You are on page 1of 16

‫النظام النقدي الدولي‬

‫ته دف فك رة إنش اء نظ ام نق دي دولي إلى خل ق مص در لالس تقرار النق دي ال دولي من خالل توف ير‬
‫الس يولة للم دفوعات الدولي ة واإلش راف على تنظيم عملي ات المبادل ة التجاري ة بين دول الع الم‪ .‬إال أَّن‬
‫هذا النظام قد مر بعدة مراحل نتيجة تغير الظروف واألحداث السياسية واالقتصادية العالمية‪ .‬فبعدما‬
‫كان التعامل بين الدول في المجال التجاري يتم وفق نظام المقايضة أصبح يتم وفق قاع دة ال ذهب‪ ،‬ثم‬
‫تحول العالم إلى نظام آخر يرتكز على عملة واحدة وهي الدوالر األمريكي وأخيرًا جاء نظام تعويم‬
‫العمالت وترك العمالت لقوى السوق (العرض والطلب)‪.‬‬
‫‪ .1‬ماهية النظام النقدي الدولي‬
‫يعبر النظام النقدي الدولي عن مجموع االتفاقيات والقواعد والسياسات‪ ،‬والبيئة االقتصادية والسياسية‬
‫والمؤسس اتية ال تي تح دد تحق ق اث نين من المن افع العام ة الدولي ة وهي‪ :‬عمل ة أو عمالت االحتياط ات‬
‫الدولية واالستقرار الخارجي‪.‬‬
‫حيث أن االتفاقي ات والقواع د والسياس ات تش مل من بين عدي د األم ور م ا يتعل ق ب‪ :‬ض بط الس يولة‬
‫الدولية‪ ،‬تعديل االختالالت الخارجية‪ ،‬تحديد أنظمة الصرف‪ ،‬ترتيبات الرقابة واإلشراف وآليات تجنب‬
‫األزم ات ومعالجته ا‪ .‬في حين أن البيئ ة االقتص ادية والسياس ية والمؤسس اتية تش مل مثال‪ :‬بيئ ة التج ارة‬
‫الحرة‪ ،‬درجة تأثير اقتصاد ما على النظام ككل‪ ،‬درجة التنسيق والتعاون الدولي في إدارة النظام‪....‬الخ‬
‫ويش ير النظ ام النق دي ال دولي إلى القواع د واألع راف واألدوات والتس هيالت والمنظم ات للت أثير على‬
‫الم دفوعات الدولي ة‪ ،‬فالنظ ام النق دي ال دولي ال يهتم ب العرض النق دي ال دولي فق ط‪ ،‬وإ نم ا بالعالق ات‬
‫الموجودة بين مختلف العمالت كالتغيرات في ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫كما يعبر النظام النقدي الدولي عن مجموعة القواعد واالتفاقيات والمؤسسات التي تحكم‪ :‬سير السياسات‬
‫النقدية والتنسيق فيما بينها‪ ،‬أسعار الصرف وتوفير السيولة الدولية ‪ .‬حيث تقيم فعاليته انطالقا من ثالثة‬
‫معايير رئيسية هي‪:‬‬
‫_ اآلليات التي يوفرها لمعالجة اإلختالالت الدولية في موازين المدفوعات‪ ،‬من حيث تكلفتها وسرعتها‬
‫في تحقيق التصحيح في وضعية ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫_ قدرت ه على توف ير الس يولة الكافي ة لتس وية المب ادالت التجاري ة والمالي ة من جه ة ومعالج ة اإلختالالت‬
‫في موازين المدفوعات من جهة أخرى‪.‬‬
‫_ قدرت ه على كس ب ثق ة مختل ف األط راف الفاعل ة في االقتص اد الع المي‪ ،‬وذل ك يتجلى باألس اس من‬
‫خالل فعالية آليات التصحيح فيه وتوفيره للسيولة الكافية‪.‬‬
‫‪ .2‬مراحل تطور النظام النقدي الدولي‬
‫شهد االقتصاد العالمي عديد المراحل التي مر بها النظام النقدي الدولي‪ ،‬والتي كانت نتاج التطورات‬
‫االقتصادية المتعاقبة التي كانت تستلزم بالضرورة تغيرا في شكل النظام النقدي الدولي السائد بما يساهم‬
‫في تحقيق االستقرار النقدي لالقتصاد العالمي‪.‬‬
‫‪ .1.2‬النظام النقدي الدولي في ظل قاعدة الذهب‪:‬‬
‫ي بين ه ذا النظ ام وج ود العالق ة الثابت ة بين قيم ة الوح دة النقدي ة والمق دار الث ابت من ال ذهب‪ ،‬بحيث‬
‫تتعادل القوة الشرائية لوحدة النقود مع القوة الشرائية للذهب‪ ،‬وقد ساد في معظم الدول المتقدمة‪ ،‬حيث‬
‫ك ان يتم يز ب االعتراف الجم اعي ل ه‪ .‬وبريطاني ا هي أول من أقرت ه في ع ام ‪ ، 1816‬ثم تبعته ا بع د ذل ك‬
‫العديد من ال دول خالل النصف األخ ير من القرن التاس ع عشر‪ ،‬وظ ل أكثر النظم النقدي ة انتش ارا حتى‬
‫عام ‪ .1914‬أصبح يعرف باسم قاعدة الذهب‪ ،‬حيث يتم بموجبه قياس القيم االقتصادية‪ ،‬حيث أن قيمة‬
‫الوحدة النقدية تساوي وزنا معينا من الذهب‪.‬‬
‫مراحل تطور نظام الذهب‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫لقد عرف نظام الذهب ثالث مراحل عبر تطوره‪ ،‬ارتبطت بالمستجدات التي كانت تطرأ وتجعل كل‬
‫مرحلة مواتية للظروف الجديدة‪ ،‬ويمكن ذكر أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬نظام المسكوكات الذهبية؛‬
‫‪ -‬نظام السبائك الذهبية؛‬
‫‪ -‬نظام الصرف بالذهب‪.‬‬
‫‪ -1‬نظام المسكوكات الذهبية‪:‬‬
‫يمثل هذا النظام الذهب المتداول الذي تحتوي فيه الوحدة النقدية على وزن معين من الذهب يساوي‬
‫قيمته ا االس مية‪ ،‬وتحتف ظ م ع العمالت األخ رى بس عر التع ادل م ع ال ذهب‪ ،‬ويش ترط لتحقي ق ذل ك ت وفر‬
‫مايلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحدي د وزن وعي ار الوح دة النقدي ة الذهبي ة المتداول ة‪ ،‬بحيث تح دد نس بة ثابت ة بين وح دة النق د وكمي ة‬
‫معينة من الذهب‪ ،‬فمثال كان وزن الذهب في الجنيه اإلسترليني مساويا ‪ 7.3‬غراما من الذهب؛‬
‫ب‪ -‬ت وفر الحري ة الكامل ة لس ك ال ذهب بأي ة كمي ات دون تحم ل أي تك اليف‪ ،‬به دف من ع زي ادة القيم ة‬
‫االسمية عن القيمة الحقيقية؛‬
‫ج‪ -‬ض مان حري ة ص هر المس كوكات الذهبي ة إلى س بائك‪ ،‬ب دون قي د لمن ع هب وط القيم ة االس مية‬
‫للمسكوكات عن قيمتها الحقيقية؛‬
‫د‪ -‬ت وافر قابلي ة تحوي ل جمي ع أن واع العمالت إلى س بائك ذهبي ة‪ ،‬ف إن وج دت أوراق نقدي ة‪ ،‬فإنه ا تك ون‬
‫قابلة للصرف بالمسكوكات الذهبية؛‬
‫ه‪ -‬حرية تصدير واستيراد الذهب للمحافظة على التعادل بين القيمة الداخلية للعملة وقيمتها الخارجية‪.‬‬
‫والجدير بالذكر أنه في ظل هذه القاعدة لم تكن النقود المتداولة ذهبية‪ ،‬وإ نما كانت تمثل جزء صغيرا‬
‫من العرض الكلي للنقود‪ ،‬وكان لألفراد مطلق الحرية في استخدام الذهب أو األوراق النقدية أو النقود‬
