You are on page 1of 6

‫قضية فلسطين هي قضية جميع المسلمين‪ ،‬هي قضية تجمعت فيها كل المصائب‪ ،‬قضية أرتنا كَّل عيوبنا‪ ،‬ووضحت

خللنا وتناقضنا‪،‬‬
‫‪.‬قضية مصيرية ارتبطت بها كل القضايا‬

‫فلسطين هي األرض المقدسة‪ ،‬أرض األنبياء الذين نحن المسلمين أحق بهم من كل من يدعي اتباعهم‪ ،‬فنحن أحق بموسى من اليهود‬
‫‪.‬المغضوب عليهم‪ ،‬وأحق بعيسى من النصارى الضالين‬

‫فيها المسجد األقصى أولى القبلتين وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال‪ ،‬وهو مسرى النبي محمد صلى هللا عليه وسلم كما قال هللا‬
‫سبحانه مبينا االرتباط بين المسجدين‪ُ ﴿ :‬سْب َح اَن اَّلِذي َأْس َر ى ِبَع ْبِدِه َلْي اًل ِمَن اْلَم ْس ِج ِد اْلَح َر اِم ِإَلى اْلَم ْس ِج ِد اَأْلْق َص ى اَّلِذي َب اَر ْك َن ا َح ْو َلُه‬
‫‪ِ.‬لُنِر َي ُه ِمْن آَياِتَن ا ِإَّنُه ُه َو الَّسِميُع اْلَبِص يُر ﴾ [اإلسراء‪]1 :‬‬

‫فلسطين هي ميراث األجداد ومسؤولية األحفاد‪ ،‬معراج محمدي وعهد عمري‪ ،‬فتحها المسلمون بعد وفاة الرسول بست سنوات فقط‪،‬‬
‫وحكموها قرونا طويلة‪ ،‬ثم احتلها الصليبيون فأخرجهم المجاهدون بقيادة صالح الدين‪ ،‬ثم احتلها اليهود في عصرنا ولن يخرجوا إال‬
‫‪.‬بالجهاد في سبيل هللا‬

‫‪:‬أيها األحبة‬

‫حديثنا اليوم عن فلسطين‪ ..‬فلسطين التي ُيدمى جرحها كل يوم‪ ،‬فماذا فعلنا لها؟ ماذا قدمنا من التضحيات؟ هل أدينا أقل الواجبات؟! أو‬
‫نقول بكل أسف‪ :‬ماذا حققنا من التنازالت؟‬

‫في الوقت الذي ُيقَّت ل فيه المسلمون شرقا وغربا وشاما وعراقا نرى كثيرًا من المسلمين الهين عن مصائبهم بإقامة المهرجانات‬
‫!!السياحية والبطوالت الرياضية والحفالت الغنائية‪ ،‬وكأن أمر إخوانهم المسلمين ال يعنيهم فإلى هللا المشتكى‬

‫‪:‬أيها المؤمنون‬

‫لقد أتى على مسلمي فلسطين قرابة قرن من الزمن مرابطين في الثغور‪ ،‬مدافعين بأموالهم وأنفسهم عن البالد المقدسة التي ُك تبت‬
‫تاريخها بدماء الصحابة وأتباِع هم المجاهدين‪ ،‬تتابعت حكومات اإلسالم في أرضها وتعالت رايات اإليمان في ساحاتها‪ ،‬حاول‬
‫الصليبيون كسرها فجاسوا خالل الديار‪ ،‬لكن المسلمين وقفوا لهم بالمرصاد‪ ،‬كان العلماء يحثونهم على الجهاد‪ ،‬وكان األغنياء يبذلون‬
‫أموالهم في اإلعداد‪ ،‬وكان الحكام يقودون المجاهدين لنصرة دين رب العباد‪ ،‬أمثال عماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصالح‬
‫الدين األيوبي والمظفر قطز والظاهر بيبرس والمنصور سيف الدين قالوون وغيرهم من األمراء الذين غرسوا في األمة روح‬
‫‪.‬الجهاد فوقفوا درعًا أمام الحمالت الصليبية حتى أخرجوهم من األرض المقدسة‬

