You are on page 1of 3

‫المي‪:‬‬ ‫ر إس‬ ‫فك‬

‫القوة الروحية أكثر القوى تأثيرًا‬


‫ي‬ ‫د الطرابلس‬ ‫بقلم‪ :‬أحم‬
‫يندفع اإلنسان للقيام بالعمل بمقدار ما يملك من قوى‪ .‬ولذلك كان من الضروري البحث عن ماهية هذه‬
‫الق وى ومعرف ة تأثيره ا‪ .‬فلم اذا تتف اوت األعم ال بين الن اس‪ ،‬منهم من يق وم بالعظ ائم‪ ،‬وكث ير يعج ز عنه ا؟‬

‫يندفع اإلنسان للقيام بالعمل مبقدار ما ميلك من قوى‪ .‬وكلما كانت قواه أكثر كلما كان اندفاعه أكثر‪ .‬ويكون‬
‫مق دار م ا حيقق ه من أعم ال مبق دار م ا مبلك ه من ق وى‪ .‬غ ري أن اإلنس ان ميلك ق وى متع ددة‪ ،‬فيملك ق وى مادي ة تتمث ل يف‬
‫جسمه والوسائل اليت يستعملها إلشباع شهواته‪ ،‬وميلك قوى معنوية تتمثل يف الصفات املعنوية اليت يهدف إىل االتصاف‬
‫هبا‪ ،‬وميلك قوى روحية تتمثل يف إدراكه لصلته باهلل أو شعوره هبا أو هبما مع ًا‪ .‬ولكل قوة من هذه القوى الثالث أثر يف‬
‫قيام اإلنسان بالعم ل‪ .‬إال أن ه ذه الق وى ليست متس اوية يف التأثري يف اإلنسان‪ ،‬بل تتف اوت تأثريًا على اإلنس ان‪ .‬فالقوى‬
‫املادية أضعفها تأثريًا‪ ،‬والقوى املعنوية أكثر تأثريًا من القوى املادية‪ .‬أما القوى الروحية فهي أكثرها تأثريًا واشدها فعالية‪.‬‬

‫دود‪:‬‬ ‫دفاع مح‬ ‫ان‬


‫إن القوى املادية من جسمية أو وسيلة تدفع إلرضاء شهوة صاحبها إىل العمل مبقدار تقديره هلا ليس أكثر‪ .‬وقد ال‬
‫تدفعه إىل العمل مطلقًا مع توفرها ألنه ال جيد حاجة هلذا العمل‪ .‬وعلى هذا فهي قوى حمدودة االندفاع‪ ،‬ووجودها وحده‬
‫ال حيتم االندفاع إىل العمل‪ .‬فاإلنسان حني يريد أن حيارب عدوه يزن قواه اجلسمية ويبحث وسائله املادية‪ ،‬فإذا وجد فيها‬
‫الكفاية حملاربة عدوه أقدم‪ ،‬وإال أحجم وتراجع‪ .‬وقد جيد قواه كافية لسحق عدوه ولكن يتوهم أنه قد ينتصر مبن هو أقوى‬
‫منه فيجنب‪ ،‬أو يرى أن صرف قواه يف رفاهة نفسه أو رفع مستوى عيشه فيتقاعس‪ .‬فمحاربة العدو عمل يريد أن يقوم به‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولكن ملا كان يريد أن يندفع لذلك مبقدار ما ميلك من قوى مادية‪ ،‬صار اندفاعه حمدودًا هبا‪ ،‬وصار مرتددًا يف‬
‫القي ام بالعم ل م ع توفره ا حني عرض ت ل ه ع وارض بعثت في ه اجلنب أو التق اعس‪.‬‬

