You are on page 1of 7

‫~‪~1‬‬

‫غزوة املؤتة‬

‫يف مجادي األوىل سنة ‪٨‬ه‪٦٢٩/‬م‪ ،‬عقد الرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم لواء لسرية من ثالثة اآلف جماهد‪ ،‬بقيادة زيد بن‬
‫حارثة الكليب‪ ،‬ويف نفس الوقت حدد القائد حدد القائد الثاين‪ ،‬وهو ‪ :‬جعفر بن أيب طالب‪ ،‬إذا أصيب األول‪ ،‬كما حدد‬
‫‪.1‬القائد الثالث ‪ :‬عبد اللهنب رواحة‪ ،‬إذا أصيب الثاين‪ ،‬وحدد هلا الوجهة ‪ :‬أرض الشام‬

‫وقال الواقدي ‪ :‬حدثين ربيعة بن عثمان‪ ،‬عن عمر بن احلاكم‪ ،‬عن أبيه قال ‪ :‬جاء النعمان بن رهطي اليهودي‪ ،‬فوقف على‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مع الناس‪ ،‬فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم (( زيد بن حارثة أمري الناس‪ ،‬فان قتل زيد‪،‬‬
‫فجعفر بن أيب طالب‪ ،‬فان قتل جعفر‪ ،‬فعبد اهلل بن رواحة‪ ،‬فإن قتل عبد اهلل فلريتض املسلمون منهم رجال فليجعلوه‪d‬‬
‫كثريا أصيبوا مجيعا إن االنبياء يف بين إسرائيل‬
‫عليهم ))‪ ،‬فقال النعمان ‪ :‬يا ابا القاسم‪ ،‬إن كنت نبياً فسميت من مسيت قليالً او ً‬
‫كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم‪ ،‬فقالوا ‪ :‬إن أصيب فالن ففالن فلو مسوا مائة أصيبوا مجيعاً‪ ،‬مث جعل اليهودي يقول لزيد‬
‫أبدا إن كان نبيًا قال زيد ‪ :‬فاشهد أنه نيب صادق بار‪ ..‬اخرجه البيهقي وابو نعيم‬
‫‪.‬اعهد فلن ترجع إىل حممد ً‬
‫واخرج الواقدي والبيهقي‪ ،‬عن أيب هريرة قال ‪ :‬شهدت مؤتة فرأيت ما ال قبل ألحد به من العدة والسالح والكراع والديباج‬
‫مجوعا كثرية؟ قلت ‪ :‬نعم‪ ،‬قال ‪ :‬مل‬
‫واحلرير والذهب فربق بصري فقال يل ثابت بن أقرم ‪ :‬ما لك يا أيب هريرة كأنك ترى ً‬
‫‪.‬تشهد معنا بدراً إنا مل ننصر بالكثرة‬

‫وأخرج البيهقي وأبو نعيم‪ ،‬عن موسى بن عقبة‪،‬عن ابن شهاب قال ‪ :‬زعموا ان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال (( مر‬
‫علي جعفر بن ايب طالب يف املالئكة يطري كما يطريون وله جناحان‪ ،‬وزعموا ان يعلى بن منية قدم على رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم خبرب أهل مؤتة فقال له رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬إن شئت فأخربين وإن شئت اخربتك قال ‪ :‬اخربين يا‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فأخربه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خربهم كلهم ووصفه هلم‪ ،‬فقال ‪ :‬والذي بعثك باحلق‬
‫‪.‬ما تركت من حديثة حرفًا مل تذكره وان امرهم لكما ذكرت‪ ،‬فقال ‪ :‬إن اهلل رفع يل األرض حىت رأيت معرتكهم ))‬

‫زيدا وجعفر وابن رواحة‪ ،‬ودفع الراية إىل زيد فأصيبا‬


‫وأخرج البخاري‪ ،‬عن انس ان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعث ً‬
‫مجيعاً‪ ،‬فنعاهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إىل الناس قبل ان جييء اخلرب‪ ،‬فقال ‪:‬اخذ الراية زيد فأصيب مث اخذها جعفر‬
‫‪ )) .2‬فأصيب‪ ،‬مث اخذها عبد اهلل بن رواحة فأصيب‪ ،‬مث اخذها خالد بن الوليد من غري امرة ففتح عليه‬

