You are on page 1of 23

‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له ومن‬
‫يضلل فال هادي له وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪...‬وأشهد أن حممدا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى‬
‫آله كما صليت على آل إبراهيم وبارك على حممد وآله كما باركت على آل إبراهيم‪.‬‬

‫ث فِي ِه ْم َر ُسوال ِّم ْن أَن ُف ِس ِه ْم يَْت لُو َعلَْي ِه ْم آيَاِِِه َويََُِّكي ِه ْم َويُ َعلِّ ُم ُه ُم‬ ‫ِِ‬
‫قال اهلل تعالى‪ :‬ﵟ لََق ْد َم َّن اللَّهُ َعلَى الْ ُم ْؤمن َ‬
‫ني إِ ْذ بَ َع َ‬
‫ني ﵞ‪.‬‬ ‫ض َال ٍل ُّمبِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْ ِكتَاب و ِْ‬
‫ْمةَ َوإِن َكانُوا من قَ ْب ُل لَفي َ‬ ‫احلك َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ‬ ‫فاحلمد هلل على نِ ِ‬
‫ك َزيَّنَّا‬‫عمه واحلمد هلل أن مجعنا على طلب الكتاب واحلكمة وزيّن ذلك لنا وقد قال ِعاىل‪ :‬ﵟ َك ََٰذل َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اح صدر بطاعة اهلل‬ ‫ل ُك ِّل أ َُّمة َع َملَ ُه ْم ُُثَّ إ َ َٰىل َرِِّّبم َّم ْرجعُ ُه ْم فَيُنَبِّئُ ُهم ِبَا َكانُوا يَ ْع َملُو َنﵞ ألهل اإلميان فر ٌح بإمياهنم وانشر ُ‬
‫فرب العاملني يَين اإلميا َن والعمل الصاحل ألهل حمبته‪ ،‬والشيطا ُن‬ ‫أعظم من فرح أهل الفسوق وسعادهتم ِبا هم عليه‪ُ ،‬‬
‫َٰ ِ‬
‫اإلميَا َن َوَزيَّنَهُ ِف قُلُوبِ ُك ْم َوَكَّرَه إِلَْي ُك ُم الْ ُك ْفَر‬ ‫يَين ألِباعه الكفر والفسوق والعصيان قال ِعاىل‪ :‬ﵟ َولَك َّن اللَّهَ َحبَّ َ‬
‫ب إِلَْي ُكم ِْ‬
‫ُ‬
‫الر ِاش ُدو َن ﵞ‪.‬‬ ‫صيَا َن أُوَٰلَئِ َ‬
‫ك ُه ُم َّ‬ ‫والْ ُفس َ ِ‬
‫وق َوالْع ْ‬ ‫َ ُ‬
‫فاحلمد هلل‪ ،‬الذي َم ّن علينا بطلب الوحي وصرف قلوبنا إىل طلب الفقه ف الدين؛ فلواله ما اهتدينا‪ ،‬فاللهم ربنا‬
‫كما مجعتنا على الفقه ف الوحي وبيانه من سنة نبيك ‪ ‬فاجعله ابتغاءَ مرضاِك وف سبيلك واربط على قلوبنا واهدنا‬
‫إىل احلق وأشرح صدورنا له وانفعنا به‪ ،‬واقبضنا إليك غري مفتونني وال جتعلنا ظهريا للمجرمني‪.‬‬

‫وبعد فأنا واهلل ف سعادة كبرية بلقائي األول بكم أيها الطالب الكرام ‪ِ-‬بعهد آفاق للبناء العقدي ‪-‬حول معاين‬
‫وسبل حتصيل العلوم واالنتفاع باملعرفة‪.‬‬
‫إصالح القلب ُ‬
‫جامعة ‪ /‬معهد) ِعي أمهيةَ ِلك املعاين وحترص على ِذكري الطالب ِّبا ومتابعتِهم ف ذلك هلم‬
‫وأقول‪ :‬إن إدارَة ( ٍ‬
‫على هدى‪ ،‬وِدرك أن التعليم رسالة وعبادة هلل ِعاىل ليس جمرد وسيلة لنيل شهادة أو احلصول على عمل‪ ،‬وِدرك‬
‫مسؤوليتَها ف إصالح طالِّبا وَِكية نفوسهم وهتيئتهم للحياة الدراسية‪ ،‬وإن طالبا يفرح ِبثل هذه الدورات ويطلبها هلو‬
‫ضيعه اهلل األكرم‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واهلل حقيق إن شاء اهلل بأن يُهدى إىل خري ما ينفعُه ولن يُ َ‬

‫‪1‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫فإن من أخص ما أسعى له مع طالب العلم تطييب نفوسهم لتلقي العلم؛ لذلك كانت هذه السلسة وأرجو أهنا‬
‫حببت أن أبدأها بتهيئة املسلم واملسلم‬
‫نوعيةٌ ف بناء طالب العلم وِكوينه (إميانيّا وخلقيا ومهاريا ومعرفيا)‪ ،‬واليت أ ُ‬
‫ملشروع الفقه ف الدين =‬
‫بصره ِبقاصد الطلب واملعاين اليت جيب أن يستحضرها ومعايري ِقييمه لنفسه وفيه مجلة من‬ ‫تلك المقدمات اليت ُِ ّ‬
‫املعوقات اليت مجعتها باستقرائي ألحوال طالب العلم زمالة وِدريسا وكانت سببا ف انقطاعهم عن طلب العلم أو عدم‬
‫حتقيق مثرِه اإلميانية أو اخلُلقية أو املعرفية أو املهارية‪.‬‬

‫وأنا أُحب أن يُضاف على برامج إعداد طالب العلم ف املعاهد واجلامعات واملدارس برنامج لتهيئة الطالب للحياة‬
‫يرشد‬
‫الدراسة أو يكون كدليل ف يده يعرف مقاصد الطلب وحقوقه وواجباِه وخارطة العلم واملهارات وغري ذلك مما ّ‬
‫احلياة الدراسية ال سيما من ميارسون التعلم الذايت ال يتوفر هلم مشايخ خيالطوهنم ويتابعوهنم ويَكوهنم‪.‬‬

‫حديثي معكم بإذن اهلل تعالى في مقدمة دورات رفع كفاءة طالب العلم في محاور‪:‬‬
‫‪ ‬األول‪ :‬ملاذا هذا النوع من احملاضرات‪.‬‬
‫‪ ‬الثاني‪ :‬هداية اإلنسان ف العلم ِبا ُخلق له‪.‬‬
‫‪ ‬الثالث‪ :‬الوحي هو سبيل اهلدى وأعظم املعارف‪.‬‬
‫‪ ‬الرابع‪ :‬الفقه ف الدين أشرف املطالب‪.‬‬
‫‪ ‬الخامس‪ :‬هتيئة النفس لالنتفاع باملعرفة‪.‬‬
‫‪ ‬السادس‪ :‬ظاهرة قلة الكفاءات العلمة والتعليمية والدعوية واإلصالحية‪.‬‬
‫‪ ‬السابع‪ :‬شرح برنامج الدورات‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫(‪ )1‬لماذا هذا النوع من المحاضرات؟‬

‫ِ‬
‫طلب العل ِم مثرَِه ّ‬
‫املرجوة‪.‬‬ ‫‪ ‬حىت يُعط َي ُ‬
‫لدنيا ( ُشهرةٍ‪ ،‬م ٍال‪ ،‬منَ ٍلة)‪.‬‬
‫طلب العلم قُربة إىل اهلل ِعاىل وعمال صاحلا؛ ليس وسيلة ُ‬ ‫‪ ‬حىت يكو َن ُ‬
‫ومشروع عُ ُم ٍر؛ ليس أمرا ثانويا يُعطى ف َ‬
‫ضول األوقات‪.‬‬ ‫َ‬ ‫طلب العلم قِيمة مركَية ف حياة الطالب‪،‬‬ ‫‪ ‬حىت يكون ُ‬
‫جمرد مج ِع معلومات ومعارف‪.‬‬ ‫‪ ‬حىت يكون وسيلة إلصالح النفس وإصالح املسلمني؛ وليس ّ‬
‫الطلب منهجيا؛ وليس عشوائيا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬حىت يكون‬
‫األمني) ف جماله‪.‬‬
‫(القوي َ‬
‫َّ‬ ‫طالب العلم‬
‫‪ ‬حىت يكون ُ‬
‫عبء وملل إىل م ٍ‬
‫تعة وقُرةِ ع ٍ‬
‫ني‪.‬‬ ‫‪ ‬ليتحوَل الدرس العلمي من ٍ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ومشاركة وِفاعُل‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وفهم ُ‬‫العلمي من حتفيظ وِلقني إىل ُمدارسة ْ‬ ‫ُ‬ ‫الدرس‬
‫ُ‬ ‫ليتحول‬
‫‪ّ ‬‬
‫فع ٍال ُم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بدع‪.‬‬
‫نتج وُم ٍ‬ ‫ليتحول الطالب من ُجمّرد ُمستم ٍع ُمستهلك إىل ُمشا ِرك ّ‬ ‫‪ّ ‬‬
‫(خلُقه‪ ،‬وذكائه) وقدرِه على (الفهم‬ ‫ِذك ِر الطالب للمعلومة إىل قياس ُ‬ ‫مدى ُّ‬‫‪ ‬ليتحول التقييم من جمرد قياس َ‬
‫والتحليل والتطبيق واحلفظ والبحث واالستدالل والتقرير‪ ،‬واإللقاء والعرض والنقد واحملاورة والنقاش والكتابة‪،‬‬
‫واإلبداع ‪)...‬‬
‫فعاال ف اإلصالح‪.‬‬ ‫طالب العلم َدورا ّ‬
‫‪ ‬ليُؤدي ُ‬

‫وأرجو أن تتحقق تلك الثالثيّة‪( :‬القلب السليم‪ ،‬العقل الحكيم‪ ،‬والمعرفة الصحيحة))‬
‫ويتعاهدين بالتذكري بتلك املعاين‬
‫َ‬ ‫ويوجهين‬
‫َ‬ ‫بصرين‬
‫وكم كنت أُحب أن ينصحين من سبقين إىل طريق الفقه ف الدين ويُ َ‬
‫كنت أفرح كثريا بذلك ‪-‬مع قلة من ينصح ِبثله‪-‬وأراه أعظم من جمرد مجع املعلومات واملعارف فإن املعارف إذا مل ِرد‬
‫و ُ‬
‫يد صاحبَها غري ختسري‪.‬‬‫على قلب سليم وعقل حكيم فما َِ ُ‬

‫‪3‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫(‪ )2‬هداية اإلنسان في العلم بما خلق له‪:‬‬


‫أِيت إىل الدنيا؟‬
‫‪ ‬كيف ُ‬
‫‪ ‬وملاذا؟‬
‫احلق من الباطل؟‬
‫‪ ‬وما هي وسائل املعرفة اليت أميَّ ِّبا اخلري من الشر و َ‬
‫‪ ‬وماذا بعد املوت؟‬
‫أعظم ما يوفَّق له أنسا ٌن في حياته أن يعرف الجواب عن تلك األسئلة ويعمل بها ولها فإنه يسعد ويطمئن‬ ‫إن َ‬
‫قلبه بقدر علمه وسعيه‪.‬‬

‫والضالل واالضطراب والحيرة تحصل لإلنسان بواحد من األمور التالية‪:‬‬


‫‪ ‬أن يُعرض عن النظر ف آيات اهلل ِعاىل ف الكون وف نفسه‪.‬‬
‫‪ ‬أو ف ظنه أنك خلقت بغري رب‪.‬‬
‫‪ ‬أو ظنه أنه خملوق بال حكمة‪ ،‬وأ ّن خال َقه خلقه عبثا أو هلو أو لعبا‪ ،‬وِركه سدى‪.‬‬
‫‪ ‬أو ِركه بال هداية‪.‬‬
‫‪ ‬أو ف إنكاره للبعث واجلَاء‪.‬‬
‫‪ ‬أو ف أن يعبد غري خالقه‪.‬‬
‫وجيحده استكبار وعلوا أو حسدا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يعرف احلق‬
‫‪ ‬أو ُ‬
‫‪ ‬أو يرتكه حبا ف الدنيا واِباعا ألهوائه‪.‬‬

‫وقد ذكر اهلل أولئك الغافلين وأبطل ظنونهم كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ‬ ‫ون (‪ )35‬أَ ْم َخلَ ُقوا َّ‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َْ ُ َ‬ ‫َْ ُ ُ‬
‫ات َواْل ْرض ۚ بَل ّل يُوق ِنُون ﵞ‬ ‫او ِ‬ ‫الس َم َ‬ ‫ْي َش ٍء أم هم اْلال ِق‬ ‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫وا‬‫ِق‬ ‫‪ ‬ﵟ أم خل‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َ َ َ َ َّ ُ ْ َ ُ َ َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َّ َ َ ْ ُ َ ً َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬ﵟ أَفَ َ‬
‫اْل ُّق ۖ ّل إِل َٰ َه إِّل ه َو َر ُّب ال َع ْر ِش‬ ‫حسِبْ ُت ْم أن َما خلق َناك ْم ع َبثا َوأنك ْم إَِلْ َنا ّل ت ْر َج ُعون (‪ )115‬فتعاَل اَّلل المل ِك‬
‫ْ َ‬
‫الك ِري ِم ﵞ‪.‬‬
‫َ َ ََ‬ ‫َٰ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ َ َ َ َ َ ً َ َ َ َ َ‬ ‫َٰ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ََْ َ ُ ُ ْ َ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َ ُ ْ َ ُ َ ُْ‬
‫ن يمن (‪ )37‬ثم َكن علقة فخلق فسوى (‪ )38‬فجعل‬ ‫ى (‪ )36‬ألم يك نطفة ِمن م ِ ٍ‬ ‫اْلنسان أن يْتك سد‬ ‫‪ ‬ﵟ أَيسب ِ‬
‫َ َ َٰ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ََٰ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َّ ْ َ ْ َّ‬
‫نَث (‪ )39‬أليْ َس ذَٰل ِك بِقاد ٍِر لَع أن َي ِِي الموتﵞ‪.‬‬ ‫اذلك َر َواْل َ َٰ‬ ‫ْي‬
‫مِنه الزوج ِ‬

‫‪4‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫ادعوا النبوة كذبا أو زعموا أنهم يأتون بالوحي من أنفسهم‪:‬‬
‫وعن الذين أقروا بالخالق وكذبوا الوحي أو ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ َ َٰ ُ ً ُ‬
‫ورا َوه ًدى‬ ‫اء بِهِ موس ن‬ ‫اب َّاذلِي َج َ‬ ‫نز َل الْك َِت َ‬
‫َش ٍء ۗ قُ ْل َم ْن أ َ‬ ‫اَّلل َ َ َٰ‬
‫لَع ب َ ََش مِن َ ْ‬ ‫نز َل َّ ُ‬
‫اَّلل َح َّق قَ ْدره ِ إذْ قَالُوا َما أ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ﵟ َو َما قَ َد ُروا َّ َ‬
‫ٍ‬
‫َ‬ ‫َّ ِ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ َ ُ ْ ُ َ َ ً َ ُ ْ ُ َّ َ ْ َ ْ َ ُ َ ُ ْ َ َ َ ُ ُ ْ ُ َّ ُ ُ َ ُ‬
‫ِ ِه ْم‬‫اَّلل ۖۖ ث َّم ذ ْره ْم ِف خ ْو ِ‬ ‫ل ِلناس ۖۖ َتعلونه قراطِيس تبدونها وُتفون كثِْيا ۖۖ وعل ِمتم ما لم تعلموا أنتم وّل آباؤكم ۖ ق ِل‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َٰ َ َ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ ُّ َ ُ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ ُ َ ُ َّ ْ ُ َ َٰ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ِين يُؤم ُِنون بِاْلخ َِرة ِ يُؤ ِم ُنون‬ ‫يَل َع ُبون (‪ )91‬وهذا كِتاب أنزْلاه مبارك مصدِق اذلِي بْي يديهِ وِلِ نذِر أم القرى ومن حولهاۖۚ واذل‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ ْ َ َ َٰ َ َ َّ َ ً َ ْ َ َ ُ َ َ َّ َ َ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ َٰ َ‬
‫نزل‬ ‫وح إَِل ولم يوح إَِلهِ َشء ومن قال سأ ِ‬ ‫لَع َصَلت ِ ِه ْم َيَاف ِظون (‪ )92‬ومن أظلم مِم ِن افْتى لَع اَّلل ِ كذِبا أو قال أ ِ‬ ‫بِهِ ۖ وهم‬
‫َ‬
‫ْ َ َ َ َ َّ‬
‫نزل اَّللﵞ‪.‬‬ ‫مِثل ما أ‬

