وال بين الدين والدولة عندما حكم المستعمر الغربي البالد اإلسالمية أخذ يبث عقيدته وهي فصل الدين عن الدولة وعن السياس ة. ويرك ز وجه ة نظ ره وهي النفعي ة لتح ل مح ل وجه ة النظ ر اإلس المية ،وهي جع ل الحالل والح رام مقي اس الحي اة. المية. ة في البالد اإلس تعمر هي الطاغي ر المس ة نظ بحت وجه فأص
ي: ر السياس اس الفك أس
العقي دة اإلس المية هي أس اس الفك ر السياس ي ل دى املس لمني ب الرغم من أن فص ل السياس ة عن ال دين مت على ي د املستعمر بعد أن َه َد م اخلالفة .واالستعمار شرقيًا كان أم غربيًا يدرك مدى خطورة اإلسالم لذلك حاول أن يوجد للسياسة مفهومًا واقعيًا ،فظل السياسيون مرتبعون على عرش السياسة وظل َمَحلة الدعوة بعيدين عنها .فالسياسة مبفهوم الغرب الذي روج له وأوجده لدى املسلمني والذي يسري عليه السياسيون هو الواقعية ،والتقيد هبا ،فالسياسة عندهم هي فن املمكنات، أي حس ب الواق ع ،وص اروا يس مون م ا ه و ليس ب الواقع أو الواقعي ة خي اًال أو أوهام ًا. من اخلطأ تعريف السياسة بأهنا فن املمكن ،أي مبعىن غري املستحيل ،فاملستحيل ليس سياسة ،والواقع والواقعية هي كذلك ليست سياسة ألهنا ضد التاريخ ،ولوال تغري األشياء حسب املمكنات ملا وجدت سياسة وملا وجد تاريخ .فالتاريخ ه و تغي ري الواق ع بواق ع غ ريه ،والسياس ة هي فعًال فن املمكن مقاب ل املس تحيل ،وذلك ح ىت حيص ل إص الح ويوج د ت اريخ. ولكن الفرق بني أيام الرسول وأيامنا أنه عليه السالم أوجد اإلسالم مكان الشرك ،وكانت أفكار اإلسالم وأحكامه هي اليت تسوس الناس وتعاجل مشاكلهم ،ووضعت مكان أفكار الشرك وأفكار الكفر كله .فكما أن املشركني كانوا بأفكارهم يتحكمون بالناس ومصاحلهم ورعاية شؤوهنم ،كذلك أصبحت أفكار االستعمار واملستعمرين تتحكم بالنسا ومصاحلهم ورعاية شؤوهنم ،إال أن املشركني كانوا خملصني ألنفسهم ،فكانوا يرون حقيقة أن أفكارهم هي اليت تعاجل مشاكل احلياة. أما االستعمار وال سيما الغريب فإنه مع كونه خملص ًا لنفسه ولكنه جعل الناس يف البالد اإلسالمية خملصني له وألفكاره. وبع د احلرب العاملي ة الثاني ة حني س ارت أمريك ا م ع روس يا يف الدعاي ة املض للة ملا يس مى ب التحرر ،وح ق تقري ر املص ري للشعوب ،واالشرتاكية ،وحقوق االنسان ،صار الناس يأخذون أفكار االستعمار وال سيما أفكار االستعمار الشرقي وكأهنا أفك ارهم هم ،وخيلص ون هلا وألنفس هم ،إال أن منطق ة الع امل اإلس المي يف غالبيته ا من نص يب الع امل احلر أي من نص يب االستعمار الغريب ،فإن الناس ظلوا خملصني لالستعمار الغريب وظل السياسيون تابعني للمعسكر الغريب أو االستعمار الغريب. ل ذلك ظ ل الن اس ينظ رون إىل السياس يني ال ذين يقول ون أن السياس ة هي فن املمكن ات ب أهنم هم السياس يون وظ ل الن اس بعي دين عن السياس ة ب املعىن اإلس المي م ع ك وهنم مس لمني ،وظل وا م ع االس تعمار الغ ريب م ع ك وهنم يكرهون ه ،ويري دون الم. ت يف اإلس اس وليس كلة هي يف الن إن املش ذلك ف يطرته .ل التخلص من س داء والعالج: ال واآلن مل تعد العقيدة اإلسالمية لدى قسم كبري من املسلمني عقيدة سياسية ولكنها ظلت عقيدة روحية ،ووجهة النظ ر ال يت تش كلها مل يع د هلا وج ود يف وق اع احلي اة وإن ك انت موج ودة فردي ًا .