You are on page 1of 5

‫النظام النقدي ‪-:‬‬

‫تعكس طبيعة النظام النقدي الس ائد في دول ة معين ة التط ورات االقتص ادية واالجتماعي ة الحاص لة فيه ا في ف ترة زمني ة معين ة ويمكن‬
‫التعرف على هذه الطبيعة من خالل معرفة مكونات او عناصر النظام النقدي ‪.‬‬

‫مكونات النظام النقدي ‪elements of monetary system‬‬


‫تتألف عناصر اي نظام نقدي مما يلي ‪-:‬‬

‫النقود المتداولة في الدولة بوقت معين من حيث نوعها وشلكها ‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫التشريعات والقوانين المنظمة ألداء النقود لوظائفها المختلفة ‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤسسات النقدية والمصرفية التي تقوم بعملية االصدار النقدي وتنظيمه والتحكم فيه ‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫بالنسبة الى العنصر االول ‪ ،‬يقصد به كمية المعروض النقدي ( عرض النقد ) بمختلف انواعها السائدة في الت داول في دول ة معين ة في‬
‫وقت معين ‪ ,‬وهذه االنواع هي في الغالب نقود ورقية ومعدنية اضافة الى نقود الودائع ‪.‬‬

‫اما العنصر الثاني ‪ ،‬فهو مجموع ة التش ريعات والق وانين الهادف ة الى تحس ين كف اءة ادارة النق ود واالئتم ان داخ ل الدول ة بم ا يحق ق‬
‫االهداف االقتصادية لها ‪ ،‬كرفع معدالت النمو في الناتج القومي ‪ ,‬وتحقيق استقرار قيمة العملة ‪ ,‬وغيرها من االهداف ‪.‬‬

‫ويتمثل العنصر الثالث في مجموعة المؤسسات النقدية والمصرفية التي تتولى اصدار العملة الوطنية وهذه المؤسسات تتمث ل بالس لطة‬
‫النقدية التي يتراسها المصرف المركزي والمصارف التجارية والمتخصصة والمتخصصة والشاملة ‪.‬‬

‫القواعد النقدية ‪or bases monetary rules‬‬


‫تمثل القاعدة النقدية االساس الذي ترتكز عليه العملة الوطنية لدولة معينة ‪ ,‬وهي تمثل في الوقت نفسه طبيعة النظام النقدي السائد في‬
‫الدولة ‪ ,‬بحيث ان هناك من يعتبر النظام النقدي والقاعدة النقدية وجهين لعملة واحدة ويمكن تحديد انواع القواعد من الناحية التاريخية‬
‫كما يلي ‪-:‬‬

‫قاعدة الفضة‬ ‫‪.1‬‬


‫قاعدة الذهب‬ ‫‪.2‬‬
‫قاعدة المعدنين‬ ‫‪.3‬‬
‫قاعدة النقود الورقية االلزامية‬ ‫‪.4‬‬

‫يمكن اعتبار القاعدتين األوليتين بمثابة صورتين او شكلين لقاعدة واحدة وهي قاعدة المعدن الواحد لع دم وج ود اختالف ج وهري بين‬
‫اعتماد النظام النقدي على قاعدة الفضة او قاعدة الذهب ‪ ,‬باس تثناء احالل المع دن الث اني مح ل االول في اواخ ر الق رن الــ(‪ )18‬مم ا‬
‫يجعلنا نركز على قاعدة الذهب ‪.‬‬

‫اما قاعدة المعدنين فهي تجمع معدنين (الذهب والفض ة) كوح دتي نق د مت داولتين جنب ا الى جنب ‪.‬والقاع دة االخ يرة اخ ذت به ا ال دول‬
‫المعاصرة كأحد القواعد المنظمة لألوضاع النقدية ولو ان التطورات االخيرة اظهرت اشكال اخرى للنقود وهي النقود االلكترونية وفيما‬
‫يلي تحليل للقواعد السابقة ‪-:‬‬

