Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
قبل ظهور األموال الورقية في القرن التاسع الميالدي ،لم يكن هناك من يمكنه أن يقلق
على ما سيحدث لألموال ،فاألموال شيء معلوم له قيمة حقيقية ،مثل العمالت الذهبية ،ففي
ذلك الوقت ،إذا اختفت أموالك فجأة ،فال بد من سبب وراء ذلك ،وهو أنك أنفقتها ،أو سرقها
أحد منك ،أو أضعتها.
ولكن في ه ذه األي ام ،فهن اك الكث ير من األم ور ال تي له ا قيم ة مادي ة ولكن ال يمكن ك أن
تحملها بيدك ،مثل استثمار أموالك في سوق األسهم ،والتي يمكنك تتبعها ،حيث ترتفع قيمة
هذه األموال ،وربما تستطيع أن تبيعها بربح إن أردت عندما ترتفع قيمة تلك األسهم.
أن الهزات الحالية في النظام المالي للرأسمالية وحالة الركود االقتصادي لم تكن مفاجئة
للجمي ع ،والى ذل ك ثم ة رأي يق ول أن األزم ة ك ان يمكن تص ورها وتوقعه ا تمام ا ،ب ل وإ نه ا
ك انت في الواق ع نتيج ة ض منية وحتمي ة لتص رفات النخب ة السياس ية والمالي ة في الوالي ات
المتح دة ،ففي ع ام 1992أص در االقتص ادي األم يركي ه اري فيجي م ع زميل ه جيرال د
سوانسون كتابًا بعنوان (اإلفالس) توقعا فيه مايحصل اليوم بالضبط.
إذن فنحن أمام أحداث غير مسبوقة في التاريخ الحديث ،لكنها قابلة للتحكم والتوجيه
ويمكن التكهن بعواقبها ،وهي في اعتقاد بعض الخبراء عملية يترتب عليها انكماش االقتصاد
األميركي بمقدار الثلث على وجه التقريب ،وتقلص االقتصاد العالمي بنسبة ،%20مما يؤدي
إلى ازدي اد ش امل في البطال ة وتض خم كب ير في األعب اء االجتماعي ة على الميزاني ات واش تداد
التوترات االجتماعية على نطاق العالم.
ويمكن اإلشارة هنا إلى أن هناك ثمة وجهة نظر مفادها أن الواليات المتحدة تعمل عن
قص د على اس تثارة األزم ة المالي ة العالمي ة الراهن ة من اج ل القض اء على المنافس ة المحتمل ة
من جانب االقتصاديات النامية في الصين والهند وروسيا ،فهل أن انهيار المنظومة المالية
العالمي ة يعت بر فعال نتيج ة عملي ة خط ط له ا مس بقا به دف الحف اظ على س يادة واش نطن على
العالم وتعزيزها؟ أم أنها احد مظاهر العمليات االقتصادية الموضوعية ،إما األحاديث عن يد
أمريكا في كل مكان فنرى أنها ال تتجاوز إطار نظرية المؤامرة ،وفي صفحات هذه الدراس ة
سنوضح ذلك جليًا.
1
هناك عبارة من الممكن أن تلخص ما ظهر اليوم من تجليات في ثنايا النظام الرأسمالي
وهي (ليس نقص الم ال هو س بب األزم ة ،ب ل العكس تمام ا هو الص حيح ،فاألزم ة هي التي
تسبب نقص المال) ،فقد سبق لماركس أن أشار منذ وقت بعيد إلى أن حلم البرجوازية األمثل
هو تحقيق المال من المال ،دون الحاجة إلى الدخول عبر مسلسل اإلنتاج المضني ،وقد بدا
خالل المرحلة األخيرة أن الرأسمالية تمكنت من تحقيق هذه الفكرة (ما عدا الصين حيث كان
هناك تطور حقيقي لقوى اإلنتاج) ،ففي الواليات المتحدة وبريطانيا وإ سبانيا وأيرلن دا والعديد
من البل دان األخ رى ،اس تثمرت المص ارف تريليون ات ال دوالرات في المض اربات ،وخاص ة
في قط اع الس كن ،وك انت ه ذه هي القاع دة ال تي نمت على أساس ها أزم ة الره ون العقاري ة
العالية المخاطر ،معممة لمبالغ ال يمكن تصورها من الرساميل الوهمية.
وم ع انتف اء الثق ة بتل ك األس واق ،وبالنظ ام الم الي ،ف إن الكث ير من المس تثمرين س يبيعون ب أي
سعر للحد من الخسارة ،وهنا فإن قيمة استثمارك تكون قد تبخرت ،وخالل هذه العملية فإنك
تفقد ثروتك ،ولكن هل هذا يعني أن هناك بالضرورة من حصل على تلك األموال االفتراضية
التي كانت بحوزتك؟ بالطبع ،ال ،إذ ببساطة فإن قيمة األموال هنا تضاءلت ،ومن كان يقوم
باالس تثمار والمض اربة خس روا ره انهم بع د أن خ اطروا ،وهم اآلن يع انون ج راء تل ك
المخاطرة.
ه ذه المق امرات المالي ة غ ير المدروس ة انعكس ت س لبًا على االقتص اد الع المي بص ورة عام ة،
وبالطبع فأن االقتصاد العربي غير بعيد عن تلك المخاطر التي خلقتها األزمة المالية العالمي ة،
أم ا االقتص اد الع راقي فق د ظلت أغلب قطاعات ه بمن أى عن تل ك المخ اطر ،ع دا قط اع النف ط
بالطبع والذي بدورة انعكست آثاره سلبًا على ميزانية الدولة ،نتيجة النخفاض حجم التع امالت
المالي ة م ع الع الم الخ ارجي ،وبخاص ًة األس هم ،إذ ظ ل س وق الع راق لألوراق المالي ة غ ير
مرتبط بالعالم الخارجي عند قيام األزمة.
مشكلة البحث:
تكمن مشكلة البحث في أن األزمة المالية العالمية الراهنة كان لها العديد من اآلثار
السلبية ،وربما االيجابية في أحيان قليلة ،على االقتصادات العربية ومنها االقتصاد العراقي ومن
هذا المنطلق سنحاول في هذه البحث اإلجابة عن التساؤل اآلتي:
ماهي القطاعات االقتصادية التي تأثرت باألزمة المالية العالمية في االقتصادات العربية بصورة
عامة وفي االقتصاد العراقي بصورة خاصة؟ وماهي مديات هذا التأثير؟
فرضية البحث:
يسعى هذا البحث إلى اختبار الفرضيتين الرئيسيتين اآلتيتين :
2
.1أن األزمة المالية العالمية بدأت أزمة أميركية بحته ،ومن ثم انتقلت إلى االقتصادات
العالمية بسرعة كبيرة ،وكان لسلوك المصارف األميركية دور كبير في ظهور األزمة
المالية الحالية ومن ثم تطورها ووصولها إلى ما وصلت إليه اآلن.
.2كان اكبر أثار األزمة المالية العالمية على قطاع النفط والميزانية العراقية ،فيما
تراوحت اآلثار على بقية القطاعات بين سلبية وايجابية في بعض األحيان.
هدف البحث:
يهدف البحث إلى بيان اآلثار السلبية لألزمة المالية العالمية على االقتصادات العربية
بصورة عامة واالقتصاد العراقي على وجه الخصوص ،فضًال عن التعرف على القطاعات
االقتصادية األكثر تأثرًا بها.
هيكلية البحث
ولكي يحقق البحث أهدافه تم تقسيمه إلى :
أوًال .ماهية األزمة المالية.
.1مفهوم األزمة المالية.
.2علم االقتصاد ،ودراسة األزمة.
.3أنواع األزمات المالية.
ثانياً .نشأة األزمة المالية العالمية.
.1بوادر األزمة المالية العالمية – أزمة الرهن العقاري.
.2االنتقال إلى أسواق المال.
.3دور المصارف األميركية في تطور األزمة.
ثالثًا .آثار األزمة المالية العالمية على اقتصادات الوطن العربي.
.1آثار األزمة المالية العالمية على االقتصادات العربية بصورة عامة.
.2آثار األزمة المالية العالمية على االقتصاد العراقي.
أسعار النفط.
أسواق المال.
االستثمارات.
سعر صرف الدينار العراقي.
قطاع المصارف.
رابعًا .االستنتاجات:
خامسًا .التوصيات:
3
أوًال .ماهية األزمة المالية:
.1مفهوم األزمة المالية:
يختلط مفهوم األزمة بغيره من المفاهيم المرتبطة به ،ومرد ذلك إلى تداخل بعض هذه
المفاهيم (الكارثة ،المشكلة ،الصراع ،التهديد ،النزاع ،والحادث) مع مفهوم األزمة نظرًا
للتق ارب الش ديد حيث تش ترك جميعه ا في س مة أساس ية وهي الحاج ة إلى المواجه ة وإ لى
اإلدارة(.)1
فاألزمة في ضوء العناصر المتقدمة ،تعرف أنها حدث كبير ال يمكن التنب ؤ به ،ويؤدي
إلى خل ل وتهدي د للمص الح ويحتم ل أن يك ون ل ه نت ائج س لبية وأن مواجهت ه تتطلب إتخ اذ
قرارات سريعة في وقت ضيق وفي ظل محدودية المعلومات ،وتتحدد عناصر األزمة -
في ضوء هذا التعريف – في اآلتي(:)2
أ .إنه ا ح دث مف اجئ :إن أهم م ا يم يز األزم ة كونه ا تق ع بص ورة فجائي ة يص عب أحيان ًا أو
يستحيل توقعها .ومما يزيد من صعوبة مواجهتها ،وجوب اتخاذ قرار محدد وسريع،
وباإلمكانات المتاحة للسيطرة عليها وتدارك آثارها المستقبلية.
ب .إنها تهدد مصلحة قومية :بمعنى أن األزمة تؤثر على مصالح الدولة وكياناتها ،وهو ما
يعني أن األزمة لها من الجسامة والخطورة التي تؤهلها لذلك.
ت .إن مواجه ة األزم ة يتم في أض يق وقت وبإمكاني ات مح دودة ،تقتض ي طبيع ة األزم ة
مواجهته ا في الح ال أي دون الحص ول على ال وقت الك افي المق رر في األص ل
لمواجهته ا ،كم ا يقص د أيض ًا به ذا العنص ر أن يتم االعتم اد على اإلمكان ات الموج ودة
بالفعل وقت وقوع الحادث دون اللجوء لغيرها من اإلمكانات األخرى التي لن يسعف
الوقت لتلبيتها والحصول عليها.
(?) د .عباس رشدي العماري ،إدارة األزمات في عالم متغ ير ،مرك ز األه رام للترجم ة والنش ر،الق اهرة، 1
4
ويمكن الق ول أن الخاص ية المم يزة في مج ال دراس ة األزم ات االقتص ادية هي االختالف
الجذري بين المدارس االقتصادية في تفسير أسباب األزمة وتحديد الحقل أو الطور الذي تندلع فيه
في عملية إعادة اإلنتاج الرأسمالية ،وهنا يمكن تمييز اتجاهين أساسيين هما(:)3
االتجاه األول :يعتبر أالزمات تعيق النشاطات الطبيعية في االقتصاد وبذلك فأنها بمثابة
خلل بنيوي ،وقد كان أغلب االقتصاديين النيوكالسيك يؤمنون بهذا االتجاه.
االتجاه الثاني :ينطلق هذا االتجاه في تفسيره األزمة من فكرة إن النظام االقتصادي يبدأ
في الحركة والنمو ولكن بصورة تقلبات دورية ارجع أسبابها إلى عاملين ،األول :ظهور
ابتكارات حديثة في مختلف مجاالت اإلنتاج ،والثاني :نشاط حركة االئتمان لتمويل هذه
االبتكارات وبذلك فأن حدوث األزمات االقتصادية في النظام الرأسمالي هو بمثابة نشاط
طبيعي.
أما األزمة المالية فال يوجد تعريف أو مفهوم محدد لها ،لكن من المفاهيم المبسطة لمصطلح
األزمة المالية ،هو أنها اضطراب حاد ومفاجئ في بعض التوازنات االقتصادية يتبعه انهيار في
عدد من المؤسسات المالية تمتد آثاره إلى القطاعات األخرى.
