You are on page 1of 388

‫دراسات إسالمية‬

‫التصوف‬
‫طريق التزكية و اإلحسان‬

‫تأليف المربي‬
‫د‪ .‬محمد خير فاطمة‬
‫النعيمي الحسيني‬

‫‪-1-‬‬
‫‪‬‬
‫ا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت‪ ،‬كالصبلة على سيد ا‪١‬ترسلُت سيدنا ‪٤‬تمد كعلى آلو كصحبو أ‪ٚ‬تعُت‬
‫كبعد‪:‬‬

‫فإف ا‪١‬تسلم ٭تار ُب أمره عندما ‪٬‬تد الصراع قويان بُت أصحاب التصوؼ كا‪١‬تعادين ‪٢‬تم من علماء‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬فهؤالء ‪٬‬تعلوف التصوؼ جزءان ىامان من اإلسبلـ‪ ،‬كأكلئك ‪٬‬تعلونو بدعة كخركجان عن‬
‫الدين‪ ،‬فأيهم يصدؽ‪ ،‬كبأيهم يقتدل؟‬

‫إف ا‪١‬تسلم الذم يتتب يع ىذا األمر كيقوـ بدراستو دراسة منهجية دقيقة علمية ‪٬‬تد أف التصوؼ إ‪٪‬تا‬
‫ىو اختصاص ُب ركن ىاـ من أركاف الًتبية اإلسبلمية أال كىو فقو الباطن كما ‪ٝ‬تٌاه علماء الشريعة‪،‬‬
‫أك الًتبية الركحية كما ‪ٝ‬تٌاه علماء الًتبية‪ ،‬أك التزكية كما ‪ٝ‬تٌاه القرآف الكرًن‪ ،‬أك اإلحساف كما ‪ٝ‬تٌاه‬
‫النيب العدناف ‪.‬‬

‫كلو أف أىل التصوؼ ‪ٝ‬توا اختصاصهم ُب تربية النفوس كتزكيتها لتبلغ مق ىاـ اإلحساف تسميةى‬
‫القرآف الكرًن أك تسمية السنة الشريفة‪ ،‬لكفونا مشاؽ تلك ا‪ٟ‬تَتة كالدراسة كلكفونا ىذا الصراع‬
‫الذم ال طائل منو كال فائدة‪.‬‬

‫ففي عهد الصحابة ‪ ‬دل يكن ىناؾ حاجة ‪١‬تثل ىذه التسميات االختصاصية فقد كاف الصحابة‬
‫يتلقوف اإلسبلـ متكامبلن من النيب ‪ ‬عن طريق القرآف الكرًن‪ ،‬كسنتو الشريفة‪ ،‬إذل أف جاء عهد‬
‫كم ٍن بعدىم كأخذ العلماء بالتخصص ُب فركع اإلسبلـ من فقو كتفسَت كحديث كلغة‬
‫التابعُت ى‬

‫‪-2-‬‬
‫كغَت ذلك‪ ،‬فكاف أف قاـ أناس بالتخصص‪ُ ،‬ب تزكية النفس كتطهَت القلب كالتمسك بأخبلؽ‬
‫اإلسبلـ كسلوكو كآدابو‪.‬‬

‫كل عل وم من العلوـ الشرعية كغَتىا باس وم ٌ‬


‫خاص بو‪،‬‬ ‫كمعلوـ أف العلماء قد اصطلحوا على تسمية ٌ‬
‫فكاف أف اختار أصحاب ىذا االختصاص ُب الًتبية كالتزكية‪ ،‬اسم التصوؼ‪.‬‬

‫كلعل انتساب بعض ا‪ٞ‬تاىلُت كا‪١‬تغرضُت أك ا‪١‬تنتفعُت أك الدجالُت أك غَتىم من أصحاب األىواء‬
‫ا‪٠‬تاصة إذل أىل التصوؼ كعلمائهم كظهور إساءاهتم الكثَتة‪ ،‬جعل بعض العلماء كا‪١‬تسلمُت‬
‫يعادكف أىل التصوؼ نتيجة لذلك‪ .‬كىذا خطأ فاحش ػ‬

‫فليس من ا‪ٟ‬تق كالعدؿ إصدار حكم على أم ‪ٚ‬تاعة بالنظر إذل تصرفات بعض أفرادىا الذين ال‬
‫يعربكف عنها التعبَت الصحيح‪ ،‬كإ‪٪‬تا إصدار ا‪ٟ‬تكم ‪٬‬تب أف يكوف على اآلراء كاألفكار كاالعتقاد‬
‫كالسلوؾ كاألخبلؽ اليت تطرحها تلك ا‪ٞ‬تماعة‪ ،‬كتعمل كفق مقتضاىا‪.‬‬

‫كا‪١‬تتمعن ُب التصوؼ كما يدعو إليو ُب حقيقتو كجوىره‪٬ ،‬تد أنو من الضركرم التمسك بو كتبٍت‬
‫طرائقو ليتم للمسلم إسبلمو‪ ،‬فالتصوؼ يػي ٍعٌت ّتانب ىاـ من جوانب اإلسبلـ كىو ا‪ٞ‬تانب‬
‫العاطفي الركحي النفسي‪ ،‬يػي ٍعٌت ّتانب الفقو الباطٍت كتزكية النفس كالركح كالقلب‪ ،‬جانب‬
‫ليكمل‬
‫األخبلؽ كالسلوؾ كىو جانب ىاـ كأساسي ُب اإلسبلـ ال ٯتكن االستغناء عنو أبدان ي‬
‫إسبلـ ا‪١‬تسلم كإٯتانو‪ ،‬كليصل إذل أحد أركاف الدين كىو اإلحساف‪.‬‬

‫من أجل ىذا أردت بكتايب ىذا أف أقدـ‪:‬‬

‫أولً‪ -‬مدخبلن إذل علم التصوؼ أبُت فيو بعض ا‪١‬تواضيع ا‪٢‬تامة اليت تتعلق بالتصوؼ ليتعرؼ‬
‫عليها القارئ‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫ثانياً‪ -‬ذكرت بعض ا‪١‬تواضيع ا‪٢‬تامة ا‪١‬تتعلقة ُب سلوؾ ىذا العلم ليطلع عليها القارئ كيفهم‬
‫ا‪١‬تقصود منها‪ ،‬كيسعى إذل تطبيقها كسلوكها‪ ،‬ليصل إذل الغاية ا‪١‬ترجوة من التصوؼ ا‪١‬تتمثلة ُب‬
‫تزكية النفس كهتذيبها كالوصوؿ هبا إذل مقاـ اإلحساف‪.‬‬

‫أما العلم ا‪ٟ‬تقيقي بالتصوؼ كالتطبيق العملي لو‪ ،‬كسلوؾ مسالكو‪ ،‬كمعرفة طرقو‪ ،‬كالوصوؿ إذل‬
‫‪ٙ‬تاره ككمالو‪ ،‬فقد كتبت فيو كتابان آخر ‪ٝ‬تيتو تسمية القرآف تفاديان للقيل كالقاؿ كىو‬

‫[قد أفلح من تزكى‪ ،‬أك منهج اإلسبلـ ُب تزكية النفس]‪.‬‬

‫أرجو من اللٌو القبوؿ‪ ،‬كرضا النيب الرسوؿ ‪ ‬كسركر أىل التصوؼ كالنقوؿ‪.‬‬

‫كآخر دعوانا أف ا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت‪.‬‬

‫المؤلف‬

‫د‪ .‬محمد خير فاطمة‬

‫‪  ‬‬

‫‪-4-‬‬
‫الباب األول‪:‬‬
‫المدخل إلى علم التصوف‬
‫ٔ‪ -‬ما علم التصوف؟‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬تعريف التصوف‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬اشتقاق اسم التصوف‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬نشأة علم التصوف‪.‬‬
‫٘‪ -‬ارتباط التصوف بالشريعة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬ما السبب في أن التصوف لم يظهر إل بعد عهد الصحابة والتابعين؟‬
‫‪ -ٚ‬موقف السلف الصالح من التصوف‪.‬‬
‫‪ -ٛ‬موقف أئمة الحركة السلفية من التصوف‪.‬‬
‫‪ -ٜ‬التصوف المفترى عليو‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬أىمية التصوف‪.‬‬
‫ٔٔ‪-‬حاجتنا إلى التصوف‪.‬‬

‫ٕٔ‪ -‬منهج التصوف‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫ما علم التصوف؟‬
‫ُ) قاؿ ابن عجيبة(ُ)ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪:‬‬
‫(ىو علم يعرؼ بو كيفية السلوؾ إذل حضرة ملك ا‪١‬تلوؾ‪ ،‬كتصفية البواطن من الرذائل‪ ،‬كٖتليتها‬
‫بأنواع الفضائل‪ ،‬كأكلو علم‪ ،‬كأكسطو عمل‪ ،‬كآخره موىبة)(ِ)‪.‬‬
‫ِ) كقاؿ القاضي شيخ اإلسبلـ زكريا األنصارم(ّ) ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪:‬‬
‫(التصوؼ علم تيعرؼ بو أحواؿ تزكية النفوس‪ ،‬كتصفية األخبلؽ‪ ،‬كتعمَت الظاىر كالباطن‪ ،‬لنيل‬
‫السعادة األبدية)(ْ)‪.‬‬
‫ّ) كقاؿ الشيخ أ‪ٛ‬تد زركؽ الفاسي(ٓ) ر‪ٛ‬تو اللٌو‪:‬‬
‫(التصوؼ علم قصد إلصبلح القلوب‪ ،‬كإفرادىا للٌو تعاذل عما سواه)(ٔ)‪.‬‬
‫ْ) كقاؿ العبلمة حاجي خليفة‪:‬‬
‫ىو علم يعرؼ بو كيفية ترقي أىل الكماؿ من النوع اإلنساين ُب مدارج سعاداهتم(ٕ)‪.‬‬

‫(ُ)(ابن عجيبة)‪ :‬أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن ا‪١‬تهدم‪ ،‬ا‪ٟ‬تسٍت األ‪٧‬ترم مفسر صوُب من أىل ا‪١‬تغرب‪.‬مدفوف ببلدة‬
‫أ‪٧‬ترة (بُت طنجة كتطواف توُب (ُِِْ ق = َُٖٗ ـ) لو كتب كثَتة [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ِ) ابن عجيبة‪ :‬معراج التشوؼ إذل حقائق التصوؼ صْ‪.‬‬
‫(ّ)(زكريا األنصارم)‪ :‬قاض مفسر‪ ،‬من حفاظ ا‪ٟ‬تديث‪.‬كلد ُب سنيكة (بشرقية مصر) كتعلم ُب القاىرة‬
‫ككف بصره كلو كتب عديدة توُب (ِٔٗ ق‪ َُِٓ /‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ْ) القشَتم‪:‬على ىامش الرسالة القشَتية صٕ‪.‬‬
‫(ٓ)(أ‪ٛ‬تد زركؽ)‪ :‬صوُب‪ ،‬فقيو‪ ،‬مالكي‪٤ ،‬تدث لو كتب متعددة‪ .‬كلد بفاس ‪ ،‬كتوُب بتكرين (ٖٗٗ‬
‫ق‪ ُّْٗ/‬ـ)‪[ .‬معجم ا‪١‬تؤلفُت لعمر كحالة]‪.‬‬
‫(ٔ) أ‪ٛ‬تد زركؽ الفاسي‪ :‬قواعد التصوؼ‪ ،‬قاعدة ُّ‪ ،‬صٔ‪.‬‬
‫(ٕ) حاجي خليفة‪ :‬كشف الظنوف‪ ،‬جُ‪ ،‬صُّْػُْْ‪.‬‬
‫‪-6-‬‬
‫ٍب قاؿ‪:‬‬

‫معركؼ‬
‫ي‬ ‫إال أخو فطنة با‪ٟ‬تق‬ ‫علم ليس يعرفو‬ ‫علم التصوؼ ه‬
‫مكفوؼ‬
‫ي‬ ‫ككيف يشهد ضوءى الشمس‬ ‫كليس يعرفو من ليس يشهده‬
‫(ُ)‬
‫مكفوؼ‬
‫ي‬ ‫فيقوؿ‪:‬‬ ‫الشعر‬ ‫من‬
‫مكفوؼ‬‫ببيت‬ ‫التصوؼ‬ ‫علم‬ ‫ٓ) كيعرؼ ابن ذكواف‬
‫من كدرات النفس ُب ا‪١‬تواطن‬ ‫علم بو تصفية البواطن‬ ‫ه‬
‫(ِ)‬
‫‪ -‬قاؿ العبلمة ا‪١‬تنجورم ُب شرح ىذا البيت‪( :‬التصوؼ علم يعرؼ بو كيفية تصفية الباطن من‬
‫كدرات النفس أم عيوهبا كصفاهتا ا‪١‬تذمومة كالغل كا‪ٟ‬تقد كا‪ٟ‬تسد كالغش كحب الثناء كالكرب‬
‫كالرياء كالغضب كالطمع كالبخل كتعظيم األغنياء كاالستهانة بالفقراء‪ ،‬ألف علم التصوؼ يطلع‬
‫على العيب كالعبلج ككيفيتو‪ ،‬فبعلم التصوؼ ييتوصل إذل قطع عقبات النفس كالتنزهً عن أخبلقها‬
‫ا‪١‬تذمومة كصفاهتا ا‪٠‬تبيثة‪ ،‬حىت يتوصل إذل ٗتلية القلب عن غَت اللٌو تعاذل‪ ،‬كٖتليتو بذكر اللٌو‬
‫تعاذل)(ّ)‪.‬‬
‫ٔ) كقاؿ أبو ا‪ٟ‬تسن بن أيب ذر(ْ) ُب كتابو (منهاج الدين) أنشدكنا للشبلي(ٓ)‪:‬‬

‫(ُ)(ابن ذكواف) أ‪ٛ‬تد بن عبد اهلل بن ذكواف‪ ،‬أبو العباس‪ :‬قاضي القضاة باألندلس‪ .‬كاله ا‪١‬تنصور بن أيب‬
‫عامر القضاء بقرطبة‪ .‬توُب(ُّْ ق ‪ َُِِ /‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ِ)علي بن ‪٤‬تمد بن عبد اهلل ا‪١‬تنجورم البلخي العادل احملدث ‪ٝ‬تع مالكا كشعبة ذكره ا‪٠‬تليلي ُب اإلرشاد‬
‫كقاؿ ثقة‪[.‬لساف ا‪١‬تيزاف‪ :‬ابن حجر]‬
‫(ّ)مصطفى إ‪ٝ‬تاعيل ا‪١‬تدين‪ :‬النصرة النبوية على ىامش شرح الرائية للفاسي‪ ،‬صِٔ‪.‬‬
‫(ْ)ابن أيب ذر‪ :‬الشيخ العادل الصدكؽ أبو مكتوـ عيسى بن ا‪ٟ‬تافظ الكبَت أيب ذر عبد بن أ‪ٛ‬تد األنصارم‪،‬‬
‫األنصارم‪ ،‬ا‪٢‬تركم‪ٍ ،‬ب السركم‪ ،‬توُب (َّٓىػ ػ ػػ) عن عمر يناىز ثبلث كتسعُت سنة‪[.‬سَت أعبلـ النببلء‪:‬‬
‫للذىيب]‬
‫(ٓ)(الشبلي) ‪٤‬تمد بن عبد اهلل الشبلي الدمشقي‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬بدر الدين بن تقي الدين‪ :‬فاضل متفنن‪.‬‬
‫من فقهاء ا‪ٟ‬تنفية‪.‬كلد بدمشق‪ ،‬ككاف أبوه (قيم الشبلية كىي قرية ّتانب ‪ٝ‬ترقند) فيها‪ .‬كرحل إذل القاىرة‪،‬‬
‫ككرل قضاء طرابلس الشاـ كاستمر ُب القضاء إذل أف توُب هبا(ٕٗٔ ق ‪ ُّٕٔ/‬ـ)‪[.‬األعبلـ للزركلي]‬
‫‪-7-‬‬
‫ىربيويب‬ ‫‪ٝ‬تاكم‬ ‫ىس ًٍتي‬ ‫علم‬ ‫علم التصوؼ علم ال نفاد لو‬
‫ً (ُ)‬
‫صوصي‬ ‫أىل ا‪ٞ‬تىزالىة كالصنع ا‪٠‬تي ي‬ ‫يعرفها‬ ‫لؤلرباب‬ ‫فوائد‬ ‫فيو‬
‫ا‪٠‬تصوصي‬ ‫ٕ) كقاؿ ابن خلدكف(ِ) ُب مقدمتو‪:‬‬
‫( كىذا العلم ػ يعٍت التصوؼ ػ من العلوـ الشرعية ا‪ٟ‬تادثة ُب ا‪١‬تلة‪ ،‬كأصلو أف طريقة ىؤالء القوـ دل‬
‫تزؿ عند سلف األمة ككبارىا من الصحابة كالتابعُت كمن بعدىم طريقةى ا‪ٟ‬تق كا‪٢‬تداية‪ ،‬كأصلها‬
‫العكوؼ على العبادة‪ ،‬كاالنقطاع إذل اللٌو تعاذل‪ ،‬كاإلعراض عن زخرؼ الدنيا كزينتها‪ ،‬كالزىد ُب‬
‫ما يقبل عليو ا‪ٞ‬تمهور من لذة ماؿ كجاه‪ ،‬كاالنفراد عن ا‪٠‬تلق كا‪٠‬تلوة للعبادة‪ ،‬ككاف ذلك عامان ُب‬
‫الصحابة كالسلف‪ :‬فىػلى ٌما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده‪ ،‬كجنح الناس إذل‬
‫‪٥‬تالطة الدنيا‪ ،‬اختص ا‪١‬تقبلوف على العبادة باسم الصوفية كا‪١‬تتصوفة)(ّ)‪.‬‬
‫ٖ) كقاؿ العبلمة الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردم(ْ)‪:‬‬
‫(كاعلم أف التصوؼ كيقاؿ لو علم الباطن من أجل العلوـ قدران‪ ،‬كأعظمها ‪٤‬تبلن كفخران‪ ،‬كأسناىا‬
‫مشسان كبدران‪ ،‬كقد فضل اللٌو أىلو على الكافة من عباده بعد رسلو كأنبيائو صلوات اللٌو كسبلمو‬

‫(ُ) أبو بكر ‪٤‬تمد الكبلباذم‪ :‬التعرؼ ‪١‬تذىب أىل التصوؼ‪ ،‬صٖٖ‪.‬‬
‫(ِ)ابن خلدكف‪ :‬ىو عبد الر‪ٛ‬تن ‪٤‬تمد بن ‪٤‬تمد بن ا‪ٟ‬تسن‪ ،‬أبو زيد ‪ ،‬ا‪ٟ‬تضرمي‪ ،‬األشبيلي األصل التونسي‬
‫ٍب القاىرم‪ ،‬ا‪١‬تالكي‪ ،‬ا‪١‬تعركؼ بابن خلدكف‪ .‬عادل ‪ ،‬أديب‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬حكيم‪ .‬ككرل ُب مصر قضاء‬
‫ا‪١‬تالكية‪ .‬كأخذ الفقو عن قاضي ا‪ٞ‬تماعة ابن عبد السبلـ كغَته‪ .‬توُب‪ َٖٖ( :‬ىػ) من تصانيفو‪ :‬العرب كديواف‬
‫ا‪١‬تبتدأ كا‪٠‬ترب ُب أياـ العرب كالعجم كالرببر كىو ا‪١‬تعركؼ بتاريخ ابن خلدكف‪،‬كشرح الربدة"‪[.‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) مقدمة ابن خلدكف صِّٗ‪.‬‬
‫بلي الكردم‪ :‬عادل صوُب كاعظ‪ ،‬من أىل إربل‪ .‬تعلم‬ ‫لكردم) ‪٤‬تمد أمُت بن فتح اهلل اإلر ٌ‬
‫(ْ)(‪٤‬تمد أمُت ا ٌ‬
‫باألزىر كتوُب بالقاىرة‪ .‬لو كتب عديدة‪ .‬توُب( ُِّّ ق ‪ ُُْٗ /‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫‪-8-‬‬
‫عليهم‪ ،‬كجعل قلوهبم معدف األسرار‪ ،‬كاختصهم من بُت األمة بطوابع األنوار‪ ،‬فهم الغياث‬
‫للخلق‪ ،‬كالدائركف ُب عموـ أحوا‪٢‬تم مع ا‪ٟ‬تق)(ُ)‪.‬‬
‫ٍب يقوؿ‪( :‬كفضلو أنو أشرؼ العلوـ لتعلقو ٔتعرفة اللٌو تعاذل كحبو كىي أفضل على اإلطبلؽ‪،‬‬
‫كنسبتو إذل غَته من العلوـ أنو أص هل ‪٢‬تا كشرط فيها إذ ال علم كال عمل إال بقصد التوجو إذل اللٌو‬
‫فنسبتو ‪٢‬تا كالركح للجسد)(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬من ىذه األقواؿ ‪٧‬تد أف التصوؼ علم قائم بذاتو كىو من أشرؼ العلوـ‪ ،‬كىو علم ٮتتص بعلم‬
‫الباطن كفقهو‪ ،‬كإصبلح القلب كتزكيتو‪ ،‬كتطهَت النفس كهتذيبها‪ ،‬كيسعى إذل الوصوؿ إذل مقاـ‬
‫اإلحساف‪ ،‬ك يستحسن ىنا أف نستشهد بقوؿ األستاذ عبد البارم الندكم (ّ)‪:‬‬
‫(فإف أىب شخص أف يعًتؼ بالتصوؼ كعلم بعينو‪ ،‬كفن بذاتو‪ ،‬فىلً ىم ال ينفر كيشمئز من‬
‫ا‪١‬تصطلحات الدينية األخرل من تفسَت كمفسر‪ ،‬كٕتويد ك‪٣‬تود‪ ،‬ككبلـ كمتكلم‪ ،‬كغَتىا) (ْ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ‪٤‬تمد أمُت الكردم‪ :‬تنوير القلوب صّْٔ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬تصدر السابق‪ ،‬صّْٖ‪.‬‬
‫(ّ) عبد البارم الندكم‪ :‬أستاذ الفلسفة ا‪ٟ‬تديثة ُب ا‪ٞ‬تامعة العثمانية ْتيدر آباد سابقان‪.‬‬
‫(ْ) عبد البارم الندكم‪:‬بُت التصوؼ كا‪ٟ‬تياة‪.‬‬
‫‪-9-‬‬
‫تعريف التصوف‬
‫‪-‬يقوؿ الشيخ السهركردم(ُ) رضي اللٌو تعاذل عنو‪( :‬أقواؿ ا‪١‬تشايخ ُب ماىية التصوؼ تزيد على‬
‫ألف قوؿ) (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ الشيخ أ‪ٛ‬تد زركؽ(ّ) ُب قواعده‪( :‬كقد يح ٌد التصوؼ كرسم كفسر بوجوه تبلغ ‪٨‬تو األلفُت‬
‫مرجع كلها صدؽ التوجو إذل اللٌو كإ‪٪‬تا ىي كجوه فيو)(ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬إذان للتصوؼ تعريفات كثَتة اذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫ُـ قال اإلمام الغزالي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬
‫(التصوؼ‪ :‬ىو ٕتريد القلب للٌو تعاذل كاحتقار ما سواه‪ ،‬أم ٗتليص القلب للٌو تعاذل‪ ،‬كاعتقاد ما‬
‫سواه اعتقادان أنو ال يضر كال ينفع‪ ،‬فبل يعوؿ إال على اللٌو‪ ،‬فا‪١‬تراد باحتقار ما سواه اعتقاد أنو ال يضر‬
‫كال ينفع‪ ،‬كليس ا‪١‬تراد اإلزدراء كالتنقيص)(ٓ)‪.‬‬
‫ٕـ وقال الشبلي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬
‫(التصوؼ‪ :‬ضبط حواسك‪ ،‬كمراعاة أنفاسك)(ٔ)‪.‬‬

‫(ُ)السهركردم‪ :‬العبلمة‪ ،‬الفيلسوؼ ا‪١‬تنطقي‪ ،‬شهاب الدين ٭تِت بن حبش بن أمَتؾ السهركردم‪ ،‬كاف‬
‫يتوقد ذكاء‪ .‬بارعا ُب أصوؿ الفقو‪ ،‬فصيحا‪ .‬لو عدة مصنفات‪.‬توُب سنة (ٕٖٓى ػ ػ ػػ)‪[ .‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ِ) يوسف خطار ‪٤‬تمد‪ :‬ا‪١‬توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية‪ ،‬صّٖ‪.‬‬
‫(ّ)ا‪ٛ‬تد زركؽ‪ :‬ا‪ٛ‬تد بن ا‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن عيسى الربلسي‪ ،‬الفاسي‪ ،‬ا‪١‬تالكي‪ ،‬الشهَت بزركؽ (شهاب‬
‫الدين أبو الفضل)صوُب‪ ،‬فقيو‪٤ ،‬تدث‪ .‬كلد بفاس‪ ،‬كتوُب ُب تكرين (ٖٗٗ ق‪ُّْٗ/‬ـ)‪[ .‬معجم ا‪١‬تؤلفُت‪:‬‬
‫عمر كحالة]‬
‫(ْ) أ‪ٛ‬تد زركؽ الفاسي‪ :‬قواعد التصوؼ‪ ،‬القاعدة الثانية‪.‬‬
‫(ٓ) أبو اليسر عابدين‪ :‬حكايا الصوفية صِٓػِٔ‪.‬‬
‫(ٔ) عبد الوىاب سبكي‪ :‬معيد النعم كمبيد النقم‪ ،‬صْٗ‪.‬‬
‫‪- 11 -‬‬
‫ّـ وقال أبو الحسن الشاذلي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫(التصوؼ‪ :‬تدريب النفس على العبودية‪ ،‬كردىا ألحكاـ الربوبية)(ُ)‪.‬‬


‫ٗـ وقال الشيخ محيي الدين بن عربي(ِ) رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫(التصوؼ ىو الوقف مع اآلداب الشرعية ظاىران كباطنان‪.‬‬

‫كقاؿ أيضان‪:‬‬

‫(التصوؼ خلق فمن زاد عليك ُب ا‪٠‬تلق زاد عليك ُب التصوؼ)(ّ)‪.‬‬

‫٘ـ وقال اإلمام الجنيد رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫(التصوؼ تصفية القلب عن موافقة الربية‪ ،‬كمفارقة األخبلؽ الطبيعية‪ ،‬كإ‪ٜ‬تاد الصفات البشرية‪،‬‬
‫ك‪٣‬تانبة الدكاعي النفسية‪ ،‬كمنازلة الصفات الركحانية‪ ،‬كالتعلق بالعلوـ ا‪ٟ‬تقيقية‪ ،‬كاستعماؿ ما ىو‬
‫أكذل على األبدية‪ ،‬كالنصح ‪ٞ‬تميع األمة‪ ،‬كالوفاء للٌو على ا‪ٟ‬تقيقة‪ ،‬كاتباع الرسوؿ ‪ُ ‬ب‬
‫الشريعة)(ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬كأقوؿ‪ :‬كبعد أف تربيت على ً‬
‫يد أشياخ التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيُت‪ ،‬كسلكت مسلكهم ُب تربية نفسي‬
‫كأنٍػ يف ً‬
‫س من خدمتهم من أجياؿ الشباب الكثَتين منذ أكثر من ‪ٜ‬تسُت عامان على ىذه الطريق‪.‬‬

‫(ُ) حامد صفر‪ :‬نور التحقيق‪ ،‬صّٗ‪.‬‬


‫(ِ)الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن عريب‪٤ :‬تمد بن علي بن ‪٤‬تمد بن أ‪ٛ‬تد بن عبد اهلل‪ ،‬أبو بكر الطائي ا‪ٟ‬تا٘تي‬
‫األندلسي‪ ،‬كا‪١‬تعركؼ بابن عريب‪ ،‬صاحب التصنيفات الكثَتة ُب التصوؼ كغَته‪ ،‬ذكر أنو ‪ٝ‬تع ٔترسية من‬
‫ابن بشكواؿ‪ ،‬ك‪ٝ‬تع ببغداد كمكة كدمشق‪ ،‬توُب(ّٖٔى ػػ)‪[ .‬فوات الوفيات‪٤ :‬تمد بن شاكر الكتيب]‪.‬‬
‫(ّ) شرح كلمات الصوفية صِّٔ نقبلن عن ا‪١‬توسوعة اليوسيفية‪.‬‬
‫(ْ) التعرؼ ‪١‬تذىب أىل التصوؼ‪ ،‬صِٓ‪.‬‬
‫‪- 11 -‬‬
‫‪ -‬أقوؿ‪ :‬إف التصوؼ ىو طريق ٖتقيق التزكية للنفس اليت ذكرت ُب القرآف الكرًن ُب عدة آيات‪،‬‬
‫كسبيل ٖتقيق مقاـ اإلحساف الذم ذكره النيب ‪ ،‬ىذا الطريق الذم ‪٬‬تب أف يسلكو كل مسلم‬
‫ليكوف مطبًقان الشريعة على أكمل كجو متقيدان بالقرآف كالسنة‪ ،‬فبالتصوؼ يعرؼ ا‪١‬تسلم ربو حق‬
‫ا‪١‬تعرفة‪ ،‬فيسعى إذل تقوية عبلقتو بو اليت ٕتعل منو ‪٪‬توذجان فذان كمثاالن كاقعيان ‪ٟ‬تقائق اإلسبلـ‬
‫كاإلٯتاف كاإلحساف‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫اشتقاق اسم التصوف‬
‫‪ -‬نزؿ الوحي على رسوؿ اللٌو ‪ ‬باإلسبلـ كأخذ الرسوؿ ‪ ‬يدعو إليو ككاف نزكؿ القرآف الكرًن‬
‫على رسوؿ اللٌو ‪ ‬نزكالن منجمان متتابعان مدة ثبلث كعشرين سنة‪ ،‬ككاف الصحابة الكراـ كلما‬
‫نزلت آيات من القرآف تلقوىا من رسوؿ اللٌو ‪ ‬كتعلموىا كحفظوىا كعملوا ٔتا فيها‪ٍ ،‬ب قاموا‬
‫بالدعوة إليها‪.‬‬

‫ص ًحبىهم من التابعُت‪ٍ ،‬ب‬


‫فالصحابة ‪ ‬أخذكا تعاليم اإلسبلـ عن النيب ‪ ،‬كأخذىا عنهم من ى‬
‫أخذىا عن التابعُت من صحبهم ‪٦‬تن ي‪ٝ‬توا تابعي التابعُت‪ ،‬كىم الذين ى‪٨‬تى ٍوا بتلك التعاليم منحى‬
‫ٗتصصيان‪ ،‬فمنهم من ٗتصص ُب القرآف الكرًن كما يتعلق بو من علوـ كالتفسَت كغَته‪ ،‬كمنهم من‬
‫ٗتصص با‪ٟ‬تديث النبوم كما يتعلق بو من علوـ فرعية كثَتة كعلم الركاية كالدراية‪ ،‬كمنهم من‬
‫ٗتصص بعلوـ اللغة كالنحو كالصرؼ كالببلغة كاألدب كغَت ذلك‪ ،‬كمنهم من ٗتصص ُب علم‬
‫الفقو كما يتعلق بو من األحكاـ الشريعة‪ ،‬كقد دكنت ىذه العلوـ ا‪١‬تنقولة كاستحدثت ‪٢‬تا أ‪ٝ‬تاء‬
‫كمصطلحات متعددة دل تكن ُب زمن رسوؿ اللٌو ‪ ‬فمن اشتغل بالتفسَت ي‪ٝ‬تي (مفسران) كمن‬
‫اشتغل با‪ٟ‬تديث الشريف ي‪ٝ‬تي (‪٤‬تدثان) كمن اشتغل ُب اللغة ي‪ٝ‬تي (لغويان) كمن اشتغل بالفقو ي‪ٝ‬تي‬
‫(فقيهان) أما من اشتغل بالًتبية كاألخبلؽ كالسلوؾ ُب طريق اللٌو ي‪ٝ‬تي (صوفيان)‪.‬‬

‫‪ -‬إذف ىذه األ‪ٝ‬تاء دل تكن على عهد رسوؿ اللٌو ‪ ‬كإ‪٪‬تا ىي مصطلحات كأ‪ٝ‬تاء مستحدثة‬
‫للعلوـ الشرعية اليت جاء هبا سيدنا ‪٤‬تمد ‪ ،‬فمن ٗتصص ُب علم من ىذه العلوـ أك غَتىا‬
‫ك‪ٝ‬تي با‪ٝ‬تو ا‪١‬تستحدث ال يتعارض عن تسميتو مسلمان‪ ،‬إ ٍذ ليس كل اسم أك كصف‬
‫فنسب إليو ي‬
‫دل يأت ُب القرآف الكرًن أك السنة الشريفة ٭ترـ التسمي بو بل ىو جائز شرعان فقد ‪ٝ‬تى اللٌو‬
‫سبحانو كتعاذل ا‪١‬تسلمُت بأ‪ٝ‬تاء عديدة السابقُت الصا‪ٟ‬تُت ػ ا‪١‬تخبتُت ‪ ...‬كغَت ذلك بأعماؿ‬
‫اتصفوا هبا كاستداموا عليها‪.‬‬
‫‪- 13 -‬‬
‫‪ -‬كذلك ي‪ٝ‬تي بعض الصحابة بأ‪ٝ‬تاء نسبة إذل قبائلهم أك أكطاهنم مثل سيدنا أيب ذر (الغفارم)‬
‫كسيدنا ببلؿ (ا‪ٟ‬تبشي) كسيدنا سلماف (الفارسي) كسيدنا صهيب (الركمي)‪.‬‬

‫‪٩ -‬تلص ‪٦‬تن سبق إذل أف إطبلؽ التصوؼ كالصوُب على من سلك منهج تزكية النفس ُب‬
‫اإلسبلـ ال يناقض كيعارض تسميتو مسلمان‪ ،‬كال يدؿ على خركج عن اإلسبلـ كتعاليمو‪ ،‬كال يثَت‬
‫شبهة ما‪ ،‬بل يدؿ على من أراد أف يتمسك بالسلوؾ اإلسبلمي الصحيح‪ ،‬كالدين القوًن‪،‬‬
‫كالتقرب من رب العا‪١‬تُت‪ ،‬كما جاء ُب القرآف الكرًن كىدم النيب ‪.‬‬

‫‪ -‬أما من أراد أف يتعرؼ على أصل ىذا االشتقاؽ فإنو سيجد أنو كثرت األقواؿ فيو‪ ،‬ك‪٦‬تا قيل‬
‫فيو‪:‬‬

‫أولً‪ :‬أنو من الصوؼ‪ ،‬كتصوؼ إذا لبس الصوؼ‪ ،‬كما يقاؿ ٌ‬


‫تقمص إذا لبس القميص‪ ،‬فهذا‬
‫كجو‪ ،‬كلكن القوـ دل ٮتتصوا بلبس الصوؼ‪ ،‬كإف لبسو بعضهم‪.‬‬

‫‪ -‬كيرد ابن تيمية على ذلك بذكره ما ركاه أبو الشيخ األصبهاين بإسناده عن ‪٤‬تمد بن سَتين أنو‬
‫بلغو أف قومان يفضلوف لبس الصوؼ‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف قومان يتخَتكف الصوؼ‪ ،‬يقولوف‪ :‬إهنم متشبهوف‬
‫با‪١‬تسيح ابن مرًن‪ ،‬كىدم نبينا أحب إلينا‪ ،‬ككاف النيب ‪ ‬يلبس القطن كغَته(ُ)‪.‬‬
‫(ِ)‬
‫أف نسبتهم إ‪٪‬تا ىي إذل ظاىر اللبسة‪ ،‬ألف لبسة‬ ‫‪ -‬بينما يرل أبو نصر السراج الطوسي‬
‫الصوؼ دأب األنبياء عليهم السبلـ كشعار األكلياء كاألصفياء كيكثر ُب ذلك الركايات‬
‫كاألخبار‪ ،‬أال ترل أف اللٌو تعاذل ذكر طائفة من خواص أصحاب عيسى عليو السبلـ فنسبهم إذل‬

‫(ُ) ابن تيمية‪٣ :‬تموعة الفتاكل ا‪ٞ‬تزء ُُ‪ ،‬التصوؼ صٖ‪.‬‬


‫(ِ)أبو نصر السراج عبد اهلل بن علي الطوسي‪ ،‬زاىد‪.‬كاف شيخ الصوفية‪ ،‬على طريقة السنة‪.‬لو كتاب ُب‬
‫التصوؼ (اللمع) كىو أفضل ما كتب ُب التصوؼ توُب سنة (ّٖٕ ق ‪ ٖٖٗ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 14 -‬‬
‫ظاىر اللٍبسة فقاؿ ‪ :‬ﮋ ﯘ ﯙ ﯚ ﮊ (ُ)ككانوا قومان يلبسوف البياض فنسبهم اللٌو‬
‫تعاذل إذل ذلك كدل ينسبهم إذل نوع من العلوـ كاألعماؿ كاألحواؿ اليت كانوا هبا مًت‪ٝ‬تُت‪ ،‬فذلك‬
‫الصوفية عندم كاللٌو أعلم(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا كأثر عن سيدنا ا‪ٟ‬تسن البصرم رضي اللٌو عنو أنو قاؿ‪:‬‬
‫(لقد أدركت سبعُت بدريان كاف ليٍب يسهم الصوؼ)(ّ)‪.‬‬
‫كمن لبس الصوؼ دل يلبس ‪ٟ‬تظوظ النفس‪ ،‬كإ‪٪‬تا لبسو لسًت العورة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أنو منسوب إذل أىل الصفة ا‪١‬تشهورين زمن رسوؿ اللٌو ‪ ‬بالتفرغ للعلم كالعبادة كقد كانت‬
‫حياهتم ا‪١‬تثل األعلى الذم استهدفو رجاؿ التصوؼ ُب العصور اإلسبلمية ا‪١‬تتتابعة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إنو مشتق من الصف فكأهنم ُب الصف األكؿ بقلوهبم من حيث حضورىم مع اللٌو تعاذل‪،‬‬
‫صف ٌي‬
‫كتسابقهم ُب سائر الطاعات كىو عند ابن تيمية غلط أيضان‪ ،‬فإنو لو كاف كذلل لقيل‪ :‬ى‬
‫كعند القشَتم(ْ) ا‪١‬تعٌت صحيح كلكن اللغة ال تقتضي ىذه النسبة إذل الصف‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬إنو من الصفاء حىت قاؿ أبو الفتح البسيت(ٓ) ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪:‬‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تائدة‪ُُِ:‬‬


‫(ِ) أبو نصر السراج الطوسي‪ :‬الل ىمع‪ ،‬صَْ‪.‬‬
‫(ّ)أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.ُّْ/ِ ،‬‬
‫(ْ)القشَتم عبد الكرًن بن ىوازف بن عبد ا‪١‬تلك بن طلحة النيسابورم القشَتم‪ ،‬من بٍت قشَت بن كعب‪،‬‬
‫أبو القاسم‪ ،‬زين االسبلـ‪ :‬شيخ خراساف ُب عصره‪ ،‬كاف زاىدا كعا‪١‬تا بالدين‪.‬كانت إقامتو بنيسابور كتوُب‬
‫فيها سنة ( ْٓٔ ق‪َُِٕ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ٓ)أبو الفتح البسيت‪ :‬علي بن ‪٤‬تمد بن ا‪ٟ‬تسُت بن يوسف بن ‪٤‬تمد بن عبد العزيز البسيت‪ ،‬شاعر عصره‬
‫ككاتبو‪ .‬كلد ُب بست (قرب سجستاف) كإليها نسبتو‪.‬توُب (ََْ ق ‪ ََُُ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 15 -‬‬
‫تنازع الناس ُب الصوُب كاختلفوا‬
‫كظنو البعض مشتقان من الصوؼ‬
‫فىت‬
‫ن‬ ‫كلست أمنح ىذا االسم غَت‬
‫(ُ)‬
‫صفا فصوُب حىت ي‪ٝ‬تي الصوُب‬
‫‪ -‬كيشَت الغزارل ُب كتاب عوارؼ ا‪١‬تعارؼ إذل ىذا ا‪١‬تعٌت فيقوؿ‪:‬‬
‫(الصوُب ىو الذم يكوف دائم التصفية ال يزاؿ يصفي األكقات عن شوب األكدار‪ ،‬بتصفية‬
‫القلب عن شوب النفس‪ ،‬كيعينو على كل ىذه التصفية دكاـ افتقاره إذل مواله‪ ،‬فبدكاًـ االفتقار‬
‫ينقى من الكدر‪ ،‬ككلما ٖتركت النفس كظهرت بصفة من صفاهتا أدركها ببصَتتو النافذة كفر هبا‬
‫إذل ربو‪ ،‬فبدكاـ تصفيتو ‪ٚ‬تعيتو‪ ،‬كْتركة نفسو تفرقتو ككدره‪ ،‬فهو قائم بربو على قلبو‪ ،‬كقائم بقلبو‬

‫على نفسو‪ .‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮫ ﮬﮭﮮﮯﮊ (ِ)كىذه القوامية للٌو على النفس‬
‫ىو التحقق بالتصوؼ)(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كيؤكد ىذا ا‪١‬تعٌت الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردم فيقوؿ‪:‬‬


‫(علم التصوؼ مأخوذ من الصفاء‪ ،‬كالصوُب إف صفا قلبو من الكدر‪ ،‬كامتؤل من العرب‪ ،‬استول‬
‫عنده الذىب كا‪١‬تدر(ْ)) (ٓ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ بعض العارفُت(ٔ)‪:‬‬

‫(ُ) ابن عجيبة‪ :‬إيقاظ ا‪٢‬تمم ُب شرح ا‪ٟ‬تكم‪.‬‬


‫(ِ) سورة ا‪١‬تائدة‪ٖ:‬‬
‫(ّ) الغزارل‪ :‬ملحق إحياء علوـ الدين‪ ،‬صْٔ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬تدر‪ :‬الًتاب كقطع الطُت اليابس‪.‬‬
‫(ٓ) ‪٤‬تمد أمُت الكردم‪ :‬تنوير القلوب صُْْ‪.‬‬
‫(ٔ) ا‪١‬تصدر نفسو كالصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪- 16 -‬‬
‫يا كاصفي أنت ُب التحقيق موصوُب‬
‫كعارُب ال تغالط أنت معركُب‬
‫و‬
‫بعهد ُب األزؿ يوُب‬ ‫إف الفىت من‬
‫صاَب فصوُب ‪٢‬تذا ي‪ٝ‬ت ىي الصوُب‬
‫بينما يرل القشَتم‪( :‬أف اشتقاؽ الصوُب من الصفاء بعيد عن مقتضى اللغة) (ُ)‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬إنو نسبة إذل الصفوة من خلق اللٌو‪ .‬قاؿ ابن تيمية كىو غلط‪ ،‬ألنو لو كاف كذلك لقيل‬

‫ص ىف ًو ٌ‬
‫م‪.‬‬ ‫ى‬
‫سادساً‪ :‬من الصوفة‪ ،‬ألف الصوُب مع اللٌو تعاذل كالصوفة ا‪١‬تطركحة الستسبلمو للٌو تعاذل‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬مشتق من (صوفة) كذلك أف قومان كانوا ُب ا‪ٞ‬تاىلية يقاؿ ‪٢‬تم صوفة انقطعوا إذل اللٌو تعاذل‬
‫كقطنوا الكعبة فمن تشبو هبم من الناس ‪ٝ‬توا بالصوفية‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬يرل بعض ا‪١‬تستشرقُت أف الكلمة راجعة إذل أصل يوناين أك بوذم أك غَت ذلك كأهنا‬
‫مشتقة من األصل اليوناين (صوفا) كمعناىا ا‪ٟ‬تكمة كىذا رأم فاسد مدسوس ال يوجد لو دليل‬
‫إ‪٬‬تايب قطعان‪.‬‬
‫‪ -‬كالذم أراه بعد عرض ىذه اآلراء أف ا‪١‬تتصوفة لقب ألناس اتصفوا بصفات معينة أذكرىا‬
‫الحقان‪ ،‬كأف الصوُب اسم جامد أك لقب أطلق على من ينتمي إليهم ليميزه من غَته‪.‬‬
‫‪ -‬كىذا ما أكد عليو القشَتم حيث قاؿ‪:‬‬
‫(ىذه التسمية غلبت على ىذه الطائفة‪ ،‬فيقاؿ‪ :‬رجل صوُب كللجماعة صوفية‪ ،‬كمن يتوصل إذل‬
‫ذلك يقاؿ لو‪ :‬متصوؼ‪ ،‬كللجماعة‪ :‬ا‪١‬تتصوفة‪ ،‬كليس يشهد ‪٢‬تذا االسم من حيث العربية قياس‬
‫كال اشتقاؽ كإال ظهر فيو أنو كاللقب‪ٍ .‬ب يقوؿ‪:‬‬

‫(ُ) الرسالة القشَتية صِٕٗ‪.‬‬


‫‪- 17 -‬‬
‫ٍب إف ىذه الطائفة أشهر من أف ٭تتاج ُب تعيينهم إذل قياس لفظ كاستحقاؽ اشتقاؽ)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقد عرب ابن خلدكف عن ذلك أيضان فقاؿ‪:‬‬

‫(فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده‪ ،‬كجنح الناس إذل ‪٥‬تالطة الدنيا‪ ،‬اي ٍختيص‬
‫ا‪١‬تقبلوف على العبادة باسم الصوفية)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كأخَتان فبل يهمنا أصل ىذا االشتقاؽ غَت القياسي ىل ىو من الصوؼ أك من الصفة أك من‬
‫الصف األكؿ أك الصفاء أك الصفوة كإف كاف الظاىر يشَت من قريب أك بعيد إذل أنو من ىذا‬
‫األخَت‪ ،‬ا‪١‬تهم أف نعرؼ نشأهتم كحقائقهم كطرائقهم كأخبلقهم كصفاهتم كسلوكهم كأعما‪٢‬تم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ا‪١‬تصدر السابق كالصفحة نفسها‪.‬‬


‫(ِ) ابن خلدكف‪ :‬ا‪١‬تقدمة صِّٗ‪.‬‬
‫‪- 18 -‬‬
‫نشأة علم التصوف‬
‫‪ -‬قاؿ القشَتم‪:‬‬

‫(اعلموا ر‪ٛ‬تكم اللٌو أف ا‪١‬تسلمُت بعد رسوؿ اللٌو ‪ ‬دل يىػتى ىسم أفاضلهم ُب عصرىم بتسمية علم‬
‫سول صحبة رسوؿ اللٌو ‪ ،‬إذ ال أفضلية فوقها‪ ،‬فقيل ‪٢‬تم ((الصحابة)) ك‪١‬تا أدرؾ العصر الثاين ‪ٝ‬تي‬
‫من صحب الصحابة ((التابعُت)) كرأكا ذلك أشرؼ تسمية‪ٍ ،‬ب قيل ‪١‬تن بعدىم ((أتباع التابعُت))‪ٍ .‬ب‬
‫اختلفت كتباينت ا‪١‬تراتب‪ ،‬فقيل ‪٠‬تواص الناس ‪٦‬تن ‪٢‬تم شدة عناية بأمر الدين‪(( :‬الزىاد كالعباد)) ٍب‬
‫ظهرت البدع كحصل التداعي بُت الفرؽ فكل فريق اد ىع ٍوا بأف منهم زىادان‪ ،‬فانفرد خواص أىل‬
‫السنة الراعوف أنفسهم مع اللٌو تعاذل ا‪ٟ‬تافظوف قلوهبم عن طوارؽ الغفلة باسم ((التصوؼ)) كاشتهر‬
‫ىذا االسم ‪٢‬تؤالء األكابر بعد ا‪١‬تائتُت من ا‪٢‬تجرة)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كلكن كما سيأٌب يبدك أف ىذا االسم كاف موجودان قبل ا‪١‬تئتُت بقليل كلكنو اشتهر بعدىا‪،‬‬
‫كيقوؿ الدكتور حسن إبراىيم حسن(ِ)‪:‬‬

‫(كمن ا‪١‬تسائل اليت شغلت أفكار ا‪١‬تسلمُت ُب ذلك العصر ((التصوؼ)) كذلك أف كثَتان من‬
‫ا‪١‬تسلمُت الذين اشتهركا بالورع كالتقول دل ‪٬‬تدكا ُب علم الكبلـ ما يقنع نفوسهم ا‪١‬تولعة ْتب اللٌو‬

‫(ُ) الرسالة القشَتية‪ :‬صّٖٗ‪.‬‬


‫(ِ)د‪.‬حسن إبراىيم حسن‪ :‬دكتور ُب التاريخ كالفلسفة‪ ،‬مصرم كلد ُب طنطا كتعلم ُب ا‪ٞ‬تامعة ا‪١‬تصرية‬
‫القدٯتة كا‪١‬تعلمُت العليا كجامعة لندف كدرس التاريخ اإلسبلمي ُب كلية اآلداب بالقاىرة كاختَت عميدا ‪٢‬تا‪ٍ ،‬ب‬
‫مديرا ‪ٞ‬تامعة الصعيد فمديرا ‪ٞ‬تامعة أسيوط كعُت للتدريس ُب جامعة الرباط (با‪١‬تغرب) كمات أستاذا ُب‬
‫جامعة بغداد‪ .‬كدفن بالقاىرة سن ( ُّٖٖ ق ‪ ُٖٗٔ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 19 -‬‬
‫سبحانو كتعاذل‪ ،‬فرأكا أف يتقربوا إليو عن طريق الزىد كالتقشف كفناء الذات ُب حبو تعاذل كمن ٍب‬
‫‪ٝ‬توا ((با‪١‬تتصوفُت)))(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ا‪١‬تدائٍت(ِ) عن بعض العلماء‪ :‬كاف رجل من العرب ُب زمن النيب ‪ ‬مسرفان على نفسو‪،‬‬
‫دل يكن يتحرج‪ ،‬فلما أف توُب النيب ‪ ‬لبس الصوؼ‪ ،‬كرجع عما كاف عليو‪ ،‬كأظهر الدين‬
‫كالنسك‪ ،‬فقيل لو لو فعلت ىذا كالنيب ‪ ‬حي لفرح بك‪ ،‬قاؿ‪ :‬كاف رل أماناف فمضى كاحد‬
‫كبقي اآلخر قاؿ اللٌو تعاذل‪:‬‬
‫ﮋﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ (ّ)فهذا أماف كالثاين‪:‬‬
‫(ْ)‬
‫ﮋﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ‬
‫‪ -‬ىذا كأثر عن سيدنا ا‪ٟ‬تسن البصرم ‪ ‬ككاف تابعيان أنو قاؿ‪:‬‬
‫(لقد أدركت سبعُت بدريان كاف لباسهم الصوؼ) (ٓ)‪.‬‬
‫‪ -‬كما ركل عنو أنو قاؿ‪( :‬لقيت صوفيان ُب الطواؼ فأعطيتو شيئان فلم يقبلو كقاؿ‪ :‬معي أربعة‬
‫دكانق فيكفيٍت ما معي) (ٔ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقيل إ ٌف أكؿ من تسمى بالصوُب ىو أبو ىاشم الكوُب الذم كلد ُب الكوفة كأمضى سواد‬
‫حياتو ُب الشاـ كتوُب سنة ‪َُٓ/‬ىػ‪.)ٕ(/‬‬

‫(ُ) د‪ .‬حسن إبراىيم حسن تاريخ اإلسبلـ‪ ،‬جّ‪ ،‬صَِِ‪.‬‬


‫(ِ)ا‪١‬تدائٍت‪ :‬أبو ا‪ٟ‬تسن علي بن ‪٤‬تمد بن عبد اهلل‪ ،‬راكية كمؤرخ‪ ،‬كثَت التصانيف‪ ،‬من أىل البصرة‪.‬سكن‬
‫ا‪١‬تدائن‪ٍ ،‬ب انتقل إذل بغداد فلم يزؿ هبا إذل أف توُب (ِِٓ ق ‪ َْٖ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ّ) سورة األنفاؿ‪ّّ:‬‬
‫(ْ) سورة األنفاؿ‪ّّ:‬‬
‫(ٓ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪ ،‬جزءِ صُّْ‪.‬‬
‫(ٔ) أليب نصر الطوسي‪ :‬اللمع‪ ،‬صِْ‪.‬‬
‫(ٕ) ابن حجر‪ :‬الفتاكل ا‪ٟ‬تديثة‪.‬‬
‫‪- 21 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ر‪ٛ‬تو اللٌو أنو قاؿ‪( :‬لوال أبو ىاشم الصوُب ما عرفت دقيق‬ ‫فقد ركل عن سفياف الثورم‬
‫الرياء)(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقيل أف أكؿ من بٌت دكيرة التصوؼ بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد(ّ)كىو من أصحاب‬
‫ا‪ٟ‬تسن البصرم ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪.‬‬
‫ؼ فقد تىػ ىفس ىق‪ ،‬كمن‬
‫صو ى‬
‫‪ -‬كلقد ذكر أف اإلماـ مالك ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل قاؿ‪( :‬من تىػ ىفقوى كدل يىػتى ى‬
‫صوؼ كدل يتفق ٍو فقد تىزنٍ ىد ىؽ كمن ‪ٚ‬تع بينهما فقد ٖتق ىق)(ْ)‪.‬‬
‫تى ى‬
‫كمن ا‪١‬تعلوـ أف اإلماـ مالك ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل توُب سنة ُٕٗىػ ُب ا‪١‬تدينة ا‪١‬تنورة كىذا يدؿ على أف‬
‫التصوؼ كاف معركفان هبذا االسم ُب ىذه الفًتة‪.‬‬
‫‪ -‬كلكن قيل إ ٌف أكؿ من حدد نظريات التصوؼ كشرحها ىو ذك النوف ا‪١‬تصرم(ٓ) ‪ِْٓ/‬ىػ‪/‬‬
‫تلميذ اإلماـ مالك كأف الذم شرحها كبوهبا كنشرىا ىو ا‪ٞ‬تنيد البغدادم ا‪١‬تتوَب سنة‬
‫‪ّّْ/‬ىػ‪.)ُ(/‬‬

‫(ُ)(سفياف الثورم)‪ :‬أبو عبد اهلل سفياف بن سعيد بن مسركؽ الثورم‪ ،‬من بٍت ثور‪ ،‬أمَت ا‪١‬تؤمنُت ُب‬
‫ا‪ٟ‬تديث‪.‬كاف سيد أىل زمانو ُب علوـ الدين كالتقول‪ .‬كلد كنشأ ُب الكوفة كخرج من الكوفة ٍب سكن مكة‬
‫كا‪١‬تدينة‪ .‬كانتقل إذل البصرة فمات فيها (ُُٔ ق‪ ٕٕٖ/‬ـ) لو عدة كتب ُب ا‪ٟ‬تديث [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ِ) ذكره حاجي خليفة‪ُ :‬ب كشف الظنوف‪.‬‬
‫(ّ)عبد الواحد بن زيد‪ :‬الزاىد البصرم العابد شيخ الصوفية بالبصرة توُب سنة (ُٕٕى ػ ػ ػػ)‪[.‬الواُب بالوفيات]‬
‫بالوفيات]‬
‫(ْ)كتاب‪( :‬الشفا للقاضي) شرح مبل علي القا ًرئ جزء ٓ ص َْٖك ذكرىا أيضان ُب كتابو (عُت العلم ك‬
‫ك زين ا‪ٟ‬تلم) جزء ُ ص ّّ ك نقلها كذلك العبلمة العدكم على شرح اإلماـ أيب ا‪ٟ‬تسن ُب الفقو ا‪١‬تالكي‬
‫جزء ِ ص ُٓٗ‪.‬‬
‫(ٓ)ذك النوف ا‪١‬تصرم‪ :‬أبو الفيض ثوباف بن إبراىيم األ‪ٜ‬تيٍت ا‪١‬تصرم‪ ،‬أحد الزىاد العباد ا‪١‬تشهورين‪ .‬من أىل‬
‫أىل مصر‪ .‬نويب األصل من ا‪١‬توارل‪.‬كانت لو فصاحة كحكمة كشعر‪ .‬كىو أكؿ من تكلم ٔتصر ُب (ترتيب‬
‫األحواؿ كمقامات أىل الوالية) كتوُب ّتيزهتا سنة (ِْٓ ق ‪ ٖٓٗ/‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 21 -‬‬
‫‪( -‬كإف من أخلد ما كتب عن التصوؼ كالصوفية كتاب التعرؼ ‪١‬تذىب أىل التصوؼ لئلماـ‬
‫العادل العارؼ تاج اإلسبلـ أيب بكر ‪٤‬تمد بن إسحاؽ البخارم الكبلباذم ا‪١‬تتوَب سنة(َّٖ ق‬
‫َٗٗـ) كىو من أقدـ كأدؽ كأنقى كأصفى ما كتب عن ىذا العلم كرجالو كتبو العارؼ‬
‫الكبلباذم ُب العصر الذىيب للتصوؼ ُب أكائل القرف الرابع للهجرة القرف الذم بلغ فيو التصوؼ‬
‫كمالو العلمي كالفٍت كاستكمل فيو التصوؼ علومو كمناىجو كآدابو كسلوكو كمقاماتو) (ِ)‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب بعد ذلك ظهر العديد من علماء التصوؼ كمشاىَتىم كأصبح ‪٢‬تم طرقان يسلكوهنا للوصوؿ‬
‫إذل غايتهم كانتشر التصوؼ ُب ‪ٚ‬تيع أرجاء األمة اإلسبلمية كعلى مر العصور كاألزمنة‪ ،‬كُب ‪ٚ‬تيع‬
‫البقاع كاألمكنة‪ ،‬حىت كقتنا ا‪ٟ‬تاضر‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ‪٤‬تمد فايز ا‪١‬تط من كنوز اإلسبلـ‪ ،‬صْٗ‪.‬‬


‫(ِ) مقدمة ‪ٞ‬تنة نشر كتاب التعرؼ ‪١‬تذىب أىل التصوؼ صٕ‪.‬‬
‫‪- 22 -‬‬
‫ارتباط التصوف بالشريعة‬
‫‪ -‬يظن كثَت من ا‪١‬تسلمُت الذين دل يطلعوا على حقائق التصوؼ أف أصحاب التصوؼ ىم من‬
‫أىل البدع ا‪٠‬تارجُت عن اإلسبلـ أك ا‪١‬ترتدين عنو‪ ،‬أك البعيدين عن تعاليمو‪ ،‬أك ا‪١‬تدسوسُت ‪٢‬تدمو‪.‬‬

‫‪ -‬لكن ا‪١‬تنصف عندما يدرس حقائقهم كأىدافهم كغاياهتم كطرائقهم كيعيش ُب مدارسهم‬
‫كيسلك سلوكهم كيًتىب ُب كنفهم‪٬ ،‬تد أهنم على اإلسبلـ ا‪ٟ‬تقيقي‪ ،‬كاإلٯتاف الكامل‪ ،‬فهم‬
‫يتمسكوف بتعاليم القرآف الكرًن‪ ،‬كىدم النيب العظيم ‪ ،‬كأهنم ال ٮترجوف عن الشريعة قيد أ‪٪‬تلة‪،‬‬
‫كأف تعاليمهم ال ٗترج عن منهج التزكية الذم ذكره القرآف الكرًن‪ ،‬كالسعي إذل مقاـ اإلحساف‬
‫الذم ذكره النيب العدناف ‪.‬‬

‫‪ -‬كعندما يتدبػير ا‪١‬تسلم القرآف الكرًن ‪٬‬تد أف ىناؾ آيات متعددة بينت مهمة النيب ‪ُ ‬ب نشر‬
‫الدعوة كأهنا أربع كىي‪:‬‬

‫أولً‪ :‬تعليم ا‪١‬تسلمُت آيات القرآف الكرًن تبلكة كعمبلن كتطبيقان‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬تزكية النفس كىي الًتبية الركحية‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تعليمهم أحكاـ القرآف الكرًن كأىدافو كمقاصده‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬تعليمهم ا‪ٟ‬تكمة كىي السلوؾ العملي للمؤمن ُب ىذه ا‪ٟ‬تياة مع كل ا‪١‬تخلوقات‪.‬‬

‫من ىذه اآليات قولو تعاذل‪ :‬ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭦﭧﭨ‬


‫(ُ)‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪ٞ‬تمعة‪ِ:‬‬


‫‪- 23 -‬‬
‫‪ -‬كرجاؿ التصوؼ قاموا ْتمل ىذه ا‪١‬تهمات خَت قياـ‪ ،‬كلكن كاف اىتمامهم بتزكية النفس أكثر‪،‬‬
‫ألهنم كجدكىا السبيل األمثل لتحقيق ا‪١‬تهمات األخرل‪ ،‬كأهنا السبيل الوحيد إلعادة ا‪١‬تؤمنُت إذل‬
‫صفاء اإلسبلـ كاإلٯتاف‪ ،‬الذم كاف على عهد رسوؿ اللٌو ‪ ‬بُت صحابتو الكراـ الذين رباىم‬
‫النيب ‪ ‬كزكاىم فكانوا خَت أمة أخرجت للناس‪.‬‬

‫كدفعهم إذل ذلك ما حدث من تغَت بعد ذلك ُب نفوس بعض ا‪١‬تسلمُت‪ ،‬بسبب االنغماس‬
‫بالدنيا كالشهوات كا‪١‬تلذات إثر الفتوحات كاختبلطهم باألمم األخرل‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا ما أشار إليو ابن خلدكف ُب مقدمتو كىو يتحدث عن علم التصوؼ قاؿ‪:‬‬

‫(فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده كجنح الناس إذل ‪٥‬تالطة الدنيا‪ ،‬اختص‬
‫ا‪١‬تقبلوف على العبادة باسم الصوفية كا‪١‬تتصوفة)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمن األصوؿ اليت اعتمدكىا ُب منهجهم ا‪ٟ‬تديث الصحيح ا‪١‬تشهور كالذم جرل بُت جربيل‬
‫كىو ُب ىيئة رجل أسود الشعر أبيض الثياب كبُت رسوؿ اللٌو ‪ ‬كىو جالس مع أصحابو‪ ،‬ىذا‬
‫ا‪ٟ‬تديث الذم جرل على طريقة ا‪ٟ‬توار‪ ،‬جربيل يسأؿ كيصدؽ كسيدنا ‪٤‬تمد ‪٬ ‬تيب سألو عن‬
‫أركاف الدين اإلسبلـ كاإلٯتاف كاإلحساف كلقد اختص كل فريق من العلماء بأحد األركاف فأركاف‬
‫اإلسبلـ اىتم هبا أصحاب العقيدة كالفقو كأركاف اإلٯتاف اىتم هبا أصحاب العقيدة كالكبلـ‪،‬‬
‫كاإلحساف كما عرفو النيب ‪« :‬أف تعبد اللٌو كأنك تراه‪ ،‬فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ» (ِ)‪.‬‬

‫(ُ) مقدمة ابن خلدكف‪ ،‬علم التصوؼ صِّٗ‪.‬‬


‫(ِ) متفق عليو‪.‬‬
‫‪- 24 -‬‬
‫اىتم بو الدعاة كا‪١‬تربوف كا‪١‬تصلحوف كىم أصحاب التصوؼ‪ ،‬كسعوا إذل ٖتقيقو ضمن برنامج‬
‫مستمد من القرآف كالسنة من خبلؿ احملبة للٌو كرسولو كاتباع سنة رسوؿ اللٌو ُب كل األحواؿ كمن‬
‫خبلؿ الذكر كالدعوة إذل الصدؽ كاإلخبلص كاالستقامة كغَت ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬سئل اإلماـ ا‪ٟ‬تافظ السيد ‪٤‬تمد صديق الغمارم ر‪ٛ‬تو اللٌو عن أكؿ من أسس التصوؼ كىل‬
‫ىو بوحي ‪ٝ‬تاكم؟ فأجاب‪( :‬أما أكؿ من أسس الطريقة‪ ،‬فلنعلم أف الطريقة أسسها الوحي‬
‫السماكم ُب ‪ٚ‬تلة ما أسس من الدين احملمدم‪ ،‬إذ ىي ببل شك مقاـ اإلحساف الذم ىو أحد‬
‫أركاف الدين الثبلثة اليت جعلها النيب ‪ ‬بعدما بينها كاحدان كاحدان دينان بقولو‪« :‬ىذا جربيل عليو‬
‫السبلـ أتاكم يعلمكم دينكم»)‪.‬‬

‫كىو اإلسبلـ كاإلٯتاف كاإلحساف‪ ،‬فاإلسبلـ طاعة كعبادة‪ ،‬كاإلٯتاف نور كعقيدة‪ ،‬كاإلحساف مقاـ‬
‫مراقبة كمشاىدة‪« :‬أف تعبد اللٌو كأنك تراه فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ»‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب قاؿ السيد ‪٤‬تمد صديق الغمارم ُب رسالتو تلك‪( :‬فإنو كما ُب ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬الدين عبارة عن‬
‫األركاف الثبلثة‪ ،‬فمن أخل هبذا ا‪١‬تقاـ (اإلحساف)‪ ،‬فدينو ناقص ببل شك لًتكو ركنان من أركانو‪،‬‬
‫فغاية ما تدعو إليو الطريقة كتشَت إليو ىو مقاـ اإلحساف بعد تصحيح اإلسبلـ كاإلٯتاف)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كإننا إذا درسنا الشريعة من خبلؿ آيات القرآف الكرًن‪ ،‬كما أثر عن النيب ‪ ‬من األقواؿ‬
‫دكف ُب الكتب حوؿ ذلك ‪٧‬تد أهنا تنقسم إذل قسمُت‪:‬‬
‫كاألفعاؿ كاألحواؿ‪ ،‬كما ٌ‬
‫أولً‪ :‬أفعاؿ كىيئات كأمور ‪٤‬تسوسة كقياـ كقعود كركوع كسجود كتبلكة كتسبيح كأدعية كأذكار‪،‬‬
‫كأحكاـ كمناسك كغَت ذلك ككل ذلك تكفل بو أصحاب ا‪ٟ‬تديث كركاتو‪ ،‬كعلماء الفقو‬
‫كالشريعة ػ جزاىم اللٌو عن األمة خَتان ػ فحفظوا لؤلمة دينها كسهلوا ‪٢‬تا العمل بو‪.‬‬

‫(ُ) انتصار الطريقة الصوفية‪ ،‬للمحدث ‪٤‬تمد صديق الغمارم صٔ‪.‬‬


‫‪- 25 -‬‬
‫ثانياً‪ :‬كيفيات باطنية كانت تصاحب ىذه األفعاؿ كا‪٢‬تيئات عند األداء كتبلزـ الرسوؿ ‪ ‬قيامان‬
‫كقعودان كركوعان كسجودان‪ ،‬كداعيان كذاكران‪ ،‬كآمران كناىيان‪ ،‬كُب خلوة البيت كساحة ا‪ٞ‬تهاد‪ ،‬كىي‬
‫اإلٯتاف كاإلخبلص كاالحتساب كالصرب كالتوكل كالزىد كغٌت القلب كاإليثار كالسخاء كاألدب‬
‫كالتقول كالورع كا‪ٟ‬تياء كا‪٠‬تشوع كالتضرع كاالبتهاؿ‪ ،‬كإيثار اآلخرة على العاجلة‪ ،‬كالشوؽ إذل لقاء‬
‫اللٌو‪ ،‬إذل غَت ذلك من كيفيات باطنية كأخبلؽ إٯتانية‪ ،‬كسلوؾ إسبلمي‪ ،‬كآداب قرآنية نبوية ػ ىي‬
‫من الشريعة ٔتنزلة الركح من ا‪ٞ‬تسد‪ ،‬كالباطن من الظاىر كتتدرج ٖتت ىذه العناكين تفاصيل‬
‫كجزئيات كآداب كأحكاـ ٕتعل منها علمان مستقبلن‪ ،‬كفقهان منفردان فإف ‪ٝ‬تي العلم الذم تكفل‬
‫بشرح األكؿ كإيضاحو كتفصيلو كالداللة على طرؽ ٖتصيلو (فقو الظاىر) ي‪ٝ‬تي ىذا العلم الذم‬
‫يتكفل بشرح ىذه الكيفيات كيدؿ على طرؽ الوصوؿ إليها (فقو الباطن)‪ ،‬كلئن تكفل أىل الفقو‬
‫كا‪ٟ‬تديث كالعقيدة كالسَتة بعلم الظاىر‪ ،‬فإف أىل التصوؼ تكفلوا بفقو الباطن ك‪ٝ‬توا ىذا الفقو‬
‫بالتصوؼ كلو أهنم ‪ٝ‬توه بعلم التزكية أك باإلحساف أك بفقو الباطن أك بالًتبية الركحية لكاف بذلك‬
‫أجدر كأقرب للواقع‪ ،‬كأبعد عن ا‪٠‬تبلؼ كالشقاؽ الذم نراه حوؿ ىذه التسمية‪.‬‬

‫‪ -‬كُب ىذا ا‪١‬توضوع يقوؿ أبو نصر السراج الطوسي ر‪ٛ‬تو اللٌو‪:‬‬

‫(أنكرت طائفة من أىل الظاىر كقالوا‪ :‬ال نعرؼ إال علم الشريعة الظاىرة اليت جاء هبا الكتاب‬
‫كالسنة‪ ،‬كقالوا‪ :‬ال معٌت لقولكم علم الباطن كعلم التصوؼ‪ ،‬فنقوؿ‪ ،‬كباللٌو التوفيق‪.‬‬

‫إف علم الشريعة علم كاحد‪ ،‬كىو اسم كاحد ‪٬‬تمع معنيُت‪ :‬الركاية كالدراية؛ فإذا ‪ٚ‬تعتهما فهو‬
‫علم الشريعة الداعية إذل األعماؿ‪ :‬الظاىرة كالباطنة‪ ،‬كال ‪٬‬توز أف ‪٬‬ترد القوؿ ُب العلم‪ :‬أنو ظاىر‬
‫أك باطن ألف العلم مىت ما كاف ُب القلب فهو باطن فيو‪ ،‬إذل أف ‪٬‬ترم كيظهر على اللساف؛ فإذا‬
‫جرل على اللساف فهو ظاىر‪ ،‬غَت أنٌا نقوؿ‪:‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫إف العلم‪ :‬ظاىر‪ ،‬كباطن‪ ،‬كىو علم الشريعة الذم يدؿ كيدعو إذل األعماؿ الظاىرة كالباطنة‪،‬‬
‫كاألعماؿ الظاىرة كأعماؿ ا‪ٞ‬توارح الظاىرة‪ ،‬كىي العبادات كاألحكاـ‪ ،‬مثل الطهارة كالصبلة‬
‫كالزكاة كالصوـ كا‪ٟ‬تج كا‪ٞ‬تهاد كغَت ذلك؛ فهذه العبادات‪ ،‬كأما األحكاـ فا‪ٟ‬تدكد كالطبلؽ‬
‫كالعتاؽ كالبيوع كالفرائض كالقصاص كغَتىا‪ ،‬فهذا كلو على ا‪ٞ‬توارح الظاىرة اليت ىي األعضاء‪،‬‬
‫كىي ا‪ٞ‬توارح‪ ،‬كأما األعماؿ الباطنة فكأعماؿ القلوب كىي ا‪١‬تقامات كاألحواؿ‪ ،‬مثل التصديق‪،‬‬
‫كاإلٯتاف‪ ،‬كاليقُت‪ ،‬كالصدؽ‪ ،‬كاإلخبلص‪ ،‬كا‪١‬تعرفة‪ ،‬كالتوكل‪ ،‬كاحملبة‪ ،‬كالرضا‪ ،‬كالذكر‪ ،‬كالشكر‪،‬‬
‫كاإلنابة‪ ،‬كا‪٠‬تشية‪ ،‬كالتقول‪ ،‬كا‪١‬تراقبة‪ ،‬كالفكرة كاالعتبار‪ ،‬كا‪٠‬توؼ‪ ،‬كالرجاء‪ ،‬كالصرب‪ ،‬كالقناعة‪،‬‬
‫كالتسليم‪ ،‬كالتفويض‪ ،‬كالقرب‪ ،‬كالشوؽ‪ ،‬كالوجد‪ ،‬كالوجل‪ ،‬كا‪ٟ‬تزف‪ ،‬كالندـ‪ ،‬كا‪ٟ‬تياء‪ ،‬كا‪٠‬تجل‪،‬‬
‫علم كفقو كبياف‬
‫كالتعظيم‪ ،‬كاإلجبلؿ‪ ،‬كا‪٢‬تيبة‪ ،‬كلكل عمل من ىذه األعماؿ الظاىرة كالباطنة ه‬
‫كفهم كحقيقة ككجد‪ ،‬كيدؿ على صحة كل عمل منها من الظاىر كالباطن آيات من القرآف‬
‫كأخبار عن الرسوؿ ‪ ‬علمو من علمو‪ ،‬كجهلو من جهلو؛ فإذا قلنا‪ :‬علم الباطن أردنا بذلك‬
‫علم أعماؿ الباطن اليت ىي على ا‪ٞ‬تارحة الباطنة‪ ،‬كىي القلب‪ ،‬كما أنا إذا قلنا‪ :‬علم الظاىر‬
‫أشرنا إذل علم األعماؿ الظاىرة اليت ىي على ا‪ٞ‬توارح الظاىرة‪ ،‬كىي األعضاء‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫كقد قاؿ اللٌو تعاذل‪ :‬ﮋﭝﭞﭟﭠﭡﮊ‬
‫فالنعمة الظاىرة ما أنعم اللٌو تعاذل هبا على ا‪ٞ‬توارح الظاىرة من فعل الطاعات‪ ،‬كالنعمة الباطنة ما‬
‫أنعم اللٌو تعاذل هبا على القلب من ىذه ا‪ٟ‬تاالت‪ ،‬كال يستغٌت الظاىر عن الباطن كال الباطن عن‬
‫الظاىر‪ ،‬كقد قاؿ اللٌو ‪:‬‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮊ‬

‫(ُ) سورة لقماف‪َِ:‬‬


‫(ِ) سورة النساء‪ّٖ:‬‬
‫‪- 27 -‬‬
‫التصوؼ‪ ،‬ألف ‪٢‬تم مستنبطات من القرآف‬
‫ٌ‬ ‫فالعلم ا‪١‬تستنبط ىو العلم الباطن‪ ،‬كىو علم أىل‬
‫كا‪ٟ‬تديث غَت ذلك‪ ،‬ك‪٨‬تن نذكر إف شاء اللٌو طرفان من ذلك؛ فالعلم ظاىر كباطن‪ ،‬كالقرآف ظاىر‬
‫كباطن‪ ،‬كحديث رسوؿ اللٌو ‪ ‬ظاىر كباطن‪ ،‬كاإلسبلـ ظاىر كباطن‪ ،‬كألصحابنا ُب معٌت ذلك‬
‫استدالالت كاحتجاجات من الكتاب كالسنة كالعقل‪ ،‬كشرحو يطوؿ كٮترج على ح ٌد االختصار‬
‫إذل حد اإلكثار‪ ،‬كفيما قلنا كفاية‪ ،‬كباللٌو التوفيق)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كىنا ‪٬‬تب أف نعلم أف الشريعة ‪٢‬تا فقهها الظاىرم كفقهها الباطٍت كا‪١‬تسلم الكامل كالداعي‬
‫الناجح ىو من يتعلم كيتمسك كيعمل بكبل الفقهُت‪.‬‬
‫فمن تعلم الفقو الظاىرم كترؾ الفقو الباطٍت فهو دل يتعلم دينو كامبلن‪ ،‬كمن تعلم الفقو الباطٍت‬
‫كترؾ الفقو الظاىرم فهو دل يتعلم دينو كامبلن أيضان‪.‬‬
‫كمن ٘تسك بأحد‪٫‬تا كنادل بو عاليان دكف اآلخر فبل يعد دينو كامبلن‪.‬‬
‫لذلك من ا ٌدعى التصوؼ كدل يتعلم الفقو الظاىرم كدل يعمل بو فبل يعتد بو كال يكوف قدكة لغَته‬
‫كال ٯتثل اإلسبلـ بكاملو‪.‬‬
‫كمن ا ٌدعى التصوؼ كدل يتمسك بالشريعة أم بالقرآف كالسنة فليس لو من اإلسبلـ حظ كال‬
‫صلة‪.‬‬
‫‪ -‬كال أدؿ على ىذه ا‪ٟ‬تقائق من الذم كرد عن كبار علماء أىل التصوؼ ُب ذلك‪.‬‬
‫قاؿ اإلماـ سهل التسًتم(ِ)‪( :‬أصولنا ستة‪ :‬التمسك بكتاب اللٌو‪ ،‬كاالقتداء بسنة رسوؿ اللٌو ‪،‬‬
‫كأكل ا‪ٟ‬تبلؿ‪ ،‬ككف األذل‪ ،‬كاجتناب اآلثاـ‪ ،‬كأداء ا‪ٟ‬تقوؽ)(ّ)‪.‬‬

‫(ُ) أبو نصر السراج‪ :‬اللمع صّْ‪.ْْ-‬‬


‫(ِ)سهل التسًتم‪ :‬ىو أبو ‪٤‬تمد سهل بن عبد اهلل بن يونس التسًتم‪ ،‬أحد أئمة الصوفية كعلمائهم‬
‫كا‪١‬تتكلمُت ُب علوـ اإلخبلص كالرياضيات كعيوب األفعاؿ‪ .‬توُب سنة (ِّٖ ق‪ ٖٗٔ/‬ـ)[األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) دائرة معارؼ الشعب‪ ،‬جػّ صُْٖ‪.‬‬
‫‪- 28 -‬‬
‫كقاؿ أبو يزيد البسطامي‪( :‬لو نظرًب إذل رجل أيعطي الكرامات حىت يرتقي ُب ا‪٢‬تواء‪ ،‬فبل تغًتكا بو‬
‫حىت ٕتدكه عند األمر كالنهي‪ ،‬كحفظ ا‪ٟ‬تدكد كأداء الشريعة) (ُ)‪.‬‬
‫كيقوؿ ا‪ٞ‬تنيد‪( :‬الطرؽ كلها مسدكدة على ا‪٠‬تلق إال من اقتفى أثر الرسوؿ ‪.)ِ((‬‬
‫كيقوؿ أيضان‪( :‬من دل ٭تفظ القرآف‪ ،‬كدل يكتب ا‪ٟ‬تديث ال يقتدل بو ُب ىذا األمر‪ ،‬ألف عملنا‬
‫ىذا مقيد بالكتاب كالسنة) (ّ)‪.‬‬
‫كقاؿ الشيخ أبو القاسم النصر أباذم(ْ) ر‪ٛ‬تو اللٌو‪:‬‬
‫(أصل التصوؼ مبلزمة الكتاب كالسنة كترؾ األىواء كالبدع كرؤية أعذار ا‪٠‬تبلئق كا‪١‬تداكمة على‬
‫األكراد كترؾ الرخص كالتأكيبلت) (ٓ)‪.‬‬
‫كقاؿ ابن عطاء اللٌو السكندرم(ٔ)‪( :‬من ألزـ نفسو آداب السنة نور اللٌو قلبو بنور ا‪١‬تعرفة‪ ،‬كال مقاـ‬
‫أشرؼ من مقاـ متابعة ا‪ٟ‬تبيب ‪ُ ‬ب أكامره كأفعالو كأخبلقو) (ٕ)‪.‬‬

‫(ُ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صُّ‪.‬‬


‫(ِ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪ ،‬جزءْ‪،‬صّٕٓ‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬تصدر نفسو‪ ،‬جزءْ‪،‬صّّٕ‪.‬‬
‫(ْ)النصر أباذم‪ :‬ىو أبو القاسم إبراىيم بن ‪٤‬تمد النصر أباذم نسبة إذل نصر أباذ ‪٤‬تلة من ‪٤‬تاؿ نيسابور‬
‫كىو شيخ نيسابور‪ ،‬احملدث كا‪١‬تؤرخ‪.‬صحب الشبلي‪ ،‬كأبا على الركذبارم‪ ،‬كا‪١‬ترتعش‪ ،‬كغَتىم‪ .‬كىو أستاذ أيب‬
‫عبد الر‪ٛ‬تن السلمي‪ .‬مات ٔتكة كدفن بقرب الفضيل سنة (ّٕٔق) [طبقات األكلياء]‪.‬‬
‫(ٓ) ابن ا‪١‬تلقن‪ :‬طبقات األكلياء‪ ،‬صٓ‪.‬‬
‫(ٔ) تاج الدين أبو الفضل أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن عبد الكرًن بن عطاء اهلل السكندرم ا‪١‬تالكي الصوُب الواعظ‬
‫ا‪١‬تذكر‪ ،‬ككاف رجبلن صا‪ٟ‬تان عا‪١‬تان يتكلم على كرسي ك٭تضر ميعاده خلق كثَت‪ ،‬ككاف لوعظو تأثَت ُب القلوب‪،‬‬
‫ككاف لو معرفة تامة بكبلـ أىل ا‪ٟ‬تقائق كأرباب الطريق توُب بالقاىرة سنة (َٕٗق)‪[ .‬النجوـ الزاىرة ُب‬
‫ملوؾ مصر كالقاىرة‪ :‬ابن تغرم بردم]‬
‫(ٕ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪ ،‬جزءْ‪ ،‬صََْ‪.‬‬
‫‪- 29 -‬‬
‫كقاؿ أبو ‪ٛ‬تزة البغدادم(ُ)‪( :‬ال دليل على الطريق إذل اللٌو إال متابعة الرسوؿ ‪ُ ‬ب أحوالو كأقوالو‬
‫كأفعالو) (ِ)‪.‬‬

‫أما حجة اإلسبلـ أبو حامد الغزارل فقاؿ عن الصوُب‪( :‬إف سالك سبيل اللٌو قليل كالد ًع ٌي فيو‬
‫كثَت ك‪٨‬تن نعرفك عبلمتُت لو‪:‬‬

‫األولى‪ :‬أف تكوف ‪ٚ‬تيع أفعالو موزكنة ٔتيزاف الشرع موقوفة على توقيفاتو إيرادان كإصداران كإقدامان‬
‫كإحجامان‪ ،‬إذ ال ٯتكن سلوؾ السبيل إال بعد التلبس ٔتكارـ الشريعة كلها‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬ال يصل إليو إال من كاظب على ‪ٚ‬تلة من النوافل فكيف يصل إليو من أ‪٫‬تل‬
‫الفرائض)(ّ)‪.‬‬

‫كقد ٖتدث اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن تيمية ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل عن ٘تسك الصوفية بالكتاب كالسنة ُب ا‪ٞ‬تزء‬
‫العاشر من ‪٣‬تموعة فتاكيو فقاؿ‪( :‬فأما ا‪١‬تستقيموف من السالكُت كجمهور مشايخ السلف مثل‬
‫الفضيل بن عياض‪ ،‬كإبراىيم بن أدىم‪ ،‬كأيب سليماف الداراين‪ ،‬كمعركؼ الكرخي‪ ،‬كالسرم‬
‫السقطي‪ ،‬كا‪ٞ‬تنيد بن ‪٤‬تمد‪ ،‬كغَتىم من ا‪١‬تتقدمُت كمثل الشيخ عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين كالشيخ‬
‫‪ٛ‬تاد‪ ،‬كالشيخ أيب البياف‪ ،‬كغَتىم من ا‪١‬تتأخرين‪ ،‬فبل يسوغوف للسالك كلو طار ُب ا‪٢‬تواء أك مشى‬
‫على ا‪١‬تاء أف ٮترج عن األمر كالنهي الشرعيُت‪ ،‬بل عليو أف يعمل ا‪١‬تأمور كيدع احملظور إذل أف‬

‫(ُ)أبو ‪ٛ‬تزة البغدادم‪٤ :‬تمد بن إبراىيم البغدادم الصوُب‪ .‬جالس بشران ا‪ٟ‬تاُب‪ ،‬كاإلماـ أ‪ٛ‬تد‪ .‬كصحب‬
‫السرم بن ا‪١‬تغلس‪.‬ككاف بصَتا بالقراءات‪.‬ككاف كثَت الرباط كالغزك‪.‬توُب سنة (ِٗٔق)‪[.‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ِ) ابن منظور‪٥ :‬تتصر تاريخ دمشق‪ ،‬جزءٔ‪ ،‬صُْٗ‪.‬‬
‫(ّ) أبو حامد الغزارل‪:‬ميزاف العمل صُْٓ‪.‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫ٯتوت‪ ،‬كىذا ىو ا‪ٟ‬تق الذم دؿ عليو الكتاب كالسنة كإ‪ٚ‬تاع السلف‪ ،‬كىذا كثَت ُب كبلمهم)(ُ)‪.‬‬

‫ىذا كيصفهم ُب موضع آخر بأهنم من أكمل صديقي زماهنم(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬من كل ما كرد ‪٩‬تلص إذل أف التصوؼ يدعو إذل التمسك بالكتاب كالسنة كما كاف ‪٥‬تالفان ‪٢‬تما‬
‫فليس من التصوؼ‪ ،‬كإ‪٪‬تا ىو بدعة أك دس أك افًتاء أك مصلحة ذاتية أك ىول نفس ‪٦‬تن ادعى‬
‫التصوؼ‪ ،‬كالتصوؼ منو براء‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ابن تيمية‪٣ :‬تموع الفتاكل‪ ،‬جَُ‪ ،‬صُٔٓ‪.ُٕٓ-‬‬


‫(ِ) ابن تيمية‪٣ :‬تموع الفتاكل‪ ،‬جُُ‪ ،‬صُّ‪.‬‬
‫‪- 31 -‬‬
‫ما السبب في أن التصوف لم يظهر إل بعد عهد الصحابة والتابعين؟‬
‫‪٬ -‬تيب على ىذا السؤاؿ ا‪١‬تهم الدكتور أ‪ٛ‬تد علوش(ُ) فيقوؿ‪:‬‬

‫(قد يتساءؿ الكثَتكف عن السبب ُب عدـ ظهور ىذه الدعوة إال بعد عهد الصحابة كالتابعُت‬
‫كا‪ٞ‬تواب عن ىذا‪ :‬أنو دل تكن ‪ٙ‬تة حاجة إليها ُب العصر األكؿ‪ ،‬ألف أىل ذاؾ العصر كانوا أىل‬
‫تقى ككرع‪ ،‬كأرباب ‪٣‬تاىدة كإقباؿ على العبادة بطبيعتهم‪ ،‬كْتكم قرب اتصا‪٢‬تم برسوؿ اللٌو ‪،‬‬
‫ن‬
‫كانوا يتسابقوف كيتبادركف ُب االقتداء بو ُب ذلك كلو‪ ،‬فلم يكن ‪ٙ‬تة ما يدعو إذل تلقينهم علمان‬
‫يرشدىم إذل أمر ىم قائموف بو فعبلن‪ ،‬كإ‪٪‬تا مثلهم ُب ذلك كلو كمثل العريب القح‪ ،‬يعرؼ اللغة‬
‫العربية بالتوارث كابران عن كابر حىت إنو ليقرض الشعر البليغ بالسليقة كالفطرة دكف أف يعرؼ شيئان‬
‫من قواعد اللغة كاإلعراب كالنظم كالقريض‪ ،‬فمثل ىذا ال يلزمو أف يتعلم النحو كدركس الببلغة‪،‬‬
‫كلكن علم النحو كقواعد اللغة كالشعر تصبح الزمة كضركرية عند تفشي اللحن‪ ،‬كضعف التعبَت‪،‬‬
‫أك ‪١‬تن يريد من األجانب أف يتفهمها كيتعرؼ عليها‪ ،‬أك عندما يصبح ىذا العلم ضركرة من‬
‫ضرركرات االجتماع كبقية العلوـ اليت نشأت كتألفت على توارل العصور ُب أكقاهتا ا‪١‬تناسبة‪.‬‬

‫فالصحابة كالتابعوف‪ ،‬كإف دل يتسموا باسم ا‪١‬تتصوفُت ػ كانوا صوفيُت فعبلن كإف دل يكونوا كذلك‬
‫ا‪ٝ‬تان‪ ،‬كماذا يراد بالتصوؼ أكثر من أف يعيش ا‪١‬ترء لربو ال لنفسو‪ ،‬كيتحلى بالزىد كمبلزمة‬
‫العبودية‪ ،‬كاإلقباؿ على اللٌو بالركح كالقلب ُب ‪ٚ‬تيع األكقات كسائر الكماالت اليت كصل هبا‬

‫(ُ) أ‪ٛ‬تد علوش‪ :‬ىو من الركاد األكائل الذين نقلوا حقائق التصوؼ اإلسبلمي إذل اللغات األجنبية ككاف لو‬
‫اكرب األثر ُب تصحيح األفكار كالرد على ا‪١‬تستشرقُت [نقبلن عن ا‪١‬توسوعة اليوسفية صُٔ]‪.‬‬
‫‪- 32 -‬‬
‫الصحابة كالتابعوف من حيث الرقي الركحي إذل أ‪ٝ‬تى الدرجات‪ ،‬فهم دل يكتفوا باإلقرار ُب عقائد‬
‫اإلٯتاف‪ ،‬كالقياـ بفركض اإلسبلـ‪ ،‬بل قرنوا اإلقرار بالتذكؽ كالوجداف‪ ،‬كزادكا على الفركض اإلتياف‬
‫بكل ما استحبو الرسوؿ ‪ ‬من نوافل العبادات‪ ،‬كابتعدكا عن ا‪١‬تكركىات فضبلن عن احملرمات‪،‬‬
‫حىت استنارت بصائرىم‪ ،‬كتفجرت ينابيع ا‪ٟ‬تكمة من قلوهبم‪ ،‬كفاضت األسرار الربانية على‬
‫جوا‪٨‬تهم‪ ،‬ككذلك كاف شأف التابعُت كتابعي التابعُت‪ ،‬كىذه العصور الثبلثة كانت أزىى عصور‬
‫اإلسبلـ كخَتىا على اإلطبلؽ‪ ،‬كقد جاء عن رسوؿ اللٌو ‪ ‬قولو‪« :‬خَت القركف قرين ىذا فالذم‬
‫(ُ)‬
‫أمم شىت‪ ،‬كأجناس عديدة‪،‬‬ ‫ه‬ ‫اإلسبلـ‬ ‫حظَتة‬ ‫ُب‬ ‫كدخل‬ ‫العهد‪،‬‬ ‫تقادـ‬ ‫فلما‬ ‫يليو كالذم يليو»‬
‫كاتسعت دائرة العلوـ كتقسمت كتوزعت بُت أرباب االختصاص‪ ،‬قاـ كل فريق بتدكين الفن كالعلم‬
‫الذم ‪٬‬تيده أكثر من غَته‪ ،‬فنشأ بعد تدكين النحو ُب الصدر األكؿ علم الفقو‪ ،‬كعلم التوحيد‪،‬‬
‫كأصوؿ الدين‪ ،‬كعلوـ ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كالتفسَت‪ ،‬كا‪١‬تنطق كمصطلح ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كعلم األصوؿ‪ ،‬كالفرائض‬
‫(ا‪١‬تَتاث) كغَتىا‪...‬‬

‫كحدث بعد ىذه الفًتة أف أخذ التأثَت الركحي يتضاءؿ شيئان فشيئان‪ ،‬كأخذ الناس يتناسوف ضركرة‬
‫اإلقباؿ على اللٌو بالعبودية‪ ،‬كالقلب كا‪٢‬تمة‪٦ ،‬تا دعا أرباب الرياضة كالزىد إذل أف يعملوا يىم من‬
‫ناحيتهم أيضان على تدكين علم التصوؼ‪ ،‬كإثبات شرفو كجبللو كفضلو على سائر العلوـ‪ ،‬كدل‬
‫يكن ذلك منهم احتجاجان على انصراؼ الطوائف األخرل إذل تدكين علومهم ػ كما يظن ذلك ػ‬
‫بعض ا‪١‬تستشرقُت ػ بل كاف سدان للنقص‪ ،‬كاستكماالن ‪ٟ‬تاجات الدين ُب ‪ٚ‬تيع نواحي‬ ‫خطأن ي‬
‫النشاط‪٦ ،‬تا ال بد منو ‪ٟ‬تصوؿ التعاكف على ٘تهيد‪‎‬أسباب‪‎‬الرب‪‎‬والتقوى)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كما أف أبا نصر السراج الطوسي أجاب على ىذا السؤاؿ فقاؿ ُب باب الرد على من قاؿ‪:‬‬

‫(ُ) متفق عليو‪.‬‬


‫(ِ) ‪٣‬تلة العشَتة احملمدية عدد ‪٤‬ترـ (ُّٕٔىػ) من ْتث التصوؼ من الوجهة التارٮتية للدكتور أ‪ٛ‬تد‬
‫علوش‪.‬‬
‫‪- 33 -‬‬
‫دل نسمع بذكر الصوفية ُب القدًن كىو اسم يٍ‪٤‬ت ىدث‪:‬‬

‫(إف سأؿ سائ هل فقاؿ‪ :‬دل نسمع بذكر الصوفية ُب أصحاب رسوؿ اللٌو ‪ ‬رضي اهلل عنهم‬
‫أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬كال فيمن كاف بعدىم‪ ،‬كال نعرؼ إال العباد كالزىاد كالسياحُت كالفقراء؛ كما قيل ألحد‬
‫من أصحاب رسوؿ اللٌو ‪« :‬صوُبي»‪ ،‬فنقوؿ كباللٌو التوفيق‪:‬‬

