You are on page 1of 16

‫‪ 1‬من ‪16‬‬

‫فتح القسطنطينية‬ ‫عنوان الخطبة‬


‫‪ /1‬رفعة األمم بعلو همم رجالها وبط& & & & & & &&والتهم ‪ /2‬محمد الف& & & & & & &&اتح بطل من‬ ‫عناصر الخطبة‬
‫عظم&&اء& اإلس&&الم ‪ /3‬نش&&أة محمد الف&&اتح ‪ /4‬ح&&رص وال&&ده على تعليمه وتأديبه‬
‫‪ /5‬تربيته على حب الجه &&اد منذ الص &&غر وحفظه للق &&رآن ‪ /6‬دراس &&ته للعل &&وم‬
‫الدنيوية ‪ /7‬توليه سلطة البالد ‪ /8‬تخطيطه لفتح القس&&طنطينية ‪ /9‬قصة الفتح‬
‫‪ /10‬دروس تربوية من قصة فتح القسطنطينية‬
‫ممدوح المنشاوي‬ ‫الشيخ‬
‫‪21‬‬ ‫عدد الصفحات‬
‫‪6259‬‬ ‫رقم الخطبة في‬
‫الموقع‬

‫ك الَّ ِذي‬‫ار َ‬‫الحمد هلل الذي كان بعباده خبيرا بصيرا (تَبَ َ‬
‫َج َع َل ِفي ال َّس َماء بُرُوجًا َو َج َع َل فِيهَا ِس َراجًا َوقَ َمرًا ُّمنِيرًا‬
‫[الفرقان‪)]61:‬‬
‫أحمده سبحانه وأشكره على فضله وامتنانه وأشهد أن‬
‫ال إله إال هللا وحده ال شريك له يعز من يشاء ويذل من‬
‫يشاء بيده الخير إنه على كل شيء قدير‪ ،‬وأشهد‪ G‬أن‬
‫محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه بلغ الرسالة‪G‬‬
‫وأدى األمانة ونصح األمة وجاهد في هللا حتى أتاه‬
‫اليقين‪.‬‬
‫يا رب هذي ذنوبي في الورى كثرت *** وليس لي‬
‫عمل في الحشر ينجيني‬
‫‪ 2‬من ‪16‬‬

‫وقد أتيتك بالتوحيد يصحبه *** وحُب النبي وهذا‬


‫القدر يكفيني‬
‫صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا‪،‬‬
‫أما بعد‬
‫عباد هللا‪ :‬أوصيكم ونفسي بتقوى هللا جل وعال وصية‬
‫ص ْينَا‬‫األنبياء والمرسلين من األولين واآلخرين ( َولَقَ ْد َو َّ‬
‫اب ِمن قَ ْبلِ ُك ْم َوِإيَّا ُك ْم َأ ِن اتَّقُ ْ‬
‫وا هّللا َ‬ ‫ين ُأوتُ ْ‪G‬‬
‫وا ْال ِكتَ َ‬ ‫الَّ ِذ َ‬
‫[النساء‪ )]131:‬تقوى هللا نجاة من هذه الدنيا إلى دار‬
‫اآلخرة ‪ ،‬تقوى الدنيا نجاة إلى الجنة‪ ،‬تقوى هللا أن‬
‫تجعل بينك وبين عذاب هللا وقاية‪.‬‬
‫عباد هللا أيها المسلمون‪ :‬إن لكل أمة أمجاد وأبطال‬
‫وقواد يفتخرون بهم ويفتخر اليهود بأبطالهم والنصارى‬
‫بقوادهم ويفتخر أهل اإلسالم بقائدهم األعلى محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم خير األولين واآلخرين أول‪ G‬من‬
‫ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع صلى هللا عليه‬
‫وسلم وبه يفتخر المسلمون وبه يقتدي أهل اإليمان (لَقَ ْد‬
‫ُول هَّللا ِ ُأس َْوةٌ) قدوة ( َو َما آتَا ُك ُم ال َّرسُو ُل‬ ‫ان لَ ُك ْم فِي َرس ِ‬ ‫َك َ‬
‫فَ ُخ ُذوهُ‪َ G‬و َما نَهَا ُك ْم َع ْنهُ فَانتَهُوا)‬
‫وكذلك النصارى يفتخرون بقوادهم ولكن كثيرا من‬
‫قوادهم لهم من التاريخ فضاء بل كانوا أهل جرائم‬
‫واعتداءات فيرقعون ويلطخون‪ G‬بتاريخهم أسماء‬
‫المجرمين على أنهم أبطال‪.‬‬
‫‪ 3‬من ‪16‬‬

