You are on page 1of 3

‫اش‬ ‫وع للنق‬ ‫موض‬

‫والية الفقيه‬
‫من بحث أعدته‪ :‬أسماء فاعور‬

‫املقصود بالفقيه هو العامل اجملتهد بأحكام الشرعية اإلسالمية‪ ،‬واملقصود بالوالية هنا هو السلطة‪ .‬القائلون بوالية‬
‫الفقيه يعتربون أن جمرد حتص يل الفقه خيّو ل ص احبه سلطة على غ ريه‪ .‬وخيتلفون يف حدود هذه السلطة‪ .‬وقد قّس موا هذه‬
‫ام‪:‬‬ ‫ة) إىل أقس‬ ‫ذه الوالي‬ ‫لطة (أو ه‬ ‫الس‬
‫رعية‪.‬‬ ‫ام الش‬ ‫اس األحك‬ ‫وى وهي تعلمي الن‬ ‫ة الفت‬ ‫‪ -1‬والي‬
‫ان‪.‬‬ ‫د اإلمك‬ ‫اة واخلمس عن‬ ‫ذ الزك‬ ‫ة وهي أخ‬ ‫ة املالي‬ ‫‪ -2‬الوالي‬
‫‪ -3‬والي ة القض اء وهي القض اء بني الن اس يف منازع اهتم وح ل مش اكلهم عن د اإلمك ان‪.‬‬
‫‪ -4‬الوالية العامة أو املطلقة وهي والية أمري املؤمنني أو احلاكم الذي يتوىل احلكم ورعاية الشؤون العامة ويقضي‬
‫وش‪.‬‬ ‫ود اجلي‬ ‫وق ويقيم احلدود ويق‬ ‫ل احلق‬ ‫اس وحي ّص‬ ‫بني الن‬
‫اإلمام اخلميين (وأتباعه) يقولون بالوالية العامة املطلقة للفقيه‪ .‬وال يوجد بني املسلمني من يقول بقوهلم هذا ال من‬
‫السنة وال من الشيعة‪ .‬فأهل السنة يقولون بأن الوالية العامة حتصل لويل األمر بسبب بيعة املسلمني له وليس بسبب فقهه‪،‬‬
‫وكذلك الشيعة الزيدية‪ .‬وأما الشيعة اإلثنا عشرية فغالبيتهم العظمى تقول بأن الوالية العامة حمصورة باألئمة اإلثىن عشر‬
‫دون غ ريهم‪ ،‬وك ل راي ة ترتف ع غ ري راي ة اإلم ام املعص وم هي راي ة ط اغوت‪ ،‬ويعت ربون أن املراج ع ال ذين هم ن واب اإلم ام‬
‫املعص وم ال تزي د س لطتهم أو واليتهم عن والي ة الفت وى ووالي ة املال ووالي ة القض اء كم ا بّين ا أعاله‪ ،‬وال جيوز حبال من‬
‫اغوت‪.‬‬ ‫ةط‬ ‫بح والي‬ ‫ة ألهنا تص‬ ‫ة عام‬ ‫ة املرج ع والي‬ ‫بح والي‬ ‫األح وال أن تص‬
‫وقد استدل اإلمام اخلميين بالروايات ليثبت أن املرجع (أو الفقيه) له والية عامة على الناس‪ .‬وقد تناول اإلمام أبو‬
‫القاسم اخلوئي يف كتابه‪" :‬مباين تكملة املنهاج ـ اجلزء األول" الروايات اليت استدل هبا اإلمام اخلميين وبني أهنا ال تدل على‬
‫الوالية العامة بشكل من األشكال‪ .‬وكذلك تناول الشيخ األردكاين الروايات نفسها يف كتابه‪" :‬غنية الطالب يف التعليق‬
‫على املكاسب"‪ .‬وبني أهنا ال تدل على الوالية العامة‪ .‬فكان رأي األردكاين مشاهبًا لرأي اخلوئي‪ ،‬أي أن املرجع (الفقيه) ال‬
‫ميكن أن تتع دى واليت ه ش ؤون الفت وى وش ؤون املال وش ؤون القض اء عن د اإلمك ان‪.‬‬
