You are on page 1of 5

‫آن لـ "سوسو" أن ميد‬

‫قدميه !!‬

‫آن لـ "سوسو" أن يمد قدميه !!‬


‫بقلم الشيخ؛ إبراهيم بن عبد العزيز بركات‬

‫بينما كــان "شــيخ الســلطان" متجه ـاً إىل احلافلة اليت ســتنقله إىل الوجهة اليت يريــدها‪،‬‬
‫ويف ي ــده رقم املقعد ال ــذي زوده به املض ــيف‪ ،‬ص ــعد "ش ــيخ الس ــلطان" إىل احلافلة يف س ــرور‬
‫قاصداً مقعده الذي حيمل رقمه‪ ،‬ويا لدهشته حني وصل املقعد!‬

‫فقد رأى رجالً حيلق رأسه مريــنز ‪ -‬قــزع ‪ -‬وحــول رقبته سلســلة ذهبيــة‪،‬تكــاد رقبته‬
‫تنكسر من ثقله ــا‪ ،‬وقد زينت اخلوامت كب ــرية احلجم معظم أص ــابعه‪ ،‬ناهيك عن لباسه ال ــذي‬
‫ال يســتطيع أحد متيزه عن لبــاس املرأة الســافرة‪ ،‬واألهم من ذلك كلــه‪ ،‬أن الرجل يضع على‬
‫فخذه طنبوراً ‪ -‬آلة موسيقية ‪.-‬‬

‫"شيخ السلطان" يقول له بغضب‪ :‬من أنت؟‬

‫الرجل مرتبكاً‪ :‬أنا‪ ..‬أنا امسي "سوسو" املطرب‪.‬‬

‫"شيخ السلطان"‪ :‬وملَ جتلس على هذا املقعد؟‬

‫"سوسو"‪ :‬املضيف هو الذي أمرين بذلك‪.‬‬

‫"شيخ السلطان" متأفئفاً‪ :‬حسناً‪ ...‬أعاننا اهلل على هذا السفر!!!ـ‬

‫(‪)1‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫آن لـ "سوسو" أن ميد‬
‫قدميه !!‬

‫"شــيخ الســلطان" جيلس على مقعــده متــذمراً‪ ،‬وال تكــاد عينــاه تتوقف عن التطلع إىل‬
‫ذلك الرجل املخنث‪ ،‬بينما جيلس "سوسـ ـ ــو" املطـ ـ ــرب خائفـ ـ ـ ـاً على نفسه من بطش "شـ ـ ــيخ‬
‫السـ ـ ـ ــلطان"‪ ،‬جيلس "سوسـ ـ ـ ــو" يف مقعـ ـ ـ ــده وقد ضم ركبتيه إىل صـ ـ ـ ــدره‪ ،‬واحنىن ببصـ ـ ـ ــره إىل‬
‫األرض‪ ،‬إال أن "سوسو" أراد أن يـربر موقفـه‪ ،‬فقـال بصـوت خمتنق ال يكـاد يسـمع يا شـيخ‪:‬‬
‫مسعت أن كثرياً من العلماء يبيحون الغناء؟‬

‫"شيخ السلطان" بتذمر‪ :‬هذا صحيح‪ ،‬ولكن‪ ...‬ولكنه قول مردودـ على أصحابه‪.‬‬

‫"سوسو" املطرب‪ :‬وملَ يا سيدي الشيخ؟‬

‫"شـ ـ ــيخ السـ ـ ــلطان" يقـ ـ ــول يف نفسـ ـ ــه‪ :‬أف هلذا الرجـ ـ ــل‪ ،‬ولكن ال بد من اإلجابة عن‬
‫سـ ــؤاله‪ ،‬فقد صح عن النيب صـ ــلى اهلل عليه وسـ ــلم أنه قـ ــال‪( :‬من كتم علم ـ ـاً أجلمه اهلل ي ــوم‬
‫القيامة بلجام من نار) ‪.‬‬