‫أما من علم ذلك فتركه واتبع هواه‪:‬‬


‫َ َ ْ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َٰ َّ ُ َ ْ‬
‫خ ََ‬ ‫َ ْ َ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُ َّ ْ َ ُ‬
‫ان فَ ََك َن م َِن الْ َغاو َ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ْ ْ َ َ َ َّ‬
‫َل‬ ‫ين (‪ )175‬ولو شِئنا لرفعناه بِها ولكِنه أ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ي‬‫الش‬ ‫ه‬ ‫ع‬‫ب‬‫ت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ه‬‫ِن‬
‫م‬ ‫خ‬ ‫ل‬‫انس‬ ‫ف‬ ‫ا‬‫ِن‬ ‫ت‬ ‫ا‬‫آي‬ ‫اه‬‫ن‬‫ي‬ ‫آت‬ ‫ِي‬ ‫اذل‬ ‫ﵟ واتل علي ِهم نبأ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ ْ َ َّ َٰ َ َ َ ُ ْ َ ْ َّ َ َ َّ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ َ ُ َ َ َ ُ ُ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫ِين كذبُوا بِآيَات ِ َنا فاق ُص ِص‬ ‫ب إِن َت ِمل عليهِ يلهث أو تْتكه يلهث ذل ِك مثل القو ِم اذل‬ ‫إَِل اْلر ِض واتبع هواه فمثله كمث ِل الَك ِ‬
‫َ َ ْ َّ ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ً ْ َ ْ ُ َّ َ َ َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َْ‬
‫اَّلل ف ُه َو ال ُم ْه َتدِي ۖ‬ ‫ِين كذبُوا بِآيَات َِنا َوأنف َس ُه ْم َكنوا َيظل ُِمون (‪ )177‬من يه ِد‬ ‫الق َص َص ل َعل ُه ْم َي َتفك ُرون (‪ )176‬ساء مثَل القوم اذل‬
‫َ َ ُ ْ ْ َ ُ َ َٰ َ ُ ُ ْ َ ُ َ‬
‫اِسونﵞ‪.‬‬ ‫ومن يضل ِل فأولئِك هم اْل ِ‬

‫ولو بلغ إنسان من متاع الدنيا ما بلغ وعنده واحد من تلك الظنون فهو من شر البرية عند اهلل وهو كاألنعام‬
‫يتمتع ويأكل‪:‬‬
‫َ َّ َ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ‬
‫ار َمث ًوى ل ُه ْم ﵞ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﵟ واذلِين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل اْلنعام واْل‬
‫َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ َ ْ َ َ ُ ْ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ ُ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُّ َ ً‬
‫َ‬
‫ام ۖۖ بل هم أِل سبِيَلﵞ‬ ‫‪ ‬ﵟ أم َتسب أن أكَثهم يسمعون أو يعقِلون ۚ إِن هم إِّل َكْلنع ِ‬

‫ولم يبق له وزن عند اهلل تعالى‪:‬‬


‫ُ‬
‫ﵟ قتل اْلنسان ما أكفرهﵞ‬ ‫ﵟ فَل نقيم لهم يوم القيامة وزنا ﵞ إذ جهل أو غفل عن أعظم مطلوب‪ ،‬وصدق اهلل ِعاىل‬

‫لذلك كان أعظم ما يميز عب ًدا من عباد اهلل التفكر في آيات اهلل والعلم بأن لها خالقا يحمد ويشكر ويطلب‬
‫الهدى منه وإيمانه باهلل وحكمتِه ِ‬
‫وخلقه وأم ِره ورسله ووحيه وجزائه والسعي في طلب ذلك‪ ،‬فهؤالء عند اهلل هم‬
‫خير البرية وال يستون أبدا بأولئك المجرمين‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ْ َ ُ َ َ ً َ َٰ َ َ ُّ َّ َ َ َ ُ َ َ ْ َّ َ َ‬
‫ك َف ُروا م َِن اْلَّار (‪ )27‬أ ْم ََنْ َع ُل َّاذلِينَ‬ ‫ﵟ وما خلقنا السماء واْلرض وما بينهما باطَِل ۚ ذل ِك ظن اذلِين كفرواۖۚ فويل ل َِّلِين‬
‫ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُ َ َ َ َّ َّ ُ َ َ َ َ َ ََّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ُ ْ ُ َّ َ َ ْ ُ‬ ‫َ ْ ْ‬ ‫آم ُنوا َو َعملُوا َّ‬ ‫َ‬
‫ِين ِف اْلر ِض أم َنعل المتقِْي َكلفجارِ (‪ )28‬كِتاب أنزْلاه إَِلك مبارك َِلدبروا آياتِهِ و َِلتذكر‬ ‫ات َكل ُمف ِ‬
‫سد َ‬ ‫الص ِ َ‬
‫اْل ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ابﵞ‪.‬‬ ‫أولُو ْاْل ْْلَ‬
‫ِ‬
‫خلق اهلل اإلنسان لعبادته‪:‬‬
‫وقد َ‬
‫ﵟ وما خلقت اجلن واْلنس إّل َلعبدون ﵞ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫(‪ )3‬سبل المعرفة‪:‬‬

‫وقد جعل اهلل ِعاىل للعبد سبل ِّبا يعرف اخلري من الشر ويصل ِّبا إىل املعرفة واهلدى منها‪:‬‬
‫‪ ‬الفطرة‪:‬‬
‫ْ َ َ َّ َّ َ َ َ َّ َ َ َ‬
‫اس عليْ َهاﵞ‬ ‫ﵟف ِطرت اَّللِ ال َِف فطر اْل‬ ‫فإن اهلل ِعاىل فطر عباده على العلم به واالستسالم له واالفتقار إليه قال ِعاىل‪:‬‬
‫[الروم‪،]03 :‬‬
‫وهذه الفطرة ميزان يزن به اإلنسان أفعالَه وغيرها‪ ،‬ويشعر بحكمها‪:‬‬
‫‪ ‬فإن فَ َع َل ما يوافق فطرَِه مثل‪( :‬الصدق‪ ،‬مساعدة احملتاج‪ ،‬إكرام الضيف‪ ،‬وحنو ذلك) شعر براحة وفرح‪.‬‬
‫‪ ‬وإن فعل ما ال يوافق فطرِه مثل‪( :‬الظلم‪ ،‬والكذب والسرقة‪ ،‬وحنو ذلك) شعر بأمل وحَن‪ ،‬وهو معىن قول‬
‫ص ْد ِرَك"‪.‬‬
‫اك ِف َ‬ ‫النيب ‪َ " :‬و ِْ‬
‫اإل ُْثُ َما َح َ‬

‫لكن تلك الفطرة وإن كانت من سبل المعرفة فالمعرفة بها مجملة ليست تامة وال شاملة وهي قابلة للتَّ غَير‬
‫والتَّأثر‪:‬‬
‫صَرانِِه‪ ،‬أ َْو ميَُ ِّج َسانِِه"‪.‬‬ ‫ود إَِّال يولَ ُد علَى ِ‬
‫الفطَْرةِ‪ ،‬فَأَبَ َواهُ يُ َه ِّوَدانِِه أ َْو يُنَ ِّ‬ ‫قال النيب ‪ " :‬ما ِمن مولُ ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ِ‬ ‫وف احلديث القدسي قال اهلل ِعاىل‪" :‬وإِ ِّين خلَ ْق ِ ِ‬
‫اجتَالَْت ُه ْم َع ْن‬ ‫ت عبَادي ُحنَ َفاءَ ُكلَّ ُه ْم‪َ ،‬وإِنَّ ُه ْم أََِ ْت ُه ُم الشَّيَاط ُ‬
‫ني فَ ْ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ت َهلُ ْم‪َ ،‬وأ ََمَرِْ ُه ْم أَ ْن يُ ْش ِرُكوا ِِب َما َملْ أُنْ َِْل بِِه ُس ْلطَانا"‪.‬‬ ‫ِِ‬
‫ت َعلَْي ِه ْم َما أ ْ‬
‫َحلَْل ُ‬ ‫دين ِه ْم‪َ ،‬و َحَّرَم ْ‬
‫وقال سبحانه ف كتابه العَيَ‪ :‬ﵟ أَفَ َم ْن ُزيِّ َن لَهُ ُسوءُ َع َملِ ِه فَ َرآهُ َح َسناﵞ‬
‫للتغري‪ ،‬وكذلك فاملعرفة ِّبا ليست ِامة شاملة‪ ،‬فال يَ ُال اإلنسان حباجة إىل مَيد من سبل العلم‪.‬‬ ‫فالفطرةُ قابلة ّ‬

‫ومن سبل العلم‪(( :‬السمع واألبصار واألفئدة))‬


‫ُ َّ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ً َ َ َ َ َ ُ ُ َّ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ‬
‫ار َواْلفئ ِ َدة ل َعلك ْم تشك ُرونﵞ‬ ‫ون أمهات ِكم ّل تعلمون شيئا وجعل لكم السمع واْلبص‬ ‫ِ‬
‫كم مِن ُب ُ‬
‫ط‬ ‫ﵟ واَّلل أخرج‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ َّ ُ ْ َ ْ َّ ُ‬
‫ِيما إِن َمك َّناك ْم فِيهِ َو َج َعل َنا ل ُه ْم َس ْم ًعا‬ ‫وذكر أقواما مل ينتفعوا ِّبذه النعم ُحم ِّذرا من فعلهم قال ِعاىل‪ :‬ﵟ ولقد مكناهم ف‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََْ َ ً ََْ َ ً َ َ َ ْ َ َ ُْ ْ َ ْ ُ ُ ْ ََ َْ َ ُ ُ ْ ََ َْ َ ُُ ْ ْ َ ْ ْ َ ُ َْ َ َ‬
‫ات اَّللِ َو َحاق ب ِ ِه ْم َما َكنوا ب ِهِ‬ ‫َش ٍء إِذ َكنوا َيح ُدون بِآيَ ِ‬ ‫وأبصارا وأفئِدة فما أغن عنهم سمعهم وّل أبصارهم وّل أفئِدتهم مِن‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ُ ُّ َ‬ ‫َّ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫َص َوال ُف َؤ َاد ُك أولئ ِ َك َك َن َعنْ ُه َم ْس ُئوّلﵞ [اإلسراء‪.]02 :‬‬ ‫َ‬
‫ي َ ْس َت ْهزِ ُءونﵞ [األحقاف‪ ،]62 :‬وقال‪ :‬ﵟ إِن السمع واْل‬

‫‪6‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫وإن كانت تلك الوسائل لإلدراك فإنها تبع للقلب وهو ملكها‪:‬‬
‫لكن العقل الذي هو من أعمال القلب كأي وسيلة للمعرفة مثل البصر‪ ،‬والسمع‪ ،‬وحنوها له جمال حمدود ال يتعداه‪.‬‬
‫فالعين مثالً‪ :‬من جماهلا املسموعات‪ ،‬جماهلا املرئيات‪ ،‬فالعقل كذلك ليس من جماله الغيبيات ف املاضي واملستقبل وحنو‬
‫ذلك مما ال يدركه العقل‪ ،‬فإن أعمل اإلنسان فكره ف غري موضعه ختبط وحتري كما حصل لكثري من املفكرين والفالسفة‬
‫وانتهى ِّبم إىل اإلحلاد‪.‬‬
‫والعين مهما كانت قوية فإهنا عند بعد معني ال ِرى‪ ،‬فكذلك العقل له جمال حمدود‪ ،‬وكذلك فالعقل قد خيطأ الظن‬
‫وكذلك فالعقل قد يرى اخلري شرا والشر خريا‪.‬‬
‫وكذلك فالعقول متفاوِة ف الذكاء والقدرة على املعرفة‪ ،‬وكذلك فهي ختتلف كثريا؛ هذا يستحسن ما يستقبحهُ‬
‫اآلخر‪ ،‬ويرى اخلري احملض ف شيء يراه اآلخر شرا خالصا‪ ،‬فألجل ذلك كله (جمال العقل حمدود‪ ،‬وقد خيطأ‪ ،‬والعقول‬
‫متفاوِة ف القدرة على املعرفة‪ ،‬وختتلف كثريا)‪.‬‬
‫َّ َ َ ُ ْ َ ُ‬ ‫اء ُه ْم لَ َف َس َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ْ َ ُّ َ ْ‬
‫ات َواْل ْرض‬ ‫ت السماو‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫شر عظيم كما في قوله‪ :‬ﵟ ولوِ اتبع اْلق أ‬
‫الحكم للعقل وحده لحصل ٌ‬ ‫فلو ترك‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫َو َم ْن فِي ِه َّن بَ ْل أتَيْ َن ُاه ْم بِذِك ِره ِْمﵞ‪ ،‬فيبقى اإلنسان بني ظ ٍن ف األخبار واِباع لألهواء ف ِصرفاِه؛ لذلك جعل اهلل متام‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َّ ُ َ َّ َّ َّ َ َ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ َ َ ُ‬
‫اءه ْم م ِْن َرب ِ ِه ُم ال ُه َدىﵞ‬ ‫االهتداء بالوحي فهو اهلدى والنور قال ِعاىل‪ :‬ﵟ إِن يتبِعون إِّل الظن وما تهوى اْلنفس ولقد ج‬
‫[النجم‪.]60 :‬‬
‫َ َّ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫حك ُم ُه إَِل اَّللﵞ‬ ‫الم َر ُّد إلى حكمه عند التنازع واالختالف‪ :‬ﵟ َو َما اخ َتلف ُت ْم فِيهِ مِن َش ٍء ف‬ ‫وأمر سبحانه أن يكون َ‬
‫ْ‬
‫َ ً‬ ‫َ‬
‫اَّلل َو ْاَلَ ْو ِم ْاْلخِر َذل َِك َخ ْْي َوأ ْ‬
‫ْ ُ ْ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُّ ُ َ َّ‬
‫ح َس ُن تأوِيَلﵞ‬ ‫ِ‬ ‫الر ُسو ِل إِن كن ُت ْم تؤم ُِنون ب ِ ِ‬
‫اَّلل ِ َو َّ‬ ‫[الشورى‪ ،]03 :‬ﵟ فإِن تنازعتم ِف َش ٍء فردوه إَِل‬
‫[النساء‪.]95 :‬‬
‫َ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫َّ ُ َ ْ َ‬
‫اَّلل أعل ُم َحيْث َي َعل رِ َساِلَ ُهﵞ‬ ‫نفوسا وأحسنهم قص ًدا هم رسل اهلل عليهم السالم‪ :‬ﵟ‬ ‫عقوال وأزكاهم ً‬ ‫وأذكى الناس ً‬
‫ُ‬
‫[األنعام‪ ،]061 :‬ﵟ َو َر ُّب َك ََيْل ُق َما ي َ َش ُاء َو َي ْخ َت ُارﵞ [القصص‪.]26 :‬‬
‫ومع هذا فليس اهتداؤهم من أنفسهم بل بفضل من اهلل وبوحي من اهلل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ْم َو َر ْ َ‬‫َ‬
‫َ ْ َ ْ ُ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ك ْم م ِْن أ َح ٍد أبَ ًداﵞ [النور‪ ،]60 :‬وقال إبراهيم عليه السالم‪:‬‬ ‫ْح ُت ُه َما َزَك مِن‬ ‫قال ِعاىل‪ :‬ﵟ ولوّل فضل اَّللِ علي‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ ُ َ َّ َ ْ َ ْ ِ َّ‬ ‫َ َ‬
‫ِْيﵞ [األنعام‪ ،]77 :‬وقال يوسف عليه السالم عنه وعن آباءه‪ :‬ﵟ َما َكن ْلَا‬ ‫الضال َ‬ ‫ﵟلئ ِ ْن ل ْم َي ْهد ِِِن ر ِّب ْلكونن مِن القوم‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ ُ ْ َ َّ ْ َ ْ َ َ‬
‫اسﵞ [يوسف‪ ،]06 :‬وقال اهلل للنيب حممد ‪ :‬ﵟ َوكذل ِك أ ْو َحيْ َنا‬ ‫َش ٍء ذل ِك م ِْن فض ِل اَّللِ َعليْ َنا َولَع اْلَّ ِ‬ ‫َشك بِاَّلل ِ مِن‬
‫أن ن ِ‬
‫َ‬ ‫ك ْن َج َعلْ َناهُ نُ ً‬ ‫َ ْ َ ُ ََ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫َْ َ ُ ً ْ ْ َ َ ُ ْ َ َْ‬
‫ورا َن ْهدِي بِهِ َم ْن ن َش ُاء م ِْن ع َِبادِنَاﵞ [الشورى‪:‬‬ ‫يمان َول ِ‬ ‫اْل‬
‫إَِلك روحا مِن أم ِرنا ما كنت تدرِي ما الكِتاب وّل ِ‬
‫َ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ْ ُ َّ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ ا َ‬
‫ج َد َك ِاّل ف َه َدىﵞ [الضحى‪ ،]7 :‬قال سبحانه‪ :‬ﵟ َوعل َمك َما ل ْم تك ْن تعل ُم َوَكن فضل اَّللِ‬ ‫‪ ،]96‬وقال ِعاىل‪ :‬ﵟ َو َو َ‬
‫َ‬
‫َعليْ َك َع ِظ ًيماﵞ [النساء‪ ،]000 :‬وكان النيب ‪ ‬يرجتَ ويقول‪" :‬اللهم لوال أنت ما اهتدينا" ‪ ،‬بل أمر اهلل نبيه ‪ ‬أن‬
‫َ‬ ‫ََْ ْ ُ َ‬ ‫ُ ْ ْ َ َ ْ ُ َ َّ َ َ ُّ َ َ َ ْ‬
‫وح إ ِ ََّل َر ِّبﵞ [سبأ‪.]93 :‬‬ ‫ت فب ِ َما يُ ِ‬ ‫ِإَون اهتدي‬
‫ِل لَع نف ِِس ِ‬ ‫يبني ذلك للناس‪ :‬ﵟقل إِن ِللت فإِنما أ ِ‬

