Professional Documents
Culture Documents
ادلقدمة
احلمد هلل رب العادلُت ،احلق ادلبُت ،الذم دلت على كجوده كصفاتو
اخلالئق أمجعُت ،كالصالة كالسالـ األسبماف األكمالف ،على النيب مرشد األانـ،
دمحم سيد األكواف ،كعلى آلو كصحبو الكراـ ،كبعد:
فهذه رسالة صغَتة احلجم ،عفوية اخلاطر ،ال أراعي فيها ادلصطلحات
العلمية قدر ادلستطاع ،تتحدث عن أصول عقائد أىل السنة ،مسيتها:
" حتريك األفكار يف أحقية عقائد اإلسالم"
ككاف منهجي أف أتسلسل مع فكر اإلنساف يف نظره للكوف ،كطرحو
التساؤالت حوؿ كجود العاىل ،فكنت أجيب عن ىذه التساؤالت ابلعقل
كالنقل يف أقل ما ديكن ،تكوف كافية يف حق ادلسلم ادلثقف غَت ادلختص
ابلعلم الشرعي ،كتكوف لفتة نظر للحَتاف يف شأف كجود هللا تعاىل رب الكوف
كصدؽ أنبيائو عليهم الصالة السالـ ،فإهنا تقدح يف خاطره أقل قدر من ً
الدليل الذم ينبو العقل أف اإلسالـ ىو الدين احلق ،كأف عقائده ىي العقائد
الصحيحة الواجب على البشرية اتباعها ،فتكوف ىذه الرسالة على صغر
حجمها سببان يف خركج ادللحد من حَتتو إف كاف منصفان علميان موضوعيان ،أك
3
أساسان ينطلق يف حبثو عن خالق ىذا الكوف ،فهي كافية يف إزعاج نفسو
للبحث عن الدين احلق.
كمن ادلؤكد أف ىذه الرسالة ال تكفي من تغلغل يف اإلحلاد كتعصب لو،
كبٌت فكره على العناد كادلكابرة ،بل حيتاج إىل مباحث أكثر كأدلة أعمق
كعالج قليب كنفسي أكرب ،كلكن الرسالة جعلتها يف مقاـ العيجالة ،كحد
أدىن من احلصانة جلميع طبقات ادلسلمُت من كساكس الشياطُت ،كإجاابت
عن تساؤالت تطرحها النفس بفطرهتا ،إذ اإلنساف مفطور على أف يتساءؿ
عن سر كجوده ككجود ادلخلوقات من حولو.
إرشادي للدعاة إىل هللا تعاىل
ٌ وىذه الرسالة -على صغرىا -دليلٌ
يف سريىم الدعوي ،كىي البداية لتعليم عواـ ادلسلمُت عقائدىم ،كأساس
ينطلق منو من كاف عقلو زلرران من ربقة تقليد ادللحدين ،وىي عو ٌن للدعاة
إىل هللا تعاىل يف أن يطرحوا عقائد اإلسالم من أصوذلا أبقل القليل ،كذلك
أف الداعية قد يقابل الشخص ادلدعو أك السائل أك ادلتشكك مرة كاحدة
كلفًتة قصَتة مث ال يقابلو بعد ذلك ،فتكوف األكلوية ىو بناء أصوؿ العقائد
يف نفس ذلك ادلدعو ،فتزكؿ كل تلك الشكوؾ كالتساؤالت كلها أك
معظمها ،كيسهل معاجل ة ما بقي من الشوائب يأيسر جهد ألف النفس تكوف
مستعدة لالستجابة السريعة للحق؛ بسبب سالمة بناء أصول العقائد فيها،
فهي رلربة يف ىذا ادلضمار كهلل احلمد على ما أذلم.
4
كىذه الرسالة ليست ىي احلل الناجع لكل ما يتعرض لو ادلسلم من
شبهات يف عصران احلديث ،كلكنها أتسيس لو يف فهم دينو كرد الشبهات دبا
العال الطبيب الذي يداوي قلبو من أمراض الشكوك يسعفو حىت جيد ِ
والشبهات ،فهذه الرسالة ىي دبنزلة اإلسعافات األكلية دلن يتعرض لإلصابة
ابلشكوؾ كالوساكس كالشبهات ،كىي لبنة سبكنو من القراءة يف عقائد أىل
السنة ،كخطوة يف تعلم عقائد اإلسالـ ،كىي كافية كزايدة يف حق عواـ
ادلسلمُت فيما خيرجهم من إمث عدـ دراسة عقائدىم اإلسالمية السنية.
ككنت كتبتها يف أايـ طليب للعلم( ، )1كتبتها بعفوية اخلاطر دكف الرجوع
ألم مصدر ،كإين أحرص على بقائها على عفويتها قدر ادلستطاع عند إعادة
النظر فيها.
كما أين أحلقت هبا عقيدة سلتصرة يف شرح شهادة التوحيد {شهادة
أف ال إلو إال هللا كأف دمحم رسوؿ هللا} ،حبيث أسرد عقائد أىل السنة كاجلماعة
سردان ،كقد اقتبستها كاختصرهتا من عقيدة اإلماـ حجة اإلسالـ دمحم بن دمحم
الغزايل رمحو هللا تعاىل اليت ذكرىا يف كتاب إحياء علوـ الدين ،ككذلك
اختصرهتا من عقيدة اإلماـ عبد هللا احلداد رمحو هللا تعاىل ادلسماة بػ ػ
كمت االنتهاء من ذبديد النظر فيو يف الزرقاء -األردف يوـ اخلميس1444/5/8 :ق –2022/12/1ـ
6
اإلنساف ال خيلو من مبادئ يعتنقها كيبٍت أفعالو عليها ،كىذه ادلبادئ ىي
يف احلقيقة دين اإلنساف كادلوجو لو يف حياتو كىي على نوعُت:
كاإلنساف العاقل ال يتبع أمران يرفضو العقل كالعلم ،كاإلسالـ جيعل العلم
ىو األساس يف الدخوؿ فيو ،فأكؿ ما جيب على اإلنساف الذم يريد دخوؿ
اإلسالـ كاعتناؽ مبادئو أف يشهد أف ال إلو إال هللا كيشهد أف دمحمان رسوؿ
هللا ،كال ييقبل الدخوؿ دكف لفظ الشهادة اليت تدؿ على العلم كاليقُت.
فلفظ أشهد تعٍت أين أصدؽ هبذا األمر تصديق مشاىدة ابلبصر أك
مشاىدة ابلبصَتة ،كتعٍت أيضان أف ىذا األمر ادلشهود عليو ىو أمر يقيٍت
مقطوع بصحتو ،كىذا ال يكوف إال من خالؿ عرض األمر ادلشهود عليو على
ادلنهج العلمي الصحيح؛ لذا فاإلسالـ دين علمي جيعل شرط الدخوؿ فيو
ىو العلم الصحيح اليقيٍت ،كمبادئو علمية يقبلها العقل بعد البحث العلمي
ٱغيَ ًۡ َأَُّّۥُ
َ ۡ
الصحيح ،فاقرأ كتاب اإلسالـ ادلقدس (القرآف الكرًن) آية :ﵟف
7
َ َّ ُ ۡ َ
ٱَّلل َيػي ًُ َ َ ۡ ۡ َ ۡ ۡ َ َ ٓ َ َٰ َ َّ َّ ُ ۡ َ ۡ
ٱَّلل َوٱشخغف ِ ۡر ز ِذۢنتِم َول ِي ٍُؤٌِِِين َوٱل ٍُؤٌ َِٰن ِِۗ
جو لا إِلّ إِلا
ۡ ُ َ َّ ُ
ٌُخَليتَل ًۡ َو ٌَث َٔىَٰل ًۡ ﵞ ﵝزلمد :ﵙﵑﵜ كىنا األمر ابعتناؽ مبادئ اإلسالـ
يى م
كاالعًتاؼ بربوبية هللا تعاىل بعد البحث العلمي ،كاألمر يف القرآف يفيد
الوجوب ،فالبحث العلمي الصحيح كاجب يف اإلسالـ ،كيعاقب من ل
يبحث عن احلقيقة كيعتنقها ،كىذا دليل على قوة اإلسالـ الذم يتحدل
اجلميع من خالؿ البحث العلمي.
