You are on page 1of 18

‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫رئاسة جامعة ديالى‬

‫األزمة المالية الدولية‬


‫و أثرها على االقتصاد العراقي‬
‫‪2008‬‬

‫الدكتور‬
‫محسن حسن علوان‬
‫مدير الدراسات و التخطيط و المتابعة‬

‫خالصة البحث‬

‫‪165‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫إن األزمة المالية التي يعيشها العالم حاليا بدأت أعراضها بالظهور خالل العام الماضي ‪ ،2007‬حينها بدأ‬
‫المختصون بإرسال إشارات تدعو إلى معالجة المشكلة قبل أن تتفاقم‪ ،‬حيث أن البعض منهم تنبأ مسبقا باألحداث التي‬
‫نعاصرها حاليا‪ .‬وتتلخص المشكلة في توجه البنوك والمؤسسات المالية في الواليات المتحدة إلى منح قروض‬
‫عقارية بشكل كبير‪ ,‬ويهدف هذا النوع من القروض إلى تمويل حاجة المقترضين لشراء عقارات على اختالف‬
‫أنواعها‪ .‬يتميز هذا النوع من القروض بالمخاطرة العالية لعدم وجود تدفقات نقدية متوقعة سواء للمقترض أو‬
‫المشروع الممول يمكن للبنك االعتماد عليها كمصدر لسداد القرض‪ ،‬لهذا السبب قامت البنوك برفع سعر الفائدة‬
‫على هذا النوع من القروض من أجل تحقيق أعلى عائد ممكن من القرض ومن أجل تغطية جزء من المخاطر التي‬
‫تندرج تحت هذا النوع من القروض‪.‬‬

‫مع مرور الوقت وكنتيجة الستحقاق سداد هذه القروض‪ ،‬بدأ المقترضون في مواجهة مشكلة عدم المقدرة على‬
‫السداد بسبب ارتفاع قيمة التزاماتهم المصرفية‪ ،‬والذي يعود إلى سعر الفائدة المرتفع بشكل رئيسي‪ ،‬مما دفع جزء‬
‫كبير منهم إلى عرض عقاراتهم للبيع من أجل سداد ديونهم‪ .‬خالل هذه الفترة ارتفعت نسبة العقارات المعروضة‬
‫للبيع إلى حدود غير مسبوقة‪ ،‬وكنتيجة طبيعية للعرض الزائد دون زيادة مقابلة في الطلب بدأت أسعار العقارات‬
‫باالنخفاض‪.‬‬

‫إن الدور األساسي والتقليدي ألي بنك هو قبول الودائع ومنح القروض‪ ،‬حيث يقوم البنك باستقطاب األموال من‬
‫الجهات التي لديها فائض وتوجيهها لألطراف التي لديها عجز‪ ،‬لهذا فإن المصدر الرئيسي ألموال البنك هي ودائع‬
‫األطراف التي لديها فائض والتي تحصل على عائد مقابل إيداع أموالها في البنك‪ ،‬واالستخدام الرئيسي لهذه األموال‬
‫هو القروض‪ .‬من هنا يمكننا أن ندرك بداية األزمة المالية ‪ ،‬حيث أصبحت البنوك تواجه مشكلة سيولة لعدم سداد‬
‫المقترضين ديونهم والتي هي باألساس أموال مودعين‪ ،‬ومع انتشار أنباء األزمات التي بدأت تواجه البنوك بين‬
‫المودعين‪ ،‬زاد إقبال المودعين على سحب ودائعهم لضمان استرداد أموالهم في ظل بيئة متخمة باإلشاعات مما‬
‫عمق مشكلة السيولة لدى البنوك‪ ،‬بل تعدى األمر إلى انهيار بعض البنوك مثل بنك ( ليمان برذرز) والذي يعد رابع‬
‫أكبر بنك استثماري في الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬والذي يبلغ من العمر ‪ 150‬عام‪.‬‬

‫فضال عن أن انخفاض قيمة العقارات التي قامت البنوك بتمويلها زاد من حجم المشكلة‪ ،‬حيث أن قيمة العقار‬
‫أصبحت أقل من قيمة القرض الممنوح‪ ،‬هذه الظروف مجتمعة ساهمت بشكل كبير بتخفيض مقدرة البنوك على‬
‫اإلقراض مما أدى إلى انخفاض كبير في مستوى اإلنفاق االستهالكي واالستثماري‪ ،‬مما زاد من احتمالية حدوث‬
‫كساد إن لم يتم معالجة األمر سريعا‪ .‬هذا السبب إلى جانب محاولة إعادة الثقة للجهاز المصرفي هو وراء قيام‬
‫السلطات المالية في العديد من الدول إلى ضخ مبالغ كبيرة في أنظمتها المصرفية‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫المقدمـــة‬
‫يمر االقتصاد العالمي اليوم في أصعب مراحله منذ سنوات طويلة ‪ ،‬حيث يخوض صراعا حادا مع أزمة المال‬
‫الدولية التي تفجرت منذ شهر آب ‪ ، 2007‬فضال عن أزمة الغذاء الدولية وارتفاع أسعار المواد الغذائية ‪ ..‬إن هذه‬
‫أالزمة نتجت من تضخم اإلنفاق الحكومي في الواليات المتحدة ووجود سيولة مالية كبيرة لدى البنوك مما دفع بها‬
‫إلى التمادي في اإلقراض ‪.‬‬
‫عندما قّدر صندوق النقد الدولي بداية هذا العام ‪ 2008‬خسائر القطاع المالي بأكثر من تريليون دوالر وتوقع تباطؤًا‬
‫حادًا في االقتصاد العالمي‪ ،‬تعرض لالنتقاد واُّتهم بالتشاؤم‪ .‬ولكن مع استمرار الخسائر وازدياد حدة األزمة المالية‪،‬‬
‫أتضح إن الحلول المرتجلة الموقتة التي وضعت السنة الماضية لن تفيد وأن الحل الشامل الذي يعتمد الشمولية في‬
‫معالجة النتائج المباشرة واألسباب الرئيسة للمشكلة هو األمر الوحيد الذي يسمح لالقتصاد في الواليات المتحدة‬
‫والعالم بأن يعود ليؤدي وظيفته في شكل طبيعي‪.‬‬
‫ولكن السؤال هنا ما هو تأثير الصدمة المالية في بقية دول العالم ؟‬
‫لقد بدأت االقتصاديات األوروبية بالتباطؤ في شكل واضح‪ .‬ومع تعرض رؤوس أموال المصارف إلى مزيد من‬
‫الهزات‪ ،‬نتوقع أن تتواصل هذه العملية حتى السنة المقبلة‪ .‬أما األسواق الناشئة فصمدت في وجه األزمة ولكنها‬
‫ممكن أن تتوقف مع نضوب رأس المال وانخفاض أسعار السلع في شكل مفاجئ‪.‬‬
‫فاألزمة المالية التي يشهدها العالم حاليًا هي جزء رئيسي من أزمة اقتصادية أوسع ‪ ،‬بدأت تضرب مختلف‬
‫مكونات وبنى االقتصاد العالمي ‪ ،‬نجمت عن دخول هذه االقتصاديات حالة من الركود التضخمي بعد سنوات من النمو‬
‫المرتفع ‪ ،‬وكانت مشكلة الرهن العقاري من أهم العوامل التي عجلت في حدوثها‪ .‬إلى جانب االرتفاع الكبير وغير‬
‫المبرر في أسعار النفط والغذاء ‪ ،‬ومن العوامل األخرى التي دفعت باتجاه تفاقم األزمة التي نشهد حاليًا بعض‬
‫مظاهرها ‪ ،‬التطورات السريعة في عالم األعمال والتداخالت والتعقيدات التي أصبحت تتسم بها ‪ ،‬األمر الذي خلق‬
‫فرصًا كبيرة لتحقيق أرباح سريعة ‪ .‬فالمطلوب إعادة النظر بالنظام االقتصادي الدولي ليصبح أكثر عدًال ‪ ،‬وإ عادة‬
‫التفكير بالسياسات االقتصادية التي تشجعها بل تفرضها المؤسسات الدولية ‪ ،‬وعلى وجه الخصوص صندوق النقد‬
‫والبنك الدوليان ومنظمة التجارة العالمية ‪ ،‬التي أدت إلى إضعاف دور الدول في تنظيم وإ دارة االقتصاديات الوطنية ‪.‬‬
‫على العموم ‪ ،‬في هذا البحث سنحاول التوصل إلى معرفة أسباب أالزمة المالية ‪ ،‬وانعكاسات تلك أالزمة على‬
‫األسواق المالية العالمية مع محاولة تحليلها اقتصاديا ‪.‬وسنخصص مبحث عن تأثير هذه أالزمة على االقتصاد‬
‫العراقي ‪.‬‬

