You are on page 1of 9

‫ملف‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪54‬‬

‫في مسألة عودة الدين‬

‫في مسألة «عودة الدين»‬

‫إدريس الصنهاجي‬

‫لق���د أصبح في قلب األحداث التي يش���هدها العال���م‪ ،‬وبتنا نقرأ‬ ‫تقديم‪:‬‬
‫ونس���مع الحديث ع���ن الصراع���ات الدينية‪ ،‬وحتى ع���ن الحروب‬
‫يعيش العالم منذ بداية العشرية األخيرة من القرن العشرين‬
‫الصليبية الجديدة‪.‬‬
‫على إيقاع تحوالت كبرى‪ ،‬بدءا بس���قوط جدار برلين وما تاله من‬
‫وأضحت مس���ألة ‘’عودة الدي���ن’’ أو ما هو ديني موضوعا‬ ‫تهاف���ت لألنظمة الديكتاتورية إلى ب���روز الواليات المتحدة كقوة‬
‫أولى في العالم‪ ،‬تقود عالم الرأس���مال وتنش���ر «عقيدة» اقتصاد إعالمي���ا وسياس���يا وفكريا وعلمي���ا(‪ .)5‬وأصبحنا ‘’ نش���هد في‬
‫الس���وق‪ ،‬وتقدم نفس���ها ك «راعي���ة» لهذا العالم ف���ي ظل نظام يومن���ا هذا طرحا معاصرا وجديدا ل’’س���ؤال الدين’’‪ ،‬وانبعاثا غير‬
‫ما يس���مى بالعولمة‪ .‬وبتراجع الصراع بين المعس���كر االشتراكي مس���بوق لهذا الش���يء العالمي أو الكوني‪ ،‬الضارب بجدوره في‬
‫والمعسكر الرأس���مالي وبروز مناطق التوتر والحروب على أساس القدم’’(‪.)6‬‬
‫فه���ل األمر يتعل���ق فعال بعودة الدين؟ وهل هذه المس���ألة‬ ‫عرق���ي ودين���ي في ظاهره (البوس���نة‪ ،‬الشيش���ان‪ ،‬أفغانس���تان‪،‬‬
‫الفلبين‪ )...‬مع حضور اإلسالم كمرجعية إيديولوجية دينية مؤطرة عالمي���ة أم أنها تتعلق بمجتمع���ات بعينها ومنها مجتمعنا؟ وما‬
‫ألحد أطراف النزاع في كل هذه المناطق‪ ،‬سيتشكل تدريجيا عبر هي آثار هذه الظاهرة على المجتمع المغربي؟ وما هي اإلمكانات‬
‫وس���ائل اإلعالم وكتابات السياسيين والمثقفين رأي عام عالمي التفسيرية لذلك؟‬
‫ينظر إلى اإلس�ل�ام(‪ )1‬كدين عنف وتطرف وإرهاب‪ ،‬أو في أحس���ن‬
‫األحوال يمكن تأويله في هذا االتجاه‪ .‬وأصبحنا نس���مع ونقرأ في‬
‫وسائل اإلعالم الغربية خطابات حول «صراع الحضارات» و»صراع ‪« - 1‬عودة الدين»‪ :‬نقط على سبيل‬
‫الذي التوضيح ‪.‬‬ ‫األديان» و «عودة األديان» في إطار «الغالف اإليديولوجي‬
‫فرضت���ه الواليات المتح���دة األمريكية وحلفاؤه���ا بعنف» بعد‬
‫(‪)2‬‬

‫ما المقصود ب’’عودة الدين’’؟ وما هي المؤش���رات الدالة‬ ‫أحداث ‪ 11‬شتنبر ‪.2001‬‬
‫على هذه العودة؟‬
‫وهكذا س���يصبح الدين ‪ -‬كم���ا كان في مراحل معينة من‬
‫يقص���د بع���ودة الدي���ن ف���ي وس���ائل اإلع�ل�ام وخطاب���ات‬ ‫التاريخ‪ ،‬وخصوصا في القرون الوس���طى وعصر األنوار ‪ -‬من أهم‬
‫الموضوع���ات الحاضرة في النقاش���ات العمومي���ة والرهانات على السياس���يين وأصحاب الفكر الرجوع إلى الدين كملجأ لممارس���ة‬
‫الس���لطة‪ .‬وأضحى انش���غاال حقيقيا للفالس���فة والعلم���اء ورجال الوجود وكمرجعية أو خلفية نظرية إيديولوجية لتأطير الس���لوكات‬
‫والمواقف‪ ،‬وتوجيه ‘’الشكل السياسي للمجتمعات وتعيين البنية‬ ‫الدين‪ ،‬ومادة دسمة لالستهالك اإلعالمي والسياسي(‪.)3‬‬
‫لق���د تنبأ الرواد األوائ���ل لعلم اجتماع الدي���ن ‪ -‬ماركس‪ ،‬االقتصادي���ة للرباط االجتماعي’’(‪ ،)7‬إضاف���ة إلى حضوره القوي‬
‫دوركاي���م‪ ،‬فيب���ر‪ -‬كانوا قد تنب���ؤوا جميعا‪ ،‬وقبلهم مؤس���س علم في الصراعات المحلي���ة والجهوية والعالمية انطالقا من األعمال‬
‫االجتماع أوغس���ت كونت‪ ،‬ب «حتمية» انحس���ار الدين وتراجع التي تمارس باسمه‪.‬‬
‫وإذا كانت مؤش���رات هذه “العودة“ عندنا قد تجسدت عبر‬ ‫(‪)4‬‬
‫آثاره في المجتمعات الحديثة‪.‬‬
‫ولك���ن‪ ،‬على العك���س من ذلك‪ ،‬يظه���ر أن الدين أو على صعود حركات اإلس�ل�ام السياسي (التي عبرت عن ذاتها بقوة في‬
‫األصح ما هو ديني‪ ،‬كما س���نبرز الحقا‪ ،‬يعود إلى الواجهة وبقوة‪ .‬الجامع���ات والفضاءات العمومية)‪ ،‬وبروز الجمعيات الدينية في‬
‫‪55‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫إدريس الصنهاجي‬

