Professional Documents
Culture Documents
تعتبر عملية اختراع النقود عملية حضارية كبرى ،ولقد اهتدى اإلنسان إليها منذ
العص ور القديم ة ،ش أنها في ذل ك ش أن اخ تراع أح رف الكتاب ة ،أو استكش اف كيفي ة إش عال
النار ،أو ابتكار الزراعة.
لق د ع اش اإلنس ان الب دائي على ج ني الثم ار والص يد بش كل جم اعي ،وك ان زعيم
القبيلة هو الذي يوزع المنتجات بين أفرادها ،وكانت العشيرة تشكل وحدة اقتصادية معلقة،
ومع تطور اإلنتاج أصبح االقتصاد المعلق غير كاف لمواجهة الحياة اإلنسانية ومشقاتها
المتع ددة ،ف دخلت الجماع ات المتفرق ة في مب ادالت فيم ا بينهم ا اآلخ ر على ش كل مقايض ة
(مبادل ة س لع م ع س لع مباش رة) ،وك انت المقايض ة وس يلة في ب ادئ األم ر في مجتمع ات
بس يطة ،ولكن م ع تط ور المجتمع ات ظه رت حاج ات جدي دة وتع ددت الس لع وزاد اإلنت اج،
فأض حى التع اون بم وجب المقايض ة عملي ة عس يرة على اإلنس ان ،وم ا لبث اإلنس ان أن
توصل إلى إيجاد وحدة معياري ة تقاس به ا قيم مختل ف السلع والخ دمات ،ثم أصبحت هذه
الوحدة وسيطا للمبادلة ،يقبلها األفراد عموما ،في الوفاء بااللتزامات .فالنقود إذن هي أي
شيء يتمتع بقبول عام في الوفاء بااللتزامات ،أيا كان نوعها وأيا كانت صفاتها .وأصبحت
النق ود ،فض ال عن ذل ك ،أداة الخ تزان الق وة الش رائية ،وذل ك كي تس تخدم عن د الحاج ة في
المس تقبل .فم ا دام في إمك ان الف رد مبادل ة أي ش يء ب النقود فإن ه يمكن للم رء أن يكت نز
النق ود ،وذل ك ألهمي ة الوظ ائف ال تي تؤديه ا ،باعتباره ا وس يطا للتب ادل ،ومقياس ا للقيم ة،
ومستودعا للقيمة ومعيارا للمدفوعات اآلجلة.
وك انت النق ود الس لعية أق دم أن واع النق ود ،واحتلت المع ادن النفيس ة ،مث ل ال ذهب
والفضة ،مكان الصدارة بين المعادن النقدية ،وتلتهما في المنزلة معادن أخرى ،مثل الحديد
والنحاس والزنك والقصدير.
1
ي ذكر أن الت اريخ المبك ر للنق ود يع ود إلى االبتك ار ال ذي ح دث في الص يف (آس يا
الصغرى) والنقود التي سكها الليديون من خليط معدني من الذهب والفضة ،وذلك في عهد
ملكهم إرديس ( 625 - 652ق.م).
وفي عهد الدولة العباسية تطورت العملة فسكت الدنانير العباسية و التي اشتهر فيها
دينار هارون الرشيد فكان وزن العملة و المعدن التي كانت تضرب منه و الذي كان غالبا
من ال ذهب أو الفض ة دليال علي رقي الدول ة و اتس اعها و اس تقرارها و اس تتباب نظامه ا
االقتصادي في العصر العباسي ضرب أول دينار في الخالفة سنة ( 132هـ 749 -م ) و
كان يماثل الدينار األموي من حيث الحجم و القطر و الوزن لكنه ميز عن الدينار األموي
بحذف صورة اإلخالص من وجه الدينار و استبدل بنقشة ( محمد رسول اهلل ) علي نفس
الوج ه أم ا ال دراهم فق د ص نعت من الفض ة و نقش عليه ا م ا نقش علي ال دنانير من نق وش
باإلضافة إلي الدراهم فقد ضرب العباسيون فئة نقدية صغيره هي الفلس .
تناولن ا في المبحث األول ت اريخ وتعري ف المس كوكات اإلس المية ومراح ل تطوره ا
ومن ثم تناولنا في المبحث الثاني المسكوكات اإلسالمية في العصر العباسي األول ومن ثم
في المبحث الث الث المس كوكات اإلس المية في العص ر العباس ي الث اني تبعه ا خاتم ة
ومقترح ات وتوص يات ومص ادر البحث وفي الخت ام اش كر األس تاذ المش رف على البحث
وادعوا من اهلل التوفيق له والصحة وعلو الشأن واهلل ولي التوفيق ...
2
المبحث األول
التعريف بالمسكوكات اإلسالمية ومراحل تطورها
أسهمت العقيدة اإلسالمية بقسط كبير في تطور صناعة السكة في العالم اإلسالمي
بفض ل اهتم ام الش ريعة اإلس المية ب النقود ،لكونه ا ت دخل في مي دان العب ادات وتح دد
والص داق والعقود والوقف والعقوبات ِّ
والدية َّ المعامالت ،لصلتها المباشرة والوثيقة بالزكاة
وغيرها(.)1
العمالت والنق ود اإلس المية ُيطل ق عليه ا لف ظ الس كة ال ذي يعبِّر عن مع ان متع ددة
ُ
ت دور كله ا ح ول النق ود ال تي تع املت به ا الش عوب العربي ة واإلس المية من دن انير ذهبي ة
أحيان ا تلك النقوش التي تزين بها هذه
ً الس كة
ودراهم فضية وفلوس نحاسية .يقصد بلفظ ِّ
وأحيان ا أخرى يعني قوالب السك التي ُيختم بها على العملة
ً النقود على اختالف أنواعها.