8
بعد معرفة كجوب البحث العلمي يف اإلسالـ ،فإف من حق أم إنساف
أف يتساءؿ عن ادلنهج العلمي الصحيح للتأكد من أف مبادئ اإلسالـ
صحيحة كيقينية ال شك فيها.
ف اإلنساف يولد كليس لديو أم معلومة ،فقلبو كعقلو صفحة بيضاء ،مث
يبدأ اإلنساف يتلقى ادلعلومات كخيزهنا من خالؿ تعاملو مع البيئة حوذلا،
حػالى: كيكوف ىذا التلقي للمعلومات من خالؿ كسائل يعتمد عليها ،كال
َ ُ َ َ ۡ َ َ َ ٗٔ ُ َ َّ ُ َ ۡ َ َ ُ
َو َج َػؤن أ ٌَّ َهَٰخِل ًۡ لا تػي ٍُٔن شيۡـٔا
ِ طلً ٌّ ِ َۢ ُب ُ ﵟوٱَّلل أخرج
َ ُ ُ َّ ۡ َ َ ۡ َ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ ۡ َ َ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ ُ ُ َ
محل :ﵘﵗﵜ ون ﵞ ﵝالن ۡىلً ٱلصٍع وٱلأةصر وٱلأفـِٔدة ىػيلً تشهر
فلو نظران يف ادلعلومات اليت نتوصل إليها فإننا صلد أهنا أتيت من مصادر
سلتلفة منها ما يكوف مقبوالن كالتجربة كمنها ما يكوف مرفوضان كاخلرافات.
ككذلك فإف ادلصادر العلمية قد تكوف عامة عند مجيع البشر على اختالؼ
ثقافاهتم ،أك خاصة بفئة من البشر.
كدلا كاف اإلسالـ دين جلميع البشر فإنو يتبٌت ادلصادر العامة ادلقبولة عند
مجيع البشر كىي زلصورة يف ثالثة أمور:
9
)1العقل :كىذا ادلصدر زلل قبوؿ عند مجيع الناس ،كىو ادليزاف الذم
يقبلو اجلميع عند اختالفهم.
)2التجربة احلسية :كىي مصدر يقبلو مجيع البشر ،فال أحد يرفض أمر
يراه بعينو ،أك يسمعو يأذنيو أك يلمسو كديسكو بيديو.
)3اخلرب :كىذا ادلصدر زلل اتفاؽ عند اجلميع بشكل عاـ ،كإف
اختلفت طريقة تناقل األخبار من فئة ألخرل.
كىذه ادلصادر الثالث ىي اليت يقبلها اإلسالـ عندما يطلب من الناس أف
يدخلوا فيو ،ألهنا زلل قبوؿ لدل اجلميع ،كىي منضبطة كديكن أف حيتكم ذلا
ۡ َ َ َۡ َ َُۡ
كل كاحد من البشر ،كال حػالى :ﵟ َولا تلف ٌَا ىي َس لم ةِّ ِۦ غ ِي ٌ ًٌۚ
َّ َّ ۡ َ َ ۡ َ َ َ َ ۡ ُ َ َ ُ ُّ ُ ْ َ َ َ َ َ ۡ ُ َ ۡ ُ ٗٔ
إِن ٱلصٍع وٱلبصر وٱىفؤاد شظ أولَٰٓئِم شضن عِّ مصـ ٔٔلاﵞ ﵝا ًإلسىراء:
ۡ
ﵖﵓﵜ.
كأما غَتىا فيوجد فيها خلل مثل ادلنامات فهي خاصة يأصحاهبا ،كال
ديكن لغَتىم أف يتأكدكا منها ،ككذلك احلدس كاألحاسيس الداخلية.
01
إف ادلعلومات اليت يتوصل إليها اإلنساف بواسطة مصادر ادلعرفة الثالث
ىي يف احلقيقة أحكاـ ،كىذه األحكاـ تكوف على ثالثة أقساـ ىي:
)1احلكم العقلي :أم أف العقل بتجرده حيكم على الشيء من غَت أف
يعتمد على أم مصدر آخر ،كاحلكم العقلي ينقسم إىل:
أ -الواجب العقلي :كىو الشيء الثابت يف نفسو كال يقبل االنتفاء
أبدان ،فالعقل ال يستطيع أف يتصور ىذا الشيء إال اثبتان مطلقان كإال
فإنو يصاب ابالضطراب ،مثالو أف اجلسم جيب أف يتصف بواحد
من احلركة كالسكوف يف اللحظة الزمانية ،فإما أف يكوف اجلسم
متحركان يف ىذه اللحظة أك ساكنان فيها.
ب -ادلستحيل العقلي :كىو الشيء ادلنتفي يف نفسو كال يقبل الثبوت
أبدان ،فالعقل ال يستطيع أف يتصور ىذا الشيء موجودان بل ال بد أف
يكوف معدكمان كإال أصابو اضطراب ،مثالو أف اجلسم متحرؾ كساكن
يف نفس الوقت كاللحظة.
ج -ادلمكن العقلي :كىو أف العقل يقبل ثبوت الشيء أك انتفاؤه،
فيمكن ذلذا الشيء أف يكوف موجودان كديكن أف يكوف معدكمان ،مثالو
أف اجلسم يف حلظة معينة ديكن أف يكوف متحركان أك ديكن أف يكوف
ساكنان ،لكن جيب عقالن أف يتصف بواحد من احلركة كالسكوف،
00
كيستحيل أف ال يتصف هبما معان يف تلك اللحظة ككذلك يستحيل
أف يتصف هبما معان يف تلك اللحظة.
)2احلكم التجرييب :كىو احلكم على األشياء ابالعتماد على التجربة من
خالؿ تكرار احلوادث على احلواس اخلمس كىي :البصر كالسمع
كاللمس كالذكؽ كالشم .كذلك األحاسيس الداخلية كاحلب كالكره
كاجلوع كالعطش...اخل.
)3احلكم الوضعي :كىي األحكاـ اليت تضعها جهة من اجلهات كىي
أقساـ:
أ -حكم وضعي إذلي :كىي األحكاـ الدينية كاليت تكوف خارجة عن
إرادة البشر ،كىذه نقبلها إذا أثبتنا أف الدين صحيح كأف ادلنهج
العلمي حيكم بذلك.
ب -حكم وضعي بشري :كىي القوانُت كالعادات كالتقاليد اليت يضعها
البشر لتنظيم حياهتم.
02
إف العاقل حُت يتفكر يف ىذا الكوف الذم حييط بو كيشاىده كيتعامل
معو فإنو البد أف يتساءؿ عن سر نشأة الكوف ككجوده فيقوؿ :ىذا الكوف
كالعال الذم نعيش فيو لو حالتاف:
)1إما أف يكوف العاىلي قدمياً غري خملوق :أم ليس لوجود ىذا العال بداية
كأكؿ ،فهو موجود منذ األزؿ فال يقبل التغَت كال العدـ.
)2كإما أف يكوف العاىلي خملوقاً وحادثً( : )1أم لوجود ىذا العال بداية
كأكؿ ،فكاف معدكمان مث صار موجودان ،فهو يقبل التغَت كالعدـ.
) 1ىنا مصطلحات ستتكرر معنا يف الرسالة كىي :القدًن كاحلادث ،كفيما يلي بياف
ىذه ادلصطلحات:
ابتداء؛ ف القدًن يف اللغة ىو :صفة
ه - 1القدمي :كىو ادلوجود الذم ليس لوجوده
تدل على الثبوت من ق يد ىـ (ادلعجم :اللغة العربية ادلعاصر) ،فالقدًن ىو
مشبمهة ّ
الشيء الثابت بذاتو الذم ل يكن قبلو عدـ بل كاف موجودان أصالة ،فهو ال
يقبل التغَت كالتحوؿ.