‫قال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬و ِتْلَك اَأْلَّياُم ُنَد اِو ُلَه ا َب ْي َن الَّن اِس ﴾ [آل عمران‪ ]140 :‬تتعاقب السنون ليتماأل الكفار مرة أخرى ويتآمر الصليبيون‬
‫واليهود جميعا لوضع فلسطين في قبضة اليهود في جريمة من أعظم جرائم العصر‪ ،‬بإخراج شعب من أرضه وإقامة شعب آخر‬
‫!!مكانه‬

‫ويستمر الصهاينة في القتل واإليذاء واالستيطان بتشجيع ورضا أو سكوت وإغضاء من دول الكفر الظالمة‪ ،‬كم أسالوا من الدماء‪،‬‬
‫وأزهقوا من األرواح‪ ،‬يدنسون المقدسات ويعقدون المؤتمرات لمخادعة العرب بسراب السالم‪ ،‬وقد أخبرنا هللا أنهم يكذبون‬
‫‪ ﴾.‬ويخادعون وينقضون العهود ﴿ َأَو ُكَّلَم ا َع اَه ُدوا َع ْه ًد ا َن َب َذ ُه َف ِر يٌق ِم ْن ُهْم َب ْل َأْك َث ُرُه ْم اَل ُيْؤ ِم ُنوَن‬

‫‪:‬أيها المسلمون‬
‫ال مقاومة للصهاينة إال بالقتال‪ُ ﴿ ،‬ك ِتَب َع َلْي ُك ُم اْلِقَت اُل َو ُه َو ُك ْر ٌه َلُك ْم َو َعَس ى َأْن َت ْك َر ُهوا َش ْي ًئ ا َو ُه َو َخ ْيٌر َلُك ْم َو َعَس ى َأْن ُتِحُّبوا َش ْي ًئ ا َو ُه َو‬
‫َش ٌّر َلُك ْم َو ُهَّللا َي ْع َلُم َو َأْنُتْم اَل َت ْع َلُموَن ﴾ [البقرة‪ ،]216 :‬عندما ُر فعت راية الجهاد في فلسطين على أيدي قلة من المجاهدين بدأت قوائم‬
‫القتلى تتصاعد في أوساط اليهود‪ ،‬وأخذ األمن ينحسر‪ ،‬والهجرة اليهودية تتراجع‪ ،‬وتذَّو ق المسلمون حالوة النصر بدًال من ذل‬
‫‪.‬الهزيمة وعفن السالم المزعوم‬

‫ولكن ما حال بقية العرب والمسلمين؟ هل دعموا المجاهدين ونصروهم أو كانوا سببا في حصارهم والتضييق عليهم؟‬

‫‪.‬نرى غفلة وتغافًال وصمتًا وخوفًا وعجزًا وبخًال إال عن بعض المساعدات القليلة التي ُتبعث من هنا وهناك‬

‫هذا والدول االستعمارية الطاغية التي تدعي أنها ترعى السالم وتحارب التطرف واإلرهاب‪ ،‬وتدعي االهتمام بحقوق اإلنسان؛ ال‬
‫تحجب عن اليهود مساعدات طلبوها‪ ،‬وال تسألهم عن جريمة ارتكبوها‪ ،‬وال توجه إليهم حتى مجرد لوم وعتاب على القتل والظلم‬
‫‪.‬والخراب‪ ،‬بل يتوافد رؤساء تلك الدول ونوابهم ومندوبوهم لتأييدهم‪ ،‬ومن لم يستح فليصنع ما يشاء‬

