Professional Documents
Culture Documents
شبهه انتشار اإلسالم بحد السيف ،و ان التاريخ اإلسالمي هو تاريخ حروب و دماء
غدا عالمنا االسالمي في وقتنا هذا عرضة للعديد من االنتقادات وبث السكوك حوله لهدمه ،كيف ال وهو دين
العالمين الذي ارسله هللا على يد نبيه رحمة للعالمين ،يظنون ان االسالم انتشر بالسيف وقوته واستنزفت الدماء في ذلك
! .لكن أنى لالسالم وهو دين هللا ان ينتشر بهذه الطريقة
ان الكثير من اإلدعاءات الغربية بالتحديد تدور حول انتشار اإلسالم بالسالح وإجبار الجميع على دخول هذا
الدين ،وهذا عار تماًما من الصحة فاهلل عز وجل رب السالم وال يأمر إال بالسالم ،والدين اإلسالمي جاء ختاًما لجميع
.الديانات ليؤكد على السالم والسماحة ،فكيف آلخر األنبياء أن يقوم بعكس ذلك
ان الذي دفعهم الى التشكيك في امره والطعن في ظهره هو سرعة انتشاره ! اذ كيف لدين ان ينتشر بهذه
السرعة الفائقة ويعم اغلب الناس لوال انه دين هداية بالفعل وما انزل من فراغ وليس بسحر كما يدعون ويزيفون بل هو
.دين عظيم وهو ختام الديانات الذي انزل على خاتم االنبياء سيدنا محمد
وحتى ال نستسلم أو نقف عاجزين عن الدفاع والرد على كل المشككين في طرق انتشار الدين اإلسالمي وكل من
ينقل صورة خاطئة للعالم يعمها السواد والمغلوطات حول هذا الدين ،كان البد من الوقوف على بعض النقاط لكي نؤكد
للعالم ان ديننا دين السالم ولم يكن يوما دين السيف والحرب والدماء
لقد كانت بداية ظهور االسالم في شبة الجزيرة العربية وبالتحديد في مكة مواطن الرسول صلى هللا عليه وسلم
.بعد نزول الوحي عليه وإخباره بالنبوءة ،وبدأ عدد قليل من أصحاب وأقارب النبي الكريم في اإليمان به وتصديق رسالته
وعلى مدار ثالثة عشر سنة قضاها الرسول صلى هللا عليه وسلم في مكة بعد اإلسالم ظل يدعو هو وأصحابه
وكل من آمن به لدين هللا الوحيد الذي يمحي ما قبله ،وظلت الدعوة سًر ا لفترة طويلة خشية على المسلمين من أذى كفار
.قريش الذين بمجرد معرفتهم بإسالم أحد يقيمون عليه أشد أنواع العذاب حتى يرتد
األمر الذي دفع الرسول إلى الهجرة للحبشة ألنه يعلم أن بها حاكم ال ُيظلم عنده أحد ،ومن هنا بدأ انتشار اإلسالم
في األرجاء ،إال أن االنتشار القوي حًقا بدأ مع هجرة الرسول والمسلمين إلى المدينة المنورة وتكوين الدولة اإلسالمية ،فبدأ
.الرسول يرسل إلى القبائل المجاورة
ويعتقد البعض أن غزوات النبي صلى هللا عليه وسلم كانت إلجبار غير المسلمين على دخول اإلسالم بلى فقد
كانت للدفاع عن الدين اإلسالمي والتصدي لكل من يحاول المساس بأمن وعقيدة المسلمين ،ولم يتم إجبار أحد على الدخول
.في اإلسالم بل كان األمر اختياري
البشر ليسوا بالعبيد وال يجوز التعامل معهم بهذا النهج فاهلل سبحانه وتعالى كرم اإلنسان وخلق له العقل ليبصر
به الصواب من الخطأ ،وهذا ما حاول النبي ص التعامل على أساسه في نشر رساالته وهو اإلقناع فقد كان يحدث الجميع
.عن اإلسالم ويضع لهم األسباب والغايات التي تدفعهم للدخول به
وبفضل هذه السياسة آمن زعماء القبائل في المدينة المنورة باهلل وبرسوله وقاموا بمبيعاته في بيعة العقبة األولى
والثانية ،ودخل عدد كبير اإلسالم دون اقتتال ،وكذلك األمر في الحرب مع التتار ودخولهم اإلسالم على الرغم من كونهم
.المنتصرين في ذلك الوقت
لقدكانت اخالق المسلمين التي اتصفوا بها سببا دافعا العتناق الكثيرين لالسالم ،وانتشاره عن طويق التجارة ،
فالمسلم بما يحمله من اخالق سمو ورفعه كالصدق واللمانه والتواضع واالخالص والوفاء وغيرها اذهلت الجميع من حوله
لندرة هذه الصفات في البشر لالسف ،ففدوا يبحثون عن هذا لدين الذي يعلم ابناءه هذه الصفات وتحعله يتحلى بها ،فانتشر
االسالم ووصل لعدة مناططق حول العالم
ومن أهم المناطق التي انتشر فيها اإلسالم عن طريق التجارة باالخالق العالية دول جنوب شرق آسيا كأندونيسيا
.وماليزيا والفلبين .كما انتشر أيضا بهذه الطريقة في مناطق من الهند والصين وإفريقيا
سر انتشار اإلسالم بارٌز في فطرته ،وَك ْو ن دين اإلسالم دين الفطرة هو أنه :موافق لسنن هللا تعالى في الخلقة
اإلنسانية؛ ألنه يعطي القوى الجسدية حقوقها والقوى الروحانية حقوقها ،ويسير مع هذه القوى على طريق االعتدال حتى
تبلغ كمالها ،الذي يسير به على سنن فطرته التي خلقه هللا عليها بما يبين له أن كل عمل نفسي أو بدني يصدر عنه يكون
له أثر في نفسه ،وأن ما ينطبع في نفسه من ذلك يكون علة سعادته أو شقائه في الدنيا واآلخرة ،فإذا فهم هذا وأدركه يظهر
له أنه ُسنة الفطرة وناموس الطبيعة ،وإذا كان له أبوان -وفي معناهما َم ن يقوم مقامهما في تربيته وتعليمه -على غير
.اإلسالم يطبعان في نفسه التقاليد التي تحيد به عن صراط الفطرة
ويكمن السر أيًضا في سماحة اإلسالم؛ إذ يضع اإلسالم قوانين عادلًة رحيمة مع األعداء ،بدون تدمير ،أو ظلم،
أو إبادة ،أو انتقام؛ فالقرآن َي هِدي للتي هي أقوم ،والرسول -صلى هللا عليه وسلم -ابُتِعث رحمًة للعاَلم ُك ِّله مسلِمه وغير
.مسلِمه
ولم يحدث قط في أمة من األمم ذات الحضارة العريقة أنها تركت عقيدتها لتتحول إلى دين كتابي غير اإلسالم،
وإنما تفرد اإلسالم بهذه المزية دون سائر العقائد الكتابية ،فتحولت إليه الشعوب فيما بين النهرين وفي أرض الهالل
الخصيب وفي مصر وفي فارس ،وهَّي أمة عريقة في الحضارة كانت قبل التحول إلى اإلسالم تؤمن بكتابها القديم ،وتحول
إليه أناس من أهل األندلس وصقلية كما تحول إليه أناس من أهل النوبة الذين غيروا على المسيحية أكثر من مائتي سنة.
ورغبهم جميًع ا فيه ذلك الشمول الذي يجمع النفس والضمير ويعم بني اإلنسان على تعدد األقوام واألوطان ،ويحقق المقصد
األكبر من العقيدة الدينية فيما امتازت به من عقائد الشرائع وعقائد األخالق وآداب االجتماع
إن المبدأ العام للمسلمين هو عدم إجبار الغير على اعتناق اإلسالم بالقّو ة واإلكراه ،وإّنما اإلسالم قائم بالحّج ة
والبرهان،حيث يقول هللا -تعالى( :-ال ِإْك راَه في الدين ] فاآلية جاءت لتبّين أن من اعتنق اإليمان يكون ذلك بمحض
اختياره ،ومن اختار الكفر فأيًضا باختياره ،ومع ذلك فاهلل -تعالى -ال ُيحّب سوى اإليمان وأهله ].وتجدر اإلشارة إلى أَّن
اإلنسان الكافر ال ُيقابل بأسلوب الّتهديد بالقتل إذا لم يسلم ،وإنما ُيعطي الجزية وُيتَر ك فرّبما يحّبون اإلسالم فيما بعد
.ويعتنقوه ،ولكن إذا أصّر الكافر على عناده واستكباره بمقابلة المسلمين بالقتل فإّنهم عند ذلك ُيقاتلون
أثبتت األيام كذب دعواهم الساقطة ،فأين هو سيف محمد وأين سيوف الفاتحين من أتباعه التي تجبر أو ُتكِر ه أو
تضطهد؟! ولئن زالت ممالك اإلسالم وَت قَّسمت دواًل ودويالت وجثم فوق صدر شعوبها االستعمار وعانت ما عانت من
االحتالل فلما لم ترتد وتتدين بدين الغالب لتنعم بالحرية والرفاهية رغم ما مارسته أذناب هذا المستعمر من فنون وأفاعيل
في تسويق عقيدته..؟! لماذا لم يلفظوا ديانة محمد وشريعة هللا من قلوبهم وهم أذلة مستضعفون..؟! ولماذا وهم أراذل
