You are on page 1of 58

2

‫المقدمة‬

‫إن الحمد هلل نحمده ونستعٌنه ونستؽفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬
‫سٌبات أعمالنا من ٌهده هللا فبل مضل له‪ ،‬ومن ٌضلل فبل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله‬
‫إال هللا وحده ال شرٌك له‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ‪ ‬وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم تسلٌما ً‪.‬‬
‫} [آل‬ ‫هللا َح َّ ُت َقا ِت ِه َوال َتمُو ُتنَّ إِالَّ َوأَ ْن ُت ْم مُسْ لِم َ‬
‫ُون‬ ‫ٌِن آ َم ُنوا ا َّتقُوا َّ َ‬ ‫{ ٌَا أَ ٌُّ َها الَّذ َ‬
‫س َوا ِح َد ٍة َو َخلَ َ ِم ْن َها َز ْو َج َها‬ ‫عمران‪ٌَ { ]102:‬ا أَ ٌُّ َها ال َّناسُ ا َّتقُوا َر َّب ُك ْم الَّذِي َخلَ َق ُك ْم ِمنْ َن ْف ٍ‬
‫ان َعلَ ٌْ ُك ْم‬ ‫هللا َك َ‬ ‫ون ِب ِه َواألَرْ َحا َم إِنَّ َّ َ‬ ‫ث ِم ْن ُه َما ِر َجاالً َكثٌِراً َو ِن َسا ًء َوا َّتقُوا َّ َ‬
‫هللا الَّذِي َت َت َسا َءل ُ َ‬ ‫َو َب َّ‬
‫َرقٌِبا ً} [النساء‪.]1 :‬‬
‫هللا َوقُولُوا َق ْوالً َسدٌِداً‪ٌُ ،‬صْ لِحْ لَ ُك ْم أَعْ َمالَ ُك ْم َو ٌَ ْؽ ِفرْ لَ ُك ْم‬ ‫ٌِن آ َم ُنوا ا َّتقُوا َّ َ‬ ‫{ ٌَا أَ ٌُّ َها الَّذ َ‬
‫از َف ْوزاً َع ِ ٌما ً } [األحزاب‪ .]70،71 :‬أما بعد‪:‬‬ ‫ُذ ُنو َب ُك ْم َو َمنْ ٌُطِ عْ َّ َ‬
‫هللا َو َرسُولَ ُه َف َق ْد َف َ‬
‫والتكفٌر إجماالً‪ ،‬وتكفٌر المعٌن‪ ،‬وبٌان‬ ‫فإن البحث فً موضوع الكفر وبٌانه‬
‫ير‪ ،‬والبعد‬ ‫شروطه‪ ،‬وموانعه ذو أهمٌة بالؽة‪ .‬تكمن هذه األهمٌة فً وجوب الحذر من التكؾ‬
‫عنه‪ ،‬فهو عبلمة شقاوة العبد فً الدنٌا واآلخرة‪ .‬وهو أٌضا ً أع م الذنوب واآلثام ‪ ،‬وأشدها‬
‫خطراً‪ ،‬وأع مها وقعا ً وأثراً‪ ،‬وهو أخوؾ ما ٌخافه وٌحذره المإمنون وفً ذلك نصوص‬
‫ان َف َق ْد َح ِب َط َع َمل ُ ُه َوه َُو فًِ‬ ‫من الوحٌٌن متكاثرة جداً‪ ..‬منها قوله تعالى‪َ { :‬و َمن ٌَ ْكفُرْ ِب ِ‬
‫اإلٌ َم ِ‬
‫ٌن}[المابدة‪ ،]5 :‬وفً سورة النساء ٌقول عز وجل‪ٌَ { :‬ا أَ ٌُّ َها الَّذ َ‬
‫ٌِن‬ ‫اآلخ َِر ِة م َِن ْال َخاسِ ِر َ‬
‫نز َل مِن َق ْب ُل َو َمن‬ ‫ِي أَ َ‬‫ب الَّذ َ‬‫ب الَّذِي َن َّز َل َعلَى َرسُولِ ِه َو ْال ِك َتا ِ‬ ‫اهلل َو َرسُولِ ِه َو ْال ِك َتا ِ‬ ‫آ َم ُنو ْا آ ِم ُنو ْا ِب َّ ِ‬
‫ضبلَالً َبعٌِداً } [النساء‪،]136 :‬‬ ‫ض َّل َ‬ ‫ٌَ ْكفُرْ ِب َّ ِ‬
‫اهلل َو َمبلَ ِب َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر ُسلِ ِه َو ْال ٌَ ْو ِم اآلخ ِِر َف َق ْد َ‬
‫ٌل }‬ ‫ض َّل َس َوا َء الس َِّب ِ‬ ‫ان َف َق ْد َ‬
‫اإلٌ َم ِ‬ ‫وٌقول سبحانه فً سورة البقرة‪َ { :‬و َمن ٌَ َت َب َّد ِل ْال ُك ْف َر ِب ِ‬
‫[البقرة‪.]108 :‬‬
‫كذلك من أهمٌة طر مثل هذه الموضوع أن التكفٌر ٌنقل من الملة فً الدنٌا؛ فٌنال‬
‫أحكام الكفار‪ .‬والكفر عاقبته فً اآلخرة خلود صاحبه فً النار ‪ ،‬ودوام عذاب جهنم علٌه‬
‫فٌها أبدا‪ ،‬حٌث نص هللا على ذلك الخلود المإبد له فً عذابه فً ثبلثة مواضع من كتابه‬

‫‪3‬‬
‫المنزل‪:‬‬
‫‪1‬ـ وأول هذه المواضع الثبلثة‪ ،‬فً آخر سورة النساء‪ ،‬حٌث قال عز وجل‪{ :‬إِنَّ الَّذ َ‬
‫ٌِن‬
‫ٌِن َك َفرُو ْا َو َ لَمُو ْا لَ ْم ٌَ ُك ِن‬ ‫ضبلَالً َبعٌِداً‪ ،‬إِنَّ الَّذ َ‬ ‫ضلُّو ْا َ‬ ‫ٌل َّ ِ‬
‫هللا َق ْد َ‬ ‫ص ُّدو ْا َعن َس ِب ِ‬ ‫َك َفرُو ْا َو َ‬
‫ك َعلَى َّ ِ‬
‫هللا‬ ‫ان َذلِ َ‬ ‫ٌِن فٌِ َها أَ َبداً َو َك َ‬ ‫َّ‬
‫هللا ُ لِ ٌَ ْؽف َِر لَ ُه ْم َوالَ لِ ٌَ ْه ِد ٌَ ُه ْم َط ِرٌقاً‪ ،‬إِالَّ َط ِرٌ َ َج َه َّن َم َخالِد َ‬
‫ٌَسِ ٌراً} [النساء‪.]169–167 :‬‬
‫ك ال َّناسُ َع ِن السَّا َع ِة قُ ْل إِ َّن َما عِ ْل ُم َها‬ ‫‪2‬ـ وفً آخر سورة األحزاب ٌقول سبحانه‪ٌَ { :‬سْ ؤَل ُ َ‬
‫ٌن َوأَ َع َّد لَ ُه ْم َسعٌِراً‪،‬‬ ‫ك لَ َع َّل السَّا َع َة َت ُكونُ َق ِرٌباً‪ ،‬إِنَّ َّ َ‬
‫هللا لَ َع َن ْال َكاف ِِر َ‬ ‫عِ ن َد َّ ِ‬
‫هللا َو َما ٌ ُْد ِرٌ َ‬
‫ون َولِ ٌّا ً َوال َنصِ ٌراً}[األحزاب‪.]65 –63 :‬‬ ‫ٌِن فٌِ َها أَ َبداً الَّ ٌَ ِج ُد َ‬ ‫َخالِد َ‬
‫ك ِب ِه أَ َحداً‪ ،‬قُ ْل إِ ِّنً ال أَ ْم ِل ُ‬
‫ك لَ ُك ْم‬ ‫‪3‬ـ وآخر سورة الجن ‪{ :‬قُ ْل إِ َّن َما أَ ْدعُو َربًِّ َوال أ ُ ْش ِر ُ‬
‫هللا أَ َح ٌد َولَنْ أَ ِج َد مِن ُدو ِن ِه م ُْل َت َحداً‪ ،‬إِالَّ َببلؼا ً‬ ‫ٌرنًِ م َِن َّ ِ‬‫ضرّ اً َوال َر َشداً‪ ،‬قُ ْل إِ ِّنً لَن ٌُ ِج َ‬ ‫َ‬
‫ار َج َه َّن َم َخالِد َ‬
‫ٌِن فٌِ َها‬ ‫ص َّ َ‬
‫هللا َو َرسُولَ ُه َفإِنَّ لَ ُه َن َ‬ ‫هللا َو ِر َساال ِت ِه َو َمن ٌَعْ ِ‬ ‫م َِّن َّ ِ‬
‫أَ َبداً}[الجن‪20 :‬ـ ‪ ]23‬وحدٌث الخلود ألهل الجنة بالجن ة ‪ ،‬وألهل النار فٌها ٌـذبح‬
‫الكبش فً صورة الموت حدٌث مشهور معروؾ‪ ،‬فعن أبً سعٌد الخدري – رضً‬
‫هللا عنه – عن النبً – ‪ – ‬قال‪:‬‬
‫"ٌإتى بالموت كهٌبة كبش أملح‪ ،‬فٌنادي منا ٍد‪ٌ :‬ا أهل الجنة‪ ،‬فٌشرببون وٌن رون!‬
‫فٌقول‪ :‬هل تعرفون هذا؟ فٌقولون‪ :‬نعم! هذا الموت‪ ،‬وكلهم قد رآه‪ ،‬فٌُذبح‪ ،‬ثم ٌقول‪ٌ :‬ا أهل‬
‫الجنة خلود فبل موت‪ ،‬وٌا أهل النار خلود فبل موت‪ ،‬ثم قرأ‪َ { :‬وأَن ِذرْ ُه ْم ٌَ ْو َم ْال َحسْ َر ِة إِ ْذ‬
‫}[مرٌم‪ "]39 :‬متف علٌه وهذا لف‬ ‫قُضِ ًَ األَ ْم ُر َو ُه ْم فًِ َؼ ْفلَ ٍة َو ُه ْم ال ٌ ُْإ ِم ُن َ‬
‫ون‬
‫البخاري ( )مع ما رتب هللا على الكفر من العذاب الشدٌد والسعٌر السرمدي‪ ،‬وسخطه‬
‫وعقوبته ما ٌضٌ هذا الم قام عن بسطه‪ ،‬وتعداد ومقدار أنواعه المذكورة فً كبلمه تعالى‬
‫ضى‬ ‫ٌِن َك َفرُوا لَ ُه ْم َنا ُر َج َه َّن َم ال ٌُ ْق َ‬‫القرآن‪ ،‬ومن ذلك قوله تعالى فً سورة فاطر‪َ { :‬والَّذ َ‬
‫ور}[فاطر‪.]36 :‬‬ ‫ك َنجْ ِزي ُك َّل َكفُ ٍ‬‫َعلٌَ ِْه ْم َف ٌَمُو ُتوا َوال ٌ َُخ َّفؾُ َع ْنهُم مِّنْ َع َذ ِاب َها َك َذلِ َ‬
‫كذلك فإن الكفر قسٌم اإلٌمان فً مسابل األسماء واألحكام "‪ ،‬وذلك فً اسم العبد فً‬

‫( )‬
‫أخرجه البخاري فً صحٌحه فً عدة مواضع منها ( ‪ )4730‬و(‪ ،)6548‬وأخرجه مسلم فً صحٌحه كتاب الجنة‬
‫وصفة نعٌمها وأهلها‪ ،‬باب النار ٌدخلها الجبارون (‪.)2849‬‬

‫‪4‬‬
‫الدنٌا هل هو مإمن أو كافر؟ ثم حكم ذلك المترتب علٌه فً اآلخرة‪ :‬أمن أهل الجنة؟ أو‬
‫"مسابل‬ ‫من أهل النار؟‪ .‬ولو لم ٌكن من أهمٌة البحث هذا إال بٌان جبللة هذه المسؤلة‪:‬‬
‫األسماء واألحكام"‪ ،‬لكفى بذلك‪ ،‬وحسبك به!‬
‫وقد لفت إلى ذلك علماء اإلسبلم فً تصانٌفهم ومإلفاتهم فً موضوع اإلٌمان والرد‬
‫على المرجبة من جهة‪ ،‬والرد على الوعٌدٌة من الخوارج والمعتزلة من جهة أخرى‪.‬‬
‫ولذا ٌقول شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة فً "الكٌبلنٌة" ( ) فً معرض بٌانه لموضوع الكفر‬
‫والتكفٌر وعبلقته بالهدى‪ ،‬وأسبابه ودواعٌه‪ ،‬ومنهج المبتدعة فٌه ‪ ،‬حٌث قال‪" :‬فصل‪ :‬إذا‬
‫تبٌن ذلك فاعلم أن مسابل التكفٌر هً من مسابل األسماء واألحكام التً ٌتعل بها الوعد‬
‫والوعٌد فً الدار اآلخرة‪ ،‬وتتعل بها المواالة والمعاداة‪ ،‬والقتل والعصمة وؼٌر ذلك فً‬
‫الدار الدنٌا؛ فإن هللا سبحانه أوجب الجنة للمإمنٌن‪ ،‬وحرم الجنة على الكافرٌن‪ ،‬وهذا من‬
‫األحكام الكلٌة فً كل وقت ومكان"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫وبنحو هذا ما لح ه الحاف بن رجب الحنبلً فً شرحه لحدٌث جبرٌل – علٌه‬
‫السبلم – فً بٌان اإلسبلم ‪ ،‬واإلٌمان ‪ ،‬واإلحسان حٌث ٌقول ( )‪" :‬وهذه المسابل‪ ،‬أعنً‬
‫مسابل اإلٌمان‪ ،‬والكفر والنفا ‪ ،‬مسابل ع ٌمة جداً؛ فإن هللا عز وجل عل بهذه األسماء‬
‫السعادة‪ ،‬والشقاوة‪ ،‬واستحقا الجنة والنار‪.‬‬
‫واالختبلؾ فً أسمابها أول اختبلؾ وقع فً هذه األمة‪ ،‬وهو خبلؾ الخوارج‬
‫للصحابة‪ ،‬حٌث أخرجوا عصاة الموحدٌن من اإلسبلم بالكلٌة‪ ،‬وأدخلوهم فً دابرة الكفر‪،‬‬
‫وعاملوهم معاملة الكفار‪ ،‬واستحلوا بذلك دماء المسلمٌن وأموالهم‪.‬‬
‫ثم حدث بعدهم خبلؾ المعتزلة وقولهم بالمنزلة بٌن المنزلتٌن‪ .‬ثم حدث خبلؾ‬
‫المرجبة وقولهم‪ :‬إن الفاس مإمن كامل اإلٌمان‪ .‬وقد صنؾ العلماء قدٌما ً وحدٌثا ً فً هذه‬
‫المسابل تصانٌؾ متعددة"‪ .‬واعتنوا بها عناٌة ع ٌمة‪ ،‬فقدموا الرد على الجهمٌة والمعتزلة‬
‫فً انحرافهم فً اإلٌمان قبل الرد علٌهم فً انحرافهم فً األسماء والصفات‪ٌ ،‬جد هذا من‬
‫ٌطالع كتب السنة‪:‬لئلمام أحمد وابنه عبد هللا والخبلل وابن أبً عاصم‪..‬الخ‪.‬‬

‫( ) القاعدة الكٌبلنٌة ضمن مجموع الفتاوى‪.)468/12( :‬‬


‫( ) جامع العلوم والحكم لحاف ابن رجب نشر مإسسة الرسالة طبعة األولى‪ .‬ص ‪.112‬‬

‫‪5‬‬
‫ولما كان التكفٌر من أخطر األحكام وأع مها‪ ،‬حٌث ٌترتب علٌه من اآلثار‬
‫الخطٌرة‪ ،‬كإباحة دم المسلم وماله‪ ،‬وتطلٌ زوجته‪ ،‬وقطع التوارث بٌنه وبٌن أقربابه‪،‬‬
‫وتحرٌم دفنه مع المسلمٌن وقبل ذلك تحرٌم ؼسله والصبلة علٌه‪ ،‬والدعاء له ‪ ،‬وما إلى‬
‫ذلك من أحكام تلح المرتد‪ .‬جاء عنه – ‪ – ‬أنه قال‪" :‬ومن رمى مإمنا بكفر فهو‬
‫الكفر على‬ ‫كقتله "( )‪ ،‬وقد جاءت األحكام الشرعٌة بالتحذٌر من التسرع فً إطبل‬
‫المسلم‪ ،‬فعن عبد هللا بن عمر – رضً هللا عنهما –‪ ،‬أن رسول هللا – ‪ ،– ‬قال‪" :‬أٌما‬
‫رجل قال ألخٌه‪ٌ :‬ا كافر فقد باء بها أحدهما"( )‪.‬‬
‫قال الشوكانً رحمه هللا‪" :‬اعلم أن الحكم على المسلم بخروجه من دٌن اإلسبلم‪،‬‬
‫ودخوله فً الكفر ال ٌنبؽً لمسلم ٌإمن باهلل والٌوم اآلخر أن ٌقدم علٌه إال ببرهان واضح‬
‫أوضح من شمس النهار‪"..‬ا هـ( )‪.‬‬
‫ولما كانت مسؤلة التكفٌر لٌست باألمر الهٌن‪ ،‬احتاط الشرع فً إطبلقها احتٌاطا ً‬
‫ر‪ ،‬وحتى ال تستباح أموال الناس وأعراضهم‬ ‫شدٌداً فؤوجب التثبت‪ ،‬حتى ال ٌتهم مسلم بكؾ‬
‫ٌل َّ ِ‬
‫هللا َف َت َب ٌَّ ُنوا َوال‬ ‫ض َر ْب ُت ْم فًِ َس ِب ِ‬ ‫بمجرد ال ن والهوى‪ ،‬قال تعالى‪ٌَ { :‬ا أَ ٌُّ َها الَّذ َ‬
‫ٌِن آ َم ُنوا إِ َذا َ‬
‫}[النساء‪]94 :‬‬ ‫ض ْال َح ٌَا ِة ال ُّد ْن ٌَا‬
‫ون َع َر َ‬‫ت م ُْإمِنا ً َت ْب َت ُؽ َ‬‫َتقُولُوا لِ َمنْ أَ ْل َقى إِلَ ٌْ ُك ُم السَّبل َم لَسْ َ‬
‫فحذرهم من التسرع فً التكفٌر‪ ،‬وأمرهم بالتثبت فً ح من هرت منه عبلمات اإلسبلم‬
‫فً موطن لٌس أهله بمسلمٌن‪ .‬ومما ٌدل على احتٌاط الشرع فً التكفٌر‪ ،‬إٌجابه التحق‬
‫من وجود شروط التكفٌر وانتفاء موانعه‪ ،‬فبل ٌجوز تكفٌر معٌن إال بعد التحق من ذلك‬
‫أكًاً بعٌدا عن التعصب والهوى ‪ ،‬وأناط حكم ذلك وإنفاذه بالعلماء والقضاة الحاكمٌن‬
‫تحققا ً د‬
‫بالشرٌعة ‪ .‬هذا طرؾ مهم من أهمٌة موضوع الكفر واإلٌمان‪ ،‬والتبصر فٌهما وتعلم‬
‫مسابلهما وإدراك ذلك إدراكا ً جٌداً‪ ،‬مع الحذر الشدٌد من االنزال فً مهاوي التكفٌر‬
‫والتبدٌع والتفسٌ ‪ ،‬أو الحكم على المعٌن بكمال إٌمان أو جنة أو نار‪ ،‬إال من شهد له‬
‫النص الشرٌؾ من الوحٌٌن بذلك‪ ،‬فهذه قاعدة أصٌلة من قواعد أهل السنة والجماعة؛ بل‬
‫ومن أصول عقابدهم‪.‬‬

‫( )‬
‫رواه البخاري (‪.)6105‬‬
‫( )‬
‫صحٌح البخاري ( ‪ ،)6103‬وصحٌح مسلم (‪.)60‬‬
‫( )‬
‫فتح القدٌر ‪.27/2‬‬

‫‪6‬‬
‫فجاء هذا البحث – بقدر االستطاعة – حول تكفٌر المعٌِّن فً شرطه وموانعه‪ ،‬وأهم‬
‫قواعده وضوابطه وكانت خطة البحث على النحو التالً‪:‬‬
‫‪ ‬المقدمة‪ :‬وفٌها حمد هللا والثناء علٌه‪ ،‬والتنوٌه بؤهمٌة الموضوع وخطره‪ ،‬ومهماته‪.‬‬
‫‪ ‬التمهٌد‪ :‬وفٌه مبحثان‪:‬‬
‫‪1‬ـ المبحث األول‪ :‬التنوٌه بؤهم قواعد وضوابط التكفٌر‪ ،‬والكفر وأنواعه‪.‬‬
‫‪2‬ـ المبحث الثانً‪ :‬الفر بٌن التكفٌر المطل والتكفٌر المعٌن‪.‬‬
‫‪ ‬ثم الفصل األول‪ :‬وٌتضمن شروط تكفٌر المعٌن‪.‬‬
‫وتضمن المباحث التالٌة‪:‬‬
‫‪1‬ـ المبحث األول‪ :‬الشرط األول التكلٌؾ‪.‬‬
‫‪2‬ـ المبحث الثانً‪ :‬الشرط الثانً العلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ المبحث الثالث‪ :‬الشرط الثالث القصد‪.‬‬
‫‪4‬ـ المبحث الرابع‪ :‬الشرط الرابع االختٌار‪.‬‬
‫‪ ‬ثم الفصل الثانً‪ :‬وتضمن موانع تكفٌر المعٌن‪.‬‬
‫وفٌه المباحث التالٌة‪:‬‬
‫‪1‬ـ المبحث األول‪ :‬المانع األول عدم التكلٌؾ‪.‬‬
‫‪2‬ـ المبحث الثانً‪ :‬المانع الثانً الجهل‪.‬‬
‫‪3‬ـ المبحث الثالث‪ :‬المانع الثالث الخطؤ والتؤوٌل‪.‬‬
‫‪4‬ـ المبحث الرابع‪ :‬المانع الرابع اإلكراه‪.‬‬
‫‪ ‬الخاتمة‪.‬‬
‫ثم فهرس المراجع‪.‬‬
‫هذا وما كان فٌه من صواب وح فمحض توفٌ هللا وهداٌته‪ ،‬وما كان من ن ِّد قلم أو‬
‫سهو أو خطؤ وزلل فمن نفسً والشٌطان‪ ،‬وأعوذ باهلل منه‪.‬‬
‫وأسؤل هللا عز وجل أن ٌتقبله عنده وٌدخره لنا ٌوم لقاه‪ ،‬وٌجعله خالصا ً لوجهه‪،‬‬
‫مقربا ً للزلفى لدٌه‪ ،‬وأن ٌنفع به‪ ،‬وٌتقبله منا‪ ،‬إنه سبحانه جواد كرٌم وصلى هللا على نبٌنا‬
‫محمد وآله صحبه أجمعٌن‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫التمهٌد‬

‫المبحث األول‬
‫وفٌه قواعد مهمة فً التكفٌر‪ ،‬والكفر وأنواعه‬
‫التكفٌر من المسابل الع ٌمة المهمة المتعلقة بالتعامل مع الناس‪ ،‬والحكم علٌهم؛ ولذا‬
‫أولتها الشرٌعة عناٌة ع ٌمة واحتفى بها علماء المسلمٌن‪ ،‬واعتنوا بالتنوٌه بها تؤصٌبلً‬
‫وتدلٌبلً وتعرٌفا ً وتمثٌبلً‪ ،‬فمن خبلل استقراء العلماء النصوص الشرعٌة استنبطوا قواعد‬
‫فً التكفٌر‪ ،‬وهذه القاعدة فً أصلها جنس تشمل عدة قواعد ‪ ،‬وضوابط البد من معرفتها‬
‫قبل ذكر أنواع الكفر بالقلب ‪ ،‬والقول ‪ ،‬والعمل‪ ،‬حٌث ٌترتب على فهم هذه القواعد‬
‫والضوابط فهم موضوع الكفر والتكفٌر عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬واطراد قواعدهم‬
‫وأصولهم فٌه وعدم اضطرابها‪.‬‬
‫وهذه القواعد والضوابط هً كالتالً‪:‬‬
‫‪ –1‬الكفر اصطبلح وحكم شرعً محض‪ ،‬مرده إلى هللا فً كتابه‪ ،‬وإلى رسوله – ‪– ‬‬
‫فً سنته الصحٌحة الثابتة عنه‪ ،‬ولٌس مبناه على الهوى والتشهً وسوء ال ن أوفاسد‬
‫الفهم‪ .‬فمن كفّرهم هللا أو كفّرهم رسوله – ‪ – ‬عٌنا ً أو جنسا ً أو وصفا ً وجب وتعٌن‬
‫تكفٌرهم‪ ،‬وما ال فبل‪ ،‬ولٌس ألحد ابتداء تكفٌرهم دون مستند شرعً صحٌح‬
‫وصرٌح‪.‬‬
‫‪ ،‬وفرعون ‪،‬‬ ‫أ– فممن ُك ِّف َر فً النص الشرٌؾ وحٌا ً على سبٌل التعٌٌن‪ :‬إبلٌس‬
‫وهامان‪ ،‬وأبو جهل‪ ،‬وأبو لهب‪ ،‬وامرأته حمالة الحطب‪ ،‬وأمٌة بن خلؾ‪،‬‬
‫ونحوهم‪.‬‬