‫وهناك رأي آخر يف شأن الوالية العامة وهو للعالمة الشيخ حممد حسني طباطبائي‪ ،‬فهو ال يقول بتعطيل الوالية‬
‫العامة حىت ظهور املهدي كما يقول غالبية الشيعة اإلثىن عشرية‪ ،‬وال يقول بالوالية العامة للمرجع (الفقيه) نيابة عن اإلمام‬
‫املهدي كما يقول اخلميين‪ ،‬ولكنه يقول بأن الوالية العامة (يف حال الغيبة) هي شورى لعامة املسلمني ينتخبون حاكم ًا‬
‫مس تكمًال الش روط ويولون ه عليهم‪ .‬ق ال يف تفس ري امليزان اجلزء الراب ع ص ‪ 130‬ـ ‪:132‬‬
‫[على أي حال أمر احلكومة اإلسالمية بعد النيب صلى اهلل عليه وآله وسلم بعد غيبة اإلمام كما زماننا احلاضر إىل‬
‫املسلمني من غري إشكال‪ ،‬والذي ميكن أن يستفاد من الكتاب يف ذلك أن عليهم تعيني احلاكم يف اجملتمع على سرية رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم وهي سنة اإلمامة دون امللوكية واإلمرباطورية والسري فيهم حبفاظة األحكام من غري تغيري‪،‬‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪1‬‬
‫والتويل بالشورى يف غري األحكام من حوادث الوقت واحملل‪ ،‬والدليل على ذلك كله هو أن عامة اآليات املتضمنة إلقامة‬
‫العبادات والقيام بأمر اجلهاد وإجراء احلدود والقصاص وغري ذلك توجه خطاباهتا إىل عامة املؤمنني دون النيب صلى اهلل عليه‬
‫وآل ه وس لم خاص ة‪ .‬كقول ه تع اىل‪ :‬أقيم وا الص الة‪( ‬النس اء‪ ،)76 :‬وقول ه‪ :‬وأنفق وا في س بيل اهلل‪( ‬البق رة‪،)195 :‬‬
‫وقول ه‪ :‬كتب عليكم الص يام‪( ‬البق رة‪ ،)183 :‬وقول ه‪ :‬ولتكن منكم أم ة ي دعون إلى الخ ير وي أمرون ب المعروف‬
‫وينه ون عن المنكر‪( ‬آل عم ران‪ ،)104 :‬وقوله‪ :‬وجاه دوا في سبيله‪( ‬املائ دة‪ ،)135 :‬وقوله‪ :‬وجاه دوا في اهلل‬
‫حق جهاده‪( ‬احلج‪ ،)78 :‬وقوله‪ :‬الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة‪( ‬النور‪ ،)2 :‬وقوله‪ :‬السارق‬
‫والسارقة فاقطعوا أيديهما‪( ‬املائدة‪ ،)38 :‬وقوله‪ :‬ولكم في القصاص حياة‪( ‬آل عمران‪ ،)103 :‬وقوله‪ :‬أن أقيموا‬
‫الدين وال تتفرقوا فيه‪( ‬الشورى‪ ،)13 :‬وقوله‪ :‬وما محمد إال رسول قد َخ َلْت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل‬
‫انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضَّر اهلل شيئًا وسيجزي اهلل الشاكرين‪( ‬آل عمران‪ ،)144 :‬إىل غري‬
‫رية]‪.‬‬ ‫ات الكث‬ ‫ك من اآلي‬ ‫ذل‬
‫وكان السيد حممد باقر الصدر‪ ،‬يقول بقول حممد حسني طباطبائي هذا‪ ،‬وقد قام حزب الدعوة الذي أنشأه السيد‬
‫اس‪.‬‬ ‫ذا األس‬ ‫در على ه‬ ‫اقر الص‬ ‫دب‬ ‫حمم‬

