You are on page 1of 3

‫ت اُحتدِمت في الشارع والبيت طالت الكبير والصغير‪ ،‬وخالفاتٌ مفتعلة ال‬ ‫بعد حقبة من صراعا ٍ‬

‫أناس من نار أو أبالسة كهيئة البشر في معترك ال‬


‫ٌ‬ ‫يعرف أطرافها عالم اختلفوا‪ ،‬وزج بأخوينا‬
‫ناقةَ لهما فيه وال جمل‪ ،‬خاسر فيه الطرفان غالب ومغلوب‪ ،‬نار نشبت في معظم الربوع‬
‫فكر متطرف باسم الدين وما هو إال باسم الطاغوت؛ فاستباحوا‬
‫واألقطاب الشرقية يؤججها ٌ‬
‫الدماء وحرقوا الديار وألقوا الرعب وبثوا الكراهية في قلوب الناس‪ ،‬ووصموا األديان بما ليس‬
‫فيها‪ ،‬وحملوها على غير ما أنزلت إليه‪ ،‬فكنا على شفا حفرة من نار وقاب قوسين من هالك!‪.‬‬

‫فأراد هللا بشعوبنا خيرا ً وتصالح الناس وانكسر عداؤهم وعرفوا عدوهم‪ ،‬واتخذت الحكومات‬
‫طريق اإلصالح واستعادت األمن والسالم وقطعت أذناب الشر‪ ،‬و ُحقنَت الدماء و ُحفظت البيوت‬
‫واألعراض‪ ،‬وقد بدأت الغمامة السوداء تنقشع شيئا ً فشيئا ً عن معظم الربوع لينصر الناس‬
‫حاصر يُقتتل!‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫بعضهم بعضاً‪ ،‬فال يهنأ أح ٌد وأخوه ُم‬

‫ليتمخض مما ذكرنا كله وثيقةٌ تنادي في الناس كافةً األخ في الوطن وابن العم في خارجه لتأبه‬
‫بدين وال ملة‬
‫ٍ‬ ‫ب يرضاه رجال اليسار َمن ال يدينون‬ ‫بذرية إبراهيم كلهم عن كل تطرفٍ وإرها ٍ‬
‫فرق ال هم من اليمين وال اليسار وال يعرفون فيما‬ ‫ٌ‬ ‫وأعداء األمم من جلدتها‪ ،‬وينجرف ورائهم‬
‫الصراع ليتصارعوا؛ وما هي إال رذيلة في النفس وحطة في العقل هبطتا بهم إلى الحضيض‪،‬‬
‫الحقب البربرية الهمجية‪ ،‬فاستحلوا دماء الناس وأموالهم‬ ‫فانتشروا في األرض ليعودوا بنا إلى ِ‬
‫وسبوا نساءهم وجندوا أطفالهم‪ ،‬وحدِث وال حرج في مثل أولئك‪ ،‬فمنهم االستيطان اإلسرائيلي‬
‫في المنطقة العربية وسيل الدماء الذي ال ينقطع وإخراج الناس من بيوتهم والعُبَّاد من مساجدهم‬
‫وكنائسهم‪ ،‬وجماعات داعش وبوكو حرام وغيرهم من الجماعات اإلرهابية ما بقي وما اندثر‪،‬‬
‫قوقاز وزنو ٌج وأسيويون ال هم على عقيدة واحدة أو أيديولوجية متفق عليها وما‬ ‫ٌ‬ ‫وبين فرقهم‬
‫ُّ‬
‫التعطش للدماء وسرقة أقوات الناس‪ ،‬وما ِمن بل ٍد دخلوه إال أعدموا أهله رميا ً‬ ‫يجمعهم إال‬
‫ً‬
‫بالرصاص أو تركا بالجوع‪ ،‬وخلفوا ورائهم ثكالى وأرامل ويتامى ومستضعفين وعجزة وأولي‬
‫تر‪.‬‬
‫بَ ٍ‬

‫ثم يأتي رجال ظاللهم ذوو التاريخ األسود واألحمر وهم على نفس الغاية مع اختالف الذريعة‬
‫والوسيلة ليرفعوا سبابات االتهام في وجوهنا ويقولون هذا دينكم وهذا عرفكم‪ ،‬وأنتم الجناة‬
‫والزارعون والحاصدون‪.‬‬