‫والنصارى والمجوس والهندوس‪،‬‬ ‫ب– وممن ُكفّر جنسا ً‪ :‬المشركون والٌهود‬


‫وأمثالهم‪.‬‬
‫ج– وممن ُكفّر وصفا ً‪ :‬المستهزئ باهلل ‪ ،‬أو بآٌاته ‪ ،‬أو بدٌنه‪ ،‬أو برسوله‪ ،‬والمح ّكم‬
‫لؽٌر ما أنزل هللا‪ ،‬والساحر‪ ،‬والكاهن‪ ،‬ومدعً علم الؽٌب‪ ،‬ونحوهم‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ –2‬التكفٌر حك ٌم شرعً محض من أحكام ا لشرٌعة له أسبابه ‪ ،‬وضوابطه ‪ ،‬وشروطه ‪،‬‬
‫وموانعه‪ ،‬وآثاره‪ ،‬شؤنه فً ذلك شؤن سابر األحكام الشرعٌة ‪ ،‬ولهذا فهو حكم شرعً‬
‫محض مرده إلى ذكره هللا وذكر رسوله فهو ح هلل – عز وجل –‪ ،‬وح لرسوله‬
‫ومصطفاه علٌه الصبلة والسبلم‪.‬‬
‫قال شٌخ اإلسبلم فً مجموع الفتاوى ( )‪" :‬ألن الكفر حكم شرعً وإنما ٌثبت باألدلة‬
‫الشرعٌة‪"...‬ا‪.‬هـ‪ .‬وقال رحمه هللا فً رده على البكري ( )‪" :‬فلهذا كان أهل العلم‬
‫والسنة ال ٌكفرون من خالفهم وإن كان ذلك المخالؾ ٌكفرهم؛ ألن الكفر حكم شرعً‬
‫فلٌس لئلنسان أن ٌعاقب بمثله كمن كذب علٌك ‪ ،‬وزنى بؤهلك لٌس لك أن تكذب علٌه‬
‫وتزنً بؤهله؛ ألنَّ الكذب والزنا حرا ٌم لح هللا‪.‬‬
‫وكذلك التكفٌر ح هلل فبل ٌكفر إال من كفره هللا ورسوله وأٌضا ً فإن تكفٌر الشخص‬
‫المعٌن وجواز قتله موقوؾ على أن تبلؽه الحجة النبوٌة التً ٌكفر من خالفها وإال‬
‫فلٌس ك ُّل من جهل شٌبا من الدٌن ٌكفر‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫ونستفٌد من هذه القاعدة فوابد جلٌلة‪:‬‬


‫أ– أنه ال ٌثبت التكفٌر على قول إال بدلٌل شرعً؛ ألن الكافر هو من كفره هللا‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫ب– أنه ال ٌحكم فً التكفٌر إال العالم باألدلة الشرعٌة‪.‬‬
‫ج– أنه البد من تعلم أحكامه والتفقه فٌه؛ ألنه حكم شرعً؛ وألن له أهمٌة كبٌرة‬
‫بكثٌر من األحكام الشرعٌة ‪ ،‬مثاله‪ :‬النكاح فلكً نقبل بالرجل زوجا ً‬ ‫ٍ‬ ‫الرتباطه‬
‫البد أن ٌكون مسلما ً‪.‬‬
‫د– أنه ال ٌصح وال ٌجوز مجاوزة الح ِّد الشرعً فٌه‪ ،‬ال باإلفراط وال بالتفرٌط‪.‬‬
‫وهناك فر بٌن التحذٌر من التكفٌر وبٌن التحذٌر من الؽلو فً التكفٌر‪ ،‬فالنصوص‬
‫تحذر من الؽلو فٌه ولٌس التحذٌر منه ‪ ،‬ومن تلك النصوص ما رواه البخاري فً‬

‫( )‬
‫مجموع الفتاوى= البن تٌمٌة (‪.)78/17‬‬
‫( )‬
‫االستقامة والرد على البكري= البن تٌمٌة (‪.)381/1‬‬

‫‪9‬‬
‫صحٌحه من طرٌ أبً معمر عن عبد الوارث عن الحسٌن عن عبد هللا بن برٌدة‬
‫قال‪ :‬حدثنً ٌحٌى بن ٌعمر أن أبا األســــود الدٌلـــــي حدثه عن أبً ذر – رضً هللا‬
‫عنه – أنه سمع النبً – ‪ٌ – ‬قول‪" :‬ال ٌرمً رج ٌل رجبلً بالفسو وال ٌرمٌه‬
‫بالكفر إال ارتدت علٌه إن لم ٌكن صاحبه كذلك"( )‪.‬‬
‫ولذا قال اإلمام ابن دقٌ العٌد رحمه هللا فً "إحكام األحكام"( )‪" :‬وهذا وعٌ ٌد ع ٌ ٌم‬
‫لمن ك َّفر أحداً من المسلمٌن ولٌس كذلك وهً ورطة ع ٌمة وقع فٌها خل كثٌر من‬
‫المتكلمٌن ومن المنسوبٌن إلى السنة وأهل الحدٌث لمَّا اختلفوا فً العقابد فؽل وا على‬
‫مخالفٌهم وحكموا بكفرهم وخر حجاب الهٌبة فً ذلك جماعة من الحشوٌة وهذا‬
‫الوعٌد الح بهم إذا لم ٌكن خصومهم كذلك‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال االمام الشوكانً – رحمه هللا – فً "السٌل الجرار "( )‪ ":‬اعلم أن الحكم على‬
‫الرجل المسلم بخروجه من دٌن اإلسبلم ودخوله فً الكفر ال ٌنبؽً لمسلم ٌإمن باهلل‬
‫والٌوم اآلخر أن ٌقدم علٌه إال ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت فً‬
‫األحادٌث الصحٌحة المروٌة من طرٌ جماعة من الصحابة (أن من قال ألخٌه ٌا‬
‫كافر فقد باء بها أحدهما) هكذا فً الصحٌح وفً لف آخر فً الصحٌحٌن وؼٌرهما ‪:‬‬
‫" من دعا رجبل بالكفر أو قال عدو هللا ولٌس كذلك إال حار علٌه"( ) أي‪ :‬رجع وفً‬
‫لف فً الصحٌح‪ " :‬فقد كفر أحدهما " ففً هذه األحادٌث وما ورد موردها أع م‬
‫زاجر وأكبر واع عن التسرع فً التكفٌر‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن الكفر كاإلٌمان له شعب كثٌرة‪ ،‬فكما صح فً الصحٌحٌن من حدٌث أبً هرٌرة –‬
‫رضً هللا عنه – ٌرفعه إلى النبً – ‪ – ‬أنه قال‪" :‬اإلٌمان بضع وسبعون شعبة‪،‬‬
‫أعبلها قول ال إله إال هللا‪ ،‬وأدناها إماطة األذى عن الطرٌ ‪ ،‬والحٌاء شعبة من شعب‬
‫اإلٌمان"( )‪ .‬ترتٌب القواعد‬

‫( ) صحٌح البخاري برقم (‪.)5698‬‬


‫( ) إحكام األحكام= البن دقٌ العٌد (‪.)76/4‬‬
‫( ) السٌل الجرار المتدف على حداب األزهار= للشوكانً (‪.)578/4‬‬
‫( ) صحٌح مسلم برقم ( ‪.)61‬‬
‫( ) صحٌح مسلم برقم ( ‪.)35‬‬

‫‪10‬‬
‫) الحدٌث‪ ،‬وهو فً مسلم‬ ‫(‬
‫وفً لف فً البخاري‪" :‬اإلٌمان بضع وستون شعبة"‬
‫أٌضا ً‪.‬‬
‫وكذلك الكفر له شعب وأنواع كثٌرة‪ ،‬ضابطها ما سمً شرعا ً فً الوحٌٌن من كتاب‬
‫هللا وسنة رسوله كفراً‪ ،‬دون تسمٌة ؼٌرهما‪.‬‬
‫ولذا ٌقرر هذا ابن القٌم –رحمه هللا– فً "كتاب الصبلة "( ) بتقرٌر نفٌس أسوقه‬
‫بطوله‪:‬‬
‫فصل‪ :‬معرفة الصواب فً هذه المسؤلة مبنً على معرفة حقٌقة اإلٌمان والكفر‪ ،‬ثم‬
‫ٌصح النفً واإلثبات بعد ذلك‪ ،‬فالكفر واإلٌمان متقاببلن إذا زال أحدهما‪ ،‬خلفه‬
‫اآلخر‪ .‬ولما كان اإلٌمان أصبلً له شعب متعددة‪ ،‬وكل شعبة منها تسمى إٌماناً‪،‬‬
‫فالصبلة من اإلٌمان‪ ،‬وكذلك الزكاة والحج والصٌام‪ ،‬واألعمال الباطنة كالحٌاة‪،‬‬
‫والتوكل‪ ،‬والخشٌة من هللا‪ ،‬واإلنابة إلٌه حتى تنتهً هذه الشعب إلى إماطة األذى عن‬
‫الطرٌ ‪ ،‬فإنه شعبة من شعب اإلٌمان‪ ،‬وهذه الشعب منها ما ٌزول اإلٌمان بزوالها‬
‫كشعبة الشهادة‪ ،‬ومنها ما ال ٌزول بزوالها كترك إماطة األذى عن الطرٌ ‪ ،‬وبٌنهما‬
‫شعب متفاوتة تفاوتا ً ع ٌماً‪ ،‬منها ما ٌلح بشعبة الشهادة‪ ،‬وٌكون إلٌها أقرب‪ ،‬ومنها‬
‫ما ٌلح بشعبة إماطة األذى‪ ،‬وٌكون إلٌها أقرب‪.‬‬
‫وكذلك الكفر ذو أصل وشعب‪ ،‬فكما أن شعب اإلٌمان إٌمان‪ ،‬فشعب الكفر كفر‪،‬‬
‫والحٌاء شعبة من اإلٌمان‪ ،‬وقلة الحٌاء شعبة من شعب الكفر‪ ،‬والصد شعبة من‬
‫شعب اإلٌمان‪ ،‬والكذب شعبة من شعب الكفر‪ ،‬والصبلة والزكاة والحج والصٌام من‬
‫شعب اإلٌمان‪ ،‬وتركها من شعب الكفر‪ ،‬والحكم بما أنزل هللا من شعب اإلٌمان‪،‬‬
‫والحكم بؽٌر ما أنزل هللا من شعب الكفر‪ ،‬والمعاصً كلها من شعب الكفر‪ ،‬كما أن‬
‫الطاعات كلها من شعب اإلٌمان‪.‬‬
‫شعب اإلٌمان قسمان‪ :‬قولٌة وفعلٌة‪ ،‬وكذلك شعب الكفر نوعان‪ :‬قولٌة وفعلٌة‪ .‬ومن‬ ‫و ُ‬
‫شعب اإلٌمان القولٌة‪ :‬شعبة ٌوجب زوالها زوال اإلٌمان‪ ،‬فكذلك من شعبه الفعلٌة ما‬

‫) صحٌح البخاري برقم ( ‪.)9‬‬ ‫(‬


‫‪.54–53‬‬ ‫) كتاب الصبلة = البن القٌم ص‬ ‫(‬

‫‪11‬‬
‫ٌوجب زوال اإلٌمان‪ .‬وكذلك شعب الكفر القولٌة والفعلٌة‪ ،‬فكما ٌكفر باإلتٌان بكلمة‬
‫الكفر اختٌاراً‪ ،‬وهً شعبة من شعب الكفر‪ ،‬فكذلك ٌكفر بفعل شعبة من شعبه‬
‫كالسجود للصنم‪ ،‬واالستهانة بالمصحؾ‪ ،‬فهذا أصل‪.‬‬
‫وههنا أصل آخر‪ ،‬وهو أن حقٌقة اإلٌمان مركبة من قول وعمل‪ .‬والقول قسمان‪ :‬قول‬
‫القلب‪ ،‬وهو االعتقاد‪ ،‬وقول اللسان‪ ،‬وهو التكلم بكلمة اإلسبلم‪ .‬والعمل قسمان‪ :‬عمل‬
‫القلب‪ ،‬وهو نٌته وإخبلصه‪ ،‬وعمل الجوارح‪ ،‬فإذا زالت هذه األربعة‪ ،‬زال اإلٌمان‬
‫بكماله‪ ،‬وإذا زال تصدٌ القلب‪ ،‬لم تنفع بقٌة األجزاء‪ ،‬فإن تصدٌ القلب شرط فً‬
‫اعتقادها وكونها نافعة‪ .‬وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصد ‪ ،‬فهذا موضع المعركة‬
‫بٌن المرجبة وأهل السنة‪ ،‬فؤهل السنة مجمعون على زوال اإلٌمان‪ ،‬وأنه ال ٌنفع‬
‫التصدٌ مع انتفاء عمل القلب‪ ،‬وهو محبته وانقٌاده‪ ،‬كما لم ٌنفع إبلٌس وفرعون‬
‫وقومه والٌهود والمشركٌن الذٌن كانوا ٌعتقدون صد الرسول‪ ،‬بل وٌقرون به سراً‬
‫وجهراً وٌقولون‪ :‬لٌس بكاذب‪ ،‬ولكن ال نتبعه‪ ،‬وال نإمن به‪.‬‬
‫وإذا كان اإلٌمان ٌزول بزوال عمل القلب‪ ،‬فؽٌر مستنكر أن ٌزول بزوال أع م‬
‫أعمال الجوارح‪ ،‬وال سٌما إذا كان ملزوما ً لعدم محبة القلب وانقٌاده الذي هو ملزوم‬
‫لعدم التصدٌ الجازم كما تقدم تقرٌره‪ ،‬فإنه ٌلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة‬
‫الجوارح‪ ،‬إذ لو أطاع القلب وانقاد‪ ،‬أطاعت الجوارح‪ ،‬وانقادت‪ ،‬وٌلزم من عدم‬
‫طاعته وانقٌاده عدم التصدٌ المستلزم للطاعة‪ ،‬وهو حقٌقة اإلٌمان‪ .‬فإن اإلٌمان لٌس‬
‫مجرد التصدٌ ‪ ،‬كما تقدم بٌانه‪ ،‬وإنما هو التصدٌ المستلزم للطاعة واالنقٌاد‪ ،‬وهكذا‬
‫الهدى لٌس هو مجرد معرفة الح وتبٌنه‪ ،‬بل هو معرفته المستلزمة التباعه‪ ،‬والعمل‬
‫بموجبه‪ ،‬وإن سمً األول هدى‪ ،‬فلٌس هو الهدى التام المستلزم لبلهتداء‪ ،‬كما أن‬
‫اعتقاد التصدٌ ‪ ،‬وإن سمً تصدٌقاً‪ ،‬فلٌس هو التصدٌ المستلزم لئلٌمان‪ ،‬فعلٌك‬
‫بمراجعة هذا األصل ومراعاته‪".‬اهـ‪.‬‬
‫‪4‬ـ ولما كان الكفر شعبا ً كثٌرة‪ ،‬فإن هذه الشعب متفاوته‪ ،‬الكفر فٌها دركات‪ ،‬فمنها الكفر‬
‫األكبر ( َك َسبّ هللا ورسوله ودٌنه)‪ ،‬ومنها الكفر األصؽر‪ ،‬كسبّ المسلم وقتله‬
‫والنٌاحة‪ ،‬كما أن الكفر األكبر‪ ،‬شعبه متفاوتة أٌضا ً تفاوتا ً واضحا ً‪.‬وكل من نوعً‬

‫‪12‬‬
‫الكفر األكبر واألصؽر على مراتب بعضها أشد من بعض‪ ،‬لذا ٌقول شٌخ االسبلم‬
‫ابن تٌمٌة كما فً الفتاوى( )‪:‬‬
‫واعلم أن الكفر بعضه أؼل من بعضه‪ ،‬فالكافر المكذب أع م جرما ً من الكافر ؼٌر‬
‫المكذب‪ ،‬فإنه جمع بٌن ترك اإلٌمان المؤمور به‪ ،‬وبٌن التكذٌب المنهً عنه‪ ،‬ومن‬
‫كفر وكذب وحارب هللا ورسوله والمإمنٌن بٌده أو لسانه‪ ،‬أع م ممن اقتصر على‬
‫مجرد الكفر والتكذٌب‪ ،‬ومن كفر وقتل وزنا وسر وصد وحارب كان أع م‬
‫جرما ً"‪.‬‬
‫‪ –5‬التفرٌ بٌن التكفٌر المطل باألوصاؾ والتكفٌر المعٌن(األعٌان)‪ :‬وهذا هو مذهب‬
‫أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫وخالفت فر ٌ ‪ ،‬فؤما الخوارج فؤطلقوا التكفٌر ‪ ،‬وأما المرجبة فمنعوا منه فهما مابٌن‬
‫نقٌض‪ ،‬وكذا ما وقع من بعض األفرا ِد من انحراؾ فً هذه القاعدة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫طرفًْ‬
‫قال شٌخ اإلسبلم فً مجموع الفتاوى ( )‪" :‬فلٌس ألح ٍد أن ٌُكفر أحداً من المسلمٌن‬
‫وإن أخطؤ وؼلِط حتى تقام علٌه الحجة وتبٌن له المحجة‪.‬‬
‫ومن ثبت إٌمانه بٌقٌن لم ٌَ ُز ْل ذلك عنه بالشك بل ال ٌزول إال بعد إقامة الحجة وإزالة‬
‫الشبهة"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال رحمه هللا فً مجموع الفتاوى ( )‪" :‬لكنَّ تكفٌر المطل ال ٌستلزم تكفٌر المعٌن‬
‫فإن بعض العلماء قد ٌتكلم فً مسؤلة باجتهاده فٌخطا فٌها فبل ٌُكفر وإن كان قد ٌُكفر‬
‫من قال ذلك القول إذا قامت علٌه الحجة المكفرة‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال رحمه هللا فً مجموع الفتاوى ( )‪ " :‬وكنت أُبٌن لهم أنما ُنقل لهم عن السلؾ‬
‫واألبمة من إطبل القول بتكفٌر من ٌقول كذا وكذا فهو أٌضا ح ٌ ‪ ،‬لكن ٌجب التفرٌ‬
‫بٌن اإلطبل والتعٌٌن وهذه أول مسؤلة تنازعت فٌها األمة من مسابل األصول الكبار‬
‫وهً مسؤلة (الوعٌد)‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫‪.87/20‬‬ ‫( ) مجموع الفتاوى= البن تٌمٌة‬


‫( ) مجموع الفتاوى (‪.)501/12‬‬
‫( ) مجموع الفتاوى (‪.)99/35‬‬
‫( ) مجموع الفتاوى (‪.)230/3‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ –6‬أن الكفر نوعان‪:‬‬
‫‪ ‬كف ٌر أكبر مخرج عن الملة‪ ،‬ومحبط للعمل‪ ،‬وموجب للخلود فً النار‪ ،‬وال ٌؽفر‬
‫لصاحبه‪ ،‬وٌنفى عن صاحبه اسم اإلٌمان أصبلً وكماالً‪ ،‬كالسحر وسب هللا أو‬
‫رسوله أو دٌنه أو كتابه أو اإلعراض عن دٌن هللا!!‪..‬‬
‫‪ ‬وكفر أصؽر ال ٌخرج من الملة وال ٌحبط العمل وال ٌوجب الخلود فً النار‪ ،‬وهو‬
‫تحت مشٌبة هللا فً مؽفرته‪ ،‬وال ٌنافً أصل اإلٌمان‪ ،‬بل ٌنافً كماله الواجب‪ ،‬وهو‬
‫حكم الكبابر من الذنوب‪ ،‬كالنٌاحة على المٌت‪ ،‬والطعن فً األنساب‪ ،‬وقتال‬
‫المسلم‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫كما أن الشرك وال لم والفس والنفا نوعان أكبر‪ ،‬وأصؽر‪.‬‬
‫وهذا األمر مشهور معروؾ بٌن العلماء قد تواردوا علٌه‪ ،‬وال أ ن ذا علم ٌنكر‪ ،‬أو‬
‫ٌتطر إلٌه شك فٌه ‪ .‬ومضى فً النقل الساب عن ابن القٌم فً كتابه الصبلة ما‬
‫ٌإٌده‪.‬‬
‫فبل بد من التمٌٌز بٌن الكفر األكبر (االعتقادى)‪ ،‬والكفر األصؽر (العملً)‪ :‬كما مٌز‬
‫العلماء بٌن الكفر األكبر (االعتقادى) والقابم على إنكار أصل من أصول الدٌن‪،‬‬
‫والكفر األصؽر(العملً) أى المعصٌة كقوله – ‪" :– ‬ال ٌزنى الزانً حٌن ٌزنى‬
‫وهو مإمن"( )‪ .‬فاألول ٌوجب الخروج من الملة‪ ،‬والثانً ال ٌوجب ذلك‪ٌ .‬قول بن‬
‫هللا ُ َفؤ ُ ْولَ ِب َ‬
‫ك‬ ‫عباس – رضً هللا عنه – فً تفسٌر قوله تعال‪َ { :‬و َمن لَّ ْم ٌَحْ ُكم ِب َما أَ َ‬
‫نز َل َّ‬
‫ُون}[المابدة‪" ]44 :‬كفر دون كفر" وٌقول ابن القٌم ‪" :‬فؤما الكفر فنوعان‪:‬‬ ‫ُه ُم ْال َكا ِفر َ‬
‫كفر أكبر وكفر أصؽر‪ .‬فالكفر األكبر ‪ :‬هو الموجب للخلود فً النار‪ .‬واألصؽر‪:‬‬
‫موجب الستحقا الوعٌد دون الخلود"( )‪.‬‬
‫العذر بالجهل‪ :‬كما قالوا بعدم تكفٌر من جهل أن قوله كفرٌ‪ ،‬ودلٌل ذلك فً السنة –‬
‫‪" :– ‬اللهم اهد قومً فإنهم ال ٌعلمون"( )‪ .‬نقل الذهبً فً الموق ة عن ابن تٌمٌة‬
‫"كنت أقول للجهمٌة من الحلولٌة والنفاه الذٌن نفوا أن هللا فو العرش لما وقعت‬

‫( ) رواه البخاري فً صحٌحه برقم ( ‪.)2475‬‬


‫( ) مدارج السالكٌن‪.364/1:‬‬
‫( ) رواه البٌهقً فً شعب اإلٌمان ( ‪.)622/2‬‬

‫‪14‬‬
‫محنتهم‪ ،‬أنا لو وافقتكم كنت كافراً ألنً أعلم أن قولكم كفر‪ ،‬وأنتم عندي ال تكفرون‬
‫ألنكم جهال"( ) وكان هذا خطابا ً لعلمابهم وقضاتهم وشٌوخهم وأمرابهم‪ .‬وٌقول ابن‬
‫القٌم‪" :‬أما أهل البدع الموافقون ألهل اإلسبلم‪ ،‬ولكنهم مخالفون فً بعض األصول‬
‫كالرافضة والقدرٌة ونحوهم فهإالء أقسام‪ :‬أحدهما الجاهل المقلد الذي ال بصٌرة له‬
‫فهذا ٌكفر وال ٌفس وال ترد شهادته إذا لم ٌكن قادراً على تعلم الهدى ‪ ،‬وحكمه حكم‬
‫المستضعفٌن الذٌن ال ٌستطٌعون حٌلة وال ٌهتدون سبٌبلً فؤولبك عسى هللا أن ٌؽفر‬
‫عنهم"( )‪.‬‬
‫‪ –7‬أن هناك عبلقة بٌن الكفر األكبر والشرك األكبر‪ ،‬وهً عبلقة عموم وخصوص‪،‬‬
‫فكل شرك كفر‪ ،‬ولٌس كل كفر شركا ً‪.‬‬
‫فالذبح لؽٌر هللا ‪ ،‬والنذر له ‪ ،‬والخوؾ منه خوؾ عبادة‪ ،‬شرك مع هللا فً تلك‬
‫العبادات‪ ،‬وهو كفر أكبر مخرج عن الملة‪ ،‬ومناقض لئلٌمان‪.‬‬
‫أما سب هللا‪ ،‬ورسوله‪ ،‬ودٌنه ‪ ،‬أو االستخفاؾ بشرعه أو بالمصحؾ ونحو ذلك فهو‬
‫كفر مخرج عن الملة‪ ،‬وال ٌعد شركا ً فً االصطبلح‪.‬‬
‫وكذلك اإلعراض أو االستخفاؾ بشرعه أو بالمصحؾ ونحو ذلك فهو كفر مخرج‬
‫عن الملة‪ ،‬وال ٌعد شركا ً فً االصطبلح‪.‬‬
‫وكذلك اإلعراض أو االستكبار أو الشك واالرتٌاب فهو كفر أكبر وال ٌسمى شركا ً‪.‬‬
‫ومن القواعد هنا أصل وهو أن المسلم قد تجتمع فٌه المادتان الكفر واإلسبلم‪ ،‬والكفر‬
‫والنفا ‪ ،‬والشرك واإلٌمان‪ ،‬وأنه تجتمع فٌه المادتان وال ٌكفر كفرً ا ٌنقل عن الملة‬
‫كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ولم ٌخالؾ فً ذلك إال أهل البدع‪.‬‬
‫‪ –8‬التوقؾ فً تكفٌر المُعٌِّن ٌكون فً األشٌاء التً قد ٌخفى دلٌلها‪.‬‬
‫قال الشٌخ محمد بن إبراهٌم ‪" :‬إن الذٌن توقفوا فً تكفٌر المعٌن فً األشٌاء التً قد‬
‫ٌخفى دلٌلها‪ ،‬فبل ٌكفر حتى تقوم علٌه الحجة الرسالٌة من حٌث الثبوت والداللة…‬
‫وأما ما عُلم بالضرورة أن رسول هللا – ‪ – ‬جاء به‪ ،‬وخالفه – المعٌن – فهذا ٌكفر‬

