You are on page 1of 12

‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫الجه ِ‬
‫ي‬
‫اد ِّ‬ ‫الم ِ َ‬ ‫نُ ْخبَةُ ا ِإل ْع ِ‬
‫قِ ْس ُم َّ‬
‫الت ْف ِري ِغ َوالنَّ ْش ِر‬

‫تفريغ‬

‫السبيل إلحباط المؤامراتـ‬

‫حول العراق ودولة العراق اإلسالمية‬

‫لفضيلة الشيخ أسامة بن الدن‬


‫حفظه اهلل‬

‫الصادر عن مؤسسة السحاب لإلنتاج اإلعالمي‬


‫‪2007‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪1‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫إن الحم َد هلل نحمده و نستعينه و نستغفره ‪ ,‬و نعو ُذ باهلل من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ‪ ,‬من‬
‫يهده هللا فال ُمضل له و من يُضلل فال هادي له ‪ ,‬و أشه ُد أال إله إال هللا وحده ال شريك له و أشهد‬
‫أن محمداً عبده و رسوله ‪.‬‬

‫أما بعد ‪,‬‬

‫فإلى أمتي اإلسالمية الغالية عامة ‪ ,‬و إلى أهلنا الصابرين المرابطين في جبهات و ثغور العراق‬
‫خاصة ‪ ,‬إلى أهل ال ِعلم و الفضل ‪ ,‬و إلى قاد ِة الجماعات المجاهدة و أعضاء مجالس الشورى‪ B‬فيها‪,‬‬
‫و إلى شيوخ العشائر‪ B‬الحرَّة األبية ‪ ,‬و إلى إخواني المجاهدين ‪:‬‬

‫السالم عليكم و رحمة هللا و بركاته ‪.‬‬

‫حديثي هذا إليكم عن المؤامرات التي يحي ُكها التحالف الصهيوني الصليبي بقيادة أمريكا‪ B‬بالتعاون‬
‫مع وكالئها في المنطقة لسرقة ثمرة الجهاد المبارك في أرض الرافدين ‪ ,‬و ما الواجب علينا‬
‫إلفساد هذه المؤامرات ‪.‬‬
‫ال يخفى عليكم أن أمريكا ما فتئت تسعى بشتى السُّبل العسكرية و السياسية لتثبيت قواتها‪ B‬في‬
‫العراق ‪ ,‬و لما أيقنت بعجزها العسكري زادت من نشاطها‪ B‬السياسي و اإلعالمي لمخادعة‬
‫المسلمين ‪ ,‬و كان من كيدها السعي إلغواء العشائر بشراء ذممهم ‪ ,‬و تكوين مجالس الضرار‬
‫تحت مسمى‬
‫( الصحوات ) كما زعموا ‪ ,‬فامتنعت عن ذلك عشائ ُر كثيرةٌ حرة أبية ‪ ,‬أبت أن تبيع دينها أو‬
‫تُدنس شرفها‪ , B‬أرجو هللا أن يثبتهم على الحق و يجعلهم ُذخراً لنصرة اإلسالم و أن يبارك لهم في‬
‫أنفسهم و أهليهم و أموالهم فجزاهم‪ B‬هللا خيراً ‪.‬‬

‫بينما استجاب بعض ضعاف‪ B‬النفوس ‪ ,‬كان منهم الضال المضل عبد الستار أبو ريشة و بعض‬
‫ذويه ‪ ,‬فهؤالء خانوا الملة و األمة ‪ ,‬و َجرُّ وا‪ B‬على أنفسهم و من تبعهم الخزي و الفضيحة و العار ‪,‬‬
‫عار يتبعهم أبد الدهر ما لم يتوبوا ‪.‬‬
‫و إن َش َّر التجَّار ه ُم الذين يتاجرون بدينهم و دين أتباعهم فيبيعونه بدنيا زائلة ‪ ,‬و مع ذلك لم‬
‫يغن عنهم بوش و‬‫ينعموا فيها ‪ ,‬وقد عاجلهم أُ ْس ُد اإلسالم بالقتل جزاءاً لهم و ردعا ً ألمثالهم ‪ ,‬و لم ِ‬
‫جنوده شيئا ً ‪ ,‬فخسروا الدنيا و اآلخرة وذلك هو الخسران المبين ‪.‬‬
‫و إني أنص ُح من ساروا في طريق الغواية أن يغسلوا‪ B‬هذا الكفر و العار بتوب ٍة نصوح ‪ ,‬قال هللا‬
‫ُوا ِمن بَ ْع ِد َذلِكَ َوأَصْ لَح ْ‪B‬‬
‫ُوا فَإِ َّن هللا َغفُو ٌر ر ِ‬
‫َّحي ٌم ) ‪.‬‬ ‫تعالى ‪ ( :‬إ ِالَّ الَّ ِذينَ تَاب ْ‬

‫ق من زعماء العشائر محور‪ , B‬ومحو ٌر آخر تسعى أمريكا من خالله مع وكالئها في‬ ‫فتجني ُد من ناف َ‬
‫ت دول الخليج بدالً عن حكومة المالكي ‪،‬‬ ‫المنطق ِة من تشكيل حكومة جديدة موالي ٍة لها كحكوما ِ‬
‫تُس َّمى باسم حكومة الوحدة الوطنية أيضا ً ‪ ،‬وهذا االسم يستهوي كثيرا من الناس وخاصة الذين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعبوا من الحرب ‪ ،‬فيجب على المسلمين أن يعلموا حقيقة هذه الحكومة قبل الترحيب بها ‪،‬‬
‫فحكومةُ الوحدة الوطنية تعني أن يلتقي جميع أطياف الشعب على تعظيم الوطن تعظيماً‪ B‬يفوق‬
‫تعظيمهم ألي ُمق َّدس عندهم ‪ ،‬أي أن الوطن له الكلمة العليا فهو يعلو وال يُعلى عليه ‪ ،‬فيلتقي‬
‫الجميع في وسط الطريق‪ B‬ويرضون بأنصاف الحلول ‪ ،‬مما يعني أن يتخلى البعثيون وبقيةُ‬
‫األطراف األخرى عن بعض مبادئهم ‪ ,‬ويتخلى المسلمون أيضا ً عن بعض دينهم ‪ ،‬ومقتضى هذا‬
‫األمر أن يرضى‪ B‬المسلم بتحكيم‪ B‬ومشاركة التشريعات الوضعية للشريعة اإلسالمية في التحليل و‬
‫ك أكب ٌر مخر ٌج من الملة ُمخلِّ ٌد لصاحبه في النار ‪-‬نعوذ باهلل منها‪,-‬‬
‫التحريم ‪ ،‬هذه المشاركةُ هي شر ٌ‬
‫فباسم الوطن و الوطنية ناصرت دول الخليج أمريكا لتستبيح العراق ليعاني أهله ما يعانون من‬

‫‪2‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫ويالت ‪ ،‬كل ذلك حتى ال يشطب الوطن من الخريطة كما زعموا ‪ ،‬والحقيقةُ هي خوفهم‪ B‬من أن‬
‫يشطبوا هُم ال الوطن ‪ ,‬فهذا حليفهم السابق صدام قد ُش ِطب ولكن العراق لم يُشطب ‪.‬‬
‫وباسم الوطن و الوطنية يتم التمكين للصليبيين اليوم في أرض الرافدين أيضا ً ‪ ،‬بتنصيب حكوم ٍة‬
‫عميل ٍة ألمريكا تُوقِّع‪ B‬سلفا ً على الرضا بوجود القواعد األمريكية الكبرى فوق‪ B‬أرض العراق ‪،‬‬
‫وتعطي األمريكان ما شاؤوا من نفط العراق تحت قانون النفط لالستمرار في إخضاعه للهيمنة‬
‫المطلقة على بقية دول المنطقة ‪ ،‬ولكن مما يؤسف‪ B‬له أن يشارك في هذه الخيانة العظمى أحزاب‬
‫وجماعات تنتسب للعلم و الدعوة و الجهاد ‪ ,‬و هذا من تلبيس الحق بالباطل ‪ ،‬وقد‪ B‬شاهد الناس‬
‫بعض هذه الزعامات وهي تتعاون بشكل مباشر مع األمريكيين كما فعل زعيم الحزب الذي يسمى‬
‫باإلسالمي ‪ ،‬ودعا صراحةً إلبرام اتفاقيات أمني ٍة طويل ِة المدى مع أمريكا ‪ ،‬و رأى الناس أيضا ً‬
‫ت أخرى تتعاون بشكل غير مباشر وذلك عن طريق وكالء أمريكا في المنطقة وخاصةً‬ ‫زعاما ٍ‬
‫حاكم بالد الحرمين ‪ ،‬فال يمكن للرياض أن تستقبل وتدعم هذه الزعامات إال على شرط الرضا‬
‫بحكومة وحدة وطنية ‪ ،‬وللعقالء أن يعتبروا‪ B‬بما آلت إليه قيادة حماس ‪ ،‬حيث أضاعت دينها ولم‬
‫تَ ْسلَم لها دنياها ‪ ،‬عندما أطاعت حاكم الرياض وغيره بالدخول‪ B‬في دولة الوحدة الوطنية واحترام‬
‫المواثيق الدولية الظالمة ‪ ،‬فهال قام الصادقون في حماس ليصححوا‪ B‬مسارها ؟‬

