Professional Documents
Culture Documents
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
1
إصدار هذه األوراق النائبة مل يغري النظام النقدي ،إذ أنه بقي نظامًا معدنيًا ،وبقيت العملة املعدنية قابلة للتداول ،وما
األوراق النائبة إال ممثل للنقد املعدين لتسهيل عملية التداول.
وحيث لوحظ من املودع لديهم أن األموال املطلوبة من املودعني يف أي وقت ال تزيد عن عشر األموال املودعة،
فوجدوا أن بإمكاهنم إصدار أوراق نائبة أكثر من املعدن املودع لديهم وبذلك ميكنهم إقراض هذه األموال النائبة بنسبة من
الفائدة تدر عليهم رحبًا جيدًا .وبقي العامل سائرًا على النظام املعدين حىت قبيل احلرب العاملية األوىل .مث مع نشوب احلرب،
والزدياد النفقات احلربية احلكومية جلأت احلكومات إىل االقرتاض من البنوك ،فأصدرت البنوك املركزية أوراقًا مالية تفوق
بكثري ما لديها من خمزون معدين من ذهب وفضة .مث صدرت قوانني تعفي البنوك املركزية من تعهدها تبديل األوراق
النقدية بذهب أو بفضة ،وبذلك ألغي النظام النقدي املعدين وأصبحت األوراق النقدية أوراقًا إلزامية تستمد صالحيتها من
القانون ،مث بعد احلرب العالية األوىل رجع العامل إىل النظام املعدين رجوعًا جزئيًا ولكن ما لبث أن بدأ استعمال الذهب
والفضة بالتقلص حىت ألغي إلغاء كليًا بقطع آخر عالقة للذهب بالنقد اإللزامي ،وكان ذلك حني قرر الرئيس األمريكي
نيكسون يوم 15/8/1971إلغاء نظام (بريتون وودز) القاضي بتغطية الدوالر بالذهب وربطه به بسعر ثابت.
وظهر نتيجة للتوسع الكبري استعمال األوراق النقدية إصدار ما ينوب عنها يف االستعمال ،وهي الشيكات.
وحصل من إيداع هذه األوراق النقدية لدى البنوك وتكدسها فيها أن أصدرت البنوك نقود الودائع أو النقود الدفرتية،
وكلها تنوب عن النقود القانونية .إال أن نقود الودائع غري ملزمة يف إبراء الذمة إال إذا قبلها املستفيد.
النقد في اإلسالم
عندما جاء اإلسالم أقر الرسول تعامل العرب بالدنانري اهلرقلية الذهبية والدراهم الفارسية الفضية ،كما أقر عليه
الصالة والسالم األوزان اليت كانت توزن هبا الدنانري والدراهم .عن طاووس عن ابن عمر قال :قال رسول اهلل « :الوزن
وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة» .وقد أورد عبد القدمي زلوم يف كتابه "األموال في دولة الخالفة" يف
الصفحة 201ما نصه( :وبقي املسلمون يستعملون الدنانري اهلرقلية والدراهم الكسروية على شكلها وضرهبا وصورها
طيلة حياة الرسول وطيلة خالفة أيب بكر الصديق وأيام خالفة عمر األوىل ،ويف سنة عشرين من اهلجرة ،وهي السنة
الثامنة من خالفة عمر ،ضرب عمر دراهم جديدة على الطراز الساساين وأبقاها على شكلها وأوزاهنا الكسروية ،وأبقى
فيها الصور والكتابة البهلوية ،وزاد عليها كتابة بعض الكلمات باحلروف العربية الكوفية (بسم اهلل) و(وبسم اهلل ربي).
واستمر املسلمون يف استعمال الدنانري على الطراز البيزنطي والدراهم على الطراز الساساين ،مع كتابة بعض الكلمات
اإلسالمية باحلروف العربية ،إىل أيام عبد امللك بن مروان .ففي سنة 75وقيل 76من اهلجرة ضرب عبد امللك الدراهم
وجعلها على طراز إسالمي خاص حيمل نصوصًا إسالمية نقشت على الدراهم باخلط الكويف بعد أن ترك الطراز الساساين.