.3أنواع األزمات المالية(:)4
أ -األزمات المصرفية :تظهر األزمات المصرفية عندما يواجه بنك ما زيادة كبيرة ومفاجئة
فى طلب سحب الودائع .فبما أن البنك يقوم بإقراض أو تشغيل معظم الودائع لديه ويحتفظ
بنس بة بس يطة لمواجه ة طلب ات الس حب الي ومي ،فلن يس تطيع بطبيع ة الح ال االس تجابة
لطلبات المودعين إذا ما تخطت تلك النسبة ،و بالتالى يحدث ما يسمى بـأزمة سيولة لدى
البنك .وإ ذا حدثت مشكلة من هذا النوع وامتدت الى بنوك أخرى ،فتسمى فى تلك الحالة
أزم ة مص رفية " ."Systematic Banking Crisisوعن دما يح دث العكس ،أى تت وافر
الودائع لدى البن وك وترفض تلك البنوك منح القروض خوف ًا من عدم قدرتها على الوفاء
بطلب ات الس حب تح دث أزم ة فى اإلق راض ،وه و م ا يس مى بـأزمة االئتم ان او Credit
.Crunchوقد حدث في التاريخ المالي للبنوك العديد من حاالت التعثر المالي مثل ما
حدث فى بريطانيا لبنك " "Overend & Gurneyوما حدث في الواليات المتحدة عندما
انهار "بنك الواليات المتحدة "Bank of United Statesفى عام 1931وبنك "Bear
."Stearns
(?) .د .جابر جاد عبد الرحمن ،االقتصاد السياسي ،الجزء الثاني ،النقود -االئتم ان والمص ارف-النظري ة 3
العامة لألتمان-االزمات االقتصادية -التجارة الداخلية والخارجية ،مطبعة التفيض ،بغداد ،1948 ،ص.477
(?) للمزيد من المعلومات انظر :د.جواد كاظم البك ري ،فخ االقتص اد األم يركي ،األزم ة لمالي ة العالمي ة 4
5
أزمات العملة وأسعار الصرف :تحدث عندما تتغير أسعار الصرف بسرعة بالغة بشكل ب-
يؤثر على قدرة العملة على آداء مهمتها كوسيط للتبادل أو مخزن للقيمة ،لذلك تسمى هذه
األزمة أيض ًا بأزمة ميزان المدفوعات .Balance of Payments Crisisوتحدث
تل ك األزم ات ل دى اتخ اذ الس لطات النقدي ة ق رارًا بخفض س عر العمل ة نتيج ة عملي ات
المضاربة ،قد تؤدى النهيار سعر تلك العملة ،وهو شبيه بما حدث فى تايالند وكان السبب
المباشر فى اندالع األزمة المالية فى شرق آسيا عام .1997وعلى الرغم من أن قرار
تعويم أو خفض سعر صرف العملة الوطنية قد يبدو قرارًا تطوعي ًا من السلطة النقدية ،اال
أنه فى أغلب الحاالت يكون قرارًا ضروريَا تتخذه فى حال وجود قصور فى ت دفقات رأس
الم ال األجن بى أو تزاي د فى الت دفقات الخارج ة .بعض تل ك األزم ات له ا أث ر مح دود على
القط اع غ ير الم الي ،أم ا البعض اآلخ ر فيلعب دورًا أساس يًا فى تب اطؤ النم و االقتص ادى
وحدوث االنكماش بل قد تصل الى درجة الكساد.
ت -أزمات أسواق المال "حالة الفقاعات" :تحدث العديد من األزمات في أسواق المال نتيجة م ا
يع رف اقتص اديًا بظ اهرة "الفقاع ة" " ."bubbleحيث تتك ون "الفقاع ة" عن دما يرتف ع س عر
األصول بشكل يتجاوز قيمتها العادلة ،على نحو غير مبرر .وهو ما يحدث عندما يكون
اله دف من ش راء األص ل – كاألس هم على س بيل المث ال – ه و ال ربح الن اتج عن ارتف اع
سعره وليس بسبب قدرة هذا األصل على توليد الدخل .فى هذه الحالة يصبح انهيار أسعار
األصل مسألة وقت عندما يكون هناك اتجاهًا قويًا لبيع ذلك األصل فيبدأ سعره فى الهبوط،
ومن ثم تبدأ حاالت الذعر فى الظهور فتنهار األسعار ويمتد هذا األثر نحو أسعار األسهم
األخرى سواء في نفس القطاع أو القطاعات األخرى.
ثانياً .نشأة األزمة المالية العالمية:
.1بوادر األزمة المالية العالمية – أزمة الرهن العقاري:
في المصارف العقارية األميركية ،والتي هي بالطبع عبارة عن شركات مساهمة،
هناك نوعان من القروض ،األول هي القروض بضمانات ويتسم هذا النوع بانخفاض
س عر الفائ دة ال ذي يص ل إلى %6نتيج ة مض مونية اس ترجاعه ،أم ا الن وع اآلخ ر فه و
القروض بدون ضمانات ويتسم بارتفاع سعر الفائدة إذ يصل إلى %14وذلك نتيجة
عدم تقديم الزبون لضمانات معينة السترجاعه ،وقد ازداد النوع الثاني من القروض
بصورة كبيرة ،ومع هبوط مستوى النشاط االقتصادي في الواليات المتحدة ابتداءًا من
عام 2006وصعودًا ،وارتفاع نسب البطالة والتضخم فقد عجز اغلب المقترضين عن
6
الوفاء بما في ذمتهم من الديون ،األمر الذي أدى إلى إعالن أربعة من أكبر مصارف
التسليف العقاري في الواليات المتحدة إفالسها(.)5
فاندلعت بذلك أزمة الرهن العقار Mortgage Crisisفي الواليات المتحدة
األمريكية في منتصف عام 2007حيث كان هناك ندرة في السيولة في أسواق االئتمان
واألجهزة المصرفية العالمية ،إلى جانب بداية انكماش في قطاع العقارات،
والممارسات المرتفعة المخاطرة في اإلقراض واالقتراض ،وقد ظهرت األزمة
بصورتها الحالية عندما انفجرت فقاعة سوق العقارات ،والتي نتجت عن تسويق
العقارات لمحدودي الدخل في الواليات المتحدة بطريقة ملتوية وشروط تبدو سهلة
للوهلة األولى ،ولكن بعقود كانت صياغتها بمثابة فخ لمحدودي الدخل فقد كانت في
مجملها التفاف علي القوانين الحكومية والحد االئتماني ،حيث تضمنت العقود نصوصًا
تجعل القسط يرتفع مع طول المدة ،وعند عدم السداد لمرة واحده تؤخذ فوائد القسط 3
أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سداده ،فضًال عن وجود بنود في العقود ترفع الفائدة
عند تغيرها من البنك الفيدرالي األمريكي ،فيما يسمى بـالرهن العقاري ذو الفائدة القابلة
للتغيير .Adjustable Rate Mortgages ARM
وقد شهدت السنوات السابقة لذلك تساهًال ملحوظًا في شروط االئتمان واتجاهًا
طويل المدى الرتفاع أسعار العقارات ،حيث ارتفعت أسعار العقارات (بالتحديد السكنية
منها) بما يقرب %124خالل الفترة ،2006 -1997مما حفز الكثيرين على
االقتراض لتمويل شراء مساكنهم الخاصة ،إذ ارتفع معدل التمليك السكنى في الواليات
المتحدة األمريكية من %64في 1996إلى %69.2في ،2004وفى ظل االرتفاع
العام ألسعار تلك العقارات أخذ كثير منهم في االقتراض بضمان قيمتها ،التي لم تسدد
في األساس ،وكان االعتماد في هذه القروض بشكل أساسي على قيمة العقار التي تتزايد
باستمرار في السوق كضمان.
وبعد فترة ،وتحديدًا خالل عامي 2006و 2007بدأت أسعار الفائدة في
االرتفاع أكثر من المتوقع مما أدى إلى تزايد التزامات محدودي الدخل حيث ارتفعت
أعباء قروض العقارات التي التزموا بها ،باإلضافة إلى القروض التي تشكل قيمة
العقارات ضمانًا لها ،فامتنع الكثيرون عن السداد بعد أن أرهقتهم األقساط المتزايدة،
وبدأت أسعار العقارات تنخفض بصورة كبيرة.
5
(?) Robert J. Shiller and Robert Pozen, Too Big to Save: How to Fix the U.S.
Financial System, Copyright In Excerpt for Publish, United States 2009, page 89.
7
والحتواء ذلك الوضع قامت البنوك وشركات العقار ببيع ديون المواطنين في
شكل سندات لمستثمرين عالميين بضمان العقارات ،الذين لجأوا بدورهم ،بعد أن تفاقمت
المشكلة ،لشركات التأمين التي أوجدت من األزمة فرصه للربح بضمان العقارات فيما
لو امتنع محدودو الدخل عن السداد ،فقامت بتصنيف سندات الديون لفئتين (أ) قابله
للسداد ،و(ب) ال يمكن سدادها وبدأت شركات التأمين بأخذ أقساط التامين علي السندات
من هؤالء المستثمرين.
وفى ظل تلك الظروف قام البنك الفيدرالي األمريكي بخفض أسعار الفائدة حيث
قام في كانون ثاني 2008بخفض معدل فائدته الرئيسية ثالثة أرباع النقطة إلي 3.5
%0وهو إجراء ذو حجم استثنائي ،ثم تخفيضه تدريجيًا إلي %2بين كانون الثاني
ونيسان من ذات العام.
ولدى تفاقم األزمة وتوقف محدودي الدخل عن السداد ،اضطرت الشركات
والبنوك لمحاولة بيع العقارات محل النزاع والتي رفض ساكنوها الخروج منها،
فعجزت قيمة العقار عن تغطية التزامات أيًا من البنوك أو شركات العقار أو التأمين،
مما أثر على السندات فطالب المستثمرون بحقوقهم عند شركات التأمين ،فأعلنت أكبر
شركة تأمين في العالم (أيه آي جي )AIGعدم قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها تجاه 64
مليون عميل تقريًبا مما دفع بالحكومة األمريكية إلى منحها مساعدة بقيمة 85مليار
دوالر مقابل امتالك %79.9من رأسمالها ،ولحق بها كثير من المؤسسات المالية
األمريكية مثل مورجان ستانلي و جولدمان ساكس ،وفى أيلول 2008أعلن بنك "
األخوة ليمان" "Lehman Brothersإفالسه(.)6
و قد ٌقدرت خسائر المؤسسات المالية حول العالم في تموز 2008بما يقرب
من 435مليار دوالر أمريكي ،وشهدت البورصات في أغسطس 2007تدهورًا
شديدًا أمام مخاطر اتساع األزمة وتدخلت المصارف المركزية لدعم سوق السيولة.
ومن ذ ع ام 2000وعن د انفج ار م ا يس مى بفقاع ة االن ترنت أخ ذت قيم العق ارات
وبالتالي أسهم الشركات العقارية المسجلة بالبورصة باالرتفاع بصورة مستمرة في جميع
أنحاء العالم خاصة في الواليات المتحدة حتى بات شراء العقار أفضل أنواع االستثمار
في حين أن األنشطة األخرى بما فيها التكنولوجيا الحديثة معرضة للخسارة.
6
Financial Market Turmoil Perspective of a Practitioner, Traxisو(?) Amer Bisat
Partners, Beirut, 2008, page 24.
8
وأقبل األميركيون أفرادًا وشركات على شراء العقارات بهدف السكن أو االستثمار
الطوي ل األج ل أو المض اربة ،واتس عت التس هيالت العقاري ة إلى درج ة أن المص ارف
منحت قروضًا حتى لألفراد غير القادرين على سداد ديونهم بسبب دخولهم الضعيفة.
وانتفخت الفقاع ة العقاري ة ح تى وص لت إلى ذروته ا ف انفجرت في تم وز ع ام
2007حيث هبطت قيم ة العق ارات ولم يع د األف راد ق ادرين على س داد دي ونهم ح تى بع د
بي ع عق اراتهم المرهون ة ،وفق د أك ثر من ملي وني أم يركي ملكيتهم العقاري ة وأص بحوا
مكبلين بااللتزام ات المالي ة طيل ة حي اتهم ،ونتيج ة لتض رر المص ارف الدائن ة نتيج ة ع دم
س داد المقترض ين لقروض هم هبطت قيم أس همها في البورص ة وأعلنت ش ركات عقاري ة
عديدة عن إفالسها.
ولكن انهي ار القيم لم يتوق ف عن د العق ارات ب ل امت د إلى أس واق الم ال وجمي ع
القطاع ات األخ رى ،ففي ع ام 2000لم يق د انفج ار فقاع ة اإلن ترنت بع د انتف اخ دام ع دة
سنوات إلى أزمة مالية شاملة أو إلى تخوف من حدوث كساد اقتصادي ألن من يشتري
جه از الكم بيوتر ال يه دف ع ادة االس تثمار أو المض اربة وال يحت اج إلى االق تراض بينم ا
انفق األفراد جميع مدخراتهم واقترضوا لشراء العقارات ،وبناء على ذلك تختلف اآلثار
المالية واالقتصادية المترتبة عن هبوط أسعار العقار عن تلك المترتبة عن هبوط أسعار
الكم بيوتر اختالف ا كث يرا ،وأدى انفج ار الفقاع ة العقاري ة إلى تراج ع االس تهالك الي ومي
وبالتالي إلى ظهور مالمح الكساد.
.2االنتقال إلى أسواق المال:
ما لبث أن ظهرت آثار األزمة بأن شهد االقتصاد األمريكي انكماشًا ملحوظًا على
مدار عام ،2008ظهرت جلية في معدالت البطالة ،حيث وصلت معدالت البطالة في
أيلول 2008الى %6.1وهو المعدل األعلى خالل خمس سنوات ،حيث قام أصحاب
العمل باالستغناء عن ما يقرب من 605,000وظيفة منذ بداية الشهر األول من نفس
العام ،وقد انعكست هذه الصورة السلبية على سوق األوراق المالية في صورة
انخفاضات حادة في أسعار األسهم والسندات.
ولكن كيف حصل هذا االنتقال من شركات العقارات (المصارف العقارية) إلى
القطاع ات االقتص ادية األخ رى؟ ولكي يتم اإلحاط ة به ذا الموض وع بص ورة جلي ة ن ورد
المثال األتي:
فل و كنت مالك ًا لمجموع ة من األس هم في أح دى الش ركات األميركي ة من غ ير
شركات العقارات التي أفلست ،وذهبت إلى البورصة صباحًا ووجدت أن هناك مجموعة
من الشركات الكبرى قد أصبح سعر سهمها يساوي صفرًا (وهي الشركات التي أعلنت
9
إفالس ها) م اذا ك ان عس اك أن تفع ل في ه ذه الحال ة ،من المؤك د أن ك س تتوقع انخفاض ات
أخ رى بأس عار األس هم ،وس تقوم بع رض األس هم ال تي تمتلكه ا لل بيع خش يًة من انخف اض
قيمتها ،ولكن هذا األمر ال ينطبق عليك فقط بل على مئات الماليين من األشخاص حاملي
األسهم ،وبذلك أصبح عرض األسهم يفوق الطلب عليها بشكل كبير ،األمر الذي أدى إلى
انخفاض أسعار األسهم في كل سوق األوراق المالية األميركية ،وحدثت الكارثة في يوم
االثنين المصادف ( )15/9/2008الذي كان يوم ًا أسودًا في تاريخ االقتصاد األميركي،
ليصبح فيما بعد يومًا أسودًا في تاريخ االقتصاد العالمي أيضًا عندما انتقلت األزمة المالية
األميركية إلى االقتصاد العالمي برمته.
محصلة القول ،انه وبعد هذه اللوحة الكئيبة ألحوال المال واالقتصاد األمريكي
يمكن إطالق تس مية (االث نين األس ود) كمص طلح جدي د يض اف إلى ق اموس اقتص اد
األزمات والكوارث ليحل محل ذلك اليوم األسود الذي يؤرخ االنهيار المدوي للبورصة
األميركي ة في ي وم (الخميس األس ود) المص ادف 24تش رين ث اني 1929وال ذي دش ن
األزم ة االقتص ادية الرأس مالية العالمي ة الك برى ال تي امت دت من ذ ذل ك الت اريخ وح تى
.1933
نحن إذن أمام أزمة عميقة ،بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ،يواجهها النظام
الرأسمالي تتمظهر هذه المرة باالنهيار الذي حصل في النظام المالي الذي هو في الواقع
تعب ير عن أزم ة بنيوي ة عميق ة دفعت الكث ير من المحللين واالقتص اديين إلى التش بيه بين
ه ذه األزم ة وبين الكس اد الكب ير أي األزم ة االقتص ادية الرأس مالية العالمي ة الك برى (
.)1933 – 1929
إذن يمكن الق ول إّن األزم ة المالي ة العالمي ة الراهن ة تمث ل أك بر تهدي د راهن
ومحتمل الستقرار االقتصاد العالمي وللنظام الرأسمالي العالمي على وجه الخصوص،
فقد طالت هذه األزمة الجزء األعظم من شعوب وبلدان العالم بدرجات متفاوتة ،علما أنها
تمثل القسم الظاهر من جبل الجليد العائم الذي يخفي أزمات حادة متفجرة ،أو على طريق
االنفج ار ،وق د ي ترتب عليه ا تغي ير جوهري في العالق ات الناظم ة لالقتص اد الع المي بين
مراكزه وإ طرافه وتؤثر على تناسبات القوى الناظمة له في الوقت الحاضر.
ويمكن الق ول هن ا أن ثم ة العدي د من الس مات المم يزة لألزم ة المالي ة العالمي ة
الراهن ة ال تي توض ح عمقه ا وحجم مخاطره ا وم ا تترك ه من تح ديات أيض ا ،فمن أهم
سماتها حّد ة وعمق األزمة ،إذ تشير الكثير من الدالئل على أن األزمة حادة وعميقة بكل
المق اييس ويكمن األم ر في حقيق ة أن ي وم (االث نين األس ود) ه ذا يس جل لحظ ة درامي ة
خط يرة للغاي ة في النظ ام الم الي األم ريكي والع المي فق د ته اوى ،في ذل ك الي وم ك ل من
10
وحتى مصرف BROTHERS LEHMANومؤسسة MERRIL LYNCH
نفهم عم ق ت أثير ه ذين المص رفين نحت اج إلى بعض التفاص يل اإلض افية ،إذ ُتع د هات ان
المؤسس تان من أك بر العمالق ة الم اليين ،فمثال يع د مص رف BROTHERS
،LEHMANرابع أكبر مؤسسة مالية استثمارية في الواليات المتحدة يبلغ عم ره 158
عاما ،وكان هذا المصرف قد أشار ،في بيان ،إلى أن القيمة اإلجمالية لديونه بلغت 613
ملي ار دوالر ح تى 31أي ار الماض ي ،ل ذا طلب من الجه ات المختص ة اتخ اذ إج راءات
طارئة لحمايته من االنهيار الت ام ،وذلك وسط تصاعد ح ّد ة أزم ة السيولة التي يشهدها،
وج اءت خط وة المص رف بع د تعرض ه لخس ائر بلغت ملي ارات ال دوالرات نجمت عن
تعامالت ه في س وق اإلق راض العق اري في البالد ،حيث س ّج ل في الرب ع األّو ل من الع ام
الجاري أعظم خسارة في تاريخه ،بلغت 4مليارات دوالر ،لترفع إجمالي الخسائر منذ
بداية عام 2008إلى 6.5مليارات دوالر(.)7
وق د تس بب إعالن إفالس مص رف BROTHERS LEHMANمص حوبًا
بمخ اوف من إق دام المزي د من المص ارف على خط وات مماثل ة ،بموج ة ذع ر قوي ة في
بورص ة وول س تريت ،مما دفع المستثمرين إلى بيع األسهم في بداي ة التع امالت ،األمر
الذي انعكس سلبًا على مؤشرات البورصة األميركية.
كم ا ت زامن م ع لج وء BROTHERS LEHMANإلى اإلفالس ،إعالن المص رف
االس تثماري الض خم MERRIL LYNCH ،ال ذي ك ان ه و اآلخ ر يئن تحت وط أة
أزم ة االئتم ان الراهن ة ،أّن ه واف ق على بي ع أص وله إلى،BANK OF AMERICA
بقيمة 50مليار دوالر وذلك في صفقة سينجم عنها نشوء أكبر شركة للخدمات المالية
في الع الم ،من أج ل تجّنب اس تفحال أك ثر لألزم ة المالّي ة ال تي تعص ف بالبورص ات من
دون هوادة.
ومن جه ة أخ رى لم يكن MERRIL LYNCHالوحي د ال ذي ك ان مكش وفًا
انكشافًا فاضحًا على المصرف المفلس ،فشركة التأمين األميركّي ة العمالقة AIG،MER
،ICAN INTERNATIONALك انت معّر ض ة النعك اس مخ اطر GROUP
انهي ار LEHMAN BROTHERSعليه ا ،وس عت إلى الحص ول على ق رض من
الفي درالي األم يركي ،لمواجه ة إمك ان تقليص درجته ا في الس وق وإ مك ان انهي ار س عر
س همها ،بع دما انخفض ت قيمت ه بنس بة 80في المائ ة ،وبع دما أعلنت الش ركة عن نيته ا
إعادة جدولة ديونها المالية.
7
(?) Financial Crisis Loans, International Monetary Found, March 2009.
11
وما يزيد من حجم الكارثة ،هو أن انهيار هذه المؤسسات يترافق مع سحب كميات
ض خمة من الس يولة ،األم ر ال ذي س يؤدي إلى تب اطؤ في االقتص اد ،تتف اوت التوقع ات في
مدى تحوله إلى كساد على غرار أزمة الثالثينيات.
فض ًال عن ذلك ،يتخوف المحللون من أن تؤدي تص فية أصول المصارف المفلس ة
إلى انهي ار قيم ة أص ول المؤسس ات األخ رى ،وبالت الي تآك ل رس اميلها ،وفق دانها ثق ة
العمالء بمالءمتها ،ما سيدخل االقتصاد المعولم في حلقة مفرغة من االنهيارات.
ه ذا م ع العلم أن ع دد إجم الي المؤسس ات المالي ة الواقع ة تحت مظل ة الت أمين
الفيدرالي في الواليات المتحدة يصل إلى 1800مؤسسة ،تمتلك حوالي ( )13تريليون
دوالر من األص ول ،في حين يبل غ إجم الي ال دين الحك ومي األم يركي 9تريلي ون دوالر،
فيما بلغ عجز الموازنة 450مليار دوالر.)8(2006
8
(?) Arthur Lyon Dahl, The Financial Crisis and Consumer Citizenship,
International Environment Forum, paper presented at the Sixth
9
(?) For more information see: International Conference of the Consumer
Citizenship Network Berlin, 23-24 March 2009
12
وعلى ذلك ،تبدو القروض المصرفية وكأنها قروض مؤقتة أو معبرية Bridgingأي
تنتقل القروض عبرها من صيغة القرض المصرفي إلى صيغة األوراق المالية ،فباالعتماد
على الديون المصرفية القائمة ،يمكن خلق أصول مالية جديدة ،وتوفير تدفقات نقدية،
وتتلخص طريقة التوريق في الخطوات التالية:
تبيع المؤسسة المالية بعض أصولها المضمونة بسعر مخفض لمنشأة غرض إنشائها فقط
لشراء هذه األصول التي ترغب المؤسسة في توريقها وذلك حتى تخرج هذه األصول من
الذمة المالية للمؤسسة.
يتم نقل األصول بضماناتها والتي هي عبارة عن مديونية على مدينين للمؤسسة المالية
مضمونة برهن أو ملكية لدى المؤسسة المالية إلى المنشأة ذات اإلغراض الخاصة.
تصدر المنشأة ذات اإلغراض الخاصة وتسمى (المصدر) سندات بقيمة تعادل قيمة
الديون محل التوريق للحصول على السيولة عن طريق بيعها على المستثمرين.
تستخدم المنشأة ذات اإلغراض الخاصة السيولة المتحصلة من بيع السندات لسداد قيمة
األصول للمؤسسة المالية.
تكون الفوائد على هذه السندات متوافقة مع فوائد الديون األصلية.
أن عملية التوريق تخدم المؤسسات المالية الدائنة من حيث األتي:
توفر لها السيولة النقدية الكافية للدخول في عمليات تمويل جديدة.
