Professional Documents
Culture Documents
1أكد ألفن بالنتنجا يف مقاله (العقل واإلميان باهلل) على أن القضية اليت يدافع عن عقالنيتها ،وهي قضية االعتقاد باهلل ،تعين التأكيد ƒالوجودي لذلك
الكائن املتعايل املتصف بالقدرة املطلقة واخلريية املطلقة والعلم املطلق والذي يقوم كل شيء به .والذي دفعه إىل ذلك التأكيد ƒأن تلك العبارة (اإلميان باهلل
)Belief in Godقد تأخذ يف التقليد ƒالغريب ال على أهنا تدل على كائن موجود يف الواقع هو اهلل ،ولكن قد يراد منها جمرد االعرتاف مبحدودية
اإلنسان ونقصانه وفنائه ،أوقد تعين قبول تبين طريقة ما للحياة ،وهكذا .وهذا يفسر وجود من يطلق على نفسه يف الغرب مسيحي ملحد أو مسيحي
متشكك.
)( 2الالهوت الطبيعي :يطلق على الطرق العقلية للتوصل إىل املعرفة اإلهلية -وإن مل تكن هذه املعرفة كاملة تامة -دون اللجوء إىل الوحي .يؤمن
الوحي فهو املصدر الذي يعطينا من املعارف ما هو أصحاب هذا االجتاه بكفاية العقل يف الوصول إىل كثري من احلقائق الدينية واألخالقية األساسية ƒ.أما ْ
خارج نطاق قدرات العقل ،وال ميكن هلذه املعارف احلصرية اليت يأتينا هبا الوحي أن تتناقض مع العقل حبال.
)(3أي العالقة بني األساس وما بين عليهƒ.
على اعتقادات أخرى متعددة لدي ،مثل أن1x 72 = 72; 7 x 2 = 14; 7x 7 = 49; 49 + 1 = :
50؛ وغري ذلك .ومن االعتقادات ما أقبلها على غري أساس من اعتقادات أخرى ،ولنطلق على هذه االعتقادات:
اعتقادات أساسية .فأنا أعتقد على سبيل املثال أن ،3=1+2وال أعتقد هبذه القضية بناء على قضايا أخرى.
أيضا بالنسبة يل،
أيض ا أين جالس على مكتيب ،وأن مثة أمل خفيف يف ركبيت اليمىن .هذه اعتقادات أساسية ً
وأعتقد ً
فلم أعتقد هبا بناء على أي أساس من اعتقادات أخرى .ووف ًقا ألصحاب النزعة األساسية الكالسيكية فإن بعض
القضايا تكون أساسية على نحو صحيح أو على نحو مالئم للشخص والبعض اآلخر ليس كذلك .أما تلك
االعتقادات غري األساسية فال ميكن أن تكون مقبولة عقالنيًا إال إذا استندت على أساس من أدلة أخرى ،وجيب أن
تعود هذه األدلة يف هناية األمر إىل ما هو أساسي على حنو صحيح .فإذا أضفنا إىل ما سبق أن وجود اهلل ليس من
القضايا األساسية على حنو صحيح فإن اإلنسان ال يكون عقالنيًا يف قبوله لالعتقاد التأليهي إال إذا كان ميلك دلياًل
على هذا االعتقاد.
يُعرض كثري من املفكرين اإلصالحيني والالهوتيني اآلن عن الالهوت الطبيعي (طريقة فكرية حتاول وضع براهني
أو حجج على وجود اهلل) .ومل يقتصر هؤالء املفكرون والالهوتيون إىل جمرد القول ببطالن احلجج املقدمة على
وجود اهلل ،بل ذهبوا إىل أن النهج بأكمله مضلل بشكل جذري .ويف مقايل (االعرتاض اإلصالحي على الالهوت
الطبيعي) بينت أن أفضل قراءة تفسريية لالعرتاض اإلصالحي على الالهوت الطبيعي هو أنه يف األساس رفض غري
مركز ومل يكتمل نضجه للنزعة األساسية الكالسيكية .أعتقد أن ما يريد هؤالء اإلصالحيون قوله هو أن االعتقاد
باهلل ليس يف حاجة على اإلطالق إىل أن يؤسس على حجة وال حيتاج دلياًل من قضايا أخرى .فهم يرون أن املؤمن
متاما مع حقوقه الفكرية أن يعتقد ما يعتقده حىت ولو مل يكن على علم بأي حجة جيدة من احلجج التأليهية
متسق ً
(االستنباطية أو االستقرائية) ،بل حىت ولو كان يعتقد بعدم وجود أي حجة من هذا القبيل ،بل حىت ولو مل توجد
متاما أن يقبل املرء االعتقاد بوجود اهلل من
مثل هذه احلجة يف الواقع .يذهب هؤالء الالهوتيون إىل أنه من املنطقي ً
غري أن يكون قبوله هذا مبين على أي أساس من اعتقادات أو قضايا أخرى على اإلطالق .وباختصار :إهنم يرون
أن االعتقاد باهلل هو بذاته اعتقاد أساسي على نحو صحيح .وسأحاول يف هذه الورقة توضيح هذا املوقف
والدفاع عنه.
