You are on page 1of 3

‫مواقف تاريخية‪:‬‬

‫«هزم األحزاب وحده»‬


‫‪َ‬ياَأُّيَه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا اْذُك ُر وا ِنْع َم َة الَّلِه َعَلْيُك ْم ِإْذ َج اَءْتُك ْم ُج ُن وٌد َفَأْرَس ْلَنا َعَلْيِه ْم ِريًح ا َو ُج ُن وًدا َلْم َتَر ْو َه ا‬
‫َو َك اَن الَّلُه ِبَم ا َتْع َم ُلوَن َبِص يًر ا‪[ ‬األحزاب‪.]9 :‬‬

‫دخل املسلمون يف حرب مع قريش‪ ،‬واشتبكوا معها يف أول معركة‪ ،‬وهي معركة بدر‪ ،‬فانتصر فيها املسلمون‬
‫انتصارًا كبريًا‪ .‬وإثر هذه املعركة‪ ،‬زلزلت قريش زلزلة كربى أطارت صواهبا‪ ،‬وأضعفت هيبتها‪ .‬كما قويت هيبة املسلمني‪،‬‬
‫وال سيما بعد أن طّه ر الرسول ‪ ‬من اليهود وفتنتهم‪.‬‬

‫غزوة أحد‪:‬‬
‫غري أن قريشًا مل يهدأ هلا بال‪ ،‬فقامت قائمتها ومل تقعد حىت تثأر لقتالها يوم بدر‪ ،‬وتستعيد مكانتها بني العرب‪.‬‬
‫فكان أن خرجت قريش حبدها وجدها وحديدها‪ ،‬ومعها من تابعها وأطاعها من العرب‪ ،‬حىت نزلوا جببل من قناة على‬
‫ش فري ال وادي مقاب ل املدين ة‪ .‬وخ رج إليهم رس ول اهلل ‪ ‬يف أل ف من أص حابه‪ ،‬ح ىت إذا ك انوا بالش وط بني املدين ة وأح د‪،‬‬
‫اخنذل عنه رأس املنافقني عبد اهلل بن أّيب بن سلول بثلث الّناس‪ .‬وكانت معركة ببطن جبل أحد‪ ،‬واهنزم فيها املسلمون ألن‬
‫الرماة قد خالفوا أمر الرسول ‪ ،‬وتركوا مؤّخ رة جيش املسلمني دون محاية‪.‬‬
‫وعادت قريش ممتلئة غبطة وسرورًا مبا زال عنها من عار يوم بدر‪ ،‬وقالوا‪ :‬يوم بيوم بدر‪ .‬ورغم مطاردة املسلمني‬
‫للمشركني يف اليوم التايل حىت محراء األسد‪ ،‬إال أن اهلزمية قد بدت عليهم‪ ،‬فتنكر هلم يهود املدينة ومن فيها من املنافقني‪،‬‬
‫كما تنكرت هلم بعض قبائل العرب‪ ،‬وصار كل هؤالء يفكرون يف التحرش باملسلمني‪.‬‬
‫فقد عمدت هذيل على الغدر بستة من أصحاب الن ّيب ‪ ‬أرسلهم ليعّلموا الناس الدين ويقرؤهم القرآن‪ ،‬وكانت‬
‫هذيل جتمع العرب لغزو املدينة لكن حماولتهم ُأحبطت‪ .‬كما أرسل النيب ‪ ‬بين أسد سرّية أوقعت هبم‪ ،‬ألهنم أرادوا مهامجة‬
‫املدينة‪ ،‬فهامجهم قبل أن يهامجوه‪ .‬وكذلك فقد غدر أهل جند بأربعني من كبار الصحابة أرسلهم النيب ‪ ‬ينشرون دعوة‬
‫اإلسالم‪ ،‬فقاتلوهم حىت قتلوا عن آخرهم ومل ينج منهم إال اثنان‪.‬‬