‫)‬ ‫(‬
‫الموق ة للذهبً ‪.184‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫الطر الحكمٌة= البن القٌم‪ ،‬ص‪.174‬‬

‫‪15‬‬
‫بمجرد ذلك وال ٌحتاج إلى تعرٌؾ سواء باألصول أو الفروع ما لم ٌكن حدٌث عهد‬
‫باإلسبلم"( )ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫أي‪ :‬أنَّ شرط توفر الشروط وانتقاء الموانع لٌس مطلقا ً بل هو فً المسابل التً ٌخفى‬
‫‪ ،‬كما قال شٌخ‬ ‫علمها على مثل ذلك المعٌَّن؛ ألن ما ٌُعلم بالضرورة أم ٌر نسبً‬
‫اإلسبلم فً "مجموع الفتاوى "( )‪" :‬فكون الشًء معلوما ً من الدٌن ضرورة أم ٌر‬
‫إضافً فحدٌث العهد باإلسبلم ومن نشؤ ببادٌة بعٌدة قد ال ٌعلم هذا بالكلٌة فضبلً عن‬
‫كونه ٌعلمه بالضرورة وكثٌ ٌر من العلماء ٌعلم بالضرورة أن النبً سجد للسهو‬
‫وقضى بالدٌة على العاقلة‪ ،‬وقضى أنَّ الولد للفراش ‪ ،‬وؼٌر ذلك مما ٌعلمه الخاصة‬
‫بالضرورة وأكثر الناس ال ٌعلمه البتة"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال – رحمه هللا – فً "درء التعارض"( )‪" :‬وكذلك كون العلم ضرورٌا ً ون رٌا ً ‪،‬‬
‫حال‬
‫شخص وفً ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واالعتقاد قطعٌا ً و نٌا ً أمو ٌر نسبٌة فقد ٌكون الشًء قطعٌا ً عند‬
‫حال أخرى مجهول فضبلً عن أنْ ٌكون م نونا ً وقد ٌكون الشًء‬ ‫آخر وفً ٍ‬ ‫وهو عند ٍ‬
‫حال أخرى"ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫آخر وفً ٍ‬ ‫لشخص َ‬ ‫ٍ‬ ‫حال ون رٌا ً‬ ‫لشخص وفً ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ضرورٌا ً‬
‫فما قد ٌكون معلوم بالضرورة عند العالم قد ال ٌكون معلوما ً عند طالب العلم ‪ ،‬وما قد‬
‫‪،‬‬ ‫ٌكون معلوما ً بالضرورة عند طالب العلم قد ال ٌكون معلوما ً عند عامة الناس‬
‫وهكذا‪...‬‬
‫‪ –9‬الرضى بالكفر كفر‪.‬‬
‫من رضً بالكفر ‪ ،‬وحسَّنه أو أقر بشرعٌته من ؼٌر إكراه ورضٌه أن ٌكون أو‬ ‫ؾ‬
‫ٌسود فهو كافر اهراً وباطنا ً‪.‬‬
‫ومن األدلة على هذه القاعدة قوله تعالى‪َ { :‬و َق ْد َن َّز َل َعلَ ٌْ ُك ْم فًِ ْال ِك َتا ِ‬
‫ب أَنْ إِ َذا َس ِمعْ ُت ْم‬
‫ث َؼٌ ِْر ِه‪....‬‬ ‫هللا ٌُ َك َف ُر ِب َها َوٌُسْ َته َْزأ ُ ِب َها َفبلَ َت ْق ُع ُدو ْا َم َع ُه ْم َح َّتى ٌَ ُخوضُو ْا فًِ َحدٌِ ٍ‬
‫ت ِّ‬‫آ ٌَا ِ‬
‫} [النساء‪.]140:‬‬
‫قال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪" :‬تؽٌٌر المنكر ٌكون تارة بالقلب‪ ،‬وتارة باللسان‪ ،‬وتارة‬

‫)‬ ‫(‬
‫فتاوى الشٌخ ابن إبراهٌم ‪.184/11‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪.)118/13‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫درء تعارض العقل والنقل= البن تٌمٌة (‪.)304/3‬‬

‫‪16‬‬
‫بالٌد‪ ،‬فؤما القلب فٌجب بكل حال‪ ،‬إذ ال ضرر فً فعله‪ ،‬ومن لم ٌفعله فلٌس هو‬
‫بمإمن"( )‪.‬‬
‫‪" :‬إن معنى اآلٌة على‬ ‫وقال الشٌخ سلٌمان بن عبد هللا بن محمد بن عبد الوهاب‬
‫اهرها‪ ،‬وهو أن الرجل إذا سمع آٌات هللا ٌكفر بها وٌستهزأ بها فجلس عند الكافرٌن‬
‫المستهزبٌن من ؼٌر إكراه وال إنكار وال قٌام عنهم حتى ٌخوضوا فً حدٌث ؼٌره‬
‫فهو كافر مثلهم‪ ،‬وإن لم ٌفعل فعلهم ألن ذلك ٌتضمن الرضى بالكفر‪ ،‬والرضى‬
‫بالكفر كفر‪ .‬وبهذه اآلٌة ونحوها استدل العلماء على أن الراضً بالذنب كفاعله‪ ،‬فإن‬
‫ادعى أنه ٌكره ذلك بقلبه لم ٌقبل منه‪ ،‬ألن الحكم على ال اهر وهو قد أ هر الكفر‬
‫فٌكون كافراً( )‪.‬‬
‫الرضى مقرُّ ه القلب وهو أمر باطن ال سبٌل لنا إلى معرفته والحكم علٌه إال من‬ ‫ؾ‬
‫خبلل قرابن لف ٌة وعملٌة اهرة على الجوارح تدل علٌه‪ ،‬فمن أتى بشًء منها كان‬
‫داالً على حقٌقة باطنه وما و َّقر فً القلب‪ ،‬وأع مه اإلقرار واالعتراؾ والتصرٌح!‬
‫وكذا الجلوس فً مجالس الكفر‪ ،‬واالستهزاء بالدٌن‪ .‬اآلٌة السابقة قال القرطبً فً‬
‫التفسٌر‪" :‬ألن من لم ٌجتنبهم فقد رضً فعلهم والرضى بالكفر كفر‪" ....‬الخ( )‪.‬‬
‫واالستهزاء بالدٌن وهو على سبٌل المثال الخوض واللعب والبلمباالة واالستهتار‪.‬‬
‫قال أبو بكر بن العربً‪ " :‬فإن الهزل بالكفر كفر ال خبلؾ فٌه بٌن األمة"( )‪.‬‬
‫‪ –10‬التوقؾ فً عدم تكفٌر المعٌن – حتى تتوفر الشروط وتنتفً الموانع – اآلتً بٌانها‬
‫بٌقٌن أو‬
‫ٍ‬ ‫إن شاء هللا فً الفصلٌن‪ :‬األول والثانً‪ .‬و إنما ٌكون ذلك فٌمن ثبت إسبلمه‬
‫ج ُِهل حاله‪ ،‬وأما من ثبت كفره فبل ٌتوقؾ فٌه‪.‬‬
‫‪ –11‬أن الكفر‪ ،‬كما ورد فً موارده المعتبرة فً نصوص الوحٌٌن الشرٌفٌن‪ :‬كتاب هللا‬
‫وسنة رسوله – ‪ٌ ،– ‬رد على صورتٌن‪:‬‬
‫أ– معرَّ فا ً بااللؾ والبلم‪ ،‬فالمراد به الكفر المعهود أو المستؽر فً الكفر وهو‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪.)226/28‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫تٌسٌر العزٌز الحمٌد ص ‪.353‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫الجامع ألحكام القرآن= للقرطبً (‪.)418/5‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫أحكام القرآن= البن العربً (‪.)197/8‬‬

‫‪17‬‬
‫المخرج من الملة‪.‬‬
‫ب– وٌؤتً منكراً ؼٌر معرَّ ؾ ال باأللؾ والبلم وال باإلضافة والتخصٌص‪ .‬فبل ٌعد‬
‫بالصورة الثانٌة كفراً أكبر‪ ،‬بل األصل فٌه أنه كفر أصؽر ال ٌخرج من الملة‪.‬‬
‫ومثل الفر بٌن تلك الصورتٌن للف ة الكفر‪ ،‬كذلك هناك فر بٌن االسم المطل‬
‫للكفر‪ ،‬وبٌن مطل اسم الكفر‪ ،‬كما قلنا سابقاً‪ ،‬والمطلب العاشر فً الفر بٌن اإلٌمان‬
‫المطل ومطل اإلٌمان‪ .‬وهذا المعنى هو ما قرره الشٌخ أبو العباس ابن تٌمٌة فً‬
‫كتابه "اقتضاء الصراط المستقٌم" ( ) حٌث ٌقول ‪" :‬وروى مسلم فً صحٌحه عن‬
‫األعمش عن أبً صالح عن أبً هرٌرة – رضً هللا عنه – قال ‪ :‬قال رسول هللا –‬
‫‪" :– ‬اثنتان فً الناس هما بهم كفر" ( )‪ .‬أي‪ :‬هاتان الخصلتان هما كفر قابم‬
‫بالناس‪ ،‬ففً الخصلتٌن كفر‪ ،‬حٌث كانتا من أعمال الكفار‪ ،‬وهما قابمتان بالناس‪ ،‬لكن‬
‫لٌس كل من قام به شعبة من شعب الكفر ٌصٌر كافراً الكفر المطل ‪ ،‬حتى تقوم به‬
‫حقٌقة الكفر‪.‬‬
‫كما أنه لٌس كل من قام به شعبة من شعب اإلٌمان ٌصٌر مإمناً‪ ،‬حتى ٌقوم به‬
‫ـــــ ر بٌن الكفر المعرؾ بالبلم‪ ،‬كما فً قوله – ‪" :– ‬لٌس‬ ‫أصــــل اإلٌمان وؾ‬
‫بٌن العبد وبٌن الكفر أو الشرك إال ترك الصبلة"( )‪ .‬وبٌن كفر منكر فً اإلثبات‪.‬‬
‫وفر أٌضا ً بٌن معنى االسم المطل إذا قٌل كافر‪ ،‬أو مإمن‪ ،‬وبٌن المعنى المطل‬
‫لبلسم فً جمٌع موارده‪ ،‬كما فً قوله‪" :‬ال ترجعوا بعدي كفاراً ٌضرب بعضكم‬
‫رقاب بعض‪".‬‬
‫فقوله‪ٌ":‬ضرب بعضكم رقاب بعض" تفسٌر الكفار فً هذا الموضع‪ ،‬وهإالء ٌسمون‬
‫كفاراً تسمٌة مقٌدة‪ ،‬وال ٌدخلون فً االسم المطل إذا قٌل‪ :‬كافر‪ ،‬ومإمن‪.‬‬
‫كما أن قوله – تعالى –‪( :‬من ماء داف ) سمى المنً ماء تسمٌة مقٌدة‪ ،‬ولم ٌدخل فً‬
‫االسم المطل حٌث قال‪َ { :‬فلَ ْم َت ِج ُدو ْا َما ًء َف َت ٌَ َّممُو ْا} [النساء‪.]43 :‬‬
‫‪12‬ـ أن الزم المذهب لٌس ببلزم‪ :‬كما قرر العلماء أن الكفر الذى ٌلزم من مذهب أو قول‬

‫( ) اقتضاء الصراط المستقٌم= البن تٌمٌة ‪.238–237/1‬‬


‫( ) صحٌح مسلم برقم (‪.)67‬‬
‫( ) رواه أبو داود برقم (‪ )75‬والنسابً برقم (‪.)463‬‬

‫‪18‬‬
‫معٌن ال ٌوجب التكفٌر إال إذا أ ُدرك ذلك اللزوم صاحب المذهب أو القول‪ ،‬ال شٌخ‬
‫اإلسبلم ابن تٌمٌة – رحمه هللا –‪" :‬فبلزم المذهب لٌس بمذهب‪ ،‬إال أن ٌلتزمه‬
‫صاحب المذهب‪ ،‬فخل كثٌر من الناس ٌنفون ألفا ا ً أو ٌثبتونها‪ ،‬بل ٌنفون معانً أو‬
‫ٌثبتونها‪ ،‬وٌكون ذلك مستلزما ً ألمور هً كفر‪ ،‬وهم ال ٌعلمون بالمبلزمة "( )‪ .‬وقال‬
‫فً موضع آخر‪ ..." :‬ولو كان الزم المذهب مذهبا ً للزم تكفٌر كل من قال عن‬
‫االستواء وؼٌره من الصفات أنه مجاز لٌس بحقٌقة؛ فإن الزم هذا القول ٌقتضً أن‬
‫ال ٌكون شًء من أسمابه وصفاته حقٌقة"( )‪.‬‬
‫‪ –13‬أن أهل السنة والجماعة ٌع مون لف التكفٌر جداً‪ ،‬وٌجعلونه حقا ً هلل ولرسوله –‬
‫‪ – ‬فقط فبل ٌجوز وال ٌسوغ عندهم تكفٌر أحد إال من كفّره هللا ُ أو كفّره رسولُه‪.‬‬
‫ولذا ٌقول الطحاوي فً عقٌدته المشهورة المتداولة‪":‬وال نكفر أحداً من أهل القبلة‬
‫بذنب ما لم ٌستحله‪ .‬وال نقول‪ :‬ال ٌضر مع اإلٌمان ذنب لمن عمله"‪.‬‬
‫وكذا قرره ابن تٌمٌه فً عقٌدته الواسطٌة المتلقاة بالقبول حٌث ٌقول‪:‬‬
‫"فصل‪ :‬من أصول أهل السنة أن الدٌن واإلٌمان قول وعمل‪ :‬قول القلب واللسان‪،‬‬
‫وعمل القلب واللسان والجوارح‪ ،‬وأن اإلٌمان ٌزٌد بالطاعة وٌنقص بالمعصٌة‪.‬‬
‫"وهم مع ذلك ال ٌكفرون أهل القبلة بمطل المعاصً والكبابر‪ ،‬كما ٌفعله الخوارج‪،‬‬
‫بل األخوّ ة االٌمانٌة ثابتة مع المعاصً‪ ."..‬إلى آخر الفصل‪.‬‬
‫" وإنما أهل البدع واألهواء هم الذٌن شعارهم تكفٌر من خالفهم‪ ،‬فضبلً عن لمزهم‬
‫وتعٌٌرهم‪ .‬لذا ٌقول – رحمه هللا – فً‪" :‬الكٌبلنٌة"( )‪:‬‬
‫"لٌس ألحد أن ٌكفر أحداً من المسلمٌن وإن أخطؤ وؼلط حتى تقام علٌه الحجة وتبٌن‬
‫له المحجة‪ ،‬ومن ثبت إسبلمه بٌقٌن لم ٌَ ُز ْل ذلك عنه بالشك‪ ،‬بل ال ٌزول إال بعد إقامة‬
‫الحجة وإزالة الشبهة‪.‬‬
‫فصل‪ :‬وأما تكفٌر قابل هذا القول فهو مبنً على أصل ال بد من التنبٌه علٌه‪ ،‬فإنه‬
‫بسبب عدم ضبطه اضطربت األمة اضطرابا ً كثٌراً فً تكفٌر أهل البدع واألهواء‪،‬‬

‫( ) مجموع الفتاوى‪.306/5 :‬‬


‫( ) مجموع الفتاوى‪.217/20 :‬‬
‫‪.466/12‬‬ ‫( ) مجموع الفتاوى "الكٌبلنٌة"= البن تٌمٌة‬

‫‪19‬‬
‫كما اضطربوا قدٌما ً وحدٌثا ً فً سلب اإلٌمان عن أهل الفجور والكبابر‪.‬‬
‫صار كثٌر من أهل البدع مثل الخوارج والقدرٌة والجهمٌة والممثلة ٌعتقدون اعتقاداً‬
‫هو ضبلل ٌرونه هو الح ‪ ،‬وٌرون كفر من خالفهم فً ذلك‪ ،‬فٌصٌر منهم َشوبٌ‬
‫قوي من أهل الكتاب فً كفرهم بالح و لمهم للخل ‪ ،‬ولعل أكثر هإالء المكفرٌن‬
‫ٌك ِّفر ب "المقالة" التً ال تفهم حقٌقتها وال تعرؾ حجتها‪.‬‬
‫وبإزاء هإالء المكفرٌن بالباطل أقوام ال ٌعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما‬
‫ٌجب‪ ،‬أو ٌعرفون بعضه وٌجهلون بعضه‪ ،‬وما عرفوه منه قد ال ٌبٌنونه للناس بل‬
‫ٌكتمونه‪ ،‬وال ٌنهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة‪ ،‬وال ٌذمون أهل البدع‬
‫وٌعاقبونهم‪ ،‬بل لعلهم ٌذمون الكبلم فً السنة وأصول الدٌن ذما ً مطلقا ً ال ٌفرقون فٌه‬
‫بٌن ما دل علٌه الكتاب والسنة واإلجماع‪ ،‬وما ٌقوله أهل البدع والفرقة‪ ،‬أو ٌقرون‬
‫الجمٌع على مناهجهم المختلفة‪ ،‬كما ٌقرّ العلماء فً مواضع االجتهاد التً ٌسوغ فٌها‬
‫النزاع‪ ،‬وهذه الطرٌقة قد تؽلب على كثٌر من المرجبة وبعض المتفقهة والمتصوفة‬
‫والمتفلسفة‪ ،‬كما تؽلب األولى على كثٌر من أهل األهواء والكبلم‪ ،‬وكلتا هاتٌن‬
‫الطرٌقتٌن منحرفة خارجة عن الكتاب والسنة‪.‬‬
‫والمقصود أن المبتدعة‪ ،‬على تنوع مشاربهم وتباٌن أصولهم ومناهجهم‪ٌ ،‬روج‬
‫عندهم تكفٌر مخالفٌهم عند أدنى مخالفة‪ ،‬فً حٌن ٌتحرج أهل السنة والجماعة من‬
‫تكفٌر المخالؾ حرجا شدٌداً‪ ،‬ألن التكفٌر حكم شرعً‪ ،‬وهو ح هلل ولرسوله – ‪‬‬
‫–‪ ،‬وهو خطٌر فً اآلثم دنٌا وعاقبة‪ ،‬ولذا فهم ال ٌإاخذون بلوازم األقوال فً التكفٌر‬
‫حتى ٌكون الكفر صرٌحا ً ال لبس فٌه‪ ،‬كما ال ٌعولون فً التكفٌر على ال نون‬
‫واألوهام واألهواء ‪ ،‬وإنما المعول علٌه عنهم األمر البواح الذي لهم فٌه من هللا‬
‫سلطان وحجة اهرة وبرهان‪.‬‬
‫‪ –14‬أن أهل السنة الجماعة ٌفرقون بٌن الكفر المطل والكفر المعٌن‪ ،‬فهم ٌقرون بالكفر‬
‫األكبر مطلقا ً على ؼٌر معٌنٌن‪ ،‬ولهم شروط وضوابط وتورع ودٌانة فً إٌقاعه على‬
‫المعٌنٌن‪ ،‬فإنهم ٌرون كفر المعٌن ٌقع علٌه بنفسه‪ ،‬وأهم هذه الشروط فً إٌقاع الكفر‬
‫األكبر علٌه‪ :‬بلوغ الحجة علٌه‪ ،‬واندفاع الشبهة عنه‪ ،‬وممن اعتنى بهذه المسؤلة‬

‫‪20‬‬
‫تفصٌبلً أبمة الدعوة النجدٌة من الشٌخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬فؤبناإه وتبلمٌذهم‪،‬‬
‫فإنهم أجلوها وحققوها تحقٌقا ً ال تكاد تجده عند ؼٌرهم‪ ،‬وٌضٌ المقام فً الواقع عن‬
‫تتبع كبلمهم وجمعه هنا فالحمد هلل‪.‬‬
‫واجبة فً المقدور علٌه‪ ،‬وال تجب فً الممتنع‬ ‫ٌ‬ ‫تنبٌه‪ :‬هذه الضوابط فً تكفٌر المعٌن‬
‫وال المحارب‪ ،‬أي‪ :‬البد أنْ نفر بٌن أمرٌن‪ :‬بٌن الحكم بتكفٌر المعٌن وبٌن إقامة‬
‫أحكام الردة على ذلك المعٌن‪ ،‬فبل ٌلزم من عدم إقامة أحكام الردة عدم تكفٌر المعٌن‪.‬‬
‫مثال ذلك من الواقع‪ :‬من انتسب إلى اإلسبلم ولكن ثبت ٌقٌنا ً أنه كافر وهو ؼٌر‬
‫مقدور على إقامة األحكام الشرعٌة المترتبة علٌه‪ ،‬فبل ٌلزم‬ ‫ٍ‬ ‫مقدور علٌه‪ ،‬أي‪ :‬ؼٌ ُر‬
‫من ذلك عدم تكفٌره‪.‬‬
‫وأما المحارب ففر ٌ ُُ بٌن أن ٌؽزوا المسلمون بلده فهذا ُت َبلَّ ُػ له الحجة؛ ألن القصد‬
‫من الجهاد تبلٌ ُػ الدٌن‪ ،‬وأما إنْ ؼزا المحارب ببلد المسلمٌن فبل تجب إقامة الحجة‬
‫علٌه بل الواجب دفعه إجماعا ً كما نقله ؼٌر واحد من أهل العلم وهذا فً جهاد الدفع‪.‬‬
‫وهنا أمر مهم ال بد من التفطن له وهو أن ثمة فرقا ً بٌن مراحل ثبلث فً الكفر‬
‫المخرج عن الملة والموجب للردة‪ ،‬وهً‪:‬‬
‫‪ –1‬تعٌٌن أن هذا الجرم هو من الكفر األكبر‪ ،‬بالدالبل الشرعٌة‪.‬‬
‫‪ –2‬ثم مرحلة تكفٌر المعٌن المواقع لهذا الجرم‪ ،‬باجتماع الشروط فٌه وانتفاء الموانع‬
‫ً‬
‫أصالة‪.‬‬ ‫عنه وهو مناط بالقضاة الشرعٌٌن‬
‫‪ –3‬ثم مرحلة ثالثة بعدم القطع له بعد الموت بالخلود فً النار‪ ،‬مع إجراء أحكام‬
‫الكفر علٌه فً أحكام الدنٌا‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ –15‬أحكام الكفر فً الدنٌا تجُرى على ال اهر‪ .‬فمن أ هر الكفر–وتوفرت فٌه الشروط‬
‫وانتفت الموانع– فإنه ٌُ َك َّفرُ‪ ،‬وأما عن باطنه فعلمه عند هللا تعالى‪.‬‬
‫وصلى هللا على نبٌنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث الثانً‬
‫الفر بٌن التكفٌر المطل والتكفٌر المُعٌَّن‬

‫هذه المسؤلة أصل ع ٌم من أصول التكفٌر‪ٌ ،‬جب التؤنً بها وفهمها الفهم الصحٌح‬
‫لببل تزل بها األفهام والعقول‪ ،‬وكثٌر من التكفٌرٌٌن والخابضٌن فً التكفٌر لم ٌفطنوا‬
‫للفر بٌن التكفٌر المطل والتكفٌر المُعٌَّن‪ ،‬وقد فر العلماء المحققون بٌن تكفٌر المطل‬
‫وبٌن تكفٌر القابل أو المُعٌَّن‪ ،‬وهو فر ٌ ع ٌم من فتح هللا علٌه وتؤمل فً األدلة‪ ،‬ثم سبر‬
‫كبلم أهل العلم فً هذ ا الم وضوع اتضحت له المسؤلة وتجلَّت ‪ ،‬وسلم من الوقوع فً خطؤ‬
‫المجازفة والخلط بإذن هللا‪.‬‬
‫ومما جاء من األدلة الشرعٌة ما ٌستنبط من هدي نبً هللا محمد – ‪ – ‬لما فر‬
‫بٌن اللعن العام ولعن المعٌن‪ ،‬ما رواه البخاري فً صحٌحه عن عمر أمٌر المإمنٌن –‬
‫رضً هللا عنه – أن رجبلً كان على عهد النبً وكان اسمه عبد هللا‪ ،‬وكان ٌلقب حماراً‪،‬‬
‫وكان ٌُضحك النبً – ‪ ،– ‬وكان النبً قد جلده فً الشراب‪ ،‬فؤُتى به ٌوماً‪ ،‬فؤمر بجلده‪،‬‬
‫– ‪« :– ‬ال تلعنه‪،‬‬ ‫فقال رجل من القوم‪ :‬اللهم العنه‪ ،‬ما أكثر ما ٌإتى به‪ ،‬فقال النبً‬
‫فوهللا ما علمت إال أنه ٌحب هللا ورسوله»( )‪.‬‬
‫ولهذا قال شٌخ اإلسبلم ا بن تٌمٌة – رحمه هللا –‪" :‬فنهى عن لعنه مع إصراره على‬
‫الشرب‪ ،‬لكونه ٌحب هللا ورسوله مع أنه لعن فً الخمر عشرة‪...‬ولكن لعن المطل ال‬
‫ٌستلزم لعن المعٌن‪ ،‬الذي قام به ما ٌمنع لحو اللعنة به‪ ،‬وكذلك التكفٌر المطل والوعٌد‬
‫وانتفاء‬ ‫المطل ‪،‬ولهذا كان الوعٌد المطل فً الكتاب والسنة مشروطا ً بثبوت شروط‪،‬‬
‫موانع"( )‪.‬‬
‫وكان هدي السلؾ الصالح مثاالً ٌُهتدى‪ ،‬ومنهج ٌُترسح وإلٌك موقؾ اإلمام المبجل‬
‫أحمد ابن حنبل من الجهمٌة والخبلفة الذٌن حملوا الناس على القول بخل القرآن وامتحنوا‬
‫ي عرؾ عنه–‬ ‫العلماء من أجله ودعوا إلى هذه البدعة‪ ،‬ومع فتواه بؤن هذا القول كفر‪،‬لم ُ‬

