Professional Documents
Culture Documents
مقدمه
إلى الذ ين يتطلعون إلى ال صحوة ال سلميّة ال صحيحة ،ويقلّبون وجوه هم في ال سماء متضرع ين
إلى ال ،لرؤيتهجا ،نقدم هذا الكتاب ...فهجو دعوة إلى إعادة قراءة تاريخنجا ،واسجتلهام نماذججه
الناج حة ،ودعوة إلى ف قه سنن التغي ير ،وك يف أ نّ ظاهرة صلح الد ين لي ست ظاهرة بطوليّة
فرديّة خارقة ،ولكنها خاتمة ونهاية ونتيجة مقدرة لعوامل التجديد ولجهود المّة المجتهدة ،وهي
ثمرة مائة عام مجن محاولت التجديجد والصجلح ،وبذلك فهجي نموذج قابجل للتكرار فجي كجل
العصور.
تصجدر هذه الطبعجة فجي و قت تشجن فيجه الغارة على العالم السجلمي من جديجد ،ويُقام للمسجلمين
المسالخ البشرية التي تُسفك فيها الدماء ،وتُهتك الحرمات ،وتُدنس المقدسات ،وتُسلب المقدرات.
وحين تناقش هذا الهجوم الكبير في أروقة المم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية ،ومحافل
السجياسة الدوليجة يقلب باطجل المعتديجن حقا ،وحجق المعتدى عليهجم باطلً ،وتصجدر قرارات هذه
الهيئات آيات بيّنات للعجاز المتضمن في قوله تعالى:
"كيف وإن يظهروا عليكم ل يرقبوا فيكم إل ول ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم
فاسقون"] .التوبة[8 :
ويتلفت المسلمون من حولهم فل يجدون نصيرا إل أن يتمثلوا قوله تعالى:
"ومالكم من دون ال من ولي ول نصير" ].البقرة [107:
وممجا يزيجد فجي شدة المحنجة أن الهجوم المشار إليجه يخفجي أهدافجه الحقيقيجة بعدد مجن الذرائع
وال تبريرات ال تي اخترعت ها مرا كز " صنع الرأي" و " صنع القرار" الغرب ية وال صهيونية في عقدي
ال سبعينات والثمانينات من القرن العشريجن ،ثجم سلّم بهجا العقجل المسجلم باعتبارهجا أ سبابا حقيق ية
أفرزتها "حماقة المتطرفين" المسلمين ونفذتها أيديهم الخاطئة !! وترتب على هذه السذاجة العربية
– ال سلمية أن صار ساسة الم سلمين ومفكرو هم وعلماؤ هم و ُكتّاب الزوا يا وال صفحات ال سياسية
في صحافتهم والمعلقون والمنتدون في إعلم هم ،يق سمون في اليوم عشرات المرات أن ال سلم
بريجء ممجا اقترفجه "المتطرفون الرهابيون" ،وأنهجم على اسجتعداد لسجتضافة مؤتمرات "حوار
الحضارات" ويرجون العقجل الغربجي أن يتخلى عجن القول ب "صجراع الحضارات" وأن المسجلمين
مسجتعدون للتعاون للقضاء على "الرهاب" وإغلق كجل الجمعيات الخيريجة السجلمية التجي يشتبجه
بتمويل ها للرهاب ،غافل ين عن ال سباب الحقيق ية ال تي تتل خص في الع مل على تفو يض الجدار
السجلمي – ماديا وفكريا – لنجه يشكجل ملذ المسجلمين الباقجي أمام المشروع الصجهيوني –
ال ستعماري في مرحل ته الحال ية .ب عد أن ا ستهلكوا طاقات هم في المشروعات القوم ية والشتراك ية
والوطنية.
في هذا البلء العظ يم لم ي بق أمام – الم سلمين – إل التو جه إلى ال وحده ليب صروا سننه في قوة
المجتمعات وضعفها ،وفي انتصارها وهزيمتها فيهتدوا إلى " صواب" العداد والتخطيط والدارة
واستثمار الطاقات ومواجهة التحديات ،مطمئنين إلى وعده تعالى عند أمثال قوله:
" و قد مكروا مكر هم وع ند ال مكر هم وإن كان مكر هم لتزول م نه الجبال فل تح سبن ال مخلف
وعده رسله إن ال عزيز ذو انتقام " ]ابراهيم [47-46
" ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم ل يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم
أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لية لقوم يعلمون " ]النمل [52-50
" فلما جاءهم نذير ما زادهم إل نفورا استكبارا في الرض ومكر السيء وليحيق المكر السيء
إل بأهله فهل ينظرون إل سنت الولين فلن تجد لسنت ال تبديل ولن تجد لسنت ال تحويلً " ]
فاطر [43-42
وانطلقا من الثقة المطلقة بوعد ال وسننه التي يزخر بها تاريخ المة السلمية وعمل هذه السنن
في النتصارات والهزائم التي مر بها المسلمون ،أتقدم بهذه الطبعة من الكتاب لمختلف الفئات من
الجماعات والقيادات:
لفقهاء السلم وعلمائهم ليتذكروا سنّة ال في – العلم والعلماء -فيزهدوا في المناصب واللقاب
ويروا فيها كلها زينة وزخرفة يبتليهم ال بها كما ابتلى ابراهيم عليه السلم بكلمات فأتمهن فجعله
للناس إماما .وكلمات ال ال تي ابتلى – أي اخ تبر وامت حن – ب ها أ با ال نبياء هي :مدى ا ستعداده
للتضحية بنفسه وولده واستقراره في سبيل ال .وعندما نجح ابراهيم عليه السلم في البتلء كافأه
ال برت بة الما مة د عا ر به أن يجعل ها أيضا في ذري ته فجاءه الجواب :ل ينال عهدي الظالم ين.
والظالمون من ذريته الذين حجب ال رتبة المامة عنهم هم الذين يفشلون في البتلءات الثلثة ،
ويشرون بآيات ال ثمنا قليلً ،والث من القل يل – ع ند ا بن عباس – هو الدن يا كل ها ،ولن ين فع مع
هذا الفشل حصول العالم على درجة الدكتوراه ومرتبة الستاذية !! أو جوائز الدولة.
وهذا ما ا ستلمته – قولً وعملً وحالً – علماء حر كة ال صلح ال تي أخر جت ج يل صلح الد ين
من أمثال أ بي حا مد الغزالي ،والش يخ ع بد القادر ،والش يخ عدي بن م سافر ،والش يخ ر سلن
الدمشقي ،والشيخ أبو مدين المغربي وآخرون.
للملوك والرؤساء والوزراء ليتبينوا سنّة ال في – العدل – الذي من أجله أرسل ال ر سله وأنزل
معهم :الكتاب ليشرح للناس أفعال العدل وتفصيلته ،والميزان ليكون معيارا يزن الناس به درجة
العدل ،وأنزل الحد يد لي صنع الناس م نه ال سلح الذي يحمون به مؤ سسات العدل ،ولت صنع م نه
التقنيات والدوات النافعة للناس حين تقوم العلقات المحلية والعالمية على العدل.
" ل قد أر سلنا ر سلنا بالبينات وأنزل نا مع هم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالق سط وأنزل نا الحد يد
فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم ال من ينصره ورسله بالغيب إن ال قوي عزيز " ]الحديد
[25
والقسط في الية :هو العدل الجميل – أي المصحوب بالخلق الحسنة والمساواة في المعاملة.
وإن من آثار هذه السنة اللهية في العدل – كما يقول ابن تيمية : -إن الملك والسلم مع الظلم
ل يدوم ،وأن الملك والك فر مع العدل يدوم .وال مل كبير أن ي تبين الملوك والرؤ ساء هذه ال سنة
الله ية في سارعون إلى تزك ية إدارات هم و سياساتهم بالعدل ،وي صدرون مواز ين القانون والد ستور
لنصرة العدل ،ويستعملون قوة السلحة والجيش والمن لحماية الشورى والعدل ،لتكون مثوبتهم
في الدنيا أن يستخلفهم ال في الرض ،ويبدلن خوفهم أمنا ،وضعفهم قوة ،وذلهم عزا ،وأخرى
ينالون ها في الخرة ح ين يكونون – ح سب المرا سم والبروتوكولت الله ية – أول ال سبعة الذ ين
يظل هم ال بظله يوم ل ظل إل ظله .وأول هؤلء ال سبعة" :إمام عادل " ...ك ما ورد في الحد يث
المشهور.
لقادة الجماعات السيلمية والحزاب والمنظمات الوطنيية ليتجبينوا سجنة ال فجي (العمجل الصجالح)
في سارعوا إلى تحري – الخلص وال صواب – سواء .لن اجتماع ال صفتين – ك ما يقول الفض يل
بن عياض – شرط في نجاح الع مل في الدن يا وقبوله من ال في الخرة .فإن و جد "إخلص" ولم
ي جد " صواب" فإن الع مل ل يفلح (أي ل يظ فر بالمطلوب) ،وإن و جد صواب ولم يو جد إخلص
فإن العمل ل يُقبل ،وإن اجتمع الثنان قُبل العمل وأفلح .وإلى هذه السنّة اللهية يشير قوله تعالى
" :إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ]فاطر .[10والكلم الطيب في الية يشير إلى
(الصواب) بينما يشير العمل الصالح إلى (الخلص).
للتربيوي ين والمشرف ين على مؤ سسات الترب ية وإدارت ها لي تبينوا سنّة ال في (التغي ير) ال تي تتلو
على أسماعهم صباح مساء :إن ال ل يغيّر ما بقوم من أحوال أسيفة حتى يغيروا ما بأنفسهم من
معتقدات وأفكار ومفاهيجم واتجاهات وطرائق تفكيجر وقيجم ومعاييجر ،ويجسجدون هذا التغييجر فجي
مراجعة مناهج التربية والتعليم وطرائقها وصفات العاملين فيها والقائمين عليها واستبدال ذلك كله
بنماذج مختلفة قادرة على رد إنسانية النسان المسلم التي شوهتها مؤسسات تربوية أرسى أصولها
وو ضع مناهج ها وتطبيقات ها بعوث و خبراء ال ستعمار الثقا في ثم تا بع التخر يب ضحا يا الغتراب
التربوي فكانجت ثمرة تخريبهجم إخراج أجيال لم تتقجن إل الهزيمجة ،واسجتمراء الذل والتبعيجة ،
والتثاقجل إلى الرض ،وترك الجهاد ،وعبادة المال وأربابجه ،والركون إلى ثقافجة السجتهلك
لمنتوجات يستوردونها ويتلفون الموارد المحلية من أجل تسويقها.
للع سكريين لي تبينوا سنة ال في – الن صر والجهاد – فيعملون على إحياء – المدر سة الع سكرية
السلمية – بنظرياتها ومؤسساتها وتدريباتها التي تربي جندها على تعشق معاني "ال أكبر" و"أنا
ل أقا تل من أ جل ع مر" وت ستلهم برا مج التوج يه المعنوي من قوله تعالى " :يأي ها الذ ين آمنوا إذا
لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ال كثيرا لعلكم تفلحون "] .النفال [45
ثم يتوقفون عن التأ سي بنموذج – المدر سة الع سكرية الم ستوردة – ال تي تؤله القادة وتر فع شعار
"نفجذ المجر ثجم اسجأل بعجد ذلك عجن السجبب" ،ويتولى إمامجة التوجيجه المعنوي فيهجا المغنون
والمغنيات ،وتستبدل الذكر بالمعازف والقينات ،وتعد جيوشها للرتزاق وتأجير المهارات القتالية
للقوى الكبرى الساعية في الرض بالفتنة والفساد الكبير تحت ألوية "الشرعة الدولية" و"قوات حفظ
السلم" ،و"محاربة الرهاب" إلى غير ذلك من المسوغات والتبريرات.
للمؤرخين والقائمين على دوائر الثقافة والعلم والفنون ليستلهموا سنّة ال في تزكية المجتمعات
مجن التلوث الفكري وتطيبقاتجه الجتماعيجة والفكريجة والفنيجة وخطورة – تدسجية – الحياة بهذه
الملوثات ،ومصائر المجتمعات التي تشيع فيها ،والسدنة القائمة على تسويقها وإشاعتها.