‫إجالء بني النضير‪:‬‬


‫وك انت معرك ة أح د وغ در ه ذيل وأه ل جند ق د أض عفت هيب ة املس لمني يف نف وس اليه ود واملن افقني يف املدين ة‪.‬‬
‫واتفق أن رسول اهلل ‪ ‬قد ذهب إىل منازل يهود بين النضري‪ ،‬فائتمروا على قتله‪ ،‬لكن الوحي نّب أه خبرب ذلك‪ ،‬فقام وبعث‬
‫إليهم أن أخرجوا من أرضي مبا مهمتم به من الغدر يب‪ .‬وأّج لهم النيب ‪ ‬عشرة أيام‪ ،‬فمن رؤي بعد العشر ضربت عنقه‪.‬‬
‫وهّم اليه ود ب اخلروج ل وال أن ابن س لول حّر ض هم على البق اء‪ ،‬ووع دهم أن يقات ل معهم‪ .‬فق اتلهم الرس ول ‪ ‬ح ىت ض يق‬
‫عليهم‪ ،‬فصاحلوه على أن خيرجوا‪ ،‬ولكل ثالثة منهم محل بعري إال السالح ففعل‪ .‬فاحتملوا من أمواهلم ما استقلت به اإلبل‪،‬‬
‫فكان الرجل منهم يهدم بيته‪ ،‬وخيّر ب خنله وشجره حىت ال يغنمها املسلمون‪.‬‬
‫وبإجالء بين النضري‪،‬حسم الرسول ‪ ‬الوضع يف املدينة‪ ،‬فالتفت إىل قريش ومن ماألها من العرب‪ ،‬فجّه ز املسلمني‬
‫وس ار ح ىت ن زل ب درًا فلم يل ق قت اًال‪ ،‬فك انت تل ك غ زوة ب در اآلخ رة‪ .‬مث محل الن يب ‪ ‬على ب ين غطف ان بنج د‪ ،‬فف ّر وا من‬
‫وجهه تاركني أمواهلم فغنمها املسلمون‪ .‬مث خرج املسلمون إىل دومة اجلندل على حدود الشام ليؤّدبوا القبائل اليت كانت‬
‫تغري على القوافل‪ ،‬ولكنها فّر ت من وجههم وتركت أمواهلا للمسلمني‪.‬‬
‫وهبذه الغزوات اخلارجية‪ ،‬والتأديبات الداخلية يف املدينة‪ ،‬استطاع النيب ‪ ‬أن يعيد هيبة الدولة اإلسالمية إىل نفوس‬
‫العرب واليهود‪ ،‬وان ميحو آثار هزمية أحد حموًا تامًا‪.‬‬
‫لكن يهود بين النضري صّم موا على تأليب العرب على حرب املسلمني حىت يقضوا عليهم‪ .‬وذهب قوم من زعماء‬
‫اليهود فيهم ُح ىّي بن أخطب وسالم بن أيب احلقيق وغريمها إىل قريش لتحرضيهم على قتال املسلمني‪ ،‬ووعدوهم مبؤازرهتم‬
‫للهجوم على املدينة‪ .‬وبع د اقتناع قريش خرجوا إىل غطفان‪ ،‬وقيس غيالن‪ ،‬وبين م ّر ة وبين فزارة‪ ،‬واشجع وسليم وبين‬
‫سعد وبين أسد‪ ،‬وكلهم هلم عند املسلمني تأثر‪ ،‬فما زالوا حيّر ضوهنم على األخذ بتأثرهم حىت وافقوهم‪.‬‬

‫األحزاب‪:‬‬
‫وخ رجت ق ريش ومن معه ا من القبائ ل يف اث ين عش ر أل ف رج ل يري دون املدين ة‪ .‬وملا اتص ل نب أ ه ذه اجلم وع‬
‫بالرسول ‪ ،‬ق ّر ر التحصن يف املدينة‪ .‬وأشار سلمان الفارسي حبفر خندق حول املدينة والتحصن داخلها‪ .‬فُح فر اخلندق‬
‫جنوّيب املدينة‪ ،‬وُحّص نت املنازل‪ ،‬وخرج النيب ‪ ‬يف ثالثة آالف من أصحابه فجعل اخلندق بينه وبني أعدائه‪.‬‬
‫وملا ج اءت ق ريش إىل املدين ة فاجأه ا اخلن دق‪ ،‬فعس كرت خارجه‪ .‬وك ان ال وقت ش تاء‪ ،‬والرياح عاص فة‪ ،‬وال ربد‬
‫قارسًا‪ ،‬فأخذ يدّب إليهم الوهن‪ ،‬وأخذوا يفّض لون أن يعودوا أدراجهم‪ .‬وملا الحظ ُحّيي بن أخطب ذلك‪ ،‬وعدهم بتأليب‬
‫يه ود ب ين النض ري ـ وهم يف من ازل مشاّيل املدني ة‪ ،‬وأن قريظ ة إن فعلت ذل ك حوص ر املس لمون متام ًا وانقط ع عنهم املدد‪.‬‬
‫وسارع ُحّيي بن أخطب إىل كعب لكن أسد زعيم بين قريظة وعرض عليه األمر‪ ،‬فرفض كعب لكن حييًا ما زال ُيَف ِّتله يف‬
‫الذروة والغرِب حىت استجاب كعب له‪ ،‬فنقض عهده مع املسلمني‪.‬‬