‫اوال ‪ -:‬قاعدة الذهب ‪-:gold standard‬‬


‫تمثل هذه القاعدة العالق ة بين العمل ة المتداول ة وكمي ة النق د المكون ة له ذه العمل ة واتخ ذت ه ذه القاع دة ع دة ص ور ‪ ,‬اوله ا ص ورة‬
‫المسكوكات الذهبية ‪ ,‬حيث توحدت فيها قيمة الذهب المكون لهذه العملة م ع قيم ة العمل ة نفس ها ‪ ,‬اي ان قيم ة العمل ة الوطني ة تتح دد‬
‫حسب سعر الذهب محليا بمعنى ان هذه القاعدة تقوم على اس اس العالق ة م ا بين كمي ة ال ذهب المتاح ة ل دى الس لطات النقدي ة وكمي ة‬
‫النقود المتداولة ‪.‬‬

‫ويعطي ربط قيمة العملة بسعر الذهب المحلي للعملة المحلية قيم ة خارجي ة ايض ا باعتب ار ان ال ذهب ه و س لعة دولي ة يتح دد س عرها‬
‫الدولي بظروف العرض والطلب الدولي ‪ ,‬والدول التي تتبنى هذه القاعدة يجب ان تسمح بانتقال ال ذهب من الدول ة واليه ا بحري ة تام ة‬
‫ودون قيود تذكر ‪ ,‬والمهمة االساسية للسلطة النقدية في ظل هذه القاعدة هي ضمان بقاء العملة الوطنية قابلة للتحويل بصورة مباشرة‬
‫او غير مباشرة الى ما يساويها او ما يعادلها من الذهب ‪.‬‬

‫لقد تم االخذ بهذه القاعدة منذ عام ‪ 1831‬وحتى نشوب االزمة االقتصادية الدولية المتمثلة الكساد العظيم للم دة ‪ 1932-1929‬واتخ ذت‬
‫هذه القاعدة عدة اشكال او صور هي ‪-:‬‬

‫‪gold coins‬‬ ‫صورة المسكوكات الذهبية‬ ‫‪.1‬‬

‫تعد هذه الصورة من اول واكمل صور قاعدة الذهب ‪ ,‬وتمثل التعامل بنوعين من النقود االول يتمثل في النقود المعدنية الذهبي ة (العمل ة‬
‫الذهبية) وتساوي قيمة هذه العملة قيمة وزن الذهب المكون لها ‪ ,‬فلو فرضنا ان قيمة اوس عر غ رام ال ذهب الخ الص يس اوي‪ 1/20‬من‬
‫العملة الذهبية ‪ ,‬فهذا يعني ان قيمة العملة الذهبية تساوي ‪ 20‬غ رام من ال ذهب الخ الص ‪ ,‬الن وزن العمل ة الذهبي ة الفعلي يس اوي او‬
‫يعادل ‪ 20‬غرام من الذهب الخالص ‪.‬‬

‫اما النوع الثاني من النقود المتداولة في ظل هذه الصورة ‪ ,‬فهي النقود الورقية (الكتابية) الذهبية القابل ة للتحوي ل الى م ا يس اويها من‬
‫ذهب ‪ ,‬اذا ما رغب حائزي هذه النقود بتحويلها لدى المصرف المركزي الذي يتولى اصدارها ‪.‬‬

‫ان قاعدة الذهب بصيغتها المتكاملة (المسكوكات الذهبي ة ‪ ،‬ال تي هي عب ارة عن وح دات ذهبي ة ص غيرة الحجم نس بيا وموح دة ال وزن‬
‫والعيار ) كانت محكومة بجملة من الشروط وهي‪-:‬‬

‫أ ‪ -‬تحديد وزن معين وثابت لوحدة النقد من الذهب ‪ ,‬بحيث تكون القيمة االسمية للعملة المتداولة مساوية لوزن معين من الذهب ‪.‬‬

‫ب‪ -‬امكانية تحويل السبائك الذهبية الى مسكوكات ذهبية ‪ ,‬وبدون قيود وتكاليف ت ذكر ‪ ,‬باإلض افة الى امكاني ة تحوي ل المس كوكات الى‬
‫سبائك دون قيود او تكلفة مما يؤكد على بقاء العالقة بين قيمة العملة ومقدار الذهب المكون لها ‪.‬‬