‫"سوسو" يقول مرتبكاً مرة أخـرى ‪ -‬فعسـاه أن يكـون أغضب الشـيخ ‪ :-‬سـيدي مل‬
‫جتبين؟‬

‫{و ِم َن‬
‫ـابٍ والس ـِـنة‪ ،‬ق ــال تع ــاىل‪ِ:‬ئ َ‬ ‫"ش ــيخ الس ــلطان"‪ :‬الغن ــاء يا ول ــدي حمرم بنص الكت ـ‬
‫يث لِي ِ‬
‫ضـ ـ َّل َعن َسـ ـبِ ِيل اللَّ ِه بِغَرْيِ ْ َ َ َ َ ُ ُ ً َ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك هَلُ ْم‬ ‫ل‬ ‫ُأو‬ ‫ا‬ ‫و‬‫ـز‬‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ه‬‫ذ‬ ‫ـ‬
‫َّخ‬
‫ـ‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫و‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َّاس َمن يَ ْشـ ـرَتِ ي هَلْ ـَـو احْلَ ــد ُ‬
‫الن ِ‬
‫ني}‪.‬‬ ‫اب ُّم ِه ٌ‬
‫َع َذ ٌ‬

‫"ش ـ ــيخ الس ـ ــلطان"‪ :‬فقد ثبت يا ول ـ ــدي عن كثري من أهل العلم ب ـ ــأن املقص ـ ــود بلهو‬
‫احلديث ؛ الغن ــاء‪ ،‬ثبت ذلك عن ابن مس ــعود رضي اهلل تع ــاىل عن ــه‪ ،‬فقد ج ــاء يف األثر عنه‬

‫(‪)2‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫آن لـ "سوسو" أن ميد‬
‫قدميه !!‬

‫أنه قال‪( :‬واهلل الـذي ال إله إال هــو‪ ،‬إن هلو احلديث الغنــاء) ‪ -‬يكررها ثالث ‪ -‬وثبت ذلك‬
‫عن ابن عم ــر‪ ،‬وابن عب ــاس وغريمها‪ ،‬وقد ج ــاء يف احلديث الص ــحيح عن رس ــول ص ــلى اهلل‬
‫عليه وســلم أنه قــال‪( :‬ليكــونن من أميت أقــوام‪ ،‬يســتحلون احلر واحلريــر‪ ،‬واخلمر واملعــازف‪،‬ـ‬
‫وليـ ــنزلن أقـ ــوام إىل جنب علم‪ ،‬يـ ــروح عليهم بسـ ــارحة هلم‪ ،‬يـ ــأتيهم ‪ -‬يعين الفقري ‪ -‬حلاجة‬
‫فيقولـوا ؛ ارجع إلينا غـدا‪ ،‬فيـبيتهم اهلل‪ ،‬ويضع العلم‪ ،‬وميسخ آخـرين قـردة وخنـازير إىل يـوم‬
‫القيامة)‪ ،‬وهــذا حـديث صــحيح رواه البخــاري وغــريه‪ ،‬وهــذا احلديث واضح الداللة بتحــرمي‬
‫الغنـ ـ ــاء‪ ،‬بل انظر ما هي عقوبة الـ ـ ــذي يسـ ـ ــتمع إىل الغنـ ـ ــاء‪ ،‬مث ال يتـ ـ ــوب إىل اهلل ميسـ ـ ــخه اهلل‬
‫سبحانه قرداً أو خنزيراً‪.‬‬

‫"سوسو" املطرب يقول متعظاً‪ :‬اهلل يغفر يل‪.‬‬

‫"شـ ــيخ السـ ــلطان" ينظر إىل "سوسـ ــو" املطـ ــرب وقد امتألت عينـ ــاه بالـ ــدمع‪ ،‬وأص ــبح‬
‫يُسمع لصدره جنيش ‪.‬‬

