You are on page 1of 7

‫جامعة الجزائر‪ 1‬بن يوسف بن خده‬

‫كلية الحقوق‬

‫تاريــخ الـنظـم القانــونيــة‬


‫المستوى‪ :‬السنة األولى ليسانس‬
‫تخصص‪ :‬حقوق‬

‫د‪ .‬خضــراوي عقبة‬

‫‪2023‬م‪2024-‬م‬

‫جامعة الجزائر‪ 1‬بن يوسف بن خدة‬


‫كلية الحقوق (سعيد حمدين)‬
‫قسم القانون العام‬

‫‪1‬‬
‫مخطط الدرس‬
‫النظم القانونية في الحضارة اإلسالمية‬

‫د‪.‬خضراوي عقبة‬

‫‪2023/12/10‬م‬

‫قال تعالى‪(:‬نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن‬
‫وإن كنت من قبله لم َّن الغافلين) سورة يوسف‪ ،‬اآلية ‪3‬‬
‫المحور السادس‬
‫تاريخ النظم القانونية في الحضارة اإلسالمية‬
‫كان المجتمع العربي في الجاهلية أي قبل اإلسالم كغيره من المجتمعات يعاني من‬
‫سيطرت القوي على الضعيف والطبقية والعصبية القبلية وغيرها من المظاهر الغير إنسانية‪،‬‬
‫ما أدى إلى كثرة النزاعات فيما بينهم‪ ،‬ولم يكن لديهم تشريع وقضاء لفض هذه النزاعات‪،‬غير‬
‫أن كتب التار يخ ذكرت إلى لجوء العرب إلى زعماء قبيلة بني السعد فيما يقع بينهم من‬
‫‪2‬‬
‫خصومات‪ ،‬ومنذ دخول اإلسالم إلى شبه الجزيرة العربية ظهرت النظم اإلسالمية‬
‫واالجتماعية واالقتصادية والسياسية والقانونية والعسكرية‪ ،‬حيث أمر هللا تعالى نبينا محمد‬
‫عن طريق الوحي ومع نزول القرآن الكريم‪ ،‬بأن يحكم بين الناس بالحق والعدل‬ ‫(ﷺ)‬

‫واإلنصاف‪ ،‬قال تعالى‪ (:‬وأنزلنا إليك الكتاب بالحق ُمصدقًا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنًا‬
‫ومنهاجا‬
‫ً‬ ‫عليه فاحكم بينهم بما أنزل هللا وال تتبع أهواءهم عما جاء من الحق لكل جعلنا شرعةً‬
‫ولو شاء هللا لجعلكم أمةً واحدة و لكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى هللا مرجعكم‬
‫جمي ًعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.48‬‬
‫وبعد بيعة العقبة األولى جاء فيها ما روى البخاري عن عبادة بن الصامت‪ ،‬أن رسول هللا‬
‫قال‪(:‬تعالوا بايعوني على أن ال تشركوا باهلل شيئا ً وال تسرقوا‪ ،‬وال تزنوا‪ ،‬وال تقتلوا‬ ‫(ﷺ)‬