أيضا على الوظيفة التي تقوم على سك العملة تحت إشراف الدولة.
المتداولة ،كما يطلق ً
جامع ا للس كة فيق ول¸ :الس كة هي الختم على
ً ويق دم العالم ة الع ربي ابن خل دون تعريفً ا
الدنانير والدراهم المتعامل بها بين الناس بطابع حديدُ ،ينقش فيها صور وكلمات مقلوبة،
ويضرب بها على الدينار والدرهم ،فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة مستقيمة ،إذ
ُيعتبر عيار النقد من ذلك الجنس في خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى ،وبعد تقدير أشخاص
ددا .وإ ذا لم تُق َّدر
ال درهم وال دينار ب وزن معين ُيص طلح علي ه ،فيك ون التعام ل به ا ع ً
وزن ا·( .)2والس كة تع د مظه ًرا من مظ اهر س لطة الخليف ة أو
أشخاص ها يك ون التعام ل به ا ً
ُ
درا من
الس لطان أو الح اكم ،إلى ج انب كونه ا وث ائق رس مية ال يمكن الطعن فيه ا أو مص ً
مصادر التاريخ ،تساعد على استنباط الحقائق التاريخية ،سواء ما يتعلق منها باألسماء أو
شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي ،أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم ،مطبعة ليدن،1967 ، )(1
ص.92 .
إلياس بيطار ،تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث ،ص. 42 . )(2
3
العب ارات الديني ة المنقوش ة عليه ا ،إلى ج انب كونه ا س جالً لأللق اب والنع وت ال تي تلقي
الض وء على كث ير من األح داث السياس ية ال تي تثبت أو تنفي تبعي ة ال والة أو الس الطين
للخالف ة أو للحكوم ات المركزي ة في الت اريخ اإلس المي .ول ذلك تع د النق ود ال تي ُس كت في
ص در اإلس الم في دمش ق وبغ داد والق اهرة مس تندات رس مية تؤك د على الوح دة السياس ية
واالقتص ادية للع الم الع ربي .وق د أس همت العقي دة اإلس المية بقس ط كب ير في تط ور ص ناعة
السكة في العالم اإلسالمي بفضل اهتمام الشريعة اإلسالمية بالنقود ،لكونها تدخل في ميدان
العب ادات وتح دد المع امالت ،وذل ك لص التها المباش رة والوثيق ة بالزك اة والص داق والعق ود
()1
والوقف والعقوبات والدية وغيرها.
ط ا وثيقً ا ب الفنون اإلس المية ،حيث تس اعد نقوش ها في
كم ا ارتبطت الس كة ارتبا ً
التع رف على الكتاب ات األثري ة المنقوش ة عليه ا ودراس ة دالالته ا السياس ية والتاريخي ة
ض ربت
مهما للتعرف على أسماء البالد واألماكن التي ُ
مصدرا ً
ً والعقائدية إلى جانب كونها
فيها ،كذلك تفيد دراسة السكة في إلقاء الضوء على حالة العالم اإلسالمي االقتصادية عبر
العصور التاريخية من خالل التعرف على قيمة العيار في السكة ومقدار وزنها.
وقد ُعرفت األماكن التي تُسك فيها النقود العربية في حواضر العالم اإلسالمي في
الض ْرب .وهي على هيئ ة منش أة ص ناعية تتب ع
العص ور الوس طى باس م دار الس كة أو دار َّ
الس لطان أو الح اكم وتق وم بإص دار عمالت نقدي ة ذهبي ة أو فض ية أو نحاس ية أو برونزي ة.
وكانت دار السكة إبان الفتح اإلسالمي يغلب عليها الطابع البيزنطي والفارسي ،إلى أن ق ام
الخليف ة األم وي عب دالملك بن م روان ع ام 74هـ694/م( )2بتع ريب الس كة وإ نش اء دور
إسالمية جديدة لضرب العملة في عدد من حواضر العالم اإلسالمي ،منها الشام والعراق
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(1
ص. 97 .
4
ومصر وبالد فارس .ومنذ ذلك الوقت لم تعد النقود العربية تدور في فلك النقود البيزنطية
أو الفارسية ،أو ترتبط بأسعارها وأوزانها .وحملت كل من الشام ومصر مشعل اإلصالح
النقدي الذي أضاءته العاصمة األموية في عهد الخليفة األموي عبدالملك بن مروان.
وق د ح دث تف اوت كب ير بالزي ادة أو النقص في النق ود العربي ة المتداول ة في مختل ف
العص ور اإلس المية ،مم ا اس تدعى حالً له ذا التف اوت عن د تط بيق القواع د الفقهي ة المتعلق ة
بالش ؤون المالي ة .والوق وف على التط ور الت اريخي للنق ود العربي ة .وأوزانه ا وعياره ا
وقيمتها يساعد على إيجاد هذه الحلول عند تعيين النصاب الشرعي بالنقود المتداولة.
وتن درج دراس ة النق ود في العل وم الحديث ة تحت اس م علم الٌنمي ات .وه و العلم ال ذي
يبحث في النقود واألوزان واألختام واألنواط(.)1
-النقود المتداولة في الجزيرة العربية قبل اإلسالم وبعده
تتم بالنقود
لم يكن للعرب قبل اإلسالم نقود خاصة بهم ،فكانت المعامالت التجارية ُّ
المتداول ة في ش به الجزي رة العربي ة .وق د أش ار الق رآن الك ريم إلى ال رحالت التجاري ة ال تي
كان يقوم بها العرب حيث كانت لهم رحلتان تجاريتان رئيسيتان :رحلة صيفية إلى الشام
يحصلون منها على الدنانير الرومية ،ورحلة شتوية إلى اليمن يحصلون منها على الدراهم
الحميرية.كما كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية الدراهم الفضية التي كانت تُضرب في
األق اليم الش رقية وخاص ة في إي ران والع راق .وهك ذا ك انت العملي ات التجاري ة تجلب إلى
بالد الع رب كمي ة النق ود المتداول ة بينهم س واء النق ود الذهبي ة البيزنطي ة أو النق ود الفض ية
()2
الفارسية.
