You are on page 1of 3

‫من هم الرافضة؟‬

‫اإلمام زيد بن علي ـ عليهما السالم ـ والرافضة‬

‫الرافضة هم الذين َرفَضوا بيعة اإلمام زيد بن علي ـ عليهما السالم ـ‪ .‬قال موالان اإلمام احلجة جمدالدين املؤيدي ـ‬
‫ض فقد أمجع اجلميع أنه‬
‫الرف ُ‬
‫وأما َّ‬
‫أيده هللا تعاىل ـ يف لوامع األنوار[ط‪/1‬ج‪/1‬ص‪ ]209‬يف الكالم على الرافضة‪َّ :‬‬
‫النووي يف شرح‬
‫ُّ‬ ‫ح به‬
‫ص َّر َ‬
‫اسم للفئة الرافضة لإلمام األعظم زيد بن علي بن احلسني بن علي صلوات هللا عليهم كما َ‬
‫مسلم‪ ،‬وصاحب القاموس‪ ،‬وغريمها من علمائهم‪ ،‬قال ابن تيمية يف اجلزء األول من املنهاج [ص‪" :]21‬لفظ‬
‫َّى‬
‫وَس َ‬
‫ضوا زي َد بن علي بن احلسني‪ ،‬إىل قوله‪ :‬فقال‪ :‬رفضتموين‪ ،‬فسموا رافضة لرفضهم إايه َ‬
‫الرافضة إمنا ظهر ل ََّما َرفَ ُ‬
‫من مل يرفضه من الشيعة زيدايً النتساهبم إليه"‪ .‬وقال يف [ص ‪ ":]67‬ومن حينئذ انقسمت الشيعة مث قال‪ :‬فالزيدية‬
‫خري من الرافضة‪ ،‬وأعلم وأصدق وأشجع انتهى‪ .‬وهو معلوم ال نـزاع فيه بني األمة‪ ،‬وإمنا النـزاع يف السبب‪ ،‬وآل‬
‫حممد ـ عليهم السالم ـ أعلم بذلك‪ ،‬وصاحب البيت أدرى ابلذي فيه‪ ،‬مع أنه لو فرض صحة ما روته العامة‪ ،‬أهنم‬
‫رفضوه لعدم تصرحيه ابلرباءة من الشيخني‪ ،‬فال مسرتوح هلم يف ذلك‪ .‬أما أوال‪ :‬فال يلزم إظهار الرباءة‪ ،‬ولو كانت‬
‫سبُّوا‬ ‫عنده جائزة‪ ،‬خلشية افرتاق اجلمع‪ ،‬وانشقاق العصا‪ ،‬وإاثرة الفتنة‪ ،‬ولو مل يدل على ذلك إالَّ قوله تعاىل َ‬
‫{والَ تَ ُ‬
‫اّللَ َعد ًوا بِغَ ِري ِعل ٍم }[األنعام‪ ،]107 :‬وله أببيه الوصي ـ صلوات هللا عليه ـ‬
‫سبُّوا ه‬ ‫ون هِ‬
‫اّلل فَـيَ ُ‬
‫الَّ ِذين يد ُعو َن ِمن ُد ِ‬
‫َ َ‬
‫أعظم أسوة‪ ،‬فقد كان يسك ت على أشياء كثرية‪ ،‬هي عنده منكرة‪ ،‬كما علم ذلك من صرائح كلماته‪ ،‬املنقولة‬
‫ابلتواتر ملن اطَّلَ َع على سريته ـ صلوات هللا عليه ـ‪ .‬وأما اثنياً‪ :‬فليس ذلك إالَّ سبب الرفض لإلمام وآلل حممد ـ‬
‫عليهم السالم ـ ابالتفاق‪َّ ،‬‬
‫والذم والوعي ُد واردان على الرفض‪ ،‬ال على الباعث عليه وال على عالمته‪ ،‬أال ترى َّ‬
‫أن‬