- 2احلادث :كىو الشيء الذم كاف معدكمان مث صار موجودان ،كاحلادث يف اللغة:
كث ابلضم كوف الشيء بعد أف ل يكن وحي ُدث (ادلعجم الوسيط) ،كاحلي يد ي
ما جي ّد ْ
(سلتار الصحاح).
03
لكن إذا نظران يف العال صلد حصوؿ تغَتات يف أحوالو فهي غَت اثبتة بل
متقلبة كمتحولة ،فتكوف معدكمة مث تصَت موجودة مث تعود معدكمة كىكذا،
فالعال يتكوف من أجراـ تتعاقب عليها أعراض كأحواؿ ،فتتغَت من حاؿ إىل
حاؿ ،كتعاقب الليل كا لنهار ،كتقلبات الفصوؿ األربعة ،فنعلم من تفكران يف
ذلك أف العال سللوؽ حادث بسبب ىذه ادلتغَتات ادلستجدة فيو ،اليت كانت
معدكمة مث تصَت موجودة ،أك تكوف قد انعدمت بعد أف كانت موجودة،
يدؿ على أف الكوف لو بداية ،كيستحيل أف
كىذا ينايف الثبات كالقدـ ،شلا ٌ
يكوف ىذا العال قدديان ليس لو بداية؛ قاؿ تعاىل :ﭽﭬﭭﭮﭯﭰ
إذف ىذا العال الذم نعيش فيو ككل ما فيو سللوؽ كلو بداية ،فقد كاف
معدكمان مث صار موجودان.
04
فإذا تقرر عند العاقل حدكث ىذا العال الذم نعيشو ،كأنو سللوؽ إذ كاف
معدكمان مث صار موجودان ،فإن و سيتساءؿ عن مصدر كجود الكوف كحدكثو
فيقوؿ :إف لوجود العال كحدكثو حالتُت:
لكن يستحيل حدكث العال من غَت سبب يوجده ،إذ أف كل أثر البد لو
من مؤثر ،كلكل فعل فاعل ،كقد ثبت أف العال مفعوؿ إذف فالبد أف لو
فاعالن فعلو كأكجده ،كيستحيل أف يكوف يكجد صدفة.
أك ديكن أف نقوؿ :إف العال مصنوع ،كلكل صنعة فالبد ذلا من صانع،
فيتبُت من ذلك كلو أنو جيب أف يكوف للعال سبب أكجده كخالق خلقو
كيزل ًدث أحدثو ،فلكل حادث زلدث ،قاؿ تعاىل :ﭽﭪﭫﭬﭭﭮﭼ
الطور.٥٣ :
05
فإذا ثبت أف ىناؾ سبب للعال أكجده بعد العدـ ،فإف ىذا السبب
سيكوف كاحدان من أمرين مها:
)1إما أف يكوف السبب من نفس العال كمن ذاتو؛ فيكوف العال قد أكجد
نفسو بنفسو.
)2كإما أف يكوف ىذا السبب خارجان عن العال.
كيستحيل أف يكوف السبب ادلوجد للعال ىو نفس العال ،فقد تقرر أف
العال كاف معدكمان مث يكجد ،فكيف يوجد نفسو كىو معدكـ؟ إذف الجتمع
الضداف؛ الوجود كالعدـ معان يف تلك اللحظة كىذا مستحيل يرفضو العقل،
كمن يقوؿ جبواز ذلك فهو سلتل أك فاقد للعقل ،فينتج أنو البد أن يكون
السبب يف إجياد العال خارجاً عنو ومغايراً لو كامسو هللا هلالج لج ،قاؿ تعاىل :ﭽ
06
كبعد أف ثبت أف الكوف ل خيلق نفسو بنفسو ،كأف السبب يف كجود العال
خارج عنو كليس من ذاتو ،فالعاقل سيتساءؿ عن حاؿ ىذا السبب فيقوؿ:
إف السبب الذم أكجد العال كخلقو من العدـ لو حالتاف ىي:
كديكن أف نقوؿ :إف كاف ادلوجد حاداثن لقلنا من أكجده؟ ككذلك نقوؿ يف
موجده كالذم قبلو بال تناهو يف سلسلة من جانب األزؿ ،كىذا التسلسل
مستحيل ،كىذا مثالو أف نقوؿ:
فتقرر أف هللا تعاىل ادلوجد للعاىل البد أف يكوف شلن ديتلك الوجود الذايت
حىت يستطيع أف دي ٌد غَته ابلوجود ،كىو كذلك ال يقبل العدـ مطلقان؛ فال
يكوف مسبوقان ابلعدـ كال أيتيو العدـ بعد ذلك فيفٌت كينتهي ،إذف فاهلل تعاىل
قدمي بال ابتداء كما أنو ابق بال انتهاء قاؿ تعاىل :ﭽﯴﯵﯶ
08
مث بعد ذلك فإف اإلنساف العاقل سيتساءؿ عن حقيقة ذلك ادلوجد للعال
فيقوؿ إف ىنالك احتمالُت خلالق العال حىت نتعرؼ عليو فهو:
فلو قلنا :إف ىناؾ شيئان مشًتكان بُت اخلالق كالعال ،فإف ىذا سيؤدم إىل
أف حيكم العقل يأف ىذا اخلالق سيكوف سللوقان من جهة ذلك الشيء
ادلشًتؾ؛ ألف ذلك الشيء ادلشًتؾ سيكوف سللوقان مثل العال كابلتايل
حدث تغَتان يف ذات اخلالق ،كسبق أف قلنا إف التغَت عالمة خاصة تدؿ سي ً
ي
على احلدكث كىو يتناىف مع القدًن ،كثبت ابلدليل أف اخلالق للعال قدًن ال
يقبل التغَت ،كالتساكم بُت اخلالق كادلخلوؽ غَت معقوؿ ،فالعال سللوؽ بكل
شيء فيو؛ ألنو يقبل التغَت كما سبق بيانو ،كأما اخلالق فهو قدًن اثبت ال
يقبل التغَت كاحلدكث كما استنتجناه ،فلو قبل التغَت كاحلدكث يف كجو كاحد
حلصل لو التغَت من ذلك الوجو ،كىذا متناقض مع مفهوـ القدًن ،فكأنك
09
تقوؿ :إف اخلالق قدًن ال يقبل التغَت كيقبل التغَت يف نفس الوقت كىذا
تناقض كىو مستحيل ،إذف فوجود شيء يشًتؾ فيو اخلالق مع العال مستحيل
يف العقل.
فنعرؼ شلا توصلنا إليو سابقان أف من صفات ادلوجد للعاىل أيضان أف يكوف
مغايراً للعال من كل الوجوه ،كإال لطرأ عليو احلدكث من ذلك الوجو فيكوف
حاداثن سللوقان كىذا مستحيل.
فنستنتج أف هللا تعاىل خالق الكون خمالف للعال ولكل احلوادث يف كل
الشورل،ُُ : شيء؛ قاؿ تعاىل :ﭽﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭼ
ككذلك فقد ثبت أيضان أف هللا تعاىل ادلوجد للعال جيب أف يكوف مستغنياً
بذاتو عن غريه ،قائماً بنفسو؛ فهو غَت زلتاج إىل موجد يوجده ألنو قدًن
ابؽ ،كال حيتاج دلخصص خيصصو ببعض الصفات أك األحواؿ دكف غَتىا،
تعاىل :ﭽﯼﯽﯾﯿﰀﭼ العنكبوت.٧ : قاؿ
21
إف العاقل عندما ينظر إىل الكوف الذم ثبت أنو حدث بفعل فاعل،
سيعلم أف ىذا هللا تعاىل ادلوجد للعال جيب عقالن أف يكوف لو قدرة على
اإلجياد ،ألف الفاعل ال يكوف فاعالن حىت يقدر على إصدار الفعل الذم ىو
الزمر ،٧٦ :فهو اإلجياد كاخللٍق ،قاؿ تعاىل :ﭽﮏﮐﮑﮒﭼ
متصف بصفة القدرة العظيمة.