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(1
5
ويذكر البالذري في كتابه فتوح البلدان أن العرب كانوا يتبايعون بال دنانير على أنه ا
ت بر ،ويطلق ون عليه ا العين كم ا يطلق ون على ال دراهم الفض ية كلم ة ال َو ِرق .فلم ا ج اء
اإلس الم أق ر الرس ول الك ريم محم د ³النق ود على م ا ك انت علي ه ،وتعام ل الرس ول الك ريم
لي بن أبي طالب ،رضي اهلل عنه ،ابنته
"صل اهلل عليه وسلم" نفسه بهذه النقود فزوج َع َّ
درهم ا ،وك ذلك ف رض الرس ول "ص ل اهلل علي ه وس لم" زك اة
ً فاطم ة الزه راء على 480
األموال بهذه النقود السائدة فجعل في كل خمس أوقيات من الفضة خمسة دراهم ،كما جعل
دينارا نصف دينار ،وبعد وفاة الرسول "صل اهلل عليه وسلم" أقر الخليفة
في كل عشرين ً
أبو بكر الصديق بسنة الرسول "صل اهلل عليه وسلم" في تبني النقود المتداولة بين المسلمين
()1
شيئا.
ولم يغير منها ً
ال دِّينار .لف ظ مش تق من اللف ظ اليون اني الالتي ني دينوري وس أوريس وتع ني (ال دينار
إلياس بيطار ،تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث ،ص. 34 . )(1
6
منهم ا على ص ليب طوي ل .أم ا ظه ر ال دينار فك ان علي ه رس م لص ليب ق ائم على م درجات
أربعة تحيط به عبارات دعاء واإلشارة إلى مكان الضرب بالحروف اليونانية والالتينية(.)1
وق د ورد ذك ر ال دينار في الق رآن الك ريم ،ق ال تع الى ﴿ :ومن أه ل الكت اب من إن تأمن ه
بقنط ار ي ؤده إلي ك ومنهم من إن تأمن ه ب دينار ال ي ؤده إلي ك﴾ آل عم ران 75 :ولم يمس
اإلصالح النقدي الذي قام به الخليفة عبدالملك بن مروان عيار الدينار ،وإ نما عمل على
ص ُن ٍج زجاجية يستحيل أن تقبل زيادة أو نقصان ،وأصبح الوزن
ضبط وزنه عن طريق ُ
الش رعي لل دينار اإلس المي من ذ تعريب ه ه و 4,25جم .وأق دم ال دنانير العربي ة تل ك ال تي
ض ربها الخليف ة عب دالملك بن م روان ونقش ص ورته عليه ا في ع ام 74هـ .وق د ظلت
مضاعفات الدينار وكسوره مستعملة في جميع البالد اإلسالمية منذ فجر اإلسالم ،كما شاع
()2
في مدينة صقلية في عصر الخالفة الفاطمية ضرب أرباع الدنانير.
الدراخمة اليونانية ،وقد
- الدرهم .وحدة من وحدات السِّكة الفضية ،وقد اشتُق اسمه من ْ
عرف ه الع رب عن طري ق مع امالتهم التجاري ة م ع األق اليم الش رقية ال تي ك انت تتب ع قاع دة
الفضة في نظامها النقدي ،وعلى ذلك اتخذت من الدرهم الفضة نقدها الرئيسي.
وق د ك انت أش كال الدراهم الساسانية المتداول ة في بالد الع رب قب ل التع ريب قطع ة
مس تديرة من الفض ة على أح د وجهيه ا نقش يمث ل الج زء العل وي من ه ص ورة كس رى
َّ
المجنح ،وعلى الوجه الفرس ،ويظهر وجهه في وضع جانبي وعلى رأسه التاج الساساني
الثاني للدرهم نقش لحارسين مدججين بالسالح أو بدونه بينهما معبد النار ،الذي يسهران
على خدمته وحراسته .وتشير الكتابات البهلوية المنقوشة على الدراهم إلى اسم الملك إلى
جانب عبارات دعائية له وألسرته ،وعلى اإلطار الخارجي للدرهم توجد ثالثة أو أربعة
شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي ،أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم ،مطبعة ليدن،1967 ، )(1
ص.92 .
