Professional Documents
Culture Documents
فأراد هللا بشعوبنا خيرا ً وتصالح الناس وانكسر عداؤهم وعرفوا عدوهم ،واتخذت الحكومات
طريق اإلصالح واستعادت األمن والسالم وقطعت أذناب الشر ،و ُحقنَت الدماء و ُحفظت البيوت
واألعراض ،وقد بدأت الغمامة السوداء تنقشع شيئا ً فشيئا ً عن معظم الربوع لينصر الناس
حاصر يُقتتل!.
ٌ بعضهم بعضاً ،فال يهنأ أح ٌد وأخوه ُم
ليتمخض مما ذكرنا كله وثيقةٌ تنادي في الناس كافةً األخ في الوطن وابن العم في خارجه لتأبه
بدين وال ملة
ٍ ب يرضاه رجال اليسار َمن ال يدينون بذرية إبراهيم كلهم عن كل تطرفٍ وإرها ٍ
فرق ال هم من اليمين وال اليسار وال يعرفون فيما ٌ وأعداء األمم من جلدتها ،وينجرف ورائهم
الصراع ليتصارعوا؛ وما هي إال رذيلة في النفس وحطة في العقل هبطتا بهم إلى الحضيض،
الحقب البربرية الهمجية ،فاستحلوا دماء الناس وأموالهم فانتشروا في األرض ليعودوا بنا إلى ِ
وسبوا نساءهم وجندوا أطفالهم ،وحدِث وال حرج في مثل أولئك ،فمنهم االستيطان اإلسرائيلي
في المنطقة العربية وسيل الدماء الذي ال ينقطع وإخراج الناس من بيوتهم والعُبَّاد من مساجدهم
وكنائسهم ،وجماعات داعش وبوكو حرام وغيرهم من الجماعات اإلرهابية ما بقي وما اندثر،
قوقاز وزنو ٌج وأسيويون ال هم على عقيدة واحدة أو أيديولوجية متفق عليها وما ٌ وبين فرقهم
ُّ
التعطش للدماء وسرقة أقوات الناس ،وما ِمن بل ٍد دخلوه إال أعدموا أهله رميا ً يجمعهم إال
ً
بالرصاص أو تركا بالجوع ،وخلفوا ورائهم ثكالى وأرامل ويتامى ومستضعفين وعجزة وأولي
تر.
بَ ٍ
ثم يأتي رجال ظاللهم ذوو التاريخ األسود واألحمر وهم على نفس الغاية مع اختالف الذريعة
والوسيلة ليرفعوا سبابات االتهام في وجوهنا ويقولون هذا دينكم وهذا عرفكم ،وأنتم الجناة
والزارعون والحاصدون.
لذا جاءت الوثيقة التي وقعها قطبان دينيان ذوا ثق ٍل على الساحة الدولية في فبراير ٢٠١٩تقول
يا إنسان اِجنح للسلم وادحض اإلثم والعدوان ،وكمم أفواه أولئك الذين يأكلون لحمك ولحم أخيك،
ب نداء الدين ال نداء أولئك الذين ينبذون الدين.
واتبع ما تمليه عليك نفس اإلنسان ال نفسك! ول ِ
ت دامية بأسلحة ربما ليس لها دوي ولكنها وال يخفى عليك أن العالم كل يوم يتصارع صراعا ٍ
وإن سرعة دوران العالم في فلكه ذي الدوران الثابت وتحطيم أفتك من تلك ذات النار والدويَّ ،
طور آخر كل فترة مما
ٍ طور إلى
ٍ الحواجز السيبرانية وسرعة انتشار المعلومات ونقل العالم من
خلق لنا العولمة ،وإذا من تحرير العالم إلى خنقه وإذا من تذويب الفروق وإخماد النزاعات إلى
تعميق الفروق وشحذ النزاعات ،وإذا بالجيرة التي أرادوها بالعولمة إلى احتال ٍل واستيطان
باألفكار والمنتجات ،وإذن ينازعون الناس في دينهم وأعرافهم وتقاليدهم ،وأن هذا الثوب الجديد
الذي يريدون كساء الناس به إنما يشوهون ويمزقون ثوبهم القديم ،وأن هذا االنفتاح الذي يريدون
تحرير الناس به إنما يحطمون بيوتهم ويتركونهم في العراء.
يا إنسان لقد حلت علينا مظاهر ال هي من فطرة اإلنسان وإنما من نظام الغاب الذي هو ال نظام
عند اإلنسان؛ فدخلوا إلى األسرة وبنوا الحواجز بين أفرادها وزعزعوا أعرافها ومكانتها،
وشوهوها؛ لينشروا الفاحشة والبغاء بين الناس وأن السفيحَّ ودخلوا إلى عفة المرأة والرجل
ٌ
عزيز شام ٌخ! وإننا أولئك الذين يأخذونه بجريرة الساقطين اللذين أنجباه إنما ننبذ عندهم
جريرتهما وما ننادي سفيحهما إال يا إنسان ،وجاؤوا حتى إلى تلك الفطرة الخالصة التي فطر هللا
الناس عليها في النكاح؛ فأرادوا أن ينكح الشبيه شبيهه! وهذا الذي أدنى من البغاء يصورونه من
مفهوم لها فيسعون إلى فرض قذارتهم علينا.
ٍ الحرية وما يتعدى فهمهم للحرية أدنى
ت أو ألم ،وأن الصراع المحتدم دون دوي يُكدر سلمك كما فيا إنسان اِعلم أنك تُغتال دون صو ٍ
تكدره المدافع والذخائر ،وأن الهدم لم يَعد بالمعول والقوى إنما الهدم بضعفك ال بقوة الهادم،
وبقرار منك ال بتسلطٍ منه ،فارجع إلى ربك وسله من فضله والتمس المنفعة الفضلى التي بينها ٍ
لك ال المنفعة المطلقة التي تنشدها نفسك الدنيا وتلفظها نفسك العُليا ،ويا أيها الناس تآخوا وتآلفوا
وتعارفوا ،وليطعم الغني الموسر منكم البائس الفقير ،وليرحم وي ُِجر القوي منكم الضعيف،
وتعاونوا على البر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان.