Professional Documents
Culture Documents
وأقسامه
أتليف
أيب بكر؛ سامر رايض جابر
1
2
بسم هللا الرمحن الرحيم
املقدمة
احلمد هلل احلاكم لألكوان ،ﭽﭷﭹﭺﭼ
ﭽﭿﮀﭼ الرحمن .٤ - ١ :والصالة والسالم األمتان
األكمالن ،على النيب مبلغ األحكام ،حممد سيد األانم ،وعلى آله
وصحبه الكرام ،وأشهد أال إله إال هللا الواحد ال ّد ّين وأشهد أن حممداً
رسول هللا وخامت األنبياء ،وبعد:
فهذه رسالة صغرية احلجم ،عفوية اخلاطر ،كتبتها يف بداية طليب
للعلم ،تتحدث عن األحكام اليت يصدرها اإلنسان على ما حوله،
وفق منهج أهل السنة واجلماعة ومسيتها:
4
هذا وأسأل هللا تعاىل أن ينفعين والشباب املسلم هبا ،وجيعلها
ذخراً يل يوم القيامة ،ويغفر يل ما قصرت .وصلى هللا على سيدان حممد
وعلى آله وصحبه وسلم واحلمد هلل رب العاملني.
كتبه أبو بكر؛ سامر ريض
5
احلكم ووسائل املعرفة
خلق هللا تعاىل اإلنسان وميّزه عن سائر املخلوقات ابلعقل ،وفطره
على حب االستطالع واملعرفة ،إال أن اإلنسان يولد وهو خال من
العلوم ،ليس لديه أدىن علم بشيء ،فنفسه صفحة بيضاء تقبل أي
نقش ،ولكنه جمهز مبا يؤهله من وسائل الكتساب املعلومات واملعرفة،
قال تعاىل :ﭽﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ
ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﭼ
النحل٧٨ :
6
-2البصر :وهي إشارة إىل اآلالت اليت يتحصل هبا املعارف
التجريبية احلسية وأعالها املشاهدات ،ويلحقها الذوق والشم
واللمس والسمع.
-3الفؤاد :وهو العقل وهذا فيه إشارة إىل العلوم واملعارف العقلية
اليت ال تتحصل ابلوسيلتني السابقتني.
واإلنسان يصدر أحكاماً على ما حوله مستخدماً ما فطره هللا
تعاىل به من وسائل؛ هي اخلرب (السمع) واحلواس (األبصار) والعقل
(األفئدة) ،كما أشارت اآلية السابقة ،فبحواسه جيرب احلياة وما فيها،
وابخلرب يتعلم أموراً قد ال تصل إليها احلواس ،وابلعقل يصدر أحكاماً
على ما وصل إليه من طريقي احلس واخلرب ،أو مبجرد العقل.
معىن احلحكم
احلكم يف اللغة :هو املنع والرد والقضاء والفصل ،كما جاء يف
املعاجم العربية.
7
واحلكم كما عرفه السلف الصاحل :أنه إثبات أمر ألمر أو نفيه
عنه( .)1أو أنه نسبة بني أمرين ثبواتً أو نفياً.
وأجزاءه أربعة(:)2
.1احلاكم :وهو من يصدر احلكم.
.2احملكوم به :هو األمر الذي يُراد إثباته أو نفيه.
.3احملكوم عليه :وهو من يقع عليه احلكم.
.4النسبة :هي العالقة بني احملكوم به واحملكوم عليه.
.5وقوع النسبة أو عدم وقوعها.
فعندما تقول :أن األنبياء صادقون وليسوا كاذبني ،فأنت قد
أثبت أمراً هو الصدق هلم وهذا حكم ،ونفيت عنهم أمراً هو الكذب
وهذا حكم كذلك ،فهنا يتضح لنا أركان احلكم:
حمكوم عليه وهو األنبياء.
وحمكوم به وهو الصدق أو الكذب.
)1أم الرباهني شرح العقيدة الصغرى ،اإلمام حممد بن يوسف السنوسي ،ت :د.حممد
درويش ،دار البريويت ،ط1430 :3ه2009-م ،ص20
) 2أم الرباهني ،ص ،20وزدت عليه احلاكم.
8
والنسبة بينهما وهي العالقة اليت تربطهما معاً،
هذه العالقة عالقة إثبات أحدمها لآلخر كإثبات الصدق
لألنبياء ،أو عالقة نفي بينهما كعدم ثبوت الكذب لألنبياء.
