You are on page 1of 2

‫صلح الحديبية‬

‫ملخص ما حدث ‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم خرج في شهر ذي القعدة من السنة السادس ة من الهج رة ومع ه أل ف وأربعمائ ة ‪ ،‬متوج ًه ا إلى‬
‫الحلَيفة ـ ميقات أهل المدينة ـ قَلَّد ال َهدْي وأشْعره ‪ ،‬وأحرم بالعمرة ‪ ،‬وبعث عينًا له من ُخزاع ة يخ بره عن ق ريش ‪،‬‬
‫مكة يريد العمرة ‪ ،‬فلما كان بذي ُ‬
‫سفان أتاه عينه وأخبره أن قريشًا قد جمعوا له جموعًا ‪ ،‬وأنهم مقاتلوه وصادوه عن البيت ‪.‬‬ ‫فلما كان ب ُع ْ‬

‫وسار النبي صلى هللا عليه وسلم حتى إذا كان بالثني ة ال تي يهب ط عليهم منه ا ب ركت راحلت ه ‪ ،‬فق ال الن اس ‪ :‬خألت القص واء ‪ ،‬خألت القص واء‬
‫[ أي ‪ :‬حرنت وأبت السير ] ‪ ،‬فقال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ( :‬م ا خألت القص واء‪ ،‬وم ا ذاك له ا بخل ق ‪ ،‬ولكن حبس ها ح ابس الفي ل ) ثم ق ال ‪:‬‬
‫( والذي نفسي بيده ‪ ،‬ال يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات هللا إال عطيتهم إياها ) ثم زجرها فوثبت به ‪ ،‬فعدل بها حتى نزل بأقص ى الحديبي ة على‬
‫حوض قليل الماء ‪ ،‬فلم يلبث الناس أن نزحوه ‪ ،‬فشكوا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم العطش ‪ ،‬فتمضمض في ماء ومج فيه ‪ ،‬وألقى فيه سه ًما‬
‫من كنانته ‪ ،‬فلم يزل يجيش لهم بال ِّري حتى صدروا عنه ‪.‬‬

‫وفزعت قريش لنزوله عليهم ‪ ،‬فأحب رسول هللا ص لى هللا علي ه وس لم أن يبعث إليهم رجالً من أص حابه ‪ ،‬ف دعا عثم ان بن عف ان ‪ ،‬فأرس له إلى‬
‫ت لقتال ‪ ،‬وإنما جئنا ع ّما ًرا ‪ ،‬وادعهم إلى اإلسالم ) ‪ ،‬وأمره أن يأتي رجاالً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات ‪ ،‬في دخل‬
‫قريش ‪ ،‬وقال ‪ ( :‬أخبرهم أنا لم نأ ِ‬
‫عليهم ويبشرهم بالفتح ‪ ،‬ويخبرهم أن هللا عز وجل مظه ر دين ه بمك ة ح تى ال يس تخفى فيه ا باإليم ان ‪ ،‬ف انطلق عثم ان ‪ ،‬فم ر على ق ريش ‪ ،‬فبلّ غ‬
‫الرسالة ‪ ،‬وقد أجاره أحد بني عمه ‪ ،‬وحمله على فرس حتى دخل مكة ‪.‬‬

‫ثم إنه بلغ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن عثمان قد قتل ‪ ،‬فدعا إلى البيعة على أن ال يفروا ‪ ،‬وأخذ رسول هللا صلى هللا عليه وس لم بي د نفس ه‬
‫وقال ‪ ( :‬هذه عن عثمان ) ‪ ،‬ولما تمت البيعة رجع عثمان إلى المسلمين ‪.‬‬

‫وسارت الرسل بين رسول هللا صلى هللا عليه وس لم والمش ركين ألج ل الص لح ‪ ،‬ح تى ج اء س هيل بن عم رو ‪ ،‬فق ال رس ول هللا ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم ‪ :‬قد سهل لكم من أمركم ‪.‬‬

‫ثم عرض سهيل الشروط التي تريدها قريش ‪ ،‬وهي ‪::‬‬

‫‪ - .‬وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنوات‬

‫‪ - .‬من جاء المسلمين من قريش يردّونه‪ ،‬ومن جاء قريشًا من المسلمين ال يلزمون بردّه‬

‫‪ -‬أن يرجع النبي صلى هللا عليه وسلم من غير عمرة هذا العام ‪ ،‬ثم يأتي العام المقبل في دخلها بأص حابه بع د أن تخ رج منه ا ق ريش ‪ ،‬فيقيم به ا‬
‫ثالثة أيام ليس مع أصحابه من السالح إال السيف في القراب والقوس ‪.‬‬

‫‪ -‬من أراد أن يدخل في عهد محمد من غير قريش دخل فيه ‪ ،‬ومن أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه ‪.‬‬

‫ودخلت قبيلة ُخزاعة في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ودخل بنو بكر في عهد قريش‪.‬‬