ويف سنة 77من اهلجرة ضرب الدنانري على طراز إسالمي خاص .ونقش عليها نصوصًا إسالمية باخلط العريب الكويف
وترك الطراز البيزنطي الذي كانت الدنانري عليه .وبعد أن ضرب عبد امللك بن مروان الدراهم والدنانري على طراز إسالمي
خاص ،صار للمسلمني نقدهم اخلاص على طراز إسالمي معني ،وختلوا عن نقد غريهم).
ومع أن الرسول أقر النقد الذي كانت عليه العرب ،وصرح بأن الوزن هو وزن أهل مكة ،ولكنه عليه الصالة
والسالم مل يفرض أيًا من الذهب أو الفضة أو كليهما ليكونا أداة التداول الوحيدة بني الناس ،وال املقياس الوحيد للمنفعة.
بل ترك الناس أحرارًا ليتبادلوا السلع كما شاءوا ،ويتقاضوا األجور كما شاءوا ،فلم يلزمهم بالذهب والفضة دون غريمها
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
2
كوسيط للمبادلة بل ترك لإلنسان أن يبادل السلعة باجلهد أو بالسلعة أو بالنقد .ولكنه بإقراره للنقد املعترب عند العرب
يكون قد حدد للناس النقود اليت تكون املبادلة هبا .وبإقراره لألوزان يكون قد حدد مقدار هذه النقود فيكون بذلك قد
حدد املقياس النقدي الذي يرجع إليه يف قياس السلع واجلهود.
وحني ضرب عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه الدرهم الشرعي أبقاه على ما تعارفت عليه العرب من وزن للدرهم،
وهو الوزن املتوسط للدراهم الساسانية ،ويزن 14قرياطًا ( 2,975غم) وهو نفس وزن الدرهم اإلسالمي الذي ضربه
عبد امللك بن مروان ،وكذلك الدينار الشرعي هو نفس وزن الدينار البيزنطي (السوليدوس) الذي كان متداوًال عند
العرب ونفس وزن الدرامخا.
والدينار الشرعي يزن مثقاًال من الذهب أي ( 4,25غرام) .وأيضًا فإن الشرع قد علق أحكامًا شرعية بالذهب
والفضة ،وبالنظر يف هذه األحكام جند أهنا تشمل الذهب والفضة بصفتهما املعدنية كسلعة هلا قيمة ،وبصفتهما النقدية ،أي
كوهنما مقياسًا للسلع واخلدمات .فقد حرم اإلسالم كنزمها ومل حيرم كنز غريمها من األموال والكنز ال يظهر إال يف األموال
النقدية .أما باقي األموال فيظهر فيها االحتكار .كما أن اإلسالم عنّي يف الذهب والفضة نصاب الزكاة ،وعنّي مقدار الدية
يف الذهب والفضة ،وهي عند أهل الذهب ألف دينار وعند أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم( .ويف النفس املؤمنة الدية مائة
من اإلبل وعلى أهل الذهب ألف دينار) .وكذلك حني أوجب اإلسالم القطع يف السرقة عنّي املقدار الذي يناط به حكم
القطع وهو ربع دينار من الذهب ،وجعل ذلك مقياسًا لكل ما يسرق .روي عن عائشة رضي اهلل عنها عن النيب أنه
قال« :تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا» وكذلك عن ابن عمر« :أن الرسول قطع سارقًا في مجّن ثمنه ثالثة
دراهم» ،كما أن الرسول عليه الصالة والسالم هنى عن تبادل الذهب بالذهب والفضة بالفضة إال سواء بسواء ويدًا بيد
وأباح شراء الذهب بالفضة والفضة بالذهب كما نشاء على أن يكون يدًا بيد ،كما ورد يف الصحيحني ،عالوة على ذلك
فإن أحكام الصرف اليت جاء هبا اإلسالم جاءت بالذهب والفضة وحدمها ،والصرف هو مبادلة نقد بنقد أي أنه معاملة
نقدية ال غري.
