You are on page 1of 39

‫مـقـدمـة‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬


‫احلمد هّلل رب العاملني والصالة والسالم على خري خلقه سيد األولني واآلخرين نبينا حممد وعلى آله‬
‫وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫وبعـد‪.‬‬
‫فقد محل راية ا ِإلسالم بعد انتقال النيب صلى هللا عليه وسلم إىل الرفيق األعلى خلفاؤه الراشدون‪ :‬أبو‬
‫اّلل عنهم فضربوا أروع األمثلة يف ا ِإلخالص واألمانة والورع فتمكن‬
‫وعلي رضي ه‬
‫بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪ ،‬ه‬
‫املسلمون يف عهدهم من القضاء على حركة املرتدين يف جزيرة العرب وفتح الفتوح الواسعة حىت امتدت رقعة‬
‫الدولة ا ِإلسالمية يف أقل من ثالثني عاماً من تركستان شرقاً إىل أواسط مشال إفريقيا غرابً ومن أواسط أسيا‬
‫الصغرى (تركيا) مشاال إىل بالد النوبة جنوابً‪ ،‬وقد عامل املسلمون سكان البالد اليت فتحوها مبا أيمر به‬
‫الدين احلنيف من عدل وتسـامـح وإصالح فأزالوا ظلم األكاسرة والقياصرة الذي كان يثقل كواهل أولئك‬
‫السكان وحققـوا األمن للجميع يف أنفسهم ودايانهتم وأمواهلم‪ ،‬وبتلك املعـاملة الطيبة سارع الكثريون إىل‬
‫اعتناق أ ِإلسالم وتعلم اللغة العربية اليت وردت تعاليمه العظيمة هبا‪.‬‬
‫اّلل عليهم أمجعني ـ وهي مقررة على طلبة‬ ‫وهذه نبذة اترخيية خمتصرة يف اتريخ اخللفاء الراشدين‪ -‬رضوان ه‬
‫املستوى الرابع بشعبة تعليم اللغة العربية وذلك مراعاة للزمن احملدد هلذه املادة وقدره حصة واحدة يف‬
‫األسبوع‪ .‬وفيها وضحنا نسب كل خليفة‪ ،‬ومولده وإسالمه وفضله وبيعته وأسلوبه يف احلكـم وأهم أعماله‪،‬‬
‫وختم كل موضوع أبسئلة متنوعة مشلت ما ُدرس فيها إضافة إىل بعض األسئلة اللغوية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫اّلل أن ينفع هبا الطالب وأن جيعل عملنا هذا خالصاً لوجهه إنه مسيع قريب جميب‪.‬‬ ‫ويف اخلتام نسأل ه‬

‫إعـداد‬
‫خالد بن سليمان احلسينان‬ ‫اّلل بن حممد الغامدي‬
‫سعيد بن عبد ه‬
‫املدرس بشعبة تعليم اللغة العربية‬ ‫املدرس بشعبة تعليم اللغة العربية‬

‫‪1‬‬
‫أبو بكر الصديق ‪ -‬رضي هللا عنه‪-‬‬

‫)‪11 – 13‬هـ ‪634 – 632 /‬م(‬

‫نسبه ومولده‪:‬‬
‫اّلل بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن ُمَّرة ‪.‬ويلتقي مع الرسول صلى‬ ‫هو عبد ه‬
‫اجلد السادس له عليه الصالة والسالم‪ .‬ووصفه الرسول صلى هللا عليه و سلم‬ ‫هللا عليه و سلم يف ُمَّرة وهو ُّ‬
‫ِ‬
‫ابلصديِهق عقب حادثة ا ِإلسراء واملعراج إذ صدقـه حني ك هذبـه املشركـون‪" .‬عندما أُسري ابلنيب صلى هللا عليه‬
‫ه‬
‫و سلم إىل املسجد األقصى‪ ،‬أصبح يتحدث الناس بذلك‪ ،‬فارتد الناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه وسعوا‬
‫اّلل عنه‪ -‬فقالوا‪" :‬هل لك إىل صاحبـك يزعم أنه أسري به الليلة إىل بيت‬ ‫بذلك إىل أيب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫املقدس "؟ قال‪" :‬أو قال ذلـك؟ " قالوا‪" :‬نعم "‪ .‬قال‪" :‬لئن قال ذلك لقد صدق"‪ .‬قالوا‪" :‬أو تصدقه أنه‬
‫ذهب الليلة إىل بيت املقدس وجاء قبل أن يصبح" ؟! قال‪" :‬نعم‪ ،‬إين أصدقه فيما هو أبعد من ذلك‪،‬‬
‫أصدقه خبرب السماء يف َغ ْد َوة أو َرْو َحة ‪ ،‬فلذلك ُِمسهي أبو بكر الصديق)‪".(1‬‬
‫اّلل عنه – مبكة بعد مولد الرسول صلى هللا عليه وسلم بسنتني وأشهر ونشأ فيها‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ُولـد – رضي ه‬
‫إسالمه وبعض مشاهده‪:‬‬
‫اّلل عنه ‪ -‬سريع االستجابة لدعوة الرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ .‬فقد عُ َّد أبو‬
‫كان أبو بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫بكر الصديق أول من آمن من الرجال )‪(2‬وقد أخرب النيب صلى هللا عليه وسلم أنه ملا بُعث كذبه الناس‬
‫اّلل بعثين إليكم‪ ،‬فقلتم‪ :‬كذبت‪ ،‬وقال أبو بكر‬ ‫وصدقه أبو بكر‪ .‬قال النيب صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬إن ه‬
‫صدق وواساين بنفسه وماله فهل أنتم اتركوا يل صاحيب؟ "(مرتني))‪.(3‬‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم يف هجرته إىل املدينة فنزلت اآلية الكرمية {إاله تنصروه فقد نصره‬
‫وقد صحب َّ‬
‫اّلل‬
‫اّلل معنا فأنزل ه‬
‫اّلل إذ أخرجه الذين كفروا اثين اثنني إذ مها يف الغار إذ يقول لصاحبه ال حتزن إن ه‬
‫ه‬
‫واّلل عزيز‬
‫اّلل هي العليا ه‬
‫سكينته عليه وأيده جبنود مل تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة ه‬
‫حكيم})‪.(4‬‬
‫وشهد املشاهد كلها مع النيب صلى هللا عليه و سلم‪ ،‬وكان يتاجر ابلثياب وبلغ رأس ماله حني أسلم‬
‫‪2‬‬
‫أربعني ألف درهم أنفقها على مصاحل الدعوة ا ِإلسالمية وخاصة يف عتق رقاب املستضعفني األرقاء )‪ (5‬من‬
‫املسلمني‪ .‬وكان النيب صلى هللا عليه و سلم يقضي يف مال أيب بكر كـما يقضي الرجل يف مال نفسه‪ .‬وقد‬
‫بني النيب صلى هللا عليه و سلم مدى إفادة ا ِإلسالم من ذلك" ما نفعين مال قط ما نَفعين مال أيب‬
‫بكر ‪"(6).‬وقد بشره الرسول صلى هللا عليه و سلم ابجلنة وترك خوخـة )‪ (7‬داره مشرعة على املسجد‬
‫دون بقية الصحابة وأمره أبن يؤم الناس يف الصالة خالل مرضه وكان موضع مشورة النيب صلى هللا عليه‬
‫اّلل عنها ‪(8).-‬‬
‫وسلم وقد صاهره أبن تزوج عليه الصالة والسالم ابنته عائشة ‪ -‬رضي ه‬
‫صفاته وفضلـه‪:‬‬
‫اّلل عنه – فيمكن تقسيمها إىل قسمني‪:‬‬
‫أما عن صفاته – رضي ه‬
‫الصفات اخلَل ِْقية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اّلل عنها ‪ -‬فقالت‪" :‬كان رجالً أبيض حنيفاً خفيف العارضني )‪ (9‬أجنأ‬ ‫وصفتـه ابنتـه عائشة ‪ -‬رضي ه‬
‫)‪(10‬قليل حلم الوجه غائر )‪ (11‬العينني انتئ اجلبهة (أي‪ :‬ابرزها )عاري األشاجع" (أي‪ :‬األصابع )‬
‫‪(12).‬‬
‫الصفات اخلُلُقية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬هأواها )‪ (13‬شديد احلياء كثري الورع حازماً مع رمحة حيفظ شرفه وكرامته وكان‬ ‫كان ‪ -‬رضي ه‬
‫غنياً جباهه وأخالقه‪ .‬ومل يؤثَر عنه عبادة األصنام وأُثِر عنه األخالق الطيبة‪.‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم أبو بكر‪ ،‬مث عمر‪ ،‬مث‬
‫أن أفضل الناس بعد رسول ه‬ ‫وقـد أمجـع أهـل السنة على َّ‬
‫اّلل عنه‪ -‬حكيماً فقد ظهرت حكمته ورابطة جأشه يف مواجهة مصاب‬ ‫لي‪ ،‬وكان‪ -‬رضي ه‬ ‫عثمان‪ ،‬مث ع َّ‬
‫األمة بوفاة النيب صلى هللا عليه و سلم كـما ظهرت شخصيته القوية وحنكته السياسية يف اجتماع السقيفة‪.‬‬
‫وقد عرب عن تواضع َج هم وزهد يف اخلالفة حني ُرِهشح )‪ (14‬هلا وذلك "يف خطبتـه اليت خطبهـا يف الناس‬
‫بعد البيعة ومما جاء فيها‪ :‬أين قد وليت عليكم ولست خبريكـم‪ .‬اخلطبة ‪" (15).‬ومع علمه ابلقرآن والسنة‬
‫وفهمه ملقاصد الشرع وأحكامه فقد كان كثري االستشارة للصحابة وكانت الرمحة تغلب على آرائه فقد أشار‬
‫بقبول املفاداة من أسرى بدر‪(16).‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬ابخلالفة‪:‬‬
‫البيعة أليب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫بعد وفاة النيب صلى هللا عليه و سلم‪ .‬اجتمع األنصار يف سقيفة بين ساعدة الختيار خليفـة منهم فحضر‬
‫إليهم نفر من املهاجرين ومنهم أبو بكر الصديق‪ ،‬وعمر بن اخلطاب‪ ،‬وأبو عبيدة عامر بن اجلراح‪ -‬رضي‬
‫‪3‬‬
‫وبني فضل األنصار وقال‪" :‬لقد رضيت لكـم أحد هذين الرجلني فبايعوا أيهما‬ ‫اّلل عنهم ‪-‬فتكلم أبو بكر َّ‬
‫ه‬
‫شئتم فأخذ بيد عمر بن اخلطاب‪ ،‬وبيد أيب عبيدة بن اجلراح " فقال عمر بن اخلطاب‪" :‬اي معشر األنصار‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم قد أمر أاب بكر أن يؤم الناس فأيَّكـم تطيب نفسه أن‬‫ألستم تعلمون أن رسول ه‬
‫ابّلل أن نتقدم أاب بكر ‪" (17).‬فقد استدل عمر بن اخلـطاب‪-‬‬ ‫يتقدم أاب بكر" فقال األنصار‪" :‬نعوذ ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أبحقية أيب بكر ابخلالفة بعد أن ذَ َّكرهم أبمر الرسول صلى هللا عليه و سلم أن يؤم الناس‬
‫رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬فطلب عمر من أيب بكر أن يبسط يده ليبايعه فبسط يده فبايعه عمر فاملهاجرون‬ ‫أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عليهم ‪ -‬أن يتخلفوا عن البيعة بعد أن نبههم عمر إىل تلك‬ ‫فاألنصار وما كان لألنصار ‪ -‬رضوان ه‬
‫اّلل عليهم‪ -‬مجيعاً فاتفقت‬
‫اّلل عنه‪ -‬على سائر الصحابة‪ -‬رضوان ه‬ ‫احلقيقة أال وهي أفضلية أيب بكر ‪-‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬املنرب فبايعه الناس ومتت البيعة أليب‬
‫كلمتهم على البيعة‪ .‬ويف اليوم التايل صعد أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫بكر‪(18).‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫أسلوبه يف احلكم ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬أسلوبه يف احلكم من خالل خطبته القصرية اليت خطبها يف الناس يف‬ ‫أعلن أبو بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل وأثىن عليه‪:‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم فقال بعد أن محد ه‬
‫مسجد رسول ه‬
‫" اي أيها الناس إِين قد ُولهِيت عليكم ولست خبريكـم فإن أحسنت فأعينوين وإن أسأت ف ْق هِوُموين‪ :‬الصدق‬
‫اّلل‪ ،‬والقوي فيكـم ضعيف‬ ‫أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوى عنـدي حىت ارجـع عليه حقه إن شاء ه‬
‫اّلل إال خذهلم وال تشيع الفـاحشة يف قوم إال‬
‫اّلل ال يدع قوم اجلهاد يف سبيل ه‬
‫حىت آخذ احلق منه إن شاء ه‬
‫اّلل ورسوله فال طاعة يل عليكـم‪" (19).‬‬ ‫اّلل ورسوله فإذا عصيت ه‬‫اّلل ابلبالء‪ .‬أطيعوين ما أطعت ه‬
‫عمهم ه‬
‫اّلل عنه ‪-‬وهي‪:‬‬
‫وقد تضمنت هذه اخلطبة اخلطوط الرئيسة لسياسته‪ -‬رضي ه‬
‫ساوى نفسه ابلناس يسري عليه من احلكم ما يسري عليهم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إقامة مبدأ التعاون على احلق‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫رفع شعار الصدق وحماربة الكذب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫األخذ على الظامل وإنصاف املظلوم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫اّلل‪.‬‬
‫رفع راية اجلهاد يف سبيل ه‬ ‫‪-5‬‬
‫قمع )‪ (20‬الفاحشة يف اجملتمع‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫اّلل‪(21).‬‬
‫األمر بطاعته مادام يقيم حدود ه‬ ‫‪-7‬‬
‫‪4‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫أعمال أيب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬له أعمال عظيمة فقد حقق أهدافاً وإجنازات كثرية وجليلة وكانت أايمه حافلة‬
‫أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫أبعمال اخلري مع أهنا مل تدم إال سنتني وثالثة أشهر و من أهم أعماله ما يلي‪:‬‬

‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫أوالا ‪:‬إنفاذ جيش أسامة بن زيد ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنهما ‪-‬‬‫اّلل صلى هللا عليه وسلم جيشاً قبـل وفاته وأ ََّمَر عليـه أسامـة بن زيـد ‪ -‬رضي ه‬
‫جهز رسول ه‬
‫ض َّم جيشه كبار الناس وخيارهم‬ ‫ِ‬
‫وكان أسامة قد أُمر أن يسري إىل مشارف الشام‪ ،‬فعسكر يف اجلُْرف وقد َ‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم‬ ‫اّلل عنـه ‪ -‬ولكن هذا اجليش مل يربح املـدينـة ملرض رسـول ه‬
‫وفيهم عمر‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬اخلالفة‪ ،‬وملا‬ ‫اّلل صلى هللا عليه وسلم وتوىل أبو بكر ‪ -‬رضي ه‬ ‫ومازال معسكراً حىت تويف رسول ه‬
‫وصلت أنباء )‪(22‬بوادر الردة رأى أسامة أن يرتيث حىت ينجلي الوضع وخباصة وأن معه وجوه الناس فأىب‬
‫اّلل عنه ‪ -‬إاله أن يسري إىل ما ِأمَر به وقال‪" :‬ما كنت الستفتح بشيء أوىل من إنفاذ أمر‬ ‫أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم و ِإلن ختطفين الطري أحب إيل من ذلك" واستأذن أبو بكر أسامة يف عمر ‪-‬‬ ‫رسول ه‬
‫اّلل عنهم ‪ -‬فأذن له ومضى لوجهه‪.‬‬
‫رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬إىل أرض الشام وقاتل من ارتد من قبيلة قضاعة ففروا إىل دومة اجلندل‬ ‫مضى أسامة ‪ -‬رضي ه‬
‫وسار أسامة حىت أغار )‪(23‬على وآبل من نواحي مؤته وأ ََّدى مهمته بنجاح وعاد ساملاً غامناً يف أربعني‬
‫ليلة‪(24).‬‬
‫اثنيا‪ :‬حماربة املرتدين‪:‬‬
‫وصلت أنبـاء الردة إىل عاصمة الدولة ا ِإلسالمية (املدينة النبوية) وكان املرتدون على ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول ‪:‬عاد إىل عبادة األوثـان‪.‬‬
‫القسم الثاين ‪:‬اتبع أدعياء النبوة‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪:‬استمر على ا ِإلسالم ولكنهم جحدوا الزكاة و ََت ََّولُوها أبهنا خاصة بزمن النيب صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪(25).‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم وقد نزل على‬‫وقد أرسل الفريق الثالث وفداً إىل املدينة ملفاوضة خليفة رسول ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬وقد وافق عدد من كبار الصحابة‬ ‫وجهاء الناس يف املدينة عدا العباس بن عبد املطلب ‪ -‬رضي ه‬
‫‪5‬‬
‫على قبول ما جاءت به رسل هذا الفريق وانقشوا يف ذلك األمر‪ ،‬أاب بكر ومنهم عمر بن اخلطاب‪ ،‬وأبـو‬
‫اّلل عنه – رفضهم قوهلم ذلك‬ ‫عبيدة بن اجلراح‪ ،‬وسامل موىل أيب حذيفة وغريهم‪ .‬إاله أن أاب بكر – رض ِي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم جلاهدهتم‬
‫اّلل لو منعوين عقاالً كان يؤدونه إىل رسول ه‬ ‫وقال قولته املشهورة‪" :‬و ه‬
‫عليه‪".‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬
‫اّلل عنهما ‪ :-‬كيف تقاتلهم وقد قال رسول ه‬ ‫وقال عمر أليب بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل" فقد عصم مين نفسه وماله إال‬ ‫اّلل فمن قال ‪":‬ال إله إال ه‬
‫"أمرت أن أقاتل الناس حىت يقولوا ال إله إال ه‬
‫اّلل ألقاتلن من فَـَّرق بني الصالة والزكاة فإن الزكاة حق‬
‫اّلل ‪ "(26).‬فقال أبو بكر‪" :‬و ه‬ ‫حبقه وحسابه على ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أن‬
‫اّلل لو منعوين عناقاً )‪(27‬لقاتلتهم على منعهم "‪ .‬وهكذا رأي أيب بكر ‪ -‬رضي ه‬ ‫املال‪ .‬و ه‬
‫ا ِإلسالم ُك ُّل ال يتجزأ وليس هناك من فرق بني فريضة وأخرى والزكاة أهم تشريع يف النظام االقتصادي‬
‫ا ِإلسالمي وركن من أركـان ا ِإلسـالم وعبادة حبد ذاهتا وال ميكن تطبيق جزء من ا ِإلسالم وإمهال آخر ورأى‬
‫اّلل! َتلف الناس وأرفق‬
‫اّلل عنه‪" :-‬اي خليفة رسول ه‬ ‫الصحابة أن األخذ ابللني أفضل‪ ،‬وقال عمر‪ -‬رضي ه‬
‫هبم " فأجابه أبو بكر‪" :‬رجوت نصرتـك وجئتين خبـذالنـك؟ أجبهـار يف اجلـاهلية وخوار يف اإلسالم؟ إنه قد‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم‪" :‬إال حبقها‪،‬‬‫انقطع الوحي ومت الدين أو ينقص وأان حي؟ أليس قد قاَل رسول ه‬
‫اّلل لو خذلين الناس كلهم جلاهدته! بنفسي‪"(28).‬‬ ‫ومن حقها الصالة وإيتاء الزكاة و ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬كتاابً عاماً وجهه إىل املرتدين يف أحناء اجلزيرة وأرسل هبذا الكتاب‬
‫وقد أصدر أبو بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫رسال يتقدمون اجليش ليقرؤوه على الناس حىت يفتح هلم ابب الرجوع إىل احلق ويتيح هلم الفرصة املناسبة‬
‫اّلل قبل أن تقع احلرب وتراق )‪(29‬الدماء‪(30).‬‬ ‫لكي يتـدبروا أمرهم وحىت يربئ ذمته أمام ه‬
‫وكان من نتيجة ذلك أن وقعت اصطدامات بني جيوش املسلمني وهؤالء املتمردين من املتنبئني واملرتدين‬
‫وبذل املسلمون يف هذه احلروب كل قوهتم وجتلى )‪(31‬إيـماهنم يف أروع صورة واستطاعوا يف النهاية وقبل‬
‫مرور عام أن يقطعوا دابر الفتنة ويعيدوا املرتدين إىل دينهم الذي بلهغه الرسول صلى هللا عليه و سلم‪.‬‬
‫اثلث ا‪ :‬مجع القرآن الكرمي‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬أخرج البخاري يف صحيحه عن زيد بن‬ ‫لقد كانت هذه الفكرة من عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬
‫إيل أبو بكر الصديق بعد مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن اخلطاب‬
‫اّلل عنه‪ -‬قال‪" :‬أرسل ه‬
‫اثبت‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪" :-‬إن عمر أاتين فقال إن القتل قد استحر )‪(32‬يوم اليمامـة‪ .‬ب ُقَّراء‬
‫عنده " قال أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫القرآن وإين أخشى إن استمر القتل ابل ُقراء ابملواطن )‪(33‬فيذهب كثري من القرآن وإين أرى أن َتمر جبمع‬
‫‪6‬‬
‫اّلل صدري لذلك ورأيت يف ذلك الذي رأى عمر وأمر زيد بن‬
‫القرآن… ومل يزل عمر يراجعين حىت شرح ه‬
‫اثبت فجمع القرآن من العسب )‪(34‬واللخاف )‪(35‬وصدور الرجال‪(36).‬‬
‫رابع ا‪ :‬الفتوحات اإلسالمية‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬وقمع فتنة املرتدين وعادت األمور إىل نصاهبا‬‫بعد أن استقر احلكـم أليب بكر الصديق‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬إىل الغاية السـامية يف ا ِإلسـالم وهي إعالء كلمة ال إله إاله ه‬
‫اّلل حممد رسول‬ ‫اجته الصديق‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل وإخراج الناس هبا من الظلمات إىل النور لذا فقد آن األوان لنشر الدعوة خارج اجلزيرة العربية فكانت‬ ‫ه‬
‫الفتوحات يف عهده يف جبهتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬جبهة الفرس يف الشرق‪:‬‬
‫ملا فرغ خالد بن الوليد من قتال املرتدين أرسله أبو بكر جبيش إىل العراق حملاربة الفرس الذين رفضوا دعوة‬
‫ا ِإلسالم‪ ،‬ودارت أول معركة بني الطرفني يف كاظمة )‪(37‬فاهنزم الفرس وقُتِل قائدهم‪ ،‬وغنم املسلمون غنائم‬
‫ِ‬
‫املناطق الواقعة غرب الفرات حتت‬ ‫كثرية مث توالت انتصارات املسلمني يف عدة معارك ح ِىت دخلت أكثر‬
‫حكمهم حرابً أو صلحاَ واختذوا احلرية مركزاً هلم‪.‬‬
‫ويف شهر صفر من السنة الثالثة عشرة أمر أبو بكر خالد بن الوليد أن يتوجه مع قسم من اجليش إىل‬
‫الشام ملساعدة املسلمني هناك على الروم‪ ،‬وأمر أن خيلف على العراق املثىن بن حارثة‪(38).‬‬
‫الثانية‪ :‬جبهة الروم يف الشمال‪:‬‬
‫اّلل عنه ‪ -‬خالد بن سعيد بن العاص على رأس جيش من الدعاة الفاحتني إىل‬ ‫وجه أبو بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫مشارق الشام وعسكر بتيماء والتقى الروم مث كتب إىل أيب بكر يطلبه املدد والعون فجهز أبوبكر ‪ -‬رضي‬
‫اّلل عنه ‪ -‬أربعة جيوش‪.‬‬
‫ه‬

‫‪7‬‬
‫األول ‪:‬قائده عمرو بن العاص ووجهته إىل فلسطني‪.‬‬
‫الثاين ‪:‬قائده شرحبيل بن حسنة ووجهته إىل األردن‪.‬‬
‫الثالث ‪:‬قائده يزيد بن أيب سفيان ووجهته البلقاء‪.‬‬
‫الرابع ‪:‬قائده أبو عبيدة عامر بن اجلراح ووجهته محص‪(39).‬‬
‫ووصلت جيوش املسلمني إىل مشـارف الشام وفلسطني يف أوائل السنة الثالثة عشرة للهجرة ودارت بينها‬
‫وبني جيوش الروم عدة اشتباكات تلتها معارك كبرية وفتوحات عظيمة منها‪:‬‬
‫أ ‪-‬معركة أجنادين‪ :‬سنة ‪ 13‬هـ‪:‬‬
‫بعد املناوشات )‪(40‬األوىل بني املسلمني والروم أعد ملك الروم هرقل جيشاً كبرياً ملقاتلة املسلمني‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬وأمر أبو بكر خالد بن الـوليد أن يتوجه من العراق بقسم‬ ‫فاستنجد املسلمون أبيب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫من اجليش لنجدهتم واخرتق خالد الصحراء بسرعة مذهلة حىت التحق ابملسلمني يف الشام فتوىل قيادهتم‬
‫ورتبهم ترتيباً ممتازاً وانطلق اجلميع للوقوف مع عمرو بن العاص الذي كان يواجه جيشاً رومياً كبرياً يف‬
‫أجنادين من أراضي فلسطني وملا التقى الطرفان هزم املسلمون الروم هزمية كبرية )‪ (41‬وانتصروا عليهم‪.‬‬

‫الصفر سنة ‪:13‬‬


‫ب ‪-‬مرج ُّ‬
‫حدث هذا اللقاء إىل اجلنوب من دمشق مع قوات الروم اليت جاءت من محص يف الشمال فتلتف‬
‫‪8‬‬
‫لتقابل املسلمني من اجلنوب‪ ...‬وقف خالد ومعه أبو عبيدة وراء الصفوف وسار هبم حنو جيش الروم الذي‬
‫بعثه هرقل وكـانـوا من أهل القوة والشدة ليغيث حامية دمشق اليت كان حياصرها املسلمون فاضطر املسلمون‬
‫إىل أن يسريوا حنوها‪ ،‬وبلغ عدد الروم أكثر من عشرة آالف اجتمعوا يف مرج الصفر ونظر إليهم خالد بن‬
‫الوليد مث أسرع يعبئ جيشـه كتعبئـة يوم أجنـادين ويف هذه املعركة اهنزم الروم وأصاب املسلمون عسكرهم‬
‫وقتلوا منهم كثرياً وتبددت فُلوهلم‪(42) (43).‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬ووفاته‪:‬‬
‫مرض أيب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أنه اغتسل يف يوم ابرد فأصيب ابحلُمى مخسة‬ ‫كان سبب مرض أيب بكر الصديق‪ -‬رضي ه‬
‫عشر يوماً ال خيرج فيها إىل الصالة وكان أيمر عمر بن اخلطاب أن يصلي ابلناس وكان الناس يدخلون إليه‬
‫اّلل عنه ‪-‬ألزمهم له يف مرضه‪.‬‬
‫يزورونه وهو يف البيت وكان عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬مساء ليلة الثـالثـاء لثـماين ليال بقني من مجادى‬
‫ومـازال املرض به حىت تويف أبو بكر‪ -‬رضي ه‬
‫اآلخرة سنة ثالث عشرة للهجرة فكانت خالفته سنتني وثالثة أشهر وعشر ليال‪.‬‬
‫اّلل عنها ‪-‬وكفن بثوبني وقيل‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬أن تغسله زوجته أمساء بنت عميس – رضي ه‬ ‫وقـد أوصى‪ -‬رضي ه‬
‫بثالثة‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ ،-‬ودفن ليالً إىل جانب صاحبه عليه الصالة والسالم‬ ‫وصلى عليه عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل ورضي عنه وجزاه عن‬ ‫ِ‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم )‪ (45‬رمحه ه‬ ‫وجعل رأسه مبحاذاة )‪(44‬كتفي رسول ه‬ ‫ُ‬
‫ا ِإلسالم واملسلمني خري اجلزاء‪.‬‬