فهما أكثر عم ًقا لالعرتاض الدليلي .من املهم أن ننظر إىل هذا النزاع على أنه نزاع
ولكن أواًل علينا أن حنرر ً
معياري ،إذ يرى أصحاب االعرتاض الدليلي أن الشخص الذي يقبل االعتقاد التأليهي هو من جهة ما غري عقالين
أو دون املستوى املعياري العقلي املطلوب ،وتؤخذ كلمة (عقالين) و (غري عقالين) هنا كمصطلح معياري أو
تقييمي ،وحبسب أصحاب االعرتاض الدليلي فإن التأليهي (املؤمن باهلل) خيفق يف اإليفاء باملتطلبات املعيارية اليت
يتوجب عليه أن يفي هبا .فهناك طريق حق لتكوين االعتقادات وهناك طريق باطل ،كما هو احلال بالنسبة إىل
األفعال ،ولدينا من الواجبات واملسؤوليات وااللتزامات حنو االعتقادات بالضبط كما لدينا بالنسبة إىل األفعال.
هكذا يقول الربوفسور بالنشارد :Blanshard
دائم ا ويف كل مكان يكون لالعتقاد جانب أخالقي .فهناك ما يسمى بأخالقيات الفكر العامة .وأرى أن املبدأ
ً ...
الرئيسي لتلك األخالقيات ينطبق على الدين وغريه .وهذا املبدأ بسيط وشامل ،وهو :أن يتناسب قبولك لالعتقاد
مع ما لديك من أدلة)p. 401( .
وقد تُفسر (أخالقيات الفكر) تلك بطرق متنوعة ،وهناك العديد من املسائل املغرية للنقاش – اليت البد أن حنجم
عن الدخول فيها هنا – واليت تثار عندما حناول أن نبني بتحديد أكرب اخليارات املتنوعة اليت ميكن للدليلي
evidentialistأن يتبناها .وبداية ،يبدو أنه بالنسبة إىل الدليلي الذي يرى أن مثة واجب أو التزام من نوع ما
اعتقادا دون أدلة = أن قضايا مثل قضية (اهلل موجود) متثل استهزاءً هبذا الواجب يف حالة
ً يقتضي أال يقبل اإلنسان
التأليهي الذي ال ميلك أدلة على ما يعتقد .وإذا كان ال ميلك أدلة فإن من واجبه حينئذ أن يتخلى عن هذا
االعتقاد .ولكن غالبًا هناك صعوبة ملحوظة هنا ،وذلك أن اعتقادات اإلنسان يف أغلب األحوال ليست دائما حتت
سيطرته املباشرة .ومعظم هؤالء الذين يؤمنون باهلل ال ميكنهم أن جيردوا أنفسهم من ذلك االعتقاد مبجرد أن
حياولوا ذلك ،بالضبط كما أهنم ال يستطيعون بنفس الطريقة أن خيلصوا أنفسهم من االعتقاد بأن العامل موجود منذ
فرتة طويلة جدا .ولذلك رمبا يكون اإللزام املناسب ليس أن أجرد نفسي من االعتقاد التأليهي إذا مل أكن أمتلك
الدليل عليه ،ألن ذلك يتجاوز حدود قدرايت ،ولكن أن أحاول تنمية أنواع من العادات الفكرية اليت ستميل (كما
()4
نأمل) إىل جعل اختاذي العتقاد ما على أنه اعتقاد أساسي = ال ينصرف إال إىل القضايا اليت هي كذلك بالفعل.
ورمبا يُنظر إىل هذا اإللزام على حنو غائي(teleologically )5؛ فهو التزام أخالقي ناشئ عن عالقة بني خريات
وشرور ذاتية معينة ،وبني الطريقة اليت هبا نكون معتقداتنا و نتمسك هبا( .تبدو هذه الطريقة كطريقة وليم
)( 4يشري بالنتنجا هنا إىل قاعدة :الوجوب األخالقي يستلزم االستطاعة Ought Implies Canاليت مت احلديث عنها يف املقدمة السابقة.
)(5الغائية : Teleologyمذهب الفلسفي وفقا له تكون مجيع العوامل الطبيعية ،أو على األقل العوامل القصدية منها ،موجهة لغاية حمددة أو منظمة
تنظيما وظيفيا حمددا .أنظر :
Audi, R. (1999). The Cambridge dictionary of philosophy. Cambridge, U.K.: Cambridge
University Press, p.905
.areteticallyفهناك ()6
كليفورد يف تفسري املسألة) .ورمبا ينظر إىل هذا اإللزام من ناحية علم الفضيلة
أيضا فضائل فكرية موازية :عادات
حاالت فكرية أو عقلية قيمية (سواء كانت قيمتها جوهرية أو عرضية)؛ وهناك ً
فعلية تعمل على تعزيز وحتسني تلك احلاالت .إذن يكون من ضمن التزامات اإلنسان واجب حماولة تعزيز وتنمية
هذه الفضائل يف نفسه أو يف نفوس اآلخرين .أو رمبا يُنظر إىل هذا اإللزام من ناحية ديونطولوجية
:deontologicallyهذا اإللزام يقع على عاتقنا فقط مبوجب ما لدينا من معدات فكرية منلكها فعليًا كوننا
بشرا؛ فهو إلزام ال ينشأ نتيجة لعالقه باحلاالت القيمية لألمور .وبناءً على ذلك ،ميكن ملثل هذا اإللزام أن يَ ُكون
ً
فريدا من نوعه.