‫ج‪ -‬تحويل االنواع االخرى من النقود المتداولة (النقود الورقية) الى ما يس اويها من ذهب بش كل مس كوكات او س بائك ذهبي ة وب دون‬
‫تكاليف ‪ ,‬مما يحقق التعادل بين قيم مختلف العمالت المتداولة آنذاك ‪.‬‬

‫د‪ -‬حرية استيراد وتصدير الذهب من الخارج واليه دون قي ود مم ا يحق ق تع ادل قيم ة ال ذهب محلي ا ودولي ا ‪ ,‬م ع ثب ات قيم ة العمل ة‬
‫المتداولة محليا ‪.‬‬

‫واستمر االخذ به ذه الص يغة ح تى قي ام الح رب العالمي ة االولى ع ام ‪ 1914‬حيث تم التخلي عنه ا ألس باب تتمث ل في التوس ع في حجم‬
‫النشاط االقتصادي والتبادل التجاري وتزايد حجم االنفاق الحكومي لتمويل نفق ات الح رب ‪ ,‬مقاب ل قص ور الكمي ات المتاح ة من ال ذهب‬
‫لمواجهة توسع استخدامه ولذلك تخلت معظم الدول عن هذه الصيغة وتحولت الى الصيغة التالية لقاعدة ال ذهب وهي ص ورة او ص يغة‬
‫السبائك الذهبية ‪.‬‬

‫صورة السبائك الذهبية ‪gold bullion‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تتسم هذه الصورة بان االوراق النقدية المتداولة لم تعد قابلة للتحويل الى ما يعادلها او ما يس اوي قيمته ا من مس كوكات ذهبي ة وانم ا‬
‫يقتصر تحويل هذه االوراق الى سبائك ذهبية بشروط منه ا ال يق ل وزن الس بيكة الذهبي ة عن مق دار معين يح دده الق انون ‪ ,‬وغالب ا م ا‬
‫يكون هذا الوزن كيلوغرام واحد من الذهب ‪.‬‬
‫ومن الناحية العملية يعني هذا توقف سك العمالت الذهبية وانتفاء حق االفراد الحائزين لهذه المس كوكات الص غيرة القيم ة في تحويله ا‬
‫الى ذهب ‪ ,‬واقتصار ذلك الحق على من يحوز اوراق نقدية كبيرة ذات قيمة مساوية لقيمة السبيكة الذهبي ة ‪ )1‬كيل و غ رام) ‪ .‬وهك ذا ‪،‬‬
‫تقل قابلية النقود الورقية في ظل هذه الصيغة للتحويل الى ذهب عن قابليتها في التحويل في ظل صيغة المسكوكات الذهبية ‪.‬‬

‫وتعود االسباب الحقيقية لتحول الدول من صيغة المسكوكات الذهبية الى صيغة السبائك الذهبية للظ روف ال تي املته ا الح رب العالمي ة‬
‫االولى من حيث تزايد نفق ات تموي ل الح رب ‪ ,‬حيث ان الحكوم ات في ظ ل ص ورة الس بائك الذهبي ة تكتفي ب الزام المص ارف المركزي ة‬
‫باالحتفاظ بكمية معينة من السبائك الذهبية تعادل قيمتها كمية النقود المتداولة ‪ ,‬مما يوفر للسلطات النقدية تركزا نسبيا في االحتياط ات‬
‫الذهبية يمسح لها بإدارة نقدية افضل من السابق ‪.‬‬

‫ان طلب االفراد بتحويل ما بحوزتهم من اوراق نقدية الى ذهب يؤدي الى اكتناز ال ذهب والمض اربة علي ه ‪ ,‬خاص ة في اوق ات االزم ات‬
‫والحروب ‪ ,‬كما ان ذلك قد يستنزف احتياطي الذهب المتاح للدولة ‪.‬‬

