You are on page 1of 3

‫حقوق اإلنسان في اإلسالم‬

‫الحق في اللغة هو الشيء الثابت دون ريب‪ ،‬وهو النصيب الواجب سواء كان للفرد أو للجماعة‪ .‬ويعرف‬
‫الحق بأنه ما قيم على العدالة واإلنصاف والمبادئ واألخالق‪ .‬والحق في الشريعة اإلسالمية لفظ يشير‬
‫إلى هللا وهو اسم من أسمائه الحسنى‪.‬‬
‫وفي تحليل عالقة اإلسالم بمفهوم حقوق اإلنسان‪ ،‬ينبغي أن نعلم أن اإلسالم كعقيدة وردت في مصدرين‬
‫شريفين وهما القرآن الكريم والسنة النبوية‪.‬‬
‫تقوم العقيدة اإلسالمية على مبدأ وحدة الجنس البشري‪ .‬وأن االختالف بين البشر سواء في األرزاق أو‬
‫مصادر الدخل أو األعمار أو األلوان أو األعراق إنما يهدف إلى إعمار الكون في إطار من التعايش‬
‫والتعاون والتكامل‪ ،‬وتتضح هذه الحقائق بال لبس أو شك عند إلقاء نظرة على بعض اآليات القرانية‬
‫الكريمة‪.‬‬
‫﴿َيا َأُّيَها الَّناُس اَّتُقوا َر َّبُك ُم اَّلِذ ي َخ َلَقُك ْم ِم ْن َنْفٍس َو اِح َد ٍة َو َخ َلَق ِم ْنَها َز ْو َجَها َو َبَّث ِم ْنُهَم ا ِر َج ااًل‬ ‫‪‬‬
‫َك ِثيًرا َو ِنَس اًء َو اَّتُقوا َهَّللا اَّلِذ ي َتَس اَء ُلوَن ِبِه َو اَأْلْر َح اَم ِإَّن َهَّللا َك اَن َع َلْيُك ْم َر ِقيًبا ‪[ ﴾١‬النساء‪]1:‬‬
‫﴿َيا َأُّيَها الَّناُس ِإَّنا َخ َلْقَناُك ْم ِم ْن َذ َك ٍر َو ُأْنَثى َو َجَع ْلَناُك ْم ُش ُعوًبا َو َقَباِئَل ِلَتَع اَر ُفوا ِإَّن َأْك َر َم ُك ْم ِع ْنَد ِهَّللا‬ ‫‪‬‬
‫َأْتَقاُك ْم ِإَّن َهَّللا َع ِليٌم َخ ِبيٌر ‪[ ﴾١٣‬الحجرات‪]13:‬‬
‫﴿َو ِم ْن آَياِتِه َخ ْلُق الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر ِض َو اْخ ِتاَل ُف َأْلِس َنِتُك ْم َو َأْلَو اِنُك ْم ِإَّن ِفي َذ ِلَك آَل َياٍت‬ ‫‪‬‬
‫ِلْلَع اِلِم يَن ‪[ ﴾٢٢‬الروم‪]22 :‬‬

