪{ :‬للعا هر ال جر} ك ما‬
‫يقال‪ :‬بف يك الكثلب وبف يك الثلب أي‪ :‬عل يك أن ت سكت عن إظهار الفجور فإن ال يب غض ذلك ول ا كان‬
‫احتجابا منه مكنا من غي ضرر أمرها بالحتجاب لا ظهر من الدللة على أنه ليس أخاها ف الباطن‪ .‬فتبي أن‬
‫السم الواحد ينفى ف حكم ويثبت ف حكم‪ .‬فهو أخ ف الياث وليس بأخ ف الحرمية‪ .‬وكذلك ولد الزنا‬
‫عند بعض العلماء وابن اللعنة عند الميع إل من شذ ; ليس بولد ف الياث ونوه وهو ولد ف تري النكاح‬
‫والحرمية‪ .‬ولفظ النكاح وغيه ف المر يتناول الكامل وهو العقد والوطء كما ف قوله‪{ :‬فانكحوا ما طاب‬
‫لكم من النساء} وقوله‪{ :‬حت تنكح زوجا غيه} وف النهي يعم الناقص والكامل ; فينهى عن العقد مفردا‬
‫وإن ل يكن وطء كقوله‪{ :‬ول تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} وهذا لن المر مقصوده تصيل الصلحة‬
‫وت صيل ال صلحة إن ا يكون بالدخول ك ما لو قال‪ :‬اش تر ل طعاما ; فالق صود ما ي صل إل بالشراء والق بض‬
‫والنا هي مق صوده د فع الف سدة فيد خل كل جزء م نه ; لن وجوده مف سدة وكذلك الن سب والياث معلق‬
‫بالكامل منه والتحري معلق بأدن سبب حت الرضاع‪ .‬وكذلك كل ما يكون له مبتدأ وكمال ينفى تارة باعتبار‬
‫انتفاء كماله ويثبت تارة باعتبار ثبوت مبدئه‪ .‬فلفظ الرجال يعم الذكور وإن كانوا صغارا ف مثل قوله‪{ :‬وإن‬
‫كانوا إخوة رجال ونساء فللذكر مثل حظ النثيي} ول يعم الصغار ف مثل قوله‪{ :‬والستضعفي من الرجال‬
‫والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها} فإن باب الجرة والهاد عمل يعمله‬
‫القادرون عليه فلو اقتصر على ذكر الستضعفي من الرجال لظن أن الولدان غي داخلي لنم ليسوا من أهله‬
‫و هم ضعفاء فذكر هم بال سم الاص ل يبي عذر هم ف ترك الجرة ووجوب الهاد‪ .‬وكذلك اليان له مبدأ‬
‫وكمال وظاههر وباطهن فإذا عل قت به الحكام الدنيويهة مهن القوق والدود كحقهن الدم والال والواريهث‬
‫والعقوبات الدنيويهة علقهت بظاهره ل يكهن غيه ذلك إذ تعليهق ذلك بالباطهن متعذر ; وإن قدر أحيانها فههو‬
‫متعسر علما وقدرة ; فل يعلم ذلك علما يثبت به ف الظاهر ول يكن عقوبة من يعلم ذلك منه ف الباطن‪.‬‬
‫وبذين الثلي كان النب صلى ال عليه وسلم يتنع من عقوبة النافقي ; فإن فيهم من ل يكن يعرفهم كما أخب‬
‫ال بذلك ; والذ ين كان يعرف هم لو عا قب بعض هم لغ ضب له قو مه ; ولقال الناس‪ :‬إن ممدا يق تل أ صحابه ;‬
‫فكان يصل بسبب ذلك نفور عن السلم ; إذ ل يكن الذنب ظاهرا يشترك الناس ف معرفته‪ .‬ولا هم بعقوبة‬
‫من يتخلف عن الصلة منعه من ف البيوت من النساء والذرية وأما مبدؤه فيتعلق به خطاب المر والنهي فإذا‬
‫قال ال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إل الصلة} ونو ذلك فهو أمر ف الظاهر لكل من أظهره وهو خطاب‬
‫ف الباطن لكل من عرف من نفسه أنه مصدق للرسول وإن كان عاصيا وإن كان ل يقم بالواجبات الباطنة‬
‫والظاهرة وذلك أنهه إن كان لفهظ‪{ :‬الذيهن آمنوا} يتناولمه فل كلم وإن كان ل يتناولمه فذاك لذنوبمه فل‬
‫تكون ذنوب م مان عة من أمر هم بال سنات ال ت إن فعلو ها كا نت سبب رحت هم وإن تركو ها كان أمر هم ب ا‬
‫وعقوبتهم عليها عقوبة على ترك اليان والكافر يب عليه أيضا لكن ل يصح منه حت يؤمن وكذلك النافق‬
‫الحض ل يصح منه ف الباطن حت يؤ من‪ .‬وأ ما من كان م عه أول اليان فهذا يصح منه لن معه إقراره ف‬
‫البا طن بوجوب ما أوج به الر سول وتر ي ما حر مه وهذا سبب ال صحة وأ ما كماله فيتعلق به خطاب الو عد‬
‫بالنة والنصرة والسلمة من النار فإن هذا الوعد إنا هو لن فعل الأمور وترك الحظور ومن فعل بعضا وترك‬
‫بعضا فيثاب على ما فعله ويعاقب على ما تركه فل يدخل هذا ف اسم الؤمن الستحق للحمد والثناء دون الذم‬
‫والعقاب‪ .‬ومن نفى عنه الرسول اليان فنفى اليان ف هذا الكم لنه ذكر ذلك على سبيل الوعيد‪ .‬والوعيد‬
‫إن ا يكون بن في ما يقت ضي الثواب ويد فع العقاب ولذا ما ف الكتاب وال سنة من ن في اليان عن أ صحاب‬
‫الذنوب فإن ا هو ف خطاب الوع يد والذم ل ف خطاب ال مر والن هي ول ف أحكام الدن يا‪ .‬وا سم ال سلم‬
‫واليان والح سان هي أ ساء مدو حة مرغوب في ها ل سن العاق بة لهل ها فبي ال نب صلى ال عل يه و سلم أن‬
‫العاق بة ال سنة ل ن ات صف ب ا على الو جه الذي بي نه ; ولذا كان من ن فى عن هم اليان ; أو اليان وال سلم‬
‫جي عا ول يعل هم كفارا إن ا ن فى ذلك ف أحكام الخرة و هو الثواب ل ين فه ف أحكام الدن يا‪ .‬ل كن العتزلة‬
‫ظنت أنه إذا انتفى السم انتفت جيع أجزائه فلم يعلوا معهم شيئا من اليان والسلم فجعلوهم ملدين ف‬
‫النار وهذا خلف الكتاب وال سنة وإجاع ال سلف ولو ل ي كن مع هم ش يء من اليان وال سلم ل يث بت ف‬
‫حقهم شيء من أحكام الؤمني والسلمي لكن كانوا كالنافقي‪ .‬وقد ثبت بالكتاب والسنة والجاع التفريق‬
‫بي النافق الذي يكذب الرسول ف الباطن وبي الؤمن الذنب فالعتزلة سووا بي أهل الذنوب وبي النافقي ف‬
‫أحكام الدنيا والخرة ف ن في ال سلم واليان عن هم بل قد يثبتونه للمنا فق ظاهرا وينفونه عن الذ نب باطنا‬
‫وظاهرا‪ .‬فإن ق يل‪ :‬فإذا كان كل مؤ من م سلما ول يس كل م سلم مؤم نا ‪ -‬اليان الكا مل ‪ -‬ك ما دل عل يه‬
‫حد يث جب يل وغيه من الحاد يث مع القرآن وك ما ذ كر ذلك ع من ذ كر ع نه من ال سلف لن ال سلم‬
‫الطاعات الظاهرة وههو السهتسلم والنقياد لن " السهلم فه الصهل " ههو السهتسلم والنقياد وهذا ههو‬
‫النقياد والطاعة واليان فيه معن التصديق والطمأنينة وهذا قدر زائد فما تقولون فيمن فعل ما أمره ال وترك‬
‫ما ن ى ال ع نه مل صا ل تعال ظاهرا وباط نا ؟ أل يس هذا م سلما باط نا وظاهرا و هو من أ هل ال نة وإذا كان‬
‫كذلك فالنة ل يدخلها إل نفس مؤمنة فهذا يب أن يكون مؤمنا‪ .‬قلنا‪ :‬قد ذكرنا غي مرة أنه ل بد أن يكون‬
‫معه اليان الذي وجب عليه إذ لو ل يؤد الواجب لكان معرضا للوعيد ; لكن قد يكون من اليان ما ل يب‬
‫عل يه إ ما لكو نه ل يا طب به أو لكو نه كان عاجزا ع نه وهذا أول لن اليان الو صوف ف حد يث جب يل‬
‫والسلم ل يكونا واجبي ف أول السلم بل ول أوجبا على من تقدم قبلنا من المم اتباع النبياء أهل النة‬
‫مع أنم مؤمنون مسلمون ومع أن السلم دين ال الذي ل يقبل دينا غيه ; وهو دين ال ف الولي والخرين‬
‫لن ال سلم عبادة ال وحده ل شر يك له ب ا أ مر ف قد تتنوع أوامره ف الشري عة الواحدة فضل عن الشرائع‬
‫فيصي ف السلم بعض اليان با يرج عنه ف وقت آخر كالصلة إل الصخرة كان من السلم حي كان‬
‫ال أمر به ث خرج من السلم لا نى ال عنه‪ .‬ومعلوم أن المس الذكورة ف حديث جبيل ل تب ف أول‬
‫المر بل الصيام والج وفرائض الزكاة إنا وجبت بالدينة ; والصلوات المس إنا وجبت ليلة العراج ; وكثي‬
‫من الحاديث ليس فيها ذكر الج لتأخر وجوبه إل سنة تسع أو عشر على أصح القولي ; ولا بعث ال ممدا‬
‫صلى ال عليه وسلم كان من اتبعه وآمن با جاء به مؤمنا مسلما ; وإذا مات كان من أهل النة ث إنه بعد‬
‫هذا زاد " اليان والسهلم " حته قال تعال‪{ :‬اليوم أكملت لكهم دينكهم} وكذلك اليان فإن هذا اليان‬