‫المساعدة‪ ،‬ألنها كانت تتمتع بحرية التحويل إلى نقود ذهبية‪ ،‬وفي نفس الوقت كان سك الذهب وتذويب‬
‫المسكوكات وتصدير واستيراد الذهب عمليات مسموح بها جميعا‪ .‬ولهذا فإن وحدة العملة كانت تحافظ‬
‫على معدل محدد للتبادل الذهبي‪ ،‬حيث أن الذهب كان يحمل قيمة واحدة في سائر أرجاء منطقة قاعدة‬
‫الذهب‪.‬‬
‫إال أن احتياجات الح رب العالمي ة األولى أف رزت اإلدراك الذي يقضي بأن عملي ة انتقال النقود الذهبي ة‬
‫من يد إلى يد هي نوع من الترف غير الضروري‪ ،‬وأنه من الممكن تحقيق جميع مميزات قاعدة الذهب‬
‫من غير الحاجة إلى وجود نقود ذهبية قيد التداول‪ .‬كما أن هذا النظام واجه العديد من المشاكل العملية‬
‫ال تي ك ان من أهمه ا ع دم ت وفر ال ذهب بالش كل الك افي بم ا يتناس ب واحتياج ات اإلص دار في ال دول‬
‫المختلف ة‪ ،‬وب ذلك بقي معم وال ب ه في كث ير من ال دول ح تى الح رب العالمي ة األولى‪ ،‬حين تخلت عن ه‬
‫تدريجيا‪ ،‬فيما عدا الواليات المتحدة األمريكية التي احتفظت به حتى نهاية عام ‪.1933‬‬
‫ونتيجة لما سبق ظهرت صورتان رئيسيتان‪ ،‬إحداهما نظام السبائك الذهبية‪ ،‬واألخرى نظام الصرف‬
‫بالذهب وأصبحتا مقبولتين كصورتين لقاعدة الذهب‪.‬‬
‫‪ 2-‬نظام السبائك الذهبية‪:‬‬
‫أدى نش وب الح رب العالمي ة األولى س نة ‪ 1914‬إلى زي ادة حاج ة ال دول المتحارب ة إلى مزي د من‬
‫النقود لتغطية نفقاته ا الحربية‪ ،‬ونظرا لمحدودية كمية الذهب المتوفرة في العالم كان من المستحيل توفير‬
‫ه ذه الكمي ة الكب يرة من القط ع النقدي ة الذهبي ة‪ ،‬ل ذلك اض طرت دول الع الم إلى التخلي عن نظ ام‬
‫المس كوكات الذهبي ة وس حبها من الت داول‪ ،‬والقي ام بإص دار نق ود ورقي ة ومعدني ة إلزامي ة وطرحه ا في‬
‫التداول‪.‬‬
‫وبعد انتهاء الحرب العالمية األولى حاولت الدول العودة إلى نظام المسكوكات الذهبية‪ ،‬إال أن ذلك كان‬
‫متع ذرا نظ را إلى الحجم الكب ير من األوراق النقدي ة الموج ودة في الت داول‪ ،‬وتع رض اقتص اديات الع الم‬
‫إلى حال ة التض خم النق دي‪ ،‬وإ زاء ه ذا الوض ع تم اق تراح نظ ام الس بائك الذهبي ة في م ؤتمر جن وة ع ام‬
‫‪ 1922‬لتمكين الدول إلى العودة لقاعدة الذهب بعد أن تم الخروج عنه أثناء الحرب‪ ،‬وقد تبنت بريطانيا‬
‫نظام السبائك الذهبية في عام ‪.1925‬‬
‫وفي ظل هذا النظام لم تعد العملة المتداولة ذهبا‪ ،‬بل يتم تداول األوراق النقدية والقطع النقدية المساعدة‬
‫اإللزامي ة‪ ،‬وأن ه ذه العمل ة ترتب ط بمق دار معين من ال ذهب الموج ود في خ زائن البن ك المرك زي ال ذي‬
‫يكتفي باالحتفاظ بكمية من السبائك الذهبية في خزانته مقابل الكتلة النقدية الورقية والمعدنية المساعدة‬
‫المطروحة في التداول‪ ،‬سواء بما يعادلها من الذهب‪ ،‬أو أن يكون الغطاء الذهبي بنسبة محددة منها‪.‬‬
‫ويس ري هذا النظ ام في الدول ة إذا ك انت الحكوم ة والبن ك المركزي على اس تعداد لش راء وبي ع أي كمي ة‬
‫من الذهب عند سعر معين كما هو محدد بالقيمة الذهبية لوحدة العملة‪ ،‬وكذلك حرية االتجار بالذهب‬
‫وإ مكانية‬
‫تحويل النقود االئتمانية إلى ذهب‪ ،‬وقد اختص هذا النظام بميزتين هامتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬نظرا ألن هذا النظام كان يقتضي منع استخدام الذهب كعملة في التداول الداخلي فقد اختفت العملة‬
‫الذهبية وحل محله العملة اإلئتمانية التي أصبحت قابلة للتحويل للذهب؛‬
‫ب‪ -‬هذا النظام يقضي أيضا على قيام الحكومة أو البنك المركزي ببيع الذهب على شكل سبائك كبيرة‬
‫ال يق ل وزنه ا عن ح د معين‪ ،‬ول ذلك لم يس تخدم في المع امالت الداخلي ة واقتص ر اس تخدامه على‬
‫المعامالت الخارجية فقط‪.‬‬
‫ولذلك فإن الهدف األساسي لنظام السبائك الذهبية هو الرغبة في اقتصاد استخدام الذهب وعدم صرف‬
‫النفقات في سك العمالت الذهبية الصغيرة وإ لغاء استخدامه في التداول محليا‪.‬‬
‫‪ 3-‬نظام الصرف بالذهب‪:‬‬
‫لقد عرف العالم شكال ثالثا لنظام الذهب أطلق عليه اسم نظام الصرف بالذهب‪ ،‬فقد أوصى مؤتمر‬
‫جنوة في عام ‪ 1922‬بإتباع النظام رسميا‪ .‬ففي ظل هذا النظام ترتبط عملة بلد ما بالذهب عن طريق‬
‫ربط عملته بعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب‪ ،‬ويتم ذلك باحتفاظ البلد التابع بسندات أجنبية للبلد‬
‫المتبوع كغطاء للعملة في التداول‪ .‬واستهدف األخذ به ذا النظام لالقتصاد في استغالله‪ ،‬إذ أن االحتفاظ‬
‫بتداول المسكوكات الذهبية أو االحتفاظ بالسبائك الذهبية كغطاء للعملة يعتبر إجراء باهظ التكاليف ألنه‬
‫يتطلب توف ير الوس ائل الوقائي ة لخزن ه وحراس ته‪ ،‬كم ا أن ه محتفظ ا ب ه في خ زائن البن ك المرك زي ال‬
‫يحصل على فوائد ويحرم البلد من الحصول عليها‪ ،‬ومن مزايا هذا النظام‪:‬‬
‫أ‪ -‬وجود سعر صرف ثابت بين البلد التابع والبلد المتبوع؛‬
‫ب‪ -‬التوف ير في اس تخدام ال ذهب‪ ،‬ألن االحتي اطي يتك ون أساس ا من عمالت وأذون ات وس ندات البل د‬
‫المتبوع‪ ،‬وبالتالي ال حاجة إلى االحتفاظ باحتياطي من الذهب يرتبط مباشرة بالنقد المتداول؛‬
‫ج‪ -‬تخفيض تكاليف التخزين للذهب وحمايته وذلك من خالل االستفادة من الفوائد التي يستلمها البل د في‬
‫ه ذه الحال ة على احتياط ه النقدي المس تثمر بأش كال مختلف ة كالنقد وأذون ات الخزين ة والس ندات الص ادرة‬
‫لعملة الدولة األم‪.‬‬
‫أما عيوب هذا النظام فهي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تحقيق الخسائر في البلد المتبوع ينعكس أثره تلقائيا على البلد التابع؛‬
‫ب‪ -‬المس باس تقالل البل د الت ابع بس بب االرتب اط الوثي ق بين ال دولتين‪ ،‬مم ا يع ني التبعي ة االقتص ادية‬
‫والسياسية الكاملة؛‬
‫ج‪ -‬يعتمد هذا النظام على استخدام الدولة المتبوعة لنظام السبائك الذهبية‪ ،‬وأنه في حال االستغناء عنه‬
