You are on page 1of 14

‫أبو حنيفة النعمان‬

‫االسم والنسب‪:‬‬

‫هو النُّعمان بن ثابت بن زوطى التيمي‪ ،‬الكويف‪ ،‬موىل بين تيم اهلل بن ثعلبة‪.‬‬

‫تاجر حرير؛‬ ‫يقال‪ :‬إنه من أبناء الفرس‪ ،‬أما زوطى‪ :‬فإنه من أهل كابل‪ِ ،‬‬
‫ثابت على اإلسالم‪ ،‬وكان أبو حنيفة َ‬
‫وولد ٌ‬‫ُ‬
‫(سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)390‬‬

‫ميالد أيب حنيفة‪ُ :‬ولد أبو حنيفة سنة مثانني‪ ،‬يف حياة صغار الصحابة‪ ،‬ورأى أنس بن مالك ملا قدم عليهم الكوفة‪ ،‬ومل‬
‫يثبت مساعُه من أحد من الصحابة؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)391‬‬

‫شيوخ أيب حنيفة‪:‬‬

‫عطاء بن أيب رباح‪ ،‬والشَّعيب‪ ،‬وجبلة بن سحيم‪ ،‬وعدي بن ثابت‪ ،‬وعبدالرمحن بن ُهرمز األعرج‪ ،‬وعمرو بن دينار‪،‬‬
‫ونافع موىل ابن عمر‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وقيس بن مسلم‪ ،‬والقاسم بن عبدالرمحن بن عبداهلل بن مسعود‪ ،‬وعبداهلل بن دينار‪،‬‬
‫العويف‪ ،‬ومحاد بن أيب سليمان ‪ -‬وبه تفقَّه ‪ -‬وعبدامللك بن عمري‪ ،‬وأيب جعفر الباقر‪ ،‬وابن‬
‫وعبدالعزيز بن رفيع‪ ،‬وعطية َ‬
‫وخلق سواهم؛ (سري‬
‫السبيعي‪ ،‬ومنصور بن املعتمر‪ ،‬ومسلم البطني‪ٌ ،‬‬
‫شهاب الزهري‪ ،‬وحممد بن املنكدر‪ ،‬وأيب إسحاق َّ‬
‫أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)391‬‬

‫تالميذ أيب حنيفة‪:‬‬

‫وزفَر بن اهلذيل التميمي‪ ،‬حممد بن احلسن الشيباين‪،‬‬


‫عبدالرزاق بن مهام (شيخ اإلمام أمحد)‪ ،‬محاد بن أيب حنيفة‪ُ ،‬‬
‫ووكيع بن اجلراح‪ ،‬والقاضي أبو يوسف‪ ،‬وغريهم كثري؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)394:393‬‬
‫عقيدة أيب حنيفة‪:‬‬

‫يفضل أبا بكر وعمر‪ ،‬وحيب عليًّا وعثمان‪ ،‬وكان يؤمن بالقدر خ ِريه ِّ‬
‫وشره‪،‬‬ ‫(‪ )1‬قال حيىي بن نصر‪ :‬كان أبو حنيفة ِّ‬
‫وال يتكلم يف اهلل عز وجل بشيء‪ ،‬وكان ميسح على اخلفني‪ ،‬وكان من ِ‬
‫أفقه أهل زمانه وأتقاهم؛ (االنتقاء البن عبدالرب‬
‫صـ ‪.)163‬‬

‫تفضل أبا بكر وعمر وعليًّا وعثمان‪ ،‬وال تنتقص‬


‫(‪ )2‬قال محاد بن أيب حنيفة‪ :‬مسعت أبا حنيفة يقول‪ :‬اجلماعة أن ِّ‬
‫أحدا من أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وال تكفِّر الناس بالذنوب‪ ،‬وتصلي على من يقول‪ :‬ال إله إال اهلل‪،‬‬
‫ً‬
‫ع النطق يف اهلل جل جالله؛ (االنتقاء‬
‫وتد َ‬
‫وتفوض األمر إىل اهلل‪َ ،‬‬
‫وخ ْلف من قال‪ :‬ال إله إال اهلل‪ ،‬ومتسح على اخلفَّني‪ِّ ،‬‬
‫َ‬
‫البن عبدالرب صـ ‪.)166‬‬

‫غري هذا فهو كافر؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪.)166‬‬


‫(‪ )3‬قال أبو حنيفة‪ :‬القرآن كالم اهلل غري خملوق‪ ،‬ومن قال َ‬

‫ومن قالت األنبياء‪ :‬إنه من أهل اجلنة فهو‬


‫(‪ )4‬قال أبو حنيفة‪ :‬الناس عندنا على ثالثة منازل؛ األنبياء من أهل اجلنة‪َ ،‬‬
‫نشهد عليهم أهنم من أهل النار‪ ،‬واملنزلة الثالثة‪ :‬املؤمنون‪ ،‬نقف عنهم‪ ،‬وال‬
‫من أهل اجلنة‪ ،‬واملنزلة‪ :‬األخرى املشركون‪َ ،‬‬
‫نشهد على واحد منهم أنه من أهل اجلنة وال من أهل النار‪ ،‬ولكنا نرجو هلم وخناف عليهم‪ ،‬ونقول كما قال اهلل‬
‫يم ﴾‬ ‫تعاىل‪ ﴿ :‬وآخرو َن ْاعَترفُوا بِ ُذنُوهِبِم خلَطُوا عماًل صاحِل ا وآخر سيًِّئا عسى اللَّه َأ ْن يتُوب علَي ِهم ِإ َّن اللَّه َغ ُف ِ‬
‫ور َرح ٌ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ َ َ ً َ ََ َ َ َ ُ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬
‫[التوبة‪ ،]102 :‬حىت يكون اهلل عز وجل يقضي بينهم‪ ،‬وإمنا نرجو هلم ألن اهلل عز وجل يقول‪ِ ﴿ :‬إ َّن اللَّهَ اَل َي ْغ ِفُر‬
‫ِإ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫َأ ْن ي ْشرَك بِِه وي ْغ ِفر ما دو َن ذَلِ ِ‬
‫يما ﴾ [النساء‪ ،]48 :‬وخناف عليهم‬ ‫ك ل َم ْن يَ َشاءُ َوَم ْن يُ ْش ِرْك باللَّه َف َقد ا ْفَتَرى مْثًا َعظ ً‬
‫َ‬ ‫ُ َ ََ ُ َ ُ‬
‫صو ًاما َّقو ًاما‪ ،‬غري األنبياء‪ ،‬ومن قالت فيه‬ ‫بذنوهبم وخطاياهم‪ ،‬وليس أح ٌد من الناس أوجب له اجلنة‪ ،‬ولو كان َّ‬
‫األنبياءُ‪ :‬إنه من أهل اجلنة؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪ :167‬صـ ‪.)168‬‬