‫‪:‬أيها المؤمنون‬

‫إن كل هذه التناقضات ليست غريبة على أعداء اإلسالم والمسلمين‪ ،‬فاليهود والنصارى لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم ونسيَر في‬
‫ركابهم ونخضع لقراراتهم‪ ،‬كُّل ذلك ال ُيستغرب على من أضله هللا وغضب عليه ولعنه‪ ،‬لكن المستغرب حين يقوم بعض قادة العرب‬
‫يدعو إلى السالم‪ ،‬وصدق رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حيث قال‪« :‬يوشك األمم أن تداعى عليكم كما تداعى األكلة إلى قصعتها»‪،‬‬
‫فقال قائل‪ :‬ومن قلة نحن يومئذ؟! قال‪« :‬بل أنتم يومئذ كثير‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل‪ ،‬ولينزعن هللا من صدور عدوكم المهابة منكم‪،‬‬
‫وليقذفن هللا في قلوبكم الوهن»‪ ،‬فقال قائل‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬وما الوهن؟ قال‪« :‬حب الدنيا‪ ،‬وكراهية الموت» أخرجه أبو داود وصححه‬
‫‪.‬األلباني‬

‫أيها المؤمنون‪ ،‬إننا بحاجة إلى مراجعة للوضع وإصالح للحال‪ِ ﴿ ،‬إَّن َهَّللا اَل ُيَغ ِّيُر َم ا ِبَقْو ٍم َح َّت ى ُيَغ ِّيُروا َم ا ِبَأْنُفِس ِه ْم ﴾ فكيف يكون‬
‫النصر ونحن نرى الجبن في النفوس واستجداء الحلول وتعليقها على دول صليبية وهي ال تفتر عن دعم اليهود ودولتهم منذ وجدوا؟‬

‫أصبح كثير من قيادات األمة ومناضليها المزعومين قليلي الدين‪ ،‬ضعفاء اليقين‪ ،‬يبيعون الحق واألمة بمنافع شخصية‪ ،‬هجروا ما‬
‫أمرهم هللا به في القرآن من إعداد القوة المادية والمعنوية للجهاد في سبيل هللا‪ ،‬وسلكوا في قضية فلسطين مسالك المبادرات‬
‫والمنظمات والتجمعات التي تتأرجح بين يمين ويسار بشعارات زائفة من العلمانية والوطنية والقومية والبعثية‪ ،‬اجتماعاتهم وقراراتهم‬
‫‪.‬تِعد وال ُتنِج ز‪ ،‬وتقول وال تفعل‪ ،‬وتشجب وال تقاوم‪ ،‬قلوب شتى ووجوه متباينة‬

‫ال يزالون في قضية فلسطين تائهين ألنهم تركوا االعتزاز باإلسالم‪ ،‬وأصبحت آمالهم معلقة على دولة أمريكا راعية السالم‪ ،‬وكيف‬
‫!يرعى السالم أكبر دولة إرهابية عرفتها البشرية وثبت للعالم أجمع أنها ال توالي إال اليهود؟‬

‫أي سالم بعد آالف القتلى من األطفال والنساء بال ذنب؟ أي سالم بعد عشرات اآلالف من الجرحى‪ ،‬وكثير منهم معاق طوال حياته؟‬
‫أي سالم بعد هدم بيوت المسلمين فوق أهلها؟ أي سالم وسجونهم مكتظة من الرجال والنساء وحتى األطفال؟ أي سالم وهم يتوغلون‬
‫ليل نهار في مدننا ومخيماتنا ويدنسون مقدساتنا؟ أي مبادرة سالم وذل نبيع فيه أرضنا المباركة وقدسنا المعظم؟ صدق رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم حيث يقول‪« :‬إذا تبايعتم بالِع ينة‪ ،‬وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد؛ سلط هللا عليكم ذال ال‬
‫‪.‬ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» أخرجه أبو داود‬
‫يا أمة اإلسالم ويا أمة الجهاد‪ ،‬إذا اتقينا هللا واتبعنا القرآن وأخذنا بأسباب النصر فسيجعل هللا لنا مخرجا‪ ،‬وسينصرنا على أعدائنا‪،‬‬
‫ومن أعظم أسباب النصر‪ :‬تحقيق اإليمان وتقوى هللا والتوحد وترك التنازع والتفرق وإعداد ما نستطيع من العدة للجهاد في سبيل هللا‬
‫‪.‬والتضحية باألموال واألنفس وغير ذلك من أسباب النصر التي بينها هللا في كتابه الكريم‬

