Professional Documents
Culture Documents
لقد عرف العالم عدد من األنظمة النقدية المختلفة و يؤخذ اسم النظام النقدي أو القاعدة النقدية
Monetary standardمن السلعة أو السلع التي تثبت وحدة النقد بداللتها فإذا تم تثبيت عملة الدولة
بالنسبة إلى الذهب قيل أنها تتبع قاعدة الذهب ،Gold standardو إذا تم ربط العملة بالذهب و الفضة
في أن واحد أطلق على النظام النقدي ا سم قاعد المعدنين ،أما إذا ثبتت بالنسبة إلى الفضة قيل أنها تسير
على قاعدة الفضة ،و إذا لم يتم ربط عمله الدولة بأي معدن قيل أنها تتبع النظام النقدي الورقي.
و يتلخص مضمون هذا القانون في( :إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول) .إذ أن
استمرار األخذ بنظام المعدنين يتطلب استمرار تعادل النسبة القانونية مع نسبة تعادل المعدنين في
السوق.
إال أنه من الصعب المحافظة على استقرار القيمتين السوقية (التجارية) و القانونية ،طالما أن القيمة
التجارية لكل من المعدنين تتحدد بعاملي العرض و الطلب على كل منهما .و عند حصول اختالف بين
القيمتين السوقية و القانونية ،ففي هذه الحالة تميل المسكوكات من المعدن الذي ارتفعت قيمته السوقية
على قيمته القانونية إلى االختفاء من التداول ،لتحل محلها المسكوكات من المعدن الرخيص.
من مزايا هذا النظام أنه يساعد على اتساع حجم القاعدة النقدية ،فيزداد حجم الكتلة النقدية ،مما يؤدي
إلى زيادة حجم المبادالت .كما تصبح أسعار الصرف أكثر استقرارا منها في حالة وجود نظام معدن
واحد .ففي نظام المعدنين يمكن تصحيح الميزان المدفوعات عن طريق استخدام معدنين بدل من معدن
واحد ،طالما أن كمية النقود في الداخل تعتمد على وجود معدنين ال واحد.
و من عيوب هذا النظام هو أنه من الصعب على الحكومة أن تحافظ على استمرار تعادل النسبة
القانونية مع نسبة تعادل المع دنين في السوق .و حتى لو تمكنت الدولة من الحفاظ على ثبات تعادل
النسبتين القانونية و السوقية ،فإن دول أخرى قد ال تتمكن من ذلك .فإذا حصل إن اختلفت النسبة في
السوق الداخلية عنها في السوق الخارجية .فإن هذا االختالف سيؤدي إلى تصدير المعدن الذي أصبحت
قيمته في الداخل أقل من قيمته في الخارج ،ألن عملية تصديره تصبح مربحة ،و بخروج المعدن الثمين
ستختلف النسبة القانونية عن النسبة التجارية في السوق ،فيزول النظام باختفاء النقد الجيد.
( ............. 1جريشام) هذا وزيرا للمالية ببريطانيا في القرن السادس عشر في عهد الملكة إليزابيث.
و أدى زوال نظام المعدنين إلى إتباع نظام المعدن الواحد.
ج-النظام الورقي
في ظل القاعدة النقدية الورقية لم يعد اإلصدار معتمدا على احتياطي المعدن الثمين،ألن احتياجات
الدولة الحديثة إلى النقود أصبحت كبيرة جدا بحيث ال يمكن ربط إصدار هذه الكمية بالذهب لقلة إنتاج
الذهب في العالم ،و حاجة الدولة الحديثة ترمي إلى تحقيق مستوى االستخدام الكامل ،و تستهدف تحقيق
معدالت نمو اقتصادي عالية .و إن تحقيق مثل هذه األهداف يتطلب القيام بمشاريع اقتصادية متعددة،
فيرتفع حجم المبدالت التجارية و تزداد الحاجة إلى كميات كبيرة من النقود ،مما أدى بالضرورة إلى
فصل اإلصدار عن الغطاء.
و بفصل اإلصدار عن ال غطاء أصبح اإلصدار يرتبط بمستوى النشاط االقتصادي الوطني ،حيث
يسمح للبنك المركزي إصدار الكمية الضرورية الالزمة لتغطية حاجة المبادالت التجارية .إذ يقوم
البنك المركزي بتقديم وسائل الدفع الالزمة للحكومة ليساعدها على تنفيذ نشاطاتها المتعددة مقابل
حصوله منها على سندات الخزينة .و هكذا يقدم البنك المركزي القروض المباشرة إلى الحكومة عندما
تواجهها مشكلة عجز الميزانية.
في ظل النظام التقدي الورقي يطلق اسم النقود اإللزامية على النقود الورقية و المعدنية المساعدة،
أي أن قوتها مستمدة من قوة القانون الذي يلزم الناس بقبولها في التداول .و تتميز النقود الورقية
بالخصائص التالية:
1ـ الورقة النقدية ال قيمة لها بحد ذاتها كقطعة من الورق ،بل تستمد قيمتها من القانون تماما ،على
عكس المسكوكات النقدية التي تتمتع بقيمة ذاتية ،حيث القيمة االسمية للقطعة النقدية = قيمتها السلعية،
أي قيمة ما تحتويه من معدن ثمين.
2ـ إن القوة الشرائية للورقة النقدية تعتبر غير ثابتة ،طالما أن بوسع الحكومة إصدار الكمية المطلوبة
منها عند الضرورة.
3ـ إن حجم الكتلة النقدية الورقية يتوقف على قرار السلطات النقدية ،الذي يعتمد بدوره على الظروف
االقتصادية السائدة .فقد يتم زيادة حجم الكتلة النقدية أو تخفيضها بالشكل الذي يخدم المصلحة
االقتصادية .و ليس كما هي الحال في ظل نظام قاعدة الذهب ،حيث يعتمد عرض النقود على المقدار
المتوفر من المعدن الثمين لدى السلطات النقدية (البنك المركزي).
و يعتقد المعترضون على النظام النقدي الورقي أن هذا النظام يقود االقتصاد إلى هاوية التضخم
النقدي ،و بالتالي قد يؤدي التضخم السريع إلى انهيار النظام النقدي بكامله ،كما حصل في ألمانيا بعد
الحرب العالمية األولى .و يترتب على التضخم اتساع الفجوة بين دخول األفراد ،و إلحاق الضرر
بالطبقات الفقيرة و أصحاب الدخول الثابتة .و مع ذلك ،نجد من يقف إلى جانب النظام النقدي الورقي،
و يرد على المعترضين بالنقاط التالية:
1ـ ال يمكن اعتبار التضخم صفة مالزمة للنظام النقدي الورقي ،بل إن المسؤولية عن حدوث التضخم
تقع على القائمين على إدارة هذا النظام ،فهم المسئولين عن اإلفراط في إصدار النقود الورقية
اإللزامية.
2ـ إن إتباع النظام النقدي الورقي لم يأت اختيارا بل فرضته ظروف الحرب العالمية األولى و حاجة
الحكومات إلى مزيد من النقود.
لتغطية نفقات الحرب المتزايدة ،ثم الظروف االقتصادية و زيادة حجم المبدالت و الحاجة المتزايدة
إلى النقود لتغطيتها.
3ـ إن النظام النقدي الورقي يتميز بمرونة في العرض يفتقر إليها النظام الذهبي .إذ يمكن مواجهة
االنكماش االقتصادي عن طريق ضخ المزيد من النقود الورقية في التداول.