‫(‪ )5‬قال أبو حنيفة‪ :‬اإلميان هو املعرفة والتصديق واإلقرار باإلسالم‪ ،‬والناس يف التصديق على ثالث منازل؛ فمنهم‬
‫من صدَّق اهلل وما جاء منه بقلبه ولسانه‪ ،‬ومنهم من صدَّقه بلسانه وهو ِّ‬
‫يكذبه بقلبه‪ ،‬ومنهم من يصدِّق بقلبه‬
‫ِّ‬
‫ويكذب بلسانه‪ ،‬فأما من صدَّق اهللَ عز وجل وما جاء به رسول اهلل صلى اهلل عليه بقلبه ولسانه فهم عند اهلل وعند‬
‫كافرا‪ ،‬وعند الناس مؤمنًا؛ ألن الناس ال يعلمون ما يف‬ ‫َّ‬
‫الناس مؤمنون‪ ،‬ومن صدَّق بلسانه وكذب بقلبه كان عند اهلل ً‬
‫أظهر هلم من اإلقرار هبذه الشهادة‪ ،‬وليس هلم أن يتكلفوا ِعلم القلوب‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يسموه مؤمنًا مبا َ‬
‫قلبه‪ ،‬وعليهم أن ُّ‬
‫املؤمن يُظهر الكفر بلسانه يف حال التقيَّة‪ ،‬فيُسميه َمن ال‬
‫كافرا؛ وذلك أن يكون ُ‬ ‫يكون عند اهلل مؤمنًا وعند الناس ً‬
‫مؤمن؛ (االنتقاء البن عبدالرب ـ صـ ‪.)168‬‬
‫كافرا وهو عند اهلل ٌ‬
‫يعرفه ً‬

‫أنت من‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يت عطاءً مبكة فسألته عن شيء‪ ،‬فقال‪ :‬من أين أنت؟ قلت‪ :‬من أهل الكوفة‪ ،‬قال‪َ :‬‬ ‫(‪ )6‬قال أبو حنيفة‪ :‬لق ُ‬
‫السلف‪،‬‬
‫يسب َّ‬
‫فمن أي األصناف أنت؟ قلت‪ :‬ممن ال ُّ‬ ‫أهل القرية الذين َّفرقوا ِدينهم وكانوا شيعا؟ قلت‪ :‬نَعم‪ ،‬قال‪ِ :‬‬
‫ًَ‬
‫فالزْم؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪13‬‬ ‫ِ‬
‫ت َ‬ ‫عرفْ َ‬
‫أحدا بذنب‪ ،‬قال‪ :‬فقال يل عطاء‪َ :‬‬‫بالقدر‪ ،‬وال يكفِّر ً‬‫ويؤمن َ‬
‫صـ ‪.)331‬‬

‫طلب أيب حنيفة للعلم‪:‬‬

‫إيل فيه باألصابع‪،‬‬


‫(‪ )1‬قال ُزفر بن اهلذيل‪ :‬مسعت أبا حنيفة يقول‪ :‬كنت أنظر يف الكالم حىت بلغت فيه مبلغًا يشار َّ‬
‫رجل له امرأةٌ َأمةٌ‪ ،‬أراد أن يطلقها‬
‫يوما‪ ،‬فقالت يل‪ٌ :‬‬
‫وكنا جنلس بالقرب من حلقة محاد بن أيب سليمان‪ ،‬فجاءتين امرأةٌ ً‬
‫طاهر من‬
‫محادا‪ ،‬مث ترجع ختربين‪ ،‬فسألَْته‪ ،‬فقال‪ :‬يطلقها وهي ٌ‬‫للسنة‪ ،‬كم يطلقها؟ فلم أد ِر ما أقول‪ ،‬فأمرهتا أن تسأل ً‬
‫احليض واجلماع تطليقةً‪ ،‬مث يرتكها حىت حتيض حيضتني‪ ،‬فإذا اغتسلت‪ ،‬فقد حلت لألزواج‪ ،‬فرجعت‪ ،‬فأخربتين‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ال حاجة يل يف الكالم‪ ،‬وأخذت نعلي‪ ،‬فجلست إىل محاد‪ ،‬فكنت أمسع مسائله‪ ،‬فأحفظ قوله‪ ،‬مث يعيدها من‬
‫الغد‪ ،‬فأحفظها‪ ،‬وخيطئ أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬ال جيلس يف صدر احللقة حبذائي غري أيب حنيفة‪ ،‬فصحبته عشر سنني‪ ،‬مث‬
‫يوما بالعشي وعزمي أن أفعل‪،‬‬
‫نازعتين نفسي الطلب للرئاسة‪ ،‬فأحببت أن أعتزله وأجلس يف حلقة لنفسي‪ ،‬فخرجت ً‬
‫ارث‬
‫ب نفسي أن أعتزله‪ ،‬فجاءه تلك الليلة نعي قرابة له قد مات بالبصرة‪ ،‬وترك مااًل ‪ ،‬وليس له و ٌ‬ ‫ِ‬
‫فلما رأيته‪ ،‬مل تط ْ‬
‫مسائل مل أمسعها منه‪ ،‬فكنت أجيب وأكتب‬
‫ُ‬ ‫علي‬
‫غريه‪ ،‬فأمرين أن أجلس مكانه‪ ،‬فما هو إال أن خرج حىت وردت َّ‬
‫جوايب‪ ،‬فغاب شهرين‪ ،‬مث قدم‪.‬‬