‫أوالدكم‪ ،‬وال تأتوا ببهتان تفترونه‪...‬وال تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على هللا‪،‬‬
‫ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو لهُ كفارة)‪ ،‬ثم بيعة العقبة الثانية‪ ،‬التي تعاقد‬
‫مع واحد وسبعين رجالً وامرأتين من أهل يثرب‪ ،‬روى اإلمام أحمد بن‬ ‫(ﷺ)‬ ‫فيها رسول هللا‬
‫جابر قال‪( :‬قلنا يا رسول هللا على ما نبايعك‪ ،‬قال على السمع والطاعة في النشاط والكسل‪،‬‬
‫وعلى النفقة في العُسر واليُسر‪ ،‬وعلى األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وتمنعوني مما‬
‫تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبنائكم ولكم الجنة)‪.‬‬
‫وبعد هاتين البيعتين انصرف تفكير محمد رسول هللا (ﷺ) إلى تنظيم حياة المسلمين وجمع‬
‫صفوفهم والقضاء على كل أسباب الحقد والضغينة‪ ،‬فعمل على توحيد الصفوف بين القبائل‬
‫العربية ببناء مجتمع مسلم متماسك‪ ،‬وأقام المؤاخاة بين المهاجرين واألنصار‪ ،‬وعمل على‬
‫فض الخصومات والتفرقة بين سكان المدينة المنورة (يثرب) والتي كان سببها مؤامرات‬
‫ودسائس اليهود ومكرهم‪ ،‬ووضع أول دستور في بالد اإلسالم (وثيقة المدينة)‪ ،‬حيث ال تمييز‬
‫بين أبناء الوطن الواحد رغم اختالف عقائدهم شرط االلتزام باحترام ما تضمنه هذا الدستور‪.‬‬
‫أولا‬
‫مصادر التشريع اإلسالمي‬
‫تنقسم مصادر التشريع اإلسالمي إلى مصادر أصلية "القرآن الكريم‪ ،‬السنة النبوية"‪،‬‬
‫ومصادر تبعية "اإلجماع‪ ،‬القياس"‪ ،‬ويُقصد بمصادر التشريع اإلسالمي األدلة التي يستند‬
‫إليها التشريع اإلسالمي وينطلق منها في بناء أحكامه الفقهية‪ ،‬فمصدر التشريع تؤخذ منه‬
‫مختلف األحكام الشرعية‪ ،‬ففي حديث معاذ ابن جبل عندما واله محمد رسول هللا (ﷺ) على‬
‫اليمن‪ ،‬قال‪ :‬بما تقضي يا ُمعاذ ؟ قال بكتاب هللا‪ ،‬قال‪ :‬فإن لم تجد‪ ،‬قال‪ :‬بسُن ِة رسول هللا‪ ،‬قال‪:‬‬
‫‪3‬‬
‫فإن لم تجد‪ ،‬قال‪ :‬أجتهد برأيي وال آلو‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬الحمد هلل الذي‬
‫وفق رسول رسول هللا‪ ،‬لما يرضي هللا ورسوله‪.‬‬
‫من خالل هذا الحديث تم ترتيب مصادر التشريع اإلسالمي‪ ،‬وهي كاآلتي‪( :‬القرآن الكريم‪،‬‬
‫السُنة النبوية‪ ،‬اإلجماع‪ ،‬القياس)‪.‬‬
‫المصدر األول‬
‫القرآن الكريم‬
‫تعريف القرآن الكريم‪ :‬هو كالم هللا تعالى المنزل على سيدنا محمد رسول هللا (ﷺ)‪ ،‬خاتم‬
‫األنبياء وال ُمرسلين‪ ،‬بواسطة األمين سيدنا جبريل عليه السالم ملك الوحي‪ ،‬ب ِلسان عربي‬
‫ُمبين‪ ،‬المكتوب في المصاحف المنقول إلينا بالتواتر‪ ،‬المبتدئ بسورة الفاتحة المختتم بسورة‬