‫أوال) مشكلة البحث‪:‬‬

‫‪167‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫تتلخص مشكلة البحث في أن سوء إدارة البنوك و المصارف في الواليات المتحدة األمريكية ‪ ،‬قد أدى إلى حدوث‬
‫األزمة المالية ‪ ،‬باإلضافة إلى عدم تدخل الحكومات في ضبط األسواق ‪.‬حيث ن معدل نمو الكتلة النقدية اكبر من‬
‫النمو في المراحل العادية ‪ .‬وبدورنا سوف نقوم بتحديد هذه األسباب وتحديد التوصيات المناسبة لها ‪.‬‬
‫ثانيا) منهجية البحث‪:‬‬
‫إن المنهجية المتبعة في هذا البحث‪ ،‬هوا تباع األسلوب التحليلي واالستقرائي المعتمد على األرقام اإلحصائية‪،‬‬
‫والتجارب المالية السابقة‪.‬‬

‫ثالثا) الهدف من البحث ‪:‬‬


‫‪ -1‬دراسة أسباب األزمة المالية الدولية ‪.‬‬
‫‪ -2‬تداعيات هذه األزمة على المحيط الدولي ‪.‬‬
‫‪ -3‬مدى تأثير هذه األزمة على مفاصل االقتصاد العراقي ‪.‬‬

‫رابعا ) فرضية البحث‪:‬‬


‫‪ -1‬نفترض بان األزمة المالية حدثت بسبب األخطاء المرتكبة في آليات منح القروض قصيرة األجل لقطاع‬
‫اإلسكان في أمريكا وشدة تذبذب تدفقاتها النقدية ‪.‬‬
‫‪ -2‬القروض قصيرة األجل الممنوحة من البنوك الدولية كانت اكبر من احتياطي النقد األجنبي في حكومات تلك‬
‫الدول‪.‬‬

‫خامسا ) المعادالت المستخدمة في البحث ‪:‬‬


‫‪ -1‬المعادلة اإلحصائية للنسب المئوية = الجزء ÷ الكل ‪ .‬كأساس للمقارنات ‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫‪ : 1-1‬األزمات المالية السابقة (عرض عام )‬

‫‪168‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫بهدف إعطاء نظرة عامة ‪ ،‬سنقوم باستعراض أهم األزمات المالية التي تعرض لها العالم تاريخيا لكي نتمكن من‬
‫فهم أسباب األزمة المالية الحالية وتداعياتها ‪:‬‬

‫‪ 1-1-1‬أزمة عام ‪ : 1929‬اعتبر االقتصاديين وخبراء المال إن هذه األزمة جرت وراءها سنوات من التراجع‬
‫االقتصادي والبطالة والبؤس و التي تبعتها الحرب العالمية الثانية ‪ .‬فقد انهارت أسواق البورصة في تشرين األول‬
‫‪ 1929‬بعد انهيار أموال المضاربة‪ .‬فكان ماليين االميركيين قد اشتروا أسهما من أموال االستثمار المسماة(‬
‫‪ )TEUST FUNDS‬والتي انهارت الواحدة تلو األخرى‪ .‬و وخالل شهر تشرين األول ‪ 1929‬انهار مؤشر (داو‬
‫جونز) لبورصة نيويورك بنسبة ‪ %13‬وتبعه انهيار آخر في اليوم التالي بنسبة ‪ .%12‬وفي نهاية تشرين األول‪,‬‬
‫فقد المؤشر نصف قيمته واستمر في الهبوط في األشهر التالية وانخفض إلى أدنى مستوياته في منتصف عام‬
‫‪ 1932‬حيث فقد ‪ %90‬من قيمته نسبة إلى ما قبل األزمة ‪ ,‬مما أوقف المضاربات في البورصة وكانت هذه األزمة‬
‫‪.)1(.............‬‬ ‫اكبر إخفاق في الواليات المتحدة ووصلت هذه األزمة إلى أوروبا‪ ،‬وبدأ تجاوز األزمة عام ‪.1954‬‬

‫‪ 1-1-2‬أزمة عام ‪ : 1987‬في نهاية عام ‪ 1987‬انهارت بورصة وول ستريت بنسبة ‪ %23‬في مؤشر( داو‬
‫جونز) في جلسة واحدة وهي األقوى في ذلك اليوم ولحقتها في ذلك أغلب األسواق العالمية‪ ,‬لكن تفاقم هذا االنهيار‬
‫جاء نتيجة مشكالت في المعالجات المعلوماتية ولم يكن هناك أي مؤشر للخالص‪ ,‬ومع هذا قفزت المؤشرات مجددا‬
‫بسرعة‪ .‬وبعد عامين عاد مؤشر ( داو جونز) إلى مستويات ما قبل االنهيار‪.‬‬

‫‪ 1-1-3‬األزمة اآلسيوية (‪ :)1998-1997‬مرت البورصات العالمية بأوقات عصيبة فجاءت األزمة اآلسيوية‬
‫لعام ‪ 1997‬وتبعتها أزمة ‪ 1998‬وهي انهيار المال الروسي حيث انخفض الروبل بنسبة ‪ %60‬في شهر آب‬
‫‪ 1998‬وذلك خالل أحد عشر يوما وعرفت بذلك روسيا أزمة اقتصادية ونقدية مرتبطة جزئيا باألزمة اآلسيوية لعام‬
‫‪ ,1997‬كما لم تستطع أموال المضاربات االميركية ‪ Ltcm‬تفادي هذا االنهيار‪.‬‬

‫‪ 1-1-4‬أزمة عام ‪ : 2000‬كان عام ‪ 2000‬نهاية االنهيار المالي لالنترنت فقد انتفخت فقاعة المضاربة حول‬
‫قيم البورصات المرتبطة باالنترنت والتقنيات الجديدة وتراجع مؤشر (ناس داك) الذي يجمع سندات االنترنت‬
‫والتكنولوجيات بنسبة ‪ %27‬طيلة األسبوعين األولين من نيسان عام ‪ 2000‬بنسبة ‪ %39,3‬خالل العام وشمل‬
‫‪. )2 (..............‬‬ ‫هذا السقوط جميع األسواق المرتبطة باالقتصاد الجديد‪.‬‬

‫‪ -1-2‬أسباب أالزمــة الماليــة (‪ )2008‬وتداعياتها‬


‫إن حالة الربط بين أالزمة المالية واالقتصاد حالة ال يمكن تجاهلها على مستوى االقتصاد الكلي واالقتصاد الجزئي‬

‫‪169‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪)3(...........:‬‬ ‫‪.‬فاإلشكالية على مستوى االقتصاد الكلي تتمثل في‬