‫نقض المعاهدة‪:‬‬
‫وأع ّد ت قريظة ثالثة كتائب حملاربة املسلمني‪ ،‬وتقدمت إىل املدينة‪ ،‬وبلغ الفزع باملسلمني مبلغ ًا عظيم ًا‪ ،‬وزاغت‬
‫األبصار وبلغت القلوب احلناجر‪ ،‬واشتد ساعد األحزاب وظهرت قوهتم‪ .‬وحاولوا اقتحام اخلندق من ناحية ض ّيقة‪ .‬وبدأت‬
‫قريظة تنزل إىل منازل املسلمني القريبة‪ ،‬واشتد الكرب وعم الفزع‪ ،‬لكن الرسول ‪ ‬كان على أعظم الثقة بنصر اهلل تعاىل‬
‫له‪.‬‬

‫الخدعة!‬
‫وج اء نعمي بن مس عود إىل قريظ ة ـ وك ان هلم ن دميًا يف اجلاهلي ة‪ ،‬وق د أس لم خفي ة‪ ،‬ف ذّك رهم مبص احبته هلم يف‬
‫اجلاهلية‪ ،‬وأخربهم أن قريشًا واألحزاب رمّب ا ال تطيقان املقام طويًال فرتحتالن‪ ،‬وأهنم إن فعلوا ذلك تركوا قريظة للمسلمني‬
‫بع دما نقض وا العه د‪ .‬ونص حهم أن ال يق اتلوا م ع الق وم ح ىت يأخ ذوا س بعني رهين ة من أش رافهم ح ىت ال تتَنحى ق ريش‬
‫وغطفان عنهم‪ .‬فذهب إىل قريش وأقنعهم أن بين النضري ندموا على ما نقضوا من العهد بينهم وبني حممد‪ ،‬واهنم بعثوا إليه‬
‫السرتضائه بأهنم سيقتلون سبعني من أشراف قريش وغطفان‪ .‬وأخربهم نعيم أنه إذا بعثت بنو قريظة يطلبون رهائن فإهنم‬
‫سيتبينون صدقه‪ .‬مث انتهى نعيم إىل غطفان وأخربهم مبثل ما أخرب قريش ًا‪ .‬ودبت الشبهة يف نفوس العرب من اليهود‪ ،‬حىت‬
‫إذا بعثت قريظة إىل العرب يشريون إىل الرهائن حىت يطمئنوا إىل مصريهم‪ ،‬مل يبق ليدهم شك يف صدق نعمي‪ .‬فتخاذلت‬
‫الع رب عن القت ال‪ ،‬وج اء اللي ل‪ ،‬وأرس ل اهلل عليهم رحيًا عاص فة‪ ،‬ف اقتلعت اخلي ام وكف أت الق دور‪ ،‬وأدخلت ال رعب إىل‬
‫نفوس هم‪ ،‬وحّي ل إليهم أن املس لمني ق د انتهزوه ا فرص ة لإليق اع هبم‪ .‬فلم ا دب ال رعب يف نفوس هم اس تخف الق وم م ا‬
‫استطاعوا محله وفّر وا‪ ،‬وأصبح الصبح ومل يبق أحد‪ ،‬وانصرف الرسول ‪ ‬راجع ًا إىل املدينة‪ ،‬وانتصر املسلمون خبدعة نعيم‪.‬‬
‫وكان ذلك يف شوال خلمس خلون للهجرة‪.‬‬
‫فبتلك اخلديعة أوقع النيب ‪ ‬بني العرب واليهود‪ ،‬وأوقعوا الضعف والتخاذل يف نفوس العرب من قتال املسلمني‪.‬‬
‫وجاء نصر اهلل تعاىل‪ ،‬فأرسل الريح واملطر والرعد‪ ،‬حىت فّر العرب من قتال املسلمني‪.‬‬
‫ال إله إال اهلل وحده‪ ،‬نصر عبده‪ ،‬وأع جنده‪ ،‬وهزم األحزاب وحده‪‬‬
‫ّز‬

‫حديث شريف‬

‫قال رسول اهلل ‪« :‬سيد الشهداء حمزة ورجٌل قام إلى حاكم جائر فنهاه فقتله»‪.‬‬

You might also like