Professional Documents
Culture Documents
تقرير بحث الكلام الدرس 12 - 14
تقرير بحث الكلام الدرس 12 - 14
الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محمد وآله الطيبين الطاهرين
أقسام الشك
نذكر هنا بعض التساؤالت لكي تكون مدخال للبحث ،فنتساءل :ما هي أقسام
الشك؟ وما هي أمثلتها؟ وكيف نفرق بين الشك واالنكار وبين الشك واالعتقاد؟
قسم الشك إلى قسمين( :شك حقيقي – شك منهجي)
والشك الحقيقي قسم إلى قسمين( :شك مطلق – شك معتدل)
والمراد من الشك الحقيقي بقسميه :هو ما كان الشك فيه غاية ،أي ما كان
صاحبه يبدأ شاكا وينتهي شاكا ،وهذا الشك يتفاوت من جهة درجته ،ومن هذه
الجهة قسم الشك الحقيقي إلى شك مطلق وشك معتدل.
وبيان ذلك :تارة يشك في كل شيء ،يشك في وجود األشياء خارجا ،فال يدري هل
هناك واقع أم ال؟ ويشك في معرفة هذا الواقع ،وليس لديه معيار لتمييز الحق من
الباطل ،أي أنه شاك في المعرفة ،وشاك في متعلق المعرفة.
وتارة :يعترف بوجود واقع ،ويعترف أننا يمكن أن ندرك ذلك الواقع ،لكنه يشك في
إمكان تحصيل اليقين بذلك الواقع ،ويشك في إمكان أن نتعرف على األشياء
بحقائقها أم نتعرف عليها بظواهرها ،فأقصى ما يحصل لديه المعرفة االحتمالية أو
المعرفة الظنية ،وهذا الشك يسمى شكا معتدال.
فالشك عند األول هو شك في كل شيء ،بينما الشك عند الثاني هو شك في الحقائق
اليقينية دون الحقائق غير اليقينية.
يطلق أحيانا على المقسم (الشك الحقيقي) يطلق عليه الشك المطلق ،وهذا من باب
تسمية الكل باسم الجزء ،ال أن الشك الحقيقي ينحصر في مصداق واحد ،بل له
مصداقان ،فالشاك الحقيقي بكال مصداقيه ال يصل إلى اليقين ،أما األول (الشك
المطلق) فألنه ينكر كل شيء ،وأما الثاني (الشك المحتمل) فإنه اقصى ما لديه هي
معرفة احتمالية فكالهما لن يبلغا درجة اليقين.
40
وقلنا :أن الشكين من (المطلق والمعتدل) بينهما جهة اشتراك ،وعندما صنفنا
الشكين فبلحاظ جهة االشتراك ،وهي أن الشك في كليهما ال يوصل إلى اليقين.
وأما الشك المنهجي :فهو كل شك ينتهي إلى المعرفة اليقينية ،ومثل هذا الشك
يسمى شكا موضوعيا أو يسمى شكا علميا.
42
• عندما أنكر البعض حركة األرض ،فهو يعترف بكونها ساكنة ،فلديه حكم
سلبي (عدم الحركة) ،وحكم ايجابي (السكون) ،بينما المعتقد بالحركة
فبالعكس ،لديه حكم سلبي (إنكار السكون) ،ولديه حكم ايجابي (الحركة)،
بينما الشاك فليس لديه هذا الحكمان ،فال يحكم بالحركة وال يحكم بسكونها.
والحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محم ٍد وآله الطيبين الطاهرين.
43
تقرير مباحثة الكالم :تدريس األستاذ الشيخ حسين البهادلي (دامت بركاته) ............الدرس :13يوم السبت 26 :ربيع الثاني 1445هـ
الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قد يقال :إننا فرقنا بين اإلنكار والشك من جهة ،وبين االعتقاد والشك من جهة
أخرى ،وقلنا :يوجد في اإلنكار حكمان ،ويوجد في االعتقاد حكمان ،مع أن اإلنكار
ليس فيه إال حكم واحد ،وهذا يستتبع حكما آخر ،وهكذا في االعتقاد فعندما ننكر
كروية األرض فنحن نقر بعدم كرويتها ،وعندما ننكر حركة األرض فهذا يعني أننا
نؤمن بسكونها ،فال يوجد في اإلنكار واالعتقاد إال حكم واحد ،وهذا الحكم الواحد
له الزم وحكم آخر.
فإنه يقال :تارة تكون العالقة بين الحكمين هي عالقة النقيضين ،وتارة تكون
العالقة هي عالقة الضدين الذين ال ثالث لهما ،وتارة تكون عالقة الضدين الذين
لهما ثالث ،وتارة تكون العالقة هي عالقة االختالف كالملكة والعدم ،وكالم
المستشكل يأتي لو كنا نتحدث عن النقيضين ،فإن نفي أحد النقيضين يستلزم ثبوت
النقيض اآلخر ،وإال الرتفع النقيضان ،وهكذا يأتي كالم المستشكل في الضدين
اللذين ال ثالث لهما كالليل والنهار ،فإن نفي الليل يستدعي وجود النهار.
وأما لو كان من قبيل الضدين الذين لهما ثالث ،فإن نفي أحد الضدين ال يستلزم
ثبوت الضد األخر ،وكذلك ال يأتي في التقابل بنحو الملكة والعدم ،فأن نفي الملكة
ال يستدعي ثبوت عدمها ،وكذلك نفي البياض ال يستدعي ثبوت السواد ،ولو وقفنا
على المنكر أو على المعتقد لوجدته يقر بحكم وينكر اآلخر في المعتقد ،أو ينكر
حكم ويعتقد في االخر في المنكر.
• بقيت ثالث نقاط من البحث السابق ينبغي الوقوف عليها حتى نستوعب
ونستكمل البحث السابق.
.1عندما قلنا يوجد حكمان ،فال نقصد بأنهما بنحو الداللة المطابقية ،بل نقصد
االعم ،أي ولو كان أحدهما مستفادا من اللزوم ،سواءا كان لزوما بينا إن
كان الحديث عن الداللة اللفظية اإللتزامية ،أو كان لزوما غير بين ،أو بين
بالمعنى األعم إن كنا نتحدث عن الداللة العقلية.
44
نعم ،إن قلنا أن الشاك له حكم واحد بخالف المنكر والمعتقد لهما حكمان ،فسيأتي
اإلشكال؛ ألن الشاك ليس له حكم؛ ألنه يتساوى عنده الطرفان ،فهو ليس بمعتقد،
فال يمكن أن نقول :إن للشاك حكما واحدا ،بل ليس لديه أي حكم.
لكننا نقول :أن المنكر له حكم سلبي يستلزم حكما إيجابيا ،والمعتقد بالعكس ،لديه
حكم إيجابي يستتبع حكما سلبيا ،بينما الشاك ليس له حكم ،فكيف تقولون أن لديه
حكما واحدا.
وجوابه :لو وقفنا على معنى السلبية ،فإن كانت السلبية هي ما يقابل االيجاب،
فيكون الشاك ليس لديه حكم ،واما لو قلنا :إنها تعم من ليس لديه حكم إيجابي ومن
ليس لديه حكم أصال ،فسيقال أن للشاك حكما ،وهو الحكم السلبي.
.2في الشك المطلق يكون الشاك شكا مطلقا ،لديه شك في الواقع ،وشك في
المعرفة ،بخالف الشك المعتدل ،فإنه يعترف بوجود الواقع ويعترف بإمكان
المعرفة الظنية أو االحتمالية ،لكنه ينكر المعرفة اليقينية ،فإنه لو شك في
الواقع فإنه يلزم منه أن يكون شاكا في المعرفة.
فقد يقال :أنه ال حاجة للقول ان الشاك شكا مطلقا لديه شكان( :شك في الواقع وشك
في المعرفة) ،بل هو ليس لديه اال شك واحد وهو الشك في الواقع وهذا الشك في
الواقع يستلزم الشك في المعرفة.
يجاب عنه :أننا عندما نقول لديه شكين ال نقصد أنهما في عرض واحد ،بل االعم
من كونهما في عرض واحد وبين أن يكون بينهما طولية ،بأن يكون أحدهما الزما
ومتفرعا عن الشك األول.
ﳮﳯﳰﱠ هود ،٦2 :فهل يراد بهذا الشك القرآني هو الشك الحقيقي أم الشك
المنهجي؟ وعلى تقدير كونه شكا حقيقيا فهل المراد هو الشك المطلق أم الشك
المعتدل؟ أم أنه اصطالح قرآني ال هذا وال ذاك؟ وال حزازة في وجود اصطالح
قرآني غير االصطالح في علم نظرية المعرفة.
فلو تتبعنا اآليات القرآنية التي ذكرت الشك ،فإننا سنجد أن الشاكين المذكورين في
القرآن لم يجعلوا شكهم طريقا للوصول إلى المعرفة اليقينية ،وهذا الوصف القرآني
لهم بالشك ليس هو وصف مدح ،بل يقينا هو وصف ذم ،فشكهم ليس من قبيل الشك
المنهجي ،فإما أن يكون شكا مطلقا ،وإما أن يكون شكا معتدال ،وإما أن يكون
اصطالحا قرآنيا خاصا بالشك.
45
الشاكون المذكورون في القرآن الكريم يعترفون بالموجودات الخارجية ،فهم
يعترفون بوجود الجبال والشجر والحجر وغيرها ،لكنهم يشككون في دعوى
األنبياء ،وينكرون ما جاء عنهم من الجنة والنار والمبدأ والمعاد ،وحينئذ سيكون
شكهم ليس حقيقيا مطلقا؛ ألنهم ال ينكرون الواقع ،بل يؤمنون به في الجملة.
نعم ،هناك خالف في الواقع ،هل يعم المادي وغير المادي ،أم يختص بالواقع
المادي؟
وهم يؤمنون بهذا بالواقع ،لكنهم ينكرون الواقع الغيبي ،فشكهم ليس شكا مطلقا،
وكذلك ليس شكهم شكا معتدال؛ ألنهم يؤمنون بالمعارف اليقينية.
فالتجريبي يعترف بأن التجربة قد تقوده إلى اليقين ،والحسي يؤمن بأن الحس قد
يقوده إلى اليقين ،لكن ال بكل الواقع ،بل بخصوص ما ادركته التجربة وما ادركته
الحواس ،أي خصوص الواقع المادي.
فالشك المأخوذ في القرآن الكريم ليس بواحد من االقسام الثالثة( :الشك المطلق
والشك المنهجي والشك المعتدل) ،بل المراد منه قرآنيا هو اإلنكار ،لكنهم ال
يواجهون األنبياء ويقولون إننا ننكر ما تدعون إليه ،بل يقولون كما جاء في لسان
القرآن الكريم :ﱡﭐﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﱠ إبراهيم ،٩ :فالشك المراد
عندهم ليس الشك المصطلح ،بل المراد هو اإلنكار ،فصار لدينا اصطالح قرآني
للشك يغاير أقسام الشك الثالثة.
قلنا سابقا :إن أبحاث نظرية المعرفة خمسة وهي( :مبادئ المعرفة ،مصادر
المعرفة ،طبيعة المعرفة ،قيمة المعرفة ،إمكان المعرفة).
وجه الستدلل باآلية الكريمة :ذكرت اآلية الكريمة الماء والزبد كناية عن الحق
والباطل ،كما أن الماء قد يختلط بالزبد ،كذلك الحق قد يختلط ويشتبه
4٦
بالباطل ،فليس الحق دائما بينا واضحا ،وليس الباطل دائما بينا واضحا ،كما روي
ش ْب َهة ش ْب َهة ِألَنَّ َها ت ْشبِه عن امير المؤمنين (عليه السالم) أنه قال" :إِنَّ َما س ِميَ ِ
ت ال ُّ
س ْمت ْالهدَى َو أ َ َّما أ َ ْعدَاء َّ ِ
َّللا ضيَاؤه ْم فِي َها ْاليَ ِقين َو دَ ِليله ْم َ ْال َح َّق فَأ َ َّما أ َ ْو ِليَاء َّ ِ
َّللا فَ ِ
عاؤه ْم فِي َها الض ََّالل َو دَ ِليلهم ْال َع َمى"( ،)1فلو كان الحق والباطل بينين لما أحتيج فَد َ
إلى إرسال الرسل.
فإنه يقال:
.1ال نسلم أن اليقين يعطى ،فإنه لو كان هبة لما جعل غاية للعبادة.
.2ولو سلمنا بأن اليقين هبة ،فإننا نقول :إن العبادة جعلت طريقا لهذا اليقين،
والعبادة أمر من فعل اإلنسان.
وجه الستدلل :إن خلق السماوات السبع واألرضين السبع هي لغرض وألجل
حصول العلم ،فالغاية من خلق السماوات واألرض هو أن نعلم أن هللا تعالى على
كل شيء قدير.