إلزاما غري أخالقي ً
خاصا من أنواع اإللزام األخالقي ،ومن ناحية أخرى ،قد يكون ً
نوعا ً
ً
ورمبا ال حيتاج الدليلي أن يتكلم هنا عن الواجب أو اإللزام على اإلطالق .فلو أن شخصا يعتقد أن كوكب الزهرة
أصغر من كوكب عطارد ،ليس ألنه ميتلك أدلة من أي نوع ،ولكن ألنه وجد أن تبىن اعتقاد ال يتبناه أحد قط أمر
جدا = فقد ال يكون قد
شخصا يتبىن نفس هذا االعتقاد لكن على أساس من بعض احلجج الواهية ً
ً مسل ،أو لو أن
انتهك أي واجبات على اإلطالق ،ومع ذلك فإن حالته الفكرية تعاين من قصور ما ،أو -بدال من ذلك -رمبا
توجد خاصية أو ميزة مشرتكة بني البشر قد أخفق يف استعماهلا .وعليه فاالعرتاض الدليلي على االعتقاد التأليهي
قد يفهم ليس على أن املؤمن التأليهي الذي ال ميلك الدليل قد أخفق يف الوفاء بااللتزامات ،ولكن على أنه يعاين
من نوع معني من القصور الفكري (حبيث أن السلوك الصحيح جتاهه يف هذه احلالة سيكون عبارة عن تعاطف
توبيخا وإدانة).
وشفقة ،بداًل من أن يكون ً
هذه إذن بعض الطرق اليت ميكن أن يفهم هبا االعرتاض الدليلي ،وال شك من وجود احتماالت أخرى ،ولغرض
تبسيط بيان املسألة ،دعنا نفحصه من ناحية الزعم الديونطولوجي ،وما أقوله سينطبق (مع مراعاة اختالف
األحوال) على أي طريق من الطرق األخرى .وف ًقا للزعم الديونطولوجي فإن االعرتاض الدليلي يفرتض مسب ًقا
بعض اآلراء خبصوص تعيني القضايا اليت تؤخذ باعتبارها قضايا أساسية على حنو صحيح أو مربر ،أي أنه يفرتض
مسب ًقا ما يعتربه أساسيًا على حنو صحيح ،وأقل ما يزعمه االعرتاض الدليلي فيما يتعلق بقضية االعتقاد باهلل = أهنا
ليست أساسية على حنو صحيح .ويرتبط االعرتاض الدليلي بشكل جذري يف صورته النموذجية بشكل من أشكال
النزعة األساسية الكالسيكية .Classical Foundationalism
)(6ترجع كلمة Areteticallyإىل الكلمة اليونانية القدمية ، Areteوتعين( :الفضيلة) أو (املنقبة) .تستخدم هذه الكلمة يف السياق الفلسفي لتصف
فضائل الشخصية اإلنسانية ،ويف السياقات األوسع تستخدم للداللة على أنواع خمتلفة من املناقب والفضائل .أنظر:
Ibid, p.43
ووف ًق ا للنزعة األساسية الكالسيكية :فإن القضية (ق) تكون أساسية على حنو صحيح للشخص (س) إذا ،وفقط
إذا ،كانت (ق) إما بدهية للعقل أو غري قابلة للتصحيح incorrigibleبالنسبة إىل (س) ،كما هو يف النزعة
األساسية احلديثة ،أو كانت (ق) بدهية للعقل أو للحس بالنسبة إىل (س)،كما هو يف النزعة األساسية القدمية
والقروسيطة .وقد بيت يف مقايل (هل االعتقاد باهلل اعتقاد عقالين؟) أن كال الشكلني للنزعة األساسية يعود على
نفسه بالنقض ،ولذلك ال مناص من رفضهما .فبقدر ما يعتمد االعرتاض الدليلي على األساسية الكالسيكية بقدر
ما يكون اعتماده على أساس واه وفقري حبق .وعلى حد علمي مل يقم أحد إىل اآلن بتطوير وصياغة أي سبب آخر
الفرتاض أن االعتقاد باهلل اعتقاد غري أساسي على حنو صحيح .نعم ،ال شك أنه ال يلزم من بطالن األساسية
الكالسيكية صحة كون االعتقاد باهلل أساسيًا على حنو صحيح؛ فرمبا تكون فئة القضايا األساسية بشكل صحيح
أوسع مما تذهب إليه األساسية الكالسيكية لكنها ليست بالوسع الكايف لتشمل االعتقاد باهلل .ولكن ملاذا يُعتقد
ذلك؟ وما هي االعرتاضات املمكنة على الرؤية اإلصالحية اليت ترى أن االعتقاد باهلل هو اعتقاد أساسي على حنو
صحيح؟
كنت قد مسعت أحد تلك االعرتاض وذلك أنه إذا مل أكن أملك دليال على وجود اهلل مث قبلت مع ذلك هذه
القضية ،فإن اعتقادي سيكون حينئذ بال أساس أو ال مربر له أو تعسفي .أعتقد أن هذا الكالم خطأ ،ودعين أشرح
ملاذا.
لنأخذ يف االعتبار اعتقادات اإلدراك احلسي ،واعتقادات الذاكرة ،واالعتقادات اليت تصف احلاالت العقلية
لألشخاص اآلخرين .هذه االعتقادات على الرتتيب مثل:
( )1أرى شجرة؛
( )2تناولت إفطاري هذا الصباح؛
و
( )3هذا الشخص غضبان.
فعلى الرغم من أن االعتقادات من هذا النوع عادة ما يتم اعتبارها أساسية على حنو صحيح ،فإنه سيكون من
اخلطأ أن نصفها بأهنا اعتقادات ال أساس هلا .فعندما امتلك خربة من نوع معني فأعتقد أين أدرك شجرة ،فال
جتدين ،يف احلالة النموذجية ،أعتقد هذا االعتقاد بناء على أساس من اعتقادات أخرى ،ومع ذلك فهو ليس خاليًا
من األساس اعتقاد ،فامتالكي هلذا النوع اخلاص من اخلربة -أو باستخدام لغة الربوفيسور تشزوم :Chisholm
هاما يف تشكيل وتربير ذلك االعتقاد ،ومن املمكن أن نقول إن هذه اخلربة
دورا ً
كوين يبدو يل شجرة -يلعب ً
مقرونة بظروف أو شروط أخرى تربر يل التمسك هبا .هذا أساس تربيري ،وبالتبع هو أساس لالعتقاد نفسه.