إلياس بيطار ،تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث ،ص. 43 . )(2
7
أَهلَّة وفي داخل كل هالل نجمة إشارة إلى كوكب الزهرة عند تقابله مع القمر ،وهو رمز
للرخاء عند الشرقيين(.)1
وقد أشار القرآن الكريم إلى الدراهم بوصفها وحدات نقدية ،قال تعالى﴿ :وشروه
بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين﴾ يوسف.20 :
وقد حافظ اإلصالح النقدي في العصر األموي على عيار الدرهم ،حيث كان يمثل
7/10من وحدة الدينار ،ومن ثم كان وزنه الشرعي 2,97جم ،وقد خضع هذا الوزن لعدة
تغ يرات كب يرة ع بر العص ور التاريخي ة نتيج ة للظ روف السياس ية واالقتص ادية ال تي ك انت
تؤثِّر بدرجة كبيرة في وزن العملة وقيمة العيار(.)2
- الفلس .كلم ة يوناني ة مش تقة من اللف ظ الالتي ني ،Follisوه و اس م وح دة من وح دات
السكة النحاسية ،وقد عرفه العرب عن طريق معامالتهم التجارية مع البيزنطيين ،ولم يكن
للفلس وزن واح د ،حيث ك ان يختل ف وزن ه من إقليم إلى آخ ر ،وإ ن ك انت النس بة الشرعية
بين الفل وس وال دراهم معروف ة ،وهي .1/48واألص ل في ض رب ه ذا الن وع من النق ود
النحاسية أن تكون عملة العمليات التجارية بسيطة .ولم يمنع ذلك العرب من االهتمام بها
ص ُن ًجا زجاجي ة خاص ة مق درة بالقراري ط
وبنقوش ها وأوزانه ا ووض عوا من أج ل وزنه ا ُ
الخروب ُيوزن بها).
الصاغة :حبة ُّ
(الخروبة في اصطالح َّ
ُّ والخراريب
وكان شكل الفلس قبل التعريب مستدير الشكل ،نقش على أحد وجهيه صورة هرقل وعلى
()3
الوجه اآلخر نقشت عبارات وإ شارات نصرانية.
-الطراز العربي للعملة اإلسالمية
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(1
ص. 95 .
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري ،المسالك والممالك ،القاهرة ،1961 ،ص. 18 . )(3
8
مراحل تعريب النقود
أش ارت المص ادر التاريخي ة إلى المح اوالت األولى المبك رة ال تي ق ام به ا الخليف ة عم ر بن
الخط اب في 18هـ لض رب ال دراهم اإلس المية على غ رار ال دراهم الفارس ية ،بع د أن زاد
فيها عبارة الحمد هلل أو محمد رسـول اهلل أو ال إله إال اهلل وحده ،كما أشارت المصادر إلى
ضرب الخليفة عثمان بن عفان في عام 42هـ للدراهم بعد أن زاد فيها عبارة التكبير اهلل
أكبر .كذلك قام الخليفة معاوية بن أبي سفيان ( 60 - 41هـ ) بضرب الدراهم ونقش عليها
اسمه.
ويحتف ظ المتح ف البريط اني بلن دن بنم اذج من دراهم معاوي ة .ك ذلك ينس ب بعض
المؤرخين إلى معاوية بن أبي سفيان ضربه لدنانير ذهبية نقش عليها صورته وهو متقلد
س يفه ،وإ ذا ص ح ه ذا ،يك ون معاوي ة ه و أول من ض رب ص ورته في العمالت والنق ود
()1
اإلسالمية.
وي ذكر الم ؤرخ المقري زي في
كتاب ه ش ذرات العق ود أن ال دراهم
اإلس المية المبك رة ك انت غليظ ة
قص يرة إلى أن ج اء عبداهلل بن
الزب ير في ع ام 61هـ وض رب
ال دراهم المس تديرة ،وق د نقش على أح د وجهيه ا عب ارة محم د رس ول اهلل ،وعلى الوج ه
اآلخر عبارة أمر اهلل بالوفاء.
قائم ا ،ولم تمن ع تل ك المح اوالت الس ابقة من
وقد ظل التعامل بالنقود الرومي ة والفارس ية ً
تداولها ،إلى أن جاء الخليفة األم وي عب دالملك بن م روان في ع ام 74هـ وض رب النق ود
إلياس بيطار ،تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث ،ص. 44 . )(1
9
تمام ا من النق وش والش ارات والرم وز الفارس ية والرومي ة.
اإلس المية الخالص ة ال تي خلت ً
وقد هدد الخليفة عبدالملك بالقتل كل من يتعامل بغير النقود اإلسالمية ،وبعث بالسكة أي
(الحدي دة المنقوش ة)( )1ال تي تُض رب عليه ا ال دنانير وال دراهم إلى أرج اء الدول ة اإلس المية
لتستخدم في عمل النقود ،وقد ُنقش على أحد وجهي الدينار أو الدرهم عبارة ال إله إال اهلل
وحده ال شريك له وعلى الوجه اآلخر سورة اإلخالص ﴿قل هو اهلل أحد ¦ اهلل الصمد; لم
كفوا أح د﴾ .وعلى اإلط ار الخ ارجي نقش اآلي ة الكريم ة ﴿هو
يل د ولم يول د ¦ ولم يكن ل ه ً
الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله﴾ التوبة ،33 :الفتح،28 :
ض رب ه ذا
الص ف .9 :وعلى إط ار الوج ه اآلخ ر نقش ت اريخ الض رب ونص ه ¸بس م اهلل ُ
الدينار أو الدرهم في سنة.)2( ·....
وعلى ذل ك يع د الخليف ة عب دالملك بن م روان ه و أول من اتخ ذ عمل ة رس مية من
ال ذهب والفض ة ال يج وز التعام ل بغيره ا ،ول ذا لم يختل ف المؤرخ ون الع رب في نس بة
الطراز العربي للسكة اإلسالمية إلى الخليفة عبدالملك بق در اختالفهم في الدافع الذي أدى
ب ه إلى عملي ة التع ريب .وق د أش ارت المص ادر التاريخي ة إلى الس بب ال ذي دف ع الخليف ة
عبدالملك إلى تعريب النقود ،وهو التحدي الذي حدث من إمبراطور الروم جستنيان الثاني
للخليف ة عب دالملك بن م روان حين أم ر األخ ير بح ذف العب ارات البيزنطي ة المكتوب ة على
َّ
المصدرة من مصر إلى بيزنطة .وعلى إثر ذلك أشار عليه أهل الرأي أن أوراق البردي
نقودا عربية خالصة عليها شهادة التوحيد والرسالة المحمدية .واستحسن الخليفة
يضرب ً
ص ُن ًجا زجاجية ال تستحيل إلى
عبدالملك هذا الرأي وأمر بضرب النقود العربية ،وصب ُ
محمد عبد المنعم الحميري ،الروض المعطار في خبر األقطار ،مكتبة لبنان ،1984 ،ص. 79 . )(1
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(2
10
زيادة أو نقصان َّ
لتعير عليها هذه النقود وتضبط أوزانها ،وكان في هذا أبلغ رد على تحدي
()1
اإلمبراطور البيزنطي.