واحلاكم يف ذلك كله هو العقل.
أسباب احلكم
أسباب العلم احلادث عند أهل السنة ثالثة): )1
أ) احلواس السليمة الظاهرة وهي مخسة :السمع والبصر والشم
والذوق واللمس.
ب) اخلرب الصادق؛ سواءً كان خرباً متواتراً أو مسموعاً ،ويكون
مصدره من الرسول املؤيد ابملعجزة.
ج) والعقل اجملرد :وآلته الدماغ وحمله القلب املعنوي ،وهو يصدر
األحكام دون االعتماد على جتربة أو خرب.
) 1املواهب اللدنية يف شرح املقدمات السنوسية ،أيب اسحاق إبراهيم السرقسطي البناين،
مطبعة مصطفى البايب احلليب ،الطبعة األخرية1373 ،ه – 1953م ،ص.4
9
ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﭼ
األحقاف.٤ :
أما اإلهلام املفسر إبلقاء معىن يف القلب بطريق الفيض يثلج له
الصدر ،فليس بسبب للمعرفة بصحة الشيء عند أهل احلق ،ألنه أمر
ال ينضبط معرفته لقصوره على صاحبه ،وكذلك املنامات واألحالم
والفرضيات.
واإلنسان مفطور ابحلس واخلرب والعقل كما سبق ،وكلها توصل
اإلنسان ألحكام تكون علماً له ،وعليه قسم علماؤان األجالء احلكم
إىل ثالثة أقسام من حيث املصدر هي:
.1احلكم الذي صدر من طريق احلس والتجربة يسمى حكما حسيا
أو جتريبيا أو عاداي.
.2احلكم الذي صدر من طريق اخلرب والسمع يسمى حكما خرباي
أو مسعيا أو وضعيا.
.3احلكم الذي صدر من طريق العقل اجملرد يسمى حكما عقليا.
10
واحلقيقة أن العقل هو الذي حيكم ،إما جمردا أو بواسطة من
احلس أو اخلرب( ،)1فحكم العقل:
.1إن كان جمرداً مسي احلكم عقليا؛ أي ال يعتمد العقل يف إصدار
األحكام على ما حوله على اخلرب وال حيتاج إلجراء جتربة.
.2وإن كان بواسطة التكرار على احلس مسي احلكم عاداي؛ أي أن
العقل حني يصدر حكمه على األشياء من حوله فإنه حيتاج إىل
إجراء التجارب احلسية حىت يتحصل على ما حيتاج إليه من
معلومات ال ميكن اكتساهبا إال ابحلواس.
.3وإن كان بواسطة اخلرب مسي احلكم وضعيا؛ أي أن العقل يف
إصداره احلكم على األشياء يعتمد على األخبار واألقوال املنقولة
ليصل إىل املعارف اليت وضعها الواضع ،واليت ال ميكن أن تعرف
بواسطة التجارب احلسية.
12
مصادرالحكم
وأقسامه
13
مراتب العلم احلادث
اعلم ي أخي أن العلم قسمان:
-1علم قدمي :وهو علم هللا تعاىل ،فعلمه تعاىل ليس له بداية وال
هناية ،كما أنه ليس له أسباب وهو غري مسبوق جبهل ،فاهلل تعاىل
كلي ،يعلم ما كان وما
عامل بكل شيء صغري أو كبري ،جزئي أو ّ
يكون وما هو كائن ،قال تعاىل :ﭽﭸﭹﭺﭻﭼ
ﭽﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ
ﮕﮖﮗﮘﮙﭼ سبأ.٣:
14
واعلم أن العلم احلادث هو يف غالبه أحكام يصدرها اإلنسان
على ما حوله ،فاحلكم احلادث ينشأ عن أمور مخسة ،فاحلاكم أبمر
على أمر ثبواتً أو نفياً إما أن(:)1
.1جيد يف نفسه اجلزم بذلك احلكم ،وحيصل هذا اجلزم أبحد أمرين:
أ -أن يكون اجلزم قد حصل لسبب إما ضرورة أو برهاانً،
ويسمى علما أو معرفة.
ب -أو يكون اجلزم قد حصل بال سبب ،ويسمى اعتقادا.
.2أو ال جيد يف نفسه اجلزم بذلك احلكم .واحلكم غري اجلازم يكون
إما:
أ -راجحاً على مقابله ،ويسمى ظنا.