للقت صاديين ورجال العمال لي تبينوا سنّة ال في "اقت صاد الماعون" – أي الذ ين يع ين الناس على
إقا مة دين هم ودنيا هم .-و سنّته في "اقت صاد ال سحت" أي الذي ي سحت – أي ي ستأصل – مقومات
دين هم ودنيا هم .ثم ي تبينون ك يف أن ال ير بط ب ين المظالم القت صادية وهلك المجتمعات .وك يف
يضع المشتغلين في اقتصاد الماعون الذي يضربون في الرض يبتغون من فضل ال ،في منزلة
المجاهديجن والشهداء لنهجم يوفرون للناس مقومات حياتهجم كمجا يوفجر المجاهدون سجلمة نفوسجهم
وحرماتهم:
" علم أن لن تحصيون فتاب عليكيم فاقرأوا ميا تيسير مين القرآن علم أن سييكون منكيم مرضيى
وآخرون يضربون في الرض يبتغون من ف ضل ال وآخرون يقاتلون في سبيل ال " ]المز مل
[20
وفجي المقابجل يركجس ال سجبحانه المشتغليجن باقتصجاد السجحت مجع الهالكيجن مجن مرتكجبي الثجم
جانية :هؤلء يشكلون الشركات
جر مقومات الحياة النسج
جن يتظافران لتدميج
والعدوان ،لن الفريقيج
عابرة القارات والمؤسسات المالية الدولية لمتصاص مقدرات الشعوب ،وأؤلئك يجندون الجيوش
الغازية لتنفيذ مخططات هذه الشركات والمؤسسات.
" وترى كثيرا منهم يسارعون في الثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون " ]المائدة
[62
لدول الطوائف ال تي أقام ها الم ستعمرون على أنقاض الدولة العثمان ية طبقا لمعاهدة سايكس -بي كو
ومثيلتها ،ثم استمرت ِمزَقُ المة تفتخر بالنتماء إلى هذه الدول الممزقة وتدافع عنها ،لتتبين أن
يد ال – أي عونه وعطاءه – إنما هي مع الجماعة ،وأن الوحدة سنة وجود تنظم عوالم النسان
والحيوان والنبات والجماد ,وأن العت صام بح بل ال وعدم التفرق قانون إل هي من قوان ين الن صر
والفلح في كل مواجهة.
للرجال وللنساء في عامة المة ليتبينوا – سنّة ال في الزوجية – التي تنظم علقة الجنسين على
أساس التكامل بين المبدأ الخلقي والذوق الجمالي ،وأن الخروج على هذه السنّة يبعث الفوضى
ويحدث الضطراب في هذه العل قة ويح يل ع مل كل من الزوج ين إلى – ع مل غ ير صالح –
ثمرته العقم الجتماعي والضنك في المعيشة.
والمل الكبير أن تعي جميع هذه الفئات من الجماعات والقيادات السلمية أهمية – السنّة اللهية
المتضمنجة فجي قوله تعالى " :أقرأ باسيم ربيك الذي خلق " الذي يتضمجن أول آيجة نزلت فجي غار
حراء ،ثجم يكون مجن نتائج هذا الوعجي إدراك الحاججة الماسجة إلى "قراءة" أحداث العصجر ووقائع
الغازة الجديدة على العالم السلمي وذلك لسببين:
الول :أن العمل النا جح يولد ولدت ين :ولدة نظر ية ،وأخرى عمل ية ول بد من الثنت ين وترت يب
تتابعهما .والثاني :أننا أصبحنا نعيش في زمن احتلت المعرفة فيه مركز المحور من القوة ،ولذلك
فإن ال مة ال تي تتفوق في – المعر فة – تتفوق في القوة – ك ما يقول أل فن توفللر في كتا به "تحول
القوة" .وهذا مجا أدركتجه القوتان اللتان تقودان الغارة على العالم السجلمي مجن جديجد ،فراحتجا
تضاعفان مراكز البحث عن العالم السلمي لتدمير قوته واستغلل تناقضاته لثارة الفتن فيه.
ولعل أوضح مثال لذلك هو الطريقة التي استقبلت بها القوى الطبعة الولى من هذا الكتاب.
ف قد ن قل لي ب عض المشاهد ين أن – تلفاز إ سرائيل – نا قش محتويات الكتاب بالل غة العبر ية لمدة
ساعة كاملة ،وأن المناقش ين ا ستخلصوا في ضوء ما ورد ف يه خطورة انبعاث الروح ال سلمية
وأهمية التصدي ليقظة العالم السلمي كله تحت ذرائع – الرهاب – وغيره من الذرائع.
وح مل لي طالب – أحترم "إخل صه" وأد عو ال أن يله مه "ال صواب" في عمله – ا ستبيانا مكتوبا
باللغتيجن العربيجة والنكليزيجة .ولقجد أعده لكتابجة أطروحجة الدكتوراه فجي جامعجة – كارديجن –
البريطانية .ويبدأ الستبيان بالقول:
" الدكتور ماججد الكيلنجي أكجد فجي كثيجر من كتبجه أن المدرسجة التجي ظهرت وانتشرت فجي القرن
الخا مس وال سادس الهجري لع بت دورا هاما وحا سما في توح يد الم سلمين آنذاك ودع مت موقف هم
ضد – الصليبين – القادمين من الغرب ،وضد "المغول والتتار" القادمين من الشرق ".
ثم يستمر ال ستبيان ليطرح عددا غير قليل من ال سئلة – التي كان كان للدكتور المشرف أنتوني
باكر الثر الواضح في صياغتها – ومنها السئلة التالية:
ل وقبل كل شيء لماذا – في نظرك – ظهرت المدرسة آنذاك ؟
"س :أو ً
س :هل توافق على رأي الدكتور الكيلني بأن الحركة العلمية التي نجمت عن المدرسة كانت هي
حجر الزاوية في توحيد المة السلمية ؟
س :في اعتقادك ما هو الجد يد في المدر سة ؟ وماالذي ميّز ها عن المؤ سسات التربو ية ال سابقة
وال ُكتّاب (وكيف كان ذلك) ؟ كالمسجد
س :بعض الكتاب يعتقدون أن الفلسفة المعاصرة التي تحكم التربية في أغلب البلد السلمية هي
عامل هدم أكثر من كونها عامل بناء بسبب أن هذه الفلسفات إما تقليدية جامدة تقادم عليها الزمن
وضع فت علقت ها بال سلم .وإ ما فل سفة م ستوردة (عادة من الغرب العلما ني) ل ترا عي حاجات
المة الحقيقية.
أولً :هل توافق على هذا الطرح ؟ -
ثانياً :لماذا تعتقد ذلك ؟ -
س :هل من المم كن إعطاء قائ مة بب عض الفكار أو الشخاص أو المؤ سسات ال تي ترى إعطاء
والتطبيقات التربوية التي ظهرت مع حركة المدارس في القرن الخامس) الولية في (الفكر
المستقبلية ؟ الدراسات
س :هل يتم تدريس تاريخ (حركة المدارس السلمية) بشكل كاف في جامعاتكم المحلية الن ؟
س :هل قمت بنشر أية أبحاث في مجال إحياء الفكر التربوي التاريخي ؟ (ما هذه البحاث ولماذا
اخترتها بالذات ؟)
س :هل لديكم طموحات بحثية حول هذا الموضوع بالذات ؟ " انتهى كلم الستبيان.
ويعلم الذين يعرفون كيف يصنع القرار في أمريكا وأوربا وإسرائيل أ نّ الجامعات هناك ل تبحث
عن العلم من أجل العلم ،ول تبحث عن المعرفة من أجل الرتقاء بإنسانية النسان وشبكة علقاته
بالمنشأ والحياة والمصير ،وإنما يبحثون عن المعرفة والعلم باعتبارهما عنصرا من عناصر القوة
اللزمجة للنجاح فجي عمليجة الصجراع الدولي على ثروات الرض – كمجا تقرر فلسجفة الدارونيجة
الجتماعية وكما كتب أخيرا – ألفن توفللر في كتابه "تحول القوة".
ولذلك يتكامل عندهم عمل الجماعات ومراكز البحوث مع عمل المؤسسات القتصادية والسياسية
والعسجكرية ،ومجن قاعات هذه المعاهجد العلميجة تبدأ عمليجة – صجنع القرار – حيجث يتجم جمجع
المعلومات من قبل الساتذة والباحثين وتحليلها ومناقشتها من قبل مندوبين عن المؤسسات العلمية
القتصجادية والسجياسية والعسجكرية والتربويجة ثجم يقوم هؤلء المندوبون بنقجل المحصجلة إلى –
جماعات تخطيط السياسة ومنهم إلى مراكز صنع القرار ومنها إلى جماعات صنع الرأي حيث يتم
صياغة الذرائع وال تبريرات والشعارات والم صطلحات ال تي يراد إعلن ها لتهيئة الرأي العام لد عم
تنفيذ القرارات واللتفاف حولها في الداخل .وتبريرها وحشد النصار لها في الخارج ،ثم ينتقل
القرار إلى دوائر صنع القانون لعطائها السند القانوني ،وتتم هذه الخطوة من قبل رئاسة الدولة
والبرلمان أو الكونغرس .وأخيرا إلى مؤسسات التنفيذ المباشر – التي تتكون في الغالب من ثلث
مؤ سسات هي :المؤ سسة ال سياسية ،والمؤ سسة الع سكرية ،والمؤ سسسة التبشير ية – الخير ية ،
ح يث تقوم الولى بوضجع ال سياسات المرحل ية وتنفيذهجا ،وتقوم الثان ية بممار سة القوة لتفعيل ها ،
وتقوم الثالثة بتلطيف آثار العدوان والجراحات العملية لتغطية الثار السلبية التي تحدثها المؤسسة
السياسية والمؤسسة العسكرية .أي أن القرار يبدأ – أفكارا ومناقشات – وينتهي أعمالً وممارسات
تنفذ على المسرحين الداخلي والخارجي وبذلك يصبح العلم في عداد العلم الذي ينفع.
أما في القطار العربية والسلمية فإن حال العلم والمعرفة كحال الذهب عند نساء هذه القطار ؛
يبقيان مجرد حليجة يباهجي بهجا الفراد وحملة الشهادات بعضهجم بعضا فجي الداخجل ،ويتنافسجون
ويتحاسدون للحصول بواسطتها على المال والمراكز .وتتجمل بها دول الطوائف القائمة أمام الدول
العملقجة ،وتقام باسجمهما الحتفالت والمؤتمرات وتدبجج الخطجب وتكتجب المقالت ثجم يكون
مصيرهما إما الرتكاس في مستودعات العلم الذي ل ينفع ول يجد إلى التطبيق سبيلً ،وإما أن
تحمجل مخطوطاتجه ورسجائله ومطبوعاتجه – تحجت سجتار التبادل الثقافجي – إلى مراكجز البحوث
والجامعات فجي الغرب ليصجبح بعجض المواد النافعجة فجي صجناعة القرارات المتعلقجة بالمنطقجة
العربية-السلمية.
إن محور الز مة في حياة الجيال العرب ية وال سلمية الحاضرة هي – عدم الن ضج والبقاء نف سيا
وعقليا – فجي مرحلة العتماد على الغيجر .وعجن هذه الحالة تنتجج مضاعفات تتمثجل فجي – عقدة
النبهار بالغرب وفقدان الستقللية في الفكر والتفكير – ومضاعفات ذلك في التبعية التي أزمنت
– وما زالت تستعصي على العلج .وهذه تبعية تفرز التناقض في سلوك النسان العربي المسلم
المعصر في جميع أقواله وأفعاله .فهو من ناحية يضيق بالوجود العضوي للغربي المحتل ويمارس
جميجع أشكال الجهاد والكفاح ضده ،ولكنجه مجن ناحيجة أخرى – إذا رحجل الغازي المحتجل – شجد
الرحال إليجه واسجتورد مجن عنده غذاء جسجده وثقافجة عقله وإرادتجه إلى أن ينتهجي المجر بعودة
الحتلل العضوي مرة ثانيجة ويكون مثجل العربجي أو المسجلم مثجل البجن الذي يكره والده القاسجي
المتسلط ولكنه ل يستطيع التوقف عن تقبيل يديه والتماس رضاه والحصول منه على نفقته.