كأيضان فإف هللا تعاىل اخلالق للكوف متصف ابإلرادة ادلطلقة ،إذ أنو
معركؼ عند أصحاب العقوؿ أف للعال احتماالت كثَتة ،كأشكاؿ متنوعة،
فيستطيع أم شخص أف يضع فرضيات كثَتة ذليئة الكوف ،كيستطيع أف
يتخيل الكوف على أم صورة ينسجها خيالو ،فوجود العال على القوانُت اليت
دؿ ذلك على أف موجد
نعيشها رغم أنو ديكن أف يكوف على قوانُت أخرل؛ ٌ
الكوف الذم ىو هللا هلالج لج متصف إبرادة اختارت للكوف أف يكوف على ما ىو
عليو اآلف ،قاؿ تعاىل :ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ
كالعال دبا فيو من سللوقات ،حيتكم لقوانُت تسَته ،كنظاـ دقيق حيكمو،
فدؿ ذلك على أف هللا تعاىل كأسرار ً
كح ىكم توصل اإلنساف للعلوـ كادلعارؼٌ ،
20
ادلوجد للعال البد كأنو متصف ابلعلم واحلكمة وحسن التدبري ،قاؿ تعاىل:
ﭽﯼﯽﯾﯿ ﭼ البقرة.٦٢ :
إذف نستنتج أف هللا تعاىل متصف ابلقدرة العظيمة الشاملة لكل مقدكر،
كمتصف ابإلرادة ادلطلقة اليت ال حيدىا شيء ،كمتصف ابلعلم الشامل لكل
صغَت ككبَت.
22
كزلتكم لنظاـ دقيق ،كأنو زلتاج إىل
ه متكامل يف أجزائو
ه كدلا رأينا أف العال
يكملو ،علمنا أف موجده البد أن يكون كامالً ،إذ أف فاقد الشيء ال من ً
ٌ
يعطيو ،فهو متصف بكل كمال حمض ،منزه عن كل نقص حمض ،قاؿ
تعاىل :ﭽﭖﭗﭘﭙﭼ الفاحتة. ٦ :
كمن الكماؿ أف تكوف ذات ً
ادلوجد ذلذا العال متصفاً ابلكالم والبصر
والسمع ،فال يعقل أف يكوف األعمى كاألصم كاألخرس كاألبكم خالقان ذلذا
الكوف بسبب ما يعًتيو من النقص كالعجز كالضعف ،فاألعمى كاألصم
كاألبكم كاألخرس زلتاجوف دلن يقودىم كيقضي حوائجهم ،كخالق الكوف
يستحيل عليو العجز كالضعف كاالحتياج لغَته كما سبق أف استنتجناه من
ص ُ َّ َّ َ ُ َ َّ ُ ۡ
يرﵞ يع ٱلبَ ِتفكران يف الكوف كأحوالو ،كال حػالى :ﵟإِن ٱَّلل ْٔ ٱلصٍِ
ٔس َٰى حَصۡط ِ ٗٔ
يٍاﵞ ﵝالنًساء :ﵔﵖﵑﵜ. ﵝغافًر :ﵐﵒﵜ ،كقاؿ ﵟ َوشَطَّ ًَ َّ ُ
ٱَّلل ُم َ
ٌى ى
إذف فإف هللا تعاىل الذم خلقنا كخلق العاىل كلو متصف ابلسمع والبصر
التامُت الكاملُت ،فهو يسمع كيرل كل شيء بسمع كبصر سلتلفاف
خبصائصها كحقائقها عن سللوقاتو ،كىو متصف ابلكالم فتكلم كأيمر كينهى
كخيرب كييسائل بكالمو القدًن الذم ال يشبو كالـ أحد من سللوقاتو.
23
كىنا كقفة للعاقل الذم توصل إىل أف خالق العال متصف ابلقدرة كاإلرادة
كالعلم كالكالـ كالسمع كالبصر فيقوؿ :ىذا ادلوجد للعال سيكوف:
كلكن ثبت شلا سبق من التفكر أف موجد العال أف يكوف متصفان ابلعلم
كاإلرادة كالقدرة كالكالـ كالسمع كالبصر كغَت ذلك من صفات الكماؿ،
فدؿ االتصاؼ هبذه الصفات أف موجد العال ذات متصف ابحلياة،
ٌ
كيستحيل أف يكوف مجادان ميتان ألف ادليت عاجز ال يتصف بصفات سبكنو من
إصدار األفعاؿ ،فخالق الكوف حي متصف بصفات األلوىية ،قاؿ تعاىل:
ﭽﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ ﭱ
إذف فاهلل تعاىل متصف ابحلياة الكاملة اليت ال يشوهبا نقص ،فهو ال يناـ
كال يغفل كال يسهو كال ديوت.
24
تبُت لنا من نظران كتفكران يف ىذا الكوف أف موجده متصف ابلوجود ٌ
الذم ل يسبقو العدـ كال يلحقو العدـ ،بل ال يقبل العدـ مطلقان ،فهو القدمي
بال بداية والباقي بال هناية ،كىو الغين عن غَته ،كىو مغاير للعال كلو من
كل الوجوه ،كىو ادلتصف ابحلياة والعلم واإلرادة والقدرة والكالم والسمع
والبصر ،كمن كاف كذلك فالبد وأنو ذات متصف بصفات الكمال ،إذ لو
ل يكن ذااتن لكاف صفةن ،كزلاؿ أف تتصف الصفة بصفات ادلعاين من ضلو
العلم كالقدرة كاإلرادة كاحلياة كالكالـ كالسمع كالبصر كغَت ذلك من صفات
الكماؿ ،فثبت أنو قائم بنفسو مستغن عن احملل ،قاؿ تعاىل :ﭽﭓﭔﭕ
25
كىنا سيقوؿ العاقل :إف الذم خلق الكوف كأكجده ،وىو متصف بكل
كمال ومنزه عن كل نقص فالبد كأنو الرب احلق كاإللو احلق ،كىذا اإللو
ادلتصف هبذا الكماؿ البد أف يكوف أحد أمرين:
كيستحيل أف يكوف ذلذا اإللو شريك ،ألف من كانت ىذه أكصافو من
الكماالت فقد اعتز كاستب ٌد ،كلتنازع اآلذلة الشركاء على التفرد ابلتصرؼ يف
ىذا الكوف ،كظهر أثر ىذا التنازع يف العال ابضطراابت ربدث فيو،
ﭽﯟﯠﯡﯢ كتناقضات تفسد أحوالو كىذا غَت حاصل ،كقاؿ تعاىل
ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑﮒﮓ
ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ
26
الكون يف ذاتو وصفاتو وأفعالو ،فهو كاحد أحد متفرد ابلكوف ملكان
ﭽﰊﰋﰌﰍﰎﰏ ﭼ دمحم.٩٢ : كتصرفان ،قاؿ تعاىل:
كدلا ثبت عندان أف هللا تعاىل واحد أحد ثبت أنو من ادلستحيل أف يكوف
لو زكجة أك صاحبة ،كيستحيل أف يكوف لو كالد أك لو كلد ،كيستحيل أف
يكوف لو كزير أك شريك ،كما يستحيل أف يكوف ألحد من خلقو خصيصة
من خصائص األلوىية كالربوبية ،فليس ىناؾ أحد من ادلخلوقات أثر يف إجياد
شيء من العدـ ،كال حىت يستطيعوف خلق أفعاذلم ،كلكنهم يكتسبوهنا كهللا
تعاىل خيلقها ذلم كما يريدكف ،كسيحاسبهم على ما أرادكه كفعلوه.