‫تحرير األسواق المالية نتيجة للعولمة وما رافقها من تطور في تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ارتفاع كبير في حجم التدفقات المالية طويلة األمد وفي درجة تذبذبها ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫شدة تذبذب التدفقات المالية قصيرة األجل و التي تتأثر بتوقعات المستثمرين وتسببها في أزمات مالية و‬ ‫‪-3‬‬
‫انتشار هذه أالزمات من خالل ( العدوى المالية ) إلى دول أخرى ‪.‬‬
‫التوسع االقتصادي ‪ Overheating‬مصحوبا بسياسة نقدية توسعية تتمثل بنمو لالقتراض المحلي‬ ‫‪-4‬‬
‫مصحوبا بعملة قوية ‪ . Overvalued‬وفي بعض األحيان وجود تضخم مرتفع مع ارتفاع مديونية‬
‫المصارف غير المدعومة باحتياطي صرف مع انخفاض أسعار األصول ‪.‬‬
‫انخفاض غير متوقع ألسعار الصادرات يؤثر على خدمة ديون المؤسسات وبالتالي ينعكس على أداء‬ ‫‪-5‬‬
‫البنوك ‪ ،‬فضال عن تقلبات أسعار الفائدة في الدول الصناعية والذي أصبح ذات أهمية قصوى في أسواق‬
‫الدول الناشئة مما يعكس اندماج األسواق المالية وعولمة االستثمار ‪.‬‬
‫وفي حالة االقتصاد الجزئي تتمثل األزمة بالعوامل التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم التوافق بين أصول وخصوم البنوك بمعنى وجود التزامات قصيرة المدى مقابل أصول بعيدة المدى أو‬
‫التزامات بالعملة األجنبية مقابل أصول بالعملة المحلية ‪.‬‬
‫‪ -2‬التدخل المفرط للدولة في توجيه مسار القروض ‪.‬‬
‫‪ -3‬ضمانات حكومية قوية وإ جراءات تحفز على المخاطرة ‪.‬‬
‫إذن ما هو المؤشر الذي يمكن التوقع به على حصول أزمة من عدمها ؟‬
‫في هذا المجال فان أقوى مؤشر هو ما وضعه صندوق النقد الدولي ويسمى اإلنذار المبكر ‪Early Warning‬‬
‫‪. System‬ويحدد في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬تحديد نسبة القروض قصيرة المدى إلى االحتياطي األجنبي ‪.‬‬
‫‪ ‬مدى ابتعاد سعر الصرف الحقيقي عن السعر التعادلي ‪.‬‬
‫‪ ‬مستوى العجز في الميزان التجاري ‪.‬‬
‫يعتبر صندوق النقد الدولي إن نسبة القروض قصيرة المدى إلى االحتياطي األجنبي إذا كانت اكبر من الواحد‬
‫الصحيح ‪ .‬هو إنذار واضح بإمكانية نشوب أزمة مالية ‪ .‬أي ‪:‬‬
‫قروض قصيرة المدى ‪ /‬االحتياطي األجنبي > ‪1‬‬
‫إذن األزمات المالية تتكون من أزمة الديون الخارجية وأزمة المصارف وأزمة سعر الصرف‪ .‬فاألزمات‬
‫المصرفية كانت أكثر انتشارا في النصف الثاني من الفترة ‪ 1997-1987‬و التي نجمت عن حملة التحرير‬
‫المالي في نهاية الثمانينات ‪ .‬حيث قاربت تكلفة تلك أالزمات بحدود ‪ %40‬من إجمالي الناتج المحلي اإلجمالي‬
‫‪.‬‬ ‫‪)4(..............‬‬ ‫وبلغت الديون المعدومة نسبة ‪%30‬من إجمالي القروض ‪.‬‬
‫وعلى صعيد أزمة المصارف‪ ،‬مثال في أمريكا قامت البنوك بشطب مـا يزيـد على ‪ 500‬مليـار دوالر من األصـول‬

‫‪170‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫وجمعت رســاميل جديــدة بقيمــة ‪ 200‬مليــار حــتى منتصــف العــام الجــاري‪ ،‬إال أن خســائر ائتمانيــة جديــدة‪ ،‬بــدأت تــبرز‬
‫مؤخرًا مع تراجع قيمة الديون‪ ،‬وهذا أشعل مخاوف المستثمرين من المؤسســات الماليــة الــتي تتحمــل أعبــاء قــروض‪،‬‬
‫وازدادت المخاوف توهجًا بعد إفالس بنك “ليمان” الــذي شــكل صــدمة للمســتثمر الــذي كــان على ثقــة من أن الحكومــة‬
‫األمريكية ستقوم بدعم البنوك الكبرى ومنعها من اإلفالس ‪.‬‬
‫وتمتد األزمة المالية التي تعرضت لها الواليات المتحدة أوال‪ ,‬لتصل إلى قطاع البنوك في أوروبا في األسابيع‬
‫األخيرة‪ ,‬مما يدفع حكومات الدول األوروبية إلى تكثيف جهودها للبحث عن إجراءات اإلنقاذ الطارئة لمنع حدوث‬
‫مزيد من االضطرابات ‪ .‬وبتهديد األزمة المالية من جهة فإن اقتصاد منطقة اليورو يواجه أيضا مشكلة التضخم الذي‬
‫ظل مرتفعا عند مستوى‪. %3.6‬وأظهرت األرقام الرسمية أن اإلنفاق االستهالكي واالستثمارات والصادرات وهي‬
‫المحركات الثالثة الرئيسية في منطقة اليورو قد تراجعت كثيرا في الربع الثاني من العام الحالي منخفضة عن الثالثة‬
‫أشهر السابقة بنسب ‪ %0.2‬و‪ 1%‬و‪ %0.2‬على التوالي ‪.‬‬
‫وقد حذر صندوق النقد في تقريره للربع الثالث من عام ‪ 2008‬من أن أمريكا الالتينية والبلدان التي ربطت‬
‫اقتصادها بالعملة األمريكية ستعاني من تباطؤ االقتصاد العالمي وذلك بسبب أثره المباشر على سوق العمالت ‪.‬‬
‫لقد أدت التوترات وعدم الثقة في أسواق المال إلى زيادة عمليات استرداد األصول من صناديق سوق المال وتفاقم‬
‫ديون المؤسسات المقترضة ‪ ،‬وعليه من المرجح حدوث اندماجات في القطاعات المالية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬

‫‪171‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪ -2-1‬انعكاسات أالزمة المالية الدولية‬

