You are on page 1of 8

‫دروس اقتصاد نقدي‬

‫لطلبة السداسي الثالث‬

‫ميدان العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير‬

‫سردلا الثاني‪ :‬األنظمة النقدية‬

‫إعداد البروفسور بوكساني رشيد‬


‫سردلا الثاني‪ :‬األنظمة النقدية‬
‫مقدمة‬
‫نعني بـ (النظام الن قدي) جميع أنواع النقود الموجودة في بلد ما و جميع المؤسسات ذات السلطات‬
‫و المسؤوليات المتعلقة بخلق النقود و أبطالها‪ ،‬و جميع القوانين و القواعد و التعليمات و اإلجراءات‬
‫التي تحكم هذا الخلق و اإلبطال و في األنظمة النقدية الحديثة لألقطار المتقدمة‪ ،‬تتألف النقود بأنواعها‬
‫من النقود الورقية و المسكوكات و ودائع البنوك التجارية أما المؤسسات فتتكون من الخزينة العامة‬
‫(وزارة المالية) و البنك المركزي‪ ،‬و البنوك التجارية‪ ،‬و هي البنوك التي تحتفظ بالودائع الجارية‬
‫للجمهور أما القوانين و التعليمات و اإلجراءات فعديدة و متنوعة‪ ،‬تهدف عموما لجعل الكتلة النقدية‬
‫(كمية النقود) قابلة على دفع االقتصاد نحو تحقيق أهداف االستخدام الشامل‪ ،‬و استقرار المستوى العام‬
‫لألسعار‪ ،‬و النمو المستمر بمعدالت عالية‪ ،‬و جعل النقود نعمل بطريقة مثلى «كوسيلة مبادلة و مقياس‬
‫للقيمة وأداة لالدخار و الدفع المؤجل»‬
‫والنظام النقدي هو نظام اجتماعي يختلف باختالف البيئات و المجتمعات و كتحريم الربا و الفوائد في‬
‫المجتمع االسالمي‪ ،‬كما انه نظام تاريخي أي أنه لم يخلق من العدم بل ناتج عن تطور المجال‬
‫االقتصادي‬

‫لقد عرف العالم عدد من األنظمة النقدية المختلفة و يؤخذ اسم النظام النقدي أو القاعدة النقدية‬
‫‪ Monetary standard‬من السلعة أو السلع التي تثبت وحدة النقد بداللتها فإذا تم تثبيت عملة الدولة‬
‫بالنسبة إلى الذهب قيل أنها تتبع قاعدة الذهب ‪ ،Gold standard‬و إذا تم ربط العملة بالذهب و الفضة‬
‫في أن واحد أطلق على النظام النقدي ا سم قاعد المعدنين‪ ،‬أما إذا ثبتت بالنسبة إلى الفضة قيل أنها تسير‬
‫على قاعدة الفضة‪ ،‬و إذا لم يتم ربط عمله الدولة بأي معدن قيل أنها تتبع النظام النقدي الورقي‪.‬‬