‫الصحبة مع رسوؿ اللٌو ‪٢ ‬تا حرمة‪ ،‬كٗتصيص من مشلو ذلك‪ ،‬فبل ‪٬‬توز أف يعلق عليو اسم على‬
‫أشرؼ من الصحبة‪ ،‬كذلك لشرؼ رسوؿ اللٌو ‪ ‬كحرمتو‪ ،‬أال ترل أهنم أئمة الزىاد كالعباد‬
‫ي‬ ‫أنو‬
‫كا‪١‬تتوكلُت كالفقراء كالراضُت كالصابرين كا‪١‬تخبتُت‪ ،‬كغَت ذلك‪ ،‬كما نالوا ‪ٚ‬تيع ما نالوا إال بربكة‬
‫الصحبة مع رسوؿ اللٌو ‪ ،‬فلما نيسبوا إذل الصحبة اليت ىي أجل األحواؿ استحاؿ أف يفضلوا‬
‫بفضيلة غَت الصحبة اليت ىي أجل األحواؿ كباللٌو التوفيق‪.‬‬

‫‪ -‬كأما قوؿ القائل‪ :‬إنو اسم ‪٤‬تدث أحدثو البغداديوف‪ ،‬فمحاؿ‪ ،‬ألف ُب كقت ا‪ٟ‬تسن البصرم‬
‫ر‪ٛ‬تو اللٌو كاف ييعرؼ ىذا االسم‪ ،‬ككاف ا‪ٟ‬تسن قد أدرؾ ‪ٚ‬تاعة من أصحاب رسوؿ اللٌو ‪‬‬
‫أيت صوفيان ُب الطواؼ فأعطيتو شيئان فلم يأخذه كقاؿ‪:‬‬
‫كرضي عنهم‪ ،‬كقد يركل عنو أنو قاؿ‪ :‬ر ي‬
‫معي أربعة دكانيق فيكفيٍت ما معي)‪.‬‬

‫كركم عن سفياف الثورم ر‪ٛ‬تو اللٌو أنو قاؿ‪( :‬لوال أبو ىاشم الصوُب ما عرفت دقيق الرياء) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬ي‬
‫‪ -‬ك‪٠‬تص ابن خلدكف اإلجابة على ىذا السؤاؿ فقاؿ‪:‬‬

‫(كىذا العلم يعٍت التصوؼ من العلوـ الشرعية ا‪ٟ‬تادثة ُب ا‪١‬تلة كأصلو أف طريقة ىؤالء القوـ دل‬
‫تزؿ عند سلف األمة ككبارىا من الصحابة كالتابعُت كمن بعدىم طريقة ا‪ٟ‬تق كا‪٢‬تداية‪ ،‬كأصلها‬
‫العكوؼ على العبادة‪ ،‬كاالنقطاع إذل اللٌو تعاذل‪ ،‬كاإلعراض عن زخرؼ الدنيا كزينتها‪ ،‬كالزىد ُب‬

‫(ُ)اللمع‪ ،‬صِْ‪.‬‬
‫‪- 34 -‬‬
‫ما يقبل عليو ا‪ٞ‬تمهور من لذة كماؿ كجاه‪ ،‬كاالنفراد عن ا‪٠‬تلق‪ ،‬كا‪٠‬تلوة للعبادة‪ ،‬ككاف ذلك عامان‬
‫ُب الصحابة كالسلف‪ ،‬فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده‪ ،‬كجنح الناس إذل‬
‫‪٥‬تالطة الدنيا‪ ،‬اختص ا‪١‬تقبلوف على العبادة باسم الصوفية)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كيقوؿ الشاطيب(ِ) ناقبلن عن أيب القاسم القشَتم ما يلي‪:‬‬

‫(إهنم إف اختصوا باسم التصوؼ انفرادان بو عن أىل البدع فذكر أف ا‪١‬تسلمُت بعد رسوؿ اللٌو ‪‬‬
‫دل يتسم أفاضلهم ُب عصرىم باسم علم سول الصحبة إذ ال فضيلة فوقها ٍب ‪ٝ‬تى من يليهم‬
‫التابعُت كرأكا ىذا االسم أشرؼ األ‪ٝ‬تاء ٍب قيل ‪١‬تن بعدىم اتباع التابعُت ٍب اختلف الناس كتباينت‬
‫ا‪١‬تراتب فقيل ‪٠‬تواص الناس ‪٦‬تن ‪٢‬تم شدة عناية ُب الدين‪ :‬الزىاد كالعباد كقاؿ‪ٍ :‬ب ظهرت البدع‬
‫كأدعى كل فريق أف منهم زىادان كعبادان فانفرد خواص أىل السنة الراعوف أنفسهم من اللٌو‪،‬‬
‫ا‪ٟ‬تافظوف قلوهبم عن الغفلة باسم التصوؼ)(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬من ىذه النصوص السابقة‪ ،‬يتبُت لنا أف التصوؼ ليس أمران مستحدثان جديدان‪ ،‬كلكنو مأخوذ‬
‫من توجيهات القرآف الكرًن‪ ،‬كسَتة الرسوؿ ‪ ،‬كحياة أصحابو الكراـ‪ ،‬كمن تبعهم بإحساف‪ ،‬كدل‬
‫كل ال يتجزأ كقد ظهر اإلسبلـ ُب‬‫يظهر اسم التصوؼ ُب عهد النيب كصحابتو ألف اإلسبلـ ه‬
‫حياهتم كلها‪ ،‬تطبيقان عمليان‪ ،‬فلما توسعت رقعة اإلسبلـ‪ ،‬كانتشر ُب ربوع الببلد ا‪١‬تختلفة‪ ،‬كحدث‬
‫االختبلط باألقواـ األخرل من جهة‪ ،‬كأخذ العلماء يتخصصوف بو ُب ميادين العلوـ اإلسبلمية‬
‫من جهة أخرل‪ ،‬اىتم أناس بفقو الباطن كالتطبيق العلمي لؤلخبلؽ كالسلوؾ اإلسبلمي‪ ،‬كالعودة‬

‫(ُ) ابن خلدكف‪:‬ا‪١‬تقدمة‪ ،‬علم التصوؼ صِّٗ‪.‬‬


‫(ِ)الشاطيب‪ :‬ىو أبو إسحاؽ إبراىيم بن موسى بن ‪٤‬تمد اللخمي‪ ،‬الغرناطي‪ ،‬ا‪١‬تالكي الشهَت بالشاطيب‪،‬‬
‫‪٤‬تدث‪ ،‬فقيو أصورل‪ ،‬لغوم‪ ،‬مفسر‪ .‬لو مؤلفات عديدة‪ ،‬توُب سنة (َٕٗ ىػ ػ ػػ‪ ُّٖٖ/‬ـ)‬
‫(ّ) الشاطيب‪ :‬االعتصاـ‪ ،‬جػُ‪ ،‬صٖٗ‪.‬‬
‫‪- 35 -‬‬
‫باإلسبلـ إذل جوىره كحقيقتو كأخبلقو كما كاف عليو عهد النيب كصحابتو ك‪ٝ‬توا بذلك تسمية‬
‫ٗتصصية كىي الصوفية‪.‬‬

‫‪ -‬كيؤيد كل ذلك ما قالو اإلماـ الغزارل ُب كتاب عوارؼ ا‪١‬تعارؼ‪:‬‬


‫(كقيل دل يعرؼ ىذا االسم إذل ا‪١‬تائتُت من ا‪٢‬تجرة النبوية‪ ،‬ألف ُب زمن رسوؿ اللٌو ‪ ‬كاف‬
‫أصحاب رسوؿ اللٌو ‪ ‬يسموف الرجل صحابيان لشرؼ صحبة رسوؿ اللٌو ‪ ‬ككوف اإلشارة إليها‬
‫أكذل من كل إشارة‪ ،‬كبعد انقراض عهد رسوؿ اللٌو‪ ،‬من أخذ منهم العلم ‪ٝ‬تي تابعيان‪ٍ ،‬ب ‪١‬تا تقادـ‬
‫زمن الرسالة‪ ،‬كبعد عهد النبوة كانقطع الوحي السماكم‪ ،‬كتوارل النور ا‪١‬تصطفوم‪ ،‬كاختلفت‬
‫اآلراء كتنوعت األ‪٨‬تاء‪ ،‬كتفرد كل ذم رأم برأيو‪ ،‬ككدر شرب العلم شوب األىوية‪ ،‬كتزعزعت‬
‫أبنية ا‪١‬تتقُت‪ ،‬كاضطربت عزائم الزاىدين‪ ،‬كغلبت ا‪ٞ‬تهاالت ككثف حجاهبا‪ ،‬ككثرت العادات‬
‫ك٘تلكت أرباهبا‪ ،‬كتزخرفت الدنيا ككثر خطاهبا‪ ،‬تفرد طائفة بأعماؿ صا‪ٟ‬تة كأحواؿ سنية كصدؽ‬
‫عزٯتة كقوة ُب الدين‪ ،‬كزىدكا ُب الدنيا ك‪٤‬تبتها‪ ،‬كاغتنموا العزلة كالوحدة‪ ،‬كاٗتذكا لنفوسهم زكايا‬
‫‪٬‬تتمعوف فيها تارة كينفردكف أخرل أسوة بأىل الصفة كهتيأ ‪٢‬تم صفاء الفهوـ لقبوؿ العلوـ‪ ،‬كصار‬
‫‪٢‬تم بعد اللساف لساف‪ ،‬كبعد العرفاف عرفاف‪ ،‬كبعد اإلٯتاف إٯتاف‪ ،‬كما قاؿ حارثة أصبحت مؤمنان‬
‫حقان‪ ،‬حيث كوشف برتبة من اإلٯتاف غَت ما يتعاىدىا‪ ،‬فصار ‪٢‬تم ٔتقتضى ذلك علوـ يعرفوهنا‪،‬‬
‫كإشارات يتعاىدكهنا‪ ،‬فحرركا لنفوسهم اصطبلحات تشَت إذل معاف يعرفوهنا‪ ،‬كتعرب عن أحواؿ‬
‫‪٬‬تدكهنا‪ ،‬فأخذ ذلك ا‪٠‬تلف من السلف‪ ،‬حىت صار ذلك ر‪ٝ‬تان مستمران كخربان مستقران ُب كل عصر‬
‫كزماف فظهر ىذا االسم بينهم كتى ىسم ٍوا بو ك‪ٝ‬توا بو‪ ،‬فاإلسبلـ ‪ٝ‬تتهم‪ ،‬كالعلم باللٌو صفتهم‪،‬‬
‫كالعبادة حليهم‪ ،‬كالتقول شعارىم‪ ،‬كحقائق ا‪ٟ‬تقيقة أسرارىم)(ُ)‪.‬‬

‫(ُ) ملحق إحياء علوـ الدين‪ ،‬صٔٔ‪.‬‬


‫‪- 36 -‬‬
‫موقف السلف الصالح من التصوف‬
‫‪ -‬إف أىم ما يزيل كل لبس أك نقد أك فكرة تعًتض ا‪١‬تسلم فيما يتعلق ٔتوضوع التصوؼ‪ ،‬ىو‬
‫موقف كرأم كأقواؿ السلف الصاحل‪ ،‬من العلماء األكابر‪ُ ،‬ب ىذا ا‪١‬توضوع‪ ،‬فموقفهم كأقوا‪٢‬تم‬
‫كآراؤىم ُب التصوؼ ‪-‬كىم األقرب من الشريعة كعهد النبوة زمنان كعلمان كتقديران لؤلمور‪ -‬ىو‬
‫ا‪ٟ‬تكم الفصل‪ ،‬ال موقف كأقواؿ كآراء ا‪١‬تبغضُت أك ا‪ٟ‬تاسدين أك ا‪١‬تغرضُت أك مدعي العلم أك‬
‫غَتىم من األبواؽ اليت تتحدث بألسنة غَتىم دكف علم أك فهم أك تبُت‪.‬‬

‫‪ -‬ىؤالء السلف الذين كانوا من أكابر العلماء ُب الفقو كغَته من العلوـ اإلسبلمية كالذين‬
‫اشتغلوا كقتئذ ُب الدراسة كالبحث كاالستنباط كمع ذلك دل ٯتنعهم ذلك من اتباع طريقة التصوؼ‬
‫أك مصاحبة أصحاهبا أك االستفادة منهم‪.‬‬

‫‪ -‬كإليك بعض مواقف السلف الصاحل من التصوؼ من خبلؿ أقوا‪٢‬تم‪:‬‬

‫أولً‪ :‬اإلمام مالك رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫يقوؿ اإلماـ مالك ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪( :‬من تفقو كدل يتصوؼ فقد تفسق‪ ،‬كمن تصوؼ كدل يتفقو فقد‬
‫تزندؽ كمن ‪ٚ‬تع بينهما فقد ٖتقق) (‪.)1‬‬

‫كىذا يدلنا على أف اإلماـ مالك يدعو إذل ا‪ٞ‬تمع بُت فقو الظاىر كفقو الباطن‪.‬‬
‫كمعٌت قولو ىذا أم من تعلم الفقو ‪-‬ك ىو الفقو الظاىرم‪ -‬كدل يتصوؼ أم كدل يتعلم ‪-‬الفقو‬
‫الباطٍت– فقد تفسق أم يٮتشى عليو من الفسق‪ -‬أم ا‪٠‬تركج عن ا‪١‬تقاصد ا‪ٟ‬تقيقية من أحكاـ‬
‫الشرع‪.‬‬

‫(ُ) كتاب‪(:‬الشفا بالقاضي) شرح مبل علي القارئ جزء ٓ ص َْٖك ذكرىا أيضان ُب كتابو (عُت العلم ك‬
‫زين ا‪ٟ‬تلم) جزء ُ ص ّّ ك نقلها كذلك العبلمة العدكم على شرح اإلماـ أيب ا‪ٟ‬تسن ُب الفقو ا‪١‬تالكي‬
‫جزء ِ ص ُٓٗ‪.‬‬
‫‪- 37 -‬‬
‫كقولو كمن تصوؼ‪-‬أم سار ُب طريق أىل التصوؼ‪ ،-‬كدل يتفقو‪ -‬أم دل ‪٬‬تالس علماء الفقو‪-‬‬
‫فقد تزندؽ ‪-‬أم يٮتشى عليو من أف يصبح زنديقان بعيدان عن الدين بتلبسو ببدع نتيجة جهلو‬
‫باألحكاـ الشرعية‪.-‬‬

‫كمن ‪ٚ‬تع بُت الفقو ك التصوؼ ‪،‬فقد ٖتقق‪ -‬أم كصل إذل ا‪ٟ‬تقيقة الصحيحة ُب فهم الدين‬
‫كتطبيقو‪. -‬‬

‫ثانياً‪ :‬اإلمام أبو حنيفة رحمو اللّو تعالى‪:‬‬


‫(ُ)‬
‫صاحب الدر‪ :‬أف أبا علي الدقاؽ ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل قاؿ‪ :‬أنا‬ ‫(نقل الفقيو ا‪ٟ‬تنفي ا‪ٟ‬تصكفي‬
‫أخذت ىذه الطريقة من أيب القاسم النصر أبادم‪ ،‬كقاؿ أبو القاسم‪ :‬أنا أخذهتا من الشبلي‪ ،‬كىو‬
‫من السرم السقطي‪ ،‬كىو من معركؼ الكرخي‪ ،‬كىو من داكد الطائي‪ ،‬كىو أخذ العلم كالطريقة‬
‫من أيب حنيفة النعماف ‪ ‬ككل منهم أثٌت عليو كأقر بفضلو)(ِ)‪.‬‬

‫كىذا يدلنا أف اإلماـ أبا حنيفة كاف صاحب علم كىو صاحب ا‪١‬تذىب‪ ،‬كصاحب طريقة فقد‬
‫‪ٚ‬تع فقو الظاىر كفقو الباطن‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اإلمام الشافعي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬


‫(يقوؿ صحبت الصوفية فاستفدت منهم ثبلث كلمات‪:‬‬

‫(ُ)ابن ا‪١‬تبل ا‪ٟ‬تصكفي‪ :‬أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن علي ا‪ٟ‬تصكفي‪ ،‬فاضل عارؼ باألدب‪ ،‬لو شعر حسن‪ .‬أصلو‬
‫من حصن كيفا‪ ،‬كنسبتو إليها‪ .‬كلد ُب حلب كأقاـ فيها‪ .‬لو كتب كرسائل كثَتة توُب سنة (ََُّ ق‪/‬‬
‫ُٓٗٓـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) ا‪ٟ‬تصكفي‪ :‬الدر ا‪١‬تختار جُ‪ ،‬صّْ كعليو حاشية ابن عابدين ‪-‬ككل من ذكر ُب ىذه ا‪١‬تقالة من‬
‫األشخاص ىم من رجاالت الصوفية ا‪١‬تشهورين‪ -‬كمع ذلك فإف أخذىم كاف عن الفقيو ا‪١‬تشهور صاحب‬
‫ا‪١‬تذىب أيب حنيفة‪.‬‬
‫‪- 38 -‬‬
‫قو‪٢‬تم‪ :‬الوقت سيف إذا دل تقطعو قطعك‪.‬‬

‫كقو‪٢‬تم‪ :‬نفسك إف دل تشغلها با‪ٟ‬تق شغلتك بالباطل‪.‬‬


‫كقو‪٢‬تم‪ :‬العدـ عصمة)(ُ)‪ .‬أم عدـ حب الظهور أماـ اآلخرين عصمة من الوقوع ُب ا‪٠‬تطأ ألف‬
‫الظهور ‪١‬تن ال ٭تسن الظهور تكسر الظهور‪.‬‬

‫كيقوؿ أيضان‪( :‬حبب إرل من دنياكم ثبلث‪ :‬ترؾ التكلف‪ ،‬كعشرة ا‪٠‬تلق بالتلطف‪ ،‬كاالقتداء‬
‫بطريق أىل التصوؼ)(ِ)‪.‬‬

‫كىذا يدلنا على أف اإلماـ الشافعي صحب أىل التصوؼ كانتفع هبم كحبب إليو االقتداء‬
‫بطريقهم‪.‬‬
‫ٗـ اإلمام أحمد رحمو اللّو تعالى(ٖ)‪:‬‬
‫مر ىذا اإلماـ ٔترحلتُت فيما يتعلق بالتصوؼ‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ :‬عدـ ثقتو هبم كيدؿ على ذلك كصيتو لولده عبد اللٌو‪:‬‬
‫(يا كلدم عليك با‪ٟ‬تديث‪ ،‬كإياؾ ك‪٣‬تالس ىؤالء الذين ‪ٝ‬توا أنفسهم صوفية‪ ،‬فإهنم رٔتا كاف‬
‫أحدىم جاىبلن بأحكاـ دينو)‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬الثقة هبم‪ ،‬كالدعوة إذل ‪٣‬تالستهم لبلنتفاع هبم‪ ،‬كمشاكرهتم كاألخذ بآرائهم‪.‬‬
‫كذلك عندما صاحب أبا ‪ٛ‬تزة البغدادم الصوُب كعرؼ أحواؿ القوـ أصبح يقوؿ لولده‪:‬‬
‫(أيا كلدم عليك ٔتجالسة ىؤالء القوـ‪ ،‬فإهنم زادكا علينا بكثرة العلم كا‪١‬تراقبة كا‪٠‬تشية كالزىد‬
‫كعلو ا‪٢‬تمة)‪.‬‬

‫(ُ) جبلؿ الدين السيوطي‪ ،‬تأييد ا‪ٟ‬تقيقة العلية‪ ،‬صُٓ‪.‬‬


‫(ِ) العجلوين‪،‬كشف ا‪٠‬تفاء كمزيل اإللباس‪ ،‬جُ‪ ،‬صُّْ‪.‬‬
‫(ّ) انظر ا‪١‬توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية‪ ،‬صٓٓ‪.‬‬
‫‪- 39 -‬‬
‫ككاف اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن حنبل مع جبللة قدره إذا توقف ُب مسألة يقوؿ أليب ‪ٛ‬تزة البغدادم ‪:‬‬
‫(ما تقوؿ ُب ىذه ا‪١‬تسألة يا صوُب) (ُ)؟ فما قاؿ لو اعتمده‪.‬‬

‫(كنقل العبلمة ‪٤‬تمد السقاريٍت ا‪ٟ‬تنبلي ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل عن إبراىيم بن عبد اللٌو العبلين ر‪ٛ‬تو اللٌو‬
‫تعاذل أف اإلماـ أ‪ٛ‬تد ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل قاؿ عن الصوفية‪ :‬ال أعلم قومان أفضل منهم‪ ،‬قيل إهنم‬
‫يستمعوف كيتواجدكف‪ ،‬قاؿ‪ :‬دعوىم يفرحوف مع اللٌو ساعة) (ِ)‪.‬‬

‫٘ـ اإلمام أبو حامد الغزالي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫يقوؿ اإلماـ الغزارل ُب كتابو (ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ) بعد أف فرغ من علوـ الشريعة بكتاب‬
‫«األربعُت» كعلوـ الفلسفة القدٯتة بكتاب (مقاصد الفبلسفة) ككذلك (التهافت) يقوؿ كاصفان‬
‫التصوؼ كالصوفية‪ٍ( :‬ب إين ‪١‬تا فرغت من ىذه العلوـ أقبلت هبميت على طريق الصوفية‪ ،‬كعلمت‬
‫أف طريقهم إ‪٪‬تا يتم بعلم كعمل‪ ،‬ككاف حاصل علمهم قطع عقبات النفس كالتنزه عن أخبلقها‬
‫ا‪١‬تذمومة كصفاهتا ا‪٠‬تبيثة حىت يتوصل بذلك إذل ٗتلية القلب من غَت اللٌو تعاذل كٖتليتو بذكر اللٌو‬
‫علي من العمل فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل قوت‬
‫ككاف حينئذ العلم أيسر ٌ‬
‫القلوب أليب طالب ا‪١‬تكي ر‪ٛ‬تو اللٌو ككتب ا‪ٟ‬تارث احملاسيب كا‪١‬تتفرقات ا‪١‬تأثورة عن ا‪ٞ‬تنيد كالشبلي‬
‫كأيب يزيد البسطامي كغَت ذلك من كبلـ مشاٮتهم حىت اطلعت على كٍن ًو مقاصدىم العلمية‪،‬‬
‫كحصلت على ما ٯتكن أف ٭تصل ا‪١‬ترء من طريقتهم بالتعليم كالسماع فظهر رل أف أخص‬
‫خصائصهم ال ٯتكن الوصوؿ إليو ٔتجرد العلم بل بالذكؽ كا‪ٟ‬تاؿ‪ ،‬كتبدؿ الصفات‪ ،‬فعلمت يقينان‬
‫أهنم أرباب أحواؿ ال أصحاب أقواؿ‪.‬‬

‫كالقدر الذم أذكره لينتفع بو ىو أين علمت يقينان أف الصوفية ىم السالكوف لطريق اللٌو تعاذل‪.‬‬

‫(ُ) ابن تغرم بردم‪ :‬النجوـ الزاىرة ُب ملوؾ مصر كالقاىرة صُِٖ‪.‬‬
‫(ِ) ابن مفلح‪ :‬الفركع‪ ،‬جزءٗ‪ ،‬صّّٓ‪.‬‬
‫‪- 41 -‬‬
‫كأف سَتهتم أحسن السَت كطريقهم أصوب الطرؽ كأخبلقهم أزكى األخبلؽ بل لو ‪ٚ‬تع عقل‬
‫العقبلء كحكمة ا‪ٟ‬تكماء كعلم الواقفُت على أسرار الشرع من العلماء ليغَتكا شيئان من سَتىم‬
‫كأخبلقهم كيبدلوه ٔتا ىو خَت منو دل ‪٬‬تدكا إذل ذلك سبيبل كإف ‪ٚ‬تيع حركاهتم كسكناهتم ُب‬
‫ظاىرىم كباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة كليس كراء نور النبوة على كجو األرض نور‬
‫يستضاء بو‪ ،‬فأيقنت أهنم الفرقة الناجية كماذا يقوؿ القائلوف ُب طريقة أكؿ شركطها‪ :‬تطهَت القلب‬
‫بالكلية عما سول اللٌو تعاذل‪ ،‬كعمادىا كمفتاحها ا‪ٞ‬تارم منها ‪٣‬ترل اإلحراـ ُب الصبلة‪ :‬استغراؽ‬
‫القلب بالكلية بذكر اللٌو‪ ،‬كآخرىا‪ :‬الفناء بالكلية ُب اللٌو)(ُ)‪.‬‬

‫‪ٙ‬ـ اإلمام القشيري رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫كقاؿ اإلماـ أبو القاسم القشَتم ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل ُب مقدمة رسالتو ا‪١‬تشهورة متحدثان عن الصوفية‪:‬‬
‫(جعل اللٌو ىذه الطائفة صفوة أكليائو‪ ،‬كفضلهم على الكافة من عباده بعد رسلو كأنبيائو صلوات‬
‫اللٌو كسبلمو عليهم‪ ،‬كجعل قلوهبم معادف أسراره‪ ،‬كاختصهم من بُت األمة بطوالع أنواره‪ ،‬فهم‬
‫الغياث للخلق‪ ،‬كالدائركف ُب عموـ أحوا‪٢‬تم مع ا‪ٟ‬تق با‪ٟ‬تق‪ ،‬صفاىم من كدكرات البشرية كرقاىم‬
‫إذل ‪٤‬تل ا‪١‬تشاىدات ٔتا ٕتلى ‪٢‬تم من حقائق األحدية‪ ،‬ككفقهم للقياـ بآداب العبودية كأشهدىم‬
‫‪٣‬تارم أحكاـ الربوبية‪ ،‬فقاموا بأداء ما عليهم من كاجبات التكليف‪ ،‬كٖتققوا ٔتا منٌو سبحانو ‪٢‬تم‬
‫من التقليب كالتصريف ٍب رجعوا إذل اللٌو سبحانو كتعاذل بصدؽ االفتقار كنعت االنكسار‪ ،‬كدل‬
‫جل كعبل‬
‫يتكلموا على ما حصل منهم من األعماؿ أك صفا ‪٢‬تم من األحواؿ‪ ،‬علمان منهم بأنو ٌ‬
‫يفعل ما يريد‪ ،‬كٮتتار من يشاء من العبيد‪ ،‬ال ٭تكم عليو خلق‪ ،‬كال يتوجو عليو ‪١‬تخلوؽ حق‪،‬‬
‫ثوابو ابتداء فضل‪ ،‬كعذابو حكم بعدؿ‪ ،‬كأمره قضاء فصل)(ِ)‪.‬‬

‫(ُ) أبو حامد الغزارل‪ :‬ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ‪ٖ ،‬تقيق د‪ .‬عبد الرحيم ‪٤‬تمود صُْٓ‪.‬‬
‫(ِ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صِ‪.‬‬
‫‪- 41 -‬‬
‫‪ٚ‬ـ الشيخ تاج الدين السبكي(ُ) رحمو اللّو تعالى‪:‬‬
‫كقاؿ الشيخ تاج الدين السبكي ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪( :‬حياىم اللٌو كبياىم ك‪ٚ‬تعنا ُب ا‪ٞ‬تنة ‪٨‬تن كإياىم‪،‬‬
‫كقد تشعبت األقواؿ فيهم تشعبان ناشئان عن ا‪ٞ‬تهل ْتقيقتهم لكثرة ا‪١‬تتلبسُت هبا إذل أف قاؿ كإهنم‬
‫ا‪١‬تعرضوف عن الدنيا ا‪١‬تشتغلوف ُب أغلب األكقات بالعبادة) (ِ)‪ٍ .‬ب ٖتدث عن تعاريف التصوؼ‬
‫إذل أف قاؿ‪( :‬كا‪ٟ‬تاصل أهنم أىل اللٌو كخاصتو الذين ترٕتى الر‪ٛ‬تة بذكرىم كيستنزؿ الغيث‬
‫بدعائهم فرضي اللٌو عنهم كعنا هبم)(ّ)‪.‬‬

‫‪ٛ‬ـ اإلمام فخر الدين الرازي رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫قاؿ العبلمة الكبَت كا‪١‬تفسر الشهَت اإلماـ فخر الدين الرازم ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل ُب كتابو اعتقادات‬
‫فرؽ ا‪١‬تسلمُت كا‪١‬تشركُت‪( :‬الباب الثامن ُب أحواؿ الصوفية‪ :‬اعلم أف أكثر من حصر فرؽ األمة دل‬
‫يذكر الصوفية كذلك خطأ ألف حاصل قوؿ الصوفية أف الطريق إذل معرفة اللٌو تعاذل ىو التصفية‬
‫كالتجرد من العبلئق البدنية‪ ،‬كىذا طريق حسن‪ ...‬كقاؿ أيضان‪ :‬كا‪١‬تتصوفة قوـ يشتغلوف بالفكر‬
‫كٕترد النفس عن العبلئق ا‪ٞ‬تسمانية‪ ،‬ك‪٬‬تتهدكف أف ال ٮتلو سرىم كبا‪٢‬تم عن ذكر اللٌو تعاذل ُب‬
‫سائر تصرفاهتم كأعما‪٢‬تم‪ ،‬منطبعوف على كماؿ األدب مع اللٌو ‪ ،‬كىؤالء ىم خَت فرؽ‬
‫اآلدميُت)(ْ)‪.‬‬

‫(ُ)تاج الدين السبكي‪ :‬ىو أبو نصر عبد الوىاب بن علي بن عبد الكاُب السبكي نسبتو إذل سبك (من‬
‫أعماؿ ا‪١‬تنوفية ٔتصر) ‪ ،‬قاضي القضاة‪ ،‬ا‪١‬تؤرخ‪ ،‬الباحث ككاف طلق اللساف‪ ،‬قوم ا‪ٟ‬تجة‪.‬كلد ُب القاىرة‪،‬‬
‫كانتقل إذل دمشق مع كالده‪ ،‬فسكنها كتوُب هبا سنة (ُٕٕ ق ‪ َُّٕ/‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) تاج الدين السبكي‪ :‬معيد النعم كمبيد النقم‪ ،‬صُُٗ‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫(ْ)فخر الدين الرازم‪ :‬اعتقادات فرؽ ا‪١‬تسلمُت كا‪١‬تشركُت‪ ،‬صِٕ‪.‬‬
‫‪- 42 -‬‬
‫‪ٜ‬ـ اإلمام ابن عابدين(ُ) رحمو اللّو تعالى‪:‬‬

‫كٖتدث خا٘تة احملققُت العبلمة الكبَت كالفقيو الشهَت الشيخ ‪٤‬تمد أمُت ا‪١‬تشهور بابن عابدين ر‪ٛ‬تو‬
‫اللٌو تعاذل‪ :‬عن البدع الدخيلة على الدين ‪٦‬تا ‪٬‬ترم ُب ا‪١‬تآًب كا‪٠‬تتمات من قبل أشخاص تزيوا بزم‬
‫العلم كانتحلوا اسم الصوفية ٍب استدرؾ الكبلـ عن الصوفية الصادقُت حىت ال يظن أنو يتكلم‬
‫عنهم عامة فقاؿ‪:‬‬

‫(كال كبلـ لنا مع الصدؽ من ساداتنا الصوفية ا‪١‬تربئُت عن كل خصلة ردية‪ ،‬فقد سئل إماـ‬
‫الطائفتُت سيدنا ا‪ٞ‬تنيد‪ :‬إف أقوامان يتواجدكف كيتمايلوف؟ فقاؿ‪ :‬دعوىم مع اللٌو تعاذل يفرحوف‪،‬‬
‫فإهنم قوـ قطعت الطريق أكبادىم كمزؽ النصب فؤادىم كضاقوا ذرعان‪ ،‬فبل حرج عليهم إذا‬
‫تنفسوا مداكاة ‪ٟ‬تا‪٢‬تم‪ ،‬كلو ذقت مذاقهم عذرهتم ُب صياحهم)(ِ)‪.‬‬

‫ٓٔـ الدكتور أبو الوفا التفتازاني‪:‬‬

‫يقوؿ فضيلة الدكتور أبو الوفا التفتازاين‪( :‬ليس التصوؼ ىركبان من كاقع ا‪ٟ‬تياة كما يقوؿ خصومو‪،‬‬
‫كإ‪٪‬تا ىو ‪٤‬تاكلة اإلنساف للتسلح بقيم ركحية جديدة‪ ،‬تعينو على مواجهة ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تادية‪ ،‬كٖتقق لو‬
‫التوازف النفسي حىت يواجو مصاعبها كمشكبلهتا‪.‬‬

‫كُب التصوؼ اإلسبلمي من ا‪١‬تبادئ اإل‪٬‬تابية ما ٭تقق تطور اجملتمع إذل األماـ فمن ذلك أنو يؤكد‬
‫ليصحح أخطاءىا كيكملها بالفضائل‪ ،‬ك‪٬‬تعل فطرتو إذل‬
‫ٌ‬ ‫على ‪٤‬تاسبة اإلنساف لنفسو باستمرار‬
‫ا‪ٟ‬تياة معتدلة‪ ،‬فبل يتهالك على شهواهتا كينغمس ُب أسباهبا إذل ا‪ٟ‬تد الذم ينسى فيو نفسو كربو‪،‬‬

‫(ُ)ابن عابدين‪ :‬أ‪ٛ‬تد بن عبد الغٍت بن عمر ا‪١‬تشهور بابن عابدين‪ :‬فقيو حنفي‪ ،‬كلد كمات ُب‬
‫دمشق(َُّٕ ق ‪ ُٖٖٗ/‬ـ)‪ .‬عُت أمينا للفتول مع السيد ‪٤‬تمود ‪ٛ‬تزة مفيت دمشق‪[.‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) الرسالة السابعة‪ ،‬شفاء العليل كبل الغليل ُب حكم الصوفية با‪٠‬تتمات كالتهاليل‪ ،‬صُِٕػُّٕ‪.‬‬
‫‪- 43 -‬‬
‫فيشقى شقاءن ال حد لو‪ .‬كالتصوؼ ‪٬‬تعل من ىذه ا‪ٟ‬تياة كسيلة ال غاية‪ ،‬كبذلك يتحرر ٘تامان من‬
‫شهواتو كأىوائو بإرادة حرة) (ُ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أبو الوفا التفتازاين‪ :‬مدخل إذل التصوؼ اإلسبلمي‪.‬‬


‫‪- 44 -‬‬
‫موقف أئمة الحركة السلفية في الصوفية‬
‫‪ -‬من تعمق ُب دراسة أىل العلم ا‪ٟ‬تقيقيُت كالصادقُت ُب مسعاىم‪ ،‬كا‪١‬تخلصُت ُب أىدافهم‬
‫كغاياهتم كنياهتم‪ ،‬كالغيورين على دينهم ُب نشر العلم الصحيح‪ ،‬كالبعد عن البدع كا‪٠‬ترافات‪،‬‬
‫كالزيغ كاال‪٨‬ترافات‪ ،‬كا‪١‬تتمسكُت بالقرآف كالسنة‪.‬‬

‫‪ -‬من تتبع حياهتم كأعما‪٢‬تم كأفكارىم ‪٬‬تدىم يسَتكف ‪٨‬تو ىدؼ كاحد كإف اختلفت مسالكهم‪.‬‬
‫كال ‪٬‬تد بينهم اختبلفان‪ ،‬بل ‪٬‬تد ُب أقواؿ بعضهم ُب بعض إنصافان ككقوفان عند ا‪ٟ‬تق‪ ،‬بينما ‪٬‬تد‬
‫عند بعض من أتى بعدىم كانتسب إليهم‪ ،‬كخاصة من ابتعد عنهم ُب العلم كالعصر‪ ،‬كخالفهم‬
‫ُب بعض ما ٘تسكوا بو‪٬ ،‬تد عنده ا‪٠‬تلل كا‪٠‬تبلؼ كالبعد كالتمزؽ كالشقاؽ‪ ،‬كاآلراء ا‪١‬تختلفة اليت‬
‫رٔتا خرجت عن جوىر األصل بل خالفتو‪ ،‬كسعت ُب األرض فسادان‪.‬‬

‫‪ -‬انطبلقان من ىذا الكبلـ فإننا دل نسمع عن أحد من أىل السلف انتقادان ألىل التصوؼ إال ‪١‬تن‬
‫شذ عنهم أك ا‪٨‬ترؼ‪ ،‬كأىل التصوؼ أنفسهم ينبذكنو‪ ،‬ككذلك دل نسمع من أىل التصوؼ‬
‫انتقادان أل و‬
‫حد من أىل السلف كلو ابتعد عن طريقتهم كمذىبهم‪.‬‬

‫‪ -‬كإذا كاف أىل السلف ينطلقوف من الكتاب كالسنة فإف أىل التصوؼ أيضان يعتمدكف على‬
‫الكتاب كالسنة فكيف يوجد بينهما اختبلؼ أك شقاؽ‪.‬‬

‫‪ -‬كيؤيد ىذا الكبلـ ما كتبو الشيخ عبد ا‪ٟ‬تفيظ ا‪١‬تكي كىو من علماء مكة ا‪١‬تكرمة‪ ،‬فقد ذكر‬
‫قوؿ الشيخ ‪٤‬تمد عبد الوىاب كابن تيمية كابن القيم كابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي كابن كثَت كا‪ٟ‬تافظ‬
‫الذىيب كأخَتان ذكر رأم اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن حنبل كقد قاؿ ُب ا‪١‬تقدمة‪:‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫(كىكذا نسمع بُت حُت كآخر من ينادم بأف التصوؼ كلو باطل كأف الصوفية طائفة زائفة ال‬
‫عبلقة ‪٢‬تا باإلسبلـ‪ ،‬بل إهنم أعداء للدين كأف أصلهم من اليوناف أك بوذية ا‪٢‬تند‪ ..‬إذل آخر ذلك‬
‫من الًتىات‪ .‬كىذا كلو أيضان مع األسف الشديد باسم (السلفية ا‪١‬تسكينة)‪.‬‬

‫مع أف الواقع ٓتبلؼ ذلك‪ ،‬فإف الصوفية عند أئمة ا‪ٟ‬تركة السلفية كسادهتم‪ ،‬طائفة إسبلمية مثل‬
‫بقية الطوائف اإلسبلمية األخرل كاحملدثُت كالفقهاء كا‪١‬تتكلمُت كا‪١‬تؤرخُت كاجملاىدين كغَتىم‪،‬‬
‫فيهم ا‪١‬تصيب كا‪١‬تخطئ كالصاحل كالطاحل‪ ،‬كاألصلي كا‪١‬تزيف‪ .‬كلكن إذا أطلق اللفظ فإنو يراد بو‬
‫دائمان‪ :‬الصاحل كا‪١‬تصيب كالصحيح منهم‪ ،‬فمثبلن لو قلنا‪« :‬احملدثوف» فا‪١‬تراد هبم عند ا‪ٞ‬تميع‬
‫احملدثوف الصا‪ٟ‬توف الذين حفظوا على األمة أحاديث رسوؿ اللٌو ‪ ‬كخدموىا كبلغوىا كنشركىا‬
‫بالطريقة ا‪١‬ترضية كاألئمة‪ :‬البخارم كمسلم كالًتمذم كابن حجر العسقبلين كالسيوطي‬
‫كالكاندىلوم كغَتىم‪.‬‬

‫كال يراد بكلمة (احملدثوف) مطلقان‪ ،‬عند أم أحد‪ ،‬أكلئك (الدجالوف الكذابوف الوضاعوف)‬
‫ا‪١‬تنتسبوف إذل ىذه الطائفة الكرٯتة‪ ،‬كالذين قد بُت فسادىم كدجلهم أئمة ا‪ٞ‬ترح كالتعديل ُب كل‬
‫عصر كزماف كما ىو معلوـ للجميع‪.‬‬

‫كىكذا ىو ا‪ٟ‬تاؿ ُب الفقهاء كا‪١‬تتكلمُت كاجملاىدين كا‪١‬تؤرخُت كغَتىم من طوائف ا‪١‬تسلمُت كىكذا‬
‫‪٬‬تب أف يكوف ا‪ٟ‬تاؿ ُب الصوفية أيضان‪.‬‬

‫فعندما يقاؿ الصوفية يكوف ا‪١‬تراد منهم حتمان‪ :‬الفضيل بن عياض كمعركؼ الكرخي كأبو سليماف‬
‫الداراين كبشر ا‪ٟ‬تاُب كعبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين كا‪ٞ‬تنيد البغدادم كغَتىم ‪٦‬تن سار على هنجهم القوًن‬

‫‪- 46 -‬‬
‫من أصحاب الطرؽ ا‪١‬تباركة ا‪١‬تتبعة لنهج القرآف الكرًن كسنة نبيو كالدالُت العباد على اللٌو ‪‬‬
‫كاحملببُت برسوؿ اللٌو ‪ ‬كآلو كصحبو) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬فهذا ىو قوؿ ا‪ٟ‬تق كمنهج الصدؽ كسبلمة الفكر كاإلنصاؼ التاـ ‪٢‬تؤالء الذين ىم علماء‬
‫األمة ك‪٣‬تاىدكىا كلن ٕتد عا‪١‬تان أك ‪٣‬تاىدان أك تقيان قدـ لئلنسانية أعظم النفع بعد التابعُت إال‬
‫كينطبق عليو ذلك الوصف العظيم‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا ىو العبلمة ابن القيم كىو من كبار الصوفية كما ذكر اإلماـ ا‪ٟ‬تافظ ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‬
‫بقولو‪( :‬ككاف عا‪١‬تان بعلم السلوؾ ككبلـ أىل التصوؼ كإشاراهتم كدقائقهم‪ ،‬لو ُب كل فن من ىذه‬
‫الفنوف اليد الطوذل) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كٖتدث ابن القيم عن التصوؼ فقاؿ‪:‬‬


‫(الدين كلو خلق‪ ،‬فمن زاد عليك ُب ا‪٠‬تلق زاد عليك ُب الدين‪ ،‬ككذلك التصوؼ قاؿ الكتاين‪:‬‬
‫التصوؼ‪ :‬ىو ا‪٠‬تلق‪ ،‬فمن زاد عليك ُب ا‪٠‬تلق فقد زاد عليك ُب التصوؼ) (ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كذكر أيضان ما نصو‪:‬‬
‫(قاؿ أبو عبد الر‪ٛ‬تن السلمي‪ٝ :‬تعت ‪٤‬تمد بن ‪٥‬تلد يقوؿ ‪ٝ‬تعت جعفران يقوؿ ‪ٝ‬تعت ا‪ٞ‬تنيد‬
‫يقوؿ‪( :‬ا‪١‬تريد الصادؽ غٍت من العلماء)‪ ،‬كقاؿ أيضان‪ٝ :‬تعت ا‪ٞ‬تنيد يقوؿ‪( :‬إذا أراد اللٌو با‪١‬تريد‬
‫خَتان أكقعو إذل الصوفية كمنعو صحبة القراء)) (ْ)‪.‬‬

‫(ُ) عبد ا‪ٟ‬تفيظ ا‪١‬تكي‪ :‬كتاب موقف أئمة ا‪ٟ‬تركة السلفية من التصوؼ كالصوفية‪.‬‬
‫(ِ)ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬الذيل على طبقات ا‪ٟ‬تنابلة جػِ صْْٖ عن تر‪ٚ‬تة ابن القيم‪.‬‬
‫(ّ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت عن تعريف التصوؼ ُب جػِ‪ ،‬ص َّٕ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬ترجع نفسو صّٔٔ‪.‬‬
‫‪- 47 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ الشافعي ‪( :‬صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إال بكلمتُت ‪ٝ‬تعتهم يقولوف‪ :‬الوقت‬
‫سيف فإف قطعتو كإال قطعك‪ ،‬كنفسك إف دل تشغلها با‪ٟ‬تق كإال شغلتك بالباطل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يا ‪٢‬تما من كلمتُت‪ ،‬ما أنفعهما كأ‪ٚ‬تعهما كأد‪٢‬تما على علو ‪٫‬تة قائلهما كيقظتو‪ ،‬كيكفي‬
‫ُب ىذا ثناء الشافعي على طائفة ىذا قدر كلماهتم)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك ال ننسى ما مر معنا سابقان ‪٦‬تا قالو الشافعي ُب صحبتو للصوفية كانتفاعو الكثَت هبم‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك كلو تتبعنا مؤلفات ابن قيم ا‪ٞ‬توزية لوجدنا الكثَت منها يعترب من كتب مراجع الصوفية‬
‫ا‪٢‬تامة أذكر منها على سبيل ا‪١‬تثاؿ ال ا‪ٟ‬تصر‪( :‬مدارج السالكُت‪ ،‬عدة الصابرين‪ ،‬زاد ا‪١‬تعاد‪ ،‬ركضة‬
‫احملبُت‪ ،‬حادم األركاح‪ ،‬بدائع الفوائد‪ ،‬الوابل الصيب‪...‬اخل)‪.‬‬
‫‪ -‬كىذا اإلماـ ا‪ٟ‬تافظ الذىيب يذكر ُب تر‪ٚ‬تتو للمحدثُت كثَتان من احملدثُت الصوفيُت‪:‬‬
‫((ابن األعرايب) (ِ) اإلماـ ا‪ٟ‬تافظ الزاىد شيخ ا‪ٟ‬ترـ أبو سعيد أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن زياد بن بشر بن‬
‫درىم البصرم الصوُب صاحب التصانيف ككاف ثقة ثبتان عارفان ربانيان كبَت القدر بػي ٍع ىد الصيت)(ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كيذكر أيضان‪(( :‬غندر) كأما غندر الثالث فهو صوُب ‪٤‬تدث جواؿ‪ ،‬لقي ا‪ٞ‬تنيد كطبقتو ككتب‬
‫ا‪ٟ‬تديث كسكن مصر)(ْ)‪.‬‬

‫(ُ) ا‪١‬ترجع السابق ج ػّ ص ُِٖ‪.‬‬


‫(ِ)ابن األعرايب‪ :‬أبو سعيد أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن زياد بن بشر بن درىم‪ :،‬مؤرخ من علماء ا‪ٟ‬تديث‪.‬من أىل‬
‫البصرة‪.‬تصوؼ كصحب ا‪ٞ‬تنيد‪ ،‬كانتقل إذل ا‪ٟ‬تجاز فكاف شيخ ا‪ٟ‬ترـ ا‪١‬تكي كتوُب ٔتكة سنة (َّْ‬
‫ق‪ِٗٓ/‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) الذىيب‪ :‬تذكرة ا‪ٟ‬تفاظ ج ػّ ِٖٓ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬ترجع السابق‪ :‬صُٔٗ‪.‬‬
‫‪- 48 -‬‬
‫‪ -‬كيذكر أيضان‪( ( :‬ا‪١‬تاليٍت) ا‪ٟ‬تافظ العادل الزاىد أبو سعد أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن أ‪ٛ‬تد بن عبد اللٌو‬
‫بن حفص األنصارم ا‪٢‬تركم ا‪١‬تاليٍت الصوُب‪ ،‬كيعرؼ أيضان بطاككس الفقراء‪ ..‬ك‪ٚ‬تع كحصل من‬
‫ا‪١‬تسانيد الكبار شيئان كثَتان‪ ،‬ككاف ثقة متقنان صاحب حديث كمن كبار الصوفية) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كيذكر أيضان‪(( :‬أبو نعيم) ا‪ٟ‬تافظ الكبَت ‪٤‬تدث العصر أ‪ٛ‬تد بن عبد اللٌو بن أ‪ٛ‬تد بن‬
‫اسحاؽ بن موسى بن مهراف ا‪١‬تهراين األصبهاين الصوُب) (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كُب هناية ا‪ٞ‬تزء الرابع كىو األخَت من تذكرة ا‪ٟ‬تفاظ يتحدث الذىيب عمن لزمهم ك‪ٝ‬تع منهم‬
‫كبعضهم كاف من ا‪١‬تتصوفة فيقوؿ ما نصو‪:‬‬

‫(كلزمت الشيخ اإلماـ احملدث مفيد ا‪ٞ‬تماعة أبا ا‪ٟ‬تسن علي بن مسعود بن نفيس ا‪١‬توصلي‬
‫ك‪ٝ‬تعت منو ‪ٚ‬تلو‪ ،‬ككاف دينان خَتان متصوفان متعففان‪.‬‬

‫ك‪ٝ‬تعت من مفيد الطلبة احملدث اإلماـ ا‪١‬تتقن اللغوم صفي الدين ‪٤‬تمود بن أيب بكر األرموم ٍب‬
‫القراُب الصوُب‪.‬‬

‫ك‪ٝ‬تعت من اإلماـ احملدث األكحد األكمل فخر اإلسبلـ صدر الدين إبراىيم بن ‪٤‬تمد بن ا‪١‬تؤيد‬
‫بن ‪ٛ‬تويو ا‪٠‬تراساين ا‪ٞ‬تويٍت شيخ الصوفية)‪.‬‬

‫‪ -‬فلو كاف ا‪ٟ‬تافظ الذىيب كىو العادل العبلمة معاديان للصوفية أك معًتضان عليهم ‪١‬تا ذكرىم ُب كتبو‬
‫ك‪١‬تا لزمهم ك‪ٝ‬تع منهم كرضي أف يكونوا لو أساتذة‪.‬‬

‫(ُ) ا‪١‬ترجع نفسو‪ :‬صََُٕ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬ترجع نفسو‪ :‬ص َُِٗ‪.‬‬
‫‪- 49 -‬‬
‫‪ -‬ككذلك فإف ا‪ٟ‬تافظ ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي السلفي تلميذ ابن تيمية يتحدث عن العديد من‬
‫العلماء كاصفان إياىم بالصوفية كإبراىيم بن علي بن أ‪ٛ‬تد بن فضل الوسطي الصا‪ٟ‬تي الفقيو‬
‫الزاىد العابد شيخ اإلسبلـ بركة الشاـ قطب الوقت تقي الدين أبو اسحاؽ(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك يتحدث عن ‪٤‬تمد بن عبد اللٌو بن عمر بن أيب القاسم البغدادم ا‪١‬تقرئ احملدث‬
‫الصوُب(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك ما ذكره ا‪ٟ‬تافظ القاضي ابن أيب يعلى عن تبلميذ اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن حنبل فكثَتان ما يثٍت‬
‫على بعضهم بأنو صوُب‪ ،‬فقد بُت أف‪( :‬أ‪ٛ‬تد بن ا‪ٟ‬تسن بن عبد ا‪ٞ‬تبار بن راشد‪ ،‬أبو عبد اللٌو‬
‫الصوُب ‪ٝ‬تع علي بن ا‪ٞ‬تعد كأبا نصر التمار ك٭تِت بن معُت من آخرين‪ ،‬نقل عن إمامنا‬
‫أشياء)(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كبذلك يتجلى كاضحان للعياف من ىذه النقوؿ اليت أكردناىا من كتب رجاؿ ا‪ٟ‬تديث كالفقو أف‬
‫كلمة صوُب تعٍت أف صاحبها بلغ درجة كبَتة ُب التقول كال ٯتكن أف يتصور أبدان أف ىؤالء‬
‫األئمة الذم قبلت األمة أحكامهم على صحة األحاديث النبوية كاإلماـ الذىيب أف يطلقوا كلمة‬
‫الصوفية على رجاؿ ا‪ٟ‬تديث كالفقو إف كانت دخيلة على ا‪١‬تنهج اإلسبلمي كما يدعي بعض‬
‫(ْ)‬
‫الناس‪ ،‬كيقولوف‪١ :‬تاذا نسميهم صوفية كاللٌو تعاذل يقوؿ‪ :‬ﮋﯗ ﯘﯙ ﯚﯛﮊ‬
‫فهل غاب عن ىؤالء األجبلء فهم ىذه اآلية حىت يًتكوا العمل هبا كيطلقوىا ببل تبصر كركية‪،‬‬
‫إهنم علموا كتيقنوا أف إطبلؽ ىذه الكلمة ال يتعارض مع اآلية الشريفة كما سبق أف شرح اإلماـ‬

‫(ُ) ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬الذيل على طبقات ا‪ٟ‬تنابلة جزءِ صِّٗ‪.‬‬
‫(ِ) ا‪١‬ترجع نفسو‪ :‬جزءِ ص ّّٓ‪.‬‬
‫(ّ) ابن أيب يعلى‪ :‬طبقات ا‪ٟ‬تنابلة جزءُ ص ّٔ‪.‬‬
‫(ْ) سورة ا‪ٟ‬تج‪.ٕٖ :‬‬
‫‪- 51 -‬‬
‫الشاطيب ُب كتابو االعتصاـ عن سبب ىذه التسمية كبدء ظهورىا كأهنا كصف لقوـ التزموا بكل‬
‫مبادئ اإلسبلـ من العبادة كا‪ٞ‬تهاد ُب سبيل اللٌو كا‪ٞ‬تهر بكلمة ا‪ٟ‬تق‪.‬‬

‫‪ -‬كابن تيمية الذم يعده ا‪١‬تتسلفة ا‪١‬ترجع األساسي ‪٢‬تم ػ مر معنا حديثو عن الصوفية ك٘تسكهم‬
‫بحث ٖتدث فيو عنهم كعن سلفهم‬ ‫بالكتاب كالسنة ُب كتابو الفتاكل حيث خصهم ب و‬
‫كمتأخريهم كمتقدميهم‪ ،‬كعدد مشاٮتهم كبعض أقوا‪٢‬تم كأعما‪٢‬تم‪ ،‬ككصفهم بأهنم من أكمل‬
‫صديقي زماهنم‪.‬‬

‫‪ -‬كتلميذه ابن القيم ألف كتابان يعد مرجعان أساسيان عند أىل التصوؼ كىو مدارج السالكُت‬
‫ٖتدث فيو عن ا‪١‬تقامات كاألحواؿ كا‪١‬تنازؿ ا‪١‬تختلفة اليت ينزؿ هبا ك‪٬‬تتازىا سالكو طريق ا‪ٟ‬تقيقة‪.‬‬

‫‪ -‬كقد مر معنا أيضان أف اإلماـ الشاطيب الذم يعده ا‪١‬تتسلفة إمامان ‪٢‬تم كيعدكنو كتابو (االعتصاـ)‬
‫مرجعان أساسيان لبعض آرائهم‪ ،‬عقد ُب كتابو ىذا فصوالن كرٯتة عن التصوؼ اإلسبلمي كأثبت أنو‬
‫من صميم الدين كليس ىو مبتدعان‪ ،‬ككَب ا‪١‬تقاـ حقو من الكبلـ ٔتا تسلم لو العقوؿ كالقلوب‬
‫قائبلن‪ :‬إف كثَتان من ا‪ٞ‬تهاؿ يعتقدكف ُب الصوفية أهنم متساىلوف ُب االتباع كالتزاـ مادل يأت ُب‬
‫الشرع التزامو‪٦ ،‬تا يقولوف بو كيعملوف عليو‪ ،‬كحاشاىم من ذلك أف يعتقدكف أك يقولوا بو‪ ،‬فأكؿ‬
‫شيء بنوا عليو طريقهم اتباع السنة‪ ،‬كاجتناب ما خالفها‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك شأف اإلماـ السبكي كىو من كبار الفقهاء كعلماء األصوؿ ا‪١‬تدافعُت عن السنة بإ‪ٚ‬تاع‬
‫كثَت من العلماء كا‪١‬تشهور ٔتحاربتو للبدع كا‪٠‬ترافات يتحدث عن الصوفية قائبلن‪( :‬بأهنم فازكا فوزان‬
‫عظيمان كبلغوا من الكماالت ما دل يصل إليو غَتىم)(ُ)‪.‬‬

‫(ُ) السبكي‪:‬العهد الوثيق ‪١‬تن أراد سلوؾ أحسن الطريق‪.‬‬


‫‪- 51 -‬‬
‫‪ -‬كأخَتان كبعد ىذه ا‪ٟ‬تجج الدامغة من أقواؿ العلماء األجبلء الذين يعتد بشهادهتم كال يستغٍت‬
‫باحث عن االستدالؿ بآرائهم ُب شىت العلوـ ا‪١‬تختلفة كالفقو كاألصوؿ كالتفسَت كا‪ٟ‬تديث ىل‬
‫يشك عاقل ُب نسبة التصوؼ كالصوفية إذل أىل السنة كا‪ٞ‬تماعة الذين يتمسكوف بالكتاب‬
‫كالسنة اللٌهم إال إذا كاف ا‪٢‬تول كالتعصب ىو الذم ٭توؿ بينو كبُت البحث العلمي الصحيح‪.‬‬

‫‪ -‬أال فليتق اللٌو من يتكلم ُب حق ىذه الطائفة بغَت تثبت من ا‪١‬تسلمُت ‪٦‬تن ينسب إذل العلم‪،‬‬
‫كاألحرل بو أف يراجع تلك النصوص اليت أكردناىا من الكتب ا‪١‬تختلفة ليقف على حقيقة أمر ىؤالء‬
‫الرجاؿ كال يسارع إذل ا‪ٟ‬تكم عليهم إال بعد التثبت كالتمحيص فا‪ٟ‬تكمة ضالة ا‪١‬تؤمن يلتقطها أىن‬
‫يدع ا‪٢‬تجوـ عليهم أك على التسمية اليت كثر حو‪٢‬تا ا‪٠‬تبلؼ كىل ىي لقب أك نسبة فبل‬
‫كجدىا كأف ى‬
‫مشاحة ُب االصطبلح‪ ،‬كما قاؿ الشيخ ابن تيمية كالذم يعنينا ىو ا‪ٞ‬توىر كا‪١‬تضموف كما ىو عليو‬
‫ىؤالء القوـ من عقائد كآراء‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫التصوف المفترى عليو‬
‫‪ -‬لعل من أىم األسباب اليت جعلت كثَتان من ا‪١‬تتأخرين يها‪ٚ‬توف التصوؼ حىت إف بعضهم‬
‫يصفهم با‪١‬تبتدعُت أك با‪١‬ترتدين كيشن عليهم حربان ضركسان ُب أقوالو ككتاباتو‪.‬‬

‫‪ -‬أقوؿ‪ :‬لعل من أ‪٫‬تها ما يركنو على بعض من تسمى باسم التصوؼ‪ ،‬كالتصوؼ منهم بىػىراء‪،‬‬
‫فهم يركف منهم استغبلالن أك ا‪٨‬ترافان أك كذبان‪ ،‬أك معاملة سيئة‪ ،‬أك أعماالن شاذة‪ ،‬أك خركجان عن‬
‫تعاليم الشريعة‪ ،‬أك غَت ذلك من األمور اليت ال يرضاىا عاقل أك مسلم أك ‪٤‬تب للٌو ‪ ‬كرسولو‬
‫‪.‬‬

‫فهل ينبغي إف رأل أحد من أكلئك على ىؤالء مثل ىذه األمور أف يشن حربان على أىل‬
‫التصوؼ ‪ٚ‬تيعان‪.‬‬

‫‪ -‬إ ٌف ا‪١‬تنصفُت دائمان يركف أنو قد يوجد ُب كل ‪ٚ‬تاعة أيان كانت بعض ا‪١‬تنافقُت أك ا‪١‬تستغلُت أك‬
‫ا‪١‬تنحرفُت أك السيئُت‪ ،‬كىذا ال يدفعهم إذل ا‪ٟ‬تكم على ا‪ٞ‬تماعة كاملة بأحكاـ جائرة ألف ا‪ٟ‬تكم‬
‫يكوف على ا‪١‬تبادئ كا‪ٟ‬تقائق كليس ا‪ٟ‬تكم على الشواذ من ا‪١‬تدعُت‪.‬‬

‫‪ -‬كبناء على ذلك نرل أف كل ما ٮتالف تعاليم اإلسبلـ كشرائعو ُب شيء ال تصح نسبتو إذل‬
‫الصوفية كالتصوؼ كإ‪٪‬تا ىو من ضبلالت ا‪١‬تدعُت الذين انتسبوا للتصوؼ زكران كهبتانان أك من‬
‫األمور ا‪١‬تدسوسة على كتبهم بقصد الطعن ُب ىؤالء القوـ كتشويو صورهتم كهنجهم كما حدث‬
‫س فيها من اإلسرائيليات ما يناقض ما عرؼ عن ىؤالء ا‪١‬تفسرين من‬
‫ُب كتب التفسَت‪ ،‬فقد يد ٌ‬
‫حرص على بياف ا‪ٟ‬تق كالبعد عن ىذه ا‪١‬تركيات ا‪١‬تلفقة ككذلك ما جاء ُب بعض كتب ا‪ٟ‬تديث‬
‫من األحاديث ا‪١‬توضوعة‪ ،‬كقاـ العلماء األجبلء ببياهنا كلذلك فإين أرل أف ا‪٢‬توة بُت التصوؼ‬
‫كا‪١‬تعارضُت لو نشأت من اقتناعهم بأف ىذه األقواؿ الباطلة ىي من صميم آراء ا‪١‬تتصوفة‪ ،‬كلو‬

‫‪- 53 -‬‬
‫أهنم كضعوا األمور ُب نصاهبا كنظركا إليها نظرة فاحصة مستبصرة لوجب عليهم أال يلصقوا ىذه‬
‫األقواؿ الشنيعة هبؤالء القوـ كأف ٭تسنوا الظن هبم كخاصة أهنم قد لقوا رهبم كأصبحوا بُت يدم‬
‫اللٌو تعاذل كأفضوا إذل ما قدموا‪.‬‬

‫‪ -‬كإليك بعض األمثلة على ذلك الدس كاالفًتاء على ىؤالء القوـ يقوؿ الشيخ عبد الوىاب‬
‫(ُ)‬
‫علي صربم على ا‪ٟ‬تسدة كاألعداء ‪١‬تا دسوا ُب كتيب‬
‫ٌ‬ ‫بو‬ ‫كتعاذل‬ ‫تبارؾ‬ ‫و‬‫ل‬
‫ٌ‬ ‫ال‬ ‫من‬
‫ٌ‬ ‫(ك‪٦‬تا‬ ‫‪:‬‬ ‫الشعراين‬
‫كبلمان ٮتالف ظاىر الشريعة كذلك ‪١‬تا صنفت كتاب‪ :‬البحر ا‪١‬توركد ُب ا‪١‬تواثيق كالعهود ككتب‬
‫عليو علماء ا‪١‬تذاىب األربعة ٔتصر كتسارع الناس لكتابتو فكتبوا منو ‪٨‬تو أربعُت نسخة غار من‬
‫ذلك ا‪ٟ‬تسدة فاحتالوا على بعض ا‪١‬تغفلُت من أصحايب كاستعاركا منو نسختو ككتبوا ‪٢‬تم منها‬
‫بعض كراريس كدسوا فيها عقائد زائفة كمسائل خارقة إل‪ٚ‬تاع ا‪١‬تسلمُت كحكايات كسخريات عن‬
‫جحا كابن الراكندم كسبكوا ُب ذلك غضوف الكتاب ُب مواضيع كثَتة حىت كأهنم ا‪١‬تؤلف ٍب‬
‫أخذكا تلك الكراريس كأرسلوىا إذل سوؽ الكتب ُب يوـ السوؽ كىو ‪٣‬تمع طلبة العلم فنظركا ُب‬
‫تلك الكراريس كرأكا ا‪ٝ‬تي عليها فاشًتاىا من ال ٮتشى اللٌو تعاذل ٍب دار هبا على علماء جامع‬
‫األزىر فأكقع ذلك فتنة كبَتة كمكث الناس يدكركف ُب ا‪١‬تساجد كاألسواؽ كبيوت األمراء ‪٨‬تو سنة‬
‫كانتصر رل الشيخ نصر الدين اللقاين كشيخ اإلسبلـ ا‪ٟ‬تنبلي كالشيخ شهاب الدين بن ا‪ٟ‬تليب كل‬
‫ذلك كأنا ال أشعر فأرسل رل شخص من احملبُت با‪ٞ‬تامع األزىر كأخربين ا‪٠‬ترب فأرسلت نسخيت‬
‫اليت عليها خطوط العلماء فنظركا فيها فلم ‪٬‬تدكا فيها شيئان ‪٦‬تا دسو ىؤالء ا‪ٟ‬تسدة‪...‬اخل)(ِ)‪.‬‬

‫(ُ)عبد الوىاب الشعراين‪( :‬أبو ا‪١‬تواىب‪ ،‬أبو عبد الر‪ٛ‬تن) عبد الوىاب بن أ‪ٛ‬تد بن علي بن أ‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد‬
‫بن موسى الشعراين‪ ،‬األنصارم‪ ،‬الشافعي‪ ،‬الشاذرل‪ ،‬ا‪١‬تصرم فقيو‪ ،‬أصورل‪٤ ،‬تدث‪ ،‬صوُب‪ ،‬مشارؾ ُب أنواع‬
‫من العلوـ‪ .‬كلد ُب قلقشنده ٔتصر‪ ،‬كتوُب بالقاىرة(ّٕٗ ق‪ ُٓٔٓ /‬ـ‪ ،‬لو تصانيف كثَتة [معجم ا‪١‬تؤلفُت]‬
‫(ِ) عبد الوىاب الشعراين‪ :‬لطائف ا‪١‬تنن كاألخبلؽ‪ ،‬جزءِ‪ ،‬صَُٗ‪.‬‬
‫‪- 54 -‬‬
‫‪ -‬كقد ذكر ذلك أيضان ا‪١‬تؤرخ الكبَت عبد ا‪ٟ‬تي بن العماد ا‪ٟ‬تنبلي(ُ) حيث قاؿ‪( :‬كحسده طوائف‬
‫فدسوا عليو كلمات ٗتالف ظاىر الشرع كعقائد زائغة كمسائل ٗتالف اإل‪ٚ‬تاع فخذ‪٢‬تم اللٌو‬
‫كأظهره اللٌو عليهم ككاف مواظبان على السنة كمبالغان ُب الورع‪ ..‬اخل) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمن ذلك يتبُت كاضحان جليان أف كل ما نراه ُب الكتب منسوبان إليهم كىو ‪٥‬تالف للشرع كما‬
‫ُب الطبقات الكربل للشعراين فهو من كضع الزنادقة كقد جاء ُب كتاب حقائق عن التصوؼ ما‬
‫يلي‪( :‬ككذلك دسوا على الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن العريب ر‪ٛ‬تو اللٌو قاؿ الشعراين (كاف رضي اللٌو‬
‫عنو مقتديان بالكتاب كالسنة كيقوؿ‪ :‬كل من رمى ميزاف الشريعة من يده ‪ٟ‬تظة ىلك) إذل أف قاؿ‪:‬‬
‫(ك‪ٚ‬تيع ما عارض من كبلمو ظاىر الشريعة كما عليو ا‪ٞ‬تمهور فهو مدسوس عليو) كما أخربين‬
‫بذلك سيدم أبو طاىر ا‪١‬تغريب ٍب أخرج رل نسخة الفتوحات ا‪١‬تكية اليت قابلها على نسخة الشيخ‬
‫اليت ٓتطو ُب مدينة قونية فلم ير فيها شيئان ‪٦‬تا كنت توقفت فيو كحذفتو حُت اختصرت‬
‫الفتوحات‪....‬‬

‫ٍب قاؿ الشعراين ر‪ٛ‬تو اهلل‪ :‬إذا علمت ذلك فيحتمل أف ا‪ٟ‬تيس ىد دسوا على الشيخ ُب كتبو كما‬
‫دسوا ُب كتيب أنا‪ ،‬فإنو أمر قد شاىدتو عن أىل عصرم ُب حقي‪ ،‬فاهلل يغفر لنا ك‪٢‬تم آمُت) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كذكر العبلمة ابن عابدين الفقيو ا‪ٟ‬تنفي كصاحب أكرب موسوعة ُب الفقو ا‪ٟ‬تنفي أف األرجح‬
‫عنده بالنسبة ‪١‬تا كرد ُب كتب الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن عريب ‪٦‬تا ٮتالف الشرع بأنو مفًتل عليو‬

‫(ُ)عبد ا‪ٟ‬تي بن العماد(أبو الفبلح)‪ :‬عبد ا‪ٟ‬تي بن ا‪ٛ‬تد بن ‪٤‬تمد بن العماد العكرم‪ ،‬الدمشقي‪،‬‬
‫الصا‪ٟ‬تي‪ ،‬ا‪ٟ‬تنبلي‪ ،‬ا‪١‬تعركؼ بابن العماد مؤرخ‪ ،‬فقيو‪ ،‬أديب‪.‬كلد ُب صا‪ٟ‬تية دمشق‪ ،‬كأقاـ بالقاىرة مدة‬
‫طويلة‪ ،‬كتوُب ٔتكة(َُٖٗ ق‪ ُٕٔٗ /‬ـ)‪[ .‬معجم ا‪١‬تؤلفُت]‬
‫(ِ) عبد ا‪ٟ‬تي ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬شذرات الذىب‪ ،‬جزءٖ‪ ،‬صّْٕ‪.‬‬
‫(ّ) عبد القادر عيسى صَْٗ نقبلن عن اليواقيت كا‪ٞ‬تواىر للشعراين جزءُ صٗ‪.‬‬
‫‪- 55 -‬‬
‫كلذلك ٕتد نص عبارتو‪( :‬لكن الذم تيقنتو أف بعض اليهود افًتاىا على الشيخ قدس اللٌو‬
‫سره)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬بل إف ابن تيمية نفسو يعًتؼ بالدس على السيدة رابعة العدكية(ِ) حيث يقوؿ‪( :‬كأما ما ذكر‬
‫عن رابعة عن قو‪٢‬تا عن البيت ا‪ٟ‬تراـ إنو الصنم ا‪١‬تعبود ُب األرض فهو كذب على رابعة ا‪١‬تؤمنة‬
‫التقية‪.)ّ( )..‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ا‪ٟ‬تصفكي‪ :‬الدر ا‪١‬تختار‪ ،‬جزءّ‪ ،‬صَّّ‪.‬‬


‫(ِ)رابعة العدكية‪ :‬أـ ا‪٠‬تَت رابعة بنت إ‪ٝ‬تاعيل العدكية‪ ،،‬موالة آؿ عتيك‪ ،‬البصرية‪ :‬صا‪ٟ‬تة مشهورة‪ ،‬من‬
‫أىل البصرة‪ ،‬كمولدىا هبا‪٢.‬تا أخبار ُب العبادة كالنسك كالتصوؼ‪ ،‬ك‪٢‬تا شعر توفيت سنة (ُّٓق‪ِٕٓ/‬ـ)‪.‬‬
‫[األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) ابن تيمية‪٣ :‬تموعة الرسائل كا‪١‬تسائل‪ ،‬جزءُ‪ ،‬صَٖ‪.‬‬
‫‪- 56 -‬‬
‫أىمية التصوف‬
‫‪ -‬عندما نريد أف نتحدث عن أ‪٫‬تية التصوؼ ‪٬‬تب أف نعرؼ أف ىذه األ‪٫‬تية ليست نابعة من‬
‫التصوؼ ُب حد ذاتو‪ ،‬كإ‪٪‬تا ىي نابعة من االختصاص الذم ٮتتص بو التصوؼ‪.‬‬

‫‪ -‬فقد بينا سابقان أف التصوؼ ليس شيئان جديدان على اإلسبلـ‪ ،‬كال منفصبلن عنو‪ ،‬كال زيادة‬
‫مضافة إليو‪ :‬إنو اسم يعرب عن اختصاص ّتانب معُت من اإلسبلـ إنو جانب مهم‪ ،‬ىو جانب‬
‫التزكية‪ ،‬التزكية اليت ىي من مهمات النيب ‪ ‬اليت أرسلو اللٌو هبا‪ .‬قاؿ تعاذل مبينان ذلك‪:‬‬

‫ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ‬

‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﮊ(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد أمرنا اللٌو ‪ُ ‬ب عدد من اآليات باالىتماـ هبذا ا‪ٞ‬تانب ُب مثل قولو سبحانو‪:‬‬

‫ﮋﭰﭱﭲﭳﭴﮊ(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كُب قولو تعاذل‪ :‬ﮋﯿﰀﰁﰂﰃﮊ (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كما أف التصوؼ من جهة أخرل يسعى إذل الوصوؿ إذل مقاـ اإلحساف عند ا‪١‬تسلم كىو أحد‬
‫األركاف األساسية للدين كما جاء ُب الصحيح من حديث جربيل مع رسوؿ اللٌو ‪ ‬فقاؿ رسوؿ‬
‫ك تىػىراهي ‪ ،‬فىًإ ٍف ىدلٍ تى يك ٍن تىػىراهي فىًإنوي يىػىر ىاؾ »(ْ)‪.‬‬
‫اللٌو ‪ « :‬ا ًإل ٍح ىسا يف أى ٍف تىػ ٍعبي ىد اللوى ىكأىن ى‬

‫(ُ) سورة ا‪ٞ‬تمعة‪.ِ :‬‬


‫(ِ) سورة الشمس‪.ٗ :‬‬
‫(ّ) سورة األعلى‪.ُْ :‬‬
‫(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫‪- 57 -‬‬
‫‪ -‬كقد علمنا أف الشارع أمر اإلنساف بتكاليف ُب خاصة نفسو ترجع‬
‫إذل قسمُت‪:‬‬

‫قسم يتعلق بأعمالو الظاىرة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫كقسم يتعلق بأعمالو الباطنة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪ -‬كبلفظ آخر‪ :‬أحكاـ تتعلق بظاىر اإلنساف كأحكاـ تتعلق بباطنو (القلب كالنفس)‪.‬‬

‫‪ -‬أما األعماؿ اليت تتعلق بظاىره فهي نوعاف‪:‬‬

‫‪ -‬أكامر كنواه‪ ،‬فاألوامر ا‪١‬تفركضة كالصبلة كالصوـ‪...‬‬

‫‪ -‬كأما النواىي احملظورة كتحرًن الزىن كالسرقة‪..‬‬

‫‪ -‬كأما األعماؿ اليت تًتتب على القلب فهي كذلك نوعاف أكامر كنواه‪ ،‬فاألكامر ا‪١‬تفركضة‪:‬‬
‫كاإلٯتاف باللٌو كمبلئكتو‪ ..‬ككاإلخبلص كالتوكل كا‪٠‬تشوع كالصدؽ كالصرب‪..‬‬

‫‪ -‬كأما النواىي احملظورة‪ ،‬كالكفر كالنفاؽ كا‪ٟ‬تقد‪...‬‬

‫‪ -‬كىذا القسم الثاين ىو ا‪١‬تعوؿ عليو ُب ديننا أال كىو أعماؿ القلوب ألنو ىمٍبػ ىٌت األمور كلها على‬
‫إخبلص النيات لرب الربيات اليت ال يعلم هبا غَته فقد قرف اللٌو سبحانو كتعاذل أعماؿ الظاىر‬
‫كسبلمة الباطن فيها‪ ،‬ألف فساد الباطن يوجب فساد األعماؿ الظاىرة‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﮊ (ُ)‪.‬‬

‫(ُ) سورة الكهف‪.َُُ :‬‬


‫‪- 58 -‬‬
‫‪ -‬كإذل ذلك أشار النيب ‪ ‬بقولو‪« :‬أال كإف ُب ا‪ٞ‬تسد مضغة إذا صلحت صلح ا‪ٞ‬تسد كلو كإذا‬
‫فسدت فسد ا‪ٞ‬تسد كلو أال كىي القلب»(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬ألف العمدة يوـ القيامة على القلب السليم كما أخرب اللٌو سبحانو كتعاذل فقاؿ‪:‬‬

‫ﮋﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككما أخرب سيدنا ‪٤‬تمد ‪ ‬أف ‪٤‬تل نظر الرب ىو القلب‪ ،‬فقاؿ ‪« :‬إف اللٌو ال ينظر إذل‬
‫أجسامكم كال إذل صوركم كلكن ينظر إذل قلوبكم كأعمالكم»(ّ)‪.‬‬
‫‪٦ -‬تا مر معنا نتبُت أف التصوؼ إ‪٪‬تا ىو العلم ا‪١‬تختص ٔتوضوع ىاـ ىو فقو الباطن ا‪١‬تسمى بعلم‬
‫الباطن كىو الذم يهتم باألحكاـ اليت تتعلق بباطن ا‪ٞ‬تسد كىو القلب كالنفس كىو ما ‪ٝ‬تاه القرآف‬
‫أيضان بالتزكية ك‪ٝ‬تاه النيب باإلحساف‪.‬‬
‫‪ -‬كىذا ا‪ٞ‬تانب الذم اىتم بو التصوؼ ىو جانب أساسي بل ىو ا‪ٞ‬تانب األىم ُب الشريعة‬
‫ألهنا تبٌت عليو‪.‬‬
‫فرض عُت ألف تصفية القلب كمداكاتو‪ ،‬ككبح‬‫‪ -‬لذلك ع ٌد كثَت من العلماء ىذا االختصاص ى‬
‫‪ٚ‬تاح النفس عن شهواهتا كهتذيبها كتزكيتها كالسعي هبا إذل كماالهتا‪ ،‬للوصوؿ إذل مقاـ اإلحساف‬
‫من أىم الفرائض العينية كأىم الواجبات الربانية‪ ،‬كقد دؿ على ذلك كثَت من آيات القرآف كسنة‬
‫النيب ‪ ‬كأقواؿ العلماء كالفقهاء اليت تتحدث عن أعماؿ القلب كاإلخبلص كاإلٯتاف كحسن‬
‫ا‪٠‬تلق كالصدؽ كالصرب كالتوكل كاإلحساف كالبعد عن الرياء كا‪ٟ‬تقد كا‪ٟ‬تسد كالنفاؽ‪...‬‬
‫‪ -‬كقد أ‪ٚ‬تع العلماء على أف األمراض كاآلفات القلبية من الكبائر اليت ٖتتاج إذل توبة مستقلة‬
‫ألف أمراض الباطن كافية إلحباط أعماؿ العبد كلو كانت كثَتة‪.‬‬

‫(ُ) متفق عليو عن النعماف بن بشَت ‪.‬‬


‫(ِ) سورة الشعراء‪ٖٖ :‬ػٖٗ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 59 -‬‬
‫‪ -‬قاؿ الفقيو العبلمة الكبَت ابن عابدين ُب حاشيتو الشهَتة‪:‬‬
‫(إف علم اإلخبلص كالعجب كا‪ٟ‬تسد كالرياء فرض عُت مثل غَتىا من آفات النفوس كالكرب‬
‫كالشح كا‪ٟ‬تقد‪ ...‬إذل أف قاؿ‪ :‬كال ينفك عنها بشر‪ ،‬فيلزمو أف يتعلم منها ما يرل نفسو ‪٤‬تتاجان‬
‫إليو كإزالتها فرض عُت كال ٯتكن إالٌ ٔتعرفة حدكدىا كأسباهبا كعبلماهتا كعبلجها فإف من ال‬
‫يعرؼ الشر يقع فيو)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ حجة اإلسبلـ اإلماـ الغزارل ‪-‬بعد أف اخترب طريق التصوؼ ك‪١‬تس نتائجو كذاؽ ‪ٙ‬تراتو‪:-‬‬
‫(الدخوؿ مع الصوفية فرض عُت‪ ،‬إذ ال ٮتلو أحد من عيب إال األنبياء عليهم الصبلة‬
‫كالسبلـ)(ِ)‪.‬‬
‫‪( -‬كقاؿ أبو ا‪ٟ‬تسن الشاذرل رضي اللٌو عنو‪( :‬من دل يتغلغل ُب علمنا ىذا مات مصران على‬
‫الكبائر كىو ال يشعر‪.‬‬
‫‪ -‬كُب ىذا القوؿ يقوؿ ابن عبلٌف الصديقي(ّ)‪ :‬كلقد صدؽ فيما قاؿ‪ -‬يعٍت أبا ا‪ٟ‬تسن‬
‫الشاذرل‪-‬فأم شخص يا أخي يصوـ كال يعجب بصومو؟ كأم شخص يصلي كال يعجب‬
‫بصبلتو‪ ،‬كىكذا سائر الطاعات) (ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬ك‪١‬تا كاف ىذا الطريق صعب ا‪١‬تسالك على النفوس الناقصة فعلى اإلنساف أف ‪٬‬تتازه بعزـ كصرب‬
‫طهر نفسو من أدراهنا كنقائصها كبعدىا عن اهلل تعاذل كرضوانو‪.‬‬
‫ك‪٣‬تاىدة حىت يي ٌ‬

‫(ُ) ابن عابدين‪ :‬حاشية رد احملتار‪ ،‬جزءُ‪ ،‬صُّ‪.‬‬


‫(ِ) الفاسي‪ :‬النصرة النبوية على ىامش شرح الرائية‪ ،‬صِٔ‪.‬‬
‫(ّ)ابن عبلف أ‪ٛ‬تد بن إبراىيم بن عبلف‪ ،‬الصديقي الشافعي النقشبندم‪ :‬عادل فاضل متصوؼ‪ ،‬من أىل‬
‫مكة مولدان ككفاة (َُّّ ق‪ ُِْٔ/‬ـ) لو مؤلفات كثَتة [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ْ) ابن عجيبة‪ :‬إيقاظ ا‪٢‬تمم شرح منت ا‪ٟ‬تكم‪ ،‬جزءُ‪ ،‬صٕ‪.‬‬
‫‪- 61 -‬‬
‫‪ -‬يقوؿ الفضيل بن عياض ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪( :‬عليك بطريق ا‪ٟ‬تق كال تستوحش لقلة السالكُت‪،‬‬
‫كإياؾ كطريق الباطل كال تغًت بكثرة ا‪٢‬تالكُت‪ ،‬ككلما استوحشت من تفردؾ فانظر إذل الرفيق‬
‫السابق‪ ،‬كاحرص على اللحاؽ هبم‪ ،‬كغض الطرؼ عن سواىم‪ ،‬فإهنم لن يغنوا عنك من اللٌو‬
‫تعاذل شيئان‪ ،‬كإذا صاحوا بك ُب طريق سَتؾ فبل تلتفت إليهم فإنك مىت التفت إليهم أخذكؾ‬
‫كعاقوؾ)(ُ)‪.‬‬
‫‪( -‬كقد قاؿ ابن زكرل ر‪ٛ‬تو اللٌو متحدثان عن التصوؼ‪:‬‬
‫باالختصاص‬ ‫العبادة‬ ‫ركح‬ ‫بو كصوؿ العبد للخبلص‬
‫با‪١‬تعركؼ‬ ‫يكوف‬ ‫ٖتصيلو‬ ‫كذاؾ كاجب على ا‪١‬تكلف‬
‫يعٍت أف علم التصوؼ فرض عُت على كل مكلف‪ ،‬كذاؾ أف الغالب أف اإلنساف ال ينفك عن‬
‫دكاعي الشر كالرياء كا‪ٟ‬تسد‪ ،‬فيجب عليو أف يتعلم ما يتخلص بو من ذلك)(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬من كل ما سبق ‪٧‬تد أف التصوؼ يهتم ّتانب مهم من جانيب اإلسبلـ كىو جانب علم‬
‫الباطن كتزكية النفس كالقلب كىو جانب ضركرم ال يستغٌت عنو كال يتم اإلسبلـ كال يكمل‬
‫اإلٯتاف إال بو‪.‬‬
‫‪ -‬من ىنا ‪٩‬تلص إذل أف ىذا العلم علم التصوؼ الصاُب كالعمل بو ىو فرض عُت على كل‬
‫مسلم‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ)ا‪١‬تصدر السابق‪.‬‬
‫(ِ)‪٤‬تمد أ‪ٛ‬تد الفاسي‪:‬الدر الثمُت كا‪١‬تورد ا‪١‬تعُت‪.‬‬
‫‪- 61 -‬‬
‫حاجتنا إلى التصوف‬
‫ماسة إذل التصوؼ فهو‬‫‪ -‬لو رجعنا إذل تارٮتنا القدًن‪ ،‬التاريخ اإلسبلمي‪ ،‬ألدركنا أ ٌف ا‪ٟ‬تاجة ٌ‬
‫الذم حفظ ركح الدين كجوىره على مدل ىذا التاريخ‪ ،‬كىو الذم عمل أتباعيوي على نشر ىذه‬
‫الدعوة‪ ،‬خاصة بعد الفتوحات‪ ،‬فعن طريق التجارة كغَتىا عمل الدعاة ا‪١‬تتصوفة على إيصاؿ ىذا‬
‫الدين إذل ‪ٚ‬تيع بقاع ىذا العادل شرقو كغربو مشالو كجنوبو‪ ،‬فكانوا عامبلن ىامان ُب نشر ىذا الدين‬
‫ككصولو إذل ىذه الببلد البعيدة متحملُت مشاقان قاسية صعبة دل يسهلها عليهم إال تصوفهم الذم‬
‫بٌت إٯتاهنم ا‪١‬تتُت‪ ،‬كعقيدهتم الصادقة‪ ،‬كسلوكهم ا‪١‬تستقيم‪ ،‬كإرادهتم القوية‪ ،‬كصربىم الشديد‪،‬‬
‫فهاف عليهم ما القوه‪ ،‬كفرحوا ٔتا بذلوه‪.‬‬

‫‪( -‬كٕتدر اإلشارة أف الطرؽ الصوفية قد قامت بنشر اإلسبلـ ُب أصقاع دل تطأىا جيوش‬
‫ا‪١‬تسلمُت كما حصل ُب غرب ككسط كجنوب الصحراء اإلفريقية حيث اندفعت ىذه الطرؽ إذل‬
‫الناس ُب القرل كاألماكن النائية تاركة ا‪٠‬تطوط التجارية كا‪١‬تسالك ا‪١‬تعركفة كا‪١‬تدف الكربل‪،‬‬
‫فسطرت بذلك مآثر ال ينافسها سواىا ُب ‪٣‬تا‪٢‬تا) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كقاؿ شاتيلي ‪-‬كىو أحد ا‪١‬تؤرخُت الغربيُت كبعد أف أطاؿ البحث كالشرح ُب كيفية انتشار‬
‫اإلسبلـ ُب العادل‪ ،‬كبعد أف ىعىزاهي إذل مشايخ الطرؽ الصوفية‪( :-‬كا‪٠‬تبلصة أف اإلسبلـ مدين بكل‬
‫فتوحاتو السلمية كانتشاره ُب األقطار ‪ٞ‬تماعة الصوفية‪ ،‬فمشايخ الطرؽ ىم ُب ا‪ٟ‬تقيقة الذين‬
‫يديركف حركة اإلسبلـ ا‪ٟ‬تية‪ ،‬كال ٮتفى ما ُب عملهم ىذا من ا‪٠‬تطر على ا‪١‬تصاحل األكربية) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كالتًت كا‪١‬تغوؿ اللذاف دل تستطع قوة أف تقف أمامهما استطاع ىؤالء الدعاة ا‪١‬تتصوفة إيقافهم‬
‫كصدىم كإجبارىم على الًتاجع كذلك بفضل دعوهتم إياىم إذل اإلسبلـ‪ ،‬فدخل اإلسبلـ قلوب‬

‫(ُ) أ‪ٛ‬تد الشليب‪ :‬موسوعة التاريخ اإلسبلمي‪ ،‬جزءٔ‪ ،‬صُِٗ‪.‬‬


‫(ِ) عبد الر‪ٛ‬تن ا‪ٞ‬تيبلرل‪ :‬تاريخ ا‪ٞ‬تزائر العاـ‪ ،‬جزءّ‪ ،‬صِّٓ‪.‬‬
‫‪- 62 -‬‬
‫ملوكهم كرؤسائهم كقوادىم فأصبحوا على خَت كبَت بعد الشر ا‪١‬تستطَت الذم كانوا عليو كالذم‬
‫‪ٛ‬تلوه للشعوب ا‪١‬تستضعفة اليت حل هبا العار كالدمار كالفناء‪.‬‬

‫‪ -‬كإذا أردنا أف نعرؼ بعض األعماؿ اليت قاـ هبا رجاالت التصوؼ فلنستمع إذل الشيخ أيب‬
‫ا‪ٟ‬تسن الندكم(ُ) كىو عضو اجملمع العلمي العريب بدمشق كمعتمد ندكة العلماء با‪٢‬تند‪ ،‬يقوؿ ُب‬
‫ْتث ((الصوفية ُب ا‪٢‬تند كتأثَتىا ُب اجملتمع))‪:‬‬

‫(إف ىؤالء الصوفية كانوا يبايعوف الناس على التوحيد كاإلخبلص كاتباع السنة‪ ،‬كالتوبة عن‬
‫ا‪١‬تعاصي‪ ،‬كالظلم‪ ،‬كالقسوة‪ ،‬كيرغبوهنم ُب التحلي باألخبلؽ ا‪ٟ‬تسنة‪ ،‬كالتخلي عن الرذائل‪ ،‬مثل‬
‫الكرب كا‪ٟ‬تسد كالبغضاء‪ ،‬كالظلم كحب ا‪ٞ‬تاه‪ ،‬كتزكية النفس كإصبلحها‪ ،‬كيعلموهنم ذكر اللٌو‪،‬‬
‫كالنصح لعباده‪ ،‬كالقناعة كاإليثار‪ ،‬كعبلكة على ىذه البيعة اليت كانت رمز الصلة العميقة ا‪٠‬تاصة‬
‫بُت الشيخ كمريديو‪ ،‬إهنم كانوا يعظوف الناس دائمان‪ ،‬ك٭تاكلوف أف يلهبوا فيهم عاطفة ا‪ٟ‬تب للٌو‬
‫سبحانو‪ ،‬كا‪ٟ‬تنُت إذل رضاه‪ ،‬كرغبة شديدة إلصبلح النفس كتغَت ا‪ٟ‬تاؿ‪.)ِ( )...‬‬

‫‪ٍ -‬ب ٖتدث عن مدل تأثَت أخبلقهم كإخبلصهم كتعليمهم كتربيتهم ك‪٣‬تالسهم ُب اجملتمع‬
‫كا‪ٟ‬تياة‪ ،‬كضرب بعض األمثلة اليت تلقي الضوء على ىذا الواقع التارٮتي ٍب ٖتدث عن الشيخ‬
‫أ‪ٛ‬تد الشهيد‪ ،‬ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪ ،‬فقاؿ‪( :‬إف الناس أقبلوا عليو إقباالن منقطع النظَت‪ ،‬كإنو دل ٯتر ببلدة‬
‫إال كتاب على يديو كبايعو عدد كبَت من الناس‪ ،‬كإنو أقاـ ُب كلكتا شهرين كيقدر أف الذين كانوا‬

‫(ُ)أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم رباين األمة عادل رباين كداعية ‪٣‬تاىد كأديب ٘تيز ّتماؿ األسلوب كصدؽ الكلمات‬
‫كلد بقرية تكية‪ ،‬مديرية رائي بريلي‪ ،‬ا‪٢‬تند كقد شارؾ ر‪ٛ‬تو اهلل ُب عدد من ا‪١‬تؤسسات كا‪ٞ‬تمعيات اإلسبلمية‪،‬‬
‫كمنها تأسيس اجملمع العلمي با‪٢‬تند‪ ،‬كتأسيس رابطة األدب اإلسبلمي كما أنو‪ :‬عضو ‪٣‬تمع اللغة العربية‬
‫بدمشق‪ ،‬كعضو اجمللس التنفيذم ‪١‬تعهد ديوبند‪ ،‬كرئيس ‪٣‬تلس أبناء مركز أككسفورد للدراسات اإلسبلمية‪.‬‬
‫[اجملمع ا‪ٞ‬تامع ُب تراجم العلماء كطلبة العلم ا‪١‬تعاصرين]‬
‫(ِ) أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‪ :‬ا‪١‬تسلموف ُب ا‪٢‬تند‪.‬‬
‫‪- 63 -‬‬
‫يدخلوف ُب البيعة ال يقل عددىم عن ألف نسمة يوميان‪ ،‬كتستمر البيعة إذل نصف الليل‪ ،‬ككاف‬
‫من شدة الزحاـ ال يتمكن من مبايعتهم كاحدان كاحدان‪ ،‬فكاف ٯت ٌد سبعة أك ‪ٙ‬تانية من العمائم‪،‬‬
‫كالناس ٯتسكوهنا كيتوبوف كيعاىدكف اللٌو‪ ،‬ككاف ىذا دأبو كل يوـ سبع عشر أك ‪ٙ‬تاين عشرة‬
‫مرة‪.)ُ( )...‬‬

‫‪ -‬كٖتدث عن شيخ اإلسبلـ عبلء الدين ر‪ٛ‬تو اللٌو تعاذل‪ ،‬فقاؿ‪( :‬إف السنوات األخَتة من‬
‫عهده ٘تتاز بأف كسدت فيها سوؽ ا‪١‬تنكرات من ا‪٠‬تمر ا‪ٟ‬تراـ كالفسق كالفجور كا‪١‬تيسر‬
‫كالفحشاء ّتميع أنواعها‪ ،‬كدل تنطق األلسن هبذه الكلمات إال قليبلن‪ ،‬كأصبحت الكبائر تشبو‬
‫الكفر ُب أعُت الناس‪ ،‬كظل الناس يستحيوف من التعامل بالربا كاالدخار كاالكتناز علنان‪،‬‬
‫كندرت ُب السوؽ حوادث الكذب كالتطفيف كالغش‪.)ِ( )..‬‬

‫ٍب قاؿ‪ ( :‬إف تربية ىؤالء الصوفية كا‪١‬تشايخ ك‪٣‬تالسهم كانت تنشئ ُب اإلنساف رغبة ُب إفادة‬
‫الناس‪ ،‬كحرصان على خدمتهم كمساعدهتم‪.)ّ( )...‬‬

‫‪ -‬كقاؿ الشيخ أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم ُب كتابو‪( :‬فبل شك أنو لوال ىؤالء ((الصوفية)) أصحاب‬
‫النفوس ا‪١‬تزكاة‪ ،‬الذين كصلوا إذل درجة اإلحساف كفقو الباطن الهنار اجملتمع اإلسبلمي‪ ،‬إٯتانان‬
‫ركحانيان‪ ،‬كابتلعت موجة ا‪١‬تادية الطاغية العاتية‪ ،‬الباقية من إٯتاف األمة ك٘تاسكها‪ ،‬كضعفت صلة‬
‫القلوب باللٌو‪ ،‬كا‪ٟ‬تياة بالركح كاجملتمع باألخبلؽ‪ ،‬كفقد اإلخبلص كاالحتساب‪ ،‬كانتشرت‬
‫األمراض الباطنة كاعتلت القلوب كالنفوس‪ ،‬كفقد الطبيب‪ ،‬كتكالب الناس على حطاـ الدنيا‪،‬‬