‫وكما أغوى ُح َّكام الرياض قادةَ حماس فكذلك‪ B‬يسعون إلغواء الجماعات المجاهدة في العراق ‪،‬‬
‫فيغضوا‪ B‬طرفهم عن أعضاء بعض الجماعات لتتحرك في دول الخليج باطمئنان لتأخذ الدعم ولكن‬
‫ليس بشكل رسمي فهذا ما ترفضه الجماعات ‪ ،‬وإنما يتم تمرير الدعم باسم جمع التبرعات من‬
‫بعض العلماء و الدعاة غير الرسميين ‪ ,‬وكثير‪ B‬منهم في حقيقتهم رجال موالون للدولة يسعون في‬
‫تحقيق سياستها‪ B‬في العراق ‪ ،‬بسحب البساط من تحت أقدام المجاهدين الصادقين ‪ ،‬فمهمةُ هؤالء‬
‫العلماء و الدعاة إقناع قادة هذه الجماعات بنفس الشرط‪ B‬السابق وهو الرضا بحكومة وحدة‬
‫وطنية ‪ ،‬فضالً عن حثهم لبث الدعايات المغرضة ضد دولة العراق اإلسالمية وقتالها إن أمكن‬
‫وهذا من أسرار الحملة الشرسة عليها عسكريا ً وإعالميا ً ‪ ،‬وإن المرء ليعجب أشد العجب كيف‬
‫حاكم‬
‫ِ‬ ‫ضيعت هذه الزعامات األمانة التي في أعناقها وذهبت تضع يدها في يد أحد أَلَ ِّد أعدائها‬
‫الرياض ‪ ،‬وهو الذي ثبتت نصرته وتواطؤه مع أمريكا لغزو‪ B‬العراق ‪ ،‬وهل يخفى اليوم على‬
‫فتيان المسلمين فضالً عن علمائهم وشيوخهم‪ B‬وقادة المجاهدين أن هذا الحاكم هو كبير وكالء‬
‫أمريكا في المنطقة وقد أخذ على عاتقه مراودة وترويض كل ُح ٍّر عفيف أمين شريف‪ B‬بجره إلى‬
‫سبيل الغي و الغواية ؟ ذلك الطريق الذي ارتضاه لنفسه وهو في العقد التاسع من عمره ‪ ،‬طريق‪B‬‬
‫الخيانة للملة و األمة و الخضوع‪ B‬إلرادة التحالف الصليبي الصهيوني ‪ ,‬فبئس السبيل سبيلهم‪، B‬‬
‫ولكن أنى رجع العلماء و األمناء المرشدون‪ B‬إلى سبيل الرشد فهذا ما نتمناه ‪.‬‬

‫وإن أصحاب هذا المنهج يبررون تعاونهم‪ B‬مع أعداء األمة من حكام المنطقة وموكليهم‪ B‬بشدة‬
‫األهوال التي أصابت أهل اإلسالم على يد جيش الصدر وكذا فيالق الغدر بقيادة عبد العزيز‬
‫الحكيم ‪ ،‬و منتسبي حزب الدعوة داخل حكومة المالكي وخارجها‪ ، B‬فأقول إن جرائم هؤالء قد‬
‫تجاوزت كل الحدود وما يفعلونه بأهل اإلسالم ال يصدقه اإلنسان ولكنها حقائق على أرض الواقع‬
‫يذوقها‪ B‬إخواننا هناك في العراق ‪ ،‬وهؤالء القوم لهم أطماع وكذا أهداف في توسيع جرائمهم‪B‬‬
‫خارج العراق ‪ ،‬ومع هذا كله فإنه باإلمكان إيقاف جرائم هذه المليشيات ومدها بإذن هللا باإلعتماد‬
‫على هللا تعالى ثم بتوحيد جهود‪ B‬المجاهدين للقتال ضد الغزاة وأعوانهم هؤالء ‪ ،‬ودعم عامة‬
‫المسلمين للمجاهدين بكل ما يحتاجونه ‪ ،‬وقد حاز األمير أحمد الخاليلة أبو مصعب الزرقاوي‬
‫‪-‬عليه رحمة هللا ‪ -‬وإخوانه قصب السبق في رفع اللواء لفضح هؤالء المجرمين وقتالهم‪ B‬وإيقاف‬
‫مدهم ‪ ،‬وبدالً من أن تنصروهم‪ B‬خذلتموهم وثبطتم المجاهدين عن قتال هؤالء وقسمتم‪ B‬القتال إلى‬
‫قسمين ‪ ,‬فقتال األمريكان فقط مقاومة شريفة ‪ ،‬و أما قتال المليشيات المرتدة وأعضاء الجيش‬
‫والشرطة وهم أنصار أمريكا وأدواتها‪ B‬الحتالل العراق وقتل أحراره فهي عندكم مقاومة غير‬

‫‪3‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫شريفة تتبرؤون من أصحابها‪ , B‬فهذه تقسيمات ما أنزل هللا بها من سلطان ‪ ,‬وقد كان رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم يقاتل أبناء عمومته من قريش ‪ ،‬فالدين هو الذي يعصم الدم وليس العرق أو‬
‫ٌ‬
‫عشرات من أصحابكم‪ B‬من أولياء وعلماء السلطان‬ ‫الوطن ‪ ،‬وقد وافقكم في هذا المنهج المعوج‬
‫ً‬
‫غير الرسميين في بالد الحرمين وغيرها ‪ ,‬وهذا مما أعطى فرصة كبيرةً لهذه المليشيات أن‬
‫تتمادى في إهالك الحرث والنسل ‪.‬‬

‫اليبس‬
‫ِ‬ ‫ترجو النجاةَ ولم تسلك مسالكها *** إن السفينةَ ال تجري على‬

‫ثم إن كان حرصكم على دفع شر هؤالء هو الذي دفعكم‪ B‬لمواالة الكفار والحكومات المرتدة ‪ ،‬أَ َما‬
‫كان من الواجب عليكم أن تصارحوا‪ B‬إخوانكم الذين ائتمنوكم‪ B‬وأطاعوكم لتقيموا دولةً إسالمية ؟‬
‫أليس من الواجب أن تبلغوهم أنكم قد عجزتم عن األمر المتفق عليه ‪ ,‬ورضيتم‪ B‬بدولة وحدة‬
‫وطنية‪ ،‬وحقيقتها دولة وحدة وثنية ‪ ,‬الكلمة العليا فيها ليست هلل تعالى وإنما للوطن وكاهنه ‪ ,‬وإني‬
‫أدعو من زلت أقدامهم‪ B‬أن يتقوا هللا في أنفسهم وفي‪ B‬أمتهم وأال يضيعوا‪ B‬ثمرة هذه الدماء الزكية‬
‫الطاهرة التي أريقت من أجل قيام الدين والتمكين لدولة المسلمين ‪ ,‬وأن يرجعوا‪ B‬إلى الحق‬
‫فالرجوع‪ B‬إلى الحق خي ٌر من التمادي في الباطل ‪.‬‬