وبذلك يكون اإلسالم قد عنّي األساس النقدي ،وهو الذهب والفضة ،وقد أباح التبادل بغريمها إال أنه جعلهما
وحدمها أساس النقد .فكان إقراره إقرارًا هلما حسب واقعهما آنذاك .ومل يأمر باختاذ غريمها نقدًا ،ومل جيعل غريمها مقياسًا
نقديًا تقاس به السلع واجلهود .ولكنه اعترب الذهب والفضة مها وحدمها املقياس األساسي ال غري .ومع أن الشارع قد ربط
أحكام الدية والزكاة مثًال هبما وبغريمها من األموال فأجار دفع الدية باإلبل وغريها من املاشية ،وبالثياب ،وأوجب الزكاة
يف املاشية ويف الزروع والثمار ،وأخذ اجلزية من املاشية ،ولكنه يف اعتباره للنقد مل يتناول غري الذهب والفضة ومل يعترب
بذلك غريمها من األموال نقدًا .من كل ذلك فهم أن اإلسالم جييز التبادل للجهود والسلع مبا نشاء وجييز اختاذ الذهب
والفضة وغريمها من األموال العينية والورقية وسيلة للتبادل .ولكنه يشرتط أن يكون الذهب أو الفضة فقط املقياس النقدي،
أي مها األساس الذي يرجع إليه يف تقييم النقود .وبعبارة أخرى فإن النقد يف اإلسالم إما أن يكون قطعًا معدنية من الذهب
أو الفضة أو أوراقًا نائبة عن مقدار معني من الذهب أو الفضة .أما النقود اإللزامية املتداولة حاليًا يف شىت أقطار العامل فإن
املقياس النقدي هلا هو قوة وهيمنة اجلهة املصدرة هلذه النقود وليس هلا قيمة ذاتية يف ذاهتا .كما ليس هلا قيمة ثابتة بالنسبة
للذهب أو الفضة .فهذا الواقع هو خروج عن األصل ،حسب أحكام الشرع ،وخروج عن األصل أيضًا أساسيات االقتصاد
النقدي .وذلك أن اختاذ نقد غري نائب عن كمية معينة ثابتة من األموال العينية املقبولة عند اجلميع قابل لالستبدال هبا يف
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
3
أي وقت ،وتعليق الصالحية والقوة الشرائية هلذا النقد بني دولة تسريه حسب مصاحلها ،ما هو إال وسيلة من أقوى وسائل
بسط نفوذ هذه الدولة على بقية شعوب العامل .ولكنه مع ذلك ال ميكن إال أن يعترب نقدًا ألنه هو مقياس املنفعة الذي
اصطلح الناس عليه واعتادوا علي استعماله مقياسًا.
فهو واقعًا نقد ،وتنطبق عليه األحكام الشرعية املتعلقة بالنقد ،ولكن لتحديد املقدار الشرعي هلذا النقد البديل جيب
الرجوع إىل ما اعتربه الشرع نقدًا وتقييمه به .فمن ميلك مبلغًا من الدوالرات مثًال ،وحال عليه احلول ُينظر ،فإن كانت ال
تساوي 85غرامًا من الذهب (وهو نصاب زكاة الذهب) كما أهنا ال تساوي 595غرامًا من الفضة (وهو نصاب زكاة
الفضة) .ولكن من ميلك منها ما يساوي قيمة النصاب وال خيرج عنها الزكاة حبجة أهنا ليست نقدًا حقيقيًا ،إذ أهنا ليست
ذهبًا وال فضة وال نائبة عن الذهب أو الفضة ،فهو خمطئ .نعم هي ليست نائبة عن الذهب وال عن الفضة بشكل ثابت
وحمدد ،أي أهنا ليست مربوطة ربطًا ثابتًا بأي منهما وال بأي سلعة أخرى ولكنها وسيلة لتقييم السلع واجملهودات ومطلوبة
من مجيع األفراد ومقبولة يف إبراء الذمة ال لذاهتا بل لتمتعها بقابلية االستبدال بأي مال عيين كالذهب والفضة ،فهي واقعًا
نقد ،واصطالحًا نقد .وهبا تقاس الثورة فهي بديلة عن النقد الذهيب والفضي ،وحكمها يف الزكاة حكم عروض التجارة.
