Professional Documents
Culture Documents
يعترب الفليسوف كاي نيلسن Kai Nielsen 1أول من صك مصطلح )الفيديسية الفتجنشتانية
)Wittgenstein fideismيف مقالته النقدية اليت محلت نفس العنوان واليت نشرها عام .1967ويعد
الفليسوف األمريكي نورمان مالكومل Norman Malcolmتلميذ فتجنشتاين وصديقه ،والفليسوف
الربيطاين دي زي فيلبس D.Z. Phillips 2من أشهر الذين عربوا عن النزعة الفيديسة الفيتجنشتانية.
كثريا من
يبني مالكوم يف مقاله (عدم تأسيسية االعتقاد ) The Groundlessness of Beliefكيف أن ً
االعتقادات غري املؤسسة دليليًا تشكل حياتنا ،ويتبني ذلك جليًا يف حالة األطفال الصغار الذين يقبلون ما يقال هلم
دون طلب لدليل أو سبب للقبول .فال يطلب الطفل الصغري دلياًل على أن املرأة اليت تعتين به وينعتها مجيع
احلاضرين بأهنا أم له هي أمه بالفعل .فالطفل يتعلم من خالل تصديقه الكبار وال ميكن للطفل أن يشك حىت يتعلم
أيضا على البالغني الذين حيملون الكثري من املعتقدات األساسية غري
الكثري؛ فالشك يأيت بعد اإلميان .وينطبق هذا ً
املؤس سة اليت تشكل حياهتم مثل االعتقاد بأن بقاء األشياء املادية يف الوجود ليس متوق ًفا على أحساسنا هبا .فإذا
َّ
وضعت مفاتيح سياريت على الطاولة مث دخلت غرفة أخرى فإن املفاتيح ستبقى موجود على الطاولة حىت مع عدم
حتما لسبب مادي ،ال أهنا ختتفي يف اهلواء! إن
رؤييت هلا ،وإذا نظرت للطاولة ومل أجدها فإين سأعتقد أن ذلك ً
هذا السلوك االعتقادي الذي يقوم به الناس دون التفكري يف تربيره أو اختباره هو جزء من إطار التفكريي
اإلنساين .ولو تكلف شخص اختبار بقاء وجود األشياء حال عدم االنتباه هلا فإنه سيقابل بسخرية الناس له .فهل
يرجع ذلك إىل أن أسالفنا األوائل قد أجروا التجاب الكافية اليت هبا حسموا هذا األمر بشكل هنائي؟ ال أعتقد
ذلك؛ فإن مبدأ بقاء وجود األشياء املادية إذا مل يعرتض وجودها سبب مادي هو جزء من إطارنا التفكريي غري
املستدل له .ذلك اإلطار الذي نتعلم ونبحث ونستدل ونشك ونربر ونضع الفرضيات يف حدوده وبداخله .أما
)(1كاي نيلسن ،ولد عام ، 1926درس يف الواليات املتحدة وكان أستاذا للفلسفة يف جامعة نيويورك قبل أن ينتقل إىل كندا .تقلد رئاسة اجلمعية
الفلسفية الكندية وهو أحد مؤسسي اجمللة الفلسفية الكندية ¦.وهو مهتم بالدفاع عن اإلحلاد وبفلسفة األخالق والسياسية واالجتماع وما بعد الفلسفة.
2دي زي فيلبس ( )2006 – 1934فليسوف بريطاين ولد يف ويلز وتعلم يف جامعة أوكسفورد ،ودرس يف أماكن عدة كان آخرها جامعة كلريموت
يف كاليفورنيا حيث كان يشعل كرسي دانفورث لفلسفة الدين .عرف بتأييده¦ لفلسفة فتجنشتاين واستخدمها للدفاع عن الدين
اإلطار نفسه فال ختترب قضاياه وال ميكن دعمها باألدلة ،بل يقبل ويوثق به دون اختيار أو قرار واع منا بالضبط
كما أننا ال نقرر العيش على كوكب األرض.
إن قضايا إطار التفكري اليت نقبلها ونثق هبا ليست قضايا شخصية خاصة ،بل هي طرق شائعة للكالم والتفكري
تُفرض علينا حتت ضغط اجملتمع البشري ،وبدون هذا القبول والثقة فلن ميكننا تعلم شيء وال حىت التحدث بشيء،
فاالستدالل البد له من هناية يقف عندها .كما يقرر فيتجنشتاين أن لعبة اللغة ال تكون ممكنة إال إذا وثق اإلنسان
بشئ ما فعليًا .عندما ميارس الناس نشاطًا ما قد سبقه تدريب مشرتك فإهنم يتفقون إىل حد كبري مع بعضهم
البعض ،يقبلون نفس األمثلة والنظائر وخيطون نفس اخلطوات .حنن نتفق يف طريقة كالمنا ويف كيفية تطبيق اللغة،
ونتفق يف رودونا على حاالت معينة .هذا النوع من االتفاق ليس من نوع االتفاق يف الرأي ،بل يف شكل احلياة.