‫شهدت أالزمة المالية األخيرة تقلبات و " تذبذبات " حادة عانت منها األسواق المالية العالمية‪ .‬ففي بداية األزمة‬
‫اهتزت أسواق المال والبورصات العالمية على مدى يومين متتاليين بفعل مخاوف أن تنتقل مشاكل القطاع العقاري‬
‫األمريكي إلى بقية أسواق العالم‪ .‬وفي هذا السياق تراجع مؤشر (‪ )MSCI‬لألسهم العالمية بأكثر من ‪ ،% 6‬األمر الذي‬
‫شطب معه أكثر من تريليوني دوالر (‪ 2000‬مليار) من القيمة اإلجمالية السوقية لألسهم العالمية والتي تقدر بنحو ‪35‬‬
‫دوالر‪. )5(........‬‬ ‫تريليون‬
‫إن هذه األرقام‪ ،‬على أهميتها اإلجمالية‪ ،‬ال تعطي صورة كاملة من دون اإلطالع على حركة " التذبذبات " على‬
‫مستوى البلدان أو مجموعات البلدان‪ .‬فعلى سبيل المثال كان االنخفاض في قيمة األسهم والسندات في بورصة‬
‫نيويورك قد بلغ مليارات الدوالرات بعد أسبوع من أسوأ ما حل باألسواق منذ عام ‪ .2003‬وأطلق العديد من المحللين‬
‫على يوم الخميس الذي اندلعت فيه هذه األزمة بـ "خميس أسود جديد" حيث انهارت األسواق المالية بشكل كبير فقد‬
‫خسر مؤشر " داو جونز" قرابة ‪ 311‬نقطة فقط في ذلك اليوم وما يقارب ‪ 400‬نقطة خالل األسبوع‪ .‬كما انخفض‬
‫مؤشر( ستاندارد أند بورز( قرابة ‪ 60‬نقطة خالل األسبوع‪ .‬وتلقت مؤشرات األسهم األمريكية هذه الضربات وسط‬
‫مؤشرات على استمرار التدهور في سوق اإلسكان وارتفاع أسعار النفط ومخاوف بشأن التمويل‪.‬‬
‫ومن جهتها أقفلت طوكيو‪ ،‬ثاني بورصات العالم‪ ،‬على انخفاض كبير بلغ‪ %2.36‬وقد تراجع مؤشر (نيكاي‪)225‬‬
‫ألسهم ‪ 225‬شركة كبرى ‪ 418.28‬نقطة ليبلغ أدنى مستوى له منذ الثاني من آيار الماضي‪.‬‬
‫كما انخفضت األسهم األوروبية في بداية المعامالت مواصلة الهبوط الحاد الذي شهدته في اليوم السابق مع إقبال‬
‫المستثمرين على البيع في األسواق العالمية وتزايد عزوفهم عن المخاطرة‪ ،‬فقد منيت تلك األسهم بأكبر خسارة ليوم‬
‫واحد في أكثر من أربعة أشهر وسط تجنب للمخاطرة أوقد شرارته تدهور مناخ تمويل عمليات االستحواذ ومخاوف‬
‫بشأن اإلسكان األمريكي أيضا ‪.)6(...........‬‬
‫وبالمقابل انخفضت األسهم في بورصتي الصين بشدة لحظة اندالع األزمة متأثرة باالتجاه العالمي الذي قادته األسهم‬
‫األمير كية‪ ،‬حيث تراجع مؤشر «هانغ سينغ» القياسي لبورصة هونغ كونغ بنسبة ‪ % 3.15‬أو بمقدار ‪ 730‬نقطة‬
‫تقريبا ‪.‬‬
‫أما على مستوى العالم العربي فلم تنجو مثال األسواق الخليجية من هذا االنحدار أيضا‪ .‬فعلى سبيل المثال تراجعت‬
‫أسهم السوق السعودية إلى المستوى األدنى في ستة أشهر‪ .‬كما تراجعت أسواق أبو ظبي ودبي وقطر والبحرين‪.‬‬
‫إن ما يثير االنتباه هو أن االنخفاض الحاد في البورصات العالمية جاء على الرغم من اإلعالن عن نمو شهده‬
‫االقتصاد األمريكي خالل الربع الثاني من عام ‪ )%3.4( 2007‬مقارنة بالربع األول لنفس السنة (‪ .)%0.7‬ولم ينجح‬
‫تقرير أظهر نمو االقتصاد األمريكي بإيقاع أسرع من المتوقع في الربع الثاني من العام الحالي واعتدال التضخم في‬
‫تهدئة المخاوف المتزايدة من أن التدهور في السوق العقارية مرتفعة المخاطر ربما يضرب غيرها من القطاعات‬
‫المالية‪ ،‬مما يعني أننا أمام أزمة ليست عابرة وخاصة بمجال التداول‪ ،‬بل نحن أمام عناصر أزمة تعمل في حقل اإلنتاج‬
‫‪172‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫لكنها تعبر عن نفسها في حقل التداول‪.‬‬


‫من اثر شدة األزمة ‪ ،‬لم يمضي أكثر من أسبوع على الهزة األولى حتى عاودت األزمة ظهورها من جديد‪ .‬ابتدءا من‬
‫يوم ‪ 10/8/2008‬واصلت أسعار األسهم في األسواق العالمية هبوطها الحاد في التعامالت األولى من صباح هذا اليوم‬
‫وذلك بعد يوم واحد من تعُّر ض األسواق األوروبية واألمريكية لخسائر فادحة وسط مخاوف من تفاقم المشاكل في‬
‫أسواق االئتمان التي تهدد بركود االقتصاد العالمي في حال استمرارها‪ .‬فقد هبط مؤشر داو جونز الصناعي ألسهم‬
‫الشركات األمريكية الكبرى ‪ 387.18‬نقطة أي ما يعادل ‪ .% 2.83‬كما خسر مؤشر( ستاندرد أند بورز ‪ 500‬األوسع‬
‫نطاقا) ‪ 44.40‬نقطة أو ‪ .% 2.96‬ويعد هذا اكبر نسبة هبوط للمؤشرين منذ ‪ 27‬من شباط ‪ 2007‬وبالمقابل خسر‬
‫مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا ‪ 56.49‬نقطة أو ‪%2.16‬من قيمته‪.‬‬
‫أما في أوروبا‪ ،‬فقد هبطت أسعار األسهم بشكل حاد في بادئ األمر في كل من بورصات لندن وباريس وفرانكفورت‪،‬‬
‫وسجلت مؤشرات األسهم عبر القارة األوروبية انخفاضا أوليا بلغ أكثر من ‪ ،%2‬قبل أن تعاود إلى الصعود بشكل‬
‫طفيف في وقت الحق‪.‬‬
‫وفي اليابان شهدت أسعار األسهم يوم ‪ 10/8/2008‬هبوطا بلغ حوالي ‪ .%3‬بسبب إقبال المستثمرين على بيع‬
‫أسهم الشركات المالية‪ ،‬في حين عمد مستثمرون آخرون إلي بيع أسهم شركات سجلت مكاسب قوية مؤخرا في محاولة‬
‫لجني األرباح‪.‬‬
‫وفي محاولة الحتواء الهبوط الذي شهده األسواق األوروبية لجأ المصرف المركزي األوروبي إلى ضَّخ مبلٍغ قياسي‬
‫قدره (‪ )94.8‬مليار يورو في األسواق النقدية في منطقة اليورو لتعويض التعامالت غير المتوقعة في السوق‬
‫المرتبطة بأزمة القروض المرتفعة المخاطر‪ .‬ومن الجدير ذكره أن المصرف المركزي األوروبي يلجأ لمثل هذا اإلجراء‬
‫عندما تشهد األسواق عدم توازن أو استقرار‪ .‬وشبه أحد المحللين الماليين عملية ضخ األموال من طرف المصارف‬
‫‪)7(.................‬‬ ‫المركزية بالدم الذي يحتاجه القلب كي تتواصل الحياة‬
‫لم تنتهي األزمة رغم عمليات التصفية القوية التي عصفت بالنظام النقدي العالمي خالل األسبوعين األخيرين من‬
‫شهر آب ‪ ، 2008‬وما زالت تهدد بشكل مباشر البني االقتصادية والمالية على مستوى الدول الصناعية وعلى‬
‫المستوى العالمي‪ .‬ورغم التدخل المشترك والمتزامن للعديد من الحكومات والمؤسسات النقدية األمريكية واألوروبية‬
‫واليا بانية وضخ ما يزيد حتى اآلن عن ‪ 150‬مليار يورو كسيولة نقدية في آلية المعامالت المصرفية العالمية لتجنب‬
‫مزيد من التوتر في أسواق المال ‪ .‬فان خبراء الشؤون النقدية يجمعون على استمرار الطابع الخطير لالزمة الحالية‬
‫‪.)8(0.............‬‬ ‫ويتوقعون موقفا دقيقا وربما حاسما خالل الفترة القصيرة القادمة‬
‫واستنادا إلى (ألفين أروجو) أحد الباحثين في شركة " يوني كابيتال سيكيوريتيز " لألوراق المالية فإن من المتوقع‬
‫أن تظل عمليات التداول " متقلبة " خالل فترة أسبوع مع سير البورصة المحلية على نهج سوق وول ستريت‪ .‬وأضاف‬
‫" األسواق تتخذ حركتها من الواليات المتحدة "‪ ،‬مشيرا إلى أن " هناك تأثيرا للعدوى ألن العمليات الضخمة التي تجرى‬
‫في البورصات اآلسيوية تتم من جانب مستثمرين عالميين "‪ .‬وأضاف أنه " إذا ما تراجعت السوق األمير كية فإن‬