‫‪ ‬أما تاريخ اإلسالم والمسلمين تاريخ مشرق وخاصة‬


‫في ظل النكبات وظل االعتداءات من أهل أعداء الملة‬
‫والدين‪ ، G‬ينبغي أن أهل اإلسالم يقتدون ويرون في‬
‫ص َدقُوا َما َعاهَ ُدوا‪ G‬هَّللا َ‬ ‫تاريخهم المشرق ( ِر َجا ٌل َ‬
‫ضى نَحْ بَهُ َو ِم ْنهُم َّمن يَنتَ ِظ ُر)‬
‫َعلَ ْي ِه‪ ‬فَ ِم ْنهُم َّمن قَ َ‬
‫أنا وإياك أخي المسلم نأخذ تاريخنا من أبي بكر وعمر‬
‫وعثمان وعلي ‪ ،‬نأخذ تاريخنا من أبو عبيدة عامر بن‬
‫الجراح وخالد بن الوليد والمثنى وشراحبيل والقعقاع ‪،‬‬
‫أسماء المعة في تاريخ اإلسالم نأخذ تاريخنا من ابن‬
‫تيمية شيخ اإلسالم وابن القيم وموسى بن نصير‬
‫وطارق بن زياد ويوسف بن تا َشفين ومحمد بن عبد‬
‫الوهاب ‪ ،‬عبد الحميد بن باديس ‪ ،‬عمر المختار ‪ ،‬وعز‬
‫الدين القسام ‪ ،‬أسماء المعة في تاريخ اإلسالم ‪ ،‬ألن‬
‫كثير من أوالدنا حفظوا كثير من أسماء الالعبين‬
‫والمغنين والممثلين وتركوا األصل أن يحفظوا تاريخ‬
‫الصحابة وتاريخ سلف هذه األمة وهو األولى‪.‬‬
‫ينبغي أن يزرع في قلوب أوالدنا تاريخ األمجاد‬
‫األبطال الذين‪ G‬جعلوا‪ G‬لهم في تاريخ اإلسالم والمسلمين‪G‬‬
‫وصمة وجعلوا‪ G‬لهم رفعة ومكان يذكر في كتب‬
‫التاريخ ‪.‬‬
‫نتكلم في هذه الخطبة عن قائد بطل فرح النصارى‬
‫بموته ودقت النواقيس ثالثة أيام ابتهاجا لما مات ألنه‬
‫‪ 4‬من ‪16‬‬

‫رفع علم اإلسالم وعاش لهم أن يرفع من تاريخ‬


‫المسلمين ‪ ،‬وفتح مدينة ودولة عظمى عجز عنها‬
‫المسلمون من قبله ‪.‬‬
‫إنه فاتح القسطنطينية هذا الملك العظيم القائد المسلم‬
‫الرباني كيف فتح القسطنطينية وكيف وصل لها لما‬
‫عجز عنها كثير من الصحابة وعجزت عنها الدولة‬
‫األموية والعباسية‪ ،‬مسلمة بن عبد الملك‪ G‬وصل إلى‬
‫أسوارها ولم يستطع ‪ ،‬أكثر من إحدى عشرة محاولة ‪،‬‬
‫أراد المسلمون‪ G‬أن يفتحوا القسطنطينية فلم يستطيعوا‬
‫ألن ك ًل منهم يتذكر حديث المصطفى صلى هللا عليه‬
‫وسلم لما قال في مسند اإلمام أحمد "‪ ‬لتفتحن‬
‫القسطنطينية فلنعم األمير أميرها ولنعم الجيش ذلك‬
‫الجيش" حدث به عبدهللا بن عمرو بن العاص رضي‬
‫هللا عنهما وقال يا رسول هللا "أيها يفتح أوال‬
‫القسطنطينية أم روما؟" قال "بل القسطنطينية" وستفتح‬
‫روما أرض الفاتيكان كما أخبر النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫كيف عاش محمد الفاتح؟‬
‫محمد الثاني بن مراد الثاني من الدولة‪ G‬العثمانية من‬
‫نسل الملوك‪ G‬واألمراء ‪ ،‬هذا الذي لم يعيش ألغنية مائعة‬
‫وال ليطارد مسلسالت وال ليتفكر في أغاني مائعات‬
‫عاش هما عظيما أن ينصر اإلسالم والمسلمين‪.G‬‬
‫‪ 5‬من ‪16‬‬