‫فآليت على نفسي أال‬


‫حنوا من ستني مسألةً‪ ،‬فوافقين يف أربعني‪ ،‬وخالفين يف عشرين‪ُ ،‬‬
‫فعرضت عليه املسائل‪ ،‬وكانت ً‬
‫ُ‬
‫أفارقه حىت ميوت؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪ :397‬صـ ‪.)398‬‬
‫تعلمت منه‬
‫ُ‬ ‫صليت صالة منذ مات محاد إال استغفرت له مع والدي‪ ،‬وإين ألستغفر ملن‬
‫ُ‬ ‫(‪ )2‬قال أبو حنيفة‪ :‬ما‬
‫علما‪ ،‬أو علَّمتُه ً‬
‫علما؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)334‬‬ ‫ً‬

‫أخذت العلم؟ قلت‪:‬‬


‫َ‬ ‫عمن‬
‫(‪ )3‬قال أبو حنيفة‪ :‬دخلت على أيب جعفر املنصور أمري املؤمنني‪ ،‬فقال يل‪ :‬يا أبا حنيفة‪َّ ،‬‬
‫عن محاد عن إبراهيم عن عمر بن اخلطاب وعلي بن أيب طالب وعبداهلل بن مسعود وعبداهلل بن عباس‪ ،‬فقال أبو‬
‫جعفر‪ :‬بخ بخ‪ ،‬استوثقت ما شئت يا أبا حنيفة الطيبني الطاهرين املباركني صلوات اهلل عليهم؛ (تاريخ بغداد للخطيب‬
‫البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)334‬‬

‫أيت رؤيا أفزعتين‪ ،‬حىت رأيت كأين أنبش قرب النيب صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬فأتيت البصرة فأمرت‬
‫(‪ )4‬قال أبو حنيفة‪ :‬ر ُ‬
‫رجاًل يسأل حممد بن سريين‪ ،‬فسأله‪ ،‬فقال‪ :‬هذا رجل ينبش أخبار النيب صلى اهلل عليه وسلم؛ (تاريخ بغداد للخطيب‬
‫البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)335‬‬

‫ذكاء أيب حنيفة‪:‬‬

‫(‪ )1‬قال احلسن بن زياد اللؤلؤي‪ :‬كانت عندنا امرأةٌ جمنونةٌ يقال هلا‪ :‬أم عمران‪ ،‬مر هبا إنسا ٌن فقال هلا شيًئا‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫قائم يسمع‪ ،‬فأمر أن يؤتى هبا‪ ،‬فأدخلها املسجد وهو فيه‪ ،‬فضرهبا حدَّيْن؛ حدًّا ألبيه‬ ‫ِ‬
‫يا بن الزانيَني‪ ،‬وابن أيب ليلى ٌ‬
‫وحد ا ألمه‪ ،‬فبلغ ذلك أبا حنيفة‪ ،‬فقال‪ :‬أخطأ فيها من ستة مواضع‪ :‬اجملنونة ال حد عليها‪ ،‬وأقام احلد عليها يف‬ ‫ًّ‬
‫قعودا‪ ،‬وأقام عليها حدي ِن‪ ،‬ولو أن رجاًل قذف‬
‫ضربن ً‬ ‫املسجد وال تقام احلدود يف املساجد‪ ،‬وضرهبا قائمةً والنساء يُ َ‬
‫احلد ال يكون إال لِ َمن‬
‫حد واح ٌد‪ ،‬وضرهبا واألبوان غائبان وال يكون ذلك إال مبحضرمها؛ ألن َّ‬‫قوما ما كان عليه إال ٌّ‬
‫ً‬
‫يطلبه‪ ،‬ومجع بني احلدين يف مقام واحد‪ ،‬ومن وجب عليه ِ‬
‫حدان‪ ،‬مل يُ َق ْم عليه أحدمها حىت جيف اآلخر‪ ،‬مث يضرب‬ ‫َ‬
‫فحجر األمري على أيب حنيفة أن يفيت‪ ،‬فهذه قصة‬
‫ابن أيب ليلى‪ ،‬فذهب إىل األمري فشكاه‪َ ،‬‬
‫احلد الثاين‪ ،‬فبلغ ذلك َ‬
‫حجر األمري يف الفتيا على أيب حنيفة؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪ :152‬صـ ‪.)153‬‬
‫قوم‬
‫حاجا يومئذ‪ ،‬فاجتمع عليه ٌ‬
‫(‪ )2‬قال ابن شربمة‪ :‬كنت شديد اإلزراء على أيب حنيفة‪ ،‬فحضر املوسم وكنت ًّ‬
‫رجل فقال‪ :‬يا أبا حنيفة‪ ،‬قصدتُك أسألك عن أمر قد أمهين‬
‫فوقفت من حيث ال يعلم َمن أنا‪ ،‬فجاءه ٌ‬ ‫ُ‬ ‫يسألونه‪،‬‬
‫وأعجزين‪ ،‬قال‪ :‬ما هو؟ قال‪ :‬يل ول ٌد ليس يل غريه‪ ،‬فإن زوجتُه طلَّق‪ ،‬وإن َّ‬
‫سريتُه أعتَق‪ ،‬وقد عجزت عن هذا‪ ،‬فهل‬
‫من حيلة؟ فقال له للوقت‪ :‬اش ِرت اجلارية اليت يرضاها هو ِ‬
‫لنفسك‪ ،‬مث ِّزوجها منه‪ ،‬فإن طلَّق رجعت مملوكتُك إليك‪،‬‬
‫كففت عن ِذكره إال خبري؛ (االنتقاء البن‬
‫ُ‬ ‫فعلمت أن الرجل فقيهٌ‪ ،‬فمن يومئذ‬
‫ُ‬ ‫وإن أعتق أعتق ما ال ميلِك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫عبدالرب صـ ‪.)154‬‬

