You are on page 1of 26

‫المقدمة ‪:‬‬

‫تعتبر عملية اختراع النقود عملية حضارية كبرى‪ ،‬ولقد اهتدى اإلنسان إليها منذ‬
‫العص ور القديم ة‪ ،‬ش أنها في ذل ك ش أن اخ تراع أح رف الكتاب ة‪ ،‬أو استكش اف كيفي ة إش عال‬
‫النار‪ ،‬أو ابتكار الزراعة‪.‬‬
‫لق د ع اش اإلنس ان الب دائي على ج ني الثم ار والص يد بش كل جم اعي‪ ،‬وك ان زعيم‬
‫القبيلة هو الذي يوزع المنتجات بين أفرادها‪ ،‬وكانت العشيرة تشكل وحدة اقتصادية معلقة‪،‬‬
‫ومع تطور اإلنتاج أصبح االقتصاد المعلق غير كاف لمواجهة الحياة اإلنسانية ومشقاتها‬
‫المتع ددة‪ ،‬ف دخلت الجماع ات المتفرق ة في مب ادالت فيم ا بينهم ا اآلخ ر على ش كل مقايض ة‬
‫(مبادل ة س لع م ع س لع مباش رة)‪ ،‬وك انت المقايض ة وس يلة في ب ادئ األم ر في مجتمع ات‬
‫بس يطة‪ ،‬ولكن م ع تط ور المجتمع ات ظه رت حاج ات جدي دة وتع ددت الس لع وزاد اإلنت اج‪،‬‬
‫فأض حى التع اون بم وجب المقايض ة عملي ة عس يرة على اإلنس ان‪ ،‬وم ا لبث اإلنس ان أن‬
‫توصل إلى إيجاد وحدة معياري ة تقاس به ا قيم مختل ف السلع والخ دمات‪ ،‬ثم أصبحت هذه‬
‫الوحدة وسيطا للمبادلة‪ ،‬يقبلها األفراد عموما‪ ،‬في الوفاء بااللتزامات‪ .‬فالنقود إذن هي أي‬
‫شيء يتمتع بقبول عام في الوفاء بااللتزامات‪ ،‬أيا كان نوعها وأيا كانت صفاتها‪ .‬وأصبحت‬
‫النق ود‪ ،‬فض ال عن ذل ك‪ ،‬أداة الخ تزان الق وة الش رائية‪ ،‬وذل ك كي تس تخدم عن د الحاج ة في‬
‫المس تقبل‪ .‬فم ا دام في إمك ان الف رد مبادل ة أي ش يء ب النقود فإن ه يمكن للم رء أن يكت نز‬
‫النق ود‪ ،‬وذل ك ألهمي ة الوظ ائف ال تي تؤديه ا‪ ،‬باعتباره ا وس يطا للتب ادل‪ ،‬ومقياس ا للقيم ة‪،‬‬
‫ومستودعا للقيمة ومعيارا للمدفوعات اآلجلة‪.‬‬
‫وك انت النق ود الس لعية أق دم أن واع النق ود‪ ،‬واحتلت المع ادن النفيس ة‪ ،‬مث ل ال ذهب‬
‫والفضة‪ ،‬مكان الصدارة بين المعادن النقدية‪ ،‬وتلتهما في المنزلة معادن أخرى‪ ،‬مثل الحديد‬
‫والنحاس والزنك والقصدير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ي ذكر أن الت اريخ المبك ر للنق ود يع ود إلى االبتك ار ال ذي ح دث في الص يف (آس يا‬
‫الصغرى) والنقود التي سكها الليديون من خليط معدني من الذهب والفضة‪ ،‬وذلك في عهد‬
‫ملكهم إرديس (‪ 625 - 652‬ق‪.‬م)‪.‬‬
‫وفي عهد الدولة العباسية تطورت العملة فسكت الدنانير العباسية و التي اشتهر فيها‬
‫دينار هارون الرشيد فكان وزن العملة و المعدن التي كانت تضرب منه و الذي كان غالبا‬
‫من ال ذهب أو الفض ة دليال علي رقي الدول ة و اتس اعها و اس تقرارها و اس تتباب نظامه ا‬
‫االقتصادي في العصر العباسي ضرب أول دينار في الخالفة سنة ( ‪132‬هـ ‪ 749 -‬م ) و‬
‫كان يماثل الدينار األموي من حيث الحجم و القطر و الوزن لكنه ميز عن الدينار األموي‬
‫بحذف صورة اإلخالص من وجه الدينار و استبدل بنقشة ( محمد رسول اهلل ) علي نفس‬
‫الوج ه أم ا ال دراهم فق د ص نعت من الفض ة و نقش عليه ا م ا نقش علي ال دنانير من نق وش‬
‫باإلضافة إلي الدراهم فقد ضرب العباسيون فئة نقدية صغيره هي الفلس ‪.‬‬
‫تناولن ا في المبحث األول ت اريخ وتعري ف المس كوكات اإلس المية ومراح ل تطوره ا‬
‫ومن ثم تناولنا في المبحث الثاني المسكوكات اإلسالمية في العصر العباسي األول ومن ثم‬
‫في المبحث الث الث المس كوكات اإلس المية في العص ر العباس ي الث اني تبعه ا خاتم ة‬
‫ومقترح ات وتوص يات ومص ادر البحث وفي الخت ام اش كر األس تاذ المش رف على البحث‬
‫وادعوا من اهلل التوفيق له والصحة وعلو الشأن واهلل ولي التوفيق ‪...‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‬
‫التعريف بالمسكوكات اإلسالمية ومراحل تطورها‬
‫أسهمت العقيدة اإلسالمية بقسط كبير في تطور صناعة السكة في العالم اإلسالمي‬
‫بفض ل اهتم ام الش ريعة اإلس المية ب النقود‪ ،‬لكونه ا ت دخل في مي دان العب ادات وتح دد‬
‫والص داق والعقود والوقف والعقوبات ِّ‬
‫والدية‬ ‫َّ‬ ‫المعامالت‪ ،‬لصلتها المباشرة والوثيقة بالزكاة‬
‫وغيرها(‪.)1‬‬
‫العمالت والنق ود اإلس المية ُيطل ق عليه ا لف ظ‪ ‬الس كة‪ ‬ال ذي يعبِّر عن مع ان متع ددة‬
‫ُ‬ ‫‪ ‬‬
‫ت دور كله ا ح ول النق ود ال تي تع املت به ا الش عوب العربي ة واإلس المية‪ ‬من دن انير ذهبي ة‬
‫أحيان ا تلك النقوش التي تزين بها هذه‬
‫ً‬ ‫الس كة‬
‫ودراهم فضية وفلوس نحاسية‪ .‬يقصد بلفظ ِّ‬
‫وأحيان ا أخرى يعني قوالب السك التي ُيختم بها على العملة‬
‫ً‬ ‫النقود على اختالف أنواعها‪.‬‬
‫أيضا على الوظيفة التي تقوم على سك العملة تحت إشراف الدولة‪.‬‬
‫المتداولة‪ ،‬كما يطلق ً‬
‫جامع ا للس كة فيق ول‪¸ :‬الس كة هي الختم على‬
‫ً‬ ‫‪ ‬ويق دم العالم ة الع ربي ابن خل دون تعريفً ا‬
‫الدنانير والدراهم المتعامل بها بين الناس بطابع حديد‪ُ ،‬ينقش فيها صور وكلمات مقلوبة‪،‬‬
‫ويضرب بها على الدينار والدرهم‪ ،‬فتخرج رسوم تلك النقوش عليها ظاهرة مستقيمة‪ ،‬إذ‬
‫ُيعتبر عيار النقد من ذلك الجنس في خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى‪ ،‬وبعد تقدير أشخاص‬
‫ددا‪ .‬وإ ذا لم تُق َّدر‬
‫ال درهم وال دينار ب وزن معين ُيص طلح علي ه‪ ،‬فيك ون التعام ل به ا ع ً‬
‫وزن ا·(‪ .)2‬والس كة تع د مظه ًرا من مظ اهر س لطة الخليف ة أو‬
‫أشخاص ها يك ون التعام ل به ا ً‬
‫ُ‬
‫درا من‬
‫الس لطان أو الح اكم‪ ،‬إلى ج انب كونه ا وث ائق رس مية ال يمكن الطعن فيه ا أو مص ً‬
‫مصادر التاريخ‪ ،‬تساعد على استنباط الحقائق التاريخية‪ ،‬سواء ما يتعلق منها باألسماء أو‬

‫شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬مطبعة ليدن‪،1967 ،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ص‪.92 .‬‬
‫إلياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث‪ ،‬ص‪. 42 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪3‬‬
‫العب ارات الديني ة المنقوش ة عليه ا‪ ،‬إلى ج انب كونه ا س جالً لأللق اب والنع وت ال تي تلقي‬
‫الض وء على كث ير من األح داث السياس ية ال تي تثبت أو تنفي تبعي ة ال والة أو الس الطين‬
‫للخالف ة أو للحكوم ات المركزي ة في الت اريخ اإلس المي‪ .‬ول ذلك تع د النق ود ال تي ُس كت في‬
‫ص در اإلس الم في دمش ق وبغ داد والق اهرة مس تندات رس مية تؤك د على الوح دة السياس ية‬
‫واالقتص ادية للع الم الع ربي‪ .‬وق د أس همت العقي دة اإلس المية بقس ط كب ير في تط ور ص ناعة‬
‫السكة في العالم اإلسالمي بفضل اهتمام الشريعة اإلسالمية بالنقود‪ ،‬لكونها تدخل في ميدان‬
‫العب ادات وتح دد المع امالت‪ ،‬وذل ك لص التها المباش رة والوثيق ة بالزك اة والص داق والعق ود‬
‫(‪)1‬‬
‫والوقف والعقوبات والدية وغيرها‪.‬‬
‫ط ا وثيقً ا ب الفنون اإلس المية‪ ،‬حيث تس اعد نقوش ها في‬
‫كم ا ارتبطت الس كة ارتبا ً‬ ‫‪ ‬‬
‫التع رف على الكتاب ات األثري ة المنقوش ة عليه ا ودراس ة دالالته ا السياس ية والتاريخي ة‬
‫ض ربت‬
‫مهما للتعرف على أسماء البالد واألماكن التي ُ‬
‫مصدرا ً‬
‫ً‬ ‫والعقائدية إلى جانب كونها‬
‫فيها‪ ،‬كذلك تفيد دراسة السكة في إلقاء الضوء على حالة العالم اإلسالمي االقتصادية عبر‬
‫العصور التاريخية من خالل التعرف على قيمة العيار في السكة ومقدار وزنها‪.‬‬
‫وقد ُعرفت األماكن التي تُسك فيها النقود العربية في حواضر العالم اإلسالمي في‬ ‫‪ ‬‬
‫الض ْرب‪ .‬وهي على هيئ ة منش أة ص ناعية تتب ع‬
‫العص ور الوس طى باس م‪ ‬دار الس كة أو دار َّ‬
‫الس لطان أو الح اكم وتق وم بإص دار عمالت نقدي ة ذهبي ة أو فض ية أو نحاس ية أو برونزي ة‪.‬‬
‫وكانت دار السكة إبان الفتح اإلسالمي يغلب عليها الطابع البيزنطي والفارسي‪ ،‬إلى أن ق ام‬
‫الخليف ة األم وي عب دالملك بن م روان ع ام ‪74‬هـ‪694/‬م(‪ )2‬بتع ريب الس كة وإ نش اء دور‬
‫إسالمية جديدة لضرب العملة في عدد من حواضر العالم اإلسالمي‪ ،‬منها الشام والعراق‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪.10-9 ،‬‬


‫شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬مطبعة ليدن‪،1967 ،‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫ص‪. 97 .‬‬

‫‪4‬‬
‫ومصر وبالد فارس‪ .‬ومنذ ذلك الوقت لم تعد النقود العربية تدور في فلك النقود البيزنطية‬
‫أو الفارسية‪ ،‬أو ترتبط بأسعارها وأوزانها‪ .‬وحملت كل من الشام ومصر مشعل اإلصالح‬
‫النقدي الذي أضاءته العاصمة األموية في عهد الخليفة األموي عبدالملك بن مروان‪.‬‬
‫وق د ح دث تف اوت كب ير بالزي ادة أو النقص في النق ود العربي ة المتداول ة في مختل ف‬ ‫‪ ‬‬
‫العص ور اإلس المية‪ ،‬مم ا اس تدعى حالً له ذا التف اوت عن د تط بيق القواع د الفقهي ة المتعلق ة‬
‫بالش ؤون المالي ة‪ .‬والوق وف على التط ور الت اريخي للنق ود العربي ة‪ .‬وأوزانه ا وعياره ا‬
‫وقيمتها يساعد على إيجاد هذه الحلول عند تعيين النصاب الشرعي بالنقود المتداولة‪.‬‬
‫وتن درج دراس ة النق ود في العل وم الحديث ة تحت اس م‪ ‬علم الٌنمي ات‪ .‬وه و العلم ال ذي‬ ‫‪ ‬‬
‫يبحث في النقود واألوزان واألختام واألنواط(‪.)1‬‬
‫‪ -‬النقود المتداولة في الجزيرة العربية قبل اإلسالم وبعده‬
‫تتم بالنقود‬
‫‪ ‬لم يكن للعرب قبل اإلسالم نقود خاصة بهم‪ ،‬فكانت المعامالت التجارية ُّ‬
‫المتداول ة في ش به الجزي رة العربي ة‪ .‬وق د أش ار الق رآن الك ريم إلى ال رحالت التجاري ة ال تي‬
‫كان يقوم بها العرب حيث كانت لهم رحلتان تجاريتان رئيسيتان‪ :‬رحلة صيفية إلى الشام‬
‫يحصلون منها على الدنانير الرومية‪ ،‬ورحلة شتوية إلى اليمن يحصلون منها على الدراهم‬
‫الحميرية‪.‬كما كانت ترد إلى شبه الجزيرة العربية الدراهم الفضية التي كانت تُضرب في‬
‫األق اليم الش رقية وخاص ة في إي ران والع راق‪ .‬وهك ذا ك انت العملي ات التجاري ة تجلب إلى‬
‫بالد الع رب كمي ة النق ود المتداول ة بينهم س واء النق ود الذهبي ة البيزنطي ة أو النق ود الفض ية‬
‫(‪)2‬‬
‫الفارسية‪.‬‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪. 44 ،‬‬


‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪.19 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪5‬‬
‫ويذكر البالذري في كتابه فتوح البلدان أن العرب كانوا يتبايعون بال دنانير على أنه ا‬ ‫‪ ‬‬
‫ت بر‪ ،‬ويطلق ون عليه ا العين كم ا يطلق ون على ال دراهم الفض ية كلم ة ال َو ِرق‪ .‬فلم ا ج اء‬
‫اإلس الم أق ر الرس ول الك ريم محم د ‪ ³‬النق ود على م ا ك انت علي ه‪ ،‬وتعام ل الرس ول الك ريم‬
‫لي بن أبي طالب‪ ،‬رضي اهلل عنه‪ ،‬ابنته‬
‫"صل اهلل عليه وسلم" نفسه‪  ‬بهذه النقود فزوج َع َّ‬
‫درهم ا‪ ،‬وك ذلك ف رض الرس ول "ص ل اهلل علي ه وس لم" زك اة‬
‫ً‬ ‫فاطم ة الزه راء على ‪480‬‬
‫األموال بهذه النقود السائدة فجعل في كل خمس أوقيات من الفضة خمسة دراهم‪ ،‬كما جعل‬
‫دينارا نصف دينار‪ ،‬وبعد وفاة الرسول "صل اهلل عليه وسلم" أقر الخليفة‬
‫في كل عشرين ً‬
‫أبو بكر الصديق بسنة الرسول "صل اهلل عليه وسلم" في تبني النقود المتداولة بين المسلمين‬
‫(‪)1‬‬
‫شيئا‪.‬‬
‫ولم يغير منها ً‬