‫وإن من أعظم أسباب نصر هللا لنا أن ننصر دينه باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال هللا عز وجل‪َ ﴿ :‬ي ا َأُّيَه ا اَّلِذيَن آَم ُنوا ِإْن‬
‫‪َ.‬ت ْن ُصُروا َهَّللا َي ْن ُصْر ُك ْم َو ُيَث ِّب ْت َأْق َد اَم ُك ْم ﴾ [محمد‪]7 :‬‬

‫وإن هللا ناصر دينه وعباده المؤمنين‪ ،‬كما قال تبارك وتعالى‪َ ﴿ :‬كَت َب ُهَّللا َأَلْغ ِلَبَّن َأَن ا َو ُرُسِلي ِإَّن َهَّللا َق ِو ٌّي َع ِز يٌز ﴾‪ ،‬وقال‪ِ ﴿ :‬إَّنا َلَن ْن ُصُر‬
‫ُرُس َلَن ا َو اَّلِذيَن آَم ُنوا ِفي اْلَح َياِة الُّد ْن َي ا َو َي ْو َم َي ُقوُم اَأْلْش َه اُد ﴾ [غافر‪ ،]51 :‬وقال هللا ‪ -‬ومن أصدق من هللا قيال ‪ُ ﴿ :-‬قْل ِلَّلِذيَن َكَف ُروا‬
‫َس ُتْغ َلُبوَن َو ُتْح َش ُروَن ِإَلى َج َه َّن َم َو ِبْئ َس اْلِمَه اُد ﴾‪ ،‬وقال سبحانه‪ِ ﴿ :‬إَّن اَّلِذيَن َكَف ُروا ُيْن ِفُقوَن َأْم َو اَلُهْم ِلَي ُصُّدوا َع ْن َس ِبيِل ِهَّللا َفَس ُيْن ِفُقوَن َه ا َّم‬
‫ُث‬
‫‪َ.‬ت ُك وُن َع َلْي ِه ْم َح ْس َر ًة ُثَّم ُيْغ َلُبوَن َو اَّلِذيَن َكَف ُروا ِإَلى َج َه َّن َم ُيْح َش ُروَن ﴾ [األنفال‪]36 :‬‬

‫فالمستقبل لإلسالم ولو كره الكافرون‪ ،‬فعن أبي بن كعب رضي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬بِّش ر هذه األمة‬
‫بالَّس ناء‪ ،‬والنصر‪ ،‬والتمكين‪ ،‬فمن عمل منهم عمل اآلخرة للدنيا‪ ،‬لم يكن له في اآلخرة نصيب» أخرجه أحمد (‪ )21223‬وصححه‬
‫‪.‬األلباني في صحيح الجامع الصغير (‪)2825‬‬

‫وإن هللا قادر على نصر المسلمين بال جهاد وال عمل باألسباب كما قال هللا تعالى‪َ ﴿ :‬ذ ِلَك َو َلْو َي َش اُء ُهَّللا اَل ْن َت َص َر ِم ْن ُهْم َو َلِكْن ِلَي ْب ُلَو‬
‫َب ْع َض ُك ْم ِبَب ْع ٍض ﴾ [محمد‪ ،]4 :‬ولكن جعل هللا بحكمته للنصر أسبابا‪ ،‬وأمر المسلمين أن يعملوا بها لينصرهم‪ ،‬فقد جعل هللا لكل شيء‬
‫‪ ﴾.‬سببا ﴿ َو اْلَع اِقَب ُة ِلْلُم َّت ِقيَن‬

‫‪:‬أيها المسلمون‬

‫القدس أغلى وأثمن وأكبر من أن ُتترك لمفاوضات استسالم‪ ،‬قضيتنا في القدس ال تنفصل عن اإلسالم‪ ،‬فليست أرضًا فلسطينية أو‬
‫‪.‬عربية فحسب‪ ،‬بل إنها قبل ذلك وبعده أرض المسلمين جميعًا‬