27
كهبذا النظر كالتفكر عرفنا ربنا هللا هلالج لج الذم خلقنا كأكجدان كأكجد
ادلخلوقات من حولنا ،فهو الرب ادلوصوف بكل كمال حمض ،ومنزه عن
كل نقص حمض ،كمن صفات كمالو:
بعض من صفات هللا تعاىل اليت عرفناه هبا ،وهللا هلالج لج متصف بكل
ىذه ه
صفات الكمال احملضة اليت ال حصر ذلا وال ح ّد وال ع ّد ،ومنزه عن كل
نقص حمض ،ألف الكوف متكامل يف مجيع أجزائو كأحوالو فيدؿ على كماؿ
28
خالقو كصانعو ،قاؿ تعاىل :ﭽﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯸﯹﯺ
ﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ
فادع اي أخي بدعاء رسوؿ هللا ﷺ" :اللهم أعوذ برضاك من سخطك،
ومبعافاتك من عقوبتك ،وأعوذ بك منك ال أحصي ثناء عليك أنت كما
أثنيت على نفسك"( .)1
كبعد ىذه اجلوالت فإنك تكوف قد عرفت معٌت ما يقولو ادلسلموف يف
تشهدىم :أشهد أن ال إلو إال هللا ،كأان أدعوؾ ألف تشهد هبا كتبٍت حياتك
عليها.
) 1جزء من حديث ركاه اإلماـ مسلم يف صحيحو عن أـ ادلؤمنُت عائشة بنت أيب بكر
الصديق رضي هللا عنهما برقم ،486 :ككذا ركاه أبو داكد ( ،) 879كالًتمذم
( ،)3566 ،3493كالنسائي ( ،) 169كابن ماجو ( ،) 3841كأمحد
( ،)25655كابن حباف (.)1932
29
كىاؾ سلططان دبا سبق من االستدالؿ على عقائد اإلسالـ يف هللا تعاىل:
العاَل إما:
حادث قدمي
31
كبعد التوصل إىل أف ىناؾ خالقان للكوف كمالكان لو ،كضلن كجزء من العال
شللوكوف هلل تعاىل الذم خلقنا كدبر أموران ،سيتساءؿ العاقل ادلؤمن بربو كيف
نعرؼ ما يريده هللا تعاىل منا؟ كما الذم يرضيو فنعملو؟ كما الشيء الذم ال
يرضيو فنتجنبو؟
كاجلواب ىو أف السبيل إىل معرفة أكامر هللا تعاىل كنواىيو ىو أف خيربان هللا
تعاىل عن ذلك كىذا يكوف من خالؿ أحد أمرين:
)1إما أف خيربان هللا تعاىل مباشرة فيخرب كل كاحد فينا دبا يريده كما ال
يريده.
)2أك خيرب هللا تعاىل أشخاصان معينُت ليخربكان ،فيكونوف كاسطة بينو
كبينا.
أما االحتماؿ األكؿ فباطل ألننا من مشاىداتنا ال جيد الواحد فينا أف هللا
يكلمو كخيربه دبا يريد ،فيبقى االحتماؿ الثاين أف ىناؾ أشخاص معينُت
كسلتارين ،حبيث يكونوف مؤىلُت للتلقي عن هللا تعاىل ،كىؤالء ىم األنبياء
كالرسل عليهم الصالة كالسالـ ،كاذلدؼ من إرساذلم حىت ال يكوف للناس
َّ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ ۡ َ َ َ ٓ َ ۡ َ ۡ َ ٓ
على هللا حجة يوـ القيامة ،كال حػالى :ﵟإِنا أوخيِا إِليم نٍا أوخيِا
َ َ ۡ َ ۡ َ ٓ َ َٰٓ ۡ َ َٰ َ َ ۡ َ َٰ َ ۡ َ ُ
ٱلنبِيِّـۧ ََ ٌ ِ َۢ َبػ ِد ٌۚه ِۦ وأوخيِا إِلى إِةرْ ِيً وِإشمػِيو
ٔح َو َّ
إِل َٰى ُ ٖ
30
َ َ
ٔب َوئُن َس َوهَٰ ُرون
ُ ِيص َٰى َو َأي ُّ َ
اط َوغ َ َۡ
ٔب َوٱلأ ۡشتَ ِ حَٰ َق َويَ ۡػ ُل َ ِإش َ َو ۡ
ََ َ ٗٔ َ ۡ َ ۡ َو ُشيَيۡ َم َٰ ََ َو َءاحَيَِۡا َد ُاوۥدَ َزبُ ٗٔ
ٔرا َ ١٦٣و ُر ُشلا كد ك َصص َنَٰ ُٓ ًۡ غييۡم ٌَِ ٌۚ
ٗٔ ٔس َٰى حَصۡط ِ ٗٔٱَّلل ُم َ م َوشَطَّ ًَ َّ ُ َ ۡ ُ َ ُ ُ ٗٔ َّ ۡ َ ۡ ُ ۡ ُ ۡ َ َ ۡ َ
يٍا ُّ ١٦٤ر ُشلا قتو ورشلا ىً نلصصًٓ غيي ٌۚ
جُۢة َب ۡػ َد ُّ ُ َ َ َّ
ٱَّلل ِ ُخ َّ ُ َ َ َّ ٌُّبَ ّ َ َ ُ
ٱلرش ِو ِۚ اس عؼؽ يَ ل َِئلا يَلٔن ل ِيَِّ ِ ش ِريَ وٌِ ِذر ِ ِ
َّ ُ َ ۡ َ ُ َ ٓ َ َ َ َ ۡ َ َّ يزا َخه ٗٔ ٱَّلل َغز ً ضن َّ ُ ََ َ
ل َِ ٱَّلل يشٓد ةٍِا أُزل إِليم ِيٍا ١٦٥ل َٰ ِ ِ وش
ً َ ۡ َ َ َٰٓ َ ُ َ ۡ َ ُ َ َ َ َ َٰ َّ َ ۡ ُ َ ََ
ٓيدا ١٦٦ﵞ ﵝالٌن ىساء:
ً
ون وكفى ةِٱَّلل ِ ش ِ أُززرۥ ةِػِيٍِّ ِۦ وٱلٍلئِهث يشٓد ٌۚ
ﵓﵖﵑ -ﵖﵖﵑﵜ.
ُ َّ يرا َوُ َ ِذ ٗٔ كال حػالى :ﵟإ َّنا ٓ أَ ۡر َشيۡ َ َٰ َ ۡ ّ َ
ير ٌۚا َوِإن ٌّ َِۡ أ ٌَّ ٍث إِلا ش ٗٔ
نم ةِٱلح َ ِق ب ِ ِ
َ َ َ َ
ِيٓا ُ ِذير٢٤ ٞﵞ ﵝف ًاطر :ﵔﵒﵜ.
ى خلا ف
32
إذا ج اءان شخص ما أك جهة ما كادعى أنو مرسل من عند هللا تعاىل
فيكوف لو عند العاقل احتماالف:
كلكن فمن ادلتفق عليو عند مجيع العقالء أف من يدعي شيئان فعليو أف
أييت ابلدليل ،كدلا كاف ادعاء النبوة أمران عظيمان ،كأهنا مبعوثة من جهة أعظم
من الكوف كلو كىو هللا تعاىل ،كاف ال بد من امتالؾ ىؤالء األنبياء أدلة
عظيمة تثبت أهنم مبعوثوف من عند خلق الكوف كادلتحكم فيو ،فإف كانوا
صادقُت يف دعواىم النبوة من عند هللا تعاىل الذم توصلنا ابلدليل أنو ىو
خالق الكوف كمتحكم فيو ،كىو كحده ادلتصرؼ كادلدبر ألمور العال ،فإنو
تعاىل يعطيهم اإلذف فيما يطلبونو منو ليصدقهم أماـ الناس يف دعواىم ،فيأذف
ذلم أف يتصرفوا يف الكوف مىت أرادكا ذلك ،كخيرؽ ذلم قوانُت الكوف ألجلهم
عند ربدم الناس ذلم كىذا ىو ما يسمى ابدلعجزات.