‫‪7‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫َّ‬ ‫ُ ْ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ ُ ْ ُ َ َ‬
‫[الكهف‪.]003 :‬‬ ‫ﵟقل إِنما أنا بَش مِثلكم يوح إَِلﵞ‬ ‫ضل األنبياء بالوحي‪:‬‬
‫وإنما ف ّ‬
‫لذلك أرسل اهلل ِعاىل الرسل عليهم السالم وأوحى إليهم ما يهتدون به ويهدون الناس ولتذكري من نسي وِنبيه من‬
‫غفل وإقامة احلجة على من جحد وإنذاره وِبصري املؤمنني وِبشريهم‪ ،‬وإنذار املعرضني والبيان والبالغ والتعليم وبيان‬
‫ِفاصيل اإلميان والعمل وإقامة الرباهني ِبا معهم من الوحي الذي هو هدى للناس وبينات من اهلدى والفرقان‪ ،‬موعظة‬
‫نفس عن‬ ‫للقلوب‪ ،‬وشفاء ملا ف الصدور من مرض أو شك‪ ،‬ويقني يَيح الشبهات عن القلب‪ ،‬وِقوى ِّبا ُِنهى األ ُ‬
‫اهلوى‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫عن املغرية ابن شعبة عن النيب ‪ ‬قال‪" :‬وَال أَح َد أَح ُّ ِ‬
‫اب‪َ ،‬وأ َْر َس َل‬
‫ك أَنْ َََل الْكتَ َ‬ ‫ب إِلَْيه الْعُ ْذ ُر م ْن اهلل‪ ،‬م ْن أ ْ‬
‫َج ِل َذل َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ين َوُمْن ِذ ِري َن" البخاري‪.‬‬
‫الر ُس َل ُمبَ ِّش ِر َ‬
‫ُّ‬

‫(‪ )4‬إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم‪:‬‬

‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ ْ َ َ َ َ ََْ ََ ََ َ َْ ُ‬ ‫َْ َ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ُ ْ ََ ْ َْ َ َ َ َْ‬


‫سهِ ومن ع ِِم فعليها وما أنا عليكم ِِبفِي ٍظﵞ‬
‫ﵟ قد جاءكم بصائِر مِن ربِكم فمن أبَص فل ِنف ِ‬
‫وآيات اهلل ف الوحي و ف خلقه ُُسيت‪(( :‬آيات)) و(( ُحججا)) ((العلم)) و ((براهني)) و ((سلطانا)) ((بصائر))‬
‫و((بينات))‪.‬‬
‫وهذه األلفاظ مجيعها أبلغ ف الداللة على معىن االحتجاج والظهور والبيان بينما لفظ ((الدليل)) يتضمن معىن‬
‫ْياﵞ‬ ‫اْلات أَ َّن ل َ ُه ْم أ َ ْ‬
‫ج ًرا َكب ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ ُ َ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ َّ َ َ ْ َ ُ َ‬
‫ون َّ‬
‫الص‬
‫َّ‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َ‬
‫اإلرشاد والتوجيه فقط ﵟ إِن هَٰذا الق ْرآن َي ْهدِي ل ِل َِف ِِه أقوم ويب َِش المؤ ِمن ِْي اذلِين يعمل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ َّ ْ َ‬
‫عظة مِن‬ ‫وهو املوعظة والشفاء ملا ف القلوب من شبهة أو شهوة وهو الرمحة واهلدى ﵟ يا أيها اْلاس قد جاءتكم مو ِ‬
‫ْ‬
‫الص ُدور َو ُه ًدى َو َر ْ َ‬
‫ك ْم َوش َِفاء ل َِما ف ُّ‬
‫ْحة لِل ُم ْؤ ِمن َِْيﵞ‪ ،‬لذلك اخترت أن يكون تعليم اإليمان منه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ‬
‫رب ِ‬

‫َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ‬
‫ِين كف ُروا ل ْوّل ن ِزل عليْهِ الق ْرآن‬ ‫براهين صدقه وعدله‪ :‬ﵟ وقال اذل‬ ‫فالقران هو الدليل والمدلول يحمل في نفسه ْ َ‬
‫ح َس َن َت ْفس ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اْلق َوأ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َ َ َ َ َ َّ ْ َ ُ َ ْ ً َ َ َ ُ َ َ‬
‫ك ب َم َثل إّل جئْ َن َ‬ ‫ُ ْ َ ً َ َ ً َ َ َٰ َ ُ َ َ‬
‫ِْياﵞ‬ ‫اك ب َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُجلة واحِدة ۚ كذل ِك ْلِ ثبِت بِهِ فؤادك ۖۖ ورتلناه ترتِيَل وّل يأتون ِ ٍ‬

‫َ‬ ‫ُْ ََ‬ ‫ً ْ‬ ‫ْ‬


‫وولده أن يكون النبي واتباعه على الوحي ﵟ َر َّب َنا َوابْ َعث فِي ِه ْم َر ُسوّل مِن ُه ْم َيتلو عليْ ِه ْم آيَات ِك‬ ‫وهي دعوة إبراهيم ِ‬
‫َْ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ‬
‫ِيم إِّل َمن َسفِ َه نف َس ُهﵞ‪.‬‬ ‫ب عن مِلةِ إِبراه‬
‫ََ َْ َ ُ َ‬ ‫يز ْ َ‬
‫اْلك ُ‬
‫ِيم (‪ )129‬ومن يرغ‬ ‫ك أَ َ‬
‫نت الْ َعز ُ‬ ‫َ ُ َ ُ ُ ُ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ُ َ ْ َّ َ‬
‫ويعل ِمهم الكِتاب واْل ِكمة ويزك ِي ِهم ۚ إِن‬
‫ِ‬

‫‪8‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫ال‪" :‬ما ِمن األَنْبِي ِاء ِمن نَِيب إِالَّ قَ ْد أ ُْع ِطي ِمن اآلي ِ‬ ‫َن رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ات َما‬‫َ َ َ‬ ‫ول اللّه ‪ ‬قَ َ َ َ َ ْ ٍّ‬ ‫هو أعظم اآليات َع ْن أَبي ه َريْ َرةَ أ َّ َ‬
‫َل‪ ،‬فَأ َْر ُجو أَ ْن أَ ُكو َن أَ ْكثَ َرُه ْم َِابِعا يَ ْوَم الْ ِقيَ َام ِة"‪.‬‬
‫يت َو ْحيا أ َْو َحى اهلل إِ ََّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثْ لُهُ َآم َن َعلَْيه الْبَ َش ُر‪َ ،‬وإََِّّنَا َكا َن الَّذي أُوِ ُ‬

‫فرجا أن يكون اآلية الباقية وهو كذلك وبه الكفاية لكل عاقل‪ :‬ﵟ َوقَالُوا ل َ ْو َّل أُنز َل َعلَيْه آيَات مِن َّربه ۖ قُ ْل إ َّن َما ْاْليَ ُ‬
‫ات‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َّ‬
‫ِيث َب ْع َد اَّللِ َوآيَاتِهِ يُؤم ُِنونﵞ‪.‬‬ ‫د‬ ‫ح‬‫اْلق ۖ فَبأَي َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ ُ َّ َ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ‬
‫ب‬ ‫ك‬ ‫ي‬‫ل‬‫ع‬ ‫ا‬‫وه‬‫ل‬ ‫ت‬‫ن‬ ‫ِ‬ ‫اَّلل‬ ‫ات‬‫آي‬ ‫ك‬‫ِل‬ ‫ت‬ ‫ﵟ‬ ‫ﵞ‬ ‫ْي‬ ‫ب‬‫م‬‫ِإَون َما َأنَا نَذِير ُّ‬
‫َ َّ َّ‬
‫عِند اَّللِ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬

‫وال يتم الهداية به إال ببيان النبي محمد ‪ ‬ﵟوأنزْلا إَلك اذلكرﵞ‪ ،‬وهو ِرمجان عملي للقرآن‪( :‬ألست ِقرأ القرآن‪.‬‬
‫كان خلقه القرآن))‬

‫وإذا كان الوحي وبيانه من هدي النبي تبيانا لكل شيء يحتاجه المؤمن فإن أعظم ما جاء بيانه هو اإليمان؛‬
‫ََ َ َْ َ َ ُ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ‬
‫ان َِلَ ُق َ‬
‫وم اْلَّ ُ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫ََ ْ َ َْ‬
‫اس‬ ‫ات وأنزْلا معهم الكِتاب وال ِمزي‬ ‫فكتاب اهلل وبيانه بهما يقوم الناس بالقسط‪ :‬ﵟلقد أ ْر َسلنا ُر ُسلنا بِاْلَيِن ِ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫َّ َّ َ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫ْي يَ َديْهِ َوّل م ِْن خلفِهِ ۖ تزنِيل ِم ْن‬
‫َْ‬
‫ب‬ ‫ِن‬
‫م‬ ‫ِل‬
‫ط‬ ‫ا‬‫اْل‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِي‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ّل‬ ‫يز‬ ‫ز‬‫ع‬
‫َ‬
‫اب‬‫ِت‬ ‫ك َف ُروا باذل ِْكر ل َ َّما َج َ‬
‫اء ُه ْم ۖ ِإَونَّ ُه لَك َ‬ ‫ِين‬ ‫اذل‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ﵟ‬ ‫‪،‬‬ ‫ﵞ‬ ‫ط‬
‫ِ‬
‫بالْق ْ‬
‫س‬ ‫ِ ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِيدﵞ‪.‬‬‫ِيم ْح ٍ‬‫حك ٍ‬

‫ٍ‬
‫فقد أنزل اهلل تعالى على نبيه محمد ‪ ‬هذا الكتاب؛ ليكون للناس اهلدى الذي يُعصمون به من الضاللة‪ ،‬و َ‬
‫النور‬
‫الذي يضيء هلم ظلمةَ الطريق‪ ،‬والَ َاد لصالحهم ف دنياهم وجناهتم ف أخراهم؛‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ات ليْ َس ِِبارِ ٍج مِن َها كذل ِك‬
‫َ‬ ‫ُّ ُ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬ ‫قال ِعاىل‪ :‬ﵟ أَ َو َم ْن ََك َن َميْ ًتا فَأ َ ْ‬
‫ح َييْ َناهُ َو َج َعلْ َنا َ َُل نُ ً‬
‫اس ك َم ْن مثل ُه ِف الظل َم ِ‬ ‫ورا َي ْم ِِش بِهِ ِف اْلَّ ِ‬
‫َ َ َ ُ َ َُْ َ‬ ‫َْ‬
‫ونﵞ [األنعام‪.]066 :‬‬ ‫ُزي ِ َن ل ِلَكف ِِرين ما َكنوا يعمل‬
‫ْ َ ُ ْ َََْ َْ َْ ُ‬
‫ك ْم نُ ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ُ‬
‫ورا ُمبِينًاﵞ [النساء‪،]071 :‬‬ ‫اءك ْم بُ ْرهان مِن ربِكم وأنزْلا إَِل‬ ‫قال اهلل ِعاىل‪ :‬ﵟ يا أيها اْلاس قد ج‬
‫ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ُ َ َّ َ َ ْ َ َ ُ ُ ُ َ َّ َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َْ َ َ ُ‬
‫ات‬‫السَل ِم َويُخ ِر ُج ُه ْم م َِن الظل َم ِ‬ ‫اءك ْم م َِن اَّللِ نور َوك َِتاب ُمبِْي * َي ْهدِي بِهِ اَّلل م ِن اتبع رِِوانه سبل‬ ‫وقال ِعاىل‪ :‬ﵟ قد ج‬
‫ِص ٍاط ُم ْس َتقِ ٍيمﵞ [املائدة‪.]02 ،09 :‬‬ ‫إ ََل اْلُّور بإذْنِهِ َو َي ْهدِيه ْم إ ََل ِ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫ُّ ُ َ ُ ً َ َ ْ َ ُ ْ َ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ِْي * قل بِفض ِل‬ ‫اءتك ْم َم ْوعِظة م ِْن َربِك ْم َوشِفاء ل َِما ِف الصدورِ وهدى ورْحة ل ِلمؤ ِمن‬ ‫وقال ِعاىل‪ :‬ﵟيا أيها اْلاس قد ج‬
‫َّ َ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َّ َ ْ َ ُ َ‬
‫ونﵞ [يونس‪،]96 ،97 :‬‬ ‫اَّللِ وبِرْحتِهِ فبِذل ِك فليفرحوا هو خْي مِما َيمع‬
‫َ ْ َ ُ ََ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ َْ ُ ُ ً َ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ََ َ َ َْ َ َْ َْ َ ُ ً ْ ْ َ َ ُ ْ‬
‫َ‬
‫ورا ن ْهدِي بِهِ َم ْن‬ ‫كن جعلناه ن‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ان‬‫يم‬ ‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ّل‬‫و‬ ‫اب‬ ‫ِت‬
‫ك‬ ‫ال‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫د‬ ‫َ‬ ‫وقال ِعاىل‪ :‬ﵟوكذل ِك أوحينا إَِلك روحا مِن أم ِرنا ما كن‬
‫ِص ٍاط ُم ْستَقِ ٍيمﵞ [الشورى‪.]96 :‬‬ ‫ك َِلَ ْهدِي إ ََل ِ َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ َّ َ‬
‫نشاء مِن عِبادِنا ِإَون‬
‫ِ‬

‫‪9‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫َ َ ََ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬


‫اب اذلِي ن َّزل لَع‬ ‫وَلِ َوالْك َ‬
‫ِت‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫َّ‬
‫اَّللِ َو َر ُ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫آم ُنوا آم ُ‬
‫ِن‬ ‫قوله ِعاىل‪ :‬ﵟ يَا أ ُّي َها َّاذل َ‬
‫ِين َ‬ ‫وأمر سبحانه باإليمان بهذا القرآن‪ :‬كما‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ارك ُم َصد ُِق َّاذلِي َب ْ َ‬
‫ْي يَ َديْهِ‬ ‫‪ ،]002‬وقال ِعاىل‪ :‬ﵟ َو َه َذا ك َِتاب َأن ْ َز ْْلَاهُ ُم َب َ‬ ‫[النساء‪:‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َّ‬
‫اب اذلِي أن َزل م ِْن قبْلﵞ‬ ‫َر ُس ِ َ ْ َ‬
‫وَلِ والكِت ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ ُ ْ َ ُ َّ ْ ُ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ‬
‫[األنعام‪.]56 :‬‬ ‫ِين يُؤم ُِنون بِاْلخ َِرة ِ يُؤم ُِنون بِهِﵞ‬ ‫وِلِ نذِر أم القرى ومن حولها واذل‬

‫وأمر بتالوته وتدبره وفهمه‪:‬‬


‫ََ ْ ََُْ ُْ ْ َ‬ ‫ون م َِن ال ْ ُم ْسلِم َ‬ ‫َُ ْ ُ َ ْ َ ُ َ‬
‫آنﵞ [النمل‪.]56 ،50 :‬‬ ‫ْي (‪ )91‬وأن أتلو القر‬ ‫ِ‬ ‫كما قال‪ :‬ﵟوأمِرت أن أك‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََْ َْ ُ َْ َ‬
‫ابﵞ [ص‪.]65 :‬‬ ‫ارك َِلَ َّدبَّ ُروا آيَاتِهِ َو َِلَتَ َذ َّك َر أولُو ْاْل ْْلَ‬‫ك ُم َب َ‬ ‫وقال‪ :‬ﵟكِتاب أنزْلاه إَِل‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ ْ َّ َ‬
‫‪.]66‬‬ ‫اختَِلفًا كثِ ًْياﵞ [النساء‪:‬‬ ‫ْي اَّللِ ل َو َج ُدوا فِيهِ‬ ‫وقال‪ :‬ﵟأفَل يتدبرون القرآن ولو َكن مِن عِن ِد غ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َّ ْ َ ْ ُ ْ َ‬
‫آن ل َِّلِك ِر َف َه ْل م ِْن ُم َّدك ٍِرﵞ [القمر‪.]07 :‬‬ ‫وقال‪ :‬ﵟولقد يَّسنا القر‬

‫وأمر باتباعه والعمل به‪ ،‬كما‪:‬‬


‫ُْ َ َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ح َرج مِنْ ُه ِلِ ُنْذ َِر بهِ َوذ ِْك َرى ل ِلْ ُم ْؤ ِمن َ‬
‫ك ْن ف َص ْدر َك َ‬ ‫َ ُْ َ َْ َ ََ َ ُ‬
‫ِْي (‪ )2‬اتب ِ ُعوا َما أن ِزل إَِلْك ْم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قال سبحانه‪ :‬ﵟكِتاب أن ِزل إَِلك فَل ي‬
‫ْ ُ َ ْ َ َ َ ً َ َ َ َّ ُ َ‬ ‫ْ َ ُ َ‬
‫ك ْم َوّل تَ َّتبِ ُعوا مِن دونِهِ أو َِلاء قلِيَل ما تذكرونﵞ [األعراف‪.]0 ،6 :‬‬ ‫مِن رب ِ‬
‫ْ َ ْ َ ُ ُ َ َ َ َّ ُ ُ َ َّ ُ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ونﵞ [األنعام‪.]099 :‬‬ ‫وقال ِعاىل‪ :‬ﵟ َوهذا ك َِتاب أنزْلاه مبارك فاتبِعوه واتقوا لعلكم ترْح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ُ ْ َ َّ ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ْ ً َ َ ا َ َ َّ ْ‬
‫ون أ ْو َُيْد ُِث ل ُه ْم ذِك ًراﵞ [طه‪.]000 :‬‬ ‫ِصف َنا فِيهِ م َِن ال َوعِي ِد لعلهم يتق‬ ‫وقال‪ :‬ﵟ وكذل ِك أنزْلاه قرآنا عربِيا و‬

‫وأثنى على أهله‪:‬‬


‫ارةً لَ ْن َت ُب َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ ْ ا َ َ َ َ ً َ ْ ُ َ‬
‫ون َِتَ َ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ ُ‬ ‫اَّللِ َوأَقَ ُ‬
‫َّ َّ َ َ ْ ُ َ َ َ َّ‬
‫ور (‪َِ )29‬لُ َوف َِي ُه ْم‬ ‫الصَلة َوأنفقوا مِما رزقناهم ِِسا وعَلنِية يرج‬ ‫اموا‬ ‫فقال‪ :‬ﵟإِن اذلِين يتلون كِتاب‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أُ ُج َ‬
‫ور ُه ْم َو َيزِ َيد ُه ْم م ِْن فَ ْضلِهِ إِنَّ ُه غ ُفور َشكورﵞ [فاطر‪.]03 ،65 :‬‬

‫وح ّذر سبحانه من اإلعراض عنه وتوعد‪:‬‬


‫اء ل َ ُه ْم يَ ْو َم الْق َي َ‬
‫ام ِة‬ ‫َ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِي‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ِين‬
‫اَل‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫خ‬ ‫)‬ ‫‪100‬‬‫(‬ ‫ا‬‫ر‬‫ً‬ ‫ز‬ ‫ِ‬ ‫اك م ِْن َ َُلنَّا ذ ِْك ًرا (‪َ )99‬م ْن أَ ْع َر َض َعنْ ُه فَإنَّ ُه ََيْم ُل يَ ْو َم الْق َي َ‬
‫امة و ْ‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫ﵟ َوقَ ْد آتَيْ َن َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ِْحَْلﵞ [طه‪.]030 - 55 :‬‬
‫َ َ َ َْ َ ْ‬
‫ع َِم َوقَ ْد ُكنْ ُ‬ ‫َ َّ َ ُ َ َ ً َ ْ ً َ َ ْ ُ ُ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ‬
‫ع َِم (‪ )124‬قَ َال َ‬ ‫ََ ْ َ َْ َ َ ْ ْ‬
‫ت‬ ‫ب ل ِم حَشت ِن أ‬
‫ِ‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ام‬‫ي‬‫ق‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫م‬‫و‬‫ي‬ ‫ه‬‫َش‬ ‫َن‬ ‫و‬ ‫َك‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ة‬ ‫يش‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫َل‬ ‫ن‬‫وقال‪ :‬ﵟومن أعرض عن ذ ِ ِ‬
‫إ‬‫ف‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ِك‬
‫َ‬ ‫ِيت َها َو َك َذل َِك ْاَلَ ْو َم تُن ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ََْ َ َ ُ‬
‫ات َربهِ َولَ َع َذ ُ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ك ََنْزي َم ْن أ ْ َ‬
‫ِس َف َول َ ْم يُ ْؤم ِْن بآيَ‬ ‫ََ َ َ‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫)‬‫‪126‬‬‫(‬ ‫ِس‬ ‫ات َنا فَنَس َ‬ ‫بَ ِص ً‬
‫ْيا (‪ )125‬قال كذل ِك أتتك آي‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫اْلخ َِرة ِ أ َش ُّد َوأبْ َقﵞ [طه‪.]067 ،061 :‬‬

‫‪10‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫والتمسك به‪:‬‬
‫ّ‬ ‫والحث على حمله وحفظه‬
‫ّ‬ ‫وفي السنن الثابتة عن رسول اهلل في األمر بتعلُّم القرآن‬
‫ما هو على الوفاق ملا جاء به كتاب اهلل ِعاىل من ذلك مما يَيد املؤمنني طلبا له‪ ،‬وِسابقا إىل نيل الدرجات بتحصيله‪.‬‬
‫((خْي ُرُك ْم َم ْن َِ َعلَّ َم ال ُق ْرآ َن َو َعلَّ َمهُ)) أخرجه البخاري‪- .‬وف لفظ‪" :‬إن‬ ‫َّيب قَ َال‪َ :‬‬ ‫فع ْن عُثْ َما َن بن عفان‪َ ،‬ع ِن النِ ِّ‬ ‫‪َ ‬‬
‫أفضلكم"‪.‬‬
‫ب أَ ْن يَ ْغ ُد َو ُك َّل يَ ْوٍم‬‫الصف َِّة فَ َق َال‪(( :‬أَيُّ ُك ْم ُُِي ُّ‬
‫ول اللَّ ِه ‪َ ‬وَْحن ُن ِف ُّ‬ ‫‪ ‬وعن عُ ْقبَةَ بْ ِن َع ِام ٍر قَ َال‪َ :‬خَر َج إِلَْي نَا َر ُس ُ‬
‫ول اللَّ ِه‪،‬‬‫ني َك ْوَم َاويْ ِن ِف َغ ِْري إِ ٍُْث َوَال قَ ِط َيع ِة َرِح ٍم؟))‪ ،‬قُ ْلنَا‪ :‬بَلَى يَا َر ُس َ‬ ‫إِ َىل بَطْ َحا َن أ َْو الْ َع ِق ِيق فَيَأِْيت ِمْنهُ بِنَاقَتَ ْ ِ‬
‫َ‬
‫ب اللَّ ِه َخْي ٌر ِم ْن‬ ‫ني ِمن كِتَا ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ُكلُّنا ُِحن ُّ ِ‬
‫َح ُد ُك ْم إ َىل الْ َم ْسجد فَيُ َعلِّ ُم أ َْو يَ ْقَرأُ آيَتَ ْ ِ ْ‬ ‫ك‪ ،‬قَ َال‪(( :‬أَفَ َال يَ ْغ ُدو أ َ‬ ‫ب َذل َ‬ ‫َ‬
‫اإلبِ ِل)) أخرجه مسلم‪.‬‬ ‫ث‪َ ،‬وأ َْربَ ٌع َخْي ٌر لَهُ ِم ْن أ َْربَ ٍع‪َ ،‬وِم ْن أ َْع َد ِاد ِه َّن ِم َن ِْ‬‫ث خي ر لَه ِمن ثََال ٍ‬
‫ني‪َ ،‬وثََال ٌ َ ْ ٌ ُ ْ‬ ‫نَاقَتَ ْ ِ‬

‫(‪ )5‬شرف الفقه في الدين‪:‬‬

‫طلب الفقه في الدين من أعظم العمل الصالح‪ ،‬وأهله خير المنتفعين من رسالة اإلسالم‪:‬‬
‫(م ْن يُِرِد اللَّهُ بِِه‬
‫ول‪َ :‬‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِه َو َسلَّ َم يَ ُق ُ‬ ‫َّيب َ‬‫ت النِ َّ‬
‫ِ‬
‫‪ ‬عن ُم َعا ِويَةَ بن أِب سفيان رضي اهلل عنهما قال‪َُ :‬س ْع ُ‬
‫ِّههُ ِف الدِّي ِن)‪ .‬البخاري (‪ ،)70‬ومسلم (‪.)0307‬‬ ‫َخْي را يُ َفق ْ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫اب‬‫َص َ‬ ‫((مثَ ُل َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِه م َن ا ْهلَُدى َوالْع ْل ِم‪َ ،‬ك َمثَ ِل الْغَْيث الْ َكث ِري أ َ‬ ‫َّيب ‪ ،‬قَ َال‪َ :‬‬ ‫وسى‪َ ،‬ع ِن النِ ِّ‬ ‫‪َ ‬ع ْن أَِِب ُم َ‬
‫ت الْ َماءَ‪،‬‬ ‫ت ِمْن ها أَج ِادب أَمس َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الْ َكث َري‪َ ،‬وَكانَ ْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫أ َْرضا فَ َكا َن مْن َها‪ :‬نَقيَّةٌ قَبلَت الْ َماءَ‪ ،‬فَأَنْبَتَت الْ َك َألَ َوالْعُ ْش َ‬
‫ِ ِ‬ ‫فَنَ َفع اللَّه ِِّبا النَّاس فَ َش ِربوا وس َقوا وزرعوا وأَصاب ِ‬
‫ت‬‫ك َماء َوَال ُِْنبِ ُ‬ ‫ُخَرى إََِّّنَا ه َي ق َيعا ٌن َال متُْ ِس ُ‬ ‫ِ‬
‫ت مْن َها طَائ َفة أ ْ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك َرأْسا َوَملْ‬ ‫ك َمثَ ُل َم ْن فَ ُقهَ ِف دي ِن اللَّ ِه َونَ َف َعهُ َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِِه فَ َعل َم َو َعلَّ َم‪َ ،‬وَمثَ ُل َم ْن َملْ يَ ْرفَ ْع بِ َذل َ‬ ‫َك َأل‪ ،‬فَ َذل َ‬
‫ت بِِه))‪.‬‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫يَ ْقبَ ْل ُه َدى اللَّه الَّذي أ ُْرس ْل ُ‬

‫ومن هدي األئمة‪:‬‬


‫التذكريُ بذلك ِصبريا لطالب الفقه مع التنبيه على النيّة واإلرادة ف الطلب واالستعانة باهلل عليه وختطي العقبات‬
‫وأمجل ما جاء عن األئمة ف ذلك وأمجعُه عندي ما ذكره اإلمام الشافعي ف مقدمة رسالته لعبد الرمحن بن مهدي‬
‫وج ِهله من جهله‪ ،‬ال يعل ُم من جهله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫جل ثناؤه رمحةٌ وحجةٌ‪َ ،‬علمه من علمه‪َ ،‬‬ ‫أنَل ف كتابه ّ‬‫فكل ما َ‬
‫رمحهما اهلل‪ُّ (( :‬‬
‫طبقات‪ ،‬موقعُهم من العلم بقدر درجاهتم ف العلم به‪.‬‬ ‫الناس ف العلم‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫وال َجيهل من َعلمه‪ ،‬و ُ‬
‫إخالص‬ ‫ٍ‬
‫عارض دون طلبه‪ ،‬و‬ ‫جهدهم ف االستكثا ِر من علمه‪ ،‬والصربُ على كل‬ ‫غاية ِ‬‫طلبة العلم بلوغُ ِ‬
‫فحق على ِ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ِ‬
‫النية هلل ف استدراك علمه‪ :‬نصا واستنباطا‪ ،‬والرغبةُ إىل اهلل ف العون عليه‪ ،‬فإنه ال يُدرك خريٌ إال بعونه‬

‫‪11‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫فإن من أدرك عل ِم أحكام اهلل ف كتابه نصا واستدالال‪ ،‬ووفقه اهلل للقول والعمل ِبا علمه = فاز بالفضيلة ف دينه‬
‫ونورت ف قلبه احلكمةُ واستوجب ف الدين موضع اإلمامة‪.‬‬ ‫الريَب ّ‬
‫ودنياه وانتفت عنه ِّ‬
‫املبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها املدميَها علينا مع ِقصرينا ف اإلِيان إىل ما أوجب به من شكره ِّبا‬
‫َ‬ ‫فنسأل اهلل‬
‫ويوجب‬ ‫يؤدي به عنا حقه‬ ‫اجلاعلَنا ف خري أمة أُخرجت للناس= أن يرزقنا فَهما ف كتابه‪ُ ،‬ث ِ‬
‫سنة نبيه‪ ،‬وقوال وعمال ِّ‬
‫ُ‬
‫لنا نافلةَ مَيدة‪.)).‬‬