‫وليستيقن الجاهلون أنهم لن يروا نصرًا ولن يحفظوا أرضًا ما داموا مصرين على األلقاب الضالة‪ ،‬ومناهج اإللحاد الصارفة‪ ،‬وسالم‬
‫الشجعان الهزيل‪ ،‬إن هذا الركام كله نبُت الشيطان‪ ،‬وغرس الكفار‪ ،‬وهذا هو الذي يحجب نصر هللا ويمد في حبال اليهود وحمايتهم‪،‬‬
‫يجب أن نعلم أن الكفاح مع تراكم العقبات وكثرة التضحيات أعُّز وأجمُّل من القعود والتخلف من أجل راحة ذليلة ونسب أرض‬
‫‪.‬ضئيلة ال تليق بهمم الرجال‬

‫َك اَن آَب اُؤ ُك ْم َو َأْب َن اُؤ ُك ْم َو ِإْخ َو اُنُك ْم َو َأْز َو اُج ُك ْم َو َعِش يَر ُتُك ْم َو َأْم َو اٌل اْق َت َر ْفُتُموَه ا َو ِتَج اَر ٌة َت ْخ َش ْو َن َك َس اَد َه ا َو َمَس اِكُن َت ْر َض ْو َن َه ا َأَح َّب ﴿‬ ‫ُقْل ِإْن‬
‫ِمَن ِهَّللا َو َر ُسوِلِه َو ِج َه اٍد ِفي َس ِبيِلِه َفَت َر َّبُصوا َح َّت ى َي ْأِتَي ُهَّللا ِبَأْم ِر ِه َو ُهَّللا اَل َي ْهِدي اْلَق ْو َم اْلَفاِس ِقيَن ﴾ [التوبة‪]24 :‬‬ ‫‪ِ.‬إَلْي ُك ْم‬

‫َي ا َأُّيَه ا اَّلِذيَن آَم ُنوا َم ا َلُك ْم ِإَذ ا ِقيَل َلُك ُم اْن ِفُروا ِفي َس ِبيِل ِهَّللا اَّث اَق ْلُتْم ِإَلى اَأْلْر ِض َأَر ِض يُتْم ِباْلَح َياِة الُّد ْن َي ا ِمَن اآْل ِخَر ِة َفَم ا َم َت اُع اْلَح َياِة الُّد ْن َي ا ﴿‬
‫ِفي اآْل ِخَر ِة ِإاَّل َقِليٌل * ِإاَّل َت ْن ِفُروا ُيَع ِّذ ْب ُك ْم َع َذ اًبا َأِليًما َو َي ْس َت ْبِدْل َق ْو ًما َغ ْي َر ُك ْم َو اَل َت ُضُّر وُه َش ْي ًئ ا َو ُهَّللا َع َلى ُك ِّل َش ْي ٍء َق ِد يٌر ﴾ [التوبة‪،38 :‬‬
‫‪]39.‬‬

‫‪.‬اْن ِفُروا ِخ َفاًفا َو ِثَقااًل َو َج اِهُدوا ِبَأْم َو اِلُك ْم َو َأْنُفِس ُك ْم ِفي َس ِبيِل ِهَّللا َذ ِلُك ْم َخ ْيٌر َلُك ْم ِإْن ُكْنُتْم َت ْع َلُموَن ﴾ [التوبة‪﴿ ]41 :‬‬
‫!هللا يخبرنا أن الجهاد خير لألمة في دينها ودنياها ومن أصدق من هللا قيال؟‬

‫الجهاد ماض إلى يوم القيامة وهو فرض على هذه األمة‪ ،‬جهاد الدفع عند ضعفها وجهاد الغزو عند قوتها‪ ،‬فما بال أقوام ينكرون هذه‬
‫الفريضة وهللا يقول في كتابه الحكيم‪ُ ﴿ :‬ك ِتَب َع َلْي ُك ُم اْلِقَت اُل َو ُه َو ُك ْر ٌه َلُك ْم َو َعَس ى َأْن َت ْك َر ُهوا َش ْي ًئ ا َو ُه َو َخ ْيٌر َلُك ْم َو َعَس ى َأْن ُتِحُّبوا َش ْي ًئ ا‬
‫‪َ ﴾.‬و ُه َو َش ٌّر َلُك ْم َو ُهَّللا َي ْع َلُم َو َأْنُتْم اَل َت ْع َلُموَن‬