ويمارس النسان في المنطقة العربية والسلمية هذه التبعية بأشكال مختلفة منها :ترديد ما ينتجه
العقل الغربي والتسليم بالفرضية المتغطرسة التي تزعم أن الغربي ج كان دوما ج منبع الحضارة
ومنجه يجري التاريجخ وتخطجط مسجاراته ,وتصجنع أحداثجه ومنجزاتجه ,وهجو الن يقرر نهاياتجه .
ويتفرع عجن هذه النقيصجة الفكريجة مضاعفات التسجليم بإمامجة الغربجي واتخاذه قدوة فجي نشاطات
الحياة اليوم ية الجار ية ابتداء من إما مة ال سياسة والع سكر والفكجر ومرورا بإما مة الثقا فة وال فن
والتعليم والرياضة حتى مصممي الزياء وحلقة الشعر وتسريحاته .
و من مظا هر التبع ية المشار إلي ها ت صنيف المخت صين والعامل ين في مؤ سسات القطار العرب ية
والسلمية حسب المكنة التي جرى تعليمهم فيها بحيث يحتل خريجو المعاهد الغربية ج مكانة
وتوظيفا ج المنزلة الولى ولو كانوا ل يحملون من العلم إل "كرتونة الشهادة" .
ومن ها تجا هل الوا قع وال سباب المحل ية ,وتكلف ال حل والمعال جة في ضوء النظريات والت طبيقات
التي تطورت في بيئات الغرب ثم استيرادها واستيراد الخبراء لتطبيقها تطبيقا يشوه خلله الجسد
العربي ليلئم اللباس الغربي !!
ومنها العجز عن استثمار موارد البيئة المحلية وتطويرها تطويرا يحفظ لها خصوصيتها وتمييزها
ويل بي الحاجات المعا صرة ,ثم التبا هي بتحويل ها إلى أ سواق ا ستهلكية لمنتوجات الغرب الثقاف ية
والسجياسية والعسجكرية والتربويجة والقتصجادية والصجحية والجتماعيجة واعتبار ذلك نموذج الحياة
المثلى بحيث صار ينطبق على المنطقة العربية والسلمية الوصف النبوي القائل :لتتبعن سنن من
كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتم خلفهم !!
وكانت نتي جة ذلك كله أن تعطل العقل العربي والسلمي عن التفكير وأصبحت أفعال ج إن سان
المنط قة ج مجرد ردود ف عل إشراط ية ,آن ية ,تلقائ ية لفعال الغر بي الما كر ج المخ طط ,تثور
النفعالت ليام أو ساعات ثم تنط فئ وتعود إلى (التفرج على ما يجري) وعدم المبالة .وب سبب
هذه الظاهرة تتحول جميع أشكال الجهاد والكفاح إلى إهدار مستمر للموارد والطاقات.
أنجا ل أنكجر أن فجي المجة مقاديجر هائلة مجن مخزون "الخلص" الذي يكشجف عجن نفسجه مجن آن
لخجر ،ولكجن أقولهجا بصجراحة أن هناك جدب وقحجط فجي معرفجة "الصجواب" الذي يقترن مجع
الصجلح لينجبجا ثماره النافعجة .وأضرب لذلك مثلً مجن مواقجف رجال العلم وكتاب الصجفحات
ال سياسية في كبرى ال صحف ،وموا قف المفت ين والعلماء في القطار العرب ية وال سلمية .ف هم –
مثلً – صدقوا المقولت التي طرحتها دوائر – صنع الرأي – المريكية والوربية تحت عناوين
"صراع الحضارات" و"مكافحة الرهاب" و"التطرف السلمي" و"الصولية السلمية" ،ثم انطلقوا
يدبجون المقالت ويعقدون الندوات ،ويتحدثون فجي الفضائيات لقناع الغرب ب "حوار الحضارات"
بدل صجراعها ،وتجبرئة السجلم مجن التطرف ،والدعوة لتحديجد مصجطلح الرهاب ثجم التعاون
لمكافح ته .ولو أن هم كانوا م ستقلي التفك ير ،را سخين – محيط ين بالمحطات ال تي ي مر ب ها " صنع
القرار" الغربجي لتوحدت أفهامهجم ومواقفهجم ،ولمجا أضاعوا طاقاتهجم وأوقاتهجم فجي محاولة إقناع
الغرب ببراءتهم لن الغرب ل يحتاج إلى أن يقدم – العرب والم سلمون – له شهادة ح سن سلوك.
لن صانعي القرار ف يه يعرفون أن ما طرحوه من اتهامات وأ سباب مزعو مة – إن ما هو مجرد
م سوغات وضعو ها هجم أنفسجهم واسجتثمروا سجذاجة العرب والم سلمين وجهل هم لتجبرير السجاليب
الرامية إلى تجفيف منابع القوة السلمية ,والسلحة الفتاكة التي تقوض بنيانهم وتشردهم وتفتك
بأطفالهم ورجالهم ونسائهم في مرحلة – تنفيذ القرار.-
ولذلك فإن المواج هة الحقيق ية ال تي يحتاج ها – العالم العر بي وال سلمي – هي ال تي تجري على
مرحلت ين :المرحلة الولى ،مواج هة مع الذات – يقوم ب ها العلماء وال ساسة وعا مة ال مة – بغ ية
تحريرها من – التبعية الثقافية والعتماد العقلي على الغير ،وتمكينها من اكتشاف الهوية وتحقيق
النتماء إلى ماضي الزدهار والمنعة ,وتحليل الحاضر ،واستشراف مسارات المستقبل ودروبه.
فإذا انتصرت المة في هذه المواجهة فستكون مؤهلة لبدء المواجهة الثانية مع الغير المتعدي بثقة
واستقللية وجدارة ،ولسوف تنتهي بها المعركة إلى النصر المادي والفتح السلمي.
هذه خطوط رئيسجة فجي التجاهات التجي اسجتهدف هذا الكتاب لفجت النتباه إليهجا وال سجبحانه هجو
القادر على فتح القلوب لها وتيسير النتفاع بها ،لذلك أدعوه سبحانه فأقول:
إلهي! لقد قلت في محكم كتابك الكريم "ادعوني أستجب لكم" .وها أنا أتوجه إليك متبرأً من حولي
وطولي ،متضرعا بأن تحيجي قلوب أمتنجا رجالً ونسجاءً ،وشيبا وولدانا ،وقادةً ورعيةً ،وأن
تجعل لهم نورا يمشون به بين المم التي تمكر بهم وتتربص بهم وبدينهم الدوائر ،ويزينون لهم
سجوء مجا يعملون ،ويسجخرون من حالهجم فجي كجل هيئة ومؤتمجر ،ويتندرون بمصجائبهم فجي كجل
اجتماع.
-3الثار الجتماعيّة
أ .في ح ين كا نت المدراس الفكريّة ل تض مّ إلّ رجال الف كر وأئ مة الف قه والمشتغل ين بالعلم الذ ين
تن ظم علقات هم أخلق العلماء وفضائل الد ين ،صار المذ هب ي ضم أخلطا من المشا يخ والطل به
والتجّار والعوام الذين يريدون المذهب وسيلة لمنافعهم الخاصة.
ب .ونتيججة لذلك انقسجم الناس على بعضهجم وانصجرفوا عجن التحديات التجي تهددهجم مجن الداخجل
والخارج.
ج .ولم يقت صر هذا التف كك والتنا فس على المذا هب بعض ها مع ب عض ،وإنّ ما امتدّ إلى صفوف
المذ هب الوا حد نف سه ،ف قد كان المت صدرون في المذ هب يتناف سون في ما بين هم لت صدر الَتباع ،
وتمثيل المذهب في مناصب الدولة أو الحفال.
-4الثار السياسيّة:
لقد أصبحت السّمة البارزة للنشاط السياسيّ لهذه المذاهب :هي انتهاء أهداف العمل السلميّ عند
مشاركة زعماء المذهب ورجالته في إدارات الدولة.
ولقجد أدى هذا الوضجع إلى نتيجتيجن :الولى :تنافجس المتصجدرين لهذه المذاهجب فجي التقرب من
ن النتهازي ين – أ صحاب المطامع الشخصيّة – وجدوا في النت ساب
السلطين والقادة .الثان ية :أ ّ
للمذاهب وسيلة لتحقيق مطامعهم.
ن العلقات ب ين المذا هب ال سلميّة والحكومات القائ مة ،صارت تتش كل
و من الثار ال سياسيّة أ ّ
حسجب مواقجف هذه الحكومات مجن تلك المذاهجب ،وحسجب اسجتجابتها أو رفضهجا لطماع هذا
المذهب.
ونخلص مجن هذا كلّه إلى أن ّه لم تكجن لدى الفكجر السجلميّ والمؤسجسات التجي تمثّله الهداف
والمفاهيم التي تتناسب والحاجات والتحدّيات القائمة ،ولم تكن هناك الستراتيجيات التي تمكّن هذه
المؤسسات من تحمل مسؤولياتها في المجتمعات السلميّة المعاصرة.
الصل في التصوف
أنّه ن شأ كمدارس تربويّة هدفها تزك ية الن فس ،و صقل الخلق ،ولم ت كن هذه المدارس تغلو في
آرائها ،ول تخرج عن قيد الشريعة في شيء كما فصّل ذلك ابن تيميّة في فتاويه .غير أنّ عوامل
التطور عملت فجي هذه المدراس التربويّة فطورّتهجا إلى طرق كمجا تطورت المدارس الفقهيّة إلى
مذاهب ..وأول ماظهرت الصوفيّة في البصرة وأول من بنى دويره للصوفيّة بعض أصحاب عبد
الواحد بن زيد ،وهو من أهم أصحاب الحسن البصري والتصوف عندهم له حقائق معروفة قد
تكلموا في حدوده وسيرته وأخلقه .ومهما كان أمر التطور التاريخي للصوفيّة فقد انتهى في الفترة
التي نتحدث عنها بانقسامه إلى ثلثة اتجاهات هي:
-1الملمتيّة:
مجن أبرز روادهجا حمدون القصجّار المتوفجي عام 271ه – 884م ،وهجو واحجد مجن كبار شيوخ
التصوّف السنّي ،ومن قوله " :الملمه هي ترك السلمه" .وقد امتاز باليقظة الوجدانيّة ،والحذر
من الرّياء في العلم والعمل ،ثم دفع بهم إلى التيّار السلبي محمد بن منازل ،فقد جعل دناءة النفس
وتأ صل ال شر في ها قاعدة أ صيلة ..وتمادوا في ال سلبية ف صار احتقار الناس ل هم مطلبا بحجّة أ نّ
الخلص ل يتح قق إل إذا سقط الع بد من عيون الخلق ؟! ثم آل أمر هم إلى فر قة خر جت عن
تعاليم الشريعة واستباحت المحرمات ،وقالت :إن المراد خلوص القلب إلى ال ،أما التقيد بالشرع
فهو رتبة القاصرين عن الفهم والمقلّدين.
لقد انتشر دعاة الباطنية في غرب العالم السلميّ وشرقه ،وأخذوا يدعون إلى إسقاط الحكومات
السنيّة ،وعلى رأسها الخلفة العباسيّة ،وقد استطاعوا من خلل ذلك أن يفسدوا عقائد المّة ،وأن
يثيروا الفتجن والقلقجل ،و َمضَوْا يغتالون الشخصجيّات المعارضجة لهجم مجن القادة والعلماء ونشروا
الرعب في كلّ مكان.
دخلت الفل سفة الحياة الفكريّة في العالم ال سلميّ م نذ القرن الثا ني الهجر يّ غ ير أ نّ الفل سفة م نذ
القرن الرابجع الهجري اتخذت طابعا آخجر تحدّى العقيدة وفكرة النبوّة والرسجالة فجي السجلم ليعيجد
للرستقراطيات هيمنتها بعد انهزامها أمام الفتح السلمي ،ومؤسسس هذا التجاه كان ابن سينا
428-370ه.