‫أسـئلة‬

‫أذكر نسب أيب بكر‪ .‬وملاذا وصف ابلصديق؟‬ ‫س‪1‬‬


‫أين يلتقي مع النيب صلى هللا عليه و سلم يف النسب؟‬ ‫س‪2‬‬
‫أين ولد أبو بكر؟ ومىت؟‬ ‫س‪3‬‬
‫حتدث عن إسالم أيب بكر‪.‬‬ ‫س‪4‬‬
‫حتدث عن صفات أيب بكر اخلَلقية‪.‬‬ ‫س‪5‬‬
‫من أفضل الناس بعد الرسول !؟ وملاذا؟‬ ‫س‪6‬‬
‫‪9‬‬
‫وضح كيف متت اخلالفة أليب بكر‪.‬‬ ‫س‪7‬‬
‫ما أسلوب أيب بكر يف احلكم؟‬ ‫س‪8‬‬
‫أذكر اخلطوط الرئيسة لسياسته‪.‬‬ ‫س‪9‬‬
‫كانت أايم أيب بكر حافلة أبعمال جليلة اذكر اثنني منها‪.‬‬ ‫س‪10‬‬
‫من أشار على أيب بكر جبمع القرآن؟‬ ‫س‪11‬‬
‫اذكر الطرفني يف معركة أجنادين ‪.‬ومن انتصر فيها؟‬ ‫س‪12‬‬
‫اّلل عنه‪-‬؟‬
‫كم دامت خالفة أيب بكر الصديق‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪13‬‬
‫مىت مات أبو بكر؟ وأين دفن؟‬ ‫س‪14‬‬
‫أعرب ما حتته خط‪:‬‬ ‫س‪15‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬صمم على أن ينفذ ما رأى الرسول صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ -1‬لكن أاب بكر ‪-‬رضي ه‬
‫‪ -2‬ما نفعين مال!قط ما نفعين مال أىب بكر‪.‬‬
‫‪ -3‬سار فريق من املرتدين وراء املتنبئني الكذابني‪.‬‬
‫اّلل لو منعوين عقاالً‪.‬‬
‫‪ -4‬و ه‬
‫ما معىن‪:‬‬ ‫س ‪16‬‬
‫املرتدون‪ ،‬املتنبئون‪ ،‬املتمردون؟‪ ،‬وهـات املفرد واملثىن منها‪.‬‬
‫_________________________‬
‫)‪ (1‬سلسلة األحاديث الصحيحة لأللباين اجمللد األول رقم ‪ ،306‬أخرجه احلاكم يف املستدرك ‪.63 ,62/3‬‬
‫)‪(2‬فتح الباري ‪.170/7‬‬
‫)‪ (3‬فتح الباري ‪.18/7‬‬
‫)‪ (4‬سورة التوبة آية ‪.40‬‬
‫)‪ (5‬مجع رقيق وهو احمللول‪.‬‬
‫)‪ (6‬أمحد‪ ،‬فضائل الصحابة ‪ 65/1‬إبسناد صحيح‪.‬‬
‫)‪ (7‬اخلوخة‪ :‬ابب صغري ينفذ منه إىل املسجد‪.‬‬
‫)‪ (8‬عصر اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور‪ /‬أكرم ضياء العمري ص ‪.63‬‬
‫)‪ (9‬خفيف العارضني‪ :‬العارض صفحة اخلد واملراد خفيف شعر اخلد‪.‬‬
‫)‪ (10‬أجنأ‪ :‬األحدب وكذلك يطلق على احنناء ما بيت الكتفني على الصدر‪.‬‬
‫)‪ (11‬غائر العينني‪ .‬أي عيناه داخلتان يف رأسه‪.‬‬
‫)‪ (12‬اخللفاء الراشدون‪ ،‬أمني القضاة صح‪.15‬‬
‫‪10‬‬
‫األواه كثري الدعاء وكذلك رحيم القلب ورقيقه‪.‬‬ ‫)‪ (13‬هأواهاً‪ :‬ه‬
‫)‪ (14‬رشح‪ :‬أي اختياره وهيئوه للخالفة‪.‬‬
‫)‪ (15‬خطبته بعد البيعة كما َسيأيت إن شاء هللا‪.‬‬
‫)‪ (16‬عصر اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور‪ /‬أكرم ضياء العمري‪.‬‬
‫)‪ (17‬مسند أمحد ‪.133/2‬‬
‫)‪ (18‬انظر حملات يف اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور ‪ /‬عـبد العزيز حممد نور ويل‪.‬‬
‫)‪ (19‬سرية ابن هشام ‪ ،661/4‬البداية و ِ‬
‫النهاية ‪.305/6‬‬
‫)‪ (20‬قمع‪ :‬أي قهرهم و َذللَّهم (املرتدين)‪.‬‬
‫)‪(21‬حملات يف اخلالفة الراشد َة‪ ،‬للدكتور‪ /‬عبد العزيز حممد نور ويل‪.‬‬
‫)‪ (22‬أنباء‪ .‬أي أخبار‪.‬‬
‫)‪ (23‬أغار‪ :‬أي اشتد قي العدو وأسرع‪.‬‬
‫)‪ (24‬حملات يف اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور‪ /‬عبد العزيز حممد نور ويل ص‪.8‬‬
‫)‪ (25‬فتح الـباري ‪.276/12‬‬
‫)‪ (26‬أخرجه البخاري يف االعتصام‪ ،‬ومسلم يف اإلميان‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والنسائي يف الزكاة‪ ،‬والرتمذي يف اإلميان‪.‬‬
‫)‪ (27‬العناق‪ :‬السخلة األنثى الصغريَة من املاعز‪.‬‬
‫)‪ (28‬التاريخ اإلسالمي‪ ،‬حممود شاكر ص ‪.68‬‬
‫تنصب‬
‫ه‬ ‫)‪ (29‬تُراق الدماء‪:‬‬
‫)‪ (30‬انظر نص هذا الكتاب يف البداية والنهاية‪ ،‬البن كثري ج‪ 5‬ص ‪.321-320‬‬
‫)‪ (31‬جتلى‪ :‬ظهر‪.‬‬
‫)‪ (32‬استحر‪ :‬اشتد‬
‫)‪ (33‬املواطن‪ :‬مجع موطن وهي املشهد من مشاهد احلروب‪.‬‬
‫)‪ (34‬العسب‪ :‬مجع العسيب وهي حريدة النخل املستقيم يكشط ورقها‪.‬‬
‫)‪ (35‬اللخاف‪ :‬مجع اللخفة وهي حجر أبيض عريض رقيق‪.‬‬
‫)‪ (36‬اخللفاء الراشدون‪ .‬الدكتور أمني القضاة ص ‪.30‬‬
‫)‪ (37‬انظر اخلريطة ص ‪.19‬‬
‫)‪ (38‬السرية النبوية واتريخ اخللفاء الراشدين‪ ،‬عبد هللا الصاحل العثيمني ص ‪.81‬‬
‫)‪ (39‬اخللفاء الراشدون‪ ،‬الدكتور أمني القضاة ص ‪30‬‬
‫املناوشات‪ :‬مجع مناوشة أي خالط مقدمة اجليش‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫)‪(40‬‬
‫الراشدين‪ ،‬عبد هللا الصاحل العثيمني ص ‪.86‬‬ ‫)‪ (41‬السرية الـنبوية واتريخ اخللفاء َ‬
‫)‪ (42‬فلوهلم‪ :‬أي الباقي املنقطع منهم‪.‬‬
‫)‪ (43‬الطريق إىل دمشق‪ ،‬أمحد عادل كـمال ص ‪.293‬‬
‫)‪ (44‬مبحاذاة‪ :‬أي وازاه‪.‬‬
‫)‪ (45‬اخللفاء الراشدون‪ ،‬الدكتور أمني القضاة ‪.33‬‬

‫‪11‬‬
‫عـمر بن اخلطاب – رضي هللا عنه‪-‬‬

‫(‪13-23‬هـ‪644 -634 /‬م)‬


‫نسبه ومولده‪:‬‬
‫هو عمر بن اخلـطاب بن نفيل بن عبد العـزى بن رابح من بين عدي بن كـعب‪ .‬إحدى عشائر قريش‬
‫جيتمع نسبه مع الرسول صلى هللا عليه و سلم يف اجل هِد السابع (وهو كـعب بن لؤي)‪.‬‬
‫كان من أشراف قريش وساداهتا وإليه كانت سفارة قريش فهو سفريهم إذا نشبت احلرب بينهم أو بينهم‬
‫وبني غريهم‪.‬‬
‫ويكىن أاب حفص ويلقب ابلفاروق‪ .‬لقَّبه بذلك النيب صلى هللا عليه و سلم‪ُ ،‬ولِد بعد عام الفيل بثالث‬
‫عشرة سنة‪ .‬وكان شديداً على املسلمني ودعا له النيب صلى هللا عليه و سلم ابهلداية فأسلم يف السنة‬
‫السادسة من البعثة فاعتز به ا ِإلسالم‪(1).‬‬
‫إسـالمه‪:‬‬
‫كان عمر رجالً قوايً مهيباً وكان يؤذي املسلمني ويشتد عليهم قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو‬
‫اّلل لقد رأيتين وإن عمر ملوثقي على ا ِإلسالم قبل أن‬
‫ابن عم عمر وزوج أخته فاطمة بنت اخلطاب" ‪:‬و ه‬
‫يسلم‪".‬‬

‫‪12‬‬
‫وهكـذا ربط عمر سعيداً بسبب إسالمه ليصده عن دينه‪ ،‬ولكن شدته الظاهرة كانت تكمن خلفها رمحة‬
‫اّلل إان لنرحتل إىل أرض‬
‫اّلل بنت أيب حثمة‪ -‬وهي من مهاجرة احلبشة‪ -‬قالت‪" :‬و ه‬ ‫ورقة فقد أخربت أم عبد ه‬
‫احلبشة‪ ،‬وقد ذهب عامر يف بعض حاجاتنا‪ ،‬إذ أقبل عمر بن اخلطاب حىت وقف – وهو على شركه وكنا‬
‫اّلل‪ ،‬لنخرجن يف‬ ‫ِ‬
‫نلقى من البالء أذى لنا وشدة علينا ‪ -‬فقال‪ :‬إنه لالنْطالق اي أم عبد هللا؟ فقلت نعم و ه‬
‫اّلل‪ ،‬ورأيت له رقة مل أكن أراها مث انصرف‬
‫اّلل خمرجاً فقال صحبكم ه‬‫اّلل آذيتموان وقهرمتوان حىت جيعل ه‬
‫أرض ه‬
‫وقد أحزنه‪ -‬فيما أرى ‪-‬خروجنا قالت‪ :‬فجاء عامر حباجته تلك‪ .‬فقلت له‪ :‬اي أاب عبد هللا لو رأيت عمر‬
‫آنفاً ورقته وحزنه علينا قال‪ :‬أطمعت يف إسالمه؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فال يسلم الذي رأيت حىت يسلم محار‬
‫اخلطاب قالت‪ :‬أيساً منه )‪(2‬ملا كان يرى من غلظته وقوته على اإلسالم‪ .‬ويبدو أن حدس )‪(3‬املرأة كان‬
‫اّلل أن ينصر دينه به‪.‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم يدعو ه‬
‫أقوى فقد كان رسول ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم قال" ‪:‬اللهم أعز ا ِإلسالم أبحب‬
‫اّلل عنهما‪ -‬أن رسول ه‬‫فعن ابن عمر‪ -‬رضي ه‬
‫هذين الرجلني إليك‪ :‬أبيب جهل أو بعمر بن اخلطاب قال‪ :‬وكان أحبهما عمر‪"(4).‬‬
‫اّلل دعاءه فأسلم عمر‪ ،‬وكان ذلك عقب اهلجرة األوىل فاعتز به ا ِإلسالم وصلى املسلمون‬‫فاستجاب ه‬
‫ابلبيت العتيق دون أن يتعرض هلم املشركون‪.‬‬
‫اّلل عنه‪" :-‬مازلنا أعزة منذ أسلم عمر"‪ .‬وقال أيضاً‪" :‬لقد رأيتنا وما نستطيع أن‬
‫قال ابن مسعود‪ -‬رضي ه‬
‫نصلى ابلبيت حىت أسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حىت تركوان" وقال‪" :‬إن إسالمه كان نصراً‪"(5).‬‬
‫صفاته وفضله‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬تعرض له املشركون وقاتلهم وقاتلوه‪ ،‬وقد عُرف يف‬ ‫بعد أن أسلم عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬
‫اجلاهلية ابلفصاحة والشجاعة‪ ،‬وعرف يف اإلسـالم ابلقـوة واهليبـة والـزهد والعدل والرمحة والعلم والفقه‪ ،‬وكان‬
‫مسدد )‪(6‬القول والفعل‪ ،‬وقد وافقه القرآن يف عدة مواقف منها أ‪ -‬اختاذ مقـام إبـراهيم مصلى ‪-2‬‬
‫وحجاب أمهات املؤمنني ‪- 3‬ونصحه ألمهات املؤمنني‪ .‬وقد بشره الرسول جملده ابجلنة وبشره‬
‫ابلشهادة‪(7).‬‬
‫بيعتـه‪:‬‬
‫إذا كان الرسول صلى هللا عليه وسلم قد شار إىل املسلمني إشارة كي يتوىل أبو بكر اخلالفة فإن أاب بكر‬
‫اّلل عنه – وكان أبو بكر قد استشار الناس يف ذلك‬ ‫قد أوصى هبا وصاية إىل عمر بن اخلطاب – رضي ه‬
‫فوكلوه الختيار خليفة له فأمر أن جيتمع له الناس فاجتمعوا له فقال‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫اّلل ما ترون وإنه البد لكـم من رجـل يلي أمركـم ويصلي بكـم‪ ،‬ويقاتل‬ ‫" أيها الناس قد حضرين من قضاء ه‬
‫اّلل الذي ال إله إاله هو ال آلوكـم )‪(8‬يف نفسي خرياً‪،‬‬ ‫عدوكـم‪ ،‬وأيمركـم‪ ،‬فإن شئتم اجتهدت لكـم رأيي‪ ،‬و ه‬
‫اّلل أنت خريان وأعلمنا فاخرت لنا‪ ،‬قال‪ :‬سأجتهد لكم رأي‪،‬‬ ‫فبكى وبكى الناس‪ ،‬وقالوا اي خليفة رسول ه‬
‫اّلل‪"(9).‬‬
‫وأختار لكم خريكـم إن شاء ه‬
‫اّلل الرمحن ال ِرحيم‪" ،‬هذا ما عهد به أبو بكر بن أيب‬ ‫ودعا أبو بكر عثمان بن عفان فقال‪ :‬اكتب بسم ه‬
‫قحافة يف آخر عهده ابلدنيا خارجاَ منها‪ ،‬وعند أول عهده ابآلخرة داخالً فيها‪ ،‬حيث يؤمن الكافر ويوقن‬
‫الفاجر‪ ،‬ويصدق الكاذب‪.‬‬
‫اّلل ورسوله ودينه ونفسي‬ ‫إين استخلفت عليكم بعدي عمر بن اخلطاب فامسعوا له وأطيعوا وإين مل آل ه‬
‫وإايكـم خرياً‪ ،‬فإن عدل فذلك ظين به وعلمي فيه‪ ،‬فإن بدل فلكل امرىء ما اكتسب من ا ِإلمث‪ ،‬واخلري‬
‫اّلل وبركاته‬
‫أردت وال أعلم الغيب‪ ،‬سيعلم الـذين ظلموا أي منقلب ينقلبون‪ ،‬والسالم عليكم ورمحة ه‬
‫‪"(10).‬‬
‫أسلوبه يف احلكم‪:‬‬
‫اّلل عنه‪-‬‬‫اّلل عنه‪ -‬يف احلكـم على منهج سلفه أيب بكر الصديق‪ -‬رضي ه‬ ‫سار عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي ه‬
‫اّلل وأثىن عليه‪ ،‬مث قال" ‪:‬اي أيها الناس‪ ،‬إين داع‬ ‫فعندما بويع ابخلالفة بعد وفاة أيب بكر صعد املنرب فحمد ه‬
‫فأمنوا‪ .‬اللهم إين غليظ فَـلَيِهين ألهل طاعتك مبوافقة احلق‪ ،‬ابتغاء وجهك والدار اآلخرة‪ ،‬وارزقين الغلظة‬
‫والشدة على أعدائك وأهل الدعارة )‪(11‬والنفاق من غري ظلم مين هلم وال اعتداء عليهم‪ .‬اللهم إين شحيح‬
‫فسخين يف نوائب )‪(12‬املعـروف قصـداً من غري سرف وال تبـذير وال رايء وال مسعة واجعلين أبتغي بذلـك‬
‫وجهـك والـدار اآلخرة‪ .‬اللهم ارزقين خفض اجلناح )‪(13‬ولني اجلانب للمؤمنني‪"(14).‬‬
‫اّلل عنه‪-.‬‬
‫و يتضح أسلوبه يف احلكم من خالل خطبته املشاهبة خلطبة أيب بكر ‪ -‬رضي ه‬
‫وقد أظهر عمر يف خالفته حسن السياسة واحلزم والتدبري‪ ،‬والتنظيم ل ِإلدارة واملالية‪ ،‬فرسم خطط الفتح‬
‫ستحل األخذ من‬ ‫وسياسة املناطق املفتوحة والسهر على مصاحل الرعية وإقامة العدل يف البالد‪ .‬وكان ال يَ ُّ‬
‫بيت املال إال حلهةً للشتاء وأخرى للصيف وانقة لركوبه‪َ ،‬وقُوته ك ُقوت رجل متوسط احلال من املهاجرين‪،‬‬
‫وخطبه ورسائله إىل الوالة والقادة تعرب بدقة عن شعوره العميق ابملسؤولية جتاه الدين والرعية مع حسن‬
‫اّلل والثقة ابلنفس‪(15).‬‬
‫التوكل على ه‬