‫‪1‬ـ نظام المعدنين‪:‬‬


‫في ظل نظام المعدنين يتم تحديد نسبة قانونية بين عيار الفضة و عيار الذهب‪ .‬و في هذا النظام‬
‫توجد نقود من المسكوكات الذهبية و إلى جانبها نقود من المسكوكات الفضية‪ ،‬و مع وجود نسبة قانونية‬
‫تحددها الدولة بين الذهب و الفضة‪.‬‬
‫و يمكن تلخيص شروط قيام نظام المعدنين بالنقاط التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تعيين معدل قانوني ثابت بين الذهب و الفضة‪ ،‬و تكون كل من النقود الذهبية و الفضية ذات وزن‬
‫و عيار معينين‪ ،‬و يتم التبادل بين المسكوكات الذهبية و الفضية على أساس المعدن الصافي في كل‬
‫منهما‪ ،‬أي مقدار الفضة الصافي في الدوالر الفضي‪ ،‬و الذهب الصافي في الدوالر الذهبي‪ ،‬إذ كانت‬
‫النسبة القانونية بين الدوالر الفضي و الدوالر الذهبي تعادل ‪ 1:16‬في النصف األول من القرن التاسع‬
‫عشر‪ ،‬أي أن الدوالر الذهبي يساوي ‪ 16‬دوالرا فضيا‪ ،‬كما كانت السلطات النقدية ملزمة بتحويل‬
‫السبائك الذهبية و الفضية إلى دوالرات ذهبية و فضية وفقا لهذه النسبة المحددة‪.‬‬
‫‪2‬ـ حرية تحويل السبائك من الذهب أو الفضة إلى قطع نقدية مجانا‪.‬‬
‫أي باستطاعة الفرد أن يتقدم إلى السلطات النقدية و أن يسلمها سبائك ذهبية و يأخذ مقابل ذلك قطعا‬
‫نقدية من الذهب أو الفضة تعادل قيمة السبائك‪ .‬إن الفائدة من فرض هذا الشرط هو المحافظة على‬
‫التعادل القيمتين االسمية و السلعية حتى ال تصبح القيمة االسمية أكبر من القيمة السلعية للمسكوكة‪.‬‬
‫‪3‬ـ حرية صهر المسكوكات و تحويلها إلى سبائك حتى ال تصبح القيمة السلعية أكبر من القيمة االسمية‪.‬‬
‫‪4‬ـ حرية إستيراد و تصدير المعدن الثمين من أجل المحافظة على استقرار أسعار الصرف الدولية‪.‬‬
‫و لقد واجه نظام المعدنين عدة صعوبات أدت إلى انهياره لصالح قيام نظام المعدن الواحد‪ ،‬أي نظام‬
‫الذهب‪ .‬و تتلخص هذه الصعوبات فيما كان يعرف باسم قانون «جريشام»‪.1‬‬

‫و يتلخص مضمون هذا القانون في‪( :‬إن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول)‪ .‬إذ أن‬
‫استمرار األخذ بنظام المعدنين يتطلب استمرار تعادل النسبة القانونية مع نسبة تعادل المعدنين في‬
‫السوق‪.‬‬
‫إال أنه من الصعب المحافظة على استقرار القيمتين السوقية (التجارية) و القانونية‪ ،‬طالما أن القيمة‬
‫التجارية لكل من المعدنين تتحدد بعاملي العرض و الطلب على كل منهما‪ .‬و عند حصول اختالف بين‬
‫القيمتين السوقية و القانونية‪ ،‬ففي هذه الحالة تميل المسكوكات من المعدن الذي ارتفعت قيمته السوقية‬
‫على قيمته القانونية إلى االختفاء من التداول‪ ،‬لتحل محلها المسكوكات من المعدن الرخيص‪.‬‬

‫‪-‬مزايا و عيوب نظام المعدنين‪:‬‬

‫من مزايا هذا النظام أنه يساعد على اتساع حجم القاعدة النقدية‪ ،‬فيزداد حجم الكتلة النقدية‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى زيادة حجم المبادالت‪ .‬كما تصبح أسعار الصرف أكثر استقرارا منها في حالة وجود نظام معدن‬
‫واحد‪ .‬ففي نظام المعدنين يمكن تصحيح الميزان المدفوعات عن طريق استخدام معدنين بدل من معدن‬
‫واحد‪ ،‬طالما أن كمية النقود في الداخل تعتمد على وجود معدنين ال واحد‪.‬‬

‫و من عيوب هذا النظام هو أنه من الصعب على الحكومة أن تحافظ على استمرار تعادل النسبة‬
‫القانونية مع نسبة تعادل المع دنين في السوق‪ .‬و حتى لو تمكنت الدولة من الحفاظ على ثبات تعادل‬
‫النسبتين القانونية و السوقية‪ ،‬فإن دول أخرى قد ال تتمكن من ذلك‪ .‬فإذا حصل إن اختلفت النسبة في‬
‫السوق الداخلية عنها في السوق الخارجية‪ .‬فإن هذا االختالف سيؤدي إلى تصدير المعدن الذي أصبحت‬
‫قيمته في الداخل أقل من قيمته في الخارج‪ ،‬ألن عملية تصديره تصبح مربحة‪ ،‬و بخروج المعدن الثمين‬
‫ستختلف النسبة القانونية عن النسبة التجارية في السوق‪ ،‬فيزول النظام باختفاء النقد الجيد‪.‬‬