‫الفصل الذي ذكره ف حديث جبيل ل يكن مأمورا به ف أول المر لا أنزل ال سورة العلق والدثر بل إنا‬
‫جاء هذا ف ال سور الدن ية كالبقرة والن ساء وإذا كان كذلك ل يلزم أن يكون هذا اليان الف صل واج با على‬
‫من تقدم قبلنا‪ .‬وإذا كان كذلك فقد يكون الرجل مسلما يعبد ال وحده ل يشرك به شيئا ومعه اليان الذي‬
‫فرض عليه وهو من أهل النة وليس معه هذا اليان الذكور ف حديث جبيل لكن هذا يقال‪ :‬معه ما أمر به‬
‫من اليان والسلم وقد يكون مسلما يعبد ال كما أمر ول يعبد غيه ويافه ويرجوه ; ولكن ل يلص إل‬
‫قلبه أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها ول أن يكون ال ورسوله والهاد ف سبيله أحب إليه من جيع‬
‫أهله وماله ; وأن يب لخيه ما يب لنفسه وأن ياف ال ل ياف غيه ; وأن ل يتوكل إل على ال ; وهذه‬
‫كلها من اليان الواجب ; وليست من لوازم السلم ; فإن السلم هو الستسلم وهو يتضمن الضوع ل‬
‫وحده ; والنقياد له والعبودية ل وحده ; وهذا قد يتض من خوفه ورجاءه‪ .‬وأ ما طمأنينة القلب بحب ته وحده‬
‫وأن يكون أ حب إل يه م ا سواها وبالتو كل عل يه وحده وبأن ي ب لخ يه الؤ من ما ي ب لنف سه ; فهذه من‬
‫حقائق اليان الت تتص به فمن ل يتصف با ل يكن من الؤمني حقا وإن كان مسلما وكذلك وجل قلبه إذا‬
‫ذكر ال وكذلك زيادة اليان إذا تليت عليه آياته‪ .‬فإن قيل‪ :‬ففوات هذا اليان من الذنوب أم ل ؟ قيل‪ :‬إذا ل‬
‫يبلغ النسان الطاب الوجب لذلك ل يكون تركه من الذنوب وأما إن بلغه الطاب الوجب لذلك فلم يعمل‬
‫به كان تركه من الذنوب إذا كان قادرا على ذلك وكثي من الناس أو أكثرهم ليس عندهم هذه التفاصيل الت‬
‫تدخل ف اليان مع أنم قائمون بالطاعة الواجبة ف السلم وإذا وقعت منهم ذنوب تابوا واستغفروا منها ;‬
‫وحقائق اليان الت ف القلوب ل يعرفون وجوبا ; بل ول أنا من اليان بل كثي من يعرفها منهم يظن أنا‬
‫من النوافل الستحبة إن صدق بوجوبا‪ " .‬فالسلم " يتناول من أظهر السلم وليس معه شيء من اليان وهو‬
‫النافق الحض ويتناول من أظهر السلم مع التصديق الجمل ف الباطن ولكن ل يفعل الواجب كله ل من هذا‬
‫ول هذا وهم الفساق يكون ف أحدهم شعبة نفاق ويتناول من أتى بالسلم الواجب وما يلزمه من اليان ;‬
‫ول يأت بتمام اليان الوا جب‪ .‬وهؤلء لي سوا ف ساقا تارك ي فري ضة ظاهرة ول مرت كبي مر ما ظاهرا ل كن‬
‫تركوا من حقائق اليان الواج بة علما وعمل بالقلب يتبعه ب عض الوارح ما كانوا به مذموم ي‪ .‬وهذا هو "‬
‫النفاق " الذي كان يافه السلف على نفوسهم‪ .‬فإن صاحبه قد يكون فيه شعبة نفاق‪ .‬وبعد هذا ما ميز ال به‬
‫القربي على البرار أصحاب اليمي من إيان وتوابعه وذلك قد يكون من باب الستحبات وقد يكون أيضا ما‬
‫فضل به الؤمن‪ :‬إيان وإسلم ما وجب عليه ول يب على غيه‪ .‬ولذا قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬من‬
‫رأى منكم منكرا فليغيه بيده فإن ل يستطع فبلسانه فإن ل يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليان} وف الديث‬
‫ال خر‪{ :‬ل يس وراء ذلك من اليان مثقال ح بة خردل} فإن مراده أ نه ل ي بق ب عد هذا النكار ما يد خل ف‬
‫اليان حت يفعله الؤمن ; بل النكار بالقلب آخر حدود اليان ليس مراده أن من ل ينكر ذلك ل يكن معه‬
‫من اليان حبة خردل‪ :‬ولذا قال‪ :‬ليس وراء ذلك " فجعل الؤمني ثلث طبقات وكل منهم فعل اليان الذي‬
‫ي ب عل يه ل كن الول ل ا كان أقدر هم كان الذي ي ب عل يه أك مل م ا ي ب على الثا ن وكان ما ي ب على‬
‫الثان أكمل ما يب على الخر وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون ف‬
‫ي اليان الواجب عليهم بسب استطاعتهم مع بلوغ الطاب إليهم كلهم‪.‬‬

‫فصل (ص ‪)429‬‬
‫وأ ما " ال ستثناء ف اليان " بقول الر جل‪ :‬أ نا مؤ من إن شاء ال فالناس ف يه على " ثل ثة " أقوال‪ :‬من هم من‬
‫يوجبه ومنهم من يرمه ومنهم من يوز المرين باعتبارين ; وهذا أصح القوال‪ .‬فالذين يرمونه هم الرجئة‬
‫والهمية ونوهم من يعل اليان شيئا واحدا يعلمه النسان من نفسه كالتصديق بالرب ونو ذلك ما ف قلبه‬
‫; فيقول أحدهم‪ :‬أنا أعلم أن مؤمن كما أعلم أن تكلمت بالشهادتي وكما أعلم أن قرأت الفاتة وكما أعلم‬
‫أ ن أ حب ر سول ال ; وأ ن أب غض اليهود والن صارى‪ .‬فقول‪ :‬أ نا مؤ من كقول‪ :‬أ نا م سلم وكقول‪ :‬تكل مت‬
‫بالشهادتي وقرأت الفاتة وكقول‪ :‬أنا أبغض اليهود والنصارى ونو ذلك من المور الاضرة الت أنا أعلمها‬
‫وأقطع با وكما أنه ل يوز أن يقال‪ :‬أنا قرأت الفاتة إن شاء ال كذلك ل يقول‪ :‬أنا مؤمن إن شاء ال لكن‬
‫إذا كان يشك ف ذلك فيقول‪ :‬فعلته إن شاء ال قالوا‪ :‬فمن استثن ف إيانه فهو شاك فيه وسوهم الشكاكة‪.‬‬
‫والذين أوجبوا الستثناء لم مأخذان‪( :‬أحدها) أن اليان هو ما مات عليه النسان ; والنسان إنا يكون عند‬
‫ال مؤمنا وكافرا باعتبار الوافاة وما سبق ف علم ال أنه يكون عليه وما قبل ذلك ل عبة به‪ .‬قالوا‪ :‬واليان‬
‫الذي يتعقبه الكفر فيموت صاحبه كافرا ليس بإيان كالصلة الت يفسدها صاحبها قبل الكمال ; وكالصيام‬
‫الذي يفطر صاحبه قبل الغروب وصاحب هذا هو عند ال كافر لعلمه با يوت عليه وكذلك قالوا ف الكفر‬
‫وهذا الأ خذ مأ خذ كث ي من التأخر ين من الكلب ية وغي هم م ن ير يد أن ين صر ما اشت هر عن أ هل ال سنة‬
‫والد يث من قول م‪ :‬أ نا مؤ من إن شاء ال ; وير يد مع ذلك أن اليان ل يتفا ضل ; ول ي شك الن سان ف‬
‫الوجود منه وإنا يشك ف الستقبل وانضم إل ذلك أنم يقولون‪ :‬مبة ال ورضاه وسخطه وبغضه قدي‪ .‬ث هل‬
‫ذلك ههو الرادة أم صهفات أخهر ؟ لمه فه ذلك " قولن "‪ .‬وأكثهر قدمائههم يقولون‪ :‬إن الرضهى والسهخط‬
‫والغضهب ونوه ذلك صهفات ليسهت ههي الرادة كمها أن السهمع والبصهر ليهس ههو العلم وكذلك الوليهة‬
‫والعداوة‪ .‬هذه كلها صفات قدية أزلية عند أب ممد عبد ال بن سعيد بن كلب ومن اتبعه من التكلمي‬
‫ومن أتباع الذاهب من النبلية والشافعية والالكية وغيهم‪ .‬قالوا‪ :‬وال يب ف أزله من كان كافرا إذا علم أنه‬
‫يوت مؤم نا‪ .‬فال صحابة ما زالوا مبوب ي ل وإن كانوا قد عبدوا ال صنام مدة من الد هر وإبل يس ما زال ال‬
‫يبغضه وإن كان ل يكفر بعد‪ .‬وهذا على أحد القولي لم فالرضى والسخط يرجع إل الرادة والرادة تطابق‬
‫العلم‪ .‬فالعن‪ :‬ما زال ال يريد أن يثيب هؤلء بعد إيانم ويعاقب إبليس بعد كفره‪ .‬وهذا معن صحيح‪ .‬فإن‬
‫ال يريد أن يلق كل ما علم أن سيخلقه‪ .‬وعلى قول من يثبتها صفات أخر يقول‪ :‬هو أيضا حبه تابع لن يريد‬
‫أن يثيبه‪ .‬فكل من أراد إثابته فهو يبه وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه وهذا تابع للعلم‪ .‬وهؤلء عندهم ل‬
‫ير ضى عن أ حد ب عد أن كان ساخطا عل يه ول يفرح بتو بة ع بد ب عد أن تاب عل يه بل ما زال يفرح بتوب ته‪.‬‬
‫والفرح عند هم إ ما الرادة وإ ما الر ضى‪ .‬والع ن ما زال ير يد إثاب ته أو ير ضى ع ما ير يد إثاب ته‪ .‬وكذلك ل‬
‫يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله‪ .‬بل غضبه قدي إما بعن الرادة وإما بعن آخر‪ .‬فهؤلء يقولون‪ :‬إذا‬