‫(ُ) ا‪١‬ترجع السابق‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬ترجع نفسو‪.‬‬
‫‪- 64 -‬‬
‫كتنافس أىل العلم ُب ا‪ٞ‬تاه كا‪١‬تاؿ كا‪١‬تناصب‪ ،‬كغلب عليهم الطمع كالطموح‪ ،‬كتعطلت شعبة من‬
‫أىم شعب النبوة كبنياهنا‪ ،‬كىي تزكية النفوس كالدعوة إذل اإلحساف كفقو الباطن) (ُ)‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب ٌبُت األستاذ الندكم أف تأثَت ىذه ا‪١‬تواعظ‪ ،‬كدخوؿ الناس ُب الدين كانقيادىم للشرع ٌأدل إذل‬
‫تعطيل ٕتارة ا‪٠‬تمر‪ ،‬ككساد سوقها ُب كلكتا‪ ،‬كىي كربل مدف ا‪٢‬تند‪ ،‬كمركز اإل‪٧‬تليز‪ ،‬ككسدت سوقو‬
‫كأفقرت ا‪٠‬تانات كاعتذر ا‪٠‬تماركف عن دفع الضرائب للحكومة‪ ،‬متعللُت بكساد السوؽ‪ ،‬كتعطيل‬
‫ٕتارة ا‪٠‬تمر‪...‬‬

‫ٍب قاؿ‪( :‬إف ىذه ا‪ٟ‬تالة كانت نتيجة أخبلؽ ىؤالء ا‪١‬تصلحُت كالدعاة الصوفية كا‪١‬تشايخ‬
‫كركحانيتهم‪ ،‬أف اىتدل هبم ُب ىذه الببلد الواسعة عدد ىائل من الناس كتابوا عن ا‪١‬تعاصي‬
‫كا‪١‬تنكرات كاتباع ا‪٢‬تول) (ِ)‪.‬‬

‫كُب ختاـ البحث قاؿ األستاذ الندكم حفظو اللٌو تعاذل‪( :‬لقد كانت ىناؾ ّتهود ىؤالء الصوفية‬
‫أشجار كثَتة كارفة الظبلؿ ُب مئات من ببلد ا‪٢‬تند‪ ،‬اسًتاحت ُب ظلها القوافل التائهة كا‪١‬تسافركف‬
‫ا‪١‬تتعبوف‪ ،‬كرجعوا بنشاط جديد كحياة جديدة)(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كٖتدث الشيخ أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم عن الصوفية كأثرىا ُب نشر اإلسبلـ بصدر حديثو عن‬
‫الصوُب الشهَت كا‪١‬ترشد الكبَت سيدم الشيخ عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين قدس اللٌو ركحو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬

‫‪٨‬تو من سبعُت ألفان‪ ،‬كأسلم على يديو أكثر من ‪ٜ‬تسة آالؼ من اليهود‬ ‫(ككاف ٭تضر ‪٣‬تلسو ه‬
‫كالنصارل‪ ،‬كتاب على يديو من العيارين أك ا‪١‬تسا‪ٟ‬تة(ْ) أكثر من مائة ألف‪ ،‬كفتح باب البيعة‬

‫(ُ) أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‪ :‬ربانية ال رىبانية صُٕ‪.ُٖ-‬‬


‫(ِ) ا‪١‬ترجع السابق‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬تسلموف ُب ا‪٢‬تند ص(َُْػُْٔ)‪ ،‬للعبلمة الكبَت أيب ا‪ٟ‬تسن الندكم‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬تساحل‪ :‬ا‪ٞ‬تماعة أك القوـ ذكك السبلح‪.‬‬
‫‪- 65 -‬‬
‫كالتوبة على مصراعيو‪ ،‬فدخل فيو خلق ال ٭تصيهم إال اللٌو‪ ،‬كصلحت أحوا‪٢‬تم‪ ،‬كحسن‬
‫إسبلمهم‪ ،‬كظل الشيخ يربيهم ك٭تاسبهم كيشرؼ عليهم كعلى تقدمهم‪ ،‬كأصبح ىؤالء التبلميذ‬
‫الركحانيوف يشعركف با‪١‬تسؤكلية بعد البيعة كالتوبة كٕتديد اإلٯتاف‪ٍ ،‬ب ‪٬‬تيز الشيخ كثَتان منهم ‪٦‬تن‬
‫يرل فيو النبوغ كاالستقامة كا‪١‬تقدرة على الًتبية‪ ،‬فينتشركف ُب اآلفاؽ يدعوف ا‪٠‬تلق إذل اللٌو‪ ،‬كيربوف‬
‫النفوس‪ ،‬٭تاربوف الشرؾ كالبدع كا‪ٞ‬تاىلية كالنفاؽ‪ ،‬فتنتشر الدعوة الدينية كتقوـ ثكنات اإلٯتاف‬
‫كمدارس اإلحساف كمرابط ا‪ٞ‬تهاد ك‪٣‬تامع األخوة ُب أ‪٨‬تاء العادل اإلسبلمي)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كٖتدث الشيخ أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم فقاؿ‪ :‬إنٍت أقوؿ دائمان‪:‬‬
‫اإلسبلـ)(ِ)‪.‬‬
‫ى‬ ‫ا‪٢‬تند كحضاريهتا كفلسفتيها‬
‫(لوال كجودىم كجهادىم البتلعت ي‬
‫‪ -‬كُب ىذا ا‪١‬توضوع أيضان يقوؿ األستاذ الشيخ أ‪ٛ‬تد الشرباص ي الكاتب اإلسبلمي ا‪١‬تعركؼ‬
‫كا‪١‬تدرس ُب األزىر الشريف‪:‬‬
‫(أرأيت إذل كنز كسيع عجيب فيو ا‪١‬تاؿ الغزير الذم ال ٭تصى كفيو أدكية ا‪ٞ‬تسم الشافية اليت ال‬
‫ٗتوف كفيو نور القلب الذم ال ٮتبو‪ ...‬ماذا يكوف شأنك لو أف إنسانان أخربؾ بوجود ىذا الكنز‬
‫ٔتكاف ما كرسم لك الطريق إليو كذكر لك ما ٖتتاجو الرحلة من ‪٣‬تهود كتكاليف‪ ..‬أال ٖتاكؿ أف‬
‫كتستنف ىد طاقتك كتعمل كسعك حىت تصل إذل ىذا الكنز الذم ستجد فيو جاه‬ ‫ً‬ ‫تبذؿ جهدؾ‬
‫الدنيا كعز اآلخرة؟‪ .‬كذلك شأف التصوؼ يا صاح‪ ،‬إنو الدكاء ا‪١‬تخفي كالكنز ا‪١‬تطوم كالسر‬
‫العلمي‪ ،‬إنو الدكاء الذم ٭تتاج إليو جسمك كفهمك كخلقك‪ ،‬كلكنك لن تصل إليو كلن تنتفع‬
‫بو حىت تتجو ٔتشاعرؾ ‪٨‬توه كحىت تقبل ببصرؾ كبصَتتك عليو كحىت تبذؿ من ذات يدؾ كذات‬

‫(ُ) أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‪ :‬رجاؿ الفكر كالدعوة ُب اإلسبلـ‪ ،‬صِْٖػَِٓ‪.‬‬


‫(ِ) أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‪ :‬ركائع إقباؿ‪ ،‬صٕ‪.‬‬
‫‪- 66 -‬‬
‫نفسك كمن كقتك كْتثك ما يهيٌئ لك البلوغ إليو كالوقوؼ عليو‪ ،‬فهل فعلت من ذلك شيئان كقد‬
‫عرفت الطريق إذل النعيم؟!‪..‬‬
‫يهمٍت أف تكوف على بصَتة من أمرؾ‪ ،‬كأف ال ٕتهل شيئان جليبلن يطالبك دينك كعقلك بأف تعرفو‪،‬‬
‫كمن ىنا ٭تتم عليك أف تدرس التصوؼ لتتصوره كتفهمو كتفقهو‪ ،‬كبعد ذلك ٖتكم لو أك عليو‪،‬‬
‫كأزيدؾ بيانان فأقوؿ لك‪ :‬إنو قد يكوف ُب التصوؼ كتارٮتو كسَت رجالو ما أضيف إليو أك افًتاه‬
‫ا‪١‬تفًتكف عليو‪ ،‬كمن ىنا يستًت حق كراء باطل‪ ،‬كمن ىنا أيضان يطالبك دينك بأف تقوـ لتهتك‬
‫حجاب الباطل كتستضيء بنور ا‪ٟ‬تق‪ ،‬فهبل يكفي ذلك لتحريضك على دراسة التصوؼ؟؟!!‬
‫يا أبناء اإلسبلـ!‪ :‬إف التصوؼ ٭تتل من أخبلقكم كتارٮتكم جانبان كبَتان كقد ضيعتموه أزمنة‬
‫طواالن‪ ،‬فحسبكم ما كاف‪ ،‬كأقبلوا على التصوؼ‪ ،‬ففيو غذاء كدكاء‪ ،‬كاللٌو ا‪٢‬تادم إذل سبيل‬
‫السواء)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كختامان ‪٢‬تذا البحث ‪٧‬تد أف ا‪ٟ‬تاجة ماسة لتعلم التصوؼ كتطبيق سلوكو كخاصة ُب ىذا‬
‫الزماف الذم كثرت فيو الشهوات كا‪١‬تلذ ات كا‪١‬تبعدات عن الدين كجوىره‪ ،‬كعن اإلسبلـ‬
‫كأركانو‪ ،‬كعن اإلٯتاف كمبادئو‪ ،‬كعن األخبلؽ كالسلوؾ كتعاليمو‪.‬‬
‫‪ -‬حيث أصبحنا نرل ا‪١‬تسلم يرتاد ا‪١‬تساجد للصبلة‪ ،‬كرٔتا سعى ألف يقف ُب الصف األكؿ‪،‬‬
‫كنراه يتحدث بل ك‪٬‬تيد التحدث عن اإلسبلـ كتشريعو‪ ،‬كلكننا لو راقبنا كاقعو العملي ُب أسرتو أك‬
‫مع أىلو أك جَتانو أك شركائو أك مع من يتعامل معهم لوجدنا الكثَت من ىؤالء قد ضلوا السبيل‬
‫بكبلمهم أك أفعا‪٢‬تم‪ ،‬يأكلوف أمواؿ اليتامى‪ ،‬كأمواؿ إخواهنم كأخواهتم‪ ،‬كال يؤدكف حقوؽ‬
‫اآلخرين‪ ،‬كيسعوف ُب األرض فسادان بالظلم كالغش كا‪ٟ‬تسد كا‪ٟ‬تقد كالغيبة كالنميمة‪.‬‬

‫(ُ)الشيخ حامد إبراىيم ‪٤‬تمد صقر‪ :‬تصدير كتاب نور التحقيق ‪ ،‬صُػّ بتصرؼ‪.‬‬
‫‪- 67 -‬‬
‫‪ -‬مع ىذا الواقع األليم أال ‪٨‬تتاج إذل ا‪١‬تصلحُت كا‪١‬تزكُت كا‪١‬تربُت الذين يأخذكف بأيدم ىؤالء إذل‬
‫جوىر اإلسبلـ علمان كعمبلن كتطبيقان لشرع اهلل كسنة نبيو‪.‬‬
‫‪ -‬فما أحرانا بأف نعود إذل العلماء العارفُت كا‪١‬تزكُت ا‪١‬تربُت‪٧ ،‬تالسهم بأدب‪ ،‬كنتعلم منهم كنتأدب‬
‫بآداهبم‪ ،‬كنتخلق بأخبلقهم‪ ،‬كنسلك طريقهم حىت نفوز بسعادة الدارين الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كمن ىٍب‬
‫‪٨‬تمل ىذه التعاليم كندعو إليها لتعم الببلد‪ ،‬كينعم العباد‪ ،‬كيسود الوداد‪ ،‬حىت نلقى رب العباد‬

‫كىو عنا راض ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﮊ (ُ)‪.‬‬


‫‪  ‬‬

‫(ُ) سورة البينة‪.ٖ:‬‬


‫‪- 68 -‬‬
‫منهج التصوف‬
‫‪ -‬ىو منهج اإلسبلـ‪ ،‬منهج اتباع القرآف كالسنة كالسلف الصاحل يعمل على تزكية النفس‬
‫كتطهَتىا من أدراهنا كالوصوؿ إذل القلب السليم كإذل اإلحساف كإذل ‪٤‬تبة اللٌو كرسولو كإذل التقول‬
‫كالورع كإذل التوكل ال التواكل كإذل اإليثار كالتعاكف كإذل اإلخبلص كالصدؽ كالصرب كاالستقامة‪.‬‬

‫‪ -‬كما أنو يعمل على معا‪ٞ‬تة النفس من أمراضها كالكرب كالشح كالعجب كا‪ٟ‬تسد كالرياء كا‪ٟ‬تقد‬
‫كالغش كالغضب كالعداكة كالبغضاء كالطمع كالبخل كالبطر كا‪٠‬تيبلء كا‪٠‬تيانة كا‪١‬تكر كا‪٠‬تداع كالظلم‬
‫كالقسوة‪.‬‬

‫‪ -‬معتمدان على كسائل كثَتة منها التوبة كاالستغفار‪ ،‬كمراقبة اللٌو ُب كل ا‪ٟ‬تركات كالسكنات‬
‫كاألعماؿ‪ ،‬كا‪٠‬توؼ منو كمن عقابو كاإلكثار من الذكر كالتسبيح كاحملافظة على الفرائض كاإلكثار‬
‫من النوافل كصبلة الليل كالتهجد إذل غَت ذلك من أعماؿ السلوؾ كالرياضة الركحية ككل ىذه‬
‫ا‪١‬تواضيع كغَتىا ‪٦‬تا يشتمل عليها منهاج التصوؼ إ‪٪‬تا ىي جزء ىاـ من اإلسبلـ إهنا ا‪ٞ‬تانب‬
‫الركحي كالفقو الباطٍت كالتزكية اإلٯتانية كاإلحساف الذم ىو أحد أركاف الدين‪.‬‬

‫‪ -‬يقوؿ الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردم شارحان منهج التصوؼ‪( :‬التصوؼ ىو علم يعرؼ بو أحواؿ‬
‫النفس ‪٤‬تمودىا كمذمومها‪ ،‬ككيفية تطهَتىا من ا‪١‬تذموـ منها‪ ،‬كٖتليها باالتصاؼ ٔتحمودىا‪،‬‬
‫ككيفية السلوؾ كالسَت إذل اللٌو تعاذل كالفرار إليو‪.‬‬

‫إال أخو فطنة با‪ٟ‬تق معركؼ‬ ‫علم التصوؼ علم ليس يدركو‬
‫ككيف يشهد ضوء الشمس مكفوؼ‬ ‫ككيف يعرفو من ليس يشهده‬
‫وموضوعو‪ :‬أفعاؿ القلوب كا‪ٟ‬تواس من حيث التزكية كالتصفية‪.‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫وثمرتو‪ :‬هتذيب القلوب‪ ،‬كمعرفة عبلـ الغيوب ذكقان ككجدانان‪ ،‬كالنجاة ُب اآلخرة كالفوز برضا اللٌو‬
‫تعاذل كنيل السعادة األبدية‪ ،‬كتنوير القلب كصفاؤه ْتيث ينكشف لو أمور جليلة‪ ،‬كيشهد أحواالن‬
‫عجيبة‪ ،‬كيعاين ما عميت عينو بصَتة غَته‪.‬‬

‫وفضلو‪ :‬أنو أشرؼ العلوـ ا‪١‬تتعلقة ٔتعرفة اللٌو تعاذل كحبو كىي أفضل على اإلطبلؽ‪.‬‬

‫كنسبتو إذل غَته من العلوـ‪ ،‬أنو أصل ‪٢‬تا كشرط فيها‪ ،‬إذ ال علم كال عمل إال بقصد التوجو إذل‬
‫اللٌو فنسبتو ‪٢‬تا كالركح للجسد)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كلقد اتبع ىذا ا‪١‬تنهج الصحابة الكراـ‪ ،‬كمن بعدىم التابعوف‪ ،‬كتابعوىم كالسلف الصاحل‬
‫كالعلماء العاملوف‪ ،‬كعلى مر العصور كاألياـ‪ ،‬كما خالفهم إال كل جاىل أك حاقد أك حاسد أك‬
‫مستأجر أك منافق أك ذك أىواء كأغراض‪.‬‬

‫‪ -‬فما أحرانا ‪٨‬تن أف نتبع ىذا ا‪١‬تنهج كنتعلمو ك‪٨‬تافظ عليو كنطبقو كندعو إليو‪ ،‬ككم ‪٨‬تن ْتاجة‬
‫إليو كخاصة ُب ىذا الزماف‪.‬‬

‫‪ -‬كالبد لسلوؾ ىذا ا‪١‬تنهج من اتباع ا‪١‬تعلم ا‪١‬ترشد‪ ،‬كالشيخ الداؿ على اللٌو عز كجل الذم سلك‬
‫ىذا الطريق كعرؼ كنهو كصدؽ فيو فأصبح مرشدان حقان كمربيان صادقان يستطيع أف يدؿ من أراد‬
‫سلوؾ ىذا الطريق إذل حقائقو كالوصوؿ بو إذل نتائجو كىي معرفة اللٌو ا‪١‬تعرفة ا‪ٟ‬تقيقة كالعمل على‬
‫رضائو كالسعي إذل طاعتو كالسَت على منهجو حىت يلقاه كىو راض عنو‪ ،‬كيناؿ بذلك سعادة‬
‫الدارين الدنيا كاآلخرة‪ ،‬ككذلك ٭تتاج ىذا ا‪١‬تنهج إذل صحبة أىلو كالصدؽ معهم حىت يتعلم‬
‫منهم كيستفيد منهم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ‪٤‬تمد أمُت الكردم‪ :‬تنوير القلوب‪ ،‬صّْٖ‪.‬‬


‫‪- 71 -‬‬
‫الباب الثاني‪:‬‬
‫أنواع التصوف‬
‫ٔ‪ -‬التصوف السني‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬التصوف البِ ْد ِعي‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬التصوف الفلسفي‪.‬‬

‫الشطح‬

‫‪- 71 -‬‬
‫أنواع التصوف‬
‫‪ -‬ظهر التصوؼ منذ نشأتو إذل ىذا الوقت ُب ثبلثة أشكاؿ‪:‬‬

‫أولً التصوف السن ّي‪( :‬كىو ا‪١‬تعترب كا‪١‬تعتمد عند أىل التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيُت)‪.‬‬

‫‪ -‬كىو ما اعتمد ُب طريقتو كسلوكو على القرآف كالسنة‪ ،‬كىذا ما ‪ٝ‬تي أيضان بالتصوؼ السلفي أك‬
‫التصوؼ الشرعي كما ‪ٝ‬تاه ابن تيمية(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كىو يدعو للتقيد بالشريعة الس ٍمحة بعيدان عن الشطحات الكثَتة‪ ،‬كىذا ىو التصوؼ الذم‬
‫نتحدث عنو ُب كتابنا ىذا‪ ،‬كنتمسك بو كندعو إليو ‪.‬‬

‫‪ -‬كقد عرب عن ىذا التصوؼ العارؼ باهلل سهل التسًتم كىو من كبار علمائو بقولو‪:‬‬

‫(أصوؿ طريقتنا ستة‪ :‬التمسك بكتاب اهلل‪ ،‬كاالقتداء بسنة رسوؿ اهلل‪ ،‬كأكل ا‪ٟ‬تبلؿ‪ ،‬ككف‬
‫األذل‪ ،‬كاجتناب اآلثاـ‪ ،‬كأداء ا‪ٟ‬تقوؽ) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬التصوؼ السٍت يقوـ على االعتداؿ كالوسطية كالتوازف ُب كل شأف من شؤكف الدين كالدنيا‬
‫‪٤‬تققان قوؿ اهلل سبحانو كتعاذل‪:‬‬

‫ﮋﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ‬
‫(ّ)‬
‫ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﮊ‬

‫(ُ) انظر الفتاكل جزءَُ صُٕٓ‪.‬‬


‫(ِ)دائرة معارؼ الشعب‪ ،‬جزءّ‪ ،‬صُْٖ‪.‬‬
‫(ّ)سورة القصص‪ٕٕ:‬‬
‫‪- 72 -‬‬
‫‪ -‬كقولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫(ُ)‬
‫ﭡﭢﮊ‬

‫‪ -‬كقولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬


‫(ِ)‬
‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﮊ‬

‫إذل غَت ذلك من اآليات اليت تدعو إذل التوسط كاالعتداؿ كعدـ ا‪١‬تغاالة أك اإلفراط أك التفريط‪.‬‬

‫‪ -‬كلقد أشار ‪ٝ‬تاحة ا‪١‬تريب الشيخ أ‪ٛ‬تد كفتارك ر‪ٛ‬تو اهلل إذل ىذا النوع من التصوؼ‪ -‬كىو الذم‬
‫اعتمده منهجان ُب تربية تبلمذتو‪ -‬حُت قسم التصوؼ إذل قسمُت‪:‬‬

‫التصوؼ القرآين‪ ،‬كالتصوؼ الرىباين‪ ،‬كقاؿ منتقدان التصوؼ الرىباين‪:‬‬

‫(إف التصوؼ الرىباين ىو الذم حطم كجود العادل اإلسبلمي الفكرم كا‪ٟ‬تضارم‪ ،‬كىو الذم‬
‫أضعف ا‪١‬تسلمُت فكريان كحضاريان‪.‬‬

‫ٍب ٖتدث عن التصوؼ القرآين فقاؿ‪ :‬كأما التصوؼ القرآين فهو التصوؼ ا‪١‬تعتمد بل النابع من‬
‫تعاليم القرآف اليت توجو إذل الفقو الباطٍت ك التزكية النفسية ك الًتبية األخبلقية ك يعقب على ذلك‬
‫بقولو‪( :‬دعونا من كلمة تصوؼ كلنعد إذل مصطلح القرآف‪ :‬التزكية كالًتبية الركحية كالًتبية‬
‫ا‪ٟ‬تكيمة اليت تعطي إسبلـ ا‪ٟ‬تياة ا‪١‬تتكاملة فكران كركحان كخلقان كمعاملة)‪.‬‬

‫ٍب أضاؼ قائبلن‪( :‬كأما التصوؼ القرآين ْتقائقو الكلية ككاقعو فينقسم أيضان إذل قسمُت‪:‬‬

‫ِ‪ -‬التصوؼ التحققي‪.‬‬ ‫ُ‪-‬التصوؼ ا‪٠‬تلقي‪.‬‬

‫(ُ)سورة األعراؼ‪ُّ:‬‬
‫(ِ) سورة اإلسراء‪.َّ-ِٗ :‬‬
‫‪- 73 -‬‬
‫فالتصوف الخلقي‪ :‬ىو التصوؼ الذم ‪٬‬تب أف يتحلى بو كل مسلم‪ ،‬كال يستثٌت منو‬ ‫‪‬‬
‫أحد‪ ،‬كىو الًتبية الركحية القرآنية ا‪٠‬تلقية بًتكيض النفس لتمثل أخبلؽ القرآف كاملة‪.‬‬
‫والتصوف التحققي‪ :‬ىو إدراؾ مقاـ اإلحساف كما جاء ُب حديث رسوؿ اهلل ‪ ‬عندما‬ ‫‪‬‬
‫جاءه جربيل كقاؿ‪ :‬ما اإلحساف؟ قاؿ‪( :‬أف تعبد اهلل كأ‪٪‬تا تراه‪ ،‬فإف دل تكن تراه فهو يراؾ)‪.‬‬
‫كاإلحساف ىو أعلى مراتب اإلٯتاف بل ىو اليقُت ا‪ٟ‬تقيقي كىو اإلٯتاف الشهودم‪.‬‬

‫وؿ الل ًو ‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ك األىنٍصا ًرم ‪ ،‬أىنو مر بًرس ً‬ ‫ث بن مالً و‬ ‫ا‪ٟ‬تا ًر ً‬


‫ت يىا‬ ‫ىصبى ٍح ى‬‫أٍ‬ ‫ف‬‫اؿ لىوي ‪ « :‬ىكٍي ى‬ ‫ي ى ىي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫فع ًن ٍى‬ ‫ى‬
‫ىح ًقي ىقةن‪ ،‬فى ىما‬ ‫وؿ ؟ فىًإف لً يكل ىش ٍي وء‬ ‫اؿ‪« :‬انٍظيٍر ىما تىػ يق ي‬ ‫ت يم ٍؤًمننا ىح ًّقا‪ ،‬فىػ ىق ى‬‫ىصبى ٍح ي‬
‫اؿ ‪ :‬أ ٍ‬ ‫ث؟» قى ى‬ ‫ىحا ًر ي‬
‫اؿ‪ :‬قى ٍد عزفىت نىػ ٍف ًسي ع ًن الدنٍػيا‪ ،‬كأىسهرت لً ىذلً ً ً‬ ‫ً‬
‫ت نػى ىها ًرم‪،‬‬ ‫ك ليىلي‪ ،‬ىكاظ ىمأى ي‬ ‫ى‬ ‫ى ى ٍ ىٍ ي‬ ‫ى‬ ‫ىى ٍ‬ ‫ىحقي ىقةي إًٯتىانً ى‬
‫ك؟» فىػ ىق ى‬
‫ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل ىعٍر ًش ىريب بىا ًرنزا‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل ا ٍ‪ٞ‬تىن ًة يىػتىػىز ىاكيرك ىف فً ىيها‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل‬
‫ت فىالٍىزٍـ»‪ ،‬ثىبلثنا‪.)ِ())ُ(.‬‬ ‫ضا ىغ ٍو ىف فً ىيها‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫اؿ‪« :‬يىا ىحا ًر ي‬
‫ث ىعىرفٍ ى‬ ‫النا ًر يىػتى ى‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت‪.‬‬


‫(ِ) د‪٤.‬تمد شيخاين‪ :‬الًتبية الركحية بُت السلفيُت كالصوفيُت صٕٗ‪.‬‬
‫‪- 74 -‬‬
‫ثانياً‪ -‬التصوف البدعي‪:‬‬
‫(وهو المردود و المرفوض عند أهل التصوف الحقيقيين )‬

‫‪ -‬كىو ما ابتدعو بعض من انتسب إذل التصوؼ‪ ،‬كأدخلوا فيو بدعان كثَتة تناُب الشريعة كليس ‪٢‬تا‬
‫أصل فيها‪ ،‬كقد جاء ُب كتاب االعتصاـ‪( :‬البدعة عبارة عن طريقة ُب الدين ‪٥‬تًتعة تضاىي‬ ‫ه‬
‫الشريعة يقصد بالسلوؾ عليها ا‪١‬تبالغة ُب التعبد هلل تعاذل) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا مرفوض شرعان كيرفضو أىل التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيوف‪ ،‬كقد ظهر من بعض الصحابة مثل ىذا‬
‫س‬‫األمر‪ ،‬فأظهر النيب ‪ ‬رفضو لو كعدـ موافقتهم يظهر ذلك كاضحان ُب ا‪ٟ‬تديث الذم ركاه أىنى ي‬
‫وت أىٍزىك ًاج النيب ‪ ‬يى ٍسأىليو ىف ىع ٍن ًعبى ىادةً النًيب ‪ ‬فىػلىما‬ ‫وؿ‪ :‬جاء ثىبلىثىةي رى وط إً ىذل بػي ً‬ ‫ًو‬
‫يي‬ ‫ىٍ‬ ‫بٍ ين ىمالك ‪ ‬يىػ يق ي ى ى‬
‫اؿ‬‫وىا فىػ ىقاليوا ىكأىيٍ ىن ىٍ‪٨‬ت ين ًم ىن النًيب ‪ ‬قى ٍد غي ًفىر لىوي ىما تىػ ىقد ىـ ًم ٍن ىذنٍبً ًو ىكىما تىأىخىر‪ .‬قى ى‬
‫يخًربيكا ىكأىنػ يه ٍم تىػ ىقال ى‬
‫أٍ‬
‫آخير‪ :‬أىنىا‬
‫اؿ ى‬ ‫ىصويـ الد ٍىىر ىكالى أيفٍ ًطير‪ .‬ىكقى ى‬ ‫آخير‪ :‬أىنىا أ ي‬
‫اؿ ى‬‫يصلى اللٍي ىل أىبى ندا‪ .‬ىكقى ى‬ ‫ىح يد يى ٍم‪ :‬أىما أىنىا فىًإين أ ى‬ ‫أى‬
‫ين قيػ ٍلتي ٍم ىك ىذا ىكىك ىذا أ ىىما ىكالل ًو‬ ‫ً‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ‬فىػ ىق ى‬
‫أ ٍىعتى ًزيؿ الن ىساءى فىبلى أىتىػىزك يج أىبى ندا‪ ،‬فى ىجاءى ىر يس ي‬
‫اؿ‪ « :‬أىنٍػتي يم الذ ى‬
‫ب‬ ‫إًين ألىخ ىشا يكم لًل ًو كأىتٍػ ىقا يكم لىو ‪ ،‬لىكًٍت أىصوـ كأيفٍ ًطر ‪ ،‬كأيصلي كأىرقي يد كأىتىػزكج النساء ‪ ،‬فىمن رغً‬
‫ي ي ى ي ى ى ىٍ ى ى ي ى ى ىٍ ى ى‬ ‫ٍ ٍ ى ٍ ي‬
‫س ًمٍت »(ِ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىع ٍن يسنيت فىػلىٍي ى‬
‫مهم يجب أن نفهم جوابو‪ :‬ما البدعة وما حكمها؟‬
‫سؤال ٌ‬

‫‪ -‬قاؿ ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر ُب شرح حديث البخارم‪ « (:‬كشر األمور ‪٤‬تدثاهتا» (ّ)‪.‬‬

‫البدعة لغة‪ :‬كل شيء أيحدث على غَت مثاؿ‪.‬‬

‫(ُ) الشاطيب‪ :‬االعتصاـ‪ ،‬جػُ صَّ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 75 -‬‬
‫كقاؿ أيضان ُب شرح حديث ‪«:‬نًعم ً‬
‫ت البدعة ىذه» (ُ)‪.‬‬ ‫ٍى‬
‫البدعة أصلها ما أحدث على غَت مثاؿ سابق‪.‬‬

‫البدعة شرعاً‪ :‬عرؼ اإلماـ النوكم البدعة‪( :‬ىي إحداث ما دل يكن ُب عهد رسوؿ اهلل ‪.)ِ()‬‬

‫ىذا كقد قسم العلماء البدعة إذل قسمُت اثنُت‪ :‬بدعة ‪٤‬تمودة‪ ،‬كبدعة مذمومة‪.‬‬

‫فقد قاؿ الشافعي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل‪( :‬البدعة بدعتاف‪ :‬بدعة ‪٤‬تمودة‪ ،‬كبدعة مذمومة‪ ،‬فما كافق‬
‫السنة فهو ‪٤‬تمود‪ ،‬كما خالف السنة فهو مذموـ) (ّ)‪.‬‬

‫كأخرج البيهقي عن اإلماـ الشافعي ُب مناقبو‪( :‬احملدثات ضرباف‪ :‬ما أيحدث فيو ‪٦‬تا ٮتالف كتابان‬
‫أك سنة أك أثران أك إ‪ٚ‬تاعان فهذه البدعة الضبللة‪ ،‬كما أيحدث فيو من ا‪٠‬تَت ال ٮتالف شيئان من ذلك‬
‫فهو ‪٤‬تدثة غَت مذمومة) (ْ)‪.‬‬

‫كقد ٖتدث العديد من العلماء ُب البدعة‪ ،‬كأكصلوىا إذل ‪ٜ‬تسة أقساـ‪:‬‬

‫‪ ‬واجبة‪ :‬مثل تعلم النحو‪ ،‬كنظم أدلة ا‪١‬تتكلمُت للرد على ا‪١‬تبلحدة كا‪١‬تبتدعُت‪...‬‬

‫‪ ‬مندوبة‪ :‬مثل األذاف على ا‪١‬تنائر‪ ،‬كتصنيف كتب العلم كبناء ا‪١‬تدارس كغَت ذلك‪...‬‬

‫‪ ‬مباحة‪ :‬مثل استعماؿ ا‪١‬تنخل‪ ،‬كالتوسع ُب ا‪١‬تأكل كا‪١‬تشرب‪...‬‬

‫‪ ‬مكروىة‪ :‬مثل تزيُت ا‪١‬تصاحف كزخرفة ا‪١‬تساجد‪...‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم كمالك‪.‬‬


‫(ِ) هتذيب األ‪ٝ‬تاء كاللغات جزءّ‪ ،‬صِٖٗ‪.‬‬
‫(ّ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء جزءٗ‪ ،‬صُُّ‪.‬‬
‫(ْ) ابن حجر‪ :‬فتح البارم‪ ،‬جزءَِ‪ ،‬صَّّ‪.‬‬
‫‪- 76 -‬‬
‫‪ ‬محرمة‪ :‬كىي ما أحدث ‪٥‬تالفان السنة‪ ،‬كدل تشملو أدلة الشرع العامة‪ ،‬كدل ٭تت ًو على‬
‫مصلحة شرعية‪.‬‬

‫‪ -‬ك‪٦‬تا يوضح فهم ىذا ا‪١‬توضوع حديث النيب ‪ ‬الذم قاؿ فيو‪ « :‬ىم ٍن ىسن ًُب ا ًإل ٍسبلىًـ يسنةن‬
‫يجوًرًى ٍم ىش ٍيءه ىكىم ٍن ىسن ًُب‬ ‫حسنىةن فىػلىو أىجرىا كأىجر من ع ًمل ًهبا بػع ىده ًمن ىغ ًَت أى ٍف يػٍنػ يق ً‬
‫ص م ٍن أ ي‬‫ى ى‬ ‫ى ى ي ٍ يى ى ٍ ي ى ٍ ى ى ى ى ٍ ي ٍ ٍ‬
‫ص ًم ٍن أ ٍىكىزا ًرًى ٍم‬ ‫ًً ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا ًإل ٍسبلىـ يسنةن ىسيئىةن ىكا ىف ىعلىٍيو ًكٍزيرىىا ىكًكٍزير ىم ٍن ىعم ىل هبىا م ٍن بىػ ٍعده م ٍن ىغ ًٍَت أى ٍف يىػٍنػ يق ى‬
‫ىش ٍيءه»(ُ)‪.‬‬

‫أقرىا‪ ،‬كأيخذ‬
‫سن بعض الصحابة أموران ُب العبادات ُب عهد النيب ‪ ‬فوافقهم عليها ك ٌ‬
‫‪ -‬ىذا كقد ٌ‬
‫هبا على أهنا سنة حسنة‪ ،‬كاألمثلة ُب ذلك كثَتة(ِ) أذكر منها مثاالن كاحدان على سبيل الذكر ال‬
‫صلى ىكىراءى النًيب ‪ ‬فىػلىما ىرفى ىع ىرأٍ ىسوي ًم ىن الرٍك ىع ًة‬ ‫اؿ يكنا يىػ ٍونما ني ى‬ ‫اعةى بٍ ًن ىرافً وع الزىرقًي قى ى‬
‫ا‪ٟ‬تصر‪ :‬ىع ٍن ًرفى ى‬
‫ك ا ٍ‪ٟ‬تى ٍم يد ‪ ،‬ى‪ٛ‬تٍ ندا ىكثً نَتا طىيبنا يمبى ىارنكا فًي ًو ‪ ،‬فىػلىما‬‫اؿ ىر يج هل ىكىراءىهي ىربػنىا ىكلى ى‬
‫‪ٛ‬ت ىدهي»‪ .‬قى ى‬‫اؿ‪ « :‬ىً‪ٝ‬تع اللو لًمن ىً‬
‫ى ي ىٍ‬ ‫قى ى‬
‫ُت ىملى نكا يىػٍبتى ًد يركنػى ىها ‪ ،‬أىيػ يه ٍم‬‫ً‬ ‫ت بً ٍ‬
‫ض ىعةن ىكثىبلىث ى‬ ‫اؿ‪ « :‬ىرأىيٍ ي‬ ‫اؿ أىنىا‪ .‬قى ى‬ ‫اؿ « ىم ًن الٍ يمتى ىكل يم»‪ .‬قى ى‬‫ؼ قى ى‬‫صىر ى‬ ‫انٍ ى‬
‫يى ٍكتيبيػ ىها أىك يؿ»(ّ)‪.‬‬

‫قاؿ ا‪ٟ‬تافظ ابن حجر كىو يشرح ا‪ٟ‬تديث‪ ( :‬يستدؿ بو على جواز إحداث ذكر ُب الصبلة غَت‬
‫مأثور إذا كاف غَت ‪٥‬تالف للمأثور‪ ،‬كعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما دل يشوش) (ْ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن جرير بن عبد اهلل‪.‬‬


‫(ِ) انظر كتاب ا‪١‬تؤلف‪:‬د‪٤.‬تمد خَت فاطمة اتباع ال ابتداع ص ُٖ‪.‬‬
‫كانظر كتاب الشيخ يوسف خطار ‪٤‬تمد ا‪١‬توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية صْٖٗ كما بعدىا‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم كالنسائي كأبو داكد كأ‪ٛ‬تد كابن خزٯتة‪.‬‬
‫(ْ) ابن حجر‪ :‬فتح البارم جزءّ‪ ،‬صُٖٖ‪.‬‬
‫‪- 77 -‬‬
‫‪ -‬كمن ىذا القبيل أيضان ما سنو الصحابة الكراـ بعد النيب ‪ ‬كاجتهدكا بو ككافقهم عليو ‪ٚ‬توع‬
‫الصحابة كىو أمور كثَتة أذكر منها ثبلثة للتبياف ال للحصر(ُ)‪:‬‬

‫قتاؿ أيب بكر ‪١ ‬تانعي الزكاة كاستباحة دمائهم حىت يذعنوا ‪٢‬تذا الركن حىت قاؿ قولتو‬ ‫ٔ)‬
‫ا‪١‬تشهورة‪( :‬كاهلل لو منعوين عقاال كانوا يؤدكنو إذل رسوؿ اهلل ‪ ‬لقاتلتهم على منعو)‪.‬‬

‫فقاؿ عمر ‪( :‬فو اهلل ما ىو إال أف رأيت اهلل قد شرح صدر أيب بكر للقتاؿ فعرفت أنو ا‪ٟ‬تق)(ِ)‪.‬‬

‫‪ٚ‬تع القرآف ُب كتاب كاحد على عهد سيدنا أيب بكر ‪ ‬كقد توقف فيو زيد بن ثابت‬ ‫ٕ)‬
‫كقاؿ أليب بكر كعمر رضي اهلل عنهما كيف تفعبلف ما دل يفعلو النيب ‪ٍ ‬ب علم أنو مصلحة‪،‬‬
‫(ّ)‬
‫فوافق على ‪ٚ‬تعو‪.‬‬

‫كقد ذكر الشاطيب أف ىذا العمل كاجب ك‪ٝ‬تاه مصلحة كأىب أف يسميو بدعة‪.‬‬

‫‪ٚ‬تع سيدنا عمر ‪ ‬ا‪١‬تسلمُت ُب صبلة الًتاكيح ُب رمضاف على قارئ كاحد‪:‬‬ ‫ٖ)‬

‫فعن عبد الر‪ٛ‬تن بن عبد القارم أنو قاؿ‪ :‬خرجت مع عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬ليلة ُب رمضاف إذل‬
‫ا‪١‬تسجد فإذا الناس أكزاع متفرقوف يصلي الرجل لنفسو كيصلي الرجل فيصلي بصبلتو الرىط فقاؿ‬
‫عمر‪ :‬إين أرل لو ‪ٚ‬تعت ىؤالء على قارئ كاحد لكاف أمثل ٍب عزـ فجمعهم على أيب بن كعب‬
‫ٍب خرجت معو ليلة أخرل كالناس يصلوف بصبلة قارئهم قاؿ‪ :‬عمر نعم البدعة ىذه (ْ)‪.‬‬

‫(ُ) للتوسع أكثر انظر كتاب ا‪١‬تؤلف د‪٤.‬تمد خَت فاطمة اتباع ال ابتداع صِِ كما بعدىا‪.‬‬
‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) انظر القصة ُب صحيح البخارم‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 78 -‬‬
‫كعن أىب إسحاؽ ا‪٢‬تمداين قاؿ ‪ :‬خرج علي بن أىب طالب ُب أكؿ ليلة من رمضاف كالقناديل تزىر‬
‫ككتاب اهلل يتلى ُب ا‪١‬تساجد فقاؿ نور اهلل لك يا ابن ا‪٠‬تطاب ُب قربؾ كما نورت مساجد اهلل‬
‫بالقرآف (ُ)‪.‬‬

‫مما سبق يجب أن نفهم جيداً معنى البدعة‪ ,‬وأن البدعة بدعتان بدعة محمودة وبدعة‬
‫مردودة‪ ,‬والبدع المردودة ىي الضاللة فقط‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا ما أكد عليو اإلماـ الشافعي ُب قولو‪( :‬ما أيحدث كخالف كتابان أك سنة أك إ‪ٚ‬تاعان أك أثران‬
‫فهو البدعة الضالة‪ ،‬كما أحدث من ا‪٠‬تَت‪ ،‬كدل ٮتالف شيئان من ذلك فهو احملمود)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كعلينا أف نعي القاعدة األصولية المشهورة بُت أىل العلم‪( :‬ترؾ النيب ‪ ‬لشيء ال يدؿ‬
‫على حرمتو‪ ،‬ما دل ً‬
‫يأت حديث أك أثر بالنهي عن الشيء ا‪١‬تًتكؾ ٔتقتضى ٖترٯتو أك كراىيتو) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كل ذلك ‪٬‬تعلنا أال ‪٨‬تكم على أمر نراه من أىل التصوؼ ُب طرقهم أنو بدعة‪ ،‬كأهنا ضبللة‪،‬‬
‫كىي ُب النار إال إف تأكدنا بأهنا ‪٥‬تالفة للقرآف كالسنة كإ‪ٚ‬تاع الصحابة‪ ،‬كليس ‪٢‬تا دليل ُب ىذه‬
‫األصوؿ‪.‬‬
‫‪ -‬كمن ىذا القبيل فإف ذكر ً‬
‫الناس اهلل ‪ ‬فيرادل أك ‪ٚ‬تاعات‪ ،‬جهران أك سران بالصيغ ا‪١‬تشركعة‪،‬‬
‫من البدع ا‪ٟ‬تسنة اليت ‪٢‬تا أدلتها من الشرع‪ ،‬ككذلك القياـ ألىل العلم كالفضل‪ ،‬كتقبيل يد العلماء‬
‫أصل‬ ‫ً‬
‫كاألفاضل‪ ،‬كاستعماؿ السبحة (ا‪١‬تسبحة) ُب الذكر‪ ،‬كاالحتفاالت ٔتولد النيب ‪ ‬كلها ‪٢‬تا ه‬
‫ُب الشرع أيضان(ْ)‪.‬‬

‫(ُ) ابن شاىُت‪:‬كنز العماؿ‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو البيهقي ُب مناقبو‪.‬‬
‫(ّ)انظر د‪٤.‬تمد سليماف األشقر‪ :‬أفعاؿ الرسوؿ ‪ ‬كداللتها على األحكاـ التشريعية‪.‬‬
‫(ْ)راجع كتاب ا‪١‬تؤلف‪ :‬د‪٤.‬تمد خَت فاطمة اتباع ال ابتداع‪.‬ككتابو ا‪١‬تولد النبوم الشريف اتباع ال ابتداع‪.‬‬
‫‪- 79 -‬‬
‫‪ -‬أما ما نراه من مظاىر االختبلط بُت الذكور كاإلناث ُب حفبلت الذكر كا‪١‬توالد‪ ،‬كاستعماؿ‬
‫اآلالت ا‪١‬توسيقية ا‪١‬تتعددة ‪ -‬غَت الدؼ – كاألناشيد اليت تتعدل ذكر اهلل ‪ ‬كمناجاتو‬
‫كدعاءه‪ ،‬كا‪ٟ‬تديث عن النيب ‪ ‬كأخبلقو كصفاتو كحبو‪ ،‬كحركات الرقص كالتفنن هبا أثناء ذلك‪،‬‬
‫فكل ذلك كما شاهبو بدعة مردكدة مذمومة ضالة‪.‬‬

‫‪ -‬وأخيراً‪ :‬أقوؿ لقد أسهبت ُب ا‪ٟ‬تديث عن البدعة‪ ،‬كما يتعلق هبا ألكضح للقارئ أف عليو أف‬
‫ٯتيز عندما يرل أم بدعة تظهر من أىل التصوؼ ىل ىي بدعة حسنة‪ ،‬أـ بدعة سيئة قبل أف‬
‫٭تكم عليها بالضبللة كالنار‪ ،‬أك يتأثر بأقواؿ ا‪ٞ‬تهلة أك ا‪١‬تغرضُت‪.‬‬

‫‪ -‬فإف خالفت الشرع فإف كل مؤمن صادؽ اإلٯتاف يرفضها كيأباىا‪ ،‬كال ٯتكن لو أف ٯتارسها أك‬
‫يتغاضى عنها أك يقبلها‪ ،‬كأف يعلم أف أىل التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيُت ال يرضوف عنها كال يوافقوف عليها‪،‬‬
‫كال ٯتكن أف تصدر منهم‪.‬‬

‫‪ -‬كما ظهر من بدع من بعض ا‪١‬تتصوفة‪ ،‬فإ‪٪‬تا ظهر من ا‪١‬تريدين ا‪١‬تتأخرين منهم الذين دل يتقيدكا‬
‫بشيوخهم ا‪ٟ‬تقيقيُت من أىل التصوؼ كالطرؽ الصوفية ا‪١‬تؤصلة‪ ،‬كىذا يدعو أف ال ينكر التصوؼ‬
‫كأىلو ‪ٚ‬تلة كتفصيبلن‪ ،‬كإ‪٪‬تا تنكر أعماؿ ىؤالء ا‪١‬تبتدعُت ا‪ٞ‬تهلة‪.‬‬

‫أصل ُب الدين فإهنا تع ٌد بدعة حسنة ال ييع ىارض أىلها كييًتكوف كشأهنم‪.‬‬
‫‪ -‬كإف كجد للبدعة ه‬
‫‪  ‬‬

‫‪- 81 -‬‬
‫ثالثاً‪ -‬التصوف الفلسفي‬
‫(وهو مرفوض ومردود عند أهل التصوف الحقيقيين )‬

‫‪ -‬كىو التصوؼ الذم تأثر بالفلسفات القدٯتة من يونانية أك ركمانية أك فارسية أك ىندية أك‬
‫غَتىا‪ ،‬كظهر على دعاهتا ا‪٨‬تراؼ ُب العقيدة أك التعاليم اإلسبلمية‪ ،‬كأىم ىذه اال‪٨‬ترافات أقوا‪٢‬تم‬
‫ُب كحدة الوجود كا‪ٟ‬تلوؿ كاالٖتاد‪ ،‬فهم يتصوركف ُب كحدة الوجود إٖتاد ا‪ٟ‬تق با‪٠‬تلق‪ ،‬كأف ال‬
‫شيء ُب ىذا الوجود إال ا‪ٟ‬تق‪ ،‬كأف الكل ىو كأنو ىو الكل‪ ،‬كأنو عُت األشياء‪ ،‬ففي كل شيء لو‬
‫كفر كزندقة كىو أشد ضبللة من أباطيل اليهود‬
‫آية تدؿ على أنو عينو‪ ،‬كىذا ال شك فيو ه‬
‫كالنصارل كعبدة األكثاف‪.‬‬

‫‪ -‬كاإلٯتاف ا‪ٟ‬تقيقي عند كل مسلم ىو اعتقاده‪( :‬أف كجود اهلل ‪ ‬ذاٌب‪ ،‬أم ال تأثَت لغَته بو‪ ،‬إذ‬
‫أف اهلل تعاذل ىو األكؿ فليس قبلو شيء‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ ‪ « :‬ىكا ىف اللوي ىكىدلٍ يى يك ٍن ىش ٍيءه ىغٍيػيرهي»(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬أما كجود ا‪١‬توجودات فهو حاصل من إ‪٬‬تاد اهلل ‪٢ ‬تا‪ ،‬كمستمر بإمداد اهلل تعاذل ‪٢‬تا بالوجود‪،‬‬
‫كلو انقطع اإلمداد لعادت عدمان‪.‬‬

‫‪ -‬كعليو فمن نظر إذل ا‪١‬توجد ا‪١‬تمد سبحانو كتعاذل رآه ىو ا‪١‬توجود حقيقة‪ ،‬كمن الحظ اإلمداد‬
‫رأل األشياء عدمان لواله سبحانو‪ ،‬فوجودىا ليس ذاتيان كوجود اهلل ‪ ،‬كلذلك قالوا‪ :‬الوجود‬
‫ا‪ٟ‬تقيقي كاحد كىو اهلل سبحانو كتعاذل‪ ،‬ككجود غَته ال يشابو كجوده) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬عن أيب ىريرة ‪ ‬أف رسوؿ اهلل ‪ ‬قاؿ‪:‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن عمراف بن حصُت‪.‬‬


‫(ِ)الشيخ يوسف خطار‪٤ :‬تمد ا‪١‬توسوعة اليوسفية‪ ،‬صّْٓ‪.‬‬
‫‪- 81 -‬‬
‫(ُ)‪.‬‬ ‫يد أىالى يكل ىشي وء ما خبلى اللو ب ً‬
‫اط هل»‬ ‫اعر ىكلًمةي لىبً و‬
‫« أىص ىد يؽ ىكلًم وة قىا ى‪٢‬تا الش ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى‬ ‫ي ى‬ ‫ى ى‬ ‫ٍ‬
‫‪ -‬كأما القائلوف با‪ٟ‬تلوؿ كاالٖتاد فهم يعتقدكف أف اهلل سبحانو كتعاذل قد حل ُب ‪ٚ‬تيع أجزاء‬
‫الكوف ُب البحار كا‪ٞ‬تباؿ كالصخور ك األشجار كاإلنساف كا‪ٟ‬تيواف‪...‬اخل أك ٔتعٌت أف ا‪١‬تخلوؽ‬
‫عُت ا‪٠‬تالق فكل ا‪١‬توجودات احملسوسة كا‪١‬تشاىدة ُب ىذا الكوف ىي ذات اهلل تعاذل كعينو‪ ،‬تعاذل‬
‫اهلل عن ذلك علوان كبَتان‪ ،‬كال شك أف ىذا القوؿ كفر صريح ٮتالف عقيدة اإلسبلـ كشرعو‪.‬‬

‫‪ -‬ينبغي للمسلم أف يعلم أف ىذه األفكار مرفوضة من كجهة النظر اإلسبلمية‪ ،‬كال ٯتكن ألم‬
‫مسلم قبو‪٢‬تا لتصادمها مع مبدأ تنزيو البارم فهو ا‪٠‬تالق ‪ٞ‬تميع ا‪١‬تخلوقات‪ ،‬كا‪١‬تبدع ‪٢‬تا من العدـ‪.‬‬

‫‪ -‬كعليو أف يعلم أف ىذه األفكار إف ثبتت على مدعيها كدل تكن مدسوسة عليهم ال ٯتكن قبو‪٢‬تا‬
‫على أهنا من التصوؼ‪ ،‬فالتصوؼ برمء منها‪ ،‬كال عبلقة لو هبا ألهنا تتصادـ مع اعتقاد ا‪١‬تسلم‬
‫الذم جاءت بو الشريعة اإلسبلمية‪.‬‬

‫ب إذل كثَت من علماء التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيُت مثل ىذه األقواؿ كىم منها براء فهي‬ ‫‪ -‬كلقد ني ً‬
‫س‬
‫ى‬
‫مدسوسة عليهم من أعدائهم أك أف كبلمهم دل يقصدكا بو ما فهمو أعداؤىم‪ ،‬ككثَت منهم دافع‬
‫عن نفسو با‪ٟ‬تقيقة كأظهر اعتقاده ا‪ٟ‬تق‪ ،‬فقد قاؿ الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن عريب‪( :‬تعاذل ا‪ٟ‬تق أف‬
‫ٖتلو ا‪ٟ‬توادث أك ٭تلها‪ .‬كقاؿ ُب عقيدتو الوسطى أعلم أف اهلل تعاذل كاحد باإل‪ٚ‬تاع كمقاـ الواحد‬
‫يتعاذل أف ٭تل فيو شيء أك ٭تل ىو ُب شيء أك يتحد ُب شيء) (ِ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) ‪٤‬تيي الدين بن عريب‪ :‬الفتوحات ا‪١‬تكية ُب العقيدة الصغرل‪.‬‬
‫‪- 82 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ُب باب األسرار‪( :‬ال ‪٬‬توز لعارؼ أف يقوؿ‪ :‬أنا اهلل كلو بلغ أقصى درجات القرب‬
‫كحاشا العارؼ من ىذا القوؿ حاشاه إ‪٪‬تا يقوؿ‪ :‬أنا العبد الذليل ُب ا‪١‬تسَت كا‪١‬تقيل) (ُ)‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب قاؿ‪( :‬من قاؿ با‪ٟ‬تلوؿ فهو معلوؿ فإف القوؿ با‪ٟ‬تلوؿ مرض ال يزكؿ‪ ،‬كما قاؿ باالٖتاد إال‬
‫أىل اإل‪ٟ‬تاد‪ ،‬كما أف القائل با‪ٟ‬تلوؿ من أىل ا‪ٞ‬تهل كالفضوؿ) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كأما قوؿ أيب يزيد البسطامي ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬سبحاين ما أعظم شاين) فهو ُب معرض ا‪ٟ‬تكاية عن‬
‫اهلل‪ ،‬كليس عن نفسو‪ ،‬ككذلك قوؿ من قاؿ‪( :‬أنا ا‪ٟ‬تق) ‪٤‬تموؿ على ا‪ٟ‬تكاية أيضان‪ ،‬كال يظن‬
‫هبؤالء العارفُت ا‪ٟ‬تلوؿ كاالٖتاد‪ ،‬كذلك غَت مظنوف بعاقل فضبلن عن ا‪١‬تتميزين ٓتصوص‬
‫ا‪١‬تكاشفات كاليقُت كا‪١‬تشاىدات‪.‬‬

‫‪ -‬كما أ‪ٚ‬تل إنصاؼ ابن تيمية أثناء توضيحو لكبلـ السادة الصوفية ُب ىذا الشأف كالدفاع عنهم‬
‫فقد قاؿ ما نصو ‪:‬‬

‫(كأما ما كرد من كبلـ علماء السادة الصوفية ُب كتبهم ‪٦‬تا يفيد ظاىرة ا‪ٟ‬تلوؿ كاالٖتاد فهو إما‬
‫مدسوس عليهم بدليل ما سبق من صريح كبلمهم ُب نفي ىذه العقيدة الضالة‪ ،‬كإما دل يقصدكا‬
‫بو القوؿ هبذه العقيدة الضالة‪ ،‬كلكن ا‪١‬تغرضُت ‪ٛ‬تلوا ا‪١‬تتشابو من كبلمهم على ىذا الفهم ا‪٠‬تاطئ‬
‫كرموىم بالكفر كالضبلؿ‪ ،‬أما العلماء ا‪١‬تنصفوف فقد فهموا كبلمهم على معناه الصحيح ا‪١‬توافق‬
‫لعقيدة أىل السنة كا‪ٞ‬تماعة‪ ،‬كأكلوه ٔتا يبلئم ما كرد عنهم من نصوص صحيحة موافقة لعقيدة‬
‫أىل السنة كا‪ٞ‬تماعة‪.‬‬

‫‪ -‬كمن ىذا القبيل قوؿ ابن تيمية ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل‪ :‬كأما قوؿ الشاعر ُب شعره‪:‬‬

‫(ُ)ا‪١‬تصدر السابق‪.‬‬
‫(ِ) ا‪١‬تصدر نفسو كما ُب اليواقيت كا‪ٞ‬تواىر جػ ػ ػُ صَٖ‪.ُٖ-‬‬
‫‪- 83 -‬‬
‫كمن أىول أنا‬ ‫أنا من أىول‬

‫فهذا إ‪٪‬تا أراد بو الشاعر االٖتاد ا‪١‬تعنوم كاٖتاد أحد احملبُت باآلخر الذم ٭تب أحد‪٫‬تا ما ٭تبو‬
‫اآلخر‪ ،‬كيبغض ما يبغضو‪ ،‬كيقوؿ مثلما يقوؿ‪ ،‬كيفعل مثلما يفعل‪ ،‬كىذا تشابو ك٘تاثل ال اٖتاد‬
‫العُت بالعُت إذا كاف قد استغرؽ ُب ‪٤‬تبوبو‪ ،‬حىت فٍت بو عن رؤية نفسو‪ ،‬كقوؿ اآلخر‪:‬‬

‫فظننت أنك أين‬ ‫غبت بك عٍت‬

‫فهذه ا‪١‬توافقة ىي االٖتاد السائغ) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ ابن تيمية ر‪ٛ‬تو اهلل ُب تربئة السادة الصوفية من ىذه التهمة الباطلة ما نصو‪:‬‬

‫(ليس أحد من أىل ا‪١‬تعرفة باهلل يعتقد حلوؿ الرب بو أك بغَته من ا‪١‬تخلوقات‪ ،‬كال اٖتاده بو‪ ،‬كإف‬
‫‪ٝ‬تع شيء من ذلك منقوؿ عن بعض أكابر الشيوخ فكثَت منو مكذكب‪ ،‬اختلقو األفاكوف من‬
‫االٖتادية اإلباحية الذين أضلهم الشيطاف‪ ،‬كأ‪ٟ‬تقهم بالطائفة النصرانية) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ أيضان‪( :‬كل ا‪١‬تشايخ الذين يقتدل هبم ُب الدين متفقوف على ما اتفق عليو سلف األمة‬
‫كأئمتها من أف ا‪٠‬تالق سبحانو مباين للمخلوقات‪ ،‬كليس ُب ‪٥‬تلوقاتو شيء من ذاتو‪ ،‬كال ُب ذاتو‬
‫شيء من ‪٥‬تلوقاتو‪ ،‬كأنو ‪٬‬تب إفراد القدًن عن ا‪ٟ‬تادث‪ ،‬ك٘تيز ا‪٠‬تالق عن ا‪١‬تخلوؽ‪ ،‬كىذا ُب‬
‫كبلمهم أكثر من أف ٯتكن ذكره ىنا) (ّ)‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب ىذا ا‪١‬توضوع البد أف نشَت إذل موضوع جانيب يتعلق بو‪ ،‬كيتحدث بو أىل التصوؼ‪ ،‬كىو‬
‫موضوع (الشطح)‪.‬‬

‫(ُ) ‪٣‬تموع رسائل ابن تيمية صٔٓ‪.‬‬


‫(ِ) ‪٣‬تموع الفتاكل جزء ُُ صْٕ كٕٓ‪.‬‬
‫(ّ) ‪٣‬تموع الفتاكل جزء ِ صِِّ‪.‬‬
‫‪- 84 -‬‬
‫الشطح‬
‫الشطح في اللغة‪ :‬ىو ا‪ٟ‬تركة‪ ،‬يقاؿ‪ :‬ىشطى ىح يى ٍشطى يح إذا ٖترؾ‪.‬‬

‫‪ -‬أال ترل أف ا‪١‬تاء الكثَت إذا جرل ُب هنر ضيق ففاض من حافتيو‪ ،‬يقاؿ‪ :‬شطح ا‪١‬تاء ُب النهر‪.‬‬
‫‪ -‬الشطح عند أىل التصوؼ‪ :‬عبارة عن كلمات تصدر من بعض الصوفية بعبارات مستغربة ُب‬
‫كصف و‬
‫كجد (شعور نفسي) فاض بقوتو كىاج بشدة غليانو ككىجو ُب حالة الغيبوبة كغلبة شهود‬
‫اهلل تعاذل عليهم ْتيث ال يشعركف حينئذ بغَت ا‪ٟ‬تق‪ ،‬كىذه الكلمات لو صدرت عنو كعقلو معو‬
‫ألنكرىا‪ ،‬كىذه ا‪ٟ‬تالة غَت ‪٤‬تمودة عند الصوفيُت‪.‬‬
‫‪ -‬كمن الذين ذكر عنهم الشطحات أبو يزيد البسطامي كا‪ٟ‬تبلج ك‪٤‬تيي الدين بن عريب‪.‬‬
‫‪ -‬كمع أف ىؤالء الرجاؿ من ا‪١‬تتصوفة قد أنكركا ما نسب إليهم ُب ىذا ا‪١‬توضوع‪.‬‬
‫أك أهنم فسركا شطحاهتم ٔتا يدفع التهم عنهم‪( ،‬فقد نقل عن بن عريب أنو قاؿ‪:‬‬
‫كم ذا أراه كال يراين‬ ‫يا من يراين كال أراه‬
‫فلما ‪ٝ‬تع بعض أصحابو ىذا البيت قاؿ لو‪ :‬كيف تراه كال يراؾ‪ ،‬فأجاب مرٕتبلن ُب لباقة عجيبة‪:‬‬
‫كال أراه آخذان‬ ‫يا من يراين ‪٣‬ترمان‬
‫كال يراين الئذان (ُ)‪.)ِ( ).‬‬ ‫كم ذا أراه منعمان‬
‫‪ -‬لكن بعض ا‪١‬تعاصرين ‪٢‬تم كا‪١‬تنكرين قد اهتموىم بالزندقة كالكفر‪ ،‬كقاموا بتجييش العلماء‬
‫كا‪ٟ‬تكاـ عليهم ‪٦‬تا أدل إذل قتل بعضهم على أقوا‪٢‬تم تلك‪.‬‬
‫‪ -‬كلكن ا‪١‬تنصفُت كاحملبُت ‪٢‬تم عللوا أقوا‪٢‬تم كفسركىا ٔتا يبعد الزندقة كالكفر عنهم‪.‬‬

‫(ُ) الئذان ىنا‪ٔ :‬تعٌت مراكغان كمنكران‪ ،‬أم‪ :‬يسًت علي تقصَتم كنقصي كيسا‪٤‬تٍت‪.‬‬
‫(ِ) موسوعة الًتاث اإلنسانية‪ ،‬إصدار كزارة الثقافة ا‪١‬تصرية‪ ،‬جزءُ صُٔٓ‪.‬‬
‫‪- 85 -‬‬
‫‪ -‬فمنهم من عد أف ىذه الشطحات قد دست عليهم من أجل اإليقاع هبم‪ ،‬فبل ٯتكن ‪٢‬تؤالء‬
‫الرجاؿ أصحاب اإلٯتاف كالتقول كالعلم كالزىد أف يقع منهم مثل ىذه الكلمات‪.‬‬
‫‪ -‬كمنهم من قاؿ‪ :‬إف الشطحات يعفى عنها ألىل األحواؿ كا‪١‬تواجيد الصحيحة كما حصل مع‬
‫الرجل الذم أضل راحلتو ُب الصحراء كعليها طعامو كشرابو كمتاعو‪ ،‬كعندما كجدىا أصابو حاؿ‬
‫سركر‪ ،‬فأخطأ من شدة فرحو‪.‬‬
‫وب إًلىٍي ًو ًم ٍن‬ ‫ً ًً ً‬ ‫وؿ الل ًو ‪ « :‬لىلوي أ ى‬ ‫س ب ًن مالً و‬
‫ىشد فىػىر نحا بًتىػ ٍوبىة ىعٍبده ح ى‬
‫ُت يىػتي ي‬ ‫اؿ ىر يس ي‬
‫اؿ‪ ،‬قى ى‬ ‫ك قى ى‬ ‫فعن أىنى ً ٍ ى‬
‫س ًمٍنػ ىها فىأىتىى ىش ىجىرةن‬ ‫ت ًمٍنوي ك ىعلىٍيػها طى ىعاموي ك ىشرابوي فىأىيً‬ ‫ى‬‫ت‬‫ى‬‫ل‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫ػ‬
‫ٍ‬‫ن‬ ‫ا‬‫ف‬
‫ى‬ ‫ض فىبلىةو‬ ‫أىح ًد يكم ىكا ىف علىى ر ً‬
‫احلىتً ًو بًأ ٍىر ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى ٍ‬
‫ىخ ىذ ًًٓتطى ًام ىها يٍب‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ك إً ىذا يى ىو هبىا قىائ ىمةن عٍن ىدهي فىأ ى‬‫احلىتً ًو فىػبىػٍيػنىا يى ىو ىك ىذل ى‬‫اضطىجع ًُب ًظلها قى ٍد أىيًس ًمن ر ً‬
‫ى ٍى‬ ‫ى‬ ‫فى ٍ ى ى‬
‫ىخطىأى ًم ٍن ًشدةً الٍ ىفىرًح »(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قى ى ً ً ً‬
‫ك‪.‬أ ٍ‬‫ت ىعٍبدم ىكأىنىا ىرب ى‬ ‫اؿ‪ :‬م ٍن شدة الٍ ىفىرًح الل يهم أىنٍ ى‬
‫‪ -‬كُب اإل‪ٚ‬تاؿ‪ :‬فإف أىل التصوؼ ا‪ٟ‬تقيقيُت من العلماء العاملُت‪ ،‬كا‪١‬تربُت ا‪١‬ترشدين‪ ،‬كأىل اهلل‬
‫الصادقُت‪ ،‬ينبهوف بل كيشددكف على أف العادل ‪٬‬تب أال يظهر منو أم كبلـ أك ألفاظ ٗتالف‬
‫الشريعة‪ ،‬كلو دل يقصد ذلك‪ ،‬بل عليو أف يكوف كبلمو ك‪ٚ‬تيع ألفاظو مقيدة بالشريعة‪ ،‬كال حاجة‬
‫لكبلـ كألفاظ ٖتتمل أكثر من معٌت‪ ،‬أك لو مفهوـ كمقصود غامض ال يفهمو كل الناس‪ ،‬ك٭تتاج‬
‫إذل تأكيل كتفسَت كتوضيح‪ ،‬كذلك حىت ال ٮتوض الناس ُب مثل ىذا ا‪١‬توضوع من جهة‪ ،‬كحىت ال‬
‫ندع اجملاؿ ألعداء التصوؼ للطعن ك‪٤‬تاربة ىذا الطريق ا‪١‬ترشد إذل اهلل ‪ ‬كإذل اتباع القرآف‬
‫كالسنة ا‪١‬تطهرة من أجل تعميق اإلٯتاف‪ ،‬كتزكية النفس‪ ،‬كتطهَت الركح‪ ،‬كطمأنينة القلب‪ ،‬كانشراح‬
‫الصدر‪ ،‬كالذم ‪٨‬تن ُب أشد ا‪ٟ‬تاجة إليو ُب ىذا الزماف العصيب‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫‪- 86 -‬‬
‫الباب الثالث‪:‬‬
‫السلوك في طريق التصوف‬
‫ٔ‪ -‬البحث عن العالم المربي‪ ,‬والمرشد المزكي و النتساب إليو و‬
‫مصاحبتو و اللتزام بإرشاداتو و توجيهاتو‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬مصاحبة عباد اهلل الصالحين وأوليائو المقربين‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬أداء الفرائض بكمالها و التقرب إلى اهلل بنوافلها‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬اإلكثار من ذكر اهلل في كل األحوال مع الصالة على النبي ‪.‬‬

‫٘‪ -‬السعي على سالمة القلب و صالحو‬

‫‪ -ٙ‬التزام المقامات واألحوال التي تُـبَـلغُوُ الطريق وتدلو عليو‪.‬‬

‫‪- 87 -‬‬
‫السلوك في طريق التصوف‬
‫‪ -‬يقوؿ اإلماـ القشَتم ٖتت عنواف الشريعة كا‪ٟ‬تقيقة‪( :‬الشريعة أمر بالتزاـ العبودية‪ ،‬كا‪ٟ‬تقيقة‬
‫مشاىدة الربوبية(ُ)‪ ،‬ككل شريعة غَت مؤيدة با‪ٟ‬تقيقة فأمرىا غَت مقبوؿ‪ ،‬ككل حقيقة غَت مقيدة‬
‫بالشريعة فأمرىا غَت ‪٤‬تصوؿ‪.‬‬

‫كالشريعة جاءت بتكليف من ا‪٠‬تالق‪ ،‬كا‪ٟ‬تقيقة أنباء عن تصريف ا‪ٟ‬تق‪ ،‬فالشريعة أف تعبده‪،‬‬
‫كا‪ٟ‬تقيقة أف تشهده‪ ،‬كالشريعة قياـ ٔتا أمر‪ ،‬كا‪ٟ‬تقيقة شهود ‪١‬تا قضى كقدر‪ ،‬كأخفى كأظهر‪.‬‬
‫(ِ)‬
‫ر‪ٛ‬تو اهلل يقوؿ‪( :‬إياؾ نعبد) حفظ للشريعة‪ ،‬ك(إياؾ نستعُت) إقرار‬ ‫‪ٝ‬تعت أبا علي الدقاؽ‬
‫با‪ٟ‬تقيقة‪.‬‬

‫كاعلم أف الشريعة حقيقة من حيث إهنا كجبت بأمره‪ ،‬كا‪ٟ‬تقيقة أيضان شريعة من حيث إ ٌف‬
‫ا‪١‬تعارؼ(ّ) بو سبحانو أيضان كجبت بأمره)(ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬فبعد األْتاث النظرية عن علم التصوؼ كما يتعلق بو‪ ،‬كاف البد من دراسة حقائق التصوؼ؟‬
‫ككيف ٯتكن سلوؾ طريقو؟ كىذا أىم شيء ‪٬‬تب أف يبحث عنو من أراد التعرؼ حقان على طريق‬
‫أىل التصوؼ الذين ىم أىل اهلل ‪ ‬كخاصتو‪ ،‬كأىل الصفاء كالنقاء‪ ،‬كأىل الوالية كالعرفاف‪،‬‬

‫(ُ) مشاىدة الربوبية‪ :‬أم رؤيتها بالقلب‪ ،‬كيعرب عن ذلك بأف الشريعة معرفة السلوؾ إذل اهلل تعاذل‪،‬‬
‫كا‪ٟ‬تقيقة دكاـ النظر إليو‪ ،‬كالطريقة سلوؾ طريق الشريعة أم العمل ٔتقتضاىا‪.‬‬
‫(ِ) أبو علي الدقاؽ‪ :‬ىو ا‪ٟ‬تسن بن علي بن ‪٤‬تمد الدقاؽ‪ ،‬النيسابورم الشافعي صوُب‪ ،‬فقيو‪ ،‬أصورل‪ .‬توُب‬
‫سنة (َْٓ ق‪ َُُٓ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) إف ا‪١‬تعارؼ‪ :‬أم معرفة العارفُت النفس‪.‬‬
‫(ْ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صِٖ‪..‬‬
‫‪- 88 -‬‬
‫كأىل التقى كالنقاء‪ ،‬أحباب اهلل كالدعاة إليو‪ ،‬كأىل اإلخبلص كالصدؽ مع اهلل‪ ،‬كأىل القرب‬
‫كاالستقامة‪.‬‬

‫فمن أراد أف يسلك مسلكهم‪ ،‬كأف يتتبع خطاىم كجب عليو أف يسعى للسَت ُب ‪ٜ‬تسة مطالب‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البحث عن العادل ا‪١‬تريب‪ ،‬كا‪١‬ترشد ا‪١‬تزكي كاالنتساب إليو كمصاحبتو كااللتزاـ‬
‫بإرشاداتو كتوجيهاتو‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مصاحبة عباد اهلل الصا‪ٟ‬تُت كأكليائو ا‪١‬تقربُت‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬أداء الفرائض بكما‪٢‬تا ك التقرب إذل اهلل بنوافلها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬اإلكثار من ذكر اهلل ُب كل أحوالو مع الصبلة على النيب ‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬السعي إذل سبلمة القلب كصبلحو‪.‬‬

‫المطلب السادس ‪ :‬التزاـ ا‪١‬تقامات كاألحواؿ اليت تيػبىػلغو الطريق كتدلو عليو‪.‬‬

‫‪- 89 -‬‬
‫المطلب األول‬

‫البحث عن العالم المربي‪ ,‬والمرشد المزكي‬

‫و النتساب إليو ومصاحبتو واللتزام بإرشاداتو وتوجيهاتو‪.‬‬


‫‪ -‬إف أكؿ طريق التصوؼ ‪١‬تن أراد أف يسلكو أف يبحث عن شيخ و‬
‫مرب يلتزمو حىت يشرؼ على‬
‫تربيتو‪ ،‬كيوجهو إذل الطريق ا‪١‬تستقيم‪ ،‬كىذا البد منو لكل سالك أم طريق ُب ىذه ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬فمن‬
‫أراد أف يكوف ‪٧‬تاران البد أف يكوف لو معلم‪ ،‬ككذلك ىم ٍن أراد أف يكوف حدادان أك طالبان أم صنعة‬
‫أخرل فبلبد أف يكوف لو معلم ككذلك من أراد أف يتعلم أم علم فبلب ٌد أف يكوف لو معلم‪ ،‬فمن‬
‫أراد أف يتقن علم الطب أك ا‪٢‬تندسة أك غَت ذلك فبلب ٌد من معلم كأستاذ يتقن ىذا العلم أك ذاؾ‪،‬‬
‫ككل مطلب ُب ىذه ا‪ٟ‬تياة البد ‪١‬تن أراد أف يسلك مسلكو ‪٦‬تن يدلو على الطريق كيرشده إذل‬
‫الصواب‪ ،‬كىذا أمر بديهي‪ ،‬فكيف ٔتن أراد أف يسلك طريق اهلل ‪ ‬طريق الصبلح كالفبلح‪،‬‬
‫طريق ا‪ٟ‬تياة كالنجاح‪ ،‬كىو أعظم طريق كأشرفو‪ ،‬فبلبد لسالكو من مرشد و‬
‫كمرب كعارؼ باهلل يدلو‬
‫على الطريق‪ ،‬كيساعده على سلوكو‪ ،‬يشَت سبحانو كتعاذل إذل ذلك بقولو‪:‬‬

‫ﮋﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ‬

‫ﯩ ﯪﯫﯬﯭﮊ(ُ)ىذه اآلية تشَت إذل أف اإلٯتاف البد لو ‪٦‬تن يدعو إليو حىت‬
‫يؤمن الناس‪ ،‬أم البد من و‬
‫مرب كمرشد كمعلم يوضح للناس الطريق ‪٨‬تو اإلٯتاف باهلل كيعلمهم كل‬
‫ما يتعلق هبذا الطريق حىت يبلغوا حقيقة ىذا الطريق علمان كفهمان كتطبيقان كسلوكان‪.‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ُّٗ :‬‬


‫‪- 91 -‬‬
‫‪ -‬ك‪٢‬تذا اختار اهلل ‪ ‬النيب ‪٤‬تمدان ‪ ‬ليكوف نيب ىذه األمة فوجهو كعلمو كأدبو بواسطة الوحي‬
‫عن طريق جربيل‪.‬‬
‫‪ -‬كلقد كاف النيب ‪ ‬ا‪١‬ترشد كا‪١‬تريب كا‪١‬توجو للصحابة الكراـ‪.‬‬
‫‪ -‬ككذلك كاف كل صحايب أستاذة كمربيان للتابعُت‪ ،‬ككاف التابعوف أستاذة ‪١‬تن تبعهم كىكذا‬
‫انتقلت العلوـ إلينا بفضل العلماء‪ ،‬الذين ‪ٛ‬تلوه إلينا‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪:‬‬
‫ىخ ىذ ًْتى ٍّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ظ‬ ‫« ىكإًف الٍعيلى ىماءى ىكىرثىةي األىنٍبًيىاء ىكإًف األىنٍبًيىاءى ىدلٍ يػي ىورثيوا دينى نارا ىكالى د ٍرى‪٫‬تنا ىكرثيوا الٍع ٍل ىم فى ىم ٍن أ ى‬
‫ىخ ىذهي أ ى‬
‫ىكافً ور»(ُ)‪.‬‬
‫(ِ)‬
‫‪ -‬كىذه سنة من سنن اهلل ُب خلقو‪ ،‬فقد قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭶﭷﭸﮊ‬
‫فدلت ىذه اآلية على أف قضية ا‪١‬تعلم ا‪٢‬تادم كالدليل ا‪١‬ترشد ضركرية لزكمية طبعان كشرعان‪ ،‬كمن‬
‫ىنا أرسل اهلل الرسل مبشرين كمنذرين كىادين كمعلمُت كمرشدين‪ ،‬كمن ىنا جاء أمر اهلل باٗتاذ‬
‫القدكة الصا‪ٟ‬تة فقاؿ سبحانو‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﮊ‬
‫‪ -‬فكاف النيب ‪ ‬ا‪١‬تريب األكؿ للمؤمنُت كلفو اهلل ‪ ‬هبذه ا‪١‬تهمة فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮﯯﯰﯱ‬
‫(ْ)‬
‫ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﮊ‬

‫‪ -‬كعندما ذكر اهلل أ‪٪‬تاطان من أىل القدكة الصا‪ٟ‬تة الداعية إليو تعاذل‪ ،‬قاؿ لرسولو‪:‬‬

‫(ُ) أخرجو أبو داكد ُب سننو عن أيب الدرداء ‪.‬‬


‫(ِ) سورة الرعد‪ٕ:‬‬
‫(ّ) سورة األحزاب‪ُِ:‬‬
‫(ْ) سورة آؿ عمراف‪.ُْٔ:‬‬
‫‪- 91 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﮊ‬

‫‪ -‬من ىنا نرل أف اٗتاذ الشيخ العادل ا‪١‬تريب كاجب أل ٌف ما ال يتم الواجب إال بو‪ ،‬فهو كاجب‬
‫ثابت كما رأيت عقبلن كطبعان كشرعان مؤيٌ هد بالواقع العلمي كالعملي كالتارٮتي‪ ،‬كقد أشار اهلل‬
‫كىو ه‬
‫سبحانو كتعاذل إذل أ‪٫‬تية القدكة كا‪١‬ترشد بآيات كثَتة منها قولو تعاذل‪:‬‬

‫(ِ)‬
‫ﮋ ﮤﮥﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮊ‬

‫‪ -‬كقولو ‪ :‬ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ‬
‫(ّ)‬

‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقولو سبحانو كتعاذل‪ :‬ﮋﮃﮄﮅﮆﮇﮊ‬

‫‪ -‬إف ا‪١‬تناىج الًتبوية ‪ٚ‬تيعان‪ ،‬كُب كل ‪٣‬تاالت الًتبية كالتعليم ٖتتم كجود معلم كمتعلم فكيف ٔتن‬
‫أراد أف يسلك طريق معرفة اهلل تعاذل كالوصوؿ إليو‪ ،‬كىو غاية كجود اإلنساف ُب ىذه الدنيا اليت‬
‫(ٓ)‬
‫ح ٌددىا اهلل سبحانو كتعاذل بقولو‪ :‬ﮋﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﮊ‬

‫قاؿ ‪٣‬تاىد ‪ :‬إال ليعرفوين (ٔ)‪.‬‬


‫‪ -‬كمعرفة أم شيء البد ‪٢‬تا من معر و‬
‫ؼ‪ ،‬فكيف ٔتعرفة اهلل ‪.‬‬

‫(ُ) سورة األنعاـ‪َٗ:‬‬


‫(ِ) سورة األنبياء‪ٕ:‬‬
‫(ّ) سورة لقماف‪ُٓ:‬‬
‫(ْ) سورة الفرقاف‪ٓٗ:‬‬
‫(ٓ) سورة الذاريات‪ٓٔ :‬‬
‫(ٔ)تفسَت القرطيب‪.‬‬
‫‪- 92 -‬‬
‫‪ -‬قاؿ الشيخ أبو حامد الغزارل‪( :‬٭تتاج ا‪١‬تريد إذل شيخ كأستاذ يقتدم بو ال ‪٤‬تالة ليهديو سواء‬
‫السبيل‪ ،‬فإف سبيل الدين غامض‪ ،‬كسبل الشيطاف كثَتة ظاىرة‪ ،‬فمن دل يكن لو شيخ يهديو قاده‬
‫الشيطاف إذل طرقو ال ‪٤‬تالة‪ ،‬فمن ىسلك يسلك البوادم ا‪١‬تهلكة بغَت خفَت فقد خاطر بنفسو‬
‫كأىلكها‪ ،‬كيكوف ا‪١‬تستقل بنفسو كالشجرة اليت تنبت بنفسها‪ ،‬فإهنا ٕتف على القرب‪ ،‬كإف بقيت‬
‫مدة كأكرقت دل تثمر‪ ،‬فمعتصم ا‪١‬تريد شيخو فليتمسك بو) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ أيضان مؤكدان على اتباع ا‪١‬ترشد‪( :‬فما ‪٬‬تب ُب حق سالك طريق ا‪ٟ‬تق أف يكوف لو مرشد‬
‫و‬
‫كمرب ليدلو على الطريق‪ ،‬كيرفع عنو األخبلؽ ا‪١‬تذمومة‪ ،‬كيضع مكاهنا األخبلؽ احملمودة‪ ،‬كمعٌت‬
‫الًتبية أف يكوف ا‪١‬تريب كالزارع الذم يريب الزرع‪ ،‬فكلما رأل حجران أك نباتان مضران بالزرع قلعو‬
‫كطرحو خارجان‪ ،‬كيسقي الزرع مراران إذل أف ينمو كيًتىب‪ ،‬ليكوف أحسن من غَته‪ ،‬كإذا علمت أف‬
‫الزرع ‪٤‬تتاج للمريب علمت أنو البد للسالك من مرشد البتة ألف اهلل تعاذل أرسل الرسل عليهم‬
‫الصبلة كالسبلـ للخلق ليكونوا أدالء ‪٢‬تم كيرشدكىم إذل الطريق ا‪١‬تستقيم‪ ،‬كقبل انتقاؿ ا‪١‬تصطفى‬
‫عليو الصبلة كالسبلـ إذل الدار اآلخرة قد جعل ا‪٠‬تلفاء الراشدين نوابان عنو ليدلوا ا‪٠‬تلق إذل طريق‬
‫اهلل‪ ،‬كىكذا إذل يوـ القيامة‪ ،‬فالسالك ال يستغٍت عن ا‪١‬ترشد البتة) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ اإلماـ ابن عطاء اهلل السكندرم‪( :‬كينبغي ‪١‬تن عزـ على االسًتشاد كسلوؾ طريق الرشاد‬
‫أف يبحث عن شيخ من أىل التحقيق سالكان للطريق‪ ،‬تاركان ‪٢‬تواه‪ ،‬راسخ القدـ ُب خدمة مواله‪،‬‬
‫فإذا كجده فليمتثل ما أمر‪ ،‬ك ً‬
‫لينتو عما هنى عنو كزجر) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جػّ صٓٔ‪.‬‬


‫(ِ) أبو حامد الغزارل‪ :‬خبلصة التصانيف ُب التصوؼ صُٖ‪.‬‬
‫(ّ) تاج الدين بن عطاء اهلل السكندرم‪ :‬مفتاح الفبلح ُب ذكر الكرًن الفتاح صَّ‪.‬‬
‫‪- 93 -‬‬
‫‪ -‬فبلبد إذا للمسلم الذم يريد أف يسلك طريق التصوؼ‪ ،‬طريق معرفة اهلل ‪ ‬من أف يبحث‬
‫عن ىذا العادل الذم من أىم شركطو أف يكوف عا‪١‬تان بكتاب اهلل كسنة رسولو كبعلوـ الشريعة‬
‫كآداهبا‪ ،‬كعلوـ السلوؾ كمدارجو‪ ،‬كينبغي أف يكوف موصوفان بصفات أىل العلم الصادقُت‬
‫كا‪١‬تخلًصُت كا‪١‬تخلىصُت‪ ،‬كاألتقياء الورعُت‪ ،‬كاألكلياء ا‪١‬تقربُت‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ -‬كقد ٖتدث الشيخ األكرب بن عريب قدس اهلل سره عن ىؤالء ا‪١‬تربُت فقاؿ‪:‬‬

‫(الشيوخ نواب ا‪ٟ‬تق ُب العادل كالرسل عليهم الصبلة كالسبلـ بزماهنم‪ ،‬بل ىم الورثة الذين كرثوا‬
‫علم الشرائع عن األنبياء عليهم السبلـ غَت أهنم ال يشرعوف فلهم رضي اهلل عنهم حفظ الشريعة‬
‫ُب العموـ كليس ‪٢‬تم التشريع‪ ،‬ك‪٢‬تم حفظ القلوب‪ ،‬كمراعاة اآلداب ُب ا‪٠‬تصوص‪ ،‬كىم من‬
‫العلماء باهلل ٔتنزلة الطبيب‪.‬‬

‫كالشيوخ ىم العارفوف بالكتاب كالسنة‪ ،‬قائلوف هبا ُب ظواىرىم‪ ،‬متحققوف هبا ُب سرائرىم‪ ،‬راعوف‬
‫حدكد اهلل تعاذل‪ ،‬كيوفوف بعهد اهلل ‪ ،‬قائموف ٔتراسم الشريعة ال يتأكلوف ُب الورع‪ ،‬آخذكف‬
‫باالحتياط‪٣ ،‬تانبوف ألىل التخليط‪ ،‬مشفقوف على األمة‪ ،‬ال ٯتقتوف أحدان من العصاة‪ ،‬٭تبوف ما‬
‫أحب اهلل‪ ،‬كيبغضوف ما أبغض اهلل‪ ،‬يأمركف با‪١‬تعركؼ كينهوف عن ا‪١‬تنكر اجملمع عليو‪ ،‬يسارعوف‬
‫ُب ا‪٠‬تَتات‪ ،‬كيعفوف عن الناس‪ ،‬كيوقركف الكبَت‪ ،‬كير‪ٛ‬توف الصغَت‪ ،‬ٯتيطوف األذل عن الطريق‪،‬‬
‫طريق اهلل كطريق الناس‪ ،‬يؤدكف حقوؽ الناس يربكف عباد اهلل‪ ،‬ىينوف لينوف‪ ،‬ر‪ٛ‬تاء بُت خلق‬
‫اهلل)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬وقد يسأل سائل كيف الوصول إلى ىذا العارف باهلل والهادي إليو؟ وكيف الىتداء إليو‬
‫والوصول إلى معرفتو؟ وما ىي شروطو وأوصافو؟‬

‫(ُ) أبو سعيد التونسي‪ :‬حقيقة الصوفية صِٗ‪.‬‬


‫‪- 94 -‬‬
‫‪ -‬إف أفضل من أجاب على ىذا السؤاؿ فضيلة الشيخ عبد القادر عيسى ر‪ٛ‬تو اهلل فقاؿ (ُ)‪:‬‬

‫(حُت يشعر الطالب ْتاجتو إليو كشعور ا‪١‬تريض ْتاجتو إذل الطبيب‪ ،‬عليو أف يصدؽ العزـ‪،‬‬
‫كيصحح النية‪ ،‬كيتجو إذل اهلل تعاذل بقلب ضارع منكسر‪ ،‬يناديو ُب جوؼ الليل‪ ،‬كيدعوه ُب‬
‫سجوده كأعقاب صبلتو‪ :‬اللهم دلٍت على من يدلٍت عليك‪ ،‬كأكصلٍت إذل من يوصلٍت إليك‬

‫‪ -‬كعليو أف يبحث ُب بلده‪ ،‬كيفتش كيسأؿ عن ا‪١‬ترشد بدقة كانتباه غَت ملتفت ‪١‬تا يشيعو بعضهم‬
‫من فقد ا‪١‬ترشد ا‪١‬تريب ُب ىذا الزماف‪.‬‬

‫‪ -‬فإذا دل ‪٬‬تد أحدان ُب مدينتو فليبحث عنو ُب مدف أخرل‪ ،‬أال ترل ا‪١‬تريض يسافر إذل بلدة ثانية‬
‫للتداكم إذا دل ‪٬‬تد الطبيب ا‪١‬تختص‪ ،‬أك حُت يعجز أطباء مدينتو عن تشخيص دائو‪ ،‬كمعرفة‬
‫دكائو‪.‬‬

‫‪ -‬كمداكاة األركاح ٖتتاج إذل أطباء أمهر من أطباء األجساـ‪.‬‬

‫وللمرشد شروط لبد منها حتى يتأىل إلرشاد الناس وىي أربعة‪:‬‬

‫ُ‪ -‬أف يكوف عا‪١‬تان بالفرائض العينية‪.‬‬

‫ِ‪ -‬أف يكوف عارفان باهلل تعاذل‪.‬‬

‫ّ‪ -‬أف يكوف خبَتان بطرائق تزكية النفوس‪ ،‬ككسائل تربيتها‪.‬‬

‫ْ‪ -‬أف يكوف مأذكنان باإلرشاد من شيخو‪.‬‬

‫(ُ) عبد القادر عيسى‪ :‬حقائق عن التصوؼ صٖٔ كما بعدىا‪.‬‬


‫‪- 95 -‬‬
‫ٔ‪ -‬أما الشرط األول فينبغي أن يكون المرشد عالماً بالفرائض العينية‪ :‬كأحكاـ الصبلة‬
‫كالصوـ كالزكاة‪ ،‬كأحكاـ ا‪١‬تعامبلت كالبيوع ‪...‬اخل ‪ ،‬كأف يكوف عا‪١‬تان بعقيدة أىل السنة كا‪ٞ‬تماعة‬
‫بالتوحيد‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬وأما الشرط الثاني فينبغي أن يتحقق المرشد بعقيدة أىل السنة عمالً وذوقاً بعد أن‬
‫عرفها علماً ودراية‪ ،‬فيشهد ُب قلبو كركحو صحتها‪ ،‬كيشهد أف اهلل تعاذل كاح هد ُب ذاتو‪ ،‬كاح هد‬
‫ُب أفعالو‪ ،‬كيتعرؼ على أ‪ٝ‬تاء اهلل تعاذل ذكقان كشهودان‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬وأما الشرط الثالث فالبد أن يكون قد زكى نفسو على يد ٍ‬


‫مرب ومرشد فخبىػىر مراتب‬
‫النفس كأمراضها ككساكسها‪ ،‬كعرؼ أساليب الشيطاف كمداخلو كآفات كل مرحلة من مراحل‬
‫السَت‪ ،‬كطرائق معا‪ٞ‬تة كل ذلك ٔتا يبلئم حالة كل شخص كأكضاعو‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬وأما الشرط الرابع فالبد للمرشد أن يكون قد أجيز من شيخو بهذه التربية وىذا‬
‫السير‪ ,‬فمن دل يشهد لو االختصاصيوف بعلم يدعيو‪ ،‬ال ٭تق لو أف يتصدر فيو‪....‬‬

‫ين فىانٍظييركا ىعم ٍن تىأٍ يخ يذك ىف ًدينى يك ٍم)(ُ)‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬


‫‪ -‬قاؿ ابن سَتين ر‪ٛ‬تو اهلل ‪( :‬إف ىى ىذا الٍع ٍل ىم د ه‬
‫‪ -‬كقد أكصى رسوؿ اهلل ‪ ‬ابن عمر رضي اهلل عنهما بذلك فقاؿ‪« :‬يا ابن عمر ال يغرنك ما‬
‫سبق ألبويك من قبلي فإف العبد لو جاء يوـ القيامة با‪ٟ‬تسنات كأمثاؿ ا‪ٞ‬تباؿ الركاسي ظن أنو ال‬
‫ينجو من أىواؿ ذلك اليوـ يا ابن عمر دينك دينك إ‪٪‬تا ىو ‪ٟ‬تمك كدمك فانظر عمن تأخذ خذ‬
‫عن الذين استقاموا كال تأخذ عن الذين مالوا» (ِ)‪.‬‬
‫‪ٍ -‬ب اعلم أف من عبلمات ا‪١‬ترشد أموران ٯتكن مبلحظتها‪:‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو ابن عدم عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪- 96 -‬‬
‫‪ ‬منها‪ :‬أنك إذا جالستو تشعر بنفحة إٯتانية‪ ،‬كنشوة ركحية‪ ،‬ال يتكلم إال باهلل‪ ،‬كال ينطق‬
‫إال ٓتَت‪ ،‬كال يتحدث إال ٔتوعظة أك نصيحة‪ ،‬تستفيد من صحبتو كما تستفيد من كبلمو‪،‬‬
‫تنتفع من قربو كما تنتفع من بعده‪ ،‬تستفيد من ‪ٟ‬تظو كما تستفيد من لفظو‪.‬‬

‫‪ ‬ومنها‪ :‬أف تبلحظ ُب إخوانو كمريديو صور اإلٯتاف كاإلخبلص‪ ،‬كالتقول كالتواضع‪ ،‬كتتذكر‬
‫خوة ا‪٠‬تالصة‪ ،‬كىكذا يعرؼ‬ ‫كأنت ٗتالطهم ا‪١‬تثل العليا من ا‪ٟ‬تب‪ ،‬كالصدؽ كاإليثار‪ ،‬كاأل ٌ‬
‫الطبيب ا‪١‬تاىر بآثاره كنتائج جهوده‪ ،‬حيث ترل ا‪١‬ترضى الذين شفوا بإذف اهلل على يديو‪،‬‬
‫كٗترجوا من مصحو بأكفر قوة‪ ،‬كأًب عافية‪.‬‬