‫)‬ ‫(‬
‫صحٌح البخاري رقم (‪ )6780‬وان ر‪ :‬فتح الباري (‪.)80–76/12‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪.329/10‬‬

‫‪22‬‬
‫رحمه هللا تعالى– أنه كفر أحداً بعٌنه‪ ،‬بل نقل عنه عدم تكفٌر الخلٌفة الذي تقلد هذه البدعة‬
‫وعذبه وسجنه من أجل صبره على الح ومخالفته إٌاه! فنقل عنه قوله ل مبعوث الخلٌفة‬
‫المعتصم إلٌه "أرى طاعته فً العسر والٌسر والمنشط والمكره واألثر‪ ،‬وإنً آلسؾ عن‬
‫تخلفً عن صبلة الجماعة"( )‪.‬‬
‫وهذا ترسُّم من اإلمام أحمد رحمه هللا لما جاء فً الصحٌحٌن من حدٌث ابن عمر –‬
‫رضً هللا عنهما – مرفوعا ً‪" :‬على المرء المسلم السمع والطاعة‪ ،‬فٌما أحب وكره‪ ،‬إال أن‬
‫ٌإمر بمعصٌة‪ ،‬فإن أمر بمعصٌة فبل سمع وال طاعة"( )‪.‬‬
‫وأٌضًا فو ذلك دعا للخلٌفة وؼٌره‪ ،‬ممن آذاه‪ :‬بضربه وسجنه وتسبب فً افتتان‬
‫الناس وصدهم عن الح ‪ ،‬واستؽفر لهم وحللهم مما فعلوه به من ال لم والدعاء إلى القول‬
‫بخل القرآن الذي هو "كفر" إذ لوا كانوا مرتدٌن لم ٌجز االستؽفار لهم ؟! فإن االستؽفار‬
‫للكفار ال ٌجوز بنص كتاب هللا وسنة رسوله – ‪ – ‬وإجماع المسلمٌن! فتؤمل‪.‬‬
‫كذلك فإن اإلمام أحمد – رحمه هللا – وقد نقل عنه من وجوه كثٌرة التصرٌح ‪ :‬تكفٌر‬
‫أمثال "الجهمٌة" وهم‪ :‬المعطلة لصفات الرحمن! ألن قولهم‪:‬صرٌح فً مناقضة ما جاء به‬
‫رسول هللا من القرآن والسنة‪ ،‬أطل وهو وؼٌره من علماء السنة المعتبرٌن هذه‬
‫العمومات‪ ،‬إال أنه –رحمه هللا–لم ٌشتهر عنه – تكفٌر أعٌانهم‪.‬‬
‫قال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة –رحمه هللا–‪" :‬وهذه األقوال واألعمال منه ومن ؼٌره من‬
‫األبمة صرٌحة فً أنهم لم ٌكفروا المُعٌِّنٌن من الجهمٌة الذٌن كانوا ٌقولون‪ :‬القرآن‬
‫مخلو ‪ ،‬وأن هللا ال ٌرى فً اآلخرة‪ .‬وقد نقل عن أحمد ما ٌدل على أنه كفر به قوما ً‬
‫معٌنٌن‪ ،‬فؤما أن ٌذكر عنه فً المسؤلة رواٌتان ففٌه ن ر؟ أو ٌحمل األمر على التفصٌل‪،‬‬
‫فٌقال‪ :‬من كفر بعٌنه فلقٌام الدلٌل على أنه وجدت فٌه شروط التكفٌر وانتفت موانعه‪ ،‬ومن‬
‫بعٌن فبلنتفاء ذلك فً حقه‪،‬هذا مع إطبل قوله بالتكفٌر على سبٌل العموم"( )‪.‬‬ ‫لم ٌكفر ه‬
‫علم ورسوخ فً الدٌن وحسن استدالل وقوة ن ٍر فً‬ ‫وما كان هذا إال لما آتاهم هللا من ٍ‬
‫ً‬
‫وخشٌة من أن‬ ‫األدلة من الوحٌٌن‪ ،‬الكتاب والسنة‪ ،‬ولعلمهم بآثار ذلك من استحبلل للدم‪،‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ‪.507/7‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫رواه البخاري فً صححٌه رقم (‪ ،)2955‬ومسلم فً صحٌحه رقم (‪.)1839‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪.)489–487 /12‬‬

‫‪23‬‬
‫ٌؤتً هذا المكفر أو ذاك ٌوم القٌامة بٌن ٌدي أحكم الحاكٌن وأرحم الراحمٌن من ٌعلم‬
‫خابنة األعٌن وما تخفً الصدور‪ ،‬ثم ٌقول‪ٌ:‬ا رب سل هذا فٌما كفرنً أو ٌقول فٌما قتلنً‬
‫أو استحل قتلً؟ أو فٌما استحل عرضً؟ أو لم بدعَّنً أو فسقنً‪.‬‬
‫وٌقول شٌخنا ابن عثٌمٌن – رحمه هللا – فً مسؤلة "اللعن"‪" :‬لما ذكر المإلؾ رحمه‬
‫هللا تعالى – ٌعنً اإلمام النووي فً كتابه "رٌاض الصالحٌن" – تحرٌم لعن المعٌن‪ ،‬وأنه‬
‫ال ٌجوز أن تلعن شخصا ً معٌنا ً ولو كان كافرا مادام حٌا‪ ،‬ألنك ال تدري فلعل هللا أن ٌهدٌه‬
‫فٌعود إلى اإلسبلم إن كان مرتداً أو ٌسلم إن كان كافراً أصلٌا ً‪..‬إلى أن قال‪ :‬ألن هناك فرقا ً‬
‫بٌن المعٌن وبٌن العام‪ ،‬فٌجوز أن تلعن أصحاب المعاصً على سبٌل العموم إذا كان ذلك‬
‫ال ٌخص شخصا ً بعٌنه"( )‪.‬‬
‫وال شك أن إطبل الكفر على المعٌنٌن مثل هذا‪ ،‬بل أع م وأشد من مجرد لعنه‪،‬‬
‫فاللعن دعاء أو إخبار‪ ،‬فما كان دعاء فهو فً حكم القبول أو عدمه عند المدعو سبحانه‪،‬‬
‫وما كان من إخبار فهو من علم الؽٌب بؤنه مبعد مطرود من رحمة هللا‪.‬‬
‫وعلى كل حال فقد كان السلؾ الصالح‪ ،‬والعلماء المحققون من بعدهم السابرون على‬
‫منهجهم ٌتحرجون من إٌقاع التكفٌر على المُعٌِّنٌن حتى ٌقوم الدلٌل الصحٌح الصرٌح على‬
‫ودٌانة وحذراً من العواقب‪ ،‬فلله درهم‪ ،‬ونحن مطالبون بذلك‬ ‫ً‬ ‫تكفٌرهم‪ ،‬كل هذا ورعا ً‬
‫أٌضاً‪ ،‬فالواجب الحذر واالنتباه الشدٌد وهللا المستعان‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫شرح رٌاض الصالحٌن (‪.)156/4‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول‬
‫شروط تكفٌر المُعٌَّن‬

‫ك الخبلؾ الكبٌر الواقع فً تنزٌل‬ ‫وهذا البحث هو زبدة الحدٌث عن التكفٌر‪ ،‬ومح ُّ‬
‫أحكام التكفٌر على األشخاص واألعٌان‪ .‬إذ الكبلم فً التكفٌر المطل ‪ ،‬وهو بالضرورة‬
‫– ‪ – ‬فً‬ ‫ؼٌر المُعٌن‪ ،‬حٌث ُتعلم بؤوصاؾ الكفر األكبر التً حكم بها هللا ورسوله‬
‫الوحٌٌن الشرٌفٌن‪ :‬القرآن الكرٌم والسنة الصحٌحة؛ إذ علمنا بؤن التكفٌر حكم شرعً‬
‫– ‪ – ‬كما جاء فً أدلة‬ ‫محض‪ ،‬فمرده إلى الشرع الشرٌؾ‪ ،‬فهو ح هلل ولرسوله‬
‫الوحٌٌن ولهذا فالقاعدة الشرعٌة المتف علٌها‪:‬‬
‫‪ ‬أن من ك َّفره هللا سبحانه ورسوله – ‪ – ‬جنسًا كالٌهود والنصارى والمشركٌن‪،‬‬
‫نكفره‪.‬‬
‫‪ ‬ومن ك َّفره هللا ورسوله – ‪ – ‬عٌ ًنا كإبلٌس وفرعون وأبً جهل‪ ،‬فنكفرهم‪.‬‬
‫‪ ‬ومن كفرهم هللا ورسوله – ‪ – ‬وص ًفا كالمستهزئ باهلل ورسوله وكتابه ودٌنه‪،‬‬
‫نكفرهم‪ .‬كما سب التنوٌه به‪.‬‬
‫فٌدور األمر فً التكفٌر المطل – ؼٌر المعٌن – على داللة كبلم هللا القرآن وسنة‬
‫رسوله – ‪ – ‬خٌر البٌان على أن هذا القول أو الفعل أو االعتقاد كفر‪ ،‬ثم ٌؤتً دور‬
‫العلماء فً تقرٌر ذلك واستنباط من خبلل استقراء أدلة الوحٌٌن الشرٌفٌن وتنزٌلهما على‬
‫الناس‪.‬‬
‫وهذا فً الحقٌقة دو ٌر وعم ٌل ٌقع على صنفٌن من المكلفٌن‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪1‬ـ القضاة الشرعٌون الذٌن ٌحكمون بشرع هللا على األعٌان‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ العلماء الراسخون الذٌن قد ال تكون لهم والٌة قضاء ونحوه‪ ،‬فبما عندهم من علم‬
‫– ‪ – ‬على‬ ‫وعقل وإدراك لمقاصد الشرٌعة‪ ،‬لهم إنزال أحكام هللا ورسوله‬
‫المعٌنٌن‪ ،‬وهذا ما تقرر عند عامة الفقهاء باجتماع الشروط وانتفاء الموانع‪ ،‬أي‬
‫بالنسبة للمعٌِّنٌن‪ .‬وبهذا نخلً أنفسنا من تبعة التكفٌر المعٌن‪ ،‬إذا علمنا أهله ورجاله‬
‫المختصٌن به‪ ،‬كما سب ‪ ،‬ومن عُوفً فلٌحمد هللا‪ ،‬فإن العافٌة ال ٌعدلها شًء!‬

‫‪25‬‬
‫وفً هذا قال الشٌخ محمد عثٌمٌن – رحمه هللا –‪" :‬وعلى هذا فٌجب قبل الحكم على‬
‫المسلم بكفر أو فس ؛ أن ٌن ر فً أمرٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬داللة الكتاب والسنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفس ‪.‬‬
‫الثانً‪ :‬انطبا هذا الحكم على القابل المعٌن أو الفاعل المعٌن بحٌث تتم شروط التكفٌر أو‬
‫التفسٌ فً حقه وتنتفً الموانع"‪.) (.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعً – رحمه هللا –‪" :‬هلل تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر‬
‫بها نبٌه أمته‪ ،‬وال ٌسع أحداً من خل هللا قامت علٌه الحجة ردها‪ ،‬ألن القرآن نزل بها‪،‬‬
‫وصح عن رسول هللا – ‪ – ‬القول بها فٌما روى عنه العدول؛ فإن خالؾ ذلك بعد ثبوت‬
‫الحجة علٌه فهو كافر‪ ،‬فؤما قبل ثبوت الحجة علٌه فمعذور بالجهل‪ ،‬ألن علم ذلك ال ٌقدر‬
‫بالعقل‪ ،‬وال بالرإٌة والقلب والفكر‪ ،‬وال نكفر بالجهل أحداً إال بعد انتهاء الخبر إلٌه"‪.‬‬
‫انتهى( )‪.‬‬
‫وقال ابن العربً المالكً – رحمه هللا –‪" :‬فالجاهل والمخطا من هذه األمة ولو عمل‬
‫من الكفر والشرك ما ٌكون صاحبه مشركا ً وكافراً؛ فإنه ٌعذر بالجهل والخطؤ‪ ،‬حتى ٌتبٌن‬
‫له الحجة التً ٌكفر تاركها بٌانا ً واضحا ً ما ٌلتبس على مثله"( )‪.‬‬
‫وقال الشٌخ ابن تٌمٌة – رحمه هللا –‪" :‬فهذا الكبلم ٌمهد أصلٌن ع ٌمٌن‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن العلم واإلٌمان والهدى فٌما جاء به الرسول‪ ،‬وأن خبلؾ ذلك كفر على‬
‫اإلطبل ‪ ،‬فنفً الصفات كفر‪ ،‬والتكذٌب بؤن هللا ٌرى فً اآلخرة‪ ،‬أو أنه على‬
‫العرش‪ ،‬أو أن القرآن كبلمه‪ ،‬أو أنه كلم موسى‪ ،‬أو أنه اتخذ إبراهٌم خلٌبل كفر‪،‬‬
‫وكذلك ما كان فً معنى ذلك‪ ،‬وهذا معنى كبلم أبمة السنة وأهل الحدٌث‪.‬‬
‫واألصل الثانً‪ :‬أن التكفٌر العام – كالوعٌد العام– ٌجب القول بإطبلقه وعمومه‪.‬‬
‫وأما الحكم على المعٌن بؤنه كافر‪ ،‬أو مشهود له بالنار‪ ،‬فهذا ٌقؾ على الدلٌل المعٌن؛‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع فتاوى ورسابل الشٌخ ابن عثٌمٌن (‪)343/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫عزاه الحاف ابن حجر قً الفتح ‪ ،407/13‬وابن جماعة فً إٌضاح الدلٌل؛ ل "مناقب الشافعً" البن أبً حاتم‪،‬‬
‫بإسناد صحٌح عنه‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫أحكام القرآن البن العربً ‪ .317/2‬وان ر القاسمً فً محاسن التؤوٌل (‪.)1307/5‬‬

‫‪26‬‬
‫فإن الحكم ٌقؾ على ثبوت شروطه‪ ،‬وانتفاء موانعه"( )‪.‬‬
‫وقال – رحمه هللا –‪ " :‬فإن نصوص "الوعٌد" التً فً الكتاب والسنة‪ ،‬ونصوص‬
‫األبمة بالتكفٌر والتفسٌ ونحو ذلك؛ ال ٌستلزم ثبوت موجبها فً ح المعٌن؛ إال إذا‬
‫وجدت الشروط وانتفت الموانع‪ ،‬ال فر فً ذلك بٌن األصول والفروع‪ .‬هذا فً عذاب‬
‫اآلخرة فإن المستح للوعٌد من عذاب هللا ولعنته وؼضبه فً الدار اآلخرة خالد فً النار‬
‫أو ؼٌر خالد‪ ،‬وأسماء هذا الضرب من الكفر والفس ٌدخل فً هذه "القاعدة" سواء كان‬
‫بسبب بدعة اعتقادٌة أو عبادٌة أو بسبب فجور فً الدنٌا وهو الفس باألعمال‪.‬‬
‫فؤما أحكام الدنٌا فكذلك أٌضا؛ فإن جهاد الكفار ٌجب أن ٌكون مسبوقا بدعوتهم؛ إذ ال‬
‫عذاب إال على من بلؽته الرسالة وكذلك عقوبة الفسا ال تثبت إال بعد قٌام الحجة"( )‪.‬‬
‫هذا ومجمل كبلم العلماء المحققٌن ٌتلخص فً أن شروط التكفٌر أربعة‪:‬‬
‫‪ –1‬التكلٌؾ وضده عدم التكلٌؾ من جنون أو صؽر‪ ،‬كما سٌؤتً بٌانه إن شاء هللا فً‬
‫الموانع‪.‬‬
‫‪ –2‬العلم وضده الجهل‪ ،‬ومعرفة نوع الجهل وقدره وأثره هو دور العلماء!‬
‫‪ –3‬القصد وضده الخطؤ وٌلح به التؤوٌل‪ ،‬كما سٌؤتً فً الموانع – إن شاء هللا –‪.‬‬
‫‪ –4‬االختٌار وضده اإلكراه‪ ،‬كما سٌؤتً فً الموانع إن شاء هللا‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪)498–497/12‬‬
‫ً‬
‫مجموع الفتاوى (‪ .)372/10‬والنقول عنه فً هذا الصدد كثٌرة‪ ،‬وان ر مثبل أٌضًا مجموع الفتاوى ( ‪،354/3‬‬ ‫)‬ ‫(‬

‫‪)165/35 ،501 – 500/28 ،345/23 ،524– 523 ،498 – 497 ،488 – 487/12 ،619/7‬‬

‫‪27‬‬
‫المبحث األول‬
‫الشرط األول‪ :‬التكلٌؾ‬

‫وح ُّد التكلٌؾ الدٌنً فً أحكام الشرٌعة مما بسطه العلماء الفقهاء فً كتب الفروع‬
‫الفقهٌة ( )‪ ،‬وما قرره األصولٌون فً كتب األصول فً مباحث التكلٌؾ والعوارض‬
‫األلهٌة ( )‪ٌ ،‬تناول جمٌع األحكام التكلٌفٌة والعقوبات والجزاءات علٌها دنٌا وأخرى‬
‫وحدود التكلٌؾ ٌدور على أمرٌن هما أصبل التكلٌؾ‪:‬‬
‫‪ –1‬العقل‪ ،‬بؤن ٌكون المكلؾ عاقبلً مدركا ً ألفعاله وأقواله ومحاسب علٌها‪ ،‬وهذا ٌخرج‬
‫الجنون واإلؼماء والسفه والسكر فً بعض الجوانب األلهٌة دون اإلتبلفات فً حقو‬
‫الخل ‪ ،‬واألمراض النفسٌة التً لها حكم الجنون كالوسواس القهري وحاالت‬
‫االكتباب المتقدمة وانفصام الشخصٌة‪...‬الخ كل هذا ملح بالجنون بحسب حال‬
‫صاحبها‪.‬‬
‫ت أَ ٌْ َما ُن ُك ْم‬
‫ٌِن َملَ َك ْ‬ ‫{ ٌَا أَ ٌُّ َها الَّذ َ‬
‫ٌِن آ َم ُنوا ِل ٌَسْ َتؤْذِن ُك ُم الَّذ َ‬ ‫واألصل فً هذا قوله تعالى‪:‬‬
‫ٌِن لَ ْم ٌَبْل ُ ُؽوا ْالحُل ُ َم}[النور‪.]58 :‬‬
‫َوالَّذ َ‬
‫وقول النبً – ‪" :– ‬رفع القلم عن ثبلثة‪ :‬عن الصؽٌر حتى ٌكبر‪ ،‬وعن المجنون‬
‫حتى ٌفٌ – وفً رواٌة‪ٌ :‬عقل – وعن النابم حتى ٌستٌق "( )‪.‬‬
‫‪ –2‬البلوغ‪ :‬وعبلماته فً الذكور ثبلثة‪ ،‬وتزٌد اإلناث بعبلمة رابعة‪:‬‬
‫أ – إنزال المنً شهوة بلذة للذكر واألنثى‪.‬‬
‫ب – إنبات شعر العانة للذكر واألنثى‪.‬‬
‫ج – بلوغ خمس عشرة سنة للذكر واألنثى‪ ،‬وهو الحد األعلى للبلوغ‪.‬‬
‫د – وتزٌد المرأة بنزول الحٌض علٌها‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫ان ر المؽنً ‪ ،136/2‬والشرح الكبٌر ‪ ،526/1‬والمجموع ‪ ،246/1‬وبدابع الصنابع ‪ ،163/1‬والبٌان والتحصٌل‬
‫‪.289/8‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫ان ر شرح التلوٌح على التوضٌح ‪ ،348/2‬وشرح أصول السرخسً ‪ ،215/2‬والروضة البن قدامة ص ‪،369‬‬
‫وتٌسٌر التحرٌر ‪ ،258/2‬وشرح الروضة للطوفً ‪.156/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫سنن أبً داود برقم ‪ 4402‬وهو حدٌث صحٌح علٌه العلم عند عامة أهل العلم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫وعلٌه فبل بد من شرابط التكفٌر للمُعٌَّن أن ٌكون مكل ًفا أي‪ :‬بالؽا ً عاقبلً فٌإاخذ فٌما‬
‫وقع فٌه من تكفٌر‪ ،‬وسٌؤتً لهذا مزٌد بٌان وتمثٌل فً موانع التكفٌر إن شاء هللا‪.‬‬
‫وهذا الحكم المتعل بالتكلٌؾ فً البلوغ والعقل تدور علٌه أحكام الشرٌعة وال سٌما‬
‫أركان الدٌن وأصول اإلٌمان‪ .‬فمن وقع فً الكفر األكبر وهو صؽٌر لم ٌبلػ أو مجنون لم‬
‫ٌعقل فبل نكفر عٌنا ً وإنما ٌحكم على تصرفه بؤنه كفر أكبر دون مقارقه‪ ،‬وهو ٌُعذر بما‬
‫ٌتؤدب مثله‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المبحث الثانً‬
‫الشرط الثانً‪ :‬العلم‬

‫المراد به المعرفة بالكفر األكبر قوالً أو فعبلً أو اعتقاداً‪ ،‬فٌصدر عنه الكفر األكبر‬
‫وهو عالم به‪ ،‬ؼٌر جاهل أي خالً من العلم به‪ ،‬وذلك بؤن ٌتمكن من العلم بدٌن هللا‪،‬‬
‫وٌستطٌع العمل به‪ .‬ووسٌلة هذا العلم هو قٌام الحجة التً أقامها هللا عز وجل ببعثة الرسل‬
‫ث‬ ‫علٌهم الصبلة والسبلم‪ ،‬وبإنزال الكتب كما قال تعالى‪َ { :‬و َما ُك َّنا ُم َع ِّذ ِب َ‬
‫ٌن َح َّتى َن ْب َع َ‬
‫َرسُوالً}[اإلسراء‪ .]15 :‬وما رواه مسلم( ) عن أبً هرٌرة عن رسول هللا – ‪ – ‬أنه‬
‫قال‪" :‬والذي نفس محم ٍد بٌده ال ٌسمع بً أح ٌد من هذه األمة ٌهودي وال نصرانً ثم ٌموت‬
‫ُ‬
‫أرسلت به إال كان من أصحاب النار"‪.‬‬ ‫ولم ٌإمن بالذي‬
‫قال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة ( )‪" :‬ومن جالسنً ٌعلم ذلك منً أ ِّنً من أع م الناس‬
‫عن أنْ ٌنسب معٌن إلى تكفٌر وتفسٌ ومعصٌة إال إذا عُلم أنه قد قامت علٌه الحجة‬
‫الرسالٌة التً من خالفها كان كافراً تارة وفاسقا ً أخرى وعاصٌا ً أخرى"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقٌام الحجة‪ ،‬بالعلم بما أنزله هللا‪ ،‬أما من كان ؼٌر مستعد للعلم لكونه حدٌث العهد‬
‫باإلسبلم أو نشؤته بمكان بعٌد عن أسباب العلم كالبوادي ومجاهل الؽابات أو عجمته فً‬
‫عدم فهمه األمر الشرعً‪ ..‬أو أشباهه ذلك فكلها قوادح فً هذا العلم‪ ،‬وبالتالً قوادح فً‬
‫تحقٌ هذا الشرط‪ ،‬وٌعرؾ ذلك العلماء والقضاة الشرعٌون المناط بهم تحقٌ وصؾ‬
‫الكفر‪ ،‬وإنزاله حكما ً على الم ُعٌِّنٌن‪.‬‬
‫قال الشٌخ محمد بن عبد الوهاب كما فً الرسابل الشخصٌة ( )‪" :‬فإنَّ الذي لم تقم‬
‫علٌه الحجة هو الذي حدٌث عهد باإلسبلم والذي نشؤ ببادٌة بعٌدة أو ٌكون ذلك فً مسؤلة‬
‫خفٌة مثل الصرؾ والعطؾ فبل ٌكفر حتى ٌُعرَّ ؾُ ‪ ،‬وأما أصول الدٌن التً أوضحها هللا‬
‫وأحكمها فً كتابه فإن حجة هللا هو القرآن فمن بلؽه القرآن فقد بلؽته الحجة‪ ،‬ولكن أصل‬