شخص ا يظهر السلوك النموذجي للمتأمل ،فسآخذ ذلك على أنه يعاين من األمل ،ومرة أخرى أنا مل أختذ
ً وإذا رأيت
من هذا السلوك الظاهر دلياًل على هذا االعتقاد :مبعين أين مل أستنتج هذا االعتقاد من اعتقادات أخرى عندي .فلم
أقبل هذا االعتقاد بناء على أسس من اعتقادات أخرى .7ومع ذلك يظل إدراكي للسلوك الناتج عن األمل يلعب
فريد ا يف تشكيل وتربير هذا االعتقاد .ومثل احلالة السابقة ،يشكل ذلك أساس تربيري هلذا العتقاد .ونفس
دورا ً
ً
الشيء ينطبق على اعتقادات الذاكرة .على سبيل املثال :يرتاءى يل أنين أتذكر تناول وجبة اإلفطار هذا الصباح،
مبعىن أن لدي مياًل لالعتقاد يف القضية( :تناولت إفطاري) ،جنبًا إىل جنب مع جتربة معينة ذات طابع ماضوي واليت
هي مألوفة للجميع لكن من الصعب أن توصف .رمبا علينا أن نقول إنه يرتاءى يل على حنو ماضوي .ولكن رمبا
يكون ذلك غري كاف يف التمييز بني تلك اخلربة املعنية وذلك االعتقاد املصاحب عن املاضي ،والذي هو غري
متأسس على ذاكريت اخلاصة .وعلم ظاهرة الذاكرة هو عامل غين غري مكتشف ،وليس لدي الوقت هنا ألقوم
بالكشف عنه .يف هذه احلالة ،وكما هو احلال يف احلاالت األخرى ،هناك ظروف تربيرية حاضرة ƒ،شرط يُشكل
أرضية لتربير قبويل العتقاد الذاكرة.
ويف كل من هذه احلاالت يؤخذ االعتقاد على أنه اعتقاد أساسي .ويف كل حالة يؤخذ اعتقاد فيها كأساس على
حنو صحيح يكون هناك ظرف أو شرط مينح التربير .وعليه فإنه يف كل حالة سيكون هناك بعض القضايا
الصحيحة من النوع:
( )4يف حالة الشرط (ش) ƒ،يكون (س) مربرا يف اعتباره القضية (ق) كأساس.
وبالطبع فإن (ش) ستختلف باختالف القضية (ق) .فبالنسبة إىل احلكم اإلدراكي مثل:
( )5أرى وردة ملونة أمامي،
سوف تشمل (ش) ƒ:كوين يرتاءى يل على منط خاص ،وال شك أن (ش) سوف تشمل أكثر من ذلك .لو أنين
مبدوا يل بنمط مألوف لكين أعرف أين كنت ألبس نظارة ملونة بلون الوردة ،أو أين أعاين من مرض يسبب
كنت ً
مبدوا يل هبذا الشكل = فبغض النظر عن لون اجلسم القريب ،فانا حينئذ لست مربرا يف اعتبار ()5
أن أكون ً
7يقصد بالنتنجا هنا أننا حنصل على هذا االعتقاد بصورة مباشرة دون املرور بأي عملية ƒاستنتاج عقلي .على سبيل املثال :إذا رأيت شخصا يبدو عليه
أمارات األمل فأنت ال تتوقف مثال لتفكر أوال قبل أن تعتقد :أين عندما أتأمل فإين أسلك سلوكا معينا ،وهذا شخص أمامي يسلك هذا سلوكا مشاهبا ملا
أسلكه يف حالة األمل ،إذن الشخص يتأمل ƒ.حنن ال نقوم هبذه العملية االستنتاجية ،بل حبصل لدينا االعتقاد بصور مباشرة.
اعتقادا أساسيًا .وباملثل فيما يتعلق بالذاكرة .لنفرتض أين أعلم أن ذاكريت ال يعول عليها؛ فهي غالبا ما ختدعين،
ً
وحتديدا عندما يرتاءى يل تذ ُكر أين تناولت افطاري ،فاخلطأ يكون غالبا أكثر من اإلصابة .يف ظل هذا الظرف ال
ً
مربر ا بأخذي لالعتقاد (أين تناولت إفطاري) على أنه اعتقاد أساسي على الرغم من أنه يبدو يل تذكر أين
أكون ً
قد فعلت.
مبدوا يل يف حالة اإلدراك احلسي ليس كافيًا للتربير .ومن الواضح أنه مثة حاجة ضرورية إىل شرط
إذن فكوين ً
إضايف – شرط من الصعب حتديده بالتفصيل .والشاهد هنا :أن االعتقاد ال يكون أساسيًا بشكل صحيح إال يف
ظل شروط معينة ،هذه الشروط – رمبا أمكننا أن نقول -هي أساس للتربير املمنوح هلذه االعتقادات ،وبالتبع
أساس لالعتقادات نفسها .ويف ظل هذا املعىن يتبني أن االعتقادات األساسية ليست بال أساس أو ليست بالضرورةƒ
أن تكون بال أساس.