‫نمو ش���كل معين من التدي���ن بدون انتماء‪ ،‬وهو م���ا يطلق عليه‬ ‫دور الشباب واألحياء السكنية‪ ،‬وانتشار الخطاب الديني في كل‬
‫“اإليم���ان من أجل اإليم���ان”(‪ .)12‬ولكن الدين ف���ي المجتمعات‬ ‫األس�ل�اك التعليمية وغيرها بفضل حركية هذه التنظيمات وبعض‬
‫العربية اإلسالمية كان وال يزال يحتل دورا مركزيا‪ ،‬ليس في حياة‬ ‫مثقفيه���ا‪ ،‬وتمظه���رت عبر انتش���ار الحجاب واللب���اس األفغاني‬
‫الناس العامة والخاصة ولكن بالنس���بة للدولة أيضا‪ .‬فالعديد من‬ ‫واإلقبال على التدين بمختلف األش���كال‪ ،‬فإنها‪ ،‬أي مؤشرات هذه‬
‫الحكام العرب المسلمين يقيمون سلطاتهم على الدين‪ ،‬ويجعلونه‬ ‫العودة‪ ،‬قد تجسدت في أوربا وبشكل خاص في فرنسا حسب ما‬
‫(‪)13‬‬
‫أساسا لتبرير قراراتهم وتحكمهم في الدولة والمجتمع‪.‬‬ ‫سجله ‪ A. Tosel‬أندري توزيل في ثالث مظاهر‪:‬‬
‫فلي���س الدين ه���و الذي ع���اد أو رجع بعد ذه���اب‪ ،‬وإنما‬ ‫‪ -‬العديد م���ن المثقفين الذين كانوا ال يؤمنون عادوا إلى‬
‫اإلنس���ان (اإلنسان المعاصر) وخصوصا األوربي‪ ،‬هو الذي التفت‬ ‫(‪)8‬‬
‫دين طفولتهم بمبرر حماية المجتمع وإعطاء معنى للوجود‪.‬‬
‫إل���ى الدين وأصبح يس���تحضره كج���زء من الح���ل والجواب على‬ ‫‪ -‬كتل���ة متنامي���ة م���ن األف���راد الذي���ن ال يندرجون ضمن‬
‫معضالت العالم المعاصر اقتناعا منه بأن «األديان بنيات تحتية‬ ‫إط���ار المثقفي���ن‪ ،‬يتقاس���مون معتقدات جد اعتباطية كالس���حر‬
‫سوسيوثقافية تشكل بعمق أنماط وجود األفراد مهما كانت درجة‬ ‫والروحاني���ات‪ ،‬وقابلية تصديق أي ش���يء أصبحت ش���يئا عاديا‪.‬‬
‫(‪)14‬‬
‫ممارساتهم وانتماءاتهم إلى طقوس وعقائد»‪.‬‬ ‫وبالمقاب���ل تراجع الحس النق���دي بوجه عام‪ .‬فتح���ول الكوجيطو‬
‫ويمك���ن نعت ه���ذه الظاهرة ف���ي المجتمع���ات العربية ب‬ ‫(‪ )cogito‬الديكارت���ي ‪ je pense donc je suis‬إلى الكريدو‬
‫«اليقظ���ة» ‪ .‬ذل���ك أن الدي���ن ‪ -‬في نظرنا ‪ -‬وحتى بالنس���بة‬
‫(‪)15‬‬
‫(‪.je crois donc je suis‬‬
‫‪ -‬الديان���ات الغربي���ة الكب���رى (اإلس�ل�ام‪ ،‬الكاثوليكية‪ ،‬للمجتمعات المتقدمة‪ ،‬لم يختف من تمثالت الناس ومعتقداتهم‬
‫البروتس���تانتية) عرفت انبثاق أصولية من داخلها تدعي تجسيد وحياته���م وإنم���ا توارى وتراج���ع‪ ،‬ولم تعد له الكلم���ة الفصل بين‬
‫الناس‪ ،‬بحكم س���يادة األنظمة العلمانية الديمقراطية التي أصبح‬ ‫الدين الحقيقي‪.‬‬
‫القانون فيها هو المرجع الوحيد للمنازعات بين المواطنين‪ ،‬وتمتع‬
‫هذه المؤش���رات ال ترتبط ‪ -‬حس���ب أندري توزيل ‪ -‬بتغير الناس بالحرية وتراجع المقدس(‪.)16‬‬
‫المناخ الثقافي فقط‪ ،‬بل تش���هد على تغير يطال العصر‪ )9(.‬وهذه‬
‫وفكرة اليقظة هذه تعني ‪ -‬في نظرنا ـ أن ما تمت مالحظته‬ ‫المؤشرات أيضا‪ ،‬الخاصة بالمجتمعات األوربية‪ ،‬تصدق إلى حد‬
‫بعي���د على المجتم���ع المغربي‪ ،‬لكن هذه الظاهرة تتجس���د لدينا وتسجيله من «تراجع» للممارسات الدينية‪ ،‬ومن «تخلف» للقيم‬
‫بش���كل واضح‪ ،‬كما سبقت اإلش���ارة‪ ،‬عبر صعود حركات اإلسالم الدينية في تأطير الفضاء العام لفائدة قيم أخرى مرتبطة بالحداثة‬
‫السياس���ي‪ ،‬وتنظيمات الس���لفيين بمختلف تالوينها‪ ،‬والنش���اط والديمقراطية وحقوق اإلنسان واقتصاد السوق‪ ،‬هو أن الدين يكون‬
‫المكث���ف لبعض الطرق الصوفي���ة وكل التعبي���رات الدينية التي ف���ي حالة كمون(‪ .)17‬فال ش���ك أن تطور العلم والتقنية وانتش���ار‬
‫تعتب���ر أن م���ا تقوم به يدخل في ما يس���مى ب’’ األمر بالمعروف فكرة الحرية و«ارتفاع مس���توى الحياة وانتشار التعليم»(‪ )18‬في‬
‫المغ���رب‪ ،‬جعل الدين يتوارى ويتراجع وينس���حب بعض الش���يء‬ ‫والنهي عن المنكر ‘’ والدعوة إلى شرع الله‪.‬‬
‫م���ن الحياة العامة‪ .‬لكن حينما تتوفر ش���روط معينة تس���تدعيه‪،‬‬
‫كوق���وع بع���ض األحداث الكب���رى (انفجارات ‪ 11‬ش���تنبر‪2001‬‬ ‫لكن هل األمر يتعلق فعال ب “عودة “ الدين؟‬
‫ف���ي نظرنا ال يتعل���ق األمر بعودة الدين وإنم���ا العودة لما بالوالي���ات المتحدة األمريكية‪ 16 ،‬م���اي ‪ 2003‬بالبيضاء) أو‬
‫هو ديني أو لتدين من نوع جديد‪ )10(.‬فالدين لم ينس���حب نهائيا األزم���ات االقتصادية وغيرها كالتي عرفها العالم في الس���نوات‬
‫م���ن حياة الناس أو م���ن المجتمع لكي يعود‪ ،‬وإن كان الفرق بين القليل���ة الماضية (منذ س���نة ‪ )2008‬وال زال يعيش تبعاتها‪ ،‬أو‬
‫المجتمع���ات العربية اإلس�ل�امية والمجتمع���ات األوربية ‪ -‬مثال الصدم���ات األخالقية الناتجة عن جرائ���م االغتصاب (خصوصا‬
‫‪ -‬يبق���ى كبيرا‪ .‬ذل���ك أن المجتمعات الغربي���ة وعلى الخصوص ض���د األطف���ال)‪ ،‬أو جنس المحارم المؤدي إل���ى اإلنجاب‪ ،‬أو ما‬
‫األوربية‪ ،‬كانت قد عرفت صراعات وحروب دينية طاحنة أدت إلى أثارته مس���ألة االستنس���اخ‪ ...،‬إلخ‪ ،‬ينتصب بع���ض المتدينين‬
‫تحييد الدين وإبعاده ‪ -‬إلى حدود بعيدة ‪ -‬عن القرار السياس���ي أو رج���ال الدين ليقولوا بأن س���بب هذه الك���وارث كلها هو ابتعاد‬
‫وعلمن���ة الدولة‪ .‬لك���ن دون أن يؤدي ذلك إل���ى علمنة المجتمع‪ ،‬اإلنس���ان عن الدين‪ ،‬وليقدموا تفس���يرا جاهزا لما وقع‪ ،‬وليقترحوا‬
‫وه���و ما أدى بالبعض إلى الحديث عن ع���ودة الدين‪ )11(،‬رغم أن بديال جاهزا أيضا‪ ،‬يبدو س���هال في نظرهم وهو الرجوع إلى تطبيق‬
‫عملية هذا التحييد و’’اإلخراج’’ ال زالت مس���تمرة إلى اآلن مقابل تعاليم الدي���ن‪ .‬فتتعالى األصوات المطالب���ة بالعودة إلى تطبيق‬
‫ملف‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪56‬‬
‫في مسألة عودة الدين‬