‫)‬ ‫(‬
‫صحٌح مسلم برقم (‪.)153‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫فً مجموع الفتاوى (‪.)229/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫الرسابل الشخصٌة‪ ،‬ضمن مجموعة مإلفات الشٌخ (‪.)244/1‬‬

‫‪30‬‬
‫اإلشكال أنكم لم تفرقوا بٌن قٌام الحجة وبٌن فهم الحجة فإن أكثر الكفار والمنافقٌن من‬
‫{أَ ْم َتحْ َسبُ أَنَّ أَ ْك َث َر ُه ْم‬ ‫المسلمٌن لم ٌفهموا حجة هللا مع قٌامها علٌهم كما قال تعالى‪:‬‬
‫ض ُّل َس ِبٌبلً}[الفرقان‪"...]44 :‬ا‪.‬هـ‪.‬‬‫ون إِنْ ُه ْم إِالَّ َكاألَ ْن َع ِام َب ْل ُه ْم أَ َ‬
‫ُون أَ ْو ٌَعْ قِل ُ َ‬
‫ٌَسْ َمع َ‬
‫وقال أٌضا ً رحمه هللا فً الرسابل الشخصٌة ( )‪" :‬بؤنَّ المعٌن ال ٌُكفر إال إذا قامت‬
‫علٌه الحجة فإذا كان المعٌن ٌكفر إذا قامت علٌه الحجة فمن المعلوم أنَّ قٌامها لٌس معناه‬
‫فهم أبً بكر – رضً هللا عنه – بل إذا بلؽه كبلم هللا‬ ‫أنْ ٌفهم كبلم هللا ورسوله مث َل ِ‬
‫ورسوله وخبل من شًء ٌعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم علٌهم الحجة‬
‫بالقرآن‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ب ٌفهمه فهمًا كلٌا ً إجمالٌا ً ٌقوم معه العلم‬ ‫وإنما معنى فهم الحجة أنْ ٌُخاطب بخطا ٍ‬
‫بلسان عربً ال ٌفهمه ‪ ،‬ونقرأ علٌه‬ ‫ٍ‬ ‫الكلً الواجب‪ ،‬وعلٌه فبل ٌصح أن ُنخاطب األعجمً‬
‫القرآن وهو ال ٌفهمه ثم نقول‪ :‬قد قامت علٌه الحجة‪ ،‬فبلبد أن ٌفهم فهم الصحٌح البلب‬
‫شرعًا ولذا جاءت اآلٌة بالسماع الذي هو وسٌلة للفهم المطلوب فلم ٌقل النبً – ‪ – ‬فً‬
‫الحدٌث الساب ‪ :‬ال ٌفهم‪ ،‬بل قال‪ :‬ال ٌسمع بً‪ ...‬وكذلك قول هللا تعالى‪َ { :‬وإِنْ أَ َح ٌد م َِن‬
‫هللا }[التوبة‪ .]6 :‬ولهذا ال ٌشترط كما فهم‬ ‫ك َفؤ َ ِجرْ هُ َح َّتى ٌَسْ َم َع َكبل َم َّ ِ‬ ‫ٌِن اسْ َت َج َ‬
‫ار َ‬ ‫ْال ُم ْش ِرك َ‬
‫الحجة‪ ،‬وإنما ٌكفً فهم أصلها ومعناها الكلً‪.‬‬
‫وعلماء الدعوة اإلصبلحٌة عُنوا بهذه المسؤلة فً كبلم علمابها قال الشٌخ إبراهٌم بن‬
‫عبداللطٌؾ فً إجماع أهل السنة النبوٌة على تكفٌر المعطلة الجهمٌة فً معرض كبلمه‬
‫عن الحُجة( )‪" :‬فهمها نو ٌع وبلوؼها نو ٌع آخر‪ ،‬فقد تقوم الحجة على من لم ٌفهمها"ا‪.‬هـ‬
‫أي الفهم التام الكامل‪ ،‬حٌث ٌكفً فهم أصل الحجة‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫الرسابل الشخصٌة (‪.)220/1‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫فتاوى الشٌخ إبراهٌم (‪.)159/1‬‬

‫‪31‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫الشرط الثالث‪ :‬القصد‬

‫ومفهومه أن ٌرٌد قوالً أو فعبلً أو عقٌد ًة مرٌداً لها بنٌة وعزمه متعمداً لها فً قلبه أو‬
‫ْس َعلَ ٌْ ُك ْم ُج َنا ٌح فٌِ َما أَ ْخ َطؤْ ُتم ِب ِه َولَكِن‬ ‫قوله أو فعله‪ .‬لقول هللا تعالى فً آٌة األحزاب‪َ { :‬ولٌَ َ‬
‫هللا ُ َؼفُوراً رَّ حٌِما ً}[األحزاب‪.]5 :‬‬ ‫ان َّ‬‫َت قُلُو ُب ُك ْم َو َك َ‬‫مَّا َت َع َّمد ْ‬
‫وهذا الشرط باعتبار القصد مراد لذاته فً إٌقاع التكفٌر وأحكامه ولوازمه على‬
‫المُعٌَّنٌن‪.‬‬
‫فالمقارؾ للكفر األكبر قوالً أو فعبلً أو اعتقاداً – قد قصده وتعمَّده – ؼٌر متصؾ‬
‫بحال ضد ذلك من الخطؤ أو التؤوٌل أو نحوهما مما سٌؤتً له مزٌد إٌضاح فً موانع‬ ‫ٍ‬
‫التكفٌر – إن شاء هللا –‪.‬‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫قال – تعالى –‪َ { :‬من َك َف َر ِب َّ ِ‬
‫اهلل مِن َبعْ ِد إٌ َما ِن ِه إِالَّ َمنْ أ ْك ِر َه َو َق ْل ُب ُه مُط َمبِنٌّ ِب ِ‬
‫اإلٌ َم ِ‬
‫هللا َولَ ُه ْم َع َذابٌ َع ِ ٌ ٌم}[النحل‪.]106 :‬‬ ‫ضبٌ م َِّن َّ ِ‬ ‫ص ْدراً َف َعلٌَ ِْه ْم َؼ َ‬ ‫َولَكِن مَّن َش َر َح ِب ْال ُك ْف ِر َ‬
‫هذه اآلٌة بٌَّن هللا تعالى فٌها أنَّ من كفر باهلل من بعد إٌمانه فعلٌه ؼضب من هللا وله‬
‫عذاب ع ٌم ألنه استحب الحٌاة الدنٌا على اآلخرة‪ ،‬وٌشمل ذلك‪ – :‬من كفر باهلل جاداً‬
‫وقاصداً– وٌشمل من كفر باهلل هازالً أو العبا ً أو ساخراً‪ ،‬وٌشمل من كفر باهلل خائضاً وال‬
‫ٌستثن من الكفر إال من‬ ‫ِ‬ ‫ٌشمل من كفر باهلل مكرها ً واطمبن قلبه بالكفر‪ .‬ألن هللا تعالى لم‬
‫قارؾ الكفر مكرها ً واطمبن قلبه باإلٌمان؛ وبٌَّن هللا سبحانه أن ما عدا هذا الصنؾ من‬
‫الناس فإنه ٌكون كافراً ألنه مستحبٌ للحٌاة الدنٌا على اآلخرة؛ فمن كفر باهلل قاصداً فقد‬
‫استحب الحٌاة الدنٌا على اآلخرة؛ ومن كفر هازالً فقد استحب الحٌاة الدنٌا على اآلخرة؛‬
‫ومن كفر خائضاً فقد استحب الحٌاة الدنٌا على اآلخرة؛ ومن كفر مُكرها ً واطمبن قلبه‬
‫بالكفر فقد استحب الحٌاة الدنٌا على اآلخرة؛ قال تعالى‪َ { :‬ذلِ َ‬
‫ك ِبؤ َ َّن ُه ُم اسْ َت َحبُّوا ْال َح ٌَا َة ال ُّد ْن ٌَا‬
‫ٌن}[النحل‪.]107 :‬‬ ‫هللاَ ال ٌَ ْهدِي ْال َق ْو َم ْال َكاف ِِر َ‬‫َعلَى االخ َِر ِة َوأَنَّ َّ‬
‫وعن أبً عبٌدة بن محمد بن عمار بن ٌاسر‪ ،‬قال أخذ المشركون عمار بن ٌاسر‬
‫ٌعذبوه فقاربوه فً بعض ما أرادوا به‪ ،‬فشكا ذلك إلى رسول هللا – ‪ – ‬فقال رسول هللا‬

‫‪32‬‬
‫– ‪" :– ‬كٌؾ تجد قلبك ؟ قال عمار‪ :‬مطمبنا باإلٌمان‪ ،‬قال رسو ل هللا‪ :‬فإن عادوا‬
‫فعد"( ) ولهذا اتف العلماء على أن المكره على الكفر ٌجوز له أن ٌوالً إبقاء لمهجته ‪.‬‬
‫وٌقول ابن كثٌر فً تفسٌره‪" :‬وٌجوز له أن ٌؤبى كما كان ببلل –رضً هللا عنه –ٌؤبى‬
‫علٌهم ذلك‪ ،‬واألفضل واألولى أن ٌثبت المسلم على دٌنه‪ ،‬ولو أفضى إلى قتله "( )‪ .‬وهذه‬
‫حالة العزٌمة واألفضل واألولى حال الرخصة والمندوحة والجواز‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫فتح الباري= البن حجر العسقبلنً ‪.327/12‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫تفسٌر القرآن الع ٌم= البن كثٌر آلٌة النحل ‪.226/3‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫الشرط الرابع‪ :‬االختٌار‬
‫وهو أن ٌفعل أمراً أو ٌقوله أو ٌعتقده بإرادته ورؼبته من ؼٌر إجبار صحٌح معتبر‬
‫شرعا ً علٌه‪ ،‬وضده اإلكراه‪ ،‬وهو مانع من موانع التكفٌر وسٌؤتً له مزٌد بٌان وتمثٌل‬
‫وتفصٌل فً الفصل القادم إن شاء هللا‪.‬‬
‫وموضوع االختٌار له عبلقة بمسؤلة القضاء والقدر وأشهر المذاهب فٌها ثبلثة‪ ،‬وهً‬
‫إجماالً‪:‬‬
‫‪1‬ـ فمذهب السلؾ الصالح‪ :‬أهل السنة والجماعة على أن العبد المكلؾ من الجن واألنس‬
‫مختار ألفعاله – ٌشمل القول واالعتقاد والفعل – ؼٌر مجبور علٌها‪ ،‬وإنما ر َّؼبته‬
‫وحذرته من الشر وشٌَّنته له‪ ،‬دون إجبار ٌقع علٌه فً‬ ‫وحثته علٌه‪َّ ،‬‬ ‫الشرٌعة بالخٌر َّ‬
‫جمٌع أعماله‪.‬‬
‫‪2‬ـ ومذهب الجهمٌة الجبرٌة‪ :‬أن العباد مجبورون على أعمالهم ؼٌر مختارٌن لها البتة‪،‬‬
‫بل هم كالرٌشة فً مهب الرٌاح‪ ،‬وكالمٌت بٌن ٌدي مؽسله ٌقلبه كٌفما شاء‪.‬‬
‫وقرٌب من هذا مذهب األشاعرة القابلٌن ببدعة الكسب‪ ،‬على ما عرؾ فً‬
‫موضعه( )‪.‬‬
‫‪3‬ـ ومذهب المعتزلة القدرٌة‪ :‬أن العباد هم الخالقون أفعالهم بقدرتهم‪ ،‬وال قدرة هلل علٌها‬
‫ال إراد ًة وال خلقا ً عند عامتهم – جمهورهم – وال علم هلل بها وال كتابة لها فً التقدٌر‬
‫الساب فً اللوح المحفو عند ؼبلتهم‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫ان ر ابن الحنبلً والرد على األشاعرة ‪ ،374/1‬والقضاء والقدر= للمحمود ‪ ،275‬وشفاء العلٌل= البن القٌم ‪194/2‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫موانع تكفٌر المعٌن‬
‫المبحث األول ‪ :‬المانع األول‪ :‬عدم التكلٌؾ‬
‫ؼٌر المكلؾ؛ كالصبً والمجنون إذا وقع فً الكفر‪ ،‬ال ٌقع علٌه الكفر؛ وذلك لقوله –‬
‫‪" :– ‬رفع القلم عن ثبلثة‪ :‬عن النابم حتى ٌستٌق ‪ ،‬وعن المبتلى حتى ٌبرأ‪ ،‬وعن الصؽٌر‬
‫حتى ٌكبر"وفً رواٌة‪" :‬وعن المجنون حتى ٌعقل"( )‪.‬‬
‫قال ابن المنذر – رحمه هللا –‪" :‬وأجمعوا أن المجنون إذا ارتد فً حال جنونه أنه‬
‫مسلم على ما كان قبل ذلك"( )‪.‬‬
‫وقال ابن قدامة فً "المؽنً" ( )‪" :‬إن الردة ال تصح إال من عاقل فؤما من ال عقل له‬
‫كالطفل الذي ال عقل له والمجنون‪ ،‬ومن زال عقله بإؼماء أو نوم أو مرض أو شرب‬
‫دواء ٌباح شربه؛ فبل تصح ردته وال حكم بكبلمه بؽٌر خبلؾ‪ ...‬ثم نقل كبلم ابن المنذر‬
‫فً "اإلجماع"‪.‬‬
‫وقال – رحمه هللا –‪" :‬وال تصح ردة المجنون وال إسبلمه ألنه ال قول له‪.) ("...‬‬
‫وقال النووي فً "روضة الطالبٌن" ( )‪" :‬فبل تصح ردة صبً وال مجنون‪ ،‬ومن ارتد‬
‫ثم جن فبل ٌقتل فً جنونه"‪.‬‬
‫وبهذا ٌتبٌن أن التكلٌؾ شرط فً تكفٌر المعٌن‪ ،‬وعدمه مانع منه‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫أخرجه أحمد ( ‪ ،)116/6‬وأبو داود ( ‪ ،)4398‬والنسابً ( ‪ ،)3432‬وابن ماجه ( ‪ ،)2042‬وصححه ابن حبان‬
‫والحاكم وؼٌرهما‪ ،‬وهو صحٌح ان ر تخرٌجه فً "البدر المنٌر" (‪)225/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫اإلجماع ( ص ‪ ،128‬دار المسلم)‬
‫)‬ ‫(‬
‫المؽنً البن قدامة (‪.)73/10‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫المؽنً (‪.)100/10‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫روضة الطالبٌن (‪.)71/10‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث الثانً‬
‫المانع الثانً‪ :‬الجهل‬
‫ومفهومه هو خلو النفس من العلم‪ ،‬والمراد به العلم بؤن ما وقع منه‪ ،‬قوالً أو اعتقاداً‬
‫أو عمبلً كفر مخرج من الملة وألجل إقامة الحجة بالعلم بعث هللا سبحانه الرسل علٌهم‬
‫ث َرسُوالً}[اإلسراء‪.]15 :‬‬ ‫الصبلة والسبلم‪َ { :‬و َما ُك َّنا ُم َع ِّذ ِب َ‬
‫ٌن َح َّتى َن ْب َع َ‬
‫أما السنة النبوٌة فقد جاءت أحادٌث كثٌرة تدل على أن الجهل‪:‬‬
‫ففً سنن ابن ماجه عن حذٌفة بن الٌمان – رضً هللا عنه –‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول هللا –‬
‫‪ٌ" :– ‬درس اإلسبلم كما ٌدرس وش ًُ الثوب حتى ال ٌدرى ما صٌام‪ ،‬وال صبلة‪ ،‬وال‬
‫نسك‪ ،‬وال صدقة‪ ،‬ولٌُسرى على كتاب هللا عز وجل فً لٌلة فبل ٌبقى فً األرض منه آٌة‪،‬‬
‫وتبقى طوابؾ من الناس الشٌخ الكبٌر والعجوز ٌقولون‪ :‬أدركنا آباءنا على هذه الكلمة ال‬
‫إله إال هللا فنحن نقولها‪ ،‬فقال له صلة‪ :‬ما تؽنً عنهم ال إله إال هللا ‪ ،‬وهم ال ٌدرون ما‬
‫صبلة‪ ،‬وال صٌام‪ ،‬وال نسك‪ ،‬وال صدقة‪ ،‬فؤع ادها علٌه الصبلة والسبلم ثبلثاً‪ ،‬كل ذلك‬
‫ٌعرض عنه حذٌفة‪ ،‬ثم أقبل علٌه فً الثالثة‪ ،‬فقال‪ٌ :‬ا صلة تنجٌهم من النار ثبلثا " فهإالء‬
‫نجوا من النار ولم ٌعرفوا من اإلسبلم إال الشهادة‪ ،‬لما جهلوا ما سواها من شعابر الدٌن‬
‫وأركانه‪ ،‬وهذا ٌدل أن الجهل هو عذرهم المانع من تكفٌرهم‪.‬‬
‫فمن ٌجهل هذه األحكام كمن هو منقطع فً مكان لٌس لدٌه أسباب التعلم؛ كمن نشؤ فً‬
‫بادٌة بعٌدة أو كان حدٌث عهد بكفر‪ ،‬أما من عاش بٌن المسلمٌن‪ٌ ،‬حضر صلواتهم وٌسمع‬
‫خطبهم‪ ،‬ثم ٌجهل شٌبا من أصول الدٌن أو أمراً معلوما ً منه بالضرورة فبل ٌعذر بجهله‪،‬‬
‫ألنه متسبب فً وجود جهله وعدم إزالته‪.‬‬
‫فعن أبً هرٌرة – رضً هللا عنه – عن النبً – ‪ ،– ‬قال‪" :‬كان رجل ٌسرؾ‬
‫مت فؤحرقونً ثم اطحنونً ثم ذرونً فً‬ ‫على نفسه فلما حضره الموت‪ ،‬قال لبنٌه‪ :‬إذا أنا ُّ‬
‫الرٌح‪ ،‬فو هللا لبن قدر علً ربً لٌعذبنً عذابا ما عذبه أحدا‪ ،‬فلما مات فعل به ذلك فؤمر‬
‫هللا األرض فقال اجمعً ما فٌك منه‪ ،‬ففعلت‪ ،‬فإذا هو قابم‪ ،‬فقال ما حملك على ما صنعت؟‬
‫قال‪ٌ :‬ا رب خشٌتك فؽفر له "( )‪ ،‬فهذا رجل جهل كمال قدرة هللا جبل وعبل – وعند‬

‫)‬ ‫(‬
‫رواه البخاري برقم (‪.)3481‬‬

‫‪36‬‬
‫بعض العلماء جهل القدرة – فً بعثه بعد موته ف ن أنه إذا أحر ونثر رماده فً البر‬
‫والبحر فإن هللا ال ٌقدر على جمعه‪ ،‬وال شك أن الشك فً قدرة هللا جبل وعبل‪ ،‬والشك فً‬
‫البعث كفر‪ ،‬قد فعله جاهبلً وؼفر هللا له‪.‬‬
‫هذا وٌجب أن تعلم أن العذر بالجهل ٌُعتبر ح ‪:‬‬
‫أ– َمن كان حدٌث عهد بكفر‪ ،‬أما من عاش بٌن المسلمٌن‪ٌ ،‬حضر صلواتهم وٌسمع‬
‫خطبهم‪ ،‬ثم ٌجهل شٌبا من أصول الدٌن أو أمراً معلوما ً منه بالضرورة فبل ٌعذر‬
‫بجهله‪ ،‬ألنه متسبب فً وجود جهله وعدم إزالته ‪ .‬ومدار الحكم على هذا وأمثاله‬
‫معرفة كل بحال عٌنه‪.‬‬
‫حال هو م نة أن ٌجهل هذه األحكام ك َمن نشؤ فً بادٌة بعٌدة‪.‬‬ ‫ب– َمن كان فً مح ٍّل أو ٍ‬
‫ومن نقول العلماء فً هذا الصدد ما قاله القرافً فً "الفرو "( )‪..." :‬ألنَّ القاعدة‬
‫الشرعٌة دلت على أن كل جهل ٌمكن المكلؾ رفعه ال ٌكون حجة للجاهل السٌما مع طول‬
‫الزمان واستمرار األٌام فإنَّ الذي ال ٌُعلم الٌوم ٌُعلم فً ؼ ٍد وال ٌلزم من تؤخٌر ما ٌتوقؾ‬
‫على هذا العلم فسا ٌد فبل ٌكون عذراً"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫العذر بالجهل المعتبر عند أهل العلم ما لم ٌلحقه تقصٌر من الجاهل أو تفرٌط‪.‬‬
‫وقال البعلً فً قواعده ( )‪" :‬جاهل الحكم هل هو معذو ٌر أم ال؟"‪ ،‬ثم قال‪" :‬فإذا قلنا‬
‫ٌُعذر فإنما محله إذا لم ٌُقصِّر وٌُفرِّ ط فً تعلم الحكم أما إذا قصر أو فرَّ ط فبل ٌعذر جزما ً"‬
‫أ هـ‪.‬‬
‫فٌُعتبر الجهل مانعا ً لمن كان عنده أصل اإل ٌمان لكن خفٌت علٌه بعض المسابل التً‬
‫قد تخفى أو ُتشكل على مثله ‪ ،‬مما ٌحددها البقة بهذا الجاهل أنه بهذا أهل العلم‪ .‬وعلٌه‬
‫فلٌس كل جهل ٌُ َّدعى ٌُصد ‪ ،‬وإنما دور العلماء والقضاة الن ر الصحٌح فً اعتباره‬
‫وتحققه؟!‬
‫وقال الشٌخ إبراهٌم بن عبد اللطٌؾ كما فً "إجماع أهل السنة النبوٌة على تكفٌر‬
‫جهل ٌكون عذراً لصاحبه فهإالء جُهال المقلدٌن ألهل‬ ‫ٍ‬ ‫المعطلة الجهمٌة"( )‪" :‬ولٌس ك ُّل‬

‫)‬ ‫(‬
‫الفرو = للقرافً (‪.)448/4‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫قواعد= (‪.)58/1‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫(‪.)116/1‬‬