التوسع في نشاطها.
يساعد المؤسسة المالية على تحسين قوائمها المالية وذلك بالتحرر من قيود مبدأ كفاية
رأس المال ومخصصات الديون.
أن عملية التوريق تساعد المؤسسة المالية في تحويل األصول غير السائلة إلى أصول
سائلة يمكن إعادة توظيفها مرة أخرى.
تساعد في توزيع المخاطر االئتمانية على قاعدة عريضة من الدائنين.
أن تقنين عملية التوريق وإ يجاد سوق لها يخدم القطاعات التي تحتاج إلى تمويل طويل
األجل مثل تمويل الرهن العقاري وغيره من أنواع التمويل القائم على األصول حيث
يصبح منح التمويل من المؤسسة المالية بمثابة جسر للوصول إلى عملية التوريق وهذا
يشجع المؤسسات التمويلية على الدخول في عمليات التمويل طويلة األجل.
أن عملية التوريق تؤدي إلى توسيع السوق المالية وتنشيطها عبر تعبئة الموارد المالية
المختلفة وتنويع األدوات االستثمارية المعروضة فيها.
هذه هي فوائد عملية التوريق بالنسبة للمؤسسات المالية الدائنة ولكن ماهي اإلضرار التي
جلبتها على االقتصاد األميركي؟
13
إن أج زاء عملي ة التوري ق ال تي هي التزام ات ال دين المهيك ل CDOوعق ود مبادل ة
الديون CDSتم استخدامها بصورة غير قانونية في المصارف العقارية األميركية ،فعندما
تجمعت لدي مصارف العقارات األميركية محافظ كبيرة من الرهونات العقارية (،)CDO
فإنه ا لج أت إلي اس تخدام ه ذه المحاف ظ من الرهون ات العقاري ة إلص دار أوراق مالي ة جدي دة
يقترض بها من المؤسسات المالية األخرى بضمان هذه المحافظ ،فكأن المصارف لم تكتف
ب اإلقراض األولي بض مان ه ذه العق ارات ،ب ل أص درت موج ة ثاني ة من األص ول المالي ة
بض مان ه ذه الره ون العقاري ة ،أو ماي دعى الـ( )CDSوهن ا أص بحت العملي ة غ ير قانوني ة،
فالمصارف تقدم محافظها من الرهونات العقارية كضمان لالقتراض الجديد من السوق عن
طري ق إص دار أوراق مالي ة مض مونة بالمحفظ ة العقاري ة ،وهك ذا ف إن العق ار الواح د يعطي
مالكه الحق في االقتراض من المصرف ،ولكن المصرف يعيد استخدام نفس العقار ضمن
محفظ ة أك بر ،لالق تراض بموجبه ا من جدي د من المؤسس ات المالي ة األخ رى ،وه ذه هي
المشتقات المالية ،وتستمر العملية في موجة بعد موجة ،بحيث يولد العقار طبقات متتابعة من
اإلق راض بأس ماء المؤسس ات المالي ة واح دة بع د األخ رى ،وهك ذا أدى ترك ز اإلق راض في
قطاع واحد ،وهو قطاع العقارات ،على زيادة المخاطر ،فساعدت األدوات المالية الجديدة
(التوريق) على تفاقم هذا الخطر بزيادة أحجام اإلقراض موجة تلو الموجه(.)10
ًب .اتفاقيتي بازل 1وبازل .2
من المع روف أن النظ ام المص رفي في االقتص اد المعاص ر ُيع د بمثاب ة القلب من الجس د،
وأن النقود ُتع ُّد بمثاب ة الدم الذي يضخه هذا القلب المصرفي في عروق -أي أنشطة -هذا
الجسد االقتصادي ،ويتك َّو ن النظام المصرفي من :البنك المركزي والمؤسسات النقدية؛ أي
المص ارف وش ركات الت أمين وس وق الم ال ،ويق وم الفن المص رفي على المواءم ة بين
اعتب ارين متناقض ين :الثق ة أو الس يولة من ناحي ة ،والعائ د أو الربحي ة من ناحي ة أخ رى؛
فالمصرف كمشروع اقتصادي يتعَّين عليه أن يحقق ربًح ا ألصحابه المساهمين وكمشروع
اقتصادي من نوع خاص بحسب طبيعة نشاطه ،وهي التعامل في االئتمان ،يتعَّين عليه أن
يحافظ على حد معين من السيولة في أصوله حتى يكتسب ثقة المتعاملين معه بأنه يستطيع
أن يلبي طلباتهم بالدفع نقًد ا عند الطلب ،أو بعد ترتيبات معينة.
وعلى ذل ك إذا رَّك ز المص رف على اعتب ار واح د من ه ذين االعتب ارين؛ فإن ه يفق د ش رط
وج وده في الس وق المص رفي ،ف إذا وَّج ه ج ل م وارده المالي ة لمقابل ة اعتب ار الثق ة -أي
السيولة -فإن هذه السياسة ستكون على حساب االعتبار الثاني وهو الربحي ة ،ومن ثم يص بح
10
(?) James V. DeLong, REGULATORS AND THE FINANCIAL CRISIS,
Convergence Law Institute, United States, April 14, 2008.
14
مش روًع ا غ ير م ربح ال م برر إًذ ا لوج وده ،وإ ذا وظ ف ج ل م وارده في أص ول مثم رة؛ أي
مدَّر ة لعوائد مرتفعة نسبًّيا كاألوراق المالية طويلة األجل؛ أي األسهم والسندات والقروض،
سيكون ذلك على حساب السيولة ،وبالتالي الثقة؛ حيث سيفقد ثقة عمالئه ألنه لن يستطيع أن
يستجيب لطلباتهم بالدفع نقًد ا ،ومن ثم يفقد مبرر وجوده كمؤسسة نقدية..
وعليه يتأسس الفن المصرفي في أن يش ِّك ل البنك مجموع أصوله؛ بما يضمن له السيولة
الكافي ة م ع ال ربح المناس ب ،وع ادًة م ا ت تراوح نس بة األص ول الس ائلة م ا بين ( )%30و(
)%40من مجم وع األص ول الكلي ة للمص رف حس ب اتف اقيتي ب ازل 1وب ازل 2اللت ان
وضعتا أسس العمل المصرفي.
خالل السنوات القليل ة الس ابقة لعام ,1999قامت لجنة بازل للرقاب ة على البنوك بعمل
جاد إلصدار اتفاق بازل 2الخاص بمعيار كفاية رأس مال المصارف ،وقد جاء هذا االتفاق
كرد فع ل على األزم ة المالي ة التي عص فت باألس واق األس يوية في األعوام 1998-1997
ال تي ك ان أح د أهم أس بابها ض عف الرقاب ة المص رفية على احتياط ات المص ارف الخاص ة،
األمر الذي أدى إلى ارتفاع درجة المخاطر.
فقد قامت اللجنة بدراسة أسباب األزمات المصرفية في كثير من الدول واتضح من تلك
الدراس ات أن أهم األس باب ال تي أدت إلى تل ك األزم ات هي ع دم إدارة المص ارف للمخ اطر
المص رفية ال تي تتع رض له ا وض عف الرقاب ة الداخلي ة والخارجي ة (الس لطات الرقابي ة
الوطني ة) ,ل ذا ف إن االتف اق الجدي د رك ز على معالج ة تل ك األس باب لض مان ق وة المص ارف،
وخالل الف ترة 2003- 1999ق امت اللجن ة ب إجراء العدي د من التع ديالت على الطبع ة
األولى ال تي ص درت في ع ام 1999ح تى ص درت الطبع ة الثالث ة في نيس ان ،2003وق د
رك ز االتف اق الجدي د (ب ازل )2على تقوي ة إط ار رأس الم ال الق انوني أو الرق ابي (
)Regulatory Capitalمن خالل متطلب ات الح د األدنى ل رأس الم ال بحيث يك ون أك ثر
حساسية للمخاطر التي يتعرض لها البنك وفي الوقت نفسه تعطي حوافز للبنوك التي تدير
المخاطر التي تتعرض لها بصورة جيدة.
وق د أك دت اتف اقيتي ب ازل بص ورة كب يرة على الرقاب ة المص رفية إذ وجهت؛ أن ه في ح ال
تط بيق المب ادئ األساس ية للرقاب ة المص رفية الفّعال ة ،ف إن ذل ك س وف يس اعد في تحقي ق
االس تقرار الم الي في البل د ال ذي يق وم بتطبيقه ا ،وج اء المب دأ األول من االتفاقي ة بم ا نص ه
(يجب أن يتضمن نظام الرقابة المصرفية الفّع ال مسؤوليات وأهداف واضحة ومحددة لكل
هيئ ة تش ارك في الرقاب ة على المص ارف ،وينبغي أن تمل ك ك ل من ه ذه الهيئ ات اس تقاللية
العم ل والم وارد الكافي ة ،كم ا أن ه من الض روري وج ود إط ار ق انوني مناس ب ،يتض من
تعليم ات تنفيذي ة تتعل ق ب ترخيص المؤسس ات المص رفية ورقابته ا المس تمرة وإ عط اء الجه ة
15
الرقابي ة ص الحيات ف رض االل تزام بالتعليم ات الرقابي ة ذات العالق ة بالس المة والحماي ة
المالي ة ،كم ا أن ه ذه التعليم ات يجب أن تمنح الس لطة الرقابي ة والمراق بين الحماي ة القانوني ة،
والسماح بتبادل المعلومات بين الجهات الرقابية وحماية سرية هذه المعلومات).
األزم ة ال تي يعيش ها الع الم اآلن بعام ة ،وتعيش ها الوالي ات المتح دة األمريكي ة بخاص ة،
نجمت عن ع دم االل تزام ،به ذه المتطلب ات من قب ل المص ارف ،ومن إهم ال االحتي اطي
الفي درالي في القي ام بواجبات ه اإلش رافية والرقابي ة والتفتيش ية ،ومن ثم وقعت األزم ة المالي ة
الح ادة ،وال تي امت دت إلى ال دول األوروبي ة ،ودول جن وب ش رق آس يا والياب ان والص ين ثم
ال دول النامي ة ،تن ذر بكس اد ع المي كالكس اد الع المي العظيم في أواخ ر العش رينيات وأوائ ل
الثالثينيات من القرن الماضي.
َفَج رًي ا وراء أقص ى ربح وأس رعه ،أف رطت المؤسس ات النقدي ة في تق ديم كٍّم ض خٍم للغاي ة
من القروض لألفراد ،وبالذات في مجال الرهن العقاري ،دونما دراسة دقيقة ،ودونما اعتبار
للسيولة وكفاية رأس المال ،مما أدى إلى تعثر الكثير من المقترضين عن السداد ،في الوقت
ال ذي انخفض ت في ه أس عار العق ارات ،ومن ثم غ رق المواطن ون في ال ديون ،وأص بحت
المؤسس ات النقدي ة على مش ارف اإلفالس ،وس اعد على ه ذا الوض ع الم أزوم أربع ة
عوامل:)11
(
األول :يتمثل في شبه غياب الرقابة من قبل السلطات النقدية على العمل المصرفي ،خاص ًة
أن أك ثر من أربع ة أخم اس ه ذا العم ل ك ان يتم خ ارج بن ود الميزاني ة ،وبالت الي ال يخض ع
رس ميًا للرقاب ة ،رغم علم ه ذه الس لطات به ذه الحقيق ة ،وعلي ه ك ان ذل ك أدعى أن تعم ل على
إخضاع هذا النشاط لرقابتها.
والثGاني :ي تركز في المض اربات ،أي المق امرة المحموم ة في وول س تريت ،وال تي تتص اعد
بال ضابط وال رابط وال منطق ،كلما تقَّلصت الثقة في السوق وفي االقتصاد.
والثالث :يدور حول انتشار استخدام أدوات مالية مبتكرة ،وهي المشتقات ()CDO,CDS
أي المتاجرة في المخاطر ،فقامت هذه األدوات على إعادة بيع القروض العقارية ،وغيرها
من القروض ،المشكوك فيها في شكل أوراق مالية ،وتم تداول هذه األوراق ،وتنطوي هذه
المعامالت بالطبع على محظورات ،فهي بيع اإلنسان ما لم يملك ،وبيع الدّين بالدّين.