‫‪173‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫المستثمرين األجانب سوف يفترضون عادة وجود مخاطر أكبر في األسواق الناشئة"‪.‬‬

‫‪ -2-2‬التحليل االقتصادي لالزمة‬


‫إن الكشف عن خصوصية األزمة الحالية التي اندلعت وما زالت مستمرة يستدعي ضرورة تفسيرها من خالل تحديد‬
‫أسبابها بشكل صحيح‪ .‬فعلى صعيد األزمة االقتصادية التي يمر بها االقتصاد الرأسمالي يمكن القول أن الخاصية‬
‫المميزة في هذا المجال هي االختالف الجذري بين تلك المدارس في تفسير أسباب األزمة وتحديد الحقل الذي تندلع فيه‬
‫في عملية إعادة اإلنتاج الرأسمالية‪ .‬وهنا يمكن تمييز اتجاهين أساسيين هما‪:‬‬

‫االتجاه األول ‪ :‬الذي يعتبر حقل التبادل والتغيرات والتطورات الحاصلة فيه بمثابة مصدر ومنبع األزمة االقتصادية ‪.‬‬
‫أن هذا االتجاه يرى األزمة االقتصادية بكونها أزمة تحقيق فائض القيمة باعتبار أن القانون االقتصادي األساسي‬
‫للرأسمالية هو تعظيم فائض القيمة وتحقيق أقصى األرباح‪.‬‬

‫االتجاه الثاني‪ .:‬يقوم بتعميم النتائج التي يمكن الحصول عليها من تحليل التطورات الحاصلة في حقل اإلنتاج‬
‫ويستخدمها كأداة معرفية – تحليلية لدراسة التطورات في مجال التداول وبحث العالقات المتبادلة ذات الطابع الجدلي‬
‫العام وليصل في نهاية األمر إلى تشخيص األزمة بأنها أزمة بنيوية الطابع‪ .‬إن هذا االتجاه يعتقد أن األزمة هي أزمة‬
‫إنتاج فائض القيمة‪ .‬غير انه في إطار هذا االتجاه هناك العديد من االقتصاديين يؤكدون على ضرورة أن يدخل في تحليل‬
‫المظاهر الجديدة في تدويل عملية اإلنتاج والدور المتعاظم للشركات االحتكارية الدولية النشاط في االقتصاد الرأسمالي‬
‫واألسواق المالية وما تشهده من " تذبذبات " وعدم االقتصار في تحديد أسباب األزمة االقتصادية الراهنة على المخطط‬
‫الكالسيكي لتراكم رأس المال ‪.)9(.....................‬‬
‫إن التراكم الفائض ال يتضح اليوم بشكل وجود قدرات إنتاجية ال تعمل بكامل طاقتها في القطاعات التي تصيبها‬
‫األزمة فحسب‪ ،‬بل ويشكل رأسمال نقدي فائض نسبيا في الفروع النامية بصورة ديناميكية‪ .‬وهكذا تتشابك أزمات‬
‫اإلنتاج الدورية مع األزمة في المجال التسليف المالي‪ .‬فالفائض النسبي في تراكم رأس المال النقدي يفوق بنسبة‬
‫متزايدة التوظيفات المباشرة في " رأس المال المنتج " أي تلك المؤسسات التي تنتج القيم المادية و " تنتج " فائض‬
‫القيمة‪ .‬هكذا إذن ينمو راس المال النقدي‪ ،‬بما في ذلك رأس المال الوهمي‪ ،‬وتتعاظم مواقع المؤسسات المالية والنقدية‬
‫النقدي‪.‬‬ ‫بما فيها البورصات والبنوك العمالقة ذات الطبيعة االحتكارية‪ ،‬مما يعزز الطبيعة الطفيلية لرأس المال‬

‫‪174‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪ 2-3‬األسباب الحقيقية وراء أالزمة‪:‬‬


‫إن التحليل الصحيح (الزمة األسواق المالية العالمية) والذي يوصلنا إلى ان " التذبذبات " الحادة التي عاشتها‬
‫أسواق المال والبورصات العالمية على مدى األيام األخيرة إلى جملة من األسباب وليس إلى عامل واحد من جهة‪ ،‬وهي‬
‫من جهة ثانية ليست نتاج التناقضات الحاصلة في حقل التداول فقط وإ نما هي امتداد لما ما يعاني منه حقل اإلنتاج من‬
‫تناقضات كامنة مرة وظاهرة مرة أخرى‪ .‬ومن هنا يمكن اإلشارة إلى جملة أسباب تفسر األزمة التي عاشتها األسواق‬
‫المالية العالمية خالل الفترة الماضية‪ ،‬من بينها ‪)10(..... :‬‬
‫‪ -2-3-1‬التباطؤ في وتائر نمو قطاع اإلسكان في الواليات المتحدة‪ .‬حيث أشار تقرير مبيعات المنازل القديمة في‬
‫الواليات المتحدة إلى تراجع في عدد المنازل المباعة خالل شهر حزيران ‪ 2008‬لتبلغ ‪ 5.750‬مليون منزل في مقابل‬
‫‪ 5.990‬مليون منزل خالل أيار من نفس العام‪ .‬في حين بلغت مبيعات المنازل الجديدة لشهر أيار الماضي ‪915000‬‬
‫منزل‪ ،‬مما يعني أن مسلسل التباطؤ في قطاع اإلسكان مستمر خالل هذا العام‪ .‬وهذا يعني أن المشكالت القائمة في‬
‫سوق القروض العقارية األمريكية أثارت مخاوف المستثمرين‪ .‬فخالل السنوات السابقة كانت هناك حالة من االنتعاش‬
‫في أرباح الشركات وأسعار المنازل‪ .‬وكان من بين العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا االنتعاش‪ ،‬انخفاض سعر‬
‫الفائدة‪ ،‬مما أدى إلى انخفاض تكلفة االقتراض بالنسبة لألفراد وبالنسبة أيضا للشركات‪ ،‬لتمويل عمليات االستثمار‬
‫وشراء العقارات‪ .‬غير أن األشهر األخيرة شهدت ضعفا ملحوظا في أداء االقتصاد األمريكي وبالتالي بروز مشكالت في‬
‫سوق القروض العقارية األمريكية مما أثار مخاوف المستثمرين‪ .‬وقد أدى هذا الوضع إلى اهتزاز أسواق المال‬
‫والبورصات العالمية نتيجة مخاوف من أن تنتقل المشكالت التي يعاني منها القطاع العقاري األمريكي إلى بقية أسواق‬
‫العالم‪ .‬وارتباطا بذلك يبدو أن عهد القروض الرخيصة انتهى‪ ،‬إذ أن البنوك المركزية في اقتصاديات هامة تقوم برفع‬
‫أسعار الفائدة‪ ،‬مثل بنك إنكلترا والبنك المركزي األوروبي‪.‬‬
‫‪ -2-3-2‬وجود مخاوف من أن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى انخفاض األرباح التي تحققها الشركات الكبيرة‪ ،‬كما‬
‫ستضر بالصفقات الكبيرة التي تتعلق بشراء شركات عمالقة لشركات أصغر‪ ،‬وتضر بالقدرة الشرائية‪ .‬ويخشى‬
‫المستثمرون من أن تكون حقبة القروض الميسرة لتمويل صفقات شراء الشركات قد انتهت‪.‬‬
‫‪ -2-3-3‬االرتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط خالل الفترة الماضية الذي ينعكس في ارتفاع تكلفة الطاقة‬
‫وبالتالي ارتفاع مستويات األسعار بشكل عام‪ ،‬مما يؤدي إلى ارتفاع معدالت التضخم‪.‬‬
‫‪ -2-3-4‬وجود قلق في األسواق من أن رفع معدالت الفائدة‪ ،‬في ظل مساعي البنوك المركزية لكبح جماح التضخم‪،‬‬
‫سيؤدي إلى زيادة تكلفة االقتراض وبالتالي انخفاض أرباح الشركات‪ ،‬األمر الذي انعكس على أسعار األسهم‪.‬‬
‫‪ -2-3-5‬التراجع الذي شهده سعر العملة اليابانية ( الين) مقابل الدوالر والذي يؤثر على المصّدرين اليابانيين‪،‬‬
‫وسط مخاوف من أزمة سياسية في اليابان بعد انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت في تموز ‪ 2008‬أثرت على‬
‫‪175‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫معنويات المستثمرين في طوكيو‪.‬‬