‫ة‪:‬‬ ‫وى المعنوي‬ ‫الق‬


‫أما القوى املعنوية فإهنا تبعث يف النفس تيار القيام بالعمل أوًال‪ ،‬مث تسعى للحصول على القوى الكافية للقيام به‬
‫دون أن تقف عند قواها املوجودة‪ ،‬وقد تندفع بأكثر مما متلك من قوى مادية عادة‪ ،‬وقد تقف عند حّد ما وصلت إىل مجعه‬
‫من قوى‪ .‬وعلى أي حال‪ ،‬فهي تقوم بأكثر مما متلك من قوى مادّية‪ ،‬وذلك كمن يريد أن حيارب عدوه لتحرير نفسه من‬
‫سيطرته‪ ،‬أو لألخذ بالثار‪ ،‬أو للشهرة‪ ،‬أو انتصارًا للضعيف‪ ،‬أو ما شاكل ذلك‪ ،‬فإنه يندفع أكثر ممن حيارب عدوه للغنيمة‪،‬‬
‫أو لالستعمار‪ ،‬أو جملرد السيطرة أو ما شابه ذلك‪ .‬والسبب يف هذا هو أن القوى املعنوية هي دافع مربوط مبفاهيم أعلى من‬
‫املفاهيم الغريزية‪ ،‬ويتطلب إشباعًا معّينًا‪ ،‬فتندفع القوى إلجياد الوسائل هلذا اإلشباع‪ ،‬فتسيطر على املفاهيم الغريزية‪ ،‬وتس ّخ ر‬
‫الق وى املادي ة‪ ،‬وب ذلك تص بح هلا ه ذه الق وة ال يت تف وق الق وى املادي ة‪.‬‬
‫ومن هن ا ك انت دول الع امل كل ه حترص على إجياد الق وى املعنوي ة ل دى جيوش ها م ع اس تكمال الق وى املادي ة‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪1‬‬
‫ة‪:‬‬ ‫ة هائل‬ ‫طاق‬
‫أما القوى الروحية‪ ،‬فإهنا أقوى تأثريًا يف اإلنسان من القوى املعنوية والقوى املادية‪ ،‬ألن القوى الروحية تنبعث من‬
‫إدراك اإلنس ان ص لته باهلل خ الق الوج ود وخ الق الق وى‪ .‬وه ذا اإلدراك العقلي والش عور والوج داين هبذه الص لة باهلل جيع ل‬
‫اندفاع اإلنسان مبقدار ما يطلب منه اخلالق ال مبقدار ما ميلك من ِقوى وال مبقدار ما ميكنه أن جيمع من قوى‪ ،‬بل مبقدار ما‬
‫يطلب منه مهما كان هذا الطب‪ ،‬سواء أكان مبقدار قواه أم أكثر أم أقل‪ .‬فقد يكون الطلب تقدمي حياته صراحة‪ ،‬أو قد‬
‫يك ون مؤدّي ًا إىل تق دمي حيات ه‪ ،‬فإن ه يق وم بالعم ل وإن ك ان أك ثر مما ميل ك من ق وى‪ ،‬وأك ثر مما جيم ع من ق وى‪ .‬ومن هن ا‬
‫ك انت الق وى الروحي ة أك ثر ت أثريًا من مجي ع الق وى ال يت ل دى اإلنس ان‪.‬‬
‫إال أن هذه القوى الروحية إن كانت نامجة عن شعور وجداين فقط‪ ،‬فإنه خيشى عليها من اهلبوط والتغرّي بسبب‬
‫تغّلب مشاعر أخرى عليها‪ ،‬أو حتّو هلا باملغالطة إىل أعمال أخرى غري اليت كانت مندفعة هلا‪ .‬ولذلك كان لزام ًا أن تكون‬
‫القوى الروحية نامجة عن إدراك وشعور يقينيني بصلة اإلنسان باهلل‪ ،‬وحينئذ تُثبت هذه القوى‪ ،‬ويظل تيارها مندفعًا مبقدار‬
‫ما يطلب منها دون تردد‪ .‬وإذا وجدت القوى الروحية مل يصبح أي أثر للقوى املعنوية‪ ،‬ألن اإلنسان حينئذ ال يقوم بالعمل‬
‫بدافعها بل بدافع القوى الروحية فقط‪ ،‬إذ ال حيارب عدّو ه ألخذ غنيمة‪ ،‬وال لفخر النصر‪ ،‬بل حياربه ألن اهلل طلب منه‬
‫ذلك‪ ،‬سواء حصلت له غنيمة أم مل حتصل‪ ،‬ونال فخر النصر أم مل يعلم به أحد‪ ،‬ألنه مل يقم بالعمل‪ ،‬إال ألن اهلل طلب منه‬
‫ذل ك‪ .‬أم ا الق وى املادي ة فإهنا تص بح وس ائل للعم ل ال ق وى دافع ة علي ه‪.‬‬
‫وقد حرص اإلسالم على جعل القوى الدافعة للمسلم قوًى روحية حىت ولو كانت مظاهرها مادية أو معنوية‪ ،‬إذ‬
‫جع ل األس اس ال روحي ه و األس اس الوحي د للحي اة ال دنيا كله ا‪ .‬فجع ل العقي دة اإلس المية أس اس حيات ه‪ ،‬واحلالل واحلرام‬
‫مقياس أعماله‪ ،‬ونوال رضوان اهلل غاية الغايات اليت يسعى إليها‪ .‬حّتم عليه أن يقوم بأعماله كلها صغريها وكبريها حبسب‬
‫أوام ر اهلل ونواهي ه بن اء على إدراك ص لته باهلل تع اىل‪ .‬ف إدراك الص لة باهلل والش عور هبا إدراك ًا وش عورًا يقين يني ه و األس اس‬
‫الذي تقوم عليه حياة املسلم‪ ،‬وهو القوة اليت تدفعه للقيام بأي عمل صغر أم كرب‪ ،‬فهو الروح اليت تقوم هبا حياته الدنيوية‬
‫يف مجيع أعماله‪ ،‬ومبقدار ما ميلك من هذا اإلدراك والشعور يكون مقدار ما عنده من قوى روحّية‪ .‬ولذلك كان واجب ًا على‬
‫املس لم أن جيع ل ق واه هي الق وى الروحي ة‪ ،‬فهي ك نزه ال ذي ال يف ىن وهي س ر جناح ه وانتص اره‪.‬‬

‫ريف‬ ‫ديث ش‬ ‫ح‬


‫ة‪:‬‬ ‫ْو ن مخس‬ ‫ة وينس‬ ‫ون مخس‬ ‫يت حيب‬ ‫وٌم على أم‬ ‫يأيت ي‬ ‫ول اهلل ‪« :‬س‬ ‫ال رس‬ ‫ق‬
‫رة‬ ‫ون اآلخ‬ ‫دنيا وينس‬ ‫ون ال‬ ‫يحب‬
‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫اب‬ ‫ون الحس‬ ‫ال وينس‬ ‫ون الم‬ ‫يحب‬


‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫الخالق‬ ‫ون‬ ‫ق وينس‬ ‫ون الَخ ْل‬ ‫يحب‬


‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫ة‬ ‫ون التوب‬ ‫ذنب وينس‬ ‫ون ال‬ ‫يحب‬


‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫ور‬ ‫ون القب‬ ‫ور وينس‬ ‫ون القص‬ ‫يحب‬


‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪2‬‬
‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬
‫‪3‬‬

You might also like