‫جهز عليه السالم يف مجادى األوىل جيشاً للقصاص ممن قتلوا احلارث بن عمري األزدي رسوله إىل أمري بصرى وأمر عليهم زيد‬
‫‪3‬بن حارثة وقال هلم ‪ (( :‬إن أصيب فاألمري جعفر بن أيب طالب‪ .‬فإن أصيب فعبد اهلل بن رواحة ))‬

‫كان من بني املبعوثني الذين أوفدهم الرسول صلى اهلل عليه وسلم إىل امللوك ورؤساء العشائر‪ ،‬احلارث بن عمري األزدي‪.‬‬
‫وكان متوجهاً إىل هرقل ملك الروم الغساسنة عرباً يقيمون‪ d‬يف املنطقة الواقعة بني شبه جزيزة العرب وامرباطورية الرم‬
‫ويتحالفون مع الروم‪ ،‬فأراد الرسول أن يثأر ملقتل مبعوثة فجهز سرية من حواىل ثالثة آالف فرد وجعل على رأسها زيد ابن‬

‫‪ 1‬أ‪.‬مجال عبد اهلادى حممد مسعود‪ .)2010( .‬سرية خامت املرسلني حممد صلى اهلل عليه وسلم منذ امليالد وحىت املمات‪ .‬ص‪.٤٧٥‬‬
‫‪ 2‬أبىي الفضل جالل الدين عبد الرمحن أىب بكر السيوطى‪ .)١٩٨٥( .‬اخلصائص الكربى‪ .‬دار الكتب العلمية بريوت‪ ،‬لبان‪ .‬ج‪ .١‬ص‪.٤٣٠‬‬
‫‪ 3‬الشيخ عرفان العشاء حسونة‪ .)٢٠٠٥( .‬نوراليقني يف سرية سيد املرسلني‪ .‬بريوت لبان‪ .‬ص‪.١٦٨‬‬
‫~‪~2‬‬

‫حارثة ( الذى تبناه الرسول إىل أن حرم القرآن التبىن ) وأوصى الرسول أن تكون القيادة جلعفر بن أىب طالب إذا قتل زيد بن‬
‫‪.4‬حارثة‪ ،‬فإذا أصيب جعفر أو قتل خيلفه عبداهلل بن رواحة‪ ،‬وإذا قتل ابن رواحة يرتاضى املسلمون على واحد منهم‬

‫ختوف الناس من لقاء هرقل وشعر ابن رواحة يشجعهم‬


‫مث مضوا حىت نزلوا م ٍ‬
‫عان ‪ ،‬أرض الشام‪ ،‬فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب‪ ،‬من أرض البلقاء يف مئة ألف من الروم‪ ،‬وانضم‬ ‫ُ‬
‫إليهم من خلم وجذام والقني وهبراء وبلي مئة ألف منهم‪ ،‬عليهم رجل من بلي مث أحد إراشة‪ ،‬يقال له‪ ،‬مالك بن زافلة‪ .‬فلما‬
‫بلغ ذلك املسلمني أقاموا على ُمعان ليلتني يفكرون يف أمرهم‪ ،‬وقالوا ‪ :‬نكتب إىل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فنخربه بعدد‬
‫‪.5‬عدونا‪ ،‬فإما أن ميدنا بالرجال‪ ،‬وإما أن يأمرنا بأمره‪ ،‬فنمضي له‬

‫فشجع الناس عبد اهلل بن رواحة‪ ،‬وقال ‪ :‬يا قوم‪ ،‬واهلل إن اليت تكرهون‪ ،‬للىت خرجتم تطلبون‪ ،‬الشهادة‪ ،‬وما نقاتل الناس بعدد‬
‫وال قوة وال كثرة‪ ،‬ما نقاتلهم إال هبذا الدين الذى أكرمنا اهلل به‪ ،‬فانطلقوا فإمنا هى إحدى احلسنيني إما ظهور‪ d‬وإما شهادة‪.‬‬
‫‪.6‬قال ‪ :‬فقال الناس ‪ :‬قد واهلل صدق انب رواحة‬