‫علمان أف كثرة ا‪١‬تريدين كالتبلميذ كقلتهم ليس مقياسان كحيدان‪ ،‬كإ‪٪‬تا العربة بصبلح ىؤالء ا‪١‬تريدين‬
‫كتقواىم‪ ،‬كٗتلصهم من العيوب كاألمراض كاستقامتهم على شرع اهلل تعاذل‪.‬‬

‫‪ ‬ومنها‪ :‬أنك ترل تبلمذتو ٯتثلوف ‪٥‬تتلف طبقات األمة‪ ،‬كىكذا كاف أصحاب رسوؿ اهلل‬
‫فالظفر بو يدفع الطالب للتمسك بو‪ ،‬كالتزاـ ‪٣‬تالسو‪ ،‬كالتأدب معو‪ ،‬كالعمل بنصحو كإرشاده‬
‫ُب سبيل الفوز بسعادة الدارين) (ُ)‪.‬‬

‫وؿ الل ًو‪ ،‬أىم يجلى ىسائًنىا‬


‫فقيل‪ :‬يىا ىر يس ى‬
‫‪ -‬كُب ىذا ا‪١‬توضوع للنيب ‪ ‬توجيو عظيم‪ ،‬فقد سئل النيب ‪ ‬ى‬
‫اؿ‪« :‬من ذىكريكم اللو رٍؤيػتيو ‪ ،‬كزاد ًُب عً ٍل ًم يكم مٍن ًط يقو ‪ ،‬كذىكريكم بً ً‬
‫اآلخىرةً ىع ىمليوي» (ِ)‪.‬‬ ‫ٍى ي ى ى ٍ‬ ‫ىخٍيػهر ؟ قى ى ى ٍ ى ي ى ي ى ي ى ى ى‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) عبد القادر عيسى‪:‬حقائق عن التصوؼ‪ :‬صٖٔ كما بعدىا‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أبو يعلى ُب مسنده عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪- 97 -‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫مصاحبة عباد اهلل الصالحين وأوليائو المقربين‬


‫‪ -‬البد ‪١‬تن أراد أف يسلك طريق التصوؼ من الصحبة‪ ،‬كا‪١‬تقصود بالصحبة البحث عن‬
‫األصحاب الذين يسلكوف ىذا الطريق‪ ،‬كيسَتكف مع ا‪١‬تريب بصدؽ كإخبلص‪ ،‬ليصحبهم كينتفع‬
‫بصحبتهم‪ ،‬فيتعلم منهم ما ينقصو من أمور الدين كالدنيا‪ ،‬كٯتارس معهم ما تعلمو‪ ،‬كيرل فيهم‬
‫النموذج ا‪ٟ‬تي ‪١‬تا يتعلمو‪ ،‬ينصحونو تارة‪ ،‬كيبادلونو عواطفو كحياتو تارة أخرل‪ ،‬كيشاركونو ُب فرحو‬
‫كمسراتو‪ ،‬كُب آالمو كامتحاناتو‪.‬‬

‫‪ -‬كللصحبة أثر كبَت ُب الًتبية كالتزكية‪ ،‬لذلك أمر اهلل ‪ ‬ا‪١‬تؤمنُت ٔتصاحبة الصا‪ٟ‬تُت‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫‪ -‬فقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ‬

‫‪ -‬بل أمر اهلل ‪ ‬أف يصرب ا‪١‬تؤمن نفسو مع األصحاب‪ ،‬كأال يبتعد عنهم أك يزىد فيهم‪ ،‬كما‬

‫أمر سبحانو باالبتعاد عن أصحاب السوء‪ :‬ﮋﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗ‬

‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬
‫(ِ)‬
‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﮊ‬

‫‪ -‬كبُت اهلل ‪ ‬ما سيؤكؿ إليو األمر يوـ القيامة ‪١‬تن ابتعد عن صحبة الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كصاحب أىل‬
‫السوء‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫(ُ) سورة التوبة‪ُُٗ:‬‬


‫(ِ) سورة الكهف‪ِٖ:‬‬
‫‪- 98 -‬‬
‫ﮋﮗﮘﮙ ﮚﮛﮜ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥ ﮦ‬

‫ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵‬
‫(ُ)‬
‫﮶ﮊ‬

‫‪ -‬كٖتدث سبحانو عن نتائج الصحبة يوـ القيامة فقاؿ‪:‬‬

‫(ِ)‬
‫ﮋﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ‬

‫كما لفت النيب ‪ ‬األنظار إذل أثر الصاحب على صاحبو منبهان إذل أ‪٫‬تية البحث عن الصاحب‬
‫ً ً ًً‬
‫التقي فقد ركل أبو ىريرة ‪ ‬أف النيب ‪ ‬قاؿ‪ « :‬الر يج يل ىعلىى دي ًن ىخليلو فىػ ٍليىػٍنظيٍر أ ى‬
‫ىح يد يك ٍم ىم ٍن‬
‫يٮتىالً يل »(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد حذر النيب ‪ ‬من قرناء السوء فقاؿ‪« :‬إياؾ كقرين السوء فإنك بو تعرؼ» (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ اإلماـ علي ‪ ‬٭تث على مصاحبة التقي كاالبتعاد عن الدينء(ٓ)‪:‬‬

‫ب‬
‫فصحبة أىل ا‪٠‬تَت ترجػى كتطلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ي‬ ‫كصاحب تقيان عا‪١‬تان تنتف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػع ب ػ ػ ػو‬

‫رب‬
‫فصحبتهم تع ػ ػ ػ ػ ػ ػدم كذاؾ ‪٣‬ت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ي‬ ‫كإياؾ كالفسػ ػ ػ ػاؽ ال تصحبنه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػم‬

‫‪ -‬كقاؿ أيضان كرـ اهلل كجهو‪:‬‬

‫(ُ) سورة الفرقاف‪ِٗ-ِٕ:‬‬


‫(ِ) سورة الزخرؼ‪ٕٔ:‬‬
‫(ّ) أخرجو أبو داكد كالًتمذم‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ابن عساكر عن أنس بن مالك‪.‬‬
‫(ٓ) السفاريٍت‪ :‬غذاء األلباب ُب شرح منظومة اآلداب‪ ،‬جزءْ‪ ،‬صٓٔ‪.‬‬
‫‪- 99 -‬‬
‫األجرب‬
‫ي‬ ‫الصحيح‬
‫ى‬ ‫يعدم كما يعدم‬ ‫كاحذر يم ىؤاخاة الدنػ ػ ػ ػ ػ ػػيء فإن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو‬

‫إف القري ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن إذل ا‪١‬تقارف ينس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػب‬ ‫كاخًت صديقك كاصطفيو تفاخرا‬

‫‪ -‬كقاؿ أيضان كرـ اهلل كجهو منبهان من ضرر مصاحبة ا‪ٞ‬تهاؿ(ُ)‪:‬‬

‫كإي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاؾ كإيػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاهي‬ ‫فبل تصحب أخا ا‪ٞ‬ته ػ ػ ػ ًػل‬

‫حليمان حُت آخػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاهي‬ ‫فكم من جاىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػل أردل‬

‫إذا مػ ػ ػ ػ ػ ػا ا‪١‬ترء ماش ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاهي‬ ‫يقاس ا‪١‬تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرء با‪١‬ت ػػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرًء‬

‫مقػ ػ ػ ػ ػاييس كأشب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاه‬ ‫كللشيء من الشػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػيء‬

‫دليل حي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن يلق ػػػ ػ ػ ػاه‬


‫ه‬ ‫كللقلب على القلػ ػ ػ ػ ػ ػػب‬

‫‪ -‬كقاؿ عدم بن زيد متحدثان عن طريقة انتقاء األصحاب(ِ)‪:‬‬


‫كال تصح ػػب األردل فًتدل مع الردم‬ ‫إذا كنت ُب قوـ فصاحب خيارىم‬
‫فكػ ػ ػ ػ ػل قري ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن با‪١‬تقػ ػ ػارف يقت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػدم‬ ‫عن ا‪١‬ترء ال تسأؿ كسل عن قرينػ ػ ػ ػ ػو‬
‫كإف كاف ذا خػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػَت فق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاربو تقت ػ ػدم‬ ‫فإف كاف ذا شر فجانبػ ػ ػ ػ ػ ػو سرع ػ ػ ػ ػ ػ ػػة‬
‫‪ -‬كما ميز النيب ‪ ‬بُت ا‪ٞ‬تليس الصاحل كا‪ٞ‬تليس السوء كأثر كل منهما فقاؿ ‪:‬‬
‫ك إًما أى ٍف‬ ‫ك كنىافً ًخ الٍ ًك ًَت فىح ًامل الٍ ًمس ً‬ ‫ً ً ً ً‬ ‫ا‪ٞ‬تىلً ً‬
‫يس الصالً ًح ىك ٍ‬ ‫ا‪ٞ‬تىلً ً‬ ‫« إً‪٪‬تىا ىمثى يل ٍ‬
‫ى ي ٍ‬ ‫يس الس ٍوء ىك ىحام ًل الٍم ٍس ى‬
‫ك ىكإًما أى ٍف ىًٕت ىد‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اع ًمٍنوي ىكإًما أى ٍف ىًٕت ىد ًمٍنوي ًر٭تنا طىيبىةن ىكنىاف يخ الٍ ًك ًَت إًما أى ٍف يٍ٭ت ًر ىؽ ثًيىابى ى‬
‫ك ىكإًما أى ٍف تىػٍبتى ى‬
‫يٍ٭تذيى ى‬
‫ًر٭تنا ىخبًيثىةن»(ّ)‪.‬‬

‫(ُ) ابن عبد ربو األندلسي‪ :‬العقد الفريد صُٕٗ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬تاكردم‪ :‬أدب الدنيا الدين صَِٔ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب موسى ‪.‬‬
‫‪- 111 -‬‬
‫‪ -‬كينبغي لسالك طريق الصوفية أف ٭تب أصحابو السالكُت ‪٢‬تذا الطريق ففي ‪٤‬تبتهم ‪٬‬تد حبلكة‬
‫ث ىم ٍن يكن فً ًيو ىك ىج ىد ىحبلىىكةى‬ ‫اإلٯتاف‪ ،‬كقد ركل أنس بن مالك ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنو قاؿ‪ « :‬ثىبلى ه‬
‫ىحب إًلىٍي ًو ً‪٦‬تا ًس ىو يا‪٫‬تىا ‪ ،‬ىكأى ٍف يً٭تب الٍ ىمٍرءى الى يً٭تبوي إًال لًل ًو ‪ ،‬ىكأى ٍف يى ٍكىرىه‬ ‫ً‬
‫ا ًإلٯتىاف أى ٍف يى يكو ىف اللوي ىكىر يسوليوي أ ى‬
‫ؼ ًُب النا ًر »(ُ) ‪.‬‬
‫ود ًُب الٍ يك ٍف ًر ىك ىما يى ٍكىرهي أى ٍف يػي ٍق ىذ ى‬
‫أى ٍف يىػعي ى‬
‫‪ -‬كما ينبغي ‪٢‬تذا ا‪١‬تسلم أف يستقيم على صحبتهم كتفقد أحوا‪٢‬تم كزيارهتم ككل ذلك مدعاة‬
‫و‬
‫ص ىد‬ ‫ىخا لىوي ًُب قىػٍريىة أ ٍ‬
‫يخىرل فىأ ٍىر ى‬ ‫حملبة اهلل لو‪ ،‬فقد ركل أبو ىريرة ‪ ‬عن النيب ‪ « :‬أىف ىر يجبلن ىز ىار أ ن‬
‫اؿ ىى ٍل‬ ‫ىخا ًرل ًُب ىى ًذهً الٍ ىقٍريىًة‪ .‬قى ى‬ ‫يد أ ن‬‫اؿ أيًر ي‬ ‫اللوي لىوي ىعلىى ىم ٍد ىر ىجتً ًو ىملى نكا فىػلىما أىتىى ىعلىٍي ًو قى ى‬
‫اؿ أىيٍ ىن تيًر ي‬
‫يد قى ى‬
‫ك بًأىف اللوى‬ ‫وؿ الل ًو إًلىٍي ى‬ ‫اؿ فىًإين ىر يس ي‬‫ىحبىٍبتيوي ًُب الل ًو ‪ .‬قى ى‬ ‫اؿ‪ :‬الى ىغٍيػىر أىين أ ٍ‬ ‫ك ىعلىٍي ًو ًم ٍن نً ٍع ىم وة تىػيربػ ىها قى ى‬ ‫لى ى‬
‫ىحبىٍبتىوي فً ًيو »(ِ)‪.‬‬‫ك ىك ىما أ ٍ‬ ‫ىحب ى‬ ‫قى ٍد أ ى‬
‫و ً‬ ‫ً‬
‫ىخا لىوي ًُب اللو نى ىاداهي يمنىاد أى ٍف طٍب ى‬
‫ت‬ ‫‪ -‬كعنو ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬ىم ٍن ىع ىاد ىم ًر ن‬
‫يضا أ ٍىك ىز ىار أ ن‬
‫ا‪ٞ‬تىن ًة ىمٍن ًزالن »(ّ)‪.‬‬
‫ت ًم ىن ٍ‬
‫اؾ ىكتىػبىػوأٍ ى‬
‫اب ‪٦‬تىٍ ىش ى‬
‫ىكطى ى‬
‫‪ -‬ىذا كإف أثر الصحبة الصا‪ٟ‬تة ال ينتهي ُب الدنيا كإ‪٪‬تا ٯتتد إذل اآلخرة فا‪١‬تتصاحبوف ُب اهلل ‪‬‬
‫ُب ظل اهلل يوـ ال ظل إال ظلو‪.‬‬

‫‪ -‬فقد ركل أبو ىريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قاؿ‪ «:‬ىسٍبػ ىعةه يي ًظل يه يم اللوي ًُب ًظل ًو يىػ ٍوىـ الى ًظل إًال ًظلوي»‬
‫اجتى ىم ىعا ىعلىٍي ًو ىكتىػ ىفرقىا ىعلىٍي ًو»(ْ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كذكر منهم « ىكىر يجبلىف ىٖتىابا ًُب اللو ٍ‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الًتمذم ُب سننو‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 111 -‬‬
‫وؿ يىػ ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة أىيٍ ىن الٍ يمتى ىحابو ىف ًّتىبلىًرل الٍيىػ ٍوىـ‬
‫‪ -‬كعنو أيضان قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬إًف اللوى يىػ يق ي‬
‫يظل يه ٍم ُب ًظلي يػى ٍوىـ الى ًظل إًال ًظلي»(ُ)‪.‬‬
‫أً‬

‫‪ -‬كقد بُت النيب ‪ ‬مكانة الصحبة الصادقة ُب اهلل ‪ ‬كىي مكانة يغبطهم عليها األنبياء‬
‫كالشهداء يوـ القيامة‪ ،‬فقد ركل عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬أف النيب ‪ ‬قاؿ‪ «( :‬إًف ًم ٍن ًعبى ًاد الل ًو‬
‫اذل»‪.‬‬ ‫ألينىاسان ىما يى ٍم بًأىنٍبًيىاءى ىكالى يش ىه ىداءى يىػ ٍغبًطي يه يم األىنٍبًيىاءي ىكالش ىه ىداءي يىػ ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة ًٔتى ىكاهنًً ٍم ًم ىن الل ًو تىػ ىع ى‬
‫كح الل ًو ىعلىى ىغ ًٍَت أ ٍىر ىح واـ بىػٍيػنىػ يه ٍم ىكالى‬ ‫اؿ‪ « :‬يى ٍم قىػ ٍوهـ ىٖتىابوا بًير ً‬ ‫وؿ الل ًو يٗتًٍربينىا ىم ٍن يى ٍم‪ .‬قى ى‬ ‫قىاليوا يىا ىر يس ى‬
‫اس ىكالى ىٍ٭تىزنيو ىف‬ ‫الن‬ ‫اؼ‬
‫ى‬ ‫خ‬‫ى‬ ‫ا‬ ‫ذ‬
‫ى‬ ‫وى يهم لىنيور كإًنػ يهم ىعلىى نيوور الى ىٮتىافيو ىف إً‬ ‫ى‬ ‫ج‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫أ ٍىمو واؿ يػتىػ ىعاطىونػى ىها فىػو الل ًو إً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى ى ٍ ى‬
‫اس»‪ .‬ىكقىػىرأى ىى ًذهً اآليىةى‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫ً ً‬
‫إ ىذا ىحز ىف الن ي‬
‫ﭚﮊ(ِ))(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬من كل ما مر معنا سابقان ‪٧‬تد أنو البد للمسلم الذم أراد أف يسلك طريق التصوؼ‪ ،‬طريق‬
‫أىل اهلل ‪ ،‬من أف يبحث عن ىؤالء األصحاب كيصاحبهم كيسَت معهم ُب ىذا الطريق‪،‬‬
‫ليكونوا لو عونان على سلوكو بصدؽ كإخبلص كاستقامة‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) سورة يونس‪.ِٔ:‬‬
‫(ّ) أخرجو أبو داكد ُب سننو‪.‬‬
‫‪- 112 -‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫أداء الفرائض بكمالها و التقرب إلى اهلل بنوافلها‬

‫‪ -‬التقرب إذل اهلل بأداء الفرائض بكما‪٢‬تا كالتقرب إذل اهلل بنوافلها ىي من أىم كاجبات السالك‬
‫لطريق التصوؼ‪ ،‬طريق التزكية كاإلحساف‪ ،‬كذلك ٖتقيقان ‪١‬تا ركل أبو ىريرة ‪ ‬قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ‬
‫ىحب‬ ‫ب‪ ،‬كما تىػ ىقر ً ً ً و‬ ‫اؿ من ىع ىادل ًرل كلًيًّا فىػ ىق ٍد آ ىذنٍػتيوي بً ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ب إ ىذل ىعٍبدم ب ىش ٍيء أ ى‬ ‫ى‬ ‫ا‪ٟ‬تىٍر ى ى‬ ‫ى‬ ‫اهلل ‪ « :‬إف اللوى قى ى ى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت ى‪ٝ‬تٍ ىعوي‬ ‫ب إً ىذل بًالنػ ىواف ًل ىحىت أيحبوي ‪ ،‬فىًإذىا أ ٍ‬
‫ىحبىٍبتيوي يكٍن ي‬ ‫ت ىعلىٍيو‪ ،‬ىكىما يىػىز ياؿ ىعٍبدم يىػتىػ ىقر ي‬‫ضي‬ ‫إً ىرل ‪٦‬تا افٍػتىػىر ٍ‬
‫ش ًهبىا ىكًر ٍجلىوي ال ًيت ٯتىٍ ًشي ًهبىا ‪ ،‬ىكإً ٍف ىسأىلىًٍت‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صىرهي الذم يػيٍبصير بًو ‪ ،‬ىكيى ىدهي ال ًيت يػىٍبطي ي‬ ‫الذم يى ٍس ىم يع بًو ‪ ،‬ىكبى ى‬
‫س الٍ يم ٍؤًم ًن ‪،‬‬‫ت ىع ٍن ىشي وء أىنىا فىاعًليوي تىػىرد ًدم ىع ٍن نىػ ٍف ً‬ ‫ً‬
‫استىػ ىعا ىذًين أليعي ىذنوي ‪ ،‬ىكىما تىػىرد ٍد ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أل ٍيعطيىػنوي ‪ ،‬ىكلىئ ًن ٍ‬
‫ٍ‬
‫ت ىكأىنىا أى ٍكىرهي ىم ىساءىتىوي » (ُ)‪.‬‬
‫يى ٍكىرهي الٍ ىم ٍو ى‬

‫‪ُ -‬ب ىذا ا‪ٟ‬تديث عدة إشارات منها أف العبد إذا أدل الفرائض كالنوافل بكما‪٢‬تا ك٘تامها أصبح‬
‫مواليان هلل كأصبح اهلل كليان لو يدافع عنو فإف عاداه أحد حاربو اهلل كمن حاربو اهلل قصمو‪.‬‬

‫‪ -‬كمنها أف التقرب إذل اهلل ‪ ‬يكوف على مقامُت ككل مقاـ لو منازؿ متفاكتة‪ ،‬كدرجات‬
‫متعددة‪ ،‬فهناؾ مقاـ قرب الفرائض كىو ا‪١‬تطلوب أكالن كىذا القرب أحب شيء إذل اهلل ‪‬‬
‫كذلك بأف يؤدم العبد ‪ٚ‬تيع فرائض اهلل تعاذل عليو كما أكجبو عليو كاملة من غَت و‬
‫نقص‪ ،‬كيدخل‬
‫ُب ذلك ترؾ ‪ٚ‬تيع احملرمات‪.‬‬
‫‪ -‬كىناؾ مقاـ قرب النوافل اليت تؤدم إذل حب اهلل ‪١‬تن أداىا فإذا أحبو اهلل ‪ ‬أ‪٢‬تمو اهلل أال‬
‫يسمع كال يبصر إال ما ٭تبو اهلل كال يستعمل يده كال رجلو إال ُب طاعة اهلل عند ذلك يناؿ‬
‫اإلجابة عند سؤاؿ اهلل كدعائو كإف استعاذ اهلل ‪٦‬تا يكره أعاذه كإف أراد شيئان حقق طلبو كأملو‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫‪- 113 -‬‬
‫‪ -‬كالفرائض كثَتةه ليست فقط الفرائض ا‪٠‬تمس اليت ذيكرت ُب حديث النيب ‪:‬‬

‫وؿ الل ًو‪ ،‬ىكإًقى ًاـ الصبلىةً‪ ،‬ىكإًيتى ًاء‬


‫س ىش ىه ىادةً أى ٍف الى إًلىوى إًال اللوي ىكأىف ي‪٤‬تىم ندا ىر يس ي‬‫«بيًٍت ا ًإل ٍسبلى يـ ىعلىى ‪ٜ‬تىٍ و‬
‫ى‬
‫ضا ىف» (ُ)‪.‬‬ ‫ا‪ٟ‬تج ‪ ،‬ك ً‬ ‫ً‬
‫ص ٍوـ ىرىم ى‬
‫الزىكاة‪ ،‬ىك ٍى ى ى‬
‫‪ -‬فهذه الفرائض ا‪٠‬تمس ىي أىم الفركض اإلسبلمية كأكجبها كىي متعينة األداء على كل‬
‫يمكلف ك‪٬‬تب عند أدائها أف تؤدل بكما‪٢‬تا كأركاهنا ككاجباهتا كٓتشوعها كما يرتبط هبا من أمور‬
‫متعددة كي يكوف أداؤىا كامبلن كما ٭تب اهلل كيرضى لذلك ‪٬‬تب تعلم فقهها بشكل كامل‬
‫صحيح كأداؤىا بشكل كامل تاـ‪ ،‬كما ‪٬‬تب الوصوؿ هبا إذل الغايات اليت تتحقق بأدائها‪.‬‬

‫‪ -‬كأكؿ أركاف اإلسبلـ الشهادتاف‪( :‬أشهد أف ال إلو إال اهلل كأشهد أف ‪٤‬تمدان رسوؿ اهلل) فالنطق‬
‫بالشهادتُت ىو أكؿ كاجب على كل مسلم مكلف‪ ،‬كىذه الكلمة ىي عنواف اإلسبلـ اجمليد‪،‬‬
‫كىي بعينها نور اإلٯتاف كآية التوحيد‪ ،‬ك‪٬‬تب أداؤىا بإخبلصها‪ ،‬فقد ركل زيد بن أرقم قاؿ‪ ،‬قاؿ‬
‫رسوؿ اهلل ‪« :‬من قاؿ ال إلو إال اهلل ‪٥‬تلصا دخل ا‪ٞ‬تنة» قيل‪ :‬كما إخبلصها قاؿ‪« :‬أف ٖتجزه‬
‫عن ‪٤‬تارـ اهلل ‪.)ِ( »‬‬

‫‪ -‬كقاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬كقوؿ ال إلو إال اهلل ال يًتؾ ذنبا ‪ ،‬كال يشبهها عمل »(ّ)‪.‬‬

‫يل‪:‬‬‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬لذلك أمرنا النيب ‪ ‬أف ‪٧‬تدد إٯتاننا باإلكثار من ذكرىا‪ ،‬فقاؿ ‪ « :‬ىجد يدكا إٍٯتىانى يك ٍم»‪ .‬ق ى‬
‫اؿ‪« :‬أى ٍكثًيركا ًم ٍن قىػ ٍوًؿ الى إًلىوى إًال اللوي »(ْ)‪.‬‬
‫ف ي‪٧‬تىد يد إًٯتىانىػنىا قى ى‬ ‫يا رس ى ً‬
‫وؿ اللو ىكىكٍي ى‬ ‫ى ىي‬
‫‪ -‬كال يدخل ا‪ٞ‬تنة إال من ملك ا‪١‬تفتاح ك قد بُت النيب ‪ ‬حقيقة ىذا ا‪١‬تفتاح فقاؿ‪:‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الطرباين ُب األكسط عن زيد بن األرقم ‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب مستدركو عن أـ ىانئ رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو أ‪ٛ‬تد عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫‪- 114 -‬‬
‫اح ا ٍ‪ٞ‬تىن ًة ىش ىه ىادةي أىف الى إًلىوى إًال اللوي»(ُ) ‪.‬‬
‫«م ٍفتى ي‬
‫‪ -‬كقيل لوىب بن منبو(ِ)‪( :‬أليس ال إلو إال اهلل مفتاح ا‪ٞ‬تنة ؟ قاؿ بلى كلكن ليس مفتاح إال لو‬
‫أسناف(ّ) فإف جئت ٔتفتاح لو أسناف فتح لك كإال دل يفتح لك) (ْ) ‪.‬‬

‫كالركن الثاين لئلسبلـ ىي فريضة الصبلة اليت ‪٬‬تب أف تؤدل بأركاهنا ك شركطها ك ‪٬‬تب‬
‫احملافظة عليها ُب أكقاهتا كخاصة مع ا‪ٞ‬تماعة ك أال تيؤخر أك يهتمل ك أف ٖتقق قوؿ اهلل‬
‫‪ : ‬ﮋﯠ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ‬
‫(ٓ)‬
‫ﯮﯯﯰﯱﯲﮊ‬

‫صبلتيوي ىع ًن الٍ ىف ٍح ىش ًاء ىكالٍ يمٍن ىك ًر‪ ،‬ىدلٍ يىػٍزىد ٍد ًم ىن الل ًو‬
‫‪ -‬كأف ٖتقق أيضان قوؿ النيب ‪ ( : ‬ىم ٍن ىدلٍ تىػٍنػ ىهوي ى‬
‫إًال بػي ٍع ندا)(ٔ)‪.‬‬

‫ص ٍّل يصلي إ‪٪‬تا أتقبل الصبلة ‪٦‬تن‬


‫‪ -‬كقولو ‪ُ ‬ب ا‪ٟ‬تديث القدسي‪( :‬قاؿ اهلل تعاذل ليس كل يم ى‬
‫تواضع لعظميت ككف شهواتو عن ‪٤‬تارمي كدل يصر على معصييت كأطعم ا‪ٞ‬تائع ككسا العرياف كرحم‬
‫ا‪١‬تصاب كآكل الغريب كل ذلك رل كعزٌب كجبلرل إف نور كجهو ألضوأي عندم من نور الشمس‬

‫(ُ)أخرجو أ‪ٛ‬تد عن معاذ ‪.‬‬


‫(ِ)كىب بن منبو‪ :‬أبو عبد اهلل كىب بن منبو االبناكم الصنعاين‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬كثَت األخبار عن الكتب القدٯتة‪،‬‬
‫عادل بأساطَت األكلُت كالسيما اإلسرائيليات‪ ،‬يعد ُب التابعُت‪ ،‬أصلو من أبناء الفرس الذين بعث هبم كسرل‬
‫إذل اليمن‪ .‬كلد كمات بصنعاء سنة (ُُْق‪ِّٕ/‬ـ) ككاله عمر بن عبد العزيز قضاءىا‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ)( لو أسناف ‪ ) . .‬أم كأسناف ىذا ا‪١‬تفتاح فعل ما أمر اهلل تعاذل بو كترؾ ما هنى اهلل عنو‪.‬‬
‫(ْ)ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬جامع العلوـ كا‪ٟ‬تكم بشرح ‪ٜ‬تسُت حديثا من جوامع الكلم‪.‬‬
‫(ٓ)سورة العنكبوت‪.ْٓ :‬‬
‫(ٔ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪- 115 -‬‬
‫على أف أجعل ا‪ٞ‬تهالة لو حلمان كالظلمة نوران يدعوين فألبيو كيسألٍت فأعطيو كيقسم علي فأبره‬
‫أكلؤه بقوٌب كأستحفظو مبلئكيت مثلو عندم كمثل الفردكس ال يتسٌت ‪ٙ‬ترىا كال يتغَت حا‪٢‬تا)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك القوؿ ُب الصوـ ‪٬‬تب أف يؤدل ٔتا كجو إليو القرآف كالسنة بكمالو ك٘تامو كمقصده‬
‫كغايتو ليحصل ا‪١‬تطلوب كالفائدة ا‪١‬ترجوة منو يبُت ذلك قوؿ اهلل ‪:‬‬

‫ﮋ ﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯ‬

‫ﭰ ﭱ ﮊ(ِ) فأىم غاية مرجوة من الصياـ أف يصل اإلنساف إذل كماؿ التقول‪.‬‬

‫اجةه ًُب‬ ‫‪ -‬كذلك يبُت النيب ‪ ‬ذلك ُب قولو‪ « :‬من ىدل ي ىد ٍع قىػوىؿ الزكًر كالٍعمل بًًو فىػلىي ً ً‬
‫س للو ىح ى‬
‫ٍ ى‬ ‫ى ىى ى‬ ‫ىٍ ٍى ٍ‬
‫ع طى ىع ىاموي ىك ىشىرابىوي »(ّ) ‪.‬‬
‫أى ٍف يى ىد ى‬
‫ث‪ .‬فىًإ ٍف‬ ‫ب فىػ ىق ٍط‪ .‬إً‪٪‬تىا الصياـ ًمن الل ٍغ ًو كالرفى ً‬ ‫‪ -‬كقوؿ النيب ‪ «:‬لىٍيس الصياـ ًمن األى ٍك ًل كالشر ً‬
‫ى‬ ‫ىي ى‬ ‫ى ٍ‬ ‫ى ىي ى‬
‫صائً هم »(ْ)‪.‬‬ ‫صائ هم إًين ى‬
‫ك فىػ ىقل ‪ :‬إًين ً‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫ىح هد أ ٍىك ىجه ىل ىعلىٍي ى ٍ‬ ‫كأى‬ ‫ىساب ى‬
‫ش ىكيرب قىائً وم ىحظوي ًم ٍن قًيى ًام ًو الس ىهير »(ٓ)‪.‬‬ ‫ا‪ٞ‬تيوعي ىكالٍ ىعطى ي‬ ‫صائً وم ىحظوي ًم ٍن ًصيى ًام ًو ٍ‬ ‫كقولو ‪ « :‬يرب ى‬
‫وؿ الل ًو إًف ىىا يىنىا‬ ‫اؿ‪ :‬يىا ىر يس ى‬ ‫ص ىامتىا ىكأىف ىر يجبلن قى ى‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ‬أىف ٍامرأىتىػ ٍ ً‬ ‫‪ -‬ك ىعن عيبػي ود موىذل رس ً‬
‫ُت ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ىٍ ى ٍ ى ي‬
‫اؿ‬
‫ت يٍب ىع ىاد ىكأ ىيراهي قى ى‬‫ض ىعٍنوي أ ٍىك ىس ىك ى‬ ‫ىعىر ى‬‫ش‪ .‬فىأ ٍ‬ ‫ص ىامتىا ىكإًنػ يه ىما قى ٍد ىك ىادتىا أى ٍف ى٘تيوتىا ًم ىن الٍ ىعطى ً‬
‫ُت قى ٍد ى‬ ‫ٍامرأىتىػ ٍ ً‬
‫ى‬
‫اؿ‪ :‬فى ىجاءىتىا‬ ‫اؿ « ٍادعي يه ىما »‪ .‬قى ى‬ ‫اؿ يىا نىًيب الل ًو إًنػ يه ىما ىكالل ًو قى ٍد ىماتىػتىا أ ٍىك ىك ىادتىا أى ٍف ى٘تيوتىا‪ .‬قى ى‬ ‫بًا ٍ‪٢‬ت ً‬
‫اجىرةً قى ى‬ ‫ى‬
‫ص ًديدان ىك ى‪ٟ‬تٍمان ىحىت‬ ‫ت قىػٍيحان أ ٍىك ىدمان ىك ى‬
‫ًً‬
‫اؿ‪ً :‬إل ٍح ىد يا‪٫‬تىا « قيئي »‪ .‬فىػ ىقاءى ٍ‬
‫قى ى ً‬
‫اؿ‪ :‬فىجيءى بًىق ىد وح أ ٍىك عي ٍّ‬
‫س فىػ ىق ى‬

‫(ُ) أخرجو الديلمي عن حارثة بن كىب ‪ُ ‬ب جامع األحاديث‪.‬‬


‫(ِ) سورة البقرة‪.ُّٖ:‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ابن خزٯتة كابن حباف كا‪ٟ‬تاكم عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كابن خزٯتة عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫‪- 116 -‬‬
‫يط ك ىغ ًَتهً‬
‫و‬ ‫اؿ لًؤليخرل‪ « :‬قًيئًي »‪ .‬فىػ ىقاءت ًمن قىػي وح كدوـ ك ً و‬ ‫قىاء ً‬
‫صديد ىك ى‪ٟ‬تٍ وم ىعبً ى ٍ‬
‫ى ٍ ٍ ٍ ىى ى ى‬ ‫ف الٍ ىق ىد ًح يٍب قى ى ٍ ى‬ ‫ص ى‬ ‫تن ٍ‬ ‫ىٍ‬
‫ىحل اللوي ىكأىفٍطىىرتىا ىعلىى ىما ىحرىـ اللوي ‪‬‬ ‫ىت الٍ ىق ىدح يٍب قىا ىؿ‪ « :‬إًف ىىاتىػ ٍ ً‬ ‫حىت مؤل ً‬
‫ص ىامتىا ىعما أ ى‬
‫ُت ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬
‫اس »(ُ)‪.‬‬‫يخىرل فى ىج ىعلىتىا تأٍ يكبلى ًف من ي‪ٟ‬تيوـ الن ً‬‫ت إً ٍح ىد يا‪٫‬تىا إً ىذل األ ٍ‬
‫ىعلىٍي ًه ىما ىجلى ىس ٍ‬
‫‪ -‬ككذلك القوؿ ُب فريضة الزكاة كأدائها ُب كقتها ك٘تامها ككما‪٢‬تا مبتعدان عن الرياء كحب السمعة‬

‫من كال أذل كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ‬


‫يؤديها ببل ٍّ‬
‫(ِ)‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮊ‬
‫‪ -‬مع التقيد بكامل أركاهنا كآداهبا كمستحباهتا‪ ،‬ككذلك فريضة ا‪ٟ‬تج ‪٬‬تب ٖتقيق أىدافها كأركاهنا‬
‫ككاجباهتا كسننها كمستحباهتا كالتأدب بأداهبا كما قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ‬

‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ‬
‫(ّ)‬
‫ﭱﮊ‬
‫ث ىكىدلٍ يىػ ٍف يس ٍق غي ًفىر لىوي ىما تىػ ىقد ىـ ًم ٍن ىذنٍبً ًو »(ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬ككما قاؿ النيب ‪ « :‬ىم ٍن ىحج فىػلى ٍم يىػٍرفي ٍ‬

‫‪ -‬فهذه الفرائض ا‪٠‬تمس ىي أىم الفركض اإلسبلمية كأكجبها‪ ،‬كىي متعينة األداء على كل‬
‫مكلف‪ ،‬كلكن ىناؾ فركض ككاجبات إسبلمية غَتىا ‪٬‬تب أداؤىا من ذلك‪ :‬أداء حقوؽ العباد‬
‫ا‪١‬تالية كالثابتة ُب الذمة‪ ،‬أك اليت دخلت عليك من طريق غَت شرعي‪ ،‬كالعدؿ ُب ا‪١‬تبادالت ا‪١‬تالية‬
‫كا‪١‬تعامبلت دكف ظلم‪ ،‬كال ٓتس حق‪ ،‬كال غش كال تطفيف كيل‪ ،‬كال نقص كزف‪ ،‬كال تدليس‬

‫(ُ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كالبيهقي‪.‬‬


‫(ِ) سورة البقرة ‪ِِٔ:‬‬
‫(ّ) سورة البقرة ‪ُٕٗ:‬‬
‫(ْ) أخرجو الًتمذم عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫‪- 117 -‬‬
‫عيب‪ ،‬كال قوؿ كذب‪ ،‬كال خيانة أمانة‪ ،‬كال اختبلؼ ُب كعد‪ ،‬كال نقض ُب عهد‪ ،‬كال رجوع عن‬
‫عقد بعد إبرامو دكف خيار‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الواجبات إغاثة ا‪١‬تلهوؼ‪ ،‬كنصرة ا‪١‬تظلوـ‪ ،‬كإعانة الضعيف‪ ،‬كصلة الرحم‪ ،‬كرد السبلـ‪،‬‬
‫كحسن اللقاء‪ ،‬كمعاملة الناس ٓتلق حسن‪ ،‬كالنصيحة لعباد اهلل تعاذل‪ ،‬كحب ا‪٠‬تَت ‪٢‬تم كما ٖتب‬
‫لنفسك‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الواجبات‪ :‬حسن القياـ با‪ٟ‬تقوؽ الزكجية الواجبة على الزكجُت‪ ،‬كا‪١‬تبلطفة ُب ا‪١‬تعاشرة‬
‫الزكجية‪ ،‬كحسن ا‪ٞ‬توار‪ ،‬كالبعد عما يؤذيهم‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الواجبات اإلسبلمية‪ :‬بر الوالدين‪ ،‬كصلة الرحم‪ ،‬كحسن الصلة باآلخرين‪ ،‬كالوفاء معهم‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الواجبات اإلسبلمية‪ٖ :‬تسُت الظن با‪١‬تسلمُت‪ ،‬ما دل يشاىد فيهم غَت ذلك‪ ،‬كالسًت على‬
‫العصاة ا‪١‬تستًتين‪ ،‬كالنصح ‪٢‬تم مع الدعاء ‪٢‬تم بالعافية من ذنوهبم‪.‬‬

‫‪ -‬كمن ا‪ٟ‬تقوؽ الواجبة على اإلنساف حقوؽ ا‪ٟ‬تيواف كالرفق بو فبل ‪٬‬تيعو كال يوجعو‪ ،‬كال يتعبو كال‬
‫يزعجو‪ ،‬كال ٭تملو فوؽ طاقتو‪ ،‬كال يؤذيو بنفسو‪ ،‬كال ُب أكالده‪ ،‬سواء ُب ذلك البهائم كالطيور‬
‫كغَتىا‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الفركض اإلسبلمية‪ :‬إبعاد النفس عن احملرمات كىي كثَتة فمنها‪ :‬الربا كالزىن‪ ،‬كا‪٠‬تمر‬
‫كا‪١‬تيسر‪ ،‬كالغضب كالظلم‪ ،‬كشهادة الزكر كاليمُت الغموس كقوؿ الزكر‪ ،‬كانتهاؾ األعراض بالقذؼ‬
‫ك‪٨‬توه‪ ،‬كالسباب كالتعيَت ككالتفسيق كالتبديع كالتكفَت من غَت دليل قطعي ثابت شرعان‪ ،‬كتتبع‬
‫عورات الناس كزالهتم كأخطائهم كىفواهتم‪.‬‬

‫‪- 118 -‬‬


‫السب كالشتم كاللعن‪ ،‬ككشف سًت ا‪١‬تسلم‪ ،‬كالغيبة كالنميمة‪ ،‬كسوء الظن كالسخرية بعباد اهلل‬
‫كك ٌ‬
‫تعاذل‪ ،‬كاحتقارىم كالتكرب كالعجب‪ ،‬كالرياء كالسمعة‪ ،‬كالغركر كحب الظهور‪ ،‬كا‪١‬تفاخرة أك ا‪١‬تكاثرة‬
‫باألكالد كاألمواؿ‪.‬‬

‫‪ -‬كل ذلك من مقاـ قرب الفرائض أما مقاـ قرب النوافل فيجب أف نعلم أف النوافل ىي الزيادة‬
‫على الفرائض كالواجبات‪ ،‬كال تتحقق النافلة‪ ،‬كتع ٌد زيادة على الفرائض كالواجبات إال إذا كملت‬
‫للعبد فرائضو ككاجباتو كمان ككيفان‪ ،‬فتصَت الزيادة على ذلك نافلة‪.‬‬

‫‪ -‬كالنوافل تكمل نقص الفرائض‪ ،‬فقد ركل أبو ىريرة ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬إًف أىكىؿ ىما‬
‫اب ىك ىخ ًسىر فىإً ٍف‬ ‫ت فىػ ىق ٍد أىفٍػلى ىح ىكأ ٍى‪٧‬تى ىح ىكإً ٍف فى ىس ىد ٍ‬
‫ت فىػ ىق ٍد ىخ ى‬ ‫صلى ىح ٍ‬
‫ي٭تاسب بًًو الٍعب يد بً ًً‬
‫ص ىبلتو فىًإ ٍف ى‬
‫ىٍ ى‬ ‫ى ى ي‬
‫يض ًة يٍب‬ ‫اؿ انٍظيركا ىل لًعب ًدم ًمن تىطىووع فىػي ىكمل بًًو ما نىػ ىق ً‬ ‫انٍػتىػ ىقص ًمن فى ًر ً ً‬
‫ص م ٍن الٍ ىف ًر ى‬
‫ى‬ ‫ي ي ى‬ ‫ٍ‬ ‫يضتو ىش ٍيءه قى ى ي ى ٍ ىٍ‬ ‫ى ٍ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ك‪.)ُ(».‬‬‫يى يكو يف ىسائًير ىع ىمل ًو ىعلىى ىٍ‪٨‬ت ًو ىذل ى‬
‫‪ -‬كالنوافل ىي العبادات كالطاعات زيادة على الفرائض كىي أنواع متعددة‪:‬‬

‫أولً‪ -‬نوافل عملية‪ :‬كأداء نوافل الصبلة ا‪١‬تختلفة‪ ،‬مثل السنن الراتبة‪ ،‬كصبلة الضحى كقياـ‬
‫الليل كالتهجد‪ ،‬كصبلة التسابيح كصبلة ا‪ٟ‬تاجة‪ ،‬كصبلة التوبة كصبلة االستخارة‪ ،‬كالوتر‪،‬‬
‫كسجدة التبلكة كسجدة الشكر‪.‬‬

‫‪ -‬كصوـ النفل كصوـ يوـ االثنُت كا‪٠‬تميس من كل أسبوع‪ ،‬أك صياـ ثبلثة أياـ من كل شهر‪.‬‬
‫وؿ الل ًو ‪ ‬أى ٍف نىص ً‬
‫ث ىع ٍشىرىة‬ ‫وـ م ٍن الش ٍه ًر ثىىبلثىةى أىي واـ الٍبً ى‬
‫يض ثىىبل ى‬ ‫يى‬ ‫‪ -‬فعن أيب ذر ‪ ‬قاؿ‪ :‬أ ىىمىرنىا ىر يس ي‬
‫س ىع ٍشىرةى(ِ)‪.‬‬
‫ىكأ ٍىربى ىع ىع ٍشىرةى ىك‪ٜ‬تىٍ ى‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم كالنسائي كغَت‪٫‬تا‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو النسائي كابن حباف‪.‬‬
‫‪- 119 -‬‬
‫‪ -‬كصياـ ستة أياـ من شواؿ‪ ،‬عن أيب أيوب األنصارم ‪ ‬أف النيب ‪ ‬قاؿ‪ « :‬ىم ٍن ى‬
‫ص ىاـ‬
‫ضا ىف يٍب أىتٍػبػعو ًستًّا ًمن ىشو واؿ ىكا ىف ىك ً‬
‫صيى ًاـ الد ٍى ًر »(ُ)‪.‬‬ ‫ىرىم ى‬
‫ٍ‬ ‫ىىي‬
‫‪ -‬كصوـ عشر ذم ا‪ٟ‬تجة‪ ،‬كيتأك ٌد صياـ يوـ عرفة لغَت ا‪ٟ‬تاج‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك ا‪ٟ‬تج كالعمرة النافلة‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا ك‪٬‬تب أف نعلم أف أىم ىذه النوافل قياـ الليل فقد قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬ىعلىٍي يك ٍم بًًقيى ًاـ‬
‫ات ىكىمٍنػ ىهاةه لً ًئل ًٍٍب »(ِ)‪.‬‬
‫اللي ًل فىًإنو دأٍب الصا‪ٟ‬تًًُت قىػبػلى يكم كىو قيػربةه إً ىذل رب يكم كم ٍك ىفرةه لًلسيئ ً‬
‫ى‬ ‫ى ٍ ٍ ى ي ى ٍى ى ٍ ى ى ى‬ ‫ٍ يى ي‬
‫‪ -‬كقاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬٭تشر الناس ُب صعيد كاحد يوـ القيامة ‪ ،‬فينادم مناد فيقوؿ ‪ :‬أين‬
‫الذين كانت تتجاَب جنوهبم عن ا‪١‬تضاجع ‪ ،‬فيقوموف كىم قليل ‪ ،‬فيدخلوف ا‪ٞ‬تنة بغَت حساب ‪،‬‬
‫ٍب يؤمر بسائر الناس إذل ا‪ٟ‬تساب »(ّ)‪.‬‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬


‫(ٓ)‬
‫ﮝﮞﮟﮊ‬
‫(ٔ)‬
‫‪ -‬كقولو تعاذل‪ :‬ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮊ‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم كغَته عن أيب أمامة ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البيهقي عن أ‪ٝ‬تاء بن زيد‪.‬‬
‫(ْ) سورة اإلسراء‪ٕٗ:‬‬
‫(ٓ) سورة السجدة‪ُٔ:‬‬
‫(ٔ) سورة الذاريات‪ُٖ-ُٕ:‬‬
‫‪- 111 -‬‬
‫‪ -‬فمن صلى ُب جوؼ الليل‪ ،‬فقد تقرب إذل اهلل تعاذل‪ُ ،‬ب الوقت الذم يتقرب اهلل تعاذل إذل‬
‫عباده قربان خاصان‪.‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت أى ٍف‬ ‫ب ىما يى يكو يف الرب م ىن الٍ ىعٍبد ًُب ىج ٍوؼ اللٍي ًل اآلخ ًر فىًإف ٍ‬
‫استىطى ٍع ى‬ ‫‪ -‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬أىقٍػىر ي‬
‫اع ًة فى يك ٍن »(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ك الس ى‬ ‫تى يكو ىف ‪٦‬ت ٍن يى ٍذ يكير اللوى ًُب تًٍل ى‬
‫‪ -‬كعن عبد اهلل بن أيب قيس ‪ ‬قاؿ‪ :‬قالت عائشة رضي اهلل عنها‪( :‬الى تى ىد ٍع قًيى ىاـ اللٍي ًل فىإًف‬
‫وؿ الل ًو ‪ ‬ىكا ىف الى ي ىدعو كىكا ىف إً ىذا م ًرض أىك ىك ًسل صلى قى ً‬
‫اع ندا) (ِ)‪.‬‬ ‫ىر يس ى‬
‫ى ى ٍ ى ى‬ ‫ى يي ى‬
‫‪٢‬تذا ‪٬‬تب على ا‪١‬تؤمن أف ٭تافظ على قياـ الليل كل ليلة كلو بصبلة ركعتُت قبل النوـ‪ ،‬كيقوـ‬
‫للتهجد كلو بصبلة ركعتُت قبل الفجر‪ ،‬كأف ‪٬‬تعل ذلك ديدنو ككرده اليومي‪ ،‬فإف ناـ عنو قضاه‬
‫وً‬ ‫ً ً‬
‫بعد الفجر‪ ،‬فقد ركل عمر ‪ ‬أف النيب ‪ ‬قاؿ‪ « :‬ىم ٍن نى ىاـ ىع ٍن حٍزبًو أ ٍىك ىع ٍن ىش ٍيء مٍنوي فىػ ىقىرأىهي‬
‫ب لىوي ىكأى‪٪‬تىا قىػىرأىهي ًم ىن اللٍي ًل »(ّ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫فًيما بػُت صبلىةً الٍ ىفج ًر ك ً‬
‫صبلىة الظ ٍه ًر يكت ى‬
‫ٍ ىى‬ ‫ى ىٍى ى‬
‫‪ -‬كُب ىذا ا‪ٟ‬تديث إشارة تظهر ضركرة أف يضع ا‪١‬تسلم لنفسو منهجان ُب كل شيء‪ ،‬كخاصة ُب‬
‫النوافل‪ ،‬فإذا حصل لو ما ٯتنعو من أدائها ألم سبب ألزـ نفسو قضاءىا كلو بعد حُت حىت ال‬
‫يعود نفسو تركها كإ‪٫‬تا‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا كإف ا‪١‬تسلم يثاب على نيتو إف غلبتو عينو‪ ،‬فناـ كدل يقم بالعمل‪ ،‬فقد ركل أبو الدرداء ‪‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صلي م ىن اللٍي ًل فىػغىلىبىٍتوي ىعٍيػنىاهي ىحىت أ ٍ‬
‫ىصبى ىح‬ ‫اشوي ىكيى ىو يىػٍن ًول أى ٍف يىػ يق ى‬
‫وـ يي ى‬ ‫أف النيب ‪ ‬قاؿ‪ « :‬ىم ٍن أىتىى فىر ى‬
‫ص ىدقىةن ىعلىٍي ًو ًم ٍن ىرب ًو ‪.)ْ(» ‬‬ ‫ب لىوي ىما نىػ ىول ىكىكا ىف نػى ٍويموي ى‬
‫ى‬
‫يكتً‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم كغَته عن عمرك بن عبسة‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أبو داكد كأ‪ٛ‬تد كابن خزٯتة كغَتىم‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو النسائي كابن ماجو كغَت‪٫‬تا‪.‬‬
‫‪- 111 -‬‬
‫ثانياً‪-‬نوافل قولية‪ :‬كأبواهبا كثَتة ككاسعة منها‪ :‬ا‪١‬تواظبة على تبلكة كتاب اهلل تعاذل‪ ،‬كاإلكثار من‬
‫الصبلة على النيب ‪ ،‬كاإلكثار من التهليل كالتسبيح‪ ،‬كالتحميد كالتكبَت‪ ،‬ك‪ٚ‬تيع أنواع ذكر اهلل‬
‫تعاذل بأ‪ٝ‬تائو كصفاتو‪ ،‬ك‪٤‬تامده كدعائو‪.‬‬

‫مؤدكىا ىم احملسنوف الذين ذكرىم اهلل تعاذل‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬


‫ثالثاً‪ -‬نوافل مالية‪ :‬ك ى‬
‫(ُ)‬
‫ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﮊ‬
‫‪ -‬فمساعدة الفقراء كا‪١‬تساكُت كاحملتاجُت كخاصة األقرباء كإعطاؤىم من ماؿ غَت الزكاة تطوعان‬
‫ىو من أىم النوافل‪ ،‬كقد بُت النيب ‪١ ‬تعاذ بن جبل ‪ ‬كدلو على أبوب ا‪٠‬تَت فقاؿ لو‪:‬‬
‫ا‪٠‬تى ًطيئىةى ىك ىما ييطٍ ًف يئ الٍ ىماءي الن ىار»(ِ)‪.‬‬
‫ا‪٠‬تىًٍَت الص ٍويـ يجنةه ىكالص ىدقىةي تيطٍ ًف يئ ٍ‬
‫اب ٍ‬ ‫ك ىعلىى أىبٍػو ً‬
‫ى‬ ‫«أىالى أ يىدل ى‬
‫ب الرب‪ ،‬ىك ًصلىةي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫‪ -‬كقاؿ ‪ً «:‬‬
‫ضى‬ ‫ص ىدقىةي السر تيطٍف يئ ىغ ى‬ ‫ع السوء‪ ،‬ىك ى‬ ‫صا ًر ى‬
‫صنىائ يع الٍ ىم ٍعيركؼ تىقي ىم ى‬‫ى‬
‫الرًح ًم تى ًز ي‬
‫يد ًُب الٍعي يم ًر» (ّ)‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ُّْ :‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن أيب أمامة ‪.‬‬
‫‪- 112 -‬‬
‫المطلب الرابع‬

‫اإلكثار من ذكر اهلل في كل األحوال والصالة على النبي ‪.‬‬


‫‪ -‬ىذا كالبد ‪١‬تن أراد سلوؾ طريق التصوؼ من اإلكثار من ذكر اهلل ‪ ‬كالصبلة على النيب ‪‬‬
‫ُب كل أحوالو‪.‬‬

‫أ‪ -‬ذكر اهلل ‪ :‬فذكر اهلل ‪ ‬يعمق معرفة العبد بربو كالصلة بو‪ ،‬ك‪٤‬تبتو كالشعور ٔتعيتو‬
‫كمناجاتو كمراقبتو‪ ،‬فيمنحو ذلك قوة الثبات‪ ،‬كقوة اليقُت‪،‬ك كقوة اإلٯتاف‪ ،‬كقوة االستقامة‪.‬‬

‫‪ -‬كا‪١‬تقصود بالذكر أف يتذكر ا‪١‬تسلم ربو دائمان ُب كل أحوالو كتصرفاتو فيذكره بالرضا كالطمأنينة‬
‫كا‪ٟ‬تمد كالشكر كا‪٠‬تشوع كاإلنابة كالتوبة كالتوجو كالسؤاؿ كا‪١‬تناجاة كالدعاء‪.‬‬

‫‪ -‬فبل يغيب قلبو كفكره ُب أكقاتو كأعمالو كلها عن اهلل ‪ ،‬كىذا الذكر ىو ا‪١‬تقصود ُب قولو‬

‫تعاذل‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬

‫ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚﮛﮜ ﮝ ﮞﮟﮠ ﮡﮢ‬


‫(ُ)‬
‫ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮊ‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬ك‪٬‬تب أف يذكر ا‪١‬تسلم ربو كثَتان كما أمره ُب قولو‪ :‬ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﮊ‬

‫‪ -‬كينبغي للمؤمن أال يشغلو شاغل عن ذكر اهلل كأف ال يلتهي بشيء عنو‪ ،‬عمبلن بقوؿ اهلل ‪:‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪ُُٗ-َُٗ:‬‬


‫(ِ) سورة األحزاب‪ُْ:‬‬
‫‪- 113 -‬‬
‫ﮋ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬

‫ﮬﮭﮮﮯﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬كقولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ‬

‫ﭡﭢﭣﭤﭥﮊ‬
‫(ِ)‬

‫‪ -‬كمن أىم ‪ٙ‬تار الذكر ا‪ٟ‬تقيقي طمأنينة القلب كخشوعو ككجلو قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ّ)‬
‫ﮋﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﮊ‬

‫‪ -‬كقولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬


‫(ْ)‬
‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﮊ‬

‫‪ -‬كللحفاظ على إٯتاننا بربنا كحبنا كطاعتنا لو أمرنا سبحانو كتعاذل بأف نبتعد عن طاعة الغافلُت‬
‫عن ذكره كعن ‪٣‬تالستهم‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫(ٓ)‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تنافقوف‪ٗ :‬‬


‫(ِ) سورة النور‪ّٕ:‬‬
‫(ّ) سورة الرعد‪ِٖ:‬‬
‫(ْ) سورة األنفاؿ‪ِ:‬‬
‫(ٓ) سورة الكهف‪ِٖ:‬‬
‫‪- 114 -‬‬
‫‪ -‬كلقد حذر اهلل سبحانو كتعاذل من اإلعراض عن ذكره مبينان أف اإلعراض عنو كالغفلة عن ذكره‬
‫‪٬‬تعل حياة اإلنساف صعبة ضيقة ‪٦‬تتلئة با‪١‬تتاعب كا‪١‬تكاره كاألحزاف‪ ،‬كيورث قسوة القلب‪ ،‬فقاؿ‬
‫سبحانو كتعاذل مشَتان إذل ذلك‪:‬‬

‫(ُ)‬
‫ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﮊ‬

‫‪ -‬كاهلل ‪ ‬ينبهنا إذل ضركرة ذكره الذكر الكثَت لنكوف من ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت‪ ،‬كنبتعد عن صفات‬

‫ا‪١‬تنافقُت اليت ذكرىا اهلل سبحانو كتعاذل ُب قولو‪ :‬ﮋﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ‬


‫(ِ)‬
‫ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮊ‬

‫‪ -‬كلئن ٖتدث القرآف كثَتان عن الذكر فإف رسوؿ اهلل ‪ ‬دل يغفل ا‪ٟ‬تديث عنو بل أشاد بو‪ ،‬كأكثر‬
‫ت »(ّ) ‪.‬‬‫ا‪ٟ‬تي كالٍمي ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫من ا‪ٟ‬تديث عنو‪ ،‬ك‪٦‬تا قالو ‪ « :‬ىمثى يل الذم يى ٍذ يكير ىربوي ىكالذم الى يى ٍذ يكير ىمثى يل ٍى ى ى‬
‫اؿ‪ً « :‬حلى يق الذ ٍك ًر »(ْ)‪.‬‬
‫ا‪ٞ‬تىن ًة قى ى‬
‫اض ٍ‬ ‫ا‪ٞ‬تىن ًة فى ٍارتىػعيوا »‪ .‬قى ى‬
‫اؿ ىكىما ًريى ي‬ ‫اض ٍ‬‫‪ -‬كقولو ‪ « :‬إًذىا ىمىرٍريًٍب بً ًريى ً‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪ « :‬أىالى أينىػبئي يكم ًٓتى ًَت أ ٍىعمالً يكم كأ ٍىزىكاىا عًٍن ىد ملً ً‬
‫يك يك ٍم ىكأ ٍىرفىعً ىها ًُب ىد ىر ىجاتً يك ٍم ىك ىخٍيػهر لى يك ٍم‬ ‫ى‬ ‫ٍ ٍ ى ٍى ى‬
‫ض ًربيوا أ ٍىعنىاقى يك ٍم »‪.‬‬ ‫ب ىكالٍ ىوًرًؽ ىك ىخٍيػهر لى يك ٍم ًم ٍن أى ٍف تىػ ٍل ىق ٍوا ىع يدكيك ٍم فىػتى ٍ‬
‫ض ًربيوا أ ٍىعنىاقىػ يه ٍم ىكيى ٍ‬ ‫اؽ الذ ىى ً‬‫ًمن إًنٍػ ىف ً‬
‫ٍ‬
‫اذل »(ٓ)‪.‬‬ ‫اؿ « ًذ ٍكير الل ًو تىػ ىع ى‬ ‫قىاليوا بىػلىى‪ .‬قى ى‬

‫وقد يقول قائل كيف أذكر اهلل الذكر الكثير؟‬

‫(ُ) سورة طو‪ُِْ:‬‬


‫(ِ) سورة النساء‪ُِْ:‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم عن أيب موسى ‪. ‬‬
‫(ْ) أخرجو الًتمذم عن أنس بن مالك ‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو الًتمذم عن أيب الدرداء ‪.‬‬
‫‪- 115 -‬‬
‫‪ -‬فأقوؿ لو‪ :‬اذكر اهلل كما أمرؾ ُب قرآنو‪ ،‬كاذكره كما علمك النيب ‪ ،‬فقد بُت اهلل ‪ُ ‬ب‬
‫قرآنو‪ ،‬كالنيب ‪ُ ‬ب سنتو أف الذكر لو أنواع متعددة منها‪:‬‬

‫أولً‪ -‬القرآن الكريم‪:‬‬

‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮊ‬


‫(ُ)‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﭩﭪﭫﭬﭭﭮﮊ‬


‫(ِ)‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﮞﮟﮠﮡﮢ ﮣﮤﮥﮊ‬


‫(ّ)‬

‫ذاكر كمن ٭تفظ آية من آياتو فَتددىا فهو ذاكر‪ ،‬كمن يستمع إذل القرآف‪،‬‬ ‫‪ -‬فقارئ القرآف ه‬
‫كيفكر ُب معانيو فهو ذاكر‪ ،‬كمن يعمل بأكامر القرآف كينتهي عن نواىيو فهو ذاكر‪.‬‬
‫‪ -‬بل إف القرآف الكرًن ىو أعظم الذكر‪ ،‬ألف قراءتو تبلكة لكبلـ اهلل ‪ ‬الذم فيو الشفاء من‬
‫كل داء‪ ،‬ففيو آيات بينات من لدف حكيم عليم‪ ،‬تدخل القلب‪ ،‬كتطمئن ‪٢‬تا النفس‪ ،‬كتقشعر ‪٢‬تا‬
‫األبداف‪ ،‬كيزداد هبا القارئ إٯتانان‪ ،‬كيسرع إذل تطبيقها‪ ،‬كتنفيذ أكامرىا‪ ،‬كالبعد عن نواىيها‪،‬‬
‫فتتهذب هبا نفسو‪ ،‬كيطمئن قلبو‪ ،‬كتسمو ركحو‪ ،‬فيصبح ككأنو ملك ٯتشي على كجو األرض‪.‬‬
‫ثانياً‪ -‬أداء الفرائض‪ :‬أداء الفرائض ذكر هلل ‪ ،‬فالصبلة مثبلن فيها ركوع كسجود‪ ،‬كقراءة‬
‫للقرآف كتسبيح كهتليل‪ ،‬ككل ذلك ذكر هلل ‪ ،‬ألف الغاية من العبادات ذكر اهلل ‪ ،‬قاؿ‬
‫(ْ)‬
‫تعاذل‪ :‬ﮋﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪ٟ‬تجر‪ٗ:‬‬


‫(ِ) سورة ص‪ٖٕ:‬‬
‫(ّ) سورة القمر‪ُٕ:‬‬
‫(ْ) سورة طو‪ُْ:‬‬
‫‪- 116 -‬‬
‫‪ -‬ككذلك الصوـ كالزكاة كا‪ٟ‬تج كلها ذكر هلل ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬العلم‪٣ :‬تالسة العلماء‪ ،‬كطلب العلم‪ ،‬كقراءتو كمدارستو كتدريسو‪ ،‬كحفظو كٖتفيظو‪،‬‬
‫الركاح ُب طلبو‪ ،‬كل ذلك ذكر هلل ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫الغدك ك ٌ‬
‫ك ٌ‬
‫ﮋﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﮊ‬
‫(ُ)‬

‫كأىل الذكر ىنا‪ :‬أىل العلم‪.‬‬


‫رابعاً‪ -‬ذكر اهلل ‪ ‬بجميع أشكالو‪ :‬كذكر أ‪ٝ‬تائو كصفاتو‪ ،‬أك تسبيحو كٖتميده‪ ،‬ك٘تجيده‬
‫كتكبَته‪ ،‬كهتليلو كاستغفاره كدعائو‪ ،‬كل ذلك ذكر هلل ‪ ،‬كذكر اهلل ىذا على نوعُت‪:‬‬
‫ُ‪ -‬ذكر اهلل الخاص باألعمال واألوقات والمناسبات‪ :‬كذلك بأذكار كأدعية كجهنا إليها‬
‫رسوؿ اهلل ‪ُ ‬ب سَتتو كأحاديثو كدعاء االستيقاظ أك دعاء دخوؿ بيت ا‪٠‬تبلء‪ ،‬أك دعاء‬
‫الطعاـ أك الشراب‪ ،‬أك غَت ذلك‪.‬‬
‫ِ‪ -‬ذكر اهلل العام وتسبيحو‪ُ :‬ب كل األكقات كاألحواؿ‪ ،‬كخاصة عقب الصبلة‪ ،‬كُب الصباح‬

‫كا‪١‬تساء‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ‬

‫ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮊ‬
‫(ِ)‬

‫(ّ)‬
‫كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﰂﰃﰄﰅﮊ‬
‫وىذا الذكر على ثالثة أنواع‪:‬‬
‫ذكر اللسان‪ :‬الذم كاف يرشد إليو الرسوؿ ‪ُ ‬ب كثَت من أحاديثو‪:‬‬

‫(ُ) سورة النحل‪.ّْ:‬‬


‫(ِ) سورة آؿ عمراف‪.ُُٗ:‬‬
‫(ّ) سورة األحزاب‪ِْ :‬‬
‫‪- 117 -‬‬
‫ك ىرطٍبنا بً ًذ ٍك ًر الل ًو »(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫« الى يىػىز ياؿ ل ىساني ى‬
‫ذكر القلب‪ :‬الذم كجو اهلل إليو ُب قولو سبحانو‪ :‬ﮋ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫أ‪-‬‬

‫ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﮊ‬
‫(ِ)‬

‫ا‪٠‬تىًفي »(ّ)‪.‬‬
‫كفيو قاؿ ‪ « :‬ىخٍيػير الذ ٍك ًر ٍ‬
‫الذكر ا‪٠‬تىفي» (ْ)‪.‬‬
‫ا‪٠‬تامل قاؿ ي‬
‫ي‬ ‫الذكر‬
‫كقاؿ ‪« :‬اذكركا اهللى ذكرا خامبل قيل كما ي‬
‫كقاؿ ‪ :‬مشَتان أل‪٫‬تية الذكر ا‪٠‬تفي‪ « :‬الذكر الذم ال تسمعو ا‪ٟ‬تفظة يزيد على الذكر الذم‬
‫تسمعو ا‪ٟ‬تفظة سبعُت ضعفان»(ٓ)‪.‬‬
‫ب‪ -‬الذكر العملي‪ :‬كىو أف يذكر ا‪١‬تسلم ربو ُب ‪ٚ‬تيع أحوالو كأعمالو‪ ،‬كأف يراقبو ُب كل‬
‫حركاتو كسكناتو‪ ،‬كال يغفل عنو أبدان‪ ،‬كقد عرب العارفوف عن ىذا الذكر بقو‪٢‬تم‪ :‬نعيش مع الناس‬
‫بأجسامنا ُب ىذه ا‪ٟ‬تياة ُب معاملتنا ‪٢‬تم كاختبلطنا هبم كبيعنا كشرائنا‪ ،‬لكن قلوبنا ُب كل ذلك‬
‫مع اهلل ‪ ‬ال نغفل عن ذكره كتذكره أبدان‪.‬‬
‫وللذكر فوائد كثيرة حاول اإلمام ابن القيم استيفاءَىا فتجاوزت عنده المئة أذكر منها‪:‬‬
‫(يرضي الر‪ٛ‬تن‪ ،‬كيطرد الشيطاف‪ ،‬كيزيل ا‪٢‬تم‪ ،‬ك‪٬‬تلب السركر‪ ،‬كيقوم القلب كالبدف‪ ،‬كينور القلب‬
‫كالوجو‪ ،‬ك‪٬‬تلب الرزؽ‪ ،‬كيكسب ا‪١‬تهابة كا‪ٟ‬تبلكة‪ ،‬كيورث ‪٤‬تبة اهلل تعاذل اليت ىي ركح اإلسبلـ‪،‬‬
‫كيورث ا‪١‬تعرفة كاإلنابة كالقرب كحياة القلب‪ ،‬كذكر اهلل للعبد‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كالبيهقي عن عبد اهلل بن بيسر ‪.‬‬


‫(ِ) سورة األعراؼ‪َِٓ :‬‬
‫(ّ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن سعد بن مالك ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ابن ا‪١‬تبارؾ عن ضمرة بن حبيب مرسبلن كقاؿ ا‪١‬تناكم حديث حسن ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ٓ)أخرجو البيهقي عن عائشة رضي اهلل عنها كىو حسن لغَته‪.‬‬
‫‪- 118 -‬‬
‫كىو قوت القلب كركحو ك‪٬‬تلو صدأه‪ ،‬ك٭تط ا‪٠‬تطايا‪ ،‬كيرفع الدرجات‪ ،‬ك٭تدث األنس‪ ،‬كيزيل‬
‫الوحش‪ ،‬كيذكر بصاحبو‪ ،‬كينجي من عذاب اهلل‪ ،‬كيوجب تنزؿ السكينة‪ ،‬كغشياف الر‪ٛ‬تة‬
‫كحفوؼ ا‪١‬تبلئكة بالذاكر‪ ،‬كيشغل عن الكبلـ الضار‪ ،‬كيسعد الذاكر‪ ،‬كيسعد بو جليسو‪ ،‬كيؤمن‬
‫العبد من ا‪ٟ‬تسرة يوـ القيامة‪ ،‬كىو مع البكاء سبب إظبلؿ اهلل للذاكر‪ ،‬كبو ٖتصل العطايا‬
‫كالثواب ا‪١‬تتنوع من اهلل تعاذل‪.‬‬

‫كىو يثمر ا‪١‬تعارؼ كاألحواؿ ا‪ٞ‬تليلة‪ ،‬كالذاكر قريب من مذكوره كاهلل معو كأكرـ ا‪٠‬تلق على اهلل‪:‬‬
‫من ال يزاؿ لسانو رطبان من ذكر اهلل‪.‬‬

‫كىو يعُت على طاعة اهلل كيسهل كل صعب‪ ،‬كييسر األمور‪ ،‬كيعطي الذاكر قوة ُب قلبو كبدنو‪،‬‬
‫كىو سد بُت العبد كنار جهنم‪ ،‬كتستغفر ا‪١‬تبلئكة للذاكر‪ ،‬كتتباىى ا‪ٞ‬تباؿ كبقاع األرض ٔتن يذكر‬
‫اهلل عليها‪ ،‬كتشهد لو‪ ،‬كالذكر أماف من النفاؽ‪.)ُ( ).....‬‬

‫ب‪ -‬الصالة على النيب ‪:‬‬


‫‪ -‬كيرتبط بذكر اهلل ‪ ‬الصبلة على النيب ‪ ،‬حيث ينبغي للمسلم أف يعلم أف من أساليب‬
‫كبلـ اهلل ‪ُ ‬ب قرآنو‪ ،‬أنو إذا أراد أمران أك هنيان أك تنبيهان أك موعظة للمؤمنُت يستعمل أسلوب‬

‫النداء للمؤمنُت مباشرة فيقوؿ سبحانو‪(( :‬ﭹ ﭺ ﭻ)) كمن كاجب ا‪١‬تؤمن عند ‪ٝ‬تاع‬
‫مثل ىذا النداء أف يقوؿ مباشرة‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك كسعديك‪ ،‬عبدؾ بُت يديك مستع هد‬
‫لتنفيذ أكامرؾ‪ ،‬كاجتناب نواىيك‪ ،‬كالعمل ٔتا يرضيك‪.‬‬

‫‪ -‬لكػن ُب القػػرآف الكػػرًن آيػػة كاحػػدة تػأٌب بتصػػدير مهػػم قبػػل النػػداء يوضػح كيبػػُت كيظهػػر أ‪٫‬تيػػة مػػا‬

‫(ُ)ابن القيم‪ :‬الوابل من الكلم الطيب‪.‬‬


‫‪- 119 -‬‬
‫سػػيأٌب بعػػد النػػداء‪ٍ ،‬ب يػػأٌب بعػػد ذلػػك نػػداء ا‪١‬تػػؤمنُت‪ :‬ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ‬
‫(ُ)‬
‫ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮊ‬

‫‪ -‬كالصػ ػػبلة ُب اللغػ ػػة تعػ ػػٍت الػ ػػدعاء‪ ،‬كُب اصػ ػػطبلح ىػ ػػذه اآلي ػػة‪ :‬الثنػ ػػاء علػ ػػى النػ ػػيب ‪ ‬ك٘تجيػ ػػده‬
‫كتعظيمو‪.‬‬

‫‪ -‬كا‪١‬تقصود من ىػذه اآليػة أف ٮتػرب اهلل سػبحانو كتعػاذل عبػاده ٔتنزلػة كمكانػة عبػده كنبيػو ا‪١‬تصػطفى‬
‫‪ ‬عن ػػده كُب ا‪١‬ت ػػؤل األعل ػػى‪ ،‬كأظهػػر ذل ػػك بص ػػبلتو عليػػو‪ ،‬كص ػػبلة اهلل تع ػػٍت ثنػػاءه علي ػػو‪ ،‬كإظه ػػار‬
‫عظمتو كمكانتو عنده‪ ،‬ٮترب بذلك عباده عن ىذه ا‪١‬تنزلة الرفيعة اليت دل يبلغها أحد سواه‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك بُت سبحانو أف ا‪١‬تبلئكة تصلي عليو أيضان كذلك بدعائها للنيب ‪ ‬كاستغفارىا لػو‪ ،‬كأف‬
‫يزيده اهلل رفعة كمكانة كشرفان كقربة‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب جػػاء األمػػر ‪ٞ‬تميػػع ا‪١‬تػػؤمنُت أف يصػػلوا عليػػو كيسػػلموا تسػػليما‪ ،‬كصػػبلة ا‪١‬تػػؤمنُت علػػى النػػيب ‪‬‬
‫دعاء لو بإعبلء ذكره كإظهار دينو‪ ،‬كإبقاء شريعتو ُب الدنيا‪ ،‬كإجزاؿ مثوبتػو‪ ،‬كرفػع مقامػو كتشػفيعو‬
‫بأمتو ُب اآلخرة‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ الشيخ عز الدين بن عبد السبلـ‪( :‬ليست الصبلة على رسوؿ اهلل ‪ ‬شػفاعة منػا لػو‪ ،‬فػإف‬
‫مثلنػػا ال يشػػفع ‪١‬تثلػػو‪ ،‬كلكػػن اهلل سػػبحانو أمرنػػا ٔتكافئػػة مػػن مكافأتػػو أنعػػم علينػػا‪ ،‬كأحسػػن إلينػػا فػػإف‬
‫عجزنػا عػػن مكافػأة دعونػػا لػػو بػأف يكافئػػو اهلل عنػا‪ ،‬ك‪١‬تػػا عجزنػػا عػن مكافئػػة سػيد األكلػػُت كاآلخػرين‬
‫أمرنػػا رب العػػا‪١‬تُت أف نرغػػب إليػػو‪ ،‬كأف نصػػلي عليػػو لتكػػوف صػػبلتنا عليػػو مكافئػػة إلحسػػانو إلينػػا‬
‫كإفضالو علينا)(ِ) ‪.‬‬

‫(ُ)سورة األحزاب‪.ٓٔ :‬‬


‫(ِ)ابن حجر‪ :‬فتح البارم‪ ،‬جزءُُ‪ ،‬صُٖٔ‪.‬‬
‫‪- 121 -‬‬
‫‪ -‬ىػذا كإف اهلل ‪١ ‬تػا أمرنػا بالصػبلة علػػى النػيب ‪ ‬كدل نبلػغ قػدر الواجػػب مػن ذلػك أحلنػا األمػػر‬
‫على اهلل تعاذل كقلنا‪ :‬اللهم صل أنت علػى سػيدنا ‪٤‬تمػد‪ ،‬ألنػك أعلػم ٔتػا يليػق بػو فػنحن عػاجزكف‬
‫عن توفيتو حقو كقاصركف عن معرفة الثناء الذم يليق بقدره‪.‬‬
‫‪ -‬جاء ُب تفسَت اآللوسي‪ :‬إف ىذه اآلية‪ ،‬آية الصبلة على النيب ‪ ‬تفيد الػدكاـ كاالسػتمرار نظػران‬
‫إذل صدرىا من حيث إهنا ‪ٚ‬تلة ا‪ٝ‬تية‪ ،‬كتفيػد التجػدد نظػران إذل عجزىػا مػن حيػث إهنػا ‪ٚ‬تلػة فعليػة‪،‬‬
‫فيك ػػوف مفادى ػػا اس ػػتمرار ص ػػبلة اهلل كمبلئكت ػػو عل ػػى الن ػػيب ‪ ‬كٕت ػػددىا كقتػ ػان فوقت ػان دكف نف ػػا ود كال‬
‫انقطاع‪.‬‬

‫‪ -‬من تواضع النيب ‪ ‬أنو عندما علمنا كيفية الصبلة عليو بقولو‪(( :‬اللهم صل على ‪٤‬تمد)) دل‬
‫نفسوي فإف من حقو علينا أف نقوؿ احًتامان لو كتقديران لذكره ما علمنا إياه السادة العلماء‬
‫يي ىسوٍد ى‬
‫األفاضل ‪٦‬تا استنبطوه من القرآف كالسنة‪ :‬اللهم صل على سيدنا ‪٤‬تمد‪ ،‬فهو ‪ ‬سيدنا ُب الدنيا‪،‬‬

‫كسيدنا ُب اآلخرة‪ ،‬كمن أىم تلك األدلة ُب القرآف الكرًن قولو تعاذل‪ :‬ﮋﭼﭽﭾﭿ‬
‫(ُ)‬
‫ﮀﮁﮂﮃﮊ‬

‫‪ -‬كمن األدلة من السنة‪ ،‬قولو ‪ ‬كىو يتحدث عن ‪ٚ‬تلة ا‪١‬تراتب ا‪٠‬تاصة بو‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫آد ىـ يىػ ٍوىـ الٍقيى ىام ًة ىكأىك يؿ ىم ٍن يىػٍن ىشق ىعٍنوي الٍ ىقٍبػير ىكأىك يؿ ىشاف وع ىكأىك يؿ يم ى‬
‫شف وع »(ِ) ‪.‬‬ ‫«أىنىا ىسي يد ىكلىد ى‬
‫‪ -‬فالصبلة على النيب ‪ ‬كاجبة ال ‪٬‬توز تركها‪ ،‬كال يغفل عنها إال من ال خَت فيو من الناس‪.‬‬
‫قاؿ القاضي عياض ر‪ٛ‬تو اهلل‪ ( :‬اعلم أف الصبلة على النيب ‪ ‬فرض على ا‪ٞ‬تملة غَت ‪٤‬تدد‬
‫بوقت ألمر اهلل تعاذل بالصبلة عليو‪ ،‬ك‪ٛ‬تل األئمة كالعلماء األمر على الوجوب كأ‪ٚ‬تعوا عليو) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ)سورة النور‪.ّٔ:‬‬
‫(ِ)أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ّ)العبلمة القاضي أبو الفضل عياض اليحصيب‪ :‬الشفا بتعريف حقوؽ ا‪١‬تصطفى‪ ،‬جزءِ‪ ،‬صُٔ‪.‬‬
‫‪- 121 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ٚ‬تهور العلماء‪ :‬إف الصبلة على النيب ‪ ‬قربة كعبادة كالذكر كالتسبيح كالتحميد‪ ،‬كىي‬
‫مندكبة كمسنونة ُب كل كقت كحُت‪ ،‬كإنو ينبغي اإلكثار منها‪.‬‬

‫‪ -‬فالصبلة على النيب ‪ ‬تفرض ُب آخر الصبلة ُب التشهد األخَت‪ ،‬قاؿ ابن عمر ‪: ‬‬

‫(ال تكوف صبلة إال بقراءة تشهد كصبلة على النيب ‪.)ُ()‬‬

‫‪ -‬كالصبلة على النيب ‪ٕ ‬تب عند ذكر النيب ‪ ‬على الذاكر كالسامع‪ ،‬فقد ركل أنس ‪‬‬
‫صل ىعلىي»(ِ)‪.‬‬ ‫قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪« : ‬من ذيكًر ً‬
‫ت عٍن ىدهي فىػ ٍليي ى‬
‫ىٍ ٍ ي‬
‫صل عليو إذا ذكر ‪ ‬جاء ذلك ُب العديد من األحاديث‬ ‫‪ -‬كقد كرد الوعيد الشديد ‪١‬تن دل يي ى‬
‫الصحيحة‪ ،‬من ذلك الوعيد الدعاء على تارؾ الصبلة عليو ‪ ‬باإلبعاد كالذؿ ككصفو بالبخل‬
‫كا‪ٞ‬تفاء كأنو قد أخطأ طريق ا‪ٞ‬تنة‪.‬‬

‫ك‬
‫صل ىعلىٍي ى‬ ‫اؿ‪ :‬من ذيكًر ً‬
‫ت عٍن ىدهي‪ ،‬فىػلى ٍم يي ى‬
‫بلـ‪ ،‬فىػ ىق ى ى ٍ ٍ ى‬
‫ً‬
‫يل ىعلىٍيو الس ي‬‫فقد قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬أىتى ًاين ًج ًٍ‬
‫رب‬
‫ي‬
‫ُت»(ّ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫فىأىبٍػ ىع ىدهي اللوي قي ٍل‪ :‬آم ى‬
‫صل ىعلى ٌي»(ْ)‪.‬‬ ‫كقاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬ر ًغم أىنٍف رج ول ذيكًر ً‬
‫ت عٍن ىدهي فىػلى ٍم يي ى‬
‫ى ى ي ىي ٍ ي‬
‫اب كًنىايةن ىعن حص ً‬
‫وؿ الذؿ(ٓ)‪.‬‬ ‫أىم لى ً‬
‫ص ىق أىنٍػ يفوي بًالتػر ً‬
‫ى ٍ ي ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫رت عنده فلم يصل علي فقد ىش ًق ىي»(ٔ)‪.‬‬‫ً‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪« :‬من ذيك ي‬

‫(ُ)ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬جبلء األفهاـ‪ ،‬صَّّ‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو أبو يعلى ُب مسنده‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو الطرباين عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ٓ)‪٤‬تمد عبد الر‪ٛ‬تن بن عبد الرحيم ا‪١‬تباركفورم‪ٖ :‬تفة األحوذم بشرح جامع الًتمذم جزءٗ صِّٕ‪.‬‬
‫(ٔ)أخرجو الطرباين ُب األكسط كفيو الفضل بن مبشر كفيو كبلـ كقد كثقو ابن حباف كغَته‪.‬‬
‫‪- 122 -‬‬
‫صل ىعلىي»(ُ)‪.‬‬ ‫كقاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬الب ًخيل من ذيكًر ً‬
‫ت عٍن ىدهي ‪ ،‬فىػلى ٍم يي ى‬
‫ى ي ىٍ ٍ ي‬
‫يبق بعده إال الشح بكلمة‬
‫‪ -‬قاؿ العبلمة الفاكهاين‪( :‬كىذا أقبح ٓتل كأشنع شح‪ ،‬دل ى‬
‫الشهادة)(ِ)‪ .‬أعاذنا اهلل تعاذل ك‪ٚ‬تيع ا‪١‬تؤمنُت من ذلك‪.‬‬

‫ا‪ٞ‬تىن ًة »(ّ)‪.‬‬
‫يق ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كقاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬من ذيكًر ً‬
‫ت عٍن ىدهي فى ىخط ىئ الصبلةى ىعلىي ‪ ،‬ىخط ىئ طى ًر ى‬
‫ىٍ ٍ ي‬
‫‪ -‬فما أحرانا بعد كل ما‪ٝ‬تعناه كعرفناه‪ ،‬أف نكثر من الصبلة عليو ُب كل كقت كحُت ‪.‬‬
‫‪( -‬رؤم الشافعي ‪ُ ‬ب ا‪١‬تناـ بعد موتو‪ ،‬فقيل لو‪ :‬ما فعل اهلل بك؟ قاؿ‪ :‬غفر رل‪ ،‬فقيل لو‬
‫ٔتاذا؟ قاؿ‪ٓ :‬تمس كلمات كنت أصلي هبا على رسوؿ اهلل ‪ ،‬فقيل لو‪ :‬كما ىي تلك‬
‫الكلمات‪ .‬قاؿ‪ :‬كنت أقوؿ‪:‬‬
‫(اللهم صل على سيدنا ‪٤‬تمد عدد من صلى عليو‪ ،‬كصل على سيدنا ‪٤‬تمد عدد من دل يصل‬
‫عليو‪ ،‬كصل على سيدنا ‪٤‬تمد كما أمرت أف يصلى عليو‪ ،‬كصل على سيدنا ‪٤‬تمد كما ٖتب أف‬
‫يصلى عليو‪ ،‬كصل على سيدنا ‪٤‬تمد كما ينبغي أف يصلى عليو) (ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬من أحب شيئان أكثر من ذكره كمن أحب النيب ‪ ‬أكثر من ذكره كمن الصبلة عليو‪.‬‬
‫‪ -‬ك‪٬‬تب على كل مسلم ‪٤‬تب لرسوؿ اهلل ‪ ‬أف يعلم أف الصبلة على النيب ‪ ‬مقبولة قطعان‪.‬‬

‫يقوؿ الشيخ الفاسي(ٓ) ُب شرحو على "دالئل ا‪٠‬تَتات"‪ ( :‬ككل األعماؿ فيها ا‪١‬تقبوؿ كا‪١‬تردكد إال‬
‫إال الصبلة على النيب ‪ ‬فإهنا مقبولة غَت مردكدة)‪.‬‬

‫(ُ)أخرجو الًتمذم عن علي ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬تناكم‪ :‬فيض القدير‪ ،‬جزءّ‪ ،‬صِّٖ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الطرباين عن ا‪ٟ‬تسُت بن علي رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ْ) انظر الدر ا‪١‬تنضود كعند البيهقي‪.‬‬
‫(ٓ)الفاسي‪ :‬أبو عبد اهلل ‪٤‬تمد بن يوسف بن ‪٤‬تمد بن حامد بن أيب احملاسن العريب ا‪١‬تغريب الفاسي القصرم‬
‫القصرم ا‪١‬تالكي كتوُب سنة َُِٓى ػ ػ ػ ػ ػ ػ [الباباين‪ :‬ىدية العارفُت]‬
‫‪- 123 -‬‬
‫ٍب قاؿ‪ ( :‬الصبلة على النيب ‪٣ ‬تابة على القطع فإف اقًتف هبا السؤاؿ شفعت بفضل اهلل تعاذل‬
‫فقبل السؤاؿ‪ ،‬كىذا ا‪١‬تعٌت مذكور عن بعض السلف) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬مع أف صبلتنا على النيب ‪ ‬تعٍت تعبَتان عن حبنا كتقديرنا لو بأنو قد أدل األمانة‪ ،‬كبلغ‬
‫كمن اهلل بو علينا باإلٯتاف كاإلسبلـ كاإلحساف‪.‬‬
‫الرسالة اليت بفضلو كصلت إلينا فعرفنا بربنا ٌ‬
‫كأف صبلتنا على النيب ‪ٖ ‬تمل دعاءن كثناءن على النيب ‪ ‬بأف يؤتيو اهلل الوسيلة كالدرجة العالية‬
‫الرفيعة كا‪١‬تقاـ احملمود الذم كعده‪.‬‬
‫مع كل ذلك فإف صبلتنا عليو ‪ ‬نناؿ هبا مكافأة عظيمة من اهلل عز كجل‪ ،‬فقد ركل أبو طلحة‬
‫س يػيىرل ًُب ىك ٍج ًه ًو الٍبً ٍشير قىاليوا‪ :‬يىا ىر يس ى‬
‫وؿ‬ ‫ب النػ ٍف ً‬ ‫األنصارم فقاؿ‪« :‬أصبح رس ي ً‬
‫وؿ اللو ‪ ‬يىػ ٍومان طىي ى‬ ‫ٍى ى ى ي‬
‫آت ًم ٍن ىريب ىعز ىك ىجل‬ ‫اؿ‪:‬أىجل أىتى ًاين و‬ ‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬ ‫‪.‬‬‫ر‬ ‫ش‬
‫ٍ‬ ‫ك الٍبً‬
‫ى‬ ‫س يػيرل ًُب ك ٍج ً‬
‫ه‬ ‫ً‬ ‫ف‬
‫ٍ‬ ‫ػ‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ي‬‫ط‬
‫ى‬ ‫ـ‬ ‫و‬ ‫ػ‬‫ي‬‫ٍ‬‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ىص‬‫أ‬ ‫الل ً‬
‫و‬
‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ات كى‪٤‬تا عٍنو ع ٍشر سيئ و‬
‫ات‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ك ًم ٍن أيمتً ى‬
‫ب اللوي لىوي هبىا ىع ٍشىر ىح ىسنى ى ى ى ي ى ى ى ى‬ ‫صبلىةن ىكتى ى‬
‫ك ى‬ ‫صلى ىعلىٍي ى‬ ‫اؿى م ٍن ى‬‫فىػ ىق ى‬
‫ات ىكىرد ىعلىٍي ًو ًمثٍػلى ىها»(ِ)‪.‬‬‫كرفىع لىو ع ٍشر درج و‬
‫ىى ى ي ى ى ىى ى‬
‫فيخرجوي من الظلمات إذل النور ‪ ،‬من ظلمات‬
‫ى‬ ‫‪ -‬فأم شيء أعظم من أف يصلي اهلل على عبده‬
‫ا‪١‬تعاصي كظلمات القسوة كظلمات الضيق كاألمراض كاألسقاـ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ‬
‫(ّ)‬
‫ﰓﰔﮊ‬
‫‪ -‬كعن أنس بن مالك ‪ ‬قاؿ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬من صلى علي صبلة كاحدة بلغتٍت صبلتو‬
‫كصليت عليو ككتب لو سول ذلك عشر حسنات»(ْ)‪.‬‬

‫(ُ) الفاسي‪ :‬مطالع ا‪١‬تسرات ّتبلء دالئل ا‪٠‬تَتات‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو اإلماـ أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫(ّ) سورة األحزاب‪.ّْ :‬‬
‫(ْ) أخرجو الطرباين ُب معجمو‪.‬‬
‫‪- 124 -‬‬
‫‪ -‬فإذا صليت على النيب ‪ ‬بلغت صبلتك النيب ‪ ‬كقيل لو فبلف ابن فبلف (با‪ٝ‬تك ا‪٠‬تاص)‬
‫من أمتك يصلي عليك فَتد عليك النيب ‪ ‬كيقوؿ‪ (( :‬اللهم صل على فبلف))‪.‬‬

‫فأم شرؼ كأم لذة‪ ،‬كأم عطاء ُب أف يصلي النيب ‪ ‬عليك با‪ٝ‬تك ُب ا‪ٟ‬تضرة اإل‪٢‬تية فتستفيد‬
‫سكينة للقلب‪ ،‬كمغفرة للذنب‪ ،‬كارتقاء ‪١‬تقاـ القرب‪ ،‬أدل تقرأ قوؿ اهلل تعاذل‪:‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮊ‬

‫‪ -‬كللصبلة على النيب ‪ ‬فوائد كثَتة صرحت هبا أحاديث النيب ‪ ‬ا‪١‬تتعددة فمن أىم تلك‬
‫الفوائد صبلة اهلل كسبلمو مع مبلئكتو على من صلى عليو‪.‬‬

‫صلى اللوي ىعلىٍي ًو ىع ٍشنرا»(ِ)‪.‬‬ ‫ً‬


‫صلى ىعلىي ىكاح ىدةن ى‬
‫قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬ىم ٍن ى‬
‫ك أ ٍىك لًيي ٍكثًٍر»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صبلىةن فىػ ٍلييقل ىعٍب هد ًم ٍن ىذل ى‬
‫ُت ى‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫صلى اللوي ىعلىٍيو ىكىمبلىئ ىكتيوي ىسٍبع ى‬
‫كُب ركاية أل‪ٛ‬تد‪ « :‬ى‬
‫‪ -‬كيرحم اهلل تعاذل القائل ‪:‬‬

‫صلٌػ ػ ػ ػ ػ ػى اهلل عليػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو ُب اآلي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػات‬ ‫إذا أنت أكثرت الصبلة على الذم‬

‫الحت عليك دالئ ػ ػ ػ ػ ػ ػل ا‪٠‬تي ػ ػ ػ ػ ػرات‬ ‫كجػػعلػػتها كردان علي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػك ‪٤‬تتم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػان‬
‫‪ -‬كمن تلك الفوائد اليت ذكرهتا األحاديث الشريفة تكفَت ا‪٠‬تطايا‪ ،‬كتزكية األعماؿ‪ ،‬كرفع‬
‫الدرجات‪ ،‬كمغفرة الذنوب‪ ،‬ك‪٤‬تو ا‪٠‬تطايا‪ ،‬ىذا كإف بركة الصبلة على النيب ‪ ‬كخَتاهتا تدرؾ‬
‫الرجل ا‪١‬تصلي ككلده‪ ،‬ككلد كلده‪ ،‬كمنها أهنا تزين اجملالس كتنفي الفقر كضيق العيش‪ ،‬كتقرب إذل‬
‫اهلل كرسولو‪ ،‬كىي سبب عظيم لقضاء ا‪ٟ‬تاجات كنيل ا‪١‬ترادات‪ ،‬تفتح أماـ ا‪١‬تصلي على النيب ‪‬‬
‫أبواب ا‪٠‬تَت ‪ ،‬فيلتمس بربكتها كل ‪٤‬تبوب‪ ،‬كىي سبب عظيم ُب إجابة الدعاء‪ ،‬كىي نور‬

‫(ُ)سورة التوبة‪.َُّ :‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 125 -‬‬
‫لصاحبها ُب قربه‪ ،‬كيوـ حشره‪ ،‬كعلى الصراط‪ ،‬كيكتب اهلل بُت عينيو براءة من النار‪ ،‬كبراءة من‬
‫النفاؽ‪ ،‬كيكوف يوـ القيامة مع الشهداء‪.‬‬

‫فهي من أكثر األعماؿ بركةن كأفضلها نفعان ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬ككثرة صبلة ا‪١‬تصلي على النيب ‪‬‬
‫تدؿ على خالص حبو لو ‪ ‬ألف الذم ٭تب شيئان يكثر من ذكره‪.‬‬

‫‪ -‬كإذا كاف كل كقت يستحب فيو الصبلة على النيب ‪ ‬فإف ىناؾ مواطن تشرع فيها الصبلة‬
‫على النيب ‪ ‬فمنها‪:‬‬