‫ومن جميل ما جاء‪ ،‬وفيه رعاية المعلّم بتلميذه‪:‬‬


‫أهل املالهي ف مالهيهم‪،‬‬ ‫َّ‬
‫فإن‬ ‫ا‪،‬‬ ‫نفس‬ ‫ب‬ ‫ط‬‫البخاري حديثا كثريا فخاف مالَل ‪ /‬امللل‪ِ (( :‬‬
‫ُّ‬ ‫علي‬ ‫أملى‬ ‫ري‬‫ب‬‫ر‬ ‫قال ِ‬
‫الف‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫النيب ‪-‬صلَّى اهلل عليه وسلَّم ‪-‬وأصحابِه)) ‪.‬‬
‫التجار ف جتاراهتم‪ ،‬وأنت مع ِّ‬
‫الصناعات ف صناعتهم و َ‬ ‫أهل ِّ‬
‫و َ‬

‫(‪ )6‬تزكية النفس وتعلم اإليمان مقدمة االنتفاع بالمعرفة‪:‬‬

‫ِناول الوحي قضية العلم واملعرفة من جهة طريقة التلقي وأثره على صاحبه‪ ،‬فمع بيان أن الوحي هدى وبينات‬
‫العلم وسيلةٌ ومقدمةٌ وليست غاية وهناية‪.‬‬
‫وشفاء ورمحة ونور إال أنه قد ّبني أن َ‬
‫وجاء التأكيد على أمرين في قضية المعرفة والعلم‪:‬‬

‫لم‪ ،‬الذي هو موضع األخذ والعطاء‪:‬‬


‫‪ ‬األول‪ :‬الوعاء الذي يتلقى الع َ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ َ ً َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ َ َ َّ ْ ُ َ َ ً َّ ً َ َّ ُ ُ َ‬
‫اع َز َبد‬ ‫ون َعلَيْهِ ف اْلَّار ابْت ِ َغ َ‬
‫اء حِل َي ٍة أ ْو َم َت ٍ‬ ‫ﵟأنزل مِن السماءِ ماء فسالت أودِية بِقدرِها فاحتمل السيل زبدا رابِيا ۚ ومِما يوق ِد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْض ُب َّ ُ‬ ‫َ َٰ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ث ف اْل ْ‬ ‫ْ ُ ُ َ َ َٰ َ َ ْ ُ َّ ُ ْ َ َّ َ ْ َ َ َ َ َّ َّ َ ُ َ َ ْ َ ُ ُ َ ً َ َ َّ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ْ ُ ُ‬
‫اَّلل‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِك‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫ك‬ ‫ۚ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ْضب اَّلل اْلق واْلاطِل ۚ فأما الزبد فيذهب جفاء ۖ وأما ما ينفع اْلاس فيمك‬ ‫مِثله ۚ كذل ِك ي ِ‬
‫َ‬
‫اْل ْس َ َٰنﵞ‪،‬‬‫جابُوا ل َِربه ُم ْ ُ‬ ‫استَ َ‬
‫ِين ْ‬‫ْاْل ْم َث َال *ل ََِّّل َ‬
‫ِِ‬
‫َ‬
‫َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫َ َّ َٰ َ َ ْ َ َ ً َ‬ ‫ﵟ َو ُه َو َّاذلِي يُ ْرس ُِل الر َي َ‬
‫جنَا بِهِ مِن‬ ‫خ َر ْ‬ ‫نزْلَا بِهِ الماء فأ‬ ‫َل َّميت فَأ َ‬ ‫ُ َْ ُ‬ ‫ي َر ْ َ‬ ‫َشا َب ْ َ‬
‫ْي يَ َد ْ‬ ‫اح ب ُ ْ ً‬
‫َف إِذا أقلت سحابا ث ِقاّل سقناه ْلِ َ ٍ ِ ٍ‬ ‫ْحتِهِ ۖ ح‬ ‫ِ‬
‫َ ُ َ َ َ ْ ُ ُ َّ َ ً َ َ َٰ َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ َّ ُ ْ َ َ َّ ُ َ َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ ْ ُ ُ َ َ ُ ُ ْ َ َ َّ‬ ‫ُ َّ‬
‫كدا ۚ كذل ِك‬ ‫ت لعلكم تذكرون*واْلَل الطيِب َيرج نباته بِإِذ ِن ربِهِ ۖ واذلِي خبث ّل َيرج إِّل ن ِ‬ ‫ات ۚ كذَٰل ِك ُن ِرج المو َٰ‬ ‫ُك اثل َم َر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫البلد الطيبة ِربته‪،‬‬ ‫ات ل ِقو ٍم يشك ُرونﵞ شبه الوحي باملطر ينَل على الرتبة‪ ،‬ومنها الطيب ومنها اخلبيث‪ ،‬و ُ‬ ‫َصف اْليَ ِ‬ ‫ن ِ‬
‫مثره ف حينه ووقته‪ .‬والذي َخبُث فردؤت‬
‫العذبةُ مشاربه‪ ،‬خيرج نباِه إذا أن َل اهلل الغيث وأرسل عليه احليا‪ ،‬بإذنه‪ ،‬طيبا ُ‬
‫ِربتُه‪ ،‬وملحت مشاربه‪ ،‬ال خيرج نباِه إال نكدا‪ ،‬إال َع ِسرا ف شدة‪ ،‬وال منفعة فيه‪،‬‬
‫وهذا مثل َ‬
‫ضربه اهلل للمؤمن والكافر‪ ،‬فالبلد الطيب الذي خيرج نباِه بإذن ربه‪ ،‬مثل للمؤمن = والذي َخبُث فال‬
‫مثل للكافر‪.‬‬
‫خيرج نباِه إال نكدا‪ٌ ،‬‬

‫‪12‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫ث الْ َكثِ ِري‬
‫وبيانه ف حديث عن أَِِب موسى ‪ ،‬ع ِن النَِّيب ‪ ،‬قَ َال ‪ (( :‬مثَل ما ب عثَِين اللَّه بِِه ِمن ا ْهل َدى والْعِْل ِم ‪َ ،‬كمثَ ِل الْغَي ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬ ‫َ ُ َ ََ‬ ‫َ ْ ُ َ َ ِّ‬
‫ت الْ َماءَ ‪،‬‬ ‫ت ِمْن ها أَج ِادب أَمس َك ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ب الْ َكث َري ‪َ ،‬وَكانَ ْ َ َ ُ ْ َ‬ ‫اب أ َْرضا فَ َكا َن مْن َها‪ :‬نَقيَّةٌ قَبلَت الْ َماءَ ‪ ،‬فَأَنْبَتَت الْ َك َألَ َوالْعُ ْش َ‬ ‫َص َ‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فَنَ َفع اللَّه ِِّبا النَّاس فَ َش ِربوا وس َقوا وزرعوا وأَصاب ِ‬
‫ك‬‫ت َك َأل ‪،‬فَ َذل َ‬ ‫ك َماء َوَال ُِْنبِ ُ‬ ‫ُخَرى إََِّّنَا ه َي ق َيعا ٌن َال متُْ ِس ُ‬ ‫ِ‬
‫ت مْن َها طَائ َفة أ ْ‬ ‫َ ُ َ َ ُ َ َ ْ َ ََ ُ َ َ َ ْ‬
‫ك َرأْسا َوَملْ يَ ْقبَ ْل ُه َدى اللَّ ِه الَّ ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َمثَ ُل َم ْن فَ ُقهَ ِف دي ِن اللَّ ِه َونَ َف َعهُ َما بَ َعثَِين اللَّهُ بِِه فَ َعل َم َو َعلَّ َم‪َ ،‬وَمثَ ُل َم ْن َملْ يَ ْرفَ ْع بِ َذل َ‬
‫أُرِس ْل ِ‬
‫منبت الَرع‪ ،‬ومأَِى الثمر‪.‬‬ ‫ت بِه)) القلب والرتبة ‪ُ :‬‬ ‫ْ ُ‬
‫ث ََيْ َع ُل ر َساِلَ ُ‬
‫َّ ُ ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫أعلم‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫الكتاب‪،‬‬ ‫ِّبذا‬ ‫االعتصام‬ ‫على‬ ‫الناس‬ ‫أحرص‬
‫َ‬ ‫‪‬‬ ‫النيب‬ ‫أصحاب‬ ‫كان‬ ‫لقد‬‫و‬ ‫ﵞ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ﵟاَّلل أعلم حي‬
‫الناس به‪ ،‬وأعرفهم ِبا جيب ف حقه من العناية‪ ،‬فحري ِبن بعدهم أن يسلك ُهداهم ف ذلك‪ ،‬وأن يعرف عنهم كيف‬
‫النيب ‪ ‬وميسيهم جبديده‪ ،‬ومل‬
‫كانوا يأخذون هذا القرآن‪ ،‬فإهنم القوم الذين كانوا يُغذون به ف الليل والنهار‪ ،‬يُصبحهم ُّ‬
‫ِكن الكتابة شائعة‪ ،‬وال املصاحف موجودة مهيَّأة كما صارت ملن بعدهم‪ ،‬فهم على حفظه ف الصدور يومئذ كانوا‬
‫أحوج ممن بعدهم‪ ،‬فكيف كانوا ُيفظون؟ هذا ما نتَبيَّنه فيما يأتي من صحيح األخبار‪:‬‬
‫ول اللَّ ِه‬
‫ول‪ ،‬أَنَّهم َكانُوا ((ي ْق َِرتئُو َن ِمن رس ِ‬
‫ْ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُْ‬
‫الرس ِ‬ ‫الر ْمحَ ِن‪ ،‬قَ َال‪ :‬حدَّثَنَا من َكا َن ي ْق ِرئُنَا ِمن أ ْ ِ‬
‫َص َحاب َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫‪َ ‬ع ْن أَِِب َعْب ِد َّ‬
‫ُخَرى َح َّىت يَ ْعلَ ُموا َما ِف َه َذا ِم َن الْ َع َم ِل))‪ ،‬قَ َال‪(( :‬فَ َعلِ ْمنَا الْ َع َم َل‬ ‫ٍ‬
‫َع ْشَر آيَات‪ ،‬فَ َال يَأْ ُخ ُذو َن ِف الْ َع ْش ِر ْاأل ْ‬
‫َوالْعِْل َم))‪ .‬أخرجه ابن أِب شيبة (‪.)65563‬‬
‫ففي هذا أن احلفظ عندهم كان مقرتنا بالعلم باحملفوظ‪ ،‬وامتثال ما فيه من األمر والنهي واالعتبار وغري ذلك‪ ،‬فكانوا‬
‫لذلك يأخذونه عشر آيات عشر آيات ليكو َن أيسر عليهم‪.‬‬
‫فلم يكن يشغلهم كثرةُ احلفظ كما صار إليه حال كث ٍري ممن بعدهم‪ ،‬وإَّنا علموا أن هذا القرآن إَّنا أنَل للعمل‪ ،‬وال‬
‫عمل دون علم وفهم‪.‬‬
‫َّيب َوَْحن ُن فِْت يَا ٌن َحََا ِوَرةٌ‪(( ،‬فَتَ َعلَّ ْمنَا ِْ‬
‫اإلميَا َن قَ ْب َل أَ ْن نَتَ َعلَّ َم الْ ُق ْرآ َن‪ُُ ،‬ثَّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫‪َ ‬عن جْن ُد ِ‬
‫ب بْ ِن َعْبد اللَّه‪ ،‬قَ َال‪ُ :‬كنَّا َم َع النِ ِّ‬ ‫ْ ُ‬
‫َِ َعلَّ ْمنَا الْ ُق ْرآ َن فَ ْازَد ْدنَا بِِه إِميَانا))‪ .‬أخرجه ابن ماجة وإسناده صحيح‪.‬‬

‫اإلميَا َن قَبل الْ ُقر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آن‪َ ،‬وَِ ْن َُِل‬ ‫َْ ْ‬ ‫َح َدثَنَا يُ ْؤَِى ِْ‬ ‫عمر رضي اهلل عنه ملّا قال‪ " :‬لََق ْد ع ْشنَا بُْرَهة م ْن َد ْه ِرنَا َوإِ َّن أ ْ‬ ‫ابن َ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫ف ِعْن َدهُ فِ َيها َك َما َِ ْعلَ ُمو َن أَنْتُ ُم الْ ُق ْرآ َن ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫الس َورةُ َعلَى ُحمَ َّمد ‪ ‬فَيَتَ َعلَّ ُم َح َال َهلَا َو َحَر َام َها‪َ ،‬وَما يَْنبَغي أَ ْن يُوقَ َ‬ ‫ُّ‬
‫ني فَ ِاحتَتِ ِه إِ َىل َخ ِامتَتِ ِه َما يَ ْد ِري َما أ َْم ُرهُ َوَال َز ِاج ُرهُ‪،‬‬ ‫ت ِر َجاال يُ ْؤَِى أ َ‬
‫َح ُد ُه ُم الْ ُق ْرآ َن فَيَ ْقَرأُ َما بَ ْ َ‬ ‫ُُثَّ قَ َال‪ :‬لََق ْد َرأَيْ ُ‬
‫ف ِعْن َدهُ ِمْنهُ يَْنثُ ُرهُ نَثْ َر َّ‬
‫الدقَ ِل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫َوَال َما يَْنبَغي أَ ْن يُوقَ َ‬

‫‪13‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫عمل يقوم به القلب‪:‬‬


‫فالقلب هو آلة العقل والتفكر والتدبر والتفقه‪ ،‬العقل من أشرف أعمال القلب ٌ‬
‫َ‬
‫ك ْن ت ْع َِم‬
‫َ‬ ‫َْْ َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫ََ ُ َ َ ُُ‬ ‫َْ‬ ‫قال ِعاىل‪ :‬ﵟأَفَلَ ْم يَس ُ‬
‫ِْيوا ِف اْل ْر ِض فتكون ل ُه ْم قلوب َيعقِلون ب ِ َها أ ْو آذان يس َم ُعون ب ِ َها فإِن َها ّل تع َِم اْلبصا ُر َول ِ‬
‫الص ُدورِﵞ [احلج‪،]12 :‬‬ ‫ال ْ ُقلُ ُ‬
‫وب َّالَف ف ُّ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ ْ َ َ ْ َ َ ُ ُ َ ْ َ ُ‬
‫وب أقفالهاﵞ [حممد‪،]61 :‬‬ ‫وقال‪ :‬ﵟأفَل يتدبرون القرآن أم لَع قل ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َُ ْ ُ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َُ ْ ْ ُ َ ُ ْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫َصون ب ِ َها َول ُه ْم آذان ّل‬ ‫اْلن ِس ۖ لهم قلوب ّل يفقهون بِها ولهم أعْي ّل يب ِ‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫اجل‬ ‫ِن‬ ‫جل َه َّن َم َكث ِ ً‬
‫ْيا م َ‬ ‫وقال ِعاىل‪ :‬ﵟ َولَ َق ْد َذ َرأنَا ِ َ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫َ ْ َ ُ َ َ ُ َ َٰ َ َ ْ َ ْ َ ِ َ ْ ُ ْ َ َ ُّ ُ َ َٰ َ ُ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ون ﵞ (‪ )075‬األعراف‪.‬‬ ‫يسمعون بِهاۖۚ أولئ ِك َكْلنعام بل هم أِل ۚ أولئِك هم الغاف ِل‬

‫فالقلب‪ :‬من أعظم نعم اهلل ِعاىل‪ ،‬وهو ُممتَ َح ٌن كذلك‪ ،‬وهو أداةٌ يُعَى إليها معاين ف املعرفة والعمل‪.‬‬
‫تح ُن وهو حمل النظر والتفكر‪ ،‬واإلميان والكفر‪ ،‬واهلداية والضالل‪ ،‬والصدق‬ ‫فالقلب‪ :‬هو الذي يفقهُ ُ‬
‫ويعقل ويتدبُّر وُمي َ‬
‫والكذب‪ ،‬والتصديق والتكذيب‪ ،‬والعمى واملرض والشفاء‪ ،‬والثبات والتقلُّب‪ ،‬واخلْتم‪ ،‬و َّ‬
‫الَيغ‪ ،‬واالمتحان‪ ،‬وكذلك‬
‫التعمد‪ ،‬واإلُث‪ ،‬والتطهريُ‪ ،‬واملعرفةُ واإلنكار‪ ،‬وكذلك احلب والتآلُف‪ ،‬والبغض‪ ،‬والرضا واإلباء‪ ،‬واللِّني والقسوة‪،‬‬
‫الكسب و ُّ‬
‫ُ‬
‫الرعب‪ ،‬الفرح واحلَن والسالمة واالطمئنان‪ ،‬والغيظ وغري ذلك‪.‬‬ ‫والتوكل والرجاء واخلوف و ُّ‬
‫كل ذلك له أدلتُه من كتاب اهلل ِعاىل ال نُريد التطويل بذكرها‬
‫و ُ‬