‫شرع الله كما كان عليه األمر في صدر اإلسالم‪ ،‬فيبدأ ما يسميه واجتماعية‪ ،‬وسياسية‪ .‬وال نشك في أن لها امتدادات أخرى بحكم‬
‫الباحث السوسيولوجي المغربي محمد الطوزي «انبثاق المقدس»‪ .‬التفاعل الطبيعي الموجود بين الظواهر والقطاعات المجتمعية‪.‬‬
‫ويتجس���د البعد العالمي للظاهرة ف���ي كونها تقيس معظم‬ ‫(‪ )19‬ويبدو هذا األمر عند المس���لمين العرب أكثر بروزا حين ترفع‬
‫حركات اإلسالم السياسي عند كل أزمة ‪ -‬مهما كانت طبيعتها‪ -‬بلدان المعمور من آس���يا إلى أفريقيا م���رورا بأوربا إلى أمريكا‪.‬‬
‫فمعظم مناطق العالم تشهد نزاعات أو حروب ذات خلفية دينية‪،‬‬ ‫شعار «اإلسالم هو الحل»‪.‬‬
‫ل���ن يختفي الدين من ه���ذا العالم وإن تراجع حضوره ودوره أو تع���رف بروز بعض المجموعات ذات الممارس���ات أو المطالب‬
‫ف���ي حياة الناس‪ .‬وس���يبقى‪ ،‬كم���ا يبرز ذلك بيك���ون في قاعدته الدينية(‪.)25‬‬
‫وإذا كان���ت ه���ذه الظاه���رة تبدو جديدة وغير مس���بوقة في‬ ‫الش���هيرة‪« ،‬الرابط الرئيس���ي لإلنس���انية»(‪ )20‬مهما تطور العلم‬
‫والتقني���ة والفكر البش���ري عموما‪ .‬فما قد يحص���ل هو تغيير في أورب���ا كما يوضح ذلك أندري توزي���ل‪ )André Tosel (26‬فإن‬
‫األمر مختلف بالنس���بة لل���دول العربية اإلس�ل�امية‪ .‬ذلك أن هذه‬ ‫الشكل أو نسبة الحضور والتأثير بحسب ظروف كل مجتمع‪.‬‬
‫الدول س���جلت عبر تاريخها فترات كانت تدعو فيها للرجوع إلى‬ ‫لي���س في األمر مص���ادرة أو حكم قيمة‪ ،‬إنما الدراس���ات‬
‫الدين «الصحيح الس���ليم»‪ ،‬وإلى ما يس���مى في أدبيات الفقهاء‬ ‫واألبح���اث ف���ي التخصصات المختلفة تكش���ف أن الدين مرتبط‬
‫واإلس�ل�اميين بالعص���ر الذهبي‪ .‬وقد «وجدت ف���ي كل مرحلة من‬ ‫بالمجتمع���ات البش���رية وبالجانب الروحي في اإلنس���ان‪ .‬فالدين‬
‫مراح���ل التاريخ العرب���ي الحديث حركات فكرية وسياس���ية تدعو‬ ‫يش���كل «ماهية وأس���اس وعمق الحياة الروحية لإلنس���ان»(‪.)21‬‬
‫للصحوة اإلس�ل�امية في س���بيل الخروج من الم���آزق والمعضالت‬ ‫وس���يبقى ما بقيت هذه المجتمعات‪ ،‬وإن اختلف حضوره أو تغير‬
‫العربية‪ )27(».‬بل لقد كانت معظم الحركات السياس���ية المعارضة‬ ‫شكله‪.‬‬
‫في تاريخ اإلس�ل�ام عبارة عن حركات دينية ترفع ش���عارات دينية‬ ‫إضاف���ة لذل���ك فالحديث عن عودة ال «دي���ن» (بألف الم‬
‫به���دف تحقيق مطلب سياس���ي‪ )28(.‬وفي مغرب اإلس�ل�ام‪ ،‬كانت‬ ‫التعريف) يجعلنا نتس���اءل عن ماهية الدين العائد‪ .‬ما طبيعته؟‬
‫الحركات السياس���ية تظهر في البداي���ة وكأنها حركة دينية صرفة‬ ‫ما الذي يميزه عن األديان األخرى؟ ما األش���ياء التي شكلت فيه‬
‫تنهض على المطالبة بإصالحات دينية‪ ،‬كاألمر بالمعروف والنهي‬ ‫موضوع جلب للناس في ه���ذه المرحلة بالذات؟‪..‬إلخ‪ .‬والحال أن‬
‫عن المنكر‪ ،‬ومحاربة البدع‪ ،‬والرجوع إلى األصول من كتاب وسنة‪.‬‬ ‫البشرية لم ترجع إلى دين بعينه وإنما هناك أشكال جديدة للتدين‬
‫«لقد كان المرابطون والموحدون فرقا دينية قبل أن يصبحوا دوال‪،‬‬ ‫حتى خارج الديانات الكالس���يكية والمعتق���دات التقليدية التي‬
‫(‪)29‬‬
‫وعلة وجودهم هي الدعوة الدينية‬ ‫بقيت في مجملها راكدة‪ ،‬باس���تثناء اإلسالم واألنجليكانية اللتان‬
‫فإذا كان األمر جديدا وربما مفاجئا بالنسبة ألوربا والغرب‬ ‫(‪)22‬‬
‫تعرفان توسعا وانتشارا‪.‬‬
‫عموما‪ ،‬فالمسألة ليست كذلك بالنسبة للبلدان العربية اإلسالمية‪،‬‬ ‫هك���ذا فاألمر ال يتعلق بعودة الدين وإنما بعودة البش���رية‬
‫المعت���ادة عل���ى هذا النوع م���ن الدعوات‪ .‬وفي تقدي���ري فإن هذه‬ ‫إلى ما هو ديني وإلى أش���كال معينة من التدين‪ .‬وهذا األمر ينم‬
‫المسألة ستستمر بشكل دوري ما دام الدين باق يلعب هذا الدور‬ ‫في نظرنا على تحول معين يش���هده العالم‪ ،‬تش���كل هذه الظاهرة‬
‫المركزي في المجتمعات العربية‪.‬‬ ‫إح���دى تجلياته الب���ارزة‪ .‬فتطبعه بطابعها الخ���اص وتصير معه‬
‫لك���ن إذا كانت العودة لما هو ديني ظاهرة عالمية تتجاوز‬ ‫(‪)23‬‬
‫بذلك ظاهرة عالمية‪ .‬لقد أصبح الدين روح العصر‪.‬‬
‫دين���ا بعين���ه أو بلدا بحدوده فمعنى ذلك أن الش���روط المحلية ال‬
‫تؤث���ر إال هامش���يا في هذه المس���ألة‪ .‬وبالتال���ي أال يمكن القول‬
‫‪« - 2‬عودة اإلنسان إلى الدين» ظاهرة ب���أن طبيع���ة التدين في المغرب وكثافته إنم���ا هي نتيجة لما هو‬
‫دولي‪ ،‬ترتفع أو تتراجع أو تتغير في ارتباط بما يطرأ على المناخ‬ ‫عالمية‬
‫الدول���ي من تحوالت‪ ،‬وبأن صعود الحركات والمجموعات الدينية‬
‫ف���ي البداية يجب التأكيد على أن هذه المس���ألة التي يتم‬
‫اإلس�ل�امية ما هو إال تجس���يد ونتيجة لهذا المناخ العالمي؟ وما‬
‫نعتها ب ‘’عودة الدين‘’ ونسميها عودة اإلنسان إلى ما هو ديني‬
‫الذي جعل هذه الظاهرة العالمية تأخذ طابعا محددا في المغرب؟‬
‫أو اليقظ���ة بالنس���بة للمجتمعات العربية اإلس�ل�امية‪ ،‬ترتقي إلى‬
‫أال يمكن اعتبار هذا التدين «شكليا»؟‬
‫مس���توى الظاهرة العالمية(‪ )24‬المتعددة األبعاد‪ :‬ثقافية‪ -‬دينية‪،‬‬
‫‪57‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫إدريس الصنهاجي‬

‫كالتضيي���ق عليه بالمنع واالعتق���ال والتعذيب‪ ،‬وعلى الجمعيات‬ ‫‪ - 3‬المغاربة و«العودة للدين»‪:‬‬
‫المدنية «التقدمية» بالتضييق أيضا بمختلف األشكال‪ ،‬وإغالق‬
‫المظاهر والمترتبات‬
‫معهد السوسيولوجيا‪ ،‬وخلق ش���عبة الدراسات اإلسالمية بكليات‬
‫اآلداب بالجامعات المغربية‪ ..،‬إلخ‪ ،‬للحد من انتشار هذا اليسار‪.‬‬ ‫ال يتعل���ق األمر بع���ودة أو رجوع المغارب���ة لما هو ديني‪،‬‬
‫لكن���ه ‪ -‬وربما من حيث ال يدري ‪ -‬عمل باألس���اس على القضاء‬ ‫ألن المغاربة كانوا دائما متدينين بش���كل ما‪ ،‬ولم ينسحب الدين‬
‫عل���ى ثقاف���ة ليبرالية تق���وم على الحرية والعقالني���ة هي في طور‬ ‫م���ن حياة الناس الخاصة والعام���ة‪ ،‬وإنما بقي حاضرا على الدوام‬
‫النش���أة‪ ،‬كانت ضرورية لدخول عصر الحداثة والديمقراطية (الذي‬ ‫كخلفية فكري���ة وعقدية تؤطر رؤيتهم لذواتهم وللعالم‪ ،‬وتقدم لهم‬
‫ال يتعارض بالضرورة مع التعاليم اإلسالمية السمحة)‪ ،‬وبالمقابل‬ ‫اإلجاب���ات عن كل األس���ئلة الوجودية الفلس���فية الكبرى‪ ،‬كما أن‬
‫مهد لبروز مجموعات وتيارات إس�ل�امية متعددة اإليديولوجيات‬ ‫الدين يحضر في معظم اللحظات األساسية في وجودهم (الوالدة‪،‬‬
‫والتوجهات‪ :‬من راديكالية تكفيرية إلى منفتحة ومتسامحة‪.‬‬ ‫ال���زواج‪ ،‬العمل‪ ،‬الم���وت‪ ،)...‬بل حض���ر وال زال يحضر كعنصر‬
‫أساس���ي في األزمات والصراعات التي يعرفها المجتمع‪ ،‬وأصبح‬
‫لذل���ك فما يعيش���ه المغ���رب حاليا من صع���ود للتيارات‬
‫‪ -‬حاليا ‪ -‬عنصرا «مركزيا في الرهانات على السلطة»‪ )30(.‬هذا‬
‫اإلس�ل�امية تعود بدايته ‪ -‬في نظرنا ‪ -‬إلى ستينيات وسبعينيات‬
‫الحض���ور المكثف للدين في ثقافة المغاربة جعله أحد المحددات‬
‫الق���رن الماضي‪ ،‬وهو نتيجة توافق من���اخ دولي يحضر فيه الدين‬
‫األساس���ية التي اعتمد عليها االستعمار الغربي لمعرفة المغاربة‬
‫كروح لهذا العصر مع شروط وظرفية محلية مغربية شكلت أرضية‬
‫كمقدمة الحتالل بلدهم‪ .‬فقد كانت كتابات الباحثين الكولونياليين‬
‫تجسد هذه الظاهرة العالمية‬
‫مناسبة لنمو هذه التيارات‪ ،‬أدى إلى ّ‬ ‫األوائل أمثال‪ :‬إدموند دوتي‪ ،‬ميش���و بيلي���ر‪ ،‬جورج دراغ‪ ،‬إميل‬
‫في حركات اإلسالم السياسي‪ ،‬والحركة السلفية‪ ،‬وتنامي اإلسالم‬
‫الووست‪ ،‬لويس ماس���نيون‪ ،‬إدوارد مونتي‪ ،‬جورج سالمون‪ ،‬هنري‬
‫الطرقي‪..‬إلخ‪.‬‬
‫باس���ي‪ ،‬ألفريد ب���ل‪ ،‬روبير مونتاني‪ ،‬جاك بيرك وآخرين‪ ،‬تش���مل‬
‫إذن‪ ،‬رغم م���ا يمكن أن يقال عن العامل الخارجي الدولي‬ ‫مختل���ف أبعاد حياة المغارية‪ ،‬لك���ن وبما أنهم كانوا يعتبرون أن‬
‫كعام���ل مهيم���ن في تفس���ير هذه الظاه���رة الدينية‪ ،‬ف���إن هناك‬ ‫المدخل األساسي إلخضاع المغاربة وحكمهم هو معرفة معتقداتهم‬
‫متغي���رات محلي���ة خاصة هي الت���ي تضفي عليه���ا طابعا معينا‬ ‫وعاداته���م وذهنياتهم(‪ ،)31‬وبم���ا أن الدين هو المحدد األبرز لكل‬
‫وتجعلها تأخد الشكل المغربي‪ .‬ما يجعلنا ننظر إلى األمر كمؤشر‬ ‫هات���ه األبع���اد‪ ،‬إلى درج���ة جعلت ألفري���د بل يذهب إل���ى القول‬
‫على التحول الذي يش���هده المجتمع المغربي والذي أفرز أشكاال‬ ‫بأن في المغ���رب «األموات هم الذين يحكم���ون»(‪ ،)32‬فقد اتجه‬
‫جديدة للتدين‪.‬‬ ‫معظ���م هؤالء الباحثين إلى االهتمام بقضاي���ا الدين والمعتقدات‬
‫فتغير شكل اللباس أو اعتناق أفكار جديدة‪ ،‬أو االنخراط‬ ‫والممارسات الدينية‪.‬‬
‫بمنظم���ات ديني���ة (مدنية كانت أو سياس���ية)‪ ،‬أو اتخاذ مواقف‬ ‫فالمغارب���ة لم يتركوا الدين ليرجع���وا إليه‪ ،‬وإن كان هناك‬
‫ذات خلفية دينية‪...‬كلها ممارسات تدينية تدل في نظرنا على أن‬ ‫من يتكلم عن تراجع للدين في الستينيات والسبعينيات من القرن‬
‫هناك تحوال مجتمعيا على مس���توى القيم أفرز هذه األنماط من‬ ‫الماضي مع انتشار قيم الحداثة وثقافة التقدم‪ )33(.‬لكن ذلك في‬
‫الس���لوك التي قد تتالشى باختفاء هذه الش���روط أو تأخذ أبعادا‬ ‫نظرن���ا لم يكن اختي���ارا للدولة والمجتم���ع أو ألحدهما‪ ،‬ولم يأت‬
‫أخرى تحت تأثير التطورات التي يشهدها المجتمع‪.‬‬ ‫كنتيج���ة طبيعية لتطور المجتمع المغربي‪ ،‬وإنما جاء تحت تأثير‬
‫إن مترتب���ات هذه الوضعية بالمغرب أدت إلى بروز تيارين‬ ‫ش���روط دولية تتس���م بالحرب الباردة (بين المعس���كر االشتراكي‬
‫كبيرين يتصارعان على مس���توى القيم والتصورات وحول المغرب‬ ‫بزعامة االتحاد السوفياتي والمعسكر الرأسمالي بقيادة الواليات‬
‫المنشود‪ .‬األول يرى في هذه «العودة إلى الدين» دليال على فشل‬ ‫المتح���دة األمريكية)‪ ،‬كان االتحاد الس���وفياتي يب���دو فيه أكثر‬
‫كل التجارب واالختيارات الس���ابقة (من الرأسمالية واالشتراكية‬ ‫إنسانية ودعما للشعوب التواقة إلى التحرر‪ .‬فكان كل من يطمح‬
‫والقومي���ة وغيره���ا) ويبقى الحل والخ�ل�اص األخير مما نحن فيه‬ ‫أو يناضل من أجل الحري���ة والعدالة االجتماعية وتجاوز األنظمة‬
‫من عجز وتخلف هو اتباع النهج اإلس�ل�امي‪ ،‬المبني على تطبيق‬ ‫االس���تبدادية‪ ،‬يجد نفس���ه قريبا من اإليديولوجي���ا التي يروج لها‬
‫تعاليم الش���ريعة المحمدية السمحة‪ ،‬الحافلة بمبادئ وقيم العدل‬ ‫االتحاد السوفياتي وهي إيديولوجيا اليسار بشكل عام‪ .‬ما جعل‬
‫والمساواة والحرية والكرامة‪ ...‬التي ما وضعها الله عبثا؛ في حين‬ ‫النظام المغربي‪ ،‬بمجرد إحساس���ه بالخط���ر الذي يمكن أن يمثله‬
‫اليسار المغربي عليه‪ ،‬يقدم على عدة إجراءات سياسية وثقافية‬
‫ملف‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪58‬‬
‫في مسألة عودة الدين‬