ال ميكننا تعليل هذه االتفاقية بأن نقول أننا ما نفعل إال تنفيذ ما متليه علينا القواعد؛ ذلك ألن اتفاقنا على تطبيق
القواعد والصيغ واإلشارات هو ما يعطيها معناها .إن أحد أكرب األمراض الفلسفية هو الشعور بالرغبة يف ضرورة
تربير ألعابنا اللغوية وتأسيسها على أسس سليمة لكن لعبة اللغة ال تقوم على أسس؛ بل هي هناك – مثل حياتنا.
إن اللعبة اللغوية حتتوي بداخلها على تربيرات وأدلة وبراهني وشكوك وأراء غري مدعومة بالدليل حتتاج لإلثبات
وقياسات سليمة وفاسدة وغري ذلك ،ولكن ال ميكن لإلنسان تطبيق هذه األمور على اللعبة اللغوية ذاهتا؛ ألن
طبيعتها غري التأسيسية تأىب ذلك .وعندما يقال إن اللعبة اللغوية ال أساس هلا ال يقصد بذلك نفس املعىن الذي يقال
بشرا .وهبذا املعىن يعترب الدين ال أساس له.
للرأي غري املدعوم بالدليل ولكن مبعىن أننا نقبلها ونعيشها بصفتنا ً
وبداخل اإلطار الديين هناك حججا وجدال ،وتعليل ونقد ،وقضايا حول طبيعة احلالة الروحية للبشر وأوامر
للخالق أو املخلص ،ولكن ال يوجد تربير عقالين لإلطار ذاته .وهكذا العلم التجرييب ،ال حيتاج إطاره إىل تربير.
رفض نيلسن فكرة عدم مناسبة النقد الفلسفي للدين وألشكال احلياة وشكك يف تفسري الفيديسيني لفلسفة
فتجنشتاين ،وهو يرى أن فتجنشتاين لو رأى اتباعه من الفيديسيني لتمىن أن يقول عنهم ما قاله فرويد عن
الفروديني 4.وحبسب نيلسن" فإن عزوف أتباع فيتجنشتاين عن تربير املعتقد الديين يرجع إىل التزاماهتم
املناهضة للواقعية؛ فهم ال يؤمنون ح ًقا بوجود شيء (أو موضوع) فوق السماوات واألرض ينطبق عليه تعريف
"اإلله .وبالنسبة إىل فيتجنشتاين ،فإن كلمة إله ال تعمل حنويًا كما تعمل األشياء العادية .ويتفق نيلسن،
على الرغم من كونه ليس مؤمنًا ،مع املؤمنني األرثوذكس على أن اإلميان باهلل هو اإلميان بشيء مستقل عن املؤمنني
5
أنفسهم".
"وجتدر اإلشارة إىل أن فيتجنشتاين مل يكتب أطروحات أو حىت مقاالت عن األخالق أو الدين ،ومل يناقش
املوضوعات اليت يفكر فيها الفالسفة األخالقيون عاد ًة .باإلضافة إىل ذلك ،من الواضح أنه كان سينظر إىل فلسفة
الدين والنظرية األخالقية بشك كبري ،بل وبازدراء .وكما الحظ جون هاميان حبق :إن تأثري فتجنشتاين يف فلسفة
أبدا نشر أي مادة حول هذا
الدين يرجع إىل املالحظات املتفرقة ،واهلوامش ،ومالحظات الطالب .فلم يكن ينوي ً
6
املوضوع ،ومل يكتب عنه مطل ًقا كتابة منهجيةً".
3
Norman Malcolm, “The Groundlessness of Belief,” in Contemporary Perspectives on Religious
Epistemology, ed. R. Douglas Geivett and Brendan Sweetman, 1st edition (New York: Oxford
University Press, 1992), 92–103.
4
Kai Nielsen, “Wittgensteinian Fideism,” Philosophy 42, no. 161 (July 1967): 194.
5
Kelly James Clark, Readings in the Philosophy of Religion - Second Edition (New York:
Broadview Press, 2008), 189.
6
Kai Nielsen, “Wittgenstein and Wittgensteinians on Religion,” in Wittgenstein and Philosophy
of Religion (Routledge, 2000), 137.