‫"شـ ــيخ السـ ــلطان" يقـ ــول يف نفسـ ــه‪ :‬يا إهلي لقد تـ ــأثر "سوسـ ــو" املطـ ــرب فال بد من‬
‫مواصلة احلديث معه‪...‬‬

‫"شيخ السلطان"‪ :‬يا ولدي إن هذه الدنيا زائلة‪ ،‬واحلياة اآلخرة هي دار احليوان‪.‬‬

‫يا ول ــدي‪ :‬إن اإلنس ــان مهما ع ــاش يف ه ــذه احلي ــاة ال ــدنيا فس ــوف يرحل عنه ــا‪،‬فهي‬
‫ِ‬
‫ب‬‫{اعلَ ُمــوا َأمَّنَا احْلَيَــاةُ الـ ُّـد ْنيَا لَع ٌ‬
‫ســريعة الــزوال‪ ،‬لــذلك مسيت دنيا لقــرب زواهلا‪ ،‬قــال تعــاىل‪ْ :‬‬
‫َّار نَبَاتُهُ مُثَّ‬ ‫وهَل و و ِزينَةٌ وَت َفاخر بينَ ُكم وتَ َكاثُر يِف اَأْلمو ِال واَأْلواَل ِد َكمثَ ِل َغي ٍ‬
‫ب الْ ُكف َ‬ ‫َأع َج َ‬ ‫ث ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َ ٌْ َ َ ُ ٌ َْ ْ َ ٌ‬
‫ض ـ َوا ٌن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يِف‬ ‫ِ‬
‫ص ـ َفّراً مُثَّ يَ ُـكـو ُن ُح َ ً َ آْل َ َ َ ٌ َ ٌ َ َ ْ َ ٌ ِّ َ َ ْ‬
‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬‫ـر‬ ‫ـ‬
‫ف‬ ‫غ‬‫م‬‫و‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫اب‬‫ذ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫ـ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫م‬‫ا‬ ‫ط‬ ‫يج َفَتـ َـراهُ ُم ْ‬
‫يَه ُ‬
‫ِ‬ ‫ِإ‬
‫يج َفَتـ َـراهُ‬‫َو َما احْلَيَــاةُ الـ ُّـد ْنيَا اَّل َمتَــاعُ الْغُـُـرو ِر}‪ ،‬فــانظر يا "سوســو" كيف قــال تعــاىل‪{ :‬مُثَّ يَه ُ‬
‫ص ـ َفّراً مُثَّ يَ ُـكـو ُن ُحطَام ـاً}‪ ،‬ومل يقل مث خيضــر‪ ،‬ألن األصل يف الــزرع حني يهيج أن يكــون‬ ‫ُم ْ‬

‫(‪)3‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫آن لـ "سوسو" أن ميد‬
‫قدميه !!‬

‫ص ـ َفّراً}‪ ،‬ه ــذا دليل على أن م ــدة بقائه خمض ــراً‬


‫خمض ــراً‪ ،‬ولكن اهلل س ــبحانه ق ــال‪َ { :‬فَتـ َـراهُ ُم ْ‬
‫قليلة لذا مل يذكرها اهلل سبحانه‪.‬‬

‫بل تأمل هــذا احلديث‪( :‬أن رســول اهلل صــلى اهلل عليه وســلم مر بالســوق‪ ،‬داخال من‬
‫بعض العالي ــة‪ ،‬والن ــاس كنفت ــه‪ .‬فمر جبدي أسك ميت‪ .‬فتناوله فأخذ بأذن ــه‪ .‬مث ق ــال‪( :‬أيكم‬
‫حيب أن هــذا له بــدرهم؟)‪،‬ـ فقــالوا‪ :‬ما حنب أنه لنا بشــيء!‪ .‬وما نصــنع بــه؟! قــال‪( :‬أحتبــون‬
‫أنه لكم؟)‪ ،‬قـ ــالوا‪ :‬واهلل! لو كـ ــان حي ـ ــا‪ ،‬كـ ــان عيبا فيـ ــه‪ ،‬ألنه أسـ ــك‪ .‬فكيف وهو ميت؟!‬
‫فقـ ـ ــال‪( :‬فواهلل! للـ ـ ــدنيا أهـ ـ ــون على اهلل‪ ،‬من هـ ـ ــذا عليكم)‪ .‬ف ـ ــانظر يا "سوسـ ـ ــو" كيف بني‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم ألصحابه‪ ،‬أن الدنيا ال تساوي عند اهلل هذا اجلدي امليت‪...‬ـ‬