‫وهنا قد تحقق الفرض األول من البحث ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫‪ 3-1‬آثار األزمة المالية الدولية‬
‫على االقتصاد العراقي‬
‫قبل إلقاء الضوء على آثار األزمة المالية الدولية على االقتصاد العراقي ‪ ،‬علينا تحليل ميزانية العراق لعامي‬
‫‪ 2008‬و ‪ 2009‬والتي أقرت من قبل السلطات المالية العراقية ‪ ،‬وكذلك مساهمة بعض القطاعات في الناتج المحلي‬
‫اإلجمالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ميزانية العراق ‪:‬‬
‫__________‬
‫‪ -1‬ميزانية عام ‪ : 2008‬لقد تم إعداد الميزانية باالعتماد على موارد النفط المصدر الوحيد لها ‪ ،‬ومعلوم إن‬
‫إنتاج النفط العراقي بلغ (‪ )2.1‬مليون برميل ‪ /‬اليوم وحسب أسعار عام ‪ 2008‬والتي تجاوزت (‪)100‬‬
‫دوالر للبرميل الواحد ‪ ،‬بلغت تخصيصات الميزانية بضمنها التكميلية للعام المذكور (‪ )70‬مليار دوالر ‪.‬‬
‫وزعت كآالتي ‪:‬‬

‫النسبة‬ ‫المبلغ المخصص‬ ‫البنـــــود‬


‫‪30%‬‬ ‫‪ 21‬مليار دوالر‬ ‫التخصيصات االستثمارية‬
‫‪70%‬‬ ‫‪ 49‬مليار دوالر‬ ‫التخصيصات التشغيلية‬
‫‪100%‬‬ ‫‪ 70‬مليار دوالر‬ ‫إجمالي الميزانية‬
‫من الجدول أعاله نالحظ ‪ ،‬بان بند التخصيصات التشغيلية استحوذ على أعلى نسبة من إجمالي الميزانية وهي‬
‫‪ %70‬والتي تمثل في معظمها مصاريف الرواتب واألجور للعاملين في قطاع الدولة ‪ ،‬في حين شكل بند‬
‫التخصيصات االستثمارية نسبة ‪ %30‬وهذا التخصيص معطل ال يمكن إنفاقه بسبب الوضع األمني المتردي الذي‬
‫ال يسمح للمستثمرين باالستثمار داخل العراق ‪ .‬األمر الذي يدلل على هشاشة االقتصاد العراقي ‪.‬‬
‫‪ -2‬ميزانية عام ‪ : 2009‬والتي تم إعدادها باالعتماد على أسعار النفط التي هبطت إلى ‪ 80‬دوالر للبرميل‬
‫الواحد ‪ ،‬حيث تم تخصيص مبلغ ‪ 80‬مليار دوالر للميزانية المذكورة توزعت كما يلي ‪:‬‬

‫النسبة‬ ‫المبلغ المخصص‬ ‫البنـــــود‬


‫‪20%‬‬ ‫‪ 20‬مليار دوالر‬ ‫التخصيصات االستثمارية‬
‫‪176‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪80%‬‬ ‫‪ 60‬مليار دوالر‬ ‫التخصيصات التشغيلية‬


‫‪100%‬‬ ‫‪ 80‬مليار دوالر‬ ‫إجمالي الميزانية‬
‫المصدر لكلا الميزانيتين ‪ :‬وزارة التخطيط والتعاون اإلنمائي ‪ /‬الجهاز المركزي لإلحصاء وتكنولوجيا المعلومات ‪ ،‬عام ‪. 2008‬‬

‫إال أن هذه الميزانية قد تم تعديلها (استنادا إلى تصريح وزير المالية العراقي من الفضائيات بتاريخ‬
‫‪ ) 31/10/2008‬لتصبح من ‪ 80‬مليار دوالر إلى ‪ 67‬مليار دوالر ‪ ،‬باعتماد سعر النفط ‪ 62‬دوالر للبرميل‬
‫الواحد وبإجمالي إنتاج قدره ‪ 2‬مليون طن ‪ /‬اليوم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الناتج المحلي اإلجمالي ‪GDP‬‬
‫ومن المؤشرات المهمة في إعطاء الصورة عن قوة االقتصاد هو مؤشر لناتج المحلي اإلجمالي باألسعار الجارية‬
‫والذي ساهمت فيه القطاعات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬ساهم القطاع العام بنسبة ‪. %70.3‬‬
‫‪ -2‬ساهم القطاع الخاص بنسبة ‪.%29.7‬‬
‫‪ -3‬اما قطاع الزراعة وهو قطاع خاص فكانت مساهماته متواضعة وكما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬عام ‪ 2002‬ساهم بنسبة ‪ %8.5‬في الناتج المحلي اإلجمالي ‪.‬‬
‫‪ -‬عام ‪ 2006‬ساهم بنسبة ‪. %5.8‬‬
‫‪ -‬عام ‪ 2007‬ساهم بنسبة ‪.%5.0‬‬
‫‪ -4‬أما قطاع النفط فقد ساهم عام ‪ 2002‬بنسبة ‪ %70‬في الناتج المحلي اإلجمالي ‪ ،‬في حين هذه المساهمة قد‬
‫‪.)11 (..................‬‬ ‫انخفضت لتصل إلى نسبة ‪. %55‬‬
‫إن ما يهدد بانعكاس آثار األزمة المالية العالمية على االقتصاد العراقي هو ‪:‬‬
‫ركود االقتصاد الغربي الذي من شأنه أن يؤثر سلبيا على أسعار النفط العالمية ‪،‬‬
‫إذ يعتمد العراق وبشكل كبير على عائداته النفطية‪.‬و أهم ما يمكن أن ينتقل من‬
‫انعكاسات األزمة على الواقع االقتصادي العراقي هو ركود اآللة االقتصادية‬
‫والصناعية الغربية وما يتمخض عن الركود عادة من انخفاض في الطلب على‬
‫الطاقة وخاصة النفط الخام بما يؤثر سلبيا على أسعار النفط في السوق‬
‫العالمية‪ .‬وبما أن الناتج المحلي اإلجمالي في العراق يعتمد على عوائد النفط‬
‫بحدود ‪ %80‬فان ذلك سيؤدي إلى انتقال األزمة المالية إلى العراق‪ .‬أن اآلثار‬
‫األخرى التي ستنتقل من خالل قنوات العولمة تتمثل بأسهم أسواق المال في‬
‫العراق والمنطقة ‪ .‬أن العدوى أخذت تنتقل بسرعة‪ ،‬والحلول ليست بمتناول‬
‫العراق ألنه متلقي للصدمة ليس إال‪ ،‬بل تكمن في البلدان التي انطلقت منها‬
‫األزمة‪.‬‬
‫وبخصوص الوسائل الكفيلة بتجنب آثار هذه األزمة أو حتى تخفيفها ‪ ،‬هو أن‬
‫يعيد البنك المركزي العراقي النظر بسياساته التي اتبعها ألكثر من سنتين‬
‫وخاصة رفعه نسبة الفائدة والتي بلغت ‪ %16‬على الرغم من ارتفاع معدالت‬

