You are on page 1of 5

‫محاضة (وسائل التزكية)‬

‫ر‬

‫صر‪ ،‬حتى في عبادتي‪ ،‬وما تستحق وما يجب علي هو‬


‫"يا ربي مهما عملت فأنا مق ّ‬
‫شي ٌء لم أبلغه ولن أبلغه‪ ،‬وفوق ذلك تجرأت وعصيت واتبعت هواي الذي نهيتني‬
‫عن اتباعه"‬

‫• مقدمة‪:‬‬
‫‪ -‬تحقق التزكية ال يكون عبر معادالت وإجراءات إذا فعلها اإلنسان تحصل له‬
‫رزق من هللا تعالى يُطلب منه مع األخذ باألسباب‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫التزكية قط ًعا‪ ،‬بل تحقيق التزكية‬
‫علَي ُكم َو َرح َمتُهُ ما زَ كى ِمن ُكم ِمن أ َ َح ٍد أ َ َبدًا َول ِك هن ه َ‬
‫َّللا‬ ‫﴿ولَوال فَض ُل ه ِ‬
‫َّللا َ‬ ‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫يُزَ ّكي َمن َيشا ُء﴾‪.‬‬
‫‪ -‬البُد من ربط الوسائل بالتزكية‪ ،‬وهذا األمر على بداهته إال أن َمن يراعيه‬
‫كثيرا أكثر من الذي يأتي بكالم كثير‬
‫ً‬ ‫ويراعي الصواب فيه فإنه يكون مثريًا ومفيدًا‬
‫وعناوين رنانة غير مفيدة‪.‬‬