‫ذل���ك أن الحداثة لم تس���تنفذ كل إمكانياتها‪ ،‬ول���م ينتقل العالم‬ ‫يرى التيار الثاني بأن ما نعيش���ه يعد مش���كلة حقيقية إن لم نقل‬
‫إل���ى ما بع���د الحداثة كما يذهب إلى ذلك بع���ض المفكرين‪ ،‬بل‬ ‫كارث���ة‪ ،‬بدأت عمليا وفعليا‪ ،‬قبل األحداث اإلرهابية التي ضربت‬
‫إنه يعيش مرحلة التجدير ‪ radicalisation‬واالنتشار الكوني‬ ‫ال���دار البيضاء في ‪ 16‬م���اي ‪ ،2003‬بخروج بعض المجموعات‬
‫لنتائجه���ا‪ .‬وتتمظه���ر ه���ذه النتائج بش���كل أكث���ر وضوحا على‬ ‫في بعض المدن ‪ -‬فاس مثال ‪ -‬إلى الفضاء العام واالعتداء على‬
‫المستوى االجتماعي والثقافي(‪.)36‬‬ ‫الن���اس بدع���وى محاربة المنكر (أو ما كانت تس���ميه «تحييح»‬
‫وتتمي���ز هذه المرحلة بتحول ش���امل يؤط���ره باراديغم آخر‬ ‫المنكر)‪ ،‬واس���تمرت بعد ذلك عبر أحداث أخ���رى بالدارالبيضاء‬
‫للعالقة‪ ،‬دولة ـ كنيس���ة ‪-‬مجتمع‪ ،‬خصوصا بأوربا‪ ،‬حيث لم يعد‬ ‫(‪ )2007‬ومراك���ش(‪ ،)2011‬وتهديدات لمجموعات وش���بكات‬
‫الصدام بين الديني والدنيوي هو الخاصية المهيمنة على الوضع‪،‬‬ ‫إرهابية ما فتئت قوات األمن تقوم بتفكيكها بين الفينة واألخرى‪.‬‬
‫وإنما إعادة بروز ما هو ديني وتموقعه في المجتمع على غرار ما‬ ‫وكأني بالمغرب يجس���د‪ ،‬ف���ي هذا الباب‪ ،‬ما يطل���ق عليه دريدا‬
‫(‪)37‬‬
‫هو سياسي‪.‬‬ ‫بقان���ون الحصان���ة الذاتي���ة ‪ .Auto-immunité‬فم���ن أجل‬
‫حماي���ة ال���ذات وتحصينها من كل خطر يهدده���ا تفرز هذه الذات‬
‫هذا المناخ المطبوع بهيمنة حضور الديني أدى إلى مراجعة‬ ‫دفاع���ات مناعية تقوم بدور معاكس حي���ث «تنهمك في التدمير‬
‫وإع���ادة النظر ف���ي العديد م���ن اليقينيات‪ ،‬وتعمي���م النقد على‬ ‫الذاتي لمناعتها الطبيعي���ة»(‪ .)34‬لذلك يعتبر التطرف واإلرهاب‬
‫كل المج���االت ورفع األس���طرة عن الحداثة وإضفاء النس���بية عن‬ ‫من أخطر المشاكل التي يواجهها المغرب المعاصر‪ .‬ألن األعمال‬
‫اليوتوبيات المرتبطة بها‪ .‬وبذلك نكون أمام فضاء سوس���يوثقافي‬ ‫اإلرهابي���ة فرضت علي���ه القيام بمجه���ودات كب���رى والدخول في‬
‫آخ���ر‪ ،‬فضاء الحداثة القصوى حيث ال ش���يء يفل���ت من امتحان‬ ‫اس���تراتيجية دولية لمحاربة اإلرهاب‪ ،‬عوض االهتمام بالمشاكل‬
‫النق���د(‪ .)38‬في ظل ه���ذا المناخ وهذا البراديغم الجديد س���يصبح‬ ‫الحقيقي���ة للمغاربة من فقر وأمية ومرض وس���كن‪ ...‬أي بالعجز‬
‫النظ���ر إلى الدين ليس بوصفه مش���كال يجب إبع���اده عن الحياة‬ ‫االجتماعي والثقافي عموما‪.‬‬
‫العامة وتحييده عن مجال السياسة‪ ،‬بل باعتباره جزء من الحل‪.‬‬
‫لك���ن ما ال���ذي جعل هذه الظاه���رة عالمي���ة؟ وكيف يقرأ‬
‫هذه األطروحة يتبناها المجلس األوربي‪ ،‬ويدافع عنها جون‬ ‫الفالس���فة وعلماء االجتماع ه���ذه الظاهرة العالمية التي تنعت ب‬
‫ب���ول فليم بق���وة معتبرا أن بإم���كان المؤسس���ات الدينية أن تقوم‬ ‫«عودة الدين»؟‬
‫بدور مهم في حل األزمات التي تعيش���ها أوربا‪ ،‬وتتجه نحو دعم‬
‫المكتس���بات الحضارية ألوربا وعلى رأس���ها حرية االعتقاد(‪.)39‬‬
‫وال خ���وف عل���ى أورب���ا من ه���ذه العودة ‪ -‬حس���ب فلي���م ‪ -‬ألن‬ ‫‪ - 4‬عودة العالم إلى ما هو ديني‪:‬‬
‫التقاليد الديمقراطية أصبحت جزء من الهوية األوربية‪ ،‬كما يرجع‬
‫اطمئن���ان أورب���ا أيضا إلى غياب الح���ركات الدينية التي تطالب‬
‫ممكنات للتفسير‬
‫بإقامة الدولة على أس���اس ديني‪ ،‬ألنه حت���ى المتدينين يرفضون‬ ‫إن األطروحة األكثر تداوال في تفسير هذه الظاهرة العالمية‬
‫ذلك ويعتبرون العلمانية مكس���با لهم أيضا‪ .‬لذلك نجد المجلس‬ ‫هي التي تجعلها على رباط وثيق بالحداثة‪ ،‬أي كإفراز لمش���روع‬
‫األوربي يفتح نقاش���ا م���ع كل المجموعات الدينية ويس���تدعيها‬ ‫الحداث���ة‪ ،‬إم���ا كنتيجة مباش���رة ألزمة ه���ذه الحداث���ة أو ما بعد‬
‫للمساهمة في األسئلة الموضوعة على أجندة انشغاالته لكن على‬ ‫الحداث���ة‪ ،‬أو نتيج���ة لما وصلت إليه الحداث���ة فتكون مرحلة من‬
‫أرضية المكتس���بات المعيارية‪ :‬دولة الحق‪ ،‬الديمقراطية‪ ،‬حقوق‬ ‫مراحلها‪.‬‬
‫اإلنسان‪ ...‬إلخ(‪.)40‬‬ ‫في هذا الس���ياق ن���درج أطروحة جون ب���ول فليم ‪Jean-‬‬
‫إن بحثنا في أسباب هذه الظاهرة العالمية ومحاولة تفسيرها‬ ‫‪ Paul Willaime‬باعتباره متخصصا في سوسيولوجيا الدين‬
‫وأحد المعتمدين كخبير في قضايا الدين لدى المجلس األوربي‪ .‬يجعلنا نس���تخلص أن معظم الفالسفة وعلماء االجتماع يرجعونها‬
‫يذهب فليم ‪ Willaime‬إلى أن هذه الظاهرة العالمية التي إل���ى التح���والت المرتبطة بالحداث���ة والعولمة‪ .‬فهذا الفيلس���وف‬
‫يسميها «عودة ما هو ديني إلى الفضاء العام» هي نتيجة لتطور الفرنس���ي الكبير جاك دريدا يجعل منه���ا مجرد رد فعل على ما‬
‫الحداثة ووصولها إلى مرحلتها القصوى ‪ ))ultramodernité‬يشهده العالم من تحول ناتج عن النزعة العلم‪-‬تقنية وغيرها‪ .‬ورد‬
‫مع خضوع هذه الحداثة إل���ى دنيوة ‪ sécularisation‬مفرطة‪ .‬الفع���ل هذا هو الذي «يس���تطيع وحده أن يجعلن���ا على بينة مما‬
‫‪59‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫إدريس الصنهاجي‬