‫كان في بداية صغره ال يحفظ القرآن وأعجز والده‪G‬‬


‫والقراء أن يحفظ شيئا من القرآن فاستشار الملك‬
‫الصالح وقال للملوك واألمراء ما اصنع بولدي هذا؟‪G‬‬
‫عمره في السابعة ال يبغي القرآن وأهله‪ ،‬انظروا‬
‫التنشئة والتربية الصالحة‪ ،‬فقالوا لو أخذت له العالم‬
‫الفالني الكوراني وشمس الدين يكون شديد عليه فيهابه‬
‫ويحفظ معه القرآن فدخل عليه الكوراني رحمة هللا‬
‫عليه أحد العلماء في ذلك العصر في القرن الثامن‬
‫الهجري وقال أمرني والدك إن لم تسمع معي فالعصا‬
‫فأخذ يستهزأ به فضربه ضربا مبرحا فخافه وهابه‬
‫وحفظ القرآن معه في ثالث سنوات‪.‬‬
‫وصل عمره العاشرة وهو يحفظ القرآن كامال بل أتى‬
‫له عالم أخر شمس الدين علمه علوم الهندسة وعلوم‬
‫اللغات فأصبح محمد الفاتح يتكلم بسبع لغات بالفارسية‬
‫والتركية والعربية والالتينية والصربية والفارسية ‪،‬‬
‫حدث يا عبد هللا وال حرج‪.‬‬
‫جمع علوم الشرع والقرآن في عقله ثم جمع علم‬
‫الهندسة واالبتكار واإلبداع في عقله ثم بعد ذلك تولى‬
‫الخالفة وعمره ‪ 14‬سنة ‪.‬‬
‫اكتب يا تاريخ وصدق يا زمن ‪ ،‬اعتزل والده لما ولده‬
‫األكبر حزنا عليه وترك الخالفة لولده‪ G‬فإذا بملك المجر‬
‫يعلن نقد العهد مع المسلمين‪ ،‬استصغر هذا الخليفة‬
‫‪ 6‬من ‪16‬‬

‫فكتب الخليفة إلى والده‪ : G‬إن كنت ملكا فأنقذ أهل‬


‫اإلسالم وإن كنت أنا ملكا فإني أمرتك بقيادة المسلمين‪.‬‬
‫فرجع الوالد‪ G‬مراد الثاني وقاتل المجر وأهلها حتى‬
‫انتصر عليهم ثم رجع في عزلته فتولى الخالفة من‬
‫بعده محمد الفاتح‪.‬‬
‫لما تولى الخالفة أعلن أنه يعيش ألمرين األول إقامة‬
‫شرع هللا في أرض هللا باإلسالم والثاني أن يفتح‬
‫القسطنطينية كما وعد النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وبعدها ال يبالي بهذه الدنيا‪.‬‬
‫ماذا صنع؟‬
‫بدأ بالمنشآت العسكرية والحربية وكان أهل الترك قمة‬
‫في الصناعة فإذا بمشرق الدولة العثمانية ومغربها‬
‫تصنع اآلالت العسكرية لفتح القسطنطينية وإذا‪ G‬به يفتح‬
‫الجامعات اإلسالمية وينادي العلماء أن علموا الناس‬
‫القرآن واإلسالم فيرجع إلى هللا‪.‬‬
‫ثم بنا أسطوال بحريا ضخما وبنا أكثر من ‪1200‬سفينة‬
‫عسكرية تقاوم أعداء الملة والدين‪ ،‬جهز الجيش أكثر‬
‫من ربع مليون وأعلن‪ G‬فيهم وقال‪ :‬من كان يبغي القتال‬
‫معي هللا والدار‪ G‬واآلخرة فيلحق بي ومن كان يريد دارا‬
‫أو زوجة حسناء أو شيء من توافه الدنيا فال يلحق‬
‫ص ُرهُ ِإ َّن‬‫بي ‪ ،‬أبغي رجال اآلخرة ( َولَيَنص َُر َّن هَّللا ُ َمن يَن ُ‬
‫ين *‬ ‫ت َكلِ َمتُنَا لِ ِعبَا ِدنَا ْال ُمرْ َسلِ َ‬‫هَّللا َ لَقَ ِويٌّ َع ِزي ٌز) ( َولَقَ ْد َسبَقَ ْ‬
‫‪ 7‬من ‪16‬‬