‫ومن األلفاظ التي جاءت في الوحي يعزى إليها بعض تلك المعاني‪:‬‬
‫لفظ الفؤاد‪ ،‬واأللباب‪ ،‬واألحالم والنُّهى‪ ،‬واحلِجر‪ ،‬والصدر‪.‬‬

‫األصل‪ ،‬ومل جيعل اهلل ِعاىل ألحد‬


‫ُ‬ ‫وباختصار فالقلب‪ :‬جممع اخلري أو الشر ف اإلنسان وهي الباعث واملُ ّ‬
‫حرك‪ ،‬وهي‬
‫من اخللق سلطانا على قلوب العباد وال ُميكن إكراهُ أحد على ما ف قلبه‪.‬‬

‫نفي ونهي‪.‬‬
‫ومن معاني قوله ِعاىل‪ :‬ﵟّل إكراه ف اَلينﵞ أنه ٌ‬
‫‪ ‬نفي لإلمكان = ِبعىن لن ِستطيع إكراه أحد على اإلميان ألن حمله القلب وال سلطان لك عليه‪،‬‬
‫‪ ‬ونهي عن اإلكراه المستطاع = وهو إكراه اجلوارح واللسان‪.‬‬
‫ْ ُ ْ‬ ‫كن َّمن َ َ‬ ‫َّ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُ ُ ْ َ ٌّ ْ َ َ َ‬ ‫َ َ َ َّ‬
‫َش َح بِالكف ِر َص ْد ًرا‬ ‫َٰ‬
‫ان و ِ‬
‫ل‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬
‫ولذلك قال ِعاىل‪ :‬ﵟمن كفر بِاَّلل ِ مِن بع ِد إِيمانِهِ إِّل من أك ِره وقلبه مطمئِن ب ِ ِ‬
‫اْليم ِ‬
‫َ َّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫اَّللِ َول ُه ْم َع َذاب َع ِظيمﵞ‪ .‬ألن اإلكراه غريُ ممكن على القلب‪ ،‬وهذا من حكمة اهلل ورمحته‪.‬‬ ‫ف َعليْ ِه ْم غضب مِن‬
‫ولذلك فهو موضع نظر اهلل تعالى حديث أِب هريرة رضي اهلل عنه عن النيب ‪(( :‬إن اهلل ال ينظر إىل صوركم‬
‫وأموالكم‪ ،‬ولكن ينظر إىل قلوبكم وأعمالكم))‬
‫‪14‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫اِباعها أعين‪ :‬العمل ِ‬
‫ِبوجبها‪.‬‬ ‫والعقل ذُكر على أنه وظيفة من وظائف القلب ف املعرفة و ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وبكلمة فإن القلب هو األساس وبصالحه يصلح سائر العمل‪ ،‬وهو محل اإليمان‪:‬‬
‫ولقد جاء احلديث عن القلب ومكانته وأعماله وصفاِه وأحواله وأسباب قوِه وصحته وهدايته وأسباب ضالله‬
‫ومرضه وموِه وعالجه‪.‬‬
‫فالقلب هو الذي ُِعرض عليه املعارف‪.‬‬
‫والتعبير باألقفال واألكنة والطبع والختم‪ ،‬وسد منافذ اهلداية على القلب‪ ،‬كل ذلك يشعرنا بأن القلب هو الذي‬
‫يفتح أبوابه لسماع احلق أو يغلقها وهو يُطبع عليه فال يصغى‪ ،‬أو ِغشاه الغواش من حب الدنيا واإلقبال على الشهوات‬
‫فال يستجيب لداعى اإلميان‪.‬‬
‫نالحظ عندما يربط القرآن بين صمم اآلذان وعماية األبصار وإقفال القلوب‪ ،‬وكأن ذلك ُيدث ف وقت واحد‬
‫مما يؤكد الصلة بني احلواس وبني القلب‪ ،‬فإذا رجعنا إىل مبحث العقل وجدنا الظاهرة نفسها حيث يأيت الصمم والبكم‬
‫والعماية مع نفى صفة العقل‪ ،‬وهذا يؤكد ارِباط العقل بالقلب‪ ،‬وارِباط اإلثنني معا باحلواس فإما هي مغلقة وإما هي‬
‫اَّلل َ َ َٰ‬ ‫َّ َّ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ْ ُ ْ َ ُ ْ ُ َ‬
‫ون (‪َ )6‬ختَ َم َّ ُ‬
‫لَع‬ ‫مفتوحة على احلق والنور واهلداية‪ .‬ﵟ إِن اذلِين كفروا سواء علي ِهم أأنذرتهم أم لم تنذِرهم ّل يؤمِن‬
‫َ‬ ‫ْ َ َ َ َ َ‬ ‫ُُ ْ َ ََ َ ْ ْ َ ََ َ‬
‫اوة ۖۖ َول ُه ْم عذاب ع ِظيم ﵞ‪.‬‬‫لَع أب ْ َصارِهِم غِش‬
‫لَع سم ِع ِهم ۖ و َٰ‬
‫قلوب ِهم و َٰ‬
‫ِ‬

‫غ قلبُه مما ال ُيبه اهللُ‬ ‫فر َ‬


‫يغ والتخليةُ اليت جاء ِّبا الرسول أن يُ َّ‬ ‫وقال ابن تيمية رحمه اهلل معلقا على ذلك‪(( :‬التفر ُ‬
‫وميألُه ِبا ُُيبه اهللُ‪ ،‬فيفر َغه من عبادة غ ِري اهلل وميلؤه بعبادةِ اهلل‪ ،‬وكذلك يفرغه عن حمبة غري اهلل وميلؤه ِبحبة اهلل وكذلك‬
‫خوف غري اهلل وي ِ‬
‫كل على اهلل‪ .‬وهذا‬ ‫ت فيه التو َ‬ ‫كل على غري اهلل ويُثبِ ُ‬‫خوف اهلل ِعاىل‪ ،‬وينفي عنه التو َ‬ ‫دخل فيه َ‬ ‫ُ‬ ‫ِج عنه َ‬ ‫ُخير ُ‬
‫عمر‪ِ " :‬علمنا اإلميا َن‬ ‫ابن َ‬ ‫جندب و ُ‬
‫ٌ‬ ‫هو اإلسالم املتضمن لإلميان الذي ميَُدُّه القرآ ُن ويقويه ال يناقضه وينافيه كما قال‬
‫ُث ِعلمنا القرآن فازددنا إميانا))‬
‫ين»‬ ‫آخ ِر‬
‫َ‬ ‫ض ُع بِِه‬ ‫قال النيب ‪« : ‬إِ َّن اهلل ي رفَع ِِّب َذا الْ ِكتَ ِ‬
‫اب أَقْ َواما َويَ َ‬
‫َ‬ ‫َ َْ ُ َ‬
‫َ َ ُ َ ْ ُ َ َ ْ ُ َّ َ ُ ُ َ ُّ ُ ْ َ َ ْ ُ ََٰ‬
‫نزلت سورة ف ِمنهم من يقول أيكم زادته ه ِذه ِ‬ ‫حسن األخذ والتلقي كان حسن العطاء واإلرسال ﵟوإِذا ما أ ِ‬ ‫فمن كان َ‬
‫سه ْم َو َماتُوا َو ُهمْ‬ ‫ج ًسا إ َ ََٰل رجْ‬‫ادتْ ُه ْم ر ْ‬ ‫ََ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َّ‬ ‫َ ً َ َ َّ َّ َ َ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ً َ ُ ْ َ ْ َ ْ ُ َ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إِيمانا ۚ فأما اذلِين آمنوا فزادتهم إِيمانا وهم يستب َِشون * وأما اذلِين ِف قلوب ِ ِهم مرض فز‬
‫ُ‬ ‫ْ ُ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ َّ ً َ ْ َ َّ َ ْ ُ َّ َ َ ُ ُ َ َ ُ َّ َّ َ‬ ‫َ ُ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ُ ْ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ورة نظ َر َب ْعض ُه ْم‬ ‫وبون َوّل ه ْم يَذك ُرون * ِإَوذا َما أنزِلت س‬ ‫ْي ثم ّل يت‬ ‫ُك َع ٍم مرة أو مرت ِ‬ ‫َكف ِرون * أوّل يرون أنهم يفتنون ِف ِ‬
‫آم ُنوا ُه ًدى َوش َِفاء ۖ َو َّاذل َ‬ ‫ونﵞ ‪ ،‬ﵟقُ ْل ُه َو ل ََِّّل َ‬ ‫ْ َ َ ُ َّ َ َ ُ َ َ َ َّ ُ ُ ُ َ ُ َ َّ ُ ْ َ ْ َّ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫ِين َ‬ ‫إ ِ ََٰل َب ْع ٍض هل يَ َراكم مِن أح ٍد ثم انَصفوا ۚ ِصف اَّلل قلوبهم بِأنهم قوم ّل يفقه‬
‫ُ َ َ َّ‬
‫ات َواْلُّذ ُر عن ق ْو ٍم ّل‬ ‫اوات َو ْاْلَ ْر ِض ۚ َو َما ُت ْغن ْاْليَ ُ‬ ‫اذا ف َّ‬
‫الس َم َ‬ ‫ُ ُ َ َ‬
‫م‬ ‫وا‬ ‫ر‬‫انظ‬ ‫ل‬
‫ُ‬
‫ق‬ ‫ﵟ‬ ‫‪،‬‬ ‫ﵞ‬ ‫م‬‫آذانِه ْم َوقْر َو ُه َو َعلَيْه ْم َع ً‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫َ ُْ ُ َ‬
‫ون‬ ‫ّل يؤمِن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ ْ َ َ َ َ َّ َ ً ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يموا ْ َّ‬ ‫ُْ َ َْ ْ َ َ ْ ُ ْ ََ‬ ‫َ‬
‫ْيا مِن ُهم‬ ‫نزل إَِلْكم مِن ربِكم ولزيِيدن كث ِ‬
‫اِل ْو َراةَ َواْل َ َ َ‬ ‫َف تُقِ ُ‬ ‫َش ٍء َح َّ َ‬‫لَع َ ْ‬ ‫ُْ ُ َ‬
‫َنيل وما أ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب لستم‬ ‫يؤمِنونﵞ‪ ،‬ﵟ قل يا أهل الكِت ِ‬
‫لَع ال ْ َق ْو ِم ال ْ ََكف ِر َ‬ ‫َّ َ ُ ْ َ ً َ ُ ْ ً َ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َّ ُ َ َ ْ َ‬
‫ينﵞ‪ ،‬فإذا كان القرآن وهو خري العلوم وأصدقها ال ينتفع به‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫َل‬‫ف‬ ‫ا‬‫ر‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ا‬‫ان‬ ‫ي‬‫غ‬‫ط‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِن‬‫م‬ ‫ك‬ ‫نزل إَِل‬‫ما أ ِ‬

‫‪15‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫اإلنسان إال بقدر صالح قلبه وحكمته وزكاة نفسه فكيف ِبا دون من املعارف‪ ،‬وإذا كانت قلوب الصحابة حتتاج من‬
‫السنن واالنتفاع ِّبا فكيف ِبن دوهنم‪.‬‬
‫الصالح والتَكية لتلقي القرآن و ُّ‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬أثر العلم على صاحبه‪:‬‬
‫َ َ َّ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ َ َ َّ َ َ‬ ‫ُْ َْ‬ ‫َ َ َّ ْ َ ً َ َ ً َ ْ َ ُ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ َ‬ ‫َ َّ ْ ُ َ َ‬
‫ِين ّل َي ْعل ُمون ۗ إ ِن َما‬ ‫ْحة َربِهِ ۗ قل هل ي َ ْس َتوِي اذلِين يعلمون واذل‬ ‫جدا وقائِما َيذر اْلخِرة ويرجو ر‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫س‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ي‬‫الل‬ ‫اء‬‫آن‬ ‫ِت‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ﵟأمن هو ق‬
‫َ َ َ َّ ُ ُ ْ َْ‬
‫ابﵞ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫يتذكر أولو اْلْل ِ‬
‫ُْ ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ ُ َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ ُ ُ ُ ْ َ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ُّ َ َ ْ ُ َ َ ْ‬
‫ِين يُوفون ب ِ َع ْه ِد اَّلل ِ َوّل َينقضون‬ ‫اب * اذل‬ ‫ﵟأفمن يعلم أنما أن ِزل إَِلك مِن ربِك اْلق كمن هو أعِم إِنما يتذكر أولوا اْلْل ِ‬
‫اموا‬‫جهِ َربه ْم َوأَق ُ‬ ‫غاء َو ْ‬
‫َبوا ابْت ِ َ‬ ‫اْل ِساب * َو َّاذل َ‬
‫ِين َص َ ُ‬ ‫ْ َ َ َّ َ َ ُ َ َ َ َ َّ ُ َ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َ ُ َ ُ َ ْ‬
‫ال ِميثاق *واذلِين ي ِصلون ما أمر اَّلل بِهِ أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫َّ َ َ ْ ُ ْ ا َ َ َ ً َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ُ َ‬
‫ك ل َ ُه ْم ُع ْق َب َّ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ُ‬
‫اَلارِﵞ‬ ‫الصَلة َوأنفقوا مِما رزقناهم ِِسا وعَلنِية ويدرؤن بِاْلسنةِ السيِئة أول ِئ‬
‫آثار العلم‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ ُ‬
‫اط‬ ‫آم ُنوا إ َ ََٰل ِ َ‬
‫ِص ٍ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل ل َ َهادِ َّاذل َ‬
‫ِين َ‬ ‫َ ُ ْ َ َ ُ ُ ُ ُ ُ ْ َّ‬
‫ِإَون َّ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِين أوتُوا الْعِلْ َم أنَّ ُه ْ َ‬
‫اْل ُّق مِن َّربِك ف ُيؤم ُِنوا بِهِ فتخبِت َل قلوبهم ۗ‬ ‫‪ ‬ﵟو َِلَعلم اذل‬
‫يمﵞ‬ ‫ُّ ْ َ‬
‫مستقِ ٍ‬
‫علماءﵞ‪،‬‬ ‫اَّلل م ِْن ع َِبادِه ِ الْ َ‬
‫‪ ‬ﵟ إ َّن َما ََيْ َِش َّ َ‬
‫ِ‬