والرابع :ينحص ر في فس اد اإلدارة العلي ا في كث ير من ه ذه المؤسس ات المالي ة الك برى ،مم ا
جعله ا ال تهتم كث يرًا بالقواع د المص رفية ق در اهتمامه ا بالمرتب ات الخيالي ة والح وافز
11
(?) For more information see: Financial Crisis 2008, Weekly Global Economic
Overview, Prepared by USAID Economic Analysis and Data Services under
contract RAN-M-00-07-00004-00
16
التصاعدية التي كانت تتقاضاها ،فمثًال بلغت مرتبات ومكافآت رئيس بنك ليمان براذرز (
)486مليون دوالر عن عام 2007م.
ووصل النظام المصرفي األمريكي في النهاية إلى درجة من فقدان الثقة ،أدت إلى حالة
التجم د االئتم اني ،فال يوج د أي إق راض واق تراض بين المص ارف ،وال يوج د أي إق راض
لقطاع األعمال أو المستهلكين ،ومن ثم توجد حالة شلل يكاد يكون كامًال في التيارات النقدية
المحرك ة للتي ارات الحقيقي ة ،أي للنش اط االقتص ادي العي ني ،خاص ًة إذا أض فنا إلى ذل ك
اإلحج ام ش به الكام ل من المس تهلك األم ريكي عن اإلنف اق خوف ًا من واحتياًط ا للط وارئ في
المس تقبل ،وهن ا تك ون بداي ة االنهي ار الكب ير ،ليس في س وق الم ال فحس ب ،وإ نم ا أيًض ا في
أساسيات االقتصاد.
ثالثًا .آثار األزمة المالية العالمية على اقتصادات الوطن العربي:
.1آثار األزمة المالية العالمية على االقتصادات العربية بصورة عامة:
انعكس ت األزم ة المالي ة األميركي ة على معظم اقتص ادات دول الع الم ح تى أنه ا أص بحت
تلقب باألزم ة المالي ة العالمي ة ،وبم ا أن ال دول العربي ة ج زء من منظوم ة االقتص اد الع المي
فإنها تأثرت بهذه األزمة ،وأن مدى تأثر الدول العربية أعتمد على حجم العالقات االقتصادية
المالي ة بين ال دول العربي ة والع الم الخ ارجي ،فك ان األث ر المباش ر لألزم ة المالي ة على ال دول
العربية قليًال جدًا نتيجة محدودية انكشاف المنطقة للبنوك األوروبية واألميركية وشبه انغالق
النظم المالي ة باس تثناء دول الخليج الع ربي ،بخاص ة اإلم ارات والس عودية وقط ر ،وفى ه ذا
اإلط ار يمكنن ا تقس يم ال دول العربي ة إلى ثالث مجموع ات من حيث م دى تأثره ا باألزم ة،
وهي(:)12
المجموعة األولى :هي ال دول العربي ة ذات درج ة االنفت اح االقتص ادي والم الي المرتفع ة
وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان.
المجموعة الثانية :وهى الدول العربية ذات درجة االنفتاح المتوسطة أو فوق المتوسطة
ومنها مصر واألردن والعراق والمغرب العربي.
المجموعة الثالثة :وهى الدول العربية ذات درجة االنفتاح المنخفضة ومنها السودان.
فبالنسبة للمجموعة األولى ف إن ص ادراتها تمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي ،ويعتبر النفط
هو المص در ال رئيس لل دخل الوط ني إذ يوفر %80من عائ داتها ،وق د ك ان من أهم نت ائج األزم ة
انخف اض أس عار النف ط العالمي ة نتيج ة النخف اض الطلب علي ة من قب ل ال دول الص ناعية الك برى،
وج اء ه ذا االنخفاض بس بب انخفاض الطلب على منتج ات تل ك ال دول وبالت الي إغالق الكث ير من
)) للمزي د من المعلوم ات أنظ ر :نبي ل ن ايف ح اجي ،فرص ة اإلنق اذ قائم ة ،المرك ز الع ربي للدراس ات 12
17
المص انع وخفض إنتاجي ة المص انع األخ رى ،األم ر ال ذي أدى إلى تقلي ل طلب تل ك المص انع على
الطاقة ،فنجد أن أسعار النفط انخفضت من حوالي 147دوالرا للبرميل في شهر تموز 2008
إلى أق ل من 40دوالرا للبرمي ل الواح د في نهاي ة ك انون أول من نفس الع ام ،أي انخفض ت بنس بة
،%72ومما ال شك فيه أن هذا االنخفاض الحاد سيؤثر على وضع الموازنات العامة للسنوات
القادم ة وعلى مع دالت النم و االقتص ادي لتل ك البل دان ،إذ اس تثمرت ال دول العربي ة النفطي ة في
األسواق المالية الغربية ،وبخاصة في السوق األميركي أكثر من 400مليار دوالر في السنوات
األربع الماضية من فائض عوائد النفط(.)13
من ناحي ة أخ رى ،يالح ظ أن النش اط الم الي ل دول الخليج الع ربي في الع الم الخ ارجي كب ير،
حيث تم اس تثمار ج زء ال يس تهان ب ه من عوائ د النف ط ،وحيث يالح ظ أن دول الخليج أص بحت
تمتلك صناديق ثروات سيادية(*) تستثمر في الخ ارج خصوص ا في الوالي ات المتح دة وأوروب ا ،إذ
تش ير بعض التقديرات إلى أن خس ائر ص ناديق الثروات الس يادية في الدول الناش ئة بم ا فيه ا دول
الخليج كبيرة ،وتقدر االستثمارات العربية بالخارج بحوالي 2.4تريليون دوالر(.)14
ومم ا ال ش ك في ه أن هن اك بعض الص ناديق ال تي يمكن أن تك ون له ا اس تثمارات في بعض
المؤسس ات المالي ة المتع ثرة ،وكم ا هو معلوم ف إن ه ذه االس تثمارات مملوك ة للحكومات واألف راد
ولكن معظمها يعود لدول الخليج وسوف تتأثر تلك االستثمارات بحسب الجهة التي يتم االستثمار
فيها ،وكلما كانت تلك الجهة تتميز بدرجة عالية من المخاطر ،فإن درجة التعرض إلى خسائر
تكون أكبر.
أما بالنسبة للبورصات فإن حالة الخوف والفزع هي التي أصابت المستثمرين في العالم كله
ابتداء من أميركا ،حيث انهارت بورصة وول ستريت ،مرورا بالبورصات في معظم دول العالم
ومنها إلى البورصات العربية وخصوصا الخليجية والمصرية.
وبالنسبة لألسواق والمؤسسات المالية العربية فليس من المرجح أن تواجه تغيرات جوهرية
في أنظمتها ذلك أنها متحوطة أصال بنسبة أكثر بكثير مما هو عليه الحال في الواليات المتحدة
لكن يتوق ع أن تح د من محافظه ا المالي ة المس تثمرة في البورص ات العالمي ة ،وس تعود األس واق
المالية تدريجيا لتعكس مستوى أداء مؤسساتها المسجلة لكن التغيرات السعرية فيها ستكون بسيطة
جدًا ،فعهد التغيرات السعرية الكبيرة اآلن توقف مع توقع خروج الكثير من المضاربين في ضوء
تدنى أرباح المضاربة كنتيجة ،واتجاههم ألشكال أخرى من النشاطات الربحية.
13 )?(
Impact of the International Financial Crisis on MENA Capital Markets, Forum
on the Current International Financial Crisis: Implications and Lessons for Arab
Region, Beirut, Lebanon, 2008, page 15.
( *) الصناديق السيادية هي األموال التي يحتفظ به ا القط اع الع ام (الدول ة) ويق وم بأس تثمارها في األس هم و
السندات ،أو استخدامها وقت الحاجة.
)?( 14نبيل نايف حاجي ،مصدر سبق ذكره ،ص.25
18
أما في مجال المصارف ،فأن اتجاه المصارف العربية كلها إلى التراجع ساحبة معها أسواق
المال العربية وخاصة في أسواق دول الخليج العربي ،الذي شهدت مؤشراته سيطرة كاملة للون
األحم ر ،وس ط خس ائر قاس ية س يطرت على قط اعي العقارات والمص ارف في مختلف األس واق،
وذلك مع استمرار القلق حول مصير بعض النشاطات االستثمارية التي تجمع هذين القطاعين في
ع دة دول في المنطق ة ،وكنت اج لالزم ة فق د س حبت الكث ير من الص ناديق االس تثمارية األجنبي ة
أموالها من األسواق المالية العربية ،أما لمواجهة األزمة هناك أو تحسبًا لما هو أسوأ ،ولو توسع
هذا السحب مع توسع األزمة سيسبب كارثة ألسواق المال العربية ،إذن االقتصاد العالمي يعمل
وفق نظرية األواني المستطرقة وال يوجد اقتصاد خارج العالم(.)15
أصبحت األزمة العالمية حديث الموظفين والشريحة المتوسطة الدخل في مدن الخليج ،حيث
ي رحب أغلب ه ؤالء ب أي تغ ير في الوس ط الم الي ال دولي أو المحلى من ش أنه أن ي ؤثر في هب وط
أس عار العق ارات واإليج ارات ال تي ض اقوا به ا ذرع ا ،وال ح ديث ه ذه األي ام في العدي د من ال دول
الخليجي ة إال عن األزم ة المالي ة العالمي ة ،حيث ظه رت داخ ل الش ارع الخليجي مجموع ة من
األسئلة بعد وقوع هذه األزمة ،بدءًا من تساءل كثير من المواطنين حول كيفية انعكاس هذه األزمة
عليهم من ناحي ة تك اليف الس لع ال تي ارتفعت في الف ترة األخ يرة بحج ة ارتف اع أس عار النف ط
والتض خم وارتفاع الطلب ،وه ل سنش هد تراجع ا في أس عار العقارات بعد القفزات الالمعقول ة في
أسعارها خالل السنة الماضية ،وهل ستعود أسعار مواد البناء لما كانت عليه في السابق.
إن ض بابية الص ورة ألقت بثقله ا على األس واق المالي ة الخليجي ة ال تي ت أثرت بش كل أك بر مم ا
تأثرت به األسواق المالية العالمية األخرى ولسبب مهم هو عدم توافر معلومات لدى المستثمر
تتيح له تقييم آثار هذه األزمة بشكل دقيق ,وبالتالي شمل الهبوط جميع قطاعات األسواق المالية
الخليجية دون التفرقة بين المتأثر بشكل مباشر كالمصارف التجارية أو المتأثر بشكل غير مباشر
كالشركات الصناعية.
أم ا ت داعيات األزم ة المالي ة على األس واق المالي ة ل دول الخليج ف أن ال دول الخليجي ة ومص ر
وال تي تمتل ك أس واقًا مالي ة أك ثر انفتاح ًا على األس واق الدولي ة ق د ت أثرت به ذه األزم ة باعتب ار أن
عوائ د النف ط فيه ا تش كل المص در األساس ي لل دخل ومن المؤك د أن فوائض ها المالي ة س تتراجع بم ا
ينعكس على مش اريع التنمي ة فيه ا بحجم االس تثمارات العربي ة الكب يرة في األس واق المالي ة
األمريكية.
أن هن اك ثالث ة مص ادر لت أثر دول الخليج الع ربي وال دول العربي ة ذات االنفت اح االقتص ادي
العالي باألزمة ،األول تأثر المؤسسات المالية التي تملك حيازات في سندات الرهن العقاري أو
15
)) د .نبيل حشاد ،األزمة المالية العالمية وانعكاساتها علي البنوك العربية ،بحث مقدم إلي ندوة االتح اد الع ام
االتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبالد العربية ،بيروت ،2008 ،ص .16
19
تس تثمر في عق ود التزام ات ال دين المهيك ل CDOالمرتب ط بتل ك الس ندات أو في عق ود مبادل ة
ال ديون ،CDSوالث اني ه و الخس ائر الناتج ة عن إدارة االس تثمارات بواس طة المص ارف
االستثمارية األمريكية المتأثرة من األزمة ،أما الثالث فعن طريق تأثر الوضع االئتماني في دول
الخليج ,الذي يتمثل في شح السيولة وارتفاع تكلفة االقتراض.