‫سنة هي‬ ‫الناس‪ ،‬تكفل هللا بحفظه من تحريف أو تبديل‪ ،‬فالقرآن الكريم هو قانون اإلسالم وال ُ‬
‫تطبيقه‪ ،‬والمسلم مكلف باحترام هذا التطبيق‪ ،‬عدد سوره ‪ 114‬سورة بين م ِكية ومدنِية‪،‬‬
‫ومجموع آياته ‪ 6235‬آية‪ ،‬قال تعالى‪( :‬أفال يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير هللا لوجدوا‬
‫كثيرا) سورة النساء‪ ،‬اآلية ‪.82‬‬ ‫فيه اختالفًا ً‬
‫األحكام القرآنية‪ :‬تضمن القرآن الكريم أحكام عديدة‪ ،‬منها ما تعلق "بالعقيدة‪ ،‬وباألخالق‪،‬‬
‫وال ُمعامالت‪ ،‬وال ِعبادات"‪.‬‬
‫أول‪ /‬أحكام اعتقادية‪ :‬هي األحكام المتعلقة باالعتقاد بأن هللا خالق وال معبود بحق سواه له‬
‫أسماؤه وصفاته الحسنى التي تليق بجالله‪ ،‬وعظيم سلطانه‪ ،‬ليس كمثله شيء وهو السميع‬
‫البصير‪ ،‬ثم اإليمان بمالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر‪ ،‬والقدر خيره وشره‪.‬‬
‫ثانياا‪ /‬أحكام خلقية‪ :‬هي األحكام الوجدانية التي تتعلق بالفضائل ومكارم األخالق التي يجب‬
‫على المسلم أن يتحلى بها‪ ،‬وبالسلوك الذي يجب عليه أن يتبعه ويسير عليه‪.‬‬
‫ثالثاا‪ /‬أحكام العبادات‪ :‬هي األحكام التي تنظم عالقة المسلم بربه‪ ،‬وتتعلق بالواجبات التي‬
‫شكراً له وابتغاء ثوابه ورضاه‪ ،‬وهي أحكام الصالة والزكاة والصوم‬ ‫تقربه إلى هللا تعالى‪ُ ،‬‬
‫والجهاد في سبيل‬‫والحج لمن استطاع إليه سبيالً‪ ،‬والنذر واألضاحي واالعتكاف في المسجد ِ‬
‫هللا‪ ،‬ويشترط في التكليف بالعبادات‪ ،‬ال ِعلم بأنهُ مأمور بها من هللا عز وجل‪.‬‬
‫رابعاا‪ /‬أحكام الم عامالت‪ :‬هي أحكام تتعلق بأعمال الناس تجاه بعضهم‪ ،‬سوا ًء كانوا أفرادًا أو‬
‫جماعات من عقود مدنية وتجارية وغيرها‪ ،‬جاءت هذه األحكام في سورة قرآنية عديدة تعالج‬
‫قضايا مختلفة تماسكت فيها على عدة محاور من الكالم عن هللا‪ ،‬الكون‪ ،‬النفس البشرية‪،‬‬
‫معامالت مختلفة‪ ،‬تماسكا ً عجيبًا ال يعرف إال في القرآن الكريم (أحكام األحوال الشخصية‪،‬‬
‫المدنية‪ ،‬الجنائية‪ ،‬القضائية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬المالية‪ ،‬الدولية)‪.‬‬
‫المصدر الثاني‬
‫السنة النبوية الشريفة‬
‫‪4‬‬
‫تعريف السنة النبوية‪ :‬يقصد بها ما صدر عن محمد رسول هللا (ﷺ) من قول أو فعل أو‬
‫تقرير‪ ،‬أما عند األصوليين فإنها المصدر التشريعي الثاني بعد القرآن الكريم‪.‬‬
‫سنة من حيث ماهيتها إلى ثالثة أقسام هي كاآلتي‬ ‫أقسام السنة النبوية‪ :‬تنقسم ال ُ‬