‫إخواني المجاهدين ‪ ,‬فما الواجب علينا إلفشال هذه المؤامرات الخطيرة التي ترمي إلى إجهاض‬
‫الجهاد في أرض العراق ‪ ,‬والحيلولة دون قيام دولة إسالمية على كامل أرض الرافدين تكون‬
‫نصرةً وعونا ً ألهل اإلسالم في كل مكان ‪ ,‬وتُفشل مخطط أمريكا في تقسيم العراق وتكون خط‬
‫الدفاع األول عن أمتنا ؟‬
‫أقول و أؤكد أن من أعظم الواجبات هو أن تتحد جهود‪ B‬جميع المجاهدين الصادقين مع بعضهم‬
‫البعض ‪ ،‬لتقف صفا ً واحداً تقاتل لتكون كلمة هللا هي العليا وتعمل جاهدةً إلفشال‪ B‬جميع‬
‫مؤامراتهم‪ , B‬ومن المفيد هنا أن أذكر محاولةً سابقةً لجمع كلمة لقادة المجاهدين األفغان فيها عبر‬
‫مهمة ذات صلة بموضوعنا‪ ، B‬قد قمنا بها مع الشيخ عبدهللا عزام ‪-‬رحمه هللا‪ -‬وبعد أشهر من‬
‫السعي لتحقيق الوحدة بينهم ‪ ،‬وإزالة العقبات التي كان يدعي بعضهم أنها تحول دون الوحدة ‪،‬‬
‫وبعد إزالتها يدعون عقبة أخرى ‪ ،‬وهكذا حتى توصلنا‪ B‬إلى نتيجة لخصها الشيخ عبدهللا ‪ -‬رحمه‬
‫هللا ‪ -‬بكلمات للتدليل على صعوبة المهمة وتعلق األمراء باإلمارة فقال ‪ " :‬هل يمكن أن يتنازل‬
‫حاكم الرياض عن حكمه لحاكم األردن أو العكس من أجل اجتماع األمة ووحدتها‪ B‬؟ " ‪ ,‬فكانت‬
‫إجابة اإلخوة ‪ :‬ال يمكن ‪ ,‬فقال ‪ " :‬كذلك لن يتنازل سياف لرباني أو لحكمتيار والعكس صحيح "‪.‬‬

‫ي سديد جداً في هذه القيادات وكان من كبار السن والقدر وهو‬ ‫ولقد كان ألحد المجاهدين رأ ٌ‬
‫صاحب تجربة طويلة في الحياة مع الناس ‪ ،‬وكنا وقتها‪ B‬ننفر من شدة قوله فيهم ‪ ،‬وسأحاول أن‬
‫أوصل بعض قوله إليكم وخالصته ‪ " :‬أن هؤالء القادة تُجار تهمهم زعامتهم ‪ ,‬ومصالحهم‪B‬‬
‫الشخصية مقدمة على القضية " ‪ ،‬وكنا ال نصدق كالمه فيهم‪ B‬مما أ َّخر إدراكنا للتصور الصحيح‬
‫لألشخاص واألحداث ‪ ،‬و ال يخفى ما يترتب على ذلك من مضار عظام ‪ ,‬ثم مع مرور األيام‬
‫ً‬
‫وتتابع الوقائع بدأت األمور تتضح وتصدق قوله في بعضهم‪ ، B‬بل جاءت األحداث لتؤكد أمورا ما‬
‫كنا نتوقعها أبداً لصغر سننا ولقلة تجربتنا‪ B‬في تلك األيام ‪ ،‬وأ ّما اليوم فكلكم قد علم أن تحالف‬
‫الشمال بقيادة رباني‪ B‬وسياف صاروا‪ B‬أعوانا ً ومناصرين ألمريكا ضد المجاهدين في أفغانستان ‪،‬‬
‫و كذلك الحال اليوم في العراق فالحزب اإلسالمي وبعض الجماعات المقاتلة تناصر أمريكا على‬
‫المسلمين ‪ ،‬وذلك كف ٌر بواح وردة صراح وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم ‪.‬‬

‫فيجب على أعضاء الحزب اإلسالمي وتلك الفصائل المقاتلة ‪ ,‬أن يتبرؤوا من قادتهم‪ B‬ويصححوا‪B‬‬
‫مسار أحزابهم وجماعاتهم‪ , B‬فإن تعذر ذلك فليعتزلوا هذه القيادات المنافقة ‪ ،‬وليلتحقوا بالمجاهدين‬

‫‪4‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫الصادقين بأرض الرافدين ‪ ,‬ولقد بذلت أمريكا جهوداً كبيرة من قبل إلقناع قادة األفغان بواسطة‬
‫حكومتي الرياض وإسالم آباد للدخول في حكومة وحدة وطنية ‪ ،‬أي مع الشيوعين والعلمانيين‪B‬‬
‫الذين جاؤوا من الغرب ‪ ,‬واستعانت‪ B‬الرياض ببعض رجالها من العلماء غير الرسميين ‪ ،‬حتى‬
‫يتيسر لهم اختراق صفوف المجاهدين ‪ ,‬وهؤالء كانوا من الخطباء المؤثرين المحرضين للناس‬
‫على الجهاد ‪ ،‬ويحضرون األموال الطائلة لقادة المجاهدين ‪ ،‬و في الوقت المحدد طلبوا من قادة‬
‫األفغان أن يتحدوا مع الشيوعيين والعلمانيين ‪ ،‬تحت مسمى دولة الوحدة الوطنية وعندها ظهروا‬
‫على حقيقتهم بأنهم علماء سوء ورجال‪ B‬الطاغوت ‪ ,‬فقاموا بتعطيل مشروع‪ B‬الوحدة بين قادة‬
‫المجاهدين وذلك عندما أغروا أحدهم بأموا ٍل طائلة ‪ ,‬ووعدوه أن يدعموه ليكون رئيسا ً ألفغانستان‬
‫ثم لم يفوا له بما وعدوه ‪ ،‬ولكنه من أجل هذا الوعد لكرسي الرئاسة ماطلنا في أمر الوحدة كثيراً‬
‫كما اتضح لنا في نهاية المطاف أنه كان قد رهن قراره عند رئيس استخبارات الرياض الذي جاء‬
‫بنفسه إلى بيشاور‪ B‬لمتابعة األمر بالتعاون مع االستخبارات الباكستانية ‪ ،‬وكان رسوله إلى هذا‬
‫القائد عال ِميَن غير معروفين من العلماء غير الرسميين مع العلم أن معظم القادة قد وافق‪ B‬على ذلك‬
‫نتيجة لضغوط‪ B‬الرياض وإسالم آباد ‪ ،‬وعندها بُذلت جهود‪ B‬إلفساد هذا األمر والمقام ال يتسع‬
‫للتفصيل ‪.‬‬