‫من قبل الدولة المتبوعة‪ ،‬فإن هذا النظام سوف ينتهي بالنسبة للدولة التابعة‪.‬‬
‫ومن الناحية التاريخية كان نظام الصرف بالذهب وليدا للعالقات التجارية التي قامت بين دولة صغرى‬
‫ودول ة ك برى تس ير على نظ ام ال ذهب‪ ،‬بحيث تس هل عالق ة التبعي ة االقتص ادية والسياس ية للدول ة األم‪.‬‬
‫ويرى كثير من االقتصاديين بأن هذا النظام يعتبر أكثر مالءمة للدول التي ليس لديها اإلمكانيات الكافية‬
‫إلقرار نظام ذهبي حقيقي بشرط أن يصاحبه قدر كبير من الرقابة على العملة وتداولها‪ ،‬كما قد يؤدي‬
‫إلى نشوء التضخم النقدي في الدولة‪ ،‬وذلك في حالة تداول كميات كبيرة من النقود الورقية في السوق‪،‬‬
‫وهذا يتطلب من السلطات النقدية تحويل عملتها الورقية إلى ذهب إليقاف موجات التضخم‪.‬‬
‫وعلى ال رغم مم ا حقق ه نظ ام المع دن الواح د من أث ر في التب ادالت التجاري ة الدولي ة‪ ،‬حيث أن س يادته‬
‫واس تقراره كان ا أح د األس باب ال تي أدت إلى ق وة بريطاني ا وس يطرتها على األس واق العالمي ة‪ ،‬لكن ه ذا‬
‫االستقرار سرعان ما تغير بعد الحرب العالمية األولى نتيجة لتزايد اإلنفاق العسكري وتوالي األحداث‬
‫العالمية التي كان لها األثر الكبير في انهيار نظام الذهب‪.‬‬
‫مزايا وخصائص نظام الذهب‪:‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫لنظام الذهب مزايا وخصائص عديدة نجملها فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬األمان‪ :‬والمقص ود ب ذلك ض مان تحوي ل ال ذهب إلى أي ة عمل ة أخ رى‪ ،‬وك ذلك قبول ه كوس يلة للتب ادل‬
‫بيسر وسهولة وعدم رفضه تحت أي ظرف من قبل المتعاملين كوسيلة لسداد القيمة؛‬
‫ب‪ -‬س‪0‬هولة القب‪0‬ول في األس‪0‬واق الخارجي‪0‬ة‪ :‬يعت بر ال ذهب مقياس ا دولي ا للقيم ة‪ ،‬كم ا أن ه يتمت ع ب القبول‬
‫العام‬
‫كوس يط للتب ادل‪ ،‬فه و يعتبر ث روة وفي أي مك ان‪ ،‬وطبقا إلى ذلك ف إن معظم الدول تس تطيع أن تش تري‬
‫سلعا أو أن تستثمر خارجيا أو تسدد مدفوعاتها وذلك باستخدام الذهب كوسيلة للسداد؛‬
‫ج‪ -‬آلية العم‪00‬ل‪ :‬في ظ ل قاع دة ال ذهب عملي ة إدارة ع رض النق ود تك ون منظم ة تنظيم ا جي دا حيث أن‬
‫التوسع واالنكماش يحدث آليا وذلك الرتباطهما بحجم االحتياطي الذهبي‪.‬‬
‫د‪ -‬استقرار مستوى األسعار العالمية في األم‪0‬د الطوي‪0‬ل‪ :‬ق د تنح رف األس عار عن مس تواها االعتي ادي‪،‬‬
‫إال أن هذا االنحراف يكون مؤقتا‪ ،‬كما يقود االستقرار النسبي في مستويات األسعار بين دول العالم إلى‬
‫نمو حجم التجارة الدولية واتساع حركة حرية انتقال رؤوس األموال؛‬
‫ه‪ -‬إمكانية انتقال الموارد الحقيقية بين دول العالم‪ :‬في غي اب نظ ام ال ذهب عن دما يواج ه أح د البل دان‬
‫انخفاض ا مفاجئ ا في حجم إنتاج ه‪ ،‬ف إن ذل ك ي ؤدي إلى انخف اض مس توى معيش ة المواط نين بنفس مق دار‬
‫النقص في اإلنتاج‪ ،‬إن لم يتوفر لديهم االختيار في استعمال الذهب لشراء السلع من دول العالم األخرى‬
‫والتخفي ف من ح دة االنخف اض المحت وم في مس توى ال دخل فج أة‪ .‬وعلى ذل ك ففي ظ ل نظ ام ال ذهب ق د‬
‫ينخفض مستوى معيشة المواطنين بسبب الكوارث الطبيعية‪ ،‬ولكن بدرجة أقل وعبر فترة زمنية أطول‬
‫بحيث يص بح الت أثير خالل الف ترات الزمني ة القص يرة قليال‪ ،‬نظ را ألن نظ ام الم دفوعات الدولي ة يض من‬
‫كفاءة توزيع الموارد االقتصادية‪ ،‬وبذلك فإن هذا النظام ضمنيا يؤمن ضد مخاطر الكوارث الطبيعية؛‬
‫و‪ -‬عدم الحاجة إلى تدخل الحكوم‪00‬ات‪ :‬إن ت دخل الحكوم ات في المج االت االقتص ادية ق د يعي ق الحري ة‬
‫االقتصادية لدى أفراد المجتمع‪ ،‬ومن هذا المنطلق يقود نظام الذهب إلى تحقيق منفعة كبيرة طالما يعمل‬
‫ذاتي ا‪ ،‬ويص بح دور الحكوم ات مقص ورا على توف ير األمن الق ومي والمحافظ ة على تط بيق الق انون‬
‫والنظام وتوفير الخدمات العامة األخرى‪.‬‬
‫ج‪ -‬انهيار النظام الذهبي‪:‬‬
‫ب الرغم من أن قاع دة ال ذهب اس تطاعت التع ايش م ع ظ روف الح رب العالمي ة األولى والتغ يرات‬
‫االقتصادية التي حدثت بعدها إال أنها لم تستطع تحمل الكساد العظيم‪ ،‬فباقتراب نهاية العشرينيات كانت‬
‫اقتص اديات ال دول الص ناعية تتج ه نح و الرك ود‪ ،‬وك ان للكس اد األم ريكي ع ام ‪ 1929‬آث ارا على‬
‫اقتصاديات جميع أركان العالم‪ .‬وجاءت الضربة القاضية لقاعدة الذهب الدولية عام ‪ 1931‬حينما أخذ‬
‫المودع ون يس حبون أرص دتهم من البن وك النمس اوية التجاري ة الكب يرة‪ ،‬تم انتش ر الف زع إلى البن وك‬
‫األلماني ة‪ ،‬فق امت الحكوم ة بف رض قي ود على الص رف‪ ،‬ثم تبعته ا في ذل ك دول أخ رى‪ ،‬وفي مق دمتهم‬
‫إنجلترا التي قامت بتعويم عملتها‪ ،‬فتبعتها دول تربطها عالقات تجارية ومالية وأيضا عمالته ا مرتبطة‬
‫باإلسترليني‪ ،‬فظهر في عام ‪ 1932‬ما سمي '' منطقة اإلسترليني''‪ .‬وبعد وقت قليل من تعويم إنجلترا‬
‫للجني ه اإلس ترليني تخلت ال دول االس كندينافية عن قاع دة ال ذهب‪ ،‬ولم يع د هن اك من ال دول ال تي ترب ط‬
‫عملتها بالذهب سوى الواليات المتحدة األمريكية وسويسرا وفرنسا وبلجيكا وهولندا‪ ،‬وبدأت هذه الدول‬
‫التي عرفت ''بكتلة الذهب'' في مواجهة التدفقات للخارج من احتياطاته ا الذهبية برفع الرسوم الجمركية‬
‫وتضييق الحصص لضغط الواردات‪.‬‬
‫وعندئذ توقفت قاعدة ال ذهب عن العم ل كنظ ام نقدي دولي فع ال‪ ،‬وكان العدي د من العمالت غير قابل‬
‫للتحويل والعديد منها عائما‪ ،‬فشاعت عملية تخفيض قيمة العمالت بين الدول التي حافظت على أسعار‬
‫الص رف الرس مية‪ ،‬وأص بحت اآللي ة ال تي يتم من خالله ا موازن ة م يزان الم دفوعات غ ير مقبول ة ل دى‬
‫الدول‪ ،‬مما تخلت الواليات المتحدة األمريكية عن الذهب عام ‪.1933‬‬
‫فرغم كل ما تميز به معيار الذهب من استقرار لألسعار على المستويين الداخلي والخارجي ومحافظته‬
