You are on page 1of 52

2

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬

‫ادلقدمة‬
‫احلمد هلل رب العادلُت‪ ،‬احلق ادلبُت‪ ،‬الذم دلت على كجوده كصفاتو‬
‫اخلالئق أمجعُت‪ ،‬كالصالة كالسالـ األسبماف األكمالف‪ ،‬على النيب مرشد األانـ‪،‬‬
‫دمحم سيد األكواف‪ ،‬كعلى آلو كصحبو الكراـ‪ ،‬كبعد‪:‬‬
‫فهذه رسالة صغَتة احلجم‪ ،‬عفوية اخلاطر‪ ،‬ال أراعي فيها ادلصطلحات‬
‫العلمية قدر ادلستطاع‪ ،‬تتحدث عن أصول عقائد أىل السنة‪ ،‬مسيتها‪:‬‬
‫" حتريك األفكار يف أحقية عقائد اإلسالم"‬
‫ككاف منهجي أف أتسلسل مع فكر اإلنساف يف نظره للكوف‪ ،‬كطرحو‬
‫التساؤالت حوؿ كجود العاىل‪ ،‬فكنت أجيب عن ىذه التساؤالت ابلعقل‬
‫كالنقل يف أقل ما ديكن‪ ،‬تكوف كافية يف حق ادلسلم ادلثقف غَت ادلختص‬
‫ابلعلم الشرعي‪ ،‬كتكوف لفتة نظر للحَتاف يف شأف كجود هللا تعاىل رب الكوف‬
‫كصدؽ أنبيائو عليهم الصالة السالـ‪ ،‬فإهنا تقدح يف خاطره أقل قدر من‬ ‫ً‬
‫الدليل الذم ينبو العقل أف اإلسالـ ىو الدين احلق‪ ،‬كأف عقائده ىي العقائد‬
‫الصحيحة الواجب على البشرية اتباعها‪ ،‬فتكوف ىذه الرسالة على صغر‬
‫حجمها سببان يف خركج ادللحد من حَتتو إف كاف منصفان علميان موضوعيان‪ ،‬أك‬

‫‪3‬‬
‫أساسان ينطلق يف حبثو عن خالق ىذا الكوف‪ ،‬فهي كافية يف إزعاج نفسو‬
‫للبحث عن الدين احلق‪.‬‬
‫كمن ادلؤكد أف ىذه الرسالة ال تكفي من تغلغل يف اإلحلاد كتعصب لو‪،‬‬
‫كبٌت فكره على العناد كادلكابرة‪ ،‬بل حيتاج إىل مباحث أكثر كأدلة أعمق‬
‫كعالج قليب كنفسي أكرب‪ ،‬كلكن الرسالة جعلتها يف مقاـ العيجالة‪ ،‬كحد‬
‫أدىن من احلصانة جلميع طبقات ادلسلمُت من كساكس الشياطُت‪ ،‬كإجاابت‬
‫عن تساؤالت تطرحها النفس بفطرهتا‪ ،‬إذ اإلنساف مفطور على أف يتساءؿ‬
‫عن سر كجوده ككجود ادلخلوقات من حولو‪.‬‬
‫إرشادي للدعاة إىل هللا تعاىل‬
‫ٌ‬ ‫وىذه الرسالة ‪ -‬على صغرىا ‪ -‬دليلٌ‬
‫يف سريىم الدعوي‪ ،‬كىي البداية لتعليم عواـ ادلسلمُت عقائدىم‪ ،‬كأساس‬
‫ينطلق منو من كاف عقلو زلرران من ربقة تقليد ادللحدين‪ ،‬وىي عو ٌن للدعاة‬
‫إىل هللا تعاىل يف أن يطرحوا عقائد اإلسالم من أصوذلا أبقل القليل‪ ،‬كذلك‬
‫أف الداعية قد يقابل الشخص ادلدعو أك السائل أك ادلتشكك مرة كاحدة‬
‫كلفًتة قصَتة مث ال يقابلو بعد ذلك‪ ،‬فتكوف األكلوية ىو بناء أصوؿ العقائد‬
‫يف نفس ذلك ادلدعو‪ ،‬فتزكؿ كل تلك الشكوؾ كالتساؤالت كلها أك‬
‫معظمها‪ ،‬كيسهل معاجل ة ما بقي من الشوائب يأيسر جهد ألف النفس تكوف‬
‫مستعدة لالستجابة السريعة للحق؛ بسبب سالمة بناء أصول العقائد فيها‪،‬‬
‫فهي رلربة يف ىذا ادلضمار كهلل احلمد على ما أذلم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫كىذه الرسالة ليست ىي احلل الناجع لكل ما يتعرض لو ادلسلم من‬
‫شبهات يف عصران احلديث ‪ ،‬كلكنها أتسيس لو يف فهم دينو كرد الشبهات دبا‬
‫العال الطبيب الذي يداوي قلبو من أمراض الشكوك‬ ‫يسعفو حىت جيد ِ‬
‫والشبهات‪ ،‬فهذه الرسالة ىي دبنزلة اإلسعافات األكلية دلن يتعرض لإلصابة‬
‫ابلشكوؾ كالوساكس كالشبهات‪ ،‬كىي لبنة سبكنو من القراءة يف عقائد أىل‬
‫السنة‪ ،‬كخطوة يف تعلم عقائد اإلسالـ‪ ،‬كىي كافية كزايدة يف حق عواـ‬
‫ادلسلمُت فيما خيرجهم من إمث عدـ دراسة عقائدىم اإلسالمية السنية‪.‬‬
‫ككنت كتبتها يف أايـ طليب للعلم( ‪ ، )1‬كتبتها بعفوية اخلاطر دكف الرجوع‬
‫ألم مصدر‪ ،‬كإين أحرص على بقائها على عفويتها قدر ادلستطاع عند إعادة‬
‫النظر فيها‪.‬‬
‫كما أين أحلقت هبا عقيدة سلتصرة يف شرح شهادة التوحيد {شهادة‬
‫أف ال إلو إال هللا كأف دمحم رسوؿ هللا}‪ ،‬حبيث أسرد عقائد أىل السنة كاجلماعة‬
‫سردان‪ ،‬كقد اقتبستها كاختصرهتا من عقيدة اإلماـ حجة اإلسالـ دمحم بن دمحم‬
‫الغزايل رمحو هللا تعاىل اليت ذكرىا يف كتاب إحياء علوـ الدين‪ ،‬ككذلك‬
‫اختصرهتا من عقيدة اإلماـ عبد هللا احلداد رمحو هللا تعاىل ادلسماة بػ ػ‬

‫‪ ) 1‬ككنت كتابتها يف الزرقاء ‪-‬األردف يوـ الثالاثء عص ران‪1428/12/16 :‬ق –‬


‫‪ 2007/12 /25‬ـ‪ ،‬ككانت مقتصرة على عقائد خاصة ابهلل تعاىل كصفاتو‪ ،‬كلكٍت‬
‫أسبمتها لتشمل مجيع عقائد اإلسالـ‪ ،‬كطرحي فيها ي وافق زلاضرة قدمتها أماـ طالب‬
‫يف اجلامعة األردنية كانت مدهتا نصف ساعة كذلك يف صيف ‪2003‬ـ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫"عقيدة أىل اإلسالـ"‪ ،‬نسأؿ هللا تعاىل أف يرزقنا أسرار الشهادتُت بربكة‬
‫ىذين اإلمامُت اجلليلُت‪.‬‬
‫ىذا كأسأؿ هللا تعاىل أف ينفعٍت كالشباب ادلسلم هبما‪ ،‬كجيعلهما‬
‫كالبالغ مٍت لدين هللا تعاىل للناس‪ ،‬كأسألو تعاىل أف جيعلهما ذخران يل يوـ‬
‫القيامة‪ ،‬كيغفر يل ما قصرت يف حق إبالغ الدعوة يف ىذا الزماف الصعب‪.‬‬
‫كصلى هللا على سيدان دمحم كعلى آلو كصحبو كسلم‪،‬‬
‫كاحلمد هلل رب العادلُت‪.‬‬
‫كتبها أبو بكر؛ سامر رايض جابر‪.‬‬

‫كمت االنتهاء من ذبديد النظر فيو يف الزرقاء ‪ -‬األردف يوـ اخلميس‪1444/5/8 :‬ق –‪2022/12/1‬ـ‬

‫‪6‬‬
‫اإلنساف ال خيلو من مبادئ يعتنقها كيبٍت أفعالو عليها‪ ،‬كىذه ادلبادئ ىي‬
‫يف احلقيقة دين اإلنساف كادلوجو لو يف حياتو كىي على نوعُت‪:‬‬

‫‪ )1‬مبادئ ال علمية ‪ :‬أم أهنا ل تتكوف كفق ادلنهج العلمي الصحيح‪،‬‬


‫فقد تكوف أموران خرافية‪ ،‬أك عادات كتقاليد‪.‬‬
‫‪ )2‬مبادئ علمية‪ :‬أم أهنا تتكوف كفق ادلنهج العلمي الصحيح‪ ،‬فهي‬
‫أمور كاقعية ذلا أدلتها اليقينية‪.‬‬

‫كاإلنساف العاقل ال يتبع أمران يرفضو العقل كالعلم‪ ،‬كاإلسالـ جيعل العلم‬
‫ىو األساس يف الدخوؿ فيو‪ ،‬فأكؿ ما جيب على اإلنساف الذم يريد دخوؿ‬
‫اإلسالـ كاعتناؽ مبادئو أف يشهد أف ال إلو إال هللا كيشهد أف دمحمان رسوؿ‬
‫هللا‪ ،‬كال ييقبل الدخوؿ دكف لفظ الشهادة اليت تدؿ على العلم كاليقُت‪.‬‬

‫فلفظ أشهد تعٍت أين أصدؽ هبذا األمر تصديق مشاىدة ابلبصر أك‬
‫مشاىدة ابلبصَتة‪ ،‬كتعٍت أيضان أف ىذا األمر ادلشهود عليو ىو أمر يقيٍت‬
‫مقطوع بصحتو‪ ،‬كىذا ال يكوف إال من خالؿ عرض األمر ادلشهود عليو على‬
‫ادلنهج العلمي الصحيح؛ لذا فاإلسالـ دين علمي جيعل شرط الدخوؿ فيو‬
‫ىو العلم الصحيح اليقيٍت‪ ،‬كمبادئو علمية يقبلها العقل بعد البحث العلمي‬
‫ٱغيَ ًۡ َأَُّّۥُ‬
‫َ ۡ‬
‫الصحيح‪ ،‬فاقرأ كتاب اإلسالـ ادلقدس (القرآف الكرًن) آية‪ :‬ﵟف‬
‫‪7‬‬
‫َ َّ ُ ۡ َ‬
‫ٱَّلل َيػي ًُ‬ ‫َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ‬ ‫َ ٓ َ َٰ َ َّ َّ ُ ۡ َ ۡ‬
‫ٱَّلل َوٱشخغف ِ ۡر ز ِذۢنتِم َول ِي ٍُؤٌِِِين َوٱل ٍُؤٌ َِٰن ِِۗ‬
‫جو‬ ‫لا إِلّ إِلا‬
‫ۡ ُ‬ ‫َ َّ ُ‬
‫ٌُخَليتَل ًۡ َو ٌَث َٔىَٰل ًۡ ﵞ ﵝزلمد‪ :‬ﵙﵑﵜ كىنا األمر ابعتناؽ مبادئ اإلسالـ‬
‫يى م‬