‫أشكال النقود المتداولة قبل تعريب السكة‬ ‫‪‬‬

‫ال دِّينار‪ .‬لف ظ مش تق من اللف ظ اليون اني الالتي ني دينوري وس أوريس وتع ني (ال دينار‬ ‫‪‬‬

‫ال ذهبي) وه و اس م وح دة من وح دات الس ك الذهبي ة‪،‬‬


‫وق د ع رف الع رب ه ذه‪  ‬العمل ة الروماني ة‪ ،‬وتع املوا‬
‫بها قبل اإلسالم وبعده‪.‬‬
‫دورا كب ًيرا في ت اريخ‬
‫‪ ‬وق د أدى‪ ‬ال دينار الب يزنطي‪ً  ‬‬
‫العملة عامة واإلسالمية خاصة‪ ،‬وكان شكله المتداول‬
‫في الجزي رة العربي ة قب ل تع ريب الس كة في عه د‬
‫الخليفة األموي عبدالملك ابن مروان‪ ،‬قطعة مستديرة‬
‫من ال ذهب‪ ،‬تحم ل على أح د وجهيه ا ص ورة‬
‫اإلم براطور الب يزنطي هرق ل‪ ،‬ويحي ط ب ه ول داه هرقليون اس وقس طنطين‪ ،‬وق د قبض ك ل‬

‫إلياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث‪ ،‬ص‪. 34 .‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫‪6‬‬
‫منهم ا على ص ليب طوي ل‪ .‬أم ا ظه ر ال دينار فك ان علي ه رس م لص ليب ق ائم على م درجات‬
‫أربعة تحيط به عبارات دعاء واإلشارة إلى مكان الضرب بالحروف اليونانية والالتينية(‪.)1‬‬
‫‪ ‬وق د ورد ذك ر ال دينار في الق رآن الك ريم‪ ،‬ق ال تع الى‪ ﴿ :‬ومن أه ل الكت اب من إن تأمن ه‬
‫بقنط ار ي ؤده إلي ك ومنهم من إن تأمن ه ب دينار ال ي ؤده إلي ك﴾ آل عم ران‪ 75 :‬ولم يمس‬
‫اإلصالح النقدي الذي قام به الخليفة عبدالملك بن مروان عيار الدينار‪ ،‬وإ نما عمل على‬
‫ص ُن ٍج زجاجية يستحيل أن تقبل زيادة أو نقصان‪ ،‬وأصبح الوزن‬
‫ضبط وزنه عن طريق ُ‬
‫الش رعي لل دينار اإلس المي من ذ تعريب ه ه و ‪4,25‬جم‪ .‬وأق دم ال دنانير العربي ة تل ك ال تي‬
‫ض ربها الخليف ة عب دالملك بن م روان ونقش ص ورته عليه ا في ع ام ‪74‬هـ‪ .‬وق د ظلت‬
‫مضاعفات الدينار وكسوره مستعملة في جميع البالد اإلسالمية منذ فجر اإلسالم‪ ،‬كما شاع‬
‫(‪)2‬‬
‫في مدينة صقلية في عصر الخالفة الفاطمية ضرب أرباع الدنانير‪.‬‬
‫الدراخمة اليونانية‪ ،‬وقد‬
‫‪ - ‬الدرهم‪  .‬وحدة من وحدات السِّكة الفضية‪ ،‬وقد اشتُق اسمه من ْ‬
‫عرف ه الع رب عن طري ق مع امالتهم التجاري ة م ع األق اليم الش رقية ال تي ك انت تتب ع قاع دة‬
‫الفضة في نظامها النقدي‪ ،‬وعلى ذلك اتخذت من الدرهم الفضة نقدها الرئيسي‪.‬‬
‫وق د ك انت أش كال‪ ‬الدراهم الساسانية‪ ‬المتداول ة في بالد الع رب قب ل التع ريب قطع ة‬
‫مس تديرة من الفض ة على أح د وجهيه ا نقش يمث ل الج زء العل وي من ه ص ورة كس رى ‪ ‬‬
‫َّ‬
‫المجنح‪ ،‬وعلى الوجه‬ ‫الفرس‪ ،‬ويظهر وجهه في وضع جانبي وعلى رأسه التاج الساساني‬
‫الثاني للدرهم نقش لحارسين مدججين بالسالح أو بدونه بينهما معبد النار‪ ،‬الذي يسهران‬
‫على خدمته وحراسته‪ .‬وتشير الكتابات البهلوية المنقوشة على الدراهم إلى اسم الملك إلى‬
‫جانب عبارات دعائية له وألسرته‪ ،‬وعلى اإلطار الخارجي للدرهم توجد ثالثة أو أربعة‬

‫شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬مطبعة ليدن‪،1967 ،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ص‪.92 .‬‬
‫إلياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث‪ ،‬ص‪. 43 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪7‬‬
‫أَهلَّة وفي داخل كل هالل نجمة إشارة إلى كوكب الزهرة عند تقابله مع القمر‪ ،‬وهو رمز‬
‫للرخاء عند الشرقيين(‪.)1‬‬
‫‪ ‬وقد أشار القرآن الكريم إلى الدراهم بوصفها وحدات نقدية‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬وشروه‬
‫بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين﴾ يوسف‪.20 :‬‬
‫‪ ‬وقد حافظ اإلصالح النقدي في العصر األموي على عيار الدرهم‪ ،‬حيث كان يمثل‬
‫‪7/10‬من وحدة الدينار‪ ،‬ومن ثم كان وزنه الشرعي ‪2,97‬جم‪ ،‬وقد خضع هذا الوزن لعدة‬
‫تغ يرات كب يرة ع بر العص ور التاريخي ة نتيج ة للظ روف السياس ية واالقتص ادية ال تي ك انت‬
‫تؤثِّر بدرجة كبيرة في وزن العملة وقيمة العيار(‪.)2‬‬
‫‪ - ‬الفلس‪ .‬كلم ة يوناني ة مش تقة من اللف ظ الالتي ني ‪ ،Follis‬وه و اس م وح دة من وح دات‬
‫السكة النحاسية‪ ،‬وقد عرفه العرب عن طريق معامالتهم التجارية مع البيزنطيين‪ ،‬ولم يكن‬
‫للفلس وزن واح د‪ ،‬حيث ك ان يختل ف وزن ه من إقليم إلى آخ ر‪ ،‬وإ ن ك انت النس بة الشرعية‬
‫بين الفل وس وال دراهم معروف ة‪ ،‬وهي ‪ .1/48‬واألص ل في ض رب ه ذا الن وع من النق ود‬
‫النحاسية أن تكون عملة العمليات التجارية بسيطة‪ .‬ولم يمنع ذلك العرب من االهتمام بها‬
‫ص ُن ًجا زجاجي ة خاص ة مق درة بالقراري ط‬
‫وبنقوش ها وأوزانه ا ووض عوا من أج ل وزنه ا ُ‬
‫الخروب ُيوزن بها)‪.‬‬
‫الصاغة‪ :‬حبة ُّ‬
‫(الخروبة في اصطالح َّ‬
‫ُّ‬ ‫والخراريب‬
‫وكان شكل الفلس قبل التعريب مستدير الشكل‪ ،‬نقش على أحد وجهيه صورة هرقل وعلى‬
‫(‪)3‬‬
‫الوجه اآلخر نقشت عبارات وإ شارات نصرانية‪.‬‬
‫‪ -‬الطراز العربي للعملة اإلسالمية‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪. 41 ،‬‬