ومهم ا ك انت مص داقية تل ك القص ة ،فهي ال تنفي العم ل الكب ير ال ذي توص ل إلي ه
الخليفة عبدالملك بن مروان في تحرير دور السكة من قبضة الفرس والروم ،وأنهى بذلك
سيطرة السكة الفارسية والرومية على االقتصاد اإلسالمي .ومنذ ذلك الوقت لم تعد السكة
اإلسالمية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية أو ترتبط بأسعارها أو أوزانها(.)2
السكة في العصر األموي
ِّ -
عبدالملك بن مروان والعملة اإلسالمية.
الس كة ه و اس تبدال
ك ان من أهم مظ اهر تع ريب ِّ
الخليف ة عب دالملك بن م روان ص ورته ه و بص ورة
هرقل وولديه التي كانت تنقش على الدنانير والفلوس
البيزنطية ،مع اإلبقاء على بعض التأثيرات البيزنطية
البسيطة .وأصبح شكل الدينار اإلسالمي يحت وي على
صورة الخليفة عبدالملك وهو قابض سيفه بيده.
()3
أثر ضرب العملة اإلسالمية على اإلمبراطورية البيزنطية.
ك ان من نت ائج ض رب الخليف ة عب دالملك بن م روان لل دنانير ال تي تحم ل ص ورته أن ح دث
ن زاع ح اد بين اإلم براطور الب يزنطي وبين الخليف ة األم وي؛ إذ ك ان ض رب نق ود ذهبي ة
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(1
11
أمرا لم يحدث من الخلفاء قبل عبد الملك
بصورة حاكم آخر غير اإلمبراطور البيزنطيً ،
بن مروان ،وقد كان اإلمبراطور جستنيان يدافع عن هذا الحق باعتباره قاعدة عامة يجب
احترامها ،ولذلك عارض جستنيان هذا الطراز من الدنانير العربية اإلسالمية ،وقام بفسخ
المعاهدة المبرمة بين البيزنطيين والعرب .ولكن ،بعد ضرب الخليفة عبدالملك بن مروان
الزم ا على اإلم براطور الب يزنطي قبوله ا أو رفض ها،
لل دنانير الذهبي ة بص ورته س يكون ً
وكان من الطبيعي أن يرفض اإلمبراطور البيزنطي ُعملة َّ
تقدم بصورة خليفة مسلم(.)1
ومن الج دير بال ذكر أن العمل ة والنق ود العربي ة ال تي تزينه ا ص ورة الخليف ة األم وي
ك انت خط وة كب يرة في س بيل اإلص الح النق دي للدول ة اإلس المية .وقد اس تغرقت ه ذه
اإلص الحات أرب ع س نوات من ذ ع ام 73هـ ،وه و ت اريخ فس خ المعاه دة البيزنطي ة العربي ة.
تمام ا في ع ام 77هـ ؛حيث احتلت الكتاب ات
وتمت أه داف عملي ة تع ريب العمل ة والنق ود ً
العربي ة وجهي ال دينار الع ربي اإلس المي ،واختفت ال دنانير المص ورة ،وأص بح الط راز
اإلس المي لل دينار الع ربي يتك ون من واجه ة ُنقش على إطاره ا الخ ارجي عب ارة تش ير إلى
الرسالة المحمدية نصها¸ :محمد رسول اهلل أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين
كله· ،وفي مركز وجه الدينار ُنقشت شهادة التوحيد ونصها ¸ال إله إال اهلل وحده ال شريك
له· ،وعلى ظهر الدينار ُنقش في اإلطار الخارجي كتابة تشير إلى تاريخ الضرب نصها¸:
بسم اهلل ضرب هذا الدينار سنة سبع وسبعين· ،وفي مركز ظهر الدينار نقشت ثالثة أس طر
من القرآن الكريم من سورة اإلخالص ﴿ :اهلل
أحد ¦ اهلل الصمد ¦ لم يلد ولم يولد﴾ (.)2
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(1
12
أما العملة الفضية في العصر األموي
ض رب في دمشق ،عليها اسم دار الضرب
فقد وصلت إلينا مجموعة كبيرة منها معظمها ُ
ض رب في مدين ة
ض ْرب الكوف ة .وفي ع ام 84هـ وص لنا درهم ُ ض ْرب دمش ق أو َ
ونص ها َ
()1
واسط بالعراق .وقد حملت جميع الدراهم األموية اسم دار ََّّ
السك.
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(1
13
الذي أمر بنقش عالمات منقوطة ،أو حروف تفيد بضبط العملة وتحديد صالحيتها للتدوال.