‫وما أشبه الليلة بالبارحة فإن حكومة الرياض ما زالت إلى اليوم تقوم بنفس أدوارها الخبيثة مع‬
‫كثير من زعماء العمل اإلسالمي وقادة المجاهدين في أمتنا فحسبنا هللا عليهم ‪ ،‬ولقد كان من‬
‫أسباب فشل محاوالت جمع كلمة قادة األفغان ‪ ،‬أن قرار‪ B‬الوحدة كان بأيديهم‪ B‬ويصعب على كثير‬
‫من الناس أن يُقَدِّروا‪ B‬مصلحة الجهاد و األمة إذا كانوا هم طرفا ً في تلك المعادلة ‪ ،‬فتتلبس على‬
‫القائد أو األمير األمور العامة بالخاصة ‪ ،‬ويعتقد أنه هو وحزبه أفضل من يقود عموم المجاهدين‬
‫لنصرة الدين ‪ ،‬ومن هنا يزداد تمسكه باإلمارة وتتضخم‪ B‬عنده أخطاء غيره من القادة واألحزاب ‪،‬‬
‫وال يرى أخطاء نفسه وحزبه ‪ ,‬فبمثل هذه الحالة يكون هو المدعَى عليه ‪ ،‬وفي نفس الوقت هو‬
‫القاضي فال يستطيع أن يحكم على نفسه بوجوب‪ B‬اعتزال اإلمارة والتنازل لصالح أمير آخر قد‬
‫يجتمع عليه معظم المسلمين ‪ ،‬وحالهم في هذه المصيبة كحال الملوك والرؤساء في بالدنا وعند‬
‫التدبر في اعتراضاتهم وأعذارهم يتبين أنها ال تنهض لتأخير اجتماع الكلمة ‪ ,‬وإن معظمها تدور‪B‬‬
‫حول أمور تحسينية لإلمارة لكن إصرارهم‪ B‬على ذلك أدى إلى ضياع الضروريات وأهمها الدين‬
‫والنفس والعرض فظهر‪ B‬الكفر في كابل وساد الفساد وقطعت الطرق‪ B‬وسفكت الدماء وانتهكت‬
‫األعراض ونهبت األموال وذهبت ريح المجاهدين وكانت الكلمة العليا حقيقة في كابل للرئيس‬
‫السابق نجيب بينما قادة األحزاب يوهمون أعضاء أحزابهم أنهم هم حكام كابل وأنهم‪ B‬سيقيمون‬
‫شريعة اإلسالم ‪ ,‬وبقي كثير من أعضاء أحزابهم يتقبلون هذه األكاذيب ولكن عدداً من الصادقين‬
‫رفضوا‪ B‬أن يبيعوا دينهم‪ B‬بعرض من الدنيا قليل ورفضوا‪ B‬أن يعطلوا ما يميز األنام عن األنعام وأن‬
‫يساقوا كما يساق القطيع ‪.‬‬
‫فينبغي على كل أخ من األخوة المجاهدين أن يتدبر ويُعمل عقله وال يعطله وأن يفرق بين حُسن‬
‫الظن بالقادة وبين أن يكون َكيِّسا ً فطنا ً يزن األمور‪ B‬والرجال بميزان اإلسالم ويترفع عن أن يكون‬
‫إ َّم َعة يتبع القادة على غير بصيرة ‪ ,‬فالذين بقوا مع القادة كسياف ورباني‪ B‬في كابل يناصرونهم ضد‬
‫المسلمين بعد كل الذي حصل هؤالء قد ظاهروا‪ B‬الكفار على المسلمين وذلك ناقضٌ من نواقض‬
‫الدين وليس بعذر لهم حسن ظنهم بالقادة فيجب عليهم أن يفتشوا قلوبهم ويتبرؤوا‪ B‬من الشرك‬
‫وأهله ويدخلوا في اإلسالم من جديد ‪ ,‬فكم من الناس ضلوا عن سواء السبيل لتعصبهم‪ B‬لقادتهم‬
‫وكبرائهم‪ B‬بغير هدى وليتدبروا قول هللا تعالى ‪َ ( :‬ربَّنَا إِنَّا أَطَ ْعنَا َسا َدتَنَا َو ُكبَ َراءنَا فَأ َ َ‬
‫ضلُّونَا ال َّسبِياَل )‬
‫العبَر أال ينخدع اإلخوة بأسماء األحزاب أو بقادتها فهذا سياف كان أبرز قادة المجاهدين‬ ‫ومن ِ‬
‫وكان ِملء السمع والبصر واسم حزبه االتحاد اإلسالمي‪ B‬ثم أعان أمريكا على المسلمين وذلك كف ُر‬
‫بواح ‪ ,‬وهذا رباني وحزبه الجمعية اإلسالمية وحاله كذلك ‪ ,‬وهذا أحمد شاه مسعود الذي ذهب‬
‫عند الصليبيين في أوروبا يعرض نفسه على المأل ليكون أداة إلسقاط إمارة أفغانستان اإلسالمية‬

‫‪5‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫ثم يزعم بعض المضلين أنه شهيد ‪ ,‬ولئن ز َّل بعض قادة األفغان فإنه بفضل هللا قد ثبت البعض‬
‫اآلخر فكانوا صادقين مخلصين ‪-‬نحسبهم‪ B‬وهللا حسيبهم‪ -‬منهم الشيخ يونس خالص ‪-‬عليه رحمة‬
‫هللا‪ -‬والشيخ جالل الدين حقاني ‪-‬حفظه هللا‪ -‬وكالهما قد أفتى بوجوب الجهاد ضد الغزو األمريكي‪B‬‬
‫ألفغانستان وساهما‪ B‬فيه ‪ ,‬كما رأت الدنيا بأسرها صدق‪ B‬وثبات األمير المجاهد المال محمد عمر في‬
‫قتال تحالف الكفر العالمي وعدم الرضوخ‪ B‬والخضوع لهم بتضييع أمانته وذلك برفضه التخلي عن‬
‫الشريعة أو تسليم من دخلوا في جواره من العرب المهاجرين ألنهم إخوانه في الدين فلو ذهبت‬
‫اإلمارة وكرسيها فمواقف عظيمة تنبئ عن رجال عظام ‪-‬نحسبهم وهللا حسيبهم وال أزكي على هللا‬
‫أحداً‪ -‬ففرق هائل بين موقف‪ B‬الحاكم المسلم وبين مواقف الحكام المنافقين الذين تعاونوا مع أمريكا‪B‬‬
‫في الحرب العالمية ضد اإلسالم ‪ ,‬فاألول ضحَّى بملكه من أجل دينه واآلخرون يضحون بدينهم‪B‬‬
‫من أجل ُملكهم فالفرق‪ B‬بينهم هو الفرق بين اإليمان والكفر فشتان شتان بين مواقف المؤمنين‬
‫الرجال وبين مواقف المنافقين أشباه الرجال ‪ ,‬وقد يقول بعض الناس عن بعض قادة الجهاد في‬
‫أفغانستان الذين زلت أقدامهم‪ B‬كانت لهم سابقة فقد رفعوا‪ B‬راية الجهاد مبكراً ضد الروس فينبغي أن‬
‫تقال عثراتهم ‪ ,‬فأقول ‪ :‬يجب التفريق بين العثرة التي ينبغي إقالتها لذوي الهيئات وبين ارتكاب‬
‫الحدود التي يجب أن تقام وال يُستثنى‪ B‬منها أحد فالمرأة التي سرقت في عهد الرسول صلى هللا‬
‫عليه وسلم لها سابقة في اإلسالم والهجرة ومع ذلك أقيم الحد عليها لتجنيب األمة طريق الهالك‬
‫فتدبر ‪.‬‬
‫فذكري لهؤالء القادة إنما هو من هذا الباب فقد ارتكبوا‪ B‬ناقضا ً من نواقض اإلسالم وهو مظاهرة‬
‫الكفار على المسلمين ‪ ,‬ومنهج محاباة السادة والكبراء منهج متنشر بين كثير من المسلمين ومن‬
‫هنا كان ضالل أصحاب هذا المنهج عن الصراط المستقيم وقد قيل ‪:‬‬

‫حين *** إذا كان البنـاء على فسا ِد‬


‫وإن الجرح ينفر بعد ٍ‬

‫فينبغي الحذر من ذلك ‪ ,‬فإقامة الحد واجب شرعي يتم به تطهير‪ B‬المرتكب له وتزكية المجتمع‬
‫المسلم وإال فذاك طريق‪ B‬الهالك كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " : B‬إنما أهلك من كان‬
‫قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف‪ B‬تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف‪ B‬أقاموا عليه الحد وأيم هللا لو أن‬
‫فاطمة بنت محمد سرقت‪ B‬لقطعت يدها " ‪.‬‬

‫خالصة القول في هذا األمر يجب على األخوة المجاهدين والسيما في مجالس الشورى أال‬
‫يستسلموا ألعذار أمراء الجماعات لتعطيل الوحدة واالجتماع فقد يكون عندهم أعذار حقيقية‬
‫ولكنها ال تنهض بحال للحيلولة دون الوحدة واالعتصام بحبل هللا ‪ ,‬فال يستقيم عند أولي األلباب‬
‫والنُّهى أن يصر المرء على التمسك بالفرع وإن أدى هذا إلى ضياع األصل وعندها يضيع‬
‫الجميع ‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا ‪ " :‬متى ترك الناس بعض ما أمرهم هللا به وقعت بينهم‬
‫العداوة والبغضاء وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا‪ B‬فإن الجماعة رحمة‬
‫والفرقة عذاب "‪ .‬انتهى كالمه ‪.‬‬

‫فكيف وأنتم ترون أحزاب أو فصائل و هيئات فيها شيوخ كبار تنتمي إلى أمتنا تفتن وتتساقط‪ B‬عند‬
‫أبواب سالطين نجد ومن أسباب ذلك تأخر الوحدة ‪ ,‬قد تكون عند بعض األمراء شهوة خفية في‬
‫الحرص على اإلمارة هي المانع الحقيقي فال ينبغي أن نتعصب للرجال أو األحزاب أو الجماعات‬
‫ولكن نتعصب للحق فمن تمسك به أعناه وإن أمرنا أطعناه ومن حاد عن الجادة قومناه ‪ ،‬وأمرناه‬
‫أن يكون للحق تَبَع فالحق أحق أن يُتبع ومن كان مقتديا ً فليقتدي‪ B‬بمن مات من القدوات فإن الحي ال‬
‫تؤمن عليه الفتنة ‪ ,‬واعرف الحق تعرف أهله فالحق اليعرف‪ B‬بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق‬
‫‪ ,‬وهنا ينبغي ذكر أهل الفضل السابقين في باب الوحدة واالجتماع‪ B‬بما هم أه ٌل له فلقد سر‬