‫شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في معرفة األقاليم‪ ،‬مطبعة ليدن‪،1967 ،‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫ص‪. 95 .‬‬
‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪. 18 .‬‬ ‫‪)(3‬‬

‫‪8‬‬
‫مراحل تعريب النقود‬ ‫‪‬‬

‫أش ارت المص ادر التاريخي ة إلى المح اوالت األولى المبك رة ال تي ق ام به ا الخليف ة عم ر بن‬
‫الخط اب في ‪18‬هـ لض رب ال دراهم اإلس المية على غ رار ال دراهم الفارس ية‪ ،‬بع د أن زاد‬
‫فيها عبارة الحمد هلل أو محمد رسـول اهلل أو ال إله إال اهلل وحده‪ ،‬كما أشارت المصادر إلى‬
‫ضرب الخليفة عثمان بن عفان في عام ‪42‬هـ للدراهم بعد أن زاد فيها عبارة التكبير اهلل‬
‫أكبر‪ .‬كذلك قام الخليفة معاوية بن أبي سفيان ( ‪60 - 41‬هـ ) بضرب الدراهم ونقش عليها‬
‫اسمه‪.‬‬
‫ويحتف ظ المتح ف البريط اني بلن دن بنم اذج من دراهم معاوي ة‪ .‬ك ذلك ينس ب بعض‬ ‫‪ ‬‬
‫المؤرخين إلى معاوية بن أبي سفيان ضربه لدنانير ذهبية نقش عليها صورته وهو متقلد‬
‫س يفه‪ ،‬وإ ذا ص ح ه ذا‪ ،‬يك ون معاوي ة ه و أول من ض رب ص ورته في العمالت والنق ود‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪  ‬وي ذكر الم ؤرخ المقري زي في‬
‫كتاب ه ش ذرات العق ود أن ال دراهم‬
‫اإلس المية المبك رة ك انت غليظ ة‬
‫قص يرة إلى أن ج اء عبداهلل بن‬
‫الزب ير في ع ام ‪61‬هـ وض رب‬
‫ال دراهم المس تديرة‪ ،‬وق د نقش على أح د وجهيه ا عب ارة محم د رس ول اهلل‪ ،‬وعلى الوج ه‬
‫اآلخر عبارة أمر اهلل بالوفاء‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫قائم ا‪ ،‬ولم تمن ع تل ك المح اوالت الس ابقة من‬
‫وقد ظل التعامل بالنقود الرومي ة والفارس ية ً‬
‫تداولها‪ ،‬إلى أن جاء الخليفة األم وي عب دالملك بن م روان في ع ام ‪74‬هـ وض رب النق ود‬

‫إلياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث‪ ،‬ص‪. 44 .‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫‪9‬‬
‫تمام ا من النق وش والش ارات والرم وز الفارس ية والرومي ة‪.‬‬
‫اإلس المية الخالص ة‪ ‬ال تي خلت ً‬
‫وقد هدد الخليفة عبدالملك بالقتل كل من يتعامل بغير النقود اإلسالمية‪ ،‬وبعث بالسكة أي‬
‫(الحدي دة المنقوش ة)(‪ )1‬ال تي تُض رب عليه ا ال دنانير وال دراهم إلى أرج اء الدول ة اإلس المية‬
‫لتستخدم في عمل النقود‪ ،‬وقد ُنقش على أحد وجهي الدينار أو الدرهم عبارة ال إله إال اهلل‬
‫وحده ال شريك له وعلى الوجه اآلخر سورة اإلخالص ﴿قل هو اهلل أحد ¦ اهلل الصمد; لم‬
‫كفوا أح د﴾ ‪ .‬وعلى اإلط ار الخ ارجي نقش اآلي ة الكريم ة ﴿هو‬
‫يل د ولم يول د ¦ ولم يكن ل ه ً‬
‫الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله﴾ التوبة‪ ،33 :‬الفتح‪،28 :‬‬
‫ض رب ه ذا‬
‫الص ف‪ .9 :‬وعلى إط ار الوج ه اآلخ ر نقش ت اريخ الض رب ونص ه ¸بس م اهلل ُ‬
‫الدينار أو الدرهم في سنة‪.)2( ·....‬‬
‫وعلى ذل ك يع د الخليف ة عب دالملك بن م روان ه و أول من اتخ ذ عمل ة رس مية من‬ ‫‪ ‬‬
‫ال ذهب والفض ة‪ ‬ال يج وز التعام ل بغيره ا‪ ،‬ول ذا لم يختل ف المؤرخ ون الع رب في نس بة‬
‫الطراز العربي للسكة اإلسالمية إلى الخليفة عبدالملك بق در اختالفهم في الدافع الذي أدى‬
‫ب ه إلى عملي ة التع ريب‪ .‬وق د أش ارت المص ادر التاريخي ة إلى الس بب ال ذي دف ع الخليف ة‬
‫عبدالملك إلى تعريب النقود‪ ،‬وهو التحدي الذي حدث من إمبراطور الروم جستنيان الثاني‬
‫للخليف ة عب دالملك بن م روان حين أم ر األخ ير بح ذف العب ارات البيزنطي ة المكتوب ة على‬
‫َّ‬
‫المصدرة من مصر إلى بيزنطة‪ .‬وعلى إثر ذلك أشار عليه أهل الرأي أن‬ ‫أوراق البردي‬
‫نقودا عربية خالصة عليها شهادة التوحيد والرسالة المحمدية‪ .‬واستحسن الخليفة‬
‫يضرب ً‬
‫ص ُن ًجا زجاجية ال تستحيل إلى‬
‫عبدالملك هذا الرأي وأمر بضرب النقود العربية‪ ،‬وصب ُ‬

‫محمد عبد المنعم الحميري‪ ،‬الروض المعطار في خبر األقطار‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،1984 ،‬ص‪. 79 .‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪. 40 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫زيادة أو نقصان َّ‬
‫لتعير عليها هذه النقود وتضبط أوزانها‪ ،‬وكان في هذا أبلغ رد على تحدي‬
‫(‪)1‬‬
‫اإلمبراطور البيزنطي‪.‬‬
‫ومهم ا ك انت مص داقية تل ك القص ة‪ ،‬فهي ال تنفي العم ل الكب ير ال ذي توص ل إلي ه‬ ‫‪ ‬‬
‫الخليفة عبدالملك بن مروان في تحرير دور السكة من قبضة الفرس والروم‪ ،‬وأنهى بذلك‬
‫سيطرة السكة الفارسية والرومية على االقتصاد اإلسالمي‪ .‬ومنذ ذلك الوقت لم تعد السكة‬
‫اإلسالمية تدور في فلك النقود البيزنطية أو الفارسية أو ترتبط بأسعارها أو أوزانها(‪.)2‬‬
‫السكة في العصر األموي‬
‫‪ِّ - ‬‬
‫‪  ‬عبدالملك بن مروان والعملة اإلسالمية‪.‬‬
‫الس كة ه و اس تبدال‬
‫ك ان من أهم مظ اهر تع ريب ِّ‬
‫الخليف ة عب دالملك بن م روان ص ورته ه و بص ورة‬
‫هرقل وولديه التي كانت تنقش على الدنانير والفلوس‬
‫البيزنطية‪ ،‬مع اإلبقاء على بعض التأثيرات البيزنطية‬
‫البسيطة‪ .‬وأصبح شكل الدينار اإلسالمي يحت وي على‬
‫صورة الخليفة عبدالملك وهو قابض سيفه بيده‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫أثر ضرب العملة اإلسالمية على اإلمبراطورية البيزنطية‪.‬‬
‫ك ان من نت ائج ض رب الخليف ة عب دالملك بن م روان لل دنانير ال تي تحم ل ص ورته أن ح دث‬
‫ن زاع ح اد بين اإلم براطور الب يزنطي وبين الخليف ة األم وي؛ إذ ك ان ض رب نق ود ذهبي ة‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(1‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ،.2003 ،‬ص‪. 45‬‬


‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(2‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ،.2003 ،‬ص‪. 33‬‬


‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪. 20 .‬‬ ‫‪)(3‬‬

‫‪11‬‬
‫أمرا لم يحدث من الخلفاء قبل عبد الملك‬
‫بصورة حاكم آخر غير اإلمبراطور البيزنطي‪ً ،‬‬
‫بن مروان‪ ،‬وقد كان اإلمبراطور جستنيان يدافع عن هذا الحق باعتباره قاعدة عامة يجب‬
‫احترامها‪ ،‬ولذلك عارض جستنيان هذا الطراز من الدنانير العربية اإلسالمية‪ ،‬وقام بفسخ‬
‫المعاهدة المبرمة بين البيزنطيين والعرب‪ .‬ولكن‪ ،‬بعد ضرب الخليفة عبدالملك بن مروان‬
‫الزم ا على اإلم براطور الب يزنطي قبوله ا أو رفض ها‪،‬‬
‫لل دنانير الذهبي ة بص ورته س يكون ً‬
‫وكان من الطبيعي أن يرفض اإلمبراطور البيزنطي ُعملة َّ‬
‫تقدم بصورة خليفة مسلم(‪.)1‬‬
‫ومن الج دير بال ذكر أن العمل ة والنق ود العربي ة ال تي تزينه ا ص ورة الخليف ة األم وي‬ ‫‪  ‬‬
‫ك انت خط وة كب يرة في س بيل‪ ‬اإلص الح النق دي‪ ‬للدول ة اإلس المية‪ .‬وقد‪ ‬اس تغرقت ه ذه‬
‫اإلص الحات أرب ع س نوات من ذ ع ام ‪73‬هـ‪ ،‬وه و ت اريخ فس خ المعاه دة البيزنطي ة العربي ة‪.‬‬
‫تمام ا في ع ام ‪77‬هـ ؛حيث احتلت الكتاب ات‬
‫وتمت أه داف عملي ة تع ريب العمل ة والنق ود ً‬
‫العربي ة وجهي ال دينار الع ربي اإلس المي‪ ،‬واختفت ال دنانير المص ورة‪ ،‬وأص بح الط راز‬
‫اإلس المي لل دينار الع ربي يتك ون من واجه ة ُنقش على إطاره ا الخ ارجي عب ارة تش ير إلى‬
‫الرسالة المحمدية نصها‪¸ :‬محمد رسول اهلل أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين‬
‫كله·‪ ،‬وفي مركز وجه الدينار ُنقشت شهادة التوحيد ونصها ¸ال إله إال اهلل وحده ال شريك‬
‫له·‪ ،‬وعلى ظهر الدينار ُنقش في اإلطار الخارجي كتابة تشير إلى تاريخ الضرب نصها‪¸:‬‬
‫بسم اهلل ضرب هذا الدينار سنة سبع وسبعين·‪ ،‬وفي مركز ظهر الدينار نقشت ثالثة أس طر‬
‫من القرآن الكريم من سورة اإلخالص‪ ﴿ :‬اهلل‬
‫أحد ¦ اهلل الصمد ¦ لم يلد ولم يولد﴾ (‪.)2‬‬
‫‪ ‬‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(1‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ،.2003 ،‬ص‪. 24‬‬


‫إلياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر الحديث‪ ،‬ص‪.56 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ ‬أما العملة الفضية في العصر األموي‬
‫ض رب في دمشق‪ ،‬عليها اسم دار الضرب‬
‫فقد وصلت إلينا مجموعة كبيرة منها معظمها ُ‬
‫ض رب في مدين ة‬
‫ض ْرب الكوف ة‪ .‬وفي ع ام ‪84‬هـ وص لنا درهم ُ‬ ‫ض ْرب دمش ق أو َ‬
‫ونص ها َ‬
‫(‪)1‬‬
‫واسط بالعراق‪ .‬وقد حملت جميع الدراهم األموية اسم دار ََّّ‬
‫السك‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫الع ْملة في العصر العباسي‬


‫‪ُ - ‬‬
‫‪ ‬بع د انتق ال الخالف ة للعباس يين في س نة ‪132‬هـ‪،‬‬
‫انتقلت الس لطة من الش ام إلى الع راق‪ .‬وبم ا أن‬
‫العمل ة تع د رم ًزا لألس رة الحاكم ة في العص ر‬
‫اإلسالمي؛ فق د‬
‫استبدل الخليفة‬
‫أب و العب اس‪ ‬‬
‫ورة‬ ‫بس‬
‫نصها‪¸ :‬محمد‬ ‫اإلخالص فى ظه ر العمل ة عب ارة‬
‫استعمال‬ ‫رس ول اهلل·‪ .‬وفيم ا ع دا ذل ك اس تمر‬
‫النقوش القرآنية بالخط الكوفي على الدنانير الجديدة‪ ،‬كما حافظ العباسيون في بداية األمر‬
‫على اس تمرار ض رب ال دنانير الذهبية في ك ل من مصر ودمشق حتى ع ام ‪198‬هـ‪ ،‬حيث‬
‫ب دأت اإلش ارات األولى نح و التغ ير تظه ر على العمل ة العباس ية من ذ عه د الخليف ة المه دي‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(1‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ،2003 ،‬ص‪. 45‬‬

‫‪13‬‬
‫الذي أمر بنقش عالمات منقوطة‪ ،‬أو حروف تفيد بضبط العملة وتحديد صالحيتها للتدوال‪.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫وفي عه د الخليف ة ه ارون الرش يد‪ُ ،‬س َّكت دن انير ن ادرة في دور الض رب ببغ داد‬ ‫‪ ‬‬
‫الس ك؛‬
‫أيض ا ‪ 170‬ـ ‪193‬هـ‪ ،‬ح دث تط ور رئيس ي في نظ ام َّ‬
‫والفس طاط‪ .‬وفي عه د الرش يد ً‬
‫حيث أم ر أن ينقش اس مه واس م ابن ه األمين على العمل ة الذهبي ة‪ .‬وق د ش جع ه ذا النظ ام‬
‫اإلداري الجديد الوالة والعمال في األمصار على نقش أسمائهم‪ ،‬فظهرت ألول مرة أسماء‬
‫والة مص ر على ال دنانير الذهبي ة‪ ،‬ومن أمثلته ا ال دينار ال ذي يحم ل اس م األم ير علي بن‬
‫أثرا‬
‫سليمان بن علي العباسي‪ ،‬الذي تولى أمر مصر ‪171-169‬هـ‪ .‬وقد أحدث هذا التغير ً‬
‫سلبيا على العملة العباسية وبخاصة الدنانير الذهبية؛ حيث بدأ حجمها يكبر وسمكها يقل‪،‬‬
‫ً‬
‫عوض ا عن سطر واحد‪ ،‬وأصبح الخط‬
‫ً‬ ‫وأصبحت الكتابات تنقش على الهامش في سطرين‬
‫الكوفي أكثر رشاقة‪.‬‬
‫‪ ‬وفي الف ترة (‪234-218‬هـ‪848-833 ،‬م)‪ ،‬لم تح دث أي تغ يرات مرس ومة على‬ ‫‪ ‬‬
‫العمل ة العباس ية ال من ناحي ة النق وش وال من ناحي ة الكتاب ات(‪ .)2‬وأص بحت عمل ة الم أمون‬
‫هي العمل ة القياس ية حيث ك ان ش كل دين ار الم أمون يش تمل على وج ه نقش في مرك زه (ال‬
‫ض رب هذا الدينار في…)‪.‬‬
‫إله إال اهلل وحده ال شريك له)‪ ،‬وعلى اإلطار الداخلي (بسم اهلل ُ‬
‫وعلى اإلط ار الخ ارجي (هلل األم ر من قب ل ومن بع د ويومئ ذ يف رح المؤمن ون بنص ر اهلل)‪.‬‬
‫وعلى ظهر الدينار في داخل المركز ُنقشت عبارة نصها (محمد رسول اهلل ـ للمأمون ـ مما‬
‫(‪)3‬‬
‫أمر به األمير رضا ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن علي بن أبي طالب)‪.‬‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬ص‪. 32‬‬