‫وعلى عكس جون بول فليم يرى توزيل بأن الدين يش���كل‬ ‫يعني���ه التدفق الديني»(‪ .)41‬هذا فيما فس���ر جياني فاتيمو عودة‬
‫تهديدا للحضارة األوربية‪ ،‬ذلك أن الكنيسة والمجموعات الدينية‬ ‫البشر إلى ما هو ديني بشعورهم بالخوف جراء هذه التحوالت‪- :‬‬
‫ف���ي أوربا تعمل على فرض مراجعة المس���احة الت���ي تحتلها في‬ ‫الخوف من اندالع حرب نووية خالل الحرب الباردة‪.‬‬
‫المجتمع���ات ليك���ون لها تأثير‪ .‬وعموما تح���اول أن تفرض على‬ ‫‪ -‬الخوف الشديد من إمكانية التالعب بالهندسة الجينية‬
‫الس���لطة بعض المقتضي���ات المناقضة للمعايي���ر العلمانية‪ ،‬بل‬ ‫الوراثية‪.‬‬
‫تدع���و في بعض األحيان إلى إعادة النظر حتى في المكتس���بات‬
‫(‪)45‬‬
‫العلمية‪.‬‬ ‫ـ الخ���وف المتمثل في فق���دان معنى الوجود واإلحس���اس‬
‫بالملل العميق الذي يصاحب على ما يبدو وبشكل ال مناص منه‬
‫هذا اإلقبال الجنوني على االستهالك‪.‬‬
‫‪ -‬على سبيل االستخالص‬ ‫‪ -‬ويضيف فاتيمو سببا آخر ال يقل أهمية في رأيه حينما‬
‫خالصة القول إن المسألة ال تتعلق بعودة الدين وإنما بعودة‬ ‫يفس���ر الحيوي���ة الجديدة للدي���ن بتراجع الفلس���فة والفكر النقدي‬
‫عموم���ا‪ ،‬وتخليهما عن مفهوم األس���اس بحي���ث أصبحا عاجزين البشرية إلى ما هو ديني لإلجابة عن مشاكلها المعاصرة‪.‬‬
‫ع���ن إعطاء معنى للوج���ود‪ .‬وهو المعنى الذي يتم البحث عنه في‬
‫إن مس���ألة الع���ودة لما هو ديني ظاه���رة عالمية يرجعها‬ ‫(‪)42‬‬
‫الدين‪.‬‬
‫معظم الباحثين إلى التحوالت الناجمة عن الحداثة والعولمة‪.‬‬
‫ه���ذا الموقف األخي���ر يحضر بقوة عند الفيلس���وف أندري‬
‫إن حض���ور الظاه���رة في المغ���رب اتخذت أبع���ادا خطيرة‬ ‫توزيل‪ ،‬الذي يرجع عودة ما هو ديني ‪retour du religieux‬‬
‫إل���ى العولمة‪ ،‬وبالخصوص العولمة الثقافية(‪ ،)43‬حيث يؤكد على جسدت العمليات اإلرهابية وجهها البارز‪.‬‬
‫إن أنماط التدين التي يش���هدها المغرب تعبير عن تحول‬ ‫أن االنش���غال الكبي���ر في هذه الظرفية المتس���مة بضعف التيقظ‬
‫واالنتب���اه الثقافي‪ ،‬وضعف المس���ؤولية األخالقية والسياس���ية‪ ،‬يطال المجتمع المغربي في تفاعله مع المجتمع الدولي‪ .‬فهل يعني‬
‫يكمن في أن جزء كبيرا من الفلس���فة والعلوم االجتماعية تنخرط هذا أن الممارسات التدينية الجديدة مؤقتة‪ ،‬سرعان ما ستتالشى‬
‫ف���ي االتج���اه البراغماتي ال���ذي يعترف للدي���ن ولتجربة المقدس أو على األصح ستتغير بتغير الشروط التي أنتجتها؟‪.‬‬
‫ادريس الصنهاجي‬ ‫بوظيفة تفسير وتنظيم الواقع السوسيوتاريخي(‪.)44‬‬
‫ملف‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪60‬‬
‫في مسألة عودة الدين‬