‫ويؤكد اإلسالم على الحرية التامة لإلنسان طبقا للعقيدة‪ .‬ويتضح ذلك في قوله تعالى ﴿ِإَّن اَّلِذ يَن َكَفُروا‬
‫ِبالِّذْك ِر َلَّم ا َج اَء ُهْم َو ِإَّنُه َلِكَتاٌب َع ِز يٌز ‪[ ﴾٤١‬فصلت‪ ]41:‬ومن الواضح أن األساس الفلسفي الذي قام عليه‬
‫مفهوم حقوق اإلنسان هو تكريم اإلنسان بما يمكنه من القيام بدوره في المجتمع وتحقيق تقدم المجتمع‬
‫من خالل تقدم ورقي الفرد‪ .‬وهذا األساس هو نفسه الذي أشار إليه اإلسالم في مواضع عديدة‪ .‬وبصفة‬
‫عامه تحكم عالقة المسلم مجموعة من األحكام اإلسالمية‪.‬‬
‫فعن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول هللا قال«المسلم أخو المسلم ال يظلمه وال يسلمه‪ .‬ومن كان في‬
‫حاجه أخيه كان هللا في حاجته ومن فرج عن مسلم كربه فرج هللا عنه بها كربه من كرب يوم القيامة‬
‫ومن ستر مسلما ستره هللا يوم القيامة»‬
‫وعن أبي هريرة رضى هللا عنه قال‪ ،‬قال رسول هللا «إن هللا عز وجل يقول يــوم القــيامة يا ابن أدم‬
‫مرضت فلم تعدني‪ .‬قال‪ :‬يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال‪ :‬أما علمت أن عبدي فالن مرض‬
‫فلم تعده‪ .‬أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟‪ .‬يا ابن أدم إستطعمتك فلم تطعمني‪ .‬قال‪ :‬يارب وكيف‬
‫أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال‪ :‬أما علمت أنه إستطعمك عبدي فالن فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو‬
‫أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن أدم أستسقيتك فلم تسقني‪ .‬قال‪ :‬يارب كيف أسقيك وأنت رب‬
‫العالمين؟‪ .‬قال‪ :‬استسقاك عبدي فالن فلم تسقه‪.‬أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي»‬
‫وتلك األحاديث بينها رسول هللا الكريم وكلها تقوم على مبدأ مراعاه الـرفق والسماحة وغيره من‬
‫المباديء السامية التي حث عليها اإلسالم‪.‬‬