‫وهذه االسباب جعلت من المعتذر العودة الى صورة المسكوكات الذهبية ‪ ,‬والتحول الى السبائك لم ا ت وفره من مزاي ا نس بية خاص ة في‬
‫اوقات الحروب اال ان الحال لم يستمر بل تم التحول الى صورة الصرف بالذهب ‪.‬‬

‫صورة الصرف بالذهب‬ ‫‪.3‬‬

‫تتمثل هذه الصورة االخيرة لقاع دة ال ذهب في ال تزام الحكوم ات ممثل ة بس لطتها النقدي ة بتحدي د وزن معين من ال ذهب يمث ل محت وى‬
‫عملتها الوطنية ‪ ,‬على ان يتم ربط العملة الوطنية بعملة اخرى قابلة للتحويل الى ذهب ‪ ,‬بمعنى ان الدولة تتبع قاعدة الذهب بصورة غير‬
‫مباشرة ‪ ,‬من خالل تحديد سعر صرف عملتها الوطنية تجاه العمالت االخرى القابلة للتحويل الى ذهب بصورة مباشرة آنذاك ( كال دوالر‬
‫االمريكي والجنية االسترليني) ‪.‬‬

‫ان ارتباط العملة الوطنية غير القابلة للتحويل الى ذهب بعمل ة اجنبي ة قابل ة للتحوي ل الى ذهب يمث ل ج وهر ص يغة الص رف بال ذهب ‪,‬‬
‫ويوفر ذلك على السلطات النقدية صاحبة العملة االولى تكوين االحتياطات الذهبية كغطاء لعملته ا اذ يمكنه ا ان تحتف ظ بعمالت اجنبي ة‬
‫دولية قابلة للتحويل الى ذهب وسندات واصول اخرى قصيرة االجل صادرة عن الدول صاحبة العملة االجنبية كغطاء لعملتها الوطنية ‪.‬‬

‫وتوفر هذه الصيغة التي تم التوصية بتبنيها رسميا في مؤتمر جنوة في عام ‪ 1922‬مزايا عديدة تتمثل في احتفاظ الدول التي تع اني من‬
‫ضعف احتياطاتها الذهبية بغطاء لعملته ا الوطني ة بش كل ارص دة وس ندات ل دى مص رفها المرك زي ب دال من تك وين غط اء للعمل ة من‬
‫السبائك الذهبية فقط ‪ ,‬كما في السابق ‪.‬‬

‫ومن هنا يالحظ المرونة الكبيرة لصيغة الصرف بالذهب التي توفرها للسلطات النقدي ة حيث تس تطيع الدول ة المتبع ة له ذه الص يغة ان‬
‫تسحب على خزانتها سندات لصالح الدول االخرى ‪ ,‬دون ان يكبدها ذلك خسارة جزء من مواردها الذهبي ة ‪ ,‬كم ا ان هن اك م يزة اخ رى‬
‫تتمثل في عوائد الفائدة التي تحصل عليها الدول من السندات المسحوبة على دول اخرى ‪.‬‬

‫وادت ظ روف الح رب ومقتض يات االنف اق العس كري وزي ادة النق د المص ّدر ومن ثم ظه ور موج ات تض خمية تمثلت في االرتفاع ات‬
‫المستمرة باألسعار واالجور الى انهيار قاعدة الذهب نهائيا في عام ‪. 1931‬‬

‫انهيار قاعدة الذهب‬


‫منذ اندالع الحرب العالمية االولى عام ‪ 1914‬واجهت قاعدة الذهب صعوبات بدأت بتصديع اركانها الى ان انهارت تماما في عام ‪1931‬‬
‫مع اندالع ازمة الكساد العظيم ‪ ,‬ويمكن تلخيص اهم اسباب انهيارها كما يلي ‪-:‬‬