• ومن خالل هذه اآليات نستكشف أنه البد من معرفة يقينية تنتهي إليها بقية
المعارف ،سواء كانت هذه المعارف معطاة مباشرة عن طريق األنبياء،
أو معطاة بالواسطة ،فاهلل تعالى أعطانا العقل ،وببركة العقل صرنا نميز
بين الحق والباطل ،بل سيأتي أن من أهم أبحاث علم نظرية المعرفة هو
المعيار لتمييز الحقائق من األوهام ،فهذه اآليات القرآنية الكريمة تحدثت
عن مبادئ نظرية المعرفة.
والحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محم ٍد وآله الطيبين الطاهرين.
48
تقرير مباحثة الكالم :تدريس األستاذ الشيخ حسين البهادلي (دامت بركاته) ............الدرس :14يوم األحد 27 :ربيع الثاني 1445هـ
الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محمد وآله الطيبين الطاهرين
في اآليات المذكورة سابقا جعل القرآن الكريم الغاية القصوى للخلق هو الوصول
إلى اليقين من خالل اآلية الكريمة :ﱡﭐﱲﱳﱴﱵﱶﱷ ﱠ الحجر٩٩ :
قد يقال :إن الغاية القصوى للخلق هي العبادة ،وليس اليقين ،بقرينة االستثناء
بـ(إال) المسبوق بالنفي ،الدالة على الحصر في قوله تعالى :ﱡﭐﱣ ﱤﱥﱦ
فإنه يقال :إنه من خالل الجمع بين اآليتين الكريمتين ،نعلم أن الغاية من الخلق
هي العبادة ،ولكن ليست بما هي عبادة ،بل بما هي طريق إلى اليقين والمعرفة،
فتكون الغاية القصوى هي اليقين والمعرفة.
ول يقال :ليس كل الشكوك القرآنية هي من قبيل اإلنكار ،بل بعض الشكوك نسبت
إلى األنبياء ،كقصة نبي هللا إبراهيم (عليه السالم) المذكورة في قوله تعالى :ﱡﭐﱛ
ﱤﱦ ﱧﱨ ﱩﱪﱫ ﱬ ﱭﱮ ﱯ ﱰ ﱱ
ﱠ ﱢﱣ ﱥ
ﱡ ﱜﱝﱞﱟ
ﱳﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂﲃﲄ
ﱲ ﱴ
ﲉﲋﲌﲍﲎﲏﲐﲑﲒﲓ ﱠ األنعام، ٧٦ :
ﲊ ﲅﲆﲇﲈ
ﱌﱎ ﱏ
ﱍ ﱈﱊ ﱋ
ﱉ وفي قوله تعالى :ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ
4٩
ثانيا :ذكر مصادر المعرفة بحسب اآليات القرآنية.
في حديثنا عن طرق المعرفة ،تارة نتحدث عن طرق المعرفة ،وأخرى عن وسائل
وأدوات المعرفة ،وقد أشارت اآليات القرآنية إلى ذلك في عدة آيات:
ﱡﭐﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱣﱤﱥ ﱦﱧﱨﱩﱠ الحج8 : منها :قوله تعالى:
المراد من العلم في اآلية هو العقل ،والمراد من الهدى هو الكشف ،والمراد من
الكتاب المبين هو الوحي ،فذكرت اآلية ثالثة من طرق المعرفة.
ﳍﳏﳐﳑ
ﳎ ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﳅﳆﳇﳈﳉﳊﳋ ﳌ
ﳒﱠ الملك.23 :
في هاتين اآليتين ذكر القرآن الكريم طريقين من طرق المعرفة( :الحس والعقل)،
وذكر هاتين األداتين من باب الطريقية ،وليست لهما موضوعية ،وكذلك َّ
ألن أغلب
المعارف تأتي لإلنسان من خالل السمع والبصر.
ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﲴﲵﲶﲷ ﲸﲹﲺﲻﲼﲽﲾ
50
وهذه الحركة الكونية (حركة الشمس والقمر) هي ثابتة ولم تتبدل أو تتغير ،ولم
تتفاوت بتفاوت األزمنة واألمكنة واألشخاص ،حتى نفس الماديين يقولون أن هناك
ثابتا كونيا ،ولواله لما بقيت الموجودات ،هذا من جهة أن الواقع واحد ال يتبدل وال
يتغير.
فهناك رآئي ومرئي ،وعالم ومعلوم ،وهذه عين األبحاث المذكورة في نظرية
المعرفة.
رابعًا :قيمة المعرفة :فهل لمعارفنا قيمة وحاكوية وكاشفية ،أو ال؟ بحسب اآليات
القرآنية هناك بعض اإلشارات.