‫أهم الحقوق التي كفلها اإلسالم لإلنسان‬


‫حق الحياة‬ ‫‪.1‬‬
‫كّر م هللا سبحانه وتعالى اإلنسان بأن خلقه في أحسن تقويم وجعل له مهّم ة إعمار األرض وخالفته فيها‪،‬‬
‫ولإلنسان في اإلسالم الحقوق التي تضمن تكريم اإلنسان وعدم إهانته‪ ،‬وتجعل من بقائه وحياته ضرورة‬
‫وواجب على بقّية البشر الحفاظ عليها‪ ،‬وحق الحياة في اإلسالم هو أّو ل الحقوق التي يتمّتع بها اإلنسان‬
‫وأهّم ها‪ ،‬وال يقتصر هذا الحق على اإلنسان المسلم‪ ،‬بل يشمل كل البشر‪ ،‬ومن واجبات الدولة في‬
‫اإلسالم أن توّفر الحماية الالزمة وضمانات استمرار حياة كل مواطنيها من مأوى وأمن وعالج‬
‫للمرضى‪.‬‬
‫ومن أّو ل المحظورات بالنسبة للتعّد ي على حق اإلنسان في الحياة ما ذكره هللا تعالى في سورة األنعام‪،‬‬
‫فقال عز وجل‪ُ﴿ :‬قْل َتَع اَلْو ا َأْتُل َم ا َح َّر َم َر ُّبُك ْم َع َلْيُك ْم َأاَّل ُتْش ِر ُك وا ِبِه َشْيًئا َو ِباْلَو اِلَد ْيِن ِإْح َس اًنا َو اَل َتْقُتُلوا‬
‫َأْو اَل َد ُك ْم ِم ْن ِإْم اَل ٍق َنْح ُن َنْر ُزُقُك ْم َو ِإَّياُهْم َو اَل َتْقَر ُبوا اْلَفَو اِحَش َم ا َظَهَر ِم ْنَها َو َم ا َبَطَن َو اَل َتْقُتُلوا الَّنْفَس اَّلِتي‬
‫َح َّر َم ُهَّللا ِإاَّل ِباْلَح ِّق َذ ِلُك ْم َو َّصاُك ْم ِبِه َلَع َّلُك ْم َتْع ِقُلوَن ‪[ ﴾١٥١‬األنعام‪ .]151:‬ويشمل النهي قتل أي إنسان‬
‫كان‪ ،‬أّم ا االستثناء فالحق هنا ال يعني أن يقوم الفرد بقتل اآلخرين بنفسه‪ ،‬وإّنما تقوم الّد ولة‬
‫عن طري ق القضاء بالحكم على األشخاص وتنفيذ تلك األحكام‪ .‬و قد فصل هللا تعالى ذلك بأن حّرم على‬
‫المسلمين األفعال التي يمكن أن تؤّد ي إلى انتهاك حق الحياة لآلخرين‪ ،‬فحّرم حمل السالح على‬
‫المسلمين‪ ،‬وقد قال ﷺ ‪« :‬من حمل علينا السالح فليس منا»‪ .‬وقال‪« :‬سباب المسلم فسوق‪ ،‬وقتاله‬
‫كفر»‪ .‬ومن دالئل التشديد على حق اإلنسان في الحياة في اإلسالم تحريم االنتحار‪ ،‬وعن أبي‬
‫هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا ﷺ قال‪« :‬من ترّد ى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم‬
‫يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا‪ ،‬ومن تحسى سمًا فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا‬
‫مخلدًا فيها أبدًا‪ ،‬ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا»‪ .‬و‬
‫قتل األجّنة يعتبر افتئاتًا على حّقهم في الحياة‪ ،‬وقد حرم هللا تعالى قتل األطفال واألجنة كتشديد على حق‬
‫خلق هللا في الحياة‪ ،‬يقول سبحانه في كتابه الكريم‪َ﴿ :‬و اَل َتْقُتُلوا َأْو اَل َد ُك ْم َخ ْش َيَة ِإْم اَل ٍق َنْح ُن َنْر ُز ُقُهْم َو ِإَّياُك ْم‬
‫ِإَّن َقْتَلُهْم َك اَن ِخ ْطًئا َك ِبيًرا ‪[ ﴾٣١‬اإلسراء‪ . ]31:‬ومن ذلك أن هللا سبحانه وتعالى حّلل المحرمات صونًا‬
‫لحياة اإلنسان‪ ،‬فشرب الخمر بغرض العالج أو أكل الميتة أو لحم الخنزير في حاالت الشّد ة وخوفًا من‬
‫الموت ال يحاسب عليه هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وذلك ألن اإلنسان وحياته أهم عند هللا‪.‬‬
‫‪ .2‬حق الكرامة‬
‫الحق الثاني حق الكرامة اإلنسانية‪ ،‬اإلنسان مكرم قال تعالى‪َ﴿ :‬و َلَقْد َك َّر ْم َنا َبِني آَد َم َو َح َم ْلَناُهْم ِفي اْلَبِّر‬