33
مثاؿ ذلك :كملك يرسل رسوالن لو لقرية من القرل ،فيطلب أىل القرية
من من ذلك الرسوؿ ما يثبت صدقو يف أنو مبعوث ذلك ادللك ،فيخرج
مرسومان ملكيان خاصان ابدللك ال يوجد عند غَته كيريو للناس ،كيطلب من
جنود ادللك أمران فينفذكنو لو ،كىؤالء اجلنود ال يستجيبوف إال للملك كنوابو،
كيف إخراج ادلرسوـ كتنفيذ اجلنود سلالفة لنظاـ الدكلة اليت حيكمها ادللك حيث
ال تفعل ألحد غَته أك دلن أيذف لو.
34
كىنا يتساءؿ احلريص على اذلداية كاالستقامة عن كجود رسوؿ هلل تعاىل
يف عصره أك بالغ منو ،كمعلوـ أنو ل يدع أحد النبوة يف عصران شلن يوثق بو
لعدـ اإلتياف دبعجزة تصدؽ دعواه كال تتوافر صفات األنبياء فيو كىي:
فبقي أف يكوف ىناؾ بالغ عن آخر نيب أرسلو هللا تعاىل ،كآخر نيب
مرسل إلينا فيما أخربان بو علم التاريخ بشكل يقيٍت ىو نيب اإلسالـ كامسو دمحم
بن عبد هللا بن عبد ادلطلب بن ىاشم بن عبد مناؼ بن قصي بن كالب بن
مرة بن كعب بن لؤم بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن
خزدية بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدانف ،كعدانف من
كلد إمساعيل بن إبراىيم عليهما السالـ.
35
يبدأ العاقل ابلبحث العلمي عن صدؽ القرآف الكرًن كعن كونو معجزة
كأنو كالـ هللا حقان كل يدخلو ربريف كال تالعب.
كالدليل على عدـ ربريفو أف أقدـ سلطوطة للقرآف توافق أحدث نسخة لو
َّ َ ۡ
يف عصران ،كادلخطوطات زلفوظة يف ادلتاحف العامة كال حػالى :ﵟإُِا نح َُ
َ َّ ۡ َ ّ ۡ َ َ َّ َ ُ َ َ َٰ ُ َ
ُزلنا ٱزذِنر وِإُا زرۥ ىحفِظٔن ﵞ ﵝاحلجر :ﵙﵜ ،كمن حفظو أف الذين
ۡ ً
حيفظونو كيدرسوهنا كيتناقلونو بينهم من يوـ أينزؿ إىل يومنا ىذا بلغوا حدان كبَتان
يصعب على اإلنساف إحصاؤه ،كىذا ما يسميو علماء اإلسالـ ابخلرب ادلتواتر
الذم يفيد أف اخلرب ادلنقوؿ إلينا يقينان كاثبتان صدقو.
كالدليل على أف القرآف معجزة أنو ل يستطع أحد خالؿ 1443سنة أف
يتحدكا القرآف إبجياد خطأ أك اإلتياف دبثل سورة كاحدة فيو ،يف نسقو كبالغتو
ب َۡ ُ ُۡ َ
كأساليبو كتراكيبو كأحكامو كمعلوماتو كال حػالى :ﵟوِإن نِخً فِى ري ٖ
َ ۡ ُ ْ ُ َ ََٓ ُ ّ َّ َ َّ ۡ َ َ َ َٰ َ ۡ َ َ ۡ ُ ْ ُ َ ّ ّ ۡ
مٍِا ُزلنا عؼؽ عت ِدُا فأحٔا بِصٔرة ٖ ٌ َِ ٌ ِثسِر ِۦ وٱدغٔا شٓداءكً
ُ ُۡ َ
صَٰدق َ َّ ّ ُ
ِين ﵞ ﵝالبػ ىقرةً :ﵓﵒﵜ ،كىذا رغم أف القرآف أينزؿ
ىى ِ ون ٱَّلل ِ إِن نِخً
ٌَِ د ِ
على سيدان دمحم ﷺ كىو أمي ال يعرؼ القراءة كال الكتابة كال يعرؼ الشعر
كحبوره كموازينو ،كالعرب يف زمن نزكؿ القرآف كانوا على درجة عالية من
الفصاحة كالبياف كالبالغة ،كل يتجرأ أحد من العرب أف يتحدكا القرآف،
36
كمنهم الذين يعادكف سيدان دمحم ﷺ كالقرآف الذم أينزؿ عليو أشد العداكة ،بل
استسهلوا احلركب كمحل السالح يف مواجهتو على أف يتحدكه يف بالغتو.
كالدليل على أف القرآف كالـ هللا تعاىل أف القرآف تكلم عن أسرار كونية
كثَتة ل يستطع البشر معرفتها إىل كقتنا احلاضر ،كعلم األجنة كطريقة نشأهتا،
كعدـ اختالط مياه البحار عند التقائها ،كرسوخ اجلباؿ كغَت ذلك شلا ديكنك
أف تتعرؼ عليو من كتب اإلعجازات العلمية يف القرآف ،كىذا يدؿ على أف
صاحب القرآف الكرًن ىو نفسو الذم خلق الكوف.
َ َ َ ٓ َ ُ َ ُ ۡ َ َ َ
ص ِٓ ًۡ َخ َّت َٰى يَتتَي َّ َن كال حػالى :ﵟشن ِري ًِٓ ءايَٰخِِا فِى ٱٓأۡلف ِ
اق وفِى أ ِ
ُف
ٌ َ ّ َ َ َّ ُ َ َ َٰ ُ ّ َ ۡ َ َ ُ ۡ َ َّ ُ ۡ َ ُّ َ َ َ ۡ َ ۡ
لًٓ أُّ ٱلحق ُّۗ أولً يل ِف ةِربِم أُّۥ عؼؽ ش ِظ شىءٖ ش ِٓيد ٥٣ﵞ
ً
صىلت :ﵓﵕﵜ
ﵝفي ٌ
37
إذا تبُت أف القرآف الكرًن ىو كالـ خالقنا تعاىل فيجب أف نتبعو يف كل
شيء كرد فيو ،كنؤمن بكل ما خيربان بو ،كمن العقائد اليت أخربان هبا:
38
)6كاإلدياف ابلربزخ كعذاب القرب كاب ليوـ اآلخر كمجيع أىوالو كأحداثو من
البعث كالنشور كاحلشر.
)7اإلدي اف يأف اإلنساف سيحاسب على مجيع معتقداتو كأعمالو كأقوالو.
)8اإلدياف يأف ادلؤمن ابهلل كرسولو يدخل اجلنة خالدان فيها ،كالكافر هبما
يدخل النار خالدان فيها.
)9كأخربان عن أركاف اإلسالـ اخلمسة كما ينبٍت عليها من شرائع الدين
اإلسالمي ،كأمران ابلتزامها كاجتناب ادلنهيات يف الدين ،كأركاف
اإلسالـ ىي:
أ) الشهاداتف :أشهد أف ال إلو إال هللا كأشهد أف دمحمان رسوؿ
هللا.
ب) كإقامة الصلوات اخلمس كاجلمعة.
ج) كإيتاء الزكاة عما ديتلك ادلسلم.
د) كصوـ شهر رمضاف من طلوع الفجر إىل غركب الشمس.
ق) كأداء احلج كالعمرة مرة كاحدة يف العمر.
39
فهذا ما جيب على كل إنساف اعتقاده يف حق هللا تعاىل كرسولو دمحم ﷺ،
كىذا ما أدين بو رب العادلُت ،فيما أعتقده جبنابو العظيم ،كأبرأ من كل ما
خيالفو ،كأدعو الناس إليو كأعلمو إايىم.
كىذا ما جيب على دعاة اإلسالـ تعليمو لعواـ ادلسلمُت كأبنائهم يف ىذا
الزماف ،مع الزايدة من التوضيح كالبياف على حسب احلاؿ كاألشخاص دبا
يالئمهم ،كيرسخ االعتقاد الصحيح يف نفوسهم ،كل على ًكفق حالو
كحاجتو ،كال تشًتط العبارة كال ادلبٌت ماداـ قد يكجد ادلقصود كادلعٌت.