()1
وفي عه د الخليف ة ه ارون الرش يدُ ،س َّكت دن انير ن ادرة في دور الض رب ببغ داد
الس ك؛
أيض ا 170ـ 193هـ ،ح دث تط ور رئيس ي في نظ ام َّ
والفس طاط .وفي عه د الرش يد ً
حيث أم ر أن ينقش اس مه واس م ابن ه األمين على العمل ة الذهبي ة .وق د ش جع ه ذا النظ ام
اإلداري الجديد الوالة والعمال في األمصار على نقش أسمائهم ،فظهرت ألول مرة أسماء
والة مص ر على ال دنانير الذهبي ة ،ومن أمثلته ا ال دينار ال ذي يحم ل اس م األم ير علي بن
أثرا
سليمان بن علي العباسي ،الذي تولى أمر مصر 171-169هـ .وقد أحدث هذا التغير ً
سلبيا على العملة العباسية وبخاصة الدنانير الذهبية؛ حيث بدأ حجمها يكبر وسمكها يقل،
ً
عوض ا عن سطر واحد ،وأصبح الخط
ً وأصبحت الكتابات تنقش على الهامش في سطرين
الكوفي أكثر رشاقة.
وفي الف ترة (234-218هـ848-833 ،م) ،لم تح دث أي تغ يرات مرس ومة على
العمل ة العباس ية ال من ناحي ة النق وش وال من ناحي ة الكتاب ات( .)2وأص بحت عمل ة الم أمون
هي العمل ة القياس ية حيث ك ان ش كل دين ار الم أمون يش تمل على وج ه نقش في مرك زه (ال
ض رب هذا الدينار في…).
إله إال اهلل وحده ال شريك له) ،وعلى اإلطار الداخلي (بسم اهلل ُ
وعلى اإلط ار الخ ارجي (هلل األم ر من قب ل ومن بع د ويومئ ذ يف رح المؤمن ون بنص ر اهلل).
وعلى ظهر الدينار في داخل المركز ُنقشت عبارة نصها (محمد رسول اهلل ـ للمأمون ـ مما
()3
أمر به األمير رضا ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن علي بن أبي طالب).
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(1
تقي الدين أحمد بن علي المقريزي ،النقود اإلسالمية ،المكتبة الحيدرية ،النجف ،ط ،1967 ،5 .ص. 34 . )(3
14
ومع ضعف الخالفة العباسية حدثت تغيرات جوهرية في العملة ،نتج عنه ا اختالف
أوزانها ونقاوة سبائكها بالقياس إلى المستوى العالي الذي كانت عليه في السنوات األولى
التغير إلى تقلص نفوذ الخليفة ،وتردي مستويات الموظفين الموكلللخالفة .وقد ُيعزى هذا ُّ
الس ك ،وت دهور الوض ع االقتص ادي للدول ة .وق د ُأر ِغم الخليف ة على نقش
إليهم أم ر دور َّ
أسماء الوالة وأولياء العهود وإ خوتهم األقوياء والقادة والوزراء ممن كان لهم عليه سطوة
وس لطان ،كم ا أخ ذ حك ام ال دويالت ال تي انفص لت عن الخالف ة العباس ية وأص بحت ش به
مس تقلة ،مث ل الدول ة الطولوني ة في مص ر ودول ة الص فاريين والس اجيين والس امانيين في
ف ارس واإلخش يديين في فلس طين ،يض ربون أس ماءهم على العمل ة العباس ية بينم ا أص بحت
س يادة الخليف ة باالس م فق ط .وبدراس ة ه ذه ال دنانير ،يمكن التع رف على ال دويالت الجدي دة
المستقلة عن الخالفة وتتابع تاريخ إنشائها وانتهائها(.)1
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري ،المسالك والممالك ،القاهرة ،1961 ،ص. 22 . )(1
15
المبحث الثاني
المسكوكات في العصر العباسي األول
خط ط العباس يون س راً لإلطاح ة ب األمويين وتمكن وا من ذل ك ع ام ،749 /132
وظه رت الخالف ة العباس ية على مس رح األح داث وعم رت خمس مئة س نة وأرب ع وعشرين،
،1258-743 /656-132شهدت الخالفة العباسية خالل هذه القرون أحواالً مضطربة،
انعكست على عملتها من جهة الطرز والنقوش والكتابات المتنوعة الدالة على التطورات
السياسية التي حصلت في الخالفة العباسية(.)1
هناك تقسيمات متعددة داخل العصر العباسي من قبل المؤرخين ،وهي عصر قوة
أول ( ،)847-749 /232-132وعصر ضعف ثان ( ،)1258-847 /565-323وكال
العصرين ينسحبان على أشخاص الخلفاء من جهة القوة والضعف ،ال على أحوال الخالفة
عامة .شهد عصر الضعف بروز قوى جديدة تغلبت على مقاليد األمور في بغداد ،وأخذت
تدير األمور فيما بقي الخليفة تحت رحمة المتغلبين محتفظ اً برمز روحي أبقي له ليضفي
به شرعية على المتغلبين في جهاتهم من أنحاء الخالفة العباسية .وعرفت تلك الفترات بـ:
فترة قوة الخلفاء.)833-749 /218-132( :
فترة النفوذ التركي.)946-833 /334-218( :
فترة النفوذ البويهي.)1055-946 /447-334( :
فترة النفوذ السلجوقي.)1136-946 /536-447( :
فترة انتعاش الخالفة في بغداد.)1258-1136 /656-536( :
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(1
16
ويهمنا فيما يخص العمالت المتداولة أن نؤكد دورها الرمزي والدعائي في ميدان
النزال السياسي الساخن بين المتنافسين وعكسها ألحوال المتغلبين على مقاليد الخالفة(.)1
البالذري ،كتاب النقود( ،عن األب انستاس الكرملي ،النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات ،مكتبة الثقافة الدينية، )(1
17
شكل العمل ة فأضاف س نة ،814 /199بعد انتص اره على أخي ه األمين وانفراده بالخالفة
إلى نقوده آيات قرآنية( ،)1مثل (هلل األمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر
اهلل) .وكانت اآليات القرآنية قبل ذلك مثار جدل خشية أن تلمس اآليات من غير طاهر،
إال أن هذه اآلية شاعت بعد ذلك في عمالت كثير من الدول المستقلة وحتى الخارجة على
العباس يين مث ل القرامط ة .ج اء عه د المعتص م فعم ل على توحي د النص وص المنقوش ة على
العمالت ،وغير موضع اسم الخليفة فجعله في الخط السفلي من وجه المسكوكة كما يبين
ذلك درهم مضروب عام )2(،839 /224لكن عصره كان مقدمة لبداية نفوذ األتراك وهم
العس كر ال ذين اس تكثر منهم المعتص م في خالفت ه وص اروا ق وة عس كرية تمكن وا به ا من
التأثير في مجريات السياسة والصراعات على السلطة داخل البيت العباسي .استمر نفوذ
المجموع ات العس كرية التركي ة في التع اظم .في ف ترة النف وذ ال تركي ك ثر الع زل واإلب دال
للخلفاء ،وكثرت المنافسات على كرسي الخالفة تحت تأثير المجموعات العسكرية التركية
المتناقض ة المص الح ،وانعكس ك ل ذل ك على العمالت المس كوكة وحملت عب ارات الحم د
والنص ر واالس تعانة وغ ير ذل ك ،لكنه ا ظلت عباس ية ص رفة ولم ينعكس عليه ا أث ر ت ركي.