‫‪14‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫أهم أعمال عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنـه‪ -‬بتنظيم الدولة ا ِإلسالمية بعزمية قوية ال تلني وذلك ليستطيع‬
‫بدأ عمـر بن اخلـطاب ‪-‬رضي ه‬
‫مواجهة مشكالت احلياة ومتطلبات الظروف اجلديدة خاصة عندما اتسعت رقعة الدولة اإلسالمية شرقاً‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫وغرابً ومشاالً وجنوابً وإليك أهم أعـماله – رضي ه‬
‫‪َ - 1‬د َّو َن ال َّـدواوين فأسس ديوان اجلنـد الـذي يشبـه يف أايمنا وزارة الدفاع‪ ،‬وديوان اخلراج الذي يشبه وزارة‬
‫املالية‪.‬‬
‫أنشـأ بيت مال املسلمـني وعـني القضاة والكتهاب وجعل التاريخ اهلجري أساس تقومي الدولة ا ِإلسالمية‬ ‫‪-2‬‬
‫كـما نظَّم الربيد‪.‬‬
‫وعسه ابلليل‪(16).‬‬
‫اهتمامه ابلرعية فمن ذلك تفقده أحوال املسلمني ه‬ ‫‪-3‬‬
‫أبقى األراضي املفتوحة أبيدي أهلها األصليني بدال من تقسيمها بني احملاربني على أن يدفعوا عنها‬ ‫‪-4‬‬
‫اخلراج‪.‬‬
‫وع هني على كل والية عامال له راتب حمدد أيخذه من بيت مال‬ ‫ق َّسم البالد املفتوحة إىل والايت َ‬ ‫‪-5‬‬
‫املسلمني وكان خيتار الوالة ممن يُعرفون ابلتقوى وحسن اإلدارة دون النظر إىل أحساهبم وأنساهبم‪.‬‬
‫مثل البصرة والكوفة يف العراق والفسطاط يف مصر وغريها‬‫أمر إبنشـاء عدة مدن يف البـالد املفتوحة ِ‬ ‫‪-6‬‬
‫لتكون مركزاَ للدولة اإلسالمية يف تلك البالد‪.‬‬
‫الفتوحات يف عهده‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬مواصلة اجلهاد ونشر ا ِإلسالم واالستمرار يف الفتح الذي‬
‫كان من اهتـمامات الفاروق‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬لبالد الفرس والروم وقد كانت هذه الفتوحات كـما يلي‪:‬‬
‫بدأ يف عهد أيب بكر‪ -‬رضي ه‬
‫أ ‪-‬فتح العراق وبالد فارس‪:‬‬
‫اّلل عنه‪َ -‬مهَّه لفتح العراق وبالد فارس بعد أن اطمأن على سالمة وضع‬ ‫َو َّجه عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي ه‬
‫اجليش اإلسالمي يف بالد الشام‪.‬‬
‫وقـد بلغ من أمهية هذا األمر (وهو فتح العراق وفارس) يف نظر اخلليفة أنه َر ِغب يف أن يقود اجليش‬
‫بنفسه ولكن مجهرة املسلمني أشارت عليـه ابلبقـاء وأن يَـنه ُـدب لذلك رجـالً من كبار الصحابـة فوافق عمر ‪-‬‬
‫اّلل عنه ‪.-‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬على ذلك واستقر الرأي على سعد بن أيب وقاص ‪ -‬رضي ه‬ ‫رضي ه‬

‫‪15‬‬
‫ب ‪-‬موقعة القادسية سنة ‪15‬هـ‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬العراق وهي حينئذ جزء من دولـة الفـرس الكـربى وكـان خري‬ ‫قصد سعد بن أيب وقاص ‪-‬رضي ه‬
‫مثال للقيادة السديدة والسياسة الرشيدة املؤمنة‪ِ ...‬وملا أحس الفرس ابخلطر القادم عليهم مجع َملِ َكهم‬
‫وعتَاد‪ ...‬وكان قائدهم‬ ‫َّره املؤرخون بثمانني ألفا من اجلنود املدربني يف أحسن عُدَّة َ‬
‫(يزدجرد) جيشاً كثرياَ قَد َ‬
‫عسكرايً جمرابً هو (رستم) وكان مع اجليش ثالثة وثالثون فيالً‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬أن يبعث إليه برجل عاقل عامل يسأله‪ ،‬ألنه‬ ‫وملها تقابل اجليشان طلب رستم من سعد‪ -‬رضي ه‬
‫غريهم وقد كانوا خاضعني للفرس وكانت ترضيهم كميات من‬ ‫كان متعجباً من هؤالء العرب ما الذي ه‬
‫اّلل عنهم‪-‬‬‫اّلل عنه‪ -‬رجاال من الصحابة‪ -‬رضي ه‬ ‫الطعام حني جيوعـون ويهـامجـون؟ فبعث إليه سعد‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬فدخل عليه وقد زيهنوا جملسه ابلنمارق )‪(17‬املذهبة‬ ‫كان من بينهم ربعي بن عامر‪ -‬رضي ه‬
‫ومفارش احلرير و أظهروا اليواقيت والـآلىل الثمينـة والزينة العظيمة وعليه اتج يبهر األبصار وقد جلس على‬
‫اّلل عنه ‪ -‬بثياب رثة وسيف وترس )‪(18‬وفرس قصرية فلما رأى‬ ‫سرير من ذهب ودخل ربعي‪ -‬رضي ه‬
‫زينتهم وانتفاخهم أراد أن يظهر استخفافه مبظاهرهم الكاذبة فدخل بفرسه راكبا عليها حىت داس هبا طرف‬
‫البساط مث نزل وربطها ببعض وسائدهم الثمينة‪ ،‬وأقبل عليهم رافع الرأس اثبت اخلطى وعليه سالحه ودرعه‬
‫وخوذته على رأسه فقالوا له‪ :‬ضع سالحك‪ ،‬فقال بعزة‪ :‬إين مل آتكـم وإنـما دعومتوين فإن تركتموين هكذا‬
‫وإال رجعت‪ ،‬فقال رستم‪ :‬اْئذنوا له فأقبل يتوكأ على رحمه فوق النمارق فخرق أكثرها‪ .‬فقال‪ :‬رستم ما جاء‬
‫اّلل‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إىل سعتها‪ ،‬ومن‬ ‫اّلل ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إىل عبادة ه‬ ‫بكم؟ فقال‪ :‬ه‬
‫جور )‪(19‬األداين إىل عدل اإلسالم فأرسلنا بدينه إىل خلقه لندعوهم إليه فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا‬
‫اّلل‪.‬‬
‫عنه ومن أىب قاتلناه أبداً حىت نفضى إىل موعد ه‬
‫اّلل؟ قال‪ :‬اجلنـة ملن مات على قتال من أىب‪ ،‬والظفر )‪(20‬ملن بقي‪ ،‬فطلب رستم‬ ‫قال‪ :‬ومـا موعـد ه‬
‫اإلمهال فأبوا أن ميهلوه أكثر من ثالثة أايم وبعد ذلك التقى اجليشان واقتتلوا قتاال شديداً طََوال يومهم‬
‫وأكثر ليلهم واستمروا ثالثة أايم عاىن فيها املسلمون كثرياً من هذه األفيال اليت كانت تُـ ْفزع خيوهلم العربية‬
‫اّلل وعنايته بعباده‬
‫اليت مل تتعود رؤيتها ولكن األبطال املؤمنني صربوا وقَاَتلوا حىت مت النصر هلم بتوفيق ه‬
‫املؤمنني‪.‬‬
‫اّلل رحياً شديدة فدمرت معسكر اجملوس وهربوا يف كل مكان وقتل قائدهم‪ ،‬وقتل‬ ‫ويف اليوم الرابـع بعث ه‬
‫منهم عشرة آالف واستشهد من املسلمني حوايل ألفان ومخسمائة شهيد تقريباً‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫اّلل سبحانه دينه ورفع كلمته وهابت )‪(21‬العرب والعجم املسلمني وانتشر‬
‫وهبذه املعركة الفاصلة أيهد ه‬
‫هدي ا ِإلسالم وعدله وتقلص )‪(22‬ظالم الكفر والشرك‪(23).‬‬
‫جـ ‪-‬فتح الشام‪:‬‬
‫علم الروم بدخول اجليوش ا ِإلسالمية أرضهم‪ ،‬فكتبوا إىل هرقل وكـان ابلقـدس‪ ،‬فقال هرقل‪ :‬أرى أن‬
‫اّلل ألن تصاحلوهم على نصف ما حيصل من الشام ويبقى لكـم نصفه مع بالد الروم‬ ‫تصاحلوا املسلمني‪ ،‬فو ه‬
‫أحب إليكـم من أن يغلبوكـم على الشام ونصف بالد الروم‪.‬‬
‫وأغضبت هذه النصيحة قواد الروم‪ ،‬وظنوا أن األمرباطور قد َوَه َن )‪(24‬وضعف وسيسلم البالد للغزاة‬
‫الفاحتني واحلق أن هرقل قد ضعف أمام غضبـة قواده وعزم على قتـال املسلمـني مع يقينه ابهلزمية ومجع هرقل‬
‫العدد )‪(25‬ملواجهة املسلمني‪.‬‬ ‫الثائرين وتوجه إىل محص وهناك أعد جيشا ضخم العُدد كثري َ‬
‫د ‪-‬معركة الريموك سنة ‪ 15‬هـ‪:‬‬
‫بعـد أن رأى هرقـل‪ ،‬ملك الروم انتصـارات املسلمني حشد ما استطاع حشده من قوات وجعل قيادهتا‬
‫ألخيه‪ ،‬واجتمعت تلك القوات الرومية عند هنر الريموك‪ ،‬أحد روافد هنر األردن‪ ،‬ونزل جيش املسلمني‪،‬‬
‫بقيادة أيب عبيدة قبالة الروم‪ ،‬وقد كلَّف أبو عبيدة ‪-‬خالد بن الوليد بتنظيم جيش املسلمني فرتب خالد‬
‫اجليش ترتيباً ممتازاً مل يعهده العرب من قبل‪ .‬وهجم فرسان املسلمني ببسالة على الروم حىت فصلوا بني‬
‫وم َشاتـه‪ .‬وانسحب فرسـان الروم بعد أن سقط منهم آالف بضربـات فرسـان املسلمني‬ ‫فرسان اجليش الرومي ُ‬
‫انقض املسلمون على مشاة الروم الذين أخذوا يتساقطون قتالً أو غرقاَ يف النهر‪ .‬فكان النصر‬ ‫ِ‬
‫الشجعان‪ .‬مث ه‬
‫املؤزر حليف )‪(26‬املسلمني‪ .‬وقد قُتِل يف معركة الريموك أكثر من مائة ألف من الروم واستشهد فيها حوايل‬
‫ثالثة آالف من املسلمني‪(27).‬‬
‫هـ ‪-‬فتـح مصـر‪:‬‬
‫كانت مصر يف ذلـك احلـني من ممتلكـات الروم وكـانت تدين ابلنصرانية وهي الداينة اليت كان يعتنقها‬
‫الروم ولكن الروم كان يسيئون إىل املصريني مع أن دينهم واحد فكانوا يرهقوهنم ابلضرائب حىت وصل األمر‬
‫هبم إىل أن يفرضوا الضرائب على املوتى فال يسمحون بدفن امليت إال بعد أن يدفع أهله ضريبة‪.‬‬
‫سار عمرو بن العاص متجهاً من الشام إىل مصر وكان معه من جنود املسلمني أربعة آالف واخرتق هبم‬
‫يكن هبا حامية )‪(28‬‬ ‫رمال سيناء حىت وصل إىل العريش يف آخر سنة ‪18‬هـ وفتحها دون مقاومة ألنه مل ِ‬
‫رومية مث سار "حىت وصـل إىل "الفرما )‪"(29‬فحاصرها شهراَ ونصف الشهر حىت مت له فتحها يف أول سنة‬
‫‪17‬‬
‫‪19‬هـ وكان أهل مصر يساعدون املسلمني يف هذا احلصار مث تقدم عمرو إىل (بلبيس )فاستوىل عليها بعد‬
‫شهر مل ينقطع فيه القتال… مث سار إىل "أم دنني )‪"(30‬فنشب القتال وحتصن الروم يف حصون ابب‬
‫اّلل تعاىل وتتابع فتح املدن حىت‬
‫اليون وكان من أمنع احلصون فحاصرهم املسلمون حىت مت هلم النصر بعون ه‬
‫أصبحت مصر والية إسالمية‪(31).‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫استشهاد اخلليفة عمر بن اخلطاب ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬على يد فريوز غالم املغرية بن شعبة ويلقب أاب لؤلؤة وكان‬ ‫استشهد عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬
‫جموسياً قتله خبنجر له رأسان طعنه به ست طعنات أحدها حتت ُسَّرته وهي اليت قتلته وكان ذلك يف صالة‬
‫الفجر عندما كرب للصالة من اليوم الثالث والعشرين من ذي احلجة من السنة الثالثة والعشرين من اهلجرة‬
‫وه ِرب فريوز وأخذ يطعن خبنجره كل من مير به حىت طعن ثالثة عشر رجالً مات منهم ما يزيد على‬
‫س أبـو لؤلؤة أنه مأخوذ ال حمالة أقدم على االنتحار )‪(32‬خبنجره ذاهتا فَ ُح ِم َل اخلليفة‬
‫َح َّ‬
‫النصف وعندما أ َ‬
‫إىل بيته وبقي ثالثة أايم بعد طعنه مث تويف يوم األربعاء ألربع بقني من شهر ذي احلجة سنة ثالث وعشرين‪.‬‬
‫اّلل وصلى عليه مث دفن جبانب صاحبيه‪ ،‬وكانت مدة خالفته عشر سنني وستة‬ ‫غسله وك هفنه ابنه عبد ه‬
‫وقد ه‬
‫اّلل عنه وأرضاه وجزاه عن ا ِإلسالم واملسلمني خري اجلزاء‪.‬‬‫أشهر رضي ه‬

‫‪18‬‬
‫أسـئلة‬

‫اّلل عنه‪-.‬‬
‫اذكر نسب اخلليفة عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪1‬‬
‫أين يلتقي مع الرسول صلى هللا عليه وسلم يف النسب؟‬ ‫س‪2‬‬
‫ما كنيته؟ و مباذا لقبه الرسول صلى هللا عليه وسلم ؟‬ ‫س‪3‬‬
‫مىت ولد عمر بن اخلطاب؟‬ ‫س‪4‬‬
‫أذكر ما تعرفه عن فضله‪.‬‬ ‫س‪5‬‬
‫حتدث عن إسالم عمر بن اخلطاب‪.‬‬ ‫س‪6‬‬
‫ما اسم أخته؟ ومن زوجها؟‬ ‫س‪7‬‬
‫كيف متت البيعة للخليفة عمر بن اخلطاب؟‬ ‫س‪8‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬يف احلكم‪.‬‬
‫حتدث عن أسلوب عمر بن اخلطاب‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪9‬‬
‫اّلل عنه‪-.‬‬
‫اذكر ثالثة من أهم أعمال عمر ‪ -‬رضي َ‬ ‫س‪10‬‬
‫أين تقع كل من املدن اآلتية‪:‬‬ ‫س‪11‬‬
‫‪ -1‬الفسطاط؟ ‪ -2‬الكوفة؟ ‪ -3‬البصرة؟ ‪ -4‬الفرما؟‬
‫مىت وقعت معركة القادسية؟ ومن قائد املسلمني فيها؟‬ ‫س‪12‬‬
‫تكلم عن اهتمام عمر ابلفتوحات‪.‬‬ ‫س‪13‬‬
‫من قائد الفرس يف القادسية؟ وكم كان عدد جيش الفرس؟‬ ‫س‪14‬‬
‫كيف كانت معاملة الروم للمصريني قبل ا ِإلسالم؟‬ ‫س‪15‬‬
‫اّلل عنه –؟‬
‫مىت استشهد اخلليفة عمر بن اخلطاب ‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪16‬‬
‫وكيف استشهد؟‬
‫كـم كانت مدة خالفته؟‬ ‫س‪17‬‬
‫من غسله وكفنه؟ وأين دفن؟‬ ‫س‪18‬‬
‫وردت يف الدرس العبارة اآلتية‪:‬‬ ‫س ‪19‬‬
‫‪19‬‬
‫"خاصة عندما اتسعت رقعة الدولة ا ِإلسالمية شرقاً وغرابً ومشاالً‬
‫وجنوابً وإليك أهم أعماله" ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما نوع ما يف عندما؟‬
‫ب‪ -‬من أي ابب الفعل اتهسع؟‬
‫جـ‪ -‬استخرج من العبارة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اس ِم فعل وبني نوعه‪.‬‬
‫‪ -2‬نعتـاً‪.‬‬
‫‪ -3‬مضافاً إليه‪.‬‬
‫‪ -4‬أعرب ما حتته خط‪.‬‬