‫‪37‬‬
‫الكفر كفا ٌر بإجماع األمة‪ ،‬اللهم إال من كان منهم عاجزاً عن بلوغ الح ومعرفته ال ٌتمكن‬
‫بحال مع محبته له ‪ ،‬وإرادته ‪ ،‬وطلبه ‪ ،‬وعدم المرشد إلٌه ‪ ،‬أو من كان حدٌث عه ٍد‬ ‫ٍ‬ ‫منه‬
‫باإلسبلم‪ ،‬أو من نشؤ ببادٌ ٍة بعٌد ٍة فهذا الذي ذكر أهل العلم أنه معذورٌ؛ ألن الحجة لم تقم‬
‫‪ ،‬وأما التموٌه‬ ‫علٌه‪ ،‬فبل ٌكفر الشخص المعٌن حتى ٌعْ ِر َ‬
‫ؾ وتقوم علٌه الحجة بالبٌان‬
‫والمؽالطة من بعض هإالء بؤنَّ شٌخ اإلسبلم توقؾ فً تكفٌر المعٌن الجاهل فهو من‬
‫التلبٌس والتموٌه على خفافٌش البصابر‪ ،‬فإنما المقصود به فً مساب َل مخصوص ٍة قد ٌخفى‬
‫دلٌلها على بعض الناس كما فً مسابل القدر واإلرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل األهواء‬
‫فإن بعض أقوالهم تتضمن أموراً كفرٌة‪ ،‬من ر ِّد أدلة الكتاب والسنة المتواترة فٌكون القول‬
‫المتضمن لر ِّد بعض النصوص كفراً وال ٌُحكم على قابله بالكفر الحتمال وجود مانع ٌمنع‬
‫كالجهل وعدم العلم بنفس النص أو بداللته؛ فإن الشرابع ال تلزم إال بعد بلوؼها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫منه‪،‬‬
‫ناس‬ ‫ُ‬
‫ولذلك ذكرها فً الكبلم على بدع أهل األهواء وقد نصَّ على هذا‪ ،‬فقال فً تكفٌر أ ٍ‬
‫من أعٌان المتكلمٌن بعد أن قرر هذه المسؤلة‪ ،‬قال‪ :‬وهذا إذا كان فً المسابل الخفٌة فقد‬
‫ٌقال بعدم الكفر‪ ،‬وأما ما ٌقع منهم فً المسابل ال اهرة الجلٌَّة أو ما ٌُعلم من الدٌن‬
‫بالضرورة فهذا ال ٌتوقؾ فً كفر قابله"‪.‬‬
‫جهل عذراً‬
‫ٍ‬ ‫إلى قوله – رحمه هللا –‪" :‬وهإالء األؼبٌاء أجملوا القضٌة وجعلوا ُك َّل‬
‫ولم ٌفصلوا وجعلوا المسابل ال اهرة الجلٌَّة وما ٌعلم من الدٌن بالضرورة كالمسابل‬
‫الخفٌة التً قد ٌخفى دلٌلها على بعض الناس وكذلك من كان بٌن أ هر المسلمٌن كمن نشؤ‬
‫ببادٌ ٍة بعٌد ٍة‪ ،‬أو كان حدٌث عه ٍد باإلسبلم فضلوا وأضلوا كثٌراً وضلوا عن سواء السبٌل"‬
‫أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫هذا وقد تقدم قول اإلمام الشافعً – رحمه هللا –‪ ..." :‬فإن خالؾ ذلك بعد ثبوت‬
‫الحجة علٌه فهو كافر‪ ،‬فؤما قبل ثبوت الحجة علٌه فمعذور بالجهل؛ ألن علم ذلك ال ٌقدر‬
‫بالعقل‪ ،‬وال بالرإٌة والقلب والفكر‪ ،‬وال نكفر بالجهل أحداً إال بعد انتهاء الخبر إلٌه"‪.‬‬
‫وكذلك تقدم قول ابن العربً‪" :‬فالجاهل والمخطا من هذه األمة ولو عمل من الكفر‬
‫والشرك ما ٌكون صاحبه مشركا ً أو كافراً؛ فإنه ٌعذر بالجهل والخطؤ‪ ،‬حتى ٌتبٌن له‬
‫الحجة التً ٌكفر تاركها بٌانا ً واضحا ً ما ٌلتبس على مثله"‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫وقال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة – رحمه هللا –‪..." :‬واألصل الثانً‪ :‬أن المقالة تكون‬
‫كفراً ‪ :‬كجحد وجوب الصبلة والزكاة والصٌام والحج‪ ،‬وتحلٌل الزنا والخمر والمٌسر‬
‫ونكاح ذوات المحارم‪ ،‬ثم القابل بها قد ٌكون بحٌث لم ٌبلؽه الخطاب وكذا ال ٌكفر به‬
‫جاحده؛ كمن هو حدٌث عهد باإلسبلم أو نشؤ ببادٌة بعٌدة لم تبلؽه شرابع اإلسبلم‪ ،‬فهذا ال‬
‫ٌحكم بكفره بجحد شًء مما أنزل على الرسول إذا لم ٌعلم أنه أنزل على الرسول‪.) ( "...‬‬
‫فالشٌخ رحمه هللا ٌإكد ما أجمع علٌه العلماء أنه ال ٌكفر أحد بجهله إذا لم ٌعلم بهذا األمر‬
‫المُك َّفر‪.‬‬
‫وقال – رحمه هللا–‪ :‬فإذا رأٌت إماما قد ؼل على قابل مقالته أو كفره فٌها فبل ٌعتبر‬
‫هذا حكما عاما فً كل من قالها إال إذا حصل فٌه الشرط الذي ٌستح به التؽلٌ علٌه‬
‫والتكفٌر له؛ فإن من جحد شٌبا من الشرابع ال اهرة وكان حدٌث العهد باإلسبلم أو ناشبا‬
‫ببلد جهل ال ٌكفر حتى تبلؽه الحجة النبوٌة‪ .‬وكذلك العكس إذا رأٌت المقالة المخطبة قد‬
‫صدرت من إمام قدٌم فاؼتفرت؛ لعدم بلوغ الحجة له؛ فبل ٌؽتفر لمن بلؽته الحجة ما اؼتفر‬
‫لؤلول فلهذا ٌبدع من بلؽته أحادٌث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك وال تبدع عابشة‬
‫ونحوها ممن لم ٌعرؾ بؤن الموتى ٌسمعون فً قبورهم؛ فهذا أصل ع ٌم فتدبره فإنه‬
‫نافع‪.) (.‬‬
‫هذا وشٌخ اإلسبلم من أكثر من رأٌت من العلماء والمحققٌن عناٌة بهذا الشرط ومانعه‬
‫"العلم وضده الجهل" فً موضوع تكفٌر المعٌن‪.‬‬
‫( )‬
‫‪:‬‬ ‫وقال ابن القٌم – رحمه هللا – عند كبلمه عن اعتبار النٌات والمقاصد فً األلفا‬
‫"وكذلك لو نط بكلمة الكفر من ال ٌعلم معناها لم ٌكفر‪ "...‬إلى وله ‪" :‬وقد تقدم أن الذي‬
‫قال لما وجد راحلته "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" أخطؤ من شدة الفرح لم ٌكفر بذلك وإن‬
‫أتى بصرٌح الكفر؛ لكونه لم ٌرده‪ ،‬والمكره على كلمة الكفر أتى بصرٌح كلمته ولم ٌكفر‬
‫لعدم إرادته بخبلؾ المستهزئ والهازل؛ فإنه ٌلزمه الطبل والكفر وإن كان هازال؛ ألنه‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ( ‪.)354/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫‪،180/12 ،407/11 ،617/7 ،354 ،354 ،230/3‬‬ ‫مجموع الفتاوى ( ‪ ،)354/3‬وان ر مجموع الفتاوى (‬
‫‪.23/37 ،165/35 ،135/33 ،33/20‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫فً ص (‪.)76 – 75/3‬‬

‫‪39‬‬
‫قاصد للتكلم باللف وهزله ال ٌكون عذرا له بخبلؾ المكره والمخطا والناسً فإنه معذور‬
‫مؤمور بما ٌقوله‪ ،‬أو مؤذون له فٌه‪ ،‬والهازل ؼٌر مؤذون له فً الهزل بكلمة الكفر‬
‫والعقود؛ فهو متكلم باللف مرٌد له ولم ٌصرفه عن معناه إكراه وال خطؤ وال نسٌان وال‬
‫جهل‪ .‬والهزل لم ٌجعله هللا ورسوله عذرا صارفا بل صاحبه أح بالعقوبة أال ترى أن هللا‬
‫تعالى عذر المكره فً تكلمه بكلمة الكفر إذا كان قلبه مطمبنا باإلٌمان ولم ٌعذر الهازل بل‬
‫قال ‪َ { :‬ولَبِن َسؤ َ ْل َت ُه ْم لَ ٌَقُولُنَّ إِ َّن َما ُك َّنا َن ُخوضُ َو َن ْل َعبُ قُ ْل أَ ِب َّ ِ‬
‫اهلل َوآ ٌَا ِت ِه َو َرسُولِ ِه ُكن ُت ْم‬
‫ون‪ ،‬الَ َتعْ َت ِذرُو ْا َق ْد َك َفرْ ُتم َبعْ َد إٌِ َما ِن ُك ْم }[التوبة‪ ]66–65 :‬وكذلك رفع المإاخذة‬ ‫َتسْ َته ِْزإُ َ‬
‫عن المخطا والناسً‪ .‬انتهى( )‪.‬‬
‫وقال ابن عثٌمٌن – رحمه هللا –‪" :‬ومن أهم الشروط – أي‪ :‬شروط تكفٌر المعٌن –‬
‫أن ٌكون عالما ً بمخالفته التً أوجبت كفره لقوله – تعالى –‪َ { :‬و َمن ٌُ َشا ِق ِ الرَّ سُو َل مِن‬
‫ٌِن ُن َولِّ ِه َما َت َولَّى َو ُنصْ لِ ِه َج َه َّن َم َو َس ْ‬
‫اءت‬ ‫ٌل ْالم ُْإ ِمن َ‬
‫َبعْ ِد َما َت َبٌ ََّن لَ ُه ْال ُهدَى َو ٌَ َّت ِبعْ َؼٌ َْر َس ِب ِ‬
‫مَصِ ٌراً}[النساء‪ ]115 :‬فاشترط للعقوبة بالنار أن تكون المشاقة للرسول من بعد أن ٌتبٌن‬
‫الهدى له"( )‪ .‬والتبٌٌِّن إنما ٌكون بالعلم‪.‬‬
‫وقال‪" :‬ومن الموانع أن ٌؽل علٌه فكره وقصده‪ ،‬بحٌث ال ٌدري ما ٌقول لشدة فرح‬
‫أو حزن أو ؼضب أو خوؾ أو نحو ذلك‪ ،‬لقوله – تعالى – ‪َ { :‬ولٌَ َ‬
‫ْس َعلَ ٌْ ُك ْم ُج َنا ٌح فٌِ َما‬
‫هللا ُ َؼفُوراً رَّ حٌِما ً }[األحزاب‪ ]5 :‬وفً صحٌح‬ ‫ان َّ‬ ‫أَ ْخ َطؤْ ُتم ِب ِه َولَكِن مَّا َت َع َّمد ْ‬
‫َت قُلُو ُب ُك ْم َو َك َ‬
‫مسلم( ) عن أنس بن مالك – رضً هللا عنه – أن النبً – ‪ ،– ‬قال‪" :‬هلل أشد فرحا ً‬
‫بتوبة عبده حٌن ٌتوب إلٌه من أحدكم كان على راحلته بؤرض فبلة‪ ،‬فانفلتت منه وعلٌها‬
‫طعامه وشرابه‪ ،‬فؤٌس منها‪ ،‬فؤتى شجرة فاضطجع فً لها قد أٌس من راحلته‪ ،‬فبٌنما هو‬
‫كذلك إذا بها قابمة عنده‪ ،‬فؤخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدي‪ ،‬وأنا‬
‫ربك‪ ،‬أخطؤ من شدة الفرح"( )‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫وان ر "مدارج السالكٌن" (‪.)209/1‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى والرسابل (‪.)343/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫صحٌح مسلم (‪.)2104‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى والرسابل (‪.)43/7‬‬

‫‪40‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫المانع الثالث‪ :‬الخطؤ والتؤوٌل‬

‫ؼٌر ما قصد‪ ،‬وهو باختصار‪ :‬انتفاء القصد‬ ‫فالخطؤ‪ :‬وهو أن ٌقصد شٌبا ً فٌصادؾ َ‬
‫كمن ٌرٌد رمً صٌ ٍد فٌصٌب إنساناً‪ ،‬أو كمن ٌرٌد رمً كتاب كفر فٌرمً كتاب هللا ج َّل‬
‫{ َولٌَ َ‬
‫ْس َعلَ ٌْ ُك ْم ُج َنا ٌح فٌِ َما‬ ‫وعبل‪ ،‬واألدلة على العذر بالخطؤ كثٌرة منها قوله تعالى‪:‬‬
‫َت قُلُو ُب ُكم }[األحزاب‪ ]5 :‬ومن األحادٌث المشهورة فً العذر‬ ‫أَ ْخ َطؤْ ُت ْم ِب ِه َولَ ِكنْ َما َت َع َّمد ْ‬
‫بالخطؤ‪ ،‬قوله‪" : :‬إن هللا وضع عن أمتً الخطؤ والنسٌان وما استكرهوا علٌه"( )‪.‬‬
‫وهذه األدلة عامة فً العذر من عموم الخطؤ وثمة دلٌل خاص ٌدل على العذر من‬
‫الخطؤ فً مسابل الكفر‪ ،‬وهو ما رواه مسلم عن أنس بن مالك – رضً هللا عنه –‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال رسول هللا – ‪" :– ‬هلل أشد فرحا بتوبة عبده حٌن ٌتوب إلٌه من أحدكم كان على‬
‫راحلته بؤرض فبلة فانفلتت منه وعلٌها طعامه وشرابه‪ ،‬فؤٌس منها فؤتى شجرة فاضطجع‬
‫فً لها قد أٌس من راحلته‪ ،‬فبٌنا هو كذلك إذا هو بها قابمة عنده‪ ،‬فؤخذ بخطامها ثم قال‬
‫من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطؤ من شدة الفرح( )‪.‬‬
‫فهذا قال كلمة هً كفر باالتفا ‪ ،‬لكنه لما لم ٌقصدها بنٌته‪ ،‬وإنما صدرت منه خطاء‬
‫بسبب شدة الفرح‪ ،‬لم ٌإاخذ علٌها‪ .‬فصار بهذا الخطؤ ضد القصد مانعا ً من تكفٌر هذا‬
‫وأمثاله‪ ،‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫وقال‪" :‬ومن الموانع أٌضا ً أن ٌكون له شبهة تؤوٌل فً المكفر بحٌث ٌ ن أنه على‬
‫ح ؛ ألن هذا لم ٌتعمد اإلثم والمخالفة فٌكون داخبلً فً قوله – تعالى –‪َ { :‬ولٌَ َ‬
‫ْس َعلَ ٌْ ُك ْم‬
‫َت قُلُو ُب ُك ْم}[األحزاب‪ .]5 :‬وألن هذا ؼاٌة جهده فٌكون‬ ‫ُج َنا ٌح فٌِ َما أَ ْخ َطؤْ ُتم ِب ِه َولَكِن مَّا َت َع َّمد ْ‬
‫هللا ُ َن ْفسا ً إِالَّ وُ سْ َع َها}[البقرة‪.]286 :‬‬
‫داخبلً فً قوله –تعالى–{الَ ٌُ َكلِّؾُ َّ‬
‫تنبٌه‪:‬‬
‫العلماء – رحمهم هللا – فر َّقوا بٌن من أتى الكفر وهو ال ٌعلم أو ال ٌ ن أنه كفر‬

‫)‬ ‫(‬
‫صحٌح ابن ماجة (‪ )1677‬وصححه األلبانً‪.‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫رواه مسلم فً صحٌحه (‪.)2747‬‬

‫‪41‬‬
‫مخرج من الملة؛ بل ربما نه معصٌة أو كبٌرة‪ ،‬وبٌن الجاهل أصبلً بكونه كفر مخرج‬
‫من الملة‪.‬‬
‫قال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة – رحمه هللا –‪" :‬وهإالء الصنؾ الذٌن كفروا بعد‬
‫إسبلمهم ؼٌر الذٌن كفروا بعد إٌمانهم فإن هإالء حلفوا باهلل ما قالوا‪ ،‬وقد قالوا كلمة الكفر‬
‫التً كفروا بها بعد إسبلمهم وهموا بما لم ٌنالوا وهو ٌدل على أنهم سعوا فً ذلك‪ ،‬فلم‬
‫ٌصلوا إلى مقصودهم؛ فإنه لم ٌقل‪ :‬هموا بما لم ٌفعلوا لكن {بما لم ٌنالوا } فصدر منهم‬
‫قول وفعل قال تعالى‪َ { :‬ولَبِن َسؤ َ ْل َت ُه ْم لَ ٌَقُولُنَّ إِ َّن َما ُك َّنا َن ُخوضُ َو َن ْل َعبُ }[التوبة‪]65 :‬‬
‫فاعترفوا واعتذروا؛ ولهذا قٌل‪{ :‬الَ َتعْ َت ِذرُو ْا َق ْد َك َفرْ ُتم َبعْ َد إٌِ َما ِن ُك ْم إِن َّنعْ ؾُ َعن َطآ ِب َف ٍة‬
‫ٌِن }[التوبة‪ ]66 :‬فدل على أنهم لم ٌكونوا عند أنفسهم‬ ‫مِّن ُك ْم ُن َع ِّذبْ َطآ ِب َف ًة ِبؤ َ َّن ُه ْم َكا ُنو ْا مُجْ ِرم َ‬
‫قد أتوا كفرا‪ ،‬بل نوا أن ذلك لٌس بكفر‪ ،‬فبٌن أن االستهزاء باهلل وآٌاته ورسوله كفر‬
‫ٌكفر به صاحبه بعد إٌمانه‪ ،‬فدل على أنه كان عندهم إٌمان ضعٌؾ‪ ،‬ففعلوا هذا المحرم‬
‫الذي عرفوا أنه محرم‪ ،‬ولكن لم ٌ نوه كفرا‪ ،‬وكان كفرا كفروا به؛ فإنهم لم ٌعتقدوا‬
‫جوازه‪.) ("...‬‬
‫وقال شٌخنا محمد ابن عثٌمٌن – رحمه هللا –‪..." :‬الجاهل بما ٌترتب على المخالفة‬
‫ؼٌر معذور إذا كان عالمًا بؤن فعله مخالؾ للشرع كما تقدم دلٌله‪ ،‬وبناء على ذلك فإن‬
‫تارك الصبلة ال ٌخفى علٌه أنه واقع فً المخالفة إذا كان ناش ًبا بٌن المسلمٌن فٌكون كافرً ا‬
‫وإن جهل أن الترك كفر‪ .‬نعم إذا كان ناش ًبا فً ببلد ال ٌرون كفر تارك الصبلة وكان هذا‬
‫الرأي هو الرأي المشهور السابد بٌنهم‪ ،‬فإنه ال ٌكفر لتقلٌده ألهل العلم فً بلده‪ ،‬كما ال ٌؤثم‬
‫– تعالى ‪:‬‬ ‫بفعل محرم ٌرى علماء بلده أنه ؼٌر محرم؛ ألن فرض العامً التقلٌد لقوله‬
‫ُون}‪ .‬وهللا الموف "( )‪.‬‬ ‫{ َفاسْ ؤَلُوا أَهْ َل ِّ‬
‫الذ ْك ِر إِنْ ُك ْن ُت ْم ال َتعْ لَم َ‬
‫أما التؤوٌل‪ :‬وهو ملح بالخطؤ لنوع اشتراك بٌنهما‪ ،‬وقد ٌشترك أٌضا ً بالجهل‪،‬‬
‫واألمر‬
‫واسع بحمد هللا وحقٌقة التؤوٌل‪ :‬وضع الدلٌل الشرعً من كتاب أو سنة فً ؼٌر‬

‫) مجموع الفتاوى (‪.)273 /7‬‬ ‫(‬

‫) مجموع الفتاوى والرسابل (‪ ،)138 /2‬وقد سب فً الشروط نقل أول كبلمه!‬ ‫(‬

‫‪42‬‬
‫موضعه سواء باجتهاد أو بشبهة أو سوء فهم‪...‬الخ‪ .‬فٌرتكب الكفر األكبر والذي ال ٌراه‬
‫هو فً نفسه كذلك‪ .‬وهذا المانع من التكفٌر إنما ٌختص بؤهل االجتهاد دون ؼٌرهم من‬
‫المتقولٌن على هللا بالجهل والهوى‪ ،‬وذلك أن المجتهد قد ٌترك مقتضى دلٌل بدلٌل آخر‬
‫ْس َعلَى‬ ‫ٌراه أقوى منه‪ ،‬كمن اعتقد من الصحابة ِح َّل الخمر مستدالً بقوله – تعالى –‪{ :‬لٌَ َ‬
‫ت ُث َّم‬
‫ت ُج َنا ٌح فٌِ َما َط ِعمُوا إِ َذا َما ا َّت َق ْوا َوآ َم ُنوا َو َعمِلُوا الصَّال َِحا ِ‬ ‫ٌِن آ َم ُنوا َو َعمِلُوا الصَّال َِحا ِ‬ ‫الَّذ َ‬
‫ٌِن }[المابدة‪ ]93 :‬فلما رفع أمرهم إلى‬ ‫ا َّت َق ْوا َوآ َم ُنوا ُث َّم ا َّت َق ْوا َوأَحْ َس ُنوا َو َّ‬
‫هللا ُ ٌُحِبُّ ْالمُحْ سِ ن َ‬
‫عمر بن الخطاب وتشاور الصحابة فٌهم‪ ،‬اتف عمر وعلً وؼٌرهما من علماء الصحابة‬
‫– رضً هللا عنهم – على أنهم إن أقروا بالتحرٌم جلدوا‪ ،‬وإن أصروا على االستحبلل‬
‫قتلوا‪ .‬فلم ٌكفرهم الصحابة – رضً هللا عنهم – من أول وهلة لتؤوٌلهم‪ ،‬بل أجمعوا على‬
‫أن ٌبٌنوا لهم خطؤ استداللهم فإن أصروا قتلوا ردة‪ ،‬فلما استبان للمتؤولٌن خطؤ استداللهم‬
‫رجعوا وتابوا‪.‬‬
‫سابػ فً الشرع واللؽة‬ ‫والتؤوٌل المعتبر فً هذا المقام هو ما كان له وجه‬
‫العربٌة‪ ،‬أما إن كان ال ٌعتمد على شًء من القرابن الشرعٌة أو اللؽوٌة فهو ؼٌر‬
‫أو ٌكون بؽرض الهوى والتحلل من‬ ‫معتبر شرعا كتؤوٌبلت الباطنٌة ونحوهم‬
‫الدٌانة‪ ،‬فهذا ٌُعرؾ فً مجالس الحكم الشرعً فً القضاء والحكم على األعٌان‪.‬‬
‫والتؤوٌل نوعان‪:‬‬
‫‪1‬ـ التؤوٌل المانع‪ :‬هو التؤوٌل الذي له وجه إما فً الشرع أو فً اللؽة‪ ،‬كتؤوٌل األشاعرة‬
‫والمتكلمٌن لٌد هللا عز وجل بالقدرة‪ ،‬أو االستواء باالستٌبلء وأمثالهما بنا ًء على شبة‬
‫عندهم فبل ٌكفرون به‪ ،‬وإنما ٌضللون وٌبدعون حتى تقوم الحجة قٌاما ً صحٌحا ً ٌزول‬
‫من هذا العذر!‬
‫‪2‬ـ وأما التؤوٌل ؼٌر السابػ‪ :‬فهو التؤوٌل الذي لٌس له مُسوِّ ٌغ فً الشرع أو فً اللؽة‪،‬‬
‫تعالى –‪:‬‬ ‫وٌكون صادراً عن محض رأي وهوى‪ .‬مثاله‪ :‬تؤوٌل الرافضة لقوله –‬
‫{ َب ْل ٌَدَاهُ َم ْبسُو َط َتان} بالحسن والحسٌن أو تؤوٌل ؼبلتهم الباطنٌة لقوله – تعالى –‪:‬‬
‫ٌِن }[التٌن‪ ]2–1 :‬بؤنها علً وفاطمة والحسن‬ ‫ور سِ ٌن َ‬ ‫ُ‬ ‫الز ٌْ ُت ِ‬
‫ون‪َ ،‬وط ِ‬ ‫{ َوال ِّت ِ‬
‫ٌن َو َّ‬
‫بالكفر‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ُإثر فً الحكم‬
‫مقبول‪ ،‬وؼٌر م ٍ‬
‫ٍ‬ ‫والحسٌن!! وهو باطل ؼٌ ُر‬

‫‪43‬‬
‫)‪" :‬وكذلك ال خبلؾ‬ ‫(‬
‫قال ابن الوزٌر فً كتابه إٌثار الح على الخل فً رد الخبلفات‬
‫فً كفر من جحد ذلك المعلوم بالضرورة للجمٌع وتستر باسم التؤوٌل فٌما ال ٌمكن تؤوٌله‪،‬‬
‫كالمبلحدة فً تؤوٌل جمٌع األسماء الحسنى بل جمٌع القرآن والشرابع والمعا ِد األخروي من‬
‫البعث والقٌامة والجنة والنار"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقد نق َل العبدري فً التاج واإلكلٌل لمختصر خلٌل ( ) عن ابن أبً الربٌع قوله‪:‬‬
‫ُراح ال ٌُقبل‪"...‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫"ألنَّ ادعاءه للتؤوٌل فً لف ٍ ص ٍ‬
‫وهً تدلنا على مبلػ حرص الشرع على وجوب التحق من وقوع الكفر من فاعله‪،‬‬
‫حتى ال ٌسفك دم معصوم بالتهمة والشك‪ ،‬وفً ذكر هذه الموانع درس لمن ٌمارسون‬
‫التكفٌر دون اعتبار لتوافر شروط التكفٌر وانتفاء موانعه‪ ،‬وال ٌعنً ذكر تلك الموانع أن‬
‫نتهٌب من تكفٌر من كفره هللا ورسوله لثبوت وصؾ الكفر فً حقه بتوافر شروط التكفٌر‬
‫وانتفاء موانعه‪ ،‬فإن كبل طرفً قصد األمور ذمٌم‪ ،‬ولكن الواجب هو التثبت والتؤكد‪.‬‬
‫وهذه بعض النقول عن العلماء تحق إعذار العلماء عن التكفٌر بمانع التؤوٌل‪ ،‬وال‬
‫سٌما فً الخوارج أول فر التكفٌر وسفك الدماء عند المسلمٌن‪.‬‬
‫قال فً المؽنً ( )‪" :‬وإن استحل قتل المعصومٌن وأخذ أموالهم بؽٌر شبهة وال‬
‫فكذلك –ٌعنً ٌكون كافراً – وإن كان بتؤوٌل كالخوارج فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم‬
‫ٌحكموا بكفرهم مع استحبللهم دماء المسلمٌن‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬وفعلهم ذلك متقربٌن به إلى هللا‬
‫– تعالى – إلى أن قال–‪ :‬وقد عرؾ من مذهب الخوارج تكفٌر كثٌر من الصحابة ومن‬
‫بعدهم واستحبلل دمابهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم‪ ،‬ومع هذا لم ٌحكم‬
‫الفقهاء بكفرهم لتؤوٌلهم‪ ،‬وكذلك ٌخرج فً كل محرم استحل بتؤوٌل مثل هذا"‪.‬‬
‫وقال شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة ( ) "مجموع الفتاوى" ‪" :‬وبدعة الخوارج إنما هً من‬
‫سوء فهمهم للقرآن‪ ،‬لم ٌقصدوا معارضته‪ ،‬لكن فهموا منه ما لم ٌدل علٌه‪ ،‬ف نوا أنه‬
‫ٌوجب تكفٌر أرباب الذنوب"‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫إٌثار الح على الخل فً رد الخبلفات (‪.)377/1‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫التاج واإلكلٌل (‪.)285/6‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫المؽنً= الموف ابن قدامة ( ‪.)131/8‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ( ‪.)30/13‬‬