ويف الصرف ال جيوز تبادهلا إال مثًال مبثل .أما شبهة تبادل الفلوس بزيادة ونقصان فلها واقع آخر .فقد ضربت
بعض الفلوس من املعادن الرخيصة كالنحاس والرصاص واستعملت يف شراء حمقرات األشياء نظرًا ألن الندرة النسبية
املتوفرة يف الذهب والفضة جتعل قطعهما الصغرية ذات قوة شرائية عالية .فلو احتاج شخص ما رقعة لكتابة وصيته عليها أو
حبًال يربط به مجله فإن عليه إما استبدال ما يريد بسلعة أخرى قليلة القيمة ،أو شراء فوق ما حيتاج ،فكان التساع احلاجة
حملقرات األشياء وتعدد احلرف والصناعات أن ضربت مسكوكات رخيصة ذات قوة شرائية منخفضة .وكانت عبارة عن
وسيط تبادل رخيص القيمة .واعتربت يف حد ذاهتا سلعة ملا هلا من قيمة ذاتية فيها ،وهي كسلعة تتأثر بالعرض والطلب.
ولفهم آراء الفقهاء الذين أباحوا تبادل الفلوس بتفاضل ونسيئة ،ال بد من فهم واقع الفلوس اليت أباح الفقهاء
تبادهلا بتفاضل ونسيئة .فقد استدل الفقهاء بأن الفلوس سلعة وإن راجت ،وان حديث التحرمي مل يشملها ،كما استدلوا
بعدم حتقيق الثمنية يف الفلوس ،أي أهنا ليست نقدًا ،واستدلوا بعدم اشرتاك الفلوس يف علة التحرمي ،إذ أهنا ال موزون وال
مكيل .وذلك أن حديث الرسول « :الذهب بالذهب ـ والفضة بالفضة ـ والبر بالبر ـ والشعير بالشعير ـ والتمر بالتمر
ـ والملح بالملح مثًال بمثل ،سواء بسواء يدًا بيد ،فإذا اختلفت هذه األصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد»،
«وأمرنا أن نبيع البر بالشعير والشعير بالبر كيف شئنا إذا كان يدًا بيد» حني تناوله الفقهاء ،يف رواياته املتعددة اختلفت
افهامهم له ،فمنهم من قال إن القمح والشعري والذهب إخل هي أمساء جامدة غري مفهمة للعلية ،فهي ليست وصفًا مفهمًا
كقوله « :في الغنم السائبة زكاة» وعليه ال وجه للتعليل فيقتصر التحرمي على األصناف الستة :فالنحاس والرصاص
وغريمها من املعادن مضروبة أم غري مضروبة ال يشملها التحرمي ،فهي سلعة كباقي السلع ،كما أهنا ليست نقدًا فال تأخذ
حكم النقد.
وبعض الفقهاء حبث عن العلة يف التحرمي ،فمنهم من قال إهنا ـ أي العلة ـ موجودة يف الوزن والكيل ،فقاسوا على
ذلك كل مكيل وموزون ومنهم من خصص املكيل بالطعام وهكذا نظر لتعدد االفهام للغة والنص .لذلك تناول الفقهاء
موضوع إباحة تبادل الفلوس بتفاضل ونسيئة من زوايا متعددة كل حسب فهمه املبين على اللغة والنص .ويظهر ذلك
باستعراض خمتصر لبعض آراء الفقهاء ،فعند األحناف الذهب والفضة مها أمثان خلقة ،أما الفلوس فليست كذلك .وعند
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
4
الشافعية علة التحرمي هي متتع الذهب والفضة بالثمنية الغالبة والفلوس تنتفي فيها الثمنية الغالبة .وعند احلنابلة العلة يف
التحرمي هي الوزن والثمنية ،والفلوس ال ُتَتبادل وزنًا ،وتنتفي فيها الثمنية الغالبة .وعند املالكية الفلوس ليست كالدنانري
والدراهم وال مبنزلتها .قال اإلمام النووي يف روضة الطالبني( :النقد بالنقد ،أي الذهب والفضة مضروبًا وغري مضروب
كطعام بطعام .وال ربا يف الفلوس الرائجة) ،فهنا مل يعترب اإلمام النووي الفلوس نقدًا ويؤيد ذلك قوله( :الصحيح أنه ال ربا
يف الفلوس ولو راجت النتفاء الثمنية الغالبة).
