You are on page 1of 2

‫فتح مكة‬

‫في رمضان كان فتح مكة فسار الجيش اإلسالمي بعدما غدرت قريش بالعهود والمواثيق خ رج‬
‫المهاجرون واألنصار يتذكرون الغزوات التي قادوها لمواجهة مشركي قريش الذين قتلوا أبنائهم‬
‫وأرادوا استئصال اإلسالم وقتل رسول هللا وتدمير المدينة وه ا ق د ج اءت س اعة القص اص من‬
‫مشركي قريش فقال سعد بن عبادة سيد الخزرج وهو يحمل راي ة األنص ار (الي وم ي وم الملحم ة‬
‫اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل هللا قريشا) فلما وصل الخ بر إلى رس ول هللا ق ال (ب ل الي وم ي وم‬
‫ُتعَّظم فيه الكعبة‪ ،‬اليوم أعَّز هللا فيه قريًش ا)‪.1‬‬
‫ونزع اللواء من سعد ودفعه إلى ابنه قيس فلو كان الثأر والتشفي هو الجو السائد لس الت األودي ة‬
‫بال دماء ول وقعت مقتل ة عظيم ة في ك ل بيت من ق ريش وس تمتأل القل وب باألحق اد وهي ت دخل‬
‫اإلسالم ذليله لكن تعامل رسول هللا بعز قريش وتعظيم الكعبة والحرص على حقن الدماء ويدخل‬
‫مكة وحول الكعبة ثالثمائ ة وس تون ص نما مرص عة بالرص اص وك ان هب ل أعظمه ا وألس اف‬
‫ونائلة حيث ينحرون ويذبحون الذبائح وفي يد رسول هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عصا كلما مر‬
‫بصنم يشير إليه ويطعنه في عينيه ويقول ﴿َو ُقۡل َج ۤا َء ٱۡل َح ُّق َو َز َهَق ٱۡل َبٰـِط ُۚل ِإَّن ٱۡل َبٰـِط َل َك اَن َزُهو ࣰقا﴾‬
‫[اإلسراء ‪ ]٨١‬فما يشير إلى صنم إال سقط لوحده من غير أن يمس ه وهب ل ص نم ق ريش األك بر‬
‫الذي جعلوه على ظهر الكعبة ليكون رمز لها وهتفوا باسمه يوم أحد فها هو أم ير المؤم نين علي‬
‫بن أبي طالب ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬يصعد على منكبي رسول هللا ليصعد فوق الكعبة ويعالجه ح تى‬
‫يسقط وترتفع كلمه هللا هي العليا وتهبط كلم ه الش رك والوثني ة في ال تراب وهي الكلم ة الس فلى‬
‫وكلمه هللا هي العليا‪.‬‬
‫يتم هذا كله وقيادات ق ريش وجيش ها تنظر منكس ة ال رأس وال تس تطيع أن تتف وه بكلم ة واح دة‬
‫فالحياة رهن كلمه منه عليه الصالة والسالم فقد فتحت مكة دون ما عقد وال شرط وال عهد فحقق‬
‫هللا رجاء نبيه (اللهم خذ العيوَن واألخباَر عن قريٍش حتى نبغَتها في بالِد ها)‪. 2‬‬
‫لذلك ابليس حينما شاهد هذا االمر وما حل باألصنام جن جنونه ودعى جن وده وه و ال ذي تس لل‬
‫في شخص عمرو بن لحى ليجعل مكة معق ل الش رك والوثني ة بع دما جعله ا هللا اول بيت للن اس‬
‫وها هو يرى رسول هللا يستلم زمام مكة ويعني طرده ودح ره وي رى ان ه ذا ال دحر ليس مؤقت ا‬
‫فهو دحر ابدي من مكة فصرخ قائال ( أيأُسوا أْن ُترُد وا ُأَّم َة محمٍد على الشرِك بعَد يوِم ُك ْم هذا)‪،3‬‬
‫يئس ان يعبد لكنه يطمع فيما دون ذلك فاحذروه على دينكم ‪.‬‬
‫ويريد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن يدخل الكعب ة فين ادي على عثم ان بن طلح ة َق اَل ‪َ« :‬ي ا‬
‫ُع ْثَم اُن اْئِتِني ِباْلِم ْفَتاِح»‪ 4‬يأتي به ويعطيه لرس ول هللا وه و يت ذكر كي ف أن رس ول هللا ص لى‬
‫هللا عليه وسلم قب ل الهج رة دع اه إلى اإلس الم ف رفض ال دخول لإلس الم ومن ع رس ول هللا أن‬
‫يدخله الكعبه مع الناس حيث كانت الكعبة في الجاهلية تفتح ي وم االث نين والخميس فمنع ه من‬
‫الدخول واغلظ عليه ونال منه ورسول هللا حليم عنه فقد كان رسول هللا حليم فق ال رس ول هللا‬
‫‪1‬‬
‫زاد المعاد في هدي خير العباد البن القيم ج ‪ 3‬ص ‪492‬‬
‫‪2‬‬
‫سيرة ابن هشام ج ‪ 2‬ص ‪397‬‬
‫‪3‬‬
‫أخرجه الطبراني (‪ ،)12318( )12/11‬والثعلبي في ((التفسير)) (‪ ،)7/185‬وأبو نعيم في ((حلية األولياء)) (‪ )9/62‬باختالف يسير‬
‫‪4‬‬
‫أخرجه مسلم (‪)1329‬‬
‫وهو ُيمنع من الدخول «َيا ُع ْثَم اُن َلَع ّلك َس َتَر ى َهَذ ا اْلِم ْفَتاَح َيْو ًم ا ِبَي ِد ي َأَض ُعُه َح ْيُث ِش ْئت» َفُقْلُت‬
‫َلَقْد َهَلَك ْت ُقَر ْيٌش َيْو َم ِئٍذ َو َذ ّلْت ‪َ .‬فَقاَل ‪َ« :‬بْل َع َم َر ْت َو َع ّزْت َيْو َم ِئٍذ »‪.5‬‬
‫تذكر هذا الموقف وهو يسلم رسول هللا المفتاح أن المفتاح قد خرج من أيديهم وأراد ال رس ول‬
‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أن يكون بيدهم فإذا بجبريل ينزل من السماء بأي ة تحث على أع ادة‬
‫المفتاح ألهله بني عبد الدار ﴿۞ ِإَّن ٱَهَّلل َیۡأ ُم ُر ُك ۡم َأن ُتَؤ ُّد و۟ا ٱَأۡلَم ٰـ َنٰـِت ِإَلٰۤى َأۡه ِلَها ﴾ [النساء ‪ ]٥٨‬ف اذا‬
‫برسول هللا يدعو عثمان بن طلحه ويَقوَل َل ُه «َه اَك ِم ْفَتاَح َك َي ا ُع ْثَم اُن ‪ .‬اْلَي ْو َم َي ْو ُم ِب ّر َوَو َف اٍء »‬
‫ُخ ُذ وَها يا بني شيبه َخاِلَد ًة ُم خِلَد ًة اَل َيْنِز ُع َها ِم ْنُك ْم إاّل َظاِلٌم ‪. 6‬‬
‫وهكذا شاءت أرادة هللا أن يخلد بني عبد الدار في الت اريخ ويجعلهم س دنه بيت ه من دون الن اس‬
‫جميعا ويعود المفتاح إلى أهله كما كان وها قد مر خمسة عش ر قرن ا على ه ذا األم ر وال ي زال‬
‫المفتاح عند بني عبد الدار تنفيذا لحكم هللا خذوها خالدا مخلدة إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ويختار رسول هللا ‪-‬صلى هللا علي ه وس لم‪ -‬مك ان القي ادة في نفس المك ان ال ذي تح الفت في ه‬
‫ق ريش وبن و كنان ة على ب ني مطلب وب ني هاش م في المقاطع ة والحص ار ومحارب ة عب ادتهم‬
‫ومحاولة اغتيال رسول هللا ليبين للناس أن هذا الموقع الذي جاء للقطيعة واإلبادة نفس المكان هو‬
‫الذي جلس فيه رس ول هللا ليعلن الي وم ي وم ب ر ومرحم ة لتغ ير في نفوس هم ذاك ره القطيع ة إلى‬
‫ذاكره الرحمة وليعلن أن مصير الطغاة الظلمة إلى فناء وهالك‪.‬‬
‫اين الذين ارادوا قتل االسالم انهم االن قد ماتوا االن نور االس الم يس طع على ال دنيا كله ا اه ل‬
‫قريش ينتظرون ماذا يفعل بهم رسول هللا وهم الذين حاربوه عشرون عاما او يزيد وها ه و س يد‬
‫مكة عانى من ايذائها وايامها وقد نكس و رؤوس هم ينتظروا م اذا يفع ل بهم رس ول هللا فق ال لهم‬
‫معشر قريٍش ‪ ،‬ما ترون أني فاعٌل بكم ؟ ق الوا وهم ال ذين ق اتلوه اال انهم يعرف ون انهم يق اتلون‬
‫اشرف الرجال اشرف مخلوقا على وجه االرض يعرفون ذلك من اعماق قلوبهم هم ال ذين رب وه‬
‫على ايديهم وهو صغير وعاملوه حربا وسلما وهو كبير فق الوا ‪ :‬نظن خ يًرا ‪ ،‬أٌخ ك ريٌم وابُن أٍخ‬
‫كريٍم ! ! قال ‪ :‬فإني أقوُل لكم م ا ق ال يوس ُف إلخوِت ه ‪ : .‬ال ت ثريَب عليكم الي وم ‪ ،‬اذهب وا ف أنتم‬
‫‪7‬‬
‫الطلقاُء‬