‫‪177‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫البطالة والركود في االقتصاد العراقي‪.‬‬


‫إن االقتصاد العراقي يعاني أصال من اختالالت هيكلية واضحة وكل ما يحتمل أن‬
‫يخسره في هذه المرحلة سيكون من خالل تأثره بأسعار النفط في السوق‬
‫العالمية جراء نقص السيولة وتقلب قيمة الدوالر ‪ ،‬مما يؤدي إلى تباطؤ معدالت‬
‫النمو المتحققة عن طريق القطاع النفطي‪ .‬إن هذه اإلشكالية ولدها االحتالل عام ‪ 2003‬حيث‬
‫جاء بالمشروع االقتصادي لسلطة االحتالل ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إعادة توزيع إجمالي للموارد واألشخاص بإبعادهم عن سيطرة الدولة إلى المؤسسات الخاصة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعزيز التجارة الخارجية‪.‬‬
‫‪ -3‬حشد رأس المال المحلي واألجنبي‪.‬‬
‫‪ -4‬فتح األبواب أمام االستثمارات األجنبية من رؤوس األموال والتقنيات اإلدارية والتكنولوجيات الحديثة‪ .‬ويتطلب‬
‫ذلك (تشجيع الوصول إلى كل هذه الموارد للمستثمرين المحليين بمنحهم حرية التبضع في األسواق العالمية وأمام‬
‫المستثمرين األجانب ذوي الخبرات في مجاالت محددة)‪.‬‬
‫‪ -5‬ربط (اإلصالح المحلي باإلصالح العالمي)‪.‬‬
‫حيث إن هذا المشروع لم يسهم في تقديم حلول جذرية لالزمة االقتصادية بل فاقمها وعمق تناقضاتها‪ ،‬وكأنه حاول‬
‫أن يطبق عناصر نظرية"الفوضى المنظمة"على االقتصاد هذه المّر ة‪ .‬فقراءة سريعة لهذا المشروع تتيح االستنتاج‬
‫وبّينت‬ ‫بأن هذه السلطة ظلت تتصرف بمفردها وتسعى إلى فرض الخصخصة كاملة في االقتصاد العراقي‪.‬‬
‫التجربة الملموسة إن هذا االتجاه يتعارض مع واقع وحاجات االقتصاد والمجتمع العراقي‪ .‬ويمكن القول أن نهج‬
‫الليبرالية الجديدة المنطوي تحت الشعار الباذخ‪ :‬الخصخصة دون قيد أو شرط‪ ،‬الذي مارسه بريمر وانفراده بالشأن‬
‫‪.)12(...................‬‬ ‫االقتصادي أدى إلى جملة من النتائج نجملها بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إعاقة تطور االقتصاد العراقي؛ وإ غراق األسواق المحلية بالسلع األجنبية‪.‬‬
‫‪ -2‬تحريم البرجوازية الوطنية الصناعية والبرجوازية الصغيرة والحرفية من النمو وتحقيق التراكم الرأسمالي‬
‫الوطني المطلوب‪.‬‬
‫‪ -3‬تقليص إمكانية تنشيط تنمية وتوسيع عملية إعادة اإلنتاج الموسع في االقتصاد العراقي‪.‬‬
‫‪ -4‬إعاقة إيجاد فرص عمل جديدة للعاطلين‪ ،‬بل واالسوء من ذلك أفضى إلى تعاظم مدّيات البطالة بوتائر غير‬
‫مسبوقة‪.‬‬
‫‪ -5‬إبقاء المجتمع معتمدًا على إيرادات النفط الخام وعلى استيراد السلع المختلفة من الخارج وبالتالي اإلسهام في‬
‫إعادة إنتاج البنية المشوهة واألحادية الجانب لالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫‪ -6‬تقليص إمكانيات تغيير البنية االجتماعية المتخلفة وتعطيل أسباب رفع مستوى الوعي االجتماعي في البالد‪.‬‬
‫والمحصلة‪ ،‬أن هذا المشروع بدال من أن يساعد على تجاوز المشكالت الفعلية فإنه أسهم في تعميق األزمة‬
‫البنيوية‪ ،‬ونقلها إلى مدّيات جديدة‪ ،‬وفاقم تناقضاتها المتوترة دومًا‪.‬‬
‫إن المالحظات السابقة تؤكد المسعى الحثيث والجامح لسلطة االحتالل والقوى المرتبطة بمشروعها االقتصادي إلى‬

‫‪178‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫تبني سياسات تستهدف خلق األرضية المناسبة لتطور رأسمالي تابع‪ ،‬يتيح اندماج االقتصاد العراقي باالقتصاد‬
‫الرأسمالي العالمي ومراكزه المتقدمة‪ ،‬ويعيد إنتاج هذه العالقة من دون عوائق‪ .‬وقد عّبرت السياسات االقتصادية‬
‫لسلطة االحتالل عن"مشروع اقتصادي"آخر‪ ،‬ينطلق من المصالح اإلستراتيجية واإليديولوجية اليمينية للمحافظين‬
‫الجدد في اإلدارة األمريكية‪ ،‬التي تعمل في اتجاه الهيمنة على االقتصاد العالمي‪ .‬ويمكن مالحظة هذا التوجه في‬
‫مفهوم"إعادة األعمار"الذي روجت له سلطة االحتالل كمفهوم هندسي خاٍل من أية مضامين اجتماعية‪ -‬اقتصادية‪،‬‬
‫بدال عن مفهوم التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫المبحث الرابــع‬
‫االستنتاجات والتوصيات‬

‫‪ 4-1‬استنتاجات الباحث ‪:‬‬

‫من المرجح أن يكون لهذه األزمة تأثير كبير ليس فقط على هيكل النظام‬
‫الدولي وموازين القوة فيه ولكن أيضا على مستقبل النظام الرأسمالي نفسه‪.‬‬
‫ويمكننا أن نستنتج من خالل قراءتنا لالزمة ما يلي ‪:‬‬