‫لذا جاءت الوثيقة التي وقعها قطبان دينيان ذوا ثق ٍل على الساحة الدولية في فبراير ‪ ٢٠١٩‬تقول‬
‫يا إنسان اِجنح للسلم وادحض اإلثم والعدوان‪ ،‬وكمم أفواه أولئك الذين يأكلون لحمك ولحم أخيك‪،‬‬
‫ب نداء الدين ال نداء أولئك الذين ينبذون الدين‪.‬‬
‫واتبع ما تمليه عليك نفس اإلنسان ال نفسك! ول ِ‬

‫ت دامية بأسلحة ربما ليس لها دوي ولكنها‬ ‫وال يخفى عليك أن العالم كل يوم يتصارع صراعا ٍ‬
‫وإن سرعة دوران العالم في فلكه ذي الدوران الثابت وتحطيم‬ ‫أفتك من تلك ذات النار والدوي‪َّ ،‬‬
‫طور آخر كل فترة مما‬
‫ٍ‬ ‫طور إلى‬
‫ٍ‬ ‫الحواجز السيبرانية وسرعة انتشار المعلومات ونقل العالم من‬
‫خلق لنا العولمة‪ ،‬وإذا من تحرير العالم إلى خنقه وإذا من تذويب الفروق وإخماد النزاعات إلى‬
‫تعميق الفروق وشحذ النزاعات‪ ،‬وإذا بالجيرة التي أرادوها بالعولمة إلى احتال ٍل واستيطان‬
‫باألفكار والمنتجات‪ ،‬وإذن ينازعون الناس في دينهم وأعرافهم وتقاليدهم‪ ،‬وأن هذا الثوب الجديد‬
‫الذي يريدون كساء الناس به إنما يشوهون ويمزقون ثوبهم القديم‪ ،‬وأن هذا االنفتاح الذي يريدون‬
‫تحرير الناس به إنما يحطمون بيوتهم ويتركونهم في العراء‪.‬‬
‫يا إنسان لقد حلت علينا مظاهر ال هي من فطرة اإلنسان وإنما من نظام الغاب الذي هو ال نظام‬
‫عند اإلنسان؛ فدخلوا إلى األسرة وبنوا الحواجز بين أفرادها وزعزعوا أعرافها ومكانتها‪،‬‬
‫وشوهوها؛ لينشروا الفاحشة والبغاء بين الناس وأن السفيح‬‫َّ‬ ‫ودخلوا إلى عفة المرأة والرجل‬
‫ٌ‬
‫عزيز شام ٌخ! وإننا أولئك الذين يأخذونه بجريرة الساقطين اللذين أنجباه إنما ننبذ‬ ‫عندهم‬
‫جريرتهما وما ننادي سفيحهما إال يا إنسان‪ ،‬وجاؤوا حتى إلى تلك الفطرة الخالصة التي فطر هللا‬
‫الناس عليها في النكاح؛ فأرادوا أن ينكح الشبيه شبيهه! وهذا الذي أدنى من البغاء يصورونه من‬
‫مفهوم لها فيسعون إلى فرض قذارتهم علينا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الحرية وما يتعدى فهمهم للحرية أدنى‬

‫ت أو ألم‪ ،‬وأن الصراع المحتدم دون دوي يُكدر سلمك كما‬ ‫فيا إنسان اِعلم أنك تُغتال دون صو ٍ‬
‫تكدره المدافع والذخائر‪ ،‬وأن الهدم لم يَعد بالمعول والقوى إنما الهدم بضعفك ال بقوة الهادم‪،‬‬
‫وبقرار منك ال بتسلطٍ منه‪ ،‬فارجع إلى ربك وسله من فضله والتمس المنفعة الفضلى التي بينها‬ ‫ٍ‬
‫لك ال المنفعة المطلقة التي تنشدها نفسك الدنيا وتلفظها نفسك العُليا‪ ،‬ويا أيها الناس تآخوا وتآلفوا‬
‫وتعارفوا‪ ،‬وليطعم الغني الموسر منكم البائس الفقير‪ ،‬وليرحم وي ُِجر القوي منكم الضعيف‪،‬‬
‫وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان‪.‬‬

You might also like