‫‪6‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫المسلمين تسابق عدد من أمراء الجماعات المقاتلة في سبيل هللا مع عدد مع شيوخ العشائر‬
‫المرابطة المجاهدة لتوحيد الكلمة تحت كلمة التوحيد فبايعوا‪ B‬الشيخ الفاضل أبا عمر البغدادي أمير‬
‫على دولة العراق اإلسالمية ‪ .‬إن تنازل هؤالء األمراء عن اإلمارة لالعتصام بحبل هللا جميعا ً هو‬
‫مؤشر على صدقهم‪ B‬وعدلهم وإنصافهم وتجردهم‪ B‬من حظوظ أنفسهم وحرصهم‪ B‬على مصلحة‬
‫المسلمين ‪-‬نحسبهم كذلك وهللا حسبيهم‪ -‬فجزاهم‪ B‬هللا خير الجزاء ‪ ,‬واجتماعهم هذا خطوة عظيمة‬
‫مباركة نحو توحيد باقي‪ B‬الجهود في تكوين جماعة المسلمين الكبرى فقد سمع المسلمون بأن بعض‬
‫األخوة من األمراء والعلماء في بعض الجماعات المجاهدة قد وجدوا‪ B‬في أنفسهم إذ أبرم األمر ولم‬
‫يحضروه وقضي‪ B‬ولم يشهدوه فأقول إن َوجْ َد هؤالء الحرج فيه ‪ ,‬و إن لم يغضبوا‪ B‬فذاك السبيل‬
‫بسبب األوضاع‪ B‬األمنية الصعبة مما يُعسِّر الحركة واالتصال‪ B‬بين اإلخوة مع العلم إن إخوانكم قد‬
‫ذكروا أنهم راسلوكم‪ B‬وانتظروكم لمدة تقرب من شهرين حتى اليبرم‪ B‬األمر إال بحضوركم‪ B‬فما‬
‫تيسر مجيئكم ‪ ,‬وإن بعض خيار الصحابة قد وجدوا‪ B‬في أنفسهم عندما قضي األمر يوم سقيفة بني‬
‫ساعدة دون مشاورتهم رضي هللا عنهم ‪.‬‬

‫إال أني أذكر في المقابل بأن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ومن معهم ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬لم يكن دافعهم‪B‬‬
‫الرغبة في أن يستأثروا‪ B‬باألمر أو االفتئات على المعنيين به ‪ ,‬بل كان هناك من الظروف و‬
‫المالبسات التي ال تخفى والتي دفعتهم إلى أن يتعجلوا باألمر قبل مشاورة بقية المعنيين به‬
‫‪-‬رضي‪ B‬هللا عنهم أجمعين‪ -‬خشية الفتنة وتفريق‪ B‬الكلمة ‪ ,‬ثم إن الذين وجدوا في أنفسهم لم يلبثوا أن‬
‫بايعوا أبابكر بعد مدة ولم تنقض البيعة فتدبر‪. B‬‬

‫والمقصود والمطلوب شرعا ً اعتصام المسلمين بحبل هللا واجتماعهم تحت أمير واحد إلقامة دين‬
‫هللا ونصرته ‪ ,‬ومعلوم‪ B‬أن هذا األمر يجب المسارعة في إقامته فهو واجب من أعظم الواجبات في‬
‫وا بِ َحب ِْل هّللا ِ َج ِميعا ً َوالَ تَفَ َّرقُ ْ‬
‫وا ) ‪ ,‬وما أكثر أسماء‬ ‫ص ُم ْ‪B‬‬
‫دين هللا تعالى ‪ ,‬قال هللا عز وجل ‪َ ( :‬وا ْعتَ ِ‬
‫الدول المنتسبة إلى اإلسالم وال يخفى على أولي األلباب أنها جميعا ً فاقدة لشروط هي من أهم‬
‫شروط قيام‪ B‬الدولة المسلمة ‪ ,‬و أولها أنها ال تقيم شرع هللا ناهيك على أن معظمها منقوصة السيادة‬
‫‪ ,‬وجميعها بدون استثناء قد تعاونت بشكل أو بآخر مع أمريكا‪ B‬في الحرب العالمية على اإلسالم‬
‫وذلك ناقض من نواقض اإلسالم ‪ ,‬ومع ذلك فكثير من الناس يتعاملون معها على أنها دول‬
‫إسالمية ذات سيادة ‪ ,‬وتعاملهم هذا اليصح شرعا ً لما سبق ذكره ‪.‬‬

‫ثم إني أقول ‪ :‬إن الذين وجدوا‪ B‬في أنفسهم بسبب عدم مشاورتهم إن كان لهم همة ورغبة في‬
‫توحيد كلمة المسلمين ف َوجْ ُدهُم الحرج فيه كما سبق ذكره ‪ ,‬و أما إن كانوا يصرحون بأن الوقت‬
‫غير مناسب ويأخرون حكم هللا تعالى وحكم رسوله صلى هللا عليه وسلم بآرائهم طيلة هذه‬
‫السنوات فهؤالء وجدهم غير مبرر وما ينبغي انتظارهم‪ B‬وتعطيل أمور الدين ‪ ,‬ولكن لما نشأ الناس‬
‫وعاشوا بعيداً عن ظل الدولة المسلمة تبلد حس الكثير منهم ولم يعودوا يشعرون بحرج كبير‬
‫صح األخوة في ذلك ‪ ,‬ورغم أهمية الشورى‪ B‬في اإلمارة والنصوص‬ ‫لتأخير قيامها ‪ ,‬فينبغي‪ B‬أن ينا َ‬
‫في ذلك واضحة بينة وقول عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬في ذلك ال يخفى إال أن أمر اجتماع الكلمة على‬
‫األمير ُمق َّدم عليها إذا تعذر استيفاؤها من جميع المعنيين بها كما لو تكررت ظروف‪ B‬شبيهة‬
‫بظروف‪ B‬السقيفة ‪ ,‬ولو أن اإلمارة ال تتم في مثل ذلك الحال إال بعد مشاورة جميع من يعنيهم األمر‬
‫لما أقدم عمر على مبايعة أبي بكر دون استيفاء المشاورة ‪ ,‬ولما قبل أبو بكر أن يبسط يده لقبول‬
‫البيعة ‪ ,‬ولما أقدم جُلُّ الصحابة على مبايعته رضي هللا عنهم أجمعين ‪.‬‬

‫ولو أن التمكين المطلق شرط لقيام اإلمارة اإلسالمية في هذا الزمان لما قامت لإلسالم دولة ألن‬
‫الجميع يعلم أنه مع التفوق العسكري الهائل للخصوم‪ B‬وأنهم يستطيعون أن يغزو أي دولة ويسقطوا‪B‬‬
‫حكومتها وهذا ما رأيناه في أفغانستان وكما أسقطوا حكومة العراق البعثية‪ ,‬فسقوط الدولة ال‬

‫‪7‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫يعني نهاية المطاف واليعني سقوط جماعة المسلمين وإمامهم‪ , B‬وإنما يجب أن يستمر الجهاد ضد‬
‫الكفار كما هو الحال في أفغانستان والعراق والصومال‪ , B‬ومن تدبر كيف حا ُل دولة اإلسالم‬
‫األولى يوم أحد ويوم‪ B‬األحزاب إذ بلغت القلوب الحناجر واقتحمت القبائل وحاصرت المدينة‬
‫المنورة عاصمة اإلسالم األولى ‪ ,‬ومن رأى كيف كان حال المسلمين يوم أن ارتدت جزيرة‬
‫العرب إال قليالً بعد وفاة رسول‪ B‬هللا صلى هللا عليه وسلم ل َعلِ َم أن التمكين المطلق ليس شرطا‪ًB‬‬
‫النعقاد البيعة لإلمام أو لقيام دولة اإلسالم ‪.‬‬
‫فال يصح أن يقال لمن بويع على إمارة إسالمية نحن ال نسمع لك وال نطيع ألن العدو يستطيع‬
‫إسقاط حكومتك‪ ! B‬ومن العجيب إن بعض الذين يثيرون مثل هذه األمور يعيشون في دول الخليج‬
‫ومنها الكويت ولم نسمع منهم مثل هذا الكالم عندما أسقط البعثيون حكومتهم ‪ ,‬وإنما كان خطيبهم‪B‬‬
‫المف َّوه يقول بصوت عال ‪ " :‬نحن مع الشرعية " يعني مع حكام الكويت آل الصباح المعاندين‬
‫لشرع هللا تعالى والذين لم يكونوا‪ B‬يملكون من أمر الكويت شيئا ً وإن قل ‪.‬‬