‫علم أن الن سان يوت كافرا ل يزل مريدا لعقوب ته فذاك اليان الذي كان م عه با طل ل فائدة ف يه بل وجوده‬
‫كعد مه‪ .‬فل يس هذا بؤ من أ صل وإذا علم أ نه يوت مؤم نا ل يزل مريدا لثاب ته وذاك الك فر الذي فعله وجوده‬
‫كعد مه‪ .‬فلم ي كن هذا كافرا عند هم أ صل‪ .‬فهؤلء ي ستثنون ف اليان بناء على هذا الأ خذ وكذلك ب عض‬
‫مققيهم يستثنون ف الكفر مثل أب منصور الاتريدي فإن ما ذكروه مطرد فيهما‪ .‬ولكن جاهي الئمة على أنه‬
‫ل يستثن ف الكفر والستثناء فيه بدعة ل يعرف عن أحد من السلف ولكن هو لزم لم‪ .‬والذين فرقوا من‬
‫هؤلء قالوا‪ :‬نستثن ف اليان رغبة إل ال ف أن يثبتنا عليه إل الوت والكفر ل يرغب فيه أحد‪ .‬لكن يقال‪:‬‬
‫إذا كان قولك‪ :‬مؤمن كقولك‪ :‬ف النة‪ .‬فأنت تقول عن الكافر‪ :‬هو كافر‪ .‬ول تقول‪ :‬هو ف النار إل معلقا‬
‫بوته على الكفر فدل على أنه كافر ف الال قطعا‪ .‬وإن جاز أن يصي مؤمنا كذلك الؤمن‪ .‬وسواء أخب عن‬
‫نفسه أو عن غيه‪ .‬فلو قيل عن يهودي أو نصران‪ :‬هذا كافر قال‪ :‬إن شاء ال ; إذا ل يعلم أنه يوت كافرا ;‬
‫وعنهد هؤلء ل يعلم أحهد أحدا مؤمنها إل إذا علم أنهه يوت عليهه ; وهذا القول قاله كثيه مهن أههل الكلم‬
‫أصحاب ابن كلب ووافقهم على ذلك كثي منه أتباع الئمة لكن ليس هذا قول أحد من السلف ل الئمة‬
‫الربعة ول غيهم ول كان أحد من السلف الذين يستثنون ف اليان يعللون بذا ل أحد ول من قبله‪ .‬ومأخذ‬
‫هذا القول طرده طائفة من كانوا ف الصل يستثنون ف اليان اتباعا للسلف وكانوا قد أخذوا الستثناء عن‬
‫السهلف وكان أههل الشام شديديهن على الرجئة وكان ممهد بهن يوسهف الفريابه صهاحب الثوري مرابطها‬
‫بعسقلن لا كانت معمورة وكانت من خيار ثغور السلمي ولذا كان فيها فضائل لفضيلة الرباط ف سبيل ال‬
‫وكانوا يستثنون ف اليان اتباعا للسلف واستثنوا أيضا ف العمال الصالة كقول الرجل‪ :‬صليت إن شاء ال‬
‫ونو ذلك بعن القبول لا ف ذلك من الثار عن السلف‪ .‬ث صار كثي من هؤلء بآخرة يستثنون ف كل شيء‬
‫فيقول هذا ثوب إن شاء ال وهذا حبل إن شاء ال‪ .‬فإذا قيل لحدهم‪ :‬هذا ل شك فيه ; قال‪ :‬نعم ل شك فيه‬
‫; ل كن إذا شاء ال أن يغيه غيه ; فييدون بقول م إن شاء ال جواز تغييه ف ال ستقبل وإن كان ف الال ل‬
‫شك فيه ; كأن القيقة عندهم الت ل يستثن فيها ما ل تتبدل كما يقوله أولئك ف اليان‪ :‬إن اليان ما علم‬
‫ال أنه ل يتبدل حت يوت صاحبه عليه‪ .‬لكن هذا القول‪ .‬قاله قوم من أهل العلم والدين باجتهاد ونظر وهؤلء‬
‫الذ ين ي ستثنون ف كل ش يء تلقوا ذلك عن ب عض أتباع شيخ هم وشيخ هم الذي ينت سبون إل يه يقال له‪ :‬أ بو‬
‫عمرو عثمان بن مرزوق ل يكن من يرى هذا الستثناء بل كان ف الستثناء على طريقة من كان قبله ; ولكن‬
‫أحدث ذلك بعض أصحابه بعده وكان شيخهم منتسبا إل المام أحد وهو من أتباع عبد الوهاب بن الشيخ‬
‫أب الفرج القدسي وأبو الفرج من تلمذة القاضي أب يعلى‪ .‬وهؤلء كلهم وإن كانوا منتسبي إل المام أحد‬
‫فهم يوافقون ابن كلب على أصله الذي كان أحد ينكره على الكلبية وأمر بجر الارث الحاسب من أجله‬
‫كما وافقه على أصله طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأب حنيفة كأب العال الوين وأب الوليد الباجي‬
‫وأ ب من صور الاتريدي وغي هم وقول هؤلء ف م سائل متعددة من م سائل ال صفات و ما يتعلق ب ا كم سألة‬
‫القرآن هل هو سبحانه يتكلم بشيئته وقدرته ؟ أم القرآن لزم لذاته ؟ وقولم ف " الستثناء " مبن على ذلك‬
‫الصل‪ .‬وكذلك بناه الشعري وأتباعه عليه ; لن هؤلء كلهم كلبية يقولون‪ :‬إن ال ل يتكلم بشيئته وقدرته‬
‫ول يرضى ول يغضب على أحد بعد إيانه وكفره ول يفرح بتوبة التائب بعد توبته‪ .‬ولذا وافقوا السلف على‬
‫أن القرآن كلم ال غي ملوق‪ .‬ث قالوا‪ :‬إنه قدي ل يتكلم به بشيئته وقدرته‪ .‬ث اختلفوا بعد هذا ف القدي أهو‬
‫معن واحد ؟ أم حروف قدية مع تعاقبها ؟ كما بسطت أقوالم وأقوال غيهم ف مواضع أخر‪ .‬وهذه الطائفة‬
‫التأخرة تنكر أن يقال‪ :‬قطعا ف شيء من الشياء مع غلوهم ف الستثناء حت صار هذا اللفظ منكرا عندهم‬
‫وإن قطعوا بالعن فيجزمون بأن ممدا رسول ال وأن ال ربم ول يقولون‪ :‬قطعا‪ .‬وقد اجتمع ب طائفة منهم‬
‫فأنكرت عليهم ذلك ; وامتنعت من فعل مطلوبم حت يقولوا‪ :‬قطعا وأحضروا ل كتابا فيه أحاديث عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه نى أن يقول الرجل‪ :‬قطعا وهي أحاديث موضوعة متلقة قد افتراها بعض التأخرين‪.‬‬
‫والق صود ه نا أن " ال ستثناء ف اليان " ل ا علل ب ثل تلك العلة طرد أقوام تلك العلة ف الشياء ال ت ل يوز‬
‫السهتثناء فيهها بإجاع السهلمي بناء على أن الشياء الوجودة الن إذا كانهت فه علم ال تتبدل أحوالاه ;‬
‫فيستثن ف صفاتا الوجودة ف الال ويقال‪ :‬هذا صغي إن شاء ال لن ال قد يعله كبيا ويقال‪ :‬هذا منون‬
‫إن شاء ال لن ال قهد يعله عاقل ويقال للمرتهد‪ :‬هذا كافهر إن شاء ال لمكان أن يتوب‪ .‬وهؤلء الذيهن‬
‫استثنوا ف اليان بناء على هذا الأخذ ظنوا هذا قول السلف‪ .‬وهؤلء وأمثالم من أهل الكلم ينصرون ما ظهر‬
‫من دين السلم كما ينصر ذلك العتزلة والهمية وغيهم من التكلمي فينصرون إثبات الصانع والنبوة والعاد‬
‫ونو ذلك‪ .‬وينصرون مع ذلك ما ظهر من مذاهب أهل السنة والماعة كما ينصر ذلك الكلبية والكرامية‬
‫والشعرية ونوهم ينصرون أن القرآن كلم ال غي ملوق وأن ال يرى ف الخرة وأن أهل القبلة ل يكفرون‬
‫بالذنب ول يلدون ف النار وأن النب صلى ال عليه وسلم له شفاعة ف أهل الكبائر وأن فتنة القب حق وعذاب‬
‫القب حق وحوض نبينا صلى ال عليه وسلم ف الخرة حق‪ .‬وأمثال ذلك من القوال الت شاع أنا من أصول‬
‫أهل السنة والماعة‪ .‬كما ينصرون خلفة اللفاء الربعة وفضيلة أب بكر وعمر ونو ذلك‪ .‬وكثي من أهل‬
‫الكلم ف كثي ما ينصره ل يكون عارفا بقيقة دين السلم ف ذلك ول ما جاءت به السنة‪ .‬ول ما كان عليه‬
‫السلف‪ .‬فينصر ما ظهر من قولم بغي الآخذ الت كانت مآخذهم ف القيقة بل بآخذ أخر قد تلقوها عن‬
‫غيهم من أهل البدع فيقع ف كلم هؤلء من التناقض والضطراب والطأ ما ذم به السلف مثل هذا الكلم‬
‫وأهله فإن كلمهم ف ذم مثل هذا الكلم كثي‪ .‬والكلم الذموم هو الخالف للكتاب والسنة وكل ما خالف‬
‫الكتاب والسنة فهو باطل وكذب ف هو مالف للشرع والع قل {وتت كلمة ربك صدقا وعدل}‪ .‬فهؤلء ل ا‬
‫اشتهر عندهم عن أهل السنة أنم يستثنون ف اليان ورأوا أن هذا ل يكن إل إذا جعل اليان هو ما يوت‬
‫العبد عليه وهو ما يواف به العبد ربه ظنوا أن اليان عند السلف هو هذا ; فصاروا يكون هذا عن السلف ;‬
‫وهذا القول ل يقل به أحد من السلف ; ولكن هؤلء حكوه عنهم بسب ظنهم‪ :‬لا رأوا أن قولم ل يتوجه‬
‫إل على هذا الصل وهم يدعون أن ما نصروه من أصل جهم ف اليان هو قول الحققي والنظار من أصحاب‬
‫الديث‪ .‬ومثل هذا يوجد كثيا ف مذاهب السلف الت خالفها بعض النظار وأظهر حجته ف ذلك ول يعرف‬
‫حقيقة قول السلف ; فيقول من عرف حجة هؤلء دون السلف أو من يعظمهم لا يراه من تيزهم عليه‪ :‬هذا‬