‫)‪(1‬عصر اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور أكرم ضياء العمري ص‪66.‬‬


‫)‪(2‬أيساً‪ :‬أي انقطع رجاءه فيه‪.‬‬
‫)‪(3‬حدس‪ .‬الظن أو الفراسة‪.‬‬
‫)‪(4‬رواه الرتمذي يف املناقب‪ ،‬ابب منـاقب عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه ‪ 617/5‬رقم ‪ ،3681‬فتح الباري البن حجر ‪ ،48/7‬صحيح‬
‫الرتمذي لأللباين ‪ 304/3‬برقم ‪.2907‬‬
‫)‪(5‬انظر إسالم عمر – السرية النبوية الصحيحة – للدكتور ‪ /‬أكرم ضياء العمري ‪ 178-177/1‬بتصرف وعزو اآلاثر فيه‪.‬‬
‫)‪(6‬مسدد‪ :‬أي صائب القول‪.‬‬
‫)‪(7‬عصر اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور ‪ /‬أكرم ضياء العمري ص ‪.67‬‬
‫)‪(8‬ال آلوكم‪ :‬أي ال أقصر يف النصح لكم‪.‬‬
‫)‪(9‬اإلمامة والسياسة‪ ،‬الدينوري‪1/25.‬‬
‫)‪(10‬اخللفاء الراشدون‪ ،‬للدكتور أمني القضاة ص‪46.‬‬
‫)‪(11‬الفسق واخلبث والفجور‪.‬‬
‫)‪(12‬النوائب مجع انئبة وهي ما ينـزل ابلرجل من الكوارث واحلوادث املؤملة‬
‫)‪(13‬اجلناح‪ :‬اآلن جانبه وتواضع‪.‬‬
‫)‪(14‬العقد الفريد جـ ‪ 4‬ص ‪ 65‬البن عبد ربه األندلسي‪.‬‬
‫)‪(15‬عصر اخلالفة الراشدة‪ ،‬للدكتور‪/‬أكرم ضياء العمري ص ‪.68‬‬
‫)‪(16‬عسه‪ :‬أي طاف ابلليل يكشف عن أهل الريبة‪.‬‬
‫)‪(17‬النمارق‪ :‬مجع منرقة وهي الوسادة الصغرية‪.‬‬
‫)‪(18‬ترس‪ :‬الرتس ما يتوقَّى به يف احلرب‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫)‪(19‬جور‪ .‬أي ظُلم‪.‬‬
‫)‪(20‬الظفر‪ .‬أي فاز به وانله‪.‬‬
‫)‪(21‬هابت‪ :‬أي خافت‪.‬‬
‫)‪(22‬تقلص‪ :‬أي نقص‪.‬‬
‫)‪(23‬اخللفاء الراشدون والدولة األموية‪ ،‬من مطبوعات جامعة ا ِإلمام‪ ،‬إدارة التخطيط واملناهج‪.‬‬
‫)‪(24‬وهن‪ :‬أي ضعُف‪.‬‬
‫)‪(25‬جولة اترخيية يف عصر اخللفاء الراشدين‪ ،‬د‪ .‬حممد السيد الوكيل ص ‪.58‬‬
‫)‪(26‬حليف‪ .‬احلليف أي املتعاهد على التناصر واملقصود هنا مع املسلمني‪.‬‬
‫)‪(27‬السرية النبوية واتريخ اخللفاء الراشدين‪ ،‬عبد هللا الصاحل العثيمني ص ‪.86‬‬
‫)‪(28‬احلامية‪ .‬اجلزء من اجليش‪.‬‬
‫)‪(29‬موقعها اآلن مدينـة بور سعيد‪.‬‬
‫)‪(30‬وهي قرب حمطة سكة حديد القاهرة‪.‬‬
‫)‪(31‬اخللفاء الراشدون والدولة األموية‪ ،‬من مطبوعات جامعة اإلمام‪ ،‬إدارة تطوير اخلطط واملناهج‪.‬‬
‫)‪(32‬انتحر‪ :‬أي قتل نفسه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عثمان بن عفان ‪ -‬رضي هللا عنه‪-‬‬

‫( ‪23 - 35‬هـ)‬

‫نسـبه‪:‬‬
‫هو عثمان بن عفان بن أيب العاص بن أمية بن عبد مشس بن عبد مناف بن قصي بن كالب القرشي‬
‫اّلل صلى هللا‬
‫األموي اثلث اخللفاء الراشدين يكىن أبـا عمـرو‪ .‬ويلقب بذي النـورين ألنه تزوج بنيت رسول ه‬
‫عليه و سلم رقية وتوفيت بعد غزوة بدر‪ ،‬مث أم كلثوم وتوفيت يف حياة الرسول صلى هللا عليه وسلم‪(1).‬‬
‫إسـالمه‪:‬‬
‫اّلل عنه – وهو يف الرابعة والثالثني من عمره‪ ،‬وهو أحد العشرة األوائل الذين دخلوا يف‬
‫أسلم – رضي ه‬
‫ا ِإلسالم‪ ،‬وأحد العشرة املبشرين ابجلنة‪ .‬وإسالم عثمان كان بدعوة من أيب بكر الصديق‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪-‬‬
‫فقد كان أبـو بكـر الصديق يدعو إىل ا ِإلسالم من يَثِ ُق به من قومه ممن يغشاه )‪(2‬وجيلس إليه فأسلم على‬
‫اّلل‪ ،‬وسعـد بن أيب وقاص‪ ،‬وعبد الرمحن بن‬
‫يديه‪ :‬الـزبـري بن العـوام‪ ،‬وعثـمان بن عفان‪ ،‬وطلحـة بن عبيـد ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم ومعهم أبو بكر فعرض عليهم‬ ‫اّلل عنهم‪ -‬فانـطلقـوا إىل رسول ه‬
‫عوف ‪ -‬رضي ه‬
‫ا ِإلسالم وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم حبق ا ِإلسالم فآمنوا‪(3).‬‬
‫صفاته اخلُلُقية وفضله‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬ابلكرم ولني )‪(4‬الطبع)‪ ،(5‬وعرف ابحلياء فـما كان يـُ ْعَرف أحد أشد‬
‫عرف عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬‫اّلل صلى هللا عليه و سلم يستحي منه إذ قال رسول ه‬
‫حياء منه حىت كان رسول ه‬
‫"أال استحي من رجل تستحي منه املالئكة‪"(6).‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬قال‪ :‬صعد النيب صلى هللا عليه وسلم‬‫اّلل عنه‪ -‬روى قتادة أن أنساً‪ -‬رضي ه‬‫وعن فضله‪ -‬رضي ه‬
‫أحداَ ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف فقال‪ :‬اُ ْس ُكن أُحد ‪-‬أظنه ضربه برجله‪ -‬فليس عليك إال نيب‬
‫وص هِديق وشهيدان‪(7).‬‬
‫اّلل عنهـما‪ -‬قال‪" :‬كنـا يف زمن النيب عن ال نعدل أبيب بكر أحداً‪ ،‬مث عمر‪ ،‬مث‬
‫وعن ابن عمـر‪ -‬رضي ه‬
‫عثمان مث نرتك أصحاب النيب صلى هللا عليه وسلم ال نفاضل بينهم ‪"(8).‬ويف السنة السادسة للهجرة بعثه‬
‫‪22‬‬
‫اّلل صلى‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم إىل قريش مفاوضاً عنه وذلك عندما منعت قريش دخول رسول ه‬ ‫رسول ه‬
‫هللا عليه وسلم مكة‪ :‬فبعثه صلى هللا عليه وسلم إىل زعماء وأشراف قريش خيربهم أنه مل أيت للحرب وإنه‬
‫إنـما جاء زائراً هلذا البيت ومعظماً حلرمته فخرج عثمان خماطراً بنفسه إىل مكة حىت أتى أاب سفيان وعظماء‬
‫اّلل‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان حني فرغ من رسالة رسول ه‬
‫قريش فبلغهم عن رسول ه‬
‫صلى هللا عليه وسلم إليهم‪ :‬إن شئت أن تطوف ابلبيت فطف‪ ،‬فقال‪ :‬ما كنت ألفعل حىت يطوف به‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم‪(9).‬‬ ‫رسول ه‬
‫تضحيته مبـاله‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬أروع األمثلة يف نصرة ا ِإلسالم وإعالء كلمته فكان أجود‬
‫لقـد ضرب اخلليفة عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫املسلمني حيث َجي ُّد اجلَ ُّد ويدعو داعي اجلهـاد‪ .‬روى الرتمذي عن عبد الرمحن بن مسُرة قال‪ :‬جاء عثمان إىل‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم أبلف دينـار حني جهز جيش العسرة فنثرها ِِف حجره‪ ،‬قال عبد الرمحن‪ :‬فرأيت‬
‫النيب صلى هللا عليه وسلم يقلبها يف حجره ويقول‪" :‬ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " مرتني )‪(10‬‬
‫)‪.(11‬‬
‫ومة فعن النيب صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬من حيفر بئر رومة‬‫اّلل عنه ‪ -‬أنه حفر بئر ُر َ‬
‫ومن مآثره ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬وجعلها للمسلمني‪.‬‬ ‫فله اجلنة )‪"(12‬فحفرها عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫البيعة لعثمان ابخلالفة‪:‬‬
‫اّلل عنه – بيد أيب لؤلؤة اجملوسي طلب بعض املسلمني منه أن يعهد‬ ‫ملا طعن عمر بن اخلطاب ‪ -‬رضي ه‬
‫ابخلالفة ملن يرتضيه وخيتاره فرتدد عمر مث قال‪ :‬إن استخلفت فقد استخلف من هو خري مين وإن أترك فقد‬
‫اّلل عنه‪ -‬ستة رجـال كانـوا‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم مث ذكر عمر‪ -‬رضي ه‬ ‫ترك من هو خري مين ‪ -‬يريد رسول ه‬
‫يتميزون حبب الرسول صلى هللا عليه وسلم هلم ورضاه عنهم أكثر من غريهم وهم‪ :‬علي‪ ،‬وعثـمان بن عفـان‪،‬‬
‫اّلل‪ ،‬وطلب إليهم أن‬
‫وعبد الرمحن بن عوف‪ ،‬وسعد بن أيب وقـاص‪ ،‬والزبـري بن العـوام‪ ،‬وطلحة بن عبيد ه‬
‫جيتمعوا بعد وفاته ليختاروا واحداً منهم‪ ،‬وقد اجتمع هؤالء النفر بعد وفاة عمر‪ ،‬وانتهى الرأي األخري إىل‬
‫اّلل تعاىل عنه )‪ -(13‬فبايعه املسلمون اب ِإلمجاع‪.‬‬
‫اختيار عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫أهـم أعماله‪:‬‬
‫أوال‪ :‬مجع املسلمني يف قراءة القرآن على حرف قريش‪:‬‬
‫انتشر ا ِإلسالم َ‬
‫وع َّمت الفتوحات اإلسالمية ودخل يف اإلسالم أقوام من غري العرب فخشي بعض‬
‫‪23‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم من اختالف الناس يف قراءة القـرآن أو حتريف شيء من القرآن‬
‫أصحاب رسول ه‬
‫لفظاً أو أداء)‪ ،(14‬فقد قدم حذيفة بن اليمان على عثمان‪ ،‬وكان حذيفة يغازي )‪(15‬أهل الشام يف فتح‬
‫أرمينيا وأذربيجان )‪(16‬مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختالفهم يف القراءة‪ ،‬فقال حذيفة لعثمان‪ :‬اي أمري‬
‫املؤمنني أدرك هذه األمة قبل أن خيتلفوا يف الكتاب اختالف اليهود والنصارى‪ ،‬فأرسل عثمان إىل حفصة‬
‫أن أرسلي إلينا ابلصحف ننسخها يف املصاحف مث نردها إليك‪ ،‬فأرسلت هبا حفصة إىل عثـمان‪ ،‬وأمر‬
‫عثـمان بنسخ القرآن بلسان قريش حىت إذا نسخت الصحف يف املصاحف أرسل إىل كل أفق )‪(17‬‬
‫مبصحف مما نسخ وأمر بـما سواه من القرآن يف كل صحيفة أو مصحف أن حيرق‪(18).‬‬
‫اثنيا‪ :‬أتسيس البحرية اإلسالمية‪:‬‬
‫اّلل عنـه – يف َتسيس‬
‫اّلل عنه ‪ -‬وايل الشام اخلليفة عثـمان – رضي ه‬
‫استأذن معاوية بن أيب سفيان ‪ -‬رضي ه‬
‫أسـطول )‪(19‬حبري لصـد غارات األسطول البيزنطي على سواحل الشام ومصر فأذن له‪ ،‬فأعد معاوية‬
‫أسطوالً قوايً متكن به من فتح جزيريت قربص ورودس يف البحر املتوسط كـما انزل األسطول ا ِإلسالمي‬
‫األسطول البيزنطي عام ‪34‬هـ فانتصر عليه يف معركة ذات الصواري )‪(20‬قرب ا ِإلسكندرية مع أن‬
‫األسطول البيزنطي كان أكثر عدداً وجتهيزاً من األسطول اإلسـالمي وعرفت املعركة هبذا االسم‪ -‬ذات‬
‫الصـواري‪ -‬ألن صواري سفن املسلمـني والروم ربطت بعضها ببعض‪(21).‬‬