‫‪ 4-1-1‬يبدو أن الخطر الفعلي يكمن حاليا في أن تستمر تفاعالت األزمة العقارية األمريكية في التأثير على‬
‫أسواق المال وتحوله إلى أزمة نقدية يصعب التحكم فيها بوسائل تقليدية داخل أسواق المال التي تخشى أزمة سيولة‬
‫وما قدي ترتب عنها من انهيار لالسم والسندات‪.‬‬
‫‪ 4-1-2‬وبالرغم من أنه من المبكر جدا إجراء أي تقييم لآلثار التراكمية لالزمة الحالية‪ ،‬غير انه يمكن االستنتاج‬
‫بأنه سيكون لهذه األزمة آثار بعيدة المدى على قطاعات مختلفة‪ .‬ونظرا الن القانون المنظم للتطور الحالي هو قانون‬
‫التطور المتفاوت فانه يمكن االستنتاج أن تكاليف األزمة الحالية ستوصلنا إلى موجة انكماش جديدة ‪.‬‬
‫‪ 4-1-3‬هناك قلق كبير بسبب انخفاض قيمة الدوالر ‪ ،‬ألن انخفاض قيمة الدوالر أمام العمالت الرئيسية من ناحية‬
‫سيؤدي إلى خلل في الميزان التجاري ما بين الواليات المتحدة األمير كية والدول الكبرى مثل االتحاد األوروبي‬
‫واليابان والصين لصالح الواليات المتحدة األمير كية من ناحية‪ ،‬من ناحية أخرى لكون هناك عولمة مالية وانفتاح‬
‫األسواق المالية على بعضها البعض فمن الطبيعي أن تتأثر المؤسسات المالية فيها ‪.‬‬
‫‪ 4-1-4‬أن األسواق الناشئة ستتأثر بهذه األزمة ‪ ،‬لكن تأثيرها سيختلف من دولة إلى دولة ومن منطقة إلى منطقة‬
‫تبعا لدرجة انفتاحها على االقتصاد العالمي وانخراطها في األسواق المالية‪.‬‬
‫‪ 4-1-5‬بالنسبة القتصاد العراقي فان تأثير أالزمة عليه يكمن في أسعار النفط المصدرة ‪ ،‬حيث أن أي انخفاض في‬
‫أسعار النفط يؤثر سلبا في ميزانية العراق وفعال فان ميزانية عام ‪ 2009‬كان مخصص لها ‪ 80‬مليار دوالر أمريكي‬

‫‪179‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪ .‬تم تعديل هذه الميزانية جراء انخفاض أسعار النفط لتصبح تخصصيصاتها اإلجمالية بمبلغ ‪ 67‬مليار دوالر على‬
‫أساس سعر البرميل الواحد من النفط سيصبح ‪ 62‬دوالر أمريكي ‪.‬‬
‫‪ 4-1-6‬أما مدى تأثر المواطن العراقي جراء هذه األزمة فيكمن أوال في قلة إيرادات العراق من العملة الصعبة‬
‫نتيجة انخفاض تصدير المنتجات النفطية ‪ ،‬يضاف إلى ذلك زيادة أسعار السلع المستوردة ‪ ،‬وكذلك زيادة المواد‬
‫المستوردة الداخلة في صناعة المنتجات المحلية ‪ ،‬فضال عن تقليل الرواتب ‪.‬‬

‫‪ 4-2‬التوصيـــــات‬
‫أ‪ -‬اطرح بعض األفكار المستنبطة من المشكالت المالية السابقة التي مر بها العالم علها تسهم في بعض من‬
‫الحلول ‪:‬‬
‫‪ -1‬على مستوى أمريكا التي انبعثت منها المشكلة ‪ ،‬من الممكن أن تقوم الحكومة بتقديم قروض للمصارف التي‬
‫تعاني من مصاعب‪ ،‬بحيث تسمح لها بعرض مستنداتها التجارية الُم عرضة للخطر الخاصة بديون الرهن‬
‫العقاري باعتبارها إضافية‪ .‬من شأن ذلك السماح للمصارف بالوصول إلى النقد الذي تحتاجه بشدة بأسعار‬
‫فائدة مغرية تحددها الحكومة‪.‬‬
‫‪ -2‬إمكانية إنشاء صندوق تقتصر عمليات شرائه على األوراق المالية واألصول األخرى الُم ربحة‪ .‬ويساعد‬
‫تأسيس صندوق استثماري بـ‪ 700‬مليار دوالر المقترحة من قبل الحكومة األمريكية في بث النشاط مجددًا‬
‫في تجارة األوراق المالية المرتبطة بالرهن العقاري‪ ،‬وتحفيز أسواق االعتمادات المصرفية من خالل إشراك‬
‫الحكومة الفدرالية كمستثمر جديد يتمتع بالثراء النقدي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬على مستوى العراق من الممكن طرح التوصيات التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬طالما إن التخصيصات االستثمارية في الميزانية حاليا متوقفة من الممكن إجراء مناقلة من مبالغها المخصصة‬
‫لصالح الفقرات التشغيلية األخرى ‪ ،‬في حالة استمرار انخفاض أسعار النفط ‪ ،‬وهذا ممكن العمل به على المدى‬
‫القصير ( األشهر القليلة القادمة )‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على إيجاد شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص في مجال الزراعة تتمثل بالدعم الكامل من قبل‬
‫الحكومة لتنشيط القطاع الزراعي أوال لتوفير المواد الغذائية لكبح جماح ارتفاع األسعار‪ ،‬وثانيا للعمل على زراعة‬
‫المحاصيل الزراعية التي تصب في القطاع الصناعي على المدى البعيد ‪ ،‬بهدف تنويع مصادر الدخل العراقية وعدم‬
‫االعتماد على النفط لوحده ‪.‬‬
‫‪ -3‬التوسع في إعطاء القروض التشغيلية للمواطنين شريطة إيجاد صناعات صغيرة أو حرف منتجة تساهم في‬
‫إيجاد بدائل لدعم المواد االستهالكية للمواطنين ‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪ -1‬د‪ .‬احمد طلفاح – المعهد العربي للتخطيط‪ -‬اإلشكاليات الحديثة في االقتصاد الكلي – ص‪. 14‬‬
‫‪ -2‬د‪ .‬احمد طلفاح – المعهد العربي للتخطيط‪ -‬إشكالية إدارة األزمات عند وقوعها – ص ‪. 24‬‬
‫‪ -3‬الدكتور بول كروجمان‪ -‬حائز على جائزة نوبل ‪،-‬تحليل النظريات االقتصادية –ترجمة الباحث بتصرف –ص‬
‫‪. 101‬‬
‫‪ -4‬جريدة الشرق األوسط – العدد ‪. 19/10/2008- 10918‬‬
‫‪ -5‬جمهورية العراق – وزارة التخطيط والتعاون اإلنمائي – الجهاز المركزي لإلحصاء – المجموعة اإلحصائية‬
‫السنوية ‪ ، 2006-2005-‬مستقاة من جداول الحسابات القومية ص‪ ، 463‬ومن جداول اإلحصاءات النفطية ص‪581‬‬
‫‪ .‬بتصرف من قبل الباحث ‪.‬‬
‫‪ -6‬ا‪.‬د‪ .‬وائـــل إبراهيم الـراشــــد‪-‬كلية العلوم اإلداريــة – قســم المحاســبة –جامعــة الكــويت – حركــة أســعار عشـوائية أم‬
‫تنبؤات ‪ .‬دراسة مقارنة ص‪. 2007 – 10‬‬
‫‪ -7‬دومينيك ستروس – كان ـ مدير صندوق النقد الدولي – دار الحياة في ‪. 2008-9-23‬‬
‫‪ -8‬وكالة أنباء الشرق األوسط ‪،‬موقع قناة فرنس ‪ ،24‬سي أن أن ‪.‬من موقعها على االنترنت ‪.‬‬

‫‪ -9‬د‪ .‬صالح ياسر ‪ -‬في ضوء المؤتمر الوطني الثامن‪..‬العناوين الكبرى لجذور ومسببات األزمة االقتصادية في‬
‫المرحلة الراهنة ‪.‬‬

‫‪ :Financial Analysis and Prediction . Paul Eleck. London )1988( -10‬ترجم بتصرف من قبل الباحث‬
‫‪.‬الستنباط األزمات المالية السابقة ‪.‬ص‪. 25‬‬
‫‪ -11‬نفس المصدر السابق ‪ ،‬ص ‪ ،31‬ص‪. 33‬‬
‫‪ – 12‬د‪ .‬عبد المنعم السيد علي‪ -‬أستاذ االقتصاد في الجامعة المستنصرية – مـدخل في علم االقتصـاد الحـديث –ص‬
‫‪. 277‬‬

‫‪181‬‬
‫مجلة ديالى ‪2009 /‬‬ ‫العدد الثالث والثالثون‬

‫‪182‬‬

You might also like