Professional Documents
Culture Documents
دخل املسلمون يف حرب مع قريش ،واشتبكوا معها يف أول معركة ،وهي معركة بدر ،فانتصر فيها املسلمون
انتصارًا كبريًا .وإثر هذه املعركة ،زلزلت قريش زلزلة كربى أطارت صواهبا ،وأضعفت هيبتها .كما قويت هيبة املسلمني،
وال سيما بعد أن طّه ر الرسول من اليهود وفتنتهم.
غزوة أحد:
غري أن قريشًا مل يهدأ هلا بال ،فقامت قائمتها ومل تقعد حىت تثأر لقتالها يوم بدر ،وتستعيد مكانتها بني العرب.
فكان أن خرجت قريش حبدها وجدها وحديدها ،ومعها من تابعها وأطاعها من العرب ،حىت نزلوا جببل من قناة على
ش فري ال وادي مقاب ل املدين ة .وخ رج إليهم رس ول اهلل يف أل ف من أص حابه ،ح ىت إذا ك انوا بالش وط بني املدين ة وأح د،
اخنذل عنه رأس املنافقني عبد اهلل بن أّيب بن سلول بثلث الّناس .وكانت معركة ببطن جبل أحد ،واهنزم فيها املسلمون ألن
الرماة قد خالفوا أمر الرسول ،وتركوا مؤّخ رة جيش املسلمني دون محاية.
وعادت قريش ممتلئة غبطة وسرورًا مبا زال عنها من عار يوم بدر ،وقالوا :يوم بيوم بدر .ورغم مطاردة املسلمني
للمشركني يف اليوم التايل حىت محراء األسد ،إال أن اهلزمية قد بدت عليهم ،فتنكر هلم يهود املدينة ومن فيها من املنافقني،
كما تنكرت هلم بعض قبائل العرب ،وصار كل هؤالء يفكرون يف التحرش باملسلمني.
فقد عمدت هذيل على الغدر بستة من أصحاب الن ّيب أرسلهم ليعّلموا الناس الدين ويقرؤهم القرآن ،وكانت
هذيل جتمع العرب لغزو املدينة لكن حماولتهم ُأحبطت .كما أرسل النيب بين أسد سرّية أوقعت هبم ،ألهنم أرادوا مهامجة
املدينة ،فهامجهم قبل أن يهامجوه .وكذلك فقد غدر أهل جند بأربعني من كبار الصحابة أرسلهم النيب ينشرون دعوة
اإلسالم ،فقاتلوهم حىت قتلوا عن آخرهم ومل ينج منهم إال اثنان.
األحزاب:
وخ رجت ق ريش ومن معه ا من القبائ ل يف اث ين عش ر أل ف رج ل يري دون املدين ة .وملا اتص ل نب أ ه ذه اجلم وع
بالرسول ،ق ّر ر التحصن يف املدينة .وأشار سلمان الفارسي حبفر خندق حول املدينة والتحصن داخلها .فُح فر اخلندق
جنوّيب املدينة ،وُحّص نت املنازل ،وخرج النيب يف ثالثة آالف من أصحابه فجعل اخلندق بينه وبني أعدائه.
وملا ج اءت ق ريش إىل املدين ة فاجأه ا اخلن دق ،فعس كرت خارجه .وك ان ال وقت ش تاء ،والرياح عاص فة ،وال ربد
قارسًا ،فأخذ يدّب إليهم الوهن ،وأخذوا يفّض لون أن يعودوا أدراجهم .وملا الحظ ُحّيي بن أخطب ذلك ،وعدهم بتأليب
يه ود ب ين النض ري ـ وهم يف من ازل مشاّيل املدني ة ،وأن قريظ ة إن فعلت ذل ك حوص ر املس لمون متام ًا وانقط ع عنهم املدد.
وسارع ُحّيي بن أخطب إىل كعب لكن أسد زعيم بين قريظة وعرض عليه األمر ،فرفض كعب لكن حييًا ما زال ُيَف ِّتله يف
الذروة والغرِب حىت استجاب كعب له ،فنقض عهده مع املسلمني.
نقض المعاهدة:
وأع ّد ت قريظة ثالثة كتائب حملاربة املسلمني ،وتقدمت إىل املدينة ،وبلغ الفزع باملسلمني مبلغ ًا عظيم ًا ،وزاغت
األبصار وبلغت القلوب احلناجر ،واشتد ساعد األحزاب وظهرت قوهتم .وحاولوا اقتحام اخلندق من ناحية ض ّيقة .وبدأت
قريظة تنزل إىل منازل املسلمني القريبة ،واشتد الكرب وعم الفزع ،لكن الرسول كان على أعظم الثقة بنصر اهلل تعاىل
له.
الخدعة!
وج اء نعمي بن مس عود إىل قريظ ة ـ وك ان هلم ن دميًا يف اجلاهلي ة ،وق د أس لم خفي ة ،ف ذّك رهم مبص احبته هلم يف
اجلاهلية ،وأخربهم أن قريشًا واألحزاب رمّب ا ال تطيقان املقام طويًال فرتحتالن ،وأهنم إن فعلوا ذلك تركوا قريظة للمسلمني
بع دما نقض وا العه د .ونص حهم أن ال يق اتلوا م ع الق وم ح ىت يأخ ذوا س بعني رهين ة من أش رافهم ح ىت ال تتَنحى ق ريش
وغطفان عنهم .فذهب إىل قريش وأقنعهم أن بين النضري ندموا على ما نقضوا من العهد بينهم وبني حممد ،واهنم بعثوا إليه
السرتضائه بأهنم سيقتلون سبعني من أشراف قريش وغطفان .وأخربهم نعيم أنه إذا بعثت بنو قريظة يطلبون رهائن فإهنم
سيتبينون صدقه .مث انتهى نعيم إىل غطفان وأخربهم مبثل ما أخرب قريش ًا .ودبت الشبهة يف نفوس العرب من اليهود ،حىت
إذا بعثت قريظة إىل العرب يشريون إىل الرهائن حىت يطمئنوا إىل مصريهم ،مل يبق ليدهم شك يف صدق نعمي .فتخاذلت
الع رب عن القت ال ،وج اء اللي ل ،وأرس ل اهلل عليهم رحيًا عاص فة ،ف اقتلعت اخلي ام وكف أت الق دور ،وأدخلت ال رعب إىل
نفوس هم ،وحّي ل إليهم أن املس لمني ق د انتهزوه ا فرص ة لإليق اع هبم .فلم ا دب ال رعب يف نفوس هم اس تخف الق وم م ا
استطاعوا محله وفّر وا ،وأصبح الصبح ومل يبق أحد ،وانصرف الرسول راجع ًا إىل املدينة ،وانتصر املسلمون خبدعة نعيم.
وكان ذلك يف شوال خلمس خلون للهجرة.
فبتلك اخلديعة أوقع النيب بني العرب واليهود ،وأوقعوا الضعف والتخاذل يف نفوس العرب من قتال املسلمني.
وجاء نصر اهلل تعاىل ،فأرسل الريح واملطر والرعد ،حىت فّر العرب من قتال املسلمني.
ال إله إال اهلل وحده ،نصر عبده ،وأع جنده ،وهزم األحزاب وحده
ّز
حديث شريف
قال رسول اهلل « :سيد الشهداء حمزة ورجٌل قام إلى حاكم جائر فنهاه فقتله».