‫‪ -‬التشهد األخَت من كل صبلة فريضة أك نافلة فهي كاجبة‪.‬‬

‫صلوا ىعلىي‬ ‫وؿ يٍب ى‬ ‫‪ -‬عقب إجابة ا‪١‬تؤذف‪ .‬فقد قاؿ النيب ‪« :‬إً ىذا ىً‪ٝ‬ت ٍعتي يم الٍ يم ىؤذ ىف فىػ يقوليوا ًمثٍ ىل ىما يىػ يق ي‬
‫ا‪ٞ‬تىن ًة الى‬
‫رل الٍ ىو ًسيلىةى فىًإنػ ىها ىمٍن ًزلىةه ًُب ٍ‬‫صلى اللوي ىعلىٍي ًو ًهبىا ىع ٍشنرا يٍب ىسليوا اللوى ً‬
‫صبلىةن ى‬ ‫فىًإنوي ىم ٍن ى‬
‫صلى ىعلىي ى‬
‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً ً و ً ً ً ً‬
‫ت لىوي‬ ‫رل الٍ ىوسيلىةى ىحل ٍ‬ ‫تىػٍنبىغي إال ل ىعٍبد م ٍن عبىاد اللو ىكأ ٍىر يجو أى ٍف أى يكو ىف أىنىا يى ىو فى ىم ٍن ىسأ ىىؿ ى‬
‫اعةي»(ُ)‪.‬‬
‫الش ىف ى‬
‫‪ -‬كمن ا‪١‬تواطن اليت يسن فيها الصبلة عليو ‪ :‬عند دخوؿ ا‪١‬تسجد كعند ا‪٠‬تركج منو‪ ،‬عن‬
‫اؿ‪:‬‬‫صلى ىعلىى ي‪٤‬تىم ود ىك ىسل ىم ىكقى ى‬ ‫ً‬ ‫فاطمة رضي اهلل عنها‪ « :‬ىكا ىف رس ي ً‬
‫وؿ اللو ‪ ‬إً ىذا ىد ىخ ىل الٍ ىم ٍسج ىد ى‬ ‫ىي‬
‫اؿ‪ :‬ىرب ا ٍغ ًفٍر‬ ‫صلى ىعلىى ي‪٤‬تىم ود ىك ىسل ىم ىكقى ى‬ ‫ك‪ .‬ىكإً ىذا ىخىر ىج ى‬ ‫اب ىر ٍ‪ٛ‬تىتً ى‬
‫ً‬
‫ىرب ا ٍغفٍر ًرل ذيني ًويب ىكافٍػتى ٍح ًرل أىبٍػ ىو ى‬
‫ك»(ِ)‪.‬‬ ‫ًرل ذيني ًويب كافٍػتح ًرل أىبػواب فى ٍ ً‬
‫ضل ى‬ ‫ى ى ٍ ٍى ى‬
‫‪ -‬كُب صبلة ا‪ٞ‬تنازة بعد التكبَتة الثانية‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن عمرك بن العاص ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم‪.‬‬
‫‪- 126 -‬‬
‫‪ -‬كمن ا‪١‬تواطن أيضان‪ :‬الصبلة عليو ‪ ‬عند الصباح كعند ا‪١‬تساء‪ .‬فقد قاؿ النيب ‪:‬‬
‫عشرا أدركتو شفاعيت يوـ القيامة »(ُ)‪.‬‬ ‫عشرا كحُت ٯتسى ن‬ ‫«من صلى علي حُت يصبح ن‬
‫ًً‬ ‫ً‬
‫س قىػ ٍوهـ ىٍ‪٣‬تل نسا ىدلٍ يى ٍذ يكيركا اللوى فيو ىكىدلٍ‬
‫‪ -‬كمنها عند االجتماع كالتفرؽ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬ىما ىجلى ى‬
‫(ّ)‬
‫صلوا ىعلىى نىبًي ًه ٍم إًال ىكا ىف ىعلىٍي ًه ٍم تًىرنة(ِ) فىًإ ٍف ىشاءى ىعذبػى يه ٍم ىكإً ٍف ىشاءى ىغ ىفىر ى‪٢‬تي ٍم »‪.‬‬
‫يي ى‬
‫خَت ذم باؿ‪ ،‬كعند افتتاح ا‪٠‬تطب كالدركس‪،‬‬‫‪ -‬كتسن الصبلة على النيب ‪ ‬عند كل كبلـ ٌ‬
‫كقراءة األحاديث‪ ،‬كعقب الصبلة‪ ،‬كختم القرآف الكرًن‪ ،‬كُب دعاء ا‪ٟ‬تاجة‪ ،‬كيوـ عرفة‪ ،‬كعند‬
‫زيارتو ‪ ،‬كعند نسياف الشيء‪ ،‬فيذكره إف شاء اهلل‪.‬‬
‫‪ -‬كقد كرد األمر باإلكثار من الصبلة على النيب يوـ ا‪ٞ‬تمعة كليلتها‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪:‬‬
‫صل ىي ىعلىي إًال‬
‫ىح ندا لى ٍن يي ى‬ ‫ً ً‬ ‫«أى ٍكثًيركا الصبلىةى ىعلىي يىػ ٍوىـ ا ٍ‪ٞ‬تي يم ىع ًة فىًإنوي ىم ٍش يه ه‬
‫ود تى ٍش ىه يدهي الٍ ىمبلىئ ىكةي ىكإف أ ى‬
‫ت إًف اللوى ىحرىـ‬‫اؿ‪ :‬كبػع ىد الٍمو ً‬ ‫ً‬ ‫غ ًمٍنػ ىها‪ .‬قى ى‬
‫ت ىكبىػ ٍع ىد الٍ ىم ٍوت قى ى ى ى ٍ ى ٍ‬ ‫اؿ قيػ ٍل ي‬ ‫صبلىتيوي ىحىت يىػ ٍفير ى‬ ‫ت ىعلىي ى‬ ‫ضٍ‬ ‫عي ًر ى‬
‫ىج ىس ىاد األىنٍبًيى ًاء‪ .‬فىػنىًيب الل ًو ىح يي يػيٍرىز يؽ»(ْ)‪.‬‬ ‫ىعلىى األ ٍىر ً‬
‫ض أى ٍف تىأٍ يك ىل أ ٍ‬

‫‪ -‬كاف الصحابة الكراـ‪ ،‬كالتابعوف‪ ،‬كأكلياء اهلل كأحبابو يكثركف من الصبلة على النيب ‪٤‬تمد ‪‬‬
‫بل كاف بعضهم يقتصر ُب دعائو على الصبلة عليو ‪ ‬فبل يسأؿ اهلل شيئان إال الصبلة على النيب‬
‫‪٤‬تمد ‪ ‬كما عليو إذا فعل ذلك كقد ضمن اهلل لو بذلك أف يكفى ‪٫‬توـ الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كماذا‬
‫يبتغي العبد من دعائو مهما كاف جامعان إال ىذا الطلب‪.‬‬

‫صبلىًٌب‬ ‫ك فى ىكم أىجعل لى ى ً‬ ‫عن أيب بن كعب ‪ ‬قاؿ‪ :‬يا رس ى ً ً ً‬


‫ك م ٍن ى‬ ‫وؿ اللو إين أي ٍكثير الصبلىةى ىعلىٍي ى ٍ ٍ ى ي‬ ‫ى ىي‬
‫اؿ‪:‬‬‫ت‪ :‬الربي ىع‪ .‬قى ى‬ ‫ً‬
‫اؿ قيػ ٍل ي‬
‫ت »‪ .‬قى ى‬
‫اؿ‪ « :‬ىما شٍئ ى‬
‫[أم‪ :‬فكم أجعل من دعائي صبلة عليك] فىػ ىق ى‬

‫(ُ) أخرجو الطرباين عن أيب الدرداء ‪.‬‬


‫(ِ)تًىرة‪ :‬حسرة كندامة‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الًتمذم عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ابن ماجو عن أيب الدرداء ‪.‬‬
‫‪- 127 -‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ت فىًإ ٍف ًزٍد ى‬
‫ت فىػ يه ىو ىخٍيػهر‬ ‫اؿ‪ « :‬ىما شٍئ ى‬ ‫ف‪ .‬قى ى‬ ‫ص ى‬‫ت‪ :‬الن ٍ‬ ‫ك»‪ .‬قيػ ٍل ي‬
‫ت فىػ يه ىو ىخٍيػهر لى ى‬ ‫ت فىًإ ٍف ًزٍد ى‬‫« ىما شٍئ ى‬
‫ً‬
‫صبلىًٌب‬‫ك ى‬ ‫ىج ىع يل لى ى‬
‫ت‪ :‬أ ٍ‬ ‫ك»‪ .‬قيػ ٍل ي‬‫ت فىػ يه ىو ىخٍيػهر لى ى‬‫ت فىًإ ٍف ًزٍد ى‬
‫اؿ‪ « :‬ىما شٍئ ى‬ ‫ت‪ :‬فىالثػليثىػ ٍ ً‬
‫ُت‪ .‬قى ى‬ ‫اؿ قيػ ٍل ي‬
‫ك»‪ .‬قى ى‬
‫لى ى‬
‫ك »(ُ)‪.‬‬
‫ك ىذنٍػبي ى‬ ‫اؿ‪ « :‬إً نذا تي ٍك ىفى ى‪٫‬ت ى‬
‫ك ىكيػي ٍغ ىفير لى ى‬ ‫يكل ىها‪ .‬قى ى‬
‫‪ -‬أخيراً‪ :‬ينبغي للمسلم الذم سلك طريق التصوؼ‪ ،‬طريق التزكية كاإلحساف أف ‪٬‬تعل لنفسو‬
‫كردان خاصان يوميان للصبلة على النيب ‪ ،‬كأف يكثر من ىذه الصبلة‪ ،‬كأف ‪٬‬تلس ُب ‪٣‬تالسها‪ ،‬كأف‬
‫٭تب أىلها‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم‪.‬‬


‫‪- 128 -‬‬
‫المطلب الخامس‬

‫السعي على سالمة القلب وصالحو‬


‫‪ -‬للقلب أ‪٫‬تية كربل أظهرىا القرآف الكرًن ُب العديد من آياتو‪ ،‬فقد ذكر القلب ُب القرآف الكرًن‬
‫عشرين مرة باإلفراد‪ ،‬كاثنيت عشرة كمائة مرة بصيغة ا‪ٞ‬تمع‪.‬‬
‫‪ -‬كالقلب لطيفة ربانية‪٢ ،‬تا هبذا القلب ا‪ٞ‬تسماين الصنوبرم الشكل ا‪١‬تودع ُب ا‪ٞ‬تانب األيسر من‬
‫الصدر تعلق‪ ،‬كقد جعل اهلل بصحتو كبقائو كانتظاـ دكرتو حياة ا‪ٞ‬تسد‪ ،‬كبسبلمتو كطهارتو‬
‫ا‪ٞ‬تى ىس يد‬
‫صلى ىح ٍ‬
‫ت ى‬
‫صلى ىح ٍ‬ ‫ا‪ٞ‬تى ىس ًد يم ٍ‬
‫ضغىةن إً ىذا ى‬ ‫كصبلحو حياة الركح‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬أىالى ىكإًف ًُب ٍ‬
‫ً‬
‫ب »(ُ) ‪.‬‬‫ا‪ٞ‬تى ىس يد يكلوي ‪ .‬أىالى ىكى ىي الٍ ىق ٍل ي‬ ‫يكلوي ‪ ،‬ىكإً ىذا فى ىس ىد ٍ‬
‫ت فى ىس ىد ٍ‬
‫‪ -‬كالقلب موضع اإلٯتاف كالكفر‪ ،‬كاإلنابة كاإلصرار‪ ،‬كالطمأنينة كاالضطراب‪ ،‬كىو ‪٤‬تل العلم‬
‫كالتقول‪ ،‬كالنية كاإلخبلص كالذكرل‪ ،‬كا‪ٟ‬تب كالبغض‪ ،‬كالوسواس كا‪٠‬تطرات‪ ،‬فالقلب ىو العادل‬
‫باهلل ‪ ،‬كىو ا‪١‬تتقرب إذل اهلل ‪ ،‬كىو العامل هلل ‪ ،‬كىو الساعي إذل اهلل ‪ ،‬كإ‪٪‬تا ا‪ٞ‬توارح‬
‫أتباع للقلب كخدـ‪ ،‬كما قاؿ أبو ىريرة ‪( :‬القلب ملك كلو جنود فإذا صلح ا‪١‬تلك صلحت‬
‫جنوده كإذا فسد ا‪١‬تلك فسدت جنوده) (ِ)‪.‬‬
‫وقد جعل القرآن القلوب على ثالثة أحوال‪:‬‬

‫ُ‪ -‬القلب الميت وىو قلب الكافر‪( :‬كىو الذم ال حياة فيو‪ ،‬فهو ال يعرؼ ربو‪ ،‬كال يعبده‬
‫بأمره‪ ،‬كٔتا ٭تبو كيرضاه‪ ،‬بل ىو كاقف مع شهواتو كلذاتو‪ ،‬كلو كاف فيها سخط ربو كغضبو‪ ،‬فهو‬
‫ال يبارل إذا فاز بشهوتو كحظو‪ ،‬رضي ربو أـ سخط) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم عن النعماف بن بشَت ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البيهقي كعبد الرزاؽ‪.‬‬
‫(ّ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬طب القلوب‪ :‬صّٕ‪.‬‬
‫‪- 129 -‬‬
‫فا‪٢‬تول إمامو‪ ،‬كالشهوة قائده‪ ،‬كا‪ٞ‬تهل سايسو‪ ،‬كالغفلة مركبو‪ ،‬كىذا قلب الكافر الذم ختم اهلل‬

‫على قلبو كأصبح الراف ُب أعماقو‪ ،‬ذكره اهلل ُب قرآنو بقولو‪ :‬ﮋﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ‬

‫ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﮊ‬
‫(ُ)‬

‫(ِ)‬
‫كقولو ‪:‬ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ‬

‫ِ‪ -‬القلب المريض وىذا قلب المنافق‪( :‬كىو القلب الذم لو حياة كبو علة‪ ،‬ففيو من ‪٤‬تبة‬
‫اهلل‪ ،‬كاإلٯتاف بو‪ ،‬كاإلخبلص لو‪ ،‬كالتوكل عليو‪ ،‬ما ىو مادة حياتو‪ ،‬كفيو من ‪٤‬تبة الشهوات‬
‫كإيثارىا كا‪ٟ‬ترص على ٖتصيلها‪ ،‬كا‪ٟ‬تسد كالكرب كالعجب‪ ،‬كحب العلو باألرض بالرياسة ما ىو‬
‫مادة ىبلكو كعطبو‪.‬‬

‫داع يدعوه إذل اهلل ‪ ‬كرسولو ‪ ‬كالدار اآلخرة‪ ،‬كدا وع يدعوه إذل‬
‫كىو ‪٦‬تتحن من داعيُت‪ :‬و‬
‫العاجلة‪ ،‬كىو إ‪٪‬تا ‪٬‬تيب أقرهبما منو بابان‪ ،‬كأدنا‪٫‬تا إليو جواران) (ّ)‪.‬‬

‫كيشَت إذل ذلك قولو سبحانو‪ :‬ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ‬

‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ‬

‫ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ‬
‫(ْ)‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ٕ:‬‬


‫(ِ) سورة ا‪١‬تطففُت‪.ُْ:‬‬
‫(ّ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬طب القلوب‪ :‬صّٖ‪.‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪َُ-ٖ:‬‬
‫‪- 131 -‬‬
‫ّ‪ -‬القلب الصحيح وىو قلب المؤمن‪ :‬كىو القلب السليم الذم ال ينجو يوـ القيامة إال‬
‫(ُ)‬
‫من أتى اهلل بو‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ‬
‫(ِ)‬
‫ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل‪( :‬القلب السليم‪ :‬ىو القلب الصحيح كىو قلب‬ ‫قاؿ سعيد بن ا‪١‬تسيب‬
‫ا‪١‬تؤمن)(ّ)‪.‬‬

‫(كالقلب السليم‪ :‬كىو الذم سلم من أف يكوف لغَت اهلل فيو شرؾ بوجو ما‪ ،‬بل قد خلصت‬
‫عبوديتو هلل‪ ،‬إرادة ك‪٤‬تبة‪ ،‬كتوكبلن كإنابة‪ ،‬كإخباتان كخشية‪ ،‬كخلص عملو هلل ‪ ،‬فإف أحب‬
‫أحب ُب اهلل‪ ،‬كإف أبغض أبغص ُب اهلل‪ ،‬كإف أعطى أعطى هلل‪ ،‬كإف منع منع هلل) (ْ)‪.‬‬

‫كالقلب السليم‪ :‬ىو الذم سلم من ‪ٚ‬تيع العقائد الفاسدة‪ ،‬كاألخبلؽ الرذيلة‪ ،‬كا‪١‬تيل إذل‬
‫ا‪١‬تعاصي كالشهوات‪.‬‬

‫كالقلب السليم‪ :‬ىو الذم سلم من الكفر كالشقاؽ‪ ،‬كمن الشك كالًتدد‪ ،‬كسلم من الرياء‬
‫كالفخر كالكرب‪ ،‬كا‪ٟ‬تقد كا‪ٟ‬تسد كالغش‪ ،‬ك‪ٚ‬تيع أمراض القلب‪ ،‬كسلم من األىواء كالشهوات‬
‫كا‪١‬تغريات كا‪١‬تعاصي كاآلثاـ‪.‬‬

‫‪ -‬والسؤال ىو كيف نصل إلى ىذا القلب بهذه المعاني؟‬

‫(ُ) سورة الشعراء‪ٖٗ-ٖٖ:‬‬


‫(ِ)(سعيد بن ا‪١‬تسيب) أبو ‪٤‬تمد سعيد بن ا‪١‬تسيب بن حزف بن أيب كىب ا‪١‬تخزكمي القرشي‪ ،‬سيد التابعُت‪،‬‬
‫كأحد الفقهاء السبعة با‪١‬تدينة‪ٚ.‬تع بُت ا‪ٟ‬تديث كالفقو كالزىد كالورع‪ ،‬ككاف يعيش من التجارة بالزيت‪ ،‬ال‬
‫يأخذ عطاء‪ .‬ككاف أحفظ الناس ألحكاـ عمر بن ا‪٠‬تطاب كأقضيتو‪ ،‬حىت ‪ٝ‬تي راكية عمر‪ .‬توُب با‪١‬تدينة سنة‬
‫(ْٗ ق‪ ُّٕ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ) تفسَت ابن كثَت‪.‬‬
‫(ْ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬طب القلوب‪ :‬صّٓ‪.‬‬
‫‪- 131 -‬‬
‫كيف يجعل المسلم قلبو قلباً صحيحاً سليماً صالحاً منيباً؟‬

‫ا‪ٞ‬تواب‪ :‬باتباع األمور األساسية اليت تساعد على امتبلؾ ىذا القلب‪:‬‬

‫أولً‪ :‬السعي ا‪ٟ‬تثيث إذل تعميق اإلٯتاف باهلل ُب القلب‪ ،‬كالوصوؿ بو إذل حد اليقُت بشىت‬
‫الوسائل حىت ال يكوف إٯتاننا ادعاءن‪ ،‬كاألعراب الذم قاؿ عنهم سبحانو‪:‬‬

‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ‬
‫(ُ)‬
‫ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮊ‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪:‬ﮋﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬

‫‪ -‬كمن ىداية اهلل ‪٢‬تذا القلب أف ٭تبب إليو اإلٯتاف‪ ،‬كيزينو فيو‪ ،‬كيكره إليو الكفر كالفسوؽ‬

‫كالعصياف كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬


‫(ّ)‬
‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ‬
‫ثانياً‪ :‬احملافظة على ىداية اهلل ‪٢‬تذا القلب‪ ،‬ك٘تكن اإلٯتاف فيو‪ ،‬ككصولو إذل معرفتو معرفة حقيقية‪،‬‬
‫كثباتو على ذلك‪ ،‬حىت يصل إذل انشراح صدره الذم يستوطن القلب فيو‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ‬
‫(ْ)‬
‫ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪ٟ‬تجرات‪ُْ:‬‬


‫(ِ) سورة التغابن‪ُُ:‬‬
‫(ّ) سورة ا‪ٟ‬تجرات‪ٕ:‬‬
‫(ْ) سورة األنعاـ‪ُِٓ:‬‬
‫‪- 132 -‬‬
‫قاؿ‪١( :‬تا نزلت ىذه اآلية‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ‬ ‫(ُ)‬
‫‪ -‬عن أيب جعفر‬

‫ﭘﮊ ﭙ قالوا‪ :‬كيف يشرح الصدر؟ قاؿ‪ :‬إذا نزؿ النور ُب القلب انشرح لو الصدر كانفسح ‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فهل لذلك آية يعرؼ هبا؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬اإلنابة إذل دار ا‪٠‬تلود‪ ،‬كالتجاُب عن دار الغركر‪،‬‬
‫كاالستعداد للموت قبل الفوت)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬فإذا كصل ا‪١‬تسلم إذل ىداية اهلل لو‪ ،‬كشرح صدره‪ ،‬قذؼ ُب قلبو نوران‪ ،‬يصبح القلب هبذا النور‬

‫ذاكران هلل لينان سليمان‪ ،‬صحيحان صا‪ٟ‬تان منيبان‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬
‫(ّ)‬
‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ‬

‫فع ًن‬
‫‪ -‬كبذلك يصل ذلك ا‪١‬تسلم إذل ما كصل إليو الصحايب ا‪ٞ‬تليل حارثة من اإلٯتاف ا‪ٟ‬تق‪ :‬ى‬
‫ث ؟»‬ ‫ت يىا ىحا ًر ي‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ك األىنٍصا ًرم ‪ ،‬أىنو مر بًرس ً‬ ‫ث بن مالً و‬ ‫ا‪ٟ‬تا ًر ً‬
‫ىصبى ٍح ى‬‫فأ ٍ‬ ‫اؿ لىوي ‪ « :‬ىكٍي ى‬ ‫ي ى ىي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍى‬
‫ً‬ ‫و ً‬ ‫ً‬
‫ك‬‫وؿ ؟ فىًإف ل يكل ىش ٍيء ىحقي ىقةن‪ ،‬فى ىما ىحقي ىقةي إًٯتىانً ى‬ ‫اؿ‪« :‬انٍظيٍر ىما تىػ يق ي‬ ‫ت يم ٍؤًمننا ىح ًّقا‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫ىصبى ٍح ي‬
‫اؿ ‪ :‬أ ٍ‬ ‫قى ى‬
‫ت نػى ىها ًرم‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل‬ ‫اؿ‪ :‬قى ٍد عزفىت نىػ ٍف ًسي ع ًن الدنٍػيا‪ ،‬كأىسهرت لً ىذلً ً ً‬
‫ك ليىلي‪ ،‬ىكأىظٍ ىمأٍ ي‬ ‫ى ى ٍ ىٍ ي ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ٍ‬ ‫؟» فىػ ىق ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ىعٍر ًش ىريب بىا ًرنزا‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل ا ٍ‪ٞ‬تىنة يىػتىػىز ىاكيرك ىف ف ىيها‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل النا ًر يىػتى ى‬
‫ضا ىغ ٍو ىف‬
‫اؿ ‪ « :‬يىا ىحا ًر ي‬ ‫فً ىيها‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫(ْ)‬
‫ت فىالٍىزٍـ » ثىبلثنا‪.‬‬ ‫ث ىعىرفٍ ى‬
‫‪ -‬كذلك فإف اهلل ‪٬ ‬تعل ‪٢‬تذا العبد كاعظان من قلبو يأمره كينهاه كما بُت ‪ُ ‬ب قولو‪:‬‬

‫(ُ)أبو جعفر ا‪٢‬تامشي ا‪١‬تدائٍت‪ :‬عبد اهلل بن ا‪١‬تسور بن عوف بن جعفر بن أيب طالب‪ .‬ركل عنو عمرك بن‬
‫مرة‪ ،‬كخالد بن أيب كرٯتة ‪ .‬مًتجم ُب ابن أيب حاًب كغَته [عن تفسَت الطربم]‪.‬‬
‫(ِ) تفسَت الطربم‪.‬‬
‫(ّ) سورة الزمر‪ِِ:‬‬
‫(ْ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت‪.‬‬
‫‪- 133 -‬‬
‫«إذا أراد اهلل بعبده خَتا جعل لو كاعظان من قلبو » (ُ)‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬االستجابة ‪١‬تا يدعو إليو اهلل كرسولو‪ ،‬كالتزاـ أكامر اهلل‪ ،‬كالبعد عن نواىيو‪ ،‬كالتقيد‬
‫بأحكامو‪ ،‬كالبعد عن معاصيو‪ ،‬ككل ذلك يؤدم إذل حياة قلب ا‪١‬تسلم‪ ،‬كاستمراريتو على سبلمتو‬
‫كصحتو كصبلحو كإنابتو‪ ،‬ككل ذلك أيضان يساعد أال ٭توؿ اهلل ‪ ‬بُت ا‪١‬تسلم كبُت قلبو بتقلب‬
‫أحواؿ القلب أك مرضو أك موتو‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬
‫(ِ)‬
‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ‬
‫وؿ‬
‫‪ -‬ىذا كقد ٖتدث النيب ‪ ‬عن تقلب ىذا القلب‪ ،‬فقد ركل أنس بن مالك ‪ ‬قاؿ ىكا ىف ىر يس ي‬
‫وؿ الل ًو ىآمنا‬ ‫ً‬
‫ت‪ :‬يىا ىر يس ى‬ ‫ك »‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬‫ت قىػ ٍلًيب ىعلىى دينً ى‬ ‫وؿ‪ « :‬يا م ىقلب الٍ يقلي ً‬
‫وب ثػىب ٍ‬
‫ً‬
‫اللو ‪ ‬يي ٍكثير أى ٍف يىػ يق ى ى ي ى‬
‫ً‬
‫ىصابً ًع الل ًو يػي ىقلبيػ ىها‬ ‫اؿ « نىػعم إًف الٍ يقليوب بػُت أىصبػع ً ً‬ ‫ت بًًو فىػ ىه ٍل ىٗتى ي‬ ‫ً‬
‫ُت م ٍن أ ى‬ ‫ى ىٍ ى ٍي ىٍ‬ ‫اؼ ىعلىٍيػنىا قى ى ى ٍ‬ ‫بً ى‬
‫ك ىكًٔتىا جٍئ ى‬
‫ف يى ىشاءي »(ّ)‪.‬‬
‫ىكٍي ى‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪« :‬قلب ا‪١‬تؤمن أشد تقلبان من القدر ُب غلياهنا»‬
‫(ٓ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪« :‬مثل القلب مثل العصفور فيقلب كل ساعة»‬
‫ىص ًل ىش ىجىرةو يػي ىقلبيػ ىها‬ ‫ب ىكمثى ًل ًر ى و و‬‫ً‬ ‫‪ -‬كقاؿ ‪ «:‬إً‪٪‬تىا ي‪ٝ‬تي الٍ ىق ٍل ً ً ً ً‬
‫يشة يم ىعل ىقة ًُب أ ٍ‬ ‫ب م ٍن تىػ ىقلبو إ‪٪‬تىا ىمثى يل الٍ ىق ٍل ى‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫يح ظى ٍهران لًبىطٍ ون »(ٔ)‪.‬‬
‫الر ي‬

‫(ُ) أخرجو الديلمي عن أـ سلمة رضي اهلل عنها‪.‬‬


‫(ِ) سورة األنفاؿ‪ِْ:‬‬
‫(ّ) أخرجو الًتمذم‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كا‪ٟ‬تاكم عن ا‪١‬تقداد بن األسود ‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم كالبيهقي عن أيب عبيدة بن ا‪ٞ‬تراح ‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن أيب موسى ‪.‬‬
‫‪- 134 -‬‬
‫‪ -‬بالنظر إذل سرعة تغَت القلب هبذا الشكل علينا االستجابة ‪١‬تا يدعونا إليو اهلل كرسولو ففيو‬
‫حياتنا‪ ،‬لنكوف ُب حصن من ذلك التغَت كالتبدؿ السريع‪ ،‬كلنكوف دائمان على حذر كانتباه‪،‬‬

‫كلنكثر من قولنا‪ :‬ﮋﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﮊ‬


‫(ُ)‬

‫رابعاً‪ :‬احملافظة على تبلكة القرآف الكرًن‪ ،‬كالتزاـ أحكامو كالعمل بأكامره كاالبتعاد عن نواىيو‪.‬‬

‫كاالنتفاع بالقرآف كما فيو إ‪٪‬تا ٭تصل ‪١‬تن كاف حي القلب‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﮊ‬
‫(ِ)‬

‫‪ -‬كما أف االنتفاع ٔتواعظو شفاء ‪١‬تا ُب الصدكر‪ ،‬فالقلب ُب الصدر كما نعلم‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ّ)‬
‫ﮋﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬أما الذم ال يقرأ القرآف كال يتدبره كال يعمل بو‪ ،‬فإف قلبو مقفل مغلق‪ ،‬كما بُت ذلك سبحانو‬
‫(ْ)‬
‫ُب قولو‪ :‬ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮊ‬

‫خامساً‪ :‬احملافظة على ذكر اهلل الذكر الكثَت‪ ،‬كما أمر سبحانو‪:‬‬

‫(ٓ)‬
‫ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪ٖ:‬‬


‫(ِ) سورة ؽ‪.ّٕ :‬‬
‫(ّ) سورة يونس ٕٓ‪.‬‬
‫(ْ) سورة ‪٤‬تمد‪ِْ:‬‬
‫(ٓ) سورة األحزاب‪.ُْ:‬‬
‫‪- 135 -‬‬
‫‪ -‬ألف ذكر اهلل ىو الوسيلة اليت ٕتعل القلب مطمئنان قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ُ)‬
‫ﮋﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﮊ‬

‫‪ -‬كألف الذكر سبب خشوع القلب‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ ﮷﮸﮹﮺﮻﮼﮽﮾ ﮿‬

‫﯀﯁﯂﯃﯄﯅﯆﯇﯈﯉﯊﯋﯌ﮊ‬
‫(ِ)‬

‫‪ -‬كمن ال يذكر اهلل ‪ ،‬فإنو يصاب بقساكة ُب قلبو‪ ،‬تنتهي بو إذل ا‪٠‬تسراف كالضبلؿ كالضياع‬

‫كما كضح ذلك سبحانو ُب قولو‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ‬

‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬فبلبد للقلب من ذكر اهلل كا‪١‬تداكمة عليو ألف الذكر يصقل القلب كينوره‪ ،‬كٯتسح عنو الغفلة‪،‬‬
‫كالراف كا‪ٟ‬تجب الكثيفة اليت تغشاه قاؿ رسوؿ اهلل ‪:‬‬
‫(إف لكل شيء صقالة ‪ ،‬كإف صقالة القلوب ذكر اهلل ) (ْ)‪.‬‬
‫الذكر ا‪٠‬تفي الذم يقوـ بو القلب عناية خاصة‪،‬‬‫نورل ى‬ ‫‪ -‬كٔتا أف للذكر أنواعان متعددة فعلينا أف ى‬
‫ا‪٠‬تىًفي»(ٓ)‪.‬‬
‫فهو خَتىا‪ ،‬كما بُت ذلك النيب ‪ ‬بقولو‪ « :‬ىخٍيػير الذ ٍك ًر ٍ‬

‫(ُ) سورة الرعد‪ِٖ:‬‬


‫(ِ) سورة ا‪ٟ‬تديد‪ُٔ:‬‬
‫(ّ) سورة الزمر‪.ِِ:‬‬
‫(ْ) أخرجو البيهقي ُب شعبو عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن سعد بن مالك ‪.‬‬
‫‪- 136 -‬‬
‫سادساً‪ :‬صحبة ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت ك‪٣‬تالستهم‪ ،‬كالبعد عن الغافلُت‪ ،‬فإف ُب ذلك حياة القلب‬
‫كسبلمتو‪ ،‬كقد أمر اهلل تعاذل هبذه الصحبة فقاؿ‪:‬‬

‫ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬كأمر اهلل ‪ ‬نبيو أف ٭تبس نفسو على صحبة ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت‪ ،‬كهناه عن طاعة من أغفل‬
‫اهلل قلبو عن ذكره‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬
‫(ِ)‬
‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬
‫‪ -‬كمبلزمة ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت كصحبتهم‪ ،‬تدعو إذل ‪٤‬تبتهم ك٘تٍت ا‪٠‬تَت ‪٢‬تم‪ ،‬كالدعاء ‪٢‬تم‪ ،‬كعدـ‬
‫حسدىم أك بغضهم أك معاداهتم بُت اهلل ‪ ‬كل ذلك ُب قولو‪:‬‬

‫ﮋﭑ ﭒﭓ ﭔﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛﭜ‬


‫(ّ)‬
‫ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﮊ‬
‫سابعاً‪ :‬البعد عن ا‪١‬تعاصي كاآلثاـ كالذنوب‪ ،‬كا‪١‬تغريات كالشهوات كاألىواء كا‪١‬تفسدات‪ ،‬فإهنا‬
‫تضعف اإلٯتاف ُب القلب‪ ،‬كتكثر ا‪ٟ‬تجب عليو‪ ،‬كتسوده‪ ،‬كتطفئ نوره‪ ،‬فييختم كييطبع‪ ،‬حىت‬
‫يصل إذل الراف الذم ٯتيتو كالعياذ باهلل‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫(ْ)‬
‫ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ‬

‫(ُ) سورة التوبة‪.ُُٗ :‬‬


‫(ِ) سورة الكهف‪.ِٖ:‬‬
‫(ّ) سورة ا‪ٟ‬تشر‪.َُ:‬‬
‫(ْ) سورة ا‪١‬تطففُت‪.ُْ:‬‬
‫‪- 137 -‬‬
‫‪ -‬قاؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما‪( :‬إف للحسنة نوران ُب القلب‪ ،‬كضياء ُب الوجو‪ ،‬كقوة ُب البدف‪،‬‬
‫‪ ،‬كزيادة ُب الرزؽ‪ ،‬ك‪٤‬تبة ُب قلوب ا‪٠‬تلق‪ ،‬كإف للسيئة سوادان ُب الوجو‪ ،‬كظلمة ُب القلب‪ ،‬ككىنان‬
‫ُب البدف‪ ،‬كنقصان ُب الرزؽ‪ ،‬كبغضة ُب قلوب ا‪٠‬تلق) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ اإلماـ مالك ‪١‬تا رأل من الشافعي النبوغ كاإلٯتاف‪ ،‬قاؿ لو‪:‬‬
‫(إين أرل اهلل تعاذل قد ألقى على قلبك نوران‪ ،‬فبل تطفئو بظلمة ا‪١‬تعصية) (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كىناؾ آية تلخص كل ما جاء ُب ىذه الفقرة من و‬
‫معاف ُب قولو ‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔ ﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ‬


‫(ّ)‬
‫ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﮊ‬
‫‪ -‬كُب ا‪ٟ‬تديث الشريف يقوؿ النيب ‪ ‬شارحان ىذا ا‪١‬توضوع‪ « :‬إذا أذنب العبد نكت ُب قلبو‬
‫نكتة سوداء ‪ ،‬فإف تاب صقل منها ‪ ،‬فإف عاد زادت حىت تعظم ُب قلبو ‪ ،‬فذلك الراف الذم‬

‫ذكره اهلل ‪‬ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ(ْ) ) » (ٓ)‪.‬‬


‫‪ -‬قاؿ اإلماـ ابن ا‪١‬تبارؾ(ٔ)‪:‬‬
‫كقد يورث الذؿ إدم ػ ػ ػ ػ ػاهن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬ ‫رأيت الذنوب ٘تي ػ ػ ػػت القل ػ ػ ػ ػ ػ ػػوب‬
‫كخَت لنفس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػك عصياهن ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬ ‫كترؾ الذنوب حي ػ ػاة القلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوب‬
‫‪ -‬كىناؾ أسباب أخرل للختم على القلوب كالطبع عليها بينها النيب ‪ ،‬منها إ‪٫‬تاؿ أداء‬
‫الفرائض‪.‬‬
‫(ُ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬مدارج السالكُت جزءُ‪ ،‬صِْْ‪.‬‬
‫(ِ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬ا‪ٞ‬تواب الكاُب صِٓ‪.‬‬
‫(ّ) سورة ا‪ٞ‬تاثية‪ِّ:‬‬
‫(ْ) سورة ا‪١‬تطففُت‪.ُْ:‬‬
‫(ٓ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ٔ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪ ،‬جزءٖ‪ ،‬صِٕٗ‪.‬‬
‫‪- 138 -‬‬
‫ات (أم عن تركها) أ ٍىك لىيى ٍختً ىمن اللوي ىعلىى‬ ‫ا‪ٞ‬تمع ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬فقاؿ ‪ « :‬لىيىػٍنتى ًه ىُت أىقٍػ ىو هاـ ىع ٍن ىكٍدع ًه يم ٍي ي ى‬
‫ُت »(ُ)‪.‬‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬
‫قيػليوهب ٍم يٍب لىيى يكونين م ىن الٍغىافل ى‬
‫ث ي‪ٚ‬تى وع تىػ ىه ياكنا ًهبىا طىبى ىع اللوي ىعلىى قىػ ٍلبً ًو »(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ُ ‬ب حديث آخر‪ « :‬ىم ٍن تىػىرىؾ ثىبلى ى‬
‫‪ -‬كبالقياس فإف إ‪٫‬تاؿ أداء الصلوات ا‪٠‬تمس‪ ،‬كباقي العبادات كالقربات من قراءة للقرآف‪ ،‬كذكر‬
‫اهلل ‪ ،‬كحضور ‪٣‬تالس العلم كالعلماء‪ ،‬ك‪٣‬تالسة الصا‪ٟ‬تُت كاألتقياء يؤدم إذل ا‪٠‬تتم على القلب‬
‫كالطبع عليو كالعياذ باهلل تعاذل‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك ‪٬‬تب االبتعاد عن مفسدات القلب كأسباب مرضو‪ ،‬كىي كثَتة أذكر منها تعدادان فقط‪:‬‬
‫كثرة ا‪٠‬تلطة للناس كخاصة الفاسدة‪ ،‬كالتمٍت‪ ،‬كالتعلق بغَت اهلل ‪ ،‬كالشبع الكثَت‪ ،‬ككثرة النوـ‪،‬‬
‫كفضوؿ النظر‪ ،‬كفضوؿ الكبلـ‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬إنكار الفنت كاالبتعاد عنها‪ ،‬كعدـ ا‪١‬تشاركة فيها‪ ،‬كىي كثَتة كتكوف ُب كل زماف كمكاف‪،‬‬
‫كيعرفها كل إنساف‪ ،‬فيقف أماـ مفًتقُت‪ ،‬فأيهما ٮتتار؟‬
‫وب ىك ٍ ً‬ ‫نت ىعلىى الٍ يقلي ً‬ ‫ركل حذيفة بن اليماف ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬تيػعر ً‬
‫ا‪ٟ‬تىص ًَت عي ن‬
‫ودا‬ ‫ض الٍف ىي‬‫ٍى ي‬
‫ب أىنٍ ىكرىا نيكً ً ً‬ ‫ب أي ٍش ًربػها ني ًك ً ً‬
‫ضاءي ىحىت‬ ‫ت فيو ني ٍكتىةه بىػٍي ى‬ ‫ى‬ ‫ت فيو ني ٍكتىةه ىس ٍوىداءي ىكأىم قىػ ٍل و ى ى‬ ‫ى‬ ‫عيودان فىأىم قىػ ٍل و ى ى‬
‫ً‬ ‫ُت علىى أىبػيض ًمثٍ ًل الص ىفا(ّ) فىبلى تى ً‬ ‫ً‬
‫اآلخير‬
‫ض ىك ى‬ ‫ات ىكاألىٍر ي‬ ‫ضرهي فٍتػنىةه ىما ىد ىامت الس ىم ىو ي‬ ‫ي‬ ‫تىص ىَت ىعلىى قىػ ٍلبىػ ٍ ً ى ٍى ى‬
‫ب ًم ٍن ىى ىواهي»(ٔ)‪.‬‬ ‫ى‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫ش‬‫ٍ‬ ‫ي‬
‫أ‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ال‬‫ً‬‫إ‬ ‫ا‬
‫ر‬ ‫ك‬
‫ى‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ر‬‫ك‬‫ؼ معركفنا كالى يػٍن ً‬
‫ى ٍ ى ٍي ى ي ي ي ن ى‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫ع‬‫ػ‬‫ي‬ ‫ال‬
‫ى‬
‫(ٓ)‬
‫ا‬‫ي‬ ‫خ‬
‫ى ن‬ ‫‪٣‬ت‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫ز‬ ‫و‬ ‫ك‬
‫ي‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫ا‬‫ك‬‫ى‬
‫(ْ)‬
‫ىس ىويد يمٍربى ًّادا‬
‫أٍ‬

‫(ُ) أخرجو مسلم عن أيب ىريرة كعبد اهلل بن عمر ‪.‬‬


‫ا‪ٞ‬تى ٍع ًد الض ٍم ًرم ‪.‬‬
‫(ِ) أخرجو أبو داكد كالنسائي ىع ٍن أًىىب ٍ‬
‫(ّ) الصفا‪ :‬ا‪ٟ‬تجر األملس الذم ال يعلق بو شيء‪.‬‬
‫(ْ) مربادا‪ :‬أم ‪٦‬تزكج بياضو بسواد‪.‬‬
‫(ٓ) كالكوز ‪٣‬تخيا‪ :‬أم منكوسان‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 139 -‬‬
‫‪ -‬فإذا ا‪٧‬ترؼ اإلنساف ُب الفتنة‪ ،‬كتدىورت أخبلقو‪ ،‬كغرتو الدنيا بزخارفها‪ ،‬كنسي اآلخرة‬
‫اع ًة فًتىنان ىك ًقطى ًع اللٍي ًل الٍ يمظٍلً ًم‬ ‫كجحيمها‪ ،‬مات قلبو‪ ،‬بُت ذلك النيب ‪ ‬بقولو‪ « :‬إًف بىػ ٍ ى‬
‫ُت يى ىد ًم الس ى‬
‫صبً يح الر يج يل يم ٍؤًمنان ىكٯتيٍ ًسي ىكافًران‬ ‫وت بى ىدنيوي يي ٍ‬ ‫ب الر يج ًل ىك ىما ىٯتي ي‬
‫اف ىٯت ً‬
‫وت ف ىيها قىػ ٍل ي‬
‫ً‬
‫فتىنان ىكقطى ًع الد ىخ ي ي‬
‫ً ً‬

‫ض ًم ىن الدنٍػيىا »(ُ)‪.‬‬ ‫يع أىقٍػ ىو هاـ ىخبلىقىػ ىه ٍم ىكًدينىػ يه ٍم بً ىعىر و‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬


‫صبً يح ىكافران يىبً ي‬
‫ىكٯتيٍسي يم ٍؤمنان ىكيي ٍ‬
‫‪ -‬لذلك كاف النيب ‪ ‬يتعوذ من فتنة الصدر أم القلب‪ ،‬كما يتعوذ من عذاب القرب‪ ،‬كأرذؿ‬
‫اب الٍ ىق ًٍرب ىكأ ٍىرىذ ًؿ الٍعي يم ًر‬
‫ب ك ىع ىذ ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العمر‪ ،‬ف ىع ٍن عي ىمىر ‪( :‬أىف النًيب ‪ ‬ىكا ىف يىػتىػ ىعوذي م ىن الٍبي ٍخ ًل ىكا ٍ‪ٞ‬تيٍ ى‬
‫ىكفًٍتػنى ًة الص ٍد ًر)(ِ)‪.‬‬
‫ب ًمٍنػ ىها(ّ)‪.‬‬ ‫اؿ ككً ً‬
‫يع‪ :‬فٍتػنىةي الص ٍد ًر أى ٍف ىٯتي ى‬
‫وت الر يج يل كىدلٍ يىػتي ٍ‬ ‫‪ -‬قى ى ى ه‬
‫‪ -‬أخيراً‪٦ :‬تا مر معنا ‪٧‬تد أف أىم ما ينبغي ‪١‬تن أراد سلوؾ طريق التصوؼ طريق الذكر كاإلحساف‬
‫كالنجاح أف يسعى المتبلؾ القلب السليم كاحملافظة عليو‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن أيب موسى ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫(ّ)أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫‪- 141 -‬‬
‫المطلب السادس‬
‫السعي لتحقيق المقامات واألحوال التي تُـبَـلغوُ الطريق وتدلو عليو‬
‫‪( -‬قسم الصوفيوف طريقهم إذل مراحل أك منازؿ أك مقامات فا‪١‬تسمى كاحد كإف اختلفت‬
‫التسميات‪ ،‬كقد عمدكا إذل ىذه التسمية تشبيهان لو بالطريق ا‪١‬تادم حيث ‪٬‬تتازه ا‪١‬تسافر مرحلة‬
‫بعد مرحلة‪ ،‬فإذا ٗتطى مرحلة نزؿ ليسًتيح كيريح راحلتو‪ ،‬كيتزكد ليستأنف الرحلة من جديد) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقد اصطلح العلماء على تسميتها با‪١‬تقامات كاألحواؿ كىو ا‪١‬تشهور من أ‪ٝ‬تائها‪.‬‬
‫‪ ‬المقامات‪ :‬من اإلقامة كالثبات كعدـ التغَت أك التبدؿ‪ ،‬كقد عرؼ السراج الطوسي ا‪١‬تقاـ‬
‫بأنو‪( :‬مقاـ العبد بُت يدم اهلل ‪ ‬فيما يقاـ فيو من العبادات كاجملاىدات كالرياضات‬
‫كاالنقطاع إذل اهلل ‪.)ِ()‬‬
‫(ّ)‬
‫‪ -‬قاؿ اهلل تعاذل‪ :‬ﮋﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ‬
‫‪ -‬كا‪١‬تقامات يكتسبها العبد بالتزاـ الشريعة‪ ،‬ك‪٣‬تاىدة النفس‪ ،‬كمواصلة الًتبية‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ ‪٤‬تمد بن كاسع(ٓ) ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬كابدت الليل عشرين سنة‪ ،‬فتنعمت بو عشرين سنة) (ٔ)‪.‬‬

‫(ُ) د‪ .‬عبد الفتاح بركة‪ :‬التصوؼ كاألخبلؽ ص ُٔٓ ‪.‬‬


‫(ِ) اللمع صٔٓ‪.‬‬
‫(ّ) سورة إبراىيم‪ُْ:‬‬
‫(ْ) سورة الصافات‪ُْٔ:‬‬
‫(ٓ)‪٤‬تمد بن كاسع‪ :‬أبو بكر ‪٤‬تمد بن كاسع بن جابر االزدم‪ ،‬فقيو كرع‪ ،‬من الزىاد‪.‬من أىل البصرة‪.‬عرض‬
‫عليو قضاؤىا‪ ،‬فأىب‪.‬كىو من ثقات أىل ا‪ٟ‬تديث توُب سنة (ُِّ ق ‪ ُْٕ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ٔ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جزءٔ‪ ،‬صَْٔ‪.‬‬
‫‪- 141 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ مالك بن دينار(ُ) ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬حفظت القرآف عشرين سنة ٍب تنعمت بتبلكتو عشرين‬
‫سنة)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمثا‪٢‬تا ُب عصر النبوة ما اتصف بو الصحابة الكراـ من مقامات استقاموا عليها طيلة حياهتم‬
‫كاإلخبلص كالصدؽ كالصرب كالتوكل كالزىد كغَت ذلك‪.‬‬

‫ت) (ّ)‪.‬‬
‫ىسلى ٍم ي‬
‫ت يمٍن يذ أ ٍ‬
‫‪ -‬فكاف أحدىم يقوؿ‪ ( :‬ىما ىك ىذبٍ ي‬
‫‪ ‬األحوال‪ :‬من التحوؿ كالتغَت كالتبدؿ كعدـ الدكاـ‪.‬‬

‫‪ -‬كمعٌت األحواؿ‪ :‬ىو ما ى٭تيل بالقلوب‪ ،‬أك ٖتل بو القلوب من صفاء األذكار‪ ،‬كىو معٌت يرد‬
‫على القلب من غَت تعمد كال اجتذاب كال اكتساب‪ ،‬ككاف عارضان سريع الزكاؿ‪.‬‬

‫‪ -‬كقد حكي عن ا‪ٞ‬تنيد ر‪ٛ‬تو اهلل أنو قاؿ‪( :‬ا‪ٟ‬تاؿ نازلة تنزؿ بالقلوب فبل تدكـ)(ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كا‪ٟ‬تاؿ يأٌب من فضل اهلل ‪ ،‬كليس من طريق اجملاىدات كالعبادات‪ ،‬فاألحواؿ مواىب‪،‬‬
‫كا‪١‬تقامات مكاسب‪.‬‬

‫‪ -‬لذلك قاؿ أىل التصوؼ‪( :‬األحواؿ تأٌب من عُت ا‪ٞ‬تود‪ ،‬كا‪١‬تقامات ٖتصل ببذؿ اجملهود) (ٓ)‪.‬‬

‫(ُ)مالك بن دينار‪ :‬أبو ٭تِت مالك بن دينار البصرم‪ ،‬من ركاة ا‪ٟ‬تديث‪.‬كاف كرعا‪ ،‬توُب سنة (ُُّ ق‪/‬‬
‫ْٖٕـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ)السراج الطوسي‪ :‬اللمع ص ٔٔ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن عبد اهلل بن مسعود ‪.‬‬
‫(ْ)السراج الطوسي ‪ ،‬اللمع ص ٔٔ‪.‬‬
‫(ٓ)أبو العزاًن جاد الكرًن بكَت‪ :‬طبلئع الصوفية صِْ‪.‬‬
‫‪- 142 -‬‬
‫‪ -‬من ىذا القبيل ما حدث من حاؿ مع الصحايب ا‪ٞ‬تليل حنظلة ‪ :‬فقد ركل ىحٍنظىلىةي‬
‫ت يىا ىحٍنظىلىةي‬ ‫ف أىنٍ ى‬ ‫اؿ‪ :‬ىكٍي ى‬ ‫اؿ‪ :‬لىًقيىًٍت أىبيو بى ٍك ور ‪ ‬فىػ ىق ى‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ‬قى ى‬ ‫اب رس ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يسيدم ىكىكا ىف م ٍن يكت ى ي‬
‫األ ً‬
‫ى‬
‫وؿ الل ًو ‪ ‬يي ىذكيرنىا‬ ‫ت‪ :‬نى يكو يف ًعٍن ىد رس ً‬
‫ىي‬ ‫اؿ قيػ ٍل ي‬‫وؿ قى ى‬‫اؿ‪ :‬يسٍب ىحا ىف الل ًو ىما تىػ يق ي‬ ‫ت‪ :‬نىافى ىق ىحٍنظىلىةي قى ى‬ ‫اؿ قيػ ٍل ي‬
‫قى ى‬
‫ً ًً ً ً‬ ‫و ً‬ ‫ا‪ٞ‬تن ً‬ ‫ً‬
‫اج ىكاأل ٍىكالى ىد‬
‫م ىع ٍُت فىإذىا ىخىر ٍجنىا م ٍن عٍند ىر يسوؿ اللو ‪ ‬ىعافى ٍسنىا األ ٍىزىك ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬‫أ‬
‫ر‬‫ى‬ ‫ا‬ ‫ىن‬‫أ‬ ‫ك‬
‫ى‬ ‫ىت‬ ‫ح‬‫ى‬ ‫ة‬ ‫بالنا ًر ىك ٍى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ات فىػنى ًسينىا ىكثً نَتا قى ى‬ ‫كالضيػع ً‬
‫ت أىنىا ىكأىبيو بى ٍك ور ىحىت‬ ‫اؿ أىبيو بى ٍك ور‪ :‬فىػ ىو اللو إًنا لىنىػ ٍل ىقى مثٍ ىل ىى ىذا‪ .‬فىانٍطىلى ٍق ي‬ ‫ى ٍى‬
‫وؿ الل ًو ‪ «:‬ىكىما ىذ ىاؾ »‪.‬‬ ‫اؿ ىر يس ي‬‫وؿ الل ًو‪ .‬فىػ ىق ى‬
‫ت نىافى ىق ىحٍنظىلىةي يىا ىر يس ى‬ ‫دخ ٍلنىا علىى رس ً ً‬
‫وؿ اللو ‪ ‬قيػ ٍل ي‬ ‫ىى ى ىي‬
‫ُت فىًإ ىذا ىخىر ٍجنىا ًم ٍن ًعٍن ًد ىؾ‬
‫ا‪ٞ‬تىن ًة ىحىت ىكأىنا رأٍم ىع ٍ و‬
‫ى ى‬ ‫وؿ الل ًو نى يكو يف ًعٍن ىد ىؾ تي ىذكيرنىا بًالنا ًر ىك ٍ‬
‫ت‪ :‬يىا ىر يس ى‬ ‫قيػ ٍل ي‬
‫وؿ الل ًو ‪ «:‬ىكال ًذم نػى ٍف ًسي بًيى ًدهً أ ٍف لىٍو‬ ‫اؿ ىر يس ي‬ ‫عافىسنىا األ ٍىزكاج كاألىكالىد كالضيػع ً‬
‫ات نى ًسينىا ىكثً نَتا‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫ى ى ى ٍ ى ى ٍى‬ ‫ى ٍ‬
‫صافى ىحٍت يك يم الٍ ىمبلىئً ىكةي ىعلىى فيػيرًش يك ٍم ىكًَب طييرقً يك ٍم ىكلى ًك ٍن‬ ‫ًً‬
‫كمو ىف ىعلىى ىما تى يكونيو ىف عٍندم ىكًُب الذ ٍك ًر لى ى‬ ‫تى يد ي‬
‫ات(ُ)‪.‬‬ ‫ث مر و‬
‫اعةن »‪ .‬ثىبلى ى ى‬ ‫اعةن ىك ىس ى‬
‫يىا ىحٍنظىلىةي ىس ى‬
‫‪( -‬كيذىب اإلماـ الغزارل ُب تعريفو للمقاـ ك ا‪ٟ‬تاؿ مذىب السراج الطوسي فالوصف إ‪٪‬تا يسمى‬
‫مقامان إذا ثبت ك أقاـ‪ ،‬ك إ‪٪‬تا يسمى حاالن إذا كاف عارضان سريع الزكاؿ) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كبالرغم من تلك التعريفات إال أف التداخل قائم بُت ا‪١‬تقاـ ك ا‪ٟ‬تاؿ ‪،‬ك قد عد السهركردم‬
‫الضابط ا‪١‬تفرؽ بينهما اللفظ كالعبارة إذ ( أف اللفظ ك العبارة عنهما مشعر بالفرؽ فا‪ٟ‬تاؿ ي‪ٝ‬تي‬
‫حاالن لتحولو ك ا‪١‬تقاـ مقامان لثبوتو ك استقراره ) (ّ)‪.‬‬

‫‪( -‬كيرل أىل التصوؼ أف كل فضيلة ال تستغٍت مقامان عن حاؿ إذ أف ا‪ٟ‬تاؿ مقدمة ا‪١‬تقاـ‬
‫فبلبد من أف يوجد فيها حاؿ ك مقاـ ففي الزىد حاؿ كمقاـ ك ُب التوكل حاؿ كمقاـ ك ُب الرضا‬

‫(ُ) أخرجو مسلم‪.‬‬


‫(ِ)الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جزء ْ ص ُّٗ ‪.‬‬
‫(ّ)عوارؼ ا‪١‬تعارؼ ص ِّْ ‪.‬‬
‫‪- 143 -‬‬
‫حاؿ ك مقاـ إذان فالشيء بعينو قد يكوف حاالن ٍب يصَت مقامان ألنو يتحوؿ أما ا‪١‬تقاـ فهو‬
‫ثابت)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كأل‪٫‬تية ىذه ا‪١‬تقامات كاألحواؿ‪ ،‬كلقياـ الطريق عليها كاف لكل إماـ من أئمة التصوؼ فيها‬
‫مذىب‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كقد ٖتدث علماء التصوؼ عن مقامات كأحواؿ كثَتة كفصلوا فيها ا‪ٟ‬تديث أتناكؿ أ‪٫‬تها‬
‫بالشرح ا‪١‬تبسط ُب الباب التارل‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ)ا‪١‬ترجع السابق ص ِْٓ ‪.‬‬


‫‪- 144 -‬‬
‫الباب الرابع‪:‬‬
‫أىم المقامات و األحوال‬
‫ٔ‪ -‬التوبة‬
‫ٕ‪ -‬المحاسبة‬
‫ٖ‪ -‬المحبة‬
‫ٗ‪ -‬التقوى‬
‫٘‪ -‬اإلخالص‬
‫‪ -ٙ‬الستقامة‬
‫‪ -ٚ‬الزىد‬
‫‪ -ٛ‬الرضا‬
‫‪ -ٜ‬الشكر‬
‫ٓٔ‪ -‬الصبر‬
‫‪- 145 -‬‬
‫أولً ‪ -‬مقام التوبة‬
‫‪ -‬قاؿ أبو يعقوب يوسف بن ‪ٛ‬تداف السوسي ر‪ٛ‬تو اهلل كىو من أعبلـ التصوؼ‪:‬‬

‫(أكؿ مقاـ من مقامات ا‪١‬تنقطعُت إذل اهلل تعاذل التوبة) (ُ)‪.‬‬

‫‪( -‬التوبة أكؿ منزؿ من منازؿ السالكُت‪ ،‬كأكؿ مقاـ من مقامات الطالبُت‪ ،‬وحقيقة التوبة في‬
‫اللغة‪ :‬الرجوع‪ ،‬يقاؿ‪ :‬تاب أم رجع‪ ،‬فالتوبة‪ :‬الرجوع عما كاف مذمومان ُب الشرع إذل ما ىو‬
‫‪٤‬تمود فيو) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬فالتوبة إذاً‪ :‬ىي رجوع العبد إذل ربو من األكصاؼ ا‪١‬تذمومة ُب الشرع إذل األكصاؼ احملمودة‬
‫فيو‪ ،‬كىي مبدأ طريق السالكُت‪ ،‬كمفتاح سعادة ا‪١‬تريدين‪ ،‬كشرط ُب صحة السَت إذل اهلل رب‬
‫العا‪١‬تُت‪.‬‬

‫‪ -‬كلقد زخر القرآف الكرًن باآليات الدالة على ىذا ا‪١‬تقاـ ك ساؽ أىل التصوؼ بعضان منها‬
‫لبلستدالؿ على ىذا ا‪١‬تقاـ كما ُب قولو تعاذل ‪:‬‬

‫(ّ)‬
‫ﮋﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬


‫(ْ)‬
‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﮊ‬

‫(ُ)السراج الطوسي‪ :‬اللمع‪ ،‬صٖٔ‪.‬‬


‫(ِ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صُٗ‪.‬‬
‫(ّ) سورة النور‪ُّ :‬‬
‫(ْ) سورة التحرًن‪ٖ :‬‬
‫‪- 146 -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪ُ(:‬ب اآلية األكذل إهنا خطاب للعموـ ك ُب الثانية إهنا خطاب‬ ‫‪ -‬قاؿ أبو طالب ا‪١‬تكي‬
‫للخصوص)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف الرسوؿ ا‪١‬تعصوـ عليو الصبلة السبلـ كثَتان ما ‪٬‬تدد التوبة كيكرر االستغفار تعليمان لؤلمة‬
‫األغر بن يسار ا‪١‬تزين ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قاؿ‪:‬‬
‫كتشريعان فقد ركل ٌ‬
‫وب ًُب الٍيىػ ٍوًـ إًلىٍي ًو ًمائىةى ىمرةو »(ّ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫اس تيوبيوا إً ىذل اللو فىًإين أىتي ي‬
‫« يىا أىيػ ىها الن ي‬
‫‪ -‬ككاف أصحاب النيب ‪ ‬يعدكف لو ُب اجمللس الواحد قبل أف يقوـ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يم »(ْ)‪.‬‬
‫اب الرح ي‬ ‫ب ىعلىي إًن ى‬
‫ك أىنٍ ى‬
‫ت التػو ي‬ ‫« ىرب ا ٍغفٍر ًرل ىكتي ٍ‬
‫ُت اهللً تىػ ىع ى‬
‫اذل الى‬ ‫صيةي بػُت ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫العٍبد كبػى ٍ ى‬
‫اؿ العلماءي‪( :‬التػ ٍوبىةي ىكاجبىةه م ٍن يكل ذىنٍب‪ ،‬فإ ٍف ىكانت ا‪١‬تىٍع ى ى ٍ ى ى‬ ‫‪ -‬قى ى‬
‫آد ًم ٍّي فىػلى ىها ثىبلثىةي يشيركط‪:‬‬ ‫ْتق ى‬ ‫تىػتىعل يق ٌ‬
‫أح ُدىا‪ :‬أ ٍف يقلًع ع ًن ا‪١‬تع ً‬
‫صيى ًة ‪.‬‬ ‫ي ى ى‬ ‫َ‬
‫والثَّانِي‪ :‬أى ٍف يىػٍن ىد ىـ ىعلىى فً ٍعلً ىها ‪.‬‬
‫َّالث‪ :‬أ ٍف يػع ًزـ أى ٍف ال يعود إًلىيػها أىبدان ‪ .‬فىًإ ٍف فيًق ىد أىح يد الثبلثىًة ىدل تى ً‬
‫صح تىوبىػتيوي‪.‬‬ ‫والث ُ‬
‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ي ى ٍى ى‬ ‫ىٍ ى‬

‫(ُ)أبو طالب ا‪١‬تكي ‪٤‬تمد بن علي بن عطية ا‪ٟ‬تارثي‪ ،‬كاعظ زاىد‪ ،‬فقيو‪.‬من أىل ا‪ٞ‬تبل (بُت بغداد‬
‫ككاسط) نشأ كاشتهر ٔتكة‪.‬كرحل إذل البصرة فاهتم باالعتزاؿ‪.‬كسكن بغداد فوعظ فيها‪ ،‬فحفظ عنو الناس‬
‫أقواال ىجركه من أجلها‪.‬كتوُب ببغداد سنة (ّٖٔ ق‪ ٗٗٔ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) قوت القلوب جزء ُ ص ُٕٗ ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو أبو داكد كالًتمذم كابن ماجو عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪- 147 -‬‬
‫احبًها‪ ،‬فىًإ ٍف‬ ‫ىذهً الثبلثىةي‪ ،‬كأ ٍف يػبػرأ ًمن حق ص ً‬ ‫صيةي تىػتػعلق بآد ًمي فىشركطيها أربػعةه‪ً :‬‬ ‫ت ا‪١‬تع ً‬ ‫ً‬
‫ىٍ ى ٍ ى ٌ ى‬ ‫ى ى ي ى ٍّ ي ي ى ٍ ى ى‬ ‫كإ ٍف ىكانى ىٍ‬
‫ً‬ ‫و‬
‫ب ىع ٍف ىوهي‪ ،‬كإ ٍف ىكانٍت‬ ‫ك‪٨‬ت ىوهي ىمكنىوي مٍنوي أ ٍىك طىلى ى‬ ‫ت ماالن أ ٍىك ىٍ‪٨‬ت ىوهي ىردهي إًلىٍيو‪ ،‬كإ ٍف ىكانىت ىحد قى ٍذؼ ىٍ‬ ‫ىكانى ٍ‬
‫وب) (ُ)‪.‬‬ ‫ًغيبةن استىحلوي ًمٍنػها‪ .‬ك ً‪٬‬تب أ ٍف يػتيوب ًمن ‪ٚ‬تي ًع الذني ً‬
‫ي ى ى ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬
‫ىح ود ًم ٍن ًعٍر ًض ًو أ ٍىك ىش ٍي وء فىػ ٍليىتى ىحل ٍلوي ًمٍنوي الٍيىػ ٍوىـ‪ ،‬قىػٍب ىل‬
‫ت لىوي ىمظٍلى ىمةه أل ى‬ ‫‪ -‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬ىم ٍن ىكانى ٍ‬
‫ًً‬ ‫أى ٍف الى ي يكو ىف ًدينىار كالى ًدرىم ‪ ،‬إً ٍف ىكا ىف لىو عمل ً ً ً‬
‫صال هح أيخ ىذ مٍنوي بًىق ٍد ًر ىمظٍلى ىمتو‪ ،‬ىكإً ٍف ىدلٍ تى يك ٍن لىوي‬ ‫ي ىى ه ى‬ ‫ه ى ٍى ه‬ ‫ى‬
‫احبً ًو فى يح ًم ىل ىعلىٍي ًو »(ِ) ‪.‬‬ ‫ات ص ً‬ ‫ً‬ ‫حسنى ً ً‬
‫ات أيخ ىذ م ٍن ىسيئى ى‬ ‫ىى ه‬
‫وؿ اهللً ‪ ،‬ىم ٍن الى ًد ٍرىى ىم لىوي ‪ ،‬ىكالى‬ ‫س فًينىا يىا ىر يس ى‬ ‫ي ي‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪« :‬أتى ٍدرك ىف م ًن الٍم ٍفلًس ؟ قىاليوا ‪ :‬الٍم ٍفلً‬
‫ي ى ي ي‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫اؿ ‪ :‬الٍم ٍفلًس ًمن أيم ًيت يػوـ الٍ ًقيام ًة من يأًٌٍب بً و ً‬
‫ض‬‫صبلىة ‪ ،‬ىكصيى واـ ىكىزىكاة ‪ ،‬ىكيىأًٌٍب قى ٍد ىشتى ىم عٍر ى‬ ‫ىٍ ى ى ى ى ٍ ى ى‬ ‫اع ‪ ،‬قى ى ي ي ٍ‬ ‫ىمتى ى‬
‫ب ىى ىذا ‪ ،‬فىػييػ ٍق ىع يد فىػيىػ ٍقتىص ىى ىذا ًم ٍن ىح ىسنىاتًًو ‪ ،‬ىكىى ىذا ًم ٍن‬ ‫ضىر ى‬
‫اؿ ىى ىذا ‪ ،‬ىك ى‬ ‫ؼ ىى ىذا ‪ ،‬ىكأى ىك ىل ىم ى‬ ‫ىى ىذا ‪ ،‬ىكقى ىذ ى‬
‫ًح ىعلىٍي ًو ‪ ،‬يٍب‬ ‫اى ٍم ‪ ،‬فىطير ى‬
‫ً ً ً‬
‫ضى ىما ىعلىٍيو ‪ ،‬أيخ ىذ م ٍن ىخطىايى ي‬ ‫ت ىح ىسنىاتيوي ‪ ،‬قىػٍب ىل أى ٍف يػي ٍق ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ىح ىسنىاتو ‪ ،‬فىًإ ٍف فىنيى ٍ‬
‫ًح ًُب النا ًر» (ّ) ‪.‬‬ ‫طير ى‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬ىذا كإف اهلل ‪ ‬٭تب التوابُت‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯚﯛﯜﯝﯞﯟﮊ‬
‫‪ -‬كيفرح اهلل ‪ ‬بتوبة عبده فرحان شديدان بُت ذلك حديث متواتر عن النيب ‪ ‬ركاه ابن مسعود‪،‬‬
‫كالرباء بن عازب‪ ،‬ك النعماف بن بشَت‪ ،‬كأبو ىريرة‪ ،‬كأنس بن مالك ‪ ‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪:‬‬
‫ت‬ ‫احلى ًتو و و‬ ‫ىشد فىػرحان بًتىوب ًة عب ًدهً ًحُت يتوب إًلىي ًو ًمن أىح ًد يكم ىكا ىف علىى ر ً‬
‫بأرض فىبلة‪ ،‬فىانٍػ ىفلىتى ٍ‬ ‫ى ى‬ ‫ى ي ٍ ٍ ى ٍ‬ ‫ى ىٍ‬ ‫« هللي أ ى ى‬
‫س ًم ٍن ىراحلىت ًو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًمٍنو كعلىيػها طىعامو ك ىشرابو فأىيً ً‬
‫س مٍنػ ىها‪ ،‬فىأىتى ىش ىجىرنة فاضطى ىج ىع ُب ظل ىها كقد أي ى‬‫ي ى ى ٍى ى يي ى ى ي ى‬

‫(ُ) اإلماـ النوكم‪ :‬رياض الصا‪ٟ‬تُت صِِ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪ِِِ :‬‬
‫‪- 148 -‬‬
‫طامها‪ ،‬يٍب قى ى ً ً ً‬
‫نده‪ ،‬فىأ ًً ً‬ ‫ً ً ً‬ ‫ً‬
‫ت‬
‫اؿ م ٍن شدة ال ىفىرًح‪ :‬الل يهم أنٍ ى‬ ‫ك إً ٍذ يى ىو هبا قائ ىمةن ع ى ي ى‬
‫ىخ ىذ ٓت ى‬ ‫فىػبىينىما يى ىو ىك ىذل ى‬
‫ىخطىأى ًم ٍن ًشدةً ال ىفىرًح » (ُ) ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ك! أ ٍ‬‫ىعبدم كأنا ىرب ى‬
‫‪ -‬كاهلل ‪ ‬٭تب من عبده إذا أذنب أف يتوب‪ ،‬كقد جعل لو باب التوبة مفتوحان ليل هنار‪ ،‬فعن‬
‫وب يم ًسيءي النػ ىها ًر ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ط يى ىدهي بًاللٍي ًل ليىتي ى‬
‫أيب موسى األشعرم ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قاؿ‪« :‬إًف اللوى يىػٍب يس ي‬
‫س ًم ٍن ىم ٍغ ًرًهبىا» (ِ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫ط يى ىدهي بًالنػ ىها ًر ليىتي ى‬
‫وب يمسيءي اللٍيل ىحىت تىطٍلي ىع الش ٍم ي‬ ‫ىكيىػٍب يس ي‬
‫‪ -‬كعندما يتوب ا‪١‬تسلم فاهلل ‪ ‬قد يقبل توبتو كٯتحو سيئاتو كيعفو عنو‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮊ‬
‫ب لىوي »(ْ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬كقاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬التائً ً‬
‫ب م ىن الذنٍب ىك ىم ٍن الى ىذنٍ ى‬
‫ي‬
‫‪ -‬كالبد ‪١‬تن سلك طريق التصوؼ كابتدأ ٔتقاـ التوبة أف يكثر من االستغفار ألنو من أسباب‬
‫قبوؿ التوبة‪ ،‬كاالستغفار‪-‬مصدر فعلو استغفر‪ -‬أم طلب الغفراف‪ ،‬كالغفراف من اهلل للعبد أف‬
‫يصونو عن العذاب فيقبل توبتو‪ ،‬كيبعده عن ا‪١‬تهالك‪ ،‬كلقد جاءت ُب القرآف الكرًن آيات كثَتة‬
‫ٖتث على االستغفار منها قولو تعاذل حكاية عن سيدنا نوح ‪:‬‬

‫ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂﭑ ﭒ‬
‫(ٓ)‬
‫ﭓﭔﭕﮊ‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) سورة الشورل‪ِٓ:‬‬
‫(ْ) أخرجو ابن ماجو ُب سننو ىع ٍن أًىيب عيبىػٍي ىد ىة بٍ ًن ىعٍب ًد الل ًو ىع ٍن أىبً ًيو‪.‬‬
‫(ٓ) سورة نوح‪ُُ-ٗ:‬‬
‫‪- 149 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰ ﮱ﮲﮳﮴﮵﮶﮷﮸ ﮹‬
‫(ُ)‬
‫﮺﮻﮼﮽﮾﮿﯀﯁﯂﯃﯄﯅ﮊ‬

‫‪ -‬كيقوؿ عز من قائل‪ :‬ﮋ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬


‫(ِ)‬
‫ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل‪ :‬ﮋ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬

‫ﮠﮡ ﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كقاؿ جل كعبل‪ :‬ﮋﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮊ‬


‫(ْ)‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ‬
‫(ٓ)‬
‫ﯷﮊ‬

‫‪ -‬يقوؿ اإلماـ علي كرـ اهلل كجهو‪( :‬ثنتاف تيؤمناف من العذاب‪ ،‬كقد رفعت إحدا‪٫‬تا كبقيت‬
‫الثانية‪ ،‬كتبل ىذه اآلية‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬العجب ‪٦‬تن يهلك‪ ،‬كمعو النجاة‪ ،‬قيل كما ىي؟ قاؿ‪:‬‬
‫االستغفار‪ ،‬كقاؿ‪ :‬ما أ‪٢‬تم اهلل سبحانو عبدان االستغفار‪ ،‬كىو يريد أف يعذبو) (ٔ)‪.‬‬

‫(ُ) سورة ىود‪ّ:‬‬


‫(ِ) سورة ىود‪.ِٓ:‬‬
‫(ّ) سورة النساء‪َُُ:‬‬
‫(ْ) سورة النصر‪ّ:‬‬
‫(ٓ) سورة األنفاؿ‪ّّ:‬‬
‫(ٔ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جزءُ صَِّ‪.‬‬
‫‪- 151 -‬‬
‫‪ -‬كقد ٖتدث النيب ‪ ‬عن أ‪٫‬تية االستغفار ُب أحاديث كثَتة منها‪« :‬أال أدلكم على دائكم‬
‫كدكائكم أال إف داءكم الذنوب كدكاءكم االستغفار» (ُ)‪.‬‬

‫اال ٍستً ٍغ ىف ىار ىج ىع ىل اللوي لىوي ًم ٍن يكل ًض ويق ‪٥‬تىٍىر نجا ىكًم ٍن يكل ىى ٍّم فىػىر نجا ىكىرىزقىوي ًم ٍن‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ « :‬من لى ًزـ ً‬
‫ىٍ ى‬
‫ب »(ِ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ث الى ىٍ٭تتىس ي‬
‫ىحٍي ي‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪ «:‬إف للقلوب صدأ كصدأ النحاس كجبل يؤىا االستغفار »(ّ)‪.‬‬

‫ً‬ ‫ىستىػ ٍغ ًفير‬


‫اللوى ًُب الٍيىػ ٍوـ ًمائىةى‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬كٖتدث النيب ‪ ‬عن نفسو فقاؿ‪« :‬إًنوي لىييػغىا يف ى‬
‫(ْ)‬
‫ٍ‬ ‫أل‬ ‫ين‬ ‫إ‬‫ك‬‫ى‬ ‫ً‬
‫يب‬‫ل‬‫ٍ‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ق‬ ‫ى‬‫ل‬
‫ى‬ ‫ع‬
‫ىمرةو»(ٓ)‪.‬‬

‫‪ -‬كينبغي للسالك طريق التصوؼ كىو طريق اهلل ‪ُ ‬ب أكؿ مقاماتو التوبة‪ ،‬كأف تكوف توبتو‬
‫توبة نصوحان‪ ،‬كالنصح ُب التوبة ىو ٗتليصها من كل غش كفساد‪ ،‬كأف يكوف عهد بينو كبُت اهلل‬
‫أال يعود إذل ما كاف عليو من الذنوب‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ سعيد بن ا‪١‬تسيب‪( :‬توبة نصوح‪ :‬تنصحوف هبا أنفسكم) (ٔ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ ا‪ٟ‬تسن البصرم‪( :‬ىي أف يكوف العبد نادمان على ما مضى ‪٣‬تمعان على أال يعود إليو)(ٕ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البيهقي كالديلمي عن أنس ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أبو داكد كابن ماجو عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البيهقي ُب شعبو عن أنس ‪.‬‬
‫(ْ)كغُت على الرجل ركب قلبو السهو كالغفلة‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن األغر بن ا‪١‬تزين ‪.‬‬
‫(ٔ)تفسَت القرطيب‪.‬‬
‫وس صٕٗ‪.‬‬
‫(ٕ)د‪.‬أ‪ٛ‬تد فريد‪ :‬تزكية النٌػ يف ً‬
‫‪- 151 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ الواسطي(ُ)‪( :‬التوبة النصوح ال تبقي على صاحبها أثران من ا‪١‬تعصية سران كال جهران) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كينبغي ‪٢‬تذا السالك أف يبدأ طريقو إذل اهلل هبذه التوبة النصوح من كل ما مضى من الذنوب‬
‫ا‪١‬تتعلقة ْتق اهلل ‪ ‬قبل سلوكو‪ ،‬كينبغي لو أف يرد لآلخرين ‪ٚ‬تيع حقوقهم عليو‪ٍ ،‬ب ينبغي لو بعد‬
‫ذلك أف يبتعد عن الذنوب صغَتىا ككبَتىا فإف غفل كارتكب ذنبان فعليو أف يستغفر اهلل ‪ ‬من‬
‫ذلك الذنب كيتوب إليو مباشرة‪ ،‬كأف يكوف ذلك ديدنو طيلة حياتو‪.‬‬
‫‪ -‬كينبغي ‪٢‬تذا السالك إذا غفل عن التوبة‪ ،‬كاستغرؽ ُب ذنوبو مدة من الزماف أف يعاكد الرجوع‬
‫إذل اهلل كيتوب إليو ألف اهلل تواب رحيم كيقبل التوبة عن عباده كيعفو عن السيئات‪.‬‬
‫ً‬
‫ب ىذنٍػبنا –‬ ‫اؿ‪ :‬أى ٍذنى ى‬
‫اب ىذنٍػبنا ‪ -‬ىكيرٔتىا قى ى‬ ‫ىص ى‬ ‫ت النًيب ‪ ‬يقوؿ‪ « :‬إًف ىعٍب ندا أ ى‬ ‫كقاؿ أىبىو يىىريٍػىرىة ‪ ‬ى‪ٝ‬ت ٍع ي‬
‫ىعلً ىم ىعٍب ًدم أىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغ ًفير‬ ‫اؿ ىربوي‪ :‬أ ى‬‫ت ‪ -‬فىا ٍغ ًفٍر ًرل فىػ ىق ى‬ ‫ىصٍب ي‬ ‫اؿ‪ :‬أ ى‬ ‫ت ‪ -‬ىكيرٔتىا قى ى‬ ‫اؿ‪ :‬ىرب أى ٍذنىػٍب ي‬ ‫فىػ ىق ى‬
‫الذنٍب كيأٍخ يذ بًًو ىغ ىفر ً ً‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫ب ىذنٍػبنا ‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫اب ىذنٍػبنا أ ٍىك أى ٍذنى ى‬
‫ىص ى‬‫ث ىما ىشاءى اللوي ‪ ،‬يٍب أ ى‬ ‫ت ل ىعٍبدم ‪ .‬يٍب ىم ىك ى‬ ‫ٍي‬ ‫ى ىى ي‬
‫ب ىكيىأٍ يخ يذ بًًو‬ ‫ن‬
‫ٍ‬ ‫الذ‬ ‫ر‬ ‫اؿ‪ :‬أىعلًم عب ًدم أىف لىو ربًّا يػ ٍغ ً‬
‫ف‬ ‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫رب أى ٍذنىػبت ‪ -‬أىك أىصبت ‪ -‬آخر فىا ٍغ ً‬
‫ف‬
‫ى‬ ‫ى ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ىى‬ ‫ٍ ي ٍ ىٍ ي‬ ‫ى‬
‫ىغ ىفر ً ً‬
‫اؿ‪ :‬ىرب‬ ‫اؿ‪ ،‬قى ى‬ ‫اب ىذنٍػبنا – قى ى‬ ‫ص ى‬ ‫اؿ‪ :‬أى ى‬‫ب ىذنٍػبنا ‪ -‬ىكيرٔتىا قى ى‬ ‫ث ىما ىشاءى اللوي يٍب أى ٍذنى ى‬ ‫ت ل ىعٍبدم ‪ ،‬يٍب ىم ىك ى‬ ‫ٍي‬
‫ب ىكيىأٍ يخ يذ بًًو‬ ‫ً‬ ‫اؿ‪ :‬أ ً ً‬ ‫ً‬
‫ىعل ىم ىعٍبدم أىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغفير الذنٍ ى‬ ‫آخىر فىا ٍغفٍرهي ًرل ‪ .‬فىػ ىق ى ى‬ ‫ت‪ -‬ى‬ ‫ت ‪ -‬أ ٍىك أى ٍذنىػٍب ي‬
‫ىصٍب ي‬
‫أى‬
‫ت لً ىعٍب ًدم ‪ -‬ثىبلىثنا ‪ -‬فىػ ٍليىػ ٍع ىم ٍل ىما ىشاءى »(ّ) ‪.‬‬ ‫ىغ ىفٍر ي‬
‫‪ -‬حكي أف شابان عبد اهلل ‪ ‬عشرين سنة‪ٍ ،‬ب عصاه عشرين سنة‪ٍ ،‬ب نظر ُب ا‪١‬ترآة فرأل‬
‫الشيب ُب ‪ٟ‬تيتو فساءه ذلك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إ‪٢‬تي أطعتك عشرين سنة‪ٍ ،‬ب عصيتك عشرين سنة‪ ،‬فإذا‬

‫(ُ)الواسطي أبو ا‪ٟ‬تسن علي بن ا‪ٟ‬تُت بن أ‪ٛ‬تد الشافعي‪ ،‬زاىد‪ .‬مات ‪٤‬ترمان ببدر سنة (ّّٕ ى ػ ػ ػ ػ ػػ‪/‬‬
‫ُّّّ ـ) [األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ِ)القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 152 -‬‬
‫رجعت إليك فهل تقبلٍت؟ فسمع نداءن يقوؿ‪ :‬أحببتنا فأجبناؾ‪ ،‬كتركتنا فما تركناؾ‪ ،‬كرزقناؾ‬
‫كأعطيناؾ‪ ،‬كعصيتنا فأمهلناؾ‪ ،‬كإف رجعت إلينا قىبًٍلنىاؾ‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ أحد ا‪١‬تربُت العارفُت‪ :‬إف الشاب إذا بكى من ذنوبو‪ ،‬كاعًتؼ بعيوبو إذل سيده ك‪٤‬تبوبو‪،‬‬
‫كقاؿ‪ :‬إ‪٢‬تي أنا أسأت‪ ،‬فيقوؿ اهلل تعاذل‪ :‬كأنا سًتت‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬إ‪٢‬تي أنا ندمت‪ ،‬فيقوؿ اهلل تعاذل‪:‬‬
‫كأنا علمت‪ ،‬فيقوؿ إ‪٢‬تي رجعت‪ ،‬فيقوؿ اهلل تعاذل‪ :‬كأنا قبلت‪ ،‬كعفوت‪ ،‬كغفرت‪.‬‬
‫‪ -‬أخَتان ينبغي على السالك مقاـ التوبة أف يراقب نفسو فبل يرتكب ذنبان ْتق اهلل فهو ُب صحوة‬
‫دائمة كمراقبة مستمرة‪ ،‬كمع ذلك قد يغفو أحيانان أك يسهو فيقع ُب الذنب فيشعر بو مباشرة‪،‬‬
‫ككأنو كقع عليو جبل‪ ،‬كما كرد ُب ا‪ٟ‬تديث فيسرع ُب اإلقبلع عنو كالندـ عليو ٍب يستغفر اهلل‬
‫كثَتان‪ ،‬كيبكي كيعاىد اهلل أال يعود ‪١‬تثلو مبتعدان عن أصدقاء السوء ك‪٣‬تالسهم‪ ،‬كعما سبب لو تلك‬
‫الغفلة‪ٍ ،‬ب يكثر من ا‪ٟ‬تسنات كالصدقات إذل أف يشعر أف اهلل ‪ ‬قد غفر لو ذنبو‪ ،‬ك‪٤‬تا عنو‬
‫ً‬
‫ت ىكىما‬‫ت ىكىما أىخٍر ي‬ ‫أخطاءه‪ ،‬كقبلو كسا‪٤‬تو‪ ،‬يدعو دائمان بدعاء النيب‪ « :‬الل يهم ا ٍغفٍر ًرل ىما قىد ٍم ي‬
‫ًً‬
‫ت »(ُ)‪.‬‬ ‫ت أ ٍىعلى يم بًو مٍت أىنٍ ى‬
‫ت الٍ يم ىقد يـ ىكالٍ يم ىؤخير الى إًلىوى إًال أىنٍ ى‬ ‫ت ىكىما أىنٍ ى‬
‫ىسىرفٍ ي‬
‫ت ىكىما أ ٍ‬
‫ت ىكىما أ ٍىعلىٍن ي‬
‫ىسىرٍر ي‬
‫أٍ‬
‫كٕتاكٍز عما تعلم ‪ ،‬إًنك أنت العلي األعظم» (ِ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ككاف رسوؿ اهلل ‪ ‬يقوؿ‪« :‬رب ا ٍغفر ك ٍار ىحم ى‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو أبو داكد ُب سننو عن علي ‪.‬‬


‫(ِ) جامع األصوؿ من أحاديث الرسوؿ عن أنس بن مالك ‪.‬‬
‫‪- 153 -‬‬
‫ثانياً ‪ :‬مقام المحاسبة‬

‫‪ -‬المحاسبة‪ ( :‬ىي هتيئة الوازع الديٍت ُب النفس‪ ،‬كتربيتها على تنمية اللوـ الباطٍت الذم ‪٬‬تردىا‬
‫من كل ما يقف أمامها عقبة ُب طريق الصفاء كاحملبة كاإليثار كاإلخبلص) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد أشار اهلل ‪ُ ‬ب قرآنو إذل ‪٤‬تاسبة النفس فقاؿ‪ :‬ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ‬
‫(ِ)‬
‫ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬

‫‪ -‬قاؿ اإلماـ ابن القيم‪( :‬ىذه اآلية تدؿ على كجوب ‪٤‬تاسبة النفس) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ اإلماـ ابن كثَت ُب تفسَته ‪٢‬تذه اآلية أم‪( :‬حاسبوا أنفسكم قبل أف ٖتاسبوا‪ ،‬كانظركا ماذا‬
‫ً‬
‫ادخرًب ألنفسكم من األعماؿ الصا‪ٟ‬تة ليوـ معادكم كعرضكم على ربكم‪ ،‬كاعلموا أنو عادله‬
‫ّتميع أعمالكم كأحوالكم ال ٗتفى عليو منكم خافية) (ْ)‪.‬‬
‫كع ًمل لًما بػع ىد الٍمو ً‬
‫ت‬ ‫(ٔ)‬ ‫(ٓ)‬
‫ى ى ى ى ىٍ ىٍ‬ ‫ىم ٍن ىدا ىف نىػ ٍف ىسوي‬ ‫س‬‫‪ -‬كأشار النيب ‪ ‬إليها أيضان فقاؿ‪ « :‬الٍ ىكي ي‬
‫كالٍع ً‬
‫اجيز ىم ٍن أىتٍػبى ىع نىػ ٍف ىسوي ىى ىو ىاىا ىكى٘تىٌت ىعلىى الل ًو »(ٕ)‪.‬‬ ‫ى ى‬
‫‪ -‬ولمحاسبة النفس خطوات متعددة‪:‬‬

‫(ُ) عبد القادر عيسى‪ :‬حقائق عن التصوؼ صِّٓ‪.‬‬


‫(ِ) سورة ا‪ٟ‬تشر‪.ُٖ:‬‬
‫(ّ) إغاثة اللهفاف من مصايد الشيطاف جزءُ صْٖ‪.‬‬
‫(ْ) تفسَت ابن كثَت جزء رابع صّٓٔ‪.‬‬
‫(ٓ) الكيس‪ :‬أم العاقل‪.‬‬
‫(ٔ) داف نفسو‪ :‬أم حاسبها‪.‬‬
‫(ٕ) أخرجو الًتمذم كابن ماجو عن شداد بن أكس ‪.‬‬
‫‪- 154 -‬‬
‫أولً‪ :‬مشارطتها‪ ،‬كذلك بركوف ا‪١‬تسلم إذل نفسو‪ ،‬كا‪ٟ‬تديث معها مبينان ‪٢‬تا حقيقتها‪ ،‬كما ‪٬‬تب‬
‫عليها أف تسَت عليو من اتباع الشرع‪ ،‬كأكامر اهلل‪ ،‬كسنة رسولو‪ ،‬كالبعد عن ا‪٢‬تول كالشهوات‬
‫كا‪١‬تعاصي كاحملرمات‪ ،‬موضحان ‪٢‬تا نتائج كل طريق منهما ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬فيشًتط عليها اتباع‬
‫طريق ا‪ٟ‬تق كالبعد عن طريق الباطل‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬إرشادىا إذل ا‪ٟ‬تق كا‪٠‬تَت كالنجاح كالفبلح‪ ،‬كالسَت على منهجو كسلوؾ طرقو كأساليبو‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مراقبتها ُب حركاهتا كسكناهتا‪ ،‬كُب أقوا‪٢‬تا كأعما‪٢‬تا‪ ،‬كُب نياهتا كظاىرىا‪ ،‬كُب كل أمورىا‪.‬‬

‫رابعاً‪٤ :‬تاسبتها على كل أعما‪٢‬تا كما يصدر عنها‪.‬‬

‫ك‪٤‬تاسبة النفس نوعاف‪ :‬نوع قبل العمل‪ ،‬كنوع بعده‪.‬‬

‫فأما النوع األول‪ :‬فهو أف يقف عند أكؿ ‪٫‬تو كإرادتو‪ ،‬كال يبادر إذل العمل حىت يتبُت لو رجحانو‬
‫على تركو‪.‬‬

‫قاؿ ا‪ٟ‬تسن ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬رحم اهلل عبدا كقف عند ‪٫‬تو ‪ ،‬فإف أحدا ال يعمل حىت يهم ‪ ،‬فإف كاف هلل‬
‫‪ ‬مضى ‪ ،‬كإف كاف لغَت اهلل أمسك ) (ُ)‪.‬‬

‫أما النوع الثاني‪ :‬فهو ‪٤‬تاسبة النفس بعد العمل‪ ،‬كىو أربعة أنواع‪:‬‬

‫أحدىا‪٤ :‬تاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق اهلل فلم تؤدىا على الوجو الذم ينبغي‪،‬‬
‫فيحاسب نفسو عن تقصَتىا‪ ،‬كيلزمها أداءىا بأفضل ما ‪٬‬تب أف تكوف‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬أف ٭تاسب نفسو على كل عمل كاف تركو خَتان لو من فعلو‪ ،‬فيحاسبها ‪١‬تاذا عملت بو؟‬
‫أليس من األكذل تركو‪ ،‬كأف عليها أال تقوـ بو مرة ثانية‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬


‫‪- 155 -‬‬
‫الثالث‪ :‬أف ٭تاسب نفسو على أم ور مباح أك معتاد‪ً ،‬دلى فعلو؟ كىل أراد بو اهلل كالدار اآلخرة؟‬
‫فيكوف راْتان‪ ،‬أك أراد بو الدنيا كعاجلها‪ ،‬فيخسر ذلك الربح‪ ،‬كيفوتو الظفر بو‪.‬‬

‫الرابع‪ :‬أف ٭تاسب نفسو على أم ور فً ٍعليوي فيو معصية هلل ‪ ،‬كىنا يكوف حسابو لنفسو شديدان‪،‬‬
‫كعتابو ‪٢‬تا كبَتان‪ ،‬كيف ارتكبت ا‪ٟ‬تراـ؟ كيف فعلت الذنب؟ كيف فعلت ا‪١‬تنكرات؟ كيف عصت‬
‫رهبا؟ كيف ككيف ككيف‪....‬‬

‫ٍب يبكي على ما أحدث كيندـ‪ ،‬كيستغفر كيتوب كيتصدؽ‪ ،‬كيعاىد اهلل أال يعود إذل مثل ذلك‬
‫أبدان‪.‬‬

‫‪ -‬ك‪ٚ‬تاع ذلك أف ٭تاسب نفسو أكالن على الفرائض‪ ،‬فإف تذكر منها نقصان تداركو إما بقضاء أك‬
‫إصبلح‪ٍ ،‬ب ٭تاسبها على ا‪١‬تناىي‪ ،‬فإف عرؼ أنو ارتكب منها شيئان‪ ،‬تداركو بالتوبة كاالستغفار‪،‬‬

‫كالصدقات كا‪ٟ‬تسنات ا‪١‬تاحية‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮱﯓﯔﯕﮊ‬


‫(ُ)‬

‫‪ٍ -‬ب ٭تاسب نفسو على الغفلة‪ ،‬فإف كاف قد غفل عما يخلق لو‪ ،‬تداركو بالذكر كاإلقباؿ على اهلل‬
‫تعاذل‪ٍ ،‬ب ٭تاسبها ٔتا تكلم بو‪ ،‬أك مشت رجبله‪ ،‬أك بطشت يداه‪ ،‬أك ‪ٝ‬تعتو أذناه‪.‬‬
‫‪ -‬ماذا أردت هبذا؟ كًدل فعلت؟ ك‪١‬تن فعلتو؟ كعلى أم و‬
‫كجو فعلتو؟‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫‪ -‬كيعلم أنو البد أف يينشر لكل حركة ككلمة ديواناف‪ً :‬دلى فعلتو؟ ككيف فعلتو؟‬

‫‪ -‬فاألكؿ سؤاؿ عن اإلخبلص‪ ،‬كالثاين سؤاؿ عن ا‪١‬تتابعة‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﮊ‬
‫(ِ)‬