‫كاالعًتاؼ بربوبية هللا تعاىل بعد البحث العلمي‪ ،‬كاألمر يف القرآف يفيد‬
‫الوجوب‪ ،‬فالبحث العلمي الصحيح كاجب يف اإلسالـ‪ ،‬كيعاقب من ل‬
‫يبحث عن احلقيقة كيعتنقها‪ ،‬كىذا دليل على قوة اإلسالـ الذم يتحدل‬
‫اجلميع من خالؿ البحث العلمي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫بعد معرفة كجوب البحث العلمي يف اإلسالـ‪ ،‬فإف من حق أم إنساف‬
‫أف يتساءؿ عن ادلنهج العلمي الصحيح للتأكد من أف مبادئ اإلسالـ‬
‫صحيحة كيقينية ال شك فيها‪.‬‬

‫ف اإلنساف يولد كليس لديو أم معلومة‪ ،‬فقلبو كعقلو صفحة بيضاء‪ ،‬مث‬
‫يبدأ اإلنساف يتلقى ادلعلومات كخيزهنا من خالؿ تعاملو مع البيئة حوذلا‪،‬‬
‫حػالى‪:‬‬ ‫كيكوف ىذا التلقي للمعلومات من خالؿ كسائل يعتمد عليها‪ ،‬كال‬
‫َ‬ ‫ُ َ َ ۡ َ َ َ ٗٔ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ‬
‫َو َج َػو‬‫ٔن أ ٌَّ َهَٰخِل ًۡ لا تػي ٍُٔن شيۡـٔا‬
‫ِ‬ ‫ط‬‫لً ٌّ ِ َۢ ُب ُ‬ ‫ﵟوٱَّلل أخرج‬
‫َ ُ ُ َّ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ‬
‫محل‪ :‬ﵘﵗﵜ‬ ‫ون ﵞ ﵝالن ۡ‬‫ىلً ٱلصٍع وٱلأةصر وٱلأفـِٔدة ىػيلً تشهر‬

‫فلو نظران يف ادلعلومات اليت نتوصل إليها فإننا صلد أهنا أتيت من مصادر‬
‫سلتلفة منها ما يكوف مقبوالن كالتجربة كمنها ما يكوف مرفوضان كاخلرافات‪.‬‬
‫ككذلك فإف ادلصادر العلمية قد تكوف عامة عند مجيع البشر على اختالؼ‬
‫ثقافاهتم‪ ،‬أك خاصة بفئة من البشر‪.‬‬

‫كدلا كاف اإلسالـ دين جلميع البشر فإنو يتبٌت ادلصادر العامة ادلقبولة عند‬
‫مجيع البشر كىي زلصورة يف ثالثة أمور‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ )1‬العقل‪ :‬كىذا ادلصدر زلل قبوؿ عند مجيع الناس‪ ،‬كىو ادليزاف الذم‬
‫يقبلو اجلميع عند اختالفهم‪.‬‬
‫‪ )2‬التجربة احلسية‪ :‬كىي مصدر يقبلو مجيع البشر‪ ،‬فال أحد يرفض أمر‬
‫يراه بعينو‪ ،‬أك يسمعو يأذنيو أك يلمسو كديسكو بيديو‪.‬‬
‫‪ )3‬اخلرب‪ :‬كىذا ادلصدر زلل اتفاؽ عند اجلميع بشكل عاـ‪ ،‬كإف‬
‫اختلفت طريقة تناقل األخبار من فئة ألخرل‪.‬‬

‫كىذه ادلصادر الثالث ىي اليت يقبلها اإلسالـ عندما يطلب من الناس أف‬
‫يدخلوا فيو‪ ،‬ألهنا زلل قبوؿ لدل اجلميع‪ ،‬كىي منضبطة كديكن أف حيتكم ذلا‬
‫ۡ‬ ‫َ َ‬ ‫َۡ‬ ‫َ َُۡ‬
‫كل كاحد من البشر‪ ،‬كال حػالى‪ :‬ﵟ َولا تلف ٌَا ىي َس لم ةِّ ِۦ غ ِي ٌ ًٌۚ‬
‫َّ َّ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ٗٔ‬
‫إِن ٱلصٍع وٱلبصر وٱىفؤاد شظ أولَٰٓئِم شضن عِّ مصـ ٔٔلاﵞ ﵝا ًإلسىراء‪:‬‬
‫ۡ‬

‫ﵖﵓﵜ‪.‬‬

‫كأما غَتىا فيوجد فيها خلل مثل ادلنامات فهي خاصة يأصحاهبا‪ ،‬كال‬
‫ديكن لغَتىم أف يتأكدكا منها‪ ،‬ككذلك احلدس كاألحاسيس الداخلية‪.‬‬

‫‪01‬‬
‫إف ادلعلومات اليت يتوصل إليها اإلنساف بواسطة مصادر ادلعرفة الثالث‬
‫ىي يف احلقيقة أحكاـ‪ ،‬كىذه األحكاـ تكوف على ثالثة أقساـ ىي‪:‬‬

‫‪ )1‬احلكم العقلي‪ :‬أم أف العقل بتجرده حيكم على الشيء من غَت أف‬
‫يعتمد على أم مصدر آخر‪ ،‬كاحلكم العقلي ينقسم إىل‪:‬‬
‫أ‪ -‬الواجب العقلي‪ :‬كىو الشيء الثابت يف نفسو كال يقبل االنتفاء‬
‫أبدان‪ ،‬فالعقل ال يستطيع أف يتصور ىذا الشيء إال اثبتان مطلقان كإال‬
‫فإنو يصاب ابالضطراب‪ ،‬مثالو أف اجلسم جيب أف يتصف بواحد‬
‫من احلركة كالسكوف يف اللحظة الزمانية‪ ،‬فإما أف يكوف اجلسم‬
‫متحركان يف ىذه اللحظة أك ساكنان فيها‪.‬‬
‫ب‪ -‬ادلستحيل العقلي‪ :‬كىو الشيء ادلنتفي يف نفسو كال يقبل الثبوت‬
‫أبدان‪ ،‬فالعقل ال يستطيع أف يتصور ىذا الشيء موجودان بل ال بد أف‬
‫يكوف معدكمان كإال أصابو اضطراب‪ ،‬مثالو أف اجلسم متحرؾ كساكن‬
‫يف نفس الوقت كاللحظة‪.‬‬
‫ج‪ -‬ادلمكن العقلي‪ :‬كىو أف العقل يقبل ثبوت الشيء أك انتفاؤه‪،‬‬
‫فيمكن ذلذا الشيء أف يكوف موجودان كديكن أف يكوف معدكمان‪ ،‬مثالو‬
‫أف اجلسم يف حلظة معينة ديكن أف يكوف متحركان أك ديكن أف يكوف‬
‫ساكنان‪ ،‬لكن جيب عقالن أف يتصف بواحد من احلركة كالسكوف‪،‬‬
‫‪00‬‬
‫كيستحيل أف ال يتصف هبما معان يف تلك اللحظة ككذلك يستحيل‬
‫أف يتصف هبما معان يف تلك اللحظة‪.‬‬
‫‪ )2‬احلكم التجرييب ‪ :‬كىو احلكم على األشياء ابالعتماد على التجربة من‬
‫خالؿ تكرار احلوادث على احلواس اخلمس كىي‪ :‬البصر كالسمع‬
‫كاللمس كالذكؽ كالشم‪ .‬كذلك األحاسيس الداخلية كاحلب كالكره‬
‫كاجلوع كالعطش‪...‬اخل‪.‬‬
‫‪ )3‬احلكم الوضعي‪ :‬كىي األحكاـ اليت تضعها جهة من اجلهات كىي‬
‫أقساـ‪:‬‬
‫أ‪ -‬حكم وضعي إذلي ‪ :‬كىي األحكاـ الدينية كاليت تكوف خارجة عن‬
‫إرادة البشر‪ ،‬كىذه نقبلها إذا أثبتنا أف الدين صحيح كأف ادلنهج‬
‫العلمي حيكم بذلك‪.‬‬
‫ب‪ -‬حكم وضعي بشري‪ :‬كىي القوانُت كالعادات كالتقاليد اليت يضعها‬
‫البشر لتنظيم حياهتم‪.‬‬

‫‪02‬‬
‫إف العاقل حُت يتفكر يف ىذا الكوف الذم حييط بو كيشاىده كيتعامل‬
‫معو فإنو البد أف يتساءؿ عن سر نشأة الكوف ككجوده فيقوؿ‪ :‬ىذا الكوف‬
‫كالعال الذم نعيش فيو لو حالتاف‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يكوف العاىلي قدمياً غري خملوق‪ :‬أم ليس لوجود ىذا العال بداية‬
‫كأكؿ‪ ،‬فهو موجود منذ األزؿ فال يقبل التغَت كال العدـ‪.‬‬
‫‪ )2‬كإما أف يكوف العاىلي خملوقاً وحادثً( ‪ : )1‬أم لوجود ىذا العال بداية‬
‫كأكؿ‪ ،‬فكاف معدكمان مث صار موجودان‪ ،‬فهو يقبل التغَت كالعدـ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬ىنا مصطلحات ستتكرر معنا يف الرسالة كىي‪ :‬القدًن كاحلادث‪ ،‬كفيما يلي بياف‬
‫ىذه ادلصطلحات‪:‬‬
‫ابتداء؛ ف القدًن يف اللغة ىو‪ :‬صفة‬
‫ه‬ ‫‪ - 1‬القدمي‪ :‬كىو ادلوجود الذم ليس لوجوده‬
‫تدل على الثبوت من ق يد ىـ (ادلعجم‪ :‬اللغة العربية ادلعاصر)‪ ،‬فالقدًن ىو‬
‫مشبمهة ّ‬
‫الشيء الثابت بذاتو الذم ل يكن قبلو عدـ بل كاف موجودان أصالة‪ ،‬فهو ال‬
‫يقبل التغَت كالتحوؿ‪.‬‬
‫‪ - 2‬احلادث‪ :‬كىو الشيء الذم كاف معدكمان مث صار موجودان‪ ،‬كاحلادث يف اللغة‪:‬‬
‫كث ابلضم كوف الشيء بعد أف ل يكن‬ ‫وحي ُدث (ادلعجم الوسيط)‪ ،‬كاحلي يد ي‬
‫ما جي ّد ْ‬
‫(سلتار الصحاح)‪.‬‬
‫‪03‬‬
‫لكن إذا نظران يف العال صلد حصوؿ تغَتات يف أحوالو فهي غَت اثبتة بل‬
‫متقلبة كمتحولة‪ ،‬فتكوف معدكمة مث تصَت موجودة مث تعود معدكمة كىكذا‪،‬‬
‫فالعال يتكوف من أجراـ تتعاقب عليها أعراض كأحواؿ‪ ،‬فتتغَت من حاؿ إىل‬
‫حاؿ‪ ،‬كتعاقب الليل كا لنهار‪ ،‬كتقلبات الفصوؿ األربعة‪ ،‬فنعلم من تفكران يف‬
‫ذلك أف العال سللوؽ حادث بسبب ىذه ادلتغَتات ادلستجدة فيو‪ ،‬اليت كانت‬
‫معدكمة مث تصَت موجودة‪ ،‬أك تكوف قد انعدمت بعد أف كانت موجودة‪،‬‬
‫يدؿ على أف الكوف لو بداية‪ ،‬كيستحيل أف‬
‫كىذا ينايف الثبات كالقدـ‪ ،‬شلا ٌ‬
‫يكوف ىذا العال قدديان ليس لو بداية؛ قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭬﭭﭮﭯﭰ‬

‫ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭼ ا ألنعام‪.٦٧ :‬‬

‫إذف ىذا العال الذم نعيش فيو ككل ما فيو سللوؽ كلو بداية‪ ،‬فقد كاف‬
‫معدكمان مث صار موجودان‪.‬‬

‫‪04‬‬
‫فإذا تقرر عند العاقل حدكث ىذا العال الذم نعيشو‪ ،‬كأنو سللوؽ إذ كاف‬
‫معدكمان مث صار موجودان‪ ،‬فإن و سيتساءؿ عن مصدر كجود الكوف كحدكثو‬
‫فيقوؿ‪ :‬إف لوجود العال كحدكثو حالتُت‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يكوف العال قد يكجد بال سبب‪.‬‬


‫‪ )2‬أك كاف لوجود العال سبب أكجده كأحدثو‪.‬‬

‫لكن يستحيل حدكث العال من غَت سبب يوجده‪ ،‬إذ أف كل أثر البد لو‬
‫من مؤثر‪ ،‬كلكل فعل فاعل‪ ،‬كقد ثبت أف العال مفعوؿ إذف فالبد أف لو‬
‫فاعالن فعلو كأكجده‪ ،‬كيستحيل أف يكوف يكجد صدفة‪.‬‬

‫أك ديكن أف نقوؿ‪ :‬إف العال مصنوع‪ ،‬كلكل صنعة فالبد ذلا من صانع‪،‬‬
‫فيتبُت من ذلك كلو أنو جيب أف يكوف للعال سبب أكجده كخالق خلقو‬
‫كيزل ًدث أحدثو‪ ،‬فلكل حادث زلدث‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭪﭫﭬﭭﭮﭼ‬
‫الطور‪.٥٣ :‬‬

‫‪05‬‬
‫فإذا ثبت أف ىناؾ سبب للعال أكجده بعد العدـ‪ ،‬فإف ىذا السبب‬
‫سيكوف كاحدان من أمرين مها‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يكوف السبب من نفس العال كمن ذاتو؛ فيكوف العال قد أكجد‬
‫نفسو بنفسو‪.‬‬
‫‪ )2‬كإما أف يكوف ىذا السبب خارجان عن العال‪.‬‬

‫كيستحيل أف يكوف السبب ادلوجد للعال ىو نفس العال‪ ،‬فقد تقرر أف‬
‫العال كاف معدكمان مث يكجد‪ ،‬فكيف يوجد نفسو كىو معدكـ؟ إذف الجتمع‬
‫الضداف؛ الوجود كالعدـ معان يف تلك اللحظة كىذا مستحيل يرفضو العقل‪،‬‬
‫كمن يقوؿ جبواز ذلك فهو سلتل أك فاقد للعقل‪ ،‬فينتج أنو البد أن يكون‬
‫السبب يف إجياد العال خارجاً عنو ومغايراً لو كامسو هللا هلالج لج‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽ‬

‫ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭼ الطور‪.٥٣ :‬‬

‫‪06‬‬
‫كبعد أف ثبت أف الكوف ل خيلق نفسو بنفسو‪ ،‬كأف السبب يف كجود العال‬
‫خارج عنو كليس من ذاتو‪ ،‬فالعاقل سيتساءؿ عن حاؿ ىذا السبب فيقوؿ‪:‬‬
‫إف السبب الذم أكجد العال كخلقو من العدـ لو حالتاف ىي‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يكوف السبب قدمياً ل يسبقو العدـ‪ ،‬فيكوف كجوده أصليان‪.‬‬


‫‪ )2‬كإما أف يكوف السبب حادثً قد سبقو العدـ‪ ،‬فيكوف كجوده مستمدان‬
‫من غَته‪.‬‬

‫حادث؛ ألف فاقد الشيء‬


‫ه‬ ‫كيستحيل أف يكوف السبب الذم أكجد العال‬
‫ال يعطيو‪ ،‬كاحلادث فاقد للوجود‪ ،‬فاحلادث ادلخلوؽ يستمد كجوده من غَته‪،‬‬
‫كابلت ايل ال ديكن أف يعطي غَته الوجود‪ ،‬ألف العقل يقوؿ البد دلن يعطي‬
‫مصدرن للوجود‪ ،‬ككجوده جيب عقالن أف يكوف أصليان‬
‫ا‬ ‫الوجود أف يكوف ىو‬
‫ذاتيان منو حىت يستطيع إمداد غَته ابلوجود‪.‬‬

‫كديكن أف نقوؿ‪ :‬إف كاف ادلوجد حاداثن لقلنا من أكجده؟ ككذلك نقوؿ يف‬
‫موجده كالذم قبلو بال تناهو يف سلسلة من جانب األزؿ‪ ،‬كىذا التسلسل‬
‫مستحيل‪ ،‬كىذا مثالو أف نقوؿ‪:‬‬

‫(صفر ‪ +‬صفر ‪ +‬صفر ‪ = .... +‬صفران)‪ ،‬فمهما امتدت سلسلة‬


‫األصفار طوالن كعرضان فإف رلموعها يبقى صفران‪ ،‬كلن يكوف ذلذه األصفار‬
‫‪07‬‬
‫قيمة إال إذا استندت إىل رقم لو قيمة ذاتية؛ عندىا يصَت للصفر قيمة مستمد‬
‫من الرقم فنقوؿ ‪ 10‬ك‪ 100‬ك‪ 1000‬كىكذا‪.‬‬

‫كنفس الكالـ نقولو‪ :‬فاحلادث الذم أصلو العدـ ىو حبكم الصفر‪،‬‬


‫فمهما بلغت سلسلة احلوادث طوالن كعرضان فإهنا كلها تكوف حادث نة‪ ،‬كجيب‬
‫أف يكوف لسلسلتها بداية ىي العدـ‪ ،‬كلن يكوف ذلا كجود إال دبوجود ذايت‬
‫ديدىا ابلوجود‪.‬‬

‫فتقرر أف هللا تعاىل ادلوجد للعاىل البد أف يكوف شلن ديتلك الوجود الذايت‬
‫حىت يستطيع أف دي ٌد غَته ابلوجود‪ ،‬كىو كذلك ال يقبل العدـ مطلقان؛ فال‬
‫يكوف مسبوقان ابلعدـ كال أيتيو العدـ بعد ذلك فيفٌت كينتهي‪ ،‬إذف فاهلل تعاىل‬
‫قدمي بال ابتداء كما أنو ابق بال انتهاء قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﯴﯵﯶ‬

‫ﯷﯸﭼ احلديد‪.٥ :‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ككذلك فإف خالق الكوف ﵟل ًۡ يَس ِۡد َول ًۡ ئُز ۡد ﵞ ﵝا ًإل ۡخ ىالص‪ :‬ﵓﵜ‪ ،‬فال ينبغي‬
‫أف يكوف للخالق كالد ألنو ل يكن معدكمان كليس لو بداية‪ ،‬كيستحيل أف‬
‫يكوف لو كلد ألف إلو الكوف ال ديوت كال يفٌت‪.‬‬

‫‪08‬‬
‫مث بعد ذلك فإف اإلنساف العاقل سيتساءؿ عن حقيقة ذلك ادلوجد للعال‬
‫فيقوؿ إف ىنالك احتمالُت خلالق العال حىت نتعرؼ عليو فهو‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يشًتؾ مع سللوقاتو يف صفاهتم كخصائصهم‪.‬‬


‫‪ )2‬أك خيتلف اختالفان مطلقان عن سللوقاتو كال يشًتؾ معهم يأم كجو‪.‬‬

‫كقد عرفنا سابقان أف العال سللوؽ يف كل أموره كمن كل جهاتو‪ ،‬فكل‬


‫شيء فيو سللوؽ‪ ،‬فلو كاف خالق العال شلاثالن دلخلوقاتو كاف مثلهم سللوقان‪،‬‬
‫كسبق أف قلنا‪ :‬إف العقل يرفض ذلك‪.‬‬

‫فلو قلنا‪ :‬إف ىناؾ شيئان مشًتكان بُت اخلالق كالعال‪ ،‬فإف ىذا سيؤدم إىل‬
‫أف حيكم العقل يأف ىذا اخلالق سيكوف سللوقان من جهة ذلك الشيء‬
‫ادلشًتؾ؛ ألف ذلك الشيء ادلشًتؾ سيكوف سللوقان مثل العال كابلتايل‬
‫حدث تغَتان يف ذات اخلالق‪ ،‬كسبق أف قلنا إف التغَت عالمة خاصة تدؿ‬ ‫سي ً‬
‫ي‬
‫على احلدكث كىو يتناىف مع القدًن‪ ،‬كثبت ابلدليل أف اخلالق للعال قدًن ال‬
‫يقبل التغَت‪ ،‬كالتساكم بُت اخلالق كادلخلوؽ غَت معقوؿ‪ ،‬فالعال سللوؽ بكل‬
‫شيء فيو؛ ألنو يقبل التغَت كما سبق بيانو‪ ،‬كأما اخلالق فهو قدًن اثبت ال‬
‫يقبل التغَت كاحلدكث كما استنتجناه‪ ،‬فلو قبل التغَت كاحلدكث يف كجو كاحد‬
‫حلصل لو التغَت من ذلك الوجو‪ ،‬كىذا متناقض مع مفهوـ القدًن‪ ،‬فكأنك‬

‫‪09‬‬
‫تقوؿ‪ :‬إف اخلالق قدًن ال يقبل التغَت كيقبل التغَت يف نفس الوقت كىذا‬
‫تناقض كىو مستحيل‪ ،‬إذف فوجود شيء يشًتؾ فيو اخلالق مع العال مستحيل‬
‫يف العقل‪.‬‬

‫فنعرؼ شلا توصلنا إليو سابقان أف من صفات ادلوجد للعاىل أيضان أف يكوف‬
‫مغايراً للعال من كل الوجوه‪ ،‬كإال لطرأ عليو احلدكث من ذلك الوجو فيكوف‬
‫حاداثن سللوقان كىذا مستحيل‪.‬‬