‫‪ - 1‬السنة القولية‪ :‬هي ما نطق به محمد رسول هللا (ﷺ) مما يتعلق بالتشريع‪ ،‬بمختلف‬
‫األغراض والمناسبات‪ ،‬ويطلق عليها اسم الحديث النبوي‪ ،‬وأقوال الرسول (ﷺ )‬
‫المتعلقة بالتشريع كثيرة كاألمر والنهي واألخبار‪.‬‬
‫األمــر‪ :‬في قوله صلى هللا عليه وسلم‪( :‬صلوا كما رأيتموني أُص ِلي)‪.‬‬
‫ب على ِخطب ِة أخيِه)‬ ‫خط ُ‬
‫النهـي‪ :‬في قوله (ﷺ)‪(:‬ال يبيع أحدكم على بيع أخيه‪ ،‬وال ي ِ‬
‫ضرار) حديث صحيح‪.‬‬ ‫ضا‪(:‬ال ضرر وال ِ‬ ‫حديث البخاري‪ ،‬وقوله أي ً‬
‫اإلخبـار‪ :‬في قوله صلى هللا عليه وسلم‪(:‬إنما األعمال بال ِنيات‪ ،‬وإن ِلكُل امرئ ما‬
‫نوى)‪.‬‬
‫‪ - 2‬السنة الفعلية‪ :‬هي أفعال الرسول (ﷺ)‪ ،‬الخاصة بالتشريع التي تناقلها الصحابة في‬
‫العبادات أو ال ُمعامالت أو في الغزوات وشؤون الحرب‪ ،‬مثل قوله صلى هللا عليه‬
‫مناسككم) صحيح‬ ‫ِ‬ ‫ضا‪ُ (:‬خذو عني‬‫وسلم‪( :‬صلوا كما رأيتموني أ ُص ِلي)‪ ،‬وقوله أي ً‬
‫البخاري‪ ،‬وكقط ِعه اليد اليُمنى للسارق‪ ،‬قال رسول هللا(ﷺ)‪(:‬ال تُقطع يد السارق إال في‬
‫ربع دينار فصاعدًا) رواه البخاري‪.‬‬
‫سكوت الرسول صلى هللا عليه وسلم عن ُكل قول قالهُ أو فعل‬ ‫‪ - 3‬السنة التقريرية‪ :‬هي ُ‬
‫الرضا‪،‬‬‫أمرهما فسكت عنهما سكوت ِ‬ ‫فعلهُ أحد الصحابة بحضرت ِه‪ ،‬أو بغيابه ثم بلغهُ ُ‬
‫أو ظهر منه ما يدل على التأييد واالستحسان‪ ،‬ألن محمد رسول هللا ال يسكت عن‬
‫الباطل أبدًا‪ ،‬مثل‪ :‬إقراره على اجتهاد معاذ ابن جبل حين عينه قاضيًا في اليمن‪،‬‬
‫وإقراره للمسافر التيمم عند عدم وجود الماء‪.‬‬
‫المصدر الثالث‬
‫اإلجــمـــاع‬
‫يُقصد باإلجماع عند األصوليين‪ ،‬اتفاق جميع ال ُمجتهدين من المسلمين في عصر من‬
‫العصور بعد وفاة الرسول (ﷺ) على ُحكم شرعي في واقعة‪ ،‬فإذا عُرضت واقعة على جمع‬
‫عا‪ ،‬ولإلجماع‬
‫سمي اتفاقهم إجما ً‬
‫من المجتهدين المسلمين وقت حدوثها‪ ،‬واتفقوا على ُحكم فيها ُ‬
‫أربعة أركان‪:‬‬
‫‪ -‬أن يوجد في عصر وقع الحادثة عدد من ال ُمجتهدين‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتفق على ال ُحكم الشرعي في الواقعة جميع ال ُمجتهدين من ال ُمسلمين في وقت‬
‫وقوعها‪ ،‬بصرف النظر عن بلدهم أو طائفتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أن يكون اتفاقهم بإبداء كل واحد رأيه بشكل صريح حول الواقعة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬أن يتحقق االتفاق من جميع المجتهدين على ال ُحكم‪.‬‬
‫المصدر الرابع‬
‫القياس‬
‫مفهوم القياس‪ :‬يقصد ب ِه عند األصوليين‪ ،‬إلحاق واقعة ال نص على ُحكمها بواقعة‬