‫(ُ) سورة ىود‪.ُُْ :‬‬


‫(ِ) سورة األحزاب‪.ٖ:‬‬
‫‪- 156 -‬‬
‫ظن بالكاذبُت!‬
‫‪ -‬فإذا سئل الصادقُت عن صدقهم‪ ،‬كحوسبوا على صدقهم‪ ،‬فما ال ٌ‬
‫‪ -‬كقد درج السلف الصاحل على ‪٤‬تاسبة أنفسهم ‪٤‬تاسبة شديدة‪ ،‬كدل يغفلوا عنها أبدان‪ ،‬كقد‬
‫أعطونا دركسان نافعة بذلك أذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬قوؿ سيدنا عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ « :‬حاسبوا أنفسكم قبل أف ٖتاسبوا كزنوا أنفسكم قبل أف‬
‫توزنوا ‪ ،‬فإنو أىوف عليكم ُب ا‪ٟ‬تساب غدان أف ٖتاسبوا أنفسكم اليوـ كتزيٌنوا للعرض األكرب يوـ‬
‫تعرضوف ال ٗتفى منكم خافية »(ُ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ككتب عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬إذل أيب موسى األشعرم ‪ ‬ككاف من عمالو‪ « :‬أف حاسب‬
‫نفسك ُب الرخاء قبل حساب الشدة ‪ ،‬فإنو من حاسب نفسو ُب الرخاء قبل حساب الشدة عاد‬
‫مرجعو إذل الرضا كالغبطة كمن أ‪٢‬تتو حياتو كشغلو هبواه عاد مرجعو إذل الندامة كا‪ٟ‬تسرة ‪ ،‬فتذكر ما‬
‫توعظ بو لكي تنتهي عما ينتهى عنو »(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قاؿ‪ٝ :‬تعت عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬يوما كخرجت معو حىت دخل‬
‫حائطا فسمعتو يقوؿ كبيٍت كبينو جدار كىو ُب جوؼ ا‪ٟ‬تائط ‪ « :‬عمر بن ا‪٠‬تطاب أمَت‬
‫ا‪١‬تؤمنُت بخ كاهلل لتتقُت اهلل ‪ ،‬ابن ا‪٠‬تطاب أك ليعذبنك »(ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ا‪ٟ‬تسن‪ ( :‬ا‪١‬تؤمن قواـ على نفسو ٭تاسب نفسو هلل ‪ ،‬كإ‪٪‬تا خف ا‪ٟ‬تساب يوـ القيامة‬
‫على قوـ حاسبوا أنفسهم ُب الدنيا‪ ،‬كإ‪٪‬تا شق ا‪ٟ‬تساب يوـ القيامة على قوـ أخذكا ىذا األمر‬
‫من غَت ‪٤‬تاسبة‪ ،‬إف ا‪١‬تؤمن يفجؤه الشيء كيعجبو‪ ،‬فيقوؿ كاهلل إين ألشتهيك كإنك ‪١‬تن حاجيت‪،‬‬
‫كلكن كاهلل‪ ،‬ما صلة إليك ىيهات‪ ،‬حيل بيٍت كبينك كيفرط منو الشيء فَتجع إذل نفسو فيقوؿ‪:‬‬
‫ىيهات ما أردت إذل ىذا كما رل ك‪٢‬تذا كاهلل ما أعذر هبذا كاهلل ال أعود إذل ىذا أبدا إف شاء اهلل‪،‬‬

‫(ُ) أخرجو أ‪ٛ‬تد بن حنبل ُب الزىد‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬
‫(ّ) ابن أيب الدنيا‪٤ :‬تاسبة النفس صْ‪.‬‬
‫‪- 157 -‬‬
‫إف ا‪١‬تؤمنُت قوـ أكقفهم القرآف كحاؿ بينهم كبُت ىلكتهم إف ا‪١‬تؤمن أسَت ُب الدنيا يسعى ُب‬
‫فكاؾ رقبتو ال يأمن شيئا حىت يلقى اهلل يعلم أنو مأخوذ عليو ُب ‪ٝ‬تعو‪ ،‬كُب بصره‪ ،‬كُب لسانو‪،‬‬
‫كُب جوارحو‪ ،‬مأخوذ عليو ُب ذلك كلو )(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ا‪ٟ‬تسن أيضان‪ ( :‬أيسر الناس حسابا يوـ القيامة الذين ٭تاسبوف أنفسهم ُب الدنيا فوقفوا‬
‫عند ‪٫‬تومهم كأعما‪٢‬تم فإف كاف الذم ‪٫‬توا بو ‪٢‬تم مضوا كإف كاف عليهم أمسكوا قاؿ ‪ :‬كإ‪٪‬تا يثقل‬
‫األمر يوـ القيامة على الذين جازفوا األمور ُب الدنيا أخذكىا من غَت ‪٤‬تاسبة فوجدكا اهلل عز كجل‬

‫قد أحصى عليهم مثاقيل الذر كقرأ‪ :‬ﮋﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ‬

‫ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖﮗ‬

‫ﮘﮙﮚﮛﮊ(ِ))(ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ كىب بن منبو مكتوب ُب حكمة آؿ داكد‪( :‬حق على العاقل أف ال يشغل عن أربع‬
‫ساعات ‪ ،‬ساعة يناجي فيها ربو ‪ ،‬كساعة ٭تاسب فيها نفسو ‪ ،‬كساعة يػ ٍف ً‬
‫ضي فيها إذل إخوانو‬ ‫ي‬
‫الذين ٮتربكنو بعيوبو كيصدقونو عن نفسو ‪ ،‬كساعة ٮتلي فيها بُت نفسو كبُت لذاهتا فيما ٭تل‬
‫ك‪٬‬تمل ‪ ،‬فإف ىذه الساعة عوف على ىذه الساعات ‪ ،‬كإ‪ٚ‬تاـ للقلوب)(ْ)‪.‬‬

‫(ُ) ابن أيب الدنيا‪٤ :‬تاسبة النفس صُٖ‪.‬‬


‫(ِ) سورة الكهف‪.ْٗ :‬‬
‫(ّ) ابن أيب الدنيا‪٤ :‬تاسبة النفس صُٔٓ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬
‫‪- 158 -‬‬
‫‪ -‬كعن ميموف بن مهراف(ُ) أنو قاؿ‪( :‬ال يكوف العبد من ا‪١‬تتقُت حىت ٭تاسب نفسو أشد من‬
‫‪٤‬تاسبة شريكو كالشريكاف يتحاسباف بعد العمل) (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كمن أىم فوائد ‪٤‬تاسبة النفس االطبلع على عيوهبا‪ ،‬كمػن لػن يطلػع علػى عيػب نفسػو دل ٯتكنػو‬
‫إزالتو‪ ،‬فإذا اطلع على عيبها‪ ،‬مقتها ُب ذات اهلل تعاذل‪.‬‬
‫‪ -‬عن أىب الدرداء ‪ ‬قاؿ ‪( :‬ال يفقو الرجل كل الفقو حىت ٯتقت الناس ُب جنب اهلل ٍب يرجع‬
‫إذل نفسو فيكوف ‪٢‬تا أشد مقتان)(ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كينبغي للمؤمن أال يكتفي با‪١‬تقت فقط‪ ،‬كإ‪٪‬تا يسعى إذل معا‪ٞ‬تة أمراضو‪ ،‬كيسعى إذل دكاء‬
‫شفائو‪.‬‬
‫‪ -‬كيذكر اإلماـ ابن قيم ا‪ٞ‬توزية ما يعُت على ‪٤‬تاسبة النفس فيقوؿ‪( :‬كيعينو على ىذه ا‪١‬تراقبة‬
‫كاحملاسبة ‪ :‬معرفتو أنو كلما اجتهد فيها اليوـ اسًتاح منها غدا إذا صار ا‪ٟ‬تساب إذل غَته ككلما‬
‫أ‪٫‬تلها اليوـ اشتد عليو ا‪ٟ‬تساب غدان) (ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬كيعينو عليها أيضان ‪( :‬معرفتو أف ربح ىذه التجارة سكٌت الفردكس كالنظر إذل كجو الرب‬
‫سبحانو كخسارهتا دخوؿ النار كا‪ٟ‬تجاب عن الرب تعاذل فإذا تيقن ىذا ىاف عليو ا‪ٟ‬تساب اليوـ‬
‫فحق على ا‪ٟ‬تازـ ا‪١‬تؤمن باهلل كاليوـ اآلخر أف ال يغفل عن ‪٤‬تاسبة نفسو كالتضييق عليها ُب‬
‫حركاهتا كسكناهتا كخطراهتا كخطواهتا فكل نفس من أنفاس العمر جوىرة نفيسة ال حظ ‪٢‬تا‬
‫ٯتكن أف يشًتم هبا كنز من الكنوز ال يتناىى نعيمو أبد اآلباد فإضاعة ىذه األنفاس أك اشًتاء‬

‫(ُ)ميموف بن مهراف الرقي أبو أيوب‪ :‬فقيو من القضاة‪.‬كاف موذل المرأة بالكوفة‪ .‬كأعتقتو‪ ،‬فنشأ فيها‪ٍ.‬ب‬
‫استوطن الرقة فكاف عادل ا‪ٞ‬تزيرة‪ ،‬كسيدىا‪ .‬كاستعملو عمر بن عبد العزيز على خراجها كقضائها‪ ،‬ككاف ثقة‬
‫ُب ا‪ٟ‬تديث‪،‬كثَت العبادة‪ ،‬توُب سنة (ُُٕ ق‪ ّٕٓ/‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جزءٕ صُٓ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو ابن عساكر ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ْ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬إغاثة اللهفاف من مصايد الشيطاف جزءُ صَٖ‪.‬‬
‫‪- 159 -‬‬
‫صاحبها هبا ما ‪٬‬تلب ىبلكو ‪ :‬خسراف عظيم ال يسمح ٔتثلو إال أجهل الناس كأ‪ٛ‬تقهم كأقلهم‬
‫عقبلن كإ‪٪‬تا يظهر لو حقيقة ىذا ا‪٠‬تسراف يوـ التغابن ‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣ‬


‫(ُ) (ِ)‬
‫) ‪.‬‬ ‫ﭤﮊ‬
‫‪ -‬كيرتبط ٔتحاسبة النفس ‪٣‬تاىدهتا إف كجدىا نزاعة للشر‪٤ ،‬تبة للمعاصي‪ ،‬مسرعة إذل ا‪٢‬تول‪،‬‬
‫تواقة للشهوات‪ ،‬مهملة للفرائض‪ ،‬تاركة للنوافل‪ ،‬مبتعدة عن الطاعات‪ ،‬فوجب عليو أف ‪٬‬تاىدىا‬
‫فيما تريده‪ ،‬كٮتالفها فيما ٖتب‪.‬‬
‫‪ -‬كمعٌت ‪٬‬تاىد نفسو أم‪ :‬ٯتنع نفسو أف ترتكب احملرمات‪ ،‬كٮتالفها ُب حبها للمعاصي كاألىواء‬
‫كالشهوات‪ ،‬كينهاىا عن كل ما يبعدىا عن اهلل ‪.‬‬
‫‪ -‬ك‪٣‬تاىدة النفس ٖتتاج إذل إرادة قوية‪ ،‬كعزٯتة صادقة‪ ،‬تنبع من إٯتاف ىذا ا‪١‬تسلم العميق‪ ،‬ك‪٤‬تبة‬
‫اهلل سبحانو كتأييد اهلل لو كمعونتو‪ ،‬فهي تشبو ‪٣‬تاىدة العدك كقتالو‪ ،‬فلذلك ‪ٝ‬تيت باجملاىدة‪ ،‬بل‬
‫جعلها النيب ‪ ‬ا‪ٞ‬تهاد األكرب فقاؿ‪( :‬رجعنا من ا‪ٞ‬تهاد األصغر إذل ا‪ٞ‬تهاد األكرب‪ ،‬جهاد‬
‫النفس)(ّ)‪.‬‬
‫اى ىد نىػ ٍف ىسوي ًُب الل ًو ‪.)ْ()‬‬ ‫ً‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪( :‬الٍ يم ىجاى يد ىم ٍن ىج ى‬
‫المسلم نفسو كيف تكون المجاىدة؟‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬وقد يُسائ ُل‬
‫‪ -‬أجاب القشَتم عن ىذا السؤاؿ بقولو‪( :‬كاعلم أف أصل اجملاىدة كمبلكها‪ :‬فطم النفس عن‬
‫ا‪١‬تألوفات‪ ،‬ك‪ٛ‬تلها على خبلؼ ىواىا ُب عموـ األكقات‪.‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.َّ:‬‬


‫(ِ)ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬إغاثة اللهفاف من مصائد الشيطاف‪ :‬جزء ُ صَٖ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البيهقي ُب شعبو عن جابر ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن فضالة بن عبيد‪.‬‬
‫‪- 161 -‬‬
‫كللنفس صفتاف مانعتاف ‪٢‬تا من ا‪٠‬تَت‪ :‬إهنماؾ ُب الشهوات‪ ،‬كامتناع عن الطاعات فإذا ‪ٚ‬تحت‬
‫عند ركوب ا‪٢‬تول كحب كبحها بلجاـ التقول‪ ،‬كإذا حرنت عند القياـ با‪١‬توافقات ‪٬‬تب سوقها‬
‫على خبلؼ ا‪٢‬تول) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كأنواع اجملاىدة كثَتة‪ ،‬ككل مسلم يليق بو نوع منها رٔتا ال يليق بغَته‪ ،‬كذلك على قدر قوة‬
‫ا‪١‬تسلم كضعفو‪ ،‬كعلى قدر إرادتو كقدرتو‪ ،‬كْتسب زمانو كمكانو‪.‬‬
‫‪ -‬فمن اجملاىدة‪ :‬اإلكثار من الصبلة كالصياـ‪ ،‬كالصدقة كالنوافل‪ ،‬كالذكر كقراءة القرآف‪ ،‬كغَت‬
‫تقرب إذل اهلل‪ ،‬كبع هد عن ىول النفس‪.‬‬
‫ذلك ‪٦‬تا فيو ه‬
‫‪ -‬كمن اجملاىدة ‪٣‬تالسة الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كالعلماء العاملُت‪ ،‬كاإلخوة ا‪١‬تتقُت‪ ،‬ففي ذلك عوف على إبعاد‬
‫النفس عن يمشتهياهتا‪ ،‬كعن غيها كمعصيتها‪.‬‬
‫‪ -‬كمن اجملاىدة حرماف النفس من مشتهياهتا كرغباهتا كشهواهتا‪ ،‬كذلك عن طريق اإلقبلؿ من‬
‫الطعاـ كالنوـ‪ ،‬كمع الصياـ كالقياـ‪ ،‬فإف ذلك يساعد على إضعافها‪ ،‬كإضعاؼ طلباهتا‪.‬‬
‫كيتصل أيضان ٔتحاسبة النفس معاتبة النفس كمعاقبتها كذلك إذا ارتكبت ا‪١‬تعاصي أك قصرت ُب‬
‫حق اهلل ‪ ،‬ك٘تادت ُب غيها كتقصَتىا‪ ،‬حىت ترتدع كال تعود إذل مثل ذلك‪.‬‬
‫فهو يعاتبها على ذلك‪ ،‬كيذكرىا باهلل ‪ ‬الذم ال ٗتفى عليو خافية‪ ،‬كيذكرىا با‪١‬توت كا‪ٟ‬تساب‪،‬‬
‫كا‪ٞ‬تزاء كالنار كالعقاب‪.‬‬
‫فإف دل تقنع با‪١‬تعاتبة عاقبها على تقصَتىا‪ ،‬كإ‪٫‬تا‪٢‬تا ‪ٟ‬تق رهبا‪ ،‬كارتكاهبا للذنوب كا‪١‬تعاصي‪.‬‬
‫‪ -‬كا‪١‬تقصود من معاقبتها‪ ،‬حرماهنا من بعض حقوقها كا‪١‬تباحات ‪٢‬تا من طعاـ أك شراب أك نوـ أك‬
‫راحة أك رحلة أك نزىة أك غَت ذلك ‪٦‬تا تشتهيو كٖتبو كترغب فيو‪ ،‬مع اإلكثار من تبلكة القرآف‬
‫كالذكر كالصبلة كالصوـ كالقياـ كالصدقات‪ ،‬كغَت ذلك من أعماؿ ا‪٠‬تَت كالطاعات‪ ،‬كي ترتدع‬
‫عن غيها‪ ،‬كتقصَتىا كإ‪٫‬تا‪٢‬تا‪ ،‬كترجع إذل بارئها‪.‬‬

‫(ُ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ :‬صّٓ‪.‬‬


‫‪- 161 -‬‬
‫‪ -‬كقد أكرد احملاسيب جوابان عن سؤالو‪ :‬كيف أعاتب نفسي على ما جنت؟ فقاؿ‪:‬‬
‫(تفرؽ بينها كبُت ‪٤‬تاهبا‪ ،‬كتأخذ سوط ا‪٠‬تشية ‪٢‬تا بدكاـ الرعاية ‪٢‬تا ُب سعيها‪ ،‬كتضاعف عليها‬
‫أكرادىا‪ ،‬كتزيد ُب كدىا‪ ،‬كتنقص من غذائها‪ ،‬كتقطعها عن مبلذىا‪ ،‬كٕترعها غيظ التهديد زجران‬
‫‪٢‬تا‪ ،‬حىت يغلب سلطاف رعايتك سلطاف كربىا‪ ،‬فعند ذلك تذؿ ُب نفسها‪ ،‬كٗتضع بعد كربىا‪،‬‬
‫كتسقط من ىكلىبها (شراىتها) كشرىا‪ ،‬ك٘تر على االستقامة إذل خالقها‪ ،‬كمن اهلل التوفيق) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬وأخيراً‪ :‬فنعلم أف معاتبة النفس سنة من سنن الصا‪ٟ‬تُت دأبوا عليها كلما كجدكا من أنفسهم‬
‫غفلة أك حبان ‪١‬تعصية‪ ،‬كقد ذكر الغزارل ُب إحيائو كثَتان من ىذه ا‪١‬تعاتبة أنقل منها ‪٪‬توذجان ‪١‬تعاتبة‬
‫الصا‪ٟ‬تُت ألنفسهم أكردىا ا‪١‬تقدسي‪( :‬كاعلم‪ :‬أف أعدل عد وك لك نفسك اليت بُت جنبيك‪ ،‬كقد‬
‫خلقت أمارة بالسوء‪ ،‬ميالة إذل الشر‪ ،‬كقد أمرت بتقوٯتها كتزكيتها كفطامها عن مواردىا‪ ،‬كأف‬
‫تقودىا بسبلسل القهر إذل عبادة رهبا‪ ،‬فإف أ‪٫‬تلتها ‪ٚ‬تحت كشردت‪ ،‬كدل تظفر هبا بعد ذلك‪ ،‬كإف‬
‫لزمتها بالتوبيخ رجونا أف تصَت مطمئنة‪ ،‬فبل تغفلن عن تذكَتىا‪ .‬كسبيلك أف تقبل عليها‪ ،‬فتقرر‬
‫عندىا جهلها كغباكهتا كتقوؿ‪ :‬يا نفس‪ ،‬ما أعظم جهلك‪ ،‬تدعُت الذكاء كالفطنة كأنت أشد‬
‫الناس غباكة ك‪ٛ‬تقان‪ ،‬أما تعلمُت أنك صائرة إذل ا‪ٞ‬تنة أك النار؟ فكيف يلهو من ال يدرل إذل‬
‫أيتهما يصَت؟! كرٔتا اختطف ُب يومو أك ُب غده! أما تعلمُت أف كل ما ىو آت قريب‪ ،‬كأف‬
‫ا‪١‬توت يأٌب بغتة من غَت موعد‪ ،‬كال يتوقف على سن دكف سن‪ ،‬بل كل نفس من األنفاس ٯتكن‬
‫أف يكوف فيو ا‪١‬توت فجأة‪ ،‬كإف دل يكن ا‪١‬توت فجأة كاف ا‪١‬ترض فجأة‪ٍ ،‬ب يفضي إذل ا‪١‬توت‪.‬‬
‫فمالك ال تستعدين للموت كىو قريب منك؟! يا نفس‪ ،‬إف كانت جرأتك على معصية اهلل تعاذل‬
‫العتقادؾ أف اهلل ال يراؾ فما أعظم كفرؾ‪ ،‬كإف كانت مع علمك باطبلعو عليك‪ ،‬فما أشد‬
‫كقاحتك‪ ،‬كأقل حياءؾ! ألك طاقة على عذابو؟ جريب ذلك بالقعود ساعة ُب ا‪ٟ‬تماـ‪ ،‬أك قريب‬
‫أصبعك من النار‪ ،‬يا نفس إف كاف ا‪١‬تانع لك من االستقامة حب الشهوات‪ ،‬فاطليب الشهوات‬

‫(ُ) الوصايا‪ :‬صُِّ‪.‬‬


‫‪- 162 -‬‬
‫الباقية الصافية عن الكدر‪ ،‬كرب أكلة منعت أكبلت‪ .‬كما قولك ُب عقل مريض أشار عليو‬
‫الطبيب بًتؾ ا‪١‬تاء البارد ثبلثة أياـ ليصح كيتهيأ لشربو طوؿ العمر؟ فما مقتضى العقل ُب قضاء‬
‫حق الشهوة؟ أيصرب ثبلثة أياـ ليتنعم إذل األبد أـ يقضي شهوتو ُب ا‪ٟ‬تاؿ ٍب يلزمو األدل أبدان‪،‬‬
‫فجميع عمرؾ باإلضافة إذل األبد‪ ،‬الذم ىو مدة نعيم أىل ا‪ٞ‬تنة كعذاب أىل النار أقل من‬
‫ثبلثة أياـ باإلضافة إذل ‪ٚ‬تيع العمر‪ ،‬بل أقل من ‪ٟ‬تظة باإلضافة إذل عمر الدنيا‪ .‬كليت شعرم!‬
‫أدل الصرب عن الشهوات أشد كأطوؿ‪ ،‬أـ أدل النار ُب الدركات؟ فمن ال يطيق الصرب على أدل‬
‫اجملاىدة‪ ،‬كيف يطيق أدل العذاب ُب اآلخرة ؟ أشغلك حب ا‪ٞ‬تاه؟ أىىما بعد ستُت سنة أك ‪٨‬توىا‪،‬‬
‫ال تبقُت أنت كال من كاف لك عنده جاه‪ .‬ىبل تركت الدنيا ‪٠‬تسة شركائها‪ ،‬ككثرة عنائها كخوفان‬
‫من سرعة فنائها؟ أتستبدلُت ّتوار رب العا‪١‬تُت صف النعاؿ ُب صحبة ا‪ٟ‬تمقى؟ قد ضاع أكثر‬
‫البضاعة‪ ،‬كقد بقيت من العمر صبابة‪ ،‬كلو استدركت ندمت على ما ضاع‪ ،‬فكيف إذا أضفت‬
‫األخَت إذل األكؿ؟ اعملي ُب أياـ قصار ألياـ طوؿ‪ ،‬كأعدم ا‪ٞ‬تواب للسؤؿ‪ .‬اخرجي من الدنيا‬
‫خركج األحرار قبل أف تكوف خركج اضطرار إنو من كانت مطيتو الليل كالنهار سَت بو كإف دل‬
‫فابك على ما أصبت بو فمستقى الدمع من‬‫يسر‪ .‬تفكرم ُب ىذه ا‪١‬توعظة‪ ،‬فإف عدمت تأثَتىا‪ً ،‬‬
‫ْتر الر‪ٛ‬تة) (ُ)‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ) ا‪١‬تقدسي‪٥ :‬تتصر منهاج القاصدين‪ :‬صّٕٕ‪.‬‬


‫‪- 163 -‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مقام المحبة‬
‫‪ -‬احملبة ىي الغاية القصول من ا‪١‬تقامات‪ ،‬كالذركة العليا من الدرجات‪ ،‬فما بعد إدراؾ احملبة مقاـ‬
‫إال كىو ‪ٙ‬ترة من ‪ٙ‬تارىا‪ ،‬كتابع من توابعها‪ ،‬كال قبل احملبة مقاـ إال كىو مقدـ من مقدماهتا‪.‬‬
‫ً‬
‫اإلنساف بً ٍشران‬ ‫ً‬
‫أعماؽ ً‬
‫النفس‪ ،‬كتىظٍ ىهير على‬ ‫كم ين ُب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا‪ٟ‬تيب من العواطف اإلنسانية البشرية‪ ،‬اليت تى ي‬
‫كسعادةن كسركران‪.‬‬

‫‪ -‬كأفضل تعريف للحب ىو‪ (:‬ا‪١‬تيل الدائم ُب أعماؽ ً‬


‫القلب ا‪٢‬تائ ًم)‪ ،‬كإيثار احملبوب على ‪ٚ‬تيع‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الرقاب‬
‫ي‬ ‫ا‪١‬تصحوب ‪ ،‬كموافقة ا‪ٟ‬تبيب ُب الشهد كا‪١‬تغيب‪.‬كاحملبة عركس كمهرىا النفوس ك‪٢‬تا ٗتضع‬
‫نار‪.‬‬
‫الرؤكس كىي للعارؼ نور‪ ،‬كللجاىل ه‬
‫ك ي‬
‫‪ -‬كا‪ٟ‬تب مأخوذة من ا‪ٟ‬تيب الذم ىو إناء كاسع يوضع فيو الشيء فيمتلئ بو ْتيث ال يسع‬
‫غَته‪ ،‬لذلك قلب احملب ليس فيو سعة لغَت ‪٤‬تبوبو‪.‬‬

‫‪٤‬تبوبات كثَتةه‪ ،‬منها ‪٤‬تبة اهلل ‪ ‬ك‪٤‬تبة الرسوؿ ‪ ‬ك‪٤‬تبة الصا‪ٟ‬تُت ك‪٤‬تبة الوالدين‪،‬‬
‫ه‬ ‫ً‬
‫لئلنساف‬‫‪-‬ك‬
‫ك‪٤‬تبة الزكجة‪ ،‬ك‪٤‬تبة األكالد‪ ،‬ك‪٤‬تبة األرحاـ كاألقارب‪ ،‬ك‪٤‬تبة ا‪١‬تؤمنُت إذل غَت ذلك كلكل ‪٤‬تبوب‬
‫ط هبذا ً‬
‫ا‪ٟ‬تب يمتعلقات ٗتتلف من حب إذل‬ ‫ٮتتلف عن احملبوبات األيخرل كيرتب ي‬
‫ي‬ ‫نوعه من ا‪ٟ‬تب‬
‫ً‬
‫الزكجة كٮتتلف عن‬ ‫ٮتتلف عن حب‬ ‫ٮتتلف عن حب الوالدين كحب الوالدي ًن‬ ‫آخر‪ ،‬فحب اهلل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫األكالد‪.‬‬ ‫حب‬

‫خاص من ً‬
‫القلب‬ ‫و‬ ‫و و‬ ‫‪ -‬كىكذا ٯتكن ً‬
‫ا‪ٞ‬تميع بآف كاحد كلكن لكل ‪٤‬تبوب تىػ ىوجوه ه‬
‫ى‬ ‫للقلب أف ي٭تب‬ ‫ي‬
‫ى‪٨‬ت ىوهي‪.‬‬

‫‪ -‬كُب مقاـ احملبة سنتناكؿ ا‪ٟ‬تديث عن ‪٤‬تبة اهلل ‪ ‬ك‪٤‬تبة رسولو ‪ ‬ك‪٤‬تبة الصا‪ٟ‬تُت‪.‬‬

‫‪- 164 -‬‬


‫أولً‪ -‬محبة اهلل ‪:‬‬

‫‪ -‬أىم ‪٤‬تبوب عند ا‪١‬تسل ًم اهللي ‪ ،‬بل ‪٤‬تبةي اهللً ال ٯتاثًليها شيءه كما ى‬
‫قاؿ تعاذل مبينان الفرؽ ُب‬
‫ً‬
‫احملبة بُت الكاف ًر كا‪١‬تؤمن‪ :‬ﮋﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ‬

‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮊ‬
‫(ُ)‬

‫التقرب إليو‪.‬‬ ‫ً‬


‫نس بو ك ي‬
‫‪ -‬ك‪٤‬تبةي اهلل ىي اإلٯتا يف اليقيٍت ا‪ٟ‬تق بو‪ ،‬كاأل ي‬
‫فرض على كل مسل وم‪.‬‬ ‫ً‬
‫‪ -‬كحب اهلل ه‬
‫فيتقد ىـ حبو على حب اهلل‬ ‫ً‬
‫‪٤‬تبوبات الدنيا‪ ،‬ى‬ ‫يسيطر عليو شيءه من‬ ‫‪ -‬بل ك‪٬‬تب على ا‪١‬تسل ًم أال‬
‫ى‬
‫‪ ‬قاؿ سبحانو مبينان ذلك‪:‬‬

‫ﮋﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ‬

‫ﮆﮇ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬

‫ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮊ‬
‫(ِ)‬

‫الرسوؿ ‪ ‬ىذا ا‪١‬تعٌت‪ ،‬فقاؿ ‪:‬‬


‫ي‬ ‫‪ -‬كأك ىد‬
‫(ّ)‬
‫سوا‪٫‬تا) ‪.‬‬ ‫يؤمن أح يد يكم حىت يكو ىف اهللي كرسوليوي أحب إليو ‪٦‬تا‬
‫(ال ي‬
‫‪٤‬تبة اهللً تعاذل إتباعي رسولًًو ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬ ‫ً‬
‫عبلمات ً‬ ‫‪ -‬كمن‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٔٓ:‬‬


‫(ِ) سورة التوبة‪.ِْ:‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أنس ‪.‬‬
‫‪- 165 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﮊ‬

‫‪ -‬أكحى اهلل تعاذل إذل داكد ‪( : ‬إين إ‪٪‬تا خلقت الشهوات لضعفاء خلقي فإياؾ أف تعلق‬
‫قلبك منها بشيء فأيسر ما أعاقبك بو أف أنسخ حبلكة حيب من قلبك) (ِ)‪.‬‬

‫ب! كقد أىنٍػ ىع ىم اهللي عليو بنع وم كثَتةو منها‬


‫وؽ كل يح ٍّ‬
‫ا‪١‬تسلم ربوي حبان عظيمان يىػ يف ي‬
‫ي‬ ‫‪ -‬ككيف ال ي٭تب‬

‫عبادهي‬
‫ىخ ٍل يق اهلل لو‪ ،‬كتعري يفوي بو كأخ يذهي بيده إليو‪ ،‬كتسخَتي ما ُب الدنيا ‪ٚ‬تيعان لو قاؿ ‪ ‬مذكران ى‬
‫(ّ)‬ ‫ً‬
‫هبذهً النع ًم‪ :‬ﮋﭗﭘﭙﭚﭛﭜﮊ‬

‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل‪:‬ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﮊ‬

‫نعم ًو) (ٓ)‪.‬‬


‫‪ -‬كيقوؿ الرسوؿ ‪( :‬أى ًحبوا اهلل ‪١‬تا يػ ٍغ يذكيكم من ً‬
‫ى ى ٍ ٍ‬
‫ات كي ًقيل العثر ً‬
‫ات‪،‬‬ ‫‪ -‬كيف ال ٭تب القلب من ال يأٌب با‪ٟ‬تسنات إال ىو‪ ،‬كال ‪٬‬تيب الدعو ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الداعُت‬
‫ى‬ ‫طلبات‬ ‫كيقبل‬
‫ا‪١‬تستغيثُت‪ ،‬ي‬
‫ى‬ ‫ث‬ ‫كيغفر ا‪٠‬تطيئات‪ ،‬كيى ٍسًًتي العورات‪ ،‬كي ٍكش ي‬
‫ف ال يكيربات‪ ،‬كيي ٍغي ي‬ ‫ي‬
‫إال ىو؟‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صير من‬ ‫‪ -‬فهو سبحانىو أحق من ذيكىر‪ ،‬ىكأ ٍىكىذل من يشكىر‪ ،‬كأحق من عيبً ىد‪ ،‬كأ ٍ‬
‫ىج ىد ير من ي‪ٛ‬ت ىد‪ ،‬كأىنٍ ى‬
‫اسًت ًح ىم‪ ،‬كأى ٍكىريـ من‬ ‫ً‬
‫أجود من يسئ ىل‪ ،‬ىكأ ٍىك ىس يع من أعطى‪ ،‬ىكأ ٍىر ىح يم ىمن ي‬
‫ك‪ ،‬ك ي‬ ‫ىؼ ىم ٍن ىملى ى‬ ‫استيػٍن ً‬
‫صىر‪ ،‬كأرأ ي‬ ‫ٍ‬
‫بعبدهً من الوالدةً ىبولى ًدىا‪ ،‬كأشد فرحان‬ ‫نىصر‪ ،‬كأىعز من التجئ إليو‪ ،‬كأكفى من تيػوكل عليو‪ ،‬كأرحم ً‬
‫ي‬ ‫ىٍ ي ى‬ ‫ي ى‬ ‫ى ى ىي‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ُّ:‬‬


‫(ِ)أبو نعيم األصبهاين‪ :‬حلية األكلياء جزءَُ صَِ‪.‬‬
‫(ّ) سورة إبراىيم‪.ّْ:‬‬
‫(ْ) سورة النحل‪.ّٓ:‬‬
‫(ٓ) أخرجو الًتمذم ُب سننو عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫‪- 166 -‬‬
‫يئس من ا‪ٟ‬تياةً ٍب‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫الفاقد لراحلتً ًو اليت عليها طعامو كشرابوي ُب األرض ا‪١‬تهلى ىك ً‬
‫ة‬ ‫التائب من ً‬ ‫ً‬
‫بتوبة ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫و‬
‫كج ىهوي‪.‬‬
‫ك إال ٍ‬ ‫الفرد ال نًد لىوي‪ ،‬كل شيء ىالً ه‬ ‫يك لو‪ ،‬ك ي‬ ‫ك ال شر ى‬
‫ً‬
‫كجدىا‪ ،‬كىو ا‪١‬تل ي‬
‫ى‬
‫ى‬
‫فبلح كال حياةه إال‬
‫للقلب لذةه كال ه‬ ‫القلوب‪ ،‬كغًذاءي األرك ًاح‪ ،‬كليس ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬إف ‪٤‬تبة اهللً ‪ ‬ىي حياةي‬
‫‪ٝ‬تعها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫هبا‪ ،‬كإذا ف ىقدىا القلب كا ىف أىلىموي أعظم من أ ًدل الع ً‬
‫نورىا‪ ،‬كاأليذف إذا فىػ ىقدت ى‬ ‫ت ى‬ ‫ُت إذا فىػ ىق ىد ٍ‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فساد ً‬
‫البدف إذا خبل من‬ ‫‪٤‬تبة فاط ًره كبا ًرئًًو كإ‪٢‬تًًو ا‪ٟ‬تق أعظم من ً‬ ‫القلب إذا خبل من ً‬ ‫فساد ً‬
‫ي‬ ‫بل إف ى‬
‫و‬
‫عبلمة على ًص ٍد ًؽ‬ ‫إيبلـ‪ ،‬كأىم‬ ‫و‬
‫صدؽي بو إال من فيو حياةه‪ ،‬كما ّتيٍروح ٔتيت ي‬ ‫األمر ال يي ى‬
‫الركح كىذا ي‬ ‫ي‬
‫البعد عن معصيتً ًو‪.‬‬ ‫‪٤‬تبة اهللً ‪ ‬طاعةي اهللً كالتز ياـ أكام ًرهً ك ي‬
‫ا‪١‬تسل ًم ُب ً‬

‫‪ -‬قاؿ ا‪ٟ‬تسن بن ‪٤‬تمد ابن ا‪ٟ‬تنفية(ُ)‪ :‬من أحب حبيبان دل يعصو‪ٍ .‬ب قاؿ‪:‬‬
‫عار عليك إذا فعلت شنيع‬ ‫تعصي اإللو كأنت تظهر حبو‬
‫إف احملب ‪١‬تن أحب مطي ػ ػع‬ ‫لو كاف حبك صادقان ألطعتو‬
‫كبكاؤهي على‬ ‫كدالئل كاضحةه‪ ،‬منها يزٍى يدهي ُب الدنيا‬ ‫ً‬
‫الصادؽ‬ ‫ات كثَتةه للمحب‬ ‫عبلم ه‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬كىناؾ ى‬
‫ْتكم ًو سبحانىو قاؿ ٭تِت بن معاذ(ِ)‪:‬‬
‫كرضاؤه ً‬
‫يي‬
‫أخطائًًو‪ ،‬كتسليمو ألم ًر اهللً‬
‫يي‬
‫من دا ًر ذيؿ كالنىعيم الزائػً ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػل‬ ‫كمن الدالئً ًل يزٍى يدهي فيما يىػىرل‬
‫قبيح فعائ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ًل‬ ‫ً‬ ‫أف قد رآه على‬ ‫كمن الدالئً ًل أف تىراهي باكيػ ػ ػ ػ ػان‬
‫ا‪١‬تليك العػ ً‬
‫ادؿ‬ ‫ً‬ ‫كل األموًر إذل‬ ‫كمن الدالئًل أف تراهي يم ىسلمان‬
‫ٔتليك ًو ُب كل ح ٍك وم نػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ً‬
‫ازؿ‬ ‫ً‬ ‫كمن الدالئً ًل أف تراهي راضيػ ػان‬
‫ي‬
‫‪ -‬كإذا أحب العبد ربو كسكنت ‪٤‬تبتو ُب قلبو أنارت بأنوار احملبوب فأثرت كأ‪ٙ‬ترت ُب القلب‬
‫سبعة أشياء كىي ‪ :‬إخبلص النية هلل‪،‬كا‪٠‬توؼ من اهلل‪ ،‬كرجاء ثواب اهلل ‪ ،‬كالصدؽ مع اهلل ‪،‬‬

‫(ُ) ابن منظور‪٥ :‬تتصر تاريخ دمشق جزءِ صُْٕ‪.‬‬


‫(ِ) أبو طالب ا‪١‬تكي‪ :‬قوت القلوب صْْٔ‪.‬‬
‫‪- 167 -‬‬
‫كالتوكل على اهلل ‪ ،‬كحسن الظن باهلل ‪ ،‬ك الشوؽ إذل اهلل‪.‬‬

‫كاملىةن‪ ،‬باذالن ُب سبيلً ًو كل ما يستطيع‪،‬‬


‫أك ًامره ً‬
‫ى‬ ‫احملبة ىا ىف عليو أف ٯتىٍتىثً ىل‬
‫‪ -‬من أحب اهلل حق ً‬
‫ى‬
‫مسركران ٔتا يػي ىقد يموي إرضاءن حملبوبًًو‪.‬‬
‫‪ -‬لذلك فإف ىذه احملبة تدعو ا‪١‬تسلم أف يتخلى عن ا‪١‬تفاسد بشىت أنواعًها ك ً‬
‫أشكا‪٢‬تا‪ ،‬كأف يبادر‬ ‫ىى‬ ‫ى‬
‫إذل األمور الصا‪ٟ‬تة اليت ٭تبيها اهلل ‪.‬‬

‫اإلٯتاف باهللً بكماؿ‬


‫ً‬ ‫مقدار يحبو هللً كيعلم أف ى‬
‫كماؿ‬ ‫ؼ ى‬ ‫ش قلبو كيتىعر ى‬‫‪ -‬كينبغي للمسلم أف يفت ى‬
‫األسباب ا‪ٞ‬تالبة حملبة اهللً كثَتةه أ‪٫‬تها عشرة ذكرىا ابن القيم ا‪ٞ‬توزية‪:‬‬
‫ى‬ ‫‪٤‬تبتً ًو كيعلم أيضان أف‬

‫االبتعاد عن نو ًاى ًيو‪.‬‬ ‫ً‬


‫كتطبيق أكام ًره ك ي‬
‫ي‬
‫(أولً‪ :‬اإلكثار من قراءةً ً‬
‫القرآف بالتدب ًر كالتىػ ىفه ًم ‪١‬تعانيو‬ ‫ي‬

‫ثانياً‪ :‬التقرب إذل اهلل ‪ ‬بالنوافل بعد الفرائض فإهنا توصل إذل درجة احملبوبية بعد احملبة‪.‬‬

‫أكثر من ًذك ًره‬


‫ى‬ ‫ا‬
‫ن‬ ‫شيئ‬ ‫أحب‬ ‫فمن‬ ‫‪،‬‬ ‫العمل ك ً‬
‫ا‪ٟ‬تاؿ‬ ‫ً‬ ‫ك‬ ‫القلب‬ ‫ً‬
‫باللساف ك ً‬ ‫كل و‬
‫حاؿ‬ ‫ثالثاً‪ :‬دك ياـ ذك ًرهً على ً‬
‫(ُ)‬
‫كاهلل ‪ ‬يقوؿ‪:‬ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ‬

‫ب ا‪١‬تٍرتىػ ىقى‪.‬‬‫ع‬ ‫ص‬ ‫ف‬‫ٍ‬ ‫كإ‬ ‫و‬ ‫ك عند ىغلب ً‬


‫ات ا‪٢‬تول كالسعي إذل ‪٤‬تاب ً‬ ‫ى‬ ‫‪٤‬تاب‬ ‫على‬ ‫رابعاً‪ :‬إيثار ‪٤‬تاب ً‬
‫و‬
‫ى ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫ياضها‪.‬‬ ‫ً‬
‫كصفاتو الع ٍليا كمشاى ىدهتيا كمعرفتيها كتقلبو ُب ر ً‬ ‫سٌت‬ ‫ا‪ٟ‬ت‬ ‫ً‬
‫أل‪ٝ‬تاء اهللً‬ ‫خامساً‪ :‬مطالعةي ً‬
‫القلب‬
‫يي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫يق إذل ‪٤‬تبتً ًو‪.‬‬ ‫ًً ًً ً ً ً‬
‫مشاى ىدةي ٌبره كإحسانو كآالئو كنعمو الباطنة كالظاىرةً فإهنا طر ه‬
‫سادساً‪ :‬ى‬
‫سابعاً‪ :‬انكسار القلب بكليتو بُت يدم اهلل تعاذل تى ىذلبلن كتواضعان‪.‬‬
‫كبلم ًو ك ً‬
‫الوقوؼ‬ ‫الليل ‪١‬تناجاتًًو كتبلكةً ً‬ ‫النزكؿ اإل‪٢‬تي ُب ً‬
‫الثلث األخ ًَت من ً‬ ‫ثامناً‪:‬ا‪٠‬تلوةي بو كقت ً‬

‫(ُ) سورة األحزاب‪.ُْ:‬‬


‫‪- 168 -‬‬
‫ذلك باالستغفا ًر ك ً‬
‫التوبة‪.‬‬ ‫بُت يديو ٍب ىخٍتم ى‬ ‫ً‬ ‫بالقلب ْتضرتًًو ك ً‬
‫التأدب ً‬ ‫ً‬
‫بأدب العبودية ى‬

‫قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ‬


‫(ُ)‬
‫ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﮊ‬

‫ككرد عن النيب ‪: ‬‬

‫الليل اآلخ ًر‬


‫الثلث األخَتي من ً‬ ‫ً‬ ‫و‬ ‫(يىن ًزيؿ ربينا ى‬
‫حُت يىػٍبػ ىقى ي‬ ‫كتعاذل كل ليلة إذل السماء الدنيا ى‬
‫تبارؾ ى‬
‫يعطيو؟ كمن يىستىػ ٍغفرين فأى ٍغ ًفىر لو) (ِ)‪.‬‬
‫يقوؿ‪ :‬من يدعوين فأستجيب لو؟ من يسأىلٍت فىأ ً‬
‫ىٍ‬ ‫ى‬ ‫ي ٍ‬
‫ب الثى ىمر‪.‬‬ ‫ات ً‬
‫كبلمهم كما ينتقى أطايً‬ ‫أطايب ‪ٙ‬تر ً‬
‫ً‬ ‫ط‬
‫ي‬ ‫التقا‬
‫ك‬ ‫ُت‪،‬‬‫تاسعاً‪٣ :‬تالسةي احملبُت الصادقً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬

‫عاشراً‪ :‬مباعدة كل سبب ٭توؿ بُت القلب كبُت اهلل ‪.)ّ()‬‬

‫كرد أف اهللى أىكحى إذل ً‬


‫بعض الصديقُت‪:‬‬ ‫‪ -‬جاء ُب كتاب إحياء علوـ الدين‪ ،‬ى‬
‫أذكرىم‪ ،‬كينظركف إرل‬
‫ك‬ ‫كيذكركين‬ ‫إليهم‪،‬‬ ‫أشتاؽ‬
‫ي‬ ‫ك‬ ‫إرل‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫كيشتاقو‬ ‫م‪،‬‬ ‫به‬ ‫يح‬‫(إف رل عبادان ٭تبوين كأ ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ت عن ذلك مقتك‪ ،‬قاؿ‪ :‬يا رب كما‬ ‫سلكت طري ىقهم أحببتيك‪ ،‬كإف ىع ىدلٍ ى‬
‫ى‬ ‫أنظر إليهم‪ ،‬فإف‬
‫ك ي‬
‫ك٭تنوف إذل غركب الشمس كما‬‫بلؿ بالنها ًر كما ييراعي الراعي ىغنىمو‪ ،‬ى‬ ‫عبلمتيهم؟ قاؿ‪ :‬يراعو ىف ً‬
‫الظ ى‬ ‫ي‬
‫و‬
‫حبيب ْتبيبو‪ ،‬نىصبوا إرل‬ ‫الظبلـ كخبل كل‬ ‫ط‬
‫الليل كاختىػلى ى‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ٖتن الطَتي إذل أككارىا‪ ،‬فإذا جنهم ي‬
‫أقدامهم‪ ،‬كافًتشوا رل كجوىهم‪ ،‬كناجوين بكبلمي ك٘تل يقوا إرل بأنعامي فهم بُت صاروخ و‬
‫كباؾ‪ ،‬كبُت‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫بس ٍمعي ما يى ٍش يكوف من يحيب‪.‬‬ ‫ك‬ ‫أجلي‪،‬‬ ‫من‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫يتحملو‬ ‫ما‬ ‫بعيٍت‬ ‫‪،‬‬ ‫متأكهو و‬
‫كشاؾ‬
‫ى‬ ‫ى‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٖٔ:‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬مدارج السالكُت صُُكُِ‪.‬‬
‫‪- 169 -‬‬
‫خربكف عٍت كما أ ً‬
‫يخربي عنهم‪،‬‬ ‫ؼ من نيورم ُب ً‬
‫قلوهبم فىػي ً‬ ‫ى‬ ‫أكؿ ما أيعطيهم‪ :‬أى ٍف أ ً‬
‫ىقذ‬ ‫ي‬
‫ي ي‬
‫السبع كاألرضو ىف كما فيها ُب موازينً ًهم الستقلىلتيها ‪٢‬تم‪،‬‬
‫ات ي‬
‫ً‬
‫كالثاين‪ :‬لو كانىت السماك ي‬
‫يد أف أيعطيو) (ُ)‪.‬‬ ‫كالثالث‪ :‬أيقٍبً يل بوجهي عليهم‪ ،‬أيعلم ي‬
‫أحد يىم ما أر ي‬
‫ابتعد عن ً‬
‫‪٤‬تبة‬ ‫كينبغي للمحب أف يعلى ىم أف من أحب اهلل‪ ،‬أحبوي اهلل سبحانو‪ ،‬كمن ارتد عن دينو ك ى‬
‫فسوؼ يأٌب اهلل و‬
‫بقوـ ٭تيبيهم ك٭تبونىو كما قاؿ تعاذل‪:‬‬ ‫ى‬ ‫ىربو‪،‬‬
‫ي‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮊ‬

‫السعاد ىة ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬ركل أبو ىريرة‬


‫بوؿ ك ى‬
‫كناؿ ال ىق ى‬
‫يل كا‪١‬تبلئكةي ى‬
‫أحبوي جرب ي‬
‫‪ -‬كمن أحبوي اهللي ى‬
‫يل‪:‬إف اهللى ي٭تب فبلنان فأحبوي‪ ،‬فيحبيوي‬
‫العبد نادل جرب ي‬
‫‪ ‬عن النيب ‪ ‬قاؿ‪( :‬إذا أحب الليو ى‬
‫وض يع لو‬ ‫ً‬
‫أىل السماء ٍب يي ى‬
‫يل ُب أىل السماء إف اهللى ي٭تب فبلنان فأحبوهي فىيحبو ي‬
‫يل‪ ،‬فينادم جرب ي‬ ‫جرب ي‬
‫بوؿ ُب األرض) (ّ)‪.‬‬‫ال ىق ي‬

‫‪٤ -‬تبة ا‪ٟ‬تق سبحانو كتعاذل للعبد ىي مدحو لو كثناؤه عليو با‪ٞ‬تميل مع إحساف ‪٥‬تصوص يلقى‬
‫العبد بو‪ ،‬كحالة ‪٥‬تصوصة يرقيو إليها‪.‬‬
‫اهللي ى‬

‫‪ -‬أما ‪٤‬تبة العبد هلل تعاذل فحالة ‪٬‬تدىا من قلبو تلطف عن العبارة مع تعظيمو‪ ،‬كإيثار رضاه‪ ،‬كقلة‬
‫الصرب عنو‪ ،‬كاالىتياج إليو‪ ،‬كعدـ القرار من دكنو‪ ،‬ككجود االستئناس بدكاـ ذكره لو بقلبو‪.‬‬

‫(ُ) الغزارل‪ :‬جزءِ صَِّ‪.‬‬


‫(ِ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ْٓ:‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 171 -‬‬
‫كما قاؿ أحد احملبُت(ُ)‪:‬‬

‫فاختارىم كرضي هبم خداما‬ ‫هلل قوـ أخلصوا ُب حبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو‬

‫أبصرت قومان سجدان كقيام ػ ػ ػ ػ ػا‬ ‫قوـ إذا جن الظبلـ عليهم‬

‫كيكابدكف بو النهار صيام ػ ػ ػا‬ ‫يتلذذكف بذكره ُب ليله ػ ػم‬


‫ً‬
‫بالصفات اليت ٭تبها‬ ‫ً‬
‫لبلتصاؼ‬ ‫‪ -‬كذلك ينبغي للمحب أف يعلم أف من أر ىاد أف ٭تبوي اهللي سعى‬
‫(ِ)‬
‫ذكرىا ُب القرآف الكرًن‪ ،‬قاؿ اهلل ‪:‬ﮋﯚﯛﯜﯝﯞﯟﮊ‬
‫اهللي كاليت ى‬
‫(ّ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵ﮊ‬

‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ عز من قائل‪ :‬ﮋﮬﮭﮮﮯﮰﮊ‬

‫(ٓ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﯨﯩﯪﯫﯬﮊ‬

‫(ٔ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﯡﯢﯣﯤﮊ‬

‫(ٕ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل ‪ :‬ﮋﭷﭸﭹﭺﭻﮊ‬

‫(ُ) ابن ا‪ٞ‬توزم‪ :‬بستاف الواعظُت كرياض السامعُت صِٖٔ‪.‬‬


‫(ِ) سورة البقرة‪.ِِِ:‬‬
‫(ّ) سورة الصف‪.ْ:‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪.ُٗٓ:‬‬
‫(ٓ) سورة آؿ عمراف‪.ٕٔ:‬‬
‫(ٔ) سورة آؿ عمراف‪.ُْٔ:‬‬
‫(ٕ) سورة آؿ عمراف‪.ُٓٗ:‬‬
‫‪- 171 -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﭫﭬﭭﭮﭯﮊ‬

‫كيقوؿ اهللي تعاذل ُب ا‪ٟ‬تديث القدسي‪:‬‬


‫‪ -‬ي‬

‫ب إرل بالنوافل حىت‬ ‫و‬


‫ت عليو كما يز ياؿ عبدم يتقر ي‬ ‫ضي‬ ‫افًت ٍ‬
‫ب إرل عبدم بشيء أحب إرل ‪٦‬تا ى‬ ‫(كما تىقر ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ش هبا كًر ٍجلىوي‬ ‫صرهي الذم ييبصير بو كيى ىدهي اليت يىػٍبط ي‬
‫يسم يع بو كبى ى‬
‫ت ى‪ٝ‬تعيو الذم ى‬ ‫أحبو فإذا أحببتيوي يكٍن ي‬
‫ت عن شيء أنا فاعليوي تىػىرد ًدم‬ ‫اليت ٯتشي هبا كلئً ٍن سألىٍت أليعطينوي كلئً ٍن استعاذين أليعيذنوي كما ٍ‬
‫تردد ي‬
‫أكرهي يم ىساءىتىوي) (ِ)‪.‬‬
‫يكره ا‪١‬توت كأنا ى‬ ‫عن ً‬
‫نفس ا‪١‬تؤمن ى‬
‫العجب من حيب لك كأنا عبد فقَت‪ ،‬كلكن العجب من حبك رل يا رب كأنت‬
‫ي‬ ‫‪ -‬يا رب ليس‬
‫ملك قدير‪.‬‬

‫‪ -‬ك‪٬‬تب على احملب هلل ‪ ‬أف يبتعد عما ال ٭تبو اهلل ‪ ‬من صفات ذكرىا ُب قرآنو مثل‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقولو ‪ :‬ﮋﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ‬
‫(ٓ)‬
‫‪ -‬كقولو ‪ :‬ﮋﮙﮚﮛﮜﮝﮊ‬
‫أحب من‬
‫‪ -‬كعن داكد كغَته من األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ أف اهلل ‪ ‬أكحى ‪٢‬تم‪( :‬أحبٌٍت ك ٌ‬
‫أحب من ٭تبٌك‪ ،‬فكيف أحبٍبك إذل خلقك؟ فقاؿ‬
‫رب أحبٌك ك ٌ‬
‫كحبٍبٍت إذل خلقي‪ ،‬قاؿ‪ :‬يا ٌ‬
‫٭تبٍت ى‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ِْ:‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ّ) سورة البقرة‪.َِٓ:‬‬
‫(ْ) سورة ا‪ٟ‬تديد‪.ِّ:‬‬
‫(ٓ) سورة آؿ عمراف‪.ٕٓ:‬‬
‫‪- 172 -‬‬
‫‪ :‬اذكرين ‪ٟ‬تسن ا‪ٞ‬تميل كاذكر آالئي كإحساين كذكرىم ذلك فإهنم اليعرفوف مٍت إال‬
‫ا‪ٞ‬تميل)(ُ)‪.‬‬

‫ا‪١‬تسلم‪ ،‬ألف منها‬ ‫أعظم منزلة ينا‪٢‬تا‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫ي‬ ‫فا‪١‬توف يق كل التوفيق ىم ٍن يسعى لكسب ‪٤‬تبٌة اهلل لو‪ ،‬فهي ي‬
‫‪ -‬ى‬
‫كنصره كمعونتىو‪.‬‬
‫كتأييده ى‬
‫ىدايةى اهلل ى‬

‫‪ -‬يا رب ارزقنا حبك كحب من ٭تبك كحب عمل صاحل يقربنا إذل حبك‪.‬‬

‫أذاؽ أحباءىهي حبلكة مؤانستً ًو فقاموا بُت يديو يمتهجدين‪ ،‬كيا ىم ٍن‬
‫ك يا رب يا من ى‬ ‫‪ -‬كيف ال أ ًيحب ى‬
‫مستغفرين‪.‬‬ ‫ًً‬ ‫ً‬
‫مبلبس ىيبتو فقاموا ْتضرتو ٍ‬
‫ى‬ ‫ألبس أكلياءىهي‬
‫ى‬
‫خاب من ىر ًض ىي‬
‫كجدؾ؟‪ ،‬لقد ى‬ ‫‪ -‬كيف ال أ ًيحب ى‬
‫ك يا رب‪ ،‬فماذا ىك ىج ىد من فىػ ىقدؾ ؟ كماذا فىػ ىق ىد ىم ٍن ى‬
‫كخ ًسىر من بقي عنك يمتى ىحوالن‪.‬‬‫بسو ىاؾ بديبلن‪ ،‬ى‬
‫عادة‬
‫قطعت إحسانىك عٍت؟ كما بىدلت ى‬
‫ى‬ ‫أنت ما‬ ‫كيف ال أ ًيحب ى‬
‫ك‪ ،‬ككيف أرجو سو ىاؾ ك ى‬ ‫‪ -‬إ‪٢‬تي ى‬
‫ً‬
‫االمتناف علي بنعمك‪.‬‬

‫باإلحساف من قىػٍب ًل تىوج ًو‬


‫ً‬ ‫ئ‬
‫ين‪ ،‬كأنت الباد ي‬
‫الذاكر قبل الذاكر ى‬
‫ي‬ ‫ك كأنت‬‫‪ -‬يا رب كيف ال أ ًيحب ى‬
‫أنت ‪١‬تا كىبتىنا من‬ ‫الوىاب ٍب ى‬
‫ي‬ ‫أنت ا‪ٞ‬تو ياد بالعطاء من قبل طىلى ً‬
‫ب الطالبُت‪ ،‬كأنت‬ ‫العابدين ك ى‬
‫ً‬
‫ا‪١‬تستقرضُت‪.‬‬

‫كعليك‬ ‫أنت أىملي؟ أـ كيف أىا يف‪،‬‬ ‫‪ -‬إ‪٢‬تي كيف ال أ ً‬


‫ى‬ ‫بك ى‬ ‫ي‬ ‫ىخي‬
‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫كيف‬ ‫ك‬ ‫؟‬‫ا‪ٟ‬تبيب‬
‫ي‬ ‫أنت‬
‫ى‬ ‫ك‬ ‫ك‬‫ى‬ ‫ب‬‫يح‬ ‫ى‬
‫ض كأنت طبييب؟‬ ‫ً‬
‫كيف أ ٍىمىر ي‬
‫ىضل كأنت ىدليلي ك ى‬‫مت ىكلي‪ ،‬أـ كيف أ ٌ‬
‫أنت الذم نىػع ٍمتىٍت‪ ،‬فلم ٕتدين شاكران كابتلىيتٍت فلم ٕت ٍدين صابران‪ ،‬فبل‬
‫كك ى‬‫‪ -‬إ‪٢‬تي كيف ال أيحب ى‬

‫(ُ) أبو طالب ا‪١‬تكي‪ :‬قوت القلوب صُُّ‪.‬‬


‫‪- 173 -‬‬
‫الش ٍك ًر كال أىدمت الش ىدةى ً‬
‫بًتؾ الص ًرب‪.‬‬ ‫أنت سلىبت النًعمة ً‬
‫بًتؾ ي‬
‫ىٍ ى‬ ‫ىٍ ى‬
‫الكرـ كما قاؿ الشاعر‪:‬‬ ‫‪ -‬إ‪٢‬تي أنت الكرًني كما يكو يف من ً‬
‫الكرًن إال ي‬
‫األمر ىجبل ما ىد ى‪٫‬تىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬
‫ىد ىى ىم ي‬ ‫يا ى‪ٚ‬تيل الصٍن ًع يا ىم ٍن كلما‬

‫ماضي ا‪ٟ‬تي ٍك ًم إذا ما ىح ىكما‬


‫ى‬ ‫ا‪١‬تستغيثُت‪ ،‬كيػ ػ ػ ػ ػا‬
‫ى‬ ‫غياث‬
‫يا ى‬

‫إف ذا األ ٍىمىر علينا ىعظيم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬ ‫نىػ ٌفس األمر علينا يسرعػ ػ ػ ػ ػ ػةن‬

‫الكرم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬
‫يا كرٯتا أنت ىرب ي‬ ‫كاستجب منا يدعانا كرمػ ػان‬

‫يا ىنيئان لكم أيها احملبوف هلل‪.‬‬

‫ك اهلل ك‪٤‬تبةي اهللً ى‬


‫لك‪.‬‬ ‫لك يا ىرسوؿ اهللً ‪٤‬تبتي ى‬
‫ىنيئان ى‬
‫ىنيئان لكم يا صحابةى رسوؿ اهللً ‪٤‬تبتي يك يم اهللى ك‪٤‬تبةي اهللً لكم‪.‬‬

‫أحباب اهلل ‪٤‬تبتي يكم اهللى ك‪٤‬تبةي اهللً لكم‪.‬‬


‫ى‬ ‫ىنيئان لكم يا‬

‫ىنيئان لك يا رابعةي ‪٤‬تبتك اهلل ك‪٤‬تبةي اهللً لك‪.‬‬

‫الليل تقولُت‪ :‬لقد انٍ ىشغىل‬ ‫جن‬ ‫إذا‬ ‫كنت عندما تنتهُت من عمل الدنيا تتفرغُت لعبادةً اهللً‪ ،‬يكٍن ً‬
‫ت‬
‫ي‬
‫حبيب ً‬
‫ْتبيبو كأنت حبييب يا اهللي‪.‬‬ ‫كل و‬

‫تستحق العًبى ىادةى‪.‬‬


‫ك ألنك ً‬ ‫ك خوفان من نارؾ كال طى ىمعان ُب جنتً ى‬
‫ك كلكن ىعبدتي ى‬ ‫كحقك ما عبدتي ى‬
‫فوضع‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فجمع األمتعةى كأراد أف ٮتر ىج من الباب فلم ‪٬‬تد الباب ى‬ ‫لص ليسرقىها ى‬ ‫ابعة ه‬
‫‪( -‬دخل على ر ى‬
‫ت‬‫ىحبٍتػنىا فأحببناىا‪ ،‬كانشغلى ٍ‬ ‫ً ً‬
‫ا‪١‬تتاع فلم ‪٬‬تد الباب فسمع صوتان يقوؿ‪ :‬أ ى‬
‫فحمل ى‬ ‫ى‬ ‫الباب‬
‫فوجد ى‬
‫ا‪١‬تتاع ى‬
‫ى‬

‫‪- 174 -‬‬


‫كتاب إذل اهلل ‪.)ُ()‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬تتاع كخرج ى‬
‫الباب فًتؾ ى‬
‫ا‪١‬تتاع ىتر ى‬
‫بنا فلم نىػٍن ىشغل عنها‪ ،‬أيترؾ ى‬
‫فلنستمع إذل مناجاهتا لرهبا ‪ٟ‬تبيبها ُب الليل(ِ)‪:‬‬

‫ك أى ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ هل لذاكػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬
‫كحبان ألن ى‬ ‫ُت‪ ،‬يحب ا‪٢‬ت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػول‬ ‫أ ًيحب ى‬
‫ك حب ً‬

‫فى يش ٍغلي بذك ًرؾ ىعم ٍن ًسواك ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫فأما الذم ىو يحب ا‪٢‬ت ػ ػ ػ ػول‬
‫ب حىت أىراكا‬
‫ك رل ا‪ٟ‬تي ٍج ى‬
‫فى ىك ٍش يف ى‬ ‫أىل ل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو‬
‫كأما الذم أىنت ه‬
‫كلكن لك ا‪ٟ‬تمد ُب ذا كذاك ػ ػ ػ ػ ػ ػا‪.‬‬ ‫فبل ا‪ٟ‬تمػد ُب ذا كال ذاؾ رل‬
‫كدلنا عليو‪ ،‬كفرغ قلوبىنا لو‪ ،‬كال تى ٍشغىلنا عنو‪ ،‬يا كرًن‪.‬‬
‫ارزقنا ىذا ا‪ٟ‬تب‪ ،‬ي‬
‫اللهم ي‬
‫قاؿ أ‪ٛ‬تد بن أيب ا‪ٟ‬توارم(ّ)‪( :‬دخلت على أيب سليماف (كىو من الزىاد) كىو يبكي فقلت لو‪:‬‬
‫ًمم تبكي؟ فقاؿ رل‪ :‬ك٭تك يا أ‪ٛ‬تد‪ ،‬كيف ال أبكي كقد بلغٍت أنو إذا جن الليل كىدأت العيوف‪،‬‬
‫كخبل كل خليل ٓتليلو‪ ،‬كافًتش أىل احملبة أقدامهم بُت يدم مليكهم ُب مناجاتو كرددكا كبلمو‬
‫بأصوات ‪٤‬تزكنة جرت دموعهم على خدكدىم كتقطرت ُب ‪٤‬تاريبهم خوفان كاشتياقان‪ ،‬فأشرؼ‬
‫عليهم ا‪ٞ‬تليل جل جبللو فنظر إليهم فأمدىم ‪٤‬تبة كسركرا‪ ،‬فقاؿ ‪٢‬تم‪ :‬أحبايب كالعارفُت يب‪،‬‬
‫اشتغلوا يب كألقوا عن قلوبكم ذكر غَتم‪ ،‬أبشركا فإف لكم عندم الكرامة كالقربة يوـ تلقوين‪،‬‬
‫فينادم اهلل جربيل‪ :‬يا جربيل‪ ،‬بعيٍت من تلذذ بكبلمي كاسًتاح إرل كأناخ بفنائي‪ ،‬كإين ‪١‬تطلع‬
‫عليهم ُب خلواهتم أ‪ٝ‬تع أنينهم كبكاءىم‪ ،‬كأرل تقلبهم كاجتهادىم‪ ،‬فناد فيهم يا جربيل‪ :‬ما ىذا‬

‫(ُ) انظر‪٤:‬تمد عطية ‪ٜ‬تيس احملامي‪ :‬رابعة العدكية‪.‬‬


‫(ِ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.‬‬
‫(ّ)أ‪ٛ‬تد بن أيب ا‪ٟ‬توارم أبو العباس الدمشقي عبد اهلل بن ميموف‪ .،‬صحب الداراين كغَته‪.‬كاف ا‪ٞ‬تنيد يقوؿ‬
‫فيو‪ :‬إنو ر٭تانة أىل الشاـ ‪ .‬توُب سنة َِْى ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ عن اثنتُت ك‪ٙ‬تانُت سنة‪[ .‬طبقات األكلياء]‬

‫‪- 175 -‬‬


‫البكاء الذم أ‪ٝ‬تع‪ ،‬كما ىذا التضرع الذم أرل منكم؟ ىل ‪ٝ‬تعتم أك أخربكم عٍت أحد أف حبيبان‬
‫يعذب أحباءه؟ أك ما علمتم أين كرًن فكيف ال أرضى؟ أيشبو كرمي أف أرد قومان قصدكين؟ أـ‬
‫كيف أذؿ قومان تعززكا يب؟ أـ كيف أحجب غدان أقوامان آثركين على ‪ٚ‬تيع خلقي كعلى أنفسهم‬
‫كتنعموا بذكرم؟ أـ كيف يشبو ر‪ٛ‬تيت أك كيف ٯتكن أف أبيت قومان ٘تلقوا رل كقوفان على أقدامهم‪،‬‬
‫كعند البيات أخزكىم؟ أـ كيف ‪٬‬تمل يب أف أعذب قومان إذا جنهم الليل ٘تلقوين‪ ،‬ككيفما كانوا‬
‫انقطعوا إرل كاسًتاحوا إذل ذكرم كخافوا عذايب كطلبوا القربة عندم‪ ،‬فيب حلفت ألرفعن الوحشة‬
‫عن قلوهبم‪ ،‬كألكونن أنيسهم حىت يلقوين‪ ،‬فإذا قدموا إرل أنظر إليهم‪ٍ ،‬ب ‪٢‬تم عندم ما ال يعلمو‬
‫غَتم‪ .‬يا أ‪ٛ‬تد‪ ،‬إف فاتٍت ما ذكرت لك فيحق رل أف أبكي دمان بعد الدموع‪ .‬قاؿ أ‪ٛ‬تد‪ :‬فأخذت‬
‫معو بالبكاء‪ٍ ،‬ب خرجت من عنده كتركتو بالباب‪ ،‬فكنت أرل أثر ذلك عليو حىت ا‪١‬تمات) (ُ)‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬محبة النبي ‪:‬‬


‫ً‬
‫األنبياء ك ً‬
‫الرسل كلتكو ىف رسالتيوي‬ ‫خاًبى‬
‫اختاره اهلل سبحانىو كتعاذل ليكو ىف ى‬
‫‪ -‬ىذا النيب ‪ ‬الذم ى‬
‫ً‬
‫السماكية‪.‬‬ ‫ً‬
‫الرساالت‬ ‫خا٘تىةى‬
‫ً‬
‫الظلمات إذل النوًر كمن الضبللىة إذل‬ ‫أخرجنا اهللي بو من‬
‫يم الذم ى‬ ‫الرؤكؼ الرح ي‬
‫ي‬ ‫الرسوؿ الكرًني‬
‫ي‬ ‫‪ -‬إنوي‬
‫حدةً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا‪٢‬تيدل كمن ا‪ٞ‬تى ٍه ًل إذل العلم كمن الض ٍعف إذل القوة كمن الذؿ إذل الرفعة كمن ال يفرقىة إذل ى‬
‫الو ى‬
‫الوئاـ‪ ،‬حىت يكنا هبديو كتوجي ًه ًو خَت أ و‬
‫يمة أيخ ًر ىجت للناس‪.‬‬ ‫ا‪٠‬تصاـ إذل ً‬
‫احملبة ك ً‬ ‫كمن النز ًاع ك ً‬
‫ى‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة يش ٍعبىةه من ‪٤‬تب ًة اهللً ‪ .‬ال‬
‫ً‬ ‫بعد اهللً تعاذل أح هد ىأمن علينا من رسولًنا ك‪٤‬تبتيوي ُب‬
‫فليس ى‬
‫‪ -‬ى‬
‫وؿ فبل بد لوي من‬‫‪٤‬تبة رسولًًو كمن أحب الرس ى‬ ‫ٯتكن الفصل بينىهما فمن أحب اهلل فبل بد لو من ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫(ُ) أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.‬‬


‫‪- 176 -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪٤‬تبة اهللً‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﮊ‬
‫ً‬

‫أحاديث‬
‫ي‬ ‫‪٤‬تبة رسولًًو ككذلك‬
‫‪٤‬تبة اهللً اليت تىستىل ًزـ طاعتىو تيؤك يد على ً‬
‫ٍ ي ىي‬
‫ث عن ً‬
‫اآليات اليت تىػتى ىحد ي‬
‫‪-‬ك ي‬
‫النيب ‪ُ ‬ب ىذا األم ًر‪.‬‬
‫‪ -‬عن أيب ىريرة ‪ ‬عن النيب ‪ ‬أنو قاؿ ‪( :‬من أطاعٍت فقد أطاع اهلل كمن يػع ً‬
‫صٍت فقد عصى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬
‫اهللى)(ِ)‪.‬‬

‫(ّ)‬
‫‪ -‬كقاؿ تعاذل ‪ :‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﮊ‬

‫ػام‪ ،‬كأحبػوا أى ىػل‬‫إي‬ ‫عم ًػو‪ ،‬كأحبػوين ً‪ٟ‬تػب اهللً‬


‫‪ -‬كقد قاؿ النيب ‪( : ‬أحبوا اهلل ‪١‬تا يػ ٍغػ يذكيكم بػو مػن نً ً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫بييت ‪ٟ‬تيب) (ْ)‪.‬‬

‫رسوؿ اهللً ‪ ‬بل حىت يكوف يحبيوي أىحب إليو من‬


‫‪ -‬لذا فإف اإلنسا ىف ال يكو يف يمؤمنان حىت يً٭تب ى‬
‫كل شيء‪.‬‬

‫ىحب إليو من‬ ‫ً‬ ‫قاؿ ي ً‬ ‫أنس ب ًن و‬


‫‪ -‬عن ً‬
‫رسوؿ اهلل ‪( : ‬ال يػي ٍؤم ين أح يد يك ٍم حىت أكو ىف أ ى‬ ‫قاؿ‪ :‬ى‬
‫مالك ‪ ‬ى‬
‫لدهً كك ً‬
‫الدهً ك ً‬
‫الناس أ‪ٚ‬تعُت) (ٓ)‪.‬‬ ‫كً‬

‫أحب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬كيركل أف النيب ‪ ‬كا ىف آخذان ً‬


‫ألنت ى‬
‫رسوؿ اهلل‪ ( :‬ى‬
‫عمر يا ى‬
‫ي‬ ‫لو‬ ‫فقاؿ‬
‫ى‬ ‫ا‪٠‬تطاب‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫م‬
‫ىى‬ ‫ع‬
‫ي‬ ‫بيد‬
‫إرل من كل شيء إال من ً‬
‫نفس ىي)‪ ،‬فقاؿ النيب ‪: ‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ُّ:‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) سورة النساء‪.َٖ:‬‬
‫(ْ) أخرجو الًتمذم ُب سننو عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 177 -‬‬
‫ك))‪ ،‬فقاؿ لو عمر‪( :‬فإنو اآل ىف كاهللً‬ ‫إليك من نىػ ٍف ً‬
‫س‬ ‫ب‬‫ح‬ ‫ى‬
‫أ‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫أكو‬ ‫حىت‬ ‫((ال كالذم نىػ ٍفسي ً‬
‫بيدهً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫عمر )) (ُ)‪.‬يعٍت‪ :‬اآلف ىك يم ىل إٯتانيك يا‬ ‫ً‬
‫ألنت أحب إرل من نفسي) فقاؿ النيب ‪(( :‬اآلف يا ي‬
‫عمر‪.‬‬

‫آمن باهلل كرسولًًو تظهر ُب أعمالًًو كأقوالًًو كأفعالًًو‪،‬‬ ‫ً ً‬


‫‪ -‬ىذه احملبةي لرسوؿ اهلل ‪ ‬تىظٍ ىهير ُب كل مؤم ون ى‬
‫بأحاديث النيب ‪ ‬كالسَت على سنتو‪ ،‬تظهر‬ ‫ً‬ ‫ظهير ُب العملً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬
‫تظهر ُب دفاعو عن دينو كمعتقده‪ ،‬تى ى‬ ‫ي‬
‫خصاؿ‪ :‬يحب نبيٌ يك ٍم‬‫ً‬ ‫ُب تربيتو ألكالده كأىلو عمبلن بقوؿ النيب ‪( :‬أىدبوا أكال ىد يكم على ً‬
‫ثبلث‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫كحب ًآؿ بيتً ًو كقراءة ال يق ً‬
‫رآف) (ِ)‪.‬‬ ‫ي‬
‫كتظهر ُب حب رؤيتً ًو ُب الدنيا‬ ‫الشوؽ إذل زيارتًوً ك ً‬
‫الوقوؼ أماـ حجرتًوً ك ً‬
‫السبلـ عليو‬ ‫‪ -‬كتىظٍهر ُب ً‬
‫ي‬ ‫ى ي‬ ‫ى ىي‬
‫ً‬ ‫أحد الشياط ً‬ ‫ًً‬
‫بتشويو‬ ‫س‬‫ُت من اإلنٍ ً‬ ‫قاـ ي‬ ‫كشفاعتو ُب اآلخرةً‪ ،‬كقد ظى ىهىر ٍ‬
‫ت ىذه احملبةي كاضحةن عندما ى‬
‫كنصف باستنكا ًر ىذا‬‫ه‬ ‫مليار‬
‫بقاع األرض‪ ،‬ىىب ه‬ ‫صورةً النيب ‪ ‬فهب ي‬
‫‪ٚ‬تيع ا‪١‬تسلمُت كُب ‪ٚ‬تيع ً‬
‫ً‬
‫ت الدنيا كدل تىػ ٍقعي ٍد‪.‬‬ ‫الفعل الشني ًع كإظها ًر يحب ًهم لنبيهم كدفاعهم عنو ‪ ‬ى‬
‫فقام ٍ‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫مقدار يحبنا لنبيػنىا كفدائًنا لو بكل ما ‪٪‬تل ي‬
‫ك‪.‬‬ ‫لن تىػ ٍقعي ىد حىت يعلىم العا ىدليكلوي أ‪ٚ‬تىع ى‬
‫كٍ‬
‫أحدنا‬ ‫‪ -‬كيف ال نكو يف ‪٦‬تن أىحب النيب ‪ ‬كالنيب ‪ ‬يشه يد ٔتحبتًنا لو ي ً‬
‫كٮتٍربي ‪ ‬عن ىذلك بأف ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ك‪.‬‬ ‫ً‬
‫يتمٌت رؤيىػتيو بكل ما ٯتل ي‬
‫م يود‬‫د‬‫رسوؿ اهللً ‪ ‬قاؿ‪( :‬من أشد أميت رل حبان ناس يكونوف بػع ً‬
‫‪ -‬عن أيب ىريرةى ‪ ‬أف ى‬
‫ىٍ ى‬ ‫يٌ ه‬
‫أحد يىم لو رآين بأىلً ًو كمالًًو) (ّ)‪.‬‬
‫ي‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الديلمي كابن ‪٧‬تار ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 178 -‬‬
‫مؤمنُت كإنا إف‬ ‫رسوؿ اهلل ‪ ‬أتى ا‪١‬تقربة فقاؿ‪( :‬السبلـ عليكم دار قوـ ً‬ ‫‪ -‬كعن أيب ىريرىة ‪ ‬أف ى‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫رسوؿ اهللً)‪ ،‬قاؿ‪:‬‬ ‫ً‬
‫ك يا ى‬ ‫ت أنا قد رأينا إخوانىػنىا)‪ ،‬قالوا‪( :‬أىىك لسنا إخوانى ى‬ ‫شاء اهلل بكم الحقو ىف ىكد ٍد ي‬
‫ؼ من دل ً‬
‫يأت بىػ ٍع يد ًم ٍن أيىمتً ى‬
‫ك‬ ‫(أنتم أصحايب كإخوانػينيا الذين دل يأتوا بىػ ٍع يد)‪ ،‬فقالوا‪( :‬كيف تىػ ٍع ًر ي ى‬
‫خيل دى وم هب وم(ُ) أال‬
‫خيل غير ي‪٤‬تىجلةه بُت ظى ٍهىر ٍم و‬
‫ت لو أف رجبلن لو ه‬ ‫يا رسوؿ اهلل)‪ ،‬فقاؿ‪( :‬أرأيٍ ى‬
‫ً‬
‫الوضوء) (ّ)‪.‬‬ ‫ؼ خيلىو) قالوا‪( :‬بلى يا رسوؿ اهللً ‪ ،‬قاؿ فإهنم يأتو ىف غيٌران ‪٤‬تجلُت(ِ) من‬
‫يع ًر ي‬
‫بلساف ك و‬
‫احد‪ :‬إف‬ ‫و‬ ‫نقوؿ لو‬ ‫‪ -‬كلو سألنىا سائًله ‪١‬تاذا ٖتبوف رسوؿ اهللً ىذه احملبةى ى‬
‫الشديدة فإننا ي‬
‫‪٤‬تبتنا لرسوؿ اهلل ‪٢ ‬تا كثَت من الدكاعي كا‪١‬توجبات نذكر منها‪:‬‬

‫ً‬
‫اآليات‬ ‫قبل من‬ ‫من‬ ‫ذكرت‬ ‫كقد‬ ‫أولً‪ :‬اهلل ‪ ‬أكجب ‪٤‬تبتىو كطاعتىو كقرهنا ٔتحبتً ًو سبحانىو كطاعتً ً‬
‫و‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫األحاديث ما يىدؿ على ذلك‪.‬‬
‫ك‬

‫ثانياً‪ :‬ألف اهلل تعاذل أحبوي كاختاره من بُت ً‬


‫خلق ًو كاصطفاهي لرسالتً ًو ا‪٠‬تا٘تة كفضلىوي على ‪ٚ‬تيع‬ ‫ىي‬
‫‪٥‬تلوقاتًًو‪.‬‬
‫الش ىق ً‬
‫اؽ‬ ‫نبينا فىحل عن ً‬ ‫ً‬
‫اإلطبلؽ‬ ‫أفضل ا‪٠‬تٌٍل ًق على‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ك ي‬
‫الناس كا‪ٟ‬تى ىج ًر‬ ‫بل ىو ياقوتىةه ك ي‬ ‫ليس كالبشر‬ ‫بشر ك ى‬‫‪٤‬تم هد ه‬
‫‪٧‬توـ كىو كالقػم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ًر‬ ‫ليس ُب ً ً ً‬ ‫ك ً‬
‫فاألنبياءي ه‬ ‫ا‪٠‬تلق من ن ٍّد ٯتاثليوي‬
‫صو على ىدايتًها ً‬
‫كإنقاذىا من النا ًر‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬لرأفتً ًو كر‪ٛ‬تتً ًو بأمتً ًو كحر ً‬

‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮬﮭﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵‬

‫هبم‪ :‬السو ياد الكامل‪.‬‬


‫دىم ه‬
‫(ُ) ه‬
‫فوؽ الدرىم‪.‬‬
‫بياض ُب جبهة الفرس ى‬
‫(ِ)غر ‪٤‬تجلُت‪ :‬ه‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 179 -‬‬
‫(ُ)‬
‫﮶﮷﮸﮹﮺ﮊ‬

‫قوؿ اهللً ‪ُ ‬ب‬ ‫‪ -‬عن ً‬


‫عبد اهلل بن عمرك بن العاص رضي اهلل عنهما أف النيب ‪ ‬تبل ى‬
‫اىيم‪( ‬ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ‬
‫إبر ى‬
‫وؿ عيسى ‪ : ‬ﮋ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ﮁ ﮂ ﮊ كق ى‬
‫(ِ)‬

‫ﯺﯻﮊ(ّ)‪ ،‬فرفىع يديو كقاؿ‪( :‬اللهم أميت‪ ،‬أميت كب ىكى)‪ ،‬فقاؿ اهللي ‪:‬‬

‫ك أىعلى يم فى ىس ٍلوي ما ييبكيك؟)‪ ،‬فأتاه جربيل ‪ ‬فسأىلوي‪ ( :‬ى‬


‫فأخربهي‬ ‫كرب ى‬
‫اذىب إذل ‪٤‬تمد ى‬‫ٍ‬ ‫يل‬
‫(يا جرب ي‬
‫رضيك‬‫رسوؿ اهلل ‪ٔ ‬تا قاؿ كىو أعلم)‪ ،‬فقاؿ اهلل ‪( :‬يا جربيل اذىب إذل ‪٤‬تمد فقل إنا سني ً‬
‫ي‬
‫ُب أمتًك كال نسوءي ىؾ) (ْ)‪.‬‬

‫كأخباره ‪ُ ‬ب ر‪ٛ‬تتو بأمتو كرأفتو أكثر من أف ٖتصى‪.‬‬

‫أحسن الشرائ ًع‪.‬‬


‫ي‬ ‫كتعاليموي كتوجيهاتو‬
‫ي‬ ‫رابعاً‪ :‬ألف دينىوي ي‬
‫خَت دي ون كشريعتيوي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ًً‬ ‫خامساً‪ :‬لعطٍ ًف ًو ى ً‬
‫شفاعةن‬
‫كش ىف ىقتوً على أمتو فمن عطفو ‪ ‬أنوي اد ىخىر دعوتىوي إذل يوـ القيامة لتكو ىف ى‬
‫أحرًجها‪.‬‬
‫ألمتو ُب أىم األكقات ك ى‬

‫عوتىوي‬
‫نيب ىد ى‬
‫نيب دعوةه مستجابةه فىػتىػ ىعج ىل كل ٍّ‬
‫رسوؿ اهلل ‪( : ‬لكل ٍّ‬
‫قاؿ ي‬
‫قاؿ‪ ،‬ى‬‫‪ -‬فعن أيب ىريرة ‪ ‬ى‬
‫مات من أميت ال ييش ًريؾ‬ ‫ً‬
‫يوـ القيامة فهي نائلةه إف شاءى اهللي ىم ٍن ى‬ ‫كإين اختبأٍ ي‬
‫ت دعوٌب شفاعةن ألميت ى‬

‫(ُ) سورة التوبة‪.ُِٖ:‬‬


‫(ِ) سورة إبراىيم‪.ّٔ:‬‬
‫(ّ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ُُٖ:‬‬
‫(ْ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 181 -‬‬
‫باهلل شيئا) (ُ)‪.‬‬
‫ػس قيػ ٍلػت يػا رس ى ً‬
‫ػوؿ اهلل ادعي‬ ‫ػب نف و ي‬ ‫ػت م ىػن النػيب ‪ ‬طي ى‬‫‪ -‬عن عائشةى رضػي اهلل عنهػا قالػت‪١( :‬تػا رأي ي‬
‫ت‬ ‫اهلل رل قاؿ‪ :‬اللهم اغفر لعائشةى ما تقػدـ مػن ذنبًهػا كمػا تػأخر كمػا أسػرت كمػا أعلىنىػت‪ً ،‬‬
‫فضػح ىك ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫ػوؿ اهللً ‪ ‬أىيى يسػػرًؾ‬ ‫أسػػها ُب يحج ًرىػػا مػػن الضػػحك فقػ ى‬
‫ػاؿ رسػ ي‬ ‫طري‬ ‫عائش ػةي رضػػي اهلل عنهػػا حػػىت ىس ػ ىق ى‬
‫فقاؿ ‪ ‬كاهللً إهنا ً‬
‫لدعوٌب ألميت ُب كل صبلٌب) (ِ)‪.‬‬ ‫دعاؤؾ ى‬ ‫ت‪ :‬كمارل ال يى يسرين ي‬ ‫دعائي فقالى ٍ‬
‫ً‬
‫الصحابة الكرًاـ‪ ،‬ىذا ا‪ٟ‬تب الذم عبػىر عنو‬ ‫‪ -‬ينبغي للمسلم أف يتعلم ا‪ٟ‬تب ً‬
‫لرسوؿ اهلل ‪ ‬من‬ ‫ى‬
‫لرسوؿ اهلل ‪ ‬فقاؿ‪( :‬كاف كاهللً أحب‬
‫كيف كاف حبكم ً‬ ‫ً‬
‫كجهوي عندما يسئ ىل ى‬ ‫علي ىكرىـ اهللي ى‬
‫سيدنا ي‬
‫ي‬
‫إلينا من أموالًنا ك ً‬
‫أكالدنا كآبائًنا كأمهاتًنا كمن ا‪١‬تاء ً‬
‫البارد على الظ ىمأ) (ّ)‪.‬‬
‫ً‬
‫مر‬
‫فبلغ ذلك عي ى‬ ‫رجاؿ على ىع ٍهد عي ىمر ‪ ،‬فكأىنػ يهم فضلوهي على أيب بكر ‪ ،‬قاؿ ى‬ ‫ث ه‬ ‫‪ٖ -‬تد ى‬
‫ليوـ من أيب بك ور خَته من ًآؿ عي ىمر‪ ،‬لىىقد‬ ‫‪ ،‬فقاؿ‪( :‬كاهللً لليلةه من أيب بك ور خَت من ً‬
‫عمر‪ ،‬ك ه‬
‫ى‬ ‫آؿ‬ ‫ه‬
‫يديو كساعةن‬‫رسوؿ اهللً ‪ ‬لينطلق إذل الغا ًر كمعو أبو بكر ‪ ‬فجعل ٯتشي ساعةن بُت ً‬ ‫خر ىج ي‬
‫ىى ى‬ ‫ىي‬ ‫ى‬
‫مالك ٘تشي ساعةن بُت يدم كساعةن خلفي؟‬ ‫ىخ ٍل ىفوي ىحىت فى ًط ىن لو ي‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬فقاؿ يا أبا بكر‪ :‬ى‬
‫ص ىد فأمشي بُت يديك فقاؿ‪ :‬يا أبا‬
‫ك ٍب أذ يكير الر ٍ‬
‫ب فأمشي خل ىف ى‬
‫رسوؿ اهلل‪ ،‬أذ يكري الطلى ى‬
‫فقاؿ‪ :‬يا ى‬
‫ى‬
‫ت لتكو ىف‬
‫ك با‪ٟ‬تق ما كانى ٍ‬‫بك دكين؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬كالذم بعثى ى‬ ‫ت أف يكو ىف ى‬ ‫بكر‪ ،‬لو كا ىف شيءه أحبىٍب ى‬
‫رسوؿ اهلل حىت‬
‫ك يا ى‬ ‫قاؿ أبو بكر‪ :‬مكانى ى‬‫من يملًم وة إال أف تكو ىف يب دكنىك فلما انتهيا إذل الغا ًر‪ ،‬ى‬
‫فدخل كاستىٍبػىرأىهي‪ ،‬حىت إذا كاف ُب أعبله ذى ىكىر أنو دل يستربئ ا‪ٞ‬تًحرة(ْ)‪،‬فقاؿ‪:‬‬
‫ى‬ ‫الغار‬
‫لك ى‬ ‫ئ ى‬
‫أسترب ى‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البزار ُب مسنده‪.‬‬
‫(ّ)الثعاليب‪ٙ :‬تار القلوب ُب ا‪١‬تضاؼ كا‪١‬تنسوب صُٖٖ‪.‬‬
‫(ْ)كا‪ٞ‬تحرة‪ٚ :‬تع يجحر كىو ا‪ٟ‬تفرة اليت تأكم إليها ا‪٢‬تواـ كصغار ا‪ٟ‬تيواف‪.‬‬
‫‪- 181 -‬‬
‫رسوؿ اهلل‪ ،‬فنزؿ‪ ،‬فقاؿ‬ ‫رسوؿ اهلل حىت أست ًربئ ا‪ٞ‬تًحرة فدخل كاستربأ ٍب قاؿ‪ٍ :‬‬
‫انزؿ يا ى‬ ‫مكانك يا ى‬
‫ى‬
‫عمر‪ :‬كالذم نفسي بيده لتلك الليلة خَته من ًآؿ عمر) (ُ)‪.‬‬
‫ً‬
‫النساء للرسوؿ ‪ ‬؟‬ ‫فكيف كاف يحب‬ ‫‪ -‬ىذا يحب الرجاؿ‬
‫ى‬
‫كزكجها‬ ‫ً‬ ‫عند عودةً ا‪١‬تسلمُت من معرىك ًة أ و‬ ‫‪ -‬خرج ً‬
‫ت امرأىةه من األنصا ًر ى‬
‫يحد كقد قيت ىل أبوىا كأخوىا ي‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫القتاؿ مع رسوؿ اهلل ‪ ،‬فقالت‪ :‬ما فعل رسوؿ اهلل ‪، ‬‬ ‫ُب تلك ا‪١‬تعركة ككانوا ‪٦‬تن شهدكا ى‬
‫و‬ ‫ً‬
‫مصيبة‬ ‫ت‪( :‬كل‬‫أنظر إليو‪ ،‬فلما ىرأىتٍوي قالى ٍ‬
‫قالوا‪ :‬خَتان ىو ‪٤‬تمد كما ٖتبُت‪ ،‬قالت‪( :‬أ يىركنيو حىت ى‬
‫رسوؿ اهللً) (ِ)‪.‬‬
‫عد ىؾ ىجلى هل يا ى‬
‫بى ى‬
‫انعطاؼ ً‬
‫النفس إذل‬ ‫٘تاموي كغايتيوي ألنو‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫‪ -‬كينبغي للمحب أف يعلم أف ا‪ٟ‬تيب ىو بدايةي اإلٯتاف كىو ي‬
‫احملبوب‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬
‫ي‬ ‫تكاد هتفو إال إذل ما ييشَت ًبو‬
‫ف حىت ال ي‬
‫ً‬
‫النفس تنعط ي‬ ‫ً‬
‫احملبوب كما تز ياؿ ي‬
‫(ال يؤمن أحدكم حىت يكوف ىواه تبعا ‪١‬تا جئت بو) (ّ)‪.‬‬
‫رسوؿ اهللً ‪ ‬فعليو أف يقيم على حب ًو ىذا دليبلن كدليليو العمل كاالتباع ً‬
‫‪٢‬تديو‪ ،‬قاؿ‬ ‫‪ -‬كمن أحب ى‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي ى‬
‫(ْ)‬
‫تعاذل‪ :‬ﮋﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﮊ‬

‫اتباعك لو ُب أقوالًًو كأفعالًًو كُب حركاتًًو كسكناتًًو كُب كل أحوالًًو‪.‬‬


‫ك للنيب ‪ ‬يقتضي ى‬
‫ألف حب ى‬
‫قاؿ‪( :‬كمن أحيا يسنيت فقد أحبٍت) (ٓ)‪.‬‬
‫‪ -‬عن أنس ‪ ‬عن الن ًيب ‪ ‬أنو ى‬

‫(ُ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البيهقي ُب دالئل النبوة‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب رفع اليدين عن عبد اهلل بن عمرك‪.‬‬
‫(ْ) سورة آؿ عمراف‪.ُّ:‬‬
‫(ٓ) أخرجو الًتمذم ُب سننو‪.‬‬
‫‪- 182 -‬‬
‫قاؿ‬
‫مالك ‪ ‬ى‬ ‫فعليك أف ٖتبو ‪٤‬تبةن صادقةن‪ ،‬فقد ركل أنس بن و‬ ‫ى‬ ‫ت أف يٍٖت ىشر معو ‪‬‬ ‫أرد ى‬
‫‪ -‬كإذا ٍ‬
‫ه‬
‫ً‬
‫للساعة قاؿ حب‬ ‫ت‬ ‫رسوؿ اهللً مىت الساعةي؟ ى‬ ‫رسوؿ اهللً ‪ ‬ى‬ ‫جاء رجل إذل ً‬
‫أعد ٍد ى‬
‫قاؿ كما ى‬ ‫فقاؿ يا ى‬ ‫ى ه‬
‫ً‬
‫اإلسبلـ فرحان أشد من ً‬
‫قوؿ النيب‬ ‫ً‬ ‫أنس فما فى ًر ٍحنىا ى‬
‫بعد‬ ‫ت قاؿ ه‬ ‫ك مع من أحبىٍب ى‬ ‫اهللً كرسول ًو قاؿ فإن ى‬
‫ً‬
‫أنس فأنا أيحب اهللى كرسولىوي كأبا بك ور كعي ىمىر فأرجو أف أكو ىف ى‬
‫معهم‬ ‫ت قاؿ ه‬ ‫فإنك مع من أحبىٍب ى‬ ‫‪ ‬ى‬
‫ً‬
‫بأعما‪٢‬تم) (ُ)‪.‬‬ ‫كإف دل أى ٍع ىم ٍل‬

‫‪ -‬كعن عبد اهلل ‪ ‬قاؿ جاء رجل إذل رسوؿ اهلل ‪ ‬فقاؿ يا رسوؿ اهلل كيف ترل ُب رجل‬
‫أحب قوما ك‪١‬تا يلحق هبم قاؿ رسوؿ اهلل ‪( : ‬ا‪١‬ترء مع من أحب) (ِ)‪.‬‬
‫ػوت كبعػػد ا‪١‬تػ ً‬
‫ػوت‪ ،‬معهػػم حبػان كأنسػان كنعيمػان فهنيئػان لكػػم يػػا‬ ‫ػوت كعنػ ىػد ا‪١‬تػ ً‬
‫أم ُب اآلخػػرةً بػػل قبػػل ا‪١‬تػ ً‬
‫ى‬
‫أحباب ً‬
‫رسوؿ اهلل ‪.‬‬ ‫ى‬
‫ػُت ال نػراؾ كال ‪٧‬تتى ًمػ يع‬ ‫عبد اهللً بن ز و‬
‫يد أنو قػاؿ‪( :‬يػا رس ى ً‬ ‫‪ -‬كعن ً‬
‫ت ُب علي ى‬
‫كمتنػا كٍنػ ى‬
‫ػوؿ اهلل إذا يمػت ي‬
‫بك‪ ،‬ىكذى ىكر يحزنىو ‪،‬فنزؿ قولو تعاذل‪:‬‬
‫ى‬