‫وقد كانت الحروب والعداوات بين خزاعة – التي دخلت في عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وبين بني بكر – التي دخلت في عه د ق ريش ‪-‬‬
‫منذ غابر األزمان ‪ ,‬فأضحت كل واحدة في أمن من األخرى ‪ ,‬ولكن حصل غدر من بني بكر ‪ ,‬فخرج نوفل بن معاوية في جماعة معه في شهر شعبان‬
‫للسنة الثامنة من الهجرة فأغاروا على خزاعة ليالً ‪ ,‬وهم على ماء يقال له الوتير ‪ ,‬فأصابوا منهم رجاالً ‪ ,‬وتناوشوا واقتتلوا ‪ ,‬وأع انت ق ريش ب ني‬
‫بكر بالسالح ‪ ,‬بل وقاتل رجال منهم مع بني بكر مستترين بظلمة اللي ل ‪ ,‬ح تى ح ازوا خزاع ة إلى الح رم ‪ ،‬فق الت بن و بك ر ‪ :‬ي ا نوف ل إن ا ق د دخلن ا‬
‫الحرم ‪ ،‬إلهك ! إلهك ! فقال ‪ :‬ال إله اليوم ‪ ،‬يا بني بكر أصيبوا ثأركم ‪ ,‬فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم ‪ ,‬أفال تصيبون ثأركم فيه ؟!‬

‫وانطلق عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول هللا‪  ‬في المدينة مستغيثًا ومستنجدًا فقال له عليه السالم ‪ ( :‬نصرت يا عمرو بن سالم ) ‪.‬‬

‫وسرعان ما أحست قريش بخطئها وغدرها ‪ ,‬فخافت من عواقبه الوخيمة ‪ ,‬فبعثت قائدها أبا س فيان ليج دد الص لح ‪ ,‬لكن ه لم يفلح ‪ ,‬فع اد أدراج ه‬
‫إلى مكة ‪.‬‬

‫ثم تجهز النبي ص لى هللا علي ه وس لم وأم ر الص حابة بالجه از ‪ ,‬وأعلمهم أن ه س ائر إلى مك ة ‪ ,‬ثم تم بع د ذل ك الفتح ‪ ،‬ودخ ل الن اس في دين هللا‬
‫أفواجا ‪.‬‬

‫والشاهد من هذا كله ‪ :‬أن قريشا لما أعانت بني بكر بالسالح ‪ ،‬وقاتلت معهم خزاعة التي كانت في عه د رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم ‪ ،‬ك ان‬
‫ذلك نقضا للصلح الذي أبرمته مع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالحديبية ‪ .‬وق د علمت ق ريش ذل ك ‪ ،‬ومن ثَ ّم ج اء أب و س فيان ليج دد الص لح م ع‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬وكان من واجب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن ينصر المتحالفين معه من خزاعة ‪ ،‬كما أن قريشا نصرت ‪ ،‬ب ل‬
‫وحاربت مع حلفائها من بني بكر ‪.‬‬

‫فهم الغادرون الناقضون العهد ‪ ،‬وأما رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فأبعد خلق هللا عن تلك النقيصة ‪ ،‬وهذه س يرته ‪ ،‬وه ذه س نته حاض رة بين‬
‫أيدينا لمن أراد أن يعرف ذلك عنه ‪.‬‬
‫‪7-2020-‬‬

‫تحليل سورة الحجرات‬

‫سورةالحجرات جاءت عقب سورة الفتح الّتي نزلت في شأن حادثة صلح الحديبيّة‪،‬وقد تردد المسلمون في‬
‫صلح‪،‬فجاءت هذه السّورة تدعو المؤمنين أالّ يق ّدموا رأيَهم‪ ،‬وال ما يبدو لهم في الظّاهر أنّه صواب على أمر‬
‫ال ّ‬
‫النب ّي صلّى هللا عليه وسلّم‪.‬تسمى سورة األخالق ألنها تحمل أسس المدينة الفاضلة ‪ (.‬وهي سورة مدنية عند‬
‫جميع العلماء‪ ،‬إال قوالً شاذاً ال يعتد به)‬

‫سولِ ِه َواتَّقُوا هَّللا َ إِنَّ هَّللا َ َ‬


‫س ِمي ٌع َعلِي ٌم‬ ‫‪ -1‬يا أَيُّ َها الَّ ِذينَ آ َمنُوا اَل تُقَ ِّد ُموا بَيْنَ يَد ِ‬
‫َي هَّللا ِ َو َر ُ‬

‫تصدير الخطاب بالنداء للتنبيه على أمر خطير ‪،‬تقدموا ‪ -‬بفتح التاء كما في بعض القراءات فهو الزم أما بضم‬
‫التاء في‬
‫( تقدموا فالفعل متعد ) ‪ ،‬أي ال تق ّدموا أمرا أو حكما أو رأيا دونهما‪،‬‬
‫سبب النزول ‪:‬أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن أبي مليكة أن عبد هَّللا بن الزبير رضي هَّللا عنه‬
‫أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول هَّللا صلّى هَّللا عليه وسلّم‪ ،‬فقال أبو بكر‪:‬أمـِر القعقاع بن معبد‪،‬‬
‫وقال عمر‪ :‬بل أ ِم ّر األقرع بن حابس‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬ما أردت إال خالفي‪ ،‬وقال عمر‪ :‬ما أردت خالفك‪،‬‬
‫فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬هلك الخيران‪ .‬فنزلت اآلية في‬
‫ذلك ‪.....‬‬
‫ال تقدموا ‪..‬استعارة تمثيلية‪ ،‬شبّه حال الذين يبدون آراءهم أمام النبي صلّى هَّللا عليه وسلّم بحال من تقدم‬
‫للسير أمام ملك أو حاكم عظيم‪ ،‬وكان عليه أدبا أن يسير خلفه‪.‬والغرض من التشبيه تقبيح قطع الحكم بغير‬
‫إذن هللا‪.‬و حذف المفعول به لقصد التعميم‪.‬‬
‫اإلعراب ‪ -‬أي ‪ :‬منادى مبني على الضم في محل نصب ‪ ،‬والذين ‪ :‬اسم موصول مبني في محل نصب بدل‬

You might also like