‫ُون * َوِإ َّن جُن َدنَا لَهُ ُم ْال َغالِب َ‬


‫ُون‬ ‫ِإنَّهُ ْم لَهُ ُم ْال َمنصُور َ‪G‬‬
‫[الصافات‪)]173: 171‬‬
‫عند ذلك اكتمل الجيش فذهب إلى حلمه وحاصر‬
‫القسطنطينية بأسوارها العالية أكثر من خمسين قدم في‬
‫السماء وكانت محاطة من ثالث جهات من البجر وجهة‬
‫من اليابسة ‪ ،‬ثم كتب إلى قسطنطين التاسع عشر ملك‬
‫اإلمبراطور التي بقيت أكثر من ‪ 13‬قرن لم يستطع‬
‫عليها الملوك‪ G‬والخلفاء ‪ ،‬فكتب له محمد الفاتح "سلم لي‬
‫القسطنطينية وأسلم لك أهلها ورجالها ونساءها‬
‫وأطفالها دون حرب أو قتال"‬
‫فقال "قد أقسمت بالمسيح أن أقتل دون القسطنطينية‬
‫تاريخ األجداد‪ G‬واألمجاد أال أسلمك إياها" فقال الفاتح‬
‫رحمة هللا عليه ‪.‬‬
‫"إذا‪ G‬غدا يبنى عرشي مكانك أو قبري عندك"‬
‫فأتى بأوربان‪ ‬هذا المهندس الكبير من المجر فأمر‬
‫بصنع مدافع فصنع المدفع العظيم العثماني الذي ما‬
‫يزال إلى هذا اليوم‪ ،‬هذا المدفع الذي يزن أكثر من‬
‫‪ 700‬طن ويأخذ حشو أكثر من ساعتين ثالثمائة كيلو‬
‫جرام وإذا ضرب يسمع على أكثر من بُعد ‪ 25‬كيلو‬
‫متر ويسحبه مائة ثور وسبعمائة مقاتل ‪ ،‬مدفع عظيم‬
‫في هذا التاريخ‪.‬‬
‫‪ 8‬من ‪16‬‬

