Professional Documents
Culture Documents
Makkah Doc 2006 Ar
Makkah Doc 2006 Ar
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على رسول اهلل محمد وآله وصحبه أجمعين ،وبعد،
بناء على ما آلت إليه األوضاع في العراق وما يجري فيه يومياً من إهدار للدماء
ً
وعدوان على األموال والممتلكات تحت دعاوى تتلبس برداء اإلسالم واإلسالم منها
براء ،وتلبية لدعوة األمين العام لمنظمة المؤتمر اإلسالمي ،وتحت مظلة مجمع الفقه
اإلسالمي الدولي التابع للمنظمة،
نحن علماء العراق من السنة والشيعة ،اجتمعنا في مكة المكرمة ،في رمضان من
عام 1427هـ وتداولنا في الشأن العراقي ،وما يمر به أهله من محن ويعانونه من
كوارث ،وأصدرنا الوثيقة اآلتي نصها:
أوالً :المسلم هو من شهد أنه ال إله إال اهلل وأن محمداً رسول اهلل ،وهو بهذه الشهادة
يعصم دمه وماله وعرضه إال بحقها وحسابه على اهلل .ويدخل في ذلك السنة
والشيعة جميعاً ،والقواسم المشتركة بين المذهبين أضعاف مواضع االختالف
وأسبابه .واالختالف بين المذهبين ـ أينما وجد ـ هو اختالف نظر وتأويل وليس
اختالفاً في أصول اإليمان وال في أركان اإلسالم .وال يجوز شرعاً ألحد من
المذهبين أن يكفر أحداً من المذهب اآلخر .لقول رسول اهلل ( :من قال ألخيه يا
كافر فقد باء بها أحدهما) وال يجوز شرعاً إدانة مذهب بسبب جرائم بعض
أتباعه.
ثانياً :دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهمـ عليهم حرام .قال اهلل تعالىَ :و َمن َي ْقتُ ْل
ِ ِ ِ ِ
َأع َّد لَهُ َع َذ ًابا ُمْؤ ِمًنا ُّمتَ َع ِّم ًدا فَ َج َزآُؤ هُ َجهََّن ُم َخال ًدا فيهَا َو َغض َ
ب اللّهُ َعلَْيه َولَ َعَنهُ َو َ
يما .وقال النبي ( :كل المسلم على المسلم حرام :دمه وماله وعرضه). ِ
َعظ ً
وعليه فال يجوز التعرض لمسلم شيعي أو سني بالقتل أو اإليذاء ،أو الترويع أو
العدوان على ماله أو التحريض على شيء من ذلك ،أو إجباره على ترك بلده أو
محل إقامته أو اختطافه أو أخذ رهائن من أهله بسبب عقيدته أو مذهبه ومن يفعل
ذلك برئت منه ذمة المسلمين كافة مراجعهم وعلماؤهم وعامتهم.
والحسينيات وأماكن عبادة غير
ّ ثالثاً :لدور العبادة حرمة .وهي تشمل المساجد
المسلمين .فال يجوز االعتداء عليها أو مصادرتها أو اتخاذها مالذا لألعمال
المخالفة للشرع ويجب أن تبقى هذه األماكن في أيدي أصحابها وأن يعاد إليهم ما
اغتصب منها وذلك كله عمالً بالقاعدة الفقهية المسلمة عند المذاهب كافة أن
"األوقاف على ما اشترطه أصحابها" وأن "شرط الواقف كنص الشارع" وقاعدة
أن "المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً".
رابعاً :إن الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد
وحرمة في قوله تعالىَ [ :وِإ َذا تََولَّى َس َعى ِفي في األرض الذي نهى اهلل عنه َّ
اد .وليس اعتناق ب الفَ َس َ الن ْس َل َواللّهُ الَ ُي ِح ُّ
ث َو َّ ض ِلُي ْف ِس َد ِفيِهَا َوُي ْهِل َ
ك اْل َح ْر َ اَألر ِ
ْ
كان،مسوغاً للقتل أو العدوان ولو ارتكب بعض أتباعه ما يوجب ِّ مذهبّ ،أياً ما
عقابه إذ [ َوالَ تَ ِز ُر َو ِاز َرةٌ ِو ْز َر ْ
ُأخ َرى].