‫ه‪:‬‬ ‫ة الفقي‬ ‫ة والي‬ ‫كاالت في نظري‬ ‫اش‬


‫‪ -1‬حسب نظرية والية الفقيه العامة فإن كل فقيه هو صاحب سلطة عامة‪ ،‬وهذا يؤدي إىل تعدد احلكام وإىل‬
‫تفتيت األمة إال آالف احلكومات وآالف الدول‪ .‬وهذا مناقض ألصل الشريعة اليت تفرض وحدة األمة اإلسالمية ووحدة‬
‫المية‪.‬‬ ‫ة اإلس‬ ‫الدول‬
‫‪ -2‬حسب نظرية والية الفقيه العامة فإن كل فقيه هو نائب عن اإلمام املهدي يف الوالية العامة‪ .‬وهذا يؤدي إىل‬
‫تن ازع ه ؤالء الن واب لُيخض ع ك ٌل غ ريه لواليت ه‪ .‬وال ُيعق ل أن ينص ب املعص وم نواب ًا عن ه ليتن ازعوا فيم ا بينهم‪.‬‬
‫‪ -3‬حسب نظرية والية الفقيه العامة‪ ،‬فإن التقليد يف األحكام الشرعية جيب أن يسار فيه تبع ًا للفقيه األعلم‪ .‬فإذا‬
‫ت وىل الس لطة فقي ه أق ل علم ًا ف إن علي ه أن يقل د الفقي ه األك ثر علم ًا من ه وخيض ع لرأي ه‪ ،‬وهن ا حيص ل ال دور واملناقض ة‪.‬‬
‫وليس هذا افرتاضًا نظري ًا فقد كان يف إيران شريعتمداري مرجع ًا كبريًا وكان غالبية الشعب يف إيران تعتربه أعلم‬
‫من اخلميين‪ ،‬وكان ال يقر بنظرية الوالية العامة للفقيه‪ .‬ولكن اخلميين استعمل سلطته كحاكم وأخضع شريعتمداري‪ .‬وهذا‬
‫أبو القاسم اخلوئي فإن غالبية الشيعة يعتربونه أعلم من اخلميين‪ ،‬ومع ذلك فال قيمة لعلمه يف نظر اخلميين حينما يتعارض‬
‫ين‪.‬‬ ‫ع علم اخلمي‬ ‫ذا العلم م‬ ‫ه‬
‫‪ -4‬حسب نظرية والية الفقيه العامة‪ ،‬فإن الفقيه يستمد سلطته من كونه فقيه ًا‪ ،‬أي أن فقهه أعطاه سلطة على‬
‫أموال الناس ودمائهم وأعراضهم‪ .‬وهذا مناقض ألصل الشريعة اليت مل تسمح ألحد أن يتسلط على أحد إال بعقد الوالية له‬
‫عليه‪ .‬وإذا كانت الفقاهة شرطًا فيمن يتوىل السلطة فال يلزم حصول املشروط مبجرد حصول الشرط‪ .‬ولذلك ال يصبح‬
‫الفقيه ذا سلطة عامة‪ ،‬إال إذا بايعه الناس على ذلك أو وّاله ذلك اخلليف ُة صاحُب الصالحية‪ .‬ولذلك فإن الدستور اإليراين‬
‫جاء مناقضًا يف هذه الزاوية لنظرية والية الفقيه‪ ،‬فقد جاء يف املادة ‪[ 107‬فإن اخلرباء املنتخبني من قبل الشعب يبحثون ‪...‬‬
‫فإذا وجدوا مرجعًا واحدًا ميلك امتيازًا خاصًا للقيادة فإهنم يعرفونه للشعب باعتباره قائدًا‪ ،‬وإال فإهنم يعينون ثالثة أو مخسة‬
‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬
‫‪2‬‬
‫مراج ع‪ ...‬باعتب ارهم أعض اء جمللس القي ادة]‪ .‬يف ه ذه املادة أعطيت الص الحية يف تع يني ال ويل جمللس اخلرباء املنتخب من‬
‫يني جملس اخلرباء‪.‬‬ ‫ل من تع‬ ‫هب‬ ‫لطته من فقه‬ ‫تمد س‬ ‫د ال يس‬ ‫عب‪ .‬فالقائ‬ ‫الش‬
‫وقد توهم القائلون بنظرية الوالية العامة للفقيه أهنم حلوا هذا املشكل حني قالوا بأن الوالية حتصل للفقيه الذي‬
‫يتصدى لألمور العامة‪ ،‬وال حتصل للفقيه الذي ال يتصدى لألمور العامة‪ .‬فأضافوا شرط التصدي إىل شرط الفقه‪ .‬واحلقيقة‬
‫أن الذي يتصدى لألمور العامة ويسيطر على السلطة‪ ،‬إذا أيده الناس‪ ،‬أو سكتوا عنه‪ ،‬فإنه يصبح ذا والية عامة بقبول الناس‬
‫ّد يه‪.‬‬ ‫بب تص‬ ‫ه أو بس‬ ‫بب فقه‬ ‫ه وليس بس‬ ‫ب‬

‫مثل الكافر كمثل األْر َز ة صماء‬


‫ق ال رس ول اهلل ‪َ « :‬ث الم ؤمِن كمث ل خام ة ال َّز ع يفي ورُق ه ِم حيث أتته ا ال ريح تكِّف َه ا ف إذا َك َنِت‬
‫َس‬ ‫ُئ‬ ‫ْن‬ ‫ُء‬ ‫ْر‬ ‫َم ُل‬
‫اعت دلت وك ذلك الم ؤمن ُيَك َّف ُأ ب البالء‪َ ،‬و َم َث ُل الك افر كمث ل اَألْر َز ِة ص َّم اء معتدل ة ح تى يقص مها»‪.‬‬

‫الـوعـي – العـدد الرابع ‪ -‬السـنـة األولى ‪ -‬محرم ‪1407‬هـ ‪ -‬أيلول ‪1987‬م‬


‫‪3‬‬

You might also like