‫فلما انتهى أمر بالقتال وبتوحيد الصفوف وبتكبير هللا‬


‫جل وعال‪ ،‬وضربت أسوار القسطنطينية في قتال‬
‫رهيب وإذا‪ G‬بملك القسطنطينية يلتجأ إلى صلبان المسيح‬
‫ويرفعها وينادي بدول اليونان وروما ودول‪ G‬أوروبا‬
‫فأسعفوه إلى ما يقارب ‪ 800‬ألف مقاتل ‪.‬‬
‫قتال رهيب المدافع وحمم النار من كل مكان وأهل‬
‫اإلسالم يصبرون على الجهاد والقتال فيتسلقون تلك‬
‫األسوار العالية والنيران وعليهم والماء المغلي والزيت‬
‫المغلي والنفط المغلي بالنار وإذا بمحمد الفاتح يصبر‬
‫مقاتال في تلك األماكن ‪.‬‬
‫وإذا‪ G‬بجيش األعداء لهم قرن ذهبي يأتي له بالمدد‬
‫والسفن الحربية من أعداء الدين فقال لجيشه كيف نقطع‬
‫عنهم هذا المدد؟ قالوا ال نستطيع هناك سلسلة‪ G‬ملعونة‬
‫تمنع كل من يقترب من القرن الذهبي‪.‬‬
‫ففكر في طول تفكير ثم قال لقد هممت على أن أشق‬
‫الجبال فأصنع طريقا من اليابس يمشي عليه السفن فال‬
‫يرى األعداء إال وسفن أهل اإلسالم بين القسطنطينية ‪،‬‬
‫قالوا كيف يا أمام؟! قال نحفر ونهد الجبال هداً فنصف‬
‫الجيش يقاتلون والنصف اآلخر يهدون طرق اليابسة‪.‬‬
‫شيء عجيب في التاريخ لم يوجد بمثله أكثر من خمسة‬
‫كيلو صنع طريق من اليابس ثم جعله عليه الخشب ثم‬
‫‪ 9‬من ‪16‬‬

‫جعل بالجلود ثم حشاها بالشحوم وإذا‪ G‬بالسفن تمشي فيها‬


‫كأنما تمشي في البحر العظيم ‪.‬‬
‫ال إله إال هللا‪..‬‬
‫في الليل تمشي السفن في تلك األماكن استيقظ األعداء‬
‫إذا بسبعين سفينة من األسطول العثماني اإلسالمي‬
‫داخل أسوار القسطنطينية فيكبرون هللا جل وعال‬
‫ويفرح لذلك أهل اإليمان فيأمر محمد الفاتح أن يصعد‬
‫كتيبة الموت إلى أسوار‪ G‬القسطنطينية فيرفعوا شعار‬
‫دولة اإلسالم وبلغوا بذلك الجهد‪ G‬وقتل من قتل حتى‬
‫رفعوا شعار أهل اإلسالم‪.‬‬
‫ثم أمر بذلك المدفع أن يضرب مرات ومرات حتى‬
‫انهدمت أبراجهم فدخل أهل اإلسالم من الميمنة‬
‫والميسرة بل أمر أن تحفر األخاديد رحمه هللا من‬
‫تحتهم فزلزلت من تحت القسطنطينية حتى أصبح فيهم‬
‫الجنود ينظر أحدهم تحت وخلفه ويمينه هل يأتيه المسلم‬
‫عن يمينه وشماله ‪ ،‬بل حتى وهو في بيته نائما على‬
‫سريره ينتظر أن المسلم يخرج من تحت قدمه‪.‬‬
‫بل هناك المزيد والمزيد من أفكار محمد فاتح رحمة هللا‬
‫عليه رحمة واسعة وينزل يقاتل بنفسه حتى بلغت خيله‬
‫في البحر إلى أعناق الخيل فأرجعه القوات وقالوا اتق‬
‫هللا فينا يا إمام يا ملك يا صالح ال تذهب بنفسك فتغور‬
‫علينا األعداء ثم يرجع رحمه هللا رحمة واسعة فيبقى‬
‫‪ 10‬من ‪16‬‬