‫‪24‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫الفتوحات اإلسالمية يف عهد اخلليفة عثمان بن عفان ‪ -‬رضي ه‬
‫*فتـح املغرب وبالد النوبة)‪: (22‬‬
‫اّلل عنه ‪ -‬إىل بالد النوبة جنوب مصر‪،‬‬
‫زحفت جيوش املسلمني يف عهد عثمان بن عفان – رضي ه‬
‫ومتكنوا من فتحها وضمها إىل الدولة اإلسالمية كـما اتبع املسلمون فتوحاهتم يف بالد املغرب ونشروا الدعوة‬
‫ا ِإلسالمية يف احنائها ووصلت جيوشهم إىل سهول تونس واصطدموا مع قوات الروم فيها وهزموهم‬
‫وأصبحت املنطقة كلها من برقة )‪(23‬إىل تونس خاضعة للدولة ا ِإلسالمية يف عهد عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪-‬‬
‫‪(24).‬‬
‫*فتـح بالد فارس‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬حىت وصلت شرقاً إىل حبر قزوين‬
‫امتدت رقعة الدولة اإلسالمية يف عهد اخلليفة عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫آسيا ومازال املسلمون يطاردون ملك الفرس (يزدجرد) حىت قتل يف بلده مرو )‪(25‬من بالد فارس وانتهت‬
‫مبوته دولة فارس‪.‬‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫استشهاد اخلليفة عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنـه‪ -‬ليهنا‬
‫اّلل عنـه‪ -‬ذا صفـات كرمية وأخالق فاضلة‪ ،‬فقـد كان‪ -‬رضي ه‬
‫كان اخلليفـة عثـمان ‪-‬رضي ه‬
‫‪25‬‬
‫اّلل‬
‫اّلل القومي فمن هؤالء‪ :‬عبد ه‬ ‫رحيما وعطوفا كريـما فطمع فيه أصحـاب األنفس الضعيفة والكارهون لدين ه‬
‫بن سبأ وهو يهودي أسلم زمن عثمان نفاقاً فبدأ يطوف يف بلدان املسلمني وكان كلما وصل إىل بلد حيكي‬
‫كذابً عن ظلم عثمان للبلد اآلخر حىت ترك كل قطر )‪(26‬يظن أنـه خبري وأنه أفضل حاال من القطر اآلخر‬
‫اّلل عنه‪ -‬أحق ابخلالفة من عثمان فجاءت وفود من البصرة‪ ،‬والكـوفة‪ ،‬ومصر‬ ‫وأقنعهم أن علياً‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنهما‪ -‬وواعداهم خرياً إذا هم دعوا إىل‬ ‫اّلل بن سبأ وقابلهم اخلليفة عثمان وعلي‪ -‬رضي ه‬ ‫قائدهم عبد ه‬
‫بالدهم فبدأت هذه" الوفود ابخلروج من املدينة إال أهنم رجعوا مرة أخرى إىل املدينة حبجة أن عثمان كتب‬
‫اّلل عنه‪ -‬بريءُ‬
‫إىل وايل مصر أيمره أن يقتل الوفد الذي جاء إىل املدينة من أهل مصر‪ .‬وعثمان‪ -‬رضي ه‬
‫املزَّور يسري على مقربة من أهل مصر‬ ‫من هذا الكتاب وإمنا ُزهِور عليه‪ ،‬وكان حامل هذا الكتاب ُ‬
‫يتعرضهم )‪(27‬حىت قالوا له‪ :‬ما لك؟ إن لك ألمراً ما شأنك؟ فقال‪ :‬أان رسـول أمـري املؤمنـني إىل عامله‬
‫رف فرجعوا إىل عثمان‬ ‫مبصر ففتشوه فإذا هم ابلكتاب املزور وواضح أن هذا الرجل كان قاصداً أن يـُ ْع َ‬
‫اّلل دمك وأحاط الثوار بيت عثمان‬ ‫وطلب عثمان التحقيق يف هذا الكتاب إال أهنم أبوا وقالوا‪ :‬قد أحل ه‬
‫وقد حاول كثريٌ من الصحابة وأبنائهم الدفاع عن عثمان إال أنه كان يقسم عليهم أن يلقوا سيوفهم وهجم‬
‫الثوار على اخلليفة فضربـه رجـل مصري من بين سدوس يقال له ‪َ :‬جْبلة‪ -‬أي‪ :‬الرجل األسـود‪ -‬بسيف وهو‬
‫اّلل عنه‪ -‬بيده‪ ،‬فقطعها واملصحف بني يديه فنضـخ )‪(29‬الـدم‬
‫يقرأ القرآن )‪(28‬فاتقاه عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫على قولـه تعـاىل{ ‪:‬فسيكفيكهم هللا وهو السميع العليم }فسقط املصحف من يده فقال عثمان‪ :‬أما و ه‬
‫اّلل‬
‫صل ‪(30) -‬وذلك أنه كان من كتبة الوحي وهو أول من كتب املصحف من‬ ‫ِ‬
‫خطت امل َف َّ‬ ‫كف‬
‫إهنا ألول ه‬
‫ُ‬
‫فتعمـدهـا أحد اجملرمني فضرب يدها‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم‪ .‬فجاءت زوجتـه انئلة حتجـز عنـه َّ‬ ‫إمالء رسول ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬يوم اجلمعـة الثـامن عشر من ذي‬
‫فقطع أصابعها‪ .‬مث ضرب عثمان فقتله‪ .‬وكان استشهاده‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل أمري املؤمنني رمحة واسعة وجزاه عن اإلسالم واملسلمني خري اجلزاء‪.‬‬
‫احلجة عام ‪35‬هـ‪(31).‬فرحم ه‬

‫أسـئلة‬
‫اّلل عنه‪-‬؟‬
‫س‪ 1‬ما نسب اخلليفة عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫س‪ 2‬مباذا لقب اخلليفة عثمان؟ وما سبب ذلك؟‬
‫اّلل عنه ‪-‬؟‬
‫س‪ 3‬كيف أسلم اخلليفة عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫‪26‬‬
‫اّلل عنه ‪ -‬اخلُلُقية‪.‬‬
‫س‪ 4‬اذكر صفات اخلليفة عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬من جيش العسرة؟‬
‫س‪ 5‬ما موقف اخلليفة عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬اخلالفة؟‬
‫س‪ 6‬كيف توىل عثمان – رضي ه‬
‫س‪ 7‬أكـمل الفراغات اآلتية‪:‬‬
‫أ‪ -‬امتـدت رقعة الدولة ا ِإلسالمية يف عهد عثمان – رضي ه‬
‫اّلل عنه ‪ -‬حىت وصلت شرقاً إىل‬
‫حبر………………… وغرابً إىل……………………‬
‫ب‪ -‬كما فتح األسطول ا ِإلسالمي جزيريت ………………… و‬
‫……………………‬
‫س‪ 8‬أجب (بنعم) أو (ال) فيما يلي‪:‬‬
‫(‬ ‫أ‪ -‬كانت معركة ذات الصواري بني املسلمني والفرس‪).‬‬
‫(‬ ‫ب‪ -‬وصلت جيوش املسلمني يف عصر عثمان بن عفان إىل بالد النوبة جنوب مصر‪).‬‬
‫(‬ ‫جـ‪ -‬متكن األسطول ا ِإلسـالمي يف عهـد عثمان من فتح جزيريت صقلية وكريت‪).‬‬
‫س‪ 9‬اذكر السبب ملا أييت‪:‬‬
‫اّلل عنه‪-.‬‬
‫أ‪ -‬كتابة املصاحف يف عهد اخلليفة عثمان ‪ -‬رضي ه‬
‫ب‪َ -‬تسيس البحرية ا ِإلسالمية‪.‬‬
‫اّلل عنه‪-.‬‬
‫جـ‪ -‬الفتنة يف عهد اخلليفة عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫د‪ -‬إقسام اخلليفة عثمان على الصحابة وأبنائهم إبلقاء سيوفهم أثناء احلصار‪.‬‬
‫اّلل عنه‪-‬؟ ومىت؟‬
‫من قتل اخلليفة عثمان‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪15‬‬
‫ب)‪.‬‬
‫هات املاضي من الفعل (يُـلَ هق ُ‬ ‫س‪11‬‬
‫هات اسم الفاعل من الفعل (تزوج)‪.‬‬ ‫س‪12‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم‪( :‬اللهم ِ‬
‫ارض عن عثمان فإين عنه‬ ‫قال رسول ه‬ ‫س‪13‬‬
‫راض) ‪.‬‬
‫استخرج من العبارة السابقة امسا ممنوعاً من الصرف وأعربه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬بنسخ القرآن بلسان قريش‪.‬‬
‫أمر عثمان‪ -‬رضي ه‬ ‫س‪14‬‬
‫أعرب اجلملة السابقة ‪.‬‬
‫"وأصبحت املنطقة كلها من برقة إىل تونس خاضعة للدولة ا ِإلسالمية"‪.‬‬ ‫س‪15‬‬
‫استخرج من اجلملة السابقة‪.‬‬
‫‪ -1‬نعتا جمرورا‪.‬‬
‫‪ -2‬فعالً انسخاً وبني امسه وخربه‪.‬‬
‫‪ -3‬أعرب الكلمة اليت حتتها خط‪.‬‬

‫)‪(1‬انظر‪ :‬اإلصابة‪ ،‬البن حجر ‪.223/4‬‬


‫)‪(2‬يغشاه‪ :‬أي أاته‪.‬‬
‫)‪(3‬السرية النبوية‪ ،‬البن كثري ‪.437/1‬‬
‫)‪(4‬اللني‪ :‬السهل والسمح‪.‬‬
‫)‪(5‬الطبع‪ :‬أي اخللق‪.‬‬
‫)‪(6‬صحيح مسلم ‪.169/15‬‬
‫)‪(7‬فتح الباري ‪.53/7‬‬
‫)‪(8‬فتح الباري ‪.54/7‬‬
‫)‪(9‬انظر‪ :‬السرية النبوية‪ ،‬البن هشام ‪.202/3‬‬
‫)‪(10‬رواه الرتمذي ‪.208/3‬‬
‫)‪(11‬أي قاهلا مرتني‪.‬‬
‫)‪(12‬فتح الباري ‪.52/7‬‬
‫)‪(13‬ملخص ما ورد يف فتح البـاري ‪.59/7‬‬
‫)‪(14‬أداءً‪ .‬أي قراءة‪.‬‬
‫)‪(15‬يغازى أهل الشام‪ :‬مع أهل الشام‪.‬‬
‫)‪(16‬أرمينيا وأذربيجان…‪ :‬انظر املوقع ص‪41.‬‬
‫)‪(17‬أفق‪ :‬انحية‪.‬‬
‫)‪(18‬فتح الباري ‪.11 /9‬‬
‫)‪(19‬أسطول‪ :‬جمموعة من السفن تعد للحرب أو للنقل‪.‬‬
‫)‪(20‬الصواري‪ :‬مجع صارية وهي عمود يقام يف السفينة يشد عليه الشراع‪.‬‬
‫)‪(21‬الذهيب‪ ،‬اتريخ اإلسالم ووفيات املشاهري واألعالم عهد اخللفاء الراشدين ص ‪.420‬‬
‫)‪(22‬انظر‪ :‬اخلريطة السابقة موقع بالد النوبة‬

‫‪28‬‬
‫)‪(23‬انظر‪ :‬اخلريطة السابقة موقع برقة‪.‬‬
‫)‪(24‬انظر الذهيب‪ :‬اتريخ اإلسالم‪ ،‬ووفيات األعيان عهد اخللفاء الراشدين ص ‪.318‬‬
‫)‪(25‬انظر املوقع ابخلريطة السابقة‪.‬‬
‫)‪(26‬القطر‪ :‬الناحية‪.‬‬
‫)‪(27‬يتعرضهم‪ :‬أي جعل نفسه هدفاً هلم‪.‬‬
‫)‪(28‬أكرم ضياء العمري‪ ،‬عصر اخلالفة الراشدة ص‪391.‬‬
‫)‪(29‬نضخ‪ :‬نضخ الدم أي ترشش على املصحف‪.‬‬
‫السبع األخري من القرآن الكرمي من" ق "إىل" الناس "مسي بذلك لكثرة الفصل بني سورة‪.‬‬
‫فصل‪ُّ :‬‬ ‫)‪(30‬امل َّ‬
‫ُ‬
‫)‪(31‬اإلصابة‪ :‬ابن حجر‪4/224.‬‬