كان ا بن سينا تلميذا لر سطو ،ومت صوفا ،وهذه الثنائ ية جعل ته رجلً تتنا قض ف يه الراء ..ف هو
ذو اتجاهات دنيو ية مشبو هة ..أ سرف في الج نس ...إذ فرغ من دروس ال طب أح ضر الشراب
واللت المو سيقية ،وكان والده من جما عة الباطنيّة ويُعدّ من ال سماعيلية ،و صاحَبَ ا بن سينا
الكثيجر مجن الفلسجفة فأثّرت الفلسجفة الباطنيجة تأثيرا كجبيرا فجي تفكيجر ابجن سجينا ليتحدّى العقيدة
السجلميّة ،وفجي كتابجه "نظريجة المعرفجة" يضجع الفلسجفة على قدم سجواء مجع النجبياء بجل جعجل
الفيلسجوف أعلى مجن العلماء الدينيجن والمجتهديجن الفقهاء ،وفتجح الباب إلى اسجتنتاج وجوب تولّي
ن النبوّة انتهت وختمت بنبيّ السلم.
الفلسفة مراكز الرشاد والتوجيه في المجتمعات ،طالما أ ّ
ن الفكر السلمي الذي
ولقد سحر علم المنطق المثقفين في تلك الفترة وممّا سهّل هيمنته وانتشاره أ ّ
تم ثل بالفقهاء وأمثال هم كان حبيس المذهبيّة والتقل يد ،لذلك لم ي ستطيعوا الوقوف أمام تيّار الفل سفة
التي أحدثت موج ًة حادةً من القلق العقائديّ لدى المثقفين ،والضطراب الجتماعي لدى العامّة.
إ نّ الف ساد أو التخلف القت صاد ّييْن يعتمدان على الت صوّر العقلي الذي يوجّه طرق الك سب وطرق
النفاق ،ولم ي قم هذا الت صور في ذلك الع صر على الك سب المشروع ،والنفاق المشروع ،فل قد
قامجت وسجائل الكسجب فجي هذه الفترة على أسجس غيجر مشروعجه ،فالدولة تفننجت فجي أنواع
الضرائب ،وابتزاز الجُباة حتّى للحجاج ...وتفنّن التجار بر فع ال سعار ،أمّا و سائل النفاق ف قد
جة
جن بقيج
جلطين والولة وكبار الموظفيج
جن ،وقلّد السج
جرت على شهوات الغنياء والمترفيج
اقتصج
الغنياء ،وكذلك وعاظ المذاهب...
ل شيئا من النفاق ،وعانت جماهير المسلمين من ضروب الجوع ،كما
أمّا المصالح العامّة فلم تن ْ
عمج الفقجر ،وتحدّرت المصجائب والمراض سجن ًة بعجد سجنةٍ ،وأصجبحت سجمةً ميّزت المجتمعات
ّ
ال سلميّة ،وأ سهمت إسجهاما بالغا فجي إضعافهجا أمام الخطار التجي جذبتهجا روائح الضعجف من
الخارج.
ل قد انهار مفهوم المّة ال سلميّة وحلّت محلّه مفاه يم الع صبيّة العشائريّة والقليميّة والمذهبيّة ،
فانت شر الشّ غب والضطراب مع مضاعفات في الل هو ومفا سد الخلق ،واقت صرت الممار سات
الدينيّة على أداء الشعائر ،واختفت آثار التّوجيه الدّيني.
كا نت المجتمعات السجلميّة تعانجي من الضعجف فجي مياديجن الحياة المختل فة ،فد خل الصجليبيون
فأطاحوا بمُلك سلجقة آسيا الوسطى ،ثم انحدروا إلى بلد الشام ،فاضطر الخوان رضوان في
حلب ودقاق في الشام للدخول في طاعة الصليبين ،لنقاذ الرعية ولرعاية حرمة الوطن السلمي
ثم تزايدت هجمات ال صليبين فا ستولوا على أنطاك ية ،ثم زحفوا إلى ب يت المقدس الذي سقط في
ل مكان اقترفوا المذابجح الوحشيّة ،والم سلمون يتلهّون فجي
أيديهجم عام 492ه 1098 /م ،و في ك ّ
منازعاتهم وخصوماتهم ،ولم يقم السلطين والمراء بأيْ عمل لوقف هذا الزحف ،واستغاث أهل
الشام بالخلفجة العباسجية بل طائل ،وحرضوا الملوك على الجهاد فلم يفدْ شيئا ،وفجي نفجس العام
الذي نزلت ف يه الكار ثة بالمدي نة المقد سة ،كان سلطين ال سلجقة الثل ثة أبناء ملكشاه يتحاربون
من أجل النفوذ والسلطان.
اشتدّت الحاجة إلى تغيير التجاهات القائمة في المجتمع ومواجهة التحدّيات الزاحفة ،وصار العالم
السلميّ أمام مصيرين ل ثالث لهما:
إما أن يغيّر أوضاعه تغييرا جذريا من داخله.
وإما أن يستسلم للتحدّيات التي تنذر بتدميره والجهاز عليه.
وقد مرّت عملية التغيير بمرحلتيْن:
الولى :اتّخذت طابعا سياسيّا ،قادتها حكومة السلجقة ،ووجهتها جماعات الشافعيّة والشاعرة.
الثانية :بدأت في ميدان القيم والمعتقدات وتطبيقاتها في الداخل بدل النجرار وراء مضاعفات هذا
الضعف في الخارج ،واستمرّت هذه المدرسة حتى بلغت مداها في إخراج أمّة مسلمة معافاة إلى
ض المحتلّ ين من ال صليبين ،ود فع تحدّيات الباطنيّة ،وتحر ير المقد سات ،
حدّ ما ا ستطاعت دح َ
وقد كان نجاح المرحلة الثانية يتوافق مع قوله تعالى:
" إن ال ل يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " صدق ال العظيم.
عندمجا تسجلّم السجلجقة مهام الدارة فجي بغداد ،بدأت المحاولت الولى التجي قام بهجا الشاعرة
الشافعيّة في الصلح والتجديد ،وقد واجهوا التحدّي بوسيلتين:
الولى :السلح الفكري ونشر العقيدة.
الثانية :قيام المؤسسات التي تجسّد هذه العقيدة في واقع الحياة.
ولتنفيجذ الولى :أقيمجت الجامعات والمدارس فجي المدن والقرى ؛ المدارس النظاميّة ن سبةً للوزيجر
نظام الملك الذي حكجم ثلثيجن عاما تفانجى خللهجا فجي سجبيل مبادئه ،وكان مجلسجه حافلً بالعلماء
والفقهاء ،وكان متدينا مخلصا ...
وإلى جانجب نظام الملك كان هناك عشرات الشاعرة الذيجن توَلوْا أمور الدارة ،وآخرون تولّوا
أمور المدارس النظاميّة ،من أمثال الشيرازي والغزالي وغيرهم.
ن الهداف السلميّة للدولة السلجوقيّة كانت مقترنة بالخطر الفاطمي في بغداد ،فلمّا
ولكن يبدو أ ّ
زال هذا الخطر ،أخذت أهدافهم تتحوّل من أهداف عقائديّة إلى أهداف دنيويّة ،وإزاء هذا التحوّل
أخذت جهود نظام الملك وجماعتجه تصجطدم بمعارضجة السجلطان ملكشاه لمشروعاتهجم السجياسيّة
والداريّة.
فلمّا أخذوا بتنفيذ متطلبات الوسيلة الثانية ،وصاروا يعينون العناصر التي نضجت وتأهلت لحمل
مسؤولياتها في مختلف القيادات والدارات أرسل ملك شاه إلى نظام الملك يعنّفه ويوبّخه.
منجذ ذلك الوقجت – أي منجذ عام 470ه – أخذت العلقات تسجوء بيجن السجلجقة والشاعرة حتجى
انتهى المر بمقتل نظام الملك عام 485واتهام ملكشاه بتدبير اغتياله.
وخلل هذه التطورات سجيطر السجتياء على نفوس المخلصجين ،منهجم مجن اعتزل ينتظجر القضاء
اللهي في الخرة.
ومن هم من ان سحب من بيئة الشبهات وانش غل "بخا صة الن فس" لمراج عة وتجد يد ما ب ها من أفكار
ومناهج ثم "العودة" إلى المجتمع لستئناف الصلح أو المر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهذا ال سلوب الثا ني هو الذي اختاره ن فر على رأ سهم ح جة ال سلم (أ بو حا مد الغزالي) الذي
استلهم منهاجه في الصلح من الصول السلميّة مباشرةً ،واستنار بخبراته الواسعة العميقة في
تراث السلف الشامل.
الفئة الولى :فئة العلماء الذين فقدوا صفة العالم المسلم الحقيقي ،وينقسمون إلى أصناف:
الصنف الول :سعى إلى التباري في تحصيل العلوم دون العناية بالتطبيق العملي.
الصنف الثاني :اتخذوا علمهم وعملهم سلما للشهرة في البلد وبين العباد.
ال صنف الثالث :اتضعوا بالخلق الباط نة المذمو مة :كالع جب – ج مع شهوات الدن يا ف هم يطلبون
ن ال سلم قد عزّ ز من الر سول بالز هد وإعطاء
ع ّز ال سلم بمظا هر الحياة الزائلة ،وين سون أ ّ
الدنيا للناس ،وينسون قول سيدنا عمر" :إنّا قو ٌم أعزّنا ال بالسلم فل نطلب العزّ في غيره".
ال صنف الرا بع :جاهدوا أنف سهم ،ول كن ب قي في ها شهوة طلب الذ كر ،وانتشار ال صيت ،وطلب
الثناء ،والمدح بالزهد والورع والعلم ،والتلذذ باجتماع المعجبين للصغاء إليهم.
وهناك فر يق من العلماء تركوا العلوم وان صرفوا إلى غير ها فتق صّروا علي ها ،و صاروا مغتر ين
بها لستغنائهم عن أصل العلوم ،ويضمّ هذا الفريق الصناف التالية:
الصجنف الول :وهجم الذيجن اقتصجروا على علم الفتاوى فجي الحكومات والخصجومات .وهؤلء
انصرفوا عن العلوم الساسية التي تبلور العقيدة وترشد إلى ال.
الصنف الثاني :وهم الذين اشتغلوا بعلم الكلم والمجادلة في الهواء والردّ على المخالفين.
الصجنف الثالث :وهجم الذيجن اشتغلوا بالوعجظ والتّذكيجر بدافجع العججب والرّياء وشدة الحرص على
الدنيا.
الصجنف الرابجع :وهجم الذيجن اشتغلوا فجي علم الحديجث فسجمعوه ،وجمعوا الروايات ،وطلبوا
السانيد ،دون أن يهتموا بفهم معاني الحديث والعمل بها ،أو استخراج الحلول لمشكلت العصر.
الصنف الخامس :وهم الذين أفنوا أعمارهم في الشتغال بالنحو وصناعة الشعر وغريب اللغة.
الصنف السادس :وهم المتعمقون في اختراع الحيل الفقهية والذين يبررون ظاهر العمل الشرعي
دون ربطه بالنوايا.
خامسا :محاربة المادية الجارفة والسلبيّة الدينيّة وتصحيح التصور السائد عن الدنيا والخرة:
عالج الغزالي الماديّة وال سلبيّة الدينيّة اللت ين جرف تا العالم ال سلمي في زما نه بروح العالم الفق يه
بأمر الدنيا والخرة موضحا مايلي:
هذه السلبيّة سببها سوء الفهم والجهل بالحكمة اللهيّة من خلق النسان والدنيا والخرة ،ويرى أنّ
ال قجد خلق النسجان ليعبده ويعرفجه ،وفجي هذه العبادة يعجبر الدنيجا إلى الخرة حيجث الجزاء
والمستقر.
وغموض منهج عهد النبوة وجيل الصحابة هو الذي أدّى إلى الوقوع في ظلمة المادية ،
والمخرج هو تبصيرها بحقيقة الدنيا ،والصورة التي يجب أن تكون عليها علقة النسان بها.
ويفصجّل :آثار نسجيان هدف الرحلة الدنيويّة إلى الخرة الذي ينعكجس على البشجر فينقسجمون إلى
قسمين:
القسم الول :من نسوا الغاية من الرحلة إلى الخرة واشتغلوا بمحطة الدنيا.
ن السعادة في الجاه وانقياد الخلق لهم
ن السعادة في كثرة المال – وطائفة ظنّوا أ ّ
نأ ّ
فمن هم من ظ ّ
ن السعادة في انطلق اللسنة بمدحهم.
بالتواضع والتوقير ،وآخرون ظنّوا أ ّ
القسم الثاني :هم الذين نسوا الحكمة من محطة الدنيا ،وحاولوا الوصول إلى الخرة دون عبور
الدنيا ،فرأوا الدّنيا بل ًء ومح نة ،فقتلوا أنفسهم للو صول إلى دار السعادة – الخرة – ومنهم من
رأى أنّه ل بدّ أولً من إماتة الصفات البشرية وقطعها عن النفس بالكليّة.