‫على القيم ة الحقيقي ة للنق ود‪ ،‬إض افة إلى ارتب اط ال ذهب ب النقود الورقي ة كغط اء إص دار يمنحه ا الثق ة‬
‫ومساهمته في تطور ونمو التجارة الدولية فقد تم التخلي عنه تزامنا مع الحرب العالمية األولى وأزمة‬
‫الكساد‪.‬‬
‫وبع د انته اء الكس اد واق تراب الح رب العالمي ة الثاني ة ش عر معظم المراق بين أن الع ودة لألوض اع‬
‫المضطربة التي سادت في الثالثينيات لن يكون مقبوال‪ ،‬وكان شعورهم أنه من الضروري تصميم نظام‬
‫نق د دولي يض من قابلي ة التحوي ل للعمالت واالس تقرار النق دي‪ ،‬ولعبت الرغب ات دوره ا في تش كيل نظ ام‬
‫بروتون وودز للنقد الدولي الذي تم تبنيه بنهاية الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫د‪ -‬أسباب فشل نظام الذهب‪:‬‬
‫بالرغم من أن نظام الذهب الدولي كان متالئما مع الظروف البيئية االقتصادية التي طبق فيها‪ ،‬وقدم‬
‫العديد من المزايا‪ ،‬إال أن تغير الظروف االقتصادية وعدم توفر متطلبات تشغيله بكفاءة‪ ،‬أدى إلى توق ف‬
‫الدول عن العمل به‪ .‬ويمكن إجمال أهم األسباب التي أدت إلى انهيار العمل بهذا النظام بالنقاط التالية‪:‬‬
‫‪1-‬انتهاء عصر حرية التجارة الدولية؛ ‪ -2‬تط‪0‬ور ال‪0‬وعي النق‪0‬دي؛ ‪-3‬جم‪0‬ود مس‪0‬تويات األس‪0‬عار؛ ‪-4‬‬
‫سوء توزيع رصيد الذهب في العالم؛ ‪-5‬عدم االستقرار السياسي؛ ‪-6‬نم‪0‬و القومي‪0‬ات االقتص‪0‬ادية؛ ‪-7‬‬
‫زيادة تدخل الدولة في النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫‪ .2.2‬النظام النقدي في ظل اتفاقية بريتون وودز‪:‬‬
‫نظرا للفوضى التي عرفها االقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية جاء نظام بريتون وودز من‬
‫أجل تنظيم العالقات التجارية والمالية والنقدية الدولية‪.‬‬
‫أ‪ -‬ميالد نظام بريتون وودز‪:‬‬
‫م ع نش وب الح رب العالمي ة الثاني ة في ع ام ‪ 1939‬توق ف نهائي ا العم ل بقاع دة ال ذهب كنظ ام نق دي‬
‫دولي نظرا للظروف االقتصادية والعسكرية التي كانت تعم العالم أجمع‪ ،‬فأعيد فرض القيود الجمركية‬
‫وغ ير الجمركي ة بش كل أدى إلى انخف اض حجم المب ادالت التجاري ة الدولي ة والنم و االقتص ادي الع المي‬
‫بشكل واضح‪ .‬مما دعي ممثلوا الدول الرأسمالية الصناعية لاللتقاء في مدينة بريتون وودز بالواليات‬
‫المتحدة األمريكية في عام ‪ 1944‬لعقد المؤتمر النقدي والمالي التابع لألمم المتحدة قبل فترة قص يرة من‬
‫انتهاء الحرب‪ ،‬وحظرت ‪ 44‬دولة‪ ،‬قدمت خاللها مقترحات إلرساء قواعد نظام اقتصادي دولي جديد‬
‫أكثر عدالة واستقرارا من السابق ليتولى الرقابة على التزامات األعضاء ويعمل كبنك مركزي عالمي‪.‬‬
‫وقد انبثق من هذا المؤتمر صندوق النقد الدولي‪ ،‬البنك الدولي للتعمير والتنمية ومنظمة االتفاقية العامة‬
‫للتعريفات والتجارة‪ .‬وتتجسد مهام نظام بريتون وودز في المحافظة على أسعار صرف مستقرة‪ ،‬خلق‬
‫نظام ائتماني متعدد األطراف يندرج ضمن قواعد صندوق النقد الدولي وتحت إشرافه‪ ،‬تحرير التجارة‬
‫الدولية من خالل إزالة القيود المختلفة التي تعيقها‪.‬‬
‫وقبل انعقاد مؤتمر بريتون وودز كان قد طرح أمام المؤتمرون مشروعين أحدهما تقدمت به المملكة‬
‫المتح دة على لس ان مبعوثه ا االقتص ادي الكب ير الل ورد كي نز في ‪ 7‬أفري ل‪ ، 1943‬والث اني تق دمت ب ه‬
‫الواليات‬
‫المتحدة األمريكية على لسان ممثلها االقتصادي هاري وايت في ‪ 5‬أفريل ‪.1943‬‬
‫ب‪ -‬مقترحا النظام النقدي الدولي الجديد‬
‫انعق د م ؤتمر "بريت ون وودز" ب"نيوهامبش اير" في الف ترة م ا بين ‪ 1‬و ‪ 22‬جويلي ة ‪ 1944‬بحض ور‬
‫حوالي ‪ 730‬مندوب من ‪ 44‬دولة مع عضو مالحظ عن اإلتحاد السوفياتي‪ ،‬أين شهد هذا المؤتمر تقديم‬
‫مقترحين للشكل الجديد للنظام النقدي الدولي كما يبرز فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المقترح اإلنجليزي ل"جون ماينارد كينز"‪:‬‬
‫تولى االقتصادي البريطاني الشهير "جون ماينارد كينز" بلورة التصور البريطاني لمستقبل النظام النقدي‬
‫ال دولي بع د الح رب العالمي ة الثاني ة‪ ،‬ال ذي ك ان هدف ه تس هيل سياس ة التوس ع النق دي ال داخلي والخ ارجي‬
‫وزيادة التبادل التجاري وتحقيق االستقرار االقتصادي‪ .‬ولهذا اقترح إنشاء اتحاد المقاصة الدولية‪ ،‬وهو‬
‫بمثاب ة بنك للبنوك المركزية وسلطة نقدية فوق الدول‪ ،‬يتولى منح قروض للدول العضوة فيه ويسهل‬
‫تسوية المبادالت الدولية‪ ،‬ويقوم بخلق القوة الشرائية الالزمة للتبادل الدولي‪ ،‬وتلك العملة أطلق عليها‬
‫الب انكور ‪ Bancor‬وتتح دد حص ة ك ل دول ة في ه ذا االتح اد ال دولي أساس ا بحجم تجارته ا الخارجي ة‪،‬‬
‫وك ذلك بمقدار ص ادراتها من ال ذهب‪ .‬ولتفادي انع دام الت وازن في القوة الش رائية يقوم االتح اد بالض غط‬
‫على الدول الدائنة والمدينة لتعديل ميزانها‪ ،‬كما ال يسمح بتراكم أرصدة البانكور للبلدان الدائنة‪.‬‬
‫فاتحاد المقاصة الدولي يقوم بفتح حسابات دائنة ومدينة للدول المشتركة ويجري عمليات المقاصة بينها‪،‬‬
‫بحيث تتساوى في النهاية األرصدة الدائنة مع األرصدة المدينة‪ ،‬ولكن إذا أسفر الحساب لدولة ما عن‬
‫رصيد دائن‪ ،‬فإنه يبقى داخل االتحاد كقرض مقدم من الدولة صاحبة الدائنية‪ .‬وقد رأى كينز أن النظام‬
‫المقترح يمكن أن يساهم في حل مشكالت الدائنية والمديونية التي ترتبت على الحرب‪ .‬فالدول المدينة‬
‫يمكنها أن تسدد مطلوباته ا بالبانكور عن طريق االتحاد‪ ،‬خالل فترة من الزمن‪ ،‬دون أن ينجم عن ذلك‬
‫ضغوط على موارد الدول المدينة بالبانكور‪.‬‬
‫والواقع أن هذا المشروع كان يحاول إلغاء دائنية ومديونية الدول تجاه بعضها بعضا‪ ،‬وبحيث تصبح مع‬
‫اتحاد المقاصة الدولي‪ ،‬وهو في هذا كان يدافع عن مصلحة بريطانيا المدينة‪ ،‬ويحاول أن يعيد مركز‬