‫‪ .1‬عدم كفاي ة االنت اج الع المي من ال ذهب ‪ ,‬وقص ور كميت ه عن مواكب ة الطلب علي ه لألغ راض النقدي ة (اص دار العمل ة)‪ ,‬فض ال عن‬
‫االغراض غير النقدية واالكتناز ‪ ,‬وب رز قص ور ع رض ال ذهب واض حا بع د تن امي حجم المب ادالت الدولي ة وتوس ع حجم االنف اق على‬
‫االصالحات االقتصادية بعد الحرب العالمية االولى ‪.‬‬
‫‪ .2‬توجه معظم الدول بعد ازمة الكساد العظيم الى التوسع في االستثمارات وتنش يط االقتص اد ‪ ,‬لمالف اة اث ار الكس اد العظيم عن طري ق‬
‫اتباع اساليب جديدة تتعارض مع شروط واحكام قاعدة الذهب ومن هذه االساليب التوس ع في االص دار النق دي دون ان يقاب ل ذل ك ق در‬
‫كافي ومناسب من االحتياطات الذهبية كغطاء للعملة الوطنية المصدرة‪.‬‬
‫‪ .3‬سوء توزيع االحتياطات الذهبية ما بين الدول المختلفة خاصة بعد الحرب العالمية االولى اذ تركزت معظم االحتياط ات الذهبي ة ل دى‬
‫الواليات المتحدة وفرنسا ‪ ,‬بينما كانت تل ك االحتياط ات ض عيفة ل دى ال دول االخ رى ‪ ,‬حيث تش ير االحص ائيات في ع ام ‪ 1931‬الى ان‬
‫الدولتين استحوذت على ثالثة اخماس الذهب الذي كان متاحا في العالم آنذاك ‪.‬وهذا الوضع ادى الى فرض الدول اجراءات تقييدية على‬
‫حركة دخول وخروج الذهب منها واليها للمحافظ ة على االحتياط ات الذهبي ة ‪ ,‬مم ا ادى الى انهي ار اح د ارك ان قاع دة ال ذهب المتمث ل‬
‫بحرية تصدير واستيراد الذهب دون قيود ‪.‬‬
‫‪ .4‬توجه الدول الصناعية كالواليات المتحدة وانكلترا وفرنسا ‪ ,‬الى وضع قيود على حركة التجارة الدولية ‪ ,‬لتحس ين وتعزي ز مراكزه ا‬
‫االقتصادية التي تعرضت لصعوبات من جراء الحرب ‪.‬‬

‫وهذه القيود ولدت اختالفات واض حة في مس تويات االس عار م ا بين ال دول المختلف ة وب ذلك انه ار ركن اخ ر من ارك ان قاع دة ال ذهب‬
‫والمتمثل في العالقة الثابتة بين العملة المتداولة وكمية الذهب المكون لها ‪ ,‬اي العالقة بين قيمة العملة الوطنية وس عر ال ذهب الموح د‬
‫محليا ودوليا ‪.‬‬

‫‪ .5‬ظهور القوى االحتكارية للشركات الكبرى وزيادة القوة التساومية لنقابات العمال ‪ ,‬مما ادى الى زيادة االسعار واالج ور وانفص الها‬
‫عن زيادة االحتياطات الذهبية التي قصرت عن مواكبة زيادة االسعار ‪.‬‬

‫وبرغم هذه العوامل التي تظافرت للتخلي عن قاعدة الذهب ‪ ,‬فهي تمتعت بمزايا لم تتوفر في غيرها من القواعد ‪ ,‬ومنها الثبات النس بي‬
‫في قيمة العملة المرتبطة بها ‪ ,‬وتجنب االثار الناشئة عن االرتفاعات المستمرة في االسعار ‪.‬‬

‫ويعود ذلك الى االرتباط الوثيق بين قيمة العملة وقيمة الذهب ‪ ,‬اي ارتباط القوة الشرائية للعملة المتداولة مع القيم ة الس وقية لل ذهب ‪,‬‬
‫وهذا االستقرار النسبي في قيمة العملة او قوتها الشرائية يساعد النقود على اداء وظائفها االساسية والمشتقة وبفاعلية اك بر وخاص ة‬
‫وظيفة قياس القيم ‪.‬‬