‫ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ‬
‫‪.‬‬
‫(ْ)‬
‫)‬
‫(ّ)‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮊ‬

‫ثالثاً‪-‬محبة الصالحين‪:‬‬

‫‪ -‬ينبغي لًمن أحب اهلل ‪ ‬كأحب رسولو ‪ ‬أف ٭تب الصا‪ٟ‬تُت‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) سورة النساء‪ٔٗ:‬‬
‫(ْ) ركاه القرطيب ُب تفسَته‪.‬‬
‫‪- 183 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ض ًُب الل ًو)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أكثق عرل اإلٯتاف أى ٍف يٖتب ًُب اهلل ‪ ،‬ىكتيػٍبغ ى‬
‫‪ -‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ ( ‬ي‬
‫ً‬
‫العظيمة اليت أعطاىم اهلل إياىا‪.‬‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬تكانة‬ ‫أصحاب‬ ‫م‪،‬‬‫‪ -‬الصا‪ٟ‬تو ىف الذين أ ًيمرنىا ْتب ًهم‪ ،‬ك‪٣‬تاكرًهتً‬
‫ي‬ ‫ٍ‬
‫كيقوؿ فيها‪:‬‬ ‫ً‬
‫الفاٖتة ي‬ ‫ات الصبلةً بسورةً‬
‫كعة من رىكع ً‬
‫ىى‬
‫يقرأي ا‪١‬تسلم ُب كل ر و‬
‫ي‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﮊ‬

‫ا‪١‬تستقيم‪ ،‬الصرا ىط الذم اتػبىػ ىعوي ىم ٍن أىنٍػ ىع ىم اهللي عليهم‬


‫ى‬ ‫ب من اهللً‪ ،‬أف يهديىوي الصرا ىط‬
‫فا‪١‬تؤمن يطلي ي‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬

‫كذكرىم ُب قولو‪ :‬ﮋ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬


‫ى‬
‫ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮊ‬
‫(ّ)‬

‫ػاء ٍب الص ػ ػػديقُت ٍب الش ػ ػ ً‬


‫ػهداء ٍب‬ ‫‪ -‬فالدرجػ ػ ػةي األكذل ‪٢‬ت ػ ػػؤالء ال ػ ػػذين أنع ػ ػػم اهلل عليهم‪،‬درجػ ػ ػةي األنبي ػ ػ ً‬
‫ى‬
‫الصا‪ٟ‬تُت‪.‬‬
‫ى‬
‫قاؿ اهللي عنهم‪:‬‬
‫أنعم اهللي عليهم‪ ،‬ك‪٦‬تن ى‬ ‫ً‬
‫الذين ى‬
‫‪ -‬فالصا‪ٟ‬توف ىم م ىن ى‬

‫ﮋ ﮉﮊﮋﮊ‪.‬‬

‫ػؤمنُت الصػػادقُت‬ ‫‪ -‬كالصػػا‪ٟ‬توف ىػػم الػػذين ذكػ ىػرىم اهللي ‪ُ ‬ب كث ػ وَت مػػن آياتػً ًػو كىػػو يتحػػد ي‬
‫ث عػػن ا‪١‬تػ ى‬
‫كما ُب قولو سبحانىوي‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ‬

‫(ُ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن عبد اهلل بن مسعود ‪.‬‬


‫(ِ) سورة الفاٖتة‪.ٕ-ٔ:‬‬
‫(ّ) النساء‪.ٔٗ:‬‬
‫‪- 184 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﭞﭟﭠﭡ‬

‫‪ -‬كمن أعماؿ ىؤالء الصا‪ٟ‬تُت اليت مدحهم سبحانو هبا ما ذكره ُب قولًًو‪:‬‬

‫ﮋ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶ ﮷ ﮸ ﮹ ﮺ ﮻‬

‫﮼﮽﮾﮿ ﯀﯁﯂﯃﯄ ﯅﯆‬


‫(ِ)‬
‫﯇﯈﯉﯊﯋ﮊ‬

‫ػاؿ‪( :‬كػػانوا للمس ػ ىك ًنة ي‪٤‬تبػػُت‪ ،‬كمػػن خػ ً‬


‫ػوؼ ال ىف ٍق ػ ًر‬ ‫ى‬ ‫ػ‬ ‫ق‬‫ف‬ ‫ػا‪ٟ‬تُت‬ ‫ػ‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫‪ -‬كقػػد كصػػف احملاسػػيب(ّ) ىػ ً‬
‫ػؤالء‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ػُت‪ ،‬كُب‬ ‫ين‪ ،‬كُب الػػببلء راضػ ى‬ ‫ػُت‪ ،‬كٔتقػػادي ًر اهلل عػػز كجػػل مسػػركر ى‬ ‫ػُت‪ ،‬كبػػاهلل تعػػاذل ُب أرزاق ًهػػم كاثقػ ى‬
‫آمنػ ى‬
‫أنفسػػهم‬ ‫ػاء شػػاكرين‪ ،‬كُب الضػر ًاء صػػابرين‪ ،‬كُب السػر ًاء حامػػدين‪ ،‬ككػػانوا هلل متواضػػعُت‪ ،‬كعلػػى ً‬ ‫الرخػ ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫أقبل عليهم‬ ‫كإذا‬ ‫ا‪،‬‬‫و‬ ‫ن‬
‫ز‬‫ت عليهم الدنيا ىح ً‬ ‫ٍ‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫أقب‬ ‫إذا‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫ك‬ ‫‪،‬‬‫كرعُت‬
‫ى‬ ‫ر‬‫يم ٍؤثًريٍ ىن‪ ،‬كعن حب العيليو ك التكابيً‬
‫ى‬
‫الصا‪ٟ‬تُت) (ْ)‪.‬‬ ‫الفقر قالوا‪ :‬مرحبان ً‬
‫بشعا ًر‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫‪ -‬إذان ىؤالء الصا‪ٟ‬تو ىف ىم الذين آمنوا برهبم إٯتانان يقينيان كأحبوهي ‪٤‬تبةن ال تىػٍبػليغيها ‪٤‬تبةه‪ ،‬كأحبوا نبيوي‬
‫أمر‬ ‫الكرًن كطبقوا سنةى نى ً‬ ‫القرآف ً‬ ‫ا‪١‬تصطفى ‪ ‬ك٘تسكوا بتعالي ًم ً‬
‫األعماؿ الصا‪ٟ‬تةى اليت ى‬ ‫ى‬ ‫بيو‪ ،‬كعمليوا‬ ‫ي‬
‫بقوؿ النيب ‪:‬‬ ‫اهلل ‪ ‬هبا‪ ،‬كأرشد إليها النيب ‪ ‬كانٍػتىػهوا عما هنى عنو اهلل كرسوليو عمبلن ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬

‫(ُ) سورة العصر‪.ّ-ُ:‬‬


‫(ِ)سورة آؿ عمراف‪.ُُْ-ُُّ:‬‬
‫(ّ)احملاسيب ا‪ٟ‬تارث بن أسد احملاسيب‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ :‬من أكابر الصوفية‪.‬كاف عا‪١‬تان باألصوؿ كا‪١‬تعامبلت‪،‬‬
‫كاعظا مبكيان‪ ،‬كلو تصانيف ُب الزىد كالرد على ا‪١‬تعتزلة كغَتىم‪ .‬كلد كنشأ بالبصرة‪ ،‬كمات ببغداد سنة‬
‫(ِّْق‪ ٖٕٓ/‬ـ)‪.‬كىو أستاذ أكثر البغداديُت ُب عصره‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ْ)انظر احملاسيب‪ :‬الوصايا‪.‬‬
‫‪- 185 -‬‬
‫كسنةى نىبي ًو»‬
‫(ُ)‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت فيكم أمري ًن لن تىضلوا ما ٘تسكتي ٍم هبما ى‬
‫كتاب اهلل ي‬ ‫«ترٍك ي‬
‫هنجهم‪ ،‬تطبيقان كسلوكان‪.‬‬ ‫ًً‬ ‫‪ٍ -‬ب تىػتىبػعيوا ًسيىػىر‬
‫فساركا ىسٍيػىريى ٍم‪ ،‬كنىػ ىه يجوا ى‬
‫الصا‪ٟ‬تُت كعمليوا بأعما‪٢‬تم ي‬
‫ى‬
‫كعند ً‬
‫الناس‪ ،‬كلقد ذى ىكىر اهللي عز كجل ىذه‬ ‫ً‬
‫عند اهلل عز كجل ى‬ ‫ىؤالء الصا‪ٟ‬تو ىف ‪٢‬تم ا‪١‬تكانةي العاليةي ى‬
‫ٕتاكزت السبعُت‪ ،‬نذ يكير منها قولىوي ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫الكرًن‪ُ ،‬ب و‬
‫آيات‬ ‫ا‪١‬تكانةى العاليةى ‪٢‬تم ُب قرآنًًو ً‬

‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ‬

‫ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬
‫(ِ)‬
‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﮊ‬

‫كقاؿ ‪ :‬ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﮲ ﮳‬
‫‪ -‬ى‬
‫(ّ)‬
‫﮴﮵ ﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ أيضان سبحانو‪ :‬ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ‬


‫(ْ)‬
‫ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮊ‬
‫‪ -‬كيكفيهم فخران أهنم الوارثوف ا‪ٟ‬تقيقيوف ‪٢‬تذه األرض‪ ،‬قاؿ تعػػاذل‪:‬‬
‫(ٓ)‬
‫ﮋﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮊ‬
‫بعد أف‬ ‫ائض الصبلةً أف يقرأى ا‪١‬تصلي التشه ىد ُب كل صبلةو ى‬
‫كيقوؿ فيو ى‬ ‫‪ً -‬‬
‫كيكفيهم فخران أف ًم ٍن فر ً‬
‫الصا‪ٟ‬تُت‪.‬‬ ‫يثٍت على اهللً سبحانىو كتعاذل‪ ،‬كيصلي على نبيو ‪ :‬السبلـ علينا كعلى ً‬
‫عباد اهللً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ى‬
‫(ُ)أخرجو اإلماـ مالك ُب ا‪١‬توطأ‪.‬‬
‫(ِ)سورة البقرة‪.ِٓ:‬‬
‫(ّ)سورة البقرة‪.ِٖ:‬‬
‫(ْ)سورة البقرة‪.ِٕٕ:‬‬
‫(ٓ)سورة األنبياء‪.َُٓ:‬‬
‫‪- 186 -‬‬
‫ىجل أف يً‪٨‬تبػ يهم‪ ،‬كأف نسعى إذل أف نكو ىف‬ ‫أ‬ ‫كما‬ ‫‪،‬‬‫الصا‪ٟ‬تُت‬ ‫‪ -‬ما أعظم أف نتحدث عن ً‬
‫ىؤالء‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫‪.‬‬
‫(ِ)‬
‫الصا‪ٟ‬تُت تىػٍن ًزيؿ الر‪ٛ‬تة)‬
‫ى‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫ذك‬ ‫عند‬
‫ى‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬‫(ُ)‬
‫بن عييىػٍيػنىةى‬
‫قاؿ سفيا يف ي‬‫معهم‪ ،‬ى‬‫منهم أك ى‬
‫الصا‪ٟ‬تُت) (ْ) ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫ك‬ ‫للقلب أنفع من ً‬
‫ذ‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫أي‬ ‫ر‬ ‫ما‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫(ّ)‬
‫يونس‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍي‬ ‫بن ى‬ ‫‪٤‬تمد ي‬
‫‪ -‬كقاؿ ي‬
‫بُت رعايةن ‪١‬ت ىق ًام ًهم‪،‬‬
‫‪٣‬تلس جلسوا يمتأد ى‬ ‫السلف إذا ذيكًىر الصا‪ٟ‬توف ُب و‬ ‫ً‬ ‫الكبار من‬
‫‪ -‬كقد كا ىف األئمةي ي‬
‫عند ذك ًرًى ٍم‪.‬‬
‫ب ى‬ ‫ف‪ -‬إف فاتىنا التأد ي‬
‫ً‬
‫غائبُت فبل أقل م ٍن أى ٍف نًتح ىم عليهم _‪٨‬تن ا‪٠‬تىلى ى‬ ‫ى‬ ‫كلو كانوا‬

‫بن طهما ىف‪-‬‬ ‫اىيم‬‫ر‬ ‫إب‬ ‫ر‬ ‫‪ٛ‬تد ب ًن حنبل فى يذكً‬ ‫أ‬ ‫عند‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫(‬ ‫‪:‬‬‫(ٓ)‬
‫الفاضل أبوزرعةى‬ ‫ث‬
‫اإلماـ احملد ي‬
‫ي ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬قاؿ ي‬
‫كقاؿ ال ينبغي أى ٍف يي ٍذ ىكىر‬
‫س ى‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫فج‬ ‫ة‬ ‫ً‬
‫الفضبلء‪-‬ككاف مت ًكئا من ًعل و‬ ‫ً‬
‫العلماء‬ ‫طهما ىف‪ -‬كىو من‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫الصا‪ٟ‬توف فىػييت ىكأ) (ٔ)‪.‬‬

‫ا‪ٟ‬تديث عنهم‪ ،‬أك قراء ىة مناقًبهم‬


‫ً‬ ‫تلقي‬
‫ى‬ ‫أك‬ ‫م‪،‬‬ ‫‪ٝ‬تاع حديثً ً‬
‫ه‬ ‫الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬أك ى‬
‫ى‬ ‫‪ -‬ىذا كإف ‪٣‬تالسةى‬
‫األعماؿ‪.‬‬ ‫األخبلؽ ك‬ ‫صلي يح بو‬ ‫كفضائًلهم‪٢ ،‬تو ‪٦‬تا تطمئً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الصدكر‪ ،‬كتى ٍ‬
‫ي‬ ‫لو‬
‫ي‬ ‫ح‬
‫ي‬ ‫كتنشر‬ ‫‪،‬‬‫القلوب‬
‫ي‬ ‫بو‬ ‫ن‬

‫(ُ)(سفياف بن عيينة) أبو ‪٤‬تمد‪ :‬سفياف بن عيينة بن ميموف ا‪٢‬تبلرل الكوُب‪٤ ،‬تدث ا‪ٟ‬ترـ ا‪١‬تكي من شيوخ‬
‫البخارم‪.‬من ا‪١‬توارل‪.‬كلد بالكوفة‪ ،‬كسكن مكة كتوُب هبا سنة (ُٖٗ ق ‪ ُْٖ/‬ـ)‪.‬كاف حافظا ثقة‪ ،‬كاسع‬
‫العلم كبَت القدر‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ)ابن ا‪ٞ‬توزم‪ :‬صفوة الصفوة‪.‬‬
‫(ّ)ابن يونس‪ :‬أبو حامد‪٤ ،‬تمد بن يونس بن ‪٤‬تمد بن منعة‪ ،‬عماد الدين ا‪١‬توصلي‪ :‬إماـ كقتو ُب فقو‬
‫الشافعية‪ .‬من أئمة ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كلد بقلعة إربل كنشأ با‪١‬توصل‪ ،‬كتفقو ببغداد كتقدـ عند نور الدين أرسبلف شاه‬
‫(صاحب ا‪١‬توصل) كسار رسوال عنو إذل بغداد مرات‪ ،‬كإذل ا‪١‬تلك العادؿ (نور الدين) بدمشق‪ .‬ككرل القضاء‬
‫با‪١‬توصل كانفصل عنو بعد ‪ٜ‬تسة أشهر توُب سنة (َٖٔ ق ‪ ُُُِ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ْ)ابن ا‪ٞ‬توزم‪ :‬صفوة الصفوة‪.‬‬
‫(ٓ)(أبو زرعة الدمشقي)‪ :‬عبد الر‪ٛ‬تن بن عمرك بن عبد اهلل بن صفواف النصرم‪ :،‬من أئمة زمانو ُب‬
‫ا‪ٟ‬تديث كرجالو‪.‬من أىل دمشق‪ ،‬ككفاتو هبا سنة (َِٖ ق‪ ّٖٗ /‬ـ)[األعبلـ للزركلي]‪.‬‬
‫(ٔ)تذكرة ا‪ٟ‬تفاظ‪.‬‬
‫‪- 187 -‬‬
‫بُت اهللي سبحانىوي‬
‫الصا‪ٟ‬تُت ىم األنبياءي كا‪١‬ترسلوف‪ ،‬كقد ى‬ ‫أكؿ‬
‫يعلم أف ى‬ ‫و‬
‫ى‬ ‫‪ -‬كينبغي لكل مسلم أف ى‬
‫ػاؿ‬
‫ا‪ٟ‬تديث عنهم فقػ ى‬ ‫ى‪ٚ‬تى ىل‬ ‫ً‬
‫األنبياء‪ٍ ،‬ب أ ٍ‬ ‫كتعاذل ذلك ُب كث وَت من اآليات‪ ،‬كخاصةن ُب سورة‬
‫ى‬
‫(ُ)‬
‫سبحانىوي‪ :‬ﮋﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮊ‬
‫أحد منهم‪.‬‬ ‫ً‬
‫األنبياء كا‪١‬ترسلُت دكف تفر ويق بُت و‬ ‫ب علينا ‪٤‬تبةي ‪ٚ‬تي ًع‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫‪ -‬لذلك ىك ىج ى‬
‫الصا‪ٟ‬تُت ىو نبينا ا‪١‬تصطفى ‪ ‬لذلك كانت ‪٤‬تبتينا لو ىي‬ ‫ً‬
‫األنبياء‬ ‫إماـ‬
‫ى‬ ‫أ‪ٚ‬تع العلماءي أف ى‬ ‫‪ -‬كلقد ى‬
‫تأٌب كتىلًي ‪٤‬تبةى اهللً سبحانىو كتعاذل‪.‬‬
‫أفضل الصا‪ٟ‬تُت ألهنم ىرأ ٍىكا النيب ‪ ‬كصاحبوه‪،‬‬ ‫فهم‬ ‫اـ‬ ‫ً‬
‫الصحابة الكرً‬ ‫بعدىا ‪٤‬تبةي ‪ٚ‬تي ًع‬
‫‪ -‬كيأٌب ى‬
‫ي‬
‫كش ًهدكا ى‬
‫نزكؿ الوح ًي‪ ،‬بالقرآف‬ ‫باع‪ ،‬كاكتسبوا منو العلم الوفَت‪ ،‬كطبػ يقوه خَت و‬
‫تطبيق ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫أحسن ات و‬
‫ى‬ ‫كاتبعوه‬

‫قاؿ اهللي تعاذل‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬


‫الكرًن‪ ،‬كالتشريع‪ ،‬فكانوا كما ى‬
‫(ِ)‬
‫ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﮊ‬

‫‪ -‬كق ػ ػ ػػاؿ اهلل تع ػ ػ ػػاذل ف ػ ػ ػػيهم‪ :‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬

‫ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ‬
‫(ّ)‬
‫ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﮊ‬

‫ابن و‬
‫عباس أهنم ا‪١‬تقصودكف بقولو تعاذل‪:‬‬ ‫ذكر‬ ‫الذين‬ ‫ة‬
‫ي‬ ‫الصحاب‬ ‫‪ً -‬‬
‫ىؤالء‬
‫ى ي‬

‫ﮋﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ‬
‫(ْ)‬

‫(ُ)سورة األنبياء‪.ٖٔ:‬‬
‫(ِ)سورة آؿ عمراف‪.َُُ:‬‬
‫(ّ)سورة التوبة‪.ََُ:‬‬
‫(ْ)سورة النمل‪.ٓٗ:‬‬
‫‪- 188 -‬‬
‫فقاؿ ىم‪ :‬أصحاب و‬
‫‪٤‬تمد اصطفاىم اهللي لنبي ًو ‪.‬‬ ‫ي‬
‫اهلل ‪« :‬اهللى اهللى ُب أصحايب ال‬ ‫رسوؿ ً‬
‫قاؿ ي‬ ‫قاؿ ‪ :‬ى‬‫اهلل ب ًن يم ٍع ًق ول ا‪١‬تزين ‪ ‬ى‬
‫عبد ً‬‫‪ -‬عن ً‬
‫أبغضهم فبًبػ ٍغ ً‬
‫أبغض يه ٍم ك من‬
‫ضي ى‬ ‫فمن أى ىحبػ يه ٍم فبً يحيب أحبػ يه ٍم ك من ى ي ي‬
‫تتخذكىم ىغىرضا من بعدم ٍ‬
‫ك أف يأخ ىذهي»(ُ) ‪.‬‬‫وش ي‬‫آذاىم فقد آذاين ك من آذاين فقد آذل اهلل كمن آذل اهلل ي ً‬
‫ىي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫مئة ً‬
‫ألف‬ ‫‪ -‬قاؿ أبو زرعةى الرازم(ِ) ر‪ٛ‬تو اهلل‪ :‬تيوُب النيب ‪ ‬كمن رآه ك‪ٝ‬تع منو زيادةه على ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىي‬
‫ىؤالء من‬ ‫ركؼ أف بعض ً‬ ‫رجل كامر وأة‪ ،‬كلهم قد ركل عنو ‪ٝ‬تاعان أك رؤية‪ ،‬كمن ا‪١‬تع ً‬
‫إنساف من و‬ ‫و‬
‫ى‬
‫األطفاؿ الذين يكلً يدكا‬
‫ي‬ ‫كىناؾ‬
‫األنصار‪ ،‬ى‬
‫ي‬ ‫كىناؾ‬
‫ين‪ ،‬ى‬ ‫كبعض يه ٍم من ا‪١‬تهاجر ى‬
‫ً‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬ى‬ ‫السابقُت إذل‬
‫ى‬
‫الذين حضركا ًحجةى ً‬
‫الوداع كىم كثَتكف جدان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُب ً‬
‫عهد ً‬
‫أىل البادية ى‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫اب‬
‫ي‬ ‫ر‬ ‫األع‬ ‫كىناؾ‬
‫ى‬ ‫‪،‬‬ ‫‪‬‬ ‫ه‬
‫ي‬‫ىك‬
‫ٍ‬ ‫أ‬
‫كر‬
‫ى‬ ‫ه‬

‫الوقوؼ على‬
‫ي‬ ‫ذلك ‪ٚ‬تيعان‬
‫ص ٍل لنا من ى‬ ‫ابن ىح ىج ور ر‪ٛ‬تىوي اهللي‪ :‬ى‬
‫كمع ذلك فلم ىٍ٭ت ي‬ ‫ث ي‬ ‫قاؿ احملد ي‬
‫‪ -‬ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خبلفة أيب بك ور ُب‬ ‫أ‪ٝ‬تاؤىم لكثرًة من ى‬
‫مات ُب‬ ‫ضبى ٍط ي‬
‫حيث دل تي ٍ‬
‫الصحابة ي‬ ‫العي ٍش ًر من أسامي‬
‫ً‬
‫الطاعوف‪.‬‬ ‫ً‬
‫الفتوحات ك‬ ‫عمر ُب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫مات ُب خبلفة ى‬‫حركب الردة‪ ،‬كالفتوحات‪ٍ ،‬ب من ى‬
‫عمر‪ٍ ،‬ب‬ ‫ٍب‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ً‬
‫اإلطبلؽ‪ :‬أبو بك و‬ ‫على‬ ‫ً‬
‫الصحابة‬ ‫أفضل‬ ‫ا‪١‬تسلمُت إذل أف‬ ‫‪ٚ‬تهور‬ ‫كذىب‬ ‫‪-‬‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كعبد الر‪ٛ‬ت ًن ي‬
‫بن‬ ‫بن ا‪ٞ‬تر ًاح‪ ،‬ي‬ ‫٘تاـ العشرة ا‪١‬تبشري ًن با‪ٞ‬تنة‪ ،‬كىم‪ :‬أبو عبيد ىة ي‬ ‫علي‪ٍ ،‬ب ي‬ ‫عثما يف‪ٍ ،‬ب ي‬
‫اص‪ .‬كى ً‬
‫ؤالء‬ ‫بن أيب كق و‬ ‫و‬ ‫بن العوًاـ‪،‬‬ ‫ً ً‬ ‫و‬
‫كس ٍع يد ي‬
‫بن زيد‪ ،‬ى‬
‫كسعيد ي‬
‫ي‬ ‫بن عبيد اهلل‪ ،‬كالزبَتي ي‬ ‫عوؼ‪ ،‬كطلحةي ي‬
‫كص ىدقيوا اهللى كرسولىوي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الدفاع عن اإلسبلـ‪ ،‬ى‬
‫اإلٯتاف كٖتمليوا ا‪١‬تشاؽ ُب ً‬ ‫الذين ىسبىػ يقوا ُب‬
‫‪ٚ‬تيعان من ى‬
‫ً‬
‫الصحابة الكرًاـ‪.‬‬ ‫ٍب أىل بد ور‪ٍ ،‬ب أىل أيح ود ‪ٍ ،‬ب أىل ً‬
‫بيعة الرضو ًاف‪ٍ ،‬ب بقيةي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬

‫(ُ)أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬


‫(ِ)أبو زرعة الرازم‪ :‬عبيد اهلل بن عبد الكرًن بن يزيد بن فركخ ا‪١‬تخزكمي بالوالء‪ ،‬من حفاظ ا‪ٟ‬تديث‪ .‬من‬
‫أىل الرم‪ .‬زار بغداد‪ ،‬كحدث هبا‪ ،‬كجالس أ‪ٛ‬تد بن حنبل‪.‬كاف ٭تفظ مئة ألف حديث توُب سنة (ِْٔ ق‬
‫‪ ٖٕٖ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 189 -‬‬
‫ً‬
‫ا‪٠‬تلفاء‬ ‫الصحابة بقولًًو‪ «:‬فعليكم بسنيت ً‬
‫كسنة‬ ‫ً‬ ‫مكانة ً‬
‫ىؤالء‬ ‫ً‬ ‫أرشدنا النيب ‪ ‬إذل‬
‫ي‬ ‫‪ -‬كلقد ى‬
‫ا‪١‬تهديُت ىعض ٍوا عليها بالنو ًاج ًذ»(ُ) ‪.‬‬
‫ى‬ ‫اشدين‬
‫الر ى‬
‫أصحاب ‪٤‬تم ود‬
‫ي‬ ‫لئك‬
‫مات أك ى‬ ‫ً‬
‫عمر ‪ ‬قاؿ‪( :‬من كا ىف يم ٍستىػنان ف ٍليى ٍس ىنت ٔتى ٍن ق ٍد ى‬
‫ً ً‬
‫‪ -‬عن عبد اهلل ب ًن ى‬
‫حبة نبي ًو‬
‫األمة أىبػرىا قلوبا كأعم ىقها ًع ٍلمان كأقلها تكلفا قوـ اختارىم اهلل لص ً‬ ‫‪ ‬كانوا خَت ً‬
‫ىذه ً‬
‫ي ي‬ ‫ه ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫‪٤‬تمد ‪ ‬كانوا على ا‪٢‬تدل‬ ‫‪ ‬كنىػ ٍق ًل دينً ًو فتشبهوا بأخبلقًهم كطرائًقهم فهم أصحاب و‬
‫ي‬
‫ا‪١‬تستقيم) (ِ) ‪.‬‬

‫‪٤‬تمد ‪ ‬ك ىم‬‫أصحاب و‬‫ً‬ ‫أكثر صيامان من‬ ‫ك‬ ‫ة‬


‫ن‬ ‫صبل‬ ‫أكثر‬ ‫أنتم‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫و‬
‫مسعود‬ ‫بن‬ ‫عبد ً‬
‫اهلل‬ ‫‪ -‬قاؿ ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ب منكم ُب اآلخرًة)(ّ) ‪.‬‬ ‫غ‬
‫ى‬ ‫أر‬ ‫ك‬ ‫الدنيا‬ ‫ُب‬ ‫منكم‬ ‫أزىد‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫كان‬ ‫‪:‬‬ ‫قاؿ‬ ‫؟‬ ‫ب‬ ‫كانوا خَتان منكم قالوا‪ :‬ك ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫الصبلح‪ ،‬التابعو ىف ‪٢‬تم‪ ،‬يٍب ىم ٍن تىبً ىع يه ٍم كما ى‬
‫قاؿ ‪ «:‬خَت‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الفضل ك‬ ‫ً‬
‫الصحابة ُب‬ ‫بعد‬
‫‪ -‬كيأٌب ى‬
‫أميت القرف الذين يلوين ٍب الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم»(ْ) ‪.‬‬

‫الصبلح كا‪٠‬تَت ًية من تىبً ىع يه ٍم إذل يوـ الدي ًن من ً‬


‫أىل العل ًم كالذك ًر‬ ‫ً‬ ‫بعد ًى ٍم ُب‬
‫‪ٍ -‬ب يأٌب من ً‬

‫الصبلح‪.‬‬
‫ً‬ ‫كالتقول ك‬

‫يقوؿ‬
‫الصا‪ٟ‬تُت فمحبتيػ يه ٍم كاجبةه‪ .‬كُب ىذا ي‬
‫ى‬ ‫‪ -‬لذلك ينبغي لكل مسل وم أف يً٭تب كل أكلئك‬
‫ثبلث ُب الدنيا ‪١‬تا أحببت البقاء فيها‪ ،‬لوال أى ٍف أ ًٍ‬
‫ى‪ٛ‬ت ىل أك‬ ‫بن ا‪٠‬تطاب ‪( :‬لوال ه‬
‫ى‬ ‫ٍ ىٍ ي‬ ‫عمر ي‬
‫سيدنا ي‬
‫ً‬
‫لتحصيل‬ ‫الليل كالعبادةي ً‬
‫فيو‬ ‫قياـ ً‬ ‫سبيل ً‬
‫اهلل‪ ،‬كثانيها‪ ،‬لوال مكابدةي ىذا ً‬ ‫يجهىز جيشان ُب ً‬
‫الليل‪ -‬ي‬ ‫أى‬

‫(ُ)أخرجو الًتمذم‪.‬‬
‫(ِ)أخرجو أبو نعيم ُب حلية األكلياء‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو أبو نعيم ُب حلية األكلياء‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 191 -‬‬
‫أطايب‬ ‫ً‬
‫الكبلـ كما يينتقى‬ ‫اب‪ ،-‬كثالثها‪ ،‬لوال ‪٣‬تالسةي أقوواـ يػىٍنتىػ يق ٍو ىف أطايب‬
‫مافيو من جز ًيل الثو ً‬
‫ي‬
‫التم ًر)(ُ) ‪.‬‬

‫االستماع إًلي ًهم ي‬


‫ليزدادكا‬ ‫ً‬ ‫بالصا‪ٟ‬تُت كرؤيتً ًه ٍم‪ ،‬ك‬
‫ى‬ ‫لبلجتماع‬
‫ً‬ ‫‪ -‬كلقد كاف كبار الصا‪ٟ‬تُت يى ٍس ىع ٍو ىف‬
‫الصبلح‪ ،‬ككا ىف لذلك تأثَته كبَته ُب تعميق إًٯتاهنًً ٍم كحبهم كُب‬
‫ً‬ ‫صبلحان كحبان هلل كرسولًًو ك ً‬
‫أىل‬
‫يقوؿ الشافعي(ِ)‪:‬‬ ‫صبلح أعما‪٢‬تًًم‪ ،‬كُب ذلك ي‬ ‫ً‬

‫فاع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍو‬ ‫لىعلٌي أىف أ ى ًً‬ ‫ست ًم ينهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫ىناؿ هبم ىش ى‬ ‫ى‬ ‫ُت ىكلى ي‬
‫أيحب الصا‪ٟ‬ت ى‬
‫ضاعػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٍو‬ ‫ىكرهي ىمن ًٕت ىارتيوي ا‪١‬تعاصػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػي‬
‫ىكلىو يكنٌا ىسواءن ُب البً ى‬ ‫ى‬ ‫ىكأ‬
‫ى‬
‫اهلل(ّ)‪( :‬كنا إذا دخ ٍلنا على ا‪ٟ‬تس ًن البصرم‪ -‬كىو من التابعُت‪-‬‬ ‫عبد ً‬ ‫قاؿ أشعث بن ً‬ ‫‪ -‬ى‬
‫ي ي‬
‫خرجنىا كال نػىعيد الدنيا شيئان) (ْ)‪.‬‬
‫ٍ‬
‫و (ٓ)‬
‫انتفع بو كإف دل ىير ىعملى يو‬ ‫البصرم‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫ا‪ٟ‬تس‬ ‫إذل‬ ‫نظر‬ ‫إذا‬ ‫الرجل‬ ‫ف‬ ‫كا‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫بن عبيد‬‫يونس ي‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫كقاؿ ي‬ ‫‪ -‬ى‬
‫كبلموي) (ٔ)‪.‬‬
‫كدل يى ٍس ىم ٍع ى‬

‫(ُ)ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬مفتاح السعادة كمنشور كالية العلم كاإلرادة صَُِ‪.‬‬
‫(ِ)أ‪ٛ‬تد قبش‪٣ :‬تمع ا‪ٟ‬تكم كاألمثاؿ‪ ،‬باب التقول‪.‬‬
‫(ّ)أشعث بن عبد اهلل‪ :‬ابن جابر األزدم ٍب ا‪ٟ‬تداين‪ ،‬البصرم‪ ،‬األعمى‪ .‬كىو الذم يقاؿ لو أشعث‬
‫البصرم‪ ،‬كأشعث األعمى‪ ،‬كأشعث األزدم‪ ،‬كأشعث ا‪ٟ‬تملي من ركاة ا‪ٟ‬تديث ركل عن أنس بن مالك‬
‫‪ ،‬كذلك ُب سنن أيب داكد‪[ .‬الذىيب‪ :‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ْ)أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.‬‬
‫(ٓ)يونس بن عبيد‪ :‬أبو عبد اهلل أك أبو عبيد يونس بن عبيد بن دينار العبدم بالوالء‪ ،‬البصرم‪ ،‬من حفاظ‬
‫ا‪ٟ‬تديث الثقات‪.‬من أصحاب ا‪ٟ‬تسن البصرم‪.‬كاف من أىل البصرة‪..‬كنعتو الذىيب بأحد أعبلـ ا‪٢‬تدل‪.‬لو‬
‫‪٨‬تو مئيت حديث توُب سنة (ُّٗ ق ‪ ٕٓٔ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ٔ)ابن كثَت‪ :‬البداية كالنهاية‪.‬‬
‫‪- 191 -‬‬
‫اب النيب ‪ ‬كقد يسئً ىل أم جلسائًنا خَته‪ ،‬ى‬
‫فقاؿ‪ :‬ىم ٍن ذىكىريك ٍم اهللى رؤيتيوي‪ ،‬كز ىاد ُب‬ ‫كدليل ذلك جو ي‬
‫علم يك ٍم ىمٍن ًط يقوي‪ ،‬كذكىريك ٍم اآلخرىة عمليوي(ُ) ‪.‬‬
‫ً‬

‫مفاتيح لذ ٍك ًر اهللً‪ ،‬إذا يريؤٍكا ذيكًىر اهللي »(ِ)‪.‬‬


‫ى‬ ‫قاؿ ‪ « :‬إف من ً‬
‫الناس‬ ‫قاؿ‪ :‬ى‬ ‫أنس ‪ ‬ى‬ ‫‪ -‬كعن و‬
‫الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬فمحبتيػ يه ٍم سعادةه ُب الدنيا كاآلخرًة‪.‬‬ ‫اجب على كل مؤم ون أى ٍف يً٭تب ً‬
‫ىؤالء‬ ‫فمن الو ً‬
‫ى‬
‫قاؿ اهللي ‪ :‬ا‪١‬تتحابوف ُب‬
‫يقوؿ‪ «:‬ى‬
‫اهلل ‪ ‬ي‬ ‫رسوؿ ً‬
‫ت ى‬ ‫معاذ ب ًن و‬ ‫‪ -‬عن ً‬
‫‪ٝ‬تع ي‬
‫قاؿ‪ٍ :‬‬ ‫جبل ‪ ‬ى‬
‫(ّ)‬
‫منابر ًم ٍن نوور يىػ ٍغبًطي يه يم النبيو ىف كالشهداءي »‬
‫ىجبلرل ‪٢‬تم ي‬
‫ًً‬
‫ُت ًُب كا‪١‬تتجالسُت ًُب كا‪١‬تتزا ًكًريٍ ىن ًُب‪ ،‬كا‪١‬تتباذل ٍ ى‬
‫ُت‬ ‫ت ‪٤‬تبيت للمتحاب ى‬
‫تبارؾ كتعاذل‪( :‬كجبى ٍ‬
‫يقوؿ اهلل ى‬
‫‪ -‬ي‬
‫ًُب) (ْ)‪.‬‬

‫كم ىن الصا‪ٟ‬تُت الذين ٖتبهم‪ ،‬كاجع ٍلنا من أحباهبًً ٍم‪.‬‬


‫اللهم اجع ٍلنا منهم ً‬

‫ً‬
‫مع يه ٍم كمنهم‪ ،‬كالطريق‬
‫الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كأف يسعى ألى ٍف يكو ىف ى‬
‫ى‬ ‫ب‬‫‪ -‬أخيراً‪ :‬ينبغي لكل منٌا أف ٭ت ٌ‬
‫األعماؿ الصا‪ٟ‬تةي اليت يكوف فيها القرىب منو جل‬
‫ي‬ ‫للوصوؿ إذل ذلك‪ ،‬ىو اإلٯتا يف ا‪ٟ‬تق باهللً تعاذل‪ ،‬ك‬
‫ً‬
‫(ٓ)‬
‫قوؿ ربنا‪ :‬ﮋﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﮊ‬
‫كعبل‪ ،‬فينطبق علينا ي‬

‫(ٓ)‬
‫ﮊ‬
‫كرد ُب القرآف الكرًن ‪:‬‬ ‫ً‬
‫قوؿ نيب اهلل سليما ىف الذم ى‬
‫كنرد يد ى‬

‫(ُ)أخرجو أبو يعلى من حديث ابن عباس‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو ابن حباف‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو الًتمذم كقاؿ حديث صحيح‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو مالك ُب ا‪١‬توطأ بإسناد صحيح‪.‬‬
‫(ٓ)سورة العنكبوت‪.ٗ:‬‬
‫‪- 192 -‬‬
‫ﮋﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵‬

‫﮶﮷﮸﮹﮺ﮊ‬
‫(ُ)‬

‫قوؿ ربنا تبارؾ كتعاذل‪:‬‬


‫ينطبق علينا ي‬
‫كعند ذلك ي‬
‫‪ -‬ى‬

‫ﮋﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮊ‬
‫(ِ)‬

‫سعيًنا لذلك تعالى ٍوا نردد الدعاءى كىو ‪٦‬تا ىعل ىمنا اهلل ُب قرآنًًو‪:‬‬
‫كمع ٍ‬
‫‪ -‬ى‬
‫(ّ)‬
‫ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ‬

‫‪ -‬كينبغي للمحب للصا‪ٟ‬تُت أف يردد قولىوي سبحانىوي‪:‬‬

‫ﮋﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﮊ‬
‫(ْ)‬

‫ك ك حب من يً٭تبي ى‬
‫ك كالعم ىػل الػذم‬ ‫‪ -‬كما أ‪ٚ‬تل أف نردد دعاء داكد ‪( :‬الل يهم إين أسألك حب ى‬
‫يبلغٍت حبك ‪ ،‬اللهم اجعل يحبك أحب إرل من نفسي ك أىلي من ا‪١‬تاء البارد) (ٓ) ‪.‬‬

‫اللهم اجعلنا من الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كا‪ٚ‬تعنا معهم‪ ،‬كارزقنا ‪٤‬تبتهم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ)سورة النمل‪.ُٗ:‬‬
‫(ِ)سورة األنبياء‪.ٖٔ:‬‬
‫(ّ)سورة يوسف‪.َُُ:‬‬
‫(ْ)سورة الشعراء‪.ّٖ:‬‬
‫(ٓ)أخرجو الًتمذم كا‪ٟ‬تاكم‪.‬‬
‫‪- 193 -‬‬
‫رابعاً‪ -‬مقام التقوى‬
‫‪ -‬مقاـ التقول مقاـ عظيم فقد ذكر اهلل التقول ُب قرآنو مع اشتقاقاهتا (ِٗٔ مرة)‬
‫كإذا اجتمعت التقول مع اإلٯتاف ٖتققت الوالية هلل ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬

‫ﭟﭠ ﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬كالتقول كلمة جامعة شاملة كىي ‪-‬كإف قل لفظها‪ -‬كثَتة ا‪١‬تعٌت شاملة ‪٠‬تَتم الدارين‪.‬‬
‫‪ -‬والتقوى لغة‪ :‬من االتقاء‪ ،‬كىو طلب السبلمة ٔتا ٭تجز عن ا‪١‬تخافة‪.‬‬
‫‪ -‬والتقوى معناىا في األصل‪ :‬جعل النفس ُب كقاية ‪٦‬تا ٗتاؼ‪.‬‬
‫‪ -‬واتقى اهلل‪ :‬خاؼ عقابو فتجنب ما يكره‪.‬‬
‫‪ -‬وتقوى اهلل‪ :‬خشيتو كامتثاؿ أكامره كاجتناب نواىيو‪.‬‬
‫‪ -‬والتقوى في اصطالح الشرع والعقل‪ :‬حفظ النفس عما يشينها كيعرضها للمبلمة أك‬
‫العذاب‪ ،‬كذلك بًتؾ أسباب السخط كالعقوبة‪ ،‬كفعل الفرائض ا‪١‬تنجية ا‪١‬تؤدية إذل النعيم كالثواب‪.‬‬
‫‪ -‬وأصل التقوى‪ :‬اتقاء الشرؾ‪ٍ ،‬ب بعد ذلك اتقاء ا‪١‬تعاصي كالسيئات‪ٍ ،‬ب بعد ذلك اتقاء‬
‫الشبهات‪ٍ ،‬ب بعد ذلك ترؾ الفضبلت‪ ،‬كمع كل ذلك االلتزاـ بالفرائض كالواجبات‪ ،‬كاألكامر‬
‫كالطاعات‪.‬‬
‫‪ -‬كقد عرؼ الصحابة كالتابعوف‪ ،‬كالعلماء التقول بتعاريف كثَتة منها‪:‬‬
‫‪ -‬قاؿ رجل أليب ىريرة ‪ :‬ما التقول؟ قاؿ‪ « :‬أخذت طريقا ذا شوؾ؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قاؿ‪ :‬فكيف‬
‫صنعت؟ قاؿ‪ :‬إذا رأيت الشوؾ عدلت عنو أك جاكزتو أك قصرت عنو‪ ،‬قاؿ‪ :‬ذاؾ التقول»(ِ)‪.‬‬

‫ّٔ‪.‬‬ ‫(ُ) سورة يونس‪– ِٔ :‬‬


‫(ِ)البيهقي ُب الزىد الكبَت‪.‬‬
‫‪- 194 -‬‬
‫ً‬
‫السيئات‪.‬‬
‫كح ىذهر من ا‪١‬تعاصي ك‬ ‫ت‬ ‫أم أف التقول تشمَت ً‬
‫ألداء الطاعا ً‬
‫ى‬ ‫ه‬ ‫ٍ‬
‫نعم التقول‪ :‬إحساس ُب الضم ًَت‪ ،‬كخشيةه مستمرةه‪ ،‬كتشمَت كاجتهاد‪ ،‬كاستعداد ليوـ ً‬
‫ا‪١‬تعاد‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬
‫العمل بالتنز ًيل‪ ،‬كالقناعة‬ ‫ا‪٠‬توؼ من ً‬ ‫‪ -‬التقي يعمل ً ً‬
‫ا‪ٞ‬تليل‪ ،‬ك ي‬ ‫ي‬ ‫علي ‪(: ‬التقول ىي‪:‬‬‫بقوؿ سيدنا ٍّ‬ ‫ي‬
‫الرحيل) (ُ)‪.‬‬
‫ً‬ ‫بالقليل‪ ،‬كاالستعداد ً‬
‫ليوـ‬ ‫ً‬
‫ي‬
‫قاؿ عمر بن ً‬
‫عبد العزيز‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ىي با‪ٟ‬تقائق كما ى ي ي‬
‫ت با‪١‬تظاىر كإ‪٪‬تا ى‬
‫ليس ٍ‬
‫‪ -‬حقيقةي ا‪١‬تتقي ى‬
‫التخليط فيما بُت ذلك ‪ ،‬كلكن تقول اهللً ي‬
‫ترؾ ما‬ ‫ً‬ ‫الليل ك‬ ‫(ليس تقول اهللً ً‬
‫بصياـ النها ًر كال ً‬
‫بقياـ ً‬
‫بعد ذلك خَتان فهو خَته إذل خ وَت) (ِ)‪.‬‬
‫افًتض اهللي‪ ،‬فى ىم ٍن يرًز ىؽ ى‬
‫ى‬ ‫حرىـ اهللي‪ ،‬كأداءي ما‬

‫الرجل ىسنى ىاـ التقول إال أف‬


‫ي‬ ‫قيل‪ :‬ال يىػٍبػلي يغ‬
‫ظاىرهي كباطنيوي سو ناء كما ى‬
‫‪ -‬حقيقةي ا‪١‬تتقي أف يكوف ي‬
‫السوؽ دل يى ٍستى ًح منو‪.‬‬ ‫يكو ىف ْتيث لو جعًل ما ُب قلبً ًو ُب طىب وق‪ ،‬فى ًطيف بو ُب ً‬
‫ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ي ى‬
‫حيث‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حيث هناؾ ‪ ،‬كأف ال يىػ ٍفق ىد ىؾ ي‬
‫أىل التقول‪( :‬أ ٍف ال ير ىاؾ اهللي ي‬
‫مع ما قالىوي ي‬
‫‪ -‬كىذا يتف يق ى‬
‫أمرؾ)(ّ)‪.‬‬
‫ى‬

‫العلى ًن‪.‬‬ ‫‪ -‬كمع قو‪٢‬تًًم ‪ :‬التقول اتقاء ً‬


‫عذاب اهللً بصا ًحل ً‬
‫العمل‪ ،‬كا‪٠‬تشيةي منو ُب السر ك ى‬ ‫ي‬ ‫ى ٍ‬
‫يقوؿ ابن ا‪١‬تعت ًز(ْ) ‪:‬‬
‫‪ -‬كُب ىذا ي‬

‫ػَتىا ذاؾ التػ ىق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػى‬


‫ككبػ ى‬ ‫صغَتىػ ػ ػ ػا‬
‫الذنوب ى‬
‫ى‬ ‫خل‬

‫(ُ)النوكم‪ :‬األربعُت النوكية‪.‬‬


‫(ِ)البيهقي ُب الزىد الكبَت‪.‬‬
‫(ّ)تفسَت اآللوسي كُب ابن كثَت‪ :‬البداية كالنهاية‪.‬‬
‫(ْ)الراغب األصفهاين‪٤ :‬تاضرات األدباء جزءُ صْٖٗ‪.‬‬
‫‪- 195 -‬‬
‫ض الػش ٍو ًؾ ىٍ٭ت ىذ ير ما يرل‬
‫ً‬ ‫وؽ أر‬ ‫اصنع و‬
‫كماش ف ػ ى‬ ‫ك ٍ‬
‫ص ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػى‬
‫ػاؿ من ا‪ٟ‬تى ى‬
‫إف ا‪ٞ‬تب ى‬ ‫ال ىٖت ًػقىرف صغي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرنة‬

‫الذين يتوالىم اهللي بفضلً ًو كعنايتً ًو لقولًًو سبحانىوي‪:‬‬ ‫ً ً‬


‫ًح بأنو أصبح من أكلياء اهلل ى‬
‫‪ -‬التقي فر ه‬

‫ﮋ ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗﭘ ﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞ‬
‫(ُ)‬
‫ﭟﭠ ﮊ‬

‫التوفيق اإل‪٢‬تي لقولًًو سبحانىوي‪:‬‬


‫ًح ٔتا سيناليوي من العًٍل ًم اللدين ك ً‬
‫‪ -‬التقي فر ه‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﮊ‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫بالع ٍوف كالتأييد كالنص ًر يرد يد دائما قولىوي‬ ‫‪ -‬التقي ُب حالة سركور دائ وم ألنو يى ٍشعيير بأف اهللى ى‬
‫معوي ى‬
‫سبحانىوي‪ :‬ﮋ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬
‫(ّ)‬
‫ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮊ‬

‫ب‬ ‫شيء ‪ ،‬كمن دل يك ًن اهلل معو فىػ ىقد كل و‬


‫شيء‪ ،‬ا‪١‬تتقي يٮتى ً‬
‫اط‬ ‫‪ -‬فىمن كا ىف اهلل معو ‪ ،‬كاف معو كل و‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي ى‬ ‫ٍ‬ ‫ىي‬ ‫ي ىي‬ ‫ىٍ‬
‫كج ىد من فىػ ىق ىد ىؾ! ‪ ،‬ا‪١‬تتقي يفر يح ْتب اهللً لو‬ ‫ً‬
‫اهللى بقول ًو‪ :‬إ‪٢‬تي ماذا فىػ ىق ىد من ى‬
‫كجد ىؾ ! إ‪٢‬تي ماذا ى‬
‫(ْ)‬
‫لقولًًو سبحانىوي‪ :‬ﮋﯨﯩﯪﯫﯬﮊ‬

‫ّٔ‪.‬‬ ‫(ُ) سورة يونس‪– ِٔ :‬‬


‫(ِ) سورة البقرة ِِٖ‪.‬‬
‫(ّ) سورة البقرة ُْٗ‪.‬‬
‫(ْ) سورة آؿ عمراف‪.ٕٔ:‬‬
‫‪- 196 -‬‬
‫(ُ)‬
‫بقبوؿ اهللً أعمالىوي لقولًًو سبحانىوي‪ :‬ﮋﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮊ‬
‫اثق ً‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي ك ه‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتقي مطمئًن بتكف ًَت اهللً لسيئاتًًو ً‬
‫كتعظي ًم أج ًرهً ألنو يقرأي دائما قولىوي سبحانو‪:‬‬ ‫ه‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﮊ‬

‫الصحيح‬
‫ً‬ ‫ى‬ ‫اثق ا‪٠‬تيطا ُب ىذه ا‪ٟ‬تياةً ‪ ،‬ألنو يع ًر ي‬
‫ؼ أف اهلل ً‬
‫سَتش يدهي إذل الطر ًيق‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي يسَتي ك ى‬
‫ا‪١‬تستقي ًم لقولو سبحانو‪ :‬ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬
‫(ّ)‬
‫ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ‬

‫اب األرز ًاؽ ُب كج ًه ًو‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫اجهوي كال من أف تيػ ٍغلى ىق أبو ي‬
‫ٮتاؼ من األزمات كالعقبات اليت تو ي‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتقي ال ي‬
‫ثقة بقولًًو سبحانىوي‪ :‬ﮋ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤﮥﮦﮧ‬
‫ألنو على و‬
‫(ْ)‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶﮷﮸﮹ﮊ‬
‫ُت بتكرًن اهللً لو كتفضلً ًو عليو ُب اآلخرةً ألف‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتقي فر هح بكل ما يناليوي ُب الدنيا كىو على يق و‬

‫سبب لنجاتًًو من النا ًر ُب اآلخرةً‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔﮕ ﮖ‬ ‫تقواه ُب الدنيا ه‬
‫(ٓ)‬
‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ِٕ:‬‬


‫(ِ) سورة الطبلؽ‪ٓ:‬‬
‫(ّ) سورة األنفاؿ‪.ِٗ:‬‬
‫(ْ) سورة الطبلؽ‪.ّ-ِ:‬‬
‫(ٓ) سورة مرًن‪.ِٕ-ُٕ:‬‬
‫‪- 197 -‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كع ىدهي اهلل إياىا بقولو‬ ‫‪ -‬كالتقي يىأٍ يم يل أف ى‬
‫يصَت إذل ا‪١‬تكانة العالية كا‪١‬تنزلة الرفيعة ُب ا‪ٞ‬تنة اليت ى‬
‫(ُ)‬
‫سبحانو‪ :‬ﮋﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﮊ‬
‫(ِ)‬
‫‪ -‬كقولو سبحانو‪ :‬ﮋﰁﰂﰃﰄﰅﰆﮊ‬

‫‪ -‬كقولو ‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬
‫(ّ)‬
‫ﭛﭜﭝﮊ‬

‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقولو سبحانو‪ :‬ﮋﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﮊ‬

‫كصانا هبا اهلل ‪ ‬كأمرنا ٔتبلزمتها فقاؿ‪:‬‬


‫نتائج التقول اليت ٌ‬
‫‪ -‬ىذه ي‬
‫(ٓ)‬
‫ﮋﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬

‫(ٔ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل‪:‬ﮋﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ جل جبللو‪ :‬ﮋﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ‬


‫(ٕ)‬
‫ﭬﭭﭮﭯﭰﮊ‬

‫(ُ) سورة القمر‪.ٓٓ-ْٓ:‬‬


‫(ِ) سورة ؽ‪.ُّ:‬‬
‫(ّ) سورة آؿ عمراف‪.ُِّ:‬‬
‫(ْ) سورة مرًن‪.ّٔ:‬‬
‫(ٓ) سورة آؿ عمراف‪َُِ:‬‬
‫(ٔ) سورة النساء‪.ُُّ:‬‬
‫(ٕ) سورة ا‪ٟ‬تشر‪.ُٖ:‬‬
‫‪- 198 -‬‬
‫رجل‬ ‫جاء‬ ‫‪:‬‬‫قاؿ‬
‫ى‬ ‫‪‬‬ ‫ا‪٠‬تدرم‬ ‫‪ -‬كذلك النيب ‪ ‬كاف يكثر من الوصية بالتقول‪ ،‬عن أيب و‬
‫سعيد‬
‫ى ه‬
‫عليك بتقول اهللً فإهنا ً‪ٚ‬تاعي كل خ وَت»(ُ)‪.‬‬
‫فقاؿ يا نيب اهللً أكصٍت فقاؿ‪ «:‬ى‬
‫إذل النيب ‪ ‬ى‬

‫رسوؿ اهللً ‪ ‬ى‬


‫قاؿ‪:‬‬ ‫جبل رضي اهلل عنهما أف ً‬ ‫‪ -‬كعن أيب ذ ور ً‬
‫كمعاذ ب ًن و‬

‫الناس ٓتيلي وق حس ون»(ِ)‪.‬‬ ‫ًً‬ ‫« ً‬


‫اتق اهللى حيثما كٍن ى ً‬
‫ت كأىتٍب ًع السيئةى ا‪ٟ‬تسنةى ٘تىٍ يح ىها‪ ،‬كخالق ى‬

‫رسوؿ اهلل ‪ ‬الوصيةى فكا ىف جل كصاياه‬


‫رضي اهللي عنهم يسألوف ى‬ ‫ً‬
‫‪ -‬كلقد كا ىف كثَته من الصحابة ى‬
‫رسوؿ اهلل ‪:‬‬
‫قاؿ ي‬ ‫ت يا رسوؿ اهلل أ ٍىك ًص ًٍت ى‬
‫قاؿ أبو ذ ور‪ :‬ق ٍل ي‬
‫‪٢‬تم تقول اهلل ‪ .‬ى‬

‫‪.‬‬ ‫أس األ ٍىم ًر كلو»‬


‫(ّ)‬ ‫ً‬
‫ك بتقول اهلل فإهنا ر ي‬ ‫« ٍ‬
‫أكصي ى‬

‫ث كانوا »(ْ)‪.‬‬
‫كحي ي‬ ‫ُت النيب ‪ ‬مكانةى ا‪١‬تتقُت فقاؿ‪«:‬إف أكذل ً‬
‫الناس يب ا‪١‬تتقو ىف ىم ٍن كانوا ٍ‬ ‫‪ -‬كلقد بػى ى‬

‫»(ْ)‪.‬‬

‫العفاؼ‬ ‫فقاؿ‪«:‬اللهم إين أسألي ى‬


‫ك ا‪٢‬تيىدل كالتػ ىقى ك ى‬ ‫ب التقول ُب دعائًنا ى‬
‫‪ -‬كعل ىمنا النيب ‪ ‬أف نطلي ى‬

‫كالغٌت »(ٓ)‪.‬‬

‫(ُ)أخرجو أبو يعلى ُب مسنده كالطرباين ُب الصغَت‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم كقاؿ حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو ابن حباف‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كىو حديث صحيح‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو مسلم عن عبد اهلل بن مسعود ‪.‬‬
‫‪- 199 -‬‬
‫اص ٍوف بالتقول ُب كل أعما‪٢‬تًً ٍم كأحوا‪٢‬تم‬
‫السلف الصاحلي ‪ٚ‬تيعان يتو ى‬
‫‪ -‬كدل يىػىزؿ الصحابةي كالتابعو ىف ك ي‬
‫كأموًرًى ٍم‪ ،‬فهذا سيدنا أبو بكر الصديق ‪ ‬كاف يقوؿ ُب أكثر خطبو‪( :‬أما بعد فإين أكصيكم‬
‫بتقول اهلل‪.)ُ( )....‬‬

‫‪ -‬ك‪١‬تا حضرتو الوفاة كعهد إذل عمر ‪ ‬دعاه ككصاه بوصية‪ ،‬كأكؿ ما قاؿ لو‪ً :‬‬
‫(اتق اهلل يا‬
‫عمر)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككتب سيدنا عمر إذل ابنو عبد اهلل رضي اهلل عنهما‪( :‬أما بعد فإين أكصيك بتقول اهلل‪ ،‬فإنو‬
‫من اتقى اهلل كقاه‪ ،‬كمن توكل عليو كفاه‪ ،‬كمن أقرضو جزاه‪ ،‬كمن شكر زاده‪ ،‬كلتكن التقول‬
‫( ّ)‬
‫نصب عينيك كعماد عملك كجبلء قلبك‪ ،‬فإنو ال عمل ‪١‬تن ال نية لو‪ ،‬كال أجر ‪١‬تن ال حسبة‬
‫لو‪ ،‬كال ماؿ ‪١‬تن ال رفق لو‪ ،‬كال جديد ‪١‬تن ال خلق(ْ) لو) (ٓ)‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ كتب عمر بن عبد العزيز إذل رجل‪( :‬أكصيك بتقول اهلل الذم ال يقبل غَتىا كال يرحم إال‬
‫أىلها كال يثيب إال عليها فاف الواعظُت هبا كثَت كالعاملُت هبا قليل) (ٔ)‪.‬‬

‫ليناؿ‬ ‫ً‬
‫اإلسبلـ فهي صفةه البد منها للمؤم ًن ى‬ ‫قائل إذا كانت التقول هبذه ا‪١‬تنز ًلة ُب‬
‫يقوؿ ه‬‫‪ -‬قد ي‬
‫ف لنا‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬تؤمنُت ا‪ٟ‬تقيقيُت؟ أال تىص ي‬
‫ى‬ ‫كيف نكو يف من‬ ‫رضاءى اهللً كرضوانىوي ي‬
‫ك٭تق ىق السعاد ىة ُب الدارين‪.‬ف ى‬

‫(ُ) أخرجو ابن أيب شيبة كا‪ٟ‬تاكم‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو ابن أيب شيبة كابن ا‪١‬تبارؾ كأبو نعيم‪.‬‬
‫(ّ)ا‪ٟ‬تسبة‪ :‬ا‪ٟ‬تساب ك يقاؿ فبلف حسن ا‪ٟ‬تسبة ُب األمر ٭تسن تدبَته‪ ،‬كفعلو حسبة مدخران أجره عند اهلل‬
‫[ا‪١‬تعجم الوسيط] يعٍت ال أجر ‪١‬تن دل ٭تتسب ثواب عملو عند اهلل ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪٠‬تىلىق‪ :‬الثوب البارل‪.‬‬
‫(ٓ)أخرجو ابن أيب الدنيا ُب التقول ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو أبو نعيم ُب حلية األكلياء‪.‬‬
‫‪- 211 -‬‬
‫كجو كيعمل بأكام ًر اهللً‬ ‫ً‬
‫الطاعات على أحس ًن و‬ ‫ظ على ‪ٚ‬تي ًع‬
‫أعماؿ التقي‪ ،‬أقوؿ ‪ :‬ا‪١‬تتقي من ٭تاف ي‬
‫ى‬
‫ي‬
‫العلى ًن‪.‬‬
‫ت كعما هنى اهللي عنو ُب السر ك ى‬
‫صغيىر ٍ‬
‫كيبتعد عن ا‪١‬تعاصي كلو ى‬
‫ي‬ ‫أفضل صورةو‬
‫على ً‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتقي ‪٥‬تلص ُب أقوالًًو كأعمالًًو كنياتًًو مبتع هد عن الر ً‬
‫ياء ُب ‪ٚ‬تي ًع أشكالًًو‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫كحفظ ًو‪ ،‬كعلى ذ ٍك ًر اهللً ُب كل أحوالًًو يمبتعدان عن الغى ىفبلت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القرآف‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي يداكـ على قراءةً‬
‫ي‬
‫كيرشدهي إذل الطر ًيق‬ ‫س بُت يديو ليًتىب على يديو‬ ‫يات ‪ ،‬ا‪١‬تتقي يسعى إذل عا ودل مر ٍّ ً‬ ‫كا‪١‬ت ٍل ًه ً‬
‫ى‬ ‫ب ‪٬‬تل ي‬ ‫يى‬ ‫ي‬
‫با‪١‬تنهج السلي ًم‪.‬‬‫ً‬ ‫ا‪١‬تستقي ًم كيػي ىعرفىوي‬
‫ألرحام ًو مبتع هد عن العقوؽ ك ً‬
‫القطيعة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اصل‬
‫ي‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي با ير بوالديو ك ه‬
‫حقوؽ اآلخرين يتعاك يف معهم على الرب كالتقول مبتع هد عن ً‬
‫النفاؽ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫عارؼ لواجباتًًو يم ىؤٍّد‬
‫‪ -‬ا‪١‬تتقي ه‬
‫الفسوؽ ال ى٭تس يد كال ى٭ت ًق يد كال ٮتو يف كال ي ٍك ً‬ ‫ك ً‬
‫اآلخ ًر ى‬
‫ين‬ ‫يستغيب كال يهزأي كال يى ٍس ىخير من ى‬
‫ي‬ ‫كال‬ ‫ب‬
‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬
‫أبدان‪.‬‬
‫أىل ا‪٠‬تىٌت كالعً ً‬ ‫بصرهي عن ا‪ٟ‬ترًاـ ك٭ت ىف ي‬
‫صياف ‪.‬‬ ‫كيبتعد عن ً ى‬ ‫ي‬ ‫القلب كاللسا ىف‬
‫ظ ى‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي يىػغيض ى‬
‫ا‪ٟ‬تبلؿ فالربكةي فيو ‪ ،‬مبتع هد‬ ‫ا‪١‬تناؿ شعاره‪ :‬مهما قىل‬‫ك با‪ٟ‬ت ىبل ًؿ مهما كا ىف صعب ً‬
‫ي‬ ‫ٍى‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي يمتى ىمس ه ى‬
‫فا‪١‬تمات دكنىوي‪.‬‬
‫ي‬ ‫عن ا‪ٟ‬ترًاـ مهما كا ىف سهل ً‬
‫ا‪١‬تناؿ شعاره‪ :‬أما ا‪ٟ‬تر ياـ‬ ‫ى‬
‫قوؿ النيب ‪:‬‬‫ب عينيو ى‬ ‫ى ً‬
‫صى‬ ‫ا‪ٟ‬تبلؿ كيبتع يد عن ا‪ٟ‬تراـ كاضعان ني ٍ‬ ‫ب‬‫‪ -‬ا‪١‬تتقي ىو الذم يطلي ي‬
‫اجب على كل مسل وم »(ُ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫« ي‬
‫طلب ا‪ٟ‬تىبلؿ ك ه‬

‫درىم كاح هد من ىحرواـ دل‬ ‫قوؿ النيب ‪ « :‬من اشًتل ثوبان ى ً‬


‫اىم كفيها ه‬
‫بعشىرة در ى‬ ‫غيب عنو ي‬
‫‪ -‬ال يى ي‬
‫داـ عليو»(ِ)‪.‬‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫يقبل اهلل لو من صبلة ما ى‬

‫(ُ) أخرجو الطرباين بإسناد حسن‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫‪- 211 -‬‬
‫ىخ ىذ أ ًىم ىن‬ ‫قوؿ النيب ‪« :‬يأٌب على ً‬
‫الناس زما هف ال يبارل ا‪١‬ترءي ما أ ى‬ ‫ينطبق عليو ي‬
‫‪ -‬تراه خائفان من أ ٍف ى‬

‫اب ‪٢‬تم دعوةه»(ُ)‪.‬‬ ‫ا‪ٟ‬تبلؿ أـ ًم ىن ا‪ٟ‬ترًاـ‪ ،‬فإ ٍذ ى‬


‫ذاؾ ال يٕتى ي‬
‫ً‬

‫اب الدعوةً ى‬
‫فقاؿ لوي ‪: ‬‬ ‫سأؿ سع هد ‪ ‬ى ً‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬أف يكو ىف ي‪٣‬ت ى‬ ‫‪ -‬ى‬

‫ؼ اللقم ىة‬ ‫ً‬


‫ليقذ‬ ‫العبد‬ ‫إف‬ ‫ً‬
‫ه‬ ‫ً‬
‫بيد‬ ‫نفسي‬ ‫الذم‬
‫ك‬ ‫ً‬
‫الدعوة‬ ‫ستجاب‬ ‫م‬ ‫تكن‬ ‫(ِ)‬
‫ك‬‫ب ىمطٍ ىع ىم ى‬ ‫« يا ي ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ي‬ ‫سعد أىط ٍ‬
‫فالنار أكذل‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ًً‬
‫سحت ي‬ ‫‪ٟ‬تموي من ٍ‬ ‫نبت ي‬‫بعُت يوما كأٯتىا عبد ى‬
‫عمل أر ى‬
‫ا‪ٟ‬تر ىاـ ُب جوفو ما يػيتىػ ىقب يل منو ي‬
‫بو»(ّ)‪.‬‬

‫يصل إذل أعلى مستول من التقول كىو ما ييسمى بالورًع‪ ،‬كالورعي ىو أف‬ ‫‪ -‬ا‪١‬تتقي يسعى إذل أف ى‬
‫لقوؿ‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬تباحات تطبيقان ً‬ ‫ؼ ُب‬ ‫ً‬
‫الشبهات خوفان من الوقوع ُب ا‪ٟ‬ترمات‪ ،‬كأف ال يي ٍس ًر ى‬ ‫ا‪١‬تسلم‬ ‫ب‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫‪٬‬تتن ى‬
‫بأس »(ْ)‪.‬‬
‫ه‬
‫النيب ‪ « :‬إف الرجل ال يكوف من ا‪١‬تتقُت حىت ي ىدع ما ال بأس بو‪ ،‬ح ىذران ‪٦‬تا ً‬
‫بو‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬

‫الناس »(ٓ)‪.‬‬ ‫‪ -‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ ‬أليب ىريرىة ‪ٍ « :‬‬


‫كن ىكًر ىعان ٍ‬
‫تكن أ ٍىعبى ىد ً‬

‫نقع ُب‬ ‫ً‬


‫سبعُت بابان من ا‪ٟ‬تبلؿ ‪٥‬تافةى أف ى‬
‫ى‬ ‫فيقوؿ ‪(:‬كنا نى ىدعي‬
‫كيػي ىعبػير عن ذلك أحد الصحابة ‪ ‬ي‬
‫باب من ا‪ٟ‬ترًاـ ) (ٔ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫ك ىحبلالن‪.‬‬
‫طعام ى‬
‫(ِ) أم اجعل ى‬
‫(ّ) أخرجو الطرباين األكسط‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو ابن ماجو كالبيهقي‪.‬‬
‫(ٔ) ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‪ :‬مدارج السالكُت جزء صِِ‪.‬‬
‫‪- 212 -‬‬
‫ً‬
‫تسعة أعشا ًر ا‪ٟ‬تبلؿ ‪٥‬تافةى أف ى‬
‫نقع ُب‬ ‫فقاؿ‪( :‬كنا نى ىدعي ى‬
‫عمر ‪ ‬عن ذلك ى‬
‫سيدنا ي‬
‫‪ -‬كعبػىر ي‬
‫ا‪ٟ‬تراـ)(ُ)‪.‬‬
‫كقاؿ رسوؿ اهلل ‪( :‬لو صليتم حىت تكونوا كا‪ٟ‬تنايا كصمتم حىت تكونوا كاألكتار ٍب كاف‬
‫‪ -‬ى‬
‫االثناف أحب إليكم من الواحد دل تىػٍبػليغوا االستقامة) (ِ)‪.‬‬
‫التهجد‪ ،‬رئي ُب ً‬ ‫و (ّ)‬
‫بعد‬
‫ا‪١‬تناـ ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫و‬‫ت‬
‫ى‬‫يفو‬ ‫ال‬ ‫حىت‬ ‫مضطجعا‬ ‫يناـ‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫كاف‬ ‫بن أيب سناف‬ ‫‪( -‬كىذا حسا يف ي‬
‫استعرتيػ ىها فلم أردىا‪.‬‬ ‫و‬ ‫ًً‬
‫‪٤‬تبوس عن ا‪ٞ‬تنة بإبرة ٍ‬
‫ه‬ ‫فقاؿ‪ :‬خَتان إال أين‬
‫بك ؟ ى‬ ‫فقيل لو ‪ :‬ما فىػ ىع ىل اهللي ى‬
‫موتو‪ ،‬ى‬
‫ً‬
‫الشتاء فقيل لو ُب ذلك‪،‬‬ ‫عرقان ُب‬ ‫ب‬ ‫يتصب‬ ‫كرئًي عتبةي الغبلـ(ْ) كىو من كبا ًر الصا‪ٟ‬تُت ُب و‬
‫مكاف‬
‫ي ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫يى ي‬
‫ت من ىذا ا‪ٞ‬تدا ًر قطعةى ط و‬
‫ُت ىغ ىس ىل‬ ‫ت اهللى فيو فى يسئً ىل عنو ى‬
‫فقاؿ‪ :‬ىك ىشطٍ ي‬ ‫عصي ي‬
‫فقاؿ ‪( :‬إنو مكاف ٍ‬‫ى‬
‫أستى ًحل من صاحبً ًو‪.‬‬ ‫يدهي كدل ٍ‬
‫ضيف رل ى‬
‫هبا ه‬
‫استعارهي من صاحبً ًو) (ٓ)‪.‬‬
‫ى‬ ‫الشاـ لَتد قلمان‬ ‫ىٍى‬
‫‪ -‬كرجع ابن ً‬
‫ا‪١‬تبارؾ من مرك إذل ً‬
‫ىىى ي‬
‫لطلب ً‬
‫الرزؽ يتعل يق بو أىليوي كبنوه‬ ‫يد ا‪٠‬تركج صباحا ً‬ ‫بعضهم أنو كا ىف حينما ير ي‬ ‫‪ -‬كح ًكي عن ً‬
‫ى‬ ‫ي ى‬
‫يقولوف‪( :‬نىػٍن يش يد ىؾ اهلل ال تي ٍد ًخل علينا شيئان من ا‪ٟ‬ترًاـ‪ ،‬فإنا نصرب على الفق ًر كال ً‬
‫نصربي على النا ًر)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫نتزكد هبا قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫‪ -‬ىذه ىي التقول ُب أعلى مراتبها ‪ ،‬فما أحلى أف ى‬

‫(ُ) أخرجو عبد الرزاؽ ُب مصنفو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو ابن عساكر كالديلمي ُب جامع األحاديث عن عمر ‪.‬‬
‫(ّ) ابن أيب سناف‪ :‬حساف بن أيب سناف بن أيب أكَب عوؼ التنوخي مًتجم‪ ،‬كاف يكتب بالعربية كالفارسية‬
‫كالسريانية‪.‬من أىل األنبار‪.‬كاف نصرانيان كأسلم‪ .‬كرأل أنس بن مالك ‪ ،‬كأدرؾ الدكلتُت األموية كالعباسية‬
‫توُب سنة (َُٖ ق ‪ ٕٗٔ /‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ْ)ىو عتبة الغبلـ الزاىد ا‪٠‬تاشع ا‪٠‬تائف‪ ،‬عتبة بن أباف البصرم‪ ،‬كاف يشبو ُب حزنو با‪ٟ‬تسن البصرم [ابن‬
‫[ابن ا‪ٞ‬توزم‪ :‬صفة الصفوة]‬
‫(ٓ) الرسالة القشَتية‪ :‬صُُّ‪.ُُْ-‬‬
‫‪- 213 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﮊ‬
‫خَت و‬
‫لباس يرتديو اإلنسا يف‪ ،‬قاؿ تعػاذل‪:‬‬ ‫‪ -‬ىذه التقول اليت عدىا اهلل ‪ ‬ى‬

‫ﮋﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ‬
‫(ِ)‬
‫ﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫عباد الر‪ٛ‬تن كىم يدعونو بقولو‪:‬‬
‫كصف اهللي عبادهي ى‬
‫ى‬ ‫‪ -‬لقد‬

‫ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ‬
‫(ّ)‬
‫ﮯﭼ‬
‫بعض نواحي ا‪١‬تدينة ‪ ،‬فوضعنا يسفرنة‬ ‫عمر رضي اهلل عنهما إذل ً‬ ‫مع اب ًن ى‬
‫ت ى‬‫خرج ي‬
‫نافع‪ٍ ( :‬‬‫قاؿ ه‬ ‫‪ -‬ى‬
‫ً‬
‫الشديد‬ ‫مثل ىذا ً‬
‫اليوـ‬ ‫فقاؿ‪ُ :‬ب ً‬ ‫صائم ‪ ،‬ى‬ ‫عبد اهللً ىىليم يا راعي ى‬
‫فقاؿ إين ه‬ ‫فقاؿ لو ي‬
‫فمر بنا ر واع‪ ،‬ى‬
‫فقاؿ لو‬ ‫ً‬
‫القيامة ‪ ،‬ى‬ ‫اليوـ ‪٥‬تافىة حر ً‬
‫يوـ‬ ‫قاؿ‪ :‬أيب ًادر أيامي أصوـ ُب حر ىذا ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي ى‬ ‫ىحرهي ُب ىذا الش ٍعب؟ ى ى ي‬
‫قاؿ الراعي‪ :‬إهنا ‪١‬توالم‬‫‪ٟ‬تمها ما تػي ٍف ًطير عليو ؟ ى‬
‫ك من ً‬ ‫تبيعنا شاةن كنػي ٍع ًطيى ى‬
‫عبد اهلل ‪ ‬ىل لك أف ى‬
‫ي ً‬
‫الذئب ؟ فمضى الراعي كىو‬ ‫يصنع موالؾ إف ق ٍلت أكلىها‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫عبد اهلل ‪٦‬تتحنان لو فما عسى أف ى‬ ‫فقاؿ ي‬ ‫ى‬
‫بصوت مؤلى أركا ىف الصحر ً‬ ‫و‬ ‫ً‬
‫فأين اهللي ؟ فلم‬
‫ى‬ ‫؟‬ ‫اهلل‬
‫ي‬ ‫فأين‬
‫ى‬ ‫؟‬ ‫اهلل‬
‫ي‬ ‫فأين‬
‫ى‬ ‫‪:‬‬‫اء‬ ‫كيقوؿ‬
‫ي‬ ‫السماء‬ ‫يرفع إً ٍ‬
‫صبىػ ىعوي إذل‬
‫يقوؿ كىو يبكي فأين اهلل فأين اهلل يٍب بعث إذل سي ًد ً‬
‫العبد فاشًتاهي منو كاشًتل‬ ‫عمر ي‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ابن ى‬ ‫يىػىزٍؿ ي‬
‫الغنم) (ْ)‪.‬‬
‫اعي ككىبىوي ى‬
‫فأعتق الر ى‬
‫الغنم ى‬
‫ى‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٕٗ:‬‬


‫(ِ) سورة األعراؼ‪.ِٔ:‬‬
‫(ّ) سورة الفرقاف‪47:‬‬
‫(ْ)الطرباين‪ :‬أحسن احملاسن صُٖٔ‪.‬‬
‫‪- 214 -‬‬
‫كقاؿ إبراىيم بن أدىم‪( :‬بت ليلة ٖتت الصخرة ببيت ا‪١‬تقدس؛ فلما كاف بعض الليل نزؿ ملكاف‪،‬‬
‫فقاؿ أحد‪٫‬تا لصاحبو‪ :‬من ىاىنا؟ فقاؿ اآلخر‪ :‬إبراىيم بن أدىم‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬ذاؾ الذم حط اهللي سبحانو درجة من درجاتو‪.‬‬
‫فقاؿ‪ :‬دل؟ قاؿ‪ :‬ألنو اشًتل بالبصرة ٘تران‪ ،‬فوقعت ٘ترةه على ٘تىًٍرهً من ٘تىًٍر ً‬
‫البقاؿ‪ ،‬فلم يردىا على‬
‫صاحبها‪.‬‬
‫أكقعت ٘ترنة على ٘تىًٍرهً‪،‬‬
‫قاؿ إبراىيم‪ :‬فمضيت إذل البصرة‪ ،‬كاشًتيت التمر من ذلك الرجل‪ ،‬ك ي‬
‫كرجعت إذل بيت ا‪١‬تقدس‪ ،‬كبت ٖتت الصخرة‪.‬‬
‫فلما كاف بعض الليل‪ ،‬إذ أنا ٔتلكُت نزال من السماء‪.‬‬
‫فقاؿ أحد‪٫‬تا لصاحبو‪ :‬من ىاىنا؟ فقاؿ اآلخر‪ :‬إبراىيم بن أدىم‪ :‬فقاؿ‪ :‬ذلك الذم رد اهلل‬
‫كرفعت درجتو)(ُ)‪.‬‬
‫مكانو‪ ،‬ي‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) الرسالة القشَتية‪:‬صَُٖ‪.‬‬


‫‪- 215 -‬‬
‫خامساً‪-‬مقام اإلخالص‬
‫(ُ)‬
‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ‬

‫ً‬
‫ا‪٠‬تطاب ‪ ‬عن‬ ‫بن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عمر ي‬
‫حاح كتبىػ يه ٍم با‪ٟ‬تديث ا‪١‬تشهور الذم ركاه سي يدنا ي‬
‫أصحاب الص ً‬
‫ي‬ ‫افتتح‬
‫‪ -‬ى‬
‫ً‬
‫بالنيات‪ ،‬كإ‪٪‬تا لكل امر وئ ما نول»‪ ...‬إذل آخر ا‪ٟ‬تديث(ِ)‪.‬‬ ‫األعماؿ‬
‫ي‬ ‫رسوؿ اهللً ‪ ‬أنو قاؿ‪« :‬إ‪٪‬تا‬
‫ً‬

‫أكثر فائد نة‪ ،‬من ىذا‬ ‫ليس ُب أخبا ًر النيب ‪ ‬شيءه أ ٍ‬ ‫ً‬
‫ى‪ٚ‬تى ىع‪ ،‬كأغٌت ك ى‬ ‫قاؿ العلماءي ُب ىذا ا‪ٟ‬تديث‪ :‬ى‬
‫( ى‬
‫ً‬
‫ا‪ٟ‬تديث‪.‬‬

‫م عن الشافعي كأ‪ٛ‬تد بن حنبل كغَتىم من العلماء ر‪ٛ‬تىهم اهللي تعاذل‪ ،‬أهنم قالوا‪ :‬ىذا‬ ‫كرًك ى‬
‫‪ -‬ي‬
‫ث اإلسبلـ) (ّ)‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تديث ثػيلي ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫كبالنية يناؿ‬ ‫النية‪ ،‬كأف أم و‬
‫عمل تىػ ٍلىزيموي النيةي‪،‬‬ ‫أل‪٫‬تية ً‬
‫ً‬ ‫للمسلمُت‬ ‫ً‬
‫ا‪ٟ‬تديث تنبيوه ىاـي‬ ‫‪ُ -‬ب ىذا‬
‫ى‬
‫ا‪١‬تؤمن‬ ‫ص‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫ىخ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫ىو‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‪١‬تقبوؿ‬
‫ي‬ ‫العمل‬ ‫ك‬ ‫‪،‬‬‫نية‬ ‫ً‬
‫السيئات‪ ،‬كال يػ ٍقبل عمل بغ ًَت و‬ ‫أك‬ ‫ً‬
‫ا‪ٟ‬تسنات‬ ‫اإلنسا يف‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي ه‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫و‬ ‫فيو نًيتىو‪ ،‬كجعلىو خالصان ً‬
‫لوجو اهلل‪ ،‬ال يي ٍش ًريؾ بو أحدان‪ ،‬كال يير ي‬
‫يد بو كجوى أحد إال اهللى سبحانىوي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اب‬
‫العبد ثو ى‬
‫يناؿ ي‬ ‫كبذلك ي‬ ‫ى‬ ‫العمل ييسمى إخبلصان ‪ ،‬أم جعلىوي ا‪١‬ترءي خالصان هللً تعاذل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كتعاذل‪ ،‬كىذا‬
‫العمل من اهللً سبحانىوي كتعاذل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬قاؿ اإلماـ ابن القيم ر‪ٛ‬تو اهلل عن النية‪( :‬ىي رأس األمر كعموده‪ ،‬كأساسو كأصلو الذم يبٌت‬
‫تابع ‪٢‬تا يبٌت عليها‪ ،‬يصح بصحتها كيفسد‬‫عليو‪ ،‬فإهنا ركح العمل كقائده كسائقو‪ ،‬كالعمل ه‬
‫بفسادىا‪ ،‬كهبا يستجلب التوفيق‪ ،‬كبعدمها ٭تصل ا‪٠‬تذالف‪ ،‬كْتسبها تتفاكت الدرجات ُب الدنيا‬

‫(ُ) سورة الزمر‪.ُُ:‬‬


‫داكد‪ ،‬كالنسائي‪.‬‬ ‫ً‬
‫أخرجو الشيخاف‪ ،‬كأبو ى‬
‫(ِ) ى‬
‫(ّ) ابن حجر‪ :‬فتح البارم جزءُ صِ‪.‬‬
‫‪- 216 -‬‬
‫كاآلخرة) (ُ)‪.‬‬

‫ً‬
‫اإلخبلص ما‬ ‫السبلـ عن‬
‫ي‬ ‫يل عليو‬
‫ت جرب ى‬‫فقاؿ‪« :‬سألٍ ي‬ ‫ً‬
‫اإلخبلص ما ىو؟ ى‬ ‫كسئً ىل النيب ‪ ‬عن‬
‫‪ -‬ي‬
‫أحببتيوي‬
‫ب من ٍ‬
‫استودعتيوي ق ٍل ى‬
‫ٍ‬ ‫اإلخبلص ما ىو؟ قاؿ‪ً :‬سهر من ًسرم‬
‫ً‬ ‫ت رب العزةً عن‬
‫قاؿ‪ :‬سألٍ ي‬
‫ىو؟ ى‬
‫من عبادم»(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمن ىذا القبيل‪ ،‬قوؿ أيب القاسم القشَتم ر‪ٛ‬تو اهلل معرفان اإلخبلص‪( :‬اإلخبلص إفراد ا‪ٟ‬تق‬
‫سبحانو ُب الطاعة بالقصد‪ ،‬كىو أف يريد بطاعتو التقرب إذل اهلل سبحانو دكف شيء آخر من‬
‫تصنع ‪١‬تخلوؽ‪ ،‬أك اكتساب صفة ‪ٛ‬تيدة عند الناس‪ ،‬أك ‪٤‬تبة مدح من ا‪٠‬تلق‪ ،‬أك معٌت من ا‪١‬تعاين‬
‫سول التقرب إذل اهلل تعاذل‪ ،‬كيصح أف يقاؿ‪ :‬اإلخبلص تصفية العمل عن مبلحظة ا‪١‬تخلوقُت‪،‬‬
‫كيصح أف يقاؿ‪ :‬اإلخبلص التوقي عن مبلحظة األشخاص) (ّ)‪.‬‬

‫فيفسدهي‪،‬‬
‫ى‬ ‫ك‪ ،‬فيكتبىوي‪ ،‬كال شيطا هف‪،‬‬ ‫يعلموي ىملى ه‬ ‫ال‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‪ٞ‬تنيد‪( :‬اإلخبلص ًسير بُت اهللً ك ً‬
‫العبد‬ ‫‪ -‬كقاؿ ي‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫كال ىول‪ ،‬فىػييميلىوي) (ْ)‪.‬‬
‫اإلخبلص‪ :‬استواءي ا‪١‬ت ٍد ًح كالذـ من العام ًة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عبلمات‬ ‫(ثبلث من‬
‫ه‬ ‫كقاؿ ذك ً‬
‫النوف ا‪١‬تصرم‪:‬‬ ‫‪ -‬ى‬
‫العمل ُب اآلخرةً) (ٓ)‪.‬‬
‫اب ً‬ ‫ً‬
‫اقتضاء ثو ً‬ ‫ً‬
‫األعماؿ‪ ،‬كنسيا يف‬ ‫كنًسيا يف ً‬
‫رؤية‬
‫كم عن اب ًن‬‫ر‬ ‫حيث‬ ‫‪.‬‬‫اه‬‫و‬ ‫ك شاىدان غَت اهللً‪ ،‬كال ‪٣‬تازيان ً‬
‫س‬ ‫‪ -‬فاإلخبلص أال تطلب على عملً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫أم ىذا‬ ‫و‬
‫ك منها‪ٍ ،‬‬
‫ذلك حظ ى‬
‫فقاؿ‪ :‬ى‬ ‫أت البارحةى البقرىة‪ ،‬ى‬ ‫يقوؿ‪( :‬قىر ي‬
‫‪ٝ‬تع رجبلن ي‬
‫مسعود ‪ ‬أنوي ى‬

‫(ُ) إعبلـ ا‪١‬توقعُت جزءْ صٗٗ‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو القزكيٍت ُب مسلسبلتو عن حذيفةى‪.‬‬
‫(ّ) الرسالة القشَتية‪ :‬صَِٕ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬تصدر نفسو‪ :‬صَِٖ‬
‫(ٓ) ا‪١‬تصدر نفسو‪ :‬صَِٖ‪.‬‬
‫‪- 217 -‬‬
‫ك منها) (ُ)‪.‬‬
‫اإلعبل يف ىو ثوابي ى‬
‫ليس ‪٢‬تا فيو‬ ‫و‬ ‫ألن‬ ‫اإلخبلص‬ ‫‪:‬‬‫فقاؿ‬
‫ى‬ ‫؟‬ ‫ً‬
‫النفس‬ ‫على‬ ‫أشد‬ ‫ي‬
‫و‬ ‫ش‬ ‫أم‬‫(‬‫‪:‬‬ ‫‪ -‬كسئل سهل بن ً‬
‫عبد اهللً‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ى ىٍ ي ي‬
‫نصيب)(ِ)‪.‬‬
‫ه‬
‫‪ -‬كاإلخبلص مصدر كفعلو أخلص‪ ،‬ك‪٣‬ترد الفعل خلص‪ ،‬كمعناه‪ :‬صفا كزاؿ عنو ما يى يش ٍوبيوي من‬
‫الشوائب‪ ،‬فذىب خالص‪ :‬ذىب و‬
‫صاؼ ال شائبة فيو‪.‬‬

‫‪ -‬كأخلص الشيء‪ :‬صفاه كنقاه ‪٦‬تا يشوبو‪.‬‬

‫‪ -‬ككلمة اإلخبلص كلمة التوحيد‪ ،‬كىي ال إلو إال اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬كسورة اإلخبلص ىي سورة‪ :‬قل ىو اهلل أحد‪ ،‬كىي سورة التوحيد‪.‬‬


‫‪ -‬كاإلخبلص شرعان‪ :‬ىو صفاء النية‪ ،‬كنقاء السريرة من الشرؾ كالرياء‪ ،‬كإرادة كجو اهلل تعاذل‪،‬‬
‫كحيازة رضاه ُب كل اعتقاد أك قوؿ أك عمل‪.‬‬
‫خبلص أ‪٫‬تيةه كربل فهو طريق رضا الر‪ٛ‬تن‪ ،‬كقبوؿ األعماؿ‪ ،‬كرفع الدرجات‪ ،‬كالوصوؿ إذل‬ ‫‪ -‬كلئل و‬
‫لئك‬
‫للمخلصُت أك ى‬ ‫رسوؿ اهللً ‪» :‬طوىب‬
‫قاؿ ي‬ ‫نت عن ً‬
‫األمة‪ ،‬ى‬ ‫ا‪ٞ‬تنات‪ ،‬كلو أ‪٫‬تية ُب دف ًع الف ً‬
‫ى‬
‫(ّ)‪.‬‬ ‫مصابيح الدجى تنجلي عنهم كل و‬
‫فتنة ظلماء»‬ ‫ي‬
‫كص ٍد وؽ‬
‫إٯتاف يقيٍت‪ً ،‬‬ ‫ً‬
‫شخصية ا‪١‬تسل ًم‪ ،‬ألنو ٭تتاج إذل و‬ ‫ً‬
‫لئلخبلص أيضان أ‪٫‬تيةه يكربل ُب تكوي ًن‬ ‫‪-‬ك‬
‫ٍّ‬ ‫ي ي‬
‫عالية‪ ،‬كص ورب و‬
‫شديد‪.‬‬ ‫ك‪٫‬تة و‬ ‫رباينٍّ‪ ،‬كإرادةو في و‬
‫والذية‪ ،‬و‬

‫يكن ي‪٥‬تلصان‪ ،‬فهو يم ٍش ًرهؾ‪ ،‬إال أف الشٍرىؾ‬


‫فمن دل ٍ‬
‫اإلخبلص ييضادهي الشرؾ ا‪٠‬تفي أم الرياءي‪ٍ ،‬‬
‫ي‬ ‫‪-‬ك‬

‫(ُ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين جزءٓ صّٔ‪.‬‬


‫(ِ) الرسالة القشَتية‪:‬صَِٗ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬
‫‪- 218 -‬‬
‫ذلك‬
‫القلب‪ ،‬كإ‪٪‬تا يكو يف ى‬ ‫كضده‪ ،‬يتو ً‬
‫ارداف على القلٍ ً‬ ‫درجات‪ ،‬فاإلخبلص ً‬
‫اإلخبلص ‪٤‬تلوي ي‬‫ى‬ ‫ب‪ ،‬ألف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلخبلص ‪ ،‬ألنوي سير كال يىطل يع عليو إال اهللي سبحانىوي‬ ‫جاءت أ‪٫‬تيةي‬
‫ٍ‬ ‫كمن ىنا‬
‫ُب ا‪١‬تقاصد كالنيات‪ٍ ،‬‬
‫الطاعة‪ ،‬كا‪ٟ‬تب‪ ،‬كالتذل ًل‪،‬‬ ‫ً‬
‫بالتوحيد كالعبادةً‪ ،‬ك ً‬ ‫كحده‪ ،‬كإفر ًادهً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلخبلص‪ ،‬بالتوجو إذل اهلل ى ي‬
‫ي‬ ‫فيكو يف‬
‫كة من‬‫عمل من أعمالًًو‪ ،‬كحر و‬ ‫ذلك‪ ،‬إرضاءىهي سبحانىوي دك ىف سواهي‪ُ ،‬ب كل و‬ ‫كالتخش ًع‪ ،‬قاصدان من كل ى‬
‫نفس ًو‪.‬‬
‫كحديث ً‬
‫ً‬ ‫ات قلبً ًو‪،‬‬‫حركاتًًو‪ ،‬كس ىكنى وة من س ىكنىاتًًو‪ ،‬كخطٍرةو‪ ،‬من خطىر ً‬
‫ى ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫‪ -‬يقوؿ اهلل ‪ :‬ﮋﰄﰅ ﰆﰇ ﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﰎﰏﰐﰑ ﰒﰓﰔﰕ‬
‫(ُ)‬
‫ﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﮊ‬
‫اآلية‪ً ،‬عدةي أقو واؿ منها‪:‬‬
‫نزكؿ ىذه ً‬
‫سبب ً‬‫كرد ُب ً‬
‫‪ -‬كقد ى‬
‫أعمل‬ ‫ت ُب جٍن يد ً‬
‫ب ب ًن زى وَت العامرم‪ ،‬ى‬ ‫قوؿ اب ًن و‬
‫وؿ اهلل‪ ،‬إين ي‬‫قاؿ يا رس ى‬
‫قاؿ‪ :‬ى‬ ‫ي‬ ‫عباس ‪( :‬نىػىزلى ٍ‬ ‫‪ -‬ي‬
‫يد كجو اهللً تعاذل‪ ،‬إال أنو إذا اطلًع ً‬
‫فقاؿ النيب ‪« : ‬إف اهلل‬
‫عليو ىسرين‪ ،‬ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫العمل هلل تعاذل‪ ،‬كأير ي ى‬
‫ى‬
‫يقبل ما يش ٍوًرىؾ فيو» فنزلت اآلية (ِ) ‪.‬‬
‫الطيب‪ ،‬كال ي‬
‫ى‬ ‫ب‪ ،‬كال يىػ ٍقبى يل إال‬‫طي ه‬
‫سبيل اهللً كأحب أ ٍف يػيىرل‬
‫ا‪ٞ‬تهاد ُب ً‬
‫ى‬ ‫أحب‬ ‫إين‬ ‫‪،‬‬ ‫رسوؿ اهللً‬
‫ى‬ ‫يا‬ ‫رجل‬
‫ه‬ ‫(قاؿ‬
‫ى‬ ‫‪:‬‬ ‫(ّ)‬
‫طاككس‬
‫ه‬ ‫كقاؿ‬
‫‪ -‬ى‬
‫ت اآليةي ) (ْ)‪.‬‬ ‫مكاين‪ ،‬فنزلى ً‬