‫من ترك الصالة مثالً ألجل حمبة الراحة أو حنو ذلك من الدواعي املباحة وعالمته أنَّه مثالً يَـلبَ ُ‬
‫س الثياب السود‪:‬‬
‫يكون مذموماً ومعاقباً على ترك الصالة قطعاً ال على السبب والعالمة‪ ،‬وأما السبب وحنوه فأمر آخر موقوف على‬
‫الدليل‪ .‬وقد روى إمام األئمة اهلادي إىل احلق عن اإلمام األعظم زيد بن علي ـ صلوات هللا عليهم ـ بعد أن حكى‬
‫سبب رفضهم‪ ،‬وأهنم تعللوا عليه مبا يدعون من الوصية والنص على جعفر بن حممد ـ عليهما السالم ـ ما نصه‪ :‬فلما‬
‫كان فعلهم على ما ذكران َساهم أي اإلمام زيد بن علي ـ عليهما السالم ـ روافض‪ ،‬ورفع يديه‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم اجعل‬
‫علي‬
‫أهل حروراء َّ‬
‫لعنتك‪ ،‬ولعنة آابئي وأجدادي‪ ،‬ولعنيت على هؤالء الذين رفضوين‪ ،‬وخرجوا من بيعيت كما رفض ُ‬
‫ابن أيب طالب حىت حاربوه انتهى‪ .‬فانظر على أي شيء وجه اللعن‪ ،‬وعلل الرفض‪ ،‬أعلى الرباءة؟ أم على رفضه‪،‬‬
‫أهل حروراء َجدَّهُ ـ صلوات هللا عليهم ـ‪ .‬وَمل يَذ ُك ِر الرباءةَ‪ ،‬وال ذَ َك َر َكونَهُ جعلها‬
‫واخلروج من بيعته؟‪ ،‬كما رفض ُ‬
‫املوجب‪ ،‬وال أنه علق عليها الذم أح ٌد من الرواة‪ ،‬ال من آل حممد ـ عليهم السالم ـ‪ ،‬وال من غريهم‪ ،‬وإن كانوا قد‬
‫صاحب هتذيب الكمال‪ ،‬وهو الذي عليه املدار عندهم يف علم‬
‫ُ‬ ‫رووا أهنا السبب يف رفضهم له‪ .‬وهذا احلافظ املِ هِز ُّ‬
‫يـ‬
‫الرجال ـ روى عن اإلمام األعظم زيد بن علي ـ عليهما السالم ـ يف ترمجته ما لفظه‪ :‬الرافضة حريب وحرب أيب يف‬
‫الدنيا واآلخرة‪ ،‬مرقت الرافضة علينا كما مرقت اخلوارج على علي ـ عليه السالم ـ‪ ،‬ونقله صاحب اخلالصة بلفظه‪.‬‬
‫وقال يف التهذيب‪ :‬قالوا‪ :‬إذاً نرفضك‪ ،‬فسميت الرافضة‪ ،‬وقال يف شأن الزيدية‪ :‬فخرجوا مع زيد بن علي فسميت‬
‫الزيدية" انتهى املراد‪ .‬فهذا نقل أئمة آل حممد ـ عليهم السالم ـ‪ ،‬ونقل ثقات غريهم‪ ،‬وإقرارهم أهنا مرقت عليه‪ ،‬كما‬
‫مرقت اخلوارج على جده‪ ،‬وأهنا َسيت الرافضة لرفضها له ـ عليه السالم ـ‪ ،‬وهو املعلوم‪ ،‬واألخبار واآلاثر دالة على‬
‫ذلك‪ .‬وروى صاحب احمليط ـ رضي هللا عنه ـ ‪ :‬بسنده إىل أيب الطيب حممد ابن حممد بن فريوز الكويف‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫حيىي بن احلسني بن القاسم بن إبراهيم ـ عليهم السالم ـ قال ـ أيده هللا تعاىل ـ‪ :‬يعين إمام األئمة اهلادي إىل احلق ـ‬
‫عليهم السالم ـ‪ .‬قال‪ :‬حدثين أيب عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬لَّ َّما ظهر زيد بن علي‪ ،‬ودعا الناس إىل نصرة احلق‪ ،‬فأجابته‬
‫جعفر‪ .‬فقال هلم‪ :‬إن‬
‫أخيك ٌ‬
‫ابن َ‬
‫لست اإلمام؟ قال‪ :‬فَ َمن هو؟ قالوا‪ُ :‬‬
‫الشيعة‪ ،‬وكثري من غريهم‪ ،‬وقعدوا عنه‪ ،‬وقالوا‪َ :‬‬
‫فر هو اإلمام فقد صدق‪ ،‬فاكتبوا إليه واسألوه‪ .‬فقالوا‪ :‬الطريق مقطوعة‪ ،‬وال ََِن ُد رسوالً إالَّ أبربعني ديناراً‪.‬‬
‫قال جع ٌ‬
‫إمام‬