ن المقصود من العبادات المجاهدة للوصول إلى معرفة ال ،ومن وصل استغنى
وطائفة :ظنّت أ ّ
عن الوسيلة ،فتركوا السعي والعبادة ،وزعموا أنّ التكاليف على عوام الخلق.
ومذاهب وضللت أخرى والناجي من الخلق :فرقة واحدة وهي التي تسلك ما كان عليه رسول
ال صلى ال عليه وسلم ويظلّ محافظا على حد العتدال والتّوسط في الشهوات ،حتّى ل يجاوز
حدود الورع والتقوى.
سادسا :الدعوة للعدالة والجتماعية
ركّججز الغزالي على الدّعوة للعدالة الجتماعيّججة بالقدر الذي ركّججز على أمور العقيدة والدعوة
للصلح.
وممّا قاله :على الغن يّ أن يعرف أ نّ الفقير أفضل منه وصلحاء الغنياء يدخلون الجنّة بعد الفقراء
بخمسمائة عام.
وخلص لتقرير المور التالية:
فجي المال حجق سجوى الزكاة :وعلى الغنياء أن يزيلوا دائما حاججة الفقراء وأن ل يكون العطاء
مباشرة وعلى الفق ير أن يش كر من سعَوْا في سدّ حاج ته ،وأن يبذل أق صى جهده للح صول على
رزقه من العمل والوسائل الشريفة.
كذلك وضع كتاب "الحلل والحرام" أراد منه تحديد أنماط الحياة الجتماعيّة ،وكيف ينقّي المجتمع
من العادات المخالفة للسلم في المعيشة والتكامل.
محاربة الحتكار والكنز.
أفرد كتابا في "حقوق الخوّة والصحبة"
منع إنفاق المال في النافلة من العبادات بعد أداء الفرائض ودعا إلى إنفاقها على الفقراء.
أثر الغزالي
تحدث الغزالي عجن آثاره وأثره ...ابجن النجار – السجبكي – أبجو الحسجن الفارسجي ..ولكجن أهجم
جوانب الثر الذي تركه الغزالي تمثّل في أمريْن:
جب
جن مختلف المذاهج
جبح مثلً احتذاه جمع جٌ غفيرٌ مج
جحاب والعودة" الذي أصج
الول :مبدأ "النسج
والجماعات السلميّة وبذلك برز بين الفقهاء والصوفيّة اتجاه قوي يؤمن بتكامل الجهود والحتكام
إلى القرآن والسنّة.
الثاني :أثره في انحسار التيارات الفكريّة المنحرفة.
وهكذا فجّر الغزالي حركة الصلح التي تتابعت حلقاتها بعده حتّى انتهت بدحر الغزاة الصليبين
واسترجاع الرض والمقدّسات.
ل قد كان من آثار مدر سة الغزالي ظهور نوع جد يد من المدارس والمؤ سسات التربويّة الخا صة
التجي اسجتلهمت روح المنهاج التربويّج الذي بلوره الغزالي ،وانقسجمت هذه المدارس إلى قسجمين:
قسم في بغداد ،لعداد النابهين للمشيخات التربويّة ،والقيادات السياسيّة والجتماعيّة ،وقسم ركّز
على تربيّة الفلحين والعامّةعلى أفكار الحركة الصلحيّة الجديدة.
وأهم هذه المدارس:
-1التعليم والتربية:
أسس الشيخ أبو سعيد المخرمي مدرسة صغيرة في بغداد وبعد وفاته آلت إلى تلميذه عبد القادر ،
الذي جعلهجا مركزا لنشاطات :التدريجس والفتاء والوعجظ ،وقام التْباع والغنياء بالصجرف على
الطلب ،وهذه المدر سة لع بت دورا رئي سيا في إعداد ج يل المواج هة للخ طر ال صليبي في البلد
الشاميّة ،وسوف نعرض لدور الخريجين وأمثالهم عند استعراض العلقات بين الحركة القادريّة
والحركة الجهاديّة التي كان يقودها نور الدين وصلح الدين.
-2الوعظ وموضوعاته:
كان شديد الحماسة للسلم مشفقا لما آلت إليه تعاليمه في حياة الناس ،ويودّ لو استطاع استنفار
الخلق جميعا لن صرة ال سلم ،وكان يرى أ نّ صلح د ين الفرد ل يت مّ إلّ بإ صلح القلب ،وف كّ
ب الدن يا والخلق الذمي مة .و من الموضوعات ال تي عالج ها :انتقاد العلماء – انتقاد
إ ساره من ح ّ
الحكام – انتقاد الخلق الجتماعية المعاصرة – الدعوة لنصاف الفقراء والعامّة .ولن أفصّل فيها
لنّه تن سّم فيها خط أبي حامد الغزالي فقد عاشا تقريبا في عصر واحد هو العصر الذي أع ّد فيما
بعد نور الدين وصلح الدين.
-2القضاء والقدر:
أن تكون عقيدة القضاء والقدر حافزا لنصرة الخير ومقارعة الشرّ.
وعلى النسجان أن يعالج الحوال خيرهجا وشرّهجا بالوسجائل المشروعجة مجع النتظار ,وعالج
الخاطئة للشرّ .حيجث ناصجرته الفرق الباطنيّة أمّا جماهيجر المّة فاسجتسلموا له ولم المفاهيجم
يقاوموه…
-3اليمان:
ي وجداني يقتضي العمل والخلص ومضمون اجتماعي يقتضي
له مضمونان :مضمون فكر ّ
ن وظي فة الحا كم الم سلم – إن كان مؤمنا حقا -هي
التكا فل الجتما عي وح سن توز يع الثروات وأ ّ
السهر على تحقيق العدل في مجال القتصاد ,وتوزيع الثروات.
ومن أهمها:
المدرسة العدويّة :مؤسسها الشيخ عديّ بن مسافر :اجتمع بالشيخ عبد القادر في بغداد ،ثم استقرّ
في منط قة "ج بل هكار" في شمال العراق ب ين قبائل الكراد والهكاريّة ،وأثّر ب هم كثيرا ،ويذ كر
ي كان عالما مبتحرا في علوم الشري عة ،كان بالم ستوى نف سه الذي ت سنمه
ن الش يخ عد ّ
القاد في أ ّ
ن غالبيّة مشا يخ مدارس ال صلح ال تي ن ستعرضها ه نا
الغزالي وع بد القادر ،مع الشارة إلى أ ّ
ركّزوا على التربية أكثر من التأليف ،وقد لعب أكراد هكار دورا كبيرا فيما بعد في جيش صلح
الد ين ،ح يث شكلوا أ هم فر قة ،واحتلّ عدد من هم منزلة المراء والقادة الذ ين حققوا النت صارات
وأنجزوا الفتوح.
ومجن هذه المدارس – السيهرورديّة – البيانيّة (ابجن الحورانجي) فجي دمشجق – مدرسية رسيلن
الجعبري – مدرسة حياة بن قيس الحرّاني :حيث كانت مدينة حرّان مركزا للعلم والتربية حيث
تخرج منهجا كبار العلماء والمربيجن كأسجرة (ابجن تيميّة) – مدرسية عقييل المنبجيي -المدارس
البطائحيّة الرفاعيّة :البطائح جنوب العراق :من صور البطائ حي ب عد أن تو في أو صى ل بن أخ ته
الش يخ أح مد الرفا عي الذي صادف حر كة ال صلح والتجد يد فاشتهرت المدر سة في ما ب عد با سمه
ولقجد اسجتمرّ الشيجخ أحمجد الرفاعجي فجي التدريجس والتربيجة وكان له علقات مجع شيوخ مدارس
الصلح والتجديد.
وممّا يك مل ال صورة ال تي تناول ها الب حث أن نقول :إنّ ها كا نت تط بق منهاجا موحدا في الترب ية
والتدر يس ،يتطا بق إلى حد كبير مع التف صيلت ال تي أوردنا ها عن منا هج المدر سة الغزال ية
والمدرسجة القادري ّة – السجالف ذكرهجا – وأنّهجا كان لهجا امتدادات أصجغر فجي الرياف والجبال
والبوادي بحيث يمكن القول أنّها بلغت المئات.
نهضت المرأة المسلمة لتحمل مسؤولياتها في حركة الصلح والتجديد التي أخرجت جيل نور
وصلح الدين ،ورغم المقتضب من النباء التي ُدوّنت حول هذا الموضوع ولكنه يقدم صورة
واضحة عن جهود مسلمات تلك الفترة.
-1من المنتسبات إلى المدرسة القادرية الشيخة عائشة بنت محمد البغدادي التي أجازها
عبد القادر الكيلني ،وكرست وقتها لوعظ النساء ،وصارت من الشيخ
والعبادة والصلح ،وعمّرت طويلً حتى توفيت عام 641 طلئع الوعد والرشاد
ه.
-2الشيخة تاج النساء بنت فضائل بن علي التكريتي زوجة عبد الرزاق بن عبد القادر
ت الشيخ عبد القادر ،ثم صارت من العالمات الواعظات المشهورات
صحِبَ ْ
َ الكيلني
ه. توفيت عام 613
-3من المنتسبات إلى المدرسة السهروردية الشيخة المعروفة باسم خاصة العلماء ،بنت
المبارك بن أحمد النصاري زوجة الشيخ أبي نجيب مؤسس المدرسة .بنت رباطا خاصا في
بغداد ,ووعظت النساء وعلمت البنات ،توفيت عام 585ه.
-4ومن أتباع المدرسة السهوردية أيضا الشيخة شمس الضحى بنت محمد بن عبد الجليل
عام 588ه. توفيت
-5الشيخة جوهرة بنت الحسن بن علي بن الدرامي :الزوجة الثانية بعد وفاة الولى لمؤسس
المدرسة السهروردية توفيت عام 604ه.
-6الشيخة صلف بنت أبي البركات ...توفيت عام 611ه .تتبع المدرسة السهروردية.
-7الشيخة فاطمة بنت محمد علي البزازة البغدادية :درس عليها عدد كبير من خريجي
القادرية ودرس عليها خلق كثير من الرجال والنساء ..حدث عنها كثيرون من المدرسة
الفترة توفيت عام 574ه. مؤرخي تلك
-8الشيخة شهدة بنت أحمد بن الفرج المعروفة ب(فخر النساء) :درست على كبار العلماء
ودرس عليها خلق كثير من الرجال والنساء ..حدث عنها كثيرون من مؤرخي تلك الفترة.
توفيت عام 574ه.
-9الشيخة زينب بنت أبي البركات البغدادية.
-10الشيخة جليلة بنت علي بن الحسن الشجري.
وغيرهن كثير.
ولم تكن هذه النماذج العالمة المصلحة من النساء المسلمات اللتي اشتركن في حركة
الصلح والتجديد والتي خرّجت جيل صلح الدين إلّ عينة قليلة من جيل نسائي شمل
اللوف اللواتي تواترت الكتابة عنهنّ في كتب طبقات المحدثين والفقهاء وكتب التاريخ
المختلفة.
بدأت نواة هذه الدولة خلل حياة نظام الملك السجالف ذكره ،حيجث أشار على السجلطان ملكشاه
بتول ية "آق سنقر ق سيم الدولة" مدي نة حلب وأعمال ها وحماه ومن بج واللذق ية و ما مع ها فكان من
أحسن الناس سياسة للرعية ،ودفاعا عن ديار المسلمين ،وفي عام 487قُتل آق سنقر وخلفه ابن
عماد الدين زنكي ،وفي عام 512ه نشبت الفتنة بين السلطان والخليفة ،ثم تتالت الفتن فضرب
اليأس النفوس والعناصر العسكريّة والفكريّة (أبي حامد الغزالي) فاتجه عماد الدين اتجاها جديدا...
وانتهى القائمون على الصلح والتجديد إلى التفكير في بناء أمّة إسلميّة جديدة بدل الستمرار في
ترميجم "أمةٍ" لفظجت أنفاسجها .فبدأ بتوطيجد أركان دولتجه الجديدة ،فلم ّا قضجى شهيدا على أيدي
المتآمر ين خل فه اب نه نور الد ين ،الذي أع طى الدولة الجديدة طابع ها ال سلمي المميّز ،وهيأ ها
لحمجل رسجالتها كاملةً ،وأصجبحت دولة آل زنكجي دار هجرة فتحجت أبوابهجا لكجل المخلصجين ،
ووزعت الدوار بينهم.