‫سرا فولدت منه‪ ،‬مث جحدها‪،‬‬ ‫ِّثت أن رجاًل من ال ُق َّواد تزوج امرأةً ًّ‬
‫(‪ )3‬قال علي بن املديين (شيخ البخاري)‪ُ :‬حد ُ‬
‫هات بين ًة على النكاح‪ ،‬فقالت‪ :‬إمنا تزوجين على أن اهلل عز وجل الويل‪،‬‬ ‫فحاكمته إىل ابن أيب ليلى‪ ،‬فقال هلا‪ِ :‬‬
‫والشاهدان امللَكان‪ ،‬فقال هلا‪ :‬اذهيب‪ ،‬وطردها‪ ،‬فأتت املرأة أبا حنيفة مستغيثةً‪ ،‬فذكرت ذلك له‪ ،‬فقال هلا‪ :‬ارجعي إىل‬
‫كافر‬ ‫ِ‬
‫ابن أيب ليلى فقويل له‪ :‬إين قد أصبت بينةً‪ ،‬فإذا هو دعا به ليُشهد عليه‪ ،‬قويل‪ :‬أصلح اهلل القاضي‪ ،‬يقول‪ :‬هو ٌ‬
‫املهر‪ ،‬وأحلق به‬ ‫ِ‬
‫بالويل والشاهدين‪ ،‬فقال له ابن أيب ليلى ذلك‪ ،‬فن َكل ومل يستط ْع أن يقول ذلك‪ ،‬وأقر بالتزويج‪ ،‬فألزمه َ‬
‫ِّ‬
‫الولد؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪.)154‬‬

‫يك‪ :‬كنا يف جنازة غالم من بين هاشم وقد تبعها وجوه الناس وأشرافهم‪ ،‬فأنا إىل‬
‫(‪ )4‬قال الزبري بن كعيب‪ :‬قال يل شر ٌ‬
‫جنب ابن شربمة أماشيه‪ ،‬إذ قامت اجلنازة‪ ،‬فقيل‪ :‬ما للجنازة ال ميشى هبا؟ قيل‪ :‬خرجت أمه واهلةً عليه‪ ،‬سافرةً وجهها‬
‫يف قميص‪ ،‬فحلف أبوه بالطالق لرتجعن‪ ،‬وحلفت هي بصدقة ما متلِك ال رجعت حىت يصلى عليه‪ ،‬وكان يومئذ مع‬
‫حاضر‪ ،‬قال‪ :‬فذهبوا فدعوا‬
‫ٌ‬ ‫اب‬
‫اجلنازة ابن شربمة ونظراؤه‪ ،‬فاجتمعوا لذلك‪ ،‬وسئلوا عن املسألة‪ ،‬فلم يكن عندهم جو ٌ‬
‫ِ‬
‫حلفت؟ قالت‪:‬‬ ‫عالم‬
‫وقوف والناس‪ ،‬فقال للمرأة‪َ :‬‬‫بأيب حنيفة وهو يف عرض الناس‪ ،‬فجاء مغطيًا رأسه واملرأة والزوج ٌ‬
‫على كذا وكذا‪ ،‬وقال للزوج‪ :‬مبَ حلفت؟ قال‪ :‬بكذا‪ ،‬قال‪ :‬ضعوا السرير‪ُ ،‬فو ِضع‪ ،‬وقال للرجل‪ :‬تقدَّم ِّ‬
‫فصل على‬
‫ابنك‪ ،‬فلما صلى‪ ،‬قال‪ :‬ارجعي؛ فقد خرجتما عن ميينكما‪ ،‬امحلوا ميتكم‪ ،‬فاستحسنها الناس‪ ،‬فقال ابن شربمة ‪-‬‬
‫تلد ِمثل النعمان؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪.)161‬‬ ‫ِ‬
‫عجزت النساء أن َ‬ ‫يك ‪:-‬‬‫على ما حكى عنه شر ٌ‬
‫(‪ )5‬قال عبداهلل بن املبارك‪ :‬قلت لسفيان الثوري‪ :‬يا أبا عبداهلل‪ ،‬ما أبعد أبا حنيفة من الغِيبة! ما مسعتُه يغتاب ًّ‬
‫عدوا‬
‫يذهب هبا؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ‬ ‫له قط‪ ،‬قال‪ :‬هو واهلل أعقل من أن يسلِّط على حسناته ما َ‬
‫‪.)363‬‬

‫لرجح هبم؛ (تاريخ بغداد للخطيب‬


‫عقل أيب حنيفة بعقل نصف أهل األرض‪َ ،‬‬
‫(‪ )6‬قال علي بن عاصم‪ :‬لو ُوزن ُ‬
‫البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)364‬‬

‫(‪ )7‬قال حممد بن عبدالرمحن‪ :‬كان رجل بالكوفة يقول‪ :‬عثمان بن عفان كان يهوديًّا‪ ،‬فأتاه أبو حنيفة‪ ،‬فقال‪ :‬أتيتك‬
‫سخي يقوم الليل يف ركعة‪ ،‬كثري البكاء‬ ‫ِ‬
‫خاطبًا‪ ،‬قال‪ :‬ل َمن؟ قال‪ :‬البنتك‪ ،‬رجل شريف غين باملال‪ ،‬حافظ لكتاب اهلل‪ٌّ ،‬‬
‫يهودي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ٌّ‬ ‫من خوف اهلل‪ ،‬قال‪ :‬يف دون هذا مقنع يا أبا حنيفة‪ ،‬قال‪ :‬إال أن فيه َخصلة‪ ،‬قال‪ :‬وما هي؟ قال‪:‬‬
‫تفعل؟قال‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فالنيب صلى اهلل عليه وسلم زوج ابنتيه‬
‫سبحان اهلل! تأمرين أن أزوج ابنيت من يهودي‪ ،‬قال‪ :‬ال ُ‬
‫من يهودي؟! قال‪ :‬أستغفر اهلل؛ إين تائب إىل اهلل عز وجل؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)364‬‬