‫فنستنتج أف هللا تعاىل خالق الكون خمالف للعال ولكل احلوادث يف كل‬
‫الشورل‪،ُُ :‬‬ ‫شيء؛ قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭼ‬

‫ﭽﭞﭟﭠﭡﭢﭼ الإخالص‪.٤ :‬‬ ‫كقاؿ‪:‬‬

‫ككذلك فقد ثبت أيضان أف هللا تعاىل ادلوجد للعال جيب أف يكوف مستغنياً‬
‫بذاتو عن غريه‪ ،‬قائماً بنفسو؛ فهو غَت زلتاج إىل موجد يوجده ألنو قدًن‬
‫ابؽ‪ ،‬كال حيتاج دلخصص خيصصو ببعض الصفات أك األحواؿ دكف غَتىا‪،‬‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﯼﯽﯾﯿﰀﭼ العنكبوت‪.٧ :‬‬ ‫قاؿ‬

‫‪21‬‬
‫إف العاقل عندما ينظر إىل الكوف الذم ثبت أنو حدث بفعل فاعل‪،‬‬
‫سيعلم أف ىذا هللا تعاىل ادلوجد للعال جيب عقالن أف يكوف لو قدرة على‬
‫اإلجياد‪ ،‬ألف الفاعل ال يكوف فاعالن حىت يقدر على إصدار الفعل الذم ىو‬
‫الزمر‪ ،٧٦ :‬فهو‬ ‫اإلجياد كاخللٍق‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﮏﮐﮑﮒﭼ‬
‫متصف بصفة القدرة العظيمة‪.‬‬

‫كأيضان فإف هللا تعاىل اخلالق للكوف متصف ابإلرادة ادلطلقة‪ ،‬إذ أنو‬
‫معركؼ عند أصحاب العقوؿ أف للعال احتماالت كثَتة‪ ،‬كأشكاؿ متنوعة‪،‬‬
‫فيستطيع أم شخص أف يضع فرضيات كثَتة ذليئة الكوف‪ ،‬كيستطيع أف‬
‫يتخيل الكوف على أم صورة ينسجها خيالو‪ ،‬فوجود العال على القوانُت اليت‬
‫دؿ ذلك على أف موجد‬
‫نعيشها رغم أنو ديكن أف يكوف على قوانُت أخرل؛ ٌ‬
‫الكوف الذم ىو هللا هلالج لج متصف إبرادة اختارت للكوف أف يكوف على ما ىو‬
‫عليو اآلف‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ‬

‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﭼ القصص‪٧٦ :‬‬

‫كالعال دبا فيو من سللوقات‪ ،‬حيتكم لقوانُت تسَته‪ ،‬كنظاـ دقيق حيكمو‪،‬‬
‫فدؿ ذلك على أف هللا تعاىل‬ ‫كأسرار ً‬
‫كح ىكم توصل اإلنساف للعلوـ كادلعارؼ‪ٌ ،‬‬

‫‪20‬‬
‫ادلوجد للعال البد كأنو متصف ابلعلم واحلكمة وحسن التدبري‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﯼﯽﯾﯿ ﭼ البقرة‪.٦٢ :‬‬

‫إذف نستنتج أف هللا تعاىل متصف ابلقدرة العظيمة الشاملة لكل مقدكر‪،‬‬
‫كمتصف ابإلرادة ادلطلقة اليت ال حيدىا شيء‪ ،‬كمتصف ابلعلم الشامل لكل‬
‫صغَت ككبَت‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫كزلتكم لنظاـ دقيق‪ ،‬كأنو زلتاج إىل‬
‫ه‬ ‫متكامل يف أجزائو‬
‫ه‬ ‫كدلا رأينا أف العال‬
‫يكملو‪ ،‬علمنا أف موجده البد أن يكون كامالً‪ ،‬إذ أف فاقد الشيء ال‬ ‫من ً‬
‫ٌ‬
‫يعطيو‪ ،‬فهو متصف بكل كمال حمض‪ ،‬منزه عن كل نقص حمض‪ ،‬قاؿ‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﭖﭗﭘﭙﭼ الفاحتة‪. ٦ :‬‬
‫كمن الكماؿ أف تكوف ذات ً‬
‫ادلوجد ذلذا العال متصفاً ابلكالم والبصر‬
‫والسمع ‪ ،‬فال يعقل أف يكوف األعمى كاألصم كاألخرس كاألبكم خالقان ذلذا‬
‫الكوف بسبب ما يعًتيو من النقص كالعجز كالضعف‪ ،‬فاألعمى كاألصم‬
‫كاألبكم كاألخرس زلتاجوف دلن يقودىم كيقضي حوائجهم‪ ،‬كخالق الكوف‬
‫يستحيل عليو العجز كالضعف كاالحتياج لغَته كما سبق أف استنتجناه من‬
‫ص ُ‬ ‫َّ َّ َ ُ َ َّ ُ ۡ‬
‫يرﵞ‬ ‫يع ٱلبَ ِ‬‫تفكران يف الكوف كأحوالو‪ ،‬كال حػالى‪ :‬ﵟإِن ٱَّلل ْٔ ٱلصٍِ‬
‫ٔس َٰى حَصۡط ِ ٗٔ‬
‫يٍاﵞ ﵝالنًساء‪ :‬ﵔﵖﵑﵜ‪.‬‬ ‫ﵝغافًر‪ :‬ﵐﵒﵜ‪ ،‬كقاؿ ﵟ َوشَطَّ ًَ َّ ُ‬
‫ٱَّلل ُم َ‬
‫ٌى‬ ‫ى‬

‫إذف فإف هللا تعاىل الذم خلقنا كخلق العاىل كلو متصف ابلسمع والبصر‬
‫التامُت الكاملُت‪ ،‬فهو يسمع كيرل كل شيء بسمع كبصر سلتلفاف‬
‫خبصائصها كحقائقها عن سللوقاتو‪ ،‬كىو متصف ابلكالم فتكلم كأيمر كينهى‬
‫كخيرب كييسائل بكالمو القدًن الذم ال يشبو كالـ أحد من سللوقاتو‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫كىنا كقفة للعاقل الذم توصل إىل أف خالق العال متصف ابلقدرة كاإلرادة‬
‫كالعلم كالكالـ كالسمع كالبصر فيقوؿ‪ :‬ىذا ادلوجد للعال سيكوف‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أنو مجاد ميت‪.‬‬


‫متصف ابلصفات‪.‬‬
‫ه‬ ‫‪ )2‬أك أنو حي‬

‫كلكن ثبت شلا سبق من التفكر أف موجد العال أف يكوف متصفان ابلعلم‬
‫كاإلرادة كالقدرة كالكالـ كالسمع كالبصر كغَت ذلك من صفات الكماؿ‪،‬‬
‫فدؿ االتصاؼ هبذه الصفات أف موجد العال ذات متصف ابحلياة‪،‬‬
‫ٌ‬
‫كيستحيل أف يكوف مجادان ميتان ألف ادليت عاجز ال يتصف بصفات سبكنو من‬
‫إصدار األفعاؿ‪ ،‬فخالق الكوف حي متصف بصفات األلوىية‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ‬

‫ﭲﭳ ﭼ الفرقان‪.٣٦ :‬‬

‫إذف فاهلل تعاىل متصف ابحلياة الكاملة اليت ال يشوهبا نقص‪ ،‬فهو ال يناـ‬
‫كال يغفل كال يسهو كال ديوت‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫تبُت لنا من نظران كتفكران يف ىذا الكوف أف موجده متصف ابلوجود‬ ‫ٌ‬
‫الذم ل يسبقو العدـ كال يلحقو العدـ‪ ،‬بل ال يقبل العدـ مطلقان‪ ،‬فهو القدمي‬
‫بال بداية والباقي بال هناية‪ ،‬كىو الغين عن غَته‪ ،‬كىو مغاير للعال كلو من‬
‫كل الوجوه‪ ،‬كىو ادلتصف ابحلياة والعلم واإلرادة والقدرة والكالم والسمع‬
‫والبصر‪ ،‬كمن كاف كذلك فالبد وأنو ذات متصف بصفات الكمال‪ ،‬إذ لو‬
‫ل يكن ذااتن لكاف صفةن‪ ،‬كزلاؿ أف تتصف الصفة بصفات ادلعاين من ضلو‬
‫العلم كالقدرة كاإلرادة كاحلياة كالكالـ كالسمع كالبصر كغَت ذلك من صفات‬
‫الكماؿ‪ ،‬فثبت أنو قائم بنفسو مستغن عن احملل‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭓﭔﭕ‬

‫ﭖﭗﭘﭙﭼ آل معران‪ ،٦ :‬كقاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭖﭗ ﭼ الإخالص‪.٦ :‬‬

‫‪25‬‬
‫كىنا سيقوؿ العاقل‪ :‬إف الذم خلق الكوف كأكجده‪ ،‬وىو متصف بكل‬
‫كمال ومنزه عن كل نقص فالبد كأنو الرب احلق كاإللو احلق‪ ،‬كىذا اإللو‬
‫ادلتصف هبذا الكماؿ البد أف يكوف أحد أمرين‪:‬‬

‫أ) أف لو شريك أك أكثر يف خلق العال‪.‬‬


‫ب) أك أنو كاحد أحد ال شريك لو يف اخللق كاإلجياد كسائر التصرفات‪.‬‬

‫كيستحيل أف يكوف ذلذا اإللو شريك‪ ،‬ألف من كانت ىذه أكصافو من‬
‫الكماالت فقد اعتز كاستب ٌد‪ ،‬كلتنازع اآلذلة الشركاء على التفرد ابلتصرؼ يف‬
‫ىذا الكوف‪ ،‬كظهر أثر ىذا التنازع يف العال ابضطراابت ربدث فيو‪،‬‬
‫ﭽﯟﯠﯡﯢ‬ ‫كتناقضات تفسد أحوالو كىذا غَت حاصل‪ ،‬كقاؿ تعاىل‬

‫الأنبياء‪ ،٦٦ :‬كقاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ‬ ‫ﯣﯤﯥﭼ‬

‫ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓ‬

‫ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ‬

‫اإلسراء‪ ،٢٢ - ٢ِ :‬بل إف الكوف منسجم‬ ‫ﮣﮥﮦﮧﮨﮩﭼ‬


‫ﮤ‬
‫فدؿ ذلك على وحدانية صانع‬
‫على أمت انسجاـ كأدؽ نظاـ كأحسن تدبَت‪ٌ ،‬‬

‫‪26‬‬
‫الكون يف ذاتو وصفاتو وأفعالو ‪ ،‬فهو كاحد أحد متفرد ابلكوف ملكان‬
‫ﭽﰊﰋﰌﰍﰎﰏ ﭼ دمحم‪.٩٢ :‬‬ ‫كتصرفان‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬

‫كدلا ثبت عندان أف هللا تعاىل واحد أحد ثبت أنو من ادلستحيل أف يكوف‬
‫لو زكجة أك صاحبة‪ ،‬كيستحيل أف يكوف لو كالد أك لو كلد‪ ،‬كيستحيل أف‬
‫يكوف لو كزير أك شريك‪ ،‬كما يستحيل أف يكوف ألحد من خلقو خصيصة‬
‫من خصائص األلوىية كالربوبية‪ ،‬فليس ىناؾ أحد من ادلخلوقات أثر يف إجياد‬
‫شيء من العدـ‪ ،‬كال حىت يستطيعوف خلق أفعاذلم‪ ،‬كلكنهم يكتسبوهنا كهللا‬
‫تعاىل خيلقها ذلم كما يريدكف‪ ،‬كسيحاسبهم على ما أرادكه كفعلوه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫كهبذا النظر كالتفكر عرفنا ربنا هللا هلالج لج الذم خلقنا كأكجدان كأكجد‬
‫ادلخلوقات من حولنا‪ ،‬فهو الرب ادلوصوف بكل كمال حمض‪ ،‬ومنزه عن‬
‫كل نقص حمض‪ ،‬كمن صفات كمالو‪:‬‬

‫‪ ‬الوجود والقدم والبقاء وادلخالفة للحوادث والقيام ابلنفس‬


‫والوحدانية يف ذاتو وصفاتو وأفعالو‪.‬‬
‫‪ ‬وىو ادلتصف ابلقدرة التامة واإلرادة ادلطلقة والعلم الشامل واحلياة‬
‫الكاملة‪ ،‬ومتصف ابلكالم والسمع والبصر‪ ،‬فهو احلي العال ادلريد‬
‫القادر ادلتكلم السميع البصري‪.‬‬
‫‪ ‬ويستحيل عليو هلالج لج أن يتصف أبضدادىا من صفات النقص‪.‬‬
‫‪ ‬وجيوز لو أن يفعل ما يشاء ويًتك ما يشاء واليت منها إرسال الرسل‬
‫عليهم السالم وما جيريو على أيديهم من ادلعجزات‪ ،‬والربزخ والبعث‬
‫واحلساب واجلنة والنار وسائر ما أخربان بو الصادق ادلصدوق دمحم‬
‫رسول هللا صلى هللا عليو وعلى آلو وصحبو أمجعني وسلم تسليماً‪..‬‬

‫بعض من صفات هللا تعاىل اليت عرفناه هبا‪ ،‬وهللا هلالج لج متصف بكل‬
‫ىذه ه‬
‫صفات الكمال احملضة اليت ال حصر ذلا وال ح ّد وال ع ّد‪ ،‬ومنزه عن كل‬
‫نقص حمض‪ ،‬ألف الكوف متكامل يف مجيع أجزائو كأحوالو فيدؿ على كماؿ‬
‫‪28‬‬
‫خالقو كصانعو‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﭽﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺ‬

‫الكهف‪ ،َُ١ :‬ﭽﯳﯴﯵﯶ‬ ‫ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﭼ‬

‫ﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ‬

‫ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﭼ لقماف‪.ِ٢ :‬‬

‫فادع اي أخي بدعاء رسوؿ هللا ﷺ‪" :‬اللهم أعوذ برضاك من سخطك‪،‬‬
‫ومبعافاتك من عقوبتك‪ ،‬وأعوذ بك منك ال أحصي ثناء عليك أنت كما‬
‫أثنيت على نفسك"( ‪.)1‬‬

‫كبعد ىذه اجلوالت فإنك تكوف قد عرفت معٌت ما يقولو ادلسلموف يف‬
‫تشهدىم‪ :‬أشهد أن ال إلو إال هللا‪ ،‬كأان أدعوؾ ألف تشهد هبا كتبٍت حياتك‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪ ) 1‬جزء من حديث ركاه اإلماـ مسلم يف صحيحو عن أـ ادلؤمنُت عائشة بنت أيب بكر‬
‫الصديق رضي هللا عنهما برقم‪ ،486 :‬ككذا ركاه أبو داكد (‪ ،) 879‬كالًتمذم‬
‫( ‪ ،)3566 ،3493‬كالنسائي (‪ ،) 169‬كابن ماجو (‪ ،) 3841‬كأمحد‬
‫(‪ ،)25655‬كابن حباف (‪.)1932‬‬
‫‪29‬‬
‫كىاؾ سلططان دبا سبق من االستدالؿ على عقائد اإلسالـ يف هللا تعاىل‪:‬‬

‫العاَل إما‪:‬‬
‫حادث‬ ‫قدمي‬

‫بدون سبب‬ ‫بسبب‬ ‫مستحيل‬


‫مستحيل‬
‫خارجي‬ ‫ذايت‬
‫(من خارج العال)‬ ‫(من نفس العال)‬
‫حادث‬ ‫قدمي‬ ‫مستحيل‬
‫مستحيل‬
‫مجاد ميت‬ ‫حي متصف بصفات‬
‫مستحيل‬ ‫متعدد‬ ‫واحد‬
‫مستحيل‬

‫‪31‬‬
‫كبعد التوصل إىل أف ىناؾ خالقان للكوف كمالكان لو‪ ،‬كضلن كجزء من العال‬
‫شللوكوف هلل تعاىل الذم خلقنا كدبر أموران‪ ،‬سيتساءؿ العاقل ادلؤمن بربو كيف‬
‫نعرؼ ما يريده هللا تعاىل منا؟ كما الذم يرضيو فنعملو؟ كما الشيء الذم ال‬
‫يرضيو فنتجنبو؟‬

‫كاجلواب ىو أف السبيل إىل معرفة أكامر هللا تعاىل كنواىيو ىو أف خيربان هللا‬
‫تعاىل عن ذلك كىذا يكوف من خالؿ أحد أمرين‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف خيربان هللا تعاىل مباشرة فيخرب كل كاحد فينا دبا يريده كما ال‬
‫يريده‪.‬‬
‫‪ )2‬أك خيرب هللا تعاىل أشخاصان معينُت ليخربكان‪ ،‬فيكونوف كاسطة بينو‬
‫كبينا‪.‬‬

‫أما االحتماؿ األكؿ فباطل ألننا من مشاىداتنا ال جيد الواحد فينا أف هللا‬
‫يكلمو كخيربه دبا يريد‪ ،‬فيبقى االحتماؿ الثاين أف ىناؾ أشخاص معينُت‬
‫كسلتارين‪ ،‬حبيث يكونوف مؤىلُت للتلقي عن هللا تعاىل‪ ،‬كىؤالء ىم األنبياء‬
‫كالرسل عليهم الصالة كالسالـ‪ ،‬كاذلدؼ من إرساذلم حىت ال يكوف للناس‬
‫َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ‬
‫على هللا حجة يوـ القيامة‪ ،‬كال حػالى‪ :‬ﵟإِنا أوخيِا إِليم نٍا أوخيِا‬
‫َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ َٰٓ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ َٰ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ُ‬
‫ٱلنبِيِّـۧ ََ ٌ ِ َۢ َبػ ِد ٌۚه ِۦ وأوخيِا إِلى إِةرْ ِيً وِإشمػِيو‬
‫ٔح َو َّ‬
‫إِل َٰى ُ ٖ‬
‫‪30‬‬
‫َ َ‬
‫ٔب َوئُن َس َوهَٰ ُرون‬
‫ُ‬ ‫ِيص َٰى َو َأي ُّ َ‬
‫اط َوغ َ‬ ‫َۡ‬
‫ٔب َوٱلأ ۡشتَ ِ‬ ‫حَٰ َق َويَ ۡػ ُل َ‬ ‫ِإش َ‬ ‫َو ۡ‬
‫ََ َ‬ ‫ٗٔ َ ۡ َ ۡ‬ ‫َو ُشيَيۡ َم َٰ ََ َو َءاحَيَِۡا َد ُاوۥدَ َزبُ ٗٔ‬
‫ٔرا ‪َ ١٦٣‬و ُر ُشلا كد ك َصص َنَٰ ُٓ ًۡ غييۡم ٌَِ‬ ‫ٌۚ‬
‫ٗٔ‬ ‫ٔس َٰى حَصۡط ِ ٗٔ‬‫ٱَّلل ُم َ‬ ‫م َوشَطَّ ًَ َّ ُ‬ ‫َ ۡ ُ َ ُ ُ ٗٔ َّ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ‬
‫يٍا ‪ُّ ١٦٤‬ر ُشلا‬ ‫قتو ورشلا ىً نلصصًٓ غيي ٌۚ‬
‫جُۢة َب ۡػ َد ُّ ُ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ٱَّلل ِ ُخ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ٌُّبَ ّ َ َ ُ‬
‫ٱلرش ِو ِۚ‬ ‫اس عؼؽ‬ ‫يَ ل َِئلا يَلٔن ل ِيَِّ ِ‬ ‫ش ِريَ وٌِ ِذر ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ َ َ َ ۡ َ‬ ‫َّ‬ ‫يزا َخه ٗٔ‬ ‫ٱَّلل َغز ً‬ ‫ضن َّ ُ‬ ‫ََ َ‬
‫ل َِ ٱَّلل يشٓد ةٍِا أُزل إِليم‬ ‫ِيٍا ‪ ١٦٥‬ل َٰ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وش‬
‫ً‬ ‫َ ۡ َ َ َٰٓ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َٰ َّ َ‬ ‫ۡ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ‬
‫ٓيدا ‪١٦٦‬ﵞ ﵝالٌن ىساء‪:‬‬
‫ً‬
‫ون وكفى ةِٱَّلل ِ ش ِ‬ ‫أُززرۥ ةِػِيٍِّ ِۦ وٱلٍلئِهث يشٓد ٌۚ‬
‫ﵓﵖﵑ ‪ -‬ﵖﵖﵑﵜ‪.‬‬
‫ُ َّ‬ ‫يرا َوُ َ ِذ ٗٔ‬ ‫كال حػالى‪ :‬ﵟإ َّنا ٓ أَ ۡر َشيۡ َ َٰ َ ۡ ّ َ‬
‫ير ٌۚا َوِإن ٌّ َِۡ أ ٌَّ ٍث إِلا‬ ‫ش ٗٔ‬
‫نم ةِٱلح َ ِق ب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِيٓا ُ ِذير‪٢٤ ٞ‬ﵞ ﵝف ًاطر‪ :‬ﵔﵒﵜ‪.‬‬
‫ى‬ ‫خلا ف‬

‫‪32‬‬
‫إذا ج اءان شخص ما أك جهة ما كادعى أنو مرسل من عند هللا تعاىل‬
‫فيكوف لو عند العاقل احتماالف‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف من يدعي النبوة كاذب زلتاؿ‪.‬‬