‫ورد نص بحكمها‪ ،‬في ال ُحكم الذي ورد به النص لتساوي الواقعتين في ِعلة هذا ال ُحكم‪.‬‬
‫شُرب الخمر واقعة ثبت بالنص حكمها‪ ،‬وهو التحريم الذي دل عليه قوله تعالى‪:‬‬
‫جس من عمل الشيطان فاجتنبوه) سورة‬ ‫واألنصاب‪ ،‬واألزال ُم ِر ٌ‬
‫ُ‬ ‫والميسر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الخمر‬
‫ُ‬ ‫(إنما‬
‫المائدة‪ ،‬اآلية ‪ ،91‬فالخمر ُمحرم ِل ِعلة اإلسكار‪ ،‬ف ُكل نبيذ توجد فيه هذه ال ِعلة يستوي‬
‫بالخمر في ُحكمه ويحرم شُ ربه‪(،‬فالقياس هو المصدر التشريعي الذي يساير الوقائع‬
‫المتجددة‪ ،‬ويكشف حكم الشريعة فيما يقع من الحوادث ويوفق بين التشريع‬
‫والمصالح)‪.‬‬
‫ثانيا‬
‫مقاصد الشريعة اإلسالمية‬
‫مفهوم مقاصد الشريعة اإلسالمية‪ :‬هي (األحكام والمعاني التي تضمنتها أحكام التشريع‬
‫واآلجل)‪.‬‬
‫ِ‬ ‫العاجل‬
‫ِ‬ ‫اإلسالمي لتحقيق مصالح الخلق في‬
‫إختيارا كما‬
‫ً‬ ‫الشاطبي عرفها بأنها‪( :‬إخراج ال ُمكلف من داعية هواه ليكون عبدًا هلل‬
‫ِ‬ ‫أما اإلمام‬
‫للمقاص د‬
‫ِ‬ ‫اضطرارا)‪ ،‬أما الشيخ واإلمام محمد الطاهر بن عاشور لم يضع تعريفًا‬‫ً‬ ‫هو عبد هلل‬
‫الشرعية‪ ،‬إال أنهُ قسمها إلى قسمين‪" ،‬مقاصد عامة‪ ،‬مقاصد خاصة"‪.‬‬
‫والحكم المل ُحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو ُمعظمها‪،‬‬ ‫المقاصد العامة‪ :‬هي المعاني ِ‬
‫حيث ال تحتضن مالحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة‪.‬‬
‫لحفظ‬ ‫المقاصد الخاصة‪ :‬هي الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة أو ِ‬
‫مصالحهم العامة في تصرفاتهم الخاصة‪ ،‬حتى ال يعود سعيهم في مصالحهم الخاصة بإبطال‬
‫وباطل شهوة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما لهم من تحصيل مصالحهم العامة إبطاال عن غفلة‪ ،‬أو استزالل هوى‬
‫أجمع عُلماء ال ُمسلمين أن َّللا عز وجل ما شرع ُحك ًما إال لمصلحة عبادهِ‪ ،‬وأن هذه المصلحة‬
‫إما جلب نفع لهم أو دفع ضرر عنهم‪ ،‬فالباعث من تشريع أي ُحكم شرعي هو جلب منفعة‬
‫الناس وإبعاد الضرر عنهم‪ ،‬حيث جاءت الشريعة اإلسالمية لتحقيق مقاصد في األمور‬
‫الضرورية الخمسة التي شرع لها أحكا ًما تكفل حفظها وهي‪( :‬حفظ الدين‪ ،‬النفس‪ ،‬العقل‪،‬‬
‫ال ِعرض‪ ،‬المال)‪.‬‬
‫‪ - 1‬حفظ الدين‪ :‬الدِين هو مجموع العقائد وال ِعبادات واألحكام والقوانين التي شرعها هللا‬
‫عز وجل لتنظيم عالقة الناس برب ِهم‪ ،‬وعالقاتهم بعضهم البعض‪ ،‬وحفظ الدين هو‬
‫أكبر الكليات والمقاصد وأرقاها‪ ،‬ألن ضياع الدِين في الشريعة اإلسالمية يؤدي إلى‬