‫‪44‬‬
‫وقال أٌضا ً‪" :‬فإن الخوارج خالفوا السنة التً أمر القرآن باتباعها وكفروا المإمنٌن‬
‫الذٌن أمر القرآن بمواالتهم‪ ..‬وصاروا ٌتبعون المتشابه من القرآن فٌتؤولونه على ؼٌر‬
‫تؤوٌله من ؼٌر معرفة منهم بمعناه وال رسوخ فً العلم‪ ،‬وال اتباع للسنة‪ ،‬وال مراجعة‬
‫لجماعة المسلمٌن الذٌن ٌفهمون القرآن"( )‪.‬‬
‫وقال أٌضا ً من المجموع المذكور‪" :‬فإن األبمة متفقون على ذم الخوارج وتضلٌلهم‪،‬‬
‫وإنما تنازعوا فً تكفٌرهم على قولٌن مشهورٌن" ( )‪ .‬لكنه ذكر فً موضع آخر من‬
‫الفتاوى "أنه لم ٌكن فً الصحابة من ٌكفرهم ال علً بن أبً طالب وال ؼٌره‪ ،‬بل حكموا‬
‫فٌهم بحكمهم فً المسلمٌن ال المٌن المعتدٌن كما ذكرت اآلثار عنهم بذلك فً ؼٌر هذا‬
‫الموضع"( )‪.‬‬
‫وذكر فً موضع آخر أٌضا ً‪" :‬أن هذا هو المنصوص عن األبمة كؤحمد وؼٌره"( )‪.‬‬
‫وقال أٌضا ً ‪" :‬والخوارج المارقون الذٌن أمر النبً‪ ،–  – ،‬بقتالهم قاتلهم أمٌر‬
‫المإمنٌن علً بن أبً طالب أحد الخلفاء الراشدٌن‪ ،‬واتف على قتالهم أبمة الدٌن من‬
‫الصحابة والتابعٌن‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬ولم ٌكفرهم علً بن أبً طالب‪ ،‬وسعد بن أبً وقاص‪،‬‬
‫وؼٌرهما من الصحابة‪ ،‬بل جعلوهم مسلمٌن مع قتالهم‪ ،‬ولم ٌقاتلهم علً حتى سفكوا الدم‬
‫الحرام‪ ،‬وأؼاروا على أموال المسلمٌن فقاتلهم لدفع لمهم وبؽٌهم‪ ،‬ال ألنهم كفار‪ .‬ولهذا لم‬
‫ٌسب حرٌمهم‪ ،‬ولم ٌؽنم أموالهم‪ ،‬وإذا كان هإالء الذي ثبت ضبللهم بالنص‪ ،‬واإلجماع‪،‬‬
‫لم ٌكفروا مع أمر هللا ورسوله‪ ،–  – ،‬بقتالهم فكٌؾ بالطوابؾ المختلفٌن الذٌن اشتبه‬
‫علٌهم الح فً مسابل ؼلط فٌها من هو أعلم منهم‪ ،‬فبل ٌحل ألحد من هذه الطوابؾ أن‬
‫ٌكفر األخرى‪ ،‬وال تستحل دمها ومالها‪ ،‬وإن كانت فٌها بدعة محققة‪ ،‬فكٌؾ إذا كانت‬
‫المكفرة لها مبتدعة أٌضاً‪ ،‬وقد تكون بدعة هإالء أؼل ‪ ،‬والؽالب أنهم جمٌعا ً جهال بحقاب‬
‫ما ٌختلفون فٌه"‪ .‬إلى أن قال‪" :‬وإذا كان المسلم متؤوالً فً القتال‪ ،‬أو التكفٌر لم ٌكفر‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ( ‪.)210/13‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ‪.518/28‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ‪.217/7‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى (‪) 518/28‬‬

‫‪45‬‬
‫بذلك"( )‪.‬‬
‫إلى أن قال( )‪" :‬وقد اختلؾ العلماء فً خطاب هللا ورسوله هل ٌثبت حكمه فً ح‬
‫العبٌد قبل الببلغ على ثبلثة أقوال فً مذهب أحمد وؼٌره‪ .‬والصحٌح ما دل علٌه القرآن‬
‫ث َرسُوالً }[اإلسراء‪ .]15 :‬وقوله‪:‬‬ ‫ٌن َح َّتى َن ْب َع َ‬‫فً قوله –تعالى –‪َ { :‬و َما ُك َّنا ُم َع ِّذ ِب َ‬
‫هللا حُجَّ ٌة َبعْ َد الرُّ س ُِل }[النساء‪.]165 :‬‬
‫اس َعلَى َّ ِ‬ ‫ون لِل َّن ِ‬ ‫ٌن لِ َببلَّ ٌَ ُك َ‬ ‫{رُّ ُسبلً ُّم َب ِّش ِر َ‬
‫ٌن َومُنذ ِِر َ‬
‫وفً الصحٌحٌن عن النبً‪" :–  – ،‬ما أحد أحب إلٌه العذر من هللا‪ ،‬من أجل ذلك أرسل‬
‫الرسل مبشرٌن ومنذرٌن"( )‪.‬‬
‫والحاصل أن الجاهل معذور بما ٌقوله أو ٌفعله مما ٌكون كفراً‪ ،‬كما ٌكون معذوراً بما‬
‫ٌقوله أو ٌفعله مما ٌكون فسقاً‪ ،‬وذلك باألدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬واالعتبار‪ ،‬وأقوال أهل‬
‫العلم"( )‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ‪.282/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫مجموع الفتاوى ‪.288/3‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫صحٌح البخاري برقم ‪ ،7416‬وصحٌح مسلم برقم ‪.1499‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫‪،42/7 ،342 /3 ،140 – 124/2‬‬ ‫(‪ .)138– 136/2‬وان ر "مجموع الفتاوى والرسابل للشٌخ ابن عثٌمٌن (‬
‫‪.) 744/10‬‬

‫‪46‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫المانع الرابع‪ :‬اإلكراه‬

‫وهو إلزام الؽٌر بما ال ٌرٌد ه ذلك المُلزم ‪ ،‬فٌفعل أو ٌقول ما ٌملٌه علٌه من ألزمه‬
‫وأكرهه‪ ،‬وال بد أن نعلم أن اإلكراه ٌكون باألقوال‪ ،‬وٌكون بالفعل فقط فبل إكراه باالعتقاد‪،‬‬
‫فربما ٌُكره على قول الكفر كما أكره المشركون عماراً – رضً هللا عنه – وؼٌره على‬
‫قول الكفر‪ ،‬وٌكون اإلكراه بالفعل كالسجود لؽٌر هللا أو الذبح لؽٌر‪ ،‬قال – تعالى –‪َ { :‬منْ‬
‫ان َولَ ِكنْ َمنْ َش َر َح ِب ْال ُك ْف ِر َ‬
‫ص ْدراً‬ ‫اهلل ِمنْ َبعْ ِد إٌِ َما ِن ِه إِال َمنْ أ ُ ْكر َه َو َق ْل ُب ُه م ْ‬
‫ُط َمبِنٌّ ِباإلٌ َم ِ‬ ‫َك َف َر ِب َّ ِ‬
‫ِ‬
‫هللا َو َل ُه ْم َع َذابٌ َع ِ ٌ ٌم }[النحل‪ ،]106 :‬هذا و قد ذكر العلماء شروط اً‬ ‫ضبٌ م َِن َّ ِ‬ ‫َف َع َلٌ ِْه ْم َؼ َ‬
‫ٌتحق بها وجود وصؾ اإلكراه المعتبر شرعا ً وه ي‪:‬‬
‫المكره عاجزاً عن الذب عن نفسه بالمقاومة أو الهرب أو باالستؽاثة ونحو‬ ‫َ‬ ‫‪ –1‬أن ٌكون‬
‫ذلك‪.‬‬
‫المكره وقوع الوعٌد‪ ،‬إن لم ٌفعل ما ٌطلب منه‪.‬‬‫َ‬ ‫‪ –2‬أن ٌؽلب على ن‬
‫المكره قادراً على تحقٌ ما هُدد به‪ ،‬ألن اإلكراه ال ٌتحق إال بالقدرة‪ ،‬فإن‬
‫ِ‬ ‫‪ –3‬أن ٌكون‬
‫لم ٌكن قادرا لم ٌكن لئلكراه اعتبار‪.‬‬
‫‪ –4‬أن ٌكون التهدٌد بما ٌإ ِّدي عادة كالقتل والقطع والحبس والضرب ونحو ذلك بما ال‬
‫طاقة له به وهو المُسمى عند األصولٌٌن باإلكراه الملجا!‬
‫‪ –5‬أن ٌ هر إسبلمه وإٌمانه إذا زال عنه اإلكراه قوالً أو فعبلً‪.‬‬
‫واإلكراه حكم األخذ به رخصة ‪ :‬كفعل عمار بن ٌاسر – رضً هللا عنه ما – فقد‬
‫أخرج الحاكم فً مستدركه والبٌهقً فً الكبرى( )‪ ،‬عن أبً عبٌدة بن محمد بن عمار بن‬
‫ٌاسر عن أبٌه قال‪ :‬أخذ المشركون عمار بن ٌاسر فلم ٌتركوه حتى سبَّ النبً – ‪،– ‬‬
‫وذكر آلهتهم بخٌر ثم تركوه فلما أتى رسول هللا – ‪ – ‬قال‪" :‬ما وراءك؟"‪ ،‬قال‪ :‬شر ٌا‬
‫ُ‬
‫وذكرت آلهتهم بخٌر‪ .‬قال‪" :‬كٌؾ تجد قلبك؟" قال‪:‬‬ ‫ركت حتى ُ‬
‫نلت منك‬ ‫رسول هللا‪ ،‬ما ُت ُ‬

‫)‬ ‫(‬
‫مستدرك= للحاكم (‪ ،)3362‬سنن الكبرى= للبٌهقً (‪.)16673‬‬

‫‪47‬‬
‫مطمبن باإلٌمان‪ .‬قال‪" :‬إنْ عادوا فع ُْد"‪ ،‬قال الحاكم‪ :‬هذا حدٌث صحٌح على شرط‬
‫الشٌخٌن ولم ٌخرجاه‪.‬‬
‫عزٌمة‪ :‬كما صنع عبد هللا بن حذافة السهمً – رضً هللا عنه –‪،‬‬ ‫أما عدم األخذ به ؾ‬
‫( )‬
‫ت الروم عبد هللا بن‬ ‫أسر ِ‬
‫وهً كما رواها ابن الجوزي ‪ ،‬بسنده إلى ابن عباس قال‪َ :‬‬
‫حذافة السهمً صاحب رسول هللا – ‪ ،– ‬فقال له الطاؼٌة‪ :‬تنصَّر وإال ألقٌتك فً النقرة‬
‫النحاس‪ ،‬فقال‪ :‬ما أفعل ؟‪ .‬فدعا بنقرة من نحاس فمُلبت زٌتا ً وأُؼلٌت ودعا رجبلً من‬
‫المسلمٌن فعرض علٌه النصرانٌة فؤبى فؤلقاه فً النقرة فإذا ع امه تلوح‪ ،‬فقال لعبد هللا‬
‫ابن حذافة‪ :‬تنصَّرْ وإال ألقٌتك‪ ،‬قال‪ :‬ما أفعل‪ ،‬فؤمر أن ٌُلقى فً النقرة فكتفوه فبكى‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫قد جزع‪ ،‬قد بكى‪ ،‬قال‪ :‬ردوه‪ ،‬فقال‪ :‬ال ت ّنن أنً بكٌت جزعاً؛ ولكن بكٌت إذ لٌس لً إال‬
‫نفسٌ واحدة ٌُفعل بها هذا فً هللا – عز وجل –‪ ،‬كنت أحب أن ٌكون لً أنفسٌ عدد ك َّل‬
‫شعر ٍة فًَّ ‪ ،‬ثم ُتسلط علًَّ فتفعل بً هذا‪ ،‬قال‪ :‬فؤعجبه وأحبَّ أنْ ٌُطلقه‪ ،‬فقال‪ :‬ق ِّب ْل رأسً‬
‫وأُطلقك‪ ،‬قال‪ :‬ما أفعل ؟‪ ،‬قال‪ :‬تنصَّر وأُزوجك ابنتً وأُقاسمك ملكً‪ ،‬قال‪ :‬ما أفعل ؟‪،‬‬
‫قال‪ :‬قبِّل رأسً وأُطل معك ثمانٌن من المسلمٌن‪ ،‬قال‪ :‬أما هذا فنعم‪ ،‬فقبل رأسه فؤطلقه‬
‫وثمانٌن معه‪ .‬فلما قدموا على عمر قام إلٌه عمر فقبَّل رأسه‪ ،‬وكان أصحاب رسول هللا –‬
‫رأس عِ ْل ٍج‪.‬‬
‫َ‬ ‫‪ٌُ – ‬مازحون عبد هللا وٌقولون‪ :‬ق َب ْل َ‬
‫ت‬
‫وقال الموف أبو محمد ابن قدامة( )‪" :‬وروى األثرم عن أبً عبد هللا– ٌعنً اإلمام‬
‫أحمد – أنه سُبل عن الرجل ٌُإمر فٌعرض على الكفر وٌكره علٌه‪ ،‬أله أن ٌرتد؟ فكرهه‬
‫كراهة شدٌدة‪ ،‬وقال‪ :‬ما ٌُشبه هذا عندي الذٌن أُنزلت فٌهم اآلٌة من أصحاب النبً – ‪‬‬ ‫ً‬
‫–‪ ،‬أولبك كانوا ٌُرادون على الكلمة ثم ٌتركون ٌعملون ما شاءوا‪ ،‬وهإالء ٌرٌدونهم على‬
‫اإلقامة على الكفر وترك دٌنهم"ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال اإلمام الشافعً – رحمه هللا – فً "األم"( )‪" :‬ولو أن رجبلً أسره العدو فؤكرهه‬
‫على الكفر لم تبن منه امرأته ولم ٌحكم علٌه بشًء من حكم المرتد؛ قد أكره بعض من‬

‫)‬ ‫(‬
‫فً كتابٌه "الثبات عند الممات " (‪،)53/1‬وفً "المنت م " (‪ ،)320/4‬وان ر تارٌخ األمم والملوك= البن جرٌر‬
‫‪.396/2‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫المؽنً= البن قدامة (‪.)31/9‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫"األم"=للشافعً (‪.)175 /6‬‬

‫‪48‬‬
‫أسلم فً عهد النبً – ‪ – ‬على الكفر فقاله‪ ،‬ثم جـــاء إلى النبً – ‪ – ‬فذكــر له ما‬
‫عذب به؛ فنزل فٌه هذا ولم ٌؤمره النبً – ‪ – ‬باجتناب زوجته وال بشًء مما على‬
‫المرتد"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫قال اإلمام البؽوي – رحمه هللا – فً تفسٌره ( )‪" :‬وأجمع العلماء على أن من أكره‬
‫على كلمة الكفر؛ ٌجوز له أن ٌقول بلسانه؛ وإذا قال بلسانه ؼٌر معتقد ال ٌكون كفراً‪ ،‬وإن‬
‫أبى أن ٌقول حتى قتل كان أفضل"‪.‬‬
‫وقال القرطبً – رحمه هللا – فً تفسٌره( )‪" :‬أجمع أهل العلم على أن من أكره على‬
‫الكفر حتى خشً على نفسه القتل‪ ،‬أنه ال إثم علٌه إن كفر وقلبه مطمبن باإلٌمان‪ ،‬وال تبٌن‬
‫منه زوجته وال ٌحكم علٌه بحكم الكفر‪ ،‬هذا قول مالك والكوفٌٌن والشافعً‪ ،‬ؼٌر محمد بن‬
‫الحسن فإنه قال‪ :‬إذا أ هر الشرك كان مرتدا فً ال اهر‪ ،‬وفٌما بٌنه وبٌن هللا تعالى على‬
‫اإلسبلم‪ ،‬وتبٌن منه امرأته وال ٌصلى علٌه إن مات‪ ،‬وال ٌرث أباه إن مات مسلما‪.‬‬
‫وهذا قول ٌرده الكتاب والسنة‪ ،‬قال هللا – تعالى –‪ { :‬إِالَّ َمنْ أ ُ ْكر َه َو َق ْل ُب ُه م ْ‬
‫ُط َمبِنٌّ‬ ‫ِ‬
‫هللا َولَ ُه ْم َع َذابٌ َع ِ ٌ ٌم }[النحل‪:‬‬ ‫ضبٌ م َِّن َّ ِ‬ ‫ان َولَكِن مَّن َش َر َح ِب ْال ُك ْف ِر َ‬
‫ص ْدراً َف َعلٌَ ِْه ْم َؼ َ‬ ‫اإلٌ َم ِ‬
‫ِب ِ‬
‫‪ .]106‬وقال‪ { :‬إِالَّ أَن َت َّتقُو ْا ِم ْن ُه ْم ُت َقا ًة }[آل عمران‪ ،]28 :‬وقال‪{ :‬إِنَّ الَّذ َ‬
‫ٌِن َت َو َّفا ُه ُم‬
‫ض َق ْال َو ْا أَلَ ْم َت ُكنْ أَرْ ضُ‬ ‫ٌِن فًِ األَرْ ِ‬ ‫ْال َمآل ِب َك ُة َ ا ِلمًِ أَ ْنفُسِ ِه ْم َقالُو ْا فٌِ َم ُكن ُت ْم َقالُو ْا ُك َّنا مُسْ َتضْ َعف َ‬
‫اءت مَصِ ٌراً}[النساء‪.]97 :‬‬ ‫ك َمؤْ َوا ُه ْم َج َه َّن ُم َو َس ْ‬ ‫هللا َواسِ َع ًة َف ُت َها ِجرُو ْا فٌِ َها َفؤ ُ ْولَ ِب َ‬
‫َّ ِ‬
‫ُون حٌِلَ ًة َوالَ ٌَ ْه َت ُد َ‬
‫ون‬ ‫َان الَ ٌَسْ َتطِ ٌع َ‬ ‫ال َوال ِّن َسا ِء َو ْال ِو ْلد ِ‬
‫ٌِن م َِن الرِّ َج ِ‬ ‫وقال‪{ :‬إِالَّ ْالمُسْ َتضْ َعف َ‬
‫َس ِبٌبلً}[النساء‪.]98 :‬‬
‫فعذر هللا المستضعفٌن الذٌن ٌمتنعون من ترك ما أمر هللا به‪ ،‬والمكره ال ٌكون إال‬
‫مستضعفا ؼٌر ممتنع من فعل ما أمر به‪ ،‬قاله البخاري‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫وقال ابن القٌم – رحمه هللا – فً "إعبلم الموقعٌن" ( )‪" :‬وهللا سبحانه وتعالى رفع‬
‫المإاخذة عن المتكلم بكلمة الكفر مكرها ً لمّا لم ٌقصد معناها وال نواها؛ فكذلك المتكلم‬
‫بالطبل والعتا والوقؾ والٌمٌن والنذر مكرها ال ٌلزمه شًء من ذلك؛ لعدم نٌته‬

‫)‬ ‫(‬
‫تفسٌر البؽوي (‪.)46 /5‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫أحكام القرآن=للقرطبً (‪.)182 /10‬‬
‫)‬ ‫(‬
‫إعبلم الموقعٌن=البن القٌم (‪)64 – 63 /3‬‬

‫‪49‬‬
‫وقصده‪ ،‬وقد أتى باللف الصرٌح؛ فعلم أن اللف إنما ٌوجب معناه لقصد المتكلم به‪ ،‬وهللا‬
‫تعالى رفع المإاخذة عمن حدث نفسه بؤمر بؽٌر تلف أو عمل‪ ،‬كما رفعها عمن تلف‬
‫باللف من ؼٌر قصد لمعناه وال إرادة‪ ،‬ولهذا ال ٌكفر من جرى على لسانه لف الكفر سبقا‬
‫من ؼٌر قصد لفرح أو دهش وؼٌر ذلك‪ ،‬كما فً حدٌث الفرح اإللهً بتوبة العبد‪،‬‬
‫وضرب مثل ذلك بمن فقد راحلته علٌها طعامه وشرابه فً األرض المهلكة‪ ،‬فؤٌس منها‬
‫ثم وجدها فقال‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك " أخطؤ من شدة الفرح "‪ ،‬ولم ٌإاخذ بذلك‪....‬‬
‫"‪ .‬اه ـ‪.‬‬
‫قال ابن عثٌمٌن – رحمه هللا –‪" :‬ومن الموانع أن ٌقع ما ٌوجب الكفر أو الفس بؽٌر‬
‫إرادة منه‪ ،‬ولذلك صور منها‪ :‬أن ٌكره على ذلك فٌفعله لداعً اإلكراه ال اطمبنانا ً به‪ ،‬فبل‬
‫ان‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌكفر حٌنبذ‪ ،‬لقوله تعالى‪َ { :‬من َك َف َر ِب َّ ِ‬
‫اهلل مِن َبعْ ِد إٌ َما ِن ِه إِالَّ َمنْ أ ْك ِر َه َو َق ْل ُب ُه مُط َمبِنٌّ ِب ِ‬
‫اإلٌ َم ِ‬
‫هللا َولَ ُه ْم َع َذابٌ َع ِ ٌ ٌم}[النحل‪.]106 :‬‬ ‫ضبٌ م َِّن َّ ِ‬ ‫َولَكِن مَّن َش َر َح ِب ْال ُك ْف ِر َ‬
‫ص ْدراً َف َعلٌَ ِْه ْم َؼ َ‬
‫ومنها أن ٌؽل علٌه فكره‪ ،‬فبل ٌدري ما ٌقول لشدة فرح أو حزن أو خوؾ أو نحو‬
‫ذلك؛ ودلٌله ما ثبت فً صحٌح مسلم عن أنس بن مالك – رضً هللا عنه –قال‪ ،‬قال‬
‫رسول هللا‪" :–  – ،‬هلل أشد فرحا ً بتوبة عبده حتى ٌتوب إلٌه من أحدكم كان على‬
‫راحلته بؤرض فبلة فانفلتت منه وعلٌها طعامه وشرابه فؤٌس منها فؤتى شجرة فاضطجع‬
‫فً لها قد أٌس من راحلته فبٌنما هو كذلك إذا هو بها قابمة عنده فؤخذ بخطامها ثم قال‬
‫من شدة الفرح‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطؤ من شدة الفرح"( )‪.‬‬

‫)‬ ‫(‬
‫مجموع لفتاوى والرسابل (‪.)343/3‬‬

‫‪50‬‬
‫الخاتمة‬
‫الحمد هلل رب العالمٌن الذي بنعمته تتم الصالحات وبعد هذا التطواف فً البحث‬
‫وفً فصوله ومباحثه نخلص إلى عدد من النتائج‪.‬‬
‫أهمها‪ :‬أن تكفٌر المعٌن ٌخضع عند العلماء لشروط ال بد من اجتماعها وموانع ال بد‬
‫من انتفاءها حتى نحكم على المعٌن المقارؾ للكفر قوالً أو عمبلً أو اعتقاداً بؤنه كافر‬
‫بعٌنه خارج عن ملة اإلسبلم‪ ،‬وهً باختصار‪:‬‬
‫‪ –1‬العلم ومانعه الجهل‪.‬‬
‫‪ –2‬التكلٌؾ ومانعه عدم التكلٌؾ‪.‬‬
‫‪ –3‬االختٌار ومانعه اإلكراه‪.‬‬
‫‪ –4‬القصد ومانع الخطؤ وألح العلماء به التؤوٌل‪.‬‬
‫وتبٌن من كبلم أهل العلم الدابر على األدلة الشرعٌة أن هناك فرقا ً بٌن التكفٌر‬
‫المطل وتكفٌر تارك الصبلة مطلقا ً وتكفٌر الٌهود والنصارى مطلقا ً وأشباه ذلك وبٌن‬
‫التكفٌر المعٌن وذلك بالحكم على فبلن ابن فبلن بعٌنه أنه كافر‪.‬‬
‫هذا وقد اشتمل البحث على ذكر خمسة عشر قاعدة وضابطا ً بشًء من التفصٌل‪،‬‬
‫ٌجب مراعاتها فً هذا الباب المهم والخطٌر "الكفر والتكفٌر"‪.‬‬
‫موصٌا ً الباحثٌن وأهل العلم أن ٌولوا هذه القضٌة العناٌة البلبقة بها من البحث‬
‫والدراسة‪ ،‬والتفسٌر والتبٌٌن؛ قٌاما ً بالواجب‪ ،‬وبراءة للذمة ونصحا ً للدٌن واألمة إذ‬
‫العجالة لن تستطٌع أن تلم بؤطراؾ الموضوع وهللا ولً التوفٌ والحمد هلل أوالً‪ ،‬وآخراً‪،‬‬
‫و اهراً‪ ،‬وباطناً‪ ،‬وعلى كل حال وصلى هللا وسلم على نبٌنا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعٌن‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫فهرس المراجع‬