‫قول الحقق ي‪ .‬وقال الحققون‪ .‬ويكون ذلك من القوال الباطلة الخال فة للع قل مع الشرع ; وهذا كثيا ما‬
‫يوجد ف كلم بعض البتدعي وبعض اللحدين‪ ،‬ومن آتاه ال علما وإيانا ; علم أنه ل يكون عند التأخرين‬
‫من التحقيق إل ما هو دون تقيق السلف ل ف العلم ول ف العمل ومن كان له خبة بالنظريات والعقليات‬
‫وبالعمليات علم أن مذهب الصحابة دائما أرجح من قول من بعدهم وأنه ل يبتدع أحد قول ف السلم إل‬
‫كان خ طأ وكان ال صواب قد سبق إل يه من قبله‪ .‬قال أ بو القا سم الن صاري في ما حكاه عن أ ب إ سحاق‬
‫السفرايين لا ذكر قول أب السن وأصحابه ف اليان وصحح أنه تصديق القلب قال‪ :‬ومن أصحابنا ; من‬
‫قال بالوافاة وشرط ف اليان القي قي أن يوا ف ر به به وي تم عل يه‪ .‬ومن هم من ل ي عل ذلك شر طا ف يه ف‬
‫الال‪ .‬قال الن صاري‪ :‬ل ا ذ كر أن مع ظم أئ مة ال سلف كانوا يقولون‪ :‬اليان معر فة بالقلب وإقرار بالل سان‬
‫وعمل بالوارح قال‪ :‬الكثرون من هؤلء على القول بالوافاة‪ .‬ومن قال بالوافاة فإنا يقوله فيمن ل يرد الب‬
‫بأنه من أهل النة‪ .‬وأما من ورد الب بأنه من أهل النة فإنه يقطع على إيانه كالعشرة من الصحابة‪ .‬ث قال‪:‬‬
‫والذي اختاره الحققون ; أن اليان هو التصديق‪ .‬وقد ذكرنا اختلف أقوالم ف الوافاة ; وأن ذلك هل هو‬
‫شرط ف صحة اليان وحقيق ته ف الال وكو نه معتدا ع ند ال به و ف حك مه ف من قال‪ :‬إن ذلك شرط ف يه‬
‫ي ستثنون ف الطلق ف الال ; ل أن م يشكون ف حقي قة التوح يد والعر فة ; لكن هم يقولون‪ :‬ل يدري أي‬
‫اليان الذي نن موصوفون به ف الال هل هو معتد به عند ال ؟ على معن أنا ننتفع به ف العاقبة ونتن من‬
‫ثاره‪ .‬فإذا قيل لم‪ :‬أمؤمنون أنتم حقا ؟ أو تقولون إن شاء ال ؟ أو تقولون نرجو ؟ فيقولون نن مؤمنون إن‬
‫شاء ال يعنون بذا الستثناء تفويض المر ف العاقبة إل ال سبحانه وتعال وإنا يكون اليان إيانا معتدا به ف‬
‫ح كم ال إذا كان ذلك علم الفوز وآ ية النجاة وإذا كان صاحبه ‪ -‬والعياذ بال ‪ -‬ف ح كم ال من الشقياء‬
‫يكون إيا نه الذي تلى به ف الال عار ية‪ .‬قال‪ :‬ول فرق ع ند ال صائرين إل هذا الذ هب ب ي أن يقول‪ :‬أ نا‬
‫مؤ من من أ هل ال نة قط عا ; وب ي أن يقول أ نا مؤ من ح قا‪ .‬قلت‪ :‬هذا إن ا ي يء على قول من ي عل اليان‬
‫متناول لداء الواجبات وترك الحرمات ; فمهن مات على هذا كان مهن أههل النهة وأمها على قول الهميهة‬
‫والرجئة و هو القول الذي ن صره هؤلء الذ ين ن صروا قول ج هم ; فإ نه يوت على اليان قط عا ويكون كا مل‬
‫اليان عندهم وهو مع هذا عندهم من أهل الكبائر الذين يدخلون النار فل يلزم إذا واف باليان أن يكون من‬
‫أ هل ال نة‪ .‬وهذا اللزم لقول م يدل على ف ساده لن ال و عد الؤمن ي بال نة‪ .‬وكذلك قالوا‪ :‬ل سيما وال‬
‫سبحانه وتعال يقول‪{ :‬وعد ال الؤمني والؤمنات جنات} الية‪ .‬قال‪ :‬فهؤلء ‪ -‬يعن القائلي بالوافاة جعلوا‬
‫الثبات على هذا التصديق واليان الذي وصفناه إل العاقبة والوفاء به ف الآل شرطا ف اليان شرعا ل لغة ول‬
‫عقل‪ .‬قال‪ :‬وهذا مذ هب سلف أ صحاب الد يث والكثر ين ; قال‪ :‬و هو اختيار المام أ ب ب كر بن فورك ;‬
‫وكان المام م مد ا بن إ سحاق بن خزي ة يغلو ف يه وكان يقول‪ :‬من قال‪ :‬أ نا مؤ من ح قا ف هو مبتدع‪ .‬وأ ما‬
‫مذ هب سلف أصحاب الد يث كا بن م سعود وأ صحابه والثوري وابن عيي نة وأك ثر علماء الكو فة وي ي بن‬
‫سعيد القطان في ما يرو يه عن علماء أ هل الب صرة وأح د بن حن بل وغيه من أئ مة ال سنة فكانوا ي ستثنون ف‬
‫اليان‪ .‬وهذا متوا تر عن هم ل كن ليس ف هؤلء من قال‪ :‬أنا أ ستثن لجل الوافاة وأن اليان إن ا هو اسم ل ا‬
‫يواف به العبد ربه ; بل صرح أئمة هؤلء بأن الستثناء إنا هو لن اليان يتضمن فعل الواجبات فل يشهدون‬
‫لنف سهم بذلك ك ما ل يشهدون ل ا بالب والتقوى ; فإن ذلك م ا ل يعلمو نه و هو تزك ية لنف سهم بل علم ;‬
‫كما سنذكر أقوالم إن شاء ال ف ذلك‪ .‬وأما الوافاة ; فما علمت أحدا من السلف علل با الستثناء ولكن‬
‫كثي من التأخرين يعلل با من أصحاب الديث من أصحاب أحد ومالك والشافعي وغيهم ; كما يعلل با‬
‫نظارهم كأب السن الشعري وأكثر أصحابه لكن ليس هذا قول سلف أصحاب الديث‪ .‬ث قال‪ :‬فإن قال‬
‫قائل‪ :‬إذا قلتم إن اليان الأمور به ف الشريعة هو ما وصفتموه بشرائطه وليس ذلك متلقى من اللغة فكيف‬
‫يستقيم قولكم إن اليان لغوي ؟ قلنا اليان هو التصديق لغة وشرعا غي أن الشرع ضم إل التصديق أوصافا‬
‫وشرائط‪ :‬مموعها يصي مزيا مقبول كما قلنا ف الصلة والصوم والج ونوها والصلة ف اللغة‪ :‬هي الدعاء‬
‫غي أن الشرع ضم إليها شرائط‪ .‬فيقال‪ :‬هذا يناقض ما ذكروه ف مسمى اليان فإنم لا زعموا أنه ف اللغة‬
‫التصهديق والشرع ل يغيه أوردوا على أنفسههم‪ .‬فإن قيهل‪ :‬أليهس الصهلة والجه والزكاة معدولة عهن اللغهة‬
‫مستعملة ف غي مذهب أهلها‪ .‬قلنا‪ :‬قد اختلف العلماء ف ذلك والصحيح أنا مقررة على استعمال أهل اللغة‬
‫ومبقاة على مقتضيات ا ولي ست منقولة إل أن ا ز يد في ها أمور‪ .‬فلو سلمنا للخ صم كون هذه اللفاظ منقولة أو‬
‫ممولة على وجه من الجاز بدليل مقطوع به فعليه إقامة الدليل على وجود ذلك ف اليان‪ .‬فإنه ل يب إزالة‬
‫ظواههر القرآن بسهبب إزالة ظاههر منهها‪ .‬فيقال‪ :‬أنتهم فه اليان جعلتهم الشرع زاد فيهه وجعلتموه كالصهلة‬
‫والزكاة مع أنه ل يكن أحدا أن يذكر شيئا من الشرع دليل على أن اليان ل يسمى به إل الوافاة به وبتقدير‬
‫ذلك فمعلوم أن دللة الشرع على ضم العمال إليه أكثر وأشهر فكيف ل تدخل العمال ف مسماه شرعا ؟‬
‫وقوله‪ :‬ل بد من دليل مقطوع به عنه جوابان‪( :‬أحدها)‪ :‬النقض بالوافاة فإنه ل يقطع فيه‪( .‬الثان)‪ :‬ل نسلم‬
‫بل نن نقطع بأن حب ال ورسوله وخشية ال ونو ذلك داخل ف مسمى اليان ف كلم ال ورسوله أعظم‬
‫ما نقطع ببعض أفعال الصلة والصوم والج كمسائل الناع‪ .‬ث أبو السن وابن فورك وغيها من القائلي‬
‫بالوافاة هم ل يعلون الشرع ضم إل يه شيئا بل عند هم كل من سلبه الشرع ا سم اليان ف قد ف قد من قل به‬
‫التصديق‪ .‬قال‪ :‬و من أصحابنا [ من ] ل يعل الوافاة على اليان شرطا ف كونه إيانا حقيقيا ف الال وإن‬
‫جعل ذلك شرطا ف استحقاق الثواب عليه وهذا مذهب العتزلة والكرامية وهو اختيار أب إسحاق السفرايين‬
‫وكلم القاضي يدل عليه قال‪ :‬وهو اختيار شيخنا أب العال ; فإنه قال‪ :‬اليان ثابت ف الال قطعا ل شك‬
‫فيه ولكن اليان الذي هو علم الفوز وآية النجاة إيان الوافاة‪ .‬فاعتن السلف به وقرنوه بالستثناء ول يقصدوا‬
‫ال شك ف اليان النا جز‪ .‬قال‪ :‬و من صار إل هذا يقول‪ :‬اليان صفة يش تق من ها ا سم الؤ من و هو العر فة‬
‫والتصديق ; كما أن العال مشتق من العلم فإذا عرفت ذلك من نفسي قطعت به كما قطعت بأن عال وعارف‬
‫وم صدق فإن ورد ف ال ستقبل ما يزيله خرج إذ ذاك عن استحقاق هذا الو صف‪ .‬ول يقال‪ :‬تبينا أنه ل يكن‬
‫إيانا مأمورا به بل كان إيانا مزيا فتغي وبطل‪ .‬وليس كذلك قوله‪ :‬أنا من أهل النة فإن ذلك مغيب عنه وهو‬