خامساً :يجب االبتعاد عن إثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية
واللغوية ،كما يجب االمتناع عن التنابز باأللقاب وإ طالق الصفات المسيئة من كل
طرف على غيره ،فقد وصف القرآن الكريم مثل هذه التصرفات بأنها فسوق قال
اب بِْئ س ِ ِ
يم ِ
ان ِإْل
وق َب ْع َد ا َ اال ْس ُم اْلفُ ُس ُ تعالىَ [ :واَل تَْلم ُزوا َأنفُ َس ُك ْم َواَل تََن َاب ُزوا بِاَأْلْلقَ ِ َ
ون]. َّ ِ َو َمن لَّ ْم َيتُ ْ
ب فَ ُْأولَِئ َ
ك ُه ُم الظال ُم َ
سادساً :ومما يجب التمسك به وعدم التفريط فيه ،الوحدة والتالحم والتعاون على البر
والتقوى ،وذلك يقتضي مواجهة كل محاولة لتمزيقها ،قال تعالىِ[ :إَّن َما اْل ُمْؤ ِمُن َ
ون
ون]؛ ومن مقتضى ذلك ُأمةً و ِ
اح َدةً َو ََأنا َرُّب ُك ْم فَاتَّقُ ِ ِإ ْخ َوةٌ] وقالَ [ :وِإ َّن َه ِذ ِه َّ
ُأمتُ ُك ْم َّ َ
وجوب احتراز المسلمين جميعاً من محاوالت إفساد ذات بينهم وشق صفوفهم
وإ حداث الفتن المفسدة لنفوس بعضهم على البعض اآلخر.
سابعاً :المسلمون من السنة والشيعة عون للمظلوم ويد على الظالم ،يعملون بقول اهلل
ان َوِإ يتَاء ِذي اْلقُ ْرَبى َوَي ْنهَى َع ِن اْلفَ ْح َشاء
ْأم ُر بِاْل َع ْد ِل َواِإل ْح َس ِ ِإ
تعالىَّ [ :ن اللّهَ َي ُ
َّ ِ
ون] ومن أجل ذلك يجب العمل على إنهاء َواْل ُمن َك ِر َواْلَب ْغ ِي َيعظُ ُك ْم لَ َعل ُك ْم تَ َذ َّك ُر َ
المظالم وفي مقدمتها إطالق سراح المختطفين األبرياء والرهائن من المسلمين
وغير المسلمين ،وإ رجاع المهجرين إلى أماكنهم األصلية.
ثامناًِّ :
يذك ُر العلماء الحكومة العراقية بواجبها في بسط األمن وحماية الشعب العراقي
وتوفير سبل الحياة الكريمة له بجميع فئاته وطوائفه ،وإ قامة العدل بين أبنائه،
ومن أهم وسائل ذلك إطالق سراح المعتقلين األبرياء ،وتقديم من تقوم بحقه أدلة
جنائية إلى محاكمة عاجلة عادلة وتنفيذ حكمها ،واإلعمال الدقيق لمبدأ المساواة
بين المواطنين.
تاسعاً :يؤيد العلماء من السنة والشيعة جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق
الصْل ُح َخ ْيٌر] وبقوله:
المصالحة الوطنية الشاملة في العراق عمالً بقوله تعالىَ [:و ُّ
[ َوتَ َع َاوُنوْا َعلَى اْل ِّبر َوالتَّ ْق َوى].
عاشراً :المسلمون السنة والشيعة يقفون بهذا صفاً واحداً للمحافظة على استقالل
العراق ،ووحدته ،وسالمة أراضيه ،وتحقيق اإلرادة الحرة لشعبه؛ ويساهمون في بناء
قدراتهم العسكرية واالقتصادية والسياسية ويعملون من أجل إنهاء االحتالل ،واستعادة
الدور الثقافي والحضاري العربي واإلسالمي واإلنساني للعراق.