والمؤرخون قديما أهملوا دور العمجل الجماعجي ...حيجث أبرزت قيادة نور الديجن أثجر التخطيجط
والتعاون الجماعي فكان وزير عماد الدين (مروان بن علي ...الطننري) أحد تلميذة الغزالي قد
ورد إلى بغداد وتفقّه على الغزالي والشادي ،ثجم عاد إلى بلده ليدبر أمور الوزارة حتجى وفاتجه ،
عام 540ه .
ولقد تميّزت سياسة الدولة الجديدة – خلل فترة نور الدين – بأمور ستة:
الول :إعداد الشعجب إعدادا إسجلميّا ،وتطهيجر الحياة الديني ّة والثقافي ّة مجن التيارات الفكريّجة
المنحرفة.
الثاني :صبغ الدارة بالصبغة السلميّة ،وشيوع العدل والتكافل الجتماعي.
الثالث :نبذ الخصومات ،وتعبئة القوى ،وتنسيق جهودها ضمن منهاج عمل موحد.
الرابع :ازدهار الحياة القتصاديّة وإقامة المنشآت والمرافق العامّة.
الخامس :بناء القوّة العسكريّة ،والعناية بالصناعات الحربيّة.
السجادس :القضاء على الدويلت المتناثرة فجي بلد الشام ،وتحقيجق الوحدة السجلميّة بيجن الشام
ومصر والجزيرة العربية.
اعتبرت الدولة الجديدة النسان المسلم هو الدعامّة الرئيسية التي يقوم عليها بناء المّة السلميّة ،
فأعدّت خطة شاملة لعداد الشعب تناولت التعليم – التوجيه والرشاد – العداد العسكري.
-3العداد العسكري:
نش طت الدولة في تدر يب كا فة جماه ير المّة تدريبا ع سكريّا وذلك بإعداد معنوي رو حي ،ثم
تدريب عسكري ،وألّف نور الدين كتابا في الجهاد ،وتكاملت الجهود التعليميّة والتربويّة لتناقش
كافة الموضوعات بروح علميّة متسامية ،وكان نور الدين نفسه يحضر هذه المجالس ويجلس أمام
العلماء والشيوخ كما يجلس الفراد العاديون ،وضم نور الدين مملكة دمشق إليه ،وتداعى الجميع
إلى الدولة الجديدة دار الهجرة.
وهكذا حلّ الطابع السلمي الذي تجلّت من خلله الروح السلميّة التي ه ّيأَت المجتمع وأفراده ،
الشابج صجلح الديجن ،ولقجد ترتجب على هذه الجهود التربويّة
ّ وفجي هذه المياديجن كانجت تربيجة
والتعليميّة لتغيير ما "بأنفس القوم" من أفكار وتصوّرات وقيم واتجاهات أن برز جيل مسلم يختلف
عن الجيال السابقة ...واللحقة ..
هذه هي الصورة التي يجب أن تُعرض حتى تكون أملً وحافزا للجيال الحاضرة ،التي تفترسها
تيارات الحباط والفشجل والنحلل ،فالسجلم الذي أعاد صجياغة صجلح الديجن وجيله قادر على
إعادة صجياغة مجن يوصجمون بالنحلل والتمرد على القيجم والخلق ،إذا برزت المؤسجسات
التربويّة الحكيمة الواعية -فهؤلء الشباب هم المادّة الخام التي يجب العناية بها حتى يخرج من
صجفوفهم " :صجلح الديجن الجديجد" وأعوانجه وأركان قيادتجه وإدارتجه ،إذا توفّر المنهاج التربوي
المح كم ووجدوا "علماء الخرة" الذ ين يفقهون تزك ية النفوس ويحكمون صياغة ال سلوك والتفك ير ،
بدلً مجن علماء الدنيجا الذي يخطبون ويتكسجبون بتتبجع عورات الشباب ،والتشهيجر بأخطائهجم فوق
المنابر ،و في ندوات التلفزيون ،و في الحفال العامّة ،ويعيشون على إثارة الخ صومات "الحزبيّة
والمذهبيّة" بين الطلبة في الجامعات ودور العلم.
إ نّ أغلبية عناصر هذه القيادات تخرجّت من مدارس الصلح مع شيءٍ من التوزيع والتخصص
العام ،لذلك جاءت الصفات العامّة للدولة الجديدة وهي:
-1الصبغة السلميّة للقيادات السياسيّة والداريّة والعسكريّة:
حيث تميّزت هذه القيادات بالتزامها العقائدي في جيمع نشاطاتها ،وممارساتها ،والسبب في ذلك
يعود إلى تربيت ها ال سلميّة – نور الد ين – صلح الد ين -القا ضي الفا ضل وز ير صلح الد ين
ضياء بن عي سى الهكاري أ كبر أمراء الج يش ز من صلح الد ين .بهاء الد ين قراقوش و هو من
أروع القادة وأشجعهجم ،بنجى سجور القاهرة وقلعجة الجبجل فيهجا ...وقجد أظهجر هذا الرعيجل مجن
المهارات فجي التخطيجط والتنفيجذ وحشجد مقدرات المّة مجا هيأهجا لمجابهجة التحدّيات فجي الداخجل
والخارج.
ومن هذه المزايا:
تكامل القيادات الفكريّة والعسكريّة. .1
اعتماد الشورى وعدم النفراد باتخاذ القرارات. .2
غل بة الم صلحة العامّة على النفعلت والم صالح الشخ صيّة في معال جة المشكلت ال تي .3
تثور بين القران.
التفاني في أداء الواجب بتعاونٍ وتآخٍ. .4
ومما لحظه الدكتور حسين مؤنس أ نّ تعلقهم بالدين جعلهم يتخيرون أسماءهم على نحو يتفق مع
هذه النزعة :عماد الدين – سيف الدين – نور الدين – صلح الدين – أسد الدين – نجم الدين –
زين الدين ..وهذا التعلق بالدين جعلهم يحرصون على الجهاد والستشهاد.
تبدّل التّ صور القت صادي الذي يو جه طرق الك سب وطرق النفاق ع ند الج يل الجد يد ،و صارت
المفاهيم القتصاديّة العامة تقوم على أساس الكسب المشروع والنفاق المشروع ،
ونتيجة لشيوع هذا المفهوم جاءت التطبيقات القتصاديّة كما يلي:
ل مجن نور الديجن وصجلح الديجن عنايجة فائقجة لمور الجيجش ،وبناء القوة
أولت الدولة بقيادة ك ّ
الع سكريّة ،وإقا مة التح صينات والقلع ،والم صانع الحربيّة ،ك ما امتازت القيادة بمهارة فائ قة.
وكان نور الدين يتولّى بنفسه تفقد أحوال الجند وخيولهم وأسلحتهم.
كمجا بُنيجت زمجن نور الديجن أسجوار المدينجة الشاميّة وقلعهجا ،وكذلك البراج على الطرق بيجن
المسلمين والفرنج.
وكان نور الدين يتحرّى السنن السلميّة في المور العسكريّة.
أمّا -ز من قيادة صلح الد ين – ف قد فا قت الو صفَ العنايةُ بالناح ية الع سكريّة ،بُ ني الكث ير من
التحصجينات العسجكريّة ،وأُنشئت فرق جديدة عرفجت باسجم "الفرق الصجلحيّة" ورُفجع مسجتوى
المهارات القتاليّة ،إلى درجة جعلت الجيش السلمي آنذاك على أرفع مستوى.
وكان هناك جيش دائم وفرق مساعدة غير نظاميّة ل تقلّ مهارة عن الجيش.
ولقد أنشا صلح الدين ديوانا خاصا بالسطول.
كذلك أقيمت المصانع الحربيّة التي تزوّد الجيش والسطول بكلّ أنواع السلحة والذخائر المستعملة
آنذاك.
بناء الوحدة السلميّة وتحرير المقدسات والراضي المحتلّة ومحاولة استئناف الفتوحات
السلميّة
كا نت أولى بدايات الوحدة انضمام ممل كة دم شق عام 545ه 1151 /م ،بعدَ مناوآت طويلة من
صاحبها ،ع مد خلل ها إلى معار ضة الوحدة ،وإلى التحالف مع ممل كة ال صليبين في القدس ضد
الدولة المسجلمة الفتيّة .وازدادت جبهجة السجلم قو ًة بدخول دمشجق ورجالهجا وأنجادهجا فجي جبهجة
الجهاد والتحرير ،وانفتح الطريق إلى مصر.
كذلك قا مت المواج هة مع دولة انف صاليّة أخرى هي دولة الفاطمي ين في م صر ،فع مد نور الد ين
إلى تصفية الجيوب الصليبية التي تقع بينه وبين مصر ،وأرسل إلى مصر الدعاة والوعاظ لتهيئة
الرأي العام لستقبال الفاتح المخلص وللنضمام إلى ركب الوحدة السلميّة.
من هؤلء الدعاة ا بن ن جا الوا عظ – مح مد بن المو فق الخبوشا ني الذي شجّع صلح الد ين على
غزو مصر.
وجاءت الفرصة عندما اختلف حكام مصر الظلمة :أمثال القائد ضرغام بن ثعلبة والوزير شاور –
حول مصالحهم الشخصيّة ،واستنجادهم بالصليبين وبنور الدين ضد بعضهم البعض .فأرسل نور
الديجن حملة عام 562ه 1167 /م بقيادة أسجد الديجن شيركوه وابجن أخيجه صجلح الديجن ،فدخلت
م صر ،فوجدت ال صليبين قد أر سلوا حمل ًة أخرى ... ،وجرت مناورات ولم ت ستقرّ المور لنور
الديجن فجي مصجر حتجى عام 564ه 1169 /م حيجن قَتجل صجلح الديجن شاور لخيانتجه للجبهجة
السلميّة ومؤامراته مع الصليبين.
التحجم المسجلمون بالمحتليجن متدافعيجن للجنّة والسجتشهاد ،ثجم دخلوا المدينجة المقدسجّة (ال أكجبر)
مكبّر ين مهلّل ين ،وتوجّ هت جموع الجماه ير إلى الق صى المحرر ،ونظّفوه ممّا ترا كم ف يه من
أوساخ الصليبين المحتلين وقاذوراتهم ،وفي أول يوم جمعة أقيمت فيه (امتلً الجامع وسالت لرقّة
القلوب المدامع)
وكانت أول خطبة ألقاها ابن الزكي الشافعي.
وكان أول واعظ ابن نجا القادري الحنبلي ...وهكذا تكرر الوعظ في الجمعة الثانية ...
ن هد فه الن أن يموت
ويذ كر ا بن شداد أ نّ ال سلطان صلح الد ين ب عد أن ف تح القدس ،أ خبره بأ ّ
أشرف الميتات ،فلمّا سأله عن كيفية ذلك؟ أجابه :أنّه ير غب بأن يركب الب حر ،ويغزو موا طن
الفرنجة في أوربا لنشر السلم!!.
فاتّخجذ الجراءات الولي ّة لسجتئناف الفتوحات السجلميّة ،وكان ل بدّ مجن تعاون دولة الشرق
(دول ته) ودولة الموحدين في الغرب ،حيث تتلمذ مح مد بن تومرت على يد الشاعرة الشافعيّة ،
وقابل الغزالي واستلهم أفكاره.
أر سل صلح الد ين إلى سلطان الموحد ين يعقوب بن يو سف بن ع بد المؤ من وفدا برئا سة ع بد
الرحمن بن منقذ ،وأرسل معه رسالة في هذا المر ،ولم تفد المراسلة لنّها لم تذكر اسم يعقوب
باسجم "أميجر المؤمنيجن" ،ولم يكتبهجا صجلح الديجن أي عبارة أميجر المؤمنيجن خوفا مجن إغضاب
العباسيين ،ولقد ذاق الموحدون فيما بعد – نتائج قصر نظرهم.
ف سقطت الندلس ،وتعرّض المغرب لهجمات البرتغال وال سبان قرونا ،انت هت باحتلله ومعانا ته
من الستعمار الوربي حتى العصر الحديث.