األرض -كما نعتهم أحد أراذل الشرق المبهورين بالغرب -لماذا تهفو فراشات القوي الكوكبي المنتصر الغالب نحو نور
!اإلسالم بال إكراه أو اضطهاد أو تسويق رخيص بالمغريات كما يفعل اآلخر..؟
كما كذبت وتكذب دعواهم تلك نظرة واحدة على اإلحصاءات والبيانات التي توردها بالد الغرب ذاتها وتثبت
انتشار اإلسالم بين مواطنيها على أراضيها ،لترد الرد المفحم على من يرددون تفاهة وخرافة السيف في نشر هذا الدين،
ليعلم بعدها أين يجد سيف محمد .هذا السيف الخالد الساخن الذى يبقر بطون الشرك والذى يمضى بقدر هللا؛ فسيف محمد:
رحمته ،عدله ،سيرته ،سماحة الدين الذي ُأرسل به وسماحته هو صلى هللا عليه وسلم؛ فالشاهد من سيرته صلى هللا عليه
وسلم أنه لم ُيكِر ه أحًد ا قط على اإلسالم ،وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله ،وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ،ولم يكرهه
على الدخول في دينه؛ امتثااًل ألمر ربه سبحانه
إن العقائد متعّلقة بالّنفس وطبيعتها؛ لذلك ال ُيمكن غرس العقيدة اإلسالمّية باإلكراه ،مّما يعني أّن الحروب لم يُك ن
هدفها الّرئيسي إرغام الناس على اإلسالم ،بل كان الهدف منها إزالة العوائق التي تحول بين اإلسالم والناس ]٢١[،وإّن
سيرة الرسول -صلى هللا عليه وسلم -والتاريخ أظهروا كذب هؤالء الذين يّدعون بأّن اإلسالم انتشر بالّسيف ،ودليل ذلك
أن الحروب ترتب عليها العديد من الفتوحات اإلسالمّية التي تحّر رت الشعوب بفضلها من االضطهاد والظلم]٢٢[.
باإلضافة إلى ذلك فإَّن الدليل على أن اإلسالم لم ينتشر بالّسيف هو بقاء الرسول الكريم -صلى هللا عليه وسلم -ثالثة عشر
سنة في مّك ة يدعو إلى الّت وحيد ،وبعد الهجرة قام بتخيير الكفار في الدخول إلى اإلسالم ،أو البقاء على دينهم مع دفع
الجزية وحمايتم ،ومثال ذلك معاملته -صلى هللا عليه وسلم -مع وفد بني تغلب.ان الطرق التي انتشر بها االسالم من
حكمة ،ولطف ،وأسلوب حسن ،وجدال بالتي هي أحسن ،وعدم إكراه للناس على الدخول فيه وإعتقاده ،ال كما ُيذاع أنه دين
.انتشر بالسيف والقتل ،كما تم بيان الحكمة من تشريع الجهاد
لم ينتشر اإلسالم بالسيف ،ولكنه انتشر رغم السيوف التي واجهته فلقد تمكن من التوغل في أقطار إفريقيا ومع
هذا فلم يسجل التاريخ أي غزوات للمسلمين بل انتشر بالتسرب السلمي البطيء ألنه دين ال يعرف التمييز فلم يفرق بين
األبيض واألسود ،ولم ينه أتباعه عن الزواج من نساء البالد الزنجيات ،فتزوجوا وتناسلوا ،حتى ذهب بعضهم إلى أن
ِ.اإلسالم هو دين السود بينما المسيحية هي دين البيض
لقد انتشر اإلسالم بالمحبة الحقيقية عندما ساوى بين جميع أجناس البشر ..وجعل التمايز بالتقوى ..هكذا جاءت
الدعوة بالمساواة نظرًّي ا في آيات القرآن الكريم ،وأحاديث نبي اإلسالم صلى هللا عليه وسلم ،وتجلت عملًّي ا في سلوك
المسلمين سواء في حياتهم أو عباداتهم
ومكمن السر األعظم في هذا الدين هو توحيد المعبود وإفراده باأللوهية وهو أمٌر مبثوث في الفطرة البشرية
السوية قبل تلويثها بالشرك واإللحاد ،فإذا مر نور اإلسالم ببوصلة التنزيه تحركت حديدة القلوب الصدأة لتنجذب رويًد ا في
حاالت أو فجأًة في حاالٍت أخرى ،فتنِّفض عنها أدران الكفر وتعلن بصوت الحق مثولها الخاضع الخاشع بين يدّي الواحد
الحق -عز وجل -والتسليم له باأللوهية الكاملة والعبودية المطلقة بأحلى ما ينطق به الفم كمصب ومنبعه القلب" :أشهد
"أن ال إله إال هللا