واآلن نفس الشيء ميكن أن يقال عن االعتقاد باهلل .فعندما يدعي اإلصالحيون أن هذا االعتقاد أساسي بشكل
صحيح ،فهم بالطبع ال يقصدون القول بأنه ليس مثة ظروف تربيرية هلذا االعتقاد ،أو أنه اعتقاد أساسي مبعىن أنه ال
أساس أو ال مربر له .على العكس من ذلك متاما .كان كالفن يعتقد أن اهلل "يكشف ويبدي عن نفسه من خالل
براعة صنعة يف الكون كله" وأن الفن اإلهلي " يكشف عن نفسه يف عدد ال حصر له وهو مع ذلك متميز متنوع
برتتيب حسن من قبل الرب املقدس ".اهلل خلقنا مفطورين أو لدينا امليل ألن نرى صنع يده يف العامل .بصورة أدق،
عندما نتأمل ومنعن النظر يف وردة ،أو نالحظ السماء املرصعة بالنجوم ،أو نتأمل سعة الكون اهلائلة جند لدينا ميال
فطريا ألن نعتقد يف قضايا من نوع :هذه الوردة خلقها اهلل ،أو هذا الكون الواسع املعقد خلقه اهلل".
أنواعا أخرى من الشروط قد تثري استيقاظ هذا امليل الفطري ƒ.فعند
ولقد أدرك كالفن ،على األقل ضمنينًا ،أن ً
قراءة الكتاب املقدس قد يتأثر املرء ويغمره شعور عميق أن اهلل يتحدث إليه ،وعندما ينتهي إنسان من عمل ،يعلم
يف نفسه أنه عمل رخيص أو آمث أو خبيث ،فقد يشعر بالذنب أمام اهلل ويتولد لديه اعتقاد بأن اهلل غير راض عن
فعلتي ،وعندما أعرتف وأتوب رمبا أشعر بأنه قد غفر يل ،ويتخلق لدي اعتقاد بأن اهلل يغفر لي فعلتي ،وعندما
يتعرض املرء خلطر داهم فقد يلجأ إىل اهلل ويطلب منه احلماية والعون ،وبالطبع يتخلق لديه اعتقاد بأن اهلل قادر
شعورا عفويًا من
على مساعه وإجابة دعائه إذا اقتضت حكمته ذلك ،وعندما تكون احلياة حلوة خضرة فإن ً
االمتنان قد ينبع يف روح اإلنسان ،قد حيمد اإلنسان يف مثل هذه احلالة اهلل ويشكره على نعمه ،وبالطبع يتشكل
اعتقاد مصاحب أن اهلل أهل للشكر والثناء.
وبناءً على ما سبق ،مثة شروط وظروف عديدة تدعو إىل اإلميان باهلل :الشعور بالذنب ،أو االمتنان ،أو اخلطر ،أو
معية اهلل ،أو الشعور بأنه يتحدث إليك ،أو إدراك األجزاء املختلفة من الكون .حنن يف حاجة لعمل متكامل
الستكشاف فنومنولوجيا كل هذه الشروط وغريها ،وهذا موضوع كبري وهام ،ولكن ميكنين هنا فقط أن أشري إىل
وجود هذه الشروط.
بالطبع ليس من ضمن االعتقادات اليت ذكرهتا للتو االعتقاد البسيط :اهلل موجود ،بل الذي لدينا اعتقادات مثل:
( )6اهلل يتحدث إيل؛
( )7اهلل خلق كل ما هنالك؛
( )8اهلل غري راض عما فعتله؛
( )9اهلل يغفر يل؛
( )10اهلل أهل للثناء والشكر.
متاما مع الفرض
هذه القضايا هي قضايا أساسية بشكل صحيح يف ظل الظروف املناسبة ،وهي مع ذلك متوافقة ً
القائل إن قضية "اهلل موجود" ال هي أساسية بشكل صحيح ،وال هي كذلك عند أولئك الذين يعتقدون يف اهلل.
اعتقادا أساسيًا قضايا مثل اليت ذكرت من ( )6إىل ()10؛ فيعتقدون بوجود اهلل على أساس من
ً رمبا ما يتخذونه
مثل تلك القضايا .ومن هذا املنطلق ،فإنه ليس من الصواب متاما أن نقول :االعتقاد باهلل هو اعتقاد أساسي بشكل
حتديدا :إن ما هو أساسي بشكل صحيح هو مثل القضايا اليت ذكرت من ( )6إىل (،)10
صحيح .وبصورة أكثر ً
وكل منها يستلزم بداهة أن اهلل موجود .ليست إذن تلك القضية العامة ذات املستوى العايل نسبيا (اهلل موجود)
هي القضية األساسية بشكل صحيح؛ لكن قضايا تتضمن بعض صفاته أو أفعاله.
لنرجع اآلن إىل التناظر بني االعتقاد بوجود اهلل = واالعتقاد بوجود األشياء احلسية ،واألشخاص األخرين،
أيضا سنجد قضايا حمددة ومعينة نسبيًا عن زميالهتا األساسية بشكل صحيح واليت هي أكثر جتريدا
واملاضي .هنا ً
وعمومية .رمبا تكون تلك القضايا مثل:
( )11مثة شجر؛
( )12مثة أشخاص آخرون؛
( )13العامل موجود أكثر من مخس دقائق؛
هي قضايا ليست يف احلقيقة أساسية بشكل صحيح ،لكن القضايا األساسية بشكل صحيح هي قضايا مثل:
( )14أنا أرى شجرة؛
( )15ذلك الشخص مسرور؛
( )16أنا تناولت إفطاري منذ أكثر من ساعة؛
مثل هذه القضايا تستحق أن توصف بأهنا أساسية .وال شك أن قضايا من مثل هذا النوع األخري تستلزم بصورة
مباشرة وبدهية القضايا اليت ذكرت قبلها ،ورمبا لذلك ال يكون هناك ضرر يف أن نتحدث عن هذه القضايا
فضفاضا بعض الشيء.