‫مرجو‪ .‬قال‪ :‬ومن صار إل القول الول يتمسك بأشياء‪ .‬منها أن يقال‪ :‬اليان عبادة العمر وهو كطاعة واحدة‬
‫فيتوقف صحة أولا على سلمة آخرها‪ .‬كما نقول ف الصلة والصيام والج‪ .‬قالوا‪ :‬ول شك أنه ل يسمى ف‬
‫الال وليا ول سعيدا ول مرضيا عند ال‪ .‬وكذلك الكافر ل يسمى ف الال عدوا ل ول شقيا إل على معن‬
‫أنه تري عليه أحكام العداء ف الال لظهاره من نفسه علمتهم‪ .‬قلت‪ :‬هذا الذي قالوه أنه ل شك فيه هو‬
‫قول ا بن كلب والشعري وأ صحابه و من وافق هم من أ صحاب أح د ومالك والشاف عي وغي هم‪ .‬وأ ما أك ثر‬
‫الناس فيقولون‪ :‬بل هو إذا كان كافرا ف هو عدو ل ث إذا آ من وات قى صار ول يا ل‪ .‬قال ال تعال‪ { :‬يا أي ها‬
‫الذين آمنوا ل تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم} إل قوله‪{ :‬عسى ال أن يعل بينكم وبي الذين‬
‫عادي تم من هم مودة وال قد ير وال غفور رح يم} وكذلك كان فإن هؤلء أ هل م كة الذ ين كانوا يعادون ال‬
‫ورسوله قبل الفتح آمن أكثرهم وصاروا من أولياء ال ورسوله وابن كلب وأتباعه بنوا ذلك على أن الولية‬
‫صفة قدية لذات ال وهي الرادة والحبة والرضا ونو ذلك‪ .‬فمعناها إرادة إثابته بعد الوت ; وهذا العن تابع‬
‫لعلم ال فمن علم أنه يوت مؤمنا ل يزل وليا ل ; لنه ل يزل ال مريدا لدخاله النة وكذلك العداوة‪ .‬وأما‬
‫المهور فيقولون‪ :‬الول ية والعداوة وإن تضم نت م بة ال ورضاه وبغ ضه و سخطه ف هو سبحانه ير ضى عن‬
‫النسان ويبه بعد أن يؤمن ويعمل صالا ; وإنا يسخط عليه ويغضب بعد أن يكفر كما قال تعال‪{ :‬ذلك‬
‫بأن م اتبعوا ما أ سخط ال وكرهوا رضوا نه} ; فأ خب أن العمال أ سخطته ; وكذلك قال‪{ :‬فل ما آ سفونا‬
‫انتقم نا من هم} قال الف سرون‪ :‬أغضبو نا وكذلك قال ال تعال‪{ :‬وإن تشكروا ير ضه ل كم}‪ :‬و ف الد يث‬
‫الصحيح الذي ف البخاري عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪{ :‬يقول ال تعال‪ :‬من عادى‬
‫ل ول يا ف قد بارز ن بالحار بة و ما تقرب إل عبدي ب ثل أداء ما افتر ضت عل يه ; ول يزال عبدي يتقرب إل‬
‫بالنوافل حت أحبه ; فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله‬
‫الت يشي با فب يسمع وب يبصر وب يبطش وب يشي ; ولئن سألن لعطينه ولئن استعاذن لعيذنه وما‬
‫ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي الؤمن يكره الوت وأكره مساءته ول بد له منه}‪.‬‬
‫فأ خب أ نه‪ :‬ل يزال يتقرب إل يه بالنوا فل ح ت ي به ث قال‪ :‬فإذا أحبب ته‪ :‬ك نت كذا وكذا‪ .‬وهذا يبي أن ح به‬
‫لعبده إناه يكون بعهد أن يأته بحابهه‪ .‬والقرآن قهد دل على مثهل ذلك قال تعال‪{ :‬قهل إن كنتهم تبون ال‬
‫فاتبعو ن يبب كم ال} فقوله‪( :‬يبب كم جواب ال مر ف قوله‪ :‬فاتبعو ن و هو بنلة الزاء مع الشرط ولذا جزم‬
‫وهذا ثواب عمل هم و هو اتباع الر سول فأثاب م على ذلك بأن أحب هم ; وجزاء الشرط وثواب الع مل وم سبب‬
‫ال سبب ل يكون إل بعده ل قبله وهذا كقوله تعال‪{ :‬ادعو ن أ ستجب ل كم} وقوله تعال‪ { :‬يا قوم نا أجيبوا‬
‫دا عي ال وآمنوا به يغ فر ل كم من ذنوب كم وير كم من عذاب أل يم} ; وقوله تعال‪{ :‬اتقوا ال وقولوا قول‬
‫سديدا} {يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم} ومثل هذا كثي وكذلك قوله‪{ :‬فأتوا إليهم عهدهم إل‬
‫مدت م إن ال ي ب التق ي} وقوله‪{ :‬ل تقولون ما ل تفعلون} { كب مق تا ع ند ال أن تقولوا ما ل تفعلون}‬
‫{إن ال ي ب الذين يقاتلون ف سبيله صفا كأن م بنيان مر صوص} ; وكانوا قد سألوه‪ :‬لو علمنا أي الع مل‬
‫أحب إل ال لعملناه‪ .‬وقوله‪{ :‬إن الذين كفروا ينادون لقت ال أكب من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إل اليان‬
‫فتكفرون} فهذا يدل على أن ح به ومق ته جزاء لعمل هم وأ نه يب هم إذا اتقوا وقاتلوا ; ولذا رغب هم ف الع مل‬
‫بذلك كمها يرغبههم بسهائر مها يعدههم بهه ; وجزاء العمهل بعهد العمهل وكذلك قوله‪{ :‬إذ تدعون إل اليان‬
‫فتكفرون} ; فإنه سبحانه يقتهم إذ يدعون إل اليان فيكفرون ; ومثل هذا قوله‪{ :‬لقد رضي ال عن الؤمني‬
‫إذ يبايعونك تت الشجرة فعلم ما ف قلوبم فأنزل السكينة عليهم وأثابم فتحا قريبا} ; فقوله‪{ :‬لقد رضي‬
‫ال عن الؤمني إذ يبايعونك} ; بي أنه رضي عنهم هذا الوقت فإن حرف (إذ ظرف لا مضى من الزمان ;‬
‫فعلم أنه ذاك الوقت رضي عنهم بسبب ذلك العمل وأثابم عليه والسبب ل يكون قبل سببه والوقت بوقت ل‬
‫يكون قبل وقته ; وإذا كان راضيا عنهم من جهة فهذا الرضى الاص الاصل بالبيعة ل يكن إل حينئذ كما‬
‫ثبت ف الصحيح أنه يقول لهل النة‪{ :‬يا أهل النة هل رضيتم ; فيقولون‪ :‬يا ربنا وما لنا ل نرضى وقد‬
‫أعطيت نا ما ل ت عط أحدا من خل قك فيقول‪ :‬أل أعطي كم ما هو أف ضل من ذلك فيقولون‪ :‬يا رب نا وأي ش يء‬
‫أف ضل من ذلك ; فيقول‪ :‬أ حل علي كم رضوا ن فل أ سخط علي كم بعده أبدا} ; وهذا يدل على أ نه ف ذلك‬
‫الوقت حصل لم هذا الرضوان الذي ل يتعقبه سخط أبدا‪ .‬ودل على أن غيه من الرضوان قد يتعقبه سخط‪" .‬‬
‫وف الصحيحي " ف حديث الشفاعة {يقول‪ :‬كل من الرسل‪ :‬إن رب قد غضب اليوم غضبا ل يغضب قبله‬
‫مثله ولن يغضب بعده مثله} وف " الصحاح "‪ :‬عن النب صلى ال عليه وسلم من غي وجه أنه قال‪{ :‬ل أشد‬
‫فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يدها ; فاضطجع‬
‫ينتظر الوت فلما استيقظ إذا دابته عليها طعامه وشرابه ‪ -‬وف رواية ‪ -‬كيف تدون فرحه با ؟ قالوا‪ :‬عظيما‬
‫يا ر سول ال ; قال‪ :‬ل أ شد فر حا بتو بة عبده من هذا براحل ته} وكذلك ضح كه إل رجل ي يق تل أحده ا‬
‫الخر كلها يدخل النة ; وضحكه إل الذي يدخل النة آخر الناس ويقول أتسخر ب وأنت رب العالي ;‬
‫ه أشاء قادر وكهل هذا فه " الصهحيح "‪ .‬وفه دعاء القنوت‪( :‬تولنه فيمهن توليهت)‬ ‫فيقول‪ :‬ل ولكنه على م ا‬
‫والقدي ل يتصور طلبه وقد قال تعال‪{ :‬إن وليي ال الذي نزل الكتاب وهو يتول الصالي} ; وقال‪{ :‬وال‬
‫ول التقي}‪ .‬فهذا التول لم جزاء صلحهم وتقواهم ومسبب عنه فل يكون متقدما عليه وإن كان إنا صاروا‬
‫صالي ومتقي بشيئته وقدرته وفضله وإحسانه ; لكن تعلق بكونم متقي وصالي فدل على أن هذا التول‬
‫هو بعد ذلك مثل كونه مع التقي والصالي بنصره وتأييده ; ليس ذلك قبل كونم متقي وصالي وهكذا‬
‫الرحة قال صلى ال عليه وسلم‪{( :‬الراحون يرحهم الرحن ارحوا من ف الرض يرحكم من ف السماء}‬
‫قال الترمذي حديث صحيح‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬وإن تشكروا يرضه لكم} ; علق الرضا به تعليق الزاء بالشرط‬
‫وال سبب بال سبب والزاء إن ا يكون ب عد الشرط وكذلك قوله‪{ :‬لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال آمن ي}‪.‬‬
‫يدل على أ نه يشاء ذلك في ما ب عد‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬إن ا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} ; " فإذا "‬
‫ظرف ل ا ي ستقبل من الزمان‪ .‬فدل على أ نه إذا أراد كو نه‪ .‬قال له‪ :‬كن فيكون‪ .‬وكذلك قوله‪{ :‬و قل اعملوا‬