‫وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪« :‬من مات ولم يغز‪ ،‬ولم يحدث نفسه بالغزو؛ مات على‬
‫‪.‬شعبة من نفاق» أخرجه أبو داود وصححه األلباني‬

‫‪.‬اللهم إنا نعوذ بك من الكفر والنفاق‪ ،‬ونعوذ بك أن نكره شيئا من دينك فتحبط أعمالنا ونحن ال نشعر‬

‫بالد الشام تشمل فلسطين وسوريا ولبنان واألردن وبعض جنوب تركيا كأنطاكية‪ ،‬وبالد الشام كلها أرض مباركة‪ ،‬وقد وردت ‪...‬‬
‫‪:‬في كتب السنة أحاديث صحيحة في فضائل الشام نذكر منها ما يلي‬

‫عن عبدهللا بن عمر رضي هَّللا عنهما قال‪ :‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‪« :‬اللهم بارك لنا في شامنا‪ ،‬اللهم بارك لنا في يمننا»‪1) .‬‬
‫‪».‬قالوا‪ :‬يا رسول هللا وفي نجدنا؟ قال في الثالثة‪« :‬هناك الزالزل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان‬

‫‪.‬أخرجه البخاري (‪)1037‬‬

‫َع ْن َع ْب ِدِهَّللا ْب ِن َع ْم رو بن العاص رضي هَّللا عنهما َق اَل ‪َ :‬ق اَل َر ُسوِل ِهَّللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬إني رأيت عموَد اْلِك َت اِب اْنُتِز َع ِمْن )‪2‬‬
‫‪َ».‬ت ْح ِت ِو َس اَد ِتي‪ ،‬فنظرُت َف ِإَذ ا ُه َو نوٌر ساطٌع ُعِمَد ِبِه ِإَلى الَّش اِم ‪َ ،‬أال ِإَّن اِإليَم اَن ‪ِ-‬إَذ ا َو َقَع ِت الفتن‪ -‬بالشام‬

‫أخرجه الحاكم (‪ )8554‬وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه األلباني في تخريج أحاديث فضائل الشام (‪ ،)3‬وجاء من حديث أبي‬
‫‪.‬الدرداء وعمر بن الخطاب وابن عمر رضي هللا عنهم‬

‫عن ابن َح والة رضي هَّللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َس َّلَم ‪ « :‬سيصير األمُر إلى أن تكونوا ُجنودًا ُم َج نَد ًة ‪ :‬جنٌد بالشام‪3) ،‬‬
‫وجنٌد باليمن‪ ،‬وجنٌد بالعراق»‪ .‬قال ابن َح َو الة‪ِ :‬خْر لي يا رسول هللا! إن أدركت ذلك؟ فقال‪ « :‬عليك بالشام؛ فإنها خيرُة هللا ِمْن‬
‫‪ ».‬أرضه‪َ ،‬ي ْج َت ِبي إليها ِخيرَت ُه من عباده‪ .‬فإن هللا توكل لي بالشام وأهله‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )17005‬وأبو داود (‪ )2483‬وصححه األلباني في صحيح الجامع الصغير (‪)3659‬‬

‫ُقَّر َة َع ْن أبيه َر ِض َي ُهَّللا َع ْن ُه َق اَل ‪َ :‬ق اَل َر ُسوِل ِهَّللا ‪َ-‬ص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه وسلم‪ِ « :-‬إَذ ا فسَد أهُل الشاِم َف ال خيَر ِفيُك ْم ‪ ،‬ال )‪4‬‬ ‫َع ْن ُم َع اِو َي َة ْب ِن‬
‫من ُأمتي منصورين‪ ،‬ال يضُّر هم َم ْن َخ َذ َلهم َح َّت ى تقوَم الساعُة‬ ‫‪ ».‬تزاُل طائفٌة‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )20361‬والترمذي (‪ )2192‬وصححه‪ ،‬وصححه األلباني في الصحيحة (‪)403‬‬