‫‪( ............. 1‬جريشام) هذا وزيرا للمالية ببريطانيا في القرن السادس عشر في عهد الملكة إليزابيث‪.‬‬
‫و أدى زوال نظام المعدنين إلى إتباع نظام المعدن الواحد‪.‬‬

‫‪2‬ـ نظام المعدن الواحد‪ :‬الذهب‬


‫لقد اعترض نظام المعدنين عدة صعوبات أدت به إلى الزوال لصالح نظام المعدن الواحد‪ :‬الذهب‪.‬‬
‫في ظل نظام المعدن الواحد يكون أساس الوحدة النقدية من معدن واحد‪ .‬و يستمد نظام المعدن الواحد‬
‫اسمه من المعدن الذي منه تسلك القطع النقدية‪ .‬فإذا اعتمدت الدولة الذهب قيل أنها تتبنى نظام قاعدة‬
‫الذهب‪ .‬أما إذا اعتمدت الفضة قيل أنها تتبع نظام قاعدة الفضة‪.‬‬
‫ففي ظل نظام الذهب تكون قيمة الوحدة النقدية مساوية إلى قيمة ما تحتويه من ذهب‪ .‬و بعبارة‬
‫أخرى‪ :‬إن القوة الشرائية لوحدة النقد تكون مساوية إلى القوة الشرائية لذلك المقدار الثابت من الذهب‬
‫الذي تحتوي عليه المسكوكة الذهبية‪ ،‬أي أن مقدار ما يحصل عليه الباوند اإلسترليني الذهبي يساوي‬
‫مقدار ما يحصل عليه الذهب الموجود فيه‪.‬‬
‫ويتخذ نظام الذهب االشكال الثالثة االتية‪:‬‬