‫االقتصاد البريطاني المنهار في ضوء عالم قد تغير‪.‬‬
‫ف رغم ق وة بن اء ذل ك المش روع وس المته‪ ،‬لم يج ز القب ول في م ؤتمر بريت ون وودز‪ ،‬نظ را لمعارض ة‬
‫الواليات المتحدة األمريكية لما تضمنه من خلق عملة جديدة وهيئة فوق الدول وإ ضعاف لدور الدوالر‬
‫والذهب‪ .‬ألن فيه محاولة لعزل أية إمكانية للدول القوية في السيطرة على النظام النقدي الدولي الجديد‪،‬‬
‫باعتباره يرتكز على إعطاء صالحيات إدارة الشؤون النقدية والمالية في االقتصاد العالمي لهيئة دولية‬
‫محايدة‪.‬‬
‫‪ 2-‬المقترح األمريكي ل"هاري ديكستر وايت"‬
‫تولى "هاري ديكستر وايت" وهو مساعد وكيل الخزانة األمركية بلورة التصور األمريكي حول مستقبل‬
‫النظ ام النق دي ال دولي بع د الح رب العالمي ة الثاني ة‪ .‬وال ذي ارتك ز على إنش اء مؤسس ات مالي ة دولي ة في‬
‫شكل‬
‫"ص ندوق النق د ال دولي" و "البن ك ال دولي لإلنش اء والتعم ير "‪ ،‬تت ولى تنظيم الش ؤون النقدي ة والمالي ة في‬
‫االقتصاد العالمي في إطار قاعدة الصرف‪-‬ذهب‪ ،‬يكون فيها الدوالر األمريكي العملة الوحيدة المرتبطة‬
‫بالذهب‪ ،‬في حين تتحدد قيم باقي العمالت الدولية بنسب ثابتة مع الدوالر‪.‬‬
‫ارتك ز عم ل مق ترح "وايت" على منح ص ندوق النق د ال دولي قروض ا لل دول األعض اء ال تي تع اني من‬
‫اختالالت مالي ة لي برز ب ذلك على أن ه ص ندوق دعم لالس تقرار‪ ،‬إذ تش ترك ال دول األعض اء فيم ا بينه ا‬
‫لتجمي ع م وارده المالي ة من خالل مس اهمات مش كلة من ال ذهب وعمالت أجنبي ة‪ ،‬ويل تزم الص ندوق في‬
‫إطار هذا المقترح بمبادلة العمالت الوطنية للدول األعضاء‪ ،‬والتزامها بشراء أو بيع كميات من الذهب‬
‫والعمالت األجنبي ة م ع الص ندوق بم ا يمكن من ع ودة اقتص ادياتها لحالته ا التوازني ة‪ .‬ويمكن لل دول‬
‫األعض اء في ظ ل ه ذا المق ترح التق دم بطلب تغي ير مس تويات س عر ص رفها في ظ ل العم ل على تحقي ق‬
‫استقرار األهداف الرئيسية المتمثلة في االستقرار النقدي وتوازن ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫أم ا عن تحدي د حجم حص ص ال دول األعض اء في رأس مال ه ذا الص ندوق وتحدي د قوته ا التص ويتية في‬
‫إدارة ش ؤونه‪ ،‬اق ترح وايت أن يك ون حجم الحص ة ألي دول ة على أس اس حجم م ا في ح وزة الدول ة من‬
‫ذهب ونقد أجنبي‪ ،‬وحجم دخلها القومي ومدى تقلبات ميزان مدفوعاتها‪ ،‬وهو بهذا الشكل كان يعبر عن‬
‫مصلحة الواليات المتحدة األمريكية التي كانت تملك آنذاك أكبر كمية من الذهب العالمي وتنتج أعلى‬
‫دخل في العالم‪.‬‬
‫وعموما تشابه المقترحان من حيث المبادئ األساسية‪ ،‬فقد تضمن كل منهما‪:‬‬
‫أ‪ -‬إيجاد مؤسسة مركزية نقدية دولية؛‬
‫ب‪ -‬السعي وراء تحقيق التوازن في موازين المدفوعات الدولية؛‬
‫ج‪ -‬توفير ائتمان دولي لألعضاء؛‬
‫د‪ -‬العمل على استقرار أسعار صرف العمالت‪.‬‬
‫ج‪ -‬األسس التي قام عليها نظام بروتن وودز‪:‬‬
‫كان الهدف من عقد اتفاقية بريتون وودز وضع وتسيير نظام نقدي دولي يحقق ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ضمان حرية التحويل بين عمالت المختلفة؛‬
‫ب‪ -‬وضع نظام يمنع التقلبات في أسعار الصرف؛‬
‫ج‪ -‬تحقيق التوازن في موازين المدفوعات؛‬
‫د‪ -‬النظر في موضوع االحتياطات الدولية لتوفير السيولة الدولية؛‬
‫ه‪ -‬اإلدارة الدولية للنظام النقدي العالمي الجديد‪.‬‬
‫وقد أسفرت الجهود على إنشاء مؤسستين‪ ،‬صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير والذي‬
‫من أهم أهدافه العمل على إعادة بناء اقتصاد الدول التي أصابتها الحرب وكذلك مساعدة الدول اآلخذة‬
‫في النمو‪.‬‬
‫د‪ -‬خصائص نظام بريتون وودز‪:‬‬
‫ارتكز نظام بريتون وودز على جملة من الخصائص فسرت آلية عمله وهي‪:‬‬
‫‪1-‬استقرار أسعار الصرف؛‬
‫‪ -2‬حرية التحويل إلى عمالت جميع الدول األعضاء؛‬
‫‪ -3‬تقديم اإلعانة للدول األعضاء؛‬
‫‪ -4‬تحقيق المرونة في نظام أسعار الصرف؛‬
‫‪ -5‬مساعدة الدول على إصالح عجوز موازين مدفوعاتها‪.‬‬
‫‪ -6‬الدور المحوري للدوالر األمريكي‪.‬‬

‫ه‪ -‬انهيار نظام "بريتون وودز"‬


‫إن الخصائص التي ارتكز عليها نظام بريتون وودز باعتبار الدوالر العملة القيادية الدولية والوحيدة‬
‫القابلة للتحويل من وإ لى الذهب على وجه الخصوص كانت سببا رئيسيا النهيار هذا النظام‪ .‬حيث أن‬
‫ه ذه الخاص ية ك انت تس تلزم بالض رورة أن يتواج د م يزان الم دفوعات األم ريكي في حال ة عج ز ح تى‬
‫تت وافر بقي ة الدول على ال دوالرات ال تي تمكنه ا من تس وية مبادالته ا التجاري ة والمالي ة خصوص ا الدول‬
‫ذات العمالت غير القابلة للتحويل‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى وفي ظل ارتكاز هذا النظام على خاصية استقرار أسعار صرف العمالت الدولية عند‬
‫مستوى ‪1‬أوقية= ‪ 35‬دوالر‪ ،‬فإن ذلك كان يعني أن تواصل عجز ميزان المدفوعات األمريكي يقابله‬
‫تواج د ال دوالر في مس توى أعلى من قيمت ه الحقيقي ة‪ ،‬وه و م ا يع ني وج ود تن اقض في ه ذا النظ ام ال ذي‬
‫يجم ع بين خاص يتي ض رورة عج ز م يزان الم دفوعات األم ريكي من جه ة وثب ات أس عار الص رف من‬
‫جهة أخرى‪.‬‬
‫وقد تميزت السنوات األولى بعد اتفاقية بريتون وودز بما يسمى "ظاهرة نقص الدوالر" نتيجة الطلب‬
‫المتزايد من الدول المتضررة أساسا من الحرب العالمية الثانية على الدوالر لتمويل نفقاتها‪ ،‬لكن الوضع‬
‫تغير بعد ذلك أين تحول االقتصاد العالمي مع حلول سنة ‪ 1960‬إلى "ظاهرة تخمة الدوالر" بعد العجز‬
‫الكب ير في م يزان الم دفوعات األم ريكي نتيج ة تزاي د اس تثماراتها في الخ ارج ومخلف ات ح رب الفيتن ام‪،‬‬
‫وهو ما انعكس سلبا على المخزون األمريكي‪ ،‬من الذهب الذي تراجع من حوالي ‪ 25‬مليار دوالر سنة‬