‫عن أبي الدرداء رضي هَّللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪ « :‬إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب )‪5‬‬
‫‪ ».‬مدينة يقال لها‪ :‬دمشق‪ ،‬من خير مدائن الشام‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )21725‬وأبو داود (‪ )4298‬وصححه األلباني في صحيح الترغيب والترهيب (‪)3097‬‬
‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه أنه سمع َر ُسوِل ِهَّللا صلى هللا عليه وسلم يقول‪ « :‬إذا وقعت المالِح ُم بعث هللا من دمشَق بعًث ا من )‪6‬‬
‫‪».‬الموالي‪ ،‬أكرَم العرب فرًس ا‪ ،‬وأجودهم سالًح ا‪ ،‬يؤيُد هللا بهم الدين‬

‫‪.‬أخرجه ابن ماجه (‪ )4090‬والحاكم (‪ )8646‬واللفظ له وصححه ووافقه الذهبي وحسنه األلباني في السلسلة الصحيحة (‪)2777‬‬

‫عن النواس بن السمعان رضي هَّللا عنه قال‪ :‬ذكر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم الدجال‪ ،‬فقال‪« :‬إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه )‪7‬‬
‫دونكم‪ ،‬وإن يخرج ولست فيكم‪ ،‬فامرؤ حجيج نفسه‪ ،‬وهللا خليفتي على كل مسلم‪ ،‬فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف‪،‬‬
‫فإنها جواركم من فتنته»‪ ،‬قلنا‪ :‬وما لبثه في األرض؟ قال‪« :‬أربعون يوما‪ :‬يوم كسنة‪ ،‬ويوم كشهر‪ ،‬ويوم كجمعة‪ ،‬وسائر أيامه‬
‫كأيامكم»‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬هذا اليوم الذي كسنة‪ ،‬أتكفينا فيه صالة يوم وليلة؟ قال‪« :‬ال‪ ،‬اقدروا له قدره‪ ،‬ثم ينزل عيسى ابن مريم‬
‫‪».‬عند المنارة البيضاء شرقي دمشق‪ ،‬فيدركه عند باب لد‪ ،‬فيقتله‬

‫‪.‬أخرجه مسلم (‪)2937‬‬

‫عن معاوية رضي هَّللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ « :‬ال تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر هللا ال يضرهم من خذلهم أو )‪8‬‬
‫‪».‬خالفهم حتى يأتي أمر هللا وهو ظاهرون على الناس‬

‫أخرجه البخاري (‪ )3641‬ومسلم (‪ )1037‬وزاد البخاري في روايته وأحمد (‪ :)16932‬فقام مالك بن يخامر السكسكي فقال‪:‬‬
‫‪.‬سمعت معاذ بن جبل يقول‪ :‬وهم بالشام‬

‫عن سلمة بن نفيل رضي هَّللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪ «:‬ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس يرفع هللا )‪9‬‬
‫‪ ».‬قلوب أقوام يقاتلونهم‪ ،‬ويرزقهم هللا منهم حتى يأتي أمر هللا عز وجل وهم على ذلك‪ ،‬أال إن عقر دار المؤمنين الشام‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )16965‬وحسنه األلباني في السسلة الصحيحة (‪)1961‬‬

‫َع ْن َس اِلِم ْب ِن َع ْب ِدِهَّللا َع ْن َأِبيِه َر ِض َي ُهَّللا َع ْن ُه َق اَل ‪َ :‬ق اَل َر ُسوُل ِهَّللا َص َّلى هللا عليه وسلم‪َ« :‬س َت ْخ ُرُج َن اٌر ِفي آِخ ِر الَّز َم اِن من )‪10‬‬
‫‪َ».‬ح ْض َر َم ْو ت تحشُر الناس‪ ،‬قلنا‪ :‬فماذا تأمرنا يا رسول هللا؟ قال‪ :‬عليكم بالشام‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )4536‬والترمذي (‪ )2217‬وصححه األلباني في تخريج أحاديث فضائل الشام (‪)11‬‬