‫‪29‬‬
‫على بن أيب طالب ‪ -‬رضي هللا عنه‪-‬‬
‫( ‪35 - 40‬هـ)‬
‫نسـبه‪:‬‬
‫اّلل عنها‪-‬‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة – رضي ه‬
‫هو علي بن أيب طالب ابن عم رسول ه‬
‫وهو رابع اخللفاء الراشدين وأحد العشرة املبشرين ابجلنة – ولد قبل البعثة بعشر سنني )‪-(1‬أبو عبد مناف‬
‫اّلل عنه – أبيب السبطني )‪ (2‬يعين‬
‫بن عبد املطلب بن هاشم بن عبد مناف – ويلقب علي – رضي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬أبيب تراب – فقد روى‬
‫احلسن واحلسني ويكىن أاب احلسن – ولقبه رسول ه‬
‫البخاري أن علياً دخل على فاطمة مث خرج فاضطجع )‪(3‬يف املسجد فقال النيب صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أين‬
‫اب إىل ظهره‪.‬‬
‫ابن عمك؟ قالت‪ :‬يف املسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص )‪(4‬الرت ُ‬
‫فجعل ميسح الرتاب عن ظهره فيقول‪ :‬اجلس اي أاب تراب‪ .‬مرتني‪(5).‬‬
‫إسـالمه‪:‬‬
‫يعيش يف كنف )‪(6‬الرسول صلى هللا‬ ‫اّلل عنه – أول من أسلم من الصبيان وكان ِ‬ ‫كان علي – رضي ه‬
‫ث الرسول صلى هللا‬ ‫عليه وسلم فقد كفله وتوىل تربيته ليخفف عن عمه شيئاً من مؤونة العيال وحينما بُعِ َ‬
‫عليه وسلم كان علي ال يزال يف حجره فدعاه إىل ا ِإلسالم فآمن به وصدقه )‪(7‬وكان له من العمر ثـماين‬
‫أو عشر سنني‪(8).‬‬
‫صفاته اخللقية‪:‬‬
‫اّلل عنه ‪-‬عاملاً ذكياً اشتهر ابلفصاحة والشجاعة واملروءة والـوفـاء واحرتام العهود‪ ،‬وكان ‪-‬‬‫كان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬يستوحش من الدنيا وزهرهتا وأينس ابلليل ووحشته ويعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام‬ ‫رضي ه‬
‫يقرب املساكني وكان خياطب الدنيا فيقول‪ :‬عمرك قصري وجملسك حقري‬ ‫ما خشن‪ ،‬وكان يُع ِظهم أهل الدين ُو هِ‬
‫وخطرك قليل آه آه من قِلَّة َّ‬
‫الزاد وبـُ ْعد السفر ووحشة الطريق‪(9).‬‬
‫فضـله‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬كثرية منها‪ :‬قول النيب صلى هللا عليه وسلم ‪":‬أنت مين وأان منك )‪"(10‬‬
‫فضائل علي‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم وهو عنه راض ‪(11).‬ويف‬ ‫اّلل عنه – ِ‬
‫تويف رسول ه‬ ‫وقول عمر بن اخلطاب – رضي ه‬
‫صنَان – قال النيب صلى هللا عليه وسلم ‪ ": -‬ألعطني الراية‬ ‫ِ‬
‫غزوة خيرب حينما استعصى على املسلمني ح ْ‬
‫‪30‬‬
‫اّلل على يديه "قال فبات الناس يدوكون )‪(12‬ليلتهم أيهم يعطاها‪ .‬فلما أصبح الناس‬ ‫غداً رجالً يفتح ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها‪ ،‬فقال‪ :‬أين علي بن أيب طالب؟‬ ‫غدوا على رسول ه‬
‫اّلل‪ .‬قال‪ :‬فأرسلوا إليه فأتوين به‪ ،‬فلما جاء بصق يف عينيه‪ ،‬ودعا له‪ .‬فربأ‬
‫فقالوا‪ :‬يشتكي عينيه اي رسول ه‬
‫اّلل عليه‪(13).‬‬ ‫حىت كأن مل يكن به وجع فأعطاه الراية ففتح ه‬
‫تضحيتـه بنفسـه‪:‬‬
‫أي شيء يف سبيل هذه الدعوة فقد‬ ‫اّلل عنه‪ -‬كأفاضل الصحابة ال يبايل حني يـُ َقدَّم َّ‬
‫كان علي‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم‬
‫اّلل عنه‪ -‬أول من فدى )‪(14‬بنفسه رسول ه‬ ‫ض َّحى بنفسه وماله‪ ،‬فهو‪ -‬رضي ه‬
‫َ‬
‫فقد انم يف فراش الرسول صلى هللا عليه وسلم ليلة اهلجرة مع أنه يعلم أن املشركـني قد اتفقوا على قتل‬
‫اّلل عنه‪ -‬يف مجيع الغزوات عدا غزوة تبوك‪(15).‬‬ ‫اّلل صلى هللا عليه و سلم واشرتك ‪ -‬رضي ه‬
‫رسول ه‬
‫خـالفته‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬اختاره املسلمون أمرياً هلم فلم يقبل وأحب أن يكون وزيراً بدل أن‬
‫بعد مقتل عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫يكون أمرياً إال أن الصحابة أصروا عليه للخالص من املأزق الذي كانوا فيه فقد كان الثوار هم املسيطرون‬
‫اّلل عنه – ظلماَ وعدواانً بل هدد‬
‫على زمام )‪(16‬األمور يف املدينة بعد قتلهم اخلليفة عثمان – رضي ه‬ ‫ِ‬
‫أهل املدينة بقتل أهل الشورى وكبار الصحابة‪ ،‬ومن يقدرون عليه من دار اهلجرة إن مل جيدوا أحداً‬ ‫الثو ُار َ‬
‫اّلل لئن مل تفرغوا لنقتلن غداَ علياً وطلحة‬ ‫يقبل اخلالفة وقال ِوا دونكم اي أهل املدينة فقد أ َّ‬
‫َج ْلنَاكـم يومني فو ه‬
‫والزبري وأانساً كثريين‪ ،‬وملا عزم عليه املهاجرون واألنصار رأى ذلك فرضاً عليه فانقاد إليه ‪ -‬ويف يوم السبت‬
‫اّلل عنه‪ -‬إىل املسجـد فصعد املنرب فبايعه املهاجرون‬ ‫التاسع عشر من ذي احلجة خرج علي‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل(‪.)17‬‬
‫واألنصار وكان ممن ابيعه الزبري بن العوام‪ ،‬وطلحة بن عبيد ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬بعد تَولهيه اخلالفة‪:-‬‬
‫أهم أعمال علي بن أيب طالب‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬وتتجدد أحداثها مبكر وحيل أعداء‬ ‫اّلل تعـاىل أن تطول الفتنـة بعد مقتل عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫شاء ه‬
‫ا ِإلسالم ابتالءً وامتحاانً للمسلمني فهو سبحانه حكيـم يف قضائه عليـم فـي أقداره‪ ،‬فبعد أن بويع عـلي ‪-‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬بـما يلي‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬ابخلالفة قام علي‪ -‬رضي ه‬
‫رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أمراء عثمان الذين يشتكي منهم الناس وعزل أيضاً من ال يتفق مع‬
‫علي – رضي ه‬‫أوالا ‪َ :‬عَزَل ٌ‬
‫سياسته‪.‬‬
‫اّلل عنه – معاقبة قتلة عثمان ريثما يستقر حكمه جيتمع عليه املسلمون يف‬
‫أجـل علي – رضي ه‬ ‫اثنيا ‪ :‬ه‬
‫‪31‬‬
‫البالد األخرى‪(18).‬‬
‫اّلل عنهم‪ -‬من هذه األعمال‪:‬‬‫موقف بعض الصحابة‪ -‬رضي ه‬
‫استجاب بعض األمراء هلذا العزل ومل يستجب قسم منهم من بينهم أمري الشام معاوية بن أيب سفيان‪-‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬وتسليمه جباللة قدره‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬مع اعرتافه بفضل علي ‪ -‬رضي ه‬
‫رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬هو إصراره على ضرورة القصاص من اجملرمني قبل البيعة‪،‬‬
‫وكان سبب عدم استجابته‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنهما‪ -‬كان مبنياً على االجتهاد ال‬
‫وهذا هو بداية اخلالف‪ ،‬وما جرى بني علي ومعاوية‪ -‬رضي ه‬
‫منازعة من معاوية يف ا ِإلمامة )‪(19‬لذلك قرر أهل السنة واجلماعة أن كالمها مأجور للمصيب أجران‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ‪":‬إذا حكم احلاكم فاجتهد مث أصاب فله‬‫وللمخطىء أجر واحد كـما قال رسول ه‬
‫أجران‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد مث أخطأ فله أجر‪"(20).‬‬
‫وقد نتج عن استغالل احلاقدين )‪(21‬هلذا اخلالف حرابن مؤسفتان بني املسلمني دفاعاً عـما يعتقده كل‬
‫فريق من احلق والصواب فكانت األوىل ‪:‬‬
‫معركة اجلمل (‪36‬هـ))‪: (22‬‬
‫اّلل عنهما‪ -‬ساروا إىل البصرة‬
‫اّلل عنها – ومعها طلحة والزبري – رضي ه‬
‫وسببها "أن عائشة‪ -‬رضي ه‬
‫ومعهم كثري من الناس بنية َتليف القلوب وهتدئة الوضع املضطرب واإلصالح بني الناس حينما اختلفوا بعد‬
‫اّلل عنه‪ -‬ممتثلني بذلك قوله تعاىل ‪{:‬ال خري يف كثري من جنواهم إال من أمر‬
‫استخالف علي – رضي ه‬
‫بصدقة أو معروف أو إصالح بني الناس} )‪ (23‬وبعد أن مسع علي خبـروج عائشـة‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنهـا‪-‬‬
‫إىل البصرة خرج جبيشـه يريد اإلصالح أيضاً بدليل قوله ‪-‬رضي ا هّلل عنه‪ -‬عندما سئل أي شيء تريد؟ وإىل‬
‫أين تذهب؟ فقال‪ :‬أما الذي نريد ونـَْنوي فاإلصالح إِن قَبِل ِمنَّا أصحـاب عائشـة وأجابوا لنا إليه قال‪ :‬فإ َن‬
‫مل جييبوا إليه قال‪ :‬ندعهم بعـذرهم ونعطيهم احلق ونسري‪ .‬قال‪ :‬فإن مل يرضوا‪ .‬قال‪ :‬ندعهم ما تركوان‪ .‬قال‪:‬‬
‫فإن مل يرتكوان‪ .‬قال‪ :‬امتنعنا منهم‪ .‬قال‪ :‬أي السائل فنعم إذن )‪ (24‬ودار احلوار والتفاهم بينه وبني‬
‫اّلل بن سبأ ومن معه ‪-‬‬ ‫اّلل عنها‪ -‬ومن معها وابت اجليشان خبري ليلة ولكن أهل الفتنة‪ -‬عبد ه‬ ‫عائشة‪ -‬رضي ه‬
‫خافوا على أنفسهم من االتفاق بني الطرفني فقاموا مع الفجر وانقسموا قسمني وهجم كل قسم على‬
‫معسكر اآلخر‪ ،‬فقام الناس إىل سالحهم وهم يظنون الغدر واشتبك املسلمون يف قتال مرير حىت عُ ِقر مجل‬
‫اّلل عنها‪ -‬فتفرق الناس وانتهت املعركة ورجعت عائشة إىل مكة بعد أن جهزها علي‪-‬‬ ‫عائشة ‪ -‬رضي ه‬
‫وس َّري معها أخاها‬
‫اّلل عنه‪ -‬بكل ما حتتاج وسار جبانب هودجها )‪ (25‬ماشياً حىت خارج املدينة َ‬ ‫رضي ه‬
‫‪32‬‬
‫وسري أوالده معها مسرية يوم‪(26).‬‬
‫حممد بن أيب بكر ه‬
‫والثانية‪ :‬معركـة صفني سنة ‪ 37‬هـ‪:‬‬
‫اّلل عنهما‪ -‬واستغله‬
‫وهي املعركة الثانية نتيجة هلذا اخلالف الذي وقع بني علي ومعاوية ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬وأصحاب معاوية‪-‬‬ ‫احلاقدون وسبق أن بينها أسباب هذا اخلالف‪ ،‬كان أصحاب علي‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل‬
‫اّلل عنه‪ -‬قد تكاتبا مدة ستة أشهر قبل املعركة وهذا يدل داللة واضحة على كرههما ‪ -‬رضي ه‬ ‫رضي ه‬
‫عنهما‪ -‬للقتال ورغبتهما يف ا ِإلصالح ولكن مل يتوصال إىل نتيجة خالل هذه املدة فبدأت املعركة ابخلطوات‬
‫التالية‪:‬‬
‫أوالا ‪:‬مناوشات )‪(27‬بني الطرفني‪:‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬فتقاتل الفريقان وانتصر جند‬
‫وذلك من أجل املاء الذي كان حتت سيطرة جيش معاوية‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أصحابه أن خذوا من املاء حاجتكم‬
‫علي وأزحوا جند معاوية عن مواقعهم فأمر علي‪ -‬رضي ه‬
‫وخلوا عنهم‪(28).‬‬
‫اثنيا ‪:‬بدأ القتال بني الطرفني بقوة خمتلفة دون أن يظهر انتصار حاسم ألي فريق وإن كانت الكفة‬
‫اّلل عنه‪ -‬ومع ذلك كان الكثري من أفراد اجليشني يلتقون يف الليل )‪(29‬‬
‫راجحة لصاحل علي‪ -‬رضي ه‬
‫ويتحدثون‪.‬‬
‫هناية األحداث وحقن الدماء بني أهل العراق وأهل الشام‪:‬‬
‫بن‬
‫ين املسلمون بعضهم بعضاً فتمنوا ما ينقذهم ويوقف القتال وكان عمرو َ‬‫خاف املخلصون أن يـُ ْف َ‬
‫اّلل عنه‪ -‬يفكر ملياً بذلك حىت اهتـدى إىل فكرة التحكيم ليوقف تلك املقتلة الكربى عند‬ ‫العاص ‪-‬رضي ه‬
‫اّلل عنـه‪ -‬ففـرح هبا ورفـع جيش الشام املصاحف فهاب جيش علي‪-‬‬ ‫ذلك أبـدى الفكـرة ملعـاوية‪ -‬رضي ه‬
‫كل إىل بلده‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬قتاهلم وتوقف القتال وتفرق اجليشان بعد مسألة التحكيم )‪(30‬ومضى ٌ‬ ‫رضي ه‬
‫اّلل عنه‪-:‬‬
‫استشهاد علي ‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عنـه – يف السابع عشر من شهر رمضان سنة ‪40‬هـ عل ِى يد أحد اخلوارج )‪(31‬‬ ‫استشهـد – رضي ه‬
‫اجتمع مع زميلني‬
‫اّلل فقـد َ‬ ‫اّلل عنـه‪ -‬يتقـرب إىل ه‬
‫وامسه عبد الرمحن بن ُم ْلجم الذي ظن أنه بقتله علياَ‪ -‬رضي ه‬
‫له وتذاكروا األحداث )‪(32‬اليت جرت بني املسلمني‪ -‬فقالوا‪ :‬اي ليتنا نقتل أئمة الضـاللـة ونريح منهم البالد‬
‫اّلل‪ :‬وأان أكفيكم معاوية‪ ،‬وقال‬
‫فقال عبد الرمحن بن ملجم‪ :‬أان أكفيكم علياً‪ ،‬وقال زميله الربك بن عبد ه‬
‫عمرو بن بكر‪ :‬وأان أكفيكم عمرو بن العاص ‪.‬واتفقوا على أن يكون ذلك يف ليلة واحـدة وقـد متكن عبد‬
‫‪33‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬بسيف مسموم عندما كان ذاهباً لصالة الفجر وهو ينادي‬
‫الرمحن بن ملجم من قتل علي ‪-‬رضي ه‬
‫اّلل أمري املؤمنني رمحة واسعة‬
‫الصالة الصالة بينـما فشـل زمياله يف قتـل معاوية وعمرو بن العاص‪ ،‬فرحم ه‬
‫وجزاه عن ا ِإلسالم واملسلمني خري اجلزاء‪(33).‬‬
‫عـام اجلماعـة سنة ‪ 41‬هـ‪:‬‬
‫اّلل عنـه‪،-‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬يف اليوم الذي استشهـد فيه علي‪ -‬رضي ه‬ ‫ابيع أهـل العراق احلسن بن علي ‪-‬رضي ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬أن احلسن يعبئ له اجليوش ملواصلة قتاله فعبأ جيشه حتسباً واحتياطاً لألمور‬ ‫وبلغ معاوية‪ -‬رضي ه‬
‫احلسن بن علي معاويةَ بكتائب‬‫ُ‬ ‫اّلل‬
‫فقد روى البخاري يف صحيحه عن احلسن البصري قال‪" :‬استقبل و ه‬
‫أمثال اجلبال‪ .‬فقال عمرو بن العاص‪ :‬إين ألرى كتائب ال تُـ َوهِىل حىت تقتل أقراهنا‪ .‬فقال له معاوية‪ :‬أي‬
‫عمرو إ ْن قَـتَـل هؤالء هؤالء‪ ،‬وهؤالء هؤالء من يل أبمـور النـاس؟ ومن يل أببنائهم؟ ومن يل بضيَعِهم؟ فبعث‬
‫اّلل بن عامر‪.‬‬
‫إليه (أي‪ :‬إىل احلسن) رجلني من قريش من بين عبد مشس ومها عبد الرمحن بن مسرة‪ ،‬وعبد ه‬
‫فقـال‪ :‬اذهبـا إىل هذا الرجل فأعرضا عليه وقوال له وأطلبا إليه (أي ‪:‬الصلح) فَأَتَياَه فدخال عليه فتكلما وقاال‬
‫له وطلبا إليه‪ .‬فقال هلما احلسن بن علي ‪:‬إان بنو عبد املطلب قد أصبنا من هذا املال وإن هذه األمة قد‬
‫عاثت يف دمـائها‪ .‬قاال ‪:‬فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال‪ :‬فمن يل هبذا؟ (أي‪:‬‬
‫يكفل يل هذا )قاال‪ :‬حنن لك به فـما سأهلـما شيئاً إال قاال‪ :‬حنن لك به فصاحله وتنازل له )‪ "(34‬وهكذا‬
‫اّلل عنه‪ -‬لدينه وعقله وتقواه فتحقق قول النيب صلى‬ ‫اّلل بني املسلمـني ابحلسن ‪-‬رضي ه‬
‫انتهت الفتنة وأصلح ه‬
‫اّلل أن يصلح به بني فئتني‬ ‫هللا عليه وسلم فيما رواه البخاري يف صحيحه "إن ابين هذا سيد ولعل ه‬
‫عظيمتني من املسلمني)‪(35).‬‬

‫أسئلة‬

‫اّلل عنه‪ -‬ومىت ولد؟‬


‫س‪ 1‬أ‪ -‬اذكر نسب علي‪-‬رضي ه‬
‫ب‪ -‬وماذا تعرف عن نشأته وإسالمه؟‬
‫اّلل عنه – ونصرته للنيب صلى هللا عليه وسلم قيل؟‬
‫جـ – اذكر ما تعرفه عن جهاد علي – رضي ه‬
‫اّلل عنه‪-‬؟‬
‫س‪ 2‬اشرح كيف آلت اخلالفة إىل علي‪ -‬رضي ه‬
‫‪34‬‬
‫اّلل عنهما –؟‬
‫س‪ 3‬اذكر أسباب اخلالف بني علي ومعاوية – رضي ه‬
‫س‪ 4‬ما أسباب معركة صفني؟‬
‫اّلل عنه –؟‬
‫س‪ 5‬ما أهم األحداث يف عهد علي‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل‬
‫اّلل عنهما – بعد أن توىل علي‪ -‬رضي ه‬
‫س‪ 6‬اذكر سبب خروج كل من علي وعائشة‪ -‬رضي ه‬
‫عنه ‪-‬اخلالفة‪.‬‬
‫اّلل عنهما‪ -‬يف الصلح‪.‬‬
‫س‪ 7‬وضح ما الذي يدل على رغبة علي ومعاوية ‪ -‬رضي ه‬
‫س‪ 8‬درست نسب اخلليفة علي‪ -‬استخرج منه امسا من األمساء اخلمسة؟‬
‫س‪ 9‬ما حكم توكيد الفعل (ألعطني) ابلنون وملاذا؟‬
‫س‪ 10‬أعرب اجلملة اآلَتية ‪[:‬أعطاه الراية‪].‬‬
‫س‪" 11‬كان الفريقان قد تكاتبا"‬
‫أ‪ -‬ما فائدة "قد"؟‬
‫ب‪ -‬أعرب اجلملة كاملة‪.‬‬
‫اّلل عنه ‪-‬؟‬
‫س‪ 12‬كيف استشهد علي ‪ -‬رضي ه‬
‫س‪ 13‬حتدث عن عام اجلماعة ويف أي سنة كان؟‬