‫كما ان هذا االرتباط المباشر والثابت نسبيا بين قيمة العملة وقيمة الذهب يساعد السلطات النقدية على اداء وظائفه ا بس هولة وتحقي ق‬
‫االستقرار االقتصادي والنقدي ‪.‬ومن المزايا االخرى لقاعدة الذهب انها تقوم بتثبيت نس ب مبادل ة عمالت ال دول المختلف ة ‪ ,‬اي تحقي ق‬
‫استقرار نسبي في اسعار صرف مختلف العمالت ‪ ,‬بفعل ارتباط عملة كل دولة على حدة بالذهب ‪.‬‬

‫وتنحصر حدود تقلب او تذبذب اسعار صرف العمالت بما يعرف بحدي دخول وخروج الذهب من والى الدولة ‪ ,‬وهذا التذبذب هو بح دود‬
‫‪ +/- % 1‬وهذا الثبات النسبي في اسعار صرف العمالت يساعد على انسيابية التبادل الدولي واالستثمارات الخارجية ‪ ,‬كما توفر قاع دة‬
‫الذهب وسيلة للمدفوعات الدولية ‪ ,‬وهذه الوسيلة هي الذهب نفسه ‪ ,‬الذي يالقي قبوال دوليا كأداة ألداء االلتزامات والوفاء بالديون ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ -:‬قاعدة المعدنين‬


‫تعتمد هذه القاعدة على اساس الترابط بين قيمة العملة الوطنية من جهة وقيمة ك ل من مع دني ال ذهب والفض ة في آن واح د من جه ة‬
‫اخرى ‪ ,‬ولهذا سميت بقاعدة المعدنين ‪ ,‬وتوجد جملة من االحكام والشروط المتعلقة بهذه القاعدة وهي ‪-:‬‬

‫‪ .1‬تحديد محتوى العمل ة الوطني ة من ال ذهب والفض ة ‪ ,‬على نح و ث ابت ‪ ,‬وفق ا لتش ريعات الس لطة النقدي ة في الدول ة ‪ ,‬بحيث تتمت ع‬
‫المسكوكات الذهبية بقوة ابراء قانونية تامة وغير محدودة في الوفاء بااللتزامات وتسوية المدفوعات ‪.‬‬
‫‪ .2‬تعهد والتزام السلطات النقدية بضمان صهر وسك كل من معدني الذهب والفضة وفقا للنسب المقررة في القوانين وبكلف ضئيلة ‪.‬‬
‫‪ .3‬ضمان حرية تصدير واستيراد المعدنين ) الذهب والفضة( من الدولة واليها ودون قيود تذكر ‪.‬‬
‫اال ان هذه القاعدة واجهت صعوبات عملية ادت في نهاية المطاف الى التخلي عنها ‪ ,‬من هذه الص عوبات ع دم التط ابق او التواف ق بين‬
‫القيمة القانوني ة للعمل ة م ع القيم ة الفعلي ة او الس وقية لمع دني ال ذهب والفض ة ‪ ,‬مم ا افض ى الى اختف اء اح د المع دنين او كليهم ا ‪,‬‬
‫النخف اض قيمت ه القانوني ة او االس مية عن قيمت ه الفعلي ة او الس وقية ‪ ,‬ومن ثم ب دء اللج وء الى المع دن الث اني وه و ج وهر ق انون‬
‫جريشام ‪.‬‬

‫يؤكد هذا القانون على ان (( العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول(( بمعنى ان العمل ة الرخيص ة تط رد العمل ة النفيس ة وتح ل‬
‫محلها فاذا كانت النسبة القانونية المحددة لقيمتي الذهب والفضة بمقدار (‪ )12‬وحدة من الفضة ولو فرض نا ان قيم ة الفض ة انخفض ت‬
‫في السوق بحيث اضحت نسبة المبادلة وحدة واحدة من الذهب في السوق تساوي (‪ )15‬وحدة من الفضة ‪ ,‬فعندئ ذ س يبادر االف راد الى‬
‫صهر ما لديهم من نقود ذهبية ‪ ،‬وبيعها بصورة سبائك ‪ ،‬ثم استبدالها بما يس اوي قيمته ا من فض ة (‪ )1:15‬للحص ول على ربح ق درة‬
‫ثالثة وحدات من الفضة لكل وحدة واحدة من الذهب ‪ ,‬وهذا الوضع سينتهي الى اختفاء العملة الجيدة او الثمينة (الذهب) واالبق اء على‬
‫العملة الرخيصة (الفضة) في التداول ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -:‬قاعدة النقود الورقية االلزامية‬