ﳠ ﳢﳣ ﳤ
ﳡ ﳔﳕ ﳖ ﳗ ﳘﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝﳞ ﳟ
فاالية الكريمة أشارت إلى أن مناط رفع الدرجات هو العلم ،فلو لم يكن للعلم قيمة،
لما رفع العالم على غيره.
ﲫﲭ ﲮ ﲯ
ﲬ ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﲥﲦﲧﲨ ﲩﲪ
51
ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﲴﲵﲶﲷﲸﲹﲺﲻ ﲼﲽﲾ ﳀ
ﲿﳁ
ﱪﱫﱬﱭﱮﱯﱠ البقرة ،31 :فلو لم يكن للعلم قيمة ،لما فضل آدم
على المالئكة.
ﲎﲐ
ﲏ ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌ ﲍ
ﲣﲥ
ﲞﲠﲡﲢ ﲤ
ﲒ ﲔﲕ ﲖ ﲗ ﲘﲙﲚ ﲛﲜ ﲝ ﲟ
ﲓ ﲑ
ﲦﲧﲨﲩﲪﱠ يوسف ،٧٦ :فهذه القيمة المعطاة للعلم هي ليست متواطئة بل
مشككة ،فلذا وجدنا هذا الفضل للعلم.
سا :إمكان المعرفة :سيأتي نزاع بين من ينكر المعرفة ،وبين من يقول خام ً
بإمكانها ،والمنكرون تارة ينكرون بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ،أي ال واقع
موجود فال معرفة به ،ومنهم من ينكر بنحو السالبة بانتفاء المحمول ،أي أنه يوجد
واقع ،ولكن ال يمكن الوصول إلى معرفته ،ومنهم من يقول بإمكان المعرفة
اليقينية ،ومنهم من يقول بعدم إمكانها بل غاية ما يحصل هو المعرفة الظنية أو
االحتمالية ،وهذا البحث أشارت إليه اآليات القرآنية الكريمة.
ﱈ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍﱎ ﱏ
ﱉ ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇ
ﱐﱑﱠ النحل43 :
فإن كانت المعرفة غير ممكنة ،لكان أمر الناس بسؤال أهل الذكر لتحصيل
المعرفة والعلم ،إما أن يكون عبثيا ،وإما أن يكون تكليفا بغير المقدور ،وكال
الالزمين باطل.
ﲽﲿﳀﳁ ﳂﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇﳈ ﳉ ﳊ
ﲾ ومنها :قوله تعالى :ﱡﭐﲻﲼ
ﱠ اإلسراء85 :
اي ما حصلتم من العلم إال قليال ،فالقران الكريم يعترف بإمكان العلم والمعرفة،
ومجرد هذا التحصيل بنحو الموجبة الجزئية كاف لكون المعرفة ممكنة.
52
فجميع أبحاث نظرية المعرفة يمكن أن نجد لها إشارات في القرآن الكريم.
قد يقال :إنه اإليتاء المذكور في اآلية الشريفة ،يدل على أن تحصيل المعرفة البد
أن يكون من هللا تعالى ،فالمعرفة خاصة باإليتاء من قبل هللا تعالى؛ ألن اآلية
الكريمة قالت( :ﳅ) ،فعل مبني للمجهول ،أي أن فاعل اإليتاء هو هللا تعالى.
فإنه يقال :نحن في إمكان المعرفة ال ننظر إلى طريقة تحصيل المعرفة ،فسواء
كانت معرفة اكتسابية أو معرفة غير اكتسابية؛ ألن المنكرين الذين ينكرون أمكان
تحصيل المعرفة ،يقولون ال يمكن تحصيل المعرفة سواء كانت اكتسابية أو معرفة
غير اكتسابية.
وبعد تمام هذه األبحاث ،نريد أن نميز بين علم نظرية المعرفة ،وبين غيره من
العلوم ،كعلم المنطق أو علم الفلسفة أو علم النفس.
• هناك حاجتان وألجلهما نضطر الى التمييز بين علم نظرية المعرفة وبين
غيره من العلوم.
الحاجة األولى :إن اس العلوم هو علم نظرية المعرفة ،وال يتقدم عليه حتى علم
المنطق والفلسفة ،بينما البعض يقول أن علم نظرية المعرفة يتقدم على جميع العلوم
إال علم المنطق ،وهناك من يقول يتقدم المنطق على نظرية المعرفة ،ومنهم من
فصل وفرق بين الثبوت واإلثبات ،فلذلك احتجنا إلى هذا التمييز.