فيما يتعلق باألثر األول وهو الخسائر الناتجة عن الحيازة المباشرة لسندات الرهن العقاري أو
مشتقاتها فقد أعلن سابقًا أن البنكين المتأثرين جراء ذلك هما :بنك الخليج الدولي GIBالذي خسر
ما يقارب 750مليون دوالر من استثماراته في سندات الرهن العقاري ما استدعى رفع رأسماله
بتمويل من مؤسسة النقد السعودي ،والمؤسسة العربية المصرفية ABCالتي تجاوزت خسائرها
500مليون دوالر.
أم ا المص ارف والبن وك االس تثمارية األخ رى فلم تعلن تعرض ها لخس ائر من ج راء أزم ة
االئتم ان العالمي ة أو على األق ل لم تفص ح عن احتم االت تعرض ها لخس ائر ،ولكن ارتب اط البن وك
والمص ارف الخليجي ة بالمص ارف العالمي ة ,خصوص ًا في الوالي ات المتح دة ،يجع ل من الص عب
التس ليم ب أن هن اك أث رًا مح دودًا على اس تثمارات البن وك الخليجي ة ،ال تي ت تركز بش كل كب ير في
الوالي ات المتح دة ،إذ ترتب ط البن وك الخليجي ة ع ادة ب البنوك االس تثمارية األمريكي ة باتفاقي ات
الستثمار فوائضها المالية ،مما يعنى أن إفالس بنك استثماري مثل ليمان برذرز سيترك ال محالة
أثرًا في البنوك الخليجية التي تتعامل معه.
لذلك فإن كان أثر االستثمار المباشر في سندات الرهن العقاري أو في مشتقاته محدودًا بالنظر
إلى الطبيعة المعقدة لتلك األصول االستثمارية ،التي لم تشجع المصرفيين الخليجيين على اقتنائها،
فإن ارتباط البنوك الخليجية باتفاقيات استثمارية مع صناديق االستثمار األمريكية سينتج عنه بال
ش ك خس ائر له ذه البن وك ،إذ إن طبيع ة االتفاقي ات م ع الص ناديق االس تثمارية تح دد مس توى
المخاطرة وال تحدد عادة نوع األصل المستثمر فيه.
ل ذا فليس مس تغربًا أن تفاج أ بعض البن وك الخليجي ة بتحقيقه ا خس ائر ج راء اس تثمارات في
ص ناديق اس تثمارية أمريكي ة ،فق د أعلن بن ك أبوظ بى التج اري في وقت س ابق أن ه باش ر باتخ اذ
إجراءات قانونية في نيويورك ،السترداد بعض خسائر استثماراته في الصناديق االستثمارية في
الواليات المتحدة ،مدعيا أنه لم يتم اإلفصاح حسب األصول عن المخاطر المحيطة باالستثمار ،م ا
يعطى فك رة عن ض بابية الص ورة المتعلق ة بتل ك االس تثمارات ح تى ل دى المختص ين في ه ذه
الصناعة.
وأخيرًا وفيما يتعلق باألثر األخير المشار إليه ظهرت بوادر أزمة ائتمان خليجية بدأت في
دبي ،حيث أعلن البنك المركزي اإلماراتي أنه نظرًا لتراجع مستوى السيولة المتوافرة في السوق
20
لتموي ل المش اريع اإلنش ائية الجدي دة في الدول ة ،فإن ه ق ام بتوف ير 50ملي ار درهم إم اراتي كوس يلة
تمويل متاحة للبنوك اإلماراتية لالستفادة منها(.)16
ومن ناحية أخرى ف أن العامل النفسي يؤدي دورًا كبيرًا في هذا المجال وهو ما نطلق عليه
(التوقعات) ،وهو أنه عند إفالس أو انهيار مؤسسة مالية بسبب وضعها السيئ فإن الذعر يصيب
الم ودعين في المؤسس ات المالي ة األخ رى ،ال تي يك ون الوض ع الم الي لمعظمه ا جي دا ،ومن ثم
يلج أون إلى س حب ودائعهم ،وبالت الي ف إن س حب الودائ ع بص ورة مفاجئ ة ي ؤدى إلى انهي ار تل ك
المؤسس ات المالي ة ح تى ل و ك ان وض عها جي دا وس ليما ،ويمكن أن يك ون ه ذا العام ل من أك بر
العوامل التي أدت إلى زيادة حدة األزمة في األسواق الخليجية.
وفي ك انون األول 2008ك ان س وق دبي ق د س جل أعلى نس بة انخف اض فق د انخفض مؤش ره
بمعدل ،%67.87فيما سجل سوق األوراق المالية السعودية انخفاض ًا بمعدل ،%58.72وجاء
في المرتبة الثالثة سوق قطر لألوراق المالية بمعدل انخفاض مقداره ،%40.55أما أقل األسواق
الخليجية خسارًة فقد كانت سوق البحرين التي سجلت خسارة بمعدل %29.77وكما هو موضح
في الشكل البياني اآلتي:
شكل بياني -1-
8002 نسبة انخفاض مؤشر االسواق العربية في نهاية عام
المصدر :الشكل من إعداد الباحث استنادًا إلى بيانات :بيت االستثمار العالمي ،Globalالكويت
.2008
وبالنس بة لالس تثمارات الخليجي ة ،فهي ليس ت جميعه ا عرض ة للض ياع ب ل ج زء منه ا،
فحسب تقديرات لتقرير مجلة األوبزيرفر (لن يتجاوز حجم الخسارة للصناديق العربية واآلسيوية
أكثر من 4مليارات دوالر).
16
)) نقال عن صحيفة االقتصادية السعودية في .28/12/2008
21
ومن الص ناديق العربي ة ال تي تعرض ت للخس ائر هيئ ة اس تثمار أب و ظ بي وهيئ ة اس تثمار
قطر ،وكالهما دول تنعم بمصادر دخل من النفط والغاز عوضتهما عن هذه الخسائر.
وتعت بر دبي من أك ثر حكوم ات اإلم ارات المس تدينة في المنطق ة نتيج ة التوس ع الكب ير
لمدين ة دبي في األع وام الماض ية ،وانع دام مص ادر ال دخل األخ رى إذ زادت نس بة ال دين في دبي
%42إلى الن اتج المحلي اإلجم الي في ع ام ،2007بالمقارن ة م ع أبوظ بى حيث نس بة ال دين إلى
الن اتج المحلي اإلجم الي ال تتع دى %3والس عودية %6والك ويت %10والبح رين %23
وقطر %13وبهذا فإن ديون دبي ستكون قد ازدادت نتيجة لألزمة بحوالي 50مليار دوالر،
مما يعني أن شّح اإلقراض وهدوء سوق العقارات سيؤديان معًا إلى زيادة محدودية السيولة.
أم ا األردن ،فهي من ال دول المس توردة وغ ير المص درة للنف ط ،وب ذلك س تتأثر ايجابي ًا
بانخف اض أس عار النف ط ،وت دفق الودائ ع إليه ا ألنه ا من ال دول األك ثر تحوط ًا وجم ودا في مج ال
السياس ة النقدي ة وألن ارتف اع س عر ال دوالر س يمكنها من اإلنت اج بكل ف أق ل نتيج ة ارتب اط عملته ا
بالدوالر الذي يواجه موجة صعود بالنسبة للعمالت الصعبة األخرى المنافسة كاليورو.
وستكون األردن أكثر جذبًا لالستثمارات الباحثة عن وعاء أمين لمدخراتها سيعتمد هذا
التوق ع على م دى س رعة وكف اءة الق ائمين على إدارة االقتص اد في األردن ب اإلعالن عن م يزات
السوق األردنية والترويج لها عربيًا وخليجيًا.
أم ا االقتص اد المص ري فق د ش هد تراجع ًا قليًال في الم يزان الج اري ال يتع دى نس بة %1
كونه ا دول ة مص درة وس تتأثر بالكس اد الع المي وتراج ع االس تثمارات األجنبي ة المباش رة ودخ ل
الس ياحة وقن اة الس ويس نتيج ة ال تراجع في النش اط االقتص ادي في أوروب ا ,وعلى ال رغم من ذل ك
فإن النظرة إلى االقتصاد المصري ستبقى إيجابية مع بعض التحفظ حيث ستشهد أيض ًا تباطؤًا في
ح واالت الع املين وال تي ال تش ّك ل ج زءًا كب يرًا من الن اتج المحلي اإلجم الي على ال رغم من كونه ا
أكبر دولة متلقية لتحويالت العاملين في الخارج.
أم ا اليمن وس ورية فش هدت مزيج ًا من اآلث ار لألزم ة العالمي ة ك ون كال ال دولتين دوال
مص درة للنف ط تعتم د على إنتاج ه كمص در دخ ل رئيس ي ،بينم ا ال يغطي ه ذا المص در حاجاته ا
األساسية وفي الوقت ذاته سيستفيد مستهلكو هذه الدول من تراجع األسعار عالميا.
وب ذلك ف أن ت أثير األزم ة على ال دول النفطي ة الغني ة ك ان أك بر من تأثيره ا على ال دول غ ير
النفطي ة ،فق د ص نف البعض ال دول النفطي ة بأنه ا أح د أك بر الخاس رين عالمي ًا ج راء ه ذه األزم ة،
فتتمثل الخسارة في األمور اآلتية:
تعرض ها للخس ارة المالي ة ج راء اس تثمار أمواله ا في المؤسس ات المالي ة األمريكي ة وق د
قدرت بعض اإلحصائيات الخسائر التي لحقت بدول الخليج جراء األزمة الراهنة بح والي
22
2.2تريليون دوالر وهذا الرقم هو أكثر من ضعف ناتج دول الخليج المحلي البالغ 900
مليار دوالر.
ص رح األمين الع ام لمجلس الوح دة أالقتص اديه العربي ة أحم د ج ويلي بت اريخ 29تش رين
ثاني 2008ونشرته صحفية الحياة اللندنية بأن الخسارة المتوقعة لالقتصاد العربي نتيجة
أالزمه المالية العالمية تبلغ نحو 2.5تريليون دوالر أميركي.
أن الصناديق السيادية التابعة لدول الخليج والتي تتكون من عائدات النفط واالحتياطيات
النقدي ة األجنبي ة ق د خس رت وف ق بعض التق ديرات واإلحص ائيات م ا يق ارب 400ملي ار
دوالر بحس ب ص حيفة األكونومس ت الص ادرة بت اريخ 13تش رين أول ،2008وتمل ك
دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة أك بر ص ندوق س يادي في الع الم بمبل غ ق دره 968ملي ار
دوالر ،والسعودية 370مليار ،والكويت 264مليار ،ولقطر وعمان والبحرين صناديق
س يادية بمب الغ أق ل من نظرائ ه ،وتع ود خس ارة ه ذه الص ناديق إلى االس تثمارات في كث ير
من المؤسسات والبنوك األمريكية التي تعرض ت لألزم ة بصورة مباشرة ،وكمثال على
ذل ك ف أن نس بة مس اهمة ص ندوق مرك ز أب و ظ بي لالس تثمار وص ندوق األجي ال القادم ة
الكوي تي في رأس م ال الش ركات األجنبي ة ه و ك اآلتي (مرك ز أب و ظ بي لالس تثمار %16
من إيس تيرن أوروبي ان البريطاني ة %4.9 ،من س تي غ روب األميركي ة %9 ،من أبول و
مانجمنت األميركية %3 ،من فيفالدي الفرنسية %2 ،من ميدياسات اإليطالية %3 ،من
سوني اليابانية) ،أما صندوق األجيال القادمة فكانت نسب مساهمته كاآلتي ( %23.8من
فكتوري ا السويس رية %6 ،من س تي غ روب األميركي ة %7.2 ،من دايمل ر ميرس دس
األلمانية %4.8 ،من بنك ميريل لنش األميركي(.)17
االنخفاض الحاد والمستمر في البورصات الخليجية مما كبد هذه األسواق خسائر قياسية،
فق د بلغت خس ارة األس واق الخليجي ة أك ثر من %17في ش هر أيل ول لوح ده واس تمرت
الخسارة في األشهر التي تلتها.