‫(‪ )8‬قال حيىي بن معني‪ :‬دخل اخلوارج مسجد الكوفة وأبو حنيفة وأصحابه جلوس‪ ،‬فقال أبو حنيفة‪ :‬ال تربحوا‪،‬‬
‫فجاؤوا حىت وقفوا عليهم‪ ،‬فقالوا هلم‪ :‬ما أنتم؟ فقال أبو حنيفة‪ :‬حنن مستجريون‪ ،‬فقال أمري اخلوارج‪ :‬دعُوهم وأبلِغوهم‬
‫مأمنهم‪ ،‬واقرؤوا عليهم القرآن‪ ،‬فقرؤوا عليهم القرآن‪ ،‬وأبلَغوهم مأمنهم؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ‬
‫‪.)366‬‬

‫عبادة أيب حنيفة‪:‬‬

‫(‪ )1‬قال خارجة بن مصعب‪ :‬ختَم القرآ َن يف الكعبة أربعة من األئمة؛ عثمان بن عفان‪ ،‬ومتيم الدَّاري‪ ،‬وسعيد بن‬
‫ُجبري‪ ،‬وأبو حنيفة؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)356‬‬
‫فدفعت إىل أيب حنيفة؛ (تاريخ بغداد‬ ‫(‪ )2‬قال احلسن بن حممد الليثي‪ :‬قدمت الكوفة فسألت عن ِ‬
‫أعبد أهلها‪ُ ،‬‬
‫للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)353‬‬

‫(‪ )3‬قال سفيان بن عيينة‪ :‬رحم اهلل أبا حنيفة؛ كان من املصلِّني؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ‬
‫‪.)353‬‬

‫(‪ )4‬قال حممد بن فضيل‪ :‬قال أبو مطيع‪ :‬كنت مبكة‪ ،‬فما دخلت الطواف يف ساعة من ساعات الليل إال رأيت أبا‬
‫حنيفةَ وسفيان يف الطواف؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)353‬‬

‫(‪ )5‬قال حيىي بن أيوب الزاهد‪ :‬كان أبو حنيفةَ ال ينام الليل؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)353‬‬

‫النبيل‪ :‬كان أبو حنيفة يسمى الوتِ َد؛ لكثرة صالته؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)400‬‬ ‫ٍ‬
‫(‪ )6‬قال أبو عاصم ُ‬

‫سعر بن كِدام‪ :‬رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن يف ركعة؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)401‬‬ ‫ِ‬
‫(‪ )7‬قال م َ‬

‫(‪ )8‬قال املثىن بن رجاء‪ :‬جعل أبو حنيفة على نفسه إن حلف باهلل صادقًا أن يتصدَّق بدينار‪ ،‬وكان إذا أنفق على‬
‫عياله نفقةً‪ ،‬تصدَّق مبثلها؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)363‬‬

‫الفجر بوضوء صالة العشاء أربعني سنة‪ ،‬فكان عامةَ الليل يقرأ مجيع القرآن‬
‫(‪ )9‬قال أسد بن عمر‪ :‬صلى أبو حنيفة َ‬
‫سمع بكاُؤه بالليل حىت يرمَحَه جريانُه؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)363‬‬
‫يف ركعة واحدة‪ ،‬وكان يُ َ‬
‫سبعا‪ ،‬فقلت‪ :‬يركع‪ ،‬مث قرأ‬ ‫ِ‬
‫ت قراءته‪ ،‬فقرأ ً‬
‫دخلت املسجد فرأيت رجاًل يصلي‪ ،‬فاستحلَْي ُ‬
‫ُ‬ ‫سعر بن كدام‪:‬‬
‫(‪ )10‬قال م َ‬
‫فنظرت فإذا هو أبو حنيفة؛ (تاريخ بغداد‬
‫ُ‬ ‫الثلث‪ ،‬مث قرأ النصف‪ ،‬فلم يزل يقرأ القرآن حىت ختمه كله يف ركعة‪،‬‬
‫للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)356‬‬

‫كرم أيب حنيفة‪:‬‬


‫جود و ُ‬
‫ُ‬
‫(‪ )1‬قال قيس بن الربيع‪ :‬كان أبو حنيفة يبعث بالبضائع إىل بغداد‪ ،‬فيشرتي هبا األمتعةَ‪ ،‬وحيملها إىل الكوفة‪ ،‬وجيمع‬
‫األرباح عنده من سنة إىل سنة‪ ،‬فيشرتي هبا حوائج األشياخ احملدِّثني وأقواهتم وكسوهتم ومجيع حوائجهم‪ ،‬مث يدفع باقي‬
‫حتمدوا إال اهللَ؛ فإين ما أعطيتُكم من مايل شيًئا‪ ،‬ولكن‬
‫الدنانري من األرباح إليهم‪ ،‬فيقول‪ :‬أنفقوا يف حوائجكم‪ ،‬وال َ‬
‫حول‬
‫علي فيكم‪ ،‬وهذه أرباح بضائعكم؛ فإنه هو واهلل مما جُي ريه اهلل لكم على يدي‪ ،‬فما يف رزق اهلل ٌ‬
‫من فضل اهلل َّ‬
‫لغريه؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)362‬‬

‫(‪ )2‬كان أبو حنيفة رمبا مر به الرجل فيجلس إليه لغري قصد وال جمالسة‪ ،‬فإذا قام سأل عنه‪ ،‬فإن كانت به فاقة‬
‫وصله‪ ،‬وإن م ِرض عاده‪ ،‬حىت جيره إىل مواصلته؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)362‬‬ ‫(حاجة) َ‬