‫إخواني المسلمين فكما أن من الواجبات العظام السعي لتوحيد‪ B‬الكلمة تحت كلمة التوحيد فإن‬
‫القعود عن ذلك كبيرة من الكبائر العظام أيضا ً فإن الدين ال يكون كله هلل ‪ ,‬وال تأمن السبل وال‬
‫تُقمع الفتن وال يُستتب األمن وال تُحبط المؤامرات وال ينضبط كثي ٌر ممن انضموا‪ B‬إلى الجماعات‬
‫المجاهدة من عامة أبناء األمة و إلى ما هنالك من أمور عظام إال إذا كان للمسلمين جماعة وإمام‪,‬‬
‫وإن هللا ليزع بالسلطان ما ال يزع بالقرآن ‪ ,‬ولئن َخلَ َع ربقة اإلسالم من عنقه من فارق‪ B‬الجماعة‬
‫شبراً فكيف يسوغ للمسلم أن يؤخر قيام الجماعة دهراً فيكون سببا ً في ترك مئات الماليين من‬
‫المسلمين يعيشون تحت ظل األنظمة الطاغوتية الجاهلية وكفى بذلك فتنة في الدين ‪ ,‬فإن األمر‬
‫علو اإلسالم وانتصار‪ B‬المسلمين في الدنيا‬
‫مهم كبير خطير‪ B‬وال يجوز أن يؤخر ‪ ,‬وينبني‪ B‬عليه ُّ‬
‫والفالح والفوز في اآلخرة بإذن هللا تعالى ‪.‬‬

‫إخواني المسلمين في العراق ‪ :‬لقد تكرر النداء من المشفقين مرات ومرات لقادة المجاهدين لكي‬
‫يجتمعوا منذ سنوات فاجتمع من اجتمع وامتنع من امتنع ‪ ,‬فإن تحرك أمراء الجماعات المجاهدة‬
‫وأعضاء مجالس الشورى فيها تحركا ً جاداً الستدراك‪ B‬مافات وسعوا‪ B‬لتوحيد جميع المجاهدين‬
‫تحت راية واحدة لمجاهدة حملة الصليبيين والمرتدين‪ B‬فذاك هو الواجب ‪ ,‬فقد أمرنا هللا تعالى‬
‫باالجتماع ونهانا عن التفرق ‪ ,‬وها أنتم ترون الكفر العالمي والمحلي بجميع ملله ونحله قد اتحد‬
‫وفي كل يوم يأكل ذئب الطاغوت من الغنم القاصية ‪ ,‬وأما إن كانت األخرى ولم يتم اجتماع‬
‫جميع القادة في جماعة واحدة اللتزامها فهذا مطلب شرعي وهو فرض الساعة وقد‪ B‬قال رسول هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم لحذيفة ‪-‬رضي‪ B‬هللا عنه‪ -‬عندما سأله عن أحوال مشابه فقال له ‪ " :‬تلزم‬
‫جماعة المسلمين وإمامهم " ‪ ,‬فإذا تعذر ذلك فإن السعي إلقامة جماعة المسلمين الكبرى يتعين‬
‫على آحاد المسلمين والمجاهدين وذلك بأن يبايعوا أكثر الطوائف التزاما ً بالحق و اتصافاً‪ B‬بالصدق‪,‬‬
‫وا هّللا َ َو ُكونُ ْ‪B‬‬
‫وا َم َع الصَّا ِدقِينَ ) ‪.‬‬ ‫وا اتَّقُ ْ‬
‫قال هللا تعالى ‪ ( :‬يَا أَيُّهَا الَّ ِذينَ آ َمنُ ْ‬

‫وإن من يراقب حمالت الكفر العالمي و المحلي يرى أنها تستهدف بالدرجة األولى دولة العراق‬
‫اإلسالمية فأمريكا‪ B‬تُ َسيِّر حمالت إثر حمالت تُكرر على المدينة الواحدة مرات ومرات بل هناك‬
‫حملة مستمرة منذ ستة أشهر على ديالى كلها ‪ ,‬وكذا على الموصل وصالح الدين ‪ ,‬وحمالت من‬
‫الجيش والحرس الوطني‪ B‬والشرطة ‪ ,‬وحمالت أخرى من مليشيات الصدر والحكيم‪ B‬فضالً عن‬
‫استهداف جميع دول الجوار بدون استثناء لدولة العراق اإلسالمية ناهيك عن صحوات الضرار‬
‫وأحزاب وجماعات الضرار‪ B‬بقيادة من خان الملة واألمة طارق‪ B‬الهاشمي ‪ ,‬وبعد هذه وتلك حمالت‬
‫إعالمية لتشويه دولة العراق اإلسالمية والتي يتولى كبرها حكام الرياض وعلماؤهم وإعالمهم ‪,‬‬
‫وما أحسب كل هذه الحمالت الشرسة على المجاهدين في دولة العراق اإلسالمية إال ألنهم من‬

‫‪8‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫أكثر الناس تمسكا ً بالحق و التزاما ً بمنهج رسول‪ B‬هللا صلى عليه وسلم والذي قال له ورقة ابن‬
‫نوفل ‪:‬‬
‫" ماجاء رجل قط بمثل ما جئت به إال عودي " ‪.‬‬

‫فاألمير أبو عمر وإخوانه ليسوا من الذين يساومون على دينهم ويرضون بأنصاف الحلول‬

‫أو يلتقون مع األعداء في منتصف‪ B‬الطريق ‪ ,‬ولكنهم يصدعون بالحق ويرضون‪ B‬الخالق وإن‬
‫غضب الخلق ‪ ,‬وال يخافون في هللا لومة الئم ‪-‬أحسبهم كذلك وهللا حسيبهم‪ -‬كما يرفضون أن‬
‫يداهنوا أي حكومة من حكومات عواصم العالم اإلسالمي بدون استثناء ‪ ,‬وأبوا‪ B‬أن يتولوا‬
‫المشركين لنصرة الدين ألنهم على يقين بأن الدين دين هللا تعالى وهو ناصرهم‪ B‬ومن شاء من‬
‫عباده وهو غني سبحانه عن أن نشرك به لننصر دينه ‪ ,‬ومحال أن تكون نصرة الدين بتولي‪B‬‬
‫الحكام الطواغيت المشركين ‪ ,‬وإمامهم في ذلك حديث نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم حيث قال ‪:‬‬
‫"يا غالم ‪ ،‬إني أُعلمك كلمات ‪ :‬احفظ هللا يحفظك ‪ ،‬احفظ هللا تجده تجاهك ‪ ،‬إذا سأَلت فاسأَل هللا ‪،‬‬
‫وإذا استعنت فاستعن باهلل ‪ ،‬واعلم أن األُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ‪ ،‬لم ينفعوك إال‬
‫بشيء قد كتبه هللا لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ‪ ،‬لم يضروك‪ B‬إال بشيء قد كتبه هللا‬
‫عليك ‪ ،‬رفعت األقالم وجفت الصحف ) ‪ .‬رواه اإلمام أحمد ‪.‬‬