‫‪ 1950‬إلى حوالي ‪ 10‬مليار دوالر سنة ‪ 1970‬نتيجة لجوء البنوك المركزية األجنبية لتحويل أصولها‬
‫من الدوالر إلى ذهب كرد فعل لتوقعاتها حول تخفيض قيمة الدوالر مع الذهب‪.‬‬
‫وقد كانت أولى التحذيرات حول اختالالت نظام بريتون وودز قد أطلقها اإلقتصادي "تريفن" الذي أشار‬
‫إلى أنه وفي ظل تنامي عجز ميزان المدفوعات األمريكي‪ ،‬فإن هذا النظام يتميز بمعضلة أن الواليات‬
‫المتحدة‬
‫األمريكي ة إما تلج أ إلتب اع سياس ة نقدي ة مقيدة للح د من ه ذا العج ز وبالت الي التس بب في "نقص الدوالر"‬
‫والح د من نم و المب ادالت الدولي ة كنتيج ة ل ذلك‪ ،‬أو أن تس تمر في سياس تها الحالي ة ال تي تزي د من ت راكم‬
‫العجز في ميزان مدفوعاتها بما يتسبب في تراجع الثقة في الدوالر األمريكي‪ .‬وعلى هذا األساس اقترح‬
‫على ص ندوق النق د ال دولي تأس يس عمل ة خاص ة ب ه تك ون محاي دة‪ ،‬تحتف ظ به ا البن وك المركزي ة‬
‫كاحتياط ات بديل ة لل دوالر األم ريكي‪ ،‬يك ون إص دارها وف ق مع دالت ثابت ة ومس تقرة م ع نم و االقتص اد‬
‫العالمي‪.‬‬
‫وتمت الموافق ة على اق تراح "ت ريفين" من قب ل ص ندوق النق د ال دولي س نة ‪ 1967‬من خالل إص دار م ا‬
‫عرف‬
‫ب"حقوق السحب الخاصة" التي اقتصر استعمالها كوحدة حساب لحصص الدول األعضاء دون تحولها‬
‫لعمل ة احتي اط ومب ادالت دولي ة من جه ة لض غوط أمريكي ة ومن جه ة لتزاي د ب وادر فش ل نظ ام الص رف‬
‫الثابت في تلك الفترة‪ ،‬خصوصا ما شهدته نهاية الستينات سنوات ‪ 1967‬و ‪ 1968‬من بروز هجمات‬
‫مضاربة على انخفاض سعر صرف الدوالر األمريكي مع الذهب‪ ،‬وهو ما دفع البنوك المركزية آنذاك‬
‫لإلعالن عن إنشاء سوق مزدوجة للذهب أين يخصص أحد السوقين لمعامالت الخواص وفق تغيرات‬
‫الع رض والطلب في حين يخص ص الس وق الث اني للمع امالت الرس مية بين البن وك المركزي ة وال تي تتم‬
‫على أساس سعر الصرف الدوالر مع الذهب المحدد سابقا ب ‪1‬أونصة تساوي ‪ 35‬دوالر أمريكي‪.‬‬
‫وم ع ت والي الض غوطات على ال دوالر األم ريكي ال ذي أص بح مقوم ا ب أعلى من قيمت ه الحقيقي ة‪ ،‬لم تكن‬
‫عملي ة تخفيض قيم ة ال دوالر م ع ال ذهب عملي ة س هلة باعتباره ا تتطلب تنس يقا م ع الب وك المركزي ة‬
‫األجنبي ة لتعي د هي األخ رى رب ط قيم عمالته ا م ع ال دوالر عن د مس تويات مختلف ة ومرتفع ة في الغ الب‪،‬‬
‫وهو ما رفضته عديد الدول نتيجة تأثيرات ذلك الرفع على تنافسية صادراتها‪ .‬ومن ثم ففي ظل عدم‬
‫التوصل التفاق قام الرئيس األمريكي "نيكسون" في ‪ 15‬أوت ‪ 1971‬باإلعالن عن وقف قابلية تحويل‬
‫الدوالر إلى ذهب‪ ،‬وفرض ضريبة تقدر ب ‪ % 10‬على الواردات األمريكية إلى غاية توصل البنوك‬
‫المركزية األجنبية التفاق يقضي بإعادة تقييم عمالتها عند مستويات أعلى‪.‬‬
‫وفي ديسمبر ‪ 1971‬تم التوصل التفاق بتخفيض قيمة الدوالر األمريكي مع العمالت األجنبية بحوالي‬
‫‪ % 8‬ومعه ا تم إلغ اء ض ريبة ‪ % 10‬م ع اإلبق اء على إلغ اء قابلي ة تحوي ل ال دوالر إلى ذهب‪ ،‬وتم‬
‫تخفيض س عر ص رف ال دوالر األم ريكي م ع ال ذهب إلى مس توى ‪ 1‬أونص ة ذهب يس اوي ‪ 38‬دوالر‬
‫أم ريكي ثم خفض ت م رة أخ رى في فيف ري ‪ 1973‬ب ‪ % 10‬بحكم اس تمرار هجم ات المض اربة على‬
‫تخفيض قيم ة ال دوالر م ع ال ذهب‪ ،‬ال تي دفعت في م ارس ‪ 1973‬إلى اإلعالن عن التخلي عن نظ ام‬
‫الصرف الثابت والتوجه نحو تعويم أسعر الصرف‪.‬‬
‫و‪ -‬التطورات النقدية العالمية بعد انهيار نظام بريتون وودز‪:‬‬
‫‪-1‬نظام تعويم أسعار صرف العمالت‪:‬‬
‫في النظام العائم الحر يترك تحديد أسعار الصرف بين العمالت إلى قوى السوق‪ ،‬وتتوقف مدى تقلبات‬
‫سعر الصرف على الكمية المعروضة والمطلوبة من الصرف األجنبي وكذلك يعتبر التعويم حرا إذا لم‬
‫تتدخل السلطة النقدية في سوق الصرف من أجل مساندة عملتها الوطنية أو أن تتخذ قرارات اقتصادية‬
‫مدفوعة باعتبارات تتعلق بسعر صرف عملتها‪ ،‬ولذلك فإن الدولة تكون في غير حاجة إلى االحتفاظ‬
‫باحتياطي كبير من العمالت األجنبية طالما أنها ال تتدخل في سوق الصرف‪.‬‬
‫‪-2‬اتفاقية جمايكا‪:‬‬
‫في العام ‪ 1974‬في الدورة العادية لصندوق النقد الدولي شكلت لجنة مؤقتة إلعداد دراسة حول نظام‬
‫النق د الع المي‪ ،‬ض مت ممثلين عن مختل ف ال دول األعض اء في الص ندوق‪ ،‬انحص رت مهمته ا في إع داد‬
‫اقتراحات‬
‫للتكيف مع مقتضيات الحاضر‪ ،‬وقد عرض هذا االتفاق في جانفي ‪ 1976‬في كينغستون ''جمايكا'' بعد‬
‫المصادقة عليه من قبل ‪ % 85‬من الدول األعضاء‪ ،‬والتي تتمتع ب ‪ %78.52‬من الحجم اإلجمالي‬
‫للحصص في الصندوق‪ ،‬وقد عرف هذا المؤتمر بمؤتمر جمايكا‪ ،‬وفيه تم التعديل الثاني التفاقي ة بريتون‬
‫وودز ‪ ،‬وال ذي ب دأ س ريانه ابت داء من أفري ل ‪ .1978‬فاتفاقي ة جمايك ا س محت للص ندوق بالت دخل بش كل‬
‫فعال من ذي قبل في النظام النقدي العالمي‪ ،‬وفي السياسات االقتصادية للدول األعضاء في الصندوق‬
‫وخاصة تلك المدينة منها‪ .‬وبذلك تكون اتفاقية جمايكا قد أدت دور الذهب في النظام النقدي العالمي‪،‬‬
‫وقررت نظاما أكثر مرونة ألسعار الصرف‪ ،‬ودعمت حقوق السحب الخاصة‪.‬‬
‫ز‪ -‬التنظيمات التي أبرزها النظام النقدي الدولي خالل تطوره‪:‬‬
‫‪-1‬حقوق السحب الخاصة‪:‬‬
‫تعت بر حق وق الس حب الخاص ة نوع ا جدي دا من األص ول الدولي ة ال تي يمكن للدول ة أن تس تخدمها في‬
‫تسوية مدفوعاتها الدولية‪ ،‬باإلضافة إلى احتياطاتها من الذهب والعمالت األجنبية األخرى‪ .‬غير أن هذه‬
‫الحقوق ليست إال مجرد قيود دفترية يجريها الصندوق‪ ،‬وتستمد قيمتها القانونية من مجرد التزام الدول‬
‫األعض اء في الص ندوق ب أن تقبله ا في أي وقت‪ ،‬ومن أي ة دول ة‪ ،‬في ح دود قيم ة إجمالي ة مح ددة‪ ،‬ويتم‬