‫بعث الرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم احلارث بن عمري األزدي (أحد بين هلب ) برسالة إىل ملك بصرى ( وهي بلدة باشام‬
‫من أعمال دمشق ) املعني من قبل قوات االحتالل الرومي باشام‪ ،‬فاعرتضه ُشَرحبيل بن عمرو الغساين‪ ،‬وهو أيضا من أمراء‬
‫قيصر على الشام فقال ‪ :‬أين تريد‪ ،‬لعلك من رسل حممد ؟ قال احلارث ‪ :‬نعم‪ ،‬فأوثقه شرحبيل ربطاً وقدمه؛ فضرب عنقه‪،‬‬
‫فلما بلغ رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذلك‪ ،‬اشتد األمر عليه‪ ،‬فجهز جيشاً َسرّي هُ إىل مؤتة‪ ،‬وهدفه تأديب عامل هرقل على‬
‫بصرى الذي قتل رسول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬فمقتل الصحايب املسلم احلارث ميثل خرقًا لقيادة أساسية يف العرف‬
‫‪.‬الدويل؛ ألن الرسل ال تقتل ؛ ألنه مبلغ فقط‪ ،‬فال يساء إليه مهما تضمنت الرسالة‬

‫مباشر على اإلسالم‪ ،‬ونزع‬


‫وقتل رسول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يعترب حتديا صرحيًا للدولة اإلسالمية الوليدة‪ ،‬واعتداءً ً‬
‫جيرئ األعداء على املسلمني وسراياهم‪ ،‬وخروج سرية مؤتة ميكن أن يعيد‬ ‫هيبته من قلوب أعدائه ؛ بل إن ذلك ميكن أن ِّ‬
‫ب‬‫ذين يُ َقتِلُونَ ُك ْم َوالَ َت ْعتَ ُدواْ إِ َّن اهللَ الَ حُيِ ُّ‬‫ِ ىِف ِ ِ َّ‬
‫لإلسالم هيبته يف نفوس األعراب‪ ،‬خاصة واهلل علمهم ‪َ ( :‬وقَتلُواْ َسب ِيل اهلل ال َ‬
‫معتدى عليهم‬
‫دين ) البقرة ‪ ،190 :‬واملسلمون هنا ً‬
‫‪.‬املُْعتَ َ‬
‫‪7‬‬

‫لقاء الروم وحلفائهم‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فمضى الناس‪ ،‬حىت إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم مجوع هرقل‪ ،‬من الروم والعرب‪ ،‬بقرية من قرى البلقاء‬
‫يقال هلا مشارف‪ ،‬مث دنا العدو‪ ،‬واحناز املسلمون‪ d‬إىل قرية يقال هلا مؤتة‪ ،‬فالتقى الناس عندها‪ ،‬فتعبأ هلم املسلمون‪ ،‬فجعلوا على‬
‫‪.8‬ميمنتهم رجالً من بىن عذرة‪ ،‬يقال له ‪ :‬قطبة بن قتادة‪ ،‬وعلى ميسرختم رجالً من األنصار يقال له ‪ :‬عباية بن مالك‬

‫‪ 4‬القرناوى فتينة عبداهلل‪ .) ١٩٩٣( .‬سرية الرسول صلى اهلل عليه وسلم واخللفاء األربعة قراءة عصرية‪ .‬ميدان األوبرا القاهرة‪ .‬ج ‪ .١‬ص‪.٨٨‬‬
‫‪ 5‬األبياري إبراهيم‪ .)٢٠٠٩( .‬السرية النبوية البن هشام‪ .‬داراملعرفة بريوت‪ ،‬لبان‪ .‬ج‪ .٤-١‬ص‪.٣١٨‬‬
‫‪ 6‬املعافري أليب حممد عبد امللك بن هشام‪ .)١٩٩٥( .‬السرية النبوية‪ .‬دار احلديث القاهرة‪ .‬ج‪ .٢‬ص‪.٢٨٩‬‬
‫‪ 7‬أ‪.‬مجال عبد اهلادى حممد مسعود‪ .)2010( .‬سرية خامت املرسلني حممد صلى اهلل عليه وسلم منذ امليالد وحىت املمات‪ .‬ص‪.٤٧٥‬‬

‫املعافري أليب حممد عبد امللك بن هشام‪ .)١٩٩٥( .‬السرية النبوية‪ .‬دار احلديث القاهرة‪ .‬ج‪ .٢‬ص‪.٢٩١‬‬ ‫‪8‬‬
‫~‪~3‬‬