‫في قتال أربعة وخمسين يوما وليلة ‪ ،‬حتى دخل أهل‬


‫اإلسالم القسطنطينية فقاتلوا قتاال مريرا‪.‬‬
‫فقال من لي برأس الفاجر ؟ فقتل قائد قسطنطين ثم أتي‬
‫برأس قسطنطين فضل من هللا ونعمة فعلق في أعلى‬
‫المدينة فلما رآه األعداء انهزموا وهربوا وتلقفهم أهل‬
‫اإلسالم قتال ونصرة عند ذلك‪ G‬أمر السلطان لما انتصر‬
‫بوقف القتال ووقف الدماء وأال يعتدى إال من اعتدى‬
‫علينا ألن هللا علمنا ونبينا صلى هللا عليه وسلم علمنا‬
‫يل هّللا ِ الَّ ِذ َ‬
‫ين يُقَاتِلُونَ ُك ْم َوالَ‬ ‫وا فِي َسبِ ِ‬ ‫قال جل وعال ( َوقَاتِلُ ْ‪G‬‬
‫ين [البقرة‪ )]190:‬وقال‬ ‫وا ِإ َّن هّللا َ الَ ي ُِحبِّ ْال ُم ْعتَ ِد َ‬
‫تَ ْعتَ ُد ْ‪G‬‬
‫ين قَاتَلُو ُك ْم ِفي ال ِّد ِ‬
‫ين‬ ‫جل وعال (ِإنَّ َما يَ ْنهَا ُك ُم هَّللا ُ َع ِن الَّ ِذ َ‬
‫َوَأ ْخ َرجُو ُكم ِّمن ِديَ ِ‬
‫ار ُك ْم)‬
‫عند ذلك دخل السلطان‪ G‬قال أين أكبر كنسية لديهم‬
‫معروفة آيا صوفيا ثم دخلها مكبرا فسجد باكيا هلل رب‬
‫العالمين وإذا بالنصارى يقرؤون قراءتهم وإذا بالرهبان‬
‫لديهم يبكون قال أمنوا على أنفسكم وارجعوا في حياتكم‬
‫من أراد اإلسالم فمرحبا ومن أراد الكفر ويبقى يدفع‬
‫الجزية عن يد وهو صاغر ومن أراد الرحيل فهو حر ‪.‬‬
‫فمنهم من رحل ومنهم من بقي على كفره وهو يدفع‬
‫الجزية عن يد وهو صاغر ومنهم وهو األكثر أعلنوا‬
‫اإلسالم ودخلوا‪ G‬في دين اإلسالم ألن محمد الفاتح رحمة‬
‫هللا عليه أمن أولئك‪ G‬الذين كانوا في القسطنطينية‪  ‬وكتب‬
‫‪ 11‬من ‪16‬‬

‫إلى وزرائه وأمرائه لما دخلوا‪ G‬قال إياكم أن تقتلوا شيخا‬


‫أو امرأة أو عجوزا أو عابدا في صومعته أو تقتلوا‬
‫وليدا وال تجهزوا على ميت بل أمر بعالج المرضى‬
‫وأمر بأن يتداوى الجرحى من النصارى كذلك أال يسلم‬
‫هؤالء ؟‬
‫إذا رأى هؤالء أخالق أهل اإلسالم أال يدخلون في‬
‫اإلسالم؟ أال يعلنون الشهادتين شهادة أن ال إله إال هللا‬
‫وأن محمدا رسول هللا‪.‬‬
‫أيها المسلمون ‪ :‬يزيد العجب في هذه القصة أن عمر‬
‫محمد الفاتح لما فتح هذه اإلمبراطورية العظيمة ‪24‬‬
‫سنة في هذا القتال الرهيب والفتح العظيم الذي أخذ به‬
‫بشارة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم فلنعم األمير‬
‫ذلك األمير ولنعم الجيش ذلك‪ G‬الجيش ‪ ،‬نعم األمير‬
‫محمد الفاتح ونعم الجيش الذي كان معه كما أخبر‬
‫المصطفى صلى هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫فحول الكنيسة العظيمة إلى مسجد عظيم مسجد آيا‬
‫صوفيا ثم حول القسطنطينية إلى عاصمة للدولة‬
‫العثمانية وسماها إسالم بول وتحولت مع األيام إلى‬
‫اسطنبول ألجل اللكنة التركية الذي فتحها هللا جل وعال‬
‫ثم محمد الفاتح ‪.‬‬
‫عاش هذا الرجل لإلسالم هل وقف عن فتحاته‪ ،‬هل‬
‫وقف عن انتصاراته‪ ،‬هل لما انتصر رجع إلى الميوعة‪G‬‬
‫‪ 12‬من ‪16‬‬