‫رجل فقال‪ :‬يا أبا حنيفة‪ ،‬قد احتجت إىل ثوب خز‪ ،‬فقال‪ :‬ما لونه؟‬
‫(‪ )3‬كان أبو حنيفة يبيع اخلز (احلرير)‪ ،‬فجاءه ٌ‬
‫فقال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬فقال له‪ :‬اصرب حىت يقع وآخذه لك إن شاء اهلل‪ ،‬فما دارت اجلمعة حىت وقع‪ ،‬فمر به الرجل‪ ،‬فقال‬
‫له أبو حنيفة‪ :‬قد وقعت حاجتك‪ ،‬فأخرج إليه الثوب فأعجبه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا حنيفة‪ ،‬كم أ ِز ُن للغالم؟ قال‪ :‬درمهًا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫دينارا ودرهم‪ ،‬وإين بعت أحدمها‬
‫يا أبا حنيفة‪ ،‬ما كنت أظنك هتزأ‪ ،‬قال‪ :‬ما هزأت‪ ،‬إين اشرتيت ثوبني بعشرين ً‬
‫بح على ٍ‬
‫صديق؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)362‬‬ ‫ِ‬
‫دينارا‪ ،‬وبق َي هذا بدرهم‪ ،‬وما كنت ألر َ‬
‫بعشرين ً‬

‫الشيوخ العلماء؛ (تاريخ بغداد للخطيب البغدادي جـ ‪13‬‬


‫َ‬ ‫جديدا‪ ،‬كسا بقدر مثنه‬
‫(‪ )4‬كان أبو حنيفة إذا اكتسى ثوبًا ً‬
‫صـ ‪.)358‬‬
‫ُزهد وورع أيب حنيفة‪:‬‬

‫أيت أورع منه؛ هُنِي عن الفتيا‪ ،‬فبينا هو وابنته يأكالن ختللت ابنته‪ ،‬فخرج على‬
‫يوما‪ :‬ما ر ُ‬
‫(‪ )1‬قال سوار بن حكم ً‬
‫محادا؛‬ ‫خالهلا صفرة دم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا أبت‪ ،‬علي يف هذا وضوء‪ ،‬فقال‪ :‬إين هُنِيت عن الفتيا‪ ،‬فحلفت هلم‪ِ ،‬‬
‫فسلي أخاك ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫(االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪.)169‬‬

‫(‪ )2‬قال حممد بن شجاع عن بعض أصحابه‪ :‬إنه قيل أليب حنيفة‪ :‬قد أمر لك أبو جعفر أمري املؤمنني بعشرة آالف‬
‫درهم‪ ،‬قال‪ :‬فما رضي أبو حنيفة‪ ،‬فلما كان اليوم الذي توقع أن يؤتى إليه باملال‪ ،‬صلى الصبح‪ ،‬مث تغشى بثوبه فلم‬
‫يتكلم‪ ،‬فجاء رسول احلسن بن قحطبة باملال‪ ،‬فدخل به عليه فكلمه‪ ،‬فلم يكلمه‪ ،‬فقال َمن حضر‪ :‬ما يكلمنا إال‬
‫بالكلمة بعد الكلمة‪ ،‬فقال‪ :‬ضعوا املال يف هذا اجلراب يف زاوية البيت‪ ،‬قال‪ :‬مث أوصى أبو حنيفة بعد ذلك مبتاع بيته‪،‬‬
‫فخذ هذه البدرة فاذهب هبا إىل احلسن بن قحطبة‪ ،‬ف ُقل له‪ :‬هذه وديعتك اليت‬
‫مت ودفنتموين‪ُ ،‬‬
‫فقال البنه‪ :‬إذا أنا ُّ‬
‫أودعتها أبا حنيفة‪ ،‬فلما دفنَّاه وأخذهتا وجئت حىت استأذنت على احلسن بن قحطبة‪ ،‬فقلت‪ :‬هذه الوديعة اليت كانت‬
‫شحيحا على ِدينه؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ‬
‫ً‬ ‫لك عند أيب حنيفة‪ ،‬قال‪ :‬فقال احلسن‪ :‬رمحة اهلل على أبيك‪ ،‬لقد كان‬
‫‪.)169‬‬

‫يك أيب حنيفة‪ ،‬وكان أبو حنيفة هو الذي يقوم بشراء‬


‫(‪ )3‬قال علي بن حفص البزاز‪ :‬كان حفص بن عبدالرمحن شر َ‬
‫املتاع‬
‫حفص َ‬ ‫ٌ‬ ‫البضاعة‪ ،‬فبعث إليه يف رفقة مبتاع‪ ،‬وأعلَمه أن يف ثوب كذا وكذا عيبًا‪ ،‬فإذا بعتَه فبنِّي هذا العيب‪ ،‬فباع‬
‫ونسي أن يبنِّي العيب‪ ،‬ومل يعلم من اشرتاه‪ ،‬فلما علِم أبو حنيفة بذلك‪ ،‬تصدق بثمن املتاع كله؛ (تاريخ بغداد‬ ‫ِ‬
‫للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)358‬‬

‫ع من أيب حنيفة؛ (تاريخ بغداد للخطيب‬


‫جالست الكوفيني فما رأيت أور َ‬
‫ُ‬ ‫(‪ )4‬قال مكي بن إبراهيم (شيخ البخاري)‪:‬‬
‫البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)363‬‬

‫أقوال العلماء يف أيب حنيفة‪:‬‬


‫(‪ )1‬قال حيىي بن معني (إمام اجلرح والتعديل)‪ :‬كان أبو حنيفة ثقةً‪ ،‬ال حيدِّث باحلديث إال مبا حيفظه‪ ،‬وال حيدث مبا‬
‫ال حيفظ؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)395‬‬

‫(‪ )2‬قال الشافعي‪ :‬قيل ملالك‪ :‬هل رأيت أبا حنيفة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬رأيت رجاًل لو كلمك يف هذه السارية أن جيعلها‬
‫حبجته؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)399‬‬
‫ذهبًا‪ ،‬لقام َّ‬

‫عيال على أيب حنيفة؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)403‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬الناس يف الفقه ٌ‬

‫لما من أيب حنيفة؛ (سري أعالم النبالء‬ ‫ِ‬


‫(‪ )3‬قال عبداهلل بن املبارك‪ :‬ما رأيت رجاًل أوقر يف جملسه‪ ،‬وال أحسن مستًا وح ً‬
‫جـ ‪ 6‬صـ ‪.)400‬‬