‫عن زيد بن ثابت رضي هَّللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬طوبى للشام» قلنا‪ :‬ألي ذلك يا رسول هللا؟ قال‪11) :‬‬
‫‪«».‬ألن مالئكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها‬

‫أخرجه أحمد (‪ )21606‬والترمذي (‪ )3954‬والحاكم (‪ )2900‬وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي‪ ،‬وصححه األلباني في‬
‫‪.‬سلسلة األحاديث الصحيحة (‪)503‬‬

‫عباد هللا إن األحداث الجارية اليوم في بالد الشام اليوم ليست كبقية األحداث‪ ،‬وإن القتل والدمار الذي يتعرض له المسلمون اليوم في‬
‫سوريا ليس كبقية العالم‪ ،‬إن هذه األحداث من عالمات الساعة وتؤذن بالفتن والباليا‪ ،‬واسمعوا هذا الحديث الصحيح عن ابن َح والة‬
‫رضي هَّللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا َص َّلى ُهَّللا َع َلْيِه َو َس َّلَم ‪ « :‬إذا رأيت الخالفة قد نزلت أرض المقَّدسة فقد دنت الزالزل والبالبل‬
‫‪».‬واألمور العظام‪ ،‬والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك‬

‫‪.‬أخرجه أحمد (‪ )22487‬وأبو داود (‪ )2535‬وصححه األلباني في صحيح أبي داود (‪)2286‬‬

‫‪:‬وأختم هذه الخطبة بهذا الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود في سننه (‪ )4294‬وأنقله لكم بإسناده‬
‫قال اإلمام أبو داود رحمه هللا‪ :‬حدثنا عباس العنبري حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول‬
‫عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪« :‬عمران بيت المقدس خراب‬
‫يثرب‪ ،‬وخراب يثرب خروج الملحمة‪ ،‬وخروج الملحمة فتح قسطنطينية‪ ،‬وفتح القسطنطينية خروج الدجال»‪ ،‬ثم ضرب بيده على‬
‫‪».‬فخذ معاذ ثم قال‪« :‬إن هذا لحق كما أنك قاعد‬

‫وهذا الحديث من أحاديث المالحم وعالمات الساعة‪ ،‬وهللا ورسوله أعلم بمراده‪ ،‬وال يعرف حقيقة معناه إال عند وقوعه‪ ،‬ولكن علينا‬
‫جميعا أن نتوب إلى هللا من ذنوبنا‪ ،‬وأن نحرص على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا‪ ،‬وأن نعرض عما يضرنا في ديننا ودنيانا‪ ،‬وأن نستعد‬
‫للقاء هللا بتقوى هللا فهي خير زاد‪ ،‬فما يدري أحدنا كم بقي من عمره وال ما بقي من عمر الدنيا‪ ،‬وعلينا أن نستعيذ باهلل من الفتن ما‬
‫ظهر منها وما بطن‪ ،‬ونسأل هللا أن ينصر أهل الحق ويجعلنا منهم‪ ،‬وأن يكفينا شر األشرار أهل الباطل والفساد‪ ،‬وأن يجنبنا اتباع‬
‫‪.‬األهواء المضلة والفتن المهلكة‬

‫اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين والمسلمين في بالد الشام‪ ،‬وفي مشارق األرض ومغاربها يا أرحم الراحمين‪ ،‬واجعل لهم فرجا‬
‫‪.‬ومخرجا‬

‫اللهم انصر المجاهدين في سبيلك‪ ،‬وألف بين قلوبهم‪ ،‬ووحد صفوفهم‪ ،‬ووفقهم التباع كتابك وسنة نبيك‪ ،‬ويسر لهم أسباب النصر وفتح‬
‫‪.‬بيت المقدس وإقامة شريعتك‬

‫‪.‬اللهم اجعلهم من الذين إن مكنتهم في األرض أقاموا الصالة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر‪ ،‬وهلل عاقبة األمور‬

You might also like