اللهم اي سامعنا كمبصران كعادلان بنا أيشهدؾ على ىذا الكالـ ،فاجعلو لك
خالصان ،كعندؾ متقبالن ،كاعف عٍت كاحفظ قليب كأحبايب من الزيغ كالضالؿ،
اي مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك برمحتك اي أرحم الرامحُت.
كصلى هللا كسلم كابرؾ على سيدان دمحم كعلى آلو كصحبو أمجعُت.
ﭽﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ
ﰅﰆﰇﰈﰉﭼ الصافات
41
جيب على من تعلم ىذه العقائد كأراد دخوؿ دين اإلسالـ أف يقوؿ:
{أشهد أن ال إلو إال هللا وأشهد أن دمحماً رسول هللا} .كجيب أف يتعلم
أحكاـ الدين اإلسالمي ليعمل ابلفرائض كعلى رأسها أداء الصلوات اخلمسة
كصالة اجلمعة ،كجيتنب احملرمات مثل الزان كالراب كاخلمر كالسرقة كالكرب
كالغركر كغَتىا من الشركر ،كجيب أف يتحلى األخالؽ احلسنة كاآلداب،
كجيتنب األخالؽ السيئة كالرذيلة .كأدعوؾ اي أخي بعد أف قرأت رساليت أف
ربرص على االستزادة من العلم كالبحث يف عقائد اإلسالـ فاقرأ بعد رساليت
ىذه الكتب على الًتتيب كما يلي:
)1أصول العقائد للشيخ عبد هللا العرواين.
)2كربى اليقينيات للشيخ دمحم سعيد البوطي.
)3ادلختصر ادلفيد بشرح جوىرة التوحيد للشيخ نوح القضاة.
)4سلسلة األصول الثالث (هللا هلالج لج ،الرسول ،اإلسالم) للشيخ سعيد حوى.
)5واستمتع برواية قصة اإلميان للشيخ ندمي جسر أثناء قراءتك ىذه الكتب
الثالث.
ىذا ما كتبو العبد الفقَت إىل مواله تعاىل ،راجيان منو العفو كالقبوؿ :أبو بكر؛ سامر بن رايض بن مصطفى بن
حسن بن جابر دلبح ،يف الزرقاء -األردف يوـ الثالاثء عصران1428/12/16 :ق – 2007/12/25ـ ،كمت
االنتهاء من ذبديد النظر فيو يف الزرقاء -األردف يوـ األربعاء1443/5/10 :ق –2021/12/15ـ.
40
42
التمهيد في بيان
شهادة التوحيد
43
44
بسم هللا الرحمه الرحيم
التمهيد في بيان شهادة التوحيد
احلمد هلل رب العادلُت ،كالصالة كالسالـ على سيدان دمحم كآلو كصحبو
أمجعُت كبعد:
فهذه كلمات سلتصرات يف علم التوحيد؛ دبا جيب على كافة الناس
معرفتو من عقائد اإلسالـ على طريقة أىل السنة كاجلماعة ،كتبتها سلتصرة
من عقيدة اإلمامُت اجلليلُت أيب حامد الغزايل كعبد هللا احلداد رضي هللا
عنهما فأقوؿ كابهلل التوفيق:
جيب شرعان على كل مكلف أف يشهد أف ال إلو إال هللا كيشهد أف دمحمان
رسوؿ هللا ،كيعتقد ما تتضمنهما من ادلعاين اعتقادان جازمان كعلمان يقينيان،
كيعمل دبا تقتضيهما من األعماؿ كاألقواؿ ،كحيتكم إليهما يف كل الشؤكف
كاألحواؿ.
فأشهد أف ال إلو إال هللا كأعتقد كأتيقن كأعلم أف هللا تعاىل موجود بذاتو
حقيقة ،كأف كجوده ذايت غَت مستمد من غَته ،ك ﵟأ َ َّن َّ َ
ٱَّلل ُْ َٔ ٱلۡحَقُّ
ين ﵞ ﵝالنُّٔر :ﵕﵒﵜ ،فهو تعاىل ال يقبل العدـ مطلقان ،إذ ىو القدًن األزيل ٱل ۡ ٍُت ُ
ِ
َّ َ
ُ ۡ ُ
خ ُر َوٱىظَٰٓ ِ ُربال ابتداء ،كالباقي األبدم بال انتهاء ،كﵟْ َٔ ٱلأ َّول َوٱٓأۡل ِ
ٱَّلل ُْ َٔ ٱىۡ َغن ُّى ٱلۡحٍَ ُ
يد ﵞ ﵝفَاطِر :ﵕﵑﵜ ،القائم بذاتو َوٱل ۡ َبا ِط َُﵞ ﵝالحَدِيد :ﵓﵜ ،ﵟ َو َّ ُ
ِ ِ
ادلستغٍت عن غَته ،ال ربويو اجلهات الست ،كال ىو يف جهة كال لو جهة ،كال
ربكمو األمكنة كال األزمنة ،كهللا خالق الزماف كادلكاف ،ﵟكُ ۡو ُْ َٔ َّ ُ
ٱَّلل
45
ُ َّ ُ ُ َ َ َ َ
ٱلص ٍَ ُد ٢ل ًۡ يَس ِۡد َول ًۡ ئُز ۡد َ ٣ول ًۡ يَلَ ز ُرۥ نف ًٔا أ َ َخ ٌد ُ َّ ١
ٱَّلل َّ
َ
أ َخ ُد ۢ ٤ﵞ ﵝ ِالإ ۡخلَاص :ﵑ -ﵔﵜ ،فهو جل شأنو سلالف خللقو كمباين ذلم بذاتو
ككصفو ،فذاتو ليست كالذكات ،كما أف صفاتو ليست كالصفات ،ال يشبو
َۡ
شيئان كال يشبهو شيء ،ككل ما خطر يف ابلك فاهلل خبالؼ ذلك ،ﵟىي َس
يع ٱل ۡ َب ِص ُ
ير ﵞ ﵝ ُّالش َٔرى :ﵑﵑﵜ كال ىو مثل شيء، َنٍِثۡسِر ِۦ َش ۡىء َ ٞو ُْ َٔ َّ
ٱلصٍِ ُ
نؤمن دبا أخرب بو عن نفسو على الوجو الذم قالو ،كابدلعٌت الذم أراده من
غَت تشبيو كال ذبسيم كال تعطيل.
كهللا كاحد يف ذاتو ،كاحد يف صفاتو ،كاحد يف أفعالو كتصرفاتو ،ك
ُ َ َّ ُ َ
ٱَّلل أ َخ ٌد ﵞ ﵝالإ ۡخلَاص :ﵑ ﵜ من كل كجو ال من طريق العدد ،ال شريك لو
ِ ﵟْٔ
كال كزير كال لو زكجة كال كلد ،كال يتصرؼ يف ملكو أحد إال إبذنو ،كىو منزه
عن التجزئة كاالنقساـ كمنزه عن األعضاء كاألبعاض ،فال يعلم هللا إال هللا
كحده.