‫مالك أفقه‪ ،‬أو أبو حنيفة؟ قال‪ :‬أبو حنيفة؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪6‬‬
‫قال حيان بن موسى املروزي‪ :‬سئل ابن املبارك‪ٌ :‬‬
‫صـ ‪.)402‬‬

‫وقال ابن املبارك‪ :‬أبو حنيفة أفقهُ الناس؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)403‬‬

‫ب أيب حنيفة من السنَّة؛ (سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)401‬‬


‫(‪ )4‬قال أبو معاوية الضرير‪ُ :‬ح ُّ‬

‫(‪ )5‬قال علي بن عاصم‪ :‬لو ُوزن علم اإلمام أيب حنيفة بعلم أهل زمانه‪ ،‬لرجح عليهم؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ‬
‫‪.)403‬‬

‫جاهل؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪6‬‬


‫ٌ‬ ‫(‪ )6‬قال حفص بن غياث‪ :‬كالم أيب حنيفة يف الفقه‪ُّ ،‬‬
‫أدق من الشَّعر‪ ،‬ال يعيبه إال‬
‫صـ ‪.)403‬‬

‫(‪ُ )7‬سئل األعمش عن مسألة‪ ،‬فقال‪ :‬إمنا حُي ِسن هذا النعما ُن بن ثابت اخلزاز‪ ،‬وأظنه بورك له يف علمه؛ (االنتقاء‬
‫البن عبدالرب صـ ‪.)126‬‬
‫أحوج‬ ‫(‪ )8‬مسع زيد بن كميت رجاًل يقول أليب حنيفة‪ِ :‬‬
‫خريا‪ ،‬ما َ‬
‫اصفر‪ ،‬وأطرق‪ ،‬وقال‪ :‬جزاك اهلل ً‬
‫اتق اهللَ‪ ،‬فانتفض‪ ،‬و َّ‬
‫كل وقت إىل من يقول هلم مثل هذا؛ (سري أعالم النبالء جـ ‪ 6‬صـ ‪.)400‬‬
‫الناس َّ‬
‫َ‬

‫موت أيب حنيفة فاسرتجع وتوجع‪،‬‬


‫(‪ )9‬قال َرْوح بن عبادة‪ :‬كنت عند عبدامللك بن جريج سنة مخسني ومائة‪ ،‬فأتاه ُ‬
‫أي علم ذهب؟!؛ (هتذيب التهذيب البن حجر العسقالين جـ ‪ 5‬صـ ‪.)630‬‬
‫وقال‪ُّ :‬‬

‫(‪ )10‬قال عبدالصمد بن عبدالوارث‪ :‬كنا عند شعبة بن احلجاج‪ ،‬فقيل له‪ :‬مات أبو حنيفة‪ ،‬فقال شعبة‪ :‬لقد ذهب‬
‫معه فقه الكوفة‪ ،‬تفضل اهلل علينا وعليه؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ ‪.)126‬‬

‫حس َن الفهم‪ ،‬جيد احلفظ؛ (اخلريات احلسان ـ البن حجر املكي صـ ‪.)34‬‬
‫أيضا‪ :‬كان واهلل َ‬
‫وقال شعبة بن احلجاج ً‬

‫السنَن عليهم؛‬
‫(‪ )11‬قال عبداهلل بن داود احلرييب‪ :‬ينبغي للناس أن يَ ْدعوا يف صالهتم أليب حنيفة؛ حلفظه الفقهَ و ُّ‬
‫(البداية والنهاية البن كثري جـ ‪ 10‬صـ ‪.)110‬‬

‫أعلم ِ‬
‫أهل األرض؛ (البداية والنهاية البن كثري جـ ‪10‬‬ ‫(‪ )12‬قال مكي بن إبراهيم (شيخ البخاري)‪ :‬كان أبو حنيفة َ‬
‫صـ ‪.)110‬‬

‫رجل‪ ،‬فقال له زهريٌ‪ِ :‬من أين جئت؟ فقال‪ِ :‬من عند أيب‬
‫(‪ )13‬قال علي بن اجلعد‪ :‬كنا عند زهري بن معاوية‪ ،‬فجاءه ٌ‬
‫شهرا؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ‬
‫إيل ً‬
‫أنفع لك من جميئك َّ‬
‫احدا ُ‬
‫يوما و ً‬
‫حنيفة‪ ،‬فقال زهريٌ‪ :‬إن ذهابك إىل أيب حنيفة ً‬
‫‪.)134‬‬
‫(‪ )14‬قال حامت بن آدم‪ :‬قلت للفضل بن موسى السيناين‪ :‬ما تقول يف هؤالء الذين يقعون يف أيب حنيفة؟ قال‪ :‬إن‬
‫فحسدوه؛ (االنتقاء البن عبدالرب صـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أبا حنيفة جاءهم مبا يعقلونه ومبا ال يعقلونه من العلم‪ ،‬ومل يرتك هلم شيًئا؛ َ‬
‫‪.)136‬‬

‫أحسن ِمن رأي أيب حنيفة‪ ،‬وقد أخذنا بأكث ِر أقواله؛‬


‫َ‬ ‫(‪ )15‬قال حيىي بن سعيد القطان‪ :‬ال نكذب اهلل‪ ،‬ما مسعنا‬
‫(سري أعالم النبالء للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)402‬‬

‫صاحب ٍ‬
‫غوص يف املسائل؛ (هتذيب التهذيب البن حجر العسقالين‬ ‫َ‬ ‫(‪ )16‬قال أبو نُعيم األصبهاين‪ :‬كان أبو حنيفة‬
‫جـ ‪ 5‬صـ ‪.)630‬‬

‫(‪ )17‬قال الذهيب‪ :‬اإلمامة يف الفقه ودقائقه مسلَّمةٌ إىل هذا اإلمام‪ ،‬وهذا ٌ‬
‫أمر ال شك فيه؛ (سري أعالم النبالء‬
‫للذهيب جـ ‪ 6‬صـ ‪.)400‬‬