‫ولو أن قادة دولة العراق اإلسالمية وضعوا أيديهم في يد أي دولة من دول الجوار‪ B‬لتكون لهم‬
‫ظهراً وسنداً كما فعلت بعض الجماعات واألحزاب لكان الحال غير الحال ‪ ,‬فأولئك ميزانياتهم‬
‫بعشرات بل مئات الماليين ‪ ,‬وهؤالء رزقهم تحت ظالل رماحهم وهذا خير الرزق لو كانوا‬
‫يعلمون ‪ ,‬فأولئك‪ B‬فقدوا قرارهم‪ B‬و استقالليتهم بسبب دعم الدول لهم فما أن تمارس أمريكا و‬
‫أولياؤها الضغوط‪ B‬على الدولة الداعمة حتى ينتقل الضغط مباشرة على أمين الحزب أو أمير‬
‫الجماعة وقد‪ B‬رأى الناس ذلك نهاراً جهاراً في لبنان ‪ ,‬فبعد الخطب الرنانة عن العزة والكرامة‬
‫وعن فلسطين ونصرتها‪ , B‬وبعد أن تحدى أُمم العالم أجمع أن تفرض عليه إرادتها تم القبول‬
‫بالقرار ألف وسبعمئة وواحد‪ B‬الصادر عن األمم المتحدة الملحدة أداة أمريكا والذي جوهره القبول‬
‫بدخول الجيوش الصليبية إلى أرض لبنان ‪ ,‬وهل يخفى على الناس أن هذه الجيوش هي الوجه‬
‫اآلخر للتحالف األمريكي‪ B‬الصهيوني‪ B‬؟ ولكن األمين العام حسن نصر هللا يستغفل الناس وقام‬
‫ورحب بها على المأل ووعد بتسهيل مهمتها رغم علمه أنها قادمة لحماية اليهود وإغالق الحدود‬
‫أمام المجاهدين الصادقين ‪ ,‬فقد فعل هذه الطوام نزوالً عند رغبة الدول الداعمة صاحبة األموال‬
‫ث عنها من قبل ‪ ,‬فعالم يكون السادات والحسين ابن طالل خائنين عندما‬ ‫النزيهة الشريفة التي تَ َح َّد َ‬
‫قبلوا باتفاقيات تتضمن إغالق الحدود أمام المجاهدين ضد اليهود ‪-‬وهم كذلك وال شك‪ -‬وفي‬
‫قرار مماثل ؟ ثم كيف يتفهم الناس اتهام‬‫ٍ‬ ‫المقابل يكون األمين العام للحزب شريفا ً عندما وافق على‬
‫الحزب لألكثرية في لبنان بأنهم عمالء ألمريكا ‪-‬وهم كذلك وال شك أيضاً‪ -‬وفي المقابل يتم‬
‫وصف محمد باقر الحكيم الذي تواطأ مع أمريكا لغزو العراق ونهى الناس عن مقاتلتها بأنه بطل‬
‫شهيد كما جاء على لسان األمين العام للحزب ‪ ,‬أليس هذا هو النفاق بعينه ؟‬

‫وصنف آخر من هؤالء عندما تمارس الدولة الممولة والداعمة ضغوطها‪ B‬الشديدة عليهم يقومون‬
‫بإلزام جيشهم بأخذ إجازة مفتوحة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد ! هل سمعت الدنيا أن جيشا ً يأخذ‬
‫إجازة والعدو جاثم على صدر البالد ؟‬
‫فهذه بعض شؤون الذين يرهنون قراراتهم بيد الدول الممولة ‪ ,‬ولو أردنا االسترسال لطال بنا‬
‫المقام ‪ ,‬ولكن المسلمين األحرار أمثال األمير أبي عمر البغدادي وإخوانه أهون عليهم أن يُق َّدموا‬
‫فتضرب أعناقهم من أن يرهنوا‪ B‬الجهاد في سبيل هللا في يد أي حاكم أو يكونوا معه يداً واحدة ضد‬
‫أمتهم ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫وهنا مسألة ‪ :‬إن كثيراً من الناس اليعرفون سيرة أمراء المجاهدين في العراق ‪ ,‬فأقول ‪ :‬سبب‬
‫ذلك ظروف‪ B‬الحرب ودواعيها‪ B‬األمنية ‪ ,‬إال أني أحسب أن الجهل بمعرفة أمراء المجاهدين في‬
‫العراق جهل اليضر إذا زكاهم الثقات العدول كاألمير‪ B‬أبي عمر ‪ ,‬فهو ُمزكى‪ B‬من الثقات العدول‬
‫من المجاهدين فقد زكاه األمير أبو مصعب ‪-‬رحمه هللا‪ , -‬ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر الذين‬
‫زكاهم صبرهم وثباتهم‪ B‬تحت صواعق الغارات فوق ذرى الهندكوش ‪ ,‬وهم ممن يعرفهم‪ B‬إخوانكم‬
‫في أفغانستان ‪-‬أحسبهم‪ B‬كذلك وهللا حسبيهم وال أزكي على هللا أحداً‪ -‬فاالمتناع عن مبايعة أمير من‬
‫أمراء المجاهدين في العراق بعد تزكيته من الثقات العدول بعذر الجهل بسيرته يؤدي إلى مفاسد‬
‫عظام من أهمها تعطيل قيام‪ B‬جماعة المسلمين الكبرى تحت إمام واحد ‪ ,‬وهذا باطل ‪.‬‬

‫وفي الختام أطمئن المسلمين عامة ‪ ,‬وأهلنا في دول الجوار‪ B‬خاصة بأنهم لن ينالهم من المجاهدين‬
‫إال كل خير بإذن هللا ‪ ,‬فنحن أبناؤكم‪ B‬ندافع عن دين األمة كما ندافع عن أبنائها ‪ ,‬وما يقع من‬
‫ضحايا من أبناء المسلمين أثناء العمليات ضد الكفار الصليبيين أو وكالئهم المغتصبين فإنهم غير‬
‫مقصودين ‪ ,‬و َعلِ َم هللا أنه يحزننا حزنا ً شديداً أن يقع بعض الضحايا من المسلمين ونحن مسؤولون‬
‫مع ذلك عنه ونستغفر هللا منه ونرجو‪ B‬هللا أن يرحمهم‪ B‬ويدخلهم فسيح جناته ويخلف أهلهم وذويهم‪B‬‬
‫خيراً ‪ ,‬وال يخفى عليكم أن العدو يتعمد أن يتخذ مواقعه بين المسلمين ليكونوا له تروسا ً ودروعا ً‬
‫بشرية ‪ ,‬وهنا أؤكد على إخواني المجاهدين بأن يحذروا من التوسع في مسألة التترس ويحرصوا‪B‬‬
‫أن تكون عملياتهم الستهداف العدو منضبطة بالضوابط‪ B‬الشرعية بعيداً عن المسلمين ما أمكنهم‬
‫ذلك دون أن يُعطَّل الجهاد في سبيل هللا ‪.‬‬

‫وإنما عداؤنا مع الحكام العمالء فهؤالء النطمئنهم إنما نسعى إلى إسقاطهم وإحالتهم‪ B‬إلى القضاء‬
‫الشرعي ‪ ,‬فكيف‪ B‬نطمئنهم وقد‪ B‬والوا أعداء األمة وفعلوا‪ B‬بها األفاعيل ؟ وكيف نطمئنهم وقد‪B‬‬
‫أشركوا شريعة البشر مع شريعة هللا تعالى ؟ وكيف نطمئنهم والطريق‪ B‬إلى أوسع جبهة لتحرير‬
‫فلسطين يمر عبر األراضي الخاضعة لهم ‪.‬‬

‫كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن هللا ‪ ,‬ولن نعترف بحدود‬
‫سايكس بيكو ‪ ,‬وال بالحكام الذين وضعهم االستعمار‪ , B‬فنحن وهللا ما نسيناكم بعد أحداث الحادي‬
‫عشر ‪ ,‬وهل ينسى المرء أهله ؟ ولكن بعد تلك الغزوات المباركة التي أصابت رأس الكفر العالمي‬
‫وفؤاده الحليف األكبر للكيان الصهيوني‪ B‬أمريكا فإننا اليوم منشغلون بمصاولتها‪ B‬ومقاتلتها‬
‫وعمالءها والسيما‪ B‬في العراق وأفغانستان والمغرب اإلسالمي والصومال ‪ ,‬وإن انهزمت‬
‫وعمالءها في العراق بإذن هللا فلن يبقى كثير وال قليل لتنطلق جحافل المجاهدين كتائب في إثرها‬
‫الكتائب من بغداد واألنبار والموصل وديالى وصالح الدين تعيد لنا حطين ‪ -‬بإذن هللا ‪ , -‬ولن‬
‫شبر من أرض فلسطين كما فعل جميع حكام العرب عندما تبنوا‬ ‫نعترف لليهود بدولة وال على ٍ‬
‫مبادرة حاكم الرياض قبل سنوات ‪ ,‬ولم يكتفوا بارتكاب تلك المصيبة الكبرى بل رأى الناس‬
‫مؤخراً راعية المستسلمين تسوقهم‪ B‬متقاطرين إلى أنابوليس تمارس عليهم ما مارسه األمريكيون‬
‫على أجدادها من قبل ولكن ال ليباعوا بل ليبيعوا ‪ ,‬وأي شيء يبيعون ؟ يبيعون القدس واألقصى‪B‬‬
‫ودماء الشهداء والحول والقوة إال باهلل ! عليهم من هللا مايستحقون ‪ ,‬وبذا تأكد للناس من األمين‬
‫ومن الخائن ومن الذي تحركه األيادي الصهيونية ‪.‬‬