ب -أو مرجوحاً على مقابله ،ويسمى ومها.
ج -أو مساويً ملقابله ،ويسمى شكا.
) 1شرح العقيدة السنوسية الكربى ،اإلمام حممد بن يوسف السنوسي ،ت :السيد
يوسف أمحد ،دار الكتب العلمية ،ط1427 ،1ه – 2006م ،ص.19
15
فإدراك اإلنسان لألشياء تكون على مراتب نوردها هنا على شكل
جمموعة من املصطلحات املهمة فيما يلي:
.1العلم :إدراك الشيء على ما هو عليه .وال يكون إال صحيحاً.
أو حكم الذهن أي إدراكه اجلازم املطابق للواقع الناشئ عن
دليل( ،)1فإدراكنا أن هذا الكون له إله خلقه هو هللا تبارك وتعاىل
فهذا نسميه علماً.
.2املعرفة :إدراك ما عن الشيء ،وقد تكون صحيحة أو خاطئة.
وهي تتعلق ابلبسائط واجلزئيات دون املركبات والكليات (،) 2
كإدراكنا خلصائص املواد الفلزية فهذه من قبيل املعرفة.
.3االعتقاد :هو ربط القلب على أمر ما ،أو هو اجلزم ابلشيء
سواء وافق الواقع أم مل يوافق .وهو من الكيفيات النفسية وهو
صفة وجودية( ،)3وال يشرتط لالعتقاد أن يكون انشئاً عن دليل،
وهو على قسمني:
17
.5الدراية :وهو العلم احلاصل بعد التفكر والتخيل ،وهي تستدعي
حتصيل املعاين مع التأين واملهلة( ،)1كالدارس الذي ينظر يف هذا
الكون ويتأمل عجائبه ليتعرف على أسراره.
.6الظن :وهو ترجح أمر على أمر يف الذهن ،فتكون نسبة تصديق
اإلنسان به % 51فأكثر ،ونسبة التكذيب به %49فأقل.
.7الشك :وهو التساوي بني أمرين يف الذهن ،فتكون نسبة تصديق
اإلنسان به ،% 50ونسبة التكذيب به .%50
.8الوهم :هو األمر املرجوح يف الذهن ،فتكون نسبة تصديق
اإلنسان به % 49فأقل ،ونسبة التكذيب به %51فأكثر.
.9اجلهل ،وهو قسمان (:)2
أ) اجلهل بسيط :وهو عدم إدراك الشيء أو عدم معرفة الشيء،
وهو قسمان:
-1جهل بسيط حممود :كانتفاء العلم حبقيقة ذات هللا تعاىل
على وجه اإلحاطة ،ألنه ال سبيل ملعرفة ذلك فيما منلكه من
وسائل معرفية.
العمل
املعرفة اجلزم
الاعتقاد
الظن
مراتب احلمك
19
منهج التفكري وإصدار األحكام
ينطلق املسلم يف تفكريه من األمور اليقينية املقطوع بصحتها،
ويفهم احلوادث اليت جتري حوله من خالل إرجاعها إىل هذه القطعيات
َ ۡ ُ َّ ُۡ ٓ ۡ
اليقينية ،ويف هذا يقول هللا تعاىل :ﵟ َوقل َجا َء ٱلحَ ُّق َو َزه َق ٱل َب َٰ ِطل ُۚ إ ِن
ٗ ۡ َ َٰ َ َ َ
ان َز ُهوقا ﵞ ﵝال ِإ ۡس َراء الآية ﵑﵘﵜ ،فاملعتمد يف املعرفة هو العلم اليقيين ٱلب ِطل ك
املقطوع بصحته ،وأما األوهام والفرضيات املظنونة واملتخيلة فهي
مرفوضة ما مل يسندها العلم الصحيح ،فاليقني أكرب من الشك.