‫مقتل زيد بن حارثة‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬مث التقى الناس واقتلوا‪ ،‬فقاتل زيد بن حارثة براية رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت شاط يف رماح‬
‫‪.9‬القوم‬

‫مقتل جعفر بن أىب طالب‬

‫مث أخذها جعفر فقاتل هبا‪ ،‬حىت إذا أجلمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء ‪ ،‬فعقرها‪ ،‬مث قاتل القوم حىت قتل‪ .‬فكان جعفر‬
‫‪.‬أول رجل من املسلمني عقر يف اإلسالم‬

‫قال ابن هشام ‪ :‬وحدثين من أثق به من أهل العلم ‪ :‬أن جعفر بن أىب طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت‪ d،‬فأخذه بشماله‬
‫فقطعت‪ ،‬فاحتضنه بعضديه حىت قتل رضى اهلل عنه وهو ابن ثالث وثالثني سنة‪ ،‬فأثابه اهلل بذلك جناحني ىف اجلنة يطري هبما‬
‫‪.10‬حيث شاء‪ .‬ويقال ‪ :‬إن رجالً من الروم ضربه يومئذ ضربة‪ ،‬فقطعه نصفني‬

‫مقتل عبد اهلل بن رواحة‬

‫قال ابن اسحاق ‪ :‬وحدثين حيىي بن عباد بن عبد اهلل بن البري‪ ،‬عن أبيه عباد قال ‪ :‬حدثين أىب الذي أرضعين‪ ،‬وكان أحد بىن‬
‫مرة بن عوف‪ ،‬قال ‪ :‬فلما قتل جعفر أخذ عبد اهلل بن رواحة الراية‪ ،‬مث تقدم هبا‪ ،‬وهو فرسة‪ ،‬فجعل يستنزل نفسه‪ ،‬ويرتدد‬
‫كر ِهن َّْه‬ ‫ِِ‬ ‫س لََتْن ِزلِن َّْه‬
‫َلتْنزل َّن ْأو لَتُ َ‬ ‫أَقْ َس ْم ُ‬
‫ت يَا نَ ْف ُ‬ ‫بعض الردد‪ ،‬مث قال ‪:‬‬

‫ما ىل أراك تكرهني اجلَنَّة‬ ‫الرن َّْه‬


‫وش ّدوا َّ‬
‫الناس َ‬
‫أجلَب ُ‬
‫أن ْ‬
‫هل أنت إال نطفة ىف شنَّه‬ ‫مطمئنه‬
‫ْ‬ ‫كنت‬
‫قد طال ما قد ُ‬
‫وجعفر ا ؛ مث نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من حلم فقال ‪ :‬شد هبذا صلبك‪ ،‬فإنك قد لقيت ىف‬
‫ً‬ ‫يريد صاحبيه ‪ :‬زيدا ً‬
‫أيامك هذه ما لقيت‪ ،‬فأخذه من يده مث انتهس منه نفسة‪ ،‬مث مسع احلكمة يف ناحية الناس‪ ،‬فقال ‪ :‬وأنت ىف الدنيا! مث ألقاه من‬
‫‪.‬يده‪ ،‬مث أخذ سيفه فتقدم‪ ،‬فقاتل حىت قتل‬

‫مث أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بىن العجالن‪ ،‬فقال ‪ :‬يا معشر املسلمني اصطلحوا على رجل منكم‪ ،‬قالوا ‪ :‬أنت‪ ،‬قال ‪ :‬ما أنا‬
‫بفاعل‪ ،‬فأصطلح الناس على خالد بن الوليد ؛ فلما أخذ الراية دافع القوم‪ ،‬وحاشى هبم‪ ،‬مث احناز واحنيز عنه‪ ،‬حىت انصرف‬
‫‪.11‬بالناس‬

‫الرسول يتنبأ مبا حدث‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬وملا أصيب القوم قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فيما بلغىن ‪ (( :‬أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل هبا‬
‫حىت قتل شهيداً ؛ مث أخذها جعفر فقاتل هبا حىت قتل شهيداً )) ؛ قال ‪ :‬مث صمت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حىت تغريت‬

‫‪9‬مرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ 10‬مرجع نفسه‬
‫‪ 11‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪٢٩٣‬‬
‫~‪~4‬‬