‫الفردوس‪ ،‬آمني؛‬ ‫(‪ )18‬قال ابن حجر العسقالين‪ :‬مناقب اإلمام أيب حنيفة كثرية جدًّا؛ ِ‬
‫فرض َي اهلل تعاىل عنه‪ ،‬وأسكنه‬
‫َ‬
‫(هتذيب التهذيب البن حجر العسقالين جـ ‪ 5‬صـ ‪.)631‬‬

‫ُحسن جوار أيب حنيفة‪:‬‬

‫جار بالكوفة إسكاف يعمل هناره كله‪ ،‬حىت إذا أقبل الليل رجع إىل‬
‫قال عبداهلل بن رجاء الغداين‪ :‬كان أليب حنيفة ٌ‬
‫اخلمر‪ ،‬حىت إذا دب الشراب فيه غىَّن بصوت وهو‬
‫حلما فطبخه‪ ،‬أو مسكة فيشويها‪ ،‬مث ال يزال يشرب َ‬
‫منزله وقد محل ً‬
‫يقول‪:‬‬
‫ِ‬
‫وسداد ثغ ِر‬ ‫أي ف أضاعوا ♦♦♦ ِ‬
‫ليوم كر ٍ‬
‫يهة‬ ‫أضاعوين و َّ ىًت‬
‫يسمع ضجته‪ ،‬وكان أبو حنيفة يصلي‬ ‫فال يزال يشرب اخلمر‪ ،‬ويردد هذا البيت حىت يأخذه النوم‪ ،‬وكان أبو حنيفة َ‬
‫ليال‪ ،‬وهو حمبوس‪ ،‬فصلى أبو‬ ‫الليل كله‪ ،‬ففقد أبو حنيفة صوته‪ ،‬فسأل عنه‪ ،‬فقيل‪ :‬أخذه العسس (الشرطة) منذ ٍ‬
‫َ‬
‫حنيفة صالة الفجر من ٍ‬
‫غد‪ ،‬وركب بغلته‪ ،‬واستأذن على األمري‪ ،‬قال األمري‪ :‬ائ َذنوا له‪ ،‬وأقبلوا به راكبًا‪ ،‬وال تدعوه‬
‫ينزل حىت يطأ البساط‪ ،‬ففعل‪ ،‬ومل يزل األمري يوسع له من جملسه‪ ،‬وقال‪ :‬ما حاجتك؟ قال‪ :‬يل جار إسكاف‪ ،‬أخذه‬
‫العسس منذ ٍ‬
‫ليال‪ ،‬يأمر األمري بتخليته؟! فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وكل من أخذه بتلك الليلة إىل يومنا هذا‪ ،‬فأمر بتخليتهم‬
‫أمجعني‪ ،‬فركب أبو حنيفة واإلسكايف ميشي وراءه‪ ،‬فلما نزل أبو حنيفة مضى إليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا فىت‪ ،‬أضعناك؟! قال‪ :‬ال‪،‬‬
‫خريا عن حرمة اجلوار ورعاية احلق‪ ،‬وتاب الرجل‪ ،‬ومل يعُ ْد إىل ما كان؛ (تاريخ بغداد‬ ‫ِ‬
‫ورعيت جزاك اهلل ً‬
‫بل حفظت َ‬
‫للخطيب البغدادي جـ ‪ 13‬صـ ‪.)362 :363‬‬

‫ابتالء أيب حنيفة النعمان‪:‬‬

‫ابن هبرية أبا حنيفة أن يتوىل قضاء الكوفة‪ ،‬فأىب (رفض) عليه‪ ،‬فضربه مائة‬
‫قال عبيداهلل بن عمرو الرقي‪ :‬كلم األمري ُ‬
‫سوط وعشرة أسواط‪ ،‬وهو على االمتناع‪ ،‬فلما رأى ابن هبرية ذلك خلَّى سبيله؛ (هتذيب التهذيب البن حجر‬
‫العسقالين جـ ‪ 5‬صـ ‪.)630‬‬

‫وفاة أيب حنيفة النعمان‪:‬‬

‫قال محاد بن أيب حنيفة‪ :‬ملا مات أيب‪ ،‬سألنا احلسن بن عمارة أن يتوىل غسله‪ ،‬ففعل‪ ،‬فلما غسله قال‪ :‬رمحك اهلل‬
‫وفضحت‬ ‫أتعبت َمن بعدك‪،‬‬ ‫تعاىل وغفر لك‪ ،‬مل تُ ِ‬
‫َ‬ ‫تتوسد ميينك بالليل منذ أربعني سنة‪ ،‬وقد َ‬
‫فطر منذ ثالثني سنة‪ ،‬ومل َّ‬
‫القراء؛ (هتذيب التهذيب البن حجر العسقالين جـ ‪ 5‬صـ ‪.)630‬‬ ‫َّ‬

‫ست مرات؛‬
‫تويف أبو حنيفة النعمان سنة مائة ومخسني هجرية‪ ،‬وله من العمر سبعون سنة‪ ،‬وصلى الناس عليه ببغداد َّ‬
‫لكثرة الزحام‪ ،‬وقربه هناك؛ (البداية والنهاية البن كثري جـ ‪ 10‬صـ ‪.)111‬‬
‫الصدِّيقني والشهداء‬
‫رحم اهلل اإلمام أبا حنيفة رمحة واسعة‪ ،‬ومجعنا به يف الفردوس األعلى من اجلنة‪ ،‬مع النبيِّني و ِّ‬
‫وحسن أولئك رفي ًقا‪.‬‬
‫والصاحلني‪ُ ،‬‬

‫وآخر دعوانا ِأن ُ‬


‫احلمد هلل رب العاملني‪..‬‬ ‫ُ‬

‫وصلَّى اهلل وسلَّم على نبينا حممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ،‬والتابعني هلم بإحسان إىل يوم الدين‪.‬‬

You might also like