‫الهوامش‬ ‫الئحة المراجع‬


‫‪ - 1‬أشرنا إلى اإلسالم هنا ألن المسألة التي نعالجها <> عودة الدين <>‪ ،‬سنركز‬ ‫‪ -‬بالعربية‬
‫خاللها على الدين اإلس�ل�امي وعلى حالة المغرب‪ .‬لكن مسألة عودة الدين ال‬ ‫‪ -‬أنطون���ي غدنز‪ ، A. Giddens‬عل���م االجتماع‪ ،‬ترجم���ة وتقديم فايز‬
‫تهم ‪ -‬كما سنرى ‪ -‬اإلسالم وحده وإنما غالبية األديان‪.‬‬ ‫الصباغ‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.2005 ،1 .‬‬
‫‪ - 2‬كانتان ( كارين )‪”،‬نقاش���ات حول العلمانية على الطريقة الفرنسية أو عندما‬ ‫‪ -‬ب���ركات (حليم)‪ ،‬المجتمع العربي في القرن العش���رين‪ :‬بحث في تغير‬
‫تأتي اإلجابات السياس���ية من المجتمع”‪ ،‬ضمن مؤلف جماعي تحت عنوان‪:‬‬ ‫األح���وال والعالق���ات‪ ،‬مركز دراس���ات الوح���دة العربية‪ ،‬بي���روت‪ ،‬ط‪،1 .‬‬
‫مواجه���ات بين اإلس�ل�اميين والعلمانيين بالمغرب‪ ،‬إش���راف وإعداد المعطي‬
‫منجب‪ ،‬دفاتر وجهة نظر‪ ،‬الرباط‪ /‬أمستردام‪ ،2008 ،‬ص‪.306 .‬‬ ‫‪.2000‬‬
‫‪3- « Que l’on soit à Paris, New York, Beyrouth, Bagdad, Istanbul,‬‬ ‫من‬ ‫اإلفريقي‪:‬‬ ‫الش���مال‬ ‫في‬ ‫اإلس�ل�امية‬ ‫الفرق‬ ‫‪،A.‬‬ ‫‪Bel‬‬ ‫(ألفريد)‬ ‫‪ -‬ب���ل‬
‫الفتح العربي حتى اليوم‪ ،‬ترجمة عبد الرحمان بدوي‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪Moscow ,New Delhi ou Djakarta, nos titres de journaux ou ،‬‬
‫‪hebdomadaires, nos écrans de télévisions nous parlent de‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ط‪.1987 ،3.‬‬
‫‪religion ».‬‬ ‫ترجمة‬ ‫سبتمبر‪،‬‬ ‫‪11‬‬ ‫حدث‬ ‫في‬ ‫حدث‬ ‫ماذا‬ ‫‪،‬‬ ‫‪J.‬‬ ‫(جاك)‪Derrida‬‬ ‫‪ -‬دريدا‬
‫‪- Corm (Georges), 2006, La question religieuse au 21ème siècle, La‬‬
‫‪découverte, Paris, p.5.‬‬ ‫ط‬ ‫البيضاء‪،‬‬ ‫للنشر‪،‬‬ ‫توبقال‬ ‫دار‬ ‫الس���باعي‪،‬‬ ‫بش���ير‬ ‫مراجعة‬ ‫فتحي‪،‬‬ ‫صفاء‬
‫‪ - 4‬أنطوني غدن���ز‪ ،‬علم االجتماع‪ ،‬ترجمة وتقديم فايز الصباغ‪ ،‬المنظمة العربية‬ ‫‪.2006‬‬ ‫‪،1‬‬
‫للترجمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1 .‬ص‪561 .‬‬ ‫في‬ ‫«الدين»‬ ‫منبعا‬ ‫ومعرف���ة‬ ‫إيمان‬ ‫‘’‬ ‫‪،‬‬ ‫‪J.‬‬ ‫‪Derrida‬‬ ‫(ج���اك)‬ ‫دري���دا‬ ‫‪-‬‬
‫حدود العقل وحده»‪ ،‬ضمن الدين في عالمنا‪ ،‬مؤلف جماعي تحت إش���راف ‪ - 5‬شكلت مسألة <>عودة <> الدين وتأثيره في الصراعات الوطنية واإلقليمية‬
‫والدولية موضوع ندوة دولية دعا إليها الفيلسوفان جاك دريدا ‪،J . Derrida‬‬ ‫ج���اك دري���دا‪ J.Derrida‬وجياني فاتيم���و‪ ،J. Vatimo‬ترجمة محمد‬
‫وجياني فاتيمو‪ ، G. Vatimo‬وحضرها إضافة إليهما باحثون من مختلف‬ ‫الهاللي وحسن العمراني‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪.2004 ،1.‬‬
‫التخصصات‪ .‬وقد تحدث مختلف المتدخلين وعلى رأس���هم دريدا عن الطابع‬
‫العالمي لما يس���مى ب>>عودة الدين>> معتبرا المس���ألة <>ظاهرة عالمية‬ ‫في‬ ‫‪ -‬فاتيم���و (جيان���ي) ‪« ، J. Vatimo‬أث���ر األث���ر»‪ ،‬ضم���ن الدين‬
‫معقدة ومش���حونة بالدالالت‪...‬وهي ليس���ت مجرد ع���ودة عادية لما هو ديني‬ ‫وجياني‬ ‫عالمن���ا‪ ،‬مؤلف جماعي تحت إش���راف جاك دري���دا‪J.Derrida‬‬
‫ألنها تشتمل على نزعة تدميرية جدرية لما هو ديني <>‪ .‬ص‪51.‬‬ ‫فاتيمو‪ ،J. Vatimo‬ترجمة محمد الهاللي وحس���ن العمراني‪ ،‬دار توبقال‬
‫صدرت أعمال هذه الندوة في كتاب جماعي ترجم إلى العربية تحت عنوان‪:‬‬ ‫للنشر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪.2004 ،1.‬‬
‫‪ -‬غوش���يه (مارس���يل) ‪ ، M. Gauchet‬الدين في الديمقراطية‪ ،‬ترجمة ـ الدي���ن ف���ي عالمن���ا‪ ،‬ترجمة محمد الهاللي وحس���ن العمران���ي‪ ،‬دار توبقال‬
‫للنشر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪.2004 ،1.‬‬
‫إضاف���ة إلى ه���ذه الندوة العالمية هناك العديد من العناوين التي تبرز إلى أي‬ ‫شفيق محسن‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪.2007 ،1 .‬‬
‫مدى أصبحت الظاهرة الدينية موضوع اهتمام كبير‪ .‬والمغرب ال يشد عن هذه‬ ‫أو‬ ‫الفرنس���ية‬ ‫‪ -‬كانتان (كارين)‪« ،‬نقاش���ات حول العلمانية على الطريقة‬
‫القاع���دة‪ ،‬ويكفي أن نذكر بأن الدراس���ة التي قام بها كل من محمد الطوزي‪،‬‬ ‫عندما تأتي اإلجابات السياسية من المجتمع»‪ ،‬ضمن مؤلف جماعي تحت‬
‫وحس���ن رش���يق‪ ،‬ومحمد العيادي‪ ،‬المنش���ورة تحت عنوان‪l’Islam au :‬‬ ‫عنوان‪ :‬مواجهات بين اإلس�ل�اميين والعلمانيين بالمغرب‪ ،‬إشراف وإعداد‬
‫‪ quotidien‬وقبلها البحث الوطني حول القيم الذي نش���ر تقريرا تركيبيا له‬ ‫المعطي منجب‪ ،‬دفاتر وجهة نظر‪ ،‬الرباط‪ /‬أمستردام‪.2008 ،‬‬
‫من إنجاز الباحث المغربي حسن رشيق‪ ،‬والتقارير التي تصدرها بعض المراكز‬
‫أو المجالت من حين آلخر كلها محكومة بهاجس ‘’ عودة الدين ‘’‪.‬‬
‫‪- Enquête nationale sur les valeurs, 2006, Rapporteur‬‬ ‫‪En français‬‬
‫‪Hassan Rachik, comité scientifique: Rahma Bourqia.,‬‬ ‫‪- Corm (Georges), 2006, La question religieuse au 21‬‬
‫‪Abdellatif Benchrefa., Mohamed Tozy.‬‬ ‫‪éme siècle, la découverte, Paris.‬‬
‫عن الموقع الرس���مي لتقري���ر الخمس���ينية‪http://www.rdh50 fichier .‬‬
‫‪PDF‬‬ ‫‪- Enquête nationale sur les valeurs, 2006, Rapporteur‬‬
‫‪-tozy, M., rachik, H., Elayadi, M., 2007, L’Islam‬‬ ‫‪Hassan Rachik, comité scientifique: Rahma Bourqia.,‬‬
‫‪au quotidien: Enquête sur les valeurs et les‬‬ ‫‪Abdellatif Benchrefa., Mohamed Tozy. http://www.‬‬
‫‪pratiques religieuses au Maroc, Editions prologues,‬‬ ‫‪rdh50 fichier PDF‬‬
‫‪casablanca.‬‬ ‫‪- Tosel ( André ), 2011, Du retour du religieux : scénario‬‬
‫وهناك عناوين أخرى تكشف مضامينها – كما سنرى – عن الطابع العالمي لهذه‬ ‫‪de la mondialisation culturelle, tome 1, Kimé, Paris.‬‬
‫الظاهرة وتبرز مدى انشغال العالم بها ‪:‬‬ ‫‪-tozy, M., rachik, H., Elayadi, M., 2007, L’Islam‬‬
‫‪- Corm (Georges), 2006, La question religieuse au‬‬ ‫‪au quotidien: Enquête sur les valeurs et les‬‬
‫‪21 éme siècle, la découverte, Paris.‬‬ ‫‪pratiques religieuses au Maroc, Editions prologues,‬‬
‫‪- Willaime ( jean paul ), 2008, le retour du religieux dans‬‬ ‫‪casablanca.‬‬
‫‪la sphère publique : vers une laïcité de reconnaissance‬‬ ‫‪- Willaime ( Jean-Paul ), 2008, le retour du religieux‬‬
‫‪et de dialogue, Editions Olivétan, lyon.‬‬ ‫‪dans la sphère publique : vers une laïcité de‬‬
‫‪- Tosel ( André ), 2011, Du retour du religieux : scénario‬‬ ‫‪reconnaissance et de dialogue, Editions Olivétan,‬‬
‫‪de la mondialisation culturelle, tome 1, Kimé, Paris.‬‬ ‫‪lyon.‬‬
‫‪ - 6‬الدي���ن في عالمنا‪ ،‬مؤلف جماعي تحت إش���راف جاك دري���دا وجياني فاتيمو‪ ،‬ترجمة‬
‫محمد الهاللي وحس���ن العمراني‪ ،‬دار توبقال للنش���ر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1.‬ص‪.‬‬
‫‪.12‬‬
‫‪ - 7‬غوشيه ( مارسيل ) ‪ ،M. Gauchet‬الدين في الديمقراطية‪ ،‬ترجمة شفيق‬
‫محسن‪ ،‬المنظمة العربية للترجمة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1 .‬ص‪157 .‬‬
‫‪61‬‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫إدريس الصنهاجي‬