آتت حركة الصلح والتجديد التي قام بها جناح النساء المسلمات ثمارها ،وأفرزت جيلً من
النساء أسهم في حركة الجهاد التي قادها كلّ من عماد الدين زنكي وولده نور الدين وصلح
الدين.
ولقد ضمّ جيل الجهاد النسائي نسا ًء من كافة الطبقات ،ابتداء من نساء القيادة حتى نساء الطبقات
الشعبيّة.
من نساء القيادات العليا:
-2السيدة عصمت الدين خاتون بنت معين الدين زوجة نور الدين الزنكي
فقيهة على مذهب أبي حنيفة ،وبعد وفاة نور الدين تزوجت صلح الدين ،وكانت من أحسن
النساء وأعفّهن وأكثرهنّ صدقة.
-3ست الشام زمرد خاتون بنت أيوب شقيقة صلح الدين وزوجة ناصر الدين محمد بن
شيركوه
َبنَت مدرستين الولى باسمها والثانية باسم الحساميّة وأقامت مصنفا للدوية وصيدلية كبيرة تزود
مستشفيات الجيش الصلحي بالعلج والدواء اللزم لجرحى الجهاد.
-4ربيعة خاتون بنت أيوب الخت الثانية لصلح الدين وزوجة مظفر الدين صاحب اربل
وصاحب الجهاد العظيم في معركة حطين ،بنت في دمشق المدرسة التي عرفت باسمها وأوقفتها
على الحنابلة بسفح جبل قاسيون .توفيت بدمشق عام 643ه.
كذلك سارت نساء عامة رجالت الدولة النوريّة – الصلحيّة على نفس الطريق في المشاركة في
الصلح والجهاد.
من ذلك ما قامت به الشيخة الجليلة أم عبد الكريم فاطمة بنت سعد الخير النصاري .1
ولقد تزوجت الداعية المشهور زين الدين علي بن نجا الواعظ ،الذي تخرج من المدرسة
القادرية وصار مستشار صلح الدين الذي يوصف بالدهاء وحنكة الرأي.
ولقد شاركت الشيخة فاطمة زوجها هذا جهاده التربوي والسياسي وتنقلت معه في كل من
دمشق ومصر حيث ألقت الدروس والمواعظ .توفيت عام 600ه.
المجلد الثاني:
.1الشيخة رحمة بنت محمود بن نصر.
الشيخة فاطمة بنت الشيخ عبد الرحمن بن الحسن بن عبد ال الفارسي الصوفي. .2
الشيخة الصالحة فارس بانويه بنت محمد بن أبرويه. .3
الشيخة صفية بنت عبد الكريم بن شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل. .4
الشيخة محبوبة بنت الشيخ أبي المظفر المبارك بن محمد بن سكينة. .5
الشيخة عفيفة بنت الشيخ المبارك بن محمد. .6
الشيخة درة بنت عثمان منصور المعروف بابن قيّامة. .7
الشيخة صفية بنت أحمد بن محمد بن ملعب البغدادية. .8
الشيخة فاطمة بنت عبد ال بن أحمد البغدادي المعروف بابن الطويرة. .9
أم الحياة عفيفة ابنة الشيخ محمد بن عبد ال. .10
الشيخة الصالحة عاتكة بنت الحافظ الحسن بن أحمد. .11
الحاجة أم الفضل زينب ابنة الشيخ الفقيه ابراهيم بن محمد وزوجة الخطيب عبد .12
بن زيد الدولعي. الملك
نجحجت مدارس الصجلح والتجديجد فجي إخراج جيجل )نور الديجن وصجلح الديجن( الذي اسجتطاع
مواجهة التحديات الصليبية و"إعادة القدس" لكن هذه المدارس لم تن جح في إمداد المّة الجديدة بما
يحافجظ على اسجتمرار وحدتهجا ونمائهجا الحضاري ،وانتهجى بهجا التخلف إلى مجا عُرف بالطرق
الصوفيّة المتمثلة بجماعات الدراويش المختلفة.
وقجد ناقجش ابجن تيميّة هذا المصجير السجلبي الذي انتهجت إليجه مدارس الصجلح سجواء فجي "كتاب
السلوك" أو "كتاب التصوف".
وهو يرى أ نّ البدايات قامت على أصول سليمة تتفق مع القرآن والسنّة ،أما النهايات فقد نسيت
تلك الصول الشرقية ،فقال "فقد كان قدماء المشايخ أمثال :أبي الحسن القرشي وعدي بن مسافر
اليوبي فيهما من الفضل والدّين والصلح والتّباع للسنّة ماعظّم ال به أقدارهم ورفع منازلهم".
وحينما سُئل ابن تيميّة عن البدع التي أحدثتها الطرق الصوفيّة أجاب:
"واتخاذ الضرب بال ّدفّ والغناء والرقص عبادة هو من البدع التي لم يفعلها سلف المّة ول أكابر
شيوخها"...
و في كجل مو ضع ينا قش ا بن تيميّة محدثات الطرق ال صوفيّة ،ين في هذه المحدثات عن الشيوخ
المؤسسين لمدارس الصلح ..أمثال الشيخ عبد القادر والشيخ عدي والشيخ أبي مدين ..
ولكن ابن تيميّة ل يحاول كشف المؤثرات والظروف التي انتهت بمدارس الصلح والتجديد إلى
المصير الذي آلت إليه ،
وهذه نجدها في عوامل ثلثة:
نقص الفقه الحركي الذي وجّه نشاطات هذه المدارس. -1
أثر قيم العصبيات السريّة والقبليّة في تنظيمها القيادي والداري. -2
أثر سياسات السلطنة المملوكية المفرطة في الظلم. -3
لقجد اكتفجت هذه المدارس بفقجه الباء الذي يرك ّز على المظهجر الدينجي للعبادة دون )1
المظهجر الجتماعجي ،ولم تفرز فقجه الحكمجة اللزم لتنظيجم مؤسجسات السجياسة والدارة
والقتصجاد وتنظيجم مسجؤوليات العامليجن فيجه ،ولم تطرق الفقجه المتعلق بالمظهجر الكونجي
للعبادة والمؤدي إلى تطويجر العلوم الطبيعيجة ،وتسجخير تطيبقاتهجا فجي مياديجن الحضارة
المادية المختلفة ،مما أدّى إلى:
.1أن ارتدّ جيل البناء إلى تقاليد العصبيّة القبليّة والدم ،
.2كما أدّى إلى انفجار الفتن بين الملوك وأمراء الجيش.
والخلصجة :أنّج الجدب فجي الفقجه السجياسي والداري ،أفرز بعجد جيجل صجلح الديجن قيادات
وإدارات مت سلطة فرديّة ،ارتدّت لتح كم المّة بق يم "القوّة فوق الشري عة" و"الفرد ية بدل الع مل
الجماعي" ،و"التسلط بدل الشورى" ،و"الرتجال بدل التخطيط".
أمّا عن أثر العصبيّة السريّة ،فإنّها تسللت إلى مدارس الصلح نفسها ،فقد استلم )2
ججة
ججة والدينيّج
البناء والحفاد قيادات هذه المدارس ،دون أن يملكوا المؤهلت العلميّج
والخلقيّة التي كانت لبائهم.
و قد أدّى الر عب الذي أشاع ته سياسات ال سلطنة المملوك ية المفر طة في الظلم ،إلى )3
انتحار المعار ضة ال سياسيّة اجتماعيا ،واغتراب ها في عالم الرؤى والت صورات ،فظهرت
الخوارق والكرامات والمبالغات.
وكان هذا النتحار الجتماعي تطورا متخلفا للمعارضة السلبية التي قادها الشيوخ المؤسسون
ضجد مجن أسجموهم "بالسجلطين الظلمجة" وحلفائهجم مجن "علماء السجوء" و"فقهاء الدنيجا" وهجي
المعارضة التي قلنا :أنّها تشبه ما يسمّى بالعصيان المدني في الوقت الحاضر.
القانون الثاني:
ح ين تف شل جم يع محاولت ال صلح ،وتتحوّل الجهود المبذولة إلى سلسلة من الحباطات
والنتكاسجات المتلحقجة ،فإنّج المطلوب :هجو القيام بمراجعجة تربويّة شاملة جريئة وصجريحة
ل الموروثات الثقافيّة ال تي تلي ن صوص القرآن
وفاعلة ،يكون من نتائج ها إعادة الن ظر في ك ّ
والحديجث الصجحيح ،وإعادة النظجر فجي كلّ العمليجة التربويّة ،ابتداء مجن فلسجفة التربي ّة ،
ومرورا بأهدافها ومناهجها ،وطرائقها ،ومؤسساتها ،وإداراتها ،والمربين ،العاملين فيها ،
حتّى النتهاء إلى تطبيقاتها ال سياسيّة والجتماعيّة والداريّة .والوا قع أنّه ما كا نت لتبرز تلك
النجازات التاريخ ية المشر قة ال تي قام ب ها ج يل صلح الد ين لول تلك "التو بة الن صوح" في
الفكر والقيم والسلوك ،التي قام بها طلئع الصلح ورواده ،ونحن الن بأم سّ الحاجة إلى
مثل تلك التوبة النصوح.
القانون الثالث:
ل أ نّ
ن السلم هو العلج المؤدي إلى صحة المجتمعات وقيام الراقي من الحضارات ،إ ّ
مع أ ّ
السجلم ل يؤدي هذا الدور الحضاري ،إلّ إذا تولّى "فقهجه" "أولو اللباب" النيّرة والرادات
العازمجة النجبيلة ،وهذا مجا أشار إليجه القرآن الكريجم فجي مواضجع كثيرة ,وهذا مجا أشار إليجه
ن اجتم عت ف يه خ صلتان :الع قل والن سك ،فإن
الش عبي ح ين قال" :إنّ ما كان يطلب هذا العلم م ْ
ل ولم يكن ناسكا لم يطلبه ،فإ نّ هذا المر ل يناله إلّ
ن كان عاق ً
ن ناسكا ولم يكن عاقلً وإ ْ
كا ْ
النساك العقلء ،والن يطلبه من ليس فيه واحدة منهما ل عقل ول نسك" ؟!!
القانون الرابع:
مع أ نّ الدين السلمي هو "الدين الصحيح" بين الديان المعاصرة ،إنّه هو منهاج الحياة
الراشدة الهانئة فجي الدنيجا والخرة ،إلّ أنّجه ل يقود إلى هذا النوع مجن الحياة إلّ إذا
أحكمت خطوات عرضه وتطبيقه حسب نظام خاص ومنهجية معينة.
ن يبدأ الترك يز على العن صر الول من الشري عة ال سلميّة
وأول عنا صر هذا النظام ،أ ْ
وهو "القيم" قبل تطبيق العنصر الثاني "الحدود" وأ نْ يجري تنمية هذه القيم المذكورة في
ن يطالبوا غيرهم بها ،والقرآن الكريم يجعل ذلك كلّه شرطا في
حياة الداعين إلها قبل أ ْ
النجاح والمثوبة.
القانون الخامس:
تتحقق قوة المجتمعات من خلل نضج وتكامل عناصر القوة كلّها في دائرة فاعلة وتناسق
صحيح ،وهذه العناصر هي" :المعرفة والثروة والقدرة القتالية".
وتتج سد المعر فة في العلماء المتخ صصين وال خبراء والثروة في القت صاديّين ،ورجال
العمال والغنياء ،بينما تتجسد القدرة القتالية في الجند والقادة العسكريّين ،ويجب أن
تكون القدرة القتالية والثروة في فلك المعرفة ،لتكون السياسة الحكيمة والقيادة الناجحة ،
كمجا فجي أميركجا وإسجرائيل .وفجي البلد العربيجة والسجلميّة انتكسجت – مجن زمجن –
المؤسجسات التجي تخرّج وتوظّفج المفكري ّن والفقهاء الذيجن يحسجنون اكتشاف وتطجبيق
القوانين التي تحكم الجتماع والثقافة التربية والسياسة والقتصاد.
عن ابن مسعود عن الرسول صلى ال عليه وسلم "في آخر الزمان يكثر الخطباء ويقلّ
الفقهاء".