‫‪ ‬قال النيب ‪(( :‬أَنَا أ َْعلَ ُم ُك ْم بِاللَّ ِه َوأ َ‬


‫َش ُّد ُك ْم لَهُ َخ ْشيَة))‪.‬‬
‫يل َوَكا َن‬ ‫ني يَ ْل َقاهُ ِج ِْ‬
‫رب‬ ‫ِ‬
‫ضا َن ح َ‬ ‫َج َوُد َما يَ ُكو ُن ِف َرَم َ‬‫َّاس َوَكا َن أ ْ‬
‫اس قَ َال َكا َن رس ُ ِ‬
‫ول اللَّه ‪ ‬أ ْ‬
‫َج َوَد الن ِ‬ ‫َُ‬ ‫عن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫‪ْ ‬‬
‫ُ‬
‫يح‬ ‫اخلَِْري ِم ْن ِّ‬
‫الر ِ‬ ‫َج َوُد بِ ْ‬ ‫ِ‬
‫صلَّى اللَّهُ َعلَْيه َو َسلَّ َم أ ْ‬
‫ي ْل َقاه ِف ُك ِّل لَي لَ ٍة ِمن رمضا َن فَي َدا ِرسه الْ ُقرآ َن فَلَرس ُ ِ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ْ ْ ََ َ ُ ُ ُ ْ َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الْ ُم ْر َسلَ ِة))‬
‫َ َ ُ ْ َ ً َ َ َّ ُ ْ َ َ ْ َ ْ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َّ َ ْ َ َ ُ ْ َّ َ َّ ً َّ َ َ ُ ْ َّ َ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ َ َ َّ ْ‬
‫َبون*‬ ‫سْي ورهبانا وأنهم ّل يستك ِ‬ ‫ارى ذل ِك بِأن مِن ُه ْم ق ِسِي ِ‬ ‫جدن أقربهم مودة ل َِّلِين آمنوا اذلِين قالوا إِنا نص‬ ‫‪ ‬ﵟوِل ِ‬
‫َّ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ُ َ َ َّ َ َ َ ْ‬ ‫ََ َ َُُْ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ِإَوذا َس ِم ُعوا ْ َما أنز َل إ ِ ََل َّ‬
‫َ‬
‫آم َّنا فاك ُتبْ َنا َم َع‬ ‫اَل ْمعِ مِما عرفوا مِن اْل ِق يقولون ربنا‬ ‫يض م َِن َّ‬ ‫الر ُسو ِل ترى أعينهم تفِ‬ ‫ِ‬
‫اْل َ‬
‫ِْيﵞ‬ ‫اْلق َو َن ْط َم ُع أَن يُ ْدخِلَ َنا َر ُب َنا َم َع ال ْ َق ْو ِم َ‬
‫الص ِ‬ ‫اءنَا م َِن ْ َ‬ ‫َ َ َ ََ َ ُْ ُ َ‬
‫اَّللِ َو َما َج َ‬ ‫َّ‬
‫ِ‬ ‫الشاهِدِين*وما ْلا ّل نؤمِن ب ِ‬
‫يس‪َ ،‬وَكا َن ِم َن‬‫أخ ِيه احلُِّر ب ِن قَ ٍ‬‫عباس رضي اهلل عنهما قَ َال‪ :‬قَ ِدم عي ي نَةُ بن ِحص ٍن‪ ،‬فَنَ ََل علَى اب ِن ِ‬ ‫‪ ‬عن ابْ ِن ٍ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ َُ ْ ْ ُ ْ‬
‫شاوَرِِِه‬ ‫ِ‬ ‫النَّ َف ِر الَّ ِذ ِ ِ‬
‫اب َْجملس عُ َمَر ‪-‬رضي اهلل عنه ‪َ -‬وُم َ‬ ‫أص َح َ‬ ‫مر ‪-‬رضي اهلل عنه ‪َ ،-‬وَكا َن ال ُقَّراءُ ْ‬ ‫ين يُ ْدنيه ْم عُ ُ‬ ‫َ‬
‫األم ِري فَاست ِ‬
‫أذ ْن َِل َعلَ ِيه‪،‬‬ ‫ك َو ْجهٌ ِعْن َد َه َذا ِ ْ َ‬ ‫أخي‪ ،‬لَ َ‬ ‫أخيه‪ :‬يا ابن ِ‬
‫َ َْ‬
‫ُكهوال كانُوا أَو ُشبَّانا‪ ،‬فَ َق َال عي ي نَةُ الب ِن ِ‬
‫َُ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫بالع ْد ِل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ابن اخلَطَّاب‪ ،‬فَواهلل َما ُِ ْعطينَا ا ْجلَََْل َوال َْحت ُك ُم فينَا َ‬ ‫فاستَأ َذن فَأذ َن لَهُ عُ َم ُر‪ .‬فَلَ َّما َد َخ َل قَ َال‪ :‬هي يَا َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ال لِنَبيِّ ِه ‪ :-‬ﵟخ ِذ ال َعف َو‬ ‫نني‪َّ ،‬‬
‫إن اهلل َِ َع َاىل قَ َ‬ ‫ِ‬
‫أمري املُْؤم َ‬
‫ِ ِِ‬
‫ب عُ َم ُر ََح َّىت َه َّم أ ْن يُ ْوق َع به‪ .‬فَ َق َال لَهُ احلُُّر‪ :‬يَا َ‬
‫ِ‬
‫فَ ْغَض َ‬
‫إن ه َذا ِمن اجلا ِهلِني‪ ،‬واهللِ ما جاوزهاَ عمر ِ‬ ‫ض َعن َ‬
‫اجلاهِل َ‬ ‫َ ُ ْ ُْْ َ ْ ْ‬
‫ني َِالَ َها‪ ،‬وَكا َن َوقَّافا‬ ‫ح‬
‫َ َ ََ ُ َ ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫و‬ ‫ﵞ‬ ‫ِْي‬ ‫ِ‬ ‫ف وأع ِر‬ ‫وأمر بِالعر ِ‬
‫اب اهللِ َِ َع َاىل‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬ ‫ِعْن َد كِتَ ِ‬
‫َ َ ْ ُ ُ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ُ َ ُ ْ َ َ ُ ْ َ ْ ُ َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ ُ َ‬
‫َب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكِتاب ۚ أفَل تعقِلونﵞ‪.‬‬ ‫‪ ‬ﵟأتأمرون اْلاس بِال ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ َ َ ْ ُ ُّ ْ َ ْ َ َ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َََ َ ً ُْ ْ َُ ُ َ‬
‫الر َّبان ُِّيون‬
‫اه ُم َّ‬‫ان وأكل ِ ِهم السحت ْلِئس ما َكنوا يعملون* لوّل ينه‬ ‫اْلث ِم والعدو ِ‬
‫‪ ‬ﵟ وترى كثِْيا مِنهم يسارِعون ِف ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ َ ْ َ ُ َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ ُ ُّ ْ َ َ ْ‬
‫ت ْلِئ َس َما َكنوا يَ ْص َن ُعونﵞ‬ ‫واْلحبار عن قول ِ ِهم ِ‬
‫اْلثم وأكل ِ ِهم السح‬

‫‪16‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫الخالصة‪:‬‬
‫سالمة القلب وحكمتِه‪ .‬حلُسن ِلقي العلم‪ ،‬وفهمه‪ ،‬واالنتفاع‬
‫ِ‬ ‫القلب موضع العلم وهنا يأتي الحديث عن معنيين‪:‬‬
‫موضعه‪ .‬ﵟيتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب واْلكمةﵞ‬ ‫به‪ ،‬وحسن استثماره‪ ،‬ووضعه ف‬
‫وب‬‫ت ف ج ْذ ِر قُلُ ِ‬
‫األمانَةَ نَََلَ ْ َ‬ ‫أن َ‬ ‫اآلخَر‪َ :‬حدَّثَنَا‪َّ :‬‬ ‫ِ‬
‫أح َد ُمها وأَنَا أنْتَظ ُر َ‬
‫ت َ‬ ‫سول اللَِّه ‪َ ‬ح ِديثَ ْ ِ‬
‫ني‪َ ،‬رأَيْ ُ‬ ‫عن حذيفة َحدَّثَنَا َر ُ‬
‫األمانَةُ ِمن قَ ْلبِ ِه‪،‬‬ ‫وحدَّثَنَا عن َرفْعِ َها َ‬ ‫آن‪ُُ ،‬ثَّ علِموا ِمن ُّ ِ‬ ‫الرج ِال‪ُُ ،‬ثَّ علِموا ِمن ال ُقر ِ‬
‫ض َ‬ ‫الر ُج ُل النَّ ْوَمةَ فَتُ ْقبَ ُ‬
‫قال‪ :‬يَنَ ُام َّ‬ ‫السنَّة َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َُ َ ْ‬ ‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ك‬‫ض فَيَْب َقى ف َيها أثَ ُرَها ِمثْ َل أثَِر امل ْج ِل‪َ ،‬ك َج ْم ٍر َد ْحَر ْجتَهُ علَى ِر ْجل َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‪ُُ ،‬ثَّ يَنَ ُام الن َّْوَمةَ فَتُ ْقب‬
‫َ‬
‫فَيظَ ُّل أثَرها ِمثْل أثَِر الوْك ِ‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫إن ف بَِين فَُال ٍن‬ ‫ال‪َّ :‬‬
‫األمانَةَ‪ ،‬فيُ َق ُ‬
‫اد أ َح ٌد يُ َؤِّدي َ‬ ‫َّاس يَتَبَايَعُو َن‪ ،‬فال يَ َك ُ‬
‫صب ُح الن ُ‬
‫ط‪ ،‬فَتَ راهُ ُمْنتَِربا وليس فيه شيءٌ‪ ،‬ويُ ْ ِ‬
‫َ‬ ‫فَنَف َ َ‬
‫ال حبَِّة خرد ٍل ِمن إميَ ٍ‬ ‫ِِ‬ ‫رجال ِأمينا‪ ،‬وي َق ُ ِ‬
‫ان‪.‬‬ ‫أجلَ َدهُ‪ ،‬وما ف قَ ْلبِه مثْ َق ُ َ َ ْ َ‬ ‫أع َقلَهُ وما أظَْرفَهُ وما ْ‬ ‫ال ل َّلر ُج ِل‪ :‬ما ْ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬

‫السنَّة‪،‬‬ ‫القرآن ِ‬
‫وم َن ُّ‬ ‫َّبي ‪ُُ ،‬ثَّ بعد ذلك َِعلَّموا ِمن ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫أصحاب الن ِّ‬ ‫جال ِمن‬
‫الر ِ‬ ‫قلوب ِّ‬‫أص ِل ِ‬ ‫استقر في ْ‬ ‫قد َّ‬ ‫أن اإليما َن ِ‬ ‫َّ‬
‫زمان ُحذيفةَ ر ِضي اهللُ عنه‬ ‫السن َِّة‪َّ ،‬أما األمر اآلخر الَّذي مل يقع ف ِ‬ ‫باألخذ بِ ِ‬
‫القرآن و ُّ‬ ‫ِ‬ ‫السبب ف قَ ِ‬
‫بوهلمِ‬
‫ْ‬ ‫ُ َُ‬ ‫فكا َن إميا ُهنم هو َّ َ‬
‫ت يعين‬ ‫َّ‬ ‫جال‪ ،‬أي‪ :‬رفع مثرِ‬ ‫قلوب ا ِّلر ِ‬
‫األمانة من ِ‬ ‫ِ‬
‫بض ْ‬
‫فينهض وقد قُ َ‬‫ُ‬ ‫ينام‬
‫جل ُ‬ ‫َ‬ ‫الر‬
‫َّ‬ ‫إن‬ ‫حىت‬
‫َّ‬ ‫ا‪،‬‬ ‫هت‬ ‫ُ‬ ‫وقوعه‪ ،‬فهو رفْ ُع‬‫ينتظر َ‬ ‫وكان ُ‬
‫ينهض‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫جل فَ ُ‬ ‫ينام ا َّلر ُ‬
‫األثر اليَسريُ كالنُّقطة‪ُُ ،‬ثَّ ُ‬
‫أثر اإلميان من قلبه ومل يتبَ َّق منه سوى أثرها الذي هو كأثر الوْكت‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ُرف َع ُ‬
‫ند كثرةِ ِ‬ ‫َّاخات الَّيت َخت ُر ُج ف األيدي ع َ‬ ‫ِ ِ‬
‫العمل‬ ‫اجمل ِل‪ ،‬وهو النَّف ُ‬ ‫ثل ْ‬ ‫يتبق من أثَره إال م ُ‬ ‫أثره من قلبه فلم َّ‬ ‫ع اإلميا ُن و ُ‬‫وقد نَُ َ‬
‫ب‬ ‫َّ‬
‫ثل أث ِر اجلم ِر الذي يُقلَّ ُ‬
‫ِ‬
‫أثر ذلك م ُ‬
‫ِ‬
‫ط فرتاه ُمنتَربا وليس فيه شيءٌ‪ ،‬يعين‪ُ :‬‬ ‫الفأس‪ ،‬كجم ٍر دحرجتَهُ على ِر ْجلِك فن َف َ‬ ‫بِنح ِو ِ‬
‫أن األمانةَ‬‫يد َّ‬‫ليس فيه شيءٌ صاحلٌ‪َّ ،‬إَّنا هو ماءٌ فاس ٌد‪ ،‬يُر ُ‬ ‫االنتفاخ َ‬
‫ُ‬ ‫القدِم‪ ،‬وهذا‬ ‫ف انتفاخا على َ‬ ‫ويدار على ال َق ِ‬
‫دم فُيخلِّ ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫منامهم مل َجيدوا قلوَِّبم على‬ ‫حىت إذا استيقظوا ِمن ِ‬ ‫نوب‪َّ ،‬‬ ‫الذ ِ‬ ‫اج َرتحوا ِمن ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فع َع ِن‬
‫َ‬ ‫القلوب؛ عقوبة ألصحاِّبا على ما ْ‬ ‫ُِر َ‬
‫ثل الْ َم ْج ِل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫مثل الوْكت وِارة م َ‬ ‫أثر‪ِ ،‬ارة َ‬ ‫كانت عليه‪ ،‬ويَبقى فيه ٌ‬ ‫ما ْ‬

‫إيمان ثم قرآن ثم أحكام وسنن‬


‫توطين النفوس وتعليم اإليمان بيان أثره وعاقبة الغفلة عنه‪:‬‬
‫لذلك كان رسول اهلل ‪ ‬يهيأ الشباب باإلميان وَِكية النفس والتقوى فعن جندب بن عبد اهلل رضي اهلل عنه ‪ُ -‬كنَّا‬
‫فازددنا بِه إميانا‪)).‬‬ ‫نتعلَّ َم القرآ َن ُثَّ ِعلَّمنا القرآ َن َ‬ ‫قبل أن َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬
‫وحنن فتيا ٌن َحَاوَرةٌ‪ ،‬فتعلمنا اإلميا َن َ‬ ‫َّيب ‪ُ --‬‬ ‫مع النِ ِّ‬
‫َ‬
‫اب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ِل‪ ،‬ف َيها ذ ْك ُر اجلَن َِّة والنَّا ِر‪َّ ،‬‬
‫ني َر ِض َي اللَّهُ َعْن َها َّإَّنا نََََل َّأوَل ما نََََل منه ُس َورةٌ ِم َن امل َف َّ‬ ‫عائِ َشةَ أ ُِّم امل ْؤِمنِ‬
‫حىت إذَا ثَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫شيء‪ :‬ال َِ ْشَربُوا اخلَ ْمَر‪ ،‬لَقالوا‪ :‬ال نَ َدعُ اخلَ ْمَر أبَدا‪ ،‬ولو نََََل‪ :‬ال‬ ‫النَّاس إىل اإلس َالِم نَََل احل َال ُل واحلرام‪ ،‬ولو نَََل َّأوَل ٍ‬
‫َ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ُ‬
‫الَنَا أبَدا‪.‬‬
‫َِ َْنُوا‪ ،‬لَقالوا‪ :‬ال نَ َدعُ ِّ‬

‫‪17‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫وتحليل)‬
‫ٌ‬ ‫(عرض‬
‫ٌ‬ ‫ظاهرة قلة الكوادر العلميّة والدعويّة‬