‫وإلى النظر إلى ما حرم هللا؟ هذا ما سنكمله إن شاء هللا‬


‫في الخطبة الثانية‬
‫عباد هللا بارك هللا لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني‬
‫وإياكم بما فيه من آيات وذكر حكيم ‪ ،‬أقول ما سمعتم‬
‫واستغفر هللا فاستغفروه وتوبوا إليه إنه غفور رحيم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد هلل على إحسانه عظيم الرجاء قريب الدعاء‪،‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له‪،‬يفرح بتوبة‬
‫عباده ويقبل التوبة ويعفو عن السيئات‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدا عبده ورسوله نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى‬
‫األمانة ونصح األمة وجاهد في هللا حق أتاه اليقين‪.‬‬
‫اللهم اجمعني وإياكم بمحمد في أعلى الجنة‪ ،‬اللهم‬
‫اجمعنا بمحمد صلى هللا عليه وسلم في الفردوس‬
‫األعلى ‪ ،‬اللهم ارزقنا شفاعته‪ ،‬اللهم اسقنا من يديه‬
‫الشريفة شربة ال نظمأ بعدها أبدا‪، G‬اللهم اجعلنا ممن‬
‫يقتضي بسنته قوال وعمال ويموت على ملته ودينه‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫عباد هللا ‪ :‬محمد الفاتح رحمة هللا عليه لما انتصر سأل‬
‫عن شيخه الكوراني العالم الجليل‪ G‬الذي أدبه وحفظه‬
‫وعلمه أين الشيخ؟ قالوا لم يدخل القسطنطينية ‪ ،‬قال‬
‫كيف ندخلها ولم يدخل الشيخ لنا فخرج يبحث عنه‬
‫فقالوا هو عند قبر أبي أيوب األنصاري الصحابي‬
‫‪ 13‬من ‪16‬‬

‫الجليل الذي قاتل إلى أسوار القسطنطينية فمات عندها‪،‬‬


‫الذي ضيف النبي محمد صلى هللا عليه وسلم الذي إذا‬
‫رآه علي بن أبي طالب رضي هللا عنه ينزل من قصر‬
‫الكوفة ومن منبر الكوفة ويجعل ردائه ألبو أيوب‬
‫األنصاري فيقول مرحبا بمن ضيف رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫أبو أيوب األنصاري الصحابي الجليل إذا بالكوراني‬
‫يبكي عند قبره ويتذكر الصحابة ويتذكر مواقف النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم والعظماء من أصحابه فيأتي يقبل‬
‫رأسه ويقبل يديه ويقول لطفا أيها الشيخ أال دخلنا أال‬
‫كبرنا أال حمدنا هللا‪.‬‬
‫فيدخل معه الشيخ فإذا بمحمد الفاتح يزيل الصلبان‬
‫ويزيل ما كانت أثار النجاسة وأثار الخنازير والكفار‬
‫والمعابد والصور‪ G‬والتماثيل ويقيم فيها مئذنة مسجد آيا‬
‫صوفيا ‪ ،‬ويقيم فيها شعار اإلسالم وإذا بالكوراني‬
‫يخطب فيها الخطبة العظيمة خطبة النصر ‪.‬‬
‫فإذا بالناس تبتهج وتنتصر بفضل هللا جل وعال (قُلْ‬
‫ك فَ ْليَ ْف َرحُواَْ [يونس‪)]58:‬‬
‫بِفَضْ ِل هّللا ِ َوبِ َرحْ َمتِ ِه فَبِ َذلِ َ‬
‫أهل اإليمان ‪ :‬هل وقف محمد الفاتح عن القتال‬
‫والجهاد؟ أبداً‪ G‬بل أراد أن يجمع هللا له فتحا ‪،‬‬
‫القسطنطينية وروما لما كتب لهم ملك روما وملك‬
‫الفاتيكان والعظيم فيهم القسيس قال يا محمد الفاتح أال‬
‫‪ 14‬من ‪16‬‬