ً باعتبارها أساسية بشكل صحيح ،حىت ولو كان الكالم
نفس الشيء حري أن يقال عن االعتقاد باهلل .قد نقول ،بصورة فضفاضة ،إن االعتقاد باهلل اعتقاد أساسي بشكل
صحيح ،أما إذا حتدثنا بصورة أشد دقة فسنقول :من احملتمل أال تكون تلك القضية (اهلل موجود) أساسية بشكل
صحيح ولكن قضايا من نوع ما جاء يف (.)10( – )6
ولكن النقطة الرئيسية هنا أن القول إن االعتقاد باهلل أو القضايا من ( )10( – )6هي قضايا أساسية على حنو
التربير للشخص الذي
صحيح ال يعين إنكار وجود شروط تربيرية هلذه االعتقادات ،أو إنكار وجود شروط مَت نح َ
يقبل هذه االعتقادات باعتبارها اعتقادات اساسية .وعليه فهذه االعتقادات ليست خالية عن األساس أو التربير.
اعتقادا أساسيًا فما الذي مينع اعتبار أي اعتقاد آخر من
ً وهناك اعرتاض آخر كثريا ما أمسعه :إذا كان االعتقاد باهلل
أن يكون أساسيًا؟ أال ميكننا قول نفس الشيء على أي اعتقاد شاذ عجيب قد خيطر على بالنا؟ ماذا عن الشعوذة
والتنجيم؟ ماذا عن االعتقاد بأن قرع العسل العظيم الذي يأيت كل هالوين؟ هل ميكنين أن أعترب ذلك أساسيًا؟ وإذا
كانت اإلجابة ال ،فلماذا إذن ميكنين ذلك مع االعتقاد باهلل؟ لنفرتض أين أعتقد أين إذا رفرفت ذراعي بقوة كافية
سأمتكن من اإلقالع والطريان حول الغرفة .فهل ميكنين أن أدفع عن نفسي هتمة الالعقالنية من خالل الزعم بأن
اعتقادي هذا اعتقاد أساسي؟ وإذا قلنا إن االعتقاد باهلل اعتقاد أساسي على حنو صحيح ،أال جيعلنا ذلك ملزمني
بالقول إن أي شيء ،أو تقريبا أي شيء ،ميكن أن يؤخذ على أنه أساسي على حنو صحيح مما يفتح الباب واسعا
لالعقالنية واخلرافة؟
بالتأكيد ال .وما الذي يدعو إىل أن يظن باإلبستمولوجيا اإلصالحية أهنا متورطة يف هذا النوع من اخللل؟ هل ألهنا
ترفض املعايري اليت تقدمها األساسية الكالسيكية ملا هو أساسي بشكل صحيح؟ ولكن ملاذا يظن أن رفض تلك
املعايري سيؤدي إىل التزام اإلبستمولوجيا اإلصالحية بالتسامح مع الالعقالنية؟ لنتأمل هذه املماثلة :ملا كانت
الوضعية املنطقية تعيش أيام ازدهارها ،شرع الوضعيون املنطقيون يف تطبيق معيار التحقق بثقة ،وأعلنوا خلو كثري
شخصا رفص صياغة هذا املعيار -ذلك الذي ميكنك
ً من القضايا عن املعىن رغم وضوح معناها .واآلن لنفرتض أن
أن جتده يف اإلصدار الثاين من كتاب (اللغة والصدق واملنطق) لـ أ .جي .أير ،على سبيل املثال -فهل كان ذلك
سيعين أن هذا الشخص ملزم بأن يرى عبارة:
( )17تاوس برليج ،و السلزي توفز قد فعل جاير و مجبل يف الواب.
ذات معىن مفيد؟ بالطبع ال ،نفس الشيء ينطبق على أصحاب اإلبستمولوجيا اإلصالحية .فحقيقة أهنم يرفضون
معايري األساسية الكالسيكية لالعتقادات األساسية الصحيحة ال يعين أهنم ملتزمون بالفرض القائل :أي شيء ميكن
اعتباره أساسيًا بشكل صحيح .فأين تكمن املشكلة إذن؟ هل يف أن اإلبستمولوجي اإلصالحي ال يرفض فقط تلك
أيضا أنه على غري عجلة من أمره يف أن يقدم ما ميكن أن يكون بدياًل أفضل؟
املعايري لألساس الصحيح ولكن يبدو ً
رفضا منص ًفا اعتبار أن االعتقاد بقرع العسل العظيم اعتقاد
إذا مل يكن لديه معيار بديل فكيف ميكن أن يرفض ً
أساسي؟
هذا االعرتاض ناتج عن مفهوم ƒمغلوط .فكيف لنا أن نطور أو نصل بصورة صحيحة إىل معايري للمعىن؟ أو
لالعتقاد املربر؟ أو ملا يعترب أساسيًا بشكل صحيح؟ ومن أين تأيت هذه املعايري؟ وهل جيب على املرء أن يكون لديه
مثل هذه املعايري قبل أن يتمكن بشكل عقالين أن يصدر أي حكم إجيايب أو سليب خبصوص ما ميكن أن يعترب
أساسيًا بشكل صحيح؟ بالتأكيد ال .لنفرتض أين ال أعرف بدياًل مرضيا للمعايري اليت قدمتها األساسية الكالسيكية،
مع ذلك فلي احلق الكامل يف أن أرى بعض القضايا ليست أساسية بشكل سليم يف ظروف معينة .بعض القضايا
تبدو بدهية يف حني أهنا يف الواقع ليست كذلك ،وهذا هو الدرس املستفاد من مفارقات راسل .مع ذلك سيكون
ال عقالنيًا أن تنكر أساسية قضية تبدو لك على حنو بدهي قضيةً أساسيةً .لنفرتض أنه يرتاءى لك أنك ترى
شجرة ،حينها سيكون تصرفًا ال عقالنيًا أن تعترب القضية" :ال أرى شجرة" ƒ،أو "ال توجد أي أشجار" ،قضيةً
متاما أن ما
أساسيةً .بنفس الطريقة ،حىت وإن كنت ال أعلم معايري واضحة للمعىن ميكنين أن أعلن بشكل سليم ً
ذكر يف رقم ( )17ال معىن له.