الشك اليقين
ب م ِۡن ُه َء َايَٰتٞ ك ٱلۡك َِت َٰ َ ُ َ َّ ٓ َ َ َ َ َ ۡ َ
وقال تعاىل :ﵟهو ٱلذِي أنزل علي
ِين في قُلُوبهمۡ َ
تۖ ٞفَأ َّما ٱلَّذ َ شب َه َٰ ٞ ُّ ۡ َ َ َٰ ٌ ُ َّ ُ ُّ ۡ َ َٰ َ ُ َ ُ ُ َ َ
ِِ ِ َٰ
ب وأخر مت ِ محكمت هن أم ٱلكِت ِ
َ ۡ َٓ َ َٓ ۡ
ش َب َه م ِۡن ُه ٱبۡتِغا َء ٱلفِ ۡت َنةِ َوٱبۡتِغا َء تأوِيلِهِۖٞۦ َو َما َي ۡعل ُم ون َما ت َ َ َٰ
َ ۡ َ ُ َّ َ َ ٞ
زيغ فيتبِع
ۡ ُٞ َّ َ َ ۡ ۡ َُ ُ َ َ ۡ َ ُ ٓ َّ َّ ُ َ َّ َٰ ُ َ
تأوِيلهۥ إِلا ٱّللُۗ وٱلرسِخون فِي ٱلعِل ِم يقولون ءامنا بِهِۦ كل مِن عِن ِد
َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ َّ ٓ ُ ْ ُ ْ ۡ َ ۡ
ب ٧ﵞ ﵝال عِمران الآية ﵗﵜ ،فهذه اآلية َ ۡ ٓ َٰ
ربِناُۗ وما يذكر إِلا أولوا ٱلألب ِ
الكرمية تبني املنهج اإلسالمي يف التعامل مع املعلومات ومعاجلتها،
فهناك معلومات صحيحة قطعية الثبوت والداللة هي األساس يف البناء
20
املعريف ،وهناك معلومات غري جمزوم بصحتها ،وحىت نستطيع فهم
األمور بشكل صحيح فإنه علينا أن نعتمد على املعلومات اليقينية
وإرجاع املعلومات غري املتيقن بصحتها إليها ،فإذا كانت تلك
املعلومات املشكوك فيها تتوافق مع اليقينيات أخذان هبا وارتفعت
مرتبتها يف السلم املعريف ،وإن كانت غري متوافقة مع اليقينيات رفضناها
وتركنا األخذ هبا.
وعلينا أن نعرف أن قطعيات العقل توافق قطعيات اخلرب،
وكالمها يوافق قطعيات التجربة ،والظنيات اتبعة للقطعيات ،فإن
شرعي
ي ن
ظن مع قطعي قحدم القطعي عليه ،وإن تعارض ظ ي
تعارض ي
مع ظن عقلي قحدم الظن الشرعي.
وهلذا وضع علماؤان علم املنطق االسالمي للحكمني العقلي
والعادي ،ووضعوا علوم العربية وعلم أصول الفقه وما يتبعها من أصول
التفسري وأصول احلديث وتوابعها للحكم الشرعي -الوضعي ،-وما
ذلك إال لتحقيق قانون للحوار واجلدل والنقاش خلص إليه علماؤان
من خالل فهمهم العميق للكتاب والسنة ملخصه" :إن كنت انقال
21
فالصحة أو مدعيا فالدليل" ( ،) 1وكل هذا مما تفردت به األمة
اإلسالمية عن غريها من األمم ،فال جتد مثل هذه العلوم عند غري
املسلمني ،بل العامل اليوم مفتقر هلذه العلوم ،اللهم سوى املنطق إال
أهنم زادوا يف مباحثه أضعاف األمم السابقة.
وعلينا أن نلتفت إىل ملحظ هام وهي أن وظيفة هذه العلوم –
أي علوم الوسائل -هي ضبط النفس عن اتباع اهلوى يف فهم الكون
والنصوص ،ولك أن تسميها "ضوابط املعرفة وفهم النصوص".
قال الشيخ سعيد حوى رمحه هللا تعاىل عن أمهية معرفة احلكم
والتمييز بني أقسامه وحسن توظيفها .." :فإذا اجتمع لإلنسان أحكام
عقلية صحيحة وأحكام عقلية عادية صحيحة ومعرفة ابألحكام
الشرعية؛ وسار على ضوء ذلك كله فإنه يكون على بصرية من أمره،
وإذا اجتمع للناس هذا كله وساروا على ضوئه فإهنم يكونون على
هدى ،وإذا ما اختلط األمر على الناس فعطلوا األحكام الشرعية أو
أمهلوا األحكام العادية أو العقلية أو مل يعرفوا حمل احلكم العقلي
والعادي من شرع هللا تعاىل ،أو انقضوا بني احلكم العادي واحلكم
الشرع
القطعيات
العقل التجربة
) 1جوالت يف الفقهني الكبري واألكرب ،سعيد حوى ،دار عمار ،ط1408 :ه-
1988م ،ص.26
23
أقسام احلكم
سبق ذكر تعريف احلكم اصطالحاً :أنه إثبات أمر ألمر أو نفيه
عنه ،وأنه يقسم ابلنظر إىل احلاكم إىل ثالثة أقسام هي:
.1احلكم العادي :وهو إثبات أمر ألمر أو نفيه عنه بتكرره على
احلس.