‫أ ـ نظام المسكوكات الذهبية( نظام الذهب الكامل)‬


‫يطلق على النظام النقدي اسم نظام الذهب عندما تكون وحدة النقد األساسيةـ الباوند‪ ،‬الدوالر‪ ،‬الخ ـ‬
‫ذات وزن و عيار معينين من الذهب‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬كان الباوند اإلسترليني الذهبي المتداول قبل‬
‫نشوب الحرب العالمية األولى في ‪ 1914‬يزن ‪ 123.77.445‬حبة من الذهب و درجة نقاوة الذهب فيه‬
‫تتراوح بين ‪11‬ـ‪ ، 12‬أي أنه كان يحتوي على أحد عشر جزا من الذهب و جزءا واحد من معدن آخر‪.‬‬
‫و كان سعر الباوند الذهبي مساو تماما إلى كمية الذهب الموجودة فيه‪ .‬و في ظل نظام الذهب كان البد‬
‫من تحديد سعر الذهب عالميا بموجب القانون عند مستوى ‪ 5.175‬باوند لألونصة الواحدة من الذهب‬
‫في ذلك الوقت‪ ،‬كما تطلب نظام الذهب تحديد كمية الذهب الموجودة في وحدة النقد األساسية بمقتضى‬
‫القانون‪ .‬كما يشترط في نظام الذهب توفر سوق حرة للذهب‪ ،‬حيث يباع و يشترى الذهب فيها بالسعر‬
‫المحدد قانونا‪.‬‬
‫لقد سار عدد كبير من بلدان العا لم على نظام الذهب الكامل المعروف باسم نظام المسكوكات الذهبية‪.‬‬
‫فقد ساد هذا النظام المملكة المتحدة البريطانية و عددا كبيرا من الدول قل نشوب الحرب العالمية األولى‬
‫في ‪ . 1914‬و في ظل هذا النظام كانت العملة المتداولة ذهبا‪ .‬إذ تبنت المملكة المتحدة هذا النظام منذ‬
‫بداية القرن الثامن عشر و استمرت على إتباعه‪ ،‬باستثناء الفترة ‪1797‬ـ‪ 1821‬بسبب الحرب‬
‫النابليونية‪ ،‬إال أن نظام الذهب لم يكن متبعا بشكل عام في أوروبا حتى الربع األخير من القرن التاسع‬
‫عشر‪.‬‬
‫و يمكن تلخيص شروط قيام نظام المسكوكات الذهبية بالنقاط التالية‪:‬‬
‫‪1‬ـ تحديد وزن و عيار الوحدة النقدية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ حرية تحويل السبائك الذهبية إلى قطع نقدية ذهبية دون أن يتحمل حامل السبيكة أية نفقات عن هذا‬
‫التحويل حتى ال تختلف القيمة االسمية عن القيمة السلعية للوحدة النقدية الذهبية و تستمر المحافظة على‬
‫تعادل القيمتين االسمية و السلعية‪ ،‬و حتى ال تصبح القيمة االسمية أكبر من القيمة السلعية للمسكوكة‬
‫الذهبية‪ ،‬و إال أصبحت القيمة االسمية = قيمة ما تحتويه القطعة النقدية من الذهب ‪ +‬نفقات سك السبيكة‬
‫الذهبية إلى قطع نقدية ذهبية‪ ،‬أي أن القيمة االسمية تصبح أكبر من القيمة السلعية عند فرض نفقات‬
‫سك من قبل السلطات النقدية‪.‬‬
‫‪ . 3‬ضمان حرية تصدير و استيراد الذهب ‪،‬و ذلك من اجل المحافظة على ثبات أسعار الصرف‪.‬و‬
‫تتوقف أسعار صرف العمالت في ظل نظام المسكوكات الذهبية على كمية الذهب الصافي الموجودة‬
‫في كل من هذه العمالت‬
‫ب‪-‬ـ نظام السبائك الذهبية‬
‫أدى نشوب الحرب العالمية األولى ‪ 1914‬إلى تخلي دول العالم عن نظام المسكوكات الذهبية‪،‬‬
‫و ذلك نظرا الزدياد نفقات الحرب و حاجة الدول المتحاربة إلى مزيد من النقود لتغطية نفقاتها الحربية‪.‬‬
‫و نظرا لمحدودية كمية الذهب المتوفرة في العالم كان من المستحيل توفير هذه الكمية الكبيرة من القطع‬
‫النقدية الذهبية‪ ،‬لذلك اضطرت دول العالم إلى التخلي عن نظام المسكوكات الذهبية و سحبها من‬
‫التداول‪ ،‬و القيام بإصدار نقود ورقية و معدنية إلزامية و طرحها في التداول‪.‬‬
‫و بعد انتهاء الحرب العالمية األولى حاولت الدول العودة إلى نظام المسكوكات الذهبية‪ ،‬إال أن ذلك‬
‫كان متعذرا نظرا للحجم الكبير من األوراق النقدية الموجودة في التداول‪ ،‬و تعرض اقتصاديات العالم‬
‫إلى حالة التضخم التقدي‪ .‬و بدال من العودة إلى نظام المسكوكات الذهبية عاد العالم إلى نظام جديد‬
‫أطلق عليه اسم (نظام السبائك الذهبية)‪ .‬فقد عادت المملكة المتحدة إلى نظام الذهب خالل الفترة‬
‫‪1925‬ـ‪ . 1931‬ففي ظل هذا النظام الجديد لم تعد العملة المتداولة ذهبا‪ ،‬بل يتم تداول األوراق النقدية‬
‫و القطع النقدية المساعدة اإللزامية‪ .‬و إن هذه العملة ترتبط بمقدار معين من الذهب الموجود في خزائن‬
‫البنك المركزي‪ .‬و اعتبرت العملة الورقية و المعدنية المساعدة في ظل نظام المسكوكات الذهبية غير‬
‫قابلة لالستبدال بالذهب‪ ،‬أي أن الفرد ال يستطيع أن يتقدم إلى السلطات النقدية‪ ،‬و أن يسلمها أوراقا نقدية‬
‫و يطلب بدلها الحصول على سبيكة ذهبية‪.‬‬
‫في ظل هذا النظام يكتفي البنك المركزي باالحتفاظ بكمية من السبائك الذهبية في خزائنه مقابل الكتلة‬
‫النقدية الورقية و المعدنية المساعدة المطروحة في التداول‪ ،‬سواء بما يعادلها من الذهب‪ ،‬أو أن يكون‬
‫الغطاء الذهبي بنسبة محددة منها‪.‬‬