‫تدخل في ديننا ونكتب لك صك الغفران ونجعلك ملك‬


‫علينا فال ملك مثلك في األرض ‪ ،‬يا محمد الفاتح يا كذا‬
‫وكذا‪..‬‬
‫فمزق الرسالة ولم يتكلف العناء أن يرد عليها بل جهز‬
‫الجيش لقتال الفاتيكان فإذا به يدخل صيربيا ويدخل‬
‫بلغراد ويصل إليها وإلى اليونان وإذا به رحمة هللا عليه‬
‫يفتح البوسنة والهرسك فيجعلها في داخل اإلسالم ويفتح‬
‫مدن عظيمة ويصل إلى روما ويحاصرها مدة من‬
‫الزمن حتى أتته المنية وشعر بالموت وهو في جهاد‬
‫وقتال وفي نصرة لإلسالم والمسلمين رحمة هللا عليه‬
‫عند ذلك كتب وصية ليزيد ولده وقال فيها مقالة طويلة‬
‫قال‪:‬‬
‫يا ولدي هللا هللا باإلسالم وأنت تقيم على شعائر الجهاد‬
‫فما انتصرنا إال برفعة أهل اإلسالم والمسلمين أحسن‬
‫إلى العلماء ‪ ،‬إياك أن تمتد يدك إلى بيت مال المسلمين‬
‫فيرزقك هللا الخذالن ‪ ،‬إن النصرة‪ G‬بالعدل والنصرة‪G‬‬
‫بإقامة الشرع ‪.‬‬
‫يا ولدي أحسن إلى العلماء قربهم إليك خذ مشورتهم‬
‫إنهم صادقون إنهم عادلون إنهم أقرب إلى الرب جل‬
‫وعال ‪.‬‬
‫يا ولدي أحسن إلى الفقراء إياك وظلم الرعية واالعتداء‬
‫على حق مسلم فيسلط هللا عليك من حيث ال تشعر‪.‬‬
‫‪ 15‬من ‪16‬‬

‫يا ولدي أقم شعائر هللا في أرضه يمكن هللا لك ما في‬


‫األرض من بر وبحر ‪.‬‬
‫في وصية عظيمة اقرؤوها وسلوا‪ G‬كتب التاريخ عن‬
‫وصية محمد الفاتح لولده‪ G‬من بعده رحمة هللا عليه‬
‫رحمة واسعة ‪.‬‬
‫أيها الكرماء ‪ :‬البد أن نزرع في قلوب أنفسنا أن العزة‬
‫هلل ولرسوله‪ G‬وللمؤمنين ولكن أكثر الناس ال يفقهون‪ ،‬ال‬
‫يعلمون أن العزة ألهل اإليمان حتى إن عاشوا‬
‫منتصرين إما شهداء وإما منتصرين فالشهيد لدينا إلى‬
‫الجنة والثبات لدينا ينصره هللا جل وعال فال نبالي‬
‫بكثرة األحزان أو كثرة األعداء فإن هللا ينصر من‬
‫ينصر رسله وينصر دينه وكن ممن ينصر هذا الدين‪.‬‬
‫قدم لهذا‪ G‬الدين‪ ،‬ماذا قدمنا ألمة اإلسالم؟ ماذا قدمنا لهذا‬
‫الدين؟ ماذا قدمنا للمسلمين من دعم مادي ودعم‬
‫معنوي؟‬
‫ماذا قدمنا أيها الكرام من تعليم للناس وتثقيفهم؟ ماذا‬
‫قدمنا فيما ينفعنا وينفع أوالدنا من بعدنا لندرس ونعلم‬
‫أوالدنا من هو محمد الفاتح ‪ ،‬ومن هو موسى بن نصير‬
‫‪ ،‬وطارق بن زياد‪ ،‬من هو يوسف بن تا َشفين‪.‬‬
‫ماذا قدموا لهذا التاريخ بدال من أسماء العبي الكرة‬
‫وأسماء الممثلين والمغنين الذين ال يزيدون األمة إال‬
‫بال ًء وبالء‪ ،‬أسماء الرجال األبطال يجعل لنا قدوات‬
‫‪ 16‬من ‪16‬‬

‫وأسوات ‪ ،‬كان اإلمام أبو حنيفة يقول "وإن سير‬


‫الصالحين أحب إلينا من كثير من الفقه ألن في سير‬
‫الصالحين اقتداء"‬
‫اللهم اجمعنا وإياكم بمحمد الفاتح في الفردوس األعلى‬
‫من الجنة‪.‬‬

You might also like