.2احلكم الوضعي :وهو إثبات أمر ألمر أو نفيه عنه بوضع واضع.
.3احلكم العقلي :وهو إثبات أمر ألمر أو نفيه عنه من غري وضع
واضع أو تكرره على احلس.
وفيما أييت تفصيل ألقسام احلكم وكل واحد منه على حدة.
أقسام الحكم
24
احلكم العقلي
ومسي احلكم عقلياً نسبة للعقل ،ذلك ألن إثبات احلكم أو نفيه
يكون مستنداً على العقل دون احلاجة إىل شيء آخر كالتكرار على
احلواس أو اخلطاب اخلربي ،فاحلكم يفهم من جمرد العقل.
والعقل :سر روحاين تدرك به النفس العلوم الضرورية والنظرية.
وحمله القلب ونوره يف الدماغ ،وابتداؤه من حني نفخ الروح يف اجلنني،
وأول كماله حني البلوغ ،ولذا كان التكليف ابلبلوغ ،وقيل العقل قوة
للنفس مع ّدة الكتساب اآلراء( .)1والعقل مناط التكليف ،وهو حجة
يف املعارف وليس حجة يف األحكام.
وأمهية معرفة األحكام العقلية أهنا تضبط عقل اإلنسان حىت
ال يسري بدافع من اهلوى والوهم والغلط ،لذا قال اإلمام اجلويين رمحه
هللا" :إن تصور معاين أقسام احلكم العقلي هو نفس العقل"(.)2
) 1شرح اخلريدة البهية ،أمحد بن حممد العدوي (الدردير) ،ت :عبد السالم شنار ،دار
البريويت ،ط1420 :1ه – 2004م ،ص.32
) 2تقريب البعيد إىل جوهرة التوحيد ،علي بن حممد الصفاقسي ،ت :احلبيب بن طاهر،
جملة الزيتونة ،ص.18
25
واحلكم العقلي يقسم إىل(:)1
)1الوجوب؛ لغة :الثبوت .واصطالحاً :عدم قبول االنتفاء لذاته.
)2االستحالة؛ لغة :االمتناع .واصطالحاً :عدم قبول الثبوت لذاته.
)3اجلواز؛ لغة :املرور .واصطالحاً :قبول الثبوت واالنتفاء على
البدل ،ويسمى أيضاً ابإلمكان.
واألشياء ابلنظر لألحكام العقلية تقسم إىل:
)1الواجب :وهو ما ال يقبل االنتفاء يف ذاته( .)2أي أن العقل ال
يصدق بعدم ذلك الشيء وانتفائه ابلنظر لذاته ال لشيء آخر؛
كوجود هللا تعاىل وصدق األنبياء عليهم السالم ،قال تعاىل على
لسان سيدان موسى عليه السالم :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕ
ﭖﭗﭘﭙﭼ األعراف.١٠٥ :
)2املستحيل :وهو ما ال يقبل الثبوت يف ذاته( .)3أي أن العقل ال
يصدق بوجود ذلك الشيء وثبوته ابلنظر لذاته ال لشيء آخر،
الحكم العقلي
28
احلكم العادي (التجرييب)
احلكم العادي :وهو إثبات الربط بني أمرين وجوداً وعدماً مع
القران بينهما على احلس( ،)1ويعرفصحة التخلف بواسطة تكرار ِ
ابلتجربة والتكرار ،يقسم من حيث املصدر إىل:
)1عادة كونية :وهي وقوع املخلوقات على نظام معني .كدورة
الكواكب حول النجوم ،ودورة حياة الكائنات احلية.
)2عادة بشرية :وهي ما تعارف عليه البشر من أحكام وتوارثوه.
كعادات القبائل ،وأحكام القوانني يف البالد.