القانون السادس:
ما لم يتزاوج الخلص مع ال ستراتيجية ال صائبة في تعبئة الموارد والقوى البشر ية في
ن جميع الجهود والطاقات سوف تذهب هدرا على مذابح الصراعات الداخلية ،
المّة ،فإ ّ
وتؤول إلى الفلس .ويتجسجد هذا القانون مجن خلل نوعيجن مجن المؤسجسات :مؤسجسات
تربويّجة كالمدارس والجامعات ،ومؤسجسات تخطيجط وتنفيجذ كالحزاب والجماعات ،
وتتكا مل المؤ سسات التربويّة والفكريّة مع مؤ سسات التخط يط والتنف يذ تكاملً محكما ،
بحيث يؤدي غياب إحداها إلى فساد عمل الخرى.
فإنج محاولت العلج للواقجع الذي تعيشجه الحركات والجماعات السجلميّة وغيجر
ولذلك ّ
ال سلميّة ،تحتاج بش كل مُل حّ لن ت ضع في ق مة أولويات ها "إفراز المؤ سسات التربويّة
والفكريّة" ،التي تبدأ من رياض الطفال حتى آخر مراحل التعليم الجامعي ،بغية إخراج
"فقهاء" راسجخين فجي مياديجن الفكجر والسجياسة والجتماع والقتصجاد والعسجكريّة وسجائر
مياد ين الحياة محيط ين بعنا صر القوة الثل ثة :القوة والمعر فة والقوة القتاليّة ،وبأ ساليب
تكاملهجا وبنائهجا بغيجة إحلل الفقهاء المنشوديجن محجل الخطباء القائميجن ،وذلك لتحليجل
المشكلت ،ودراسجة التحديات ,وأن تبحجث كذلك عجن الموهوبيجن مجن الجيال الناشئة
وتنميجة مواهبهجم ،ورعايتهجا حتجى تجبرز القيادات الحكيمجة ،التجي ترشجد الجماعات
والحزاب وتو صل الج سور المهدو مة بين ها ،وتي سر ل صفوفها أن تجت مع ولفكار ها أن
تتلقجى ،ولقلوبهجا أن تتآلف ،ثجم تنظجم العلقات بيجن جميجع الطراف فجي إطار المّة
ن العمل إن كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل" وأضيف هنا أنّ العمل إن لم
الواحدة " ،إ ّ
يكن خالصا وصوابا لم يثمر.
القانون السابع:
إ نْ لم ي قم ال صلح على التدرج التخ صص وتوز يع الدوار ،ف سوف ينت هي إلى الف شل
والحباط المدمّر ،
ن النهضات وحركات الصلح الناجحة تمرّ بثلث مراحل:
وأهمية التدرج أ ّ
القانون الثامن:
إذا لم تترجم "أفكار" الصلح والوحدة إلى "أعمال وتطبيقات صائبة" ،فسوف تعمل هذه
الفكار على زيادة ضعف المجتمع وتعميق التخريب فيه ،يتسارع كتسارع النشطارات
النووية التي ل تتوقف عند حد.
وتكاد أحداث القرن الحالي الذي تعي شه القطار العرب ية وال سلميّة أن تكون سلسلة من
الت طبيقات العمل ية لهذا القانون ،فهذه القطار تع يش هذا التنا قض ب ين الف كر والع مل ،
وتتوالى فيهجا سجلسلت النفجارات الفكريّة ،وتسجارع التصجدع والتخريجب فجي جميجع
المياد ين ال سياسيّة والجتماع ية والقت صاديّة والعقائد ية ،ول قد صاحب تدم ير المّة هذا
وتفكيجك تاريخهجا المشترك تدميرٌ لشخصجيّة الفرد نفسجه ،وذلك مجن خلل السجتهانة
بإنسانيته وكرامته ،وتدمير حريته.
القانون التاسع:
"فجي ا ستراتيجات الصجلح والتجديجد يتناسجب مقدار النجاح بقدر مراعاة قوان ين ال من
الجغرافي".
ومع نى هذا أ نّ كل وحدة من الوحدات الجغراف ية الرئي سة في الكرة الرض ية تنق سم إلى
أقسجام تمارس قانون التخصجص والتكامجل فهناك مناطجق الحتكاك مجع الخارج وهجي:
موانججئ تصججدير الحضارة خلل فترات القوّة ،ومعابر تسججلّل الغزاة خلل فترات
الضعف ،وهناك العمق الجغرافي وهو مركز التفاعل الجتماعي بجميع أشكاله.
والتخطيط السليم يراعي هذا التخصص والتنوع في الستراتيجات العامّة ،والمم التي
ل تربض على بقعة تتوافر فيها هذه التخصصات ،تتحالف مع غيرها من المم من أجل
غايات التكا مل والتعاون ،والف قه ال سلمي ق سّم دار ال سلم إلى "حوا ضر" وإلى "ثغور
ورباط".
ن المنطقة الحساسة في
وعندما نطبق هذا القانون على العالم العربي والسلمي ،نجد أ ّ
مناطجق الثغور والرباط كانجت دائما بلد الشام ،وحيجن نزلت الرسجالة السجلميّة جعلت
"البيجت الحرام" حاضرة الهدايجة ،و"المسججد القصجى" ثغجر الرباط ،واشترطجت فجي
ن انحرفت هذه الجماعة عن
الجماعة التي تقيم في هذا الثغر مواصفات إيمانية معينة ،فإ ْ
هذه المواصجفات ،بعجث ال عليهجا عبادا له أولي بأس شديجد ،فجاسجوا خلل الديار ،
ودمروا أعراض الدّنيا التي ألهتها عن رسالتها تدميرا.
أنج بلد الشام "رباط"
والرسجول صجلى ال عليجه وجّه لذلك ،وقرر فجي أحاديجث عديدة ّ
المجاهد ين ،وأ نّ أهل الشام في جهاد دائم إلى قيام ال ساعة ،وهذا التوجيه النّبوي يم كن
ربطه بتوجيه نبوي آخر هو قوله صلى ال عليه وسلم:
"فارس نطحة أو نطحتان ثم ل فارس بعد هذا ،والروم ذات القرون كلّما هلك قرن خلفه
قرن ،أهل صبر وأهله أهل لخر الدهر ،هم أصحابكم ما دام في العيش خير" .وفي
حديث آخر قال صلى ال عليه وسلم" :أشد الناس عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة" ,
والناظر في هذا التوجيه النّبوي يلحظ أمريْن:
الول :قوة الرتباط ب ين ما ذكرناه حول موقع بلد الشام كرباط دائم للمجاهد ين إلى يوم
القيامجة ،وبيجن اسجتمرار المواجهجة مجع الغرب "الروم" فالغرب هجو التحدي الكجبر لدار
السلم.
الثاني :هو إيجابية النظر في تحدي الغرب رغم عناده واستمراره "فهم أصحابكم ما دام
في العيش خير" ،ولع ّ
ل العيش المقصود هنا هو أسلوب الحياة في المجتمع السلمي ،
فما دام هذا المجتمع يلتزم منهج ال في العيش وفي توفير أسباب المنعة ،فسوف يقدّر
سعَون لمصاحبة أهله ,أمّا عندما ينتكس هذا المنهج في
الغربيون الخير في هذا المنهج و َي ْ
حياة المسلمين ،فسوف يُنظر إليهم نظرة استخفاف ,ويعاملونهم بما يستحقون.
وحسم المواجهة مع الغرب :بإعداد ما يستطاع من قوة ،وحسن عرض السلم بالفكر
والتطبيق ،وهو ما يتفق مع مستوى التفكير الغربي ،الذي يتمتع بكثير من الخصائص
ن مفهوم المّة
اليجابية في هذا الميدان ،وإذا كان مفهوم السرة قد انهار في الغرب ,فإ ّ
قد انهار عندنا ,وأنّه إذا كانت نقطة الضعف في الغرب هي "ضعف المناعة الجتماعية"
،فإ نّ نقطة الضعف عندنا هي "ضعف المناعة السياسيّة" ,وقابليّة التفتت إلى عصبيّات
وإقليميّات وهو ما أشار إليه الحديث النبوي.
ب فيجه روافجد العالم السجلمي
أنج بلد الشام هجي الحوض الذي تصج ّ
نخلص مجن ذلك ّ
والعربجي حضاريا واجتماعيا ،و هي الرباط الذي تتج مع على ساحاته الطاقات المتدف قة
من العالم السلميّ كله ،وأنّه ما لم يحافظ على منعة هذا الرباط وذلك بتوحيده وتقويته
وإقامة الحياة الراشدة فيه ،فسوف يكون الثغرة التي تنفذ منها الخطار ،وسوف تذهب
الروا فد والطاقات ال تي ترِد من العالم العر بي وال سلمي هدرا ،ثم ترتدّ إلى م صادرها
شؤما ومآ سيَ ،و سوف ي صاب باعثو ها بالحباط ،وتؤول جهود هم إلى النطواء على
النفجس والتقوقجع إلى الوراء ،وفجي العصجر الحديجث ،جرت تطجبيقات جديدة لهذا المبدأ
الجغرا في ،ولكنّ ها ذات طا بع سلبي ،فح ين أرادت قوى ال ستعمار وال صهيونية توف ير
أسباب النجاح لقيام إسرائيل وقوتها ،جرى التخطيط والتنفيذ لتجزئة بلد الشام وإعادتها
ِبج الميدان الشامجي
خر َإلى الوضجع الذي مهجد لنجاح الحملت الصجليبية الولى ،حيجن ُ
بمعاول الطائفيّة والمذهبيّة والتجزئة السياسيّة.
ولقد أوضح هذه المؤامرة "الضابط البريطاني لورنس" صديق العرب؟!!
عطَوا وعد بلفور عام 1906م وليس في عام 1917
ن المخططين الستعماريين أ ْ
وذلك أ ّ
كما هو مشهور ،حين قرورا أنّه من الشروط التي يجب توفيرها لتحقيق هذا الوعد هو
تقسيم بلد الشام إلى دويلت ضعيفة ،تشكل جدرا واقية لسرائيل من الشرق والشمال ،
ح تى يكت مل قيام إ سرائيل على رق عة فل سطين كاملةً ،ثم تبتلع هذه الدويلت واحدة ب عد
الخرى ،
ن المسلمين سيقاتلون اليهود في بلد الشام ،ويقتلونهم
وإذا كانت البشرى النبوية تقرر أ ّ
ح تى يقول الش جر والح جر :يا م سلم ! يا ع بد ال ! هذا يهودي خل في تعال فاقتله ،فإ نّ
تحقيجق هذا البشرى يتطلب مقدمات مجن العداد ،وتوفيجر السجباب .وأهجم هذه السجباب
هي توحيد بلد الشام ،وإعادة الصفاء السلمي إليها ،وتوفير المنعة وحشد الطاقات –
كما فعل جيش نور الدين الزنكي وصلح الدين اليوبي.
هذا يعني أنّه إذا كانت بلد الشام هي رباط المجاهدين الفاتحين المدافعين ،و"الثغر" الذي
يتسجلل منجه الغزاة فإن "الهلل المنجي" المكوّن مجن بلد الشام ومصجر وشمال افريقيجا
وإضا فة ترك يا إن أم كن ،هو رباط المهاجم ين الفاتح ين ،أمّا ما وراء ذلك من الع مق
الجغرافي فهو مركز التفاعل السلمي ومركز المداد وروافد القوة.
وأخيرا هذه نماذج للقوانيجن التاريخيجة التجي يججب أن تعززهجا هذه الدراسجة التاريخيجة ،
وتظلّ الحا جة الملحّة قائ مة إلى ال ستراتيجية ال صائبة ال تي تنت قي المئات واللوف من
أولي اللباب ،ممن يكونون من أوائل الصفوف الدراسيّة ،ويحصلون على مايزيد عن
خمس ٍة وتسعين بالمئة في امتحان الثانوية ،ثم يجري إعدادهم وتربيتهم ليكونوا :فريقيْن:
فريجق يتسجلم القيادة الفكري ّة ويتجمجع فجي مراكجز الدراسجات والبحوث ،ليتفكروا فجي
مشكلت العالم السجلمي ويبصجروا قوانيجن ال فجي بناء المجتمعات وهدمهجا ،وفريجق
يتسلم القيادة السياسيّة ،ويحوّل هذه القوانين إلى سياسات وخطط واستراتيجيات ،وبذلك
تتكامل الطاقات والمؤسسات ويظهر جيل صلح الدين الجديد وتعود القدس.