‫وجوه األنصار‪ ،‬وظنا أنه قد كان ىف عبد اهلل بن رواحة بعض ما يكرهون‪ ،‬مث قال ‪ (( :‬مث أخذها عبد اهلل بن رواحة فقاتل هبا‬
‫حىت قتل شهيداً )) ؛ مث قال ‪ (( :‬لقد رفعوا إىل اجلنة‪ ،‬فيما يرى النائم‪ ،‬على سرر من ذهب‪ ،‬فرأيت يف سرير عبد اهلل بن‬
‫‪.12‬رواحة ازوروا عن سريرى صاحبيه‪ ،‬فقلت ‪ :‬مل هذا؟ فقيل ىل ‪ :‬مضيًا وتردد عبد اهلل بعض الرتدد‪ ،‬مث مضى ))‬

‫حزن الرسول على جعفر وأصحابه‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فحدثين عبد اهلل بن أيب بكر‪ ،‬عن أم عيسى اخلزاعية‪ ،‬عن جعفر بن حممد بن جعفر بن أيب طالب‪ ،‬عن‬
‫جدهتا أمساء بنت عميس‪ ،‬قالت‪ :‬أصيب جعفر وأصحابه دخل على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وقد دبغت أربعني منا‪-‬‬
‫قال ابن هشام ‪ :‬ويروى أربعني منيئة‪-‬وعجنت عجنىي‪ ،‬وغسلت بىن ودهنتهم ونظفتهم‪ ،‬قالت ‪ :‬فقال ىل رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم (( ائتىن ببىن جعفر )) ؛ قالت ‪ :‬فأتيته هبم فشممهم وذرفت عيناه‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬بأىب أنت وأمى‪ ،‬ما‬
‫يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شىء؟ قال ‪ (( :‬نعم ‪ ،‬أصيبوا هذا اليوم ))‪ .‬قالت ‪ :‬فقمت أصيح‪ ،‬واجتمعت إىل النساء‪،‬‬
‫طعاما‪ ،‬فإهنم قد شغلوا بأمر‬
‫وخرج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إلىل أهله‪ ،‬فقال ‪ (( :‬ال تغفلوا آل جعفر من أن تصنوا هلم ً‬
‫‪.‬صاحبهم ))‬

‫وحدثين عبد الرمحن بن القاسم بن حممد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عائشة زوج النيب صلى اهلل عليه وسلم قالت ‪ :‬ملا اتى نعى جعفر عرفنا‬
‫ىف وجه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم احلزن‪ ،‬قالت ‪ :‬فدخل عليه رجل فقال ‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬إن النساء عنيننا وفتننا ؛ قال ‪:‬‬
‫(( فارجع إليهن فأسكتهن ))‪ .‬قالت ‪ :‬فذهب مث رجع‪ ،‬فقال له مثل ذلك – قال ‪ :‬تقول ورمبا ضر التكلف أهله – قالت ‪:‬‬
‫قال ‪ (( :‬فأذهب فأسكتهن‪ ،‬فإن أبني فاحث ىف أفواههن الرتاب ))‪ ،‬قالت ‪ :‬قلت ىف نفسي ‪ :‬أبعدك اهلل! فواهلل ما تركت‬
‫‪.13‬نفسك وما أنت مبطيع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬قالت ‪ :‬وعرفت أنه ال يقدر على أن حيثى ىف أفواههن الرتاب‬

‫مقالة كاهنة حدس‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬وقد كانت كاهنة من حدس حني مسعت جبيش رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مقبالً‪ ،‬قد قالت لقومها‪ d‬من‬
‫خزرا‪ ،‬ينظرون شزراً‪ ،‬ويقودون اخليل ترتى‪ ،‬ويهريقون دما عكراً‪،‬‬
‫قوما ً‬
‫حدس‪ ،‬وقومها بطن يقال هلم ‪ :‬بنو غنم أنذركم ً‬
‫فأخذوا بقوهلا‪ ،‬واعتزلوا من بني خلم ؛ فلم تزل بعد ألثرى حدس‪ .‬وكان الذين صلوا احلرب يومئذ بنو ثعلبة‪ ،‬بطن من حدس‪،‬‬
‫‪.‬فلم يزالوا قليالً بعد‪ .‬فلما انصرف خالد بالناس أقبل هبم قافالً‬
‫‪14‬‬