ومعتقد أهل السنة أن مجيع األسباب العادية إمنا أجرى هللا تعاىل
العادة أن خيلق الفعل عندها ال هبا ،فاألسباب العادية ال أتثري هلا،
وأما التأثري – وهو اخللق – فال داللة للعادة عليه أصالً ،وإمنا غاية ما
دلت عليه العادة هو الربط بني أمرين ،أما تعيني الفاعل فليس للعادة
فيه مدخل وال منها يُتلقى علم ذلك(.)2
30
احلكم الشرعي
احلكم الشرعي :وهو خطاب هللا تعاىل املتعلق أبفعال املكلفني
ابالقتضاء أو الوضع أو التخيري .وحمله كتب الفقه وأصوله.
واملكلف :هو البالغ العاقل سليم احلواس الذي وصلته الدعوة.
وسبيل معرفة احلكم الشرعي هو النقل لكالم الوحي.
والنقل :هو اإلتيان بقول الغري على ما هو عليه حبسب املعىن
مظهراً أنه قول الغري(.)1
وتصحيح النقل يكون ببيان صدق ما نسب الناقل إىل املنقول
عنه منسوب إليه يف نفس األمر( ،)2وأمانة النقل يكون:
غري اللفظ.
.1أال يغري املعىن ولو ّ
.2أن يظهر أنه قول الغري.
) 1شرح الرشيدية على منت آداب البحث واملناظرة ،عبد الرشيد اجلونغوري ،ت :علي
الغرايب ،مكتبة اإلميان ،ط1427 ،1ه -ت 2006م ،ص.17
) 2شرح الرشيدية على منت آداب البحث واملناظرة ،ص.18
31
واحلكم الشرعي يقسم إىل:
أ) األحكام التكليفية :وهي ما حيصل هبا التكليف وهي تقسم إىل:
.1الفرض :وهو طلب الفعل على وجه اإللزام ،ويسمى أيضاً
اإلجياب.
.2الندب :وهو طلب الفعل على غري وجه إلزام ،ويسمى أيضاً
السنة واالستحباب.
.3اإلابحة :وهي تساوي طلب اإلتيان ابلفعل أو تركه.
.4الكراهة :وهي طلب ترك الفعل على غري وجه إلزام.
.5احلرمة :وهي طلب ترك الفعل على وجه إلزام.
وتقسم األشياء ابلنظر لألحكام الشرعية التكليفية إىل:
.1الواجب أو الفرض :هو ما طلب الشارع من املكلفني فعله
على وجه إلزام ،كوجوب اإلميان وإقامة الصلوات املفروضة.
.2املندوب أو السنة :وهو ما طلب الشارع من املكلفني فعله
على غري وجه إلزام ،كاإلتيان ابلصلوات الرواتب والسواك.
.3املباح :وهو ما خري الشارع من املكلفني فعله وتركه ،كلبس
الثياب امللونة واألكل والشرب واملشي والنوم.
32
.4املكروه :وهو ما طلب الشارع من املكلفني تركه على غري
وجه إلزام ،كنفض ماء الوضوء.
.5احلرام :وهو ما طلب الشارع من املكلفني تركه على وجه
إلزام ،كشرب اخلمر والزان والسرقة والكذب.
ويقسم الفرض إىل:
.1فرض عني :وهو طلب الفعل من كل مكلف بعينه ،كأداء
صالة اجلمعة للرجال.
.2فرض كفاية :وهو طلب إيقاع الفعل يف األمة بغض النظر
عمن يقوم به ،كالصناعات اليت حتتاجها األمة اإلسالمية.
***************
ب) األحكام الوضعية :وهي ما وضعه الشارع أمارة على الفعل .أي
أن الشارع نصب سبباً أو شرطاً أو مانعاً ملا ذكر من األحكام
التكليفية اخلمسة الداخلة يف كالمنا حتت الطلب واإلابحة.
ويقسم احلكم الشرعي الوضعي ابلنظر لذاته إىل:
.1السبب :وهو ما يرتتب على وجوده وجود الفعل ،وعلى
عدمه عدم الفعل ،كطلوع الفجر ألداء صالة الفجر.
33
.2الشرط :وهو ما يرتتب على عدمه عدم الفعل ،وال يرتتب
على وجوده وجود الفعل أو عدمه ،كالطهارة حلمل
املصحف.