‫فسيى ال عملكم} ; فبي فيه أنه سيى ذلك ف الستقبل إذا عملوه‪ .‬والأخذ الثان ف الستثناء أن اليان‬
‫الطلق يتضمن فعل ما أمر ال به عبده كله ; وترك الحرمات كلها ; فإذا قال الرجل‪ :‬أنا مؤمن بذا العتبار‬
‫ف قد شهد لنف سه بأنه من البرار التقي القائم ي بف عل ج يع ما أمروا به ; وترك كل ما نوا عنه فيكون من‬
‫أولياء ال ; وهذا من تزكية النسان لنفسه وشهادته لنفسه با ل يعلم ولو كانت هذه الشهادة صحيحة لكان‬
‫ينبغي له أن يشهد لنفسه بالنة إن مات على هذه الال ول أحد يشهد لنفسه بالنة ; فشهادته لنفسه باليان‬
‫كشهادته لنفسه بالنة إذا مات على هذه الال ; وهذا مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون وإن جوزوا‬
‫ترك الستثناء بعن آخر كما سنذكره إن شاء ال تعال‪ .‬قال اللل ف " كتاب السنة "‪ :‬حدثنا سليمان بن‬
‫الشعث يعن أبا داود السجستان قال‪ :‬سعت أبا عبد ال أحد بن حنبل قال له رجل‪ :‬قيل ل أمؤمن أنت ؟‬
‫قلت ن عم ; هل علي ف ذلك ش يء ؟ هل الناس إل مؤ من وكا فر ؟ فغ ضب أح د وقال‪ :‬هذا كلم الرجاء ;‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وآخرون مرجون لمر ال} من هؤلء ث قال أحد‪ :‬أليس اليان قول وعمل قال له الرجل‪:‬‬
‫بلى‪ .‬قال فجئنها بالقول‪ .‬قال‪ :‬نعهم قال‪ :‬فجئنها بالعمهل‪ .‬قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فكيهف تعيهب أن يقول‪ :‬إن شاء ال‬
‫ويستثن‪ .‬قال أبو داود‪ :‬أخبن أحد بن أب شريح أن أحد بن حنبل كتب إليه ف هذه السألة أن اليان قول‬
‫وعمل فجئنا بالقول ول نئ بالعمل فنحن نستثن ف العمل‪ .‬وذكر اللل هذا الواب من رواية الفضل بن‬
‫زياد‪ .‬وقال‪ :‬زاد الفضل‪ :‬سعت أبا عبد ال يقول‪ :‬كان سليمان بن حرب يمل هذا على التقبل ; يقول‪ :‬نن‬
‫نعمل ول ندري يتقبل منا أم ل ؟ قلت‪ :‬والقبول متعلق بفعله كما أمر‪ .‬فكل من اتقى ال ف عمله ففعله كما‬
‫أمر فقد تقبل منه‪ .‬لكن هو ل يزم بالقبول لعدم جزمه بكمال الفعل كما {قال تعال‪{ :‬والذين يؤتون ما آتوا‬
‫وقلوب م وجلة} ; قالت عائ شة‪ :‬يا ر سول ال أهو الر جل يز ن وي سرق ويشرب ال مر وياف ؟ فقال‪ :‬ل يا‬
‫بنت الصديق بل هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق وياف أن ل يتقبل منه}‪ .‬وروى اللل عن أب طالب‬
‫قال‪ :‬سعت أبا عبد ال يقول‪ :‬ل ند بدا من الستثناء لنم إذا قالوا‪ :‬مؤمن فقد جاء بالقول‪ .‬فإنا الستثناء‬
‫بالعمل ل بالقول‪ .‬وعن إسحاق بن إبراهيم قال‪ :‬سعت أبا عبد ال يقول‪ :‬أذهب إل حديث ابن مسعود ف‬
‫الستثناء ف اليان لن اليان قول وعمل والعمل الفعل فقد جئنا بالقول ونشى أن نكون فرطنا ف العمل ;‬
‫فيعجبن أن يستثن ف اليان بقول‪ :‬أنا مؤمن إن شاء ال قال‪ :‬وسعت أبا عبد ال وسئل عن قول النب صلى‬
‫ال عل يه و سلم {وإ نا إن شاء ال ب كم لحقون} ال ستثناء هاه نا على أي ش يء ي قع ؟ قال‪ :‬على البقاع ل‬
‫يدري أيدفن ف الوضع الذي سلم عليه أم ف غيه‪ .‬وعن اليمون أنه سأل أبا عبد ال عن قوله ورأيه ف‪ :‬مؤمن‬
‫إن شاء ال‪ .‬قال‪ :‬أقول‪ :‬مؤ من إن شاء ال ومؤ من أر جو ل نه ل يدري ك يف الباءة للعمال على ما افترض‬
‫عليهه أم ل‪ .‬ومثهل هذا كثيه فه كلم أحده وأمثاله وهذا مطابهق لاه تقدم مهن أن الؤمهن الطلق ههو القائم‬
‫بالواجبات الستحق للجنة إذا مات على ذلك وأن الفرط بترك الأمور أو فعل الحظور ل يطلق عليه أنه مؤمن‬
‫; وأن الؤمن الطلق هو الب التقي ول ال فإذا قال‪ :‬أنا مؤمن قطعا كان كقوله‪ :‬أنا بر تقي ول ال قطعا‪ .‬وقد‬
‫كان أحد وغيه من السلف مع هذا يكرهون سؤال الرجل لغيه‪ :‬أمؤمن أنت ؟ ويكرهون الواب ; لن هذه‬
‫بدعة أحدثها الرجئة ليحتجوا با لقولم ; فإن الرجل يعلم من نفسه أنه ليس بكافر ; بل يد قلبه مصدقا با‬
‫جاء به الرسول فيقول‪ :‬أنا مؤمن فيثبت أن اليان هو التصديق لنك تزم بأنك مؤمن ول تزم ; بأنك فعلت‬
‫كل ما أمرت به ; فلما علم السلف مقصدهم صاروا يكرهون الواب أو يفصلون ف الواب ; وهذا لن لفظ‬
‫" اليان " فيه إطلق وتقييد فكانوا ييبون باليان القيد الذي ل يستلزم أنه شاهد فيه لنفسه بالكمال ولذا‬
‫كان الصحيح أنه يوز أن يقال‪ :‬أنا مؤمن بل استثناء إذا أراد ذلك لكن ينبغي أن يقرن كلمه با يبي أنه ل‬
‫يرد اليان الطلق الكا مل ولذا كان أح د يكره أن ي يب على الطلق بل ا ستثناء يقد مه‪ .‬وقال الروذي‪ :‬ق يل‬
‫لبه عبهد ال نقول‪ :‬ننه الؤمنون ؟ فقال نقول‪ :‬ننه السهلمون وقال أيضها‪ :‬قلت لبه عبهد ال‪ :‬نقول إنها‬
‫مؤمنون ؟ قال‪ :‬ولكن نقول‪ :‬إنا مسلمون ; ومع هذا فلم ينكر على من ترك الستثناء إذا ل يكن قصده قصد‬
‫الرجئة أن اليان مرد القول بهل يكره تركهه لاه يعلم أن فه قلبهه إيانها وإن كان ل يزم بكمال إيانهه ؟ قال‬
‫اللل‪ :‬أخبن أحد بن أصرم الزن أن أبا عبد ال قيل له‪ :‬إذا سألن الرجل فقال‪ :‬أمؤمن أنت ؟ قال سؤالك‬
‫إياي بدعة ل يشك ف إيانه أو قال ل نشك ف إياننا‪ .‬قال الزن‪ :‬وحفظي أن أبا عبد ال قال‪ :‬أقول كما قال‬
‫طاووس‪ :‬آمنت بال وملئكته وكتبه ورسله‪ .‬وقال اللل‪ :‬أخبن حرب بن إساعيل وأبو داود قال أبو داود‪:‬‬
‫سعت أحد‪ :‬قال‪ :‬سعت سفيان يعن ابن عيينة ‪ -‬يقول‪ :‬إذا سئل أمؤمن أنت ؟ ل يبه ويقول‪ :‬سؤالك إياي‬
‫بدعة ول أشك ف إيان وقال‪ :‬إن قال إن شاء ال فليس يكره ول يداخل الشك فقد أخب عن أحد أنه قال‪:‬‬
‫ل نشك ف إياننا وإن السائل ل يشك ف إيان السئول وهذا أبلغ وهو إنا يزم بأنه مقر مصدق با جاء به‬
‫الرسول ل يزم بأنه قائم بالواجبات‪ .‬فعلم أن أحد وغيه من السلف كانوا يزمون ول يشكون ف وجود ما‬
‫ف القلب من اليان ف هذه الال ويعلون ال ستثناء عائدا إل اليان الطلق التض من ف عل الأمور ويتجون‬
‫ه مهن اليان‬‫ه ل نشهك في ما ف قلوبن ا‬ ‫أي ضا بواز السهتثناء فيمها ل ي شك فيهه وهذا " مأ خذ ثان " وإن كن ا‬
‫فال ستثناء في ما يعلم وجوده قد جاءت به ال سنة ل ا ف يه من الك مة‪ .‬و عن م مد بن ال سن بن هارون قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عن الستثناء ف اليان فقال‪ :‬نعم الستثناء على غي معن شك مافة واحتياطا للعمل وقد‬
‫ا ستثن ا بن م سعود وغيه و هو مذ هب الثوري‪ .‬قال ال تعال‪{ :‬لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال} {وقال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم لصحابه‪ :‬إن لرجو أن أكون أتقاكم ل}‪ .‬وقال ف اليت‪ " :‬وعليه تبعث إن شاء‬
‫ال " ف قد ب ي أح د أ نه ي ستثن ما فة واحتيا طا للع مل فإ نه ياف أن ل يكون قد ك مل الأمور به فيحتاط‬
‫بالستثناء وقال على غي معن شك ; يعن من غي شك ما يعلمه النسان من نفسه وإل فهو يشك ف تكميل‬
‫العمل الذي خاف أن ل يكون كمله ; فيخاف من نقصه ول يشك ف أصله‪ .‬قال اللل‪ :‬وأخبن ممد بن‬
‫أب هارون‪ :‬أن حبيش بن سندي حدثهم ف هذه السألة‪ .‬قال أبو عبد ال {قول النب صلى ال عليه وسلم‬
‫حي وقف على القابر فقال‪ :‬وإنا إن شاء ال بكم لحقون} وقد نعيت إليه نفسه وعلم أنه صائر إل الوت‬
‫وف قصة صاحب القب " وعليه حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء ال " وف {قول النب صلى ال عليه‬