أما األبرز من التطورات في العصر الثاني للخالفة العباسية فكان ظهور دويالت مستقلة
ت دين ب الوالء االس مي للخالف ة لتعزي ز ش رعيتها المحلي ة فق ط ،من ه ذه ال دول ،الدول ة
الطولوني ة في مص ر ( ،)905-868 /292-254الدول ة الص فارية في مقاطع ة ف ارس
وسجستان ،903-868 /290-254 ،الدولة الس امانية في خراسان -875 /381-261
ه ذه ()3
،991والدول ة الحمداني ة في الموص ل وش مال الش ام .1001-929 /391-317
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري ،المسالك والممالك ،القاهرة ،1961 ،ص. 24 . )(1
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(2
18
ال دول س كت عمالت باس مها وكتبت اس م الخليف ة المعاص ر على أح د وجهي عملته ا ،وم ع
أن ه لم يتم العث ور على مس كوكات ه ذه ال دول في ش رق الجزي رة ح تى اآلن ،فليس ثم ة م ا
يمن ع من ت رجيح ت داول ش رق الجزي رة له ذه العمالت وإ ن جزئي اً بحكم الص الت التجاري ة
ووفرة بعض منتجات إقليم شرق الجزيرة التي تم تصديرها خارج اإلقليم ،مما يعني تداوالً
ب العمالت المت وفرة طالم ا ك انت من ال ذهب والفض ة .األهم من ذك ر تل ك ال دول المس تقلة
البعيدة نسبياً عن شرق الجزيرة ،ذكر دولتين أقامتا سلطتيهما في إقليمي البحرين (شرق
الجزيرة) وعمان ،هما دولة اإلمامة اإلباضية في عمان ،990-793 /380-177وهي
ف ترة ك انت تقطعه ا ق وى تابع ة للعباس يين أو البويه يين ،ثم دول ة القرامط ة في إقليم ش رق
الجزيرة بما في ذلك الجزر الواقعة قبالة الساحل ومنها جزيرة أوال (البحرين حالياً) والتي
قامت بين 893 /280تقريباً ،إلى عام .1074 /446حاولت دولة القرامطة مد سلطانها
إلى س واد الع راق وعم ان دون نج اح ،لكنه ا تمكنت في ف ترات ليس ت بالقص يرة من م د
سلطتها إلى الشام وس ّكت نقوداً في سوريا وفلسطين ،كما أن عصر القرامطة الطويل شهد
أيض اً ظهور قوى محلية نافست القرامطة سيادتهم على بعض أجزاء شرق الجزيرة قبل
سقوطهم النهائي عام ،1074 /466على يد العيونيين الموالين لبني العباس(.)1
ال دولتان القرمطي ة واإلباض ية ،وبحكم تكوينهم ا الم ذهبي ،لم تعترف ا بالخالف ة
العباسية ،بل ناصبتها العداء وهو ما انعكس على عمالتها التي خلت من نقش اسم الخليفة
العباسي ،وبدالً منه نقشت أسماء حكام الدولة القرمطية في إقليم البحرين (شرق الجزيرة)
وأئم ة الباض ية في عم ان .مه دت العالق ات المذهبي ة ال تي ق امت في ف ترات مح ددة بين ()2
حمد بن صراي« ،عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية )(1
19
إلى إقام ة عالق ات تجاري ة نش طة أدت إلى ش يوع الت داول بال درهم وال دينار الف اطميين في
شرق الجزيرة بنقوشه التي تحمل عقيدة الفاطميين الشيعية ،ومع ذلك فليس ثمة دليل على
إعاقة التعامل بالعمالت األخرى ذات الصلة بالخالفة العباسية ودويالتها المستقلة ،بدليل ما
أق ام القرامط ة من مراك ز لجم ع الجباي ة في ب اب البص رة لجباي ة التج ارة الخاص ة ب أوال
ب البحرين ،وم ا فرض وه من إت اوات على الخالف ة العباس ية نظ ير ع دم تعرض هم لقواف ل
الحجيج والتج ارة في الم دن( ،)1ويب دو أن التج ارة في الق رن الراب ع الهج ري بلغت أوجه ا،
ويكفي أن نعرف أن واردات البحرين من الجباية بلغت في هذه الفترة في سنة من السنين
خمسمئة وعشرة آالف دينار ،وهو ما يرجح بقاء النقد العباسي نقداً غالب اً في التعامل حتى
منتصف القرن الرابع الهجري بسبب ثقل المركز السياسي والتجاري .ويعد القرن الرابع
الهج ري عام ة من أزهى الق رون حض ارياً ،ففي ه ازده رت التج ارة وك ثر اإلنت اج العلمي
وزاد عدد العلماء وعظم تشجيع األسر الحاكمة لهم ،وعلى الرغم من وجود ثالث خالئف
إس المية في ه ذه الف ترة ،وهي العباس ية في بغ داد ،والفاطمي ة في الق اهرة ،واألموي ة في
األن دلس ،وبس بب ازده ار التج ارة بين أق اليم الخالئ ف المختلف ة والمفتوح ة بال قي ود،
ازده رت أيض اً تج ارة ش رق الجزي رة ،وه و م ا يع ني ش يوع الت داول ح تى لتل ك العمالت
القادمة من األندلس(.)2
الخاتمة
بعد انتقال الخالفة للعباسيين في سنة 132هـ ،انتقلت السلطة من الشام إلى العراق.