‫• وسائل شاملة ومقدمة ز‬


‫للتكية‪:‬‬
‫ً‬
‫أصال‪:‬‬ ‫‪ -١‬دوام استحضار حقائق اإلسالم التي ال يصح اإلسالم إال بها‬
‫· حقيقة أن هللا هو اإلله الحق‪ ،‬وأن اإلنسان سيغادر الحياة الدنيا وأن األخرة حق‬
‫والبعث حق وأن هناك ج ّنة ونار‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫· الطرق التي توصل اإلنسان إلى هللا ليست ُ‬
‫طرق معقدّة‪ ،‬فال نحتاج إلى دراسة‬
‫علوم الفلسفة وال إلى ختم العلوم الشرعية لكي نصل إلى مقامات التزكية‪ ،‬بل الذي‬
‫يوصل اإلنسان إلى أعلى المقامات هي درجة من عم ٍل‪ ،‬هذا العمل أصله هو الذي‬
‫لكن الفرق في درجة االستحضار ودوام اليقن‬ ‫يُدخل اإلنسان في أول المقامات‪ّ ،‬‬
‫والتصديق بهذا المعنى والعمل‪.‬‬
‫· سحرة فرعون في اللحظة التي آمنوا فيها ُه ّدِدوا بالقتل والصلب فقالوا كال ًما ال‬
‫على ما‬ ‫يقوله إال إنسا ًنا قد بلغ مراتب عالية من التزكية‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬قالوا لَن نُؤ ِث َركَ َ‬
‫قاض ِإ هنما تَقضي ه ِذ ِه ال َحياة َ الدُّنيا﴾ ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫اقض ما أَنتَ‬ ‫ت َوالهذي فَ َ‬
‫ط َرنا فَ ِ‬ ‫جا َءنا ِمنَ ال َب ِّينا ِ‬
‫ير ِإ ّنا ِإلى َر ِّبنا ُمنقَلِبونَ ﴾‪ ،‬فالقضية ليست في طول زمن اإليمان بل‬ ‫ض َ‬ ‫﴿قالوا ال َ‬
‫فالقضية في مقدار انكشاف الحقائق الكبرى للقلب ودرجة تصديقه بهذه الحقائق‬
‫ودرجة استحضاره لها‪.‬‬
‫ٌ‬
‫رزق من هللا‪.‬‬ ‫· هذا االستحضار الدائم‬
‫س ّمي هكذا لتصديقه لحديث النبي ﷺ‪ ،‬وكل المسلمين مصدّقين‬
‫· أبو بكر الصديق ُ‬
‫بحديث النبي ﷺ‪ ،‬لكنها درجة ومنزلة تصديق أبي بكر هي ما جعلته يُس ّمى‬
‫بالصدّيق‪.‬‬
‫كافرا في‬
‫ً‬ ‫ض ُمر التصديق واالستحضار في قلب اإلنسان تراه يكاد يكون‬
‫· كلما َ‬
‫أفعاله‪.‬‬
‫· ثمرة عملية = إياك أن تستهين في بحثك أوتعبّدك بالمعلومات أو العبادات‬
‫المتعلقة باألصول الكبرى‪ ،‬فالسر كل السر في هذه األصول‪ ،‬فلو قلت "ال إله إال‬
‫ويقين وصدق لقسمت السموات واألرض لو‬ ‫ٍ‬ ‫بعلم‬
‫هللا" من صميم القلب وخالصه ٍ‬
‫كانتا حلقة‪ ،‬وألزاحت عن قلبك شؤم المعاصي والذنوب‪.‬‬
‫‪ -٢‬العلم باهلل‪:‬‬
‫· لن تستطيع أن تقتنع أن العلم باهلل هو أشرف العلوم إال إذا عشته‪.‬‬
‫كبيرا من اآليات‪ ،‬وأعظم آية في‬
‫ً‬ ‫قدرا‬
‫· الحديث عن هللا استغرق من كتاب هللا ً‬
‫القرآن هي آية الكرسي الذي تتحدث عن هللا‪ ،‬وأعظم سورة هي الفاتحة التي تتحدث‬
‫عن هللا وعن خالصة العبودية له‪ ،‬والسورة التي تعدل ثلث القرآن هي سورة‬
‫اإلخالص‪.‬‬
‫· العالقة بين العلم باهلل والتزكية = دوام استحضار معاني أسماء هللا وصفاته‬
‫ومعاني وجوده من أعظم الوسائل التي تقود اإلنسان إلى التزكية‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إ هنما‬
‫ظلَموا أَنفُ َ‬
‫س ُهم ذَ َك ُروا ه َ‬
‫َّللا﴾‪.‬‬ ‫شةً أَو َ‬ ‫﴿والهذينَ ِإذا فَ َعلوا ِ‬
‫فاح َ‬ ‫َّللا ِمن ِعبا ِد ِه العُلَما ُء﴾‪َ ،‬‬
‫َيخشَى ه َ‬
‫‪ -٣‬إدراك مركزية العمل ز يف اإلسالم وبذل الوسع فيه‪:‬‬
‫· النبي ز ّكي أصحابه بتربتهم على أن العمل هو األساس والمبدأ وأن هذا الدين‬
