Professional Documents
Culture Documents
المرحلة الثالثة
د .سيف نصرت توفيق
المدفوعات الدولية
يترتب على العالقات االقتصادية الدولية مجموعة ضخمة من عالقات المديونية
والدائنية التي يلزم تسويتها بأجراء مدفوعات دولية وبناء عليه فان درجة نمو العالقات
االقتصادية ونمو التبادل الدولي وسد االختالالت الطارئة واالساسية في موازين المدفوعات
وتحقيق االستقرار النقدي العالمي ،تتطلب درجة عالية من وفرة وانسياب وتنوع وسائل الدفع
ا وقصور تلك الوسائل عن اداء دورها ،سواء لعدم الوفرة او لعدم التنظيم او لعدم المرونة
والتنوع ،يعني عرقلة العالقات والنشاطات االقتصادية الدولية والداخلية ويخلق جوا من عدم
االستقرار االقتصادي.
وفي الواقع ،فان البعد التاريخي للمشكلة ليس عميقا .ففي القديم كان الذهب (في ظل قاعدة
الذهب الدولية) يقوم بوظيفة النقود في تسوية المعامالت الدولية .ولكن مع تغيير الظروف
وعدم احترام الدول لقاعدة الذهب ثم التخلي عنها تماما فيما بعد وكذلك نظرا لغياب السلطة
النقدية العالم ية العليا القادرة على تنسيق السياسات النقدية للدول وحل مشاكلها ،ظهرت
االختالالت بين حجم التبادل الدولي وحجم وسائل الدفع وتفاقمت تدريجيا مشكلة السيولة
الدولية وتعددت االراء والحلول المقترحة لزيادة وسائل الدفع وتنميتها وتحقيق االستقرار
النقدي العالمي .ومن اهم مقترحات ومحاوالت اصالح نظام النقد والصرف العالمي:
-اقتراح كنز:
اثناء مؤتمر برتن وودز المنعقد في 1944/7/22-4قدم االقتصادي الكبير جون منيارد
كنز مشروعا الصالح نظام النقد والصرف العالمي .
هدف المشروع هو تسهيل سياسة التوسع النقدي الداخلي والخارجي وزيادة التبادل
التجاري وتحقيق االستقرار االقتصادي.
وللوصول لتلك االهداف اقترح كنز انشاء اتحاد للمقاصة الدولية وهو بمثابة بنك البنوك
المركزية وسلطة نقدية فوق الدول ( أي انشاء عملة دولية تتالئم مع حجم مرتفع من
النشاط االقتصادي العالمي اسماها " بانكور" – وهي عملة حسابية وليست عملة
ورقية).
وتتحدد حصة كل دولة في هذا االتحاد الدولي اساسا بحجم تجارتها الخارجية ،وكذلك
بمقدار صادراتها من الذهب .
العالقات االقتصادية الدولية
المرحلة الثالثة
د .سيف نصرت توفيق
ورغم قوة المشروع وسالمته اال انه لم يحظى بالقبول في مؤتمر برتن وودز لمعارضة
الواليات المتحدة االمريكية بسبب خلق عملة دولية جديدة وهيئة دولة عليا واضعاف
الدوالر.
-مشروع هوايت المشروع االمريكي الذي قدم ليقابل مشروع كنز يهدف الى تعزيز
التعاون الدولي فقط دون خلق مؤسسات او عمالت جديدة وملزمة وكان يسعى الى
تنظيم قاعدة الذهب ال القضاء عليها.
-مشروع كالدرو وهارت وتنبرجن الذي قدم في عام 1964يسعى الى ربط قيم
العمالت بالذهب ومجموعة من المواد االولية .ويهدف هذا االقتراح الى تنظيم االساس
النقدي العالمي مما يصلح من شان نظام النقد نفسه .
والنجاح هذا االقتراح يلزم تنظيم اسواق المواد االولية وامكانيات تخزينها .ولكن يواجه
عقبة اساسية تكمن في كيفية اختيار السلع المكونة لمجموعة المواد االولية المستخدمة
كاساس.
سيتم استعراض مراحل تطور االستقرار النقدي وتعلقه بالنظام النقدي العالمي ودور
اهم عناصر السيولة االولية.
-1الذهب:
حتى الحرب العالمية االولى كان الذهب يقدم حال بسيطا وكافيا لمشكلة االستقرار
النقدي والسيولة الدولية ،خاصة في ظل التطبيق الدقيق لقاعدة الذهب الدولية.
اال ان هذه القاعدة تعرضت للفشل اثناء وبعد الحرب العالمية االولى وتراجع معها
الذهب ولم يعد دوره سوى مساعد في تسوية المدفوعات الدولية وتعزيز
االحتياطات الدولية بسب:
أ -ضعف المعدل السنوي النتاج وزيادة حجم الذهب الذي ينمو بمعدل %1،5
بينما يبلغ معدل نمو التجارة العالمية %9-%4،5سنويا .والذي بلغ انتاجه
2700طن في عام 2012انتجت منها الصين 370طن واستراليا 250طن
والواليات المتحدة 230طن ،روسيا 205طن ،جنوب افريقيا 170طن.
ب -ان نسبة كبيرة من الذهب المنتج يستخدم في االغراض الصناعية او في
االكتناز .وبذلك لم تعد ارصدة العالم من الذهب ال تمثل سوى نسبة محددة من
جملة المدفوعات التي تنساب سنويا.
ت -عدم مالئمة او عدالة توزيع االرصدة الذهبية بين دول العالم .
ث -مخاطر وتكاليف نقل الذهب العالية.
