Professional Documents
Culture Documents
عبد هللا ُ
ّ (( ّ
بن ُحذافة ،وأنا أبدأ بذلك )) -عمر بن الخطاب.
هللا ِ
كل مسلم أن ّ
يقبل رأس عبد ِ حق على ّ
فلما غدوا على النبي ﷺ في اليوم التالي ،قاال له :هل أعددت نفسك ُ
للم ِض ّي معنا إلى لقاء كسرى؟ ّ
ّ
تلقيا كسرى بعد اليوم .ف لقد قتله هللا؛ حيث سلط عليه ابنه ِشيرو ْيه في ليلة كذا،
فقال لهما النبي (( :لن ِ
من شهر كذا)) ...
فبدت الدهشة على وجهيهما ،وقاال :أتدري ما تقول؟! أنكتب بذلك لباذان؟! قال (( :نعم ،وقوال لهّ :إن ديني
ّ
ومل ُ ُ
كتك على قو ِمك )). أعطيتك ما تحت يديك، سيبلغ ما وصل إليه ُمل ُك كسرى ،و ّإنك إن أسلمت
محم ٌد فهو ّ
نبي، خرج الرجالن من عند الرسول ﷺ ،وقدما على باذان وأخبراه الخبر ،فقال :لئن كان ما قاله ّ
وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه ر ًأيا...
ً ْ ّ
انتقاما كتاب ِشيرويه ،وفيه يقولّ :أما بعد ،فقد قتلت كسرى ،ولم أقتله إال
ُ فلم يلبث أن قدم على باذان
استحل قتل أشرافهم وسبي نسائهم وانتهاب أومالهم ،ف إذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن ّ لقومنا ،فقد
عندك.
فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه حتى طرحه ً
جانبا وأعلن دخوله في اإلسالم ،وأسلم من كان معه من الفرس
في بالد اليمن.
*****
هذه قصة لقاء عبد هللا بن حذافة لكسرى ملك الفرس .فما قصة لقائه لقيصر عظيم الروم؟
ٌ
لقد كان لقاؤه لقيصر في خالفة عمر بن الخطاب رض ي هللا عنه ،وكانت له معه قصة من روائع القصص.
جيشا لحرب الروم فيه ع بد هللا بن حذافة ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث عمر بن الخطاب ً
أخبار جند املسلمين وما يتصفون به من صدق اإليمان ورسوخ ُ ُ
قيصر عظيم الروم قد بلغت إليه ّ
الس ّ
همي .وكان
العقيدة .فأمر رجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى املسلمين أن ُي ُ
بقوا عليه ،وأن يأتوه به حيا .وشاء هللا أن يقع عبد ِ
أسيرا في أيدي الروم؛ فحملوه إلى ملكهم وقالواّ :إن هذا من أصحاب ّ
محمد السابقين إلى دينه السهمي ً
ّ هللا بن حذافة
قد وقع ً
أسيرا في أيد ينا؛ فأتيناك به.
طويال ،ثم بادره قائالّ :إني أعرض عليك ً
أمرا .قال :وما هو؟ فقال:
ً
نظر ملك الروم إلى عبد هللا بن حذافة
ِ
أكرمت مثواك .فقال األسير في حزم :هيهاتّ ،إن املوت أل ّ
ُ ّ
خل ُ ّ
حب ٍ يت سبيلك ،و تتنصر ،فإن فعلت؛ أعرض عليك أن
ِ
ُ
أعرضه عليك أشركتك في أمري ً ً ّ ّ ّ ّ
إلي ألف مرة مم ا تدعوني إليه .فقال قيصر :إني ألراك رجال شهما ،فإن أجبتني إلى ما ِ
املقيد بقيوده وقال :وهللا لو أعطيتني جميع ما تم ِلك ،وجميع ما ملكته العر ُبفتبسم األسير ّ ُ
وقاسمتك سلطانيّ .
فعلت .قال :إذن أقتلك .قال :أنت وما تريد .ثم أمر به ُ
فص ِلب ،وقال ُ عين ،مامحمد طرفة ٍ
ٍ على أن أرجع عن دين
قريبا من رجليه .وهو يعرض عليه مفارقة التنصر فأبى .فقال :ارموه ً
ُّ قريبا من يديه .وهو يعرض عليه لجيشه :ارموه ً
دينه فأبى.
فص ّب فيها
عظيمة ُ
ٍ يكفوا عنه ،وطلب إليهم أن ُينزُلوه عن خشبة ّ
الصلب ،ثم دعا ِبقدر عند ذلك أمرهم أن ُّ
ِ
ُ ُ
يت ُور ِفعت على ال ّنار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى امل سلمين ،فأمر بأحدهما أن ُيلقى فيها فألقي ،فإذا
الز ُ
ّ
ً لحمه َّ
يتفتت ،وإذا ِع ُ ُ
ظامه تبدو عارية.
قبلّ .
فلما ي ِئس منه؛ أمر به إباء لها من ُ ّ ثم التفت إلى عبد هللا بن حذافة ودعاه إلى النصر ّ
انية ،فكان أشد ٍ
ُ
أن ُيلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه ،فدمعت عيناه .فقال رجال قيصر مل ِلكهم :إنه قد بكى .فظن أنه قد جزع،
النصرانية فأبى .فقال :ويحك ،فما الذي أبكاك إذن؟! قال :أبكاني أني قلت في نفس ي: إلي .فعرض عليه ّ وقالُّ :ردوه ّ
فتلقىأنفس ُ
ٌ نت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعر " ُتلقى اآلن في هذه القدر ،فتذهب نفسك" ،وقد ك ُ
ّ ُّكلها في هذا القدر في سبيل هللا .فقال قيصر :هل لك أن ّ
تقبل رأس ي وأخل ي عنك؟ فقال له عبد هللا :وعن جميع ِ
أيضا .قال عبد هللا :فقلت في نفس يٌّ :
عدو من أعداء هللا، أيضا؟ قال :وعن جميع أسارى املسلمين ً أسارى املسلمين ً
وقبل رأسه ،فأمر ُعلي .ثم دنا منه ّ ً
جميعا ،ال ضير في ذلك ّ ّ
فيخلي ّ ّ
ملك الروم عني وعن أسارى املسلمين أقبل رأسه ِ ِ
فدفعوا له.أن يجمعوا له أسارى املسلمين ،وأن يدفعوهم إليهُ ،
ُ
أعظم السرور، قدم عبد هللا بن حذافة على عمر بن الخطاب رض ي هللا عنه ،وأخبره خبره؛ ُ
فس ّر به الفاروق ِ
ثم قام ّ
وقبل رأسه. يقبل رأس عبد هللا بن حذافة ،وأنا أبدأ بذلكّ .
حق على كل مسلم أن ّوملّا نظر إلى األسرى قالّ :