‫عودة اجليش إىل املدينة‬

‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فحدثين حممد بن جعفر نب الزبري‪ ،‬عن عورة بن الزبري قال ‪ :‬ملا دنوا من حول املدينة تلقاهم رسول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه وسلم واملسلمون‪ d.‬قال ‪ :‬ولقيهم الصبيان يشتدون‪ ،‬ورسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة‪،‬‬
‫فقال ‪ (( :‬خذوا الصبيان فامحلوهم‪ ،‬وأعطوين ابن جهفر ))‪ .‬فاتى بعبد اهلل فأخذه فحمله بني يديه‪ ،‬قال ‪ :‬وجعل الناس حيثون‬

‫‪ 12‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.٢٩٤‬‬


‫‪ 13‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪٢٩٤‬‬
‫‪ 14‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪٢٩٥‬‬
‫~‪~5‬‬

‫على اجليش الرتاب‪ ،‬ويقولون‪ : d‬يا فرار‪ ،‬فررمت ىف سبيل اهلل! قال ‪ :‬فيقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ (( :‬ليسوا بالفرار‪،‬‬
‫ولكنهم الكرار إن شاء اهلل تعالىز‬

‫قال انب إسحاق ‪ :‬وحدثين عبد اهلل بن أىب بكر‪ ،‬عن عامر بن عبد اهلل بن الزبري‪ ،‬عن بعض آل احلارث بن هشام ‪ :‬وهم‬
‫أخوله عن أم سلمة زوج النىب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬قال ‪ :‬قالت أم سلمة المأة سلمة بت هشام بن العاص بت املغرية ‪ :‬ما ىل‬
‫أرى سلمة حيضر الصالة مع الرسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ومع املسلمني؟ قالت ‪ :‬واهلل ما يستطيع أن خيرج‪ ،‬كلما خرج‬
‫‪.15‬صاح به الناس يافرار‪ ،‬فررمت يف سبيل اهلل‪ ،‬حىت قعد يف بيته فما خرج‬

‫اخلامتة‬

‫أورا مقرها‬
‫إيان الواردة يف هذا العمل البحثي‪ ،‬كما‬
‫استنتاجه كما يلي‪:‬‬

‫مرجع نفسه‪ ،‬ص‪٢٩٤‬‬ ‫‪15‬‬


‫~‪~6‬‬

‫‪ . 1‬خالد بن الوليد منذ الطفولة كان يدرس من قبل والده يف تقنيات القتال‪ ،‬حبيث تكون قادرة على إدارة اسرتاتيجية احلرب اليت يسلم هو يف‬
‫النصر‪ .‬خالد بن الوليد قبل الدخول يف اإلسالم‪ ،‬فإنه هو الرجل الذي يكره اإلسالم وأبدا قاتل‬
‫ضد اإلسالم يف غزوة أحد‪ .‬يف ‪ 8‬ه‪ ،‬وكان خالد بن الوليد اعتنق اإلسالم واملعركة األوىل‬
‫وكانت احلرب اليت تلت مؤتة‪ .‬خالد قاد املسلمني إىل النصر ضد الرومان‪ .‬يف هذه احلرب مؤتة سيف اهلل خالد بن أطلق عليه الرسول عن استمرار‬
‫احلرب‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪ ،‬فقد كان دائما يف صفوف املسلمني إىل السري على احلرب يف زمن النيب حىت زمن اخلليفة عمر بن اخلطاب‪ .‬تويف عام‬
‫‪ 21‬ه خالد بن الوليد يف امهش‪ .‬تويف من املرض يف سريره اخلاص‪.‬‬

‫‪ . .2‬معركة الريموك هي معركة فريق ضد قوى اإلسالم الرومان يف عام ‪ 13‬ه وقعت يف أراضي سوريا‪ .‬وقعت الريموك احلرب بسبب اخلليفة أبو‬
‫بكر الصديق ترغب يف نشر اإلسالم يف سوريا‪ .‬خالد بن الوليد كما القائد األعلى قوات تقودها الواليات املتحدة يف سوريا‪ .‬قبل أن تبدأ احلرب‪،‬‬
‫حمادثات مع قادة التزارق القوات الرومانية‪ d،‬ولكن فشل املفاوضات وانتهى وقع القتال‪ .‬باإلضافة إىل الرجال‪ ،‬قاتل النساء أيضا يف الصف اخللفي‬
‫من قوات املسلمني‪ d.‬بعد عدة أيام من القتال يف احلرب فاز يف هناية املطاف من قبل القوى اإلسالمية‪ ،‬حىت أن املسلمني قد يستغرق بعض األراضي‬
‫يف سوريا‪.‬‬