‫محمد عبد المنعم الحميري‪ ،‬الروض المعطار في خبر األقطار‪ ،‬مكتبة لبنان‪ ،1984 ،‬ص‪.82 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫تقي الدين أحمد بن علي المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬المكتبة الحيدرية‪ ،‬النجف‪ ،‬ط‪ ،1967 ،5 .‬ص‪. 34 .‬‬ ‫‪)(3‬‬

‫‪14‬‬
‫ومع ضعف الخالفة العباسية حدثت تغيرات جوهرية في العملة‪ ،‬نتج عنه ا اختالف‬ ‫‪ ‬‬
‫أوزانها ونقاوة سبائكها بالقياس إلى المستوى العالي الذي كانت عليه في السنوات األولى‬
‫التغير إلى تقلص نفوذ الخليفة‪ ،‬وتردي مستويات الموظفين الموكل‬‫للخالفة‪ .‬وقد ُيعزى هذا ُّ‬
‫الس ك‪ ،‬وت دهور الوض ع االقتص ادي للدول ة‪ .‬وق د ُأر ِغم الخليف ة على نقش‬
‫إليهم أم ر دور َّ‬
‫أسماء الوالة وأولياء العهود وإ خوتهم األقوياء والقادة والوزراء ممن كان لهم عليه سطوة‬
‫وس لطان‪ ،‬كم ا أخ ذ حك ام ال دويالت ال تي انفص لت عن الخالف ة العباس ية وأص بحت ش به‬
‫مس تقلة‪ ،‬مث ل الدول ة الطولوني ة في مص ر ودول ة الص فاريين والس اجيين والس امانيين في‬
‫ف ارس واإلخش يديين في فلس طين‪ ،‬يض ربون أس ماءهم على العمل ة العباس ية بينم ا أص بحت‬
‫س يادة الخليف ة باالس م فق ط‪ .‬وبدراس ة ه ذه ال دنانير‪ ،‬يمكن التع رف على ال دويالت الجدي دة‬
‫المستقلة عن الخالفة وتتابع تاريخ إنشائها وانتهائها(‪.)1‬‬
‫‪ ‬‬

‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪. 22 .‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المسكوكات في العصر العباسي األول‬
‫خط ط العباس يون س راً لإلطاح ة ب األمويين وتمكن وا من ذل ك ع ام ‪،749 /132‬‬
‫وظه رت الخالف ة العباس ية على مس رح األح داث وعم رت خمس مئة س نة وأرب ع وعشرين‪،‬‬
‫‪ ،1258-743 /656-132‬شهدت الخالفة العباسية خالل هذه القرون أحواالً مضطربة‪،‬‬
‫انعكست على عملتها من جهة الطرز والنقوش والكتابات المتنوعة الدالة على التطورات‬
‫السياسية التي حصلت في الخالفة العباسية(‪.)1‬‬
‫هناك تقسيمات متعددة داخل العصر العباسي من قبل المؤرخين‪ ،‬وهي عصر قوة‬
‫أول (‪ ،)847-749 /232-132‬وعصر ضعف ثان (‪ ،)1258-847 /565-323‬وكال‬
‫العصرين ينسحبان على أشخاص الخلفاء من جهة القوة والضعف‪ ،‬ال على أحوال الخالفة‬
‫عامة‪ .‬شهد عصر الضعف بروز قوى جديدة تغلبت على مقاليد األمور في بغداد‪ ،‬وأخذت‬
‫تدير األمور فيما بقي الخليفة تحت رحمة المتغلبين محتفظ اً برمز روحي أبقي له ليضفي‬
‫به شرعية على المتغلبين في جهاتهم من أنحاء الخالفة العباسية‪ .‬وعرفت تلك الفترات بـ‪:‬‬
‫فترة قوة الخلفاء‪.)833-749 /218-132( :‬‬ ‫‪‬‬
‫فترة النفوذ التركي‪.)946-833 /334-218( :‬‬ ‫‪‬‬
‫فترة النفوذ البويهي‪.)1055-946 /447-334( :‬‬ ‫‪‬‬
‫فترة النفوذ السلجوقي‪.)1136-946 /536-447( :‬‬ ‫‪‬‬
‫فترة انتعاش الخالفة في بغداد‪.)1258-1136 /656-536( :‬‬ ‫‪‬‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(1‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ، 2003 ،‬ص‪. 34‬‬

‫‪16‬‬
‫ويهمنا فيما يخص العمالت المتداولة أن نؤكد دورها الرمزي والدعائي في ميدان‬
‫النزال السياسي الساخن بين المتنافسين وعكسها ألحوال المتغلبين على مقاليد الخالفة(‪.)1‬‬

‫أراد الخلف اء في ف ترة ق وتهم في الق رن األول من خالفتهم‪ ،‬التعب ير عن ق وتهم‬


‫وخالفتهم الجدي دة‪ ،‬فغ يروا بعض الكتاب ات ال تي ك انت على ال دراهم وال دنانير والفل وس‬
‫األموي ة‪ .‬ب دأ ذل ك أب و جعف ر المنص ور فأض اف اس م محم د رس ول اهلل على أح د وجهي‬
‫ال درهم وال دينار إلثب ات الق ربى من الرس ول ‪ r‬تعزي زاً الدع ائهم الح ق في الس لطة في‬
‫مواجه ة خص ومهم الك ثر(‪ ،)2‬ثم ب دأت أس ماء الخلف اء ب الظهور ابت داء من زمن المه دي‬
‫‪ ،786-775 /169-158‬كم ا حملت أس ماء والة العه ود تأكي داً لمناصبهم وسط نزاع ات‬
‫ح ادة على منص ب والي ة العه د‪ .‬وس مح بع د ذل ك لل وزراء وال والة بكتاب ة أس مائهم على‬
‫النقود‪ ،‬وعندما جاء عصر هارون الرشيد الشهير بالغنى والترف وتطور العمران والعلوم‪،‬‬
‫ظهرت في عهده طرز عدة للدرهم والدينار منها ما كان على طراز عمالت أبي العباس‬
‫أول الخلف اء‪ ،‬ومنه ا م ا ك ان على ط راز أخي ه اله ادي‪ ،‬أض اف اس مه إلى بعض ها واس م‬
‫زوجت ه زبي دة على بعض ها اآلخ ر‪ ،‬وإ ن لم يس تمر على ذل ك ط ويالً‪ ،‬لكن زبي دة ع اودت‬
‫الظه ور على المس رح السياس ي‪ ،‬أثن اء خالف ة ول دها األمين‪ ،‬فتح دثت المص ادر عن دراهم‬
‫س كتها وكتبت عليه ا اس مها‪ ،‬أو أم رت بس كها عمالت تذكاري ة في مناس بات سياس ية‪ .‬على‬
‫ه ذه الش اكلة من اإلض افات ض رب أيض اً األمين أنواع اً من النق ود‪ ،‬منه ا تل ك ال تي س كت‬
‫وسط الصراع مع أخيه المأمون على والية العهد وكتابة اسمي ولديه الطفلين كوليي عهد‪،‬‬
‫ومنع تداول تلك العمالت التي أصدرها أخوه المأمون في مرو عاصمة إقليم المشرق الذي‬
‫ح دده الرش يد ل ه‪ ،‬وحملت ش عارات مناهض ة لألمين‪ ،‬وأدخ ل الم أمون تغي يرات مهم ة على‬

‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬ص‪. 40‬‬


‫تقي الدين أحمد بن علي المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬المكتبة الحيدرية‪ ،‬النجف‪ ،‬ط‪ ،1967 ،5 .‬ص‪. 26 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪17‬‬
‫شكل العمل ة فأضاف س نة ‪ ،814 /199‬بعد انتص اره على أخي ه األمين وانفراده بالخالفة‬
‫إلى نقوده آيات قرآنية(‪ ،)1‬مثل (هلل األمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر‬
‫اهلل) ‪ .‬وكانت اآليات القرآنية قبل ذلك مثار جدل خشية أن تلمس اآليات من غير طاهر‪،‬‬
‫إال أن هذه اآلية شاعت بعد ذلك في عمالت كثير من الدول المستقلة وحتى الخارجة على‬
‫العباس يين مث ل القرامط ة‪ .‬ج اء عه د المعتص م فعم ل على توحي د النص وص المنقوش ة على‬
‫العمالت‪ ،‬وغير موضع اسم الخليفة فجعله في الخط السفلي من وجه المسكوكة كما يبين‬
‫ذلك درهم مضروب عام ‪ )2(،839 /224‬لكن عصره كان مقدمة لبداية نفوذ األتراك وهم‬
‫العس كر ال ذين اس تكثر منهم المعتص م في خالفت ه وص اروا ق وة عس كرية تمكن وا به ا من‬
‫التأثير في مجريات السياسة والصراعات على السلطة داخل البيت العباسي‪ .‬استمر نفوذ‬
‫المجموع ات العس كرية التركي ة في التع اظم‪ .‬في ف ترة النف وذ ال تركي ك ثر الع زل واإلب دال‬
‫للخلفاء‪ ،‬وكثرت المنافسات على كرسي الخالفة تحت تأثير المجموعات العسكرية التركية‬
‫المتناقض ة المص الح‪ ،‬وانعكس ك ل ذل ك على العمالت المس كوكة وحملت عب ارات الحم د‬
‫والنص ر واالس تعانة وغ ير ذل ك‪ ،‬لكنه ا ظلت عباس ية ص رفة ولم ينعكس عليه ا أث ر ت ركي‪.‬‬
‫أما األبرز من التطورات في العصر الثاني للخالفة العباسية فكان ظهور دويالت مستقلة‬
‫ت دين ب الوالء االس مي للخالف ة لتعزي ز ش رعيتها المحلي ة فق ط‪ ،‬من ه ذه ال دول‪ ،‬الدول ة‬
‫الطولوني ة في مص ر (‪ ،)905-868 /292-254‬الدول ة الص فارية في مقاطع ة ف ارس‬
‫وسجستان‪ ،903-868 /290-254 ،‬الدولة الس امانية في خراسان ‪-875 /381-261‬‬
‫ه ذه‬ ‫(‪)3‬‬
‫‪ ،991‬والدول ة الحمداني ة في الموص ل وش مال الش ام ‪.1001-929 /391-317‬‬

‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪. 24 .‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(2‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪ ،.2003 ،‬ص‪. 13‬‬


‫فرج اهلل أحمد يوسف‪ ،‬اآليات القرآنية على المسكوكات اإلسالمية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مركز الملك فيصل للبحوث‬ ‫‪)(3‬‬

‫والدراسات اإلسالمية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1 .‬ص‪. 78 .‬‬

‫‪18‬‬
‫ال دول س كت عمالت باس مها وكتبت اس م الخليف ة المعاص ر على أح د وجهي عملته ا‪ ،‬وم ع‬
‫أن ه لم يتم العث ور على مس كوكات ه ذه ال دول في ش رق الجزي رة ح تى اآلن‪ ،‬فليس ثم ة م ا‬
‫يمن ع من ت رجيح ت داول ش رق الجزي رة له ذه العمالت وإ ن جزئي اً بحكم الص الت التجاري ة‬

‫ووفرة بعض منتجات إقليم شرق الجزيرة التي تم تصديرها خارج اإلقليم‪ ،‬مما يعني تداوالً‬
‫ب العمالت المت وفرة طالم ا ك انت من ال ذهب والفض ة‪ .‬األهم من ذك ر تل ك ال دول المس تقلة‬
‫البعيدة نسبياً عن شرق الجزيرة‪ ،‬ذكر دولتين أقامتا سلطتيهما في إقليمي البحرين (شرق‬
‫الجزيرة) وعمان‪ ،‬هما دولة اإلمامة اإلباضية في عمان ‪ ،990-793 /380-177‬وهي‬
‫ف ترة ك انت تقطعه ا ق وى تابع ة للعباس يين أو البويه يين‪ ،‬ثم دول ة القرامط ة في إقليم ش رق‬
‫الجزيرة بما في ذلك الجزر الواقعة قبالة الساحل ومنها جزيرة أوال (البحرين حالياً) والتي‬
‫قامت بين ‪ 893 /280‬تقريباً‪ ،‬إلى عام ‪ .1074 /446‬حاولت دولة القرامطة مد سلطانها‬
‫إلى س واد الع راق وعم ان دون نج اح‪ ،‬لكنه ا تمكنت في ف ترات ليس ت بالقص يرة من م د‬
‫سلطتها إلى الشام وس ّكت نقوداً في سوريا وفلسطين‪ ،‬كما أن عصر القرامطة الطويل شهد‬
‫أيض اً ظهور قوى محلية نافست القرامطة سيادتهم على بعض أجزاء شرق الجزيرة قبل‬
‫سقوطهم النهائي عام ‪ ،1074 /466‬على يد العيونيين الموالين لبني العباس(‪.)1‬‬
‫ال دولتان القرمطي ة واإلباض ية‪ ،‬وبحكم تكوينهم ا الم ذهبي‪ ،‬لم تعترف ا بالخالف ة‬
‫العباسية‪ ،‬بل ناصبتها العداء وهو ما انعكس على عمالتها التي خلت من نقش اسم الخليفة‬
‫العباسي‪ ،‬وبدالً منه نقشت أسماء حكام الدولة القرمطية في إقليم البحرين (شرق الجزيرة)‬
‫وأئم ة الباض ية في عم ان‪ .‬مه دت العالق ات المذهبي ة ال تي ق امت في ف ترات مح ددة بين‬ ‫(‪)2‬‬

‫دولة القرامطة في شرق الجزيرة ودولة الفاطميين في مصر ( ‪،1172-910 /567-297‬‬

‫حمد بن صراي‪« ،‬عمالت ما قبل اإلسالم المكتشفة في شرقي الجزيرة العربية ودالئلها الشخصية والدينية والسياسية‬ ‫‪)(1‬‬

‫واالقتصادية»‪ ،‬ندوة الثقافة والعلوم‪. 23 ، .2003 ،‬‬


‫البالذري‪ ،‬كتاب النقود‪( ،‬عن األب انستاس الكرملي‪ ،‬النقود العربية واإلسالمية وعلم النميات‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬ص‪. 32‬‬