‫ي يعتمل‬‫أنا مازال جرح القدس في جنب َّ‬


‫ووقد‪ B‬مصابها كالنار في األحشاء يشتعل‬
‫أنا ماخنـت عهـد هللا لما خانـت الـدول‬

‫‪10‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫كما وأننا لن نحترم المواثيق‪ B‬الدولية التي تعترف‪ B‬بالكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين كما‬
‫تحترمها قيادة حماس أو كما صرح بذلك بعض قيادات اإلخوان المسلمين ‪ ،‬وإنما جهاد لتحرير‬
‫فلسطين كلها من النهر إلى البحر بإذن هللا واضعين أيدينا بأيدي المجاهدين الصادقين هناك من‬
‫قواعد حماس والفصائل األخرى الذين أنكروا على قادتهم‪ B‬عدولهم عن الحق ‪ ،‬فالدم الدم والهدم‬
‫الهدم وأكرر القسم ‪ " :‬وهللا لننصرنكم‪ B‬ولو حبواً على الركب أو نذوق ماذاق حمزة بن عبد‬
‫المطلب رضي هللا عنه " ‪.‬‬

‫وختاما ً أذكر أمتي اإلسالمية الغالية فأقول‪ B‬أيها الناس لكم ِعبَ ٌر كثيرة في ما م َّر من أحداث فكفوا‬
‫عن اللهو واللعب واسمعوا‪ B‬وعوا واستيقظوا واتعظوا‪ , B‬فإن األمر كبير خطير فأين تذهبون ؟!‬
‫وماذا تنتظرون ؟! فقد حمي الوطيس ولم يبقى بينكم وبين مايراد بكم كثير وال قليل ‪ ،‬وال نجاة لنا‬
‫إال باإلستجابة ألوامر هللا تعالى وإجتناب نواهيه ‪ ،‬وإن من أعظم أوامره أن نجاهد في سبيله‬
‫فينكسر‪ B‬الشر الظاهر ويخنس الشر الخفي ‪ ،‬فأدوا آماناتكم‪ B‬عباد هللا وهبوا للقيام بواجباتكم ‪،‬‬
‫والسيما وقد‪ B‬كفاكم إخوانكم في ميادين الجهاد معظم المؤونة فأنتم‪ B‬مهددون في كل ماتملكون في‬
‫أنفسكم وعرضكم وأرضكم‪ B‬ومالكم ‪ ،‬وأهم من ذلك كله وأهم من ذلك كله أنكم مهددون في دينكم ‪:‬‬

‫بالمال‬
‫ِ‬ ‫أصون ديني بمالي ال أبدده *** البارك‪ B‬هللا بعد الدين‬

‫واألمر جد ال هزل فيه وقد قيل أكلت يوم أكل الثور األبيض ‪ ،‬فاليوم‪ B‬بغداد وغداً دمشق وعمان‬
‫والرياض فاتقوا هللا حق تقاته والتخشوا في هللا لومة الئم ‪ ،‬وإن ما يريده أبناؤكم‪ B‬المجاهدون من‬
‫مال للعتاد والقتال في سبيل هللا قلي ٌل يستطيعه تاجر واحد منكم يؤدي ‪ -‬بإذن هللا ‪ -‬إلى هزيمة‬
‫الكفر العالمي ‪ ،‬فإلى متى تخشون أمريكا وعمالءها ؟ أليس فيكم‪ B‬تاجر رشيد يتحرر من الخنوع‬
‫فيع ُّد الزاد ليوم المعاد ‪ ,‬فقد ولد بال مال وسيرحل على تلك‬
‫وقيود‪ B‬العبيد ‪ ,‬ويتذكر الموت والبلى ِ‬
‫ُ‬
‫الحال فليتق هللا ويخشاه ‪ ،‬وليحتسب مابقي من عمره وماله ألخراه ‪ ،‬وليستعن على قضاء حوائجه‬
‫بالكتمان ويقتدي‪ B‬برسولنا عليه الصالة والسالم ‪ ،‬فقد اختفى عن أعين قريش في الغار ثم هاجر‬
‫سراً إلى األنصار ‪-‬رضي هللا عنهم‪ -‬فيرتب أموره األمنية ويهاجر إن اقتضى األمر للهجرة‬
‫متذكراً عظم الثواب الجزيل ‪ ،‬ويكون سببا ً في نصرة الدين وإنقاذ أمة األمين محمد صلى هللا عليه‬
‫ذخر هذا وأي شرف هذا يشرفه هللا به‬‫ٍ‬ ‫وسلم في وقت قد تداعى عليها األعداء من كل مكان ‪ ،‬فأي‬
‫كما شرف عثمان ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬وهو رجل واحد بتجهيز جيش العسرة ضد الروم ‪ ،‬فقال‬
‫ماض َّر عثمانَ ما عمل بعد اليوم ‪ ,‬ماضر عثمان ما عمل بعد‬ ‫َ‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪" :‬‬
‫اليوم " ‪.‬‬

‫قال هللا تعالى ‪َ ( :‬وأَ ْنفِقُوا فِي َسبِي ِل هَّللا ِ َواَل تُ ْلقُوا بِأ َ ْي ِدي ُك ْم إِلَى التَّ ْهلُ َك ِة َوأَحْ ِسنُوا إِ َّن هَّللا َ ي ُِحبُّ‬
‫ْال ُمحْ ِسنِينَ )‬
‫ك أَ ْعظَ ُم د ََر َجةً ِّمنَ الَّ ِذينَ أَنفَقُوا‬ ‫ح َوقَات ََل أُوْ لَئِ َ‬
‫ق ِمن قَب ِْل ْالفَ ْت ِ‬ ‫وقال هللا تعالى ‪( :‬اَل يَ ْست َِوي‪ِ B‬من ُكم َّم ْن أَنفَ َ‬
‫ِمن بَ ْع ُد َوقَاتَلُوا‪َ B‬و ُكاًّل َو َع َد هَّللا ُ ْال ُح ْسنَى َوهَّللا ُ بِ َما تَ ْع َملُونَ َخبِي ٌر ) ‪.‬‬
‫وقد قيل ‪:‬‬
‫فتشبهوا‪ B‬بالكرام إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فال ُح‬

‫فدعم المجاهدين الصادقين وال سيما في فلسطين والعراق‪ B‬وأفغانستان والمغرب اإلسالمي‬
‫والصومال‪ B‬هو وهللا مشروع األمة كلها ‪ ،‬وهو خط دفاعها األول في وجه جميع أعدائها الطامعين‬
‫بها ‪ ،‬وفيه صالحها في دينها و دنياها وفيه عزها وسالمتها ‪ ،‬ففيه أمنها على جميع المحاور ‪ ,‬نعم‬
‫فيه أمنكم العسكري وكذا أمنكم االجتماعي وفيه أمنكم الغذائي وكذا أمنكم االقتصادي‪ ، B‬ليحفظ‬

‫‪11‬‬
‫نخـبة اإلعـالم الجهـادي‬

‫نفطكم وثرواتكم‪ B‬وتسلم أموالكم التي تفقدونها وهي بين أيديكم ‪ ،‬بسبب ربطها الظالم المتعسف‬
‫بالدوالر ‪ ,‬ودعم المجاهدين أيضا ً هو مشروع‪ B‬األمة لتحرير‪ B‬فلسطين جميعها فيبتسم األقصى‪B‬‬
‫ون بِنَصْ ِر هَّللا ِ ) ‪َ ( ,‬وهّللا ُ غَالِبٌ َعلَى‬
‫ونحرر األسيرات واألسرى بإذن هللا ‪َ ( ،‬ويَوْ َمئِ ٍذ يَ ْف َر ُح ْال ُم ْؤ ِمنُ َ‪B‬‬
‫أَ ْم ِر ِه َولَـ ِك َّن أَ ْكثَ َر النَّ ِ‬
‫اس الَ يَ ْعلَ ُمونَ ) ‪.‬‬

‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين ‪.‬‬

‫‪12‬‬

You might also like