العالقات االقتصادية الدولية
المرحلة الثالثة
د .سيف نصرت توفيق
ج -عدم احترام قواعد اللعبة فالدول ذات الفائض في ميزان المدفوعات لم يحدث
فيها سوى توسع نقدي يبعا لدخول الذهب اليها ولم ترتفع االسعار الداخلية بها
ولم تزداد وارداتها ولم تتناقص صادراتها وبناء عليه لم يستعيد ميزان
المدفوعات توازنه بموجب تحركات االرصدة الذهبية دوليا ،والعكس لم يحدث
في دول العجز.
ح -عدم صالحية الذهب كوسيلة للتدخل في سوق الصرف االجنبي حيث تفضل
الحكومات االحتفاظ بالعمالت القيادية ( كالدوالر ،االسترليني ،الين الياباني،
واليورو االوربي )...كرصيد معامالت يكثر التعامل فيه في سوق الصرف
االجنبي ،بينما تحتفظ بالجزء الذهبي من احتياطيات الرسمية كمستودع للقيمة.
لذلك ونظرا الهمية الذهب في تسوية المعامالت الدولية طرحت عدة اقتراحات
الصالح دوره منها:
أ -مضاعفة سعر الذهب مما يزيد من حجم السيولة الدولية المتولدة عنه .وقد
عارضت الواليات المتحدة االمريكية ذلك النها تؤدي الى انخفاض سعر الدوالر.
ب -تخفيض قيمة الذهب حتى يتخلى المكنزون االحتفاظ به مما يزيد من حيازة البنوك
له
ت -التخلي عن الذهب في المعامالت النقدية الدولية لكثرة المشاكل الناجمة عنه.
ولم يحظى أي من اآلراء بالقبول العام نظرا العتقاد البعض بقدرة الذهب على
القيام بدورا مهما في تسوية المدفوعات الدولية .وهو ما يزال اكثر االصول
االحتياطية تمتعا بالقبول العام.
-2العمالت القيادية:
تمثل العمالت القيادية ( خاصة الدوالر واالسترليني) المصدر االول لزيادة
االحتياطيات السائلة ولكن المشكلة في ذلك هي:
أ -زيادة ارصدة الدولة من عملة قيادية معينة بما اليتناسب مع قدرة الدولة صاحبة
تلك العملة على الوفاء بالتزاماتها قد يؤدي الى اضعاف الثقة في تلك العملة
واتساع المطالبة بتحويلها الى ذهب او عمالت اخرى.
ب -ان الضعف او االرتباك في عملة قيادة معينة نتيجة ضعف االداء االقتصادي
للدولة سوف ينعكس سلبا على عمالت اخرى ونشر االزمات.
العالقات االقتصادية الدولية
المرحلة الثالثة
د .سيف نصرت توفيق
ومن اهم هذه العمالت القيادية :
اوال :الجنية االسترليني:
احتل الجنية االسترليني حتى الحرب العالمية االولى مكان الصدارة في تسوية المدفوعات
الدولية .وما كان على الدول اال الحصول على الذهب او االسترليني لتمويل تجارتها
الخارجية وتسوية مدفوعاتها الدولية بسبب:
-1تدفق االستثمارات من إنكلترا نحو الدول االخرى وتدفق الواردات
اليها.
-2االستقرار االقتصادي والتطور االقتصادي والصناعي الكبير
-3الثقة العالمية بالنظام السياسي واالقتصادي االنكليزي.
-4السيطرة على نظام التمويل واالئتمان الدولي.
-5استناد الجنيه االسترليني لقاعدة التحويل الى ذهب.
-6وجود شبكة من المصارف العالمية في لندن تجمعت لديها المدخرات
العالمية وامكنها التحكم في االئتمان الدولي.
ثانيا :الدوالر االمريكي:
خرجت الواليات المتحدة االمريكية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اقوى قوة
اقتصادية في العالم واصبح الدوالر عملة االحتياط العالمية الرئيسة بعد االتفاق في
مؤتمر برتن وودز 1944على على ربط العمالت الرئيسة في العالم بالدوالر
االمريكي بعدما تم ربط الدوالر بالذهب وبذلك
-االعتراف به كعملة احتياطية عالمية .
-يمنح الواليات المتحدة نفوذا ماليا وسياسيا كبيرا
-هو اليوم العملة المهيمنة على التجارة العالمية واالسواق المالية وفيه تسعر
البضائع وتتحدد اسعار العمالت االخرى وتباع وتشترى وتثبت قيمتها المقارنة به.
-يشكل الدوالر حوالي %86من حجم التعامل اليومي في السوق العالمية
للصرف األجنبي.
العالقات االقتصادية الدولية
المرحلة الثالثة
د .سيف نصرت توفيق
ثالثا :اليورو
هو العملة الموحدة لدول االتحاد االوربي الذي يعد بعد الدوالر االمريكي ثاني اهم
عملة على مستوى النظام النقدي الدولي الذي يتحكم به من قبل البنك المركزي
االوربي تم اصداره في عام . 1999وهو العملة الرسمية المتداولة في 17دولة
من دول االتحاد االوربي الثمانية وعشرون كما انه العملة الرسمية في ست دول
اخرى ليست اعضاء في االتحاد االوربي.
رابعا :الين الياباني :هو العملة الرسمية في اليابان قيمته منخفضة نسبيا مقارنة
بالدوالر االمريكي والعمالت العالمية االخرى وهذا مايحسن من ترتيب البالد
اقتصاديا ويجعل منافسة اليابان داخل السوق العالمية ممكنة وبتكلفة ليست باهضة
خامسا عمالت اخرى