‫يجري اتباع هذه القاعدة حاليا في جميع النظم النقدية في العالم ‪ ,‬وذلك لنشوب االزمات االقتصادية والنقدي ة ال تي رافقت وتلت الح رب‬
‫العالمية الثانية(‪ )1945 -1939‬وهي تقريبا ذات االسباب التي ادت بدول العالم الى التخلي عن قاعدة الذهب ‪.‬‬

‫ويتمثل االساس الذي تستند اليه قاعدة النقود الورقية االلزامية ‪ ,‬في ان النقود الورقية المتداولة في الدولة تتمت ع بق وة اب راء قانوني ة‬
‫مطلقة‪ .‬وهذه القوة نابعة من القانون الصادر عن السلطة النقدية ‪ ,‬ول ذلك فهي ت دعى ب النقود القانوني ة او االلزامي ة الن ص فة االل زام‬
‫بالتعامل بها ناجمة من القانون الذي ينظم اص دارها ‪ ,‬وال يح ق لحامله ا او حائزه ا المطالب ة بتحويله ا الى م ا يعادله ا من ذهب او اي‬
‫معدن اخر ‪.‬‬

‫وتكون السلطة النقدية ممثلة بالمصرف المركزي او وزارة المالية او الخزانة وحدها مسؤولة عن كمية اص دار النق ود ‪ ,‬وفق ا لمع ايير‬
‫تضعها تلك السلطة ‪ ,‬بما يتناغم مع االهداف االقتصادية وفي مقدمة هذه االه داف تحقي ق ق در مقب ول ومناس ب من االس تقرار النق دي‬
‫والنمو االقتصادي‪.‬‬

‫ان هذا االستقرار يرتبط بالمستوى العام لألسعار فاذا الحظت السلطة النقدية تزايد االسعار ‪ ,‬تلجأ الى تقليص كمي ة النق ود المص درة ‪,‬‬
‫وتخفيض كمية وسائل الدفع المتاحة ‪ ,‬لتجنب حصول التضخم ‪ ,‬وبالعكس في حالة انخفاض االسعار ‪.‬‬

‫ويالحظ ان قاعدة النقود الورقية االلزامية تتسم بالمرون ة الكب يرة ال تي تمكن الس لطات النقدي ة من اص دار كمي ات مناس بة من النق ود‬
‫الورقية ‪ ,‬اال ان هذه المرونة في مج ال االص دار النق دي ليس ت مرون ة مطلق ة او غ ير مح دودة الن التم ادي في االص دار يفض ي الى‬
‫تخفيض قيمة العملة الوطنية وتدهور قوتها الشرائية والتعرض لمشاكل اقتصادية ونقدية خطيرة ‪.‬‬

‫لذا على السلطات النقدية ان تحقق التوازن بين التدفقات النقدية والسلعية وفي حالة تف وق اح دى الت دفقات على االخ رى يت وجب على‬
‫السلطات التدخل لتالفي االختالالت في االقتصاد ‪ .‬وبذلك تدرك السلطات النقدية اهمية الترابط القائم ما بين كمية النقود المتداولة وكمية‬
‫االنتاج من السلع والخدمات ‪ ,‬الن الوحدة النقدية من العملة المحلية تمنح حاملها حقا قانوني ا في الحص ول على م ا يعادله ا من الس لع‬
‫والخدمات ‪ ,‬وبذلك يكون غطاء العملة الفعلي او الحقيقي ‪ ,‬في ظل النقود الورقية االلزامية ‪ ,‬حجم االنتاج الفعلي للدولة ‪.‬‬

You might also like