‫و سلم إ ن اختبأت دعو ت و هي نائلة إن شاء ال من ل يشرك بال شيئا} {و ف م سألة الر جل ال نب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬أحدنا يصبح جنبا يصوم ؟ فقال‪ :‬إن أفعل ذلك ث أصوم فقال‪ :‬إنك لست مثلنا أنت قد غفر ال‬
‫لك ما تقدم من ذن بك و ما تأ خر فقال‪ :‬وال إ ن لر جو أن أكون أخشا كم ل}‪ .‬وهذا كث ي وأشبا هه على‬
‫اليقي‪ .‬قال‪ :‬ودخل عليه شيخ فسأله عن اليان فقال له‪ :‬قول وعمل يزيد وينقص‪ .‬فقال له‪ :‬أقول‪ :‬مؤمن إن‬
‫شاء ال ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فقال له‪ :‬إنم يقولون ل إنك شاك ; قال‪ :‬بئس ما قالوا ث خرج فقال‪ :‬ردوه فقال‪ :‬أليس‬
‫يقولون‪ :‬اليان قول وعمل يزيد وينقص ؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬هؤلء يستثنون‪ .‬قال له‪ :‬كيف يا أبا عبد ال ؟ قال‪:‬‬
‫قل لم‪ :‬زعمتم أن اليان قول وعمل فالقول قد أتيتم به والعمل ل تأتوا به فهذا الستثناء لذا العمل قيل له‬
‫يستثن ف اليان ؟ قال‪ :‬نعم أقول‪ :‬أنا مؤمن إن شاء ال أستثن على اليقي ل على الشك ; ث قال‪ :‬قال ال‪:‬‬
‫{لتدخلن السجد الرام إن شاء ال آمني} فقد أخب ال تعال أنم داخلون السجد الرام‪ .‬فقد بي أحد ف‬
‫كلمه أنه يستثن مع تيقنه با هو الن موجود فيه يقوله بلسانه وقلبه ل يشك ف ذلك ويستثن لكون العمل‬
‫من اليان ; وهو ل يتيقن أنه أكمله بل يشك ف ذلك فنفى الشك وأثبت اليقي فيما يتيقنه من نفسه وأثبت‬
‫ال شك في ما ل يعلم وجوده وب ي أن ال ستثناء م ستحب لذا الثا ن الذي ل يعلم هل أ تى به أم ل و هو جائز‬
‫أيضا لا يتيقنه فلو استثن لنفس الوجود ف قلبه جاز كقول النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬وال إن لرجو أن‬
‫أكون أخشا كم ل} وهذا أ مر موجود ف الال ل يس ب ستقبل و هو كو نه أخشا نا ; فإ نه ل ير جو أن ي صي‬
‫أخشانا ل ; بل هو يرجو أن يكون حي هذا القول أخشانا ل‪ .‬كما يرجو الؤمن إذا عمل عمل أن يكون ال‬
‫تقبله م نه وياف أن ل يكون تقبله م نه‪ .‬ك ما قال تعال‪{ :‬والذ ين يؤتون ما آتوا وقلوب م وجلة أن م إل رب م‬
‫راجعون} وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم‪ { :‬هو الر جل ي صلي وي صوم ويت صدق وياف أن ل يق بل م نه}‬
‫والقبول هو أمر حاضر أو ماض وهو يرجوه ويافه وذلك أن ما له عاقبة مستقبلة ممودة أو مذمومة والنسان‬
‫يوز وجوده وعدمه‪ .‬يقال‪ :‬إنه يرجوه وإنه يافه‪ .‬فتعلق الرجاء والوف بالاضر والاضي لن عاقبته الطلوبة‬
‫والكرو هة م ستقبلة‪ .‬ف هو ير جو أن يكون ال تق بل عمله فيثي به عل يه فيح ه ف ال ستقبل‪ .‬وياف أن ل يكون‬
‫تقبله فيحرم ثوابه‪ .‬كما ياف أن يكون ال قد سخط عليه ف معصيته فيعاقبه عليها‪ .‬وإذا كان النسان يسعى‬
‫فيما يطلبه كتاجر أو بريد أرسله ف حاجته يقضيها ف بعض الوقات فإذا مضى ذلك الوقت يقول أرجو أن‬
‫يكون فلن قد قضى ذلك المر وقضاؤه ماض لكن ما يصل لذا من الفرح والسرور وغي ذلك من مقاصده‬
‫مستقبل‪ .‬ويقول النسان ف الوقت الذي جرت عادة الاج بدخولم إل مكة‪ :‬أرجو أن يكونوا دخلوا ويقول‬
‫ف سرية بع ثت إل الكفار‪ :‬نر جو أن يكون ال قد ن صر الؤمن ي وغنم هم ويقال ف ن يل م صر ع ند و قت‬
‫ارتفاعه‪ :‬نرجو أن يكون قد صعد النيل كما يقول الاضر ف مصر مثل هذا الوقت‪ :‬نرجو أن يكون النيل ف‬
‫هذا العام نيل مرتف عا ويقال ل ن له أرض ي ب أن ت طر إذا مطرت ب عض النوا حي أر جو أن يكون ال طر عا ما‬
‫وأر جو أن تكون قد مطرت الرض الفلن ية وذلك لن الر جو هو ما يفرح بوجوده وي سره فالكروه ما يتأل‬
‫بوجوده‪ .‬وهذا يتعلق بالعلم والعلم بذلك مستقبل فإذا علم أن السلمي انتصروا والاج قد دخلوا أو الطر قد‬
‫نزل فرح بذلك وحصهل بهه مقاصهد أخهر له وإذا كان المهر بلف ذلك ل يصهل ذلك الحبوب الطلوب‬
‫فيقول‪ :‬أر جو وأخاف لن الحبوب والكروه متعلق بالعلم بذلك و هو م ستقبل وكذلك الطلوب باليان من‬
‫ال سعادة والنجاة هو أمر مستقبل فيستثن ف الا ضر بذلك لن الطلوب به مستقبل ث كل مطلوب مستقبل‬
‫تعلق بشيئة ال وإن جزم بوجوده لنه ل يكون مستقبل إل بشيئة ال‪ .‬فقولنا‪ :‬يكون هذا إن شاء ال حق فإنه‬
‫ل يكون إل إن شاء ال والل فظ ل يس ف يه إل التعل يق ول يس من ضرورة التعل يق ال شك‪ .‬بل هذا ب سب علم‬
‫التكلم فتارة يكون شاكا وتارة ل يكون شاكا ; فلما كان الشك يصحبها كثيا لعدم علم النسان بالعواقب‬
‫ظن الظان أن ال شك دا خل ف معنا ها ول يس كذلك‪ .‬فقوله‪{ :‬لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال} ل يت صور‬
‫فيه شك من ال ; بل ول من رسوله الخاطب والؤمني ولذا قال ثعلب‪ :‬هذا استثناء من ال وقد علمه واللق‬
‫يستثنون فيما ل يعلمون‪ .‬وقال أبو عبيدة وابن قتيبة إن إن بعن إذ أي‪ :‬إذ شاء ال ومقصوده بذا تقيق الفعل‬
‫ب ه (إن ك ما يتح قق مع إذ‪ .‬وإل فإذ ظرف توق يت و (إن حرف تعل يق‪ .‬فإن ق يل‪ :‬فالعرب تقول‪ :‬إذا اح ر‬
‫البسر فأتن ول تقول‪ :‬إن احر البسر‪ .‬قيل‪ :‬لن القصود هنا توقيت التيان بي احراره فأتوا بالظرف الحقق‬
‫ول فظ‪( :‬إن ل يدل على توقيت بل هي تعليق مض تقتضي ارتباط الفعل الثان بالول ونظي ما نن فيه أن‬
‫يقولوا‪ :‬الب سر ي مر ويط يب إن شاء ال وهذا حق فهذا نظ ي ذلك‪ .‬فإن ق يل‪ :‬فطائ فة من الناس فروا من هذا‬
‫الع ن وجعلوا ال ستثناء ل مر مشكوك ف يه فقال الزجاج‪{ :‬لتدخلن ال سجد الرام} أي‪ :‬أمر كم ال به وق يل‪:‬‬
‫الستثناء يعود إل المن والوف‪ .‬أي‪ :‬لتدخلنه آمني فأما الدخول فل شك فيه‪ .‬وقيل‪ :‬لتدخلن جيعكم أو‬
‫بعض كم ل نه علم أن بعض هم يوت فال ستثناء لن م ل يدخلوا جيع هم‪ .‬ق يل‪ :‬كل هذه القوال و قع أ صحابا‬
‫فيما فروا منه ; مع خروجهم عن مدلول القرآن فحرفوه تريفا ل ينتفعوا به فإن قول من قال‪ :‬أي‪ :‬أمركم ال‬
‫به هو سبحانه قد علم هل يأمر هم أو ل يأمر هم فعل مه بأ نه سيأمرهم بدخوله كعل مه بأن يدخلوا فعلقوا‬
‫الستثناء با ل يدل عليه اللفظ وعلم ال متعلق بالظهر والضمر جيعا وكذلك أمنهم وخوفهم هو يعلم أنم‬
‫يدخلون آمني أو خائفي وقد أخب أنم يدخلون آمني مع علمه بأنم يدخلون آمني فكلها ل يكن فيه شك‬
‫عند ال ; بل ول عند رسوله‪ .‬وقول من قال‪ :‬جيعهم أو بعضهم يقال‪ :‬العلق بالشيئة دخول من أريد باللفظ‬
‫فإن كان أراد الميع فالميع ل بد أن يدخلوه وإن أريد الكثر كان دخولم هو العلق بالشيئة وما ل يرد ل‬
‫يوز أن يعلق ب ه (إن وإن ا علق ب ه (إن ما سيكون ; وكان هذا وعدا مزو ما به‪ .‬ولذا ل ا {قال ع مر لل نب‬
‫صلى ال عليه وسلم عام الديبية‪ :‬أل تكن تدثنا أنا نأت البيت ونطوف به ؟ قال‪ :‬بلى قلت لك‪ :‬إنك تأتيه‬
‫هذا العام ؟ قال‪ :‬ل قال‪ :‬فإنك آتيه ومطوف به}‪ .‬فإن قيل‪ :‬ل ل يعلق غي هذا من مواعيد القرآن ؟ قيل‪ :‬لن‬
‫هذه ال ية نزلت ب عد مر جع ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه من الديب ية وكانوا قد اعتمروا ذلك العام‬