‫توزيع وحدات حقوق السحب الخاصة على الدول األعضاء بنسبة حصصهم‪ .‬وتستخدم هذه الحقوق في‬
‫تسوية العجز المؤقت في ميزان المدفوعات‪ ،‬وال يجوز استخدامها لتمويل أغراض أخرى‪ ،‬مثل تمويل‬
‫مش روعات التنمي ة أو للتوس يع في تموي ل حرك ات واس عة ومس تمرة ل رؤوس األم وال أو ل دفع دي ون‬
‫الحرب‪....‬الخ‪ .‬وقد قيمت قيمة الوحدة من حقوق السحب الخاصة في شكل وزن محدد من الذهب النقي‬
‫ه و ‪ 0.888671‬من الغ رام‪ ،‬أي م ا يع ادل القيم ة الرس مية لل دوالر األم ريكي وقت خل ق ه ذه الحق وق‬
‫وقبل تخفيضه عام ‪.1971‬‬
‫وتستمد حقوق السحب الخاصة قوة إبراءها في مجال المدفوعات الدولية من قبول الدولة العضو التي‬
‫يق ع عليه ا االختي ار من الص ندوق في اس تبدال ه ذه الحق وق بعمالت قابل ة للتحوي ل‪ ،‬على أن ال يزي د م ا‬
‫تملك ه الدول ة المانح ة من حق وق الس حب الخاص ة عن ثالث ة أض عاف حص تها من تل ك الوح دات ال تي‬
‫حددت لها من قبل الصندوق‪.‬‬
‫‪-2‬النظام النقدي األوروبي‪:‬‬
‫االتح اد األوروبي عب ارة عن إتح اد إقليمي أنش ئ بم وجب معاه دة روم ا في ع ام‪ ، 1957‬وال تي تم‬
‫بمقتضاها‬
‫إقام ة إتح اد اقتص ادي أوروبي تتمت ع في ه الس لع والخ دمات والعمال ة ورأس الم ال بحري ة الحرك ة ع بر‬
‫الح دود السياس ية بين ال دول األعض اء دون عوائ ق أو قي ود‪ .‬وفي ع ام‪ ، 1970‬تض من تقري ر في نر‬
‫‪Werner Plan‬‬
‫اقتراح بإنشاء إتحاد نقدي أوروبي‪ ،‬وقد اشتمل هذا التقرير على ثالثة مراحل‪ ،‬تتضمن المرحل ة األولى‬
‫والثانية مسألة التنسيق بين السياسات االقتصادية والنقدية والقضاء على التقلبات في أسعار الصرف بين‬
‫عمالت الدول األعضاء‪ ،‬أما المرحلة الثالثة فتتضمن إنشاء نظام موحد للبنوك المركزية‪.‬‬
‫‪ .3‬النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫يش هد االقتص اد الع المي الي وم أنواع ا مختلف ة من االختالالت الدولي ة ال تي س اهمت في عدي د الم رات‬
‫في نش وء أزم ات ك ان له ا ت داعياتها الس لبية على تط ور االقتص اد الع المي لس نوات‪ .‬وي رى العدي د من‬
‫االقتص اديين أن س بب ه ذه اإلختالالت ه و ع دم وج ود نظ ام نق دي دولي ق ائم بح د ذات ه كم ا ك ان الح ال‬
‫علي ه في ظ ل نظ ام قاع دة ال ذهب أو في ظ ل نظ ام بريت ون وودز‪ .‬فالبل دان الك برى تلج أ مثال لتط بيق‬
‫سياس ات توس عية من خالل خفض أس عار الفائ دة أو من خالل التوس ع في اإلنف اق الع ام لتص حيح‬
‫اختالالته ا قص يرة األج ل بغض النظ ر عن الت داعيات الس لبية لتل ك السياس ات على الم دى الطوي ل في‬
‫االقتصاد العالمي‪ ،‬ولم يعد هنالك ما يحدد ويلزم بقواعد متفق عليها دوليا لتقييد اإلجراءات التي تتبعها‬
‫مختلف الدول بما يهدف لتحقيق منافع طويلة األجل لالقتصاد العالمي ككل‪.‬‬
‫‪ .1.3‬واقع النظام الدولي الحالي‬
‫يمكن قراءة الوضع الحالي للنظام النقدي الدولي السائد من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسعار الصرف‪ :‬يتميز النظام النقدي الدولي الحالي بكونه هجينا من حيث ترتيبات سعر الصرف‪،‬‬
‫باعتبار أن أكبر اإلقتصاديات العالمية ال تتشارك في نظام صرف واحد أو ركيزة اسمية موحدة‪ .‬إذ أن‬
‫ثل ثي أك بر ‪ 40‬اقتص ادا في الع الم تتب ع نظ ام ص رف مع وم في حين أن الثلث اآلخ ر ينقس م بين نظ ام‬
‫الصرف الثابت والعائم الموجه‪.‬‬
‫ب‪ -‬ميزان المدفوعات‪ :‬مع توالي تحرير الحساب المالي وعمليات التجارة الدولية‪ ،‬تزايد االختالل في‬
‫موازين المدفوعات في االقتصاد العالمي من خالل وضعية الحساب الجاري ليكون بذلك صفة مميزة‬
‫للنظام النقدي الحالي‪ ،‬الذي يعرف ارتفاعا ملحوظا في التدفقات المالية كنتيجة لتطور العولمة المالية‬
‫التي ارتفعت بين سنتي ‪1970‬و ‪ 2007‬من ‪ % 40‬كنسبة من الناتج العالمي إلى ‪.% 300‬‬
‫ج‪ -‬االحتياطات الدولية‪ :‬يرى الكثير من الباحثين أن من أهم ميزات النظام النقدي الحالي مقارنة بنظ ام‬
‫بريت ون وودز ه و تزاي د توج ه ال دول خصوص ا النامي ة منه ا لرف ع رص يدها من االحتياط ات الدولي ة‬
‫بالتزامن مع اختالالت الحساب الجاري فيها‪ ،‬وهذا يعبر عن غياب آلية توازن تلقائية ألسعار الصرف‬
‫في ظل النظام الحالي مما يستوجب العمل على االحتفاظ باالحتياطات الدولية‪.‬‬
‫د‪ -‬المؤسسات‪ :‬يعمل النظام النقدي الدولي الحالي في إطار مجموعة معقدة من الهيئات والمؤسسات‬
‫التي تعمل من خالل وضع مجموعة من القواعد واإلجراءات على تحقيق االستقرار النقدي والمالي في‬
‫االقتص اد الع المي‪ ،‬وت برز أهم ه ذه المؤسس ات في‪ :‬ص ندوق النق د ال دولي‪ ،‬بن ك التس ويات الدولي ة‬
‫ومجموع ة العش رين‪ .‬لكن عم ل ه ذه المؤسس ات لم يكن فع اال في تق دير المخ اطر ال تي تواج ه النش اط‬
‫االقتصادي من جهة وال التداعيات المترتبة عنها في حال إدراكها من جهة أخرى‪ ،‬مما كان سببا هاما‬
‫في تعرض االقتصاد العالمي للعديد من األزمات‪.‬‬
‫‪ .2.3‬أوجه قصور النظام النقدي الدولي الحالي‪:‬‬
‫تعتبر اختالالت النظام النقدي الدولي الحالي نتاج العديد من القصور أهمها هي‪:‬‬
‫_ غياب آلية دولية تلقائية لتصحيح اإلختالالت‪ :‬إن تجنب التعرض ألزمات تعصف باالقتصاد العالمي‬
‫المتراب ط أن يك ون هنال ك تنس يق بين ال دول س واء ذات العج ز أو الف ائض لتص حيح اختالالت الحس اب‬
‫الج اري دون أعب اء‪ ،‬وهن ا ت برز آلي ة س عر الص رف من أهم أدوات التص حيح من خالل تأثيراته ا على‬
‫مس توى اإلنتاجي ة وتنافس ية الص ادرات‪ ،‬لكن ه ذه اآللي ة بفع ل عوام ل غي اب التنس يق ال دولي وتحرك ات‬
‫أسواق الصرف وغيرها ال تعمل كما هو ضروري‪.‬‬
‫_ التأثير السلبي للقرارات االقتصادية في الدول الكبرى على اقتصاديات الدول الصغيرة‪ :‬تعم ل ال دول‬