.3املانع :وهو ما يرتتب على وجوده عدم الفعل ،وال يرتتب
على عدمه وجود الفعل أو عدمه ،كاحليض مينع الصوم
والصالة للمرأة.
.4الصحيح :وهو ما يعتد به الشارع ويعلق به نفوذ العقد
للمكلف ،كعقود البيع للسلع الطاهرة.
.5الفاسد :وهو ما ال يعتد به الشارع وال يعلق به نفوذ العقد
للمكلف ،كعدم وجود الويل للمرأة يف عقد الزواج.
واملقصود بقولنا أن احلكم الوضعي يقسم ابلنظر لذاته ألنه قد ال
يلزم من وجود السبب وجود املسبب لعروض مانع أو ختلف شرط
وذلك ال يقدح يف تسميته سبباً؛ ألنه لو نظر إىل ذاته مع قطع النظر
عن موجب التخلف لكان وجوده مقتضياً لوجود املسبّب(.)1
الحكم الشرعي
التحريم
السبب
الشرط
المنع حكم الوضعي
الصحة
الفساد
35
أصول احلكم الشرعي
وأصل الدين اإلسالمي أربعة ،وما خيالفها يسمى بدعة مذمومة
وهي:
أوال :القرآن الكرمي :وهو كالم هللا تعاىل املعجز املتعبد بتالوته املنزل
على سيدان حممد ﷺ بواسطة سيدان جربيل املنقول إلينا ابلتواتر
املبدوء ابلفاحتة واملختوم ابلناس.
اثنيا :السنة املشرفة :وهي كل ما نقل عن سيدان حممد ﷺ من قول
أو فعل أو تقرير أو صفة خ ْلقية أو ُخلُقية.
اثلثا :اإلمجاع :هو اتفاق علماء األمة على أمر شرعي يف عصر ما
ومل يكن له خمالف فيه بعد عصر النبوة.
رابعا :القياس :وهو رد الفرع إىل األصل بعلة جتمعهما يف احلكم.
36
اإلجماع السنة
37
أقسام احلديث الشريف
واحلديث الشريف يقسم من حيث القائل إىل:
.1احلديث القدسي :وهو الذي يرفعه الرسول ﷺ إىل ربه عز وجل،
ومن صيغه قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فيما يرويه عن ربه
ﷻ...
.2احلديث النبوي :وهو احلديث الذي يرفعه الراوي إىل النيب ﷺ،
ومن صيغه عن أيب هريرة قال :قال رسول هللا ﷺ.
.3احلديث املوقوف :وهو ما أضيف إىل الصحايب من قول أو فعل
ومل يرفعه إىل النيب ﷺ.
.4احلديث املقطوع :وهو ما أضيف إىل التابعي من قول أو فعل.
واحلديث الشريف يقسم من حيث السند إىل:
()1
أ) املتواتر :وهو ما رواه مجع عن مجع مثلهم يستحيل تواطؤهم
على الكذب ،وهو يوجب العلم والعمل.
) 1تواطؤهم أي اتفاقهم.
38
ب) اآلحاد :وهو ما رواه فرد أو أكثر مل يبلغوا حد التواتر ،وهو
يوجب العمل دون العلم.
ويقسم حديث اآلحاد من حيث الصحة إىل:
.1احلديث الصحيح :وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط
عن مثله من غري شذوذ وال علة.
.2احلديث احلسن :وهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط ضبطاً
أخف من الصحيح من غري شذوذ وال علة.
.3احلديث الضعيف :وهو ما مل جيمع صفات القبول املشروط يف
احلسن والصحيح.
.4احلديث املوضوع :وهو احلديث املكذوب عن النيب ﷺ.
39
الحديث القدسي
الحديث النبوي
الحديث المقطوع
الحديث الصحيح
الحديث المتواتر
الحديث الحسن من حيث السند
الحديث اآلحاد
الحديث الضعيف
الحديث الموضوع
40
الفهرس
Contents
املقدمة 3 .........................................................
احلكم ووسائل املعرفة 6 ...........................................
مراتب العلم احلادث 14 ..........................................
منهج التفكري وإصدار األحكام20 ................................
أقسام احلكم 24 .................................................
احلكم العقلي 25 ............................................
احلكم العادي (التجرييب)29 .................................
احلكم الشرعي 31 ..........................................
أصول احلكم الشرعي 36 ....................................
أقسام احلديث الشريف 38 ..................................
الفهرس41 .....................................................
41
42