‫ج‪-‬ـ نظام الصرف بالذهب‪:‬‬


‫عرف العالم شكال ثالثا لنظام الذهب أطلق عليه اسم نظام الصرف بالذهب‪ .‬فقد أوصى مؤتمر جنوه‬
‫عام ‪ 1922‬بإتباع النظام رسميا ففي ظل هذا النظام ترتبط عمله بلد ما بالذهب عن طريق ربط عملته‬
‫بعملة بلد آخر يسير على نظام الذهب‪ .‬و يتم ذلك عن طريق احتفاظ البلد التابع بسندات أجنبية للبلد‬
‫المتبوع كغطاء للعملة في التداول‪ .‬و على سبيل المثال‪ ،‬انكلترا و الهند‪ ،‬حيث كانت انكلترا على نظام‬
‫الذهب في حين قامت الهند بتغطية عملتها المتداولة بسندات مسحوبة على انكلترا لصالح الهند‪ ،‬و‬
‫تحصل انكلترا بالمقابل على فوائد‪.‬‬
‫و هكذا تتحدد عملة البلد التابع بعملة البلد المتبوع و ليس بالذهب مباشرة‪ .‬و استهدف األخذ بنظام‬
‫الصرف بالذهب االقتصاد في استغالل الذهب‪ .‬إذ أن االحتفاظ بتداول المسكوكات الذهبية أو االحتفاظ‬
‫بالسبائك الذهبية كغطاء للعملة يعتر إجراء باهظ التكاليف ألن االحتفاظ بالذهب يتطلب توفير الوسائل‬
‫الوقائية لخزنه و حراسته‪ ،‬كما أن الذهب محتفظا به في خزائن البنك المركزي ال يحصل على فوائد و‬
‫يحرم البلد من الحصول عليها‪ ،‬إذ ال تدفع الفائدة مقابل االحتفاظ بالذهب‪ .‬و المشكلة في هذا النظام أن‬
‫البلدان التابعة عادة تكون في منتهى الحذر تجاه أي مؤشر ضعف في عمالت الدول المتبوعة‪ .‬فقد‬
‫ربطت البلدان االسكندنافية قيمة عمالتها باإلسترليني‪ .‬و خالل الفترة ‪1930‬ـ‪ 1931‬عندما راود‬
‫الخوف حكومات البلدان االسكندنافية من ضعف اإلسترليني أرادوا تحويل موجداتهم من الموجودات‬
‫اإلسترلينية إلى ذهب أو إلى عمالت أ خرى مرتبطة بالذهب‪ ،‬و قد أدى هذا التخوف إلى زيادة حدة‬
‫المشكالت النقدية التي كانت تواجهها المملكة المتحدة في ذلك الوقت‪.‬‬