‫واجتهدوا ف الدخول فصدهم الشركون فرجعوا وبم من الل ما ل يعلمه إل ال فكانوا منتظرين لتحقيق هذا‬
‫الو عد ذلك العام إذ كان ال نب صلى ال عليه وسلم وعدهم وعدا مطل قا‪ .‬و قد {روي أ نه رأى ف النام قائل‬
‫يقول‪ :‬لتدخلن ال سجد الرام إن شاء ال فأ صبح فحدث الناس برؤياه وأمر هم بالروج إل العمرة فلم ت صل‬
‫لم العمرة ذلك العام فنلت هذه الية} واعدة لم با وعدهم به الرسول من المر الذي كانوا يظنون حصوله‬
‫ذلك العام‪ .‬وكان قوله‪{ :‬إن شاء ال} ه نا تقي قا لدخوله وأن ال ي قق ذلك ل كم ; ك ما يقول الر جل في ما‬
‫عزم على أن يفعله ل مالة‪ :‬وال لفعلن كذا إن شاء ال ل يقول ا ل شك ف إراد ته وعز مه بل تقي قا لعز مه‬
‫وإرادته فإنه ياف إذا ل يقل‪ :‬إن شاء ال أن ينقض ال عزمه ول يصل ما طلبه كما ف " الصحيحي {أن‬
‫سليمان عليه السلم قال‪ :‬وال لطوفن الليلة على مائة امرأة كل منهن تأت بفارس يقاتل ف سبيل ال فقال له‬
‫صاحبه‪ :‬قل‪ :‬إن شاء ال فلم يقل فلم تمل منهن إل امرأة جاءت بشق رجل‪ .‬قال النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫والذي نفسي بيده لو قال‪ :‬إن شاء ال لاهدوا ف سبيل ال فرسانا أجعون} فهو إذا قال‪ :‬إن شاء ال ل يكن‬
‫ل شك ف طل به وإراد ته بل لتحق يق ال ذلك له إذ المور ل ت صل إل بشيئة ال فإذا تأل الع بد عل يه من غ ي‬
‫تعليهق بشيئتهه ل يصهل مراده فإنهه مهن يتأل على ال يكذبهه ولذا يروى‪ " :‬ل أتمهت لقدر أمرا "‪ .‬وقيهل‬
‫لبعض هم‪ :‬باذا عر فت ر بك ؟ قال‪ :‬بف سخ العزائم ون قض ال مم و قد قال تعال‪{ :‬ول تقولن لش يء إ ن فا عل‬
‫ذلك غدا إل أن يشاء ال} فإن قوله‪ :‬لفعلن فيه معن الطلب والب وطلبه جازم وأما كون مطلوبه يقع فهذا‬
‫يكون إن شاء ال‪ .‬وطل به للف عل ي ب أن يكون من ال بوله وقو ته ‪ ,‬ف في الطلب‪ :‬عل يه أن يطلب من ال ‪,‬‬
‫و ف ال ب‪ :‬ل ي ب إل ب ا عل مه ال ; فإذا جزم بل تعل يق كان كالتأل على ال فيكذ به ال ‪ ,‬فال سلم ف ال مر‬
‫الذي هو عازم عليه ومريد له وطالب له طلبا ل تردد فيه يقول‪ " :‬إن شاء ال " لتحقيق مطلوبه وحصول ما‬
‫أق سم عل يه لكو نه ل يكون إل بشيئة ال ل لتردد ف إراد ته ‪ ,‬والرب تعال مر يد لناز ما وعد هم به إرادة‬
‫جازمة ل مثنوية فيها وما شاء فعل فإنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن ليس كالعبد الذي يريد‬
‫ما ل يكون ويكون ما ل يريد‪ .‬فقوله سبحانه‪{ :‬إن شاء ال} تقيق أن ما وعدتكم به يكون ل مالة بشيئت‬
‫وإراد ت فإن ما شئت كان و ما ل أ شأ ل ي كن ; فكان ال ستثناء ه نا لق صد التحق يق لكون م ل ي صل ل م‬
‫مطلوبم الذي وعدوا به ذلك العام ‪ ,‬وأما سائر ما وعدوا به فلم يكن كذلك‪ .‬ولذا تنازع الفقهاء فيمن أراد‬
‫باستثنائه ف اليمي هذا العن وهو التحقيق ف استثنائه ل التعليق‪ :‬هل يكون مستثنيا به أم تلزمه الكفارة إذا‬
‫حنث ؟ بلف من ترددت إرادته فإنه يكون مستثنيا بل نزاع والصحيح أنه يكون ف الميع مستثنيا لعموم‬
‫الشيئة ولن الر جل وإن كا نت إراد ته للمحلوف به جاز مة ف قد عل قه بشيئة ال ف هو يزم بإراد ته له ل يزم‬
‫بصول مراده ول هو أيضا مريد له بتقدير أل يكون ; فإن هذا تييز ل إرادة فهو إنا التزمه إذا شاء ال فإذا ل‬
‫يشأه ل يلتز مه بيمي نه ول حلف أ نه يكون‪ :‬وإن كا نت إراد ته له جاز مة فل يس كل ما أر يد التزم باليم ي فل‬
‫كفارة عليه‪ .‬وقد تبي با ذكرناه أن قول القائل‪ :‬إن شاء ال يكون مع كمال إرادته ف حصول الطلوب وهو‬
‫يقولا لتحقيق الطلوب ; لستعانته بال ف ذلك ل لشك ف الرادة هذا فيما يلف عليه ويريده كقوله تعال‪:‬‬
‫{لتدخلن ال سجد الرام} فإ نه خب ع ما أراد ال كو نه ‪ ,‬و هو عال بأن سيكون و قد عل قه بقوله‪{ :‬إن شاء‬
‫ال} فكذلك ما يب به النسان عن مستقبل أمره ما هو جازم بإرادته ‪ ,‬وجازم بوقوعه فيقول فيه‪ " :‬إن شاء‬
‫ال " لتحقيق وقوعه ل للشك ل ف إرادته ول ف العلم بوقوعه‪ .‬ولذا يذكر الستثناء ع ند كمال الرغبة ف‬
‫العلق ‪ ,‬وقوة إرادة الن سان له‪ .‬فتب قى خوا طر الوف تعارض الرجاء ; فيقول‪ " :‬إن شاء ال " لتحق يق رجائه‬
‫مع علمه بأن سيكون كما يسأل ال ويدعوه ف المر الذي قد علم أنه يكون كما {كان النب صلى ال عليه‬
‫وسلم يوم بدر قد أخبهم بصارع الشركي ث هو بعد هذا يدخل إل العريش يستغيث ربه ويقول‪ :‬اللهم أنز‬
‫ل ما وعدت ن} ; لن العلم ب ا يقدره ل ينا ف أن يكون قدره بأ سباب ‪ ,‬والدعاء من أع ظم أ سبابه‪ .‬كذلك‬
‫رجاء رحة ال وخوف عذابه من أعظم السباب ف النجاة من عذابه وحصول رحته والستثناء بالشيئة يصل‬
‫ف الب الحض وف الب الذي معه طلب ; فالول إذا حلف على جلة خبية ل يقصد به حضا ول منعا بل‬
‫ت صديقا أو تكذي با كقوله‪ :‬وال ليكو نن كذا إن شاء ال أو ل يكون كذا‪ .‬وال ستثن قد يكون عال ا بأن هذا‬
‫يكون أو ل يكون كمها فه قوله‪{ :‬لتدخلن} فإن هذا جواب غيه مذوف‪ .‬والثانه‪ :‬مها فيهه معنه الطلب ‪,‬‬
‫كقوله‪ :‬وال لفعلن كذا أو ل أفعله إن شاء ال ; فال صيغة صيغة خب ضمن ها الطلب ول ي قل‪ :‬وال إ ن لر يد‬
‫هذا ول عازم عليه بل قال‪ :‬وال ليكو نن‪ .‬فإذا ل يكن فقد حنث لوقوع المر بلف ما حلف عليه فحنث‬
‫فإذا قال‪ " :‬إن شاء ال " فإن ا حلف عل يه بتقد ير‪ :‬إن ي شأ ال ل مطل قا‪ .‬ولذا ذ هب كث ي من الفقهاء إل أ نه‬
‫مت ل يوجد الحلوف عليه حنث أو مت وجد الحلوف عليه أنه ل يفعله حنث سواء كان ناسيا أو مطئا أو‬
‫جاهل فإنم لظوا أن هذا ف معن الب فإذا وجد بلف مبه فقد حنث ‪ ,‬وقال الخرون‪ :‬بل هذا مقصوده‬
‫الض والنع كالمر والنهي ومت ني النسان عن شيء ففعله ناسيا أو مطئا ل يكن مالفا فكذلك هذا‪ .‬قال‬
‫الولون‪ :‬فقد يكون ف معن التصديق والتكذيب كقوله‪ :‬وال ليقعن الطر أو ل يقع وهذا خب مض ليس فيه‬
‫حض ول منع ولو حلف على اعتقاده فكان ال مر بلف ما حلف عليه حنث وبذا يظهر الفرق ب ي اللف‬
‫على الاضهي واللف على السهتقبل ‪ ,‬فإن اليميه على الاضهي غيه منعقدة فإذا أخطهأ فيهها ل يلزمهه كفارة‬
‫كالغموس بلف الستقبل‪ .‬وليس عليه أن يستثن ف الستقبل إذا كان فعله‪ .‬قال تعال‪{ :‬زعم الذين كفروا أن‬
‫لن يبعثوا قل بلى ور ب لتبع ثن ث لتنبؤن ب ا عمل تم وذلك على ال ي سي} فأمره أن يق سم على ما سيكون‬
‫وكذلك قوله‪{ :‬وقال الذين كفروا ل تأتينا الساعة قل بلى ورب لتأتينكم} كما أمره أن يقسم على الاضر ف‬
‫قوله‪{ :‬ويستنبئونك أحق هو قل إي ورب إنه لق} وقد قال النب صلى ال عليه وسلم‪{ :‬والذي نفسي بيده‬
‫لينلن فيكم ابن مري حكما عدل وإماما مقسطا}‪ .‬وقال‪{ :‬والذي نفسي بيده ل تذهب الدنيا حت يأت على‬
‫الناس يوم ل يدري القاتل فيما قتل ‪ ,‬ول القتول فيما قتل} وقال‪{ :‬إذا هلك كسرى أو ليهلك كسرى ث ل‬
‫يكون كسهرى بعده وإذا هلك قيصهر فل قيصهر بعده‪ .‬والذي نفسهي بيده لتنفقهن كنوزهاه فه سهبيل ال}‬
‫وكلها ف " الصحيح "‪ .‬فأقسم صلوات ال وسلمه عليه على الستقبل ف مواضع كثية بل استثناء‪.‬‬
‫وال ‪ -‬سبحانه وتعال أعلم –‬
‫والمد ل رب العالي ‪,‬‬
‫وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

You might also like