‫دين عم ٍل صالح‪.‬‬‫ُ‬
‫· كان الحبل الواصل بين النبي ﷺ وأصحابه هو حبل كثرة العمل وليس حبل‬
‫كثرة األسئلة‪.‬‬
‫· ال تستغرق في البحث عن المسائل النظرية في التزكية‪ ،‬بل التزكية عمل‪.‬‬
‫• وسائل التخلية‪:‬‬
‫‪ -١‬تربية النفس عىل مخالفة الهوى‪:‬‬
‫عود نفسك على قول "ال"‪ ،‬فإن جعل النفس إنسيابية بال حدود وال ضوابط =‬
‫· ّ‬
‫هذه النفس من أصعب النفوس التي تسعى إلى التزكية‪.‬‬
‫· جاء رجل إلى النبي ﷺ وقاله له‪" :‬أوصني"‪ ،‬فقال له النبي ﷺ‪" :‬ال تغضب"‪،‬‬
‫ويقول النبي ﷺ‪" :‬ليس الشديد بالصرعة‪ ،‬إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"‪.‬‬
‫ع ِن ال َهوى﴾‪.‬‬ ‫قام َر ِّب ِه َو َن َهى ال هن َ‬
‫فس َ‬ ‫خاف َم َ‬
‫َ‬ ‫﴿وأ َ ّما َمن‬
‫· قال تعالى‪َ :‬‬
‫‪ -٢‬دوام التوبة وتجديدها ولزوم االستغفار‪:‬‬
‫ٌ‬
‫رزق من هللا‪.‬‬ ‫· التوبة‬
‫· من أهم العوائق والموانع الحائلة بين التزكية هو تراكم الذنوب والمعاصي‪.‬‬
‫· من أعظم الوسائل التي تٌعين على التزكية هو تخليص النفس من اآلصار‬
‫واألثقال وما يُنقض الدهر من األوزار حتى تكون النفس صالحة وقابلة لنزول‬
‫الرزق اإلالهي من التزكية‪.‬‬
‫· لماذا نستغفر هللا ونتوب؟‬
‫‪ )١‬لطلب الرزق والولد‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬فَقُلتُ استَغ ِفروا َر هب ُكم ِإ هنهُ كانَ‬
‫درارا۝ َويُمدِد ُكم ِبأَموا ٍل َو َبنينَ َو َيج َعل لَ ُكم َج ّنا ٍ‬
‫ت‬ ‫علَي ُكم ِم ً‬
‫سما َء َ‬‫ارا۝يُر ِس ِل ال ه‬ ‫غفّ ً‬
‫َ‬
‫َو َيج َعل لَ ُكم أ َ ً‬
‫نهارا﴾‪.‬‬
‫‪ )٢‬لمحو الذنوب‪.‬‬
‫‪ )3‬للنقص البشري الدائم‪ ،‬فنحن نستغفر هللا مباشرة ً بعد الصالة‪ ،‬وفي ختام‬
‫سحار﴾‪.‬‬
‫ِ‬ ‫﴿وال ُمستَغفِرينَ ِباأل َ‬
‫صالة الليل َ‬
‫صر‪ ،‬حتى في عبادتي‪ ،‬وما تستحق‬
‫· حال اإلستغفار‪" :‬يا ربي مهما عملت فأنا مق ّ‬
‫وما يجب علي هو شي ٌء لم أبلغه ولن أبلغه‪ ،‬وفوق ذلك تجرأت وعصيت واتبعت‬
‫هواي الذي نهيتني عن اتباعه"‪.‬‬
‫‪ -٣‬المجاهدة‪:‬‬
‫· مجاهدة النفس في التخلّص من مشكالتها ومجاهدتها في تحقيق العبادات والزيادة‬
‫والنماء‪ ،‬وتأتي المجاهدة بعد التربية على مخالفة الهوى‪.‬‬
‫· ال تننظر زكا ًء حقيقيًا للنفس وأنت لم تجاهد نفسك‪.‬‬
‫· قال سفيان‪" :‬جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة‪ ،‬ثم تلذذت به عشرين‬
‫سنة"‪ ،‬فالمجاهدة من الوسائل المستمرة التي تلمس أثرها الخرافي‪.‬‬
‫ب ما أن هللا يورثك ما لم يخطر لك على‬ ‫· قد تُفاجئ بعد المجاهدة للتخلص من ذن ٍ‬
‫بال مما يخالف هذا الذنب الذي سعيت للتخلص منه فقط‪ ،‬فهي وسيلة لزيادة الخير‬
‫َّللا‬ ‫﴿والهذينَ جاهَدوا فينا لَنَه ِد َي هن ُهم ُ‬
‫سبُلَنا َو ِإ هن ه َ‬ ‫الذي لم يخطر لك على بال‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬
‫لَ َم َع ال ُمحسِنينَ ﴾‪.‬‬
‫‪ -٤‬التوكـل‪:‬‬
‫· نتوكل على هللا في الهداية والتخلّص من الذنوب وتحقيق عبوديته‪ ،‬وهذا معنى‬
‫التوكل المقصود هنا‪ ،‬قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إيّاكَ نَعبُ ُد َو ِإيّاكَ َنست ُ‬
‫َعين﴾‪.‬‬