‫ج‪-‬النظام الورقي‬
‫في ظل القاعدة النقدية الورقية لم يعد اإلصدار معتمدا على احتياطي المعدن الثمين‪،‬ألن احتياجات‬
‫الدولة الحديثة إلى النقود أصبحت كبيرة جدا بحيث ال يمكن ربط إصدار هذه الكمية بالذهب لقلة إنتاج‬
‫الذهب في العالم‪ ،‬و حاجة الدولة الحديثة ترمي إلى تحقيق مستوى االستخدام الكامل‪ ،‬و تستهدف تحقيق‬
‫معدالت نمو اقتصادي عالية‪ .‬و إن تحقيق مثل هذه األهداف يتطلب القيام بمشاريع اقتصادية متعددة‪،‬‬
‫فيرتفع حجم المبدالت التجارية و تزداد الحاجة إلى كميات كبيرة من النقود‪ ،‬مما أدى بالضرورة إلى‬
‫فصل اإلصدار عن الغطاء‪.‬‬
‫و بفصل اإلصدار عن ال غطاء أصبح اإلصدار يرتبط بمستوى النشاط االقتصادي الوطني‪ ،‬حيث‬
‫يسمح للبنك المركزي إصدار الكمية الضرورية الالزمة لتغطية حاجة المبادالت التجارية‪ .‬إذ يقوم‬
‫البنك المركزي بتقديم وسائل الدفع الالزمة للحكومة ليساعدها على تنفيذ نشاطاتها المتعددة مقابل‬
‫حصوله منها على سندات الخزينة‪ .‬و هكذا يقدم البنك المركزي القروض المباشرة إلى الحكومة عندما‬
‫تواجهها مشكلة عجز الميزانية‪.‬‬
‫في ظل النظام التقدي الورقي يطلق اسم النقود اإللزامية على النقود الورقية و المعدنية المساعدة‪،‬‬
‫أي أن قوتها مستمدة من قوة القانون الذي يلزم الناس بقبولها في التداول‪ .‬و تتميز النقود الورقية‬
‫بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الورقة النقدية ال قيمة لها بحد ذاتها كقطعة من الورق‪ ،‬بل تستمد قيمتها من القانون تماما‪ ،‬على‬
‫عكس المسكوكات النقدية التي تتمتع بقيمة ذاتية‪ ،‬حيث القيمة االسمية للقطعة النقدية = قيمتها السلعية‪،‬‬
‫أي قيمة ما تحتويه من معدن ثمين‪.‬‬
‫‪2‬ـ إن القوة الشرائية للورقة النقدية تعتبر غير ثابتة‪ ،‬طالما أن بوسع الحكومة إصدار الكمية المطلوبة‬
‫منها عند الضرورة‪.‬‬
‫‪3‬ـ إن حجم الكتلة النقدية الورقية يتوقف على قرار السلطات النقدية‪ ،‬الذي يعتمد بدوره على الظروف‬
‫االقتصادية السائدة‪ .‬فقد يتم زيادة حجم الكتلة النقدية أو تخفيضها بالشكل الذي يخدم المصلحة‬
‫االقتصادية‪ .‬و ليس كما هي الحال في ظل نظام قاعدة الذهب‪ ،‬حيث يعتمد عرض النقود على المقدار‬
‫المتوفر من المعدن الثمين لدى السلطات النقدية (البنك المركزي)‪.‬‬
‫و يعتقد المعترضون على النظام النقدي الورقي أن هذا النظام يقود االقتصاد إلى هاوية التضخم‬
‫النقدي‪ ،‬و بالتالي قد يؤدي التضخم السريع إلى انهيار النظام النقدي بكامله‪ ،‬كما حصل في ألمانيا بعد‬
‫الحرب العالمية األولى‪ .‬و يترتب على التضخم اتساع الفجوة بين دخول األفراد‪ ،‬و إلحاق الضرر‬
‫بالطبقات الفقيرة و أصحاب الدخول الثابتة‪ .‬و مع ذلك‪ ،‬نجد من يقف إلى جانب النظام النقدي الورقي‪،‬‬
‫و يرد على المعترضين بالنقاط التالية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ال يمكن اعتبار التضخم صفة مالزمة للنظام النقدي الورقي‪ ،‬بل إن المسؤولية عن حدوث التضخم‬
‫تقع على القائمين على إدارة هذا النظام‪ ،‬فهم المسئولين عن اإلفراط في إصدار النقود الورقية‬
‫اإللزامية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ إن إتباع النظام النقدي الورقي لم يأت اختيارا بل فرضته ظروف الحرب العالمية األولى و حاجة‬
‫الحكومات إلى مزيد من النقود‪.‬‬
‫لتغطية نفقات الحرب المتزايدة‪ ،‬ثم الظروف االقتصادية و زيادة حجم المبدالت و الحاجة المتزايدة‬
‫إلى النقود لتغطيتها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إن النظام النقدي الورقي يتميز بمرونة في العرض يفتقر إليها النظام الذهبي‪ .‬إذ يمكن مواجهة‬
‫االنكماش االقتصادي عن طريق ضخ المزيد من النقود الورقية في التداول‪.‬‬

You might also like