‫)‪(1‬اإلصابة‪ ،‬البن حجر ‪.269/4‬‬


‫)‪(2‬البطني‪ :‬مفرده سبط‪ :‬وهو ولد االبن واالبنة‪.‬‬
‫)‪(3‬اضطجع‪ :‬وضع جنبه على األرض‪.‬‬
‫)‪(4‬خلص‪ :‬وصل إىل جلده الرتاب‪.‬‬
‫)‪(5‬فتح الباري ‪.90/7‬‬
‫)‪(6‬يف كنف الرسول‪ :‬أي يف ِضلهه وحتت رعايته‪.‬‬
‫)‪(7‬ابن هشام ‪.229/1‬‬
‫)‪(8‬أكرم ضياء العمري‪ ،‬عصر اخلالفة راشدة ص‪75.‬‬
‫)‪(9‬انظر أمني القضاة‪ ،‬اخللفاء الراشدون ص‪87.‬‬
‫)‪(10‬فتح الباري ‪.70/7‬‬
‫)‪(11‬املرجع السابق ‪.70/7‬‬
‫)‪(12‬يدوكون‪ :‬خيوضون وميوجون وختتلفون فيه‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫)‪(13‬فتح الباري ‪.70/7‬‬
‫)‪(14‬الفدائي‪ :‬اجملاهد يف سبيل هللا مضحياً لنفسه‪.‬‬
‫)‪(15‬انظر السرية النبوية‪ ،‬ابن هشام ‪ ،91/2‬وابن حجر يف اإلصابة ‪.270/4‬‬
‫)‪(16‬زماء األمور‪ :‬مالكها‪.‬‬
‫)‪(17‬انظر‪ :‬ابن كثري‪ ،‬البداية النهاية اجمللد ‪ ،237/4‬حممود شاكر‪ ،‬التاريخ اإلسالمي اخللفاء الراشدون ‪ ،259‬الطربي اجمللد الثاين ص‬
‫‪700.‬‬
‫)‪(18‬حممود شاكر‪ ،‬اتريخ اخللفاء الراشدون‪ ،‬بتصرف‪.‬‬
‫)‪(19‬أمني القضاة‪ ،‬اتريخ اخللفاء الراشدون‪94.‬‬
‫)‪(20‬فتح الباري ‪.318/13‬‬
‫)‪(21‬احلاقدين هنا هم عبد هللا بن سبأ وأتباعه‪.‬‬
‫)‪(22‬الذهيب‪ ،‬اتريخ اإلسالم عهد اخللفاء الراشدين‪483.‬‬
‫)‪(23‬سورة النساء آية ‪.114‬‬
‫)‪(24‬أنظر الطربي اجمللد الثالث ص ‪34-33‬‬
‫)‪(25‬اهلودج‪ .‬قبة توضع على ظهر اجلمل لرتكب فيها النساء‪.‬‬
‫)‪(26‬أمني القضاة‪ ،‬اتريخ اخللفاء الراشدون‪93.‬‬
‫)‪(27‬مناوشات‪ :‬مجع مناوشة وهي اختبار قوة العدو قبل قِتاله‪.‬‬
‫)‪(28‬انظر الكامل البن األثري ‪.146 /3‬‬
‫)‪(29‬أمني القضاة‪ ،‬اتريخ اخللفاء الراشدون ص‪94.‬‬
‫األشعري وانتدب معاوية عمرو بن العاص– رضي هللا عنهم – ليتفاوضوا يف هذا األمر فاتفق‬ ‫َ‬ ‫مسـألـةَ التحكيم انتدب على أاب موسى‬ ‫)‪(30‬يف ْ‬
‫احلكمان على االجتماع ودراسة هدا األمر العام املقبل‪ ،‬فاجتمع احلكمان يف الوقت احملدد واجتهد كل منهما يف الوصول إىل نتيجة ولكن عدم‬
‫اتفاقهما أذهب فائدة التحكيم فكانت النتائج استمرار الوضع دون اتفاق وعادت بعد ذلك املفاوضات من جديد وتراضى على معاوية على‬
‫أن لعلي العراق ومعاوية الشام ‪.‬‬
‫ـب عليه‪ .‬وأمجع اخلوارج على تكفري كل من علي وعثمان –‬ ‫)‪(31‬اخلوارج‪ :‬مجع خارج وهو الذي خلع طاعة ا ِإلمام احلق وأعلن عصيانه وأل َّ‬
‫رضي هللا عنهما‪ -‬وأصحاب اجلمل واحلكـمني ومن صوهبما أو صوب أحدمها أو رضي ابلتحكيم‪ .‬نقل من كتاب [ال َف ْرق بني الفرق]‪ ،‬لعبد‬
‫القاهر بن طاهـر بن حممد البغدادي‪.‬‬
‫)‪(32‬األحـداث‪:‬‬
‫‪1-‬موقعة اجلـمل ‪ 2-‬موقعة صفني‪.‬‬
‫‪3-‬قضية التحكيم ‪ 4-‬موقعة النهروان‪.‬‬
‫اّلل‬
‫اّلل عنه‪ -‬إىل الكوفة‪ ،‬ملا قارب على ‪-‬رضي ه‬ ‫موقعة النهروا ْن‪ :‬بعد قضية التحكيم رجع معاوية‪ -‬رضي هللا عنه‪ -‬إىل الشام وعلي‪ -‬رضي ه‬
‫عنه‪ -‬الكوفة اعتزل من جيشه قريب من –اثين عشر ألفاً‪ -‬وهم اخلوارج‪ ،‬وأنكروا عليه أشياء فيما يزعمون أنه ارتكبها‪ ،‬فبعث إليهم عبد هللا بن‬
‫عباس –رضي هللا عنهما‪ -‬فناظرهم فرجع أكثرهم‪ .‬واستمر بعضهم على ضاللتهم‪ ،‬فعاثوا يف األرض فساداً وسفكوا الدماء وقطعوا السبل‬
‫واستحلوا احملارم وكان من مجلة من قتلوه عبد هللا بن خباب ومعه امرأته وثالث نسوة‪ ،‬فتأمل علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬من هذه األعمال املنكرة‬
‫وبعث إليهم رسوالً ‪ -‬احلرب بن مرة العبدي ‪ -‬لينظر فيما بلغه عنهم فقتلوا رسول علي ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬فجاء على ‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬
‫جبيشه ومل يبدأهم ابلقتال وفتح أمامهم ابابً للخالص من احلرب فطلب منهم أن يدفعوا إليه القتلة (قتلة عبد هللا بن خباب ومن معه ورسول‬
‫‪36‬‬
‫علِي) فأبوا وقالوا‪ :‬كلنا قتلة ِ‬
‫وِف هذا اليوم هزم اخلوارج يف مكان يسمى ابلنهروان يقع جنوب شرقي بغداد وهذه املوقعة كانت سبباً يف قتل علي‬
‫‪-‬رضي هللا عنه‪ .-‬انظر ابن كثري البداية والنهاية ‪/ 289.4‬‬
‫)‪(33‬انظر‪ :‬حممود شاكر‪ ،‬اتريخ اخللفاء الراشدون ص‪282.‬‬
‫)‪(34‬صحيح البخاري‪ ،‬فتح الباري ‪.305/5‬‬
‫)‪(35‬انظر‪ :‬فتح الباري‪5/306.‬‬

‫‪37‬‬
‫اخلـامتـة‬

‫اّلل صلى هللا عليه و سلم على كل فرد من أفراد هذه األمة املسلمة‬
‫إن احلقوق الواجبة لصحابة رسول ه‬
‫حمبتهم وطاعتهم ومتابعتهم و اإلقتداء هبم وتوقريهم و الرتضي عليهم والذب عنهم ألهنم مصابيح هذه األمة‬
‫اليت يستضاء هبا بعد نبيها عليه أفضل الصالة والسالم‪.‬‬
‫اّلل فيهم ‪{:‬والسابقون األولون من املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم إبحسان رض ِي‬
‫فهم قوم قال ه‬
‫اّلل عنهم ورضوا عنه وأعد هلم جنات جتري حتتها األهنار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}‪(1).‬‬
‫ه‬
‫اّلل تعاىل فيهم أيضاً ‪{:‬والذين تبوؤ الدار واإلميان من قبلهم حيبون من هاجر إليهم وال جيدون‬
‫وقال ه‬
‫يف صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان هبم خصاصة‪ ،‬ومن يوق شح نفسه فأولئك‬
‫هم املفلحون} )‪(2‬ويف هذه النبذة التارخيية اقتصران على دراسة بعض جوانب اخلالفة الراشدة واليت دامت‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم من املبشرين ابجلنة ممن‬
‫ثالثني عاماً تقريباً تقامسها أربعة من خيار أصحاب رسول ه‬
‫اّلل‬
‫تربوا يف مدرسة النبوة وممن عاشوا حياة الدعوة وعاشوا أحداثها منذ بدايتها‪ .‬كلهم ترمسوا خطا رسول ه‬
‫صلى هللا عليه و سلم واستنوا بسنته وساروا على هنجه وهديه وهم الذين يصدق فيهم قول الشاعر‪:‬‬
‫مثل النجوم اليت يهدى بـها الساري‬ ‫من تلق منهم تقـل القيت سيدهم‬
‫فمن خالل دراستنا حلياة اخللفاء الراشدين جند أنه مل يتوىل أحد منهم أم ِر املسلمني بفرض نفسه عليهم‬
‫أو بفرضه من قبل من سبقه يف رائسة الدولة بدءاَ من أيب بكـر وانتهـاءً بعلي بل كان كل ذلك يتم بشورى‬
‫من املسلمني وبعد االختيار املنبثق من الشـورى تتم مبـايعـة اخلليفة علناً مث إذا حصلت البيعة ال جيوز‬
‫نقضها إال حني يكون كفرا بواحاً ولذلك مل يهنأ أعداء ِاإلسالم فبدءوا حييكون املؤامرات ضد هذه الدولة‬
‫اإلسالمية وهي حماولة لنقض عرى اإلسالم فسلك أبو بكر الصديق املسلك األمثل ملعاجلة هذه الظاهرة‬
‫اّلل بعد وفاة الرسول الكرمي مل تتوقف فقد نفذ أبو‬
‫كـما حصل يف حروب الردة فالدعوة واجلهاد يف سبيل ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم تنفيذه فأرسل جيش أسامة بن زبد وأرسل أربعة جيوش‬ ‫بكر ما كان ينوي رسول ه‬
‫اّلل عنه‪-‬‬
‫إىل بالد الروم وبينما كانت هذه اجليوش يف حروب مع الروم وافته املنية فأكـمل الفاروق‪ -‬رضي ه‬
‫ما بدأه الصديق فأخضع بالد فارس وأجزاء كبرية من بالد الروم ونظم الدولة فحيكت له مؤامرة أودت‬
‫اّلل صلى هللا عليه و سلم ومع صاحبه ويف فرتة خالفته‪ ،‬وبعد أن حلق‬ ‫حبياته بعد جهاد طويل مع رسول ه‬
‫‪38‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬فنهج منهج صاحبيه يف جهاده والـذب عن حظرية اإلسالم‬
‫ابلرفيق األعلى توىل عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل تعاىل ‪{:‬اي أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من‬
‫وعمل على توسيع دائرة اإلسالم امتثاال لقوله ه‬
‫اّلل مع املتقني}‪(3).‬‬‫الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن ه‬
‫فوصل املسلمون يف عهده حىت أواسط مشال أفريقية غرابً وإىل طشقند شرقاً وإىل بالد النوبة جنوابً فكاد‬
‫اّلل عنه‪ -‬مظلومـاً شهيداً على بلوى أصـابتـه كما أخرب بذلك الرسول‬ ‫له اليهود أميا كيد‪ .‬فقد قتل‪ -‬رضي ه‬
‫صلى هللا عليه و سلم فقد جاء يف احلـديث الصحيح أن الـرسـول صلى هللا عليه و سلم قال ملا استأذن‬
‫اّلل عنه‪ -‬ابلدخول عليه‪ :‬افتح له وبشره ابجلنة على بلوى تصيبه‪ ،‬قال الراوي فأخربته مبا قال‬ ‫عثمان‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل املستعـان )‪ "(4‬وقتلته فسقة ألن وجبات القتل‬ ‫اّلل مث قال‪ :‬ه‬
‫اّلل صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فحمـد ه‬‫رسـول ه‬
‫اّلل عنه‪ -‬ما يقتضيه ومل يشارك يف قتله أحد من الصحابة وال أبنائهم وإمنا قتله‬
‫مضبوطة ومل جير منه‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل أمري املؤمنني رمحة واسعة كما‬
‫مهج من غوغاء القبائل بتحريض من اليهود الذين يعملون ابخلفاء فرحم ه‬
‫أدت اختالف علي مع عائشة وطلحة والزبري يف الرأي مل يكن حول قضية معاقبة الثوار أو عدم معاقبتهم‪.‬‬
‫اّلل عنه‪ -‬يرى َتجيل ذلك ألن الثوار يف حالة قوة حىت ال‬ ‫وإمنا يف توقيت العقاب وكيفيته فعلي‪ -‬رضي ه‬
‫تتكرر املأساة‪ ،‬واآلخرون يرون اإلسراع يف ذلك وكلهم جمتهد فاملصيب منهم له أجران واملخطئ له أجر كـما‬
‫اّلل عنهم أمجعني‪ -‬أسلوب جبان وخسيس ال يقوم به إال‬ ‫أن اغتيال عمر‪ ،‬مث عثمان‪ ،‬مث علي –رضي ه‬
‫أعداء ا ِإلسالم واملسلمني ليقضوا على أئمة الدعوة ومحاة السنة النبوية حىت خيلو هلم اجلو فيعيثوا يف األرض‬
‫اّلل عنه‪ -‬حبهه‬
‫اّلل عنه‪ -‬مع معاوية بن أيب سفيان‪ -‬رضي ه‬ ‫فسادا و يتضح من موقف احلسن‪ -‬رضي ه‬
‫اّلل عن‬
‫اّلل‪ ،‬وذلك حينما تنازل وترك األمر ملعاوية‪ .‬فرضي ه‬ ‫ِإلصالح ذات البني‪ .‬وانـه من أفضل القرب إىل ه‬
‫اجلميع ومجعنا معهم يف دار الرمحة إنه مسيع قريب‪.‬‬
‫اّلل على سيدان حممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫واحلمد هّلل رب العاملني وصلى ه‬

‫)‪(1‬سورة التوبة آية ‪. 100‬‬


‫)‪(2‬سورة احلشر آية ‪. 9‬‬
‫)‪(3‬سورة التوبة آية ‪.123‬‬
‫)‪(4‬فتح الباري‪7/43.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like