مهم ا ،ذلك الذي علمنا أياه رودريك تشزلوم ،وهو :ما هو وضع معايري املعرفة ،أو األساس
وهذا يثري سؤااًل ً
الصحيح ،أو االعتقاد املربر؟ عادة هذه عبارات كلية عامة .معيار األساسية احلديثة لألساس الصحيح على سبيل
املثال ،أكثر عمومية:
( )18ألي قضية (ق) وألي شخص (س) ،تكون (ق) أساسية بشكل سليم لـ (س) إذا وفقط إذا كانت (ق)
بدهية أو غري قابلة للتصحيح بالنسبة إىل (س).
ولكن كيف ميكن للمرء أن يعرف شيئا مثل ذلك؟ ما هي أوراق اعتماده؟ من الواضح أن ( )18نفسها ليست
بدهية وال حىت واضحة الصواب .وإذا كان ذلك كذلك فأين للمرء أن يصل إليها؟ وما هي أنواع احلج املناسبة
هلا؟ بالتأكيد إن املؤيد للنزعة األساسية رمبا جيد ( )18جذابة فاتنة ،فهو ببساطة يأخذها على إهنا صحيحة من غري
تقدمي حجة على صحتها ومن غري أن يقبلها على أساس من اعتقادات أخرى .وإذا كان هذا هو حاله فإن بناءه
الفكري سيعود على نفسه بالنقض .القضية ( )18نفسها ليست بدهية وال هي غري قابلة للتصحيح ،ومن مث َّ
فإن
أخذ املؤيد للنزعة األساسية القضية ( )18على أهنا أساسية بشكل صحيح( )8يعد انتهاكا ملعيار األساس الصحيح
الذي قد سلم بقبوله .ومن ناحية أخرى ،رمبا سيحاول املؤيد للنزعة األساسية أن يقدم حجة من مقدمات بدهية
أو غري قابلة للتصحيح ،ومن الصعوبة مبكان أن نرى ماذا عساها أن تكون مثل هذه احلجة .وإىل أن يقدم مثل
تلك احلجة ماذا عسى أن يفعل بقيتنا من الذين ال يرون ( )18قضية واضحة أو ال يروهنا مقنعة على اإلطالق؟
كيف ميكن له يف هذه احلالة أن يستخدم ( )18ليبني لنا على سبيل املثال أن االعتقاد باهلل ليس أساسيًا بشكل
سليم؟ ملاذا ينبغي لنا أن نعتقد ( )18أو نوليها أي اهتمام؟
واحلقيقة ،كما أعتقد ،أنه ال ( )18وال أي معيار ضروري كاف لالعتقاد األساسي السليم ميكن أن ينبع من
مقدمات بدهية يف حجج مقبولة بصورة واضحة .ومن مث فإن الطريقة السليمة للوصول إىل مثل هذا املعيار هي
ظهورا بينًا أن السابق أساسي على
بوجه عام االستقراء .فيجب علينا أن جنمع أمثلة العتقادات وشروط يظهر فيها ً
ظهورا بينًا أن السابق ليس أساسيًا على حنو سليم
حنو صحيح لالحق ،وأمثلة العتقادات وشروط أخرى يظهر فيها ً
لالحق .جيب علينا إذن تأطري الفرضيات للشروط الضرورية والكافية لألساس الصحيح مث خنترب هذه الفرضيات
بالرجوع إىل تلك األمثلة اليت مجعناها .على سبيل املثال :إنه ملن املنطقي بوضوح يف ظل الظروف السليمة أن
تعتقد أنك ترى إنسانا أمامك ƒ:كائنًا له أفكار ومشاعر ويعرف ويعتقد يف أشياء ويتخذ قرارات ويقوم بأفعال،
كما أنه من الواضح أنك ال تقع حتت أي إلزام حيتم عليك أن تستنبط هبذا االعتقاد من اعتقادات أخرى لديك (،)9
حتما ستكون ()18
ويف ظل تلك الظروف يكون ذلك االعتقاد أساسيًا على حنو صحيح بالنسبة إليك .ولكن ً
خاطئة إذن؛ ألن ذلك االعتقاد يف ظل تلك الظروف أساسي على حنو سليم على الرغم من أنه ليس بدهيًا وال هو
غري قابل للتصحيح بالنسبة إليك .وباملثل ،فقد يبدو أنك تتذكر أنك تناولت إفطارك هذا الصبح ،وقد ال يكون
8وألنه ال ميتلك حجة يثبت صحة املبدأ فهو إذن يعتقد هبا على أهنا أساسية ƒبشكل صحيح وإال فسيكون متسكه هبا اعتباطيًا ،ولكن اعتبارها أساسية
بشكل صحيح ال يتفق واملعيار الذي ينادي به هذا املبدأ ،وبالتايل فهو يعود بالنقض على نفسه.