َُّ ٞ َ ُّ َ ُ ُّ َ َّ ُ َ
ٱَّلل خَٰي ِ ُق ش ِظ ش ۡىءٖٖۖ َوْ َٔ عَؼ َٰؽ ش ِظ ش ۡىءٖ َوك ِيو ٦٢زرۥ وﵟ
َۡ ٌَ َلال ُ
ِيد َّ َ َ
ت َوٱلأ ِ
ۡرضﵞ ﵝ ُّالز َمر :ﵑﵖ -ﵓﵖﵜ ،أكجد العال كلو من عدـ ٱلصمَٰن َٰ ِ
بقدرتو كقوتو ،كصور اخلالئق كنوعها على مقتضى اختياره كإرادتو ،كفق علمو
كحكمتو ،فهو تعاىل صاحب القدرة العظيمة ،كاإلرادة ادلطلقة ،كالعلم الواسع
احمليط بكل شيء ،فال خيرج عن قدرتو مقدكر ،كال خيالف إرادتو حادث ،كال
يغيب عن علمو أم دقيقة ،كىو احلي القيوـ ،فحياتو كاملة ال نقص فيها،
46
ٔم لَا حَأ ۡ ُخ ُذهُۥ ِشَِث َ ٞولَا ُ َ ۡٔمﵞٞ َّ ُ َ ٓ َ َ َّ ُ ۡ َ ۡ َ ُ
فهو ﵟٱَّلل لا إِلَّٰ إِلا ْ َٔ ٱىح ُّي ٱىليُّ ٌۚ
َ َّ ُ َ َ َ ُ
ٱَّلل خيلل ًۡ ﵝالبَ َل َرة ِ :ﵕﵕﵒﵜ ،خلق اخللق كأعماذلم كقدر أرزاقهم كآجاذلم ﵟو
ََ ََۡ ُ َ
ٍئن ﵞ ﵝ َّ
الصافَّات :ﵖﵙﵜ فنؤمن بقضائو كقدره من خَت أك شر ،فاعبده وٌا تػ
ُُ َٰ َََ َ َُ ُ
ٔت َو َشتّ ۡح بحَ ۡ َ َ َ َّ ۡ َ َ ۡ َ ّ َّ
ٔب ُ
ِ ِ ِذ ة ِۦ ّ ة ى فك و ِۦ ه د
ِ
ِ ِ ٌٍۚ ٍ ي ا ل ِي
ذ ﵟوحٔشظ عؼؽ ٱىح ِي ٱز
يرا ﵞ ﵝاىفُ ۡركَان :ﵘﵕﵜ ،فعاؿ دلا يشاء كال فاعل على احلقيقة إال ىو، غِتَادِه ِۦ َخت ً
ِ
كليس لعباده إال الكسب من غَت أتثَت إجياد كال خلق من عدـ ﵟ َو َّ ُ
ٱَّلل
ٔن ب َض ۡى ٍء إ َّن َّ ََ َۡ ُ َ ُ ۡ َ ّ َ َّ َ َ ۡ ُ َ َۡ
ٱَّلل ِ ِۗ ِ ض لي ال ِۦ ِّ ُو د َِ ٌ ٔن ضى ةِٱلح ِقٖۖ وٱزذِيَ يدغ يل ِ
ُ َ ُ َ َّ ُ ۡ
ْٔ ٱلصٍِيع ٱلب ِصير ﵞ ﵝغػف ِر :ﵐﵒﵜ ،ال يعزب عن مسعو مسموع ،كال خيفى
َ
عن بصره موجود ،يستوم عنده السر كاجلهر ،كاخلفاء كالعلن ،كال يغيب عنو
شيء ،فسبحاف من خص أىل اجلنة برؤية ذاتو العلية.
كىو هللا اآلمر الناىي ،ادلخرب عن علمو بكالمو القدًن ،مغاير لكالـ
سللوقاتو يف حقيقتو كماىيتو ،فكالمو سبحانو بال حرؼ كال صوت كال آلة
كال كاسطة كال عضو ،إذ ال حيل يف ذات موالان شيء كال ىو حيل يف شيء.
كالقرآف كالتوراة كاإلصليل كمجيع كتبو ادلنزلة على أنبيائو كالمو تعاىل
القدًن غَت سللوؽ ،كما يف ادلصاحف اليت بُت أيدينا من ضلو احلرب كالورؽ
كاحلرؼ كصوت التالُت سللوؽ ،كالقرآف كالـ هللا غَت سللوؽ ،كنؤمن جبميع
كتب هللا ادلنزلة على أنبيائو كرسلو ،كما نؤمن جبميع األنبياء كادلرسلُت
كادلالئكة ادلقربُت.
47
كنشهد كنعتقد كنعلم علم اليقُت أف سيدان دمحمان رسوؿ هللا لكافة
اخللق أمجعُت ،أرسلو هللا رمحة للعادلُت ،ال زبتص بعثتو بقوـ دكف قوـ كال
بزماف دكف زماف ،بل ىو مرسل للعرب كالعجم ،ألىل زمانو كلكافة األعصار
كاألمصار إىل يوـ التناد ،فهو مرسل لإلنس كاجلاف إرساؿ تكليف،
كلغَتمها إرساؿ تشريف ،كىو خامت النبيُت كادلرسلُت فال نيب بعده كال رسوؿ،
كىو أفضلهم مث بقية أسيادان أكيل العزـ من الرسل إبراىيم مث موسى مث عيسى
مث نوح عليهم الصالة كالسالـ .كنؤمن ابدلعجزات كاإلرىاصات لألنبياء
كابلكرامات لألكلياء كاإلعاانت لعواـ ادلؤمنُت.
كنؤمن أنو الصادؽ األمُت على ما أكحى إليو رب العادلُت من
أحكاـ ،بلغها كما أمره مواله تعاىل ،كأدل األمانة على أمت كجو ،كىو
ادلعصوـ فيما يقوؿ كيفعل ،ال خيالف حالو مقالو ،كال ظاىره ابطنو ،فال
يكوف منو عصياف لربو كما ينبغي لو أف يكوف ،صادؽ فيما حكاه من شؤكف
اخللق ماضيان كحاضران كمستقبالن ،صادؽ فيما خيرب بو عن أمارات الساعة
كخركج الدجاؿ كنزكؿ عيسى عليو السالـ كخركج أيجوج كمأجوج كالدخاف
كشركؽ الشمس من مغرهبا كظهور الدابة كخسف األرض ،ككذا شؤكف الربزخ
كعذاب القرب كنعيمو كأىواؿ يوـ القيامة من البعث كاحلشر كالنشر كتطاير
الصحف ككزف األعماؿ كالصراط كالكوثر كاجلنة كالنار.
كأفضل األمم بعد األنبياء أمة سيدان دمحم صلى هللا عليو كسلم ،كأفضلهم
أبو بكر الصديق مث عمر الفاركؽ مث عثماف األمُت مث علي ادلرتضى ،مث بقية
48
العشرة ادلبشرين ،مث أىل بدر فأىل أحد فأىل البيعة فبقية الصحابة الكراـ مث
التابعُت فتابعي التابعُت ،كآؿ البيت النبوم ذلم شرفهم ككرامتهم ،كزكجات
النيب صلى هللا عليو كسلم أمهات ادلؤمنُت طاىرات شريفات عفيفات رضي
هللا عنهن كعن مجيع صحابة رسوؿ هللا صلى هللا عليو كسلم أمجعُت ،كحشران
هللا معهم كيف زمرهتم يوـ الدين.
َ َ ُ َ َ ُ ۡ َ َ َّ َ َ ّ ۡ
ب ٱىػِ َّزة ِ ع ٍَّا ي َ ِصفٔن َ ١٨٠و َشل َٰ ًٌ عَؼؽ
ﵟشتحََٰ ربِم ر ِ
ين َ ١٨١وٱلۡحَ ٍۡ ُد ِ ََّّلل ِ َر ّ ۡ َ َ َ
ب ٱى عَٰيٍِين ١٨٢ﵞ ﵝ
ٱل ۡ ٍُ ۡر َشي َ
َّ َّ
الص اف ات :ﵐﵘﵑ -ﵒﵘﵑﵜ ِ ِ
2120 / 01 / 2م
49
الفهرس
Contents
ادلقدمة 3.............................................................................................
7..........................................
9......................................
00...........................
03...............................................
05.....................................................................
06..................................
07....................................
09..............................................
20..........................................................
23.....................................
24...................................................
25......................................................
26.........................................
28.................................................................
31...............................................................
30..........................................
33............................................
51
35.............................................
36..........................
38.............................
41......................................................................................
40............................................................................
الفهرس 51.........................................................................................
50
52