‫‪ )2‬أك أف من يدعي النبوة صادؽ أمُت‪.‬‬

‫كلكن فمن ادلتفق عليو عند مجيع العقالء أف من يدعي شيئان فعليو أف‬
‫أييت ابلدليل‪ ،‬كدلا كاف ادعاء النبوة أمران عظيمان‪ ،‬كأهنا مبعوثة من جهة أعظم‬
‫من الكوف كلو كىو هللا تعاىل ‪ ،‬كاف ال بد من امتالؾ ىؤالء األنبياء أدلة‬
‫عظيمة تثبت أهنم مبعوثوف من عند خلق الكوف كادلتحكم فيو‪ ،‬فإف كانوا‬
‫صادقُت يف دعواىم النبوة من عند هللا تعاىل الذم توصلنا ابلدليل أنو ىو‬
‫خالق الكوف كمتحكم فيو‪ ،‬كىو كحده ادلتصرؼ كادلدبر ألمور العال‪ ،‬فإنو‬
‫تعاىل يعطيهم اإلذف فيما يطلبونو منو ليصدقهم أماـ الناس يف دعواىم‪ ،‬فيأذف‬
‫ذلم أف يتصرفوا يف الكوف مىت أرادكا ذلك‪ ،‬كخيرؽ ذلم قوانُت الكوف ألجلهم‬
‫عند ربدم الناس ذلم كىذا ىو ما يسمى ابدلعجزات‪.‬‬

‫فادلعجزة‪ :‬أمر خارؽ للعادة الكونية كلقوانينو ذبرم على يد من يدعي‬


‫النبوة تصديقان لو عند التحدم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مثاؿ ذلك‪ :‬كملك يرسل رسوالن لو لقرية من القرل‪ ،‬فيطلب أىل القرية‬
‫من من ذلك الرسوؿ ما يثبت صدقو يف أنو مبعوث ذلك ادللك‪ ،‬فيخرج‬
‫مرسومان ملكيان خاصان ابدللك ال يوجد عند غَته كيريو للناس‪ ،‬كيطلب من‬
‫جنود ادللك أمران فينفذكنو لو‪ ،‬كىؤالء اجلنود ال يستجيبوف إال للملك كنوابو‪،‬‬
‫كيف إخراج ادلرسوـ كتنفيذ اجلنود سلالفة لنظاـ الدكلة اليت حيكمها ادللك حيث‬
‫ال تفعل ألحد غَته أك دلن أيذف لو‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫كىنا يتساءؿ احلريص على اذلداية كاالستقامة عن كجود رسوؿ هلل تعاىل‬
‫يف عصره أك بالغ منو‪ ،‬كمعلوـ أنو ل يدع أحد النبوة يف عصران شلن يوثق بو‬
‫لعدـ اإلتياف دبعجزة تصدؽ دعواه كال تتوافر صفات األنبياء فيو كىي‪:‬‬

‫‪ -1‬صادؽ يف كل أموره ال ييعرؼ عنو الكذب‪.‬‬


‫‪ -2‬أمُت يف تبليغ أكامر هللا تعاىل كيف كل شيء‪.‬‬
‫‪ -3‬صاحب فطانة كذكاء عظيمُت ال يغلبو أحد يف مناقشة أك زلاججة‪.‬‬

‫فبقي أف يكوف ىناؾ بالغ عن آخر نيب أرسلو هللا تعاىل‪ ،‬كآخر نيب‬
‫مرسل إلينا فيما أخربان بو علم التاريخ بشكل يقيٍت ىو نيب اإلسالـ كامسو دمحم‬
‫بن عبد هللا بن عبد ادلطلب بن ىاشم بن عبد مناؼ بن قصي بن كالب بن‬
‫مرة بن كعب بن لؤم بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن‬
‫خزدية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدانف‪ ،‬كعدانف من‬
‫كلد إمساعيل بن إبراىيم عليهما السالـ‪.‬‬

‫كتتوافر فيو صفات األساسية للنبوة كما أف لو معجزات كثَتة‪ ،‬كالذم‬


‫يعنينا منها يف عصران القرآف الكرًن الذم بُت أيدينا‪ ،‬كيف القرآف الكرًن كل ما‬
‫يريده هللا منا أف نفعلو كنًتكو‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫يبدأ العاقل ابلبحث العلمي عن صدؽ القرآف الكرًن كعن كونو معجزة‬
‫كأنو كالـ هللا حقان كل يدخلو ربريف كال تالعب‪.‬‬

‫كالدليل على عدـ ربريفو أف أقدـ سلطوطة للقرآف توافق أحدث نسخة لو‬
‫َّ َ ۡ‬
‫يف عصران‪ ،‬كادلخطوطات زلفوظة يف ادلتاحف العامة كال حػالى‪ :‬ﵟإُِا نح َُ‬
‫َ َّ ۡ َ ّ ۡ َ َ َّ َ ُ َ َ َٰ ُ َ‬
‫ُزلنا ٱزذِنر وِإُا زرۥ ىحفِظٔن ﵞ ﵝاحلجر‪ :‬ﵙﵜ‪ ،‬كمن حفظو أف الذين‬
‫ۡ‬ ‫ً‬

‫حيفظونو كيدرسوهنا كيتناقلونو بينهم من يوـ أينزؿ إىل يومنا ىذا بلغوا حدان كبَتان‬
‫يصعب على اإلنساف إحصاؤه‪ ،‬كىذا ما يسميو علماء اإلسالـ ابخلرب ادلتواتر‬
‫الذم يفيد أف اخلرب ادلنقوؿ إلينا يقينان كاثبتان صدقو‪.‬‬

‫كالدليل على أف القرآف معجزة أنو ل يستطع أحد خالؿ ‪ 1443‬سنة أف‬
‫يتحدكا القرآف إبجياد خطأ أك اإلتياف دبثل سورة كاحدة فيو‪ ،‬يف نسقو كبالغتو‬
‫ب‬ ‫َۡ‬ ‫ُ ُۡ‬ ‫َ‬
‫كأساليبو كتراكيبو كأحكامو كمعلوماتو كال حػالى‪ :‬ﵟوِإن نِخً فِى ري ٖ‬
‫َ ۡ ُ ْ ُ َ ََٓ ُ‬ ‫ّ َّ َ َّ ۡ َ َ َ َٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ ْ ُ َ ّ ّ ۡ‬
‫مٍِا ُزلنا عؼؽ عت ِدُا فأحٔا بِصٔرة ٖ ٌ َِ ٌ ِثسِر ِۦ وٱدغٔا شٓداءكً‬
‫ُ ُۡ َ‬
‫صَٰدق َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ ُ‬
‫ِين ﵞ ﵝالبػ ىقرةً‪ :‬ﵓﵒﵜ‪ ،‬كىذا رغم أف القرآف أينزؿ‬
‫ىى‬ ‫ِ‬ ‫ون ٱَّلل ِ إِن نِخً‬
‫ٌَِ د ِ‬
‫على سيدان دمحم ﷺ كىو أمي ال يعرؼ القراءة كال الكتابة كال يعرؼ الشعر‬
‫كحبوره كموازينو‪ ،‬كالعرب يف زمن نزكؿ القرآف كانوا على درجة عالية من‬
‫الفصاحة كالبياف كالبالغة‪ ،‬كل يتجرأ أحد من العرب أف يتحدكا القرآف‪،‬‬
‫‪36‬‬
‫كمنهم الذين يعادكف سيدان دمحم ﷺ كالقرآف الذم أينزؿ عليو أشد العداكة‪ ،‬بل‬
‫استسهلوا احلركب كمحل السالح يف مواجهتو على أف يتحدكه يف بالغتو‪.‬‬

‫كالدليل على أف القرآف كالـ هللا تعاىل أف القرآف تكلم عن أسرار كونية‬
‫كثَتة ل يستطع البشر معرفتها إىل كقتنا احلاضر‪ ،‬كعلم األجنة كطريقة نشأهتا‪،‬‬
‫كعدـ اختالط مياه البحار عند التقائها‪ ،‬كرسوخ اجلباؿ كغَت ذلك شلا ديكنك‬
‫أف تتعرؼ عليو من كتب اإلعجازات العلمية يف القرآف‪ ،‬كىذا يدؿ على أف‬
‫صاحب القرآف الكرًن ىو نفسو الذم خلق الكوف‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ٓ َ ُ‬ ‫َ ُ ۡ َ َ َ‬
‫ص ِٓ ًۡ َخ َّت َٰى يَتتَي َّ َن‬ ‫كال حػالى‪ :‬ﵟشن ِري ًِٓ ءايَٰخِِا فِى ٱٓأۡلف ِ‬
‫اق وفِى أ ِ‬
‫ُف‬
‫ٌ‬ ‫َ ّ َ َ َّ ُ َ َ َٰ ُ ّ َ ۡ َ‬ ‫َ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ۡ‬
‫لًٓ أُّ ٱلحق ُّۗ أولً يل ِف ةِربِم أُّۥ عؼؽ ش ِظ شىءٖ ش ِٓيد ‪٥٣‬ﵞ‬
‫ً‬
‫صىلت‪ :‬ﵓﵕﵜ‬
‫ﵝفي ٌ‬

‫‪37‬‬
‫إذا تبُت أف القرآف الكرًن ىو كالـ خالقنا تعاىل فيجب أف نتبعو يف كل‬
‫شيء كرد فيو‪ ،‬كنؤمن بكل ما خيربان بو‪ ،‬كمن العقائد اليت أخربان هبا‪:‬‬

‫‪ )1‬اإلدياف يأف كل شيء حيدث يف الكوف ‪-‬كمنها أفعالنا كمصَتان‪-‬‬


‫مكتوب عند هللا تعاىل‪ ،‬كسيقع كما ىو مكتوب كخبلق هللا تعاىل‪.‬‬
‫‪ )2‬اإلدياف بوجود ادلالئكة عليهم السالـ كأهنم سللوقوف من النور كمنهم؛‬
‫جربيل كميكائيل كإسرافيل كمالك خازف النار كرضواف خازف اجلنة‬
‫كملك ادلوت كمحلة العرش كرقيب كعتيد‪.‬‬
‫‪ )3‬كنؤمن كذلك بوجود اجلاف كأهنم سللوقوف من النار كىم مكلفوف‬
‫فمنهم ادلؤمن كمنهم الكافر‪.‬‬
‫‪ )4‬اإلدياف يأف هللا أرسل األنبياء كادلرسلُت عليهم السالـ جلميع األمم‬
‫كأنزؿ عليهم كتبان؛ منها الصحف على سيدان إبراىيم كسيدان موسى‬
‫عليهما السالـ‪ ،‬كالتوراة على سيدان موسى عليو السالـ‪ ،‬كالزبور على‬
‫سيدان داككد عليو السالـ‪ ،‬كاإلصليل على سيدان عيسى عليو السالـ‪،‬‬
‫كالقرآف آخر ىذه الكتب ادلنزلة كىو نزؿ على سيدان دمحم ﷺ‪.‬‬
‫‪ )5‬اإلدياف بسيدان دمحم ﷺ كأنو آخر األنبياء عليهم السالـ كأنو مرسل‬
‫جلميع العادلُت يف كل زماف كمكاف‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ )6‬كاإلدياف ابلربزخ كعذاب القرب كاب ليوـ اآلخر كمجيع أىوالو كأحداثو من‬
‫البعث كالنشور كاحلشر‪.‬‬
‫‪ )7‬اإلدي اف يأف اإلنساف سيحاسب على مجيع معتقداتو كأعمالو كأقوالو‪.‬‬
‫‪ )8‬اإلدياف يأف ادلؤمن ابهلل كرسولو يدخل اجلنة خالدان فيها‪ ،‬كالكافر هبما‬
‫يدخل النار خالدان فيها‪.‬‬
‫‪ )9‬كأخربان عن أركاف اإلسالـ اخلمسة كما ينبٍت عليها من شرائع الدين‬
‫اإلسالمي‪ ،‬كأمران ابلتزامها كاجتناب ادلنهيات يف الدين‪ ،‬كأركاف‬
‫اإلسالـ ىي‪:‬‬
‫أ) الشهاداتف‪ :‬أشهد أف ال إلو إال هللا كأشهد أف دمحمان رسوؿ‬
‫هللا‪.‬‬
‫ب) كإقامة الصلوات اخلمس كاجلمعة‪.‬‬
‫ج) كإيتاء الزكاة عما ديتلك ادلسلم‪.‬‬
‫د) كصوـ شهر رمضاف من طلوع الفجر إىل غركب الشمس‪.‬‬
‫ق) كأداء احلج كالعمرة مرة كاحدة يف العمر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫فهذا ما جيب على كل إنساف اعتقاده يف حق هللا تعاىل كرسولو دمحم ﷺ‪،‬‬
‫كىذا ما أدين بو رب العادلُت‪ ،‬فيما أعتقده جبنابو العظيم‪ ،‬كأبرأ من كل ما‬
‫خيالفو‪ ،‬كأدعو الناس إليو كأعلمو إايىم‪.‬‬