‫‪6‬‬
‫ُون) سورة الذاريات‪،‬‬
‫الجن واإلنس إال ليعبُد ِ‬
‫المقاصد‪ ،‬قال تعالى‪(:‬وما خلقت ِ‬
‫ِ‬ ‫ضياع بقية‬
‫اآلية ‪56‬‬
‫‪ - 2‬حفظ النفس‪ :‬شرع هللا الستمرارية النفس البشرية واستخالف هللا في األرض‪ ،‬الزواج‬
‫والتناسل‪ ،‬قال رسول هللا(ﷺ)‪(:‬تزوجوا الودود الولود فإني ُمكاثِ ٌر ِبكُ ُم األمم) صحيح‬
‫ضا‪( :‬يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬ ‫أبي داوود‪ ،‬وقال أي ً‬
‫يستطع فعلي ِه بالصوم فإنهُ لهُ ِوجاء) صحيح‬ ‫ِ‬ ‫للبصر‪ ،‬وأحصن للفرج‪ ،‬ومن لم‬
‫البخاري ‪ ،‬وشرع ِلحفظ النفس ال ِقصاص والدية والكفارة على كل من يعتدي عليها‪،‬‬
‫كما حرم على المسلم أن يلقي بنف ِس ِه إلى التهلكة‪ ،‬قال تعالى‪( :‬ال تقت ُ ُلوا أن فُسكم إن هللا‬
‫كان ِبكُم ر ِحي ًما) سورة النساء‪ ،‬من اآلية ‪.29‬‬
‫‪ - 3‬حفظ العرض‪ :‬شرع هللا تعالى لحفظ ال ِعرض حد لكل من الزاني والزانية‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫(الزانية والزاني فاج ِلدوا ُكل واحد منهما مائة جلدة وال تأخذكُم ِب ِهما رأفةً في ِ‬
‫دين هللا‬
‫اآلخر‪ ،‬وليشهد عذاب ُهما طائفةً من المؤمنين) سورة النور‪،‬‬ ‫إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم ِ‬
‫اآلية ‪ ،02‬وحد جريمة القذف‪ ،‬قال تعالى‪(:‬والذين يرمون ال ُمحصنات ثُم لم يأتوا بأربعة‬
‫شُهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة وال تقبلوا ل ُهم شهادةً أبدًا وألئك هُم الفا ِس قون) سورة‬
‫النور‪ ،‬اآلية ‪.06‬‬
‫‪ - 4‬حفظ العقل‪ :‬لقد كرم هللا تعالى اإلنسان بنعمة العقل‪ ،‬وحرم كل ما يفسد وظيفة العقل‬
‫أنواعها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫مثل تحريمه للخمر وكل ال ُمس ِكرات التي تُذ ِهب العقل كال ُمخدرات بمختلف‬
‫جس من عمل الشيطان فاجتنبوه) سورة‬ ‫واألنصاب‪ ،‬واألزال ُم ِر ٌ‬
‫ُ‬ ‫والميسر‪،‬‬
‫ُ‬ ‫الخمر‬
‫ُ‬ ‫(إنما‬
‫المائدة‪ ،‬اآلية ‪ ،91‬وقال رسول هللا(ﷺ)‪(:‬كُ ُل ُمس ِكر خمر‪ ،‬و ُك ُل خمر حرام) صحيح‬
‫ُمسلم‪.‬‬
‫‪ - 5‬حفظ المال‪ :‬شرع اإلسالم الكسب الحالل بالوظائف والمعامالت والتجارة وشرع‬
‫والخيانة‪ ،‬وكل‬‫ِ‬ ‫الغش‬ ‫لحفظه تحريم السرقة ووضع حد للسارق والسارقة وتحريم ِ‬
‫اطل‪ ،‬وتُدلوا‬‫بالباطل‪ ،‬قال تعالى‪(:‬وال تأكُلوا أموالكُم بين ُكم بِالب ِ‬
‫ِ‬ ‫أشكال أكل أموال الناس‬
‫الناس باإلثم وأنتم تعل ُمون) سورة البقرة‪ ،‬اآلية‬ ‫ِ‬ ‫بها إلى ال ُحكام لتأكلوا فريقًا من أموال‬
‫‪.188‬‬

‫‪7‬‬

You might also like