فأس اس ال داء ك امن يف أم رين: أوهلم ا :اخلل ل ال ذي ط رأ على أس اس املف اهيم عن احلي اة وهي العقي دة السياس ية ،وثانيهم ا :اخلل ل ال ذي ط رأ على تصوير احلياة الذي تشكله العقيدة السياسية ،فبعد أن كان تصوير احلياة بأنه احلالل واحلرام صار تصوير احلياة بأهنا املنفعة. وعالج ذلك ال بد أن يبدأ بالعقيدة ،وببيان أهنا عقيدة سياسية ،وببيان أن الناحية الروحية اليت يف العقيدة ال خترجها عن كوهنا عقي دة سياس ية ،وأن ه ينبغي ربطه ا باألفك ار عن ال دنيا وبرعاي ة ش ؤون الن اس يف ال دنيا ورب ط اإلميان باهلل باإلميان بالقرآن ،ومبعىن اإلميان بالقرآن ،وربط اإلميان بنبوة سيدنا حممد ورسالته بالسنة املطهرة ،ومبعىن اإلميان بالسنة ،مث االنتقال إىل وجهة النظر اليت تشكلها هذه العقيدة أي االنتقال إىل أن مقياس احلياة هو احلالل واحلرام .وأن تصوير احلياة يف نظر اإلس الم ه و احلالل واحلرام وليس النفعي ة ،وال التط ور أو التق دم التكنول وجي أو م ا يس مى بالتقدمي ة مقاب ل التخل ف والرجعية .والنفعية واملنفعة ال يصح أن تكون حكم ًا شرعيًا ،ألن حصول هذا الفهم يعين أن هنالك خلًال يف ربط وجهة النظر بالعقيدة ،ولتصحيح هذا اخللل جيب تبيان أن احلكم الشرعي دليله الشرع أي :ما جاء وحي ًا من اهلل وليس دليله المنفع ة ،وإذا قيل أن احلكم الشرعي ال يص لح اآلن ه و املنفع ة أو الق وانني الوض عية احلديثة ،فإن ه ذا الق ول يكش ف عن خلل يف العقيدة ويف ربط وجهة النظر هبا ،وتصحيح اخللل يكون مبعرفة أن االعتقاد بوجود اهلل ونبوة حممد يناقض الق ول بعدم صالحية احلالل واحلرام كمقياس ،فاخلطاب يف القرآن واحلديث هو لكل الناس يف كل العصور ،وبعد التسليم بذلك ينتقل إىل تصحيح ربط وجهة النظر بالعقيدة .وإذا قيل أن تصوير احلياة باحلالل واحلرام ال يعارض تصويرها بالنفعية فإن هنالك خلًال يف الربط بوجهة النظر ،وتصحيح ذلك يكون بإبراز أن احلالل واحلرام دليله الشرع وليس املنفعة ،فاملطلوب ة. رع وليس املنفع و الش ه ري: افي والفك زو الثق الغ والبحث يف ه ذا املوض وع ليس عبث ًا ،ب ل ه و ملواجه ة نت ائج الغ زو الثق ايف والفك ري ال ذي مارس ة الغ رب جتاه املس لمني حني اس تهدف النظ رة اإلس المية ليغريه ا أو ليزعزه ا على األق ل ،وك ان من أس لحته التش كيك يف بعض العقائ د اإلسالمية مثل هجومه على عقيدة القدر ،وعلى تقديس املسلمني لنبوة سيدنا حممد ،وعلى الصحابة ،وكان من أسلحته أيضًا نزع الثقة من صالحية األحكام الشرعية ملعاجلة مشاكل العصر ،مثل هجومه على أحكام اجلهاد وادعائه بأن اإلسالم قام على السيف والقتال والوحشية ،وشجع تعدد الزوجات ،وأباح الطالق .وأن قطع اليد للسارق فيها قسوة وتشويه ويكفي حبس ه كعقوب ة وغ ري ذل ك ،وك ان من أس لحته اهلج وم على حتكيم احلكم الش رعي ،واختذ من آراء بعض الفقه اء م ربرًا للهجوم ،فم ا قاله بعض الفقه اء من املص احل املرس لة ،ومن رعاي ة املص لحة ،ومن حتكيم الع رف ،ومن تغ ري األحك ام بتغري الزمان ،فقد اختذه الغرب أداة جلعل النفعية مقياس األعمال وليس احلكم الشرعي .فنتج عن ذلك ضعف اختاذ احلالل واحلرام مقياس ًا وبدأ هذا الضعف يتسرب ،فأخذ أوًال شكل جعل املنفعة أساس احلكم الشرعي وليس الدليل ،ووجد من أقوال بعض العلماء حيثما تكون املصلحة فثم شرع اهلل ،أداًة لرتكيز جعل املنفعة هي املقياس للحكم الشرعي ،مث تدرج إىل جعل املنفعة مقياس احلياة .وملا حكم ذلك املستعمر البالد اإلسالمية وفرض سيطرته كلها على ربوعها أخذ يبث عقيدته وهي فص ل ال دين عن الدول ة وعن السياس ة ويرك ز م ا أوج ده من وجه ة نظ ره وهي النفعي ة ح ىت غلب على وجه ة النظ ر اإلسالمية عند كثري من الناس ،فصار الطاغي يف البالد اإلسالمية هو جعل النفعية مقياس احلياة ،وإن كان قد بقي أثر جلعل اة□ . اس احلي احلالل واحلرام مقي