‫كىذا ما جيب على دعاة اإلسالـ تعليمو لعواـ ادلسلمُت كأبنائهم يف ىذا‬
‫الزماف‪ ،‬مع الزايدة من التوضيح كالبياف على حسب احلاؿ كاألشخاص دبا‬
‫يالئمهم‪ ،‬كيرسخ االعتقاد الصحيح يف نفوسهم‪ ،‬كل على ًكفق حالو‬
‫كحاجتو‪ ،‬كال تشًتط العبارة كال ادلبٌت ماداـ قد يكجد ادلقصود كادلعٌت‪.‬‬

‫اللهم اي سامعنا كمبصران كعادلان بنا أيشهدؾ على ىذا الكالـ‪ ،‬فاجعلو لك‬
‫خالصان‪ ،‬كعندؾ متقبالن‪ ،‬كاعف عٍت كاحفظ قليب كأحبايب من الزيغ كالضالؿ‪،‬‬
‫اي مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك برمحتك اي أرحم الرامحُت‪.‬‬

‫كصلى هللا كسلم كابرؾ على سيدان دمحم كعلى آلو كصحبو أمجعُت‪.‬‬

‫ﭽﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ‬

‫ﰅﰆﰇﰈﰉﭼ الصافات‬

‫‪41‬‬
‫جيب على من تعلم ىذه العقائد كأراد دخوؿ دين اإلسالـ أف يقوؿ‪:‬‬
‫{أشهد أن ال إلو إال هللا وأشهد أن دمحماً رسول هللا}‪ .‬كجيب أف يتعلم‬
‫أحكاـ الدين اإلسالمي ليعمل ابلفرائض كعلى رأسها أداء الصلوات اخلمسة‬
‫كصالة اجلمعة‪ ،‬كجيتنب احملرمات مثل الزان كالراب كاخلمر كالسرقة كالكرب‬
‫كالغركر كغَتىا من الشركر‪ ،‬كجيب أف يتحلى األخالؽ احلسنة كاآلداب‪،‬‬
‫كجيتنب األخالؽ السيئة كالرذيلة‪ .‬كأدعوؾ اي أخي بعد أف قرأت رساليت أف‬
‫ربرص على االستزادة من العلم كالبحث يف عقائد اإلسالـ فاقرأ بعد رساليت‬
‫ىذه الكتب على الًتتيب كما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬أصول العقائد للشيخ عبد هللا العرواين‪.‬‬
‫‪ )2‬كربى اليقينيات للشيخ دمحم سعيد البوطي‪.‬‬
‫‪ )3‬ادلختصر ادلفيد بشرح جوىرة التوحيد للشيخ نوح القضاة‪.‬‬
‫‪ )4‬سلسلة األصول الثالث (هللا هلالج لج‪ ،‬الرسول‪ ،‬اإلسالم) للشيخ سعيد حوى‪.‬‬
‫‪ )5‬واستمتع برواية قصة اإلميان للشيخ ندمي جسر أثناء قراءتك ىذه الكتب‬
‫الثالث‪.‬‬

‫ىذا ما كتبو العبد الفقَت إىل مواله تعاىل‪ ،‬راجيان منو العفو كالقبوؿ‪ :‬أبو بكر؛ سامر بن رايض بن مصطفى بن‬
‫حسن بن جابر دلبح‪ ،‬يف الزرقاء ‪-‬األردف يوـ الثالاثء عصران‪1428/12/16 :‬ق – ‪2007/12/25‬ـ‪ ،‬كمت‬
‫االنتهاء من ذبديد النظر فيو يف الزرقاء ‪ -‬األردف يوـ األربعاء‪1443/5/10 :‬ق –‪2021/12/15‬ـ‪.‬‬

‫‪40‬‬
42
‫التمهيد في بيان‬
‫شهادة التوحيد‬

‫‪43‬‬
44
‫بسم هللا الرحمه الرحيم‬
‫التمهيد في بيان شهادة التوحيد‬
‫احلمد هلل رب العادلُت‪ ،‬كالصالة كالسالـ على سيدان دمحم كآلو كصحبو‬
‫أمجعُت كبعد‪:‬‬
‫فهذه كلمات سلتصرات يف علم التوحيد؛ دبا جيب على كافة الناس‬
‫معرفتو من عقائد اإلسالـ على طريقة أىل السنة كاجلماعة‪ ،‬كتبتها سلتصرة‬
‫من عقيدة اإلمامُت اجلليلُت أيب حامد الغزايل كعبد هللا احلداد رضي هللا‬
‫عنهما فأقوؿ كابهلل التوفيق‪:‬‬
‫جيب شرعان على كل مكلف أف يشهد أف ال إلو إال هللا كيشهد أف دمحمان‬
‫رسوؿ هللا‪ ،‬كيعتقد ما تتضمنهما من ادلعاين اعتقادان جازمان كعلمان يقينيان‪،‬‬
‫كيعمل دبا تقتضيهما من األعماؿ كاألقواؿ‪ ،‬كحيتكم إليهما يف كل الشؤكف‬
‫كاألحواؿ‪.‬‬
‫فأشهد أف ال إلو إال هللا كأعتقد كأتيقن كأعلم أف هللا تعاىل موجود بذاتو‬
‫حقيقة‪ ،‬كأف كجوده ذايت غَت مستمد من غَته‪ ،‬ك ﵟأ َ َّن َّ َ‬
‫ٱَّلل ُْ َٔ ٱلۡحَقُّ‬

‫ين ﵞ ﵝالنُّٔر ‪ :‬ﵕﵒﵜ ‪ ،‬فهو تعاىل ال يقبل العدـ مطلقان‪ ،‬إذ ىو القدًن األزيل‬ ‫ٱل ۡ ٍُت ُ‬
‫ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ُ ۡ ُ‬
‫خ ُر َوٱىظَٰٓ ِ ُر‬‫بال ابتداء‪ ،‬كالباقي األبدم بال انتهاء‪ ،‬كﵟْ َٔ ٱلأ َّول َوٱٓأۡل ِ‬
‫ٱَّلل ُْ َٔ ٱىۡ َغن ُّى ٱلۡحٍَ ُ‬
‫يد ﵞ ﵝفَاطِر ‪ :‬ﵕﵑﵜ ‪ ،‬القائم بذاتو‬ ‫َوٱل ۡ َبا ِط َُﵞ ﵝالحَدِيد ‪:‬ﵓﵜ ‪ ،‬ﵟ َو َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ادلستغٍت عن غَته‪ ،‬ال ربويو اجلهات الست‪ ،‬كال ىو يف جهة كال لو جهة‪ ،‬كال‬
‫ربكمو األمكنة كال األزمنة‪ ،‬كهللا خالق الزماف كادلكاف‪ ،‬ﵟكُ ۡو ُْ َٔ َّ ُ‬
‫ٱَّلل‬
‫‪45‬‬
‫ُ َّ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ٱلص ٍَ ُد ‪ ٢‬ل ًۡ يَس ِۡد َول ًۡ ئُز ۡد ‪َ ٣‬ول ًۡ يَلَ ز ُرۥ نف ًٔا‬ ‫أ َ َخ ٌد ‪ُ َّ ١‬‬
‫ٱَّلل َّ‬
‫َ‬
‫أ َخ ُد ۢ ‪٤‬ﵞ ﵝ ِالإ ۡخلَاص ‪ :‬ﵑ ‪ -‬ﵔﵜ ‪ ،‬فهو جل شأنو سلالف خللقو كمباين ذلم بذاتو‬
‫ككصفو‪ ،‬فذاتو ليست كالذكات‪ ،‬كما أف صفاتو ليست كالصفات‪ ،‬ال يشبو‬
‫َۡ‬
‫شيئان كال يشبهو شيء‪ ،‬ككل ما خطر يف ابلك فاهلل خبالؼ ذلك‪ ،‬ﵟىي َس‬
‫يع ٱل ۡ َب ِص ُ‬
‫ير ﵞ ﵝ ُّالش َٔرى ‪ :‬ﵑﵑﵜ كال ىو مثل شيء‪،‬‬ ‫َنٍِثۡسِر ِۦ َش ۡىء ‪َ ٞ‬و ُْ َٔ َّ‬
‫ٱلصٍِ ُ‬
‫نؤمن دبا أخرب بو عن نفسو على الوجو الذم قالو‪ ،‬كابدلعٌت الذم أراده من‬
‫غَت تشبيو كال ذبسيم كال تعطيل‪.‬‬
‫كهللا كاحد يف ذاتو‪ ،‬كاحد يف صفاتو‪ ،‬كاحد يف أفعالو كتصرفاتو‪ ،‬ك‬
‫ُ َ َّ ُ َ‬
‫ٱَّلل أ َخ ٌد ﵞ ﵝالإ ۡخلَاص ‪ :‬ﵑ ﵜ من كل كجو ال من طريق العدد‪ ،‬ال شريك لو‬
‫ِ‬ ‫ﵟْٔ‬
‫كال كزير كال لو زكجة كال كلد‪ ،‬كال يتصرؼ يف ملكو أحد إال إبذنو‪ ،‬كىو منزه‬
‫عن التجزئة كاالنقساـ كمنزه عن األعضاء كاألبعاض‪ ،‬فال يعلم هللا إال هللا‬
‫كحده‪.‬‬
‫َُّ‬ ‫‪ٞ‬‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫َّ ُ َ‬
‫ٱَّلل خَٰي ِ ُق ش ِظ ش ۡىءٖٖۖ َوْ َٔ عَؼ َٰؽ ش ِظ ش ۡىءٖ َوك ِيو ‪ ٦٢‬زرۥ‬ ‫وﵟ‬
‫َۡ‬ ‫ٌَ َلال ُ‬
‫ِيد َّ َ َ‬
‫ت َوٱلأ ِ‬
‫ۡرضﵞ ﵝ ُّالز َمر ‪ :‬ﵑﵖ ‪ -‬ﵓﵖﵜ ‪ ،‬أكجد العال كلو من عدـ‬ ‫ٱلصمَٰن َٰ ِ‬
‫بقدرتو كقوتو‪ ،‬كصور اخلالئق كنوعها على مقتضى اختياره كإرادتو‪ ،‬كفق علمو‬
‫كحكمتو‪ ،‬فهو تعاىل صاحب القدرة العظيمة‪ ،‬كاإلرادة ادلطلقة‪ ،‬كالعلم الواسع‬
‫احمليط بكل شيء‪ ،‬فال خيرج عن قدرتو مقدكر‪ ،‬كال خيالف إرادتو حادث‪ ،‬كال‬
‫يغيب عن علمو أم دقيقة‪ ،‬كىو احلي القيوـ‪ ،‬فحياتو كاملة ال نقص فيها‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫ٔم لَا حَأ ۡ ُخ ُذهُۥ ِشَِث ‪َ ٞ‬ولَا ُ َ ۡٔمﵞ‪ٞ‬‬ ‫َّ ُ َ ٓ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ‬
‫فهو ﵟٱَّلل لا إِلَّٰ إِلا ْ َٔ ٱىح ُّي ٱىليُّ ٌۚ‬
‫َ َّ ُ َ َ َ ُ‬
‫ٱَّلل خيلل ًۡ‬ ‫ﵝالبَ َل َرة ِ ‪ :‬ﵕﵕﵒﵜ ‪ ،‬خلق اخللق كأعماذلم كقدر أرزاقهم كآجاذلم ﵟو‬
‫ََ ََۡ ُ َ‬
‫ٍئن ﵞ ﵝ َّ‬
‫الصافَّات ‪ :‬ﵖﵙﵜ فنؤمن بقضائو كقدره من خَت أك شر‪ ،‬فاعبده‬ ‫وٌا تػ‬
‫ُُ‬ ‫َٰ‬ ‫َََ‬ ‫َ َُ ُ‬
‫ٔت َو َشتّ ۡح بحَ ۡ‬ ‫َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ّ َّ‬
‫ٔب‬ ‫ُ‬
‫ِ ِ ِ‬‫ذ‬ ‫ة‬ ‫ِۦ‬ ‫ّ‬ ‫ة‬ ‫ى‬ ‫ف‬‫ك‬ ‫و‬ ‫ِۦ‬ ‫ه‬ ‫د‬
‫ِ‬
‫ِ ِ ٌۚ‬‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ِي‬
‫ذ‬ ‫ﵟوحٔشظ عؼؽ ٱىح ِي ٱز‬
‫يرا ﵞ ﵝاىفُ ۡركَان ‪ :‬ﵘﵕﵜ ‪ ،‬فعاؿ دلا يشاء كال فاعل على احلقيقة إال ىو‪،‬‬ ‫غِتَادِه ِۦ َخت ً‬
‫ِ‬
‫كليس لعباده إال الكسب من غَت أتثَت إجياد كال خلق من عدـ ﵟ َو َّ ُ‬
‫ٱَّلل‬
‫ٔن ب َض ۡى ٍء إ َّن َّ َ‬‫َ َۡ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ َ ّ َ َّ َ َ ۡ ُ َ‬ ‫َۡ‬
‫ٱَّلل‬ ‫ِ ِۗ ِ‬ ‫ض‬ ‫ل‬‫ي‬ ‫ا‬‫ل‬ ‫ِۦ‬ ‫ّ‬‫ِ‬ ‫ُ‬‫و‬ ‫د‬ ‫َِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٔن‬ ‫ضى ةِٱلح ِقٖۖ وٱزذِيَ يدغ‬ ‫يل ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ ُ ۡ‬
‫ْٔ ٱلصٍِيع ٱلب ِصير ﵞ ﵝغػف ِر ‪ :‬ﵐﵒﵜ ‪ ،‬ال يعزب عن مسعو مسموع‪ ،‬كال خيفى‬
‫َ‬