‫‪ .3‬ستخدمت‪ d‬اسرتاتيجية‪ d‬احلرب خالد بن الوليد لتقدمي القوى اإلسالمية يف النصر‪ .‬بعد وصوله اىل سوريا واجتمع‪ d‬مع قادة القوى اإلسالمية‬
‫األخرى‪ ،‬واعتمدت‪ d‬اسرتاتيجية‪ d‬من خالل تقسيم الفريق إىل ‪ 40-30‬ووضع القادة كل‪ .‬باإلضافة إىل تشكيل انشقت فريق أيضا ركوب اثنني‬
‫للحفاظ على احلق واليسارية القوات‪ .‬مث أيضا تغيري خالد أبو عبيدة موقف ظهره يف اجلبهة كما يف العودة إىل الفريق الذي يدير يشعر باحلرج عندما‬
‫رأى أبو عبيدة‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك هناك فريق من النساء العامالت كن من التشجيع وشغل منصب ضاربا املدى الفريق للعودة إىل احلرب‪ .‬مع‬
‫االسرتاتيجية‪ d‬املعتمدة خالد بن الوليد إعطاء انتصار لقوى اإلسالم‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬متكن الفريق أيضا إىل اإلسالم استوىل على السلطة يف‬
‫سوريا‪ .‬أثر احلرب الريموك جعل وميكن للمناطق مثل دمشق ومصر وفلسطني‪ ،‬وغريها تسهل القوى اإلسالمية إىل السلطة‪.‬‬

‫الدروس‬

‫يف غزوة مؤتة فوائد وعرب كثرية‪ ،‬فمن هذه الفوائد والعرب ما يلي‪:‬‬

‫‪      -1‬فضيلة األمراء الثالثة زيد‪ ،‬وجعفر‪ ،‬وابن رواحة‪-‬رضي اهلل عنه‪.d-‬‬


‫~‪~7‬‬

‫‪      -2‬مشروعية توديع املسافر إىل سفر صاحل اجلهاد‪ ،‬و احلج‪ ،‬وحنومها‪.‬‬

‫‪      -3‬عظم خشية عبد اهلل بن رواحة وخوفه النار‪.‬‬

‫‪   -4‬بيان حقيقة كشف عنها ابن رواحة وهي أن املسلمني ال يقاتلون بعدد وال قوة‪ ،‬وإمنا يقاتلون بالدين فإن كانوا صاحلني مستقيمني انتصروا‪،‬‬
‫وإال انكسروا‪.‬‬

‫‪      -5‬مشروعية خماطبة النفس وترويضها على الطاعات‪.‬‬

‫‪   -6‬آيات النبوة احملمدية تتجلى يف إخبار النيب ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أهل املدينة بسري املعركة ووصفه هلا كأنه‪ d‬يديرها ويشاهد سري القتال‪ ‬‬
‫فيها‪ ،‬ومل خيطئ يف شئ منها ولو قل‪ ،‬ومل يكن يومئذ أخبار سلكية وال سلكية‪ d،‬وال عرض تلفاز‪ ،‬وال فيديو فكان إخباره أعظم آية على أنه رسول‬
‫اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه‪ d‬وسلم‪ -‬يتلقى الوحي من اهلل ‪-‬عزوجل‪.-‬‬

‫‪      -7‬بيان فضل خالد‪ ،‬وسبب تلقبه بسيف اهلل‪.‬‬

‫‪      -8‬بيان تأمل رسول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ d-‬ملوت األمراء وخاصة جعفر بن أيب طالب ‪-‬رضي اهلل عنه‪.-‬‬

‫‪   -9‬مشروعية صنع الطعام ألهل امليت النشغ اهلم باملصيبة وحزهنم على فقيدهم‪ d،‬وأن أول طعام صنع هلذا الغرض هو ما صنعه الرسول ‪-‬صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ d-‬آلل جعفر فكان سنة قولية عملية‪.‬‬

‫‪     -10‬مشروعية محل الطفل الصغري ومشه وتقبيله رمحة به وشفقة عليه‪d‬‬

You might also like