ومفهوم القول هذا أنه لو توفرت الثمنية الغالبة لكان تبادل الفلوس بتفاضل ربا .ويف املغين البن قدامة( :الراجح
جواز بيع الفلس بالفلسني ،ألنه ال مكيل وال موزون) ويف نيل املأرب( :ال جيري الربا فيما أخرجته الصناعة عن الوزن،
غري الذهب والفضة).
مما سبق من استعراض آلراء الفقهاء جند أن اإلباحة يف تبادل الفلوس بتفاضل ونسيئة مبنية على انتفاء علة التحرمي
يف الفلوس من كيل ووزن عند من عّلل ،وعلى انتفاء النقدية أيضًا عند من عّلل وعند من مل يعّلل ،وعلى كون الفلوس من
العروض أي السلع التجارية .وال جند رأيًا واحدًا أباح تبادل الفلوس بتفاضل ونسيئة مع اعتبارها نقدًا أو بديًال للنقد عالوة
على اعتبارها أساسًا نقديًا .وحنن إذ نسرتشد بآراء الفقهاء األفاضل جيب علينا أن نتبني كيف استنبط الفقهاء آراءهم.
فكانوا رضوان اهلل عليهم قبل أن يبدي أحدهم رأيه يف املسألة ،يفهم واقع املسألة ،مث يطبق النص عليه لكون النص قد عاجل
مسألة مماثلة أو مشاهبة .وبذلك نكون قد فهمنا الواقع الذي عاجله الفقهاء وكيفية استنباطهم للرأي .ونكون قد احتطنا من
أن خنلط بني واقع وواقع آخر يغايره جملرد وجود شبهة يف اللفظ ،عالوة على ذلك فإن آراء الفقهاء ليست من الداللة
الشرعية رغم ما هلم من منزلة كرمية ،بل هي مناذج من اآلراء الفقهية اليت تنري لنا الطريق لفهم األحكام الشرعية فهمًا
سليمًا.
نعم إن الذهب والفضة جيب أن يكونا األساس النقدي للمسلمني خاصة ،وللعامل أمجع ،ألن ما يعانيه املسلمون
والعامل من االستعمار االقتصادي ،نظرًا لتحكم العمالت اإللزامية ،ال يقل عن املعاناة حتت االستعمار العسكري ،عالوة
على أن احلكم الشرعي هو أن يكون الذهب والفضة أساسًا لتقييم النقود .وعدم كون النقد ذهبًا أو فضة أو نائبًا عن
الذهب والفضة أو عن أموال عينية أخرى هلا قيم ثابتة أو شبة ثابتة عند اجملموعات البشرية ،ليس إال وسيلة بسط نفوذ
اقتصادي وسياسي وهذا ال خيرج النقد البديل عن كونه نقدًا ،واقعًا وعرفًا .وعليه تنطبق على هذا النقد كل األحكام
الشرعية احملددة لكيفية التعامل بالنقد ،أي األحكام الشرعية ملتعلقة بالذهب والفضة بصفتهما النقدية .إذ أن األحكام
الشرعية تناولت الذهب والفضة ،ال كسلعة فيها منفعة فحسب ،بل كنقد أيضًا .وكي حيتاط املسلم لدينه ،عليه حني
إخراج زكاته أو دفع أي دية وجبت عليه أن يقّو م نصاب الزكاة ومقدار الدية الشرعيني مبا ميلك من النقد احلايل ،فالدية
شرعًا هي ألف دينا من الذهب أي ( 4250غم) وتساوي اآلن ما مقداره ستون ألف دوالر تقريبًا .
واهلل وراء القصد.
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
5
-3كتاب اقتصاديات النقود والبنوك (لعبد اهلادي سويفي .)1980
الريان
عن سهل رضي اهلل عنه عن النيب قال« :إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون ال يدخل
منه أحد غيرهم ،يقال :أين الصائمون فيقومون ،ال يدخل منه أحد غيرهم ،فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد».
الـوعـي – العـدد الثاني عشر -السـنـة األولى -رمضان 1408هـ -أيار 1988م
6