‫حتى ال يتحول فتح مكة إلى مقتله في كل قبيلة ومأتم في كل موقع ثارات الجاهلية وأعلن إس قاط‬
‫الثارات واالمجاد السابقة إن كل ربا في الجاهلية َأاَل ُك ُّل َم ْأُث َر ٍة َأْو َم اٍل َأْو َد ٍم ‪َ ،‬ف ُه َو َت ْح َت َق َد َم َّي‬
‫َه اَت ْي ِن ِإاَّل ِس َد اَن َة اْلَب ْي ِت َو ِس َق اَي َة اْلَح اِّج ال قارات وإنما بداية صفحة جديدة يعلمها رسول هللا لنا إذا‬
‫أردنا حقا أن نكون من اتباعه وعلي ملته أن نب دأ بص فحة جدي دة بعي دة عن األحق اد واإلث ارات‬
‫الطائفية التي ال تؤدي إال إلى عن ف ودم ار ي وم الفتح علين ا أن نفتح قلوبن ا وص دورنا إلخوانن ا‬
‫ونقول كما قال رسول هللا ال تثريب عليكم وأن نتغافل ونتوحد وإال سيكون مصير من يبدأ عه ده‬
‫بالث ارات واالنتق ام واالعتق ال والم داهمات يك ون مص يره الظلم وهن ا ق د ت راهم أمامن ا في ذل‬
‫وهوان وهذا مصير كل ظالم ومتجبر‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫زاد المعاد في هدي خير العباد ج ‪ 3‬ص ‪360‬‬
‫‪6‬‬
‫المصدر السابق‬
‫‪7‬‬
‫زاد المعاد في هدي خير العباد ج ‪ 3‬ص ‪359‬‬

You might also like