‫ففي لس���ان الع���رب يدل االنبثاق عل���ى االنفجار‪ ( .‬وانبث���ق عليهم هجم من‬ ‫‪ - 8‬هذا األمر كان قد بدأ حسب جورج قرم منذ نهاية السبعينيات‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫غير أن يش���عروا به‪ .‬فانبثق أي انفجر )‪ .‬وهو معنى يحيل على حدوث ش���يء‬ ‫‪‘’A la fin des années 1970, une génération de‬‬
‫جديد مباغت لم يكن من قبل‪ .‬ويدل االنبعاث على الظهور والحركة والنهوض‬ ‫‪« nouveaux philosophes » français quittait les habits‬‬
‫واالنفجار‪ ( .‬انبعث الشيء اندفع‪ ،‬وانبعث في السير أي أسرع‪ ... ،‬وانبعث‬ ‫‪marxistes ou existentialistes de Jean-Paul Sartre, pour‬‬
‫انفجر الماء والدم ونحوهما من الس���يال ‪ ،‬وتفجر انبعث س���ائال‪ .)..‬والمعنى‬ ‫‪battre sa coulpe et dénoncer ses idéologies comme‬‬
‫ال���وارد هن���ا القريب إلى ما نحن بص���دده هو <> النه���وض <>‪ .‬ويدل الرجوع‬ ‫‪responsables du totalitarisme et des malheurs du‬‬
‫والع���ودة عل���ى ما كان قد ذه���ب وغادر ( العود والعودة يت���م بعد ذهاب‪)...‬‬
‫و( يرجع���ون أي يردون‪ ،‬ورجوعه عوده‪ .)...‬في حين تدل اليقظة على الوعي‬ ‫‪monde. Le monde se portait-il donc si mal qu’il ne‬‬
‫واالنتباه واالس���تيقاظ وعدم النوم ( اليقظة نقيض النوم‪ ،‬والفعل اس���تيقظ‪..‬‬ ‫‪lui restait plus d’autre ressource que d’invoquer dieu‬‬
‫وتيقظ فالن لألمر إذا تنبه )‪ .‬وكأن الفاعلين الدينيين من علماء ورجال دين‬ ‫‪et de l’appeler à nouveau pour justifier le chapelet de‬‬
‫وغيره���م يكون���ون في حالة نوم‪ ،‬ويكون الدين مبعدا من التدخل المباش���ر في‬ ‫’’ ‪nouvelles violences et de nouvelles « barbaries ».‬‬
‫الحي���اة العامة‪ .‬لكن األحداث واألزمات‪ ،‬تدف���ع الفاعل الديني إلى الواجهة‪،‬‬ ‫‪- Corm (Georges), op.cit., p. 8.‬‬
‫وتجعل موضوعة الدين في صلب اهتمامات الفالسفة وعلماء االجتماع‪ ،‬وتنبه‬
‫إلى أن الدين لن ينس���حب من المجتمعات البش���رية بل يبقى في حالة كمون‬ ‫‪9 - Tosel ( André ), op.cit., p.p.53-54‬‬
‫ويفع���ل فعله‪ ،‬إلى أن تعيده بعض األحداث إل���ى الصدارة‪ .‬وقد تكون أفكار‬ ‫‪ - 10‬الدين���ي‪ :‬نقصد ب>>الديني>> هنا كل المعتق���دات والتصورات واألفكار‬
‫وممارسات الرافضين له‪ ،‬هي إحدى العوامل التي ساهمت في يقظته‪.‬‬ ‫المافوق طبيعية التي يلجأ إليها اإلنس���ان لتفس���ير وج���وده ومحيطه وظروفه‬
‫يقول مارسيل غوشيه‪ >< :‬إن خصوم الدين يساهمون في إعادة إحياء العامل‬ ‫وحتى مستقبله‪ ،‬والتي توجه سلوكه وتملي عليه طبيعة التصرف‪.‬‬
‫الديني‪ ،‬ومن المحتمل أن نكون نش���اهد األديان وهي تساعد على والدة عالم‬ ‫‪ -‬التدي���ن‪ :‬ونقصد بمفهوم التدي���ن الكيفية التي يمارس بها الناس معتقداتهم‪.‬‬
‫نقيض العالم الديني <>‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫وال نأخده في معناه الضيق‪ ،‬الذي يعني االلتزام بتطبيق الش���عائر‪ ،‬والتعاليم‬
‫‪ -‬غوشيه ( مارسيل )‪ ،‬الدين في الديمقراطية‪ ،‬ترجمة شفيق محسن‪ ،‬المنظمة‬ ‫الديني���ة‪ ،‬واالمتثال ألحكام الش���ريعة‪ .‬ذلك أننا نعتبر كل س���لوك يهدف من‬
‫العربية للتربية‪ ،‬بيروت‪ ،2007 ،‬ط‪ ،1 .‬ص‪46 .‬‬ ‫ورائه المتدين التعبد أو التقرب إلى الله تدينا‪ ،‬بدءا من شكل اللباس وطريقة‬
‫وتجدراإلشارة إلى أن هذه المسألة ( <>عودة الدين>> أو <>رجوع الدين>> )‪،‬‬ ‫األكل إلى ممارسة الشعائر كالحج والصالة‪.‬‬
‫وما أس���ميه يقظة‪ ،‬تعرف عند حركات اإلس�ل�ام السياسي والسلفيون والفقهاء‬ ‫‪ - 11‬يقول جون بول فليم‪:‬‬
‫ب>> الصحوة <> والتي تعود إلى الربع األخير من القرن التاس���ع عشر‪ ،‬إلى‬ ‫‪« Malgré une incontestable sécularisation des‬‬
‫<> الحرك���ة الفكرية اإلصالحي���ة الدينية التي تمثلت في كتابات جمال الدين‬ ‫‪populations et des institutions, la religion est‬‬
‫األفغاني‪ ،‬ومحمد عبده‪ ،‬ورشيد رضا وغيرهم <>‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪revenue en force dans le débat social, et se trouve‬‬
‫‪ -‬ب���ركات ( حلي���م )‪ ،‬المجتم���ع العربي في القرن العش���رين‪ :‬بحث في تغير‬ ‫‪au cœur de préoccupations publiques tant dans les‬‬
‫األحوال والعالقات‪ ،‬مركز دراس���ات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ط‪،1 .‬‬ ‫‪sociétés nationales qu’à l’échelle de la construction‬‬
‫ص‪591.‬‬ ‫» ‪européenne.‬‬
‫‪ - 16‬يعتبر ميرسيا إلياد بأن <> المقدس هو العقبة بامتياز أمام الحرية <>‬ ‫‪- Willaime ( Jean-Paul ), op.cit., p.13.‬‬
‫‪ -‬إلياد ( ميرسيا )‪ ،‬المقدس والمدنس‪ ،‬م‪ .‬م‪ ،‬ص‪.147 .‬‬ ‫‪12 - Concluant son analyse basée sur les trois enquêtes‬‬
‫‪ - 17‬المقصود بالكمون هنا التستر والتخفي وعدم الظهور البارز‪ ،‬دون االختفاء‬ ‫‪européennes sur les valeurs de 1981, 1990 et‬‬
‫الكلي والنهائي‪ .‬جاء في لس���ان العرب تحت مادة كمن‪ :‬كمن كمونا‪ :‬اختفى‬ ‫‪1999, Yves Lambert identifie trois tendances‬‬
‫‪ .‬وكمن له يكمن كمونا وكمن‪ :‬اس���تخفى‪ .‬وكل ش���يء استتر بشيء فقد كمن‬ ‫‪principales dans les attitudes des Européens en‬‬
‫فيه كمونا‪ .‬عن موقع الباحب العربي قاموس عربي عربي ‪www.baheth.‬‬ ‫‪matière religieuse : « une poursuite de la sortie‬‬
‫‪info‬‬ ‫‪de la religion, un ressaisissement interne chez les‬‬
‫‪18 tozy, M., rachik, H., Elayadi, M., L’islam au‬‬ ‫‪chrétiens et le développement d’une religiosité sans‬‬
‫‪quotidien, op.cit, p.227‬‬ ‫‪appartenance ».‬‬
‫‪ - 19‬يعتب���ر محم���د الطوزي في س���ياق حديثه عن الظاهرة اإلس�ل�امية بأن هذه‬ ‫‪- Willaime ( Jean-Paul ), op.cit., p. 27 .‬‬
‫المس���ألة هي <> في الحقيقة انبثاق للمقدس في الحياة اليومية في أش���كال‬
‫جديدة‪ ،‬ليست بالضرورة مناقضة لروح العصر <> الطوزي ( محمد )‪ ،‬الملكية‬ ‫‪ - 13‬في كل دول الخليج‪ ،‬واألردن والمغرب تنتقل الس���لطة على مس���توى أعلى‬
‫واإلس�ل�ام السياس���ي في المغرب‪ ،‬ترجمة محمد حاتمي‪ -‬خالد شكراوي‪ ،‬نشر‬ ‫الهرم ( الملك أو السلطان أو األمير ) باإلراثة‪ .‬ويشكل الدين في هذه الدول‬
‫أحد الركائز األساس���ية التي تش���رعن إراثة السلطة وتبرر انتقالها على أساس‬
‫الفنك‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬البيضاء‪ ،2001 ،‬ط‪ ،1.‬ص‪.163 .‬‬ ‫بيولوجي‪ .‬كما يحتل دورا مركزيا في الدول والمجتمعات العربية األخرى‪ .‬وما‬
‫‪20 - Wach (joachim), sociologie de la religion, op.cit, p.‬‬ ‫يؤكد هذا األمر هو الحضور الالفت التي تميزت به حركات اإلسالم السياسي‬
‫‪11‬‬ ‫في ما يسمى <>الربيع العربي <> في كل من تونس وليبيا ومصر ‪..‬إلخ‪.‬‬
‫‪21 - Tillich (Paul), Théologie de la culture, Traduit de‬‬ ‫‪ - 14‬لهذا الغرض شكل المجلس األوربي مختبرا‬
‫‪l’anglais par Jean-Paul Gabus et Jean-Marc Saint,‬‬ ‫‪(Laboratoire de gestion de la pluralité religieuse et‬‬
‫‪Editions Denoel/Gowthier, Paris, 1972, p. 17.‬‬ ‫)‪philosophique‬‬
‫‪22 Tosel (André ), op.cit., p. 80‬‬
‫للنظر في القضايا الدينية تقديرا منه لما يمكن أن تس���هم به في حل المش���اكل‬
‫‪ - 23‬اتفق الفيلس���وف الفرنسي جاك دريدا‪ ،‬والفيلسوف اإليطالي جياني فاتيمو‬ ‫‪- Willaime ( Jean-Paul ), op.cit.,‬‬ ‫المطروح���ة‪ .‬انظ���ر‪:‬‬
‫وآخ���رون في ندوة تحت إش���راف األولين ‪ -‬بل وحتى قبل أش���غال الندوة‪ ،‬أي‬
‫عندما كانوا يحاولون اختيار الموضوع لخلق دليل فلس���في أوربي‪ -‬على أن‬ ‫‪p.35‬‬
‫الدين هو <>روح العصر>>‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪ - 15‬اخترن���ا نعت هذه الظاهرة ب>> اليقظة <> بعدما راجعنا عددا من األلفاظ‬
‫‪ -‬الدين في عالمنا‪ ،‬مؤلف جماعي‪ ،‬ترجمة محمد الهاللي وحس���ن العمراني‪،‬‬ ‫ك>> انبثاق <> و>> انبعاث <> و>> عودة <>‬
‫دار توبقال للنشر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1.‬ص‪.7.‬‬ ‫و>> رجوع <> فتبين لنا أن اللفظ المناس���ب والمعبر عما يحصل هو <> اليقظة‬
‫‪ - 24‬لم يعد هذا األمر موضوع نقاش‪ ،‬ذلك أن معظم الفالسفة وعلماء االجتماع‬ ‫<>‪.‬‬
‫ملف‬ ‫األزمنة احلديثة > العدد ‪8‬‬ ‫‪62‬‬
‫في مسألة عودة الدين‬