وبم ا أن العمل ة تع د رم ًزا لألس رة الحاكم ة في العص ر اإلس المي؛ فق د اس تبدل الخليف ة أب و
العب اس بس ورة اإلخالص فى ظه ر العمل ة عب ارة نص ها¸ :محم د رس ول اهلل· .وفيم ا ع دا
تقي الدين أحمد بن علي المقريزي ،النقود اإلسالمية ،المكتبة الحيدرية ،النجف ،ط ،1967 ،5 .ص. 20. )(1
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري ،المسالك والممالك ،القاهرة ،1961 ،ص. 26 . )(2
20
ذل ك اس تمر اس تعمال النق وش القرآني ة بالخ ط الك وفي على ال دنانير الجدي دة ،كم ا حاف ظ
العباسيون في بداية األمر على استمرار ضرب الدنانير الذهبية في كل من مصر ودمشق
حتى عام 198هـ ،حيث بدأت اإلشارات األولى نحو التغير تظهر على العملة العباسية منذ
عه د الخليف ة المه دي ال ذي أم ر بنقش عالم ات منقوط ة ،أو ح روف تفي د بض بط العمل ة
وتحديد صالحيتها للتدوال.
وفي عه د الخليف ة ه ارون الرش يدُ ،س َّكت دن انير ن ادرة في دور الض رب ببغ داد
الس ك؛
أيض ا 170ـ 193هـ ،ح دث تط ور رئيس ي في نظ ام َّ
والفس طاط .وفي عه د الرش يد ً
حيث أم ر أن ينقش اس مه واس م ابن ه األمين على العمل ة الذهبي ة .وق د ش جع ه ذا النظ ام
اإلداري الجديد الوالة والعمال في األمصار على نقش أسمائهم ،فظهرت ألول مرة أسماء
والة مص ر على ال دنانير الذهبي ة ،ومن أمثلته ا ال دينار ال ذي يحم ل اس م األم ير علي بن
أثرا
سليمان بن علي العباسي ،الذي تولى أمر مصر 171-169هـ .وقد أحدث هذا التغير ً
سلبيا على العملة العباسية وبخاصة الدنانير الذهبية؛ حيث بدأ حجمها يكبر وسمكها يقل،
ً
عوض ا عن سطر واحد ،وأصبح الخط
ً وأصبحت الكتابات تنقش على الهامش في سطرين
الكوفي أكثر رشاقة.
المصادر
21
أب و إس حاق إب راهيم بن محم د الفارس ي االص طخري ،المس الك والممال ك ،الق اهرة، .7
،1961ص.19 .
البالذري ،كت اب النق ود( ،عن األب انس تاس الك رملي ،النق ود العربي ة واإلس المية .8
وعلم النمي ات ،مكتب ة الثقاف ة الديني ة ،ط ،1987 2 .ص)19 .؛ المقري زي ،النق ود
اإلسالمية.10-9 ،
لياس بيطار ،تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر .9
الحديث ،ص. 44 .
تقي ال دين أحم د بن علي المقري زي ،النق ود اإلس المية ،المكتب ة الحيدري ة ،النج ف، .10
ط ،1967 ،5 .ص.9 .
حم د بن ص راي« ،عمالت م ا قب ل اإلس الم المكتش فة في ش رقي الجزي رة العربي ة .11
ودالئله ا الشخص ية والديني ة والسياس ية واالقتص ادية» ،ن دوة الثقاف ة والعل وم،
،.2003ص. 45
شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي ،أحسن التقاسيم في .12
معرفة األقاليم ،مطبعة ليدن ،1967 ،ص. 95 .
عن الطري ق بين ص حار وإ قليم البح رين باإلض افة إلى الم دن الداخلي ة والط رق .13
بينه ا (انظ ر :محم د اإلدريس ي ،نزه ة المش تاق في اخ تراق اآلف اق ،مكتب ة الثقاف ة
الدينية ،القاهرة ،1980 ،ج ، 1ص. 11
ف رج اهلل أحم د يوس ف ،اآلي ات القرآني ة على المس كوكات اإلس المية ،دراس ة .14
مقارن ة ،مرك ز المل ك فيص ل للبح وث والدراس ات اإلس المية ،الري اض ،ط،1 .
،2003ص. 42 .
محم د عب د المنعم الحم يري ،ال روض المعط ار في خ بر األقط ار ،مكتب ة لبن ان، .15
،1984ص.82 .
22
23
المالحق
24
25
26