‫القرآن الكرٌم‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫اإلتقان فً علوم القرآن لعبد الرحمن بن الكمال جبلل الدٌن السٌوطً ط‪ 1‬دار الفكر لبنان‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1416‬هـ‪.‬‬
‫اجتماع الجٌوش اإلسبلمٌة على ؼزو المعطلة والجهمٌة‪ ،‬اإلمام ابن قٌم الجوزٌة‪ ،‬دار البا ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪.1404 ،1‬‬
‫األدب المفرد لمحمد بن إسماعٌل أبو عبدا هلل البخاري الجعفً ط ‪ 3‬دار البشابر اإلسبلمٌة –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت‪ 1989 – 1409 ،‬تحقٌ ‪ :‬محمد فإاد عبدالباقً‪.‬‬
‫لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط‪ 2‬المكتب‬ ‫إرواء الؽلٌل فً تخرٌج أحادٌث منار السبٌل‬ ‫‪‬‬
‫اإلسبلمً– بٌروت‪.1985 – 1405 ،‬‬
‫أسماء هللا الحسنى من القرآن الكرٌم والحدٌث الصحٌح‪ ،‬د‪ .‬زٌن محمد شحاته‪ ،‬دار خضر‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت ط‪.1418 ،1‬‬
‫األسماء والصفات‪ ،‬أبو بكر أحمد بن الحسٌن بن علً البٌهقً‪ ،‬تحقٌ عماد الدٌن أحمد‬ ‫‪‬‬
‫حٌدر‪ ،‬دار الكتاب العربً‪ ،‬بٌروت‪1405،‬ط‪.1405 ،1‬‬
‫األمر باالتباع والنهً عن االبتداع‪ ،‬جبلل الدٌن السٌوطً‪ ،‬تحقٌ مصطفى عاشور‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪‬‬
‫القرآن‪.‬‬
‫البرهان فً علوم القرآن لمحمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشً أبو عبد هللا ط دار المعرفة‬ ‫‪‬‬
‫– بٌروت‪ 1391 ،‬هـ تحقٌ ‪ :‬محمد أبو الفضل إبراهٌم‪.‬‬
‫التبٌان فً تفسٌر ؼرٌب القرآن لشهاب الدٌن أحمد بن محمد الهابم المصري ط ‪ 1‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الصحابة للتراث بطنطا – القاهرة‪1992 ،‬م‪ .‬تحقٌ ‪ :‬د‪.‬فتحً أنور الدابولً‪.‬‬
‫تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحٌم المباركفوري أبو‬ ‫‪‬‬
‫العبل ط دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪.‬‬
‫تحفة األحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحٌم المباركفوري أبو‬ ‫‪‬‬
‫العبل ط دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪.‬‬
‫تحقٌ المجاز والحقٌقة فً صفات هللا لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،‬تقدٌم محمد عبد الرزا‬ ‫‪‬‬
‫حمزة‪ ،‬مطبعة المدنً‪.‬‬
‫التدمرٌة لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة تحقٌ د‪ .‬محمد بن عودة السعودي ط‪.1‬‬ ‫‪‬‬

‫‪52‬‬
‫التذكرة فً أحوال الموتى وأمور اآلخرة‪ ،‬أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن أبً بكر بن فرح‬ ‫‪‬‬
‫القرطبً‪ ،‬تحقٌ أحمد حجازي السقا‪ ،‬دار الباز‪.1402 ،‬‬
‫تفسٌر البٌضاوي لبٌضاوي ط دار الفكر بٌروت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تفسٌر الجبللٌن لجبلل الدٌن محمد بن أحمد المحلً وجبلل الدٌن عبدالرحمن بن أبً بكر‬ ‫‪‬‬
‫السٌوطً ط‪ 1‬دار الحدٌث – القاهرة‪.‬‬
‫تفسٌر القرآن الع ٌم إلسماعٌل بن عمر بن كثٌر الدمشقً أبو الفداء ط دار الفكر بٌروت‬ ‫‪‬‬
‫‪1401‬هـ‬
‫تفسٌر القرآن لعبد الرزا بن همام الصنعان ط‪ 1‬مكتبة الرشد – الرٌاض‪1410 ،‬هـ تحقٌ ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫د‪ .‬مصطفى مسلم محمد‪.‬‬
‫تفسٌر مجاهد لمجاهد بن جبر المخزومً التابعً أبو الحجاج ط المنشورات العلمٌة –بٌروت‬ ‫‪‬‬
‫تحقٌ ‪ :‬عبدالرحمن الطاهر محمد السورتً‪.‬‬
‫تلخٌص الحبٌر فً أحادٌث الرافعً الكبٌر ألحمد بن علً بن حجر أبو الفضل العسقبلنً‬ ‫‪‬‬
‫المدٌنة المنورة‪ 1964 – 1384 ،‬تحقٌ ‪ :‬السٌد عبدهللا هاشم الٌمانً المدنً‪.‬‬
‫التمهٌد لما فً الموطؤ من المعانً واألسانٌد ألبي عمر ٌوسؾ بن عبد هللا بن عبد البر‬ ‫‪‬‬
‫النمري ط وزارة عموم األوقاؾ والشإون اإلسبلمٌة – المؽرب‪ 1387 ،‬تحقٌ ‪ :‬مصطفى‬
‫بن أحمد العلوي‪،‬محمد عبد الكبٌر البكري‪.‬‬
‫التنبٌه والرد على أهل األهواء والبدع‪ ،‬اإلمام أبو الحسٌن محمد بن أحمد الملطً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توحٌد الخال ‪ ،‬عبد المجٌد الزندانً‪ ،‬مإسسة الكتب الثقافٌة‪ ،‬بٌروت‪ ،‬ط‪.1408 1‬‬ ‫‪‬‬
‫التوحٌد الذي هو ح هللا على العبٌد لشٌخ اإلسبلم محمد بن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التوحٌد ومعرفة أسماء هللا عز وجل على االتفا والتفرد‪ ،‬اإلمام ابن منده‪ ،‬تحقٌ د‪ .‬علً‬ ‫‪‬‬
‫الفقٌهً‪ ،‬نشر الجامعة اإلسبلمٌة‪.‬‬
‫التوحٌد‪ ،‬عبد المجٌد الزندانً‪ ،‬مإسسة الكتب الثقافٌةن بٌروت‪ ،‬ط‪.1408 ،1‬‬ ‫‪‬‬
‫جامع البٌان عن تؤوٌل آي القرآن لمحمد بن جرٌر بن ٌزٌد بن خالد الطبري أبو جعفر ط‬ ‫‪‬‬
‫دار الفكر بٌروت ‪.1405‬‬
‫الجامع الصحٌح المختصر لمحمد بن إسماعٌل أبو عبدهللا البخاري الجعفً ط ‪ 3‬دار ابن‬ ‫‪‬‬
‫كثًر‪ ،‬الٌمامة – بٌروت‪ 1987 – 1407 ،‬تحقٌ ‪ :‬د‪ .‬مصطفى دٌب البؽا‪.‬‬
‫الجامع الصحٌح سنن الترمذي لمحمد بن عٌسى أبو عٌسى الترمذي السلمً ط دار إحٌاء‬ ‫‪‬‬
‫التراث العربً – بٌروت تحقٌ ‪ :‬أحمد محمد شاكر وآخرون‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫جامع العلوم والحكم لحاف ابن رجب نشر مإسسة الرسالة طبعة األولى‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الجامع ألحكام القرآن لحمد بن أحمد بن أبً بكر بن فرح القرطبً أبو عبد هللا ط دار الشعب‬ ‫‪‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫الجواب الصحٌح لمن بدل دٌن المسٌح لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،‬تقدٌم علً السٌد صبح‬ ‫‪‬‬
‫المدنً‪.‬‬
‫حادي األرواح إلى ببلد األفراح‪ ،‬اإلمام ابن قٌم الجوزٌة‪ ،‬تحقٌ د‪ .‬السٌد الجمٌلً‪ ،‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الكتاب العربً‪ ،‬ط‪.1407 3‬‬
‫حاشٌة ابن القٌم على سنن أبً داود ألبً عبد هللا شمس الدٌن محمد بن أبً بكر بن أٌوب‬ ‫‪‬‬
‫ابن القٌم ط‪ 2‬دار الكتب العلمٌة بٌروت‪.‬‬
‫حاشٌة ابن القٌم على سنن أبً داود ألبً عبد هللا شمس الدٌن محمد بن أبً بكر بن أٌوب‬ ‫‪‬‬
‫ابن القٌم ط‪ 2‬دار الكتب العلمٌة بٌروت‪.‬‬
‫حاشٌة السندي على النسابً لنور الدٌن بن عبد الهادي أبو الحسن السندي ط‪ 2‬مكتب‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات اإلسبلمٌة – حلب‪ 1986 – 1406 ،‬تحقٌ ‪ :‬عبد الفتاح أبو ؼدة‪.‬‬
‫حاشٌة السندي على النسابً لنور الدٌن بن عبدالهادي أبو الحسن السندي ‪ ،‬ط‪ 2‬مكتب‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات اإلسبلمٌة – حلب‪ 1986 – 1406 ،‬تحقٌ ‪ :‬عبدالفتاح أبو ؼدة‪.‬‬
‫حلٌة األولٌاء وطبقات األصفٌاء ألبي نعٌم أحمد بن عبد هللا األصبهانً ط ‪ 4‬دار الكتاب‬ ‫‪‬‬
‫العربً – بٌروت‪.1405 ،‬‬
‫دالبل التوحٌد‪ ،‬محمد حمال الدٌن القاسمً‪ ،‬تقدٌم ومراجعة محمد حجازي‪ ،‬مكتبة الثقافة‬ ‫‪‬‬
‫الدٌنٌة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪.1406 1‬‬
‫الدٌباج شرح صحٌح مسلم بن الحجاج لعبدالرحمن ابن أبً بكر أبو الفضل السٌوطً ط دار‬ ‫‪‬‬
‫ابن عفان الخبر‪ ،‬السعودٌة ‪1416‬ـ ‪ /1996‬تحقٌ ‪ :‬أبو إسحا الحوٌنً األثري‪.‬‬
‫روح المعانً فً تفسٌر القرآن الع ٌم والسبع المثانً لحمود األلوسً أبو الفضل دار إحٌاء‬ ‫‪‬‬
‫التراث العربً – بٌروت‪.‬‬
‫زاد المسٌر فً علم التفسٌر لعبد الرحمن بن علً بن محمد الجوزي ‪ 3‬المكتب اإلسبلمً –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت ‪1404‬هـ‪.‬‬
‫زاد المعاد لئلمام ابن قٌم الجوزٌة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلسلة الصحٌحة لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط مكتبة المعارؾ – الرٌاض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السلسلة الضعٌفة لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط مكتبة المعارؾ – الرٌاض‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪54‬‬
‫سنن ابن ماجه لمحمد بن ٌزٌد أبو عبدهللا القزوٌنً ط دار الفكر – بٌروت تحقٌ ‪ :‬محمد‬ ‫‪‬‬
‫فإاد عبد الباقً‪.‬‬
‫سنن أبً داود لسلٌمان بن األشعث أبو داود السجستانً األزدي ط دار الفكر تحقٌ ‪ :‬محمد‬ ‫‪‬‬
‫محًٌ الدٌن عبد الحمٌد‪.‬‬
‫ط مكتبة دار‬ ‫سنن البٌهقً الكبرى أل حمد بن الحسٌن بن علً بن موسى أبو بكر البٌهقً‬ ‫‪‬‬
‫الباز – مكة المكرمة‪ 1994 – 1414 ،‬تحقٌ ‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪.‬‬
‫سنن الدارقطنً لعلً بن عمر أبو الحسن الدارقطنً البؽدادي ط دار المعرفة – بٌروت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1966 – 1386‬تحقٌ ‪ :‬السٌد عبد هللا هاشم ٌمانً المدنً‪.‬‬
‫سنن الدارمً المإلؾ‪ :‬عبدهللا بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمً ط ‪ 1‬دار الكتاب العربً –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت‪1407 ،‬م‪ .‬تحقٌ ‪ :‬فواز أحمد زمرلً‪ ،‬خالد السبع العلمً‪.‬‬
‫سنن النسابً الكبرى ألحمد بن شعٌب أبو عبد الرحمن النسابً ط‪ 1‬دار الكتب العلمٌة –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت‪ 1991 – 1411 ،‬تحقٌ ‪ :‬د‪.‬عبد الؽفار سلٌمان البنداري‪ ،‬سٌد كسروي حسن‪.‬‬
‫سنن سعٌد بن منصور لسعٌد بن منصور ط ‪ 1‬دار الصمٌعً‪ ،‬الرٌاض ‪ 1414‬هـ تحقٌ د‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫سعد بن عبد هللا بن عبد العزٌز آل حمٌد‪.‬‬
‫شرح السٌوطً لسنن النسابً لعبدالرحمن ابن أبً بكر أبو الفضل السٌوطً ‪ ،‬ط‪ 2‬مكتب‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات اإلسبلمٌة – حلب‪ 1986 – 1406 ،‬تحقٌ ‪ :‬عبدالفتاح أبو ؼدة‪.‬‬
‫شرح السٌوطً لسنن النسابً لعبدالرحمن ابن أبً بكر أبو الفضل السٌوطً ط‪ 2‬مكتب‬ ‫‪‬‬
‫المطبوعات اإلسبلمٌة – حلب‪ 1986 – 1406 ،‬تحقٌ ‪ :‬عبد الفتاح أبو ؼدة‪.‬‬
‫شرح العقٌدة الطحاوٌة لئلمام ابن أبً العز‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫شرح العقٌدة الواسطٌة لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫شرح سنن ابن ماجه للسٌوطً‪ ،‬عبدالؽنً‪ ،‬فخر الحسن الدهلوي ط قدٌمً كتب خانة –‬ ‫‪‬‬
‫كراتشً‪.‬‬
‫شرح سنن ابن ماجه للسٌوطً‪ ،‬عبدالؽنً‪ ،‬فخر الحسن الدهلوي ط قدٌمً كتب خانة –‬ ‫‪‬‬
‫كراتشً‪.‬‬
‫شرح صحٌح مسلم بن الحجاج ألبي زكرٌا ٌحٌى بن شرؾ بن مري النووي ط‪ 2‬دار إحٌاء‬ ‫‪‬‬
‫التراث العربً – بٌروت‪.1392 ،‬‬
‫شرح معانً اآلثار أل حمد بن محمد بن سبلمة بن عبدالملك بن سلمة أبو جعفر الطحاوي ط‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1‬دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪ 1399 ،‬تحقٌ ‪ :‬محمد زهري النجار‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫الشرح واإلبانة على أصول الدٌانة‪ ،‬اإلمام عبٌد هللا محمد بن بطة العكبري‪ ،‬تحقٌ د‪ .‬رضا‬ ‫‪‬‬
‫نعسان‪ ،‬المكتبة الفٌصلٌة‪.‬‬
‫الشرٌعة‪ ،‬اإلمام أبو بكر محمد بن الحسٌن اآلجري‪ ،‬تحقٌ الولٌد بن محمد بن نبٌه سٌؾ‬ ‫‪‬‬
‫النصر‪ ،‬مإسسة قرطبة‪ ،‬ط‪.1417 ،1‬‬
‫شعب اإلٌمان ألبي بكر أحمد بن الحسٌن البٌهقً ط‪ 1‬دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪1410 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫تحقٌ ‪ :‬محمد السعٌد بسٌونً زؼلول‪.‬‬
‫شفاء العلٌل فً مسابل القضاء والقدر والتعلٌل لئلمام ابن قٌم الجوزٌة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الصارم المسلول على شاتم الرسول لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،‬تحقٌ محمد محًٌ الدٌن عبد‬ ‫‪‬‬
‫الحمٌد‪.‬‬
‫صحٌح ابن حبان بترتٌب ابن بلبان لمحمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التمٌمً البستً ط‪2‬‬ ‫‪‬‬
‫مإسسة الرسالة – بٌروت‪ 1993 – 1414 ،‬تحقٌ ‪ :‬شعٌب األرنإوط‪.‬‬
‫ط المكتب‬ ‫صحٌح ابن خزٌمة لمحمد بن إسحا بن خزٌمة أبو بكر السلمً النٌسابوري‬ ‫‪‬‬
‫اإلسبلمً – بٌروت‪ 1970 – 1390 ،‬تحقٌ ‪ :‬د‪ .‬محمد مصطفى األع مً‪.‬‬
‫صحٌح الترؼٌب والترهٌب لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط‪ 5‬مكتبة المعارؾ – الرٌاض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ط دار إحٌاء التراث‬ ‫صحٌح مسلم لمسلم بن الحجاج أبو الحسٌن القشٌري النٌسابوري‬ ‫‪‬‬
‫العربً – بٌروت تحقٌ ‪ :‬محمد فإاد عبد الباقً‪.‬‬
‫صحٌح وضعٌؾ الجامع الصؽٌر وزٌادته لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط المكتب اإلسبلمً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضعٌؾ الترؼٌب والترهٌب لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط مكتبة المعارؾ – الرٌاض‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫بلل الجنة فً تخرٌج السنة البن أبً عاصم لمحمد ناصر الدٌن األلبانً ط‪ 3‬المكتب‬ ‫‪‬‬
‫اإلسبلمً – بٌروت‪.1993–1413 ،‬‬
‫العبودٌة لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،‬تحقٌ خالد عبد اللطٌؾ العلمً‪ ،‬دار الكتاب العربً‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.1407‬‬
‫عقٌدة المإمن‪ ،‬أبو بكر الجزابري‪ ،‬دار الكتب السلفٌة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫عمدة القارئ شرح صحٌح البخاري لبدر الدٌن محمود بن أحمد العٌنً ط دار إحٌاء التراث‬ ‫‪‬‬
‫العربً بٌروت‪.‬‬
‫عون المعبود شرح سنن أبً داود لمحمد شمس الح الع ٌم آبادي أبو الطٌب ط‪ 2‬دار‬ ‫‪‬‬
‫الكتب العلمٌة – بٌروت‪.1415 ،‬‬
‫فتح الباري شرح صحٌح البخاري ألحمد بن علً بن حجر أبو الفضل العسقبلنً الشافعً ط‬ ‫‪‬‬

‫‪56‬‬
‫دار المعرفة – بٌروت‪.1379 ،‬‬
‫فتح القدٌر الجامع بٌن فنً الرواٌة والدراٌة من علم التفسٌر لمحمد بن علً الشوكاني ط دار‬ ‫‪‬‬
‫الفكر بٌروت‪.‬‬
‫الفتوى الحموٌة لشٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة‪ ،‬تقدٌم محمد عبد الرزا حمزة‪ ،‬مطبعة المدنً‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الفوابد لئلمام ابن قٌم الجوزٌة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫فٌض القدٌر شرح الجامع الصؽٌر لعبد الرإوؾ المناوي ط‪ 1‬المكتبة التجارٌة الكبرى –‬ ‫‪‬‬
‫مصر‪.1356 ،‬‬
‫القول المفٌد فً شرح كتاب التوحٌد للشٌخ محمد الصالح العثمٌن‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الكواشؾ الجلٌة فً شرح معانً العقٌدة الواسطٌة للشٌخ عبد العزٌز السلمان‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ط ‪ 2‬مكتب المطبوعات‬ ‫المجتبى من السنن ألحمد بن شعٌب أبو عبد الرحمن النسابً‬ ‫‪‬‬
‫اإلسبلمٌة – حلب‪ 1986 – 1406 ،‬تحقٌ ‪ :‬عبدالفتاح أبو ؼدة‬
‫مجمع الزوابد ومنبع الفوابد لنور الدٌن علً بن أبً بكر الهٌثمً ط دار الفكر‪ ،‬بٌروت –‬ ‫‪‬‬
‫‪.1412‬‬
‫مجموع فتاوى شٌخ اإلسبلم ابن تٌمٌة طبعة الثانٌة الملك فهد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المستدرك على الصحٌحٌن لمحمد بن عبدهللا أبو عبدهللا الحاكم النٌسابوري ط‪ 1‬دار الكتب‬ ‫‪‬‬
‫العلمٌة – بٌروت ‪ 1990 – 1411‬تحقٌ ‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬
‫ط دار‬ ‫مسند أبً داود الطٌالسً لسلٌمان بن داود أبو داود الفارسً البصري الطٌالسً‬ ‫‪‬‬
‫المعرفة – بٌروت‪.‬‬
‫ط‪ 1‬دار المؤمون‬ ‫مسند أبً ٌعلى ألحمد بن علً بن المثنى أبو ٌعلى الموصلً التمٌمً‬ ‫‪‬‬
‫للتراث – دمش ‪ 1984 – 1404 ،‬تحقٌ ‪ :‬حسٌن سلٌم أسد‪.‬‬
‫مسند إسحا بن راهوٌه إلسحا بن إبراهٌم بن مخلد بن راهوٌه الحن لً ط ‪ 1‬مكتبة‬ ‫‪‬‬
‫اإلٌمان – المدٌنة المنورة‪ 1991 – 1412 ،‬تحقٌ ‪ :‬د‪ .‬عبد الؽفور بن عبد الح البلوشً‪.‬‬
‫مسند اإلمام أحمد بن حنبل ألحمد بن حنبل أبو عبدهللا الشٌبانً ط مإسسة قرطبة – القاهرة‬ ‫‪‬‬
‫مسند البزار ألبً بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخال البزار ط مإسسة العلوم القرآن‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪‬‬
‫العلوم والحكم – بٌروت‪ ،‬المدٌنة ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫مسند الحمٌدي لعبدهللا بن الزبٌر أبو بكر الحمٌدي ط دار الكتب العلمٌة‪ ،‬مكتبة المتنبً –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت‪ ،‬القاهرة تحقٌ ‪ :‬حبٌب الرحمن األع مً‪.‬‬
‫مسند الشافعً لمحمد بن إدرٌس أبو عبد هللا الشافعً ط دار الكتب العلمٌة – بٌروت‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪57‬‬
‫مشكاة المصابٌح لمحمد بن عبد هللا الخطٌب التبرٌزي ط‪ 3‬المكتب اإلسبلمً – بٌروت ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1985 – 1405‬تحقٌ ‪ :‬تحقٌ محمد ناصر الدٌن األلبانً‪.‬‬
‫‪ 2‬دار‬ ‫مصباح الزجاجة فً زوابد ابن ماجة ألحمد بن أبً بكر بن إسماعٌل الكتانً ط‬ ‫‪‬‬
‫العربٌة بٌروت‪ 1403 ،‬هـ تحقٌ ‪ :‬محمد المنتقى الكشناوي‪.‬‬
‫مصنؾ عبد الرزا ألبي بكر عبد الرزا بن همام الصنعانً ط ‪ 2‬المكتب اإلسبلمً –‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت‪ 1403 ،‬تحقٌ ‪ :‬حبٌب الرحمن األع مً‪.‬‬
‫المصنؾ فً األحادٌث واآلثار ألبي بكر عبد هللا بن محمد بن أبً شٌبة الكوفً ط ‪ 1‬مكتبة‬ ‫‪‬‬
‫الرشد – الرٌاض‪ 1409 ،‬تحقٌ ‪ :‬كمال ٌوسؾ الحوت‪.‬‬
‫معالم التنزٌل لحسٌن بن مسعود الفراء البؽوي أبو محمد ط دار المعرفة بٌروت‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫معانً القرآن الكرٌم للنحاس ط ‪ 1‬جامعة أم القرى – مكة الم كرمة‪ 1409 ،‬هـ تحقٌ ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد علً الصابونً‪.‬‬
‫الملل والنحل‪ ،‬أبو الفتح محمد بن عبد الكرٌم الشهرستانً‪ ،‬تحقٌ محمد سٌد كٌبلنً‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.1387‬‬
‫مناهل العرفان فً علوم القرآن لمحمد عبدالع ٌم الزرقانً ط ‪ 1‬دار الفكر – بٌروت‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪1996‬م تحقٌ ‪ :‬مكتب البحوث والدراسات‪.‬‬
‫موطؤ اإلمام مالك لمالك بن أنس أبو عبدا هلل األصبحً ط دار إحٌاء التراث العربً – مصر‬ ‫‪‬‬
‫تحقٌ ‪ :‬محمد فإاد عبد الباقً‪.‬‬
‫الناسخ والمنسوخ فً القرآن الكرٌم لعلً بن أحمد بن سعٌد بن حزم ال اهري أبو محمد ط‬ ‫‪‬‬
‫‪ 1‬دار الكتب العلمٌة‪ ،‬بٌروت ‪ 1406‬هـ تحقٌ ‪ :‬د‪ .‬عبد الؽفار سلٌمان‪.‬‬
‫الناسخ والمنسوخ ألبً عبٌد القاسم بن سبلم البؽدادي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الناسخ والمنسوخ ألحمد بن محمد بن إسماعٌل المرادي النحاس أبو جعفر ط ‪ 1‬مكتبة الفبلح‬ ‫‪‬‬
‫الكوٌت ‪1408‬هـ‪.‬‬
‫النهاٌة فً ؼرٌب الحدٌث البن األثٌر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الوجٌز فً تفسٌر الكتاب العزٌز لعلً بن أحمد الواحدي ط‪ 1‬دار القلم‪ ،‬الدار الشامٌة دمش ‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بٌروت ‪1415‬هـ‪.‬‬
‫الوالء والبراء فً اإلسبلم‪ ،‬محمد بن سعٌد القحطانً‪ ،‬تقدٌم عبدالرزا عفٌفً‪ ،‬دار طٌبة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫ط‪.1409 3‬‬

‫‪58‬‬

You might also like