‫الكبرى على اللجوء للتوسع النقدي وتخفض معدالت الفائدة لدعم اقتصادياتها بغض النظر عن تأثيرات‬
‫ذلك في المدى المتوسط والطويل على االقتصاديات الصغيرة التي تفقد بذلك سيادتها االقتصادية‪.‬‬
‫_ غياب قاعدة دولية معينة يرتك‪00‬ز عليه‪00‬ا مثال في التوس‪00‬ع النق‪00‬دي وتحدي‪00‬د مع‪00‬دالت الفائ‪00‬دة‪ :‬إذ أن ك ل‬
‫بنك مركزي يعتمد على قاعدة معينة في ضبط العرض النقدي أو في توجيه معدالت الفائدة‪ ،‬مما يؤدي‬
‫في ظل اقتصاد عالمي معولم إلى حدوث اضطرابات في تدفقات رؤوس األموال؛‬
‫_ عدم وجود مصادر كافية لتوفير الس‪00‬يولة دولي‪0‬ا‪ :‬إن تع رض االقتص اد الع المي ألزم ات كم ا أبرزت ه‬
‫عديد التجارب يدفع إلى بروز أزمة سيولة دولية ال يستطيع صندوق النقد الدولي الذي يفترض به تقديم‬
‫المس اعدة على الوف اء بمتطلب ات الس يولة الالزم ة لتجنب تع اظم األزم ة ومن ثم تس ريع وت يرة تحقي ق‬
‫التعافي االقتصادي‪.‬‬
‫‪ .3.3‬آليات إصالح النظام النقدي الدولي الحالي‬
‫شهد النظام النقدي الدولي عبر مراحله العديد من اإلصالحات والزال‪ ،‬خاصة وما يشوب االقتصاد‬
‫الع المي من متغ يرات اقتص ادية متس ارعة أح دثت الالاس تقرار في العالق ات النقدي ة الدولي ة‪ ،‬أوجب‬
‫ض رورة اإلس راع في خل ق آلي ات إص الح أك ثر نجاع ة إلدارة ه ذه األزم ات النقدي ة المتوالي ة وبحل ل‬
‫جديدة‪ ،‬تتمثل مجملها في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-‬أ الحقائق األساسية المتعلقة برؤية إصالح النظام النقدي الدولي‪:‬‬
‫إن األزم ات المالي ة النقدي ة المتتالي ة على االقتص اد الع المي‪ ،‬أثبتت حق ائق مفاده ا وج وب إص الح‬
‫النظام المالي والنقدي الدولي‪ ،‬من خالل إتباع الحقائق التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة بلورة معالم للنظام النقدي الدولي أكثر مالءة ومرونة؛‬
‫‪ -‬ضرورة تأدية الدور الرئيسي في تحقيق االستقرار النقدي‪ ،‬مع اس تمرارية بذل الجهود تجاه بلورة‬
‫نظام لإلنذار المبكر لألزمات؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في األطر المؤسسية والقانونية الحاكمة لنشاط تسيير عمليات تسوية المدفوعات المالية‬
‫الدولية‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلطار المؤسسي‪:‬‬
‫فش ل مؤسس ات النظ ام النق دي ال دولي في تحقي ق األه داف ال تي أسس ت من أجله ا تول د عنه ا الحاج ة‬
‫الملحة إلى إعادة بناء وهيكلة كامل األطر المؤسسية والقانونية والفنية للنظام‪ ،‬من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إع ادة تص ميم مؤسس ات النظ ام النق دي ال دولي‪ ،‬بحيث يتم إقام ة بنيانه ا المؤسس ي وإ طاره ا الق انوني‬
‫وف ق متطلب ات وأه داف االس تقرار النق دي الع المي وامتالك الق درة الالزم ة‪ ،‬وت أمين الم وارد المالي ة‬
‫والبشرية المؤمنة برسالتها الجديدة ‪.‬‬
‫‪ -‬التع اون م ع منظوم ة األمم المتح دة ومختل ف المؤسس ات واللج ان اإلقليمي ة التابع ة له ا‪ ،‬إلقام ة نظ ام‬
‫اقتصادي ومالي ونقدي عالمي تسوده روح العدالة والشفافية‪.‬‬
‫العمل على تحسين مستوى تمثيل الدول النامية والدول الصاعدة‪ ،‬والدول الفقيرة في إدارة المؤسسات‬
‫الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬إنش اء وتعزي ز آلي ات التع اون والتنس يق بين المؤسس ات المالي ة والنقدي ة والتجاري ة الدولي ة من جه ة‪،‬‬
‫ومع المؤسسات اإلقليمية من جهة أخرى‪.‬‬
‫ج‪ -‬عملة االحتياطي النقدي الدولي‬
‫إن بلورة أسس جديدة لقاعدة النظام النقدي الدولي‪ ،‬تأخذ في االعتبار "تجنب االعتماد المفرط على‬
‫ال دوالر‪ ،‬واالتجاه صوب اعتماد س لة من العمالت بحسب قوة اقتص ادياتها‪ ،‬حيث ب دأ العديد من الدول‬
‫في أمريكا الالتينية وآسيا التخلي عن الدوالر كوسيلة الدفع لتمويل تجارتها الخارجية مثل البرازيل التي‬
‫لجأت إلى استخدام اليوان الصيني‪ ،‬بينما لجأت بعض الدول إلى تغيير نظامها النقدي المرتبط بالدوالر‬
‫وسعت إلى ربط عملتها بسلة من العمالت كالكويت‪.‬‬
‫وض من ه ذا الس ياق‪ ،‬يمكن اإلش ارة إلى ك ل من الي ورو األوروبي‪ ،‬والين الياب اني‪ ،‬واإلس ترليني‬
‫البريطاني‪ ،‬واليوان الصيني‪ ،‬كما يمكن إعادة ق راءة مشروع كينز ح ول تأس يس نظ ام دولي للم دفوعات‬
‫والمقاصة‪ ،‬من خالل إنشاء عملة دولية جديدة‪ ،‬وتأمين تسهيالت تمويلية تعاونية بين البنوك المركزية‪،‬‬
‫لمواجهة المشاكل التي تتعرض لها بعض الدول في موازين مدفوعاتها‪ ،‬والعمل على تطوير مشروعه‬
‫وتحديثه بما يتوافق واالحتياجات الفعلية للنظام المقترح‪ ،‬وذلك من أجل بلورة معالم نظام نقدي ومالي‬
‫وتجاري دولي جديد أكثر‬
‫استقرارا وعدالة‪ ،‬ومتحررا من هيمنة الدوالر األمريكي‪.‬‬
‫د‪ -‬اعتماد قاعدة الذهب‪:‬‬
‫العديد من المقترحات نادت بضرورة العودة إلى قاعدة الذهب‪ ،‬أو كما يطلق عليه "العصر الذهبي"‬
‫في فترات بريتون وودز"‪ ،‬التي اتصفت باالستقرار النقدي باالعتماد على الذهب كوسيط للتبادل وقيمة‬
‫للعملة في نفس الوقت‪ ،‬وهي من الحلول القوية في إعادة االستقرار النقدي‪.‬‬
‫ه‪ -‬ضبط أسعار الصرف‪ ،‬يتم ذلك من خالل‪:‬‬
‫كبح عملية تخفيض قيمة العملة ورفعها في أحيان أخرى‪ ،‬من أجل المنافسة في السوق العالمي‪.‬‬
‫ضبط آليات سوق الصرف األجنبي‪ ،‬من خالل ضبط أسعار صرف عمالت مع عمالت أخرى‪.‬‬
‫مراقبة سوق الصرف األجنبي من طرف هيئات وصية‪ ،‬كالمؤسسات المالية النقدية مثل صندوق النقد‬
‫الدولي‪.‬‬
‫و‪ -‬التنسيق بين اقتصاديات الدول المتقدمة والصاعدة بالعمل على التصحيح المالي‪.‬‬
‫ز‪ -‬إنش اء هيئ ة وص ية لمراقب ة س ير س وق الص رف األجن بي‪ ،‬ك أن تض ع ح د معين لرف ع وخفض قيم ة‬
‫العملة‪ ،‬دون أن يؤثر ذلك على االستقرار النقدي وأسعار الصرف‪.‬‬

You might also like