‫كثرة طالب العلم‪ ،‬ووسائل التعليم‪ ،‬ومعاهد وجامعات‪ ،‬وداعمون وغري ذلك من املقومات اليت هي جديرةٌ بإخراج‬
‫باب‬ ‫ٍ ٍ‬
‫أعداد كبرية من النابغني ف خمتلف جماالت التعليم والدعوة واإلصالح‪ ،‬وف خمتَلف التخصصات حبيث ال يبقى ٌ‬
‫الواقع غير ذلك‪.‬‬ ‫لكن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ِسد احلاجة وَِيد‪ّ ،‬‬
‫مما ُيتاجه املسلمون إال وجدوا فيه الكفاءات الكثريَة اليت ُ‬
‫مقومات النجاح‪ِ ،‬‬
‫وقوهتا‪ِ ،‬‬
‫وِنوعها إلخراج الكفاءات ف اجملال التعليمي‬ ‫ِ‬ ‫فإن الذي يلفت النظر = أنّه مع كثرةِ‬
‫والدعوي فإ ّن الواقع يشهد خبالف ذلك‪.‬‬
‫يشهد بقلّ ِة بل بنُّدرةِ الكفاءات في المجال العلمي والتعليمي في مختلف تخصصاته‪:‬‬
‫السنة‪ ،‬والعقيدةِ‪ ،‬و ِ‬
‫الفقه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫المقاصد‪ :‬كالتفس ِري‪ ،‬وشرِح ِ‬ ‫‪ ‬سواءٌ في ذلك علوم‬
‫سمى بعلوم اآللة‪ :‬كأصول التفسري‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬وعلوم العربيّة‪ ،‬وعلم مصطلح‬ ‫ت‬ ‫التي‬ ‫ِ‬
‫العلوم‬ ‫‪ ‬أو في‬
‫ّ‬
‫احلديث‪ ،‬وعلم املنطق‪.‬‬
‫اب ف العلم الشرعي كالفكر والفلسفة وِاريخ العلوم‬‫‪ ‬أو في العلوم اإلنسانيّة‪ :‬اليت ِتقاطع كثريا مع أبو ٍ‬
‫واألفكار والسياسة واالقتصاد واالجتماع وغريه‪.‬‬

‫ِ‬
‫وتوعية الناس بفقه‬ ‫ِ‬
‫ودروس المساجد‬ ‫طب الجمعة‬ ‫ِ‬
‫الوعظ وخ ِ‬ ‫ِ‬
‫كدروس‬ ‫وفي المجال الدعوي بمختلف ص َوِره‬
‫المواسم (الصيام‪ ،‬الحج‪ ،‬العيدين‪ ،‬عاشوراء‪ ،‬عرفة ‪ ...‬ونح ِوها‪ ،‬وتبصي ِر الناس عند ِ‬
‫الفتن وتثبيتهم‪ ،‬وغير ذلك‬
‫من مهام الداعي وطالب العلم‪.‬‬
‫ظاهر ال‬
‫اضح ٌ‬‫أمر و ٌ‬
‫فنُدرة الكفاءات ف كل هذه اجملاالت بالنسبة للمال واجلهد املبذول فيه وبالنسبة حلاجة الناس ٌ‬
‫حق الوعي‪.‬‬
‫التخصص ّ‬
‫َ‬ ‫أحسب أحدا ُخيالف فيه إال َمن ال يعي معىن الكفاء َة و‬
‫ُ‬
‫البحث عن أسباِّبا وحماولة عالجها‪.‬‬
‫وِصورها‪ ،‬وحتليلُها‪ ،‬و ُ‬
‫ُ‬ ‫الوقوف عندها‬
‫ُ‬ ‫فنحن أمام ظاهرةٍ ينبغي‬
‫لكل من أفراد المنظومة التعليمية نصيب في تلك النتيجة‪:‬‬
‫وغري‬
‫ومعيار النجاح‪ُ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ومنهج التقييم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الداعمون‪،‬‬
‫نامج الدراسة‪ ،‬واإلدارةُ‪ ،‬و ُ‬ ‫ومنهج التدر ِ‬
‫يس‪ ،‬وبر ُ‬ ‫ُ‬ ‫املعلم‪،‬‬
‫الطالب‪ ،‬و ُ‬
‫ُ‬
‫ذلك من مفردات املنظومة‪.‬‬
‫صوده‪:‬‬
‫والخير مق َ‬ ‫َ‬ ‫وال ي ّبرؤ اإلنسان نفسه من التقصير بال شك‪ ،‬وال يزال العبد بخير ما جعل َّ‬
‫الحق‬
‫ت َغْي َرَها َخْي را ِمْن َها‪،‬‬ ‫ت َعلَى َميِ ٍ‬
‫ني‪ ،‬فَ َرأيْ َ‬
‫عبد الرمحن بن َُسرَة رضي اهلل عنه قَ َال‪ :‬قَ َال َل رس ُ ِ‬
‫ول اهلل ‪َ « :‬وإِ َذا َحلَ ْف َ‬ ‫َُ‬ ‫َُ‬
‫ك»‪ .‬متفق َعلَْي ِه‪.‬‬ ‫فَ ِ ِ‬
‫أت الَّذي ُه َو َخريٌ َوَكف ِّْر َع ْن َميِينِ َ‬

‫‪18‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِإَون َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫َ َ َ َ‬
‫اَّلل ل َم َع ال ُم ْح ِسن ِ َْيﵞ‪.‬‬ ‫ِينا ْلَ ْهد َِي َّن ُه ْم ُس ُبل َنا ۚ‬
‫اه ُدوا ف َ‬‫قال اهلل ِعاىل ﵟواذلِين ج‬

‫المقصود بتحقيق أهداف طلب العلم خلقيا ومعرفيا ومهاريا‪:‬‬


‫جمرد ق ْد ِر ما قرأ من الكتب وحفظ من املتون َ‬
‫ومجع‬ ‫وبالتأكيد فإين إذ أذكر قلة النوابغ فإين بالتأكيد ال أعين بالنبوغ‪َ :‬‬
‫معيار التقييم‪ ،‬وميَانُه الدقيق‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬
‫أحتدث عن منظومة كاملة هي حمصلةُ الطلب‪ ،‬وهي ُ‬ ‫ُ‬ ‫من معلومات؛ إَّنا‬
‫ِ‬
‫الطالب وظهوِر أثر ذلك في‪:‬‬ ‫ِمن ترقي‬
‫ائضها ونوافلِها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وسالمة قلبه‪ ،‬واجتهاده ف العبادة فر ِ‬ ‫َِ ِ‬
‫كية نفسه‪،‬‬
‫حصلها‪ ،‬وكم املهارات اليت ُُيسنها‬‫كم املعلومات اليت ّ‬ ‫وّ‬
‫ٍ‬ ‫ومناقشة ٍ‬
‫ونقد و ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وعرض وِقري ٍر‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫((حسن قراءةٍ وفه ٍم ونظ ٍر و‬
‫وإبداع علمي وإضافة))‬
‫وِدقيق ٍ‬ ‫كتابة‬ ‫ومنطق‬ ‫استدالل‬ ‫من ٌ‬
‫ِ‬
‫مقاصد العلم‬ ‫وإصالح وغري ذلك من‬
‫ٍ‬ ‫ومن ذلك‪ :‬أثر االنتفاع بعلمه من شرٍح وِعلي ٍم ودعوةٍ‬
‫ُ‬

‫أخص مخرجات الطلب وآثار العلم‪:‬‬


‫هذه ّ‬
‫‪ ‬العلم الذي يُرجا به رمحةُ اهلل ُ‬
‫وُيذر اآلخرة‪.‬‬
‫الناس‪ :‬أن ثواب اهلل خريٌ ملن آمن وعمل صاحلا‬
‫فيعلم ويُعلّ ُم َ‬ ‫‪ ‬العلم الذي يُ ُ‬
‫بصر به صاحبُه الفتنةَ وهي ُمقبلةٌ ُ‬
‫‪ ‬العلم ُيمل صاحبَه على بيان احلق‪ ،‬والرجوع عن اخلطأ‬
‫‪ ‬العلم الذي يُغين صاحبَه ّ‬
‫عما ف أيدي الناس فال َمي ُّد عينَ ْيه إىل مما ُمتعوا به‪ ،‬ويعلم أن َ‬
‫رزق اهلل خري وأبقى‪.‬‬
‫ويطلب‬
‫ُ‬ ‫علم‪،‬‬
‫ويتعلم منهم‪ ،‬ويُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ويشهد هلم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫اخلري إلخوانه‪ ،‬يشجعهم ويفر ُح بتميَُّهم‬
‫ب َ‬ ‫‪ ‬العلم الذ جيعلُه ُُي ُّ‬
‫سنده‬
‫ويعلم أهنم ُ‬
‫قبل‪ ،‬ويُق ّد ُمهم‪ُ ،‬‬ ‫نصحهم ويَ ُ‬
‫َ‬
‫العبد رمحة باخللق‪.‬‬
‫يد به ُ‬ ‫‪ ‬العلم الذي يَ ُ‬
‫‪ ‬العلم الذي يصريُ صاحبُه به من خري أمة يدعو إىل اهلل وإىل دينه‪ ،‬ال إىل نفسه وال إىل طائفته ومجاعته‪...‬وغري‬
‫العلم الذي ُخيشى به اهللُ‪.‬‬
‫ذلك من آثار الفقه ف الدين‪ ،‬ذلك أيها اإلخوة هو ُ‬
‫‪ ‬العلم الذي يسلك بصاحبه خطو ٍ‬
‫ات إىل اجلنة‪.‬‬
‫‪ ‬العلم الذي أمر اهلل نبيه أن يسأله الَيادة منه ﵟوقُ ْل رب زدِْن ع ً‬
‫ِلماﵞ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫متنع حتصيله مثرَِه (إميانيا‪ ،‬وخلقيا‪ ،‬ومهاريا‪ ،‬ومعرفيا)‬
‫الشروع ف الطلب‪ ،‬أو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الطالب وبني‬ ‫حتول بني‬ ‫ولكن‪َُ :‬ثَّ عو ٌ‬
‫ائق ُ‬
‫كنت منشغال جبمعها وحتليلها ومعرفة أسباِّبا وطلب عالجها‬
‫وِلك املعوقات هي خالصة جتربة َل مستمرة منذ ُ‬
‫اذكر هنا أشهرها‪ ،‬ومنها ما يصد عن الطلب أو عن االستمرار عليه أو عن حتقيق أهدافه‪.‬‬
‫وسبل الوقاية منها‪ ،‬و ُ‬
‫ُ‬
‫فهذا هو موضوع احملاضرة الثانية من هذه الدورات‪ ،‬ويمكن أن تراجعوا خطة المحاضرات‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫المحاضرة األولى‪:‬‬
‫ِصد عن الشروع ف طلب العلم أو االستمرا ِر عليه‪.‬‬ ‫‪ ‬معوقات ُّ‬
‫‪ ‬أو ِ‬
‫حتقيق أهدفه اخلُلُقية‪ ،‬واملهاريَّة‪ ،‬واملعرفية‪ ،‬والدعويّة‪.‬‬
‫بل الوقاية منها‪ ،‬وعالجها‪.‬‬ ‫وس ُ‬
‫‪ُ ‬‬

‫المحاضرة الثانية‪:‬‬
‫وحسن اخللق‪.‬‬
‫‪ ‬حاجة طالب العلم إىل االستقامة وَِكية النفس وسالمة القلب ُ‬

‫المحاضرة الثالثة‪:‬‬
‫‪( ‬ولكن ينظر إىل قلوبكم وأعمالكم)‪.‬‬
‫‪ ‬وفيها احلديث عن احنرافات ِسربت إىل طالب العلم (األسباب والعالج)‪.‬‬

‫المحاضرة الرابعة‪:‬‬
‫‪( ‬يا طالب العلم اهنض لتأخذ مكانك ف اإلصالح (وقفات مع مقومات طالب العلم)‬

‫المحاضرة الخامسة‪:‬‬
‫وشعب اإلميان (ووضع برنامج عملي)‬
‫‪ ‬قواعد من الوحي ف َِكية النفس ُ‬

‫المحاضرة السادسة‪:‬‬
‫‪ ‬طالب العلم مع الوحي (القرآن وبيانُه من هدي النيب صلى اهلل عليه)‬

‫‪20‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫أوالً‪ :‬أسباب رفع الكفاءة‪:‬‬


‫‪ ‬اإلرادة‪:‬‬
‫‪ ‬أسباب ِقوية العَم والصرب على الطلب‬
‫‪ ‬القدرة (األدوات)‪:‬‬
‫‪ ‬العادات اليومية املعينة على التحصيل‬
‫ُ‬
‫‪ ‬إدارة الوقت‬
‫‪ ‬هتيئة اجلو‬
‫‪ ‬ختطي العقبات‬
‫‪ِ ‬كوين مكتبة‬

‫ثانياً‪ :‬جوانب رفع الكفاءة‪:‬‬


‫‪ ‬الكفاءة العلمية‪:‬‬
‫حسن التصور‪:‬‬
‫‪ِ ‬صور مقاصد طلب العلم‬
‫‪ِ ‬صور خارطة العلوم‬
‫‪ِ ‬صور العلم َِحمل الدراسة‬
‫‪ ‬كيف ُختطط للباب الذي ُِريد طلبه‬
‫التلقي (التحصيل)‪:‬‬
‫‪ ‬م اذا أِلقى‬
‫عم ن أِلقى‬‫‪ّ ‬‬
‫‪ ‬معايري اختيار السبل املناسبة‪ ،‬واملعلم املناسب‬
‫‪ ‬االنتفاع من ُسبل التحصيل‬
‫وسبل التحصيل‬ ‫‪ ‬مصادر التكوين ُ‬

‫‪21‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬
‫مع المعل م‪:‬‬
‫‪ ‬االنتفاع من دروس الصف‪ ،‬والدورات‪ ،‬واحملاضرات‬
‫التعل م الذاتي‪:‬‬
‫‪ُ ‬سبل التحصيل وكيفية اإلفادة منها‬
‫‪ ‬جدول الدروس املسموعة واملرئية‬
‫‪ ‬جدول املطالعة والقراءة السريعة‬
‫ُ‬
‫‪ ‬جدول الدراسة املرّكَة (التأصيل)‬
‫ُ‬
‫‪ ‬جدول احلفظ‬
‫طولة)‬
‫السنن واآلثار واجملموعات العلميّة املُ ّ‬ ‫املطوالت ( ُكتب ُّ‬ ‫جرد ّ‬‫‪ ‬جدول ْ‬
‫‪ ‬جدول ِلخيص الكتب املهمة ف باِّبا واألحباث املحقَّقة ف باِّبا‬
‫ُ‬
‫‪ ‬جدول املدارسة اجلماعيّة‬
‫ُ‬
‫‪ ‬جدول حتضري الكتب للتدريس‪ ،‬وحتضري املحاضرات واخلُطب‬
‫ُ‬
‫‪ ‬جدول البحث العلمي ف املسائل املختارة للتدريب على البحث والدراسة‬
‫ُ‬
‫ما بعد التلقي‪:‬‬
‫‪ ‬الدراسة واملذاكرة والفهم‪.‬‬
‫‪ِ ‬ثبيت املعلومات وِطويرها‪.‬‬
‫‪ ‬استخراج الفوائد وِقييدها‪.‬‬
‫حصلت‪.‬‬
‫‪ ‬التوظيف واالستثمار ملا ّ‬

‫مهارات طالب العلم‪:‬‬


‫‪ ‬مهارة القراءة (ِدريب عملي)‬
‫‪ ‬مهارة الفهم واالستيعاب‬
‫‪ ‬مهارة ُّ‬
‫التذكر واحلفظ‬
‫مهارة التفكيك وحتليل املقروء وِقسيمه (ِدريب عملي)‬ ‫‪‬‬
‫مهارة البحث ودراسة املسائل (ِدريب عملي)‬ ‫‪‬‬
‫مهارة االستدالل والعرض والتقرير‬ ‫‪‬‬
‫مهارة النقد واالختبار والفحص‬ ‫‪‬‬
‫مهارة احلوار واملناقشة واملناظرة‬ ‫‪‬‬

‫‪22‬‬
‫حسني عن الراز‬ ‫للناا العد‬ ‫سلسةل حمارضات نوع ّية لطالب العمل مبعد فاا‬

‫‪ ‬الكفاءة اإلصالحية‪:‬‬
‫‪ ‬الدعوة‪.‬‬
‫‪ ‬التعليم‪.‬‬
‫‪ ‬التدريس‪.‬‬
‫‪ ‬التصنيف‪.‬‬

‫‪ ‬الكفاءة البدنية‪:‬‬
‫‪ ‬المحافظة على الطاعات والعمل الصالح‪.‬‬
‫‪ ‬اللياقة‪.‬‬
‫‪ ‬التغذية‪.‬‬
‫‪ ‬العادات اليومية‪.‬‬

‫‪ ‬الكفاءة األسرية‪:‬‬
‫‪( ‬قواعد إصالح طالب العلم أسرته)‪.‬‬

‫‪23‬‬

You might also like