الحاجة الثانية :إن علم نظرية المعرفة ليس علما مستقال ،بل هو من ضمن علم
المنطق ،أو من ضمن علم النفس ،وألجل هاتين الحاجتين ناسب أن نميز بين علم
نظرية المعرفة ،وبين سائر العلوم ،وبينه وبين علوم مخصوصة.
• وقفنا سابقا -عندما بحثنا موضوع العلم وغاية العلم -على الفارق بين علم
نظرية المعرفة ،وبين العلوم األخرى ،ولكنا هنا نقول كل علم عندما
يبحث فيه حيثيتان (سلبية وإيجابية).
الحيثية اإليجابية :هي الوقوف على موضوع العلم ،وغايته ،ومبادئه ،ومسائله،
وأما الحيثية السلبية :هي تميز هذا العلم عن العلوم األخرى ،ونفرق بين علم
نظرية المعرفة وبين العلوم األخرى ،حتى يمتاز هذا العلم عن غيره ،وهذا نظير
ما قالوا في المنطق بأن التعريف ،ينبغي أن يكون جامعا مانعا.
والحيثية اإليجابية هنا هي من قبيل الجامع ،وأما الحيثية السلبية فهي من قبيل
المانع ،لكي نمنع مسائل العلوم األخرى من الدخول في هذا العلم.
53
بم امتاز علم نظرية المعرفة عن سائر العلوم األخرى؟
وهنا يتقد سؤالَ :
لو وضعنا علم نظرية المعرفة في كفة وسائر العلوم في كفة فما هو المميز بينهما؟
وبعبارة أخرى :ماهو الفارق بين علم نظرية المعرفة وبين سائر العلوم األخرى؟
جوابه:
.1قد يقال :بأن التمييز يكون من خالل الموضوع ،ولكن يرد عليه :أن علم
المنطق أيضا موضوعه المعرفة ،كما أن نظرية المعرفة موضوعها
المعرفة ،وهذا ما ذكرناه سابقا في تقسيمنا للعلم إلى أولي وثانوي ،بحسب
المتعلق فإن كان المتعلق الشي َء ،فإن العلم هو أولي ،وأن كان المتعلق هو
المعرفة بالشيء ،فإنه علم ثانوي ،والعلوم األخرى موضوعها هو الشي،
فلذلك هي علوم أولية ،بينما علم نظرية المعرفة وعلم المنطق مندرجان
تحت العلوم الثانوية؛ ألن الموضوع فيهما نفس المعرفة ،وهذا الفارق وإن
فرق بين نظرية المعرفة وغيرها من العلوم ،إال أنه لم يفرق بين نظرية
المعرفة والمنطق.
.2ويمكن أن يقال :أن التمييز بين العلوم يكون على أساس األغراض
والغايات ،كما قال الشيخ اآلخوند في الكفاية ،وهذا ال يمكن أن يكون مميزا
أيضا؛ ألن بعض أبحاث المنطق وبعض أبحاث علم النفس سنجد تداخال
حتى على مستوى الغاية.
.3والصحيح أن نقول :أن علم نظرية المعرفة يحدد المنهج الصحيح من غيره؛
لكي نعول على المناهج الصحيحة ،وال نعتمد على المنهج الباطل الفاسدة.
وهذا نظير ما قالوا في علم تعريف األصول بأنه العلم بالعناصر المشتركة
الستنباط الحكم الشرعي ،ففي علم الفقه نحتاج إلى استنباط أحكام شرعية ،وفي
األصول نتفق على القواعد المشتركة الكلية؛ لكي نستفيد منها في الفقه فهو ينقح
القواعد الكلية ،ويحدد الدليل الحجة من الدليل الال حجة؛ لكي نستفيد من الدليل
الحجة في علم الفقه الستنباط الحكم الشرعي ،فبعد دراسة علم األصول سنعلم بأنه
يمكن التعويل على خبر الواحد؛ ألنه حجة ،وال يمكن التعويل على الشهرة
الفتوائية؛ ألنها ليست بحجة.
والحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على محم ٍد وآله الطيبين الطاهرين.
• بعض المصادر للمراجعة واالطالع:
.1نظرية المعرفة في القرآن ،للشيخ جوادي آملي :ص.1
.2المدخل إلى نظرية المعرفة ،للشيخ غالم رضا فياضي :ص.35
54