)(9أي إنه اعتقاد فطري أسأسي مباشر ال يتطلب نظرا أو استدالال.
لديك أي سبب يدعوك الفرتاض أن ذاكرتك ختدعك .فلو كان ذلك كذلك ،فلديك كامل احلق يف أن تكون
اعتقادا أساسيًا وفقا للمعايري اليت
ً اعتقادا أساسيًا على حنو صحيح ،وبالطبع ليس
ً مربرا يف اختاذ ذلك االعتقاد
ً
تقدمها األساسية الكالسيكية؛ لكن هذه احلقيقة ال تعد ضدك أنت؛ بل ضد تلك املعايري.
وبناءً على ما سبق ،فإن معايري األساس الصحيح جيب أن يتوصل إليها من أسفل ،ال من أعلى ،فال ينبغي أن تقدم
هذه املعايري وكأنه منصب أسقفي سابق ،بل البد أن تناقش وختترب مبجموعة من األمثلة املالئمة .وليس هناك ما
يدعو إىل أن اجلميع سيوافقون مسب ًقا على األمثلة ،فاملسيحيون يعتقدون بكل تأكيد أن االعتقاد باهلل صحيح
متاما ،وإذا مل يكن قبول املسيحي هلذا االعتقاد بناءً على أساس من قضايا أخرى فسوف يستنج أن هذا
وعقالين ً
متاما .وقد يعرتض على ذلك أتباع برتراند راسل
االعتقاد أساسي بالنسبة إليه ،وهو كذلك ،وعلى حنو صحح ً
ومادلني موراري أوهري ،ولكن أىن العرتاضهم أن يكون وثيق الصلة باملوضوع؟ فهل جيب أن تتوافق معايريي أو
معايري اجملتمع املسيحي على أمثلتهم؟ بالطبع ال ،فاجملتمع املسيحي حيمل مسؤولية جمموعة أمثلته وليس أمثلتهم.
ووف ًق ا لذلك ،فإن املؤيد لإلبستمولوجيا اإلصالحية ميكنه أن يذهب بصورة سليمة إىل أن االعتقاد بقرع العسل
اعتقادا أساسيًا بصورة صحيحة ،حىت مع كونه يرى أن االعتقاد باهلل أساسي على حنو صحيح،
ً الضخم ليس
معيارا كاماًل لألساس الصحيح .وال شك أنه ملزم بافرتاض وجود فرق ذات صلة بني
وحىت مع كونه ال ميلك ً
االعتقاد باهلل واالعتقاد بقرع العسل العظيم ،يف حالة كان يرى أن األول اعتقاد أساسي على حنو صحيح خبالف
الثاين ،وال ينبغي أن يوقعه يف قدر كبري من احلرج ،إذ هناك العديد من الفروق املرشحة .وهذه الفروق جندها
جبوار الشروط اليت ذكرهتا يف القسم األخري ،واليت تربير وتأسس االعتقاد باهلل .على سبيل املثال :اإلبستمولوجي
اإلصالحي قد يتفق مع كالفن يف قوله إن اهلل زرع فينا مياًل طبيعيًا لرؤية يده يف العامل من حولنا ،وال ميكن أن
يقال نفس الشيء عن قرع العسل العظيم؛ حيث ال يوجد قرع عظيم ،وال هناك ميل طبيعي لقبول اعتقادات عن
قرع العسل الضخم.
نستنتج مما سبق :أن كون القضية بدهية للعقل أو للحس أو غري قابلة للتصحيح ليس شرطا ضروريًا للقضية ألن
تكون أساسية على حنو صحيح .زد على ذلك أن الشخص الذي يرى أن االعتقاد باهلل اعتقاد أساسي على حنو
ملزم ا بفكرة أن االعتقاد باهلل ال أساس له أو غري مربر أو خال من الظروف التربيرية ،وحىت إن كان
صحيح ليس ً
ملزما أن يفرتض أن أي اعتقاد ،أو تقريبًا أي اعتقاد،
يفتقر إىل معيار عام ملا هو أساسي على حنو صحيح فإنه ليس ً
– كاالعتقاد بالقرع العظيم مثال -هو اعتقاد اساسي على حنو صحيح .فهو يبدأ بأمثلة كما ينبغي ألي أحد أن
يبدأ ،وقد يأخذ االعتقاد بالقرع العظيم كمثال لالعتقاد األساسي غري العقالين.
References
[ l ] Blanshard, Brand, Reason and Belief (London: Allen & Unwin,
1974).
[2] Clifford, W. K., "The Ethics of Belief' in Lectures and Essays (London:
Macmillan,
1879).
[3] Flew, A. G. N., The Presumption of Atheism (London: Pemberton
Publishing Co.,
1976).
[4] Plantinga, A,, "Is Belief in God Rational?" in Rationality and
Religzous Belief, ed. C.
Delaney (Notre Dame: University of Notre Dame Press, 1979).
[5] , "The Reformed Objection to Natural Theology," Proceedings ofthe
American
Catholic Philosophical Association, 1980.
[6] Russell, Bertrand, "Why I am not a Christian," in Why I am Not a
Christian (New
York: Simon & Schuster, 1957).
[7] Scrivin, Michael, Primary Philosophy (New York: McGraw-Hill,
1966).