انخفاض أسعار النفط العالمية مما أدى إلى اختالل في التوازن االقتصادي وتقليل نسبة
النمو في الدول العربية بسبب انخفاض سعر النفط من %5إلى ،%3كما أن انخفاض
س عر برمي ل النف ط أث ر على ميزاني ات دول الخليج لع ام 2009وعلى الخط ط العش رية
له ذه ال دول ال تي بنته ا على توق ع أن يك ون الح د األدنى للبرمي ل ي تراوح بين 80و90
دوالر.
17
)) أ.د .رمضان الشراح ،األزم ات المالي ة العالمي ة أس بابها – آثاره ا – انعكاس اتها على االس تثمار بدول ة
الكويت ،اتحاد الشركات االستثمارية الكويتية ،الكويت ،2008ص.19
23
إن انخفاض سعر برميل النفط سيؤدي إلى تقلص النفقات الحكومية مما سيؤثر سلبًا على
شرائح كبيرة من المجتمع في مجاالت الصحة والتعليم والغذاء.
تعط ل وعرقل ة بعض من المش اريع الض خمة س يما في دول ة اإلم ارات العربي ة المتح دة
وكذا بقية دول الخليج والتي تقوم بها كبريات الشركات العقارية والشركات النفطية التي
تأثرت تأثرًا كبيرًا باألزمة حتى أن أسهمها قد فقدت أكثر من ربع قيمتها إلى اآلن ،كما
أن ارتفاع أسعار مواد البناء أدى إلى زيادة باهظة في تكاليف المشاريع الجديدة.
اإلتاوات التي تفرضها الدول الكبرى على دول الخليج القاضية بضرورة تقديم المعونات
المستعجلة للدول الكبرى ومؤسساتها المالية المتعثرة ،باعتبار هذه الدول مخزن ًا للنفط
والم ال وتمث ل ذل ك في الجول ة الخليجي ة ال تي ق ام به ا رئيس ال وزراء البريط اني بت اريخ
2/11/2008وزيارة نائب وزير المالية البريطاني التي سبقتها بتاريخ ،28/10/2008
وبسبب الضعف السياسي التي تعانيه الدول العربية وارتباطها سياسيًا واقتصاديًا بالغرب
فق د اس تجاب الحك ام وأص حاب الق رار له ذه الض غوط الغربي ة ح تى وص ل الح ال ببعض
المسؤولين الخليجيين بالتصريح قائلين "أن إنقاذ االقتصاد األمريكي يمثل دعم ًا لالقتصاد
المحلي" وال شك أن هذه اإلتاوات تلقي بكاهلها الثقيل على االقتصاد المحلي فبدل أن تقدم
هذه الحكومات األموال إلنقاذ مؤسساتها وشركاتها المتعثرة والتي تعاني من آثار األزمة
العالمية تقدمها هذه الدول للشركات األمريكية واألوروبية ودعمًا لالقتصاد الغربي.
أما تأثير األزمة المالية على بقية الدول العربية فهي وإ ن كانت أقل تأثرًا بسب عدم ولوج
هذه الدول في التجارة العالمية بسبب فقرها وضعفها االقتصادي فهي تشترك مع غيرها من
دول الخليج في بعض اآلثار وتفترق عنها في أمور ،من هذه اآلثار اآلتي:
oارتفاع معدالت التضخم عن المستويات القياسية ،خصوص ًا أسعار العقارات والمساكن،
بس بب التض خم المس تورد من الخ ارج ،وانعكس ذل ك زي ادة في أس عار الم واد الغذائي ة
ومواد البناء.
oخس ارة بعض ه ذه ال دول ال تي لحقت بص ناديقها الس يادية المتواض عة نس بة ل دول الخليج
كليبيا والجزائر وموريتانيا.
oض ياع أموال هذه الدول المس تثمرة في أمريكا وانعكاس ذلك على المواطن العادي في
راتب ه التقاع دي وفي مج االت الص حة والغ ذاء ال س يما وان ه ذه ال دول ال تمل ك مص درًا
ريعيًا يدر عليها األموال كدول الخليج التي تصدر النفط بل تستثمر هذه الدول من أموال
فقراء رعاياها الذين يكافحون من أجل تحصيل لقمة العيش.
24
oتوق ع ض عف المعون ات الخارجي ة من ال دول الغربي ة وص ندوق النق د والبن ك ال دوليين،
واعتم اد ع دد من ال دول العربي ة على ه ذه المعون ات كالمعون ات المقدم ة من الوالي ات
المتحدة األمريكية لكل من مصر واألردن وغيرهما.
.2آثار األزمة المالية العالمية على االقتصاد العراقي:
ذهب العدي د من المحللين في بداي ة أي ام األزم ة المالي ة العالمي ة إلى أن االقتص اد
العراقي أبعد مايكون عن التأثر بتلك األزمة ،وقد ساقوا العديد من المبررات لذلك ،ولكن
الواقع العملي أثبت عدم صحة هذه التوقعات في ظل عالمية األزمة ،فال يكاد يوجد بلدًا
في أرجاء المعمورة إال وتكون األزمة المالية قد أصابته بتأثير ما ،وفي العراق سنتناول
هذه التأثيرات من خالل (أسعار النفط ،أسواق المال،االستثمارات ،سعر صرف الدينار
العراقي ،الرصيد من العملة الصعبة ،قطاع المصارف) وكاالتي:
أس عار النف ط :يعتم د الع راق بنس بة %95في موازنت ه العام ة على اإلي رادات النفطي ة،
وب الرغم من التحوط ات الكب يرة ال تي ق امت به ا وزارة المالي ة العراقي ة في موازن ة ع ام
2008حين صُممت على أساس أن برميل النفط يعادل 57دوالرًا للبرميل الواحد ،اال
أن س عر النف ط ق د انخفض إلى اق ل من ذل ك بكث ير ح تى وص ل إلى مس توى 40دوالر
للبرميل الواحد في كانون الثاني ،2009األمر الذي ترك أثرًا بين ًا على الموازنة الحالية
التي أعيد تصحيحها ألكثر من مرة مع انخفاض أسعار النفط ..بمعنى أن الموازنة تتقلب
كلما تقلب العالم.
والموازنة العراقية شأنها شأن الموازنات الدولية األخرى تحتوي على كلف متغيرة يمكن
التحكم بحجمها ،وكلف ثابتة اليمكن التحكم بها من مثل (الرواتب ،األجور ،المساعدات)
إضافة إلى تخصيصات البطاقة التموينية ،وتكمن صعوبة األمر في هذا الباب.
وإيرادات النفط تدخل بنسبة %100إلى صندوق تنمية العراق DFIوتستقطع منها
%5كتعويض ات ج راء ح رب الك ويت ،وه ذه تعت بر ج زءًا من النفق ات ..والموازن ة
العراقي ة مص ممة ك اآلتي %60 :لتغطي ة النفق ات المحلي ة و %30لتغطي ة اس تيرادات
الحكومة بالعملة األجنبية( ،)18وتقوم وزارة المالي ة بك ل عملي ة تموي ل بال دينار الع راقي من
خالل تحوي ل موجوداته ا بالعمل ة األجنبي ة في ص ندوق تنمي ة الع راق ( )DFIإلى دين ار
عراقي ،فتتم عملية تسوية إذ يتم أخذ الموجودات األجنبية ويتم إعطاء دينارًا عراقي ًا بدًال
منها ،فيتحول الدوالر من حساب الميزاني ة (حساب وزارة المالية في )DFIإلى حساب
آخ ر ه و حس اب االحتياطي ات األجنبي ة ل دى الـ( )DFIأيض ا ..وبه ذه الطريق ة -لتغطي ة
(?) أ.د .مظهر محمد صالح/تداعيات األزمة المالية على االقتصاد العراقي /ندوة المعهد الع الي للدراس ات 18
المحاسبية والمالية في جامعة بغداد وبالتعاون مع المؤسسة الوطنية للتنمية والتطوير /بغداد.2008/
25
النفقات الداخلية -تراكمت هذه االحتياطيات الكبيرة ..والسياسة النقدية بنيت على حجم
هذه االحتياطيات(.)19
ولكن األمر اآلن قد تغير ،إذ أن االحتياطات المتراكمة سيتم استخدام جزء كبير منها،
أن لم يكن جميعها ،في تمويل الموازنة لعام 2009التي كان من المقرر أن تكون بحدود
79مليار دوالر ،ولكن انخفاض إيرادات النفط اضطر القائمين على السياسة المالية في
الع راق إلى اس تخدام تل ك االحتياط ات ،وفي ه ذه الحال ة ف أن البن ك المرك زي الع راقي لن
يس تطيع القي ام بمه ام التموي ل كم ا يق وم ب ه اآلن ص ندوق الموازن ة ،وعن دما يفق د ه ذا
الصندوق القدرة على التمويل والتأثير أو الحفاظ على قيمة الدينار العراقي ،فان العملة
العراقية تفقد دعم الصندوق فتنخفض قيمتها وفقا لتأثيرات السوق.
أسواق المال :من المعلوم إن البورصة العراقية المتمثلة بسوق العراق لألوراق المالي ة لم
تت أثر به ذه األزم ة إال بنس ب طفيف ة ج دًا بس بب محدودي ة حجم الت داول الكلي داخ ل ه ذه
الس وق أوال ،وأن ع دد المس تثمرين األج انب في أس هم الس وق مح دود ج دًا أيض ًا ،إض افة
إلى أن عدد المستثمرين في سوق العراق لألوراق المالية يعد قليال مقارنة بأي بورصة
في دول العالم ،وقلة المستثمرين هنا يعود لعوامل منها قلة الوعي االستثماري وانخفاض
الدخل وعدم وجود سياسة إعالنية ناجحة تشجع على االستثمار.
من ج انب آخ ر ف أن س وق الع راق لألوراق المالي ة الزال غ ير مرتب ط الكتروني ًا
باألس واق العالمي ة ،األم ر ال ذي جع ل المس تثمر الع راقي بعي د عن األس هم العالمي ة ال تي
تهاوت أسعارها ،وُيعد هذا األمر أحد االيجابيات في هذه المرحلة.
االس تثمارات :من الب ديهي أن تت أثر االس تثمارات الحكومي ة بفع ل انخف اض أس عار النف ط
حيث س تنخفض إي رادات الموازن ة العام ة وبالت الي س ينخفض المخص ص للموازن ة
االستثمارية ..وهنالك ثمة عالقة بين االستثمارات الحكومية واالستثمارات الخاصة في
ح التين :األولى أن التوس ع في االس تثمارات الحكومي ة في اقتص اديات البل دان مح دودة
الفرص س يؤدي إلى مزاحم ة االس تثمارات الخاص ة في ف رص يج د فيه ا القط اع الخ اص
جدوى أو ربحية اقتصادية ..والثانية :إن ضعف االستثمارات الحكومية في اقتصاديات
بحاجة إلى استثمارات في البنية التحتية سيؤدي إلى عزوف القطاع الخاص عن الدخول
في مج االت معين ة بس بب ض عف االس تثمار في البني ة التحتي ة ..ونعتق د أن الحال ة الثاني ة
هي ال تي س تنطبق على االقتص اد الع راقي بحكم الت دهور الحاص ل وبحكم ك بر الفج وة
االستثمارية في االقتصاد العراقي.
26
ونتوق ع أن تت أثر االس تثمارات المباش رة في االقتص اد الع راقي في ح التين :انخفاض
االس تثمارات الحكومي ة س يؤدي إلى التب اطؤ في إنش اء الب نى التحتي ة ..من ج انب آخ ر أن
الكث ير من المس تثمرين وخاص ة من ال دول ال تي ت أثرت بش كل مباش ر باألزم ة س يجدون
ص عوبة كب يرة في الحص ول على التموي ل ..وهن ا ف أن الكث ير من المس تثمرين س يفكرون
جديا في التحول من االستثمار غير المباشر إلى االستثمار المباشر على اعتبار أن عملية
بناء الثقة في أسواق أمريكا وأوروبا سيحتاج لوقت ليس بالقصير ..وهؤالء سيبحثون عن
دول واقتصادات غير متأثرة بدرجة مباشرة أو كبيرة باألزمة وقد يكون العراق واحدًا من
ه ذه ال دول ،ولكن ذل ك يرتب ط بم دى تهيئ ة الظ روف واس تكمال البيئ ة التش ريعية المنظم ة
لقطاع األعمال مع زوال التوترات األمنية والسياسية ..ويجب أن نستغل هذه األزمة فنعد
المناخ االستثماري المناسب الستقطاب المستثمرين.