‫‪ - 36‬ينتصر فليم إلى هذه الفكرة عبر مختلف مقاطع الكتاب السالف الذكر‪،‬‬ ‫الذين اهتموا بهذه المسألة <> العودة إلى ما هو ديني <> اعتبروها ظاهرة‬
‫ويس���تدعي لتأكيد ذل���ك كال من أالن تورين‪ ،‬وأولري���خ بك‪ ،‬وهابرماس‪،‬‬ ‫عالمي���ة تتج���اوز بلدا أو دين���ا بعينه‪ .‬بهذا الخصوص انظر على س���بيل‬
‫وأنطوني غدنز‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬وعلى لسان أنطوني غدنز‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫المث���ال المؤلفات المذكورة آنفا لكل من جون بول فليم‪ ،‬وأندري توزيل‪،‬‬
‫‪« loin d’aborder une ère poste-moderne, nous entrons‬‬ ‫والمؤلف الجماعي الصادر تحت إشراف جاك دريدا وجياني فاتيمو‪.‬‬
‫‪plus que jamais dans une phase de radicalisation‬‬ ‫‪ - 25‬يقول الفيلسوف الفرنسي الموسوعي جاك دريدا‪ « : Derrida‬إن من‬
‫‪et d’universalisation des conséquences de la‬‬ ‫يجرد النظر في ما س���مي « عودة ما هو ديني «‪ ،‬ونقصد به ذلك التدفق‬
‫» ‪modernité.‬‬ ‫الهائل لظاهرة معقدة ومشحونة بالدالالت‪ ،‬ال يلبث أن يتبين أنها ليست‬
‫مجرد عودة عادية‪ ،‬ويشهد على ذلك عالميتها وصورها «‪.‬‬
‫‪- Ibid., p.16‬‬
‫‪ -‬دريدا ( جاك )‪ ’‘ ،‬إيمان ومعرفة منبعا «الدين» في حدود العقل وحده‬
‫‪37 Willaime ( Jean- Paul ), op.cit., pp.14-15 -‬‬ ‫«»‪ ،‬ضمن الدين في عالمنا‪ ،‬م‪.‬م‪ ،‬ص‪.51.‬‬
‫‪38 « En ultramodernité, rien n’échappe au crible‬‬ ‫وف���ي مقدمة كتابه‪ ،‬الس���ؤال الديني ف���ي القرن الواحد والعش���رين‪ ،‬يبرز‬
‫‪de l’examen critique, non seulement les‬‬ ‫جورج قرم كيف أن عالمية الظاهرة تتجسد من خالل انتشارها الجغرافي‬
‫‪traditions religieuses et les coutumes, mais‬‬ ‫والدين���ي‪ ،‬حي���ث تقيس مختلف جوان���ب العالم ومختل���ف األديان‪ .‬انظر‬
‫‪aussi les idéologies politiques et nationales,‬‬ ‫مقدمة الكتاب‪:‬‬
‫‪le développement de la science, la croissance‬‬ ‫‪- Corm (Georges), op.cit., p.p. 5-22.‬‬
‫» …‪économique, l’éducation,‬‬
‫‪26 -‘’ le retour du religieux est un phénomène qui est‬‬
‫‪- Willaime ( Jean- Paul ), op.cit., p.17.‬‬ ‫‪relativement récent si on en croit les observateurs.‬‬
‫‪39 - Ibid., p. 60‬‬ ‫‪Il a surpris et dérangé la conception dominante qui‬‬
‫‪40 - Ibid., p.54.‬‬ ‫‪faisait de la sortie de la religion une évidence’’.‬‬
‫‪ - 41‬دري���دا ( ج���اك )‪>< ،‬إيم���ان ومعرفة‪ :‬منبعا الدين ف���ي حدود العقل‬ ‫‪- Tosel ( André ), op.cit., p. 13.‬‬
‫وحده>>‪ ،‬الدين في عالمنا‪ ،‬م‪.‬م‪ ،‬ص‪55.‬‬ ‫‪ - 27‬ب���ركات ( حلي���م )‪ ،‬المجتم���ع العربي في القرن العش���رين‪ :‬بحث في‬
‫‪ - 42‬فاتيمو ( جياني )‪« ،‬أثر األثر»‪ ،‬نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪78-79.‬‬ ‫تغير األحوال والعالقات‪ ،‬مركز دراس���ات الوحدة العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪،1 .‬‬
‫‪43 - « La mondialisation multiplie et radicalise les‬‬ ‫‪ ،2000‬ص‪.589.‬‬
‫‪conflits identitaires, en créant les conditions d’un‬‬ ‫‪ 28‬ـ ال يجب أن ننظر إلى األمر بأنه مجرد غطاء إيديولوجي من أجل حسم‬
‫‪retour, ou plutôt d’un tour nouveau ».‬‬ ‫الس���لطة السياس���ية‪ ،‬بل إن العديد من زعماء هذه الحركات اإلصالحية‬
‫( خصوص���ا الفقهاء أو علماء الدين ) من كان يريد إصالح ش���أن األمة‬
‫‪- Tosel ( André ), op.cit., p. 53.‬‬ ‫اإلس�ل�امية بخلفي���ة دينية محضة‪ ،‬أي بوازع دين���ي خالص ال يبتغي من‬
‫‪ - 44‬ويتجس���د هذا االتجاه حس���ب توزيل في أسماء متعددة وبارزة أمثال‪:‬‬ ‫ورائه إال وجه الله‪.‬‬
‫وليم جيمس‪ ،‬ريتشارد رورتي‪ ،‬جياني فاتيمو‪ ،‬ريجيس دوبري‪ ،‬لوك فيري‬ ‫‪ - 29‬ب���ل ( ألفري���د )‪ ،‬الفرق اإلس�ل�امية في الش���مال اإلفريقي‪ :‬من الفتح‬
‫وكومت‪-‬سبونفيل‬ ‫العرب���ي حتى اليوم‪ ،‬ترجم���ة عبد الرحمان بدوي‪ ،‬دار الغرب اإلس�ل�امي‪،‬‬
‫‪- Tosel (André), op.cit., p. 57‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،1987 ،3.‬ص‪.227 .‬‬
‫‪45 - Ibid., p. 56‬‬ ‫‪30 tozy, M., rachik, H., Elayadi, M., L’islam au quotidien,‬‬
‫‪op.cit, p.227.‬‬
‫‪31 - Tozy,M.,Rachik, H., Elayadi, M., op.cit., p. 13.‬‬
‫‪32 - Bel (Alfred), 1938, la religion musulmane en‬‬
‫‪Berberie: esquisse d’histoire et de sociologie‬‬
‫‪religieuses, Paris: librairie orientaliste Paul‬‬
‫‪Geuthner, p. 9. in L’islam au quotidien, op.cit., p.‬‬
‫‪13.‬‬
‫‪ - 33‬في ندوة حول اليسار الثقافي في المغرب السبعيني‪ ،‬من تنظيم المجلة‬
‫الثقافي���ة نوافد‪ ،‬أبرز مختل���ف المتدخلين على أن مرحلة الس���بعينيات‬
‫كان���ت جد متقدمة ثقافيا « وتمي���زت بجودة في اإلنتاج وقوة في التأثير‬
‫واإلشعاع « ص‪ 12.‬واآلن « يشهد الحقل الثقافي في بالدنا ‪..‬تراجعات‬
‫ف���ي القيم وف���ي الفكر ‪...‬فضال عن عودة التقلي���د والفكر اإلقطاعي‪...‬‬
‫نصطدم باإلش���كال المركزي المتعلق باالنبعاث القوي للثقافة التقليدية‪،‬‬
‫والتراجع المحسوس لثقافة الحداثة «‪ .‬ص‪15.‬‬
‫‪ -‬مجلة نوافد‪ ،‬عدد ‪ ،37/38‬ماي ‪2008‬‬
‫‪ - 34‬دري���دا (جاك)‪ ،J. Derrida‬ماذا حدث في حدث ‪ 11‬س���بتمبر‪ ،‬ترجمة‬
‫صفاء فتحي‪ ،‬مراجعة بش���ير الس���باعي‪ ،‬دار توبقال للنشر‪ ،‬البيضاء‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.48‬‬
‫‪35 - « c’est donc l’hypersécularisation de‬‬
‫‪l’ultramodernité qui permet un certain retour du‬‬
‫‪religieux ».‬‬
‫‪- Willaime ( Jean- Paul ), op.cit., p.26‬‬

You might also like