‫َو اْلَبْح ِر َو َر َز ْقَناُهْم ِم َن الَّطِّيَباِت َو َفَّض ْلَناُهْم َع َلى َك ِثيٍر ِمَّم ْن َخ َلْقَنا َتْفِض ياًل ‪[ ﴾٧٠‬اإلسراء‪ ]70:‬اإلنسان‬
‫يحيا بالطعام والشراب وتحيا نفسه بالتكريم‪ ،‬أما اإلذالل والقهر واإلهانة فهذا محرم‪،‬‬
‫والنبي ﷺ نهى عن ضرب الوجه ألنه موضع كرامة اإلنسان‪ ،‬والشيء الثابت في علم النفس أن‬
‫اإلنسان يأكل ويشرب حفاظًا على حياة الفرد ويتزوج حفاظًا على النوع ويؤكد ذاته حفاظًا على الذكر‪،‬‬
‫فاإلنسان عنده حاجة أساسية جدًا بعد أن يأكل ويشرب‪ ،‬ويقضي حاجاته األخرى‪ ،‬هو بحاجة إلى أن‬
‫يكون ذا شأن في المجتمع‪ ،‬حق الكرامة‪ ،‬وقد يأتي هذا الشأن من إتقان عمله‪ ،‬قد يأتي هذا الشأن من‬
‫إيمانه‪ ،‬من طلبه للعلم‪ ،‬ومن تعليمه العلم‪ ،‬من أعماله الصالحة‪ ،‬وقد يأتي هذا الشأن من إيذاء الناس‪ ،‬شر‬
‫الناس من اتقاه الناس مخافة شره‪ ،‬فهو لجهله يبحث عن تأكيد ذاته بطريق قذر‪ ،‬الذي يؤذي الناس‬
‫ويشعرهم أنه مخيف‪ ،‬وأنه بإمكانه أن يزعجهم هذا إنسان يؤكد ذاته بطريق شيطاني‪ ،‬أما المؤمن يؤكد‬
‫ذاته عن طريق معرفة هللا ومعرفة منهجه والعمل بطاعته‪ ،‬وخدمة خلقه‪ ،‬وطلب العلم‪ ،‬وتعليم العلم‪،‬‬
‫[‪]1‬‬
‫هناك آالف األبواب ترقى بها وتؤكد ذاتك وتحقق الهدف األساسي من وجودك‪.‬‬
‫‪ .3‬حق الحرية‬
‫يتبَّين لنا في اختيار سيدنا أبي بكر الصديق خليفًة للمسلمين وبيعته البيعة الخاصة والبيعة العامة أَّن‬
‫اإلنسان المسلم له حُّق االختيار في السلطة التي َتحكمه‪ ،‬فحرية اإلنسان في اختيار الحاكم أو الُّسلطة‬
‫التي تحكمه لم يرد فيه نص من القرآن والسنة النبوية الصحيحة‪ ،‬ولكَّنه ترك الجتهاد المسلمين‪ .‬ولكن‬
‫هناك نوٌع آخر من الحرية التي يتمَّتع بها الفرد المسلم وردت في آيات عديدة من القرآن الكريم‪ ،‬وُيطلق‬
‫عليها الحرية الفردية‪ ،‬ويطلقون عليها يقول المولى عَّز وجَّل في كتابه الكريم‪َ﴿ :‬م ْن َع ِمَل َص اِلًحا َفِلَنْفِس ِه‬
‫َو َم ْن َأَس اَء َفَع َلْيَها َو َم ا َر ُّبَك ِبَظاَّل ٍم ِلْلَع ِبيِد ‪[ ﴾٤٦‬فصلت‪َ﴿ . ]46:‬و ِإْن َم ا ُنِر َيَّنَك َبْع َض اَّلِذ ي َنِع ُدُهْم َأْو‬
‫َنَتَو َّفَيَّنَك َفِإَّنَم ا َع َلْيَك اْلَباَل ُغ َو َع َلْيَنا اْلِح َس اُب ‪[ ﴾٤٠‬الرعد‪ِ﴿ ]40:‬إْن َنَش ْأ ُنَنِّز ْل َع َلْيِهْم ِم َن الَّس َم اِء آَيًة َفَظَّلْت‬
‫َأْع َناُقُهْم َلَها َخ اِض ِع يَن ‪[ ﴾٤‬الشعراء‪َ﴿ ]4:‬و َهَدْيَناُه الَّنْج َد ْيِن ‪[ ﴾١٠‬البلد‪ . ]10:‬وغيرها من اآليات القرآنية‬
‫التي تبين هذا الَّنوع من الحرية التي أفاءها هللا سبحانه وتعالى على عباده‪ ،‬فهي منحة إلهَّية لإلنسان‪،‬‬
‫وفطرة فطره هللا عليها‪ ،‬وهذا الَّنوع من الحرية «الحرية الشخصَّية أو الفردية» لما له من أهمَّية‪ ،‬فقد‬
‫نصت كثير من اآليات القرآنية عليه‪ ،‬فكأن هناك نوعين من الحرية في نظام الشورى اإلسالمي‪ :‬النوع‬
‫األول‪ :‬هو حق اإلنسان في التمتع بحريته الشخصية‪ ،‬وهو حٌّق طبيعي ُيعُّد هبة إلهية‪ ،‬أو منحة إلهية‪،‬‬
‫فاإلنسان حر‪ ،‬وعلى أساس هذه الحرية سوف ُيحاسب يوم القيامة‪ .‬النوع اآلخر من الحرية‪ :‬هو حق‬
‫[‪]2‬‬
‫اإلنسان في اختيار السلطة التي تحكمه‪.‬‬
‫‪ .4‬حق التعليم‬
‫يتجلى حق اإلنسان في التعليم من خالل نقاط كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬

‫الترغيب في التعليم‬ ‫‪‬‬

‫قال تعالى‪َ﴿ :‬و َم ا َك اَن اْلُم ْؤ ِم ُنوَن ِلَيْنِفُروا َك اَّفًة َفَلْو اَل َنَفَر ِم ْن ُك ِّل ِفْر َقٍة ِم ْنُهْم َطاِئَفٌة ِلَيَتَفَّقُهوا ِفي الِّديِن‬
‫َو ِلُيْنِذ ُروا َقْو َم ُهْم ِإَذ ا َر َج ُعوا ِإَلْيِهْم َلَع َّلُهْم َيْح َذ ُروَن ‪[ ﴾١٢٢‬التوبة‪. ]122:‬‬

‫تخصيص أوقات للمتعلمين‬ ‫‪‬‬

‫عن أبي وائل قال‪ :‬كان عبد هللا يذكر الناس في كل خميس‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬يا أبا عبد الرحمن‪ ،‬لوددت‬
‫أنك ذكرتنا كل يوم‪ ،‬قال‪ :‬أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم‪ ،‬وإني أتخولكم بالموعظة كما كان‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا‪.‬‬

‫تحريم كتمان العلم‬ ‫‪‬‬

‫قال تعالى‪ِ﴿ :‬إَّن اَّلِذ يَن َيْك ُتُم وَن َم ا َأْنَز ْلَنا ِم َن اْلَبِّيَناِت َو اْلُهَدى ِم ْن َبْع ِد َم ا َبَّيَّناُه ِللَّناِس ِفي اْلِكَتاِب ُأوَلِئَك َيْلَع ُنُهُم‬
‫[‪]3‬‬
‫ُهَّللا َو َيْلَع ُنُهُم الاَّل ِع ُنوَن ‪[ ﴾١٥٩‬البقرة‪. ]159:‬‬
‫‪ .5‬حق التملك والتصرف‬
‫أعطى اإلسالم للفرد حَّق التملك في حيازة األشياء‪ ،‬واالنتفاع بها على وجه االختصاص والتعيين؛ ألن‬
‫ذلك من مقتضيات الفطرة ومن خصائص الحرية‪ ،‬بل من خصائص اإلنسانية‪ ،‬وأيًضا ألن ذلك أقوى‬
‫دافع لزيادة اإلنتاج وتحسينه‪ ،‬وَجَع ل اإلسالم هذا الحَّق قاعدة أساسية لالقتصاد اإلسالمي‪ ،‬ثم رَّتَب عليه‬
‫نتائجه الطبيعية‪ ،‬في حفظه لصاحبه‪ ،‬وصيانته له عن النهب والسرقة واالختالس‪ ،‬ونحوه‪ ،‬وَو َض َع‬
‫عقوبات رادعة لمن اعتدى عليه؛ ضماًنا لهذا الحِّق‪ ،‬وَد ْفًعا لَّم ا ُيهِّدد الفرد في حِّقه المشروع‪ ،‬كما أن‬
‫اإلسالم رَّتَب على هذا الحِّق أيًض ا نتائجه األخرى وهي‪ُ :‬حِّرَّية التصُّر ف‬
‫فيه بالبيع‪ ،‬والشراء‪ ،‬واإلجارة‪ ،‬والرهن‪ ،‬والهبة‪ ،‬والوصية‪ ،‬وغيرها من أنواع التعامالت المباحة‪ .‬غير‬
‫أن اإلسالم لم يترك التمُّلك الفردي مطلًقا من غير قيد‪ ،‬ولكنه وضع له قيوًدا كي ال يصطدم بحقوق‬
‫اآلخرين؛ كمنع الربا‪ ،‬والغش‪ ،‬والرشوة‪ ،‬واالحتكار‪ ،‬ونحو ذلك مَّم ا يصطدم وُيَض ِّيع مصلحة الجماعة‪،‬‬
‫وهذه الحرية ال فرق فيها بين الرجل والمرأة؛ مصداًقا لقول هللا ‪َ﴿ :‬و اَل َتَتَم َّنْو ا َم ا َفَّض َل ُهَّللا ِبِه َبْع َض ُك ْم‬
‫َع َلى َبْع ٍض ِللِّر َج اِل َنِص يٌب ِمَّم ا اْك َتَس ُبوا َو ِللِّنَس اِء َنِص يٌب ِمَّم ا اْك َتَس ْبَن َو اْس َأُلوا َهَّللا ِم ْن َفْض ِلِه ِإَّن َهَّللا َك اَن‬
‫ِبُك ِّل َش ْي ٍء َع ِليًم ا ‪[ ﴾٣٢‬النساء‪ . ]32:‬ومن هذه القيود كذلك‪ :‬مداومة الشخص على استثمار المال؛ ألن‬
‫في تعطيله إضراًر ا بصاحبه‪ ،‬وبنماء ثروة المجتمع وأيًض ا أداء الزكاة على هذا المال إذا بلغ النصاب‬
‫وحال عليه الحول؛ ألن الزكاة حق المال‪.‬‬

You might also like