‫وهك ـ ــذا أخذ "ش ـ ــيخ الس ـ ــلطان" يعظ "سوس ـ ــو" املط ـ ــرب‪ ،‬حىت ب ـ ــدا على "سوسـ ــو"‬
‫املط ـ ــرب عالم ـ ــات الن ـ ــدم على ما ف ـ ــرط يف جنب اهلل‪ ،‬وأخذ حيدث نفسه بالتوبة الص ـ ــادقة‪،‬‬
‫كيف ال وقد شحنه شيخ السلطان بكثري من الشحنات اإلميانية‪.‬‬

‫"سوس ــو" املطــرب ي ــزداد خش ــوعاً يف جملس ــه‪ ،‬فهو ال يــزال يضم ركبتيه إىل ص ــدره‪،‬‬
‫ويصـ ــغي بالسـ ــمع إىل "شـ ــيخ السـ ــلطان"‪ ،‬وال زالت عينـ ــاه تـ ــذرف دمـ ــوع النـ ــدم‪ ،‬و"شـ ــيخ‬
‫السلطان" كلما ملس جتاوباً من "سوسو" املطرب كلما ازدادت مواعظه له‪.‬‬

‫وبينما مها على هـ ـ ــذه احلال‪ ،‬إذ رفع سـ ـ ــائق احلافلة صـ ـ ــوت املذياع‪ ،‬فقد بـ ـ ــدأ املذيع‬
‫بقراءة نشرة األخبار ‪.‬‬

‫املذيع يقـ ــول‪ :‬لقد نقل إلينا مراسـ ــلنا يف العـ ــراق بأنه مت قتل جنـ ــديني أمـ ــريكني وسط‬
‫بغداد‪.‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬


‫آن لـ "سوسو" أن ميد‬
‫قدميه !!‬

‫"سوسو" املطرب‪ :‬يقول فرحاً مسروراً‪ ،‬اهلل أكرب! اهلل ينصر اجملاهدين‪.‬‬

‫وهكذا يا أخي تعلم ما صنعت كلمات الشيخ هبذا الرجــل‪ ،‬إهنا جعلته يفــرح بــذلك‬
‫اخلرب‪ ،‬ولكن "شيخ السلطان" كان له موقف آخر‪.‬‬

‫"شـ ـ ــيخ السـ ـ ــلطان" يقـ ـ ــول متـ ـ ــذمراً‪" :‬سوسـ ـ ــو"!! اتق اهلل!! هـ ـ ــؤالء خـ ـ ــوارج يقتلـ ـ ــون‬
‫األبرياء!! فإن األمريكان جاءوا ليحرروا العراق‪.‬‬

‫"سوس ــو" مندهشـ ـاً ‪ -‬وقد مد قدميه وع ــدل جلس ــته ‪ -‬ومد ي ــده إىل جيبه وأخ ــرج‬
‫علبة الســجائر ‪ -‬اليت كــاد خيتنق بســبب تركه للــدخان احرتامـاً للشــيخ ‪" -‬سوســو" املطــرب‬
‫أخذ من علبة السجائر سيجارة‪ ،‬ونظر إىل "شيخ السلطان" قائالً‪ :‬هل تدخن يا هذا؟‬

‫(‪)5‬‬ ‫منرب التوحيد واجلهاد‬

You might also like