‫عن بصره موجود‪ ،‬يستوم عنده السر كاجلهر‪ ،‬كاخلفاء كالعلن‪ ،‬كال يغيب عنو‬
‫شيء‪ ،‬فسبحاف من خص أىل اجلنة برؤية ذاتو العلية‪.‬‬
‫كىو هللا اآلمر الناىي‪ ،‬ادلخرب عن علمو بكالمو القدًن‪ ،‬مغاير لكالـ‬
‫سللوقاتو يف حقيقتو كماىيتو‪ ،‬فكالمو سبحانو بال حرؼ كال صوت كال آلة‬
‫كال كاسطة كال عضو‪ ،‬إذ ال حيل يف ذات موالان شيء كال ىو حيل يف شيء‪.‬‬
‫كالقرآف كالتوراة كاإلصليل كمجيع كتبو ادلنزلة على أنبيائو كالمو تعاىل‬
‫القدًن غَت سللوؽ‪ ،‬كما يف ادلصاحف اليت بُت أيدينا من ضلو احلرب كالورؽ‬
‫كاحلرؼ كصوت التالُت سللوؽ‪ ،‬كالقرآف كالـ هللا غَت سللوؽ‪ ،‬كنؤمن جبميع‬
‫كتب هللا ادلنزلة على أنبيائو كرسلو‪ ،‬كما نؤمن جبميع األنبياء كادلرسلُت‬
‫كادلالئكة ادلقربُت‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫كنشهد كنعتقد كنعلم علم اليقُت أف سيدان دمحمان ‪ ‬رسوؿ هللا لكافة‬
‫اخللق أمجعُت‪ ،‬أرسلو هللا رمحة للعادلُت‪ ،‬ال زبتص بعثتو بقوـ دكف قوـ كال‬
‫بزماف دكف زماف‪ ،‬بل ىو مرسل للعرب كالعجم‪ ،‬ألىل زمانو كلكافة األعصار‬
‫كاألمصار إىل يوـ التناد‪ ،‬فهو ‪ ‬مرسل لإلنس كاجلاف إرساؿ تكليف‪،‬‬
‫كلغَتمها إرساؿ تشريف‪ ،‬كىو خامت النبيُت كادلرسلُت فال نيب بعده كال رسوؿ‪،‬‬
‫كىو أفضلهم مث بقية أسيادان أكيل العزـ من الرسل إبراىيم مث موسى مث عيسى‬
‫مث نوح عليهم الصالة كالسالـ ‪.‬كنؤمن ابدلعجزات كاإلرىاصات لألنبياء‬
‫كابلكرامات لألكلياء كاإلعاانت لعواـ ادلؤمنُت‪.‬‬
‫كنؤمن أنو ‪ ‬الصادؽ األمُت على ما أكحى إليو رب العادلُت من‬
‫أحكاـ‪ ،‬بلغها كما أمره مواله تعاىل‪ ،‬كأدل األمانة على أمت كجو‪ ،‬كىو‬
‫ادلعصوـ فيما يقوؿ كيفعل‪ ،‬ال خيالف حالو مقالو‪ ،‬كال ظاىره ابطنو‪ ،‬فال‬
‫يكوف منو عصياف لربو كما ينبغي لو أف يكوف‪ ،‬صادؽ فيما حكاه من شؤكف‬
‫اخللق ماضيان كحاضران كمستقبالن‪ ،‬صادؽ فيما خيرب بو عن أمارات الساعة‬
‫كخركج الدجاؿ كنزكؿ عيسى عليو السالـ كخركج أيجوج كمأجوج كالدخاف‬
‫كشركؽ الشمس من مغرهبا كظهور الدابة كخسف األرض‪ ،‬ككذا شؤكف الربزخ‬
‫كعذاب القرب كنعيمو كأىواؿ يوـ القيامة من البعث كاحلشر كالنشر كتطاير‬
‫الصحف ككزف األعماؿ كالصراط كالكوثر كاجلنة كالنار‪.‬‬
‫كأفضل األمم بعد األنبياء أمة سيدان دمحم صلى هللا عليو كسلم‪ ،‬كأفضلهم‬
‫أبو بكر الصديق مث عمر الفاركؽ مث عثماف األمُت مث علي ادلرتضى‪ ،‬مث بقية‬

‫‪48‬‬
‫العشرة ادلبشرين‪ ،‬مث أىل بدر فأىل أحد فأىل البيعة فبقية الصحابة الكراـ مث‬
‫التابعُت فتابعي التابعُت‪ ،‬كآؿ البيت النبوم ذلم شرفهم ككرامتهم‪ ،‬كزكجات‬
‫النيب صلى هللا عليو كسلم أمهات ادلؤمنُت طاىرات شريفات عفيفات رضي‬
‫هللا عنهن كعن مجيع صحابة رسوؿ هللا صلى هللا عليو كسلم أمجعُت‪ ،‬كحشران‬
‫هللا معهم كيف زمرهتم يوـ الدين‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ۡ َ َ َّ َ َ ّ ۡ‬
‫ب ٱىػِ َّزة ِ ع ٍَّا ي َ ِصفٔن ‪َ ١٨٠‬و َشل َٰ ًٌ عَؼؽ‬
‫ﵟشتحََٰ ربِم ر ِ‬
‫ين ‪َ ١٨١‬وٱلۡحَ ٍۡ ُد ِ ََّّلل ِ َر ّ ۡ َ َ َ‬
‫ب ٱى عَٰيٍِين ‪١٨٢‬ﵞ ﵝ‬
‫ٱل ۡ ٍُ ۡر َشي َ‬
‫َّ َّ‬
‫الص اف ات ‪ :‬ﵐﵘﵑ ‪ -‬ﵒﵘﵑﵜ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫نختّ شامر رياض جاةر‬

‫‪2120 / 01 / 2‬م‬

‫‪49‬‬
‫الفهرس‬
‫‪Contents‬‬
‫ادلقدمة ‪3.............................................................................................‬‬

‫‪7..........................................‬‬

‫‪9......................................‬‬

‫‪00...........................‬‬

‫‪03...............................................‬‬

‫‪05.....................................................................‬‬

‫‪06..................................‬‬

‫‪07....................................‬‬

‫‪09..............................................‬‬

‫‪20..........................................................‬‬

‫‪23.....................................‬‬

‫‪24...................................................‬‬

‫‪25......................................................‬‬

‫‪26.........................................‬‬

‫‪28.................................................................‬‬

‫‪31...............................................................‬‬

‫‪30..........................................‬‬

‫‪33............................................‬‬

‫‪51‬‬
‫‪35.............................................‬‬

‫‪36..........................‬‬

‫‪38.............................‬‬

‫‪41......................................................................................‬‬

‫‪40............................................................................‬‬

‫التمهيد في بيان شهادة التوحيد ‪43........................................................‬‬

‫الفهرس ‪51.........................................................................................‬‬

‫‪50‬‬
52

You might also like