‫‪19‬‬
‫إلى إقام ة عالق ات تجاري ة نش طة أدت إلى ش يوع الت داول بال درهم وال دينار الف اطميين في‬
‫شرق الجزيرة بنقوشه التي تحمل عقيدة الفاطميين الشيعية‪ ،‬ومع ذلك فليس ثمة دليل على‬
‫إعاقة التعامل بالعمالت األخرى ذات الصلة بالخالفة العباسية ودويالتها المستقلة‪ ،‬بدليل ما‬
‫أق ام القرامط ة من مراك ز لجم ع الجباي ة في ب اب البص رة لجباي ة التج ارة الخاص ة ب أوال‬
‫ب البحرين‪ ،‬وم ا فرض وه من إت اوات على الخالف ة العباس ية نظ ير ع دم تعرض هم لقواف ل‬
‫الحجيج والتج ارة في الم دن(‪ ،)1‬ويب دو أن التج ارة في الق رن الراب ع الهج ري بلغت أوجه ا‪،‬‬
‫ويكفي أن نعرف أن واردات البحرين من الجباية بلغت في هذه الفترة في سنة من السنين‬
‫خمسمئة وعشرة آالف دينار‪ ،‬وهو ما يرجح بقاء النقد العباسي نقداً غالب اً في التعامل حتى‬
‫منتصف القرن الرابع الهجري بسبب ثقل المركز السياسي والتجاري‪ .‬ويعد القرن الرابع‬
‫الهج ري عام ة من أزهى الق رون حض ارياً‪ ،‬ففي ه ازده رت التج ارة وك ثر اإلنت اج العلمي‬
‫وزاد عدد العلماء وعظم تشجيع األسر الحاكمة لهم‪ ،‬وعلى الرغم من وجود ثالث خالئف‬
‫إس المية في ه ذه الف ترة‪ ،‬وهي العباس ية في بغ داد‪ ،‬والفاطمي ة في الق اهرة‪ ،‬واألموي ة في‬
‫األن دلس‪ ،‬وبس بب ازده ار التج ارة بين أق اليم الخالئ ف المختلف ة والمفتوح ة بال قي ود‪،‬‬
‫ازده رت أيض اً تج ارة ش رق الجزي رة‪ ،‬وه و م ا يع ني ش يوع الت داول ح تى لتل ك العمالت‬
‫القادمة من األندلس(‪.)2‬‬

‫الخاتمة‬
‫بعد انتقال الخالفة للعباسيين في سنة ‪132‬هـ‪ ،‬انتقلت السلطة من الشام إلى العراق‪.‬‬
‫وبم ا أن العمل ة تع د رم ًزا لألس رة الحاكم ة في العص ر اإلس المي؛ فق د اس تبدل الخليف ة أب و‬
‫العب اس‪  ‬بس ورة اإلخالص فى ظه ر العمل ة عب ارة نص ها‪¸ :‬محم د رس ول اهلل·‪ .‬وفيم ا ع دا‬

‫تقي الدين أحمد بن علي المقريزي‪ ،‬النقود اإلسالمية‪ ،‬المكتبة الحيدرية‪ ،‬النجف‪ ،‬ط‪ ،1967 ،5 .‬ص‪. 20.‬‬ ‫‪)(1‬‬

‫أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي االصطخري‪ ،‬المسالك والممالك‪ ،‬القاهرة‪ ،1961 ،‬ص‪. 26 .‬‬ ‫‪)(2‬‬

‫‪20‬‬
‫ذل ك اس تمر اس تعمال النق وش القرآني ة بالخ ط الك وفي على ال دنانير الجدي دة‪ ،‬كم ا حاف ظ‬
‫العباسيون في بداية األمر على استمرار ضرب الدنانير الذهبية في كل من مصر ودمشق‬
‫حتى عام ‪198‬هـ‪ ،‬حيث بدأت اإلشارات األولى نحو التغير تظهر على العملة العباسية منذ‬
‫عه د الخليف ة المه دي ال ذي أم ر بنقش عالم ات منقوط ة‪ ،‬أو ح روف تفي د بض بط العمل ة‬
‫وتحديد صالحيتها للتدوال‪.‬‬
‫وفي عه د الخليف ة ه ارون الرش يد‪ُ ،‬س َّكت دن انير ن ادرة في دور الض رب ببغ داد‬ ‫‪ ‬‬
‫الس ك؛‬
‫أيض ا ‪ 170‬ـ ‪193‬هـ‪ ،‬ح دث تط ور رئيس ي في نظ ام َّ‬
‫والفس طاط‪ .‬وفي عه د الرش يد ً‬
‫حيث أم ر أن ينقش اس مه واس م ابن ه األمين على العمل ة الذهبي ة‪ .‬وق د ش جع ه ذا النظ ام‬
‫اإلداري الجديد الوالة والعمال في األمصار على نقش أسمائهم‪ ،‬فظهرت ألول مرة أسماء‬
‫والة مص ر على ال دنانير الذهبي ة‪ ،‬ومن أمثلته ا ال دينار ال ذي يحم ل اس م األم ير علي بن‬
‫أثرا‬
‫سليمان بن علي العباسي‪ ،‬الذي تولى أمر مصر ‪171-169‬هـ‪ .‬وقد أحدث هذا التغير ً‬
‫سلبيا على العملة العباسية وبخاصة الدنانير الذهبية؛ حيث بدأ حجمها يكبر وسمكها يقل‪،‬‬
‫ً‬
‫عوض ا عن سطر واحد‪ ،‬وأصبح الخط‬
‫ً‬ ‫وأصبحت الكتابات تنقش على الهامش في سطرين‬
‫الكوفي أكثر رشاقة‪.‬‬

‫المصادر‬

‫‪21‬‬
‫أب و إس حاق إب راهيم بن محم د الفارس ي االص طخري‪ ،‬المس الك والممال ك‪ ،‬الق اهرة‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪ ،1961‬ص‪.19 .‬‬
‫البالذري‪ ،‬كت اب النق ود‪( ،‬عن األب انس تاس الك رملي‪ ،‬النق ود العربي ة واإلس المية‬ ‫‪.8‬‬
‫وعلم النمي ات‪ ،‬مكتب ة الثقاف ة الديني ة‪ ،‬ط‪ ،1987 2 .‬ص‪)19 .‬؛ المقري زي‪ ،‬النق ود‬
‫اإلسالمية‪.10-9 ،‬‬
‫لياس بيطار‪ ،‬تطور الكتابات والنقوش على النقود العربية من الجاهلة حتى العصر‬ ‫‪.9‬‬
‫الحديث‪ ،‬ص‪. 44 .‬‬
‫تقي ال دين أحم د بن علي المقري زي‪ ،‬النق ود اإلس المية‪ ،‬المكتب ة الحيدري ة‪ ،‬النج ف‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫ط‪ ،1967 ،5 .‬ص‪.9 .‬‬
‫حم د بن ص راي‪« ،‬عمالت م ا قب ل اإلس الم المكتش فة في ش رقي الجزي رة العربي ة‬ ‫‪.11‬‬
‫ودالئله ا الشخص ية والديني ة والسياس ية واالقتص ادية»‪ ،‬ن دوة الثقاف ة والعل وم‪،‬‬
‫‪ ،.2003‬ص‪. 45‬‬
‫شمس الدين أبو عبد اهلل محمد بن أبي بكر الشامي المقدسي‪ ،‬أحسن التقاسيم في‬ ‫‪.12‬‬
‫معرفة األقاليم‪ ،‬مطبعة ليدن‪ ،1967 ،‬ص‪. 95 .‬‬
‫عن الطري ق بين ص حار وإ قليم البح رين باإلض افة إلى الم دن الداخلي ة والط رق‬ ‫‪.13‬‬
‫بينه ا (انظ ر‪ :‬محم د اإلدريس ي‪ ،‬نزه ة المش تاق في اخ تراق اآلف اق‪ ،‬مكتب ة الثقاف ة‬
‫الدينية‪ ،‬القاهرة‪ ،1980 ،‬ج ‪ ، 1‬ص‪. 11‬‬
‫ف رج اهلل أحم د يوس ف‪ ،‬اآلي ات القرآني ة على المس كوكات اإلس المية‪ ،‬دراس ة‬ ‫‪.14‬‬
‫مقارن ة‪ ،‬مرك ز المل ك فيص ل للبح وث والدراس ات اإلس المية‪ ،‬الري اض‪ ،‬ط‪،1 .‬‬
‫‪ ،2003‬ص‪. 42 .‬‬
‫محم د عب د المنعم الحم يري‪ ،‬ال روض المعط ار في خ بر األقط ار‪ ،‬مكتب ة لبن ان‪،‬‬ ‫‪.15‬‬
‫‪ ،1984‬ص‪.82 .‬‬

‫‪22‬‬
23
‫المالحق‬

‫‪24‬‬
25
26

You might also like