‫فلما كان من الغد أتوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه يداريك‪ .‬فقال هلم‪ :‬ويلكم ٌ‬
‫قال‪ :‬هذه أربعون ديناراً‪ ،‬فاكتبوا وأرسلوا إليه‪َّ .‬‬
‫يُداري من غري أبس‪ ،‬أو يكتم حقاً؟ أو خيشى يف هللا أحداً ؟‪ .‬اختاروا‪َّ :‬إما أن تقاتلوا معي‪ ،‬وتبايعوين على ما بويع‬
‫عليه علي‪ ،‬واحلسن‪ ،‬واحلسني ـ عليهم السالم ـ‪ ،‬أو تعينوين بسالحكم‪ ،‬وتكفوا َع ِهين ألسنتكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال نفعل‪.‬‬
‫فقال‪ :‬هللا أكرب‪ ،‬أنتم وهللا الروافض الذين ذكر جدي رسول هللا ((سيكون من بعدي قوم يرفضون اجلهاد مع‬
‫األخيار من أهل بييت‪ ،‬ويقولون ليس عليهم أمر مبعروف‪ ،‬وال هني عن منكر‪ ،‬يقلدون دينهم‪ ،‬ويتبعون أهواءهم))‬
‫انتهى‪ .‬وقد روى هذا السيد اإلمام أبو العباس احلسين ـ عليه السالم ـ‪ .‬فَ َم ِن الذين يرفضون اجلهاد مع األخيار من‬
‫أهل البيت‪ ،‬ويقولون ليس عل يهم أمر مبعروف‪ ،‬وال هني عن منكر‪ ،‬ويرون حترمي اخلروج على الظلمة‪ ،‬ويوجبون‬
‫الطاعة للجبابرة املتغلبني على األمة‪ ،‬فيعينوهنم بذلك على تعدي حدود هللا تعاىل‪ ،‬وانتهاك كل حرمة‪ ،‬وينصروهنم‬
‫على قتل اآلمرين ابلقسط‪ ،‬احلافظني حلدود هللا تعاىل من األئمة؟‪ .‬وقد علموا‪ :‬أن هللا تعاىل َمل ََيعل بنص كتابه‬
‫للظاملني عهداً‪ ،‬وأنه ال يتخذ املضلني عضداً‪.‬وعلى اجلملة قد قضت املعلومة من األدلة‪ ،‬وإمجاع مجيع أهل امللة َّ‬
‫أن‬
‫اإلمام األعظم زيد بن علي ـ عليهما السالم ـ‪ ،‬وطائفته هم احملقون‪ ،‬وأن هذه الفرقة الرافضة له مبطلون‪ ،‬وليس‬
‫النـزاع إالَّ في ما كان عليه من الرباءة عن الشيخني‪ ،‬أم الوالية هلما‪ ،‬أم التوقف فيهما‪ ،‬وهو أمر آخر َيب على‬
‫املتدين االعتماد فيه على الدليل من غري تقليد‪ ،‬وال تعويل على متابعة األقاويل‪ .‬واملعلوم من حال اإلمام األعظم ـ‬
‫صلوات هللا عليه ـ ابإلمجاع من اجلميع أنَّه َمل يَـبحث عن معتقدهم يف ذلك‪ ،‬ومل يسأهلم عن الرباء‪ ،‬وال التويل‪ ،‬وأنَّه مل‬
‫يُسمهم الرافضة‪ ،‬ومل يلعنهم‪ ،‬ومل يتربأ منهم إالَّ حني خذلوه‪ ،‬ورفضوه ومل ينصروه‪ .‬وبذلك يعلم أهنم مل يستحقوا‬
‫ذلك‪ ،‬إالَّ لرفض إمام احلق‪ ،‬واخلروج عن طاعة سادة اخللق كايناً يف ذلك السبب ما كان‪ ،‬هذا معلوم أببني بيان‪،‬‬
‫وأوضح برهان‪ ،‬وهللا املستعان‪ .‬فكيف يكون رافضياً من تواله‪ ،‬ونصره وقاتل بني يديه؟ ومن أتى من بعده متبعاً‬
‫ألثره مقتدايً هبديه‪ ،‬مهتداي بنوره؟ فقد صارت هذه الطائفة املتسمية ابلسنية ترمي به قطعاً أولياء هللا تعاىل‪ ،‬وأولياء‬
‫وإطهراحاً للمفروض عليهم من حقوق‬ ‫رسوله‪ ،‬وأهل بيت نبيه‪ ،‬القانتني من هذه العصابة‪ ،‬جتارايً على هللا تعاىل‪ِ ،‬‬

‫القرابة‪ ،‬ومعاندة للحق‪ ،‬ومضادة لرباهينه‪ ،‬وقواطعه‪ .‬فإن كنت أيها الطالب للنجاة املراقب هلل تعاىل؟ ممن اطلع على‬
‫األحوال‪ ،‬ومارس علم الرجال‪ ،‬مل حتتج إىل جتشم بيان‪ ،‬وال تكلف برهان" انتهى كالمه ـ أيده هللا تعاىل ـ‬

You might also like