سعر صرف الدينار العراقي :إن سعر صرف الدينار العراقي وتحسن قيمته مشروط
بعاملين ،األول هو توافر االحتياطيات األجنبية لدى البنك المركزي العراقي ،والثاني
ه و انخف اض مس توى التض خم ،إض افة إلى أن سياس ة س عر الص رف تواج ه متغ يرات
خارجي ة س ببها ارتف اع أس عار الم واد الغذائي ة والس لع األخ رى عالمي ا مم ا ي ؤدي إلى
تض خم مس تورد اليمكن معالجت ه اال بتحس ين قيم ة ال دينار الع راقي على وف ق ش روط
وأسس التبادل التجاري ،وبما أن األزمة المالية العالمية أدت إلى انخفاض أسعار السلع
ال تي يق وم الع راق باس تيرادها األم ر ال ذي ي ؤدي إلى انخف اض مع دالت التض خم داخ ل
االقتصاد العراقي ،أو تثبيتها على أقل تقدير ،وهذا سينعكس ايجابي ًا على سعر صرف
الدينار العراقي.
الرص يد من العمل ة الص عبة :يرتب ط رص يد الع راق من العمل ة الص عبة بتص دير النف ط
واس عاره بالدرج ة األس اس ،ف إذا هبطت إي رادات النف ط ي ؤدي ذل ك إلى انخف اض رص يد
الدولة من العملة الصعبة ،وهذا بالضبط ماحصل في العراق بعد انخفاض إيرادات النفط
بنس بة %72نتيج ة النخف اض أس عاره من 167دوالر في تم وز 2008إلى 40دوالر
في كانون أول .2008
قط اع المص ارف :وبش أن إمكاني ة وج ود اث ر محس وس لالزم ة العالمي ة ال تي تعص ف
ببنوك العالم على المصارف العراقية الحكومية واألهلية ،فأن العراق يعد بعيدا نسبيا
من األزمة المالية التي تعصف بالنظام المالي الدولي من هذا الجانب لعدة أس باب ،في
مقدمتها أن االحتياطيات الدولية للبنك المركزي العراقي ما زالت تدار بطريق ة بعيدة
عن المخ اطر وان اس تثمارها يتم ب أوراق مالي ة س يادية بعي دة عن مض اربات الس وق
الحالية ،إضافة إلى أن انخفاض درجة االنفتاح (االنكشاف) االقتصادي بين المصارف
27
العراقية والمصارف العالمية يبقي تلك المصارف في منأى عن التأثيرات السلبية لتلك
األزمة.
رابعًا .االستنتاجات:
أ .إن حص ول األزم ات في االقتص اد الرأس مالي ه و من األم ور الطبيعي ة ،إذ أن ه ذا
االقتص اد مجب ول على األزم ات ،ولكن هن اك أزم ات ك برى تص ل إلى ح د (االنهي ار)
لقط اع أو أك ثر ،وهن اك أزمات عميق ة ولكن الم دة الزمني ة التي تس تغرق وص ولها إلى
قم ة األزم ة ( )peakتك ون طويل ة ل ذا من الممكن ح رف اتجاهه ا ،وهن اك أزم ات
قصيرة قد يستغرق حدوثها وزوالها أشهر معدودة.
ب .إن اتجاه االقتصاد الرأسمالي نحو (الرأسمالية المالية) أي سيادة قطاع الخدمات على
القطاع ات االقتص ادية األخ رى ،أدى إلى زي ادة ع دد األزم ات ال تي تعص ف ب ه،
وبخاص ة األزم ات المالي ة ،وتق ارب م ددها ،وعمقه ا ،والس بب يع ود إلى أن القط اع
الم الي ه و أساس ا من القطاع ات الهش ة نتيج ة العتم اده على الم ال المع ّر ض للتذب ذب،
على عكس الرأسماليتين التجارية والصناعية.
جـ .ك ان لس لوك القط اع المص رفي في الوالي ات المتح دة األميركي ة وابتع اده عن إتب اع
األحكام الدولية الخاصة بالنظام المصرفي التي أكدت عليها (اتفاقيتي بازل 1وبازل
)2السبب الرئيس في حصول العديد من عمليات التالعب المالي ،األمر الذي ك ان من
أهم األسباب لحصول األزمة المالية العالمية.
د .ك ان انتق ال ع دوى األزم ة إلى االقتص ادات العالمي ة من األم ور المس لم به ا وغ ير
المفاجئة ،بسبب اعتبار االقتصاد األميركي محور االقتصاد الرأسمالي ،وان أية أزمة
تلحق بالمركز من الممكن انتقالها إلى األطراف بيسر.
هـ .أن م دى ت أثر أي ة دول ة باألزم ة المالي ة العالمي ة يعتم د على حجم العالق ات االقتص ادية
المالية بين تلك الدولة والعالم الخارجي ،فكانت بذلك آثار األزمة على العالم العربي
محدودة نتيجة محدودية انكشاف المنطقة العربية للبنوك األوروبية واألميركية وشبه
انغالق النظم المالي ة ،باس تثناء دول الخليج الع ربي ،بخاص ة اإلم ارات والس عودية
وقطر.
و .لم يبتع د األث ر على الع راق عن طبيع ة اآلث ار ال تي س ببتها األزم ة على ال دول العربي ة
األخ رى ،وك ان األث ر الس لبي األب رز في قط اع النف ط ،وعلى الميزاني ة العراقي ة ال تي
تعتمد على إيرادات النفط بنسب مرتفعة.
خامسًا .التوصيات:
28
أ .عدم االنج رار ،في ال وقت الحاض ر ،إلى دعوات تط بيق الع راق لنظ ام اقتص اد الس وق
بصيغة مشابهه للصيغة المطبقة في النظم االقتصادية السائدة في البلدان الرأسمالية ،بل
اللج وء إلى إش راك الدول ة إلى ج انب آلي ات الس وق ،اذ ان ه ذا من ش أنه أن يخل ق ن وع
من الت وازن داخ ل االقتص اد ،ألن االقتص اد الع راقي لن يس تطيع أن يعتم د على آلي ة
واح دة في ال وقت الحاض ر ،وه ذه االم ر س بق وأن نب ه ل ه اقتص اديون كب ار ككي نز
وآخرون من بعده ،ودعوا إلى زيادة اإلنفاق العام للدولة عن طريق المساهمة في خلق
مجاالت عمل فيما يتعلق بالتشغيل ،اذ أن هذه المجاالت هي التي تتيح الفرص لتقليص
التضخم وزيادة فرص العمل والتقليل من أزمة الركود التي كانت تعاني منها البلدان
التي تمر بأزمات .
ب .إن الطبيع ة الريعي ة لالقتص اد الع راقي ال ذي يعتم د أساس ا على عوائ د الص ناعة
االس تخراجية للنف ط تش كل خلًال سيس تمر لع دة س نوات طالم ا بقى الهيك ل االقتص ادي
للدول ة بص يغته الحالي ة غ ير المتوازن ة ،ل ذلك ت برز هن ا أهمي ة العناي ة بـ (اإلص الحات
االقتصادية) وتبني مناهج إنمائية مدروسة ذات طابع وطني شامل لتمكين العراق من
االنتقال من النظام االقتصادي الذي كان سائدًا زمن النظام السابق إلى اقتصاد السوق
عبر نمط اقتصادي مناسب لطبيعة االقتصاد العراقي باعتبارها مهمة جديرة باالهتمام
وإ حدى المفاصل الرئيسية للتغيير المنشود بعد زوال النظام السابق.
جـ .العم ل بجدي ة من قب ل الق ائمين على السياس ة االقتص ادية في البالد على إيج اد أس اليب
لتنويع مصادر اإليرادات ،فالزال االقتصاد العراقي اقتصاد أحادي الجانب يعتمد على
إي رادات النف ط بنس بة ،%95علي ه ف ان الحكوم ة الي وم م دعوه إلى التوس ع في دعم
القطاع ات االقتص ادية األخ رى مث ل قطاع ات الزراع ة والص ناعة والس ياحة من خالل
الدعم الحكومي لهذه القطاعات.
د .العم ل على إص دار تش ريعات الغرض منه ا حماي ة المنتج الع راقي ،إذ يالحظ أن حدود
الع راق ق د فتحت على مص راعيها أم ام المنتج ات األجنبي ة بع د س قوط النظ ام الس ابق،
وأص بح الع راق مج رد س وق الس تقبال الس لع ،وإ ن ه ذه الظ اهرة انعكس ت س لبا على
المنتج العراقي الذي أصبح ال يقوى على منافسة المنتجات األجنبية من حيث األسعار
والج ودة ،وللح د من ه ذه الظ اهرة ينبغي على الحكوم ة العراقي ة ف رض ض رائب على
السلع األجنبية بما ال يتنافى مع االتفاقات مع صندوق النقد الدولي.
هـ .أن تب ادر وزارة النف ط بزي ادة الق درة التص ديرية للنف ط الخ ام الع راقي للتع ويض عن
انخف اض أس عار النف ط ،إذ بقيت الق درة التص ديرية للع راق بمع دل 1.9ملي ون برمي ل
29
يومي ًا على ال رغم من التخصيص ات االس تثمارية الكب يرة ال تي تحص ل عليه ا وزارة
النفط ،مع العلم إن هذا الرقم ال يتناسب مع مقدار االحتياطي العراقي المضمون.
المصادر:
أوًال .المصادر العربية:
.1د .عباس رشدي العماري ،إدارة األزمات في عالم متغير ،مركز األهرام للترجمة
والنشر ،الطبعة األولى.1993 ،
.2محمد صالح المنجد ،األزمة المالية ،مجموعة زاد للنشر ،الرياض .2008
30
.3د.جواد كاظم البكري ،فخ االقتصاد األميركي ،األزمة لمالية العالمية ،2008
مركز حمورابي للبحوث والدراسات الستراتيجية.2008 ،
.4د .نبيل حشاد ،األزمة المالية العالمية وانعكاساتها علي البنوك العربية ،بحث مقدم
إلي ندوة االتحاد العام االتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبالد
العربية ،بيروت.2008 ،
.5أ.د .رمضان الشراح ،األزمات المالية العالمية أسبابها – آثارها – انعكاساتها على
االستثمار بدولة الكويت ،اتحاد الشركات االستثمارية الكويتية ،الكويت .2008
.6د .جابر جاد عبد الرحمن ،االقتصاد السياسي ،الجزء الثاني ،النقود -االئتمان
والمصارف-النظرية العامة لألتمان-االزمات االقتصادية -التجارة الداخلية
والخارجية ،مطبعة التفيض ،بغداد.1948 ،
.7نبيل نايف حاجي ،فرصة اإلنقاذ قائمة ،المركز العربي للدراسات واالستشارات
المالية والمصرفية،القاهرة.2009،
.8أ.د .مظهر محمد صالح/تداعيات األزمة المالية على االقتصاد العراقي /ندوة
المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية في جامعة بغداد وبالتعاون مع المؤسسة
الوطنية للتنمية والتطوير /بغداد.2008/
.9صحيفة االقتصادية السعودية في .28/12/2008
ثانيًا .المصادر األجنبية:
10. Robert J. Shiller and Robert Pozen, Too Big to Save: How to Fix the
U.S. Financial System, Copyright In Excerpt for Publish, United
States 2009.
11. Financial Market Turmoil Perspective of a Practitioner,وAmer Bisat
Traxis Partners, Beirut, 2008.
12. Impact of the International Financial Crisis on MENA Capital
Markets, Forum on the Current International Financial Crisis:
Implications and Lessons for Arab Region, Beirut, Lebanon, 2008.
13. Financial Crisis Loans, International Monetary Found, March 2009.
14. Arthur Lyon Dahl, The Financial Crisis and Consumer Citizenship,
International Environment Forum, paper presented at the Sixth
International Conference of the Consumer Citizenship Network
Berlin, 23-24 March 2009.
15. Financial Crisis 2008, Weekly Global Economic Overview, Prepared
by USAID Economic Analysis and Data Services under contract
RAN-M-00-07-00004-00
16. James V. DeLong, REGULATORS AND THE FINANCIAL
CRISIS, Convergence Law Institute, United States, April 14, 2008.
31
32