‫• وسائل التحلية‪:‬‬
‫ً‬
‫وعمًل‪:‬‬ ‫‪ -١‬العناية التامة بأعمال القلوب اهتما ًما‬
‫· وضع أعمال القلوب في قاموس األولويات وأن تُراعى في التعبد أكثر من‬
‫مراعاة التعبدات الظاهرة‪.‬‬
‫· حقيقة التزكية إنما تكون في القلب‪ ،‬قال ﷺ‪" :‬التقوى ها هنا" وأشار في إلى‬
‫صدره‪ ،‬وقال ﷺ‪" :‬أال ان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت‬
‫فسد القلب كله‪ ،‬أال وهي القلب"‪ ،‬وقال ﷺ‪" :‬إن هللا ال ينظر إلى صوركم وأجسادكم‬
‫ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"‪.‬‬
‫· من أراد القفزات العالية في مقامات التعبد فليكن محور التعبدات لديه القلب ثم‬
‫بعد ذلك يأتي البدن تب ًعا‪.‬‬
‫· مركز أعمال القلوب في سياق التزكية = اإلخالص‪.‬‬
‫‪ -٢‬الدعاء‪:‬‬
‫ت نفسي تقواها‪ ،‬وز ّكها أنت خير َمن ز ّكاها‪ ،‬أنت‬
‫· قال ﷺ في دعائه‪" :‬اللهم آ ِ‬
‫وليّها وموالها"‪ ،‬فحقيقة التزكية تكون من هللا خالق النفس‪.‬‬
‫‪ -٣‬الصًلة‪:‬‬
‫َّللا أَك َب ُر﴾‪ ،‬فالصالة لها‬ ‫حشاء َوال ُمن َك ِر َولَذ ُ‬
‫ِكر ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع ِن الفَ‬ ‫· قال تعالى‪ِ ﴿ :‬إ هن ال ه‬
‫صالة َ تَنهى َ‬
‫ثمرتان‪ :‬النهي عن الفحشاء والمنكر‪ ،‬وذكر هللا‪.‬‬
‫ّ‬
‫يستحق البحث‪ :‬لماذا الصالة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟‬ ‫· سؤال‬
‫‪ -٤‬التفكّر في آيات هللا‪:‬‬
‫· نحن في زمن مزاحمة التف ّكر‪.‬‬
‫· تخيّل أننا أوقات نكتشف أن هناك نجو ًما في السماء‪.‬‬
‫· من أعظم أسباب زيادة اليقين واستحضار الحقائق الكبرى = التف ّكر‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫ت ِألُو ِلي‬ ‫الف اللهي ِل َوال هن ِ‬
‫هار َآليا ٍ‬ ‫رض َواخ ِت ِ‬ ‫ت َواأل َ ِ‬‫سماوا ِ‬ ‫﴿ ِإ هن في خَل ِ‬
‫ق ال ه‬
‫ق‬‫على ُجنو ِب ِهم َو َيتَفَ هكرونَ في خَل ِ‬ ‫ب۝الهذينَ َيذ ُكرونَ ه َ‬
‫َّللا قِيا ًما َوقُعودًا َو َ‬ ‫األ َلبا ِ‬
‫ذاب ال ّن ِ‬
‫ار﴾‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫سبحانَكَ فَ ِقنا َ‬‫باط ًال ُ‬
‫رض َربهنا ما َخلَقتَ هذا ِ‬ ‫ت َواأل َ ِ‬ ‫سماوا ِ‬
‫ال ه‬
‫‪ -٥‬كثرة ذكر هللا‪:‬‬
‫· الذكر له تأثير على مدى استفادتك من أسباب الهداية‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬لَقَد كانَ لَ ُكم‬
‫اآلخ َر َوذَ َك َر ه َ‬
‫َّللا َك ً‬
‫ثيرا﴾‪.‬‬ ‫وم ِ‬ ‫سنَةٌ ِل َمن كانَ َير ُجو ه َ‬
‫َّللا َوال َي َ‬ ‫َّللا أ ُ َ‬
‫سوة ٌ َح َ‬ ‫في َرسو ِل ه ِ‬
‫· كثرة الذكر تصلح القلب وتطمئنه وتجعله ً‬
‫قابال لالستفادة من العبر واآليات التي‬
‫تزيد اإليمان واليقين ويُهدى بها الناس إلى الحق‪.‬‬

‫(انتهــى)‬

You might also like