‫ىص يل الرًح ىم‪ ،‬كال‬


‫رسوؿ اهللً‪ ،‬إين أىتىصد يؽ‪ ،‬كأ ً‬
‫ى‬ ‫فقاؿ‪ :‬يا ى‬ ‫رجل إذل النيب ‪ ،‬ى‬ ‫كقاؿ ‪٣‬تاى هد‪( :‬جاءى ه‬‫‪ -‬ى‬
‫ت‬‫ب بو‪ ،‬فى ىس ىك ى‬‫ذلك‪ ،‬كأ ٍيع ىج ي‬
‫ي‪ٛ‬تى يد عليو‪ ،‬فىػيى يسرين ى‬ ‫ذلك إال هللً تعاذل‪ ،‬فىػيي ٍذ ىكير ى‬
‫ذلك مٍت‪ ،‬كأ ٍ‬ ‫ىصنى يع ى‬
‫أٍ‬

‫(ُ) سورة الكهف‪.َُُ:‬‬


‫(ِ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ‪.‬‬
‫(ّ)طاككس بن كيساف أبو عبد الر‪ٛ‬تن اليماين التابعي الكبَت ا‪١‬تشهور‪ ،‬كردت عنو الركاية ُب حركؼ القرآف‪،‬‬
‫ظم ركايتو عنو‪ ،‬مات ٔتكة سنة (َُٔق‪[ ).‬ابن ا‪ٞ‬تزرم‪:‬غاية النهاية ُب‬ ‫أخذ القرآف عن ابن عباس كيم ٍع ي‬
‫طبقات القراء]‪.‬‬
‫(ْ) ا‪ٞ‬تامع ألحكاـ القرآف‪.‬‬
‫‪- 219 -‬‬
‫رسوؿ اهللً ‪ ،‬كىدلٍ يىػ يق ٍل ىشيئان‪ ،‬فنزلت اآليةي) (ُ)‪.‬‬
‫ي‬
‫عمومها‪ ،‬ألف اإلخبلص مطلوب ُب كل و‬
‫شيء‪.‬‬ ‫اآلية‪ ،‬فالعربةي ُب ً‬
‫زكؿ ً‬ ‫‪ -‬كمهما كا ىف سبب ني ً‬
‫ه‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫اجعل‬
‫هم ٍ‬ ‫يسمع ىذهً اآليةى‪ ،‬كاف ي‬
‫يقوؿ‪( :‬الل ي‬ ‫ي‬ ‫عندما كاف يقرأي‪ ،‬أك‬
‫عمر ‪ ‬ى‬
‫لذلك‪ ،‬فإف سي ىدنا ى‬ ‫‪ -‬ى‬
‫ٕتعل لغَتؾ منو شيئان) (ِ)‪.‬‬
‫لك خالصان‪ ،‬كال ٍ‬‫عملي كلوي صا‪ٟ‬تان‪ ،‬كاجعلٍوي ى‬
‫الدجاؿ‪،‬‬
‫ى‬ ‫ا‪١‬تسيح‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫ى‬ ‫نتذا‬ ‫ك‪٨‬تن‬ ‫رسوؿ اهللً ‪‬‬
‫ي‬ ‫علينا‬ ‫ج‬ ‫خر‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬‫قاؿ‬
‫ى‬ ‫أنو‬ ‫‪،‬‬‫‪‬‬ ‫م‬‫ً‬
‫ر‬ ‫د‬
‫ٍ‬ ‫ا‪٠‬ت‬ ‫‪ -‬كعن أيب و‬
‫سعيد‬
‫ى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫فقاؿ‪:‬‬ ‫ا‪١‬تسيح الد ً‬
‫جاؿ؟‪ ،‬قاؿ‪ :‬قلنا بلى‪ ،‬ى‬ ‫من‬
‫ً‬ ‫أخوؼ عليكم عندم ى‬ ‫ي‬ ‫فقاؿ‪« :‬أال أيخربييكم ٔتا ىو‬
‫ى‬
‫الرجل فيصلي فىػييزي ين صبلتىوي‪١ ،‬تا يىػىرل من نىظى ًر و‬
‫رجل»(ّ)‪.‬‬ ‫يقوـ‬ ‫أف‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الشرؾ ا‪٠‬ت ً‬
‫ف‬
‫ى ي‬ ‫ي ى‬
‫صلى ييرائي فق ٍد أى ٍشىرىؾ) (ْ)‪.‬‬ ‫‪ -‬كُب األىثىًر‪ٍ :‬‬
‫(من ى‬
‫صد ىؽ ييرائي فق ٍد أى ٍشىرىؾ) (ٓ)‪.‬‬
‫‪(:‬كمن تى ى‬
‫‪ -‬كجاءى أيضان ٍ‬
‫ػذلك ‪ٚ‬تيػ يػع‬ ‫ػاـ ييرائػػي فقػػد أى ٍشػ ىػرىؾ‪ ،‬كمػػن ىحػػج ييرائػػي فقػػد أى ٍشػ ىػرىؾ‪ ،‬ككػ ى‬
‫‪ -‬كقياس ػان علػػى ذلػػك‪ ،‬مػػن صػ ى‬
‫ػوؿ اهللي تعػػاذل‪ «:‬أنػػا أى ٍغػ ىػٌت‬ ‫ػاؿ الػػيت يػراءل هبػػا‪ ،‬فصػػاحبها قػػد أى ٍشػػرىؾ‪ ،‬كُب ا‪ٟ‬تػ ً‬
‫ػديث ال يق ٍدسػػي يقػ ي‬ ‫األعمػ ً‬
‫ى‬ ‫ي ى‬
‫أشرؾ»(ٔ)‪.‬‬ ‫ىشرؾ فيو غَتم فأنا منوي برمءه‪ ،‬كىو للذم ى‬ ‫عمل رل عمبلن أ ى‬ ‫فمن‬ ‫‪،‬‬ ‫كاء عن الش ً‬
‫رؾ‬ ‫الشر ً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬
‫داخ ىل األىعما ىؿ‬ ‫ً‬
‫اإلخبلص‪ ،‬كالرياءي إذا ى‬ ‫قيض‬
‫رؾ ا‪٠‬تفي‪ ،‬ىو نى ي‬ ‫‪٧‬تد أف ال ًرياءى كىو الش ي‬
‫سبق ي‬
‫‪٦ -‬تا ى‬
‫قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫وـ كالعي يقوبىةى‪ ،‬ى‬ ‫و ً‬ ‫ً‬ ‫الصا‪ٟ‬تةى‪ ،‬كإف كانت ُب أ ىىًب ي ً‬
‫ب الل ى‬
‫صورىا‪ ،‬يىقلبيػ ىها إذل أعماؿ تيوج ي‬

‫(ُ) ا‪ٞ‬تامع ألحكاـ القرآف‪.‬‬


‫(ِ) أبو الشيخ األصبهاين‪ :‬طبقات احملدثُت بأصبهاف‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو ابن ماجو‪ ،‬كالبيهقي‪ ،‬كا‪ٟ‬تاكم‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو ابن ماجو‪.‬‬
‫‪- 211 -‬‬
‫ﮋﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ‬
‫(ُ)‬
‫ﮃﮄﮅﮊ‬

‫(ِ)‬
‫كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﮊ‬
‫‪ -‬ى‬

‫القليل«(ّ)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رسوؿ اهللً ‪» : ‬أىخلً ً‬


‫العمل ي‬‫ك ي‬
‫ك يى ٍكف ى‬
‫ص ديٍػنى ى‬
‫ٍ‬ ‫قاؿ ي‬‫‪ -‬لذلك ى‬

‫كجهػػوي‪ ،‬يدك ىف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬


‫ػؤمن ا‪ٟ‬تػػق يىرتىقػػي بإخبلصػػو إذل أرفػ ًع الػػدرجات‪ ،‬كىػػي عبػػادةي اهلل كحػ ىػدهي‪ ،‬يىػٍبتىغػػي ى‬
‫‪ -‬كا‪١‬تػ ي‬
‫أ ٍف يػ ٍق ً‬
‫ص ىد ثىوابان ‪.‬‬ ‫ى‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ي‬ ‫قاؿ‬
‫‪ -‬ككما ى‬
‫ياـ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فما م ٍقصودىم جنات و‬
‫ا‪ٟ‬تور ا‪ٟ‬تسا يف كال ا‪٠‬ت ي‬ ‫كال ي‬ ‫عدف‬ ‫ي‬ ‫ى ي يي ٍ‬
‫مقصػد ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫القوـ الكػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػراـ‬ ‫كىذا ً ي‬ ‫سول نىظى ًر ا‪ٞ‬تىل ًيل كذا يم ي‬
‫ناى ٍم‬

‫ك‬ ‫ك ىخوفىػان مػ ٍػن نىػػا ًرىؾ‪ ،‬كال طىمع ػان ُب جنتًػ ى‬


‫ػك‪ ،‬كإ‪٪‬تػػا ىعبىػ ٍدتي ى‬ ‫ػت رابع ػةي‪( :‬يػػا رب‪ ،‬مػػا ىعبػػدتي ى‬
‫‪ -‬ككمػػا قالػ ٍ‬
‫ً‬
‫ك تىستى ًح يق ى‬
‫ذلك)‪.‬‬ ‫ك‪ ،‬ألن ى‬ ‫لذاتً ى‬
‫اب‪ ،‬كال ىجنةه كال نى هار‪ ،‬لى ىما تىأىخىر الص ًادقيو ىف عن عبادةً رهبم‪،‬‬ ‫ً‬
‫اب‪ ،‬كال ع ىق ه‬ ‫يكن ى‪ٙ‬تةى ثىو ه‬
‫‪ -‬ألنوي لو ىدلٍ ٍ‬
‫ً‬
‫عد أى ٍف أدركوا ن ىع ىموي كآالءىهي‪ ،‬كذاقوا بًرهي‬ ‫ألهنم يعبدك ىف اهللى‪ ،‬يحبان لو‪ ،‬كطىلىبان لًيقٍربًًو‪ ،‬كرضوانًًو‪ ،‬بى ى‬
‫ا‪ٞ‬تنة‪ ،‬كال يىػٍر ىغبيوف ُب البيػ ٍع ًد عن النا ًر‪ ،‬فهم ي٭تبوف‬
‫دخوؿ ً‬ ‫كإحسانىوي‪ .‬كليس معٌت ىذا أهنم ال ي٭تبوف ى‬
‫مظهر‬ ‫ألهنا‬ ‫كٮتافوهنا‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫النار‬ ‫كيكرىوف‬ ‫‪،‬‬‫و‬‫ا‪ٞ‬تنةى كيطلبوهنا‪ ،‬ألهنا مظٍهر حب اهللً‪ ،‬كرضائًًو كقربًً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى ىي ي‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تاعوف‪.ٕ-ْ:‬‬


‫(ِ) سورة الفرقاف‪.ِّ:‬‬
‫(ّ)أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب مستدركو عن معاذ ‪.‬‬
‫‪- 211 -‬‬
‫ث عنها العلماءي كثَتان‪ ،‬ىكنىػبػ يهوا إذل أ‪٫‬تيتًها‪.‬‬ ‫شأف ً‬
‫النية‪ٖ ،‬تد ى‬ ‫سخط اهللً كغضبً ًو كنًٍقمتً ًو‪ ،‬كلعظي ًم ً‬
‫ى‬
‫ً‬

‫بن كث وَت(ُ)‪( :‬تعلموا النيةى‪ ،‬فإهنا أىبٍػلى يغ من ً‬


‫العمل) (ِ)‪.‬‬ ‫قاؿ ٭تِت ي‬
‫‪ -‬ى‬

‫عمل كب وَت تي ى‬
‫صغيرهي النيةي) (ّ)‪.‬‬ ‫كرب و‬ ‫كقاؿ ابن ا‪١‬تبارؾ‪( :‬رب و و‬
‫عمل صغَت تيػ ىعظ يموي النيةي‪ ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬ى‬

‫ػف ييػدخلو ىف النيػةى ُب‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫كقاؿ آخركف‪ٕ( :‬تارةي النيات‪ٕ ،‬تارةي العلماء‪ ،‬كذلػك ألف العلمػاءى يعرفػوف كي ى‬
‫‪ -‬ى‬
‫ػك األعمػاؿ‬ ‫ب على تل ً‬ ‫ً‬
‫حصوؿ الثوا ً‬ ‫ت‪ ،‬فيحصلو ىف على ما يريدكف‪ ،‬مع‬ ‫ً‬
‫‪ٚ‬تي ًع أعما‪٢‬تم‪ ،‬مهما تنو ىع ٍ‬
‫ػبح‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ػدخل ُب ‪٣‬تػػاؿ العػػادات‪ ،‬فباستحضػػارىم للنيػػة الصػػا‪ٟ‬تة مػ ىػع ىػػذه األعمػػاؿ تصػ ي‬
‫كإف كانػػت ‪٦‬تػا يػ ي‬
‫أعماالن صا‪ٟ‬تةن)‪.‬‬

‫ػوؿ ‪ ‬فهػو‬ ‫ص ىد بو التلذذي كالتػنىػعم‪ ،‬فهو مباح‪ ،‬كإ ٍف ني ًوم بًو اتباعي سػن ًة الرس ً‬ ‫‪ -‬فالتطيب مثبلن‪ ،‬إذا قي ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي ه‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ػاثر‪ ،‬فهػػذا‬‫ػ‬‫ك‬‫الت‬
‫ك‬ ‫ػاخر‬ ‫ػ‬‫ف‬‫الت‬ ‫أك‬ ‫‪،‬‬ ‫ػاء األجنبيػ ً‬
‫ػات‬ ‫ػوب النسػ ً‬
‫اب‪ ،‬كإف نيػ ًوم بػػو التػود يد إذل قلػ ً‬ ‫و‬ ‫ػ‬ ‫ث‬ ‫قيػػرىب‪ ،‬كفًيػ ً‬
‫ػو‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ه‬
‫ً‬
‫األعماؿ‪.‬‬ ‫كذلك سائًير‬ ‫ً‬
‫ب العقوبةى‪ ،‬ك ى‬ ‫ب معصيةن‪ ،‬كيوج ي‬ ‫‪٬‬تعل التطي ى‬ ‫ي‬
‫ػوؿ إذل‬ ‫ػا‪ٟ‬تة ‪ ،‬يرتفػػع إذل درجػ ًػة الطاعػ ًػة كرضػ ً‬
‫ػاء اهللً‪ ،‬كبالني ػ ًة الفاسػػدةً يتحػ ي‬ ‫‪ -‬فػػإذان‪ ،‬ا‪١‬تبػػاح بالنيػ ًػة الصػ ً‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫صا‪ٟ‬تةن ف يقلنا‪:‬‬ ‫ة‬
‫ن‬ ‫ني‬ ‫هبما‬ ‫وينا‬ ‫ن‬
‫ى‬ ‫فإف‬ ‫‪،‬‬‫باح‬ ‫م‬ ‫عاـ كشرب ً‬
‫ا‪١‬تاء‬ ‫معصية‪ ،‬أىكل الط ً‬ ‫و‬
‫ى‬ ‫ي ه‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬
‫طاعة اهللً)‪ .‬حصلنا على ثو و‬
‫اب كب وَت‪.‬‬ ‫(بسم اهلل الر‪ٛ‬تن الرحيم‪ ،‬نىويت التقوم على ً‬
‫ي‬
‫ى‬
‫ػاد اهللً) هبػػذه النيػ ًػة ‪٨‬تصػػل علػػى ثػو و‬ ‫ائج عبػ ً‬
‫اب‬ ‫ي‬ ‫ػتح ‪٤‬تلػػي كقضػػاءى حػو ً‬ ‫ػذلك ُب العمػ ًػل‪( :‬نىويػ ي‬
‫ػت فىػ ى‬ ‫‪ -‬ككػ ى‬
‫ػت هللً‬
‫يض‪( :‬نويػػت عيادتىػػو تىقربػان هللً تعػػاذل)‪ ،‬كُب التعزيػ ًػة‪( :‬نىويػػت تعزيػةى أىػ ًػل ا‪١‬تيػ ً‬ ‫كبػ وَت‪ ،‬كُب زيػػارةً مػر و‬
‫ي‬ ‫ي ىي ى‬

‫(ُ)٭تِت بن كثَت بن درىم‪ ،‬أبو غساف العنربم البصرم ا‪ٟ‬تافظ‪.‬قاؿ أبو حاًب‪ :‬صاحل ا‪ٟ‬تديث‪ .‬كقاؿ‬
‫النسائي‪ :‬ليس بو بأس‪ .‬توُب سنة (َِٔى ػػ)‪[ .‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ِ)أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.‬‬
‫(ّ)ابن أيب الدنيا‪ :‬اإلخبلص كالنية صّٕ‪.‬‬
‫‪- 212 -‬‬
‫‪ٟ‬تق األ ً‬
‫يخوة اإلٯتاني ًة)‪ ،‬كك ى‬
‫ػذلك ُب الػزك ًاج‪ ( :‬إ ٍف كانػت النيػةي تىعف ىفػان‬ ‫تعاذل امتثاالن ألم ًر النيب ‪ ‬كأداءن ً ي‬
‫ً‬
‫األعماؿ)‪.‬‬ ‫ص ًر‪ ،‬كىكذا ُب سائ ًر‬ ‫ً‬
‫عن ا‪ٟ‬تراـ ك ىغضان للبى ى‬

‫‪ -‬ق ػ ػ ػػاؿ تع ػ ػ ػػاذل‪:‬ﮋﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ‬


‫(ُ)‬
‫ﯢﯣﯤﯥﯦﮊ‬

‫بُت النيب ‪ ‬أى‪٫‬تيةى الني ًة‪ ،‬فقد ركل أبو ىكٍبشةى ‪ ،‬عن النيب ‪ ‬قاؿ‪:‬‬
‫‪ -‬كقدي ى‬
‫« إ‪٪‬تا الدنيا‪ ،‬ألر ً‬
‫بعة نىػ ىف ور‪:‬‬

‫ً‬
‫بأفضل‬ ‫علم هللً فيو ىحقان‪ ،‬فهذا‬‫كي‬ ‫‪،‬‬‫و‬ ‫‪ٛ‬ت‬‫صل فيو رً‬
‫عب هد رزقىو اهلل ماالن كعً ٍلمان ‪ ،‬فهو يػت ًقي فيو ربو ‪ ،‬كي ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي ى ي ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي ي‬
‫ً‬
‫ا‪١‬تنازؿ‪.‬‬
‫بعمل و‬
‫فبلف‪،‬‬ ‫ت ً‬ ‫ً‬ ‫ص ًاد يؽ النًي ًة ي‬
‫فيقوؿ‪ :‬لو أف رل ماالن لى ىعم ٍل ي‬ ‫هو ى‬
‫لمان‪ ،‬كىدلٍ يىرزقوي ىم ىاالن‪ ،‬فى ي‬
‫ً‬
‫كعب هد رزقىوي اهللي ع ى‬
‫فأجر‪٫‬تا ىسواءه‪.‬‬ ‫ًً ً ً‬
‫فهو بنيتو‪ ،‬ي‬
‫صل فيو‬ ‫ًً ً ً و‬ ‫كعب هد رزقىوى اهللي ىماالن‪ ،‬كىدلٍ يرزقٍوي ًع ٍل ىمان‪ ،‬فهو يىػتىخب ي‬
‫ط ُب مالو بغَت علم‪ ،‬ال يتقي فيو ربوي‪ ،‬كال يى ي‬
‫بأخبث ً‬
‫ا‪١‬تنازؿ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ًر‪ٛ‬تىوي‪ ،‬كال يىػ ٍعلى يم فيو هللً حقان فهذا‬

‫فبلف‪ ،‬فهو بًنًيتً ًو‬


‫بعمل و‬
‫ت فيو ً‬ ‫ً‬ ‫كعب هد ىدلٍ يرزقٍوي اهللي ماالن‪ ،‬كال ًع ٍلمان كىو ي‬
‫يقوؿ‪ :‬لو أف رل ىماالن ىلعم ٍل ي‬
‫قاؿ ‪.)ِ(» ‬‬ ‫فى ًوٍزيري‪٫‬تىا ىسواءه‪ ،‬أك ىك ىما ى‬

‫‪ -‬كينبغي للمسلم أف يعلم أف لئلخبلص ‪ٙ‬ترات كفوائد كثَتة ‪٬‬تنيها إف ٖتقق بو من أ‪٫‬تها‪:‬‬

‫أولً‪ -‬اإلخالص وسيلة ىامة من وسائل تفريج الكروب واألحزان‪ٌ ،‬‬


‫كحل لكثَت من األمراض‬

‫(ُ) سورة األنعاـ‪.ُّٔ-ُِٔ :‬‬


‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كالًتمذم‪.‬‬
‫‪- 213 -‬‬
‫كا‪١‬تشاكل اليت تواجهو ُب الدنيا‪ ،‬كأظهر شيء ‪٢‬تذا ا‪١‬توضوع حديث رسوؿ اهلل ‪ :‬فقد ركل ابن‬
‫عمر رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل ‪ ‬قاؿ‪ « :‬انٍطىلى ىق ثىبلىثىةي ىرٍى وط ً‪٦‬ت ٍن ىكا ىف قىػٍبػلى يك ٍم ىحىت أ ىىكٍكا‬
‫ت ىعلىٍي ًه يم الٍغى ىار فىػ ىقاليوا إًنوي الى يػيٍن ًجي يك ٍم‬ ‫ا‪ٞ‬تىبى ًل فى ىسد ٍ‬ ‫ص ٍخىرةه ًم ىن ٍ‬ ‫ت ى‬ ‫يت إً ىذل ىغا ور فى ىد ىخليوهي‪ ،‬فى ٍا‪٨‬تى ىد ىر ٍ‬
‫الٍ ىمبً ى‬
‫اؿ ىر يج هل ًمٍنػ يه يم الل يهم ىكا ىف ًرل أىبػى ىو ًاف‬ ‫صالً ًح أ ٍىع ىمالً يك ٍم‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫م ٍن ىىذه الص ٍخىرةً إًال أى ٍف تى ٍدعيوا اللوى بً ى‬
‫ً ًً‬
‫ب ىش ٍي وء يىػ ٍونما‪ ،‬فىػلى ٍم أير ًٍح‬ ‫ت الى أى ٍغبً يق قىػٍبػلى يهما أى ٍىبلن كالى ىماالن‪ ،‬فىػنىأىل ًيب ًُب طىلى ً‬
‫ى‬ ‫ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ىشٍي ىخاف ىكبً ىَتاف‪ ،‬ىكيكٍن ي‬
‫ت أى ٍف أى ٍغبً ىق قىػٍبػلى يه ىما أ ٍىىبلن أ ٍىك‬ ‫ُت ىكىك ًرٍى ي‬ ‫ت ى‪٢‬تيما ىغبيوقىػ يهما فىػو ىج ٍدتيػ يهما نىائًم ٍ ً‬ ‫ً‬
‫ى ى‬ ‫ى ى‬ ‫ىعلىٍيه ىما ىحىت نى ىاما‪ ،‬فى ىحلىٍب ي ى‬
‫استىػٍيػ ىقظىا فى ىش ًربىا ىغبيوقىػ يه ىما‪،‬‬ ‫ماالن‪ ،‬فىػلىبًثٍت كالٍ ىق ىدح علىى ي ىدم أىنٍػتى ًظر ً‬
‫استي ىقاظى يه ىما ىحىت بىػىر ىؽ الٍ ىف ٍجير ‪ ،‬فى ٍ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ي ى ي ى ى‬ ‫ى‬
‫ً ً ً ًً‬ ‫اللهم إً ٍف يكٍنت فىػع ٍل ً‬
‫ت‬ ‫ك فىػ ىفر ٍج ىعنا ىما ىٍ‪٨‬ت ين فيو م ٍن ىىذه الص ٍخىرةً ‪ ،‬فىانٍػ ىفىر ىج ٍ‬ ‫ك ابٍتًغىاءى ىك ٍج ًه ى‬ ‫ت ذىل ى‬ ‫ي ى ي‬ ‫ي‬
‫ىحب‬ ‫تأى‬ ‫ت ىع ٍّم ىكانى ٍ‬ ‫ت ًرل بًٍن ي‬ ‫اآلخير الل يهم ىكانى ٍ‬ ‫اؿ ى‬ ‫اؿ النيب ‪ « :‬ىكقى ى‬ ‫كج»‪ .‬قى ى‬ ‫ىشٍيئنا الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬
‫ا‪٠‬تيير ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫اس إً ىرل‪ ،‬فىأىردتيػها عن نػى ٍف ًسها‪ ،‬فىامتىػنىػعت ًمٍت حىت أىلىم ً‬ ‫الن ً‬
‫ىعطىٍيتيػ ىها‬‫ُت‪ ،‬فى ىجاءىتًٍٍت فىأ ٍ‬ ‫ت هبىا ىسنىةه م ىن السن ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ى ى ٍ ى ٍ ى ٍ‬
‫ت الى أ ًيحل‬ ‫ً‬ ‫ًع ٍش ًر ً ً‬
‫ت ىعلىٍيػ ىها قىالى ٍ‬ ‫ت ىحىت إًذىا قى ىد ٍر ي‬ ‫ُت نىػ ٍفس ىها‪ ،‬فىػ ىف ىعلى ٍ‬ ‫ين ىكمائىةى دينىا ور ىعلىى أى ٍف يٗتىل ىي بىػٍي ًٍت ىكبىػ ٍ ى‬ ‫ى‬
‫اس إًرل‬ ‫ىحب الن ً‬ ‫ت ىعٍنػ ىها ىكٍى ىي أ ى‬ ‫صىرفٍ ي‬‫وع ىعلىٍيػ ىها‪ ،‬فىانٍ ى‬ ‫ت ًم ىن الٍ يوقي ً‬ ‫ً ً‬
‫ا‪٠‬تى ىاًبى إًال ْتىقو‪ .‬فىػتى ىحر ٍج ي‬ ‫ك أى ٍف تىػ يفض ٍ‬ ‫لى ى‬
‫ك فىافٍػير ٍج ىعنا ىما ىٍ‪٨‬ت ين فً ًيو‪.‬‬ ‫ك ابٍتًغىاءى ىك ٍج ًه ى‬
‫كتىػرٍكت الذىب ال ًذم أىعطىيتػها‪ ،‬اللهم إً ٍف يكٍنت فىػع ٍل ً‬
‫ت ىذل ى‬ ‫ي ى ي‬ ‫ٍ ٍي ى ي‬ ‫ىى ي ى ى‬
‫ث الل يهم إًين‬ ‫اؿ النيب ‪ :‬كقى ى ً‬ ‫كج ًمٍنػ ىها‪ .‬قى ى‬ ‫ت الص ٍخىرةي‪ ،‬ىغٍيػىر أىنػ يه ٍم الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬ ‫فىانٍػ ىفرج ً‬
‫اؿ الثال ي‬ ‫ى‬ ‫ا‪٠‬تيير ى‬ ‫ىى‬
‫ً‬ ‫ًو‬
‫ىجىرهي ىحىت‬ ‫ت أٍ‬ ‫ب فىػثىمٍر ي‬ ‫ىجىريى ٍم‪ ،‬ىغٍيػىر ىر يج ول ىكاحد تىػىرىؾ الذم لىوي ىكذى ىى ى‬ ‫يجىراءى فىأ ٍىعطىٍيتيػ يه ٍم أ ٍ‬
‫ت أى‬ ‫استىأٍ ىجٍر ي‬ ‫ٍ‬
‫ت لىوي يكل ىما تىػىرل ًم ٍن‬ ‫ىج ًرم‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬
‫ً‬
‫اؿ يىا ىعٍب ىد اللو أىد إً ىرل أ ٍ‬ ‫ُت فىػ ىق ى‬ ‫ت ًمٍنوي األ ٍىمو ياؿ ‪ ،‬فى ىجاءًين بىػ ٍع ىد ًح و‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىكثيػىر ٍ‬
‫ئ‬ ‫ت إًين الى أ ٍ‬
‫ىستىػ ٍه ًز ي‬ ‫ً‬
‫اؿ يىا ىعٍب ىد اللو الى تى ٍستىػ ٍه ًز ٍئ ًيب‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬ ‫ىج ًرىؾ ًم ىن ا ًإلبً ًل ىكالٍبىػ ىق ًر ىكالٍغىنى ًم ىكالرقً ًيق‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫أٍ‬
‫بًك‪ .‬فىأىخ ىذه يكلو فىاستاقىو فىػلىم يػٍتػرٍؾ ًمٍنو شيئا‪ ،‬اللهم فىًإ ٍف يكٍنت فىػع ٍل ً‬
‫ك فىافٍػير ٍج‬ ‫ك ابٍتًغىاءى ىك ٍج ًه ى‬ ‫ت ىذل ى‬ ‫ي ى ي‬ ‫ى ى ي ي ٍ ى ي ٍ ى ي ي ى ٍن ي‬
‫ت الص ٍخىرةي فى ىخىر يجوا ٯتىٍ يشو ىف»(ُ)‪.‬‬ ‫عنا ما ىٍ‪٨‬تن فً ًيو‪ .‬فىانٍػ ىفرج ً‬
‫ىى‬ ‫ى ى ي‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬


‫‪- 214 -‬‬
‫ثانياً‪ -‬اإلخالص من أىم الوسائل للتخلص من الشيطان‪ ,‬بل كالتمكن من االنتصار عليو‬
‫كقهره‪ ،‬كا‪٠‬تبلص من إغوائو كإغرائو‪ ،‬كىذا ما حكاه القرآف من قوؿ الشيطاف‪:‬‬

‫ﮋﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑ‬

‫ﮒﮓﮊ‬
‫(ُ)‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﮊ‬

‫‪ -‬كعلى سبيل التوضيح ‪٢‬تذا ا‪١‬توضوع نورد القصة اليت ذكرىا الغزارل ُب ْتث اإلخبلص كىي‪:‬‬

‫(أف عابدا كاف يعبد اهلل دىرا طويبل فجاءه قوـ فقالوا إف ىهنا قوما يعبدكف شجرة من دكف اهلل‬
‫تعاذل فغضب لذلك كأخذ فأسو على عاتقو كقصد الشجرة ليقطعها فاستقبلو إبليس ُب صورة‬
‫شيخ فقاؿ أين تريد ر‪ٛ‬تك اهلل قاؿ أريد أف أقطع ىذه الشجرة قاؿ كما أنت كذاؾ تركت عبادتك‬
‫كاشتغالك بنفسك كتفرغت لغَت ذلك فقاؿ إف ىذا من عبادٌب قاؿ فإين ال أتركك أف تقطعها‬
‫فقاتلو فأخذه العابد فطرحو على األرض كقعد على صدره فقاؿ لو إبليس أطلقٍت حىت أكلمك‬
‫فقاـ عنو فقاؿ إبليس يا ىذا إف اهلل تعاذل قد أسقط عنك ىذا كدل يفرضو عليك كما تعبدىا أنت‬
‫كما عليك من غَتؾ كهلل تعاذل أنبياء ُب أقاليم األرض كلو شاء لبعثهم إذل أىلها كأمرىم بقطعها‬
‫فقاؿ العابد ال بد رل من قطعها فنابذه للقتاؿ فغلبو العابد كصرعو كقعد على صدره فعجز إبليس‬
‫فقاؿ لو ىل لك ُب أمر فصل بيٍت كبينك كىو خَت لك كأنفع قاؿ كما ىو قاؿ أطلقٍت حىت أقوؿ‬
‫لك فأطلقو فقاؿ إبليس أنت رجل فقَت ال شيء لك إ‪٪‬تا أنت ىكلي على الناس يعولونك كلعلك‬
‫ٖتب أف تتفضل على إخوانك كتواسي جَتانك كتشبع كتستغٍت عن الناس قاؿ نعم قاؿ فارجع‬

‫(ُ) سورةا‪ٟ‬تجر‪َْ-ّٗ:‬‬
‫(ِ) سورة ص ِٖ‪.ّٖ-‬‬
‫‪- 215 -‬‬
‫عن ىذا األمر كلك على أف أجعل عند رأسك ُب كل ليلة دينارين إذا أصبحت أخذهتما‬
‫فأنفقت على نفسك كعيالك كتصدقت على إخوانك فيكوف ذلك أنفع لك كللمسلمُت من‬
‫قطع ىذه الشجرة اليت يغرس مكاهنا كال يضرىم قطعها شيئا كال ينفع إخوانك ا‪١‬تؤمنُت قطعك‬
‫إياىا فتفكر العابد فيما قاؿ كقاؿ صدؽ الشيخ لست بنيب فيلزمٍت قطع ىذه الشجرة كال أمرين‬
‫اهلل أف أقطعها فأكوف عاصيا بًتكها كما ذكره أكثر منفعة فعاىده على الوفاء بذلك كحلف لو‬
‫فرجع العابد إذل متعبده فبات فلما أصبح رأل دينارين عند رأسو فأخذ‪٫‬تا ككذلك الغد ٍب أصبح‬
‫اليوـ الثالث كما بعده فلم ير شيئا فغضب كأخذ فأسو على عاتقو فاستقبلو إبليس ُب صورة شيخ‬
‫فقاؿ لو إذل أين قاؿ أقطع تلك الشجرة فقاؿ كذبت كاهلل ما أنت بقادر على ذلك كال سبيل‬
‫لك إليها قاؿ فتناكلو العابد ليفعل بو كما فعل أكؿ مرة فقاؿ ىيهات فأخذه إبليس كصرعو فإذا‬
‫ىو كالعصفور بُت رجليو كقعد إبليس على صدره كقاؿ لتنتهُت عن ىذا األمر أك ألذْتنك فنظر‬
‫العابد فإذا ال طاقة لو بو قاؿ يا ىذا غلبتٍت فخل عٍت كأخربين كيف غلبتك أكال كغلبتٍت اآلف‬
‫فقاؿ ألنك غضبت أكؿ مرة هلل ككانت نيتك اآلخرة فسخرين اهلل لك كىذه ا‪١‬ترة غضبت لنفسك‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫فصرعتك)‬ ‫كللدنيا‬

‫ثالثاُ‪ -‬اإلخالص ينجي صاحبو من ىموم الدنيا وآلمها‪ ,‬ويدخلو يوم القيامة الجنة‪ ,‬وينجيو‬
‫من النار‪ ,‬ألنو أخلص نيتو كعملو هلل تعاذل‪ ،‬كابتعد عن الشرؾ ا‪٠‬تفي كىو الرياء يؤكد ذلك‬

‫سبحانو كتعاذل بقولو‪ :‬ﮋ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶‬


‫(ِ)‬
‫﮷﮸﮹﮺﮻﮼﮽﮾﮿ﮊ‬

‫كقولو ‪ :‬ﮋﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵﯶ‬

‫(ُ) إحياء علوـ الدين‪ :‬جزءّ صّٕٕ‪.‬‬


‫(ِ) سورة الصافات‪ُْ-ّٖ:‬‬
‫‪- 216 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﯷﯸﯹﮊ‬

‫كقولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ‬


‫(ِ)‬
‫ﭸﭹﮊ‬

‫‪ -‬من كل ذلك ينبغي للمؤمن أف يتحرل دائمان قصص ا‪١‬تخلصُت كأعما‪٢‬تم ليستفيد منها كيأخذ‬
‫دركسان تعظو ُب سائر حياتو‪ ،‬فيعمل عملهم كيتأسى هبم‪ ،‬كخَت ما ٭تقق لو ذلك أف يقرأ دائمان‬
‫سَتة النيب ‪ ،‬فَتل فيها كامل اإلخبلص ُب كل أعمالو كأقوالو‪ ،‬كأفعالو كتقريراتو ‪ ،‬فهو ا‪١‬تثل‬

‫األعلى كالقدكة الصا‪ٟ‬تة‪ ،‬قاؿ ‪ ‬عنو‪ :‬ﮋﯯﯰ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯹ‬

‫ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كلقد أثر النيب ‪ُ ‬ب أصحابو كزكاىم كرباىم فغَت الكثَت من صفاهتم ُب كل ‪٣‬تاالت ا‪ٟ‬تياة‪،‬‬
‫كلو تتبعنا أخبار الصحابة كالتابعُت كالصا‪ٟ‬تُت ُب موضوع اإلخبلص لوجدنا الكثَت منها‬

‫‪ -‬ركل األكزاعي أف عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪( :‬خرج ُب سواد الليل فرآه طلحة فذىب عمر فدخل‬
‫بيتا ٍب دخل بيتا آخر فلما أصبح طلحة ذىب إذل ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة فقاؿ‬
‫‪٢‬تا ما باؿ ىذا الرجل يأتيك قالت إنو يتعاىدين منذ كذا ككذا يأتيٍت ٔتا يصلحٍت كٮترج عٍت‬
‫األذل فقاؿ طلحة ثكلتك أمك يا طلحة أعثرات عمر تتبع)(ْ)‪.‬‬

‫(ُ) سورة الصافات‪ْٕ-ِٕ:‬‬


‫(ِ) سورة الصافات‪َُٔ-ُٖٓ:‬‬
‫(ّ) سورة األحزاب‪ُِ :‬‬
‫(ْ) أخرجو أبو نعيم ُب ا‪ٟ‬تلية‪.‬‬
‫‪- 217 -‬‬
‫‪ -‬كقصة صاحب النقب ُب ىذا ا‪١‬توضوع مشهورة يؤخذ منها فوائد كعرب كثَتة يستفيد منها كل‬
‫اإلخبلص ُب كل شؤكف حياتو كتصرفاتو‪.‬‬
‫ى‬ ‫مؤمن فيلتزـ‬

‫الص ٌفار قاؿ‪( :‬حاصر مسلمة حصنا فندب الناس إذل نقب منو‪ ،‬فما دخلو‬
‫‪ -‬ح ٌدثنا أبو عمرك ٌ‬
‫أحد‪ .‬فجاء رجل من عرض ا‪ٞ‬تيش فدخلو ففتحو اللٌو عليهم‪ ،‬فنادل مسلمة‪ :‬أين صاحب‬
‫النقب؟ فما جاءه أحد‪ ،‬فنادل‪ :‬إين قد أمرت اآلذف بإدخالو ساعة يأٌب‪ ،‬فعزمت عليو إالٌ جاء‪.‬‬
‫فجاء رجل فقاؿ‪ :‬استأذف رل على األمَت‪ .‬فقاؿ لو‪ :‬أنت صاحب النقب؟ قاؿ‪ :‬أنا أخربكم عنو‪.‬‬
‫تسودكا‬
‫فأتى مسلمة فأخربه عنو‪ ،‬فأذف لو فقاؿ لو‪ :‬إف صاحب النقب يأخذ عليكم ثبلثان‪ :‬أالٌ ٌ‬
‫ا‪ٝ‬تو ُب صحيفة " إذل ا‪٠‬تليفة " كال تأمركا لو بشيء‪ ،‬كال تسألوه ‪٦‬تن ىو‪ .‬قاؿ‪ :‬فذاؾ لو‪ .‬قاؿ‪ :‬أنا‬
‫ىو‪ .‬فكاف مسلمة ال يصلي بعدىا صبلة إال قاؿ‪ :‬اللهم اجعلٍت مع صاحب النقب)(ُ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) ابن قتيبة الدينورم‪ :‬عيوف األخبار جزءُ صُِٕ‪.‬‬


‫‪- 218 -‬‬
‫سادساً‪ -‬مقام الستقامة‬

‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬
‫(ُ)‬
‫ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ‬

‫‪ -‬تفيد االستقامة ُب لساف العرب معٌت االعتداؿ كاالستواء‪ ،‬كمن ذلك ما كرد ُب السنة بشأف‬
‫(ِ)‬
‫أم جعلها سليمة معتدلة‪.‬‬ ‫االصطفاؼ ُب الصبلة كىو‪( :‬تسوية الصفوؼ من إقامة الصبلة)‬

‫‪ -‬كاالستقامة ُب الشرع ىي اإلقامة على الدين كالدكاـ على ىدم اهلل ‪ ،‬كاالستمرار ُب التقيد‬
‫بقيوده‪ ،‬كالوقوؼ عند حدكده‪ ،‬كاالستجابة ألكامره‪ ،‬كاالنتهاء عن ‪٤‬تارمو‪ ،‬كالثبات على ذلك‪،‬‬
‫كعدـ التغيَت أك التبديل أك الغفلة عن ذلك‪ ،‬أك الًتاجع عنو‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ اإلماـ القشَتم‪( :‬كاالستقامة‪ :‬درجة هبا كماؿ األمور ك٘تامها‪ ،‬كبوجودىا حصوؿ ا‪٠‬تَتات‬
‫كنظامها‪ ،‬كمن دل يكن مستقيما ُب حالتو ضاع سعيو كخاب جهده؛ قاؿ اهلل تعاذل‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮊ‬
‫كمن دل يكن مستقيما ُب صفتو دل يرتق من مقامو إذل غَته‪ ،‬كدل يب سلوكو على صحة؛ فمن‬
‫شرط ا‪١‬تستأنف‪ :‬االستقامة ُب أحكاـ البداية‪ ،‬كما أف من حق العارؼ االستقامة ُب آداب‬
‫النهاية‪.‬‬
‫فمن أمارات استقامة أىل البداية‪ :‬أف ال تشوب معامبلهتم فًتة‪.‬‬

‫(ُ) سورة فصلت‪.ُّ-َّ:‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) سورة النحل‪.ِٗ:‬‬
‫‪- 219 -‬‬
‫كمن أمارات استقامة أىل الوسائط‪ :‬أف ال يصحب مناز‪٢‬تم كقفة‪.‬‬
‫كمن أمارات استقامة أىل النهاية‪ :‬أف ال تتداخل مواصلتهم حجبة)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كاالستقامة ال تتأثر بأم مؤثر‪ ،‬كال تتبدؿ بأم سبب تقاكـ ا‪١‬تغَتات كالشهوات‪ ،‬كتتدفعها بًتبية‬
‫النفس على التزاـ ا‪ٟ‬تبلؿ‪ ،‬كالبعد عن ا‪ٟ‬تراـ‪.‬‬
‫‪ -‬كاالستقامة ىي اليت ٕتعل صاحبها على الدكاـ ٭تاسب نفسو‪ ،‬كيراقب ربو‪ ،‬كيلتزـ صراطو‪،‬‬
‫كيعمر سلوكو كتصرفو ٓتلوص النية هلل‪ ،‬كصدؽ التوجو إذل اهلل‪ ،‬فتكوف استقامتو نوران يسعى بُت‬
‫يديو فيهديو الطريق‪.‬‬
‫‪ -‬كقد ذكرت االستقامة ُب القرآف الكرًن ُب عشرة مواضع‪.‬‬
‫(ِ)‬
‫‪ -‬قاؿ سيدنا عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪( :‬االستقامة أف تستقيم على األمر كالنهي‪ ،‬كال تركغ‬
‫ىرىك ىغاف الثعلب) (ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ أبو علي الدقاؽ(ْ) (االستقامة ‪٢‬تا ثبلثة مدارج‪:‬‬
‫أك‪٢‬تا التقوًن‪ٍ ،‬ب اإلقامة ٍب االستقامة‪ ،‬فالتقوًن من حيث تأديب النفوس‪ ،‬كاإلقامة من حيث‬
‫هتذيب القلوب‪ ،‬كاالستقامة من حيث هتذيب األسرار)(ٓ)‪.‬‬
‫‪ -‬من ىذا القبيل قوؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬الى يست ًقيم إًٯتا يف عب ود حىت يست ًقيم قىػ ٍلبو كالى يست ً‬
‫يم قىػ ٍلبيوي‬ ‫ق‬
‫ى ٍ ى ي ى ىٍ ى ى ٍ ى ى ي ي ى ى ٍ ى ي‬
‫يم لً ىسانيوي »(ٔ) ‪.‬‬ ‫ً‬
‫ىحىت يى ٍستىق ى‬

‫(ُ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪:‬صَِٔ‪.‬‬


‫(ِ) راغ‪ :‬حاد عن الطريق‪ ،‬كذىب ىكذا كىكذا مكران كخديعة‪.‬‬
‫(ّ) تفسَت البغوم‪.‬‬
‫(ْ)حسن الدقاؽ‪( :‬أبو علي) ا‪ٟ‬تسن بن علي بن ‪٤‬تمد الدقاؽ‪ ،‬النيسابورم‪ ،‬الشافعي‪ ،‬صوُب‪ ،‬فقيو‪،‬‬
‫أصورل‪ ،‬ككاف أستاذان للشيخ القشَتم‪ ،‬توُب سنة (َْٓ ق‪ َُُٓ/‬ـ)‪[ .‬معجم ا‪١‬تؤلفُت]‬
‫(ٓ) الرسالة القشَتية‪ :‬صَِٓ‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده عن أنس بن مالك ‪.‬‬
‫‪- 221 -‬‬
‫أصبح ابن آدـ‪ ،‬فًإف األعضاء كلها تستكفي اللساف‪ ،‬فتقوؿ‪ :‬اتق اهلل‬ ‫ً‬
‫‪ -‬ككذلك قولو ‪« :‬إذا ى‬
‫استقمت استقمنا‪ ،‬كإف اعوججت اعوججنا»(ُ) ‪.‬‬
‫ى‬ ‫فينا‪ ،‬فإ‪٪‬تا ‪٨‬تن بك‪ ،‬فإف‬
‫‪ -‬كاالستقامة درجة عالية تدؿ على كماؿ اإلٯتاف كعلو ا‪٢‬تمة‪ ،‬يتوضح ذلك من حديث النيب ‪‬‬
‫ىحدان ىغٍيػىرىؾ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اؿ‪ :‬قيػ ٍلت يا رس ى ً‬
‫وؿ اللو قي ٍل ًرل ًُب ا ًإل ٍسبلىـ قىػ ٍوالن الى أ ٍ‬
‫ىسأ يىؿ ىعٍنوي أ ى‬ ‫ي ى ىي‬ ‫فعن ىعٍب ًد الل ًو الثػ ىق ًفي قى ى‬
‫استى ًق ٍم »(ِ)‪.‬‬ ‫ً‬
‫ت بًاللو يٍب ٍ‬
‫اؿ‪ « :‬قي ٍل ىآمٍن ي‬ ‫قى ى‬
‫‪( -‬كاالستقامة توجب إدامة الكرامة‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬

‫ﭩﮊ(ّ) دل يقل سقيناهنم بل أسقيناىم فهو يشَت إذل الدكاـ) (ْ)‪.‬‬


‫‪ -‬كاالستقامة ليست مهمة سهلة‪ ،‬كإ‪٪‬تا ىي شاقة عسَتة تستدعي الطاعة الدائمة‪ ،‬كمراقبة‬
‫اإلنساف نفسو كا‪ٟ‬تذر من ا‪١‬تخالفة‪.‬‬
‫‪ -‬كىذا عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما يقوؿ‪( :‬ما نزلت على رسوؿ اهلل ‪ُ ‬ب ‪ٚ‬تيع القرآف‬

‫آيةه أشد‪ ،‬كال أشق عليو من ىذه اآلية ﮋﮉﮊﮋﮊ(ٓ) هود‪.)ٔ( )112 :‬‬
‫‪ -‬كلذلك قاؿ ‪ ‬ألصحابو عندما قالوا لو لقد أسرع إليك الشيب؟ فقاؿ‪ (( :‬شيبتٍت ىود‬
‫كأخواهتا)) (ٕ) ‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم عن أيب سعيد ا‪٠‬تدرم ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد عن عبد اهلل الثقفي ‪.‬‬
‫(ّ) سورة ا‪ٞ‬تن‪.ُٔ:‬‬
‫(ْ)القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صَِٕ‪.‬‬
‫(ٓ)سورة ىود‪.ُُِ :‬‬
‫(ٔ)القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صَِٕ‪.‬‬
‫(ٕ) أخرجو أبو يعلى كالطرباين ُب الكبَت‪.‬‬
‫‪- 221 -‬‬
‫‪( -‬ركم عن أيب علي السرم قاؿ‪ :‬رأيت النيب ‪ُ ‬ب ا‪١‬تناـ؟ فقلت يا رسوؿ اهلل؟ ركل عنك أنك‬
‫قلت‪( :‬شيبتٍت ىود) قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت‪ :‬ما الذم شيبك فيها؟ قصص األنبياء‪ ،‬كىبلؾ األمم؟‬

‫فقاؿ‪( :‬ال) كلكن قولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮊ(ُ))(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كال يعٍت أمر اهلل ‪ ‬لرسولو ‪ ‬باالستقامة أنو دل يكن مستقيمان‪ ،‬بل كاف ُب غاية االستقامة‪،‬‬
‫كإ‪٪‬تا ا‪١‬تقصود هبذا األمر الدكاـ كاالستمرار على ما ىو عليو‪ ،‬كىو تعليم ألمة سيدنا ‪٤‬تمد ‪.‬‬

‫‪ -‬كضد االستقامة الطغياف‪ ،‬كاستدلوا على ذلك بقوؿ اهلل ‪:‬ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ‬

‫ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كالدعوة إذل االستقامة كٕتنب الطغياف ىو ىدؼ القرآف الكرًن ا‪١‬تتكرر فيو قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ْ)‬
‫ﮋ ﯦ ﯧﯨ ﯩﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﮊ‬

‫‪ -‬ككلمة استقم كلمة جامعة تشمل العقيدة كالعمل كالقوؿ كالسلوؾ‪ ،‬كمن أقواؿ الصحابة ُب‬
‫االستقامة العملية أف أحدىم كاف يقوؿ‪ :‬ما كذبت منذ أسلمت‪.‬‬

‫‪ -‬كُب ا‪ٟ‬تديث عن االستقامة البد من ا‪ٟ‬تديث عن الصراط ا‪١‬تستقيم ألف العبلقة بينهما كثيقة‪،‬‬
‫فاالستقامة ىي الثبات كاالستمرار على اإلسبلـ‪ ،‬كالصراط ا‪١‬تستقيم ىو الطريق ا‪١‬تعتدؿ كىو‬

‫(ُ) سورة ىود‪.ُُِ:‬‬


‫(ِ) تفسَت القرطيب‪.‬‬
‫(ّ) سورة ىود‪ُُِ:‬‬
‫(ْ) سورة الشورل‪ُٓ:‬‬
‫‪- 222 -‬‬
‫اإلسبلـ‪ ،‬فأصبحت العبلقة مشًتكة بينهما‪ ،‬حيث إف االستقامة البد أف تكوف على الصراط‬
‫(ُ)‬
‫ا‪١‬تستقيم قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﮃ ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ‬

‫‪ -‬كأمرنا اهلل ‪ ‬بل أكجب علينا أف نطلب منو ا‪٢‬تداية ‪٢‬تذا الطريق ُب كل ركعة من ركعات صبلة‬
‫(ِ)‬
‫الفرض أك النافلة ُب سورة الفاٖتة‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ‬

‫‪ -‬كقد يسأؿ سائل من الذين أنعم اهلل عليهم‪ ،‬فيجد ا‪ٞ‬تواب ُب قولو تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ‬
‫(ّ)‬
‫ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ‬

‫وؿ الل ًو ‪ ‬ىخطًّا‬ ‫اؿ‪ ( :‬ىخط ىر يس ي‬ ‫‪ -‬كقد بُت النيب ‪ ‬لصحابتو حقيقة ىذا الطريق ف ىع ٍن ىعٍب ًد الل ًو قى ى‬
‫يل الل ًو يم ٍستى ًقيمان »‪.‬‬ ‫ً‬
‫اؿ « ىى ىذا ىسب ي‬ ‫بًيى ًدهً يٍب قى ى‬

‫يل إًال ىعلىٍي ًو ىشٍيطىا هف يى ٍدعيو إًلىٍي ًو »‪.‬‬ ‫اؿ « ىى ًذهً السبيل لىٍيس ًمٍنػ ىها ىسبً‬ ‫ق‬ ‫ٍب‬ ‫و‬‫اؿ يٍب خط عن ىٯتًينً ًو كًمشالًً‬
‫ه‬ ‫ي ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ىى‬ ‫قى ى ى ى ٍ‬
‫يٍب قىػىرأى‪ :‬ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ(ْ) ) (ٓ)‪.‬‬

‫وؿ الل ًو ‪ ‬قى ى‬


‫اؿ‪:‬‬ ‫اس ب ًن ى‪ٝ‬تٍعا ىف األىنٍصا ًرم ‪ ‬ىعن رس ً‬
‫ٍ ىي‬ ‫ى‬ ‫‪ -‬ك ىع ًن النػ ىو ً ٍ ى‬

‫(ُ) سورة يس‪.ُٔ:‬‬


‫(ِ) سورة الفاٖتة‪ٕ-ٔ:‬‬
‫(ّ) سورة النساء‪.ٔٗ:‬‬
‫(ْ) سورة األنعاـ‪.ُّٓ:‬‬
‫(ٓ) أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫‪- 223 -‬‬
‫اط س ً ً‬ ‫«ضرب اللو مثىبلن ًصراطان مستى ًقيمان كعلىى جٍنبيت الصر ً‬
‫اب يم ىفت ىحةه ىك ىعلىى‬ ‫وراف في ًه ىما أىبٍػ ىو ه‬ ‫ى يى‬ ‫ى ى ى ىى‬ ‫ى يٍ‬ ‫ىى ى ي ى‬
‫‪ٚ‬تيعان ىكالى‬ ‫وؿ يا أىيػها الناس ٍادخليوا الصرا ىط ىً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ي ي‬ ‫ور يمٍر ىخاةه ىك ىعلىى بىاب الصىراط ىد واع يىػ يق ي ى ى‬ ‫األىبٍػ ىواب يستي ه‬
‫ك األىبٍػو ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ك الى‬ ‫اؿ ىكٍ٭تى ى‬‫اب قى ى‬ ‫تىػتىػ ىفر يجوا ىكىداعي يى ٍدعيو م ٍن ىج ٍوؼ الصىراط فىإ ىذا أ ىىر ىاد أى ٍف يىػ ٍفتى ىح ىشٍيئان م ٍن ت ٍل ى ى‬
‫كد الل ًو تىػ ىع ى‬ ‫ط ا ًإلسبلىـ كالس ً‬ ‫ً‬ ‫تىػ ٍفتى ٍحوي فىًإن ى ً‬
‫اب الٍ يم ىفت ىحةي‬
‫اذل ىكاألىبٍػ ىو ي‬ ‫ك إ ٍف تىػ ٍفتى ٍحوي تىل ٍجوي ٍكالص ًرا ي ٍ ي ى ى‬
‫وراف يح يد ي‬
‫اعي ًمن فىػو ًؽ الصر ً‬
‫اط‬ ‫اط كًتىاب الل ًو عز كجل كالد ً‬ ‫اعي علًى رأٍ ًس الصر ً‬ ‫اذل ك ىذلً ى ً‬ ‫ً ً‬
‫ى‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى ىى ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ك الد ى ى‬ ‫ى‪٤‬تىاريـ اللو تىػ ىع ى ى‬
‫ب يكل يم ٍسلً وم »(ُ)‪.‬‬
‫ظ الل ًو ًُب قىػ ٍل ً‬ ‫كً‬
‫اع ي‬ ‫ى‬
‫‪ -‬ىذا كإف استقامة ا‪١‬تؤمن على الصراط ا‪١‬تستقيم كثباتو على ىذا الطريق ىو مدعاة أف ٭تصل‬
‫ا‪١‬تؤمن على حفظ اهلل كرعايتو‪ ،‬كٖتقيق أمانيو كرغباتو قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ِ)‬
‫ﮋ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﮊ‬

‫‪ -‬كألف االستقامة أمر شاؽ كمتعب كصعب‪ ،‬كاف الثواب عليو جزيبلن عظيمان‪ ،‬كقد بيٌنو اهلل‬

‫فقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬

‫ﭜ ﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦ ﭧﭨ‬


‫(ّ)‬
‫ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ‬

‫(ُ) أخرجو ا‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬


‫(ِ) سورة ا‪ٞ‬تن‪.ُٔ:‬‬
‫(ّ) سورة فصلت‪.ُّ-َّ:‬‬
‫‪- 224 -‬‬
‫كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ‬
‫(ُ)‬
‫ﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙ ﰚﰛﮊ‬

‫‪ -‬كلقد كاف النيب ‪ ‬ا‪١‬تثل األعلى ُب االستقامة‪ ،‬استقاـ ُب حسو كنفسو‪ ،‬كُب قولو كعملو‪ ،‬كُب‬
‫ظاىره كباطنو‪ ،‬كُب أمره كلو‪ ،‬فأصبح القدكة السامية ُب االستقامة ألتباعو‪ ،‬كأخذ ٭تثهم على‬
‫االقتداء بو‪ ،‬كالسَت على سنتو‪ ،‬فكاف صحابتو الكراـ خَت مثاؿ لبلستقامة‪ ،‬فما بدلوا كال غَتكا‬
‫مع أهنم كقعوا ُب أنواع شديدة من الببلء كاحملن‪ ،‬كلقد كاف يفتخركف هبذه االستقامة فكاف‬
‫أحدىم يقوؿ‪( :‬ما كذبت منذ أسلمت)‪.‬‬

‫ككاف النيب ‪ ‬كلما رأل من صحابتو أمران حسنان أمرىم باالستقامة عليو‪.‬‬

‫وؿ الل ًو ‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ك األىنٍصا ًرم ‪ ،‬أىنو مر بًرس ً‬ ‫ث بن مالً و‬ ‫ا‪ٟ‬تا ًر ً‬


‫ت يىا‬ ‫ىصبى ٍح ى‬‫فأٍ‬ ‫اؿ لىوي ‪ « :‬ىكٍي ى‬ ‫ي ى ىي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫فع ًن ٍى‬ ‫ى‬
‫وؿ ؟ فىًإف لً يكل ىش ٍي وء ىح ًقي ىقةن‪ ،‬فى ىما‬ ‫اؿ‪ « :‬انٍظيٍر ىما تىػ يق ي‬ ‫ت يم ٍؤًمننا ىح ًّقا‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫ىصبى ٍح ي‬ ‫اؿ ‪ :‬أ ٍ‬ ‫ث ؟» قى ى‬ ‫ىحا ًر ي‬
‫اؿ‪ :‬قى ٍد عزفىت نىػ ٍف ًسي ع ًن الدنٍػيا‪ ،‬كأىسهرت لً ىذلً ً ً‬ ‫ً‬
‫ت نىػ ىها ًرم‪،‬‬ ‫ك ليىلي‪ ،‬ىكأظٍ ىمأٍ ي‬ ‫ى ى ٍ ىٍ ي ى‬ ‫ى‬ ‫ىى ٍ‬ ‫ك ؟» فىػ ىق ى‬ ‫ىحقي ىقةي إًٯتىانً ى‬
‫ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل ىعٍر ًش ىريب بىا ًرنزا‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل ا ٍ‪ٞ‬تىن ًة يىػتىػىز ىاكيرك ىف فً ىيها‪ ،‬ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل‬
‫اؿ ‪ « :‬يىا ىحا ًر ي‬ ‫ضا ىغ ٍو ىف فً ىيها ‪ ،‬فىػ ىق ى‬‫النا ًر يىػتى ى‬
‫(ِ)‬
‫ت فىالٍىزٍـ » ثىبلثنا‪.‬‬ ‫ث ىعىرفٍ ى‬
‫‪ -‬كقد ٕتلت االستقامة ُب الصحابة ‪ٚ‬تيعهم كالتابعُت كالعلماء الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كمن أركع ما يذكر ُب‬
‫(ّ)‬
‫‪ ،‬كغَتىم من الصحابة‬ ‫االستقامة (قصة سيدنا مصعب بن عمَت كقصة حذافة السهمي)‬
‫رضي اهلل عنهم أ‪ٚ‬تعُت‪.‬‬

‫(ُ) سورة األحقاؼ‪.ُْ-ُّ:‬‬


‫(ِ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت‪.‬‬
‫(ّ) انظر كتابنا منهج اإلسبلـ ُب تزكية النفس صِّْ‪.‬‬
‫‪- 225 -‬‬
‫‪ -‬كىذا ‪٤‬تمد إقباؿ الشاعر الباكستاين يبُت لنا معٌت االستقامة ُب أعمالو كأقوالو فيقوؿ كىو‬
‫يتحدث عن رحلتو إذل بريطانيا للدراسة‪( :‬رغم أف شتاء إ‪٧‬تلًتا كاف قارسان جدان‪ ،‬ككاف ا‪٢‬تواء البارد‬
‫يعمل ُب ا‪ٞ‬تسم عمل السيف‪ ،‬كلكٍت دل أترؾ ُب لندف التبكَت ُب القياـ)‪.‬‬

‫كيقوؿ‪ :‬دل يستطع بريق العلوـ الغربية أف يبهرين‪ ،‬كيغشي علي بصرم‪ ،‬كذلك ألين اكتحلت بإ‪ٙ‬تد‬
‫ا‪١‬تدينة)‪.‬‬
‫ٍب يقوؿ‪( :‬مكثت قي أىتي ً‬
‫وف التعليم الغريب‪ ،‬كخرجت كما خرج إبراىيم من نار ‪٪‬تركد)‪.‬‬

‫‪( -‬منصور بن عمار عادله فاضل‪ ،‬علم ٔترض أحد أصدقائو‪ ،‬فذىب إليو ليزكره‪ ،‬فلما دخل عليو‬
‫كجده مضجعان على فر و‬
‫اش ُب كسط الدار‪ ،‬كقد اسود كجهو‪ ،‬كازرقت عيناه‪ ،‬كغلظت شفتاه‪ ،‬كبدا‬
‫مظهره ُب غَت مظهر الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬فقاؿ لو منصور‪ :‬يا أخي أكثر من قوؿ ال إلو إال اهلل‪ ،‬ففتح‬
‫عينيو كقاؿ‪ :‬يا أخي يا منصور ىذه كلمة ًحٍي ىل بيٍت كبينها‪ ،‬فقاؿ منصور‪ :‬ال حوؿ كال قوة إال‬
‫باهلل العلي العظيم‪ ،‬أين ذلك الصياـ كالقياـ كالصبلة كالتهجد؟! فقاؿ‪ :‬كاف كل ذلك لغَت كجو‬
‫اهلل ‪ ‬إ‪٪‬تا كنت أفعل ذلك ليقاؿ عٍت زاىد أك عابد أك رجل صاحل‪ ،‬فإذا خلوت بنفسي أغلقت‬
‫الباب‪ ،‬كأرخيت الستور‪ ،‬كشربت ا‪٠‬تمر‪ ،‬كبارزت ريب با‪١‬تعاصي‪ ،‬كبقيت على ذلك مدة‪ ،‬فأصابٍت‬
‫مرض شديد‪ ،‬كأشرفت على ا‪٢‬تبلؾ‪ ،‬فقلت البنيت‪ :‬ناكليٍت ا‪١‬تصحف‪ ،‬فأخذت أقرأ فيو‪ٍ ،‬ب قلت‪:‬‬
‫اللهم ْتق ىذا القرآف العظيم إال شفيتٍت‪ ،‬كلن أعود للذنب أبدان‪ ،‬ففرج عٍت كشفاين‪ ،‬فلما شفيت‬
‫عدت ‪١‬تا كنت عليو من عصياين اهلل كاالنغماس ُب ا‪١‬تلذات كا‪١‬تراآة‪ ،‬أنساين الشيطاف العهد الذم‬
‫كاف بيٍت كبُت ريب‪ ،‬كبقيت على ذلك مدة من الزماف‪ ،‬فمرضت ثانية مرضان شديدان‪ ،‬كأشرفت‬
‫منو على ا‪١‬توت‪ ،‬فعاكدت الكرة مع ريب كما ُب ا‪ٟ‬تالة األكذل‪ ،‬فشفاين كعافاين لكٍت دل استقم‪،‬‬
‫كعاكدت األمر مرة ثالثة‪ٍ ،‬ب عاكدت الكرة فدعوت با‪١‬تصحف ألقرأ فيو فلم يتبُت رل منو حرؼ‬

‫‪- 226 -‬‬


‫كاحد فعلمت أف اهلل تعاذل غضب علي‪ ،‬فرفعت رأسي إذل السماء كقلت‪ :‬يا جبار السموات‬
‫كاألرض ْترمة ىذا ا‪١‬تصحف فرج عٍت‪ ،‬فسمعت ىاتفان يقوؿ رل‪:‬‬

‫كترجع للذنػ ػ ػ ػ ػ ػػوب إف برئتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫تتوب من الذنوب إذا مرضت ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬

‫كأخبث ما تكوف إذا قويت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫إذا ما الضر مسك أن ػ ػ ػػت و‬


‫باؾ‬ ‫ى‬
‫ككم كشف الببلء إذا بلي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػنا‬ ‫فكم من كربة ‪٧‬تاؾ منهػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬

‫مدل األياـ جهران قد هنيتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫ككم غطاؾ ُب ذنب كعن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو‬

‫كأنت على ا‪٠‬تطايا قد دىي ػ ػػتا‬ ‫أما ٗتشى بأف تأٌب ا‪١‬تػ ػ ػػنايػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬

‫عليك كال ارعويت كال خشيتػ ػػا‬ ‫كتنسى فضل رب جاد فضػ ػ ػ ػبلن‬

‫كأنت لكل معركؼ نسيتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫ككم عاىدت ٍب نقضت عهدان‬

‫إذل قرب إليػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو ق ػ ػ ػػد نيعًيتػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫ك من دي ػ ػ ػ ػ ػػا ًرؾ‬ ‫ً‬
‫فى ىدا ًرٍؾ قبل نىػ ٍقل ى‬
‫فخرج منصور بن عمار من عنده كالعربات ٘تؤل عينيو‪ ،‬كىو كيقوؿ‪:‬‬

‫اللهم ارزقنا حسن ا‪٠‬تا٘تة‪ ،‬كم و‬


‫نفس مكر اهلل هبا بعد أف كانت صائمة قائمة‪.‬‬

‫كبعد أياـ بلغو موت الرجل كما زاؿ حزينان عليو يدعو لو اهلل أف يتغمده بواسع ر‪ٛ‬تتو) (ُ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) انظر‪ :‬شعيب ا‪ٟ‬ترفيش‪ :‬الركض الفائق صُْ‪.‬‬


‫‪- 227 -‬‬
‫سابعاً‪ -‬مقام الزىد‬
‫‪ -‬الزىد ُب اللغة اإلعراض عن الشيء كتركو الحتقاره أك لقلتو‪ ،‬كالزىد ُب االصطبلح‪:‬‬

‫(عبارة عن انصراؼ الرغبة عن الشيء إذل ما ىو خَت منو‪ ،‬كشرط ا‪١‬ترغوب عنو أف يكوف مرغوبان‬
‫فيو بوجو من الوجوه‪ ،‬فمن رغب عن شيء ليس مرغوبان فيو كال مطلوبان ُب نفسو‪ ،‬دل يي ىسم زاىدان‬
‫كمن ترؾ الًتاب فهو ليس زاىدان) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كٔتا أف الدنيا زائلة كاآلخرة باقية فالعاقل من عمل للباقية كآثرىا على الزائلة الفانية‪ ،‬كىذا ىو‬
‫الزاىد‪ ،‬فالزىد ىو عدـ االلتفاؼ إذل الدنيا ٔتا‪٢‬تا كجاىها كشهواهتا كنعيمها‪ ،‬كالسعي ُب طلب‬

‫ا‪ٟ‬تياة الباقية‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ‬

‫ﯴﯵﮊ (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ ا‪ٞ‬تنيد‪( :‬الزىد استصغار الدنيا ك‪٤‬تو آثارىا من القلب) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد بن حنبل‪( :‬الزىد على ثبلثة أكجو‪:‬‬

‫األول‪ :‬ترؾ ا‪ٟ‬تراـ‪ ،‬كىو زىد العواـ‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬ترؾ الفضوؿ من ا‪ٟ‬تبلؿ‪ ،‬كىو زىد ا‪٠‬تواص‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬ترؾ ما يشغل العبد عن اهلل تعاذل‪ ،‬كىو زىد العارفُت) (ْ)‪.‬‬

‫(ُ) ‪٥‬تتصر منهاج القاصدين‪ :‬صِّْ‪.‬‬


‫(ِ) سورة القصص‪.ّٖ:‬‬
‫(ّ) الرسالة القشَتية‪:‬صُُٕ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬تصدر نفسو‪:‬صُُٗ‪.‬‬
‫‪- 228 -‬‬
‫‪ -‬قاؿ إبراىيم بن األدىم‪( :‬الزىد فراغ القلب من الدنيا ال فراغ اليد) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬فالدنيا من ماؿ كجاه كرفعة كغَت ذلك ٭تتاجها ا‪١‬تؤمن ‪٠‬تدمة دينو‪ ،‬كلكن بشرط أال ٘تلك قلبو‬
‫كتشغلو عن ربو‪ ،‬بل يستخدمها فيما يرضي اهلل كرسولو دكف التعلق هبا‪.‬‬

‫‪ -‬كالزىد يكوف ُب شيء ٘تلكو كتقدر عليو‪ ،‬كليس ُب شيء ال ٘تلكو كال تقدر عليو‪ ،‬فكيف‬
‫تكوف زاىدان كأنت ال ٘تلك‪ ،‬إ‪٪‬تا الزىد أف ٘تلك من الدنيا ما تشاء دكف أف ٘تلكك الدنيا‬
‫بشهواهتا‪ ،‬لذلك قيل‪ :‬الزىد أف ٘تلك الدنيا كال ٘تلكك‪.‬‬

‫‪( -‬فقد كاف سليماف كداكد عليهما السبلـ من أزىد أىل زمانيهما ك‪٢‬تما من ا‪١‬تاؿ كا‪١‬تلك ما‬
‫‪٢‬تما‪.‬‬

‫كلقد كاف عثماف بن عفاف كعبد الر‪ٛ‬تن بن عوؼ كغَت‪٫‬تا من الصحابة الكراـ من أغٌت األغنياء‬
‫كلكنهم كانوا من الزاىدين‪.‬‬

‫ككاف عبد اهلل بن ا‪١‬تبارؾ كالليث بن سعد من أئمة الزىاد مع ماؿ كثَت) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬فليس الزاىد من زىد ُب الدنيا كقد أعرضت عنو‪ ،‬كإ‪٪‬تا الزاىد من أقبلت عليو‪ ،‬فزكل عنها‬
‫كجهو كآثر الفرار منها‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ إبراىيم بن األدىم‪( :‬الزىد ثبلثة أقساـ‪ :‬فزىد فرض‪ ،‬كزىد فضل‪ ،‬كزىد سبلمة‪ ،‬فأما‬
‫الزىد الفرض فالزىد ُب ا‪ٟ‬تراـ‪ ،‬كأما الزىد الفضل فالزىد ُب ا‪ٟ‬تبلؿ‪ ،‬كأما الزىد السبلمة فالزىد‬
‫ُب الشهبات) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ) إبراىيم الشربخييت‪ :‬الفتوحات الوىبية بشرح األربعُت ا‪ٟ‬تديث النوكية‪.‬‬


‫(ِ) ابن القيم مدارج السالكُت ‪،‬جزء صُٓ‬
‫(ّ) أ‪ٛ‬تد فريد‪ :‬البحر الرائق ُب الزىد كالرقائق صُِٗ‪.‬‬
‫‪- 229 -‬‬
‫‪ -‬ىذا كدل يذكر ُب القرآف الكرًن لفظ الزىد‪ ،‬إ‪٪‬تا ىناؾ إشارات كاضحة ‪١‬تعٌت الزىد ُب آيات‬
‫كثَتة من القرآف الكرًن تصغر من شأف الدنيا‪ ،‬كتبُت حقارهتا كسرعة زكا‪٢‬تا‪ ،‬كانقضاء نعيمها‪،‬‬
‫كأهنا دار الغركر‪ ،‬كفتنة الغافلُت‪ ،‬كمقصود ا‪ٟ‬تق من ذلك أف يزىد الناس هبا بإخراج حبها من‬
‫قلوهبم حىت ال تشغلهم ىع ٌما خلقوا لو من معرفة اهلل تعاذل كإقامة دينو‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ‬
‫(ُ)‬
‫ﭡﭢﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ‬


‫(ِ)‬
‫ﭭﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ‬
‫(ّ)‬
‫ﭞﮊ‬

‫‪ -‬كلعل أقرب آية تدؿ على معٌت الزىد قولو تعاذل‪ :‬ﮋﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬ ﯭ‬

‫ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ‬
‫(ْ)‬

‫‪ -‬أم ينبغي للمسلم أال يفرح ٔتوجود فيشغلو عن اهلل‪ ،‬كال ٭تزف ‪١‬تفقود فيشغلو البحث عنو عن‬
‫اهلل سبحانو أيضان‪.‬‬

‫(ُ) سورة العنكبوت‪.ْٔ:‬‬


‫(ِ) سورة فاطر‪.ٓ:‬‬
‫(ّ) سورة الكهف‪.ْٔ:‬‬
‫(ْ) سورة ا‪ٟ‬تديد‪.ِّ:‬‬
‫‪- 231 -‬‬
‫‪ -‬أما ا‪١‬تتتبع ألحاديث النيب ‪ ‬فإنو ‪٬‬تد كثَتان منها يتحدث عن الزىد مباشرة أك عن ا‪١‬تقصود‬
‫وؿ الل ًو يدل ًٍت ىعلىى ىع ىم ول‬ ‫اؿ يىا ىر يس ى‬‫اؿ أىتىى النًيب ‪ ‬ىر يج هل فىػ ىق ى‬ ‫بالزىد‪ ،‬ف ىع ٍن ىس ٍه ًل بٍ ًن ىس ٍع ود الساعً ًدم قى ى‬
‫وؿ الل ًو ‪ٍ « ‬ازىى ٍد ًُب الدنٍػيىا يً٭تب ى‬
‫ك اللوي ىك ٍازىى ٍد‬ ‫ىحب ًٍت الن ي‬
‫اس فىػ ىقا ىؿ ىر يس ي‬ ‫ىحب ًٍت اللوي ىكأ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إ ىذا أىنىا ىعم ٍلتيوي أ ى‬
‫وؾ »(ُ)‪.‬‬ ‫اس يً٭تب ى‬ ‫يما ًُب أىيٍ ًدم الن ً‬ ‫فى‬
‫ً‬
‫ت بًتى ٍح ًرًًن‬
‫‪ -‬كقد أكضح النيب ‪ ‬ا‪١‬تقصود ا‪ٟ‬تقيقي من الزىد فقاؿ‪ « :‬الزىى ىادةي ًُب الدنٍػيىا لىٍي ىس ٍ‬
‫ك أ ٍىكثى ىق ً‪٦‬تا ًُب يى ىدم الل ًو‬‫اع ًة الٍ ىم ًاؿ ىكلى ًكن الزىى ىاد ىة ًُب الدنٍػيىا أى ٍف الى تى يكو ىف ًٔتىا ًُب يى ىديٍ ى‬
‫ضى‬ ‫ا ٍ‪ٟ‬تىبلىًؿ ىكالى إً ى‬
‫ً‬ ‫يصبت ًهبا أىر ىغ ً‬ ‫صيب ًة إً ىذا أىنٍ ً‬ ‫ً ً‬
‫ك »(ِ)‪.‬‬ ‫ب ف ىيها لى ٍو أىنػ ىها أيبٍقيى ٍ‬
‫ت لى ى‬ ‫تأ ٍ ى ى ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ىكأى ٍف تى يكو ىف ًُب ثػى ىواب الٍ يم ى‬
‫أحب آخرتو أضر بدنياه فآثركا ما يبقى على‬
‫أحب دنياه أضٌر بآخرتو ك من ٌ‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪« :‬من ٌ‬
‫ما يفٌت»(ّ)‪.‬‬
‫اآلخىرةي ى‪٫‬توي ىج ىع ىل اللوي ًغنىاهي ًُب قىػ ٍلبً ًو ىك ى‪ٚ‬تى ىع لىوي ىمشٍلىوي ىكأىتىػٍتوي الدنٍػيىا‬ ‫ت ً‬ ‫‪ -‬كقاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬من ىكانى ً‬
‫ىٍ‬
‫ُت ىعٍيػنىػٍي ًو ىكفىػر ىؽ ىعلىٍي ًو ىمشٍلىوى ىكىدلٍ يىأٍتًًو ًم ىن الدنٍػيىا إًال‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ىكى ىى ىراغ ىمةه ىكىم ٍن ىكانىت الدنٍػيىا ى‪٫‬توي ىج ىع ىل اللوي فىػ ٍقىرهي بىػ ٍ ى‬
‫ىما قيد ىر لىوي »(ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا كقد ٘تثل الزىد ُب أخبلؽ كحياة ‪ٚ‬تيع الصحابة كالتابعُت كالصا‪ٟ‬تُت كعلى األخص‬
‫ا‪٠‬تلفاء الراشدين‪.‬‬
‫و‬ ‫ً‬
‫ض ىعوي‬ ‫استى ٍس ىقى فىأىتىى ًٔتىاء ىك ىع ىس ول ‪ ،‬فىػلىما ىك ى‬
‫اؿ‪ :‬يكنا ىم ىع أًىيب بى ٍك ور ‪ ‬إًذ ٍ‬ ‫بن أ ٍىرقى ىم‪ ،‬قى ى‬
‫‪ -‬فقد ركل ىزيٍد ي‬
‫ب ىحىت ظىنىػنا بًًو ىشٍيئنا ‪ ،‬ىكالى نى ٍسأىليوي ىع ٍن ىش ٍي وء ‪ ،‬فىػلىما فىػىرغى ‪ ،‬قيػ ٍلنىا‪ :‬يىا ىخلًي ىفةى‬ ‫ى ى‬ ‫ح‬‫ى‬ ‫ى‬‫ت‬‫ػ‬‫ن‬
‫ٍ‬ ‫ا‬
‫ك‬ ‫ى‬‫ك‬‫ى‬ ‫ب‬
‫ى‬
‫علىى ي ًدهً‬
‫ى ى‬
‫وؿ اهللً ‪ ‬إً ٍذ ىرأىيٍػتيوي يى ٍدفى يع ىع ٍن‬ ‫ً‬
‫اؿ ‪ :‬بػيػنىما أىنىا مع رس ً‬
‫ك ىعلىى ىى ىذا الٍبي ىكاء ؟ قى ى ىٍ ى ى ى ى ي‬ ‫وؿ اهللً ‪ :‬ىما ى‪ٛ‬تىلى ى‬ ‫رس ً‬
‫ىي‬

‫(ُ) أخرجو ابن ماجو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم عن أيب ذر الغفارم ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ عن أيب موسى األشعرم ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو الًتمذم عن أنس بن مالك ‪.‬‬
‫‪- 231 -‬‬
‫ً‬
‫ك تى ٍدفى يع ىع ٍن نىػ ٍف ًس ى‬
‫ك ىكالى أ ىىرل ىشٍيئنا؟‬ ‫وؿ اهللً‪ :‬ىما الذم ىرأىيٍػتي ى‬ ‫ت‪ :‬يىا ىر يس ى‬ ‫ًً‬
‫نىػ ٍفسو ىشٍيئا ىكالى أ ىىرل ىشٍيئا‪ ،‬فىػ يق ٍل ي‬
‫ً‬ ‫ك لىس ً ً‬ ‫ت ًرل‪ ،‬فىػ يق ٍلت‪ :‬إًلىي ً‬
‫ت ٔتي ٍد ًركي فى ىشق ىعلىي ىك ىخش ي‬
‫يت‬ ‫ت‪ :‬أ ىىما إًن ى ٍ ى‬ ‫ك ىعٍت فىػ ىقالى ٍ‬ ‫ي ٍ‬ ‫اؿ‪ :‬الدنٍػيىا تىطى ىاكلى ٍ‬
‫قى ى‬
‫وؿ اهللً ‪ ‬ىكأ ٍىد ىرىكٍت ًٍت الدنٍػيىا(ُ)‪.‬‬ ‫ت أىمر رس ً‬
‫أى ٍف أى يكو ىف قى ٍد ىخالىٍف ي ٍ ى ى ي‬
‫‪ -‬كقد ركل قتادة ‪ ‬قاؿ‪( :‬ذكر لنا أف عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬كاف يقوؿ‪ :‬لو شئت لكنت‬
‫أطيبكم طعاما كألينكم لباسا كلكٍت أستبقي طيباٌب‪ ،‬كذكر لنا أف عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪١‬تا قدـ الشاـ‬
‫صنع لو طعاـ دل ير قبلو مثلو‪ ،‬قاؿ‪ :‬ىذا لنا فما لفقراء ا‪١‬تسلمُت الذين ماتوا كىم ال يشبعوف من‬
‫خبز الشعَت فقاؿ خالد بن الوليد‪٢ :‬تم ا‪ٞ‬تنة‪ ،‬فاغركرقت عينا عمر كقاؿ‪ :‬لئن كاف حظنا من ىذا‬
‫ا‪ٟ‬تطاـ كذىبوا با‪ٞ‬تنة لقد بانوا بونا عظيما)(ِ)‪.‬‬
‫ً‬
‫اع كاللحا ىؽ يب‬ ‫‪ -‬عن عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬قالت‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬إًف كنت تريدين ا ًإلسر ى‬
‫ك‪٣‬تالسةى األغنياء‪ ،‬كال تىستىخلًقي ثىوبا حىت تيػرق ً‬
‫عيو» (ّ)‪.‬‬ ‫فىػ ٍلي ٍك ًف ً‬
‫ك من الدنيا كزاد الراكب‪ ،‬كإًياؾ ي‬
‫ى‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ى‬
‫ثوهبا‪ ،‬كتػينىك ىسوي‪،‬‬ ‫ً‬
‫‪ -‬كزاد رزين ُب كتابو ‪ :‬قاؿ عركة‪ « :‬فما كانت عائشة تىستىجد ثوبا حىت تيػىرق ىع ى‬
‫قاؿ‪ :‬كلقد جاءىا يومان من عند معاكية ‪ٙ‬تانوف ألفا‪ ،‬فما أىمسى عندىا درىم ‪ ،‬قالت ‪٢‬تا جاريتها‪:‬‬
‫لفعلت»(ْ)‪.‬‬ ‫يت لنا منو ‪ٟ‬تما بدرىم ؟ قالت‪ :‬لو ذكرتيٍت‬‫فهبل ا ٍشتىػر ً‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫‪ -‬كقد كصف اإلماـ النوكم ىذه الفئة الصا‪ٟ‬تة من األمة فقاؿ‪:‬‬

‫طلقوا الدنيا كخاف ػ ػ ػ ػوا الفتنػ ػ ػ ػػا‬ ‫إف للػ ػ ػو عبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػادا فيطينػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا‬

‫أهنا ليست ‪ٟ‬تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٌػي كطن ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬ ‫نظركا فيها فلما علمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوا‬

‫(ُ) أخرجو البزار ُب مسنده‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو عبد بن ‪ٛ‬تيد ‪ ،‬كابن جرير ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الًتمذم ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ْ)جامع األحاديث‪.‬‬
‫‪- 232 -‬‬
‫(ُ)‬
‫صالػ ػػح األعماؿ فيها يسفنا‬ ‫جعلوىا ‪ٞ‬تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػة كاٗت ػ ػ ػػذكا‬

‫والسؤال المهم في ىذا الموضوع‪ :‬كيف يصبح المؤمن زاىداً في الدنيا؟‬

‫أولً‪ :‬أف يضع ا‪١‬تؤمن بُت عينيو دائمان حقيقة الدنيا‪ ،‬كأهنا دار امتحاف كىي ظل زائل‪ ،‬كخياؿ‬
‫زائر‪ ،‬كأف ىناؾ رحيبلن إذل دار البقاء‪ ،‬إما إذل نعيم كإما إذل عذاب‪ ،‬فيسعى للعمل من أجل‬
‫اآلخرة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أف يتذكر دائمان بأف الزىد ُب الدنيا ال ٯتنع شيئان كتب لو‪ ،‬أف حرصو عليها ال ‪٬‬تلب لو ما‬
‫ض لو‪ ،‬فما أصابو دل يكن ليخطئو كما أخطأه دل يكن ليصيبو بل يكوف على يقُت بأف‬ ‫دل يػي ٍق ى‬
‫زىده ىذا سيكوف سببان ُب الزيادة ُب الدنيا كاآلخرة‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اإلكثار من ذكر ا‪١‬توت‪ ،‬كأنو البد مبلقيو فإف ذلك يبعده عن االنشغاؿ بالدنيا‪ ،‬كيبعده عن‬
‫االلتهاء بطوؿ األمل عن اآلخرة كالعمل ‪٢‬تا‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬اإلكثار من زيارة القبور ألهنا تزىد ُب الدنيا كترغب ُب اآلخرة‪ ،‬كتكوف حافزان على اإلعداد‬
‫كالعمل لآلخرة‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬استشعار عظمة ا‪٠‬تالق كشدة عذابو‪ ،‬كالنار كجحيمها‪ ،‬كا‪ٞ‬تنة كنعيمها‪ ،‬فهذا يؤدم إذل‬
‫العزكؼ عن ا‪١‬تلذات كالشهوات كالتعلق ٔتا ىو آت‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬النظر إذل من أعلى منو ُب الدين كمن ىو أقل منو ُب الدنيا‪ ،‬كىذا النظر يساعده على‬
‫الزىد‪ ،‬فَتضى عما قسمو اهلل لو ُب الدنيا‪ ،‬كيعيش مرتاح الباؿ حيث يرل من ىو أقل منو‪.‬‬

‫(ُ)النوكم‪ :‬رياض الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬صّ‪.‬‬


‫‪- 233 -‬‬
‫ىس ىف ىل ًمٍن يك ٍم ىكالى تىػٍنظييركا إً ىذل ىم ٍن‬
‫عن أيب ىريرة ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬انٍظييركا إً ىذل ىم ٍن يى ىو أ ٍ‬
‫ىج ىد ير أى ٍف الى تىػٍزىد يركا نً ٍع ىمةى الل ًو ىعلىٍي يك ٍم »(ُ)‪.‬‬
‫يى ىو فىػ ٍوقى يك ٍم فىًإنوي أ ٍ‬
‫سابعاً‪ :‬صحبة الزاىدين كالعلماء العاملُت ا‪١‬تخلصُت‪ ،‬فاإلنساف يتأثر ٔتن يصاحب‪ ،‬فإف صاحب‬
‫الزاىدين تأثر بأخبلقهم‪ ،‬كحاكؿ أف يكوف مثلهم كانتفع هبم‪ ،‬كما كصل إليو الصحابة الكراـ من‬
‫حقيقة الزىد هبذه الدنيا إال بصحبتهم للنيب ‪ ‬الذم كاف قدكة ُب أقوالو كأفعالو‪ ،‬ككاف ا‪١‬تثل‬
‫األعلى ُب كل شيء‪.‬‬

‫ثامناً‪ :‬قراءة كتب الزاىدين كقصصهم‪ ،‬كالتعرؼ على أحوا‪٢‬تم كأعما‪٢‬تم‪ ،‬كما كانوا عليو كما كصلوا‬
‫إليو‪ ،‬فينتفع هبا كيتأثر ٔتا فيها كيسعى إذل تقليدىم كالسَت على خطاىم‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ)أخرجو الًتمذم ُب سننو‪.‬‬


‫‪- 234 -‬‬
‫ثامناً‪ :‬مقام الرضا‬
‫‪ -‬الرضا من أ‪ٝ‬تى ا‪١‬تقامات كاألحواؿ‪ ،‬فهو باب اهلل األعظم كجنة الدنيا كمسًتاح العابدين‪،‬‬
‫كحقيقتو استقباؿ أحكاـ اهلل ‪ ‬بالقبوؿ كالفرح كالسركر‪.‬‬

‫‪ -‬كقد أكرد القشَتم تعريفات كثَتة للرضا منها‪:‬‬

‫(قاؿ عبد اهلل بن خفيف(ُ)‪ :‬الرضا سكوف القلب إذل أحكامو‪ ،‬كموافقة القلب ٔتا رضي اهلل تعاذل‬
‫كاختاره‪.‬‬

‫كقاؿ ا‪ٟ‬تارث احملاسيب(ِ)‪ :‬الرضا سكوف القلب ٖتت ‪٣‬تارم األحكاـ‪.‬‬


‫(ْ)‪.‬‬
‫كقاؿ النورم(ّ)‪ :‬الرضا سركر القلب ٔتر القضاء)‬
‫‪ -‬إذان فالرضا عن اهلل ‪ ‬ىو أف يرضى ا‪١‬تسلم ٔتا خلقو اهلل عليو من ىيئة كلوف‪ ،‬كطوؿ أك‬
‫قصر‪ ،‬كأف يرضى بأسرتو اليت خلقو اهلل فيها كبيئتو اليت يعيش فيها‪ ،‬كعن حالو كأكضاعو‪ ،‬كعن‬
‫رزقو كشأنو‪ ،‬كأف يعلم أف سعيو إذل ٖتسُت أمره كرفع شأنو ضمن حدكد الشرع كبيانو ال يعارض‬
‫الرضا‪ ،‬فبل يقعد عن السعي لتغيَت أمره ْتجة الرضا كإ‪٪‬تا من الرضا أف يسعى ‪١‬تا يرضى‪.‬‬

‫(ُ)ابن خفيف‪ :‬أبو عبد اهلل الشيخ اإلماـ العارؼ الفقيو القدكة‪ ،‬ذك الفنوف‪٤ ،‬تمد بن خفيف بن‬
‫اسفكشار الضيب الفارسي الشَتازم‪ ،‬شيخ الصوفية‪[ .‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ِ) احملاسيب‪ :‬ا‪ٟ‬تارث بن أسد احملاسيب‪ ،‬أبو عبد اهلل من أكابر الصوفية‪.‬كاف عا‪١‬تا باألصوؿ كا‪١‬تعامبلت‪،‬‬
‫كاعظان مبكيان‪ ،‬كلو تصانيف ُب الزىد كالرد على ا‪١‬تعتزلة كغَتىم‪.‬كلد كنشأ بالبصرة‪ ،‬كمات ببغداد سنة (ِّْ‬
‫ق ‪ ٖٕٓ/‬ـ)‪.‬كىو أستاذ أكثر البغداديُت ُب عصره‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ّ)النورم‪ :‬إ‪ٝ‬تاعيل بن سودكُت بن عبد اهلل‪ ،‬أبو الطاىر‪ ،‬مشس الدين النورم‪ :‬صوُب حنفي تونسي‪.‬كاف‬
‫من أصحاب الشيخ ‪٤‬تيي الدين بن عريب توُب سنة (ْٔٔ ق ‪ ُِْٖ/‬ـ)‪[.‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ْ) الرسالة القشَتية صُٓٗ‪.‬‬
‫‪- 235 -‬‬
‫عدؿ ُب قضائو‪ ،‬غَت متهم فيما حكم‪.‬‬
‫‪ -‬كالسبيل إذل مقاـ الرضا ىو علم القلب بأف اهلل ‪ ‬ه‬
‫‪ -‬كرضاء العبد ٔتا رضي اهلل ىو نتيجة لتوفيق اهلل كرضائو عن عبده بدليل قولو تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬قاؿ أبو عثماف ا‪ٟ‬تًَتم(ِ)‪( :‬منذ أربعُت سنة ما أقامٍت اهلل ُب و‬


‫حاؿ فكرتو‪ ،‬كما نقلٍت لغَته‬
‫فسخطىو) (ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كسئل سفياف بن عيينة عن حد الرضا عن اهلل تعاذل فقاؿ‪( :‬الراضي عن اهلل ال يتمٌت سول‬
‫ا‪١‬تنزلة اليت ىو فيها) (ْ)‪.‬‬
‫‪ -‬كلقد ٖتدث اهلل سبحانو كتعاذل عن الراضُت كصفاهتم كما أعد ‪٢‬تم من منزلة ككرامة‪ ،‬فقاؿ‬

‫سبحانو‪ :‬ﮋ ﭧ ﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ‬

‫ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇ‬

‫ﮈﮉﮊ‬
‫(ٓ)‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪:‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ‬
‫(ٔ)‬
‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﮊ‬

‫(ُ) سورة البينة‪.ٖ:‬‬


‫(ِ)أبو عثماف ا‪ٟ‬تَتم ‪:‬الشيخ اإلماـ احملدث الواعظ القدكة‪ ،‬شيخ اإلسبلـ‪ ،‬األستاذ أبو عثماف‪ ،‬سعيد بن‬
‫إ‪ٝ‬تاعيل بن سعيد بن منصور النيسابورم ا‪ٟ‬تَتم الصوُب‪.‬توُب سنة ‪ٙ‬تاف كتسعُت كمئتُت‪[ .‬سَت أعبلـ النببلء]‬
‫(ّ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت جزءِ صُٕٓ‪.‬‬
‫(ْ) ابن ا‪ٞ‬توزم‪ :‬صفوة الصفوة جزءُ صِْٕ‪.‬‬
‫(ٓ) سورة اجملادلة‪.ِِ :‬‬
‫(ٔ) سورة البينة‪.ٖ:‬‬
‫‪- 236 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﮭﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶﮷‬
‫(ُ)‬
‫﮸﮹﮺﮻﮼﮽﮾﮿﯀﯁﯂﯃﯄﯅﯆ﮊ‬

‫‪ -‬كرضا اهلل عن العبد أكرب من ا‪ٞ‬تنة كما فيها ألف الرضا صفة اهلل كا‪ٞ‬تنة خلقو‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا الرضا جزاء على رضاىم عنو ُب الدنيا‪ ،‬ك‪١‬تا كاف ىذا أفضل ا‪ٞ‬تزاء كاف سببو أفضل‬
‫األعماؿ‪.‬‬

‫ا‪ٞ‬تىن ًة‬ ‫‪ -‬بل ىو غاية مطلب سكاف ا‪ٞ‬تنة‪ ،‬كما أخرب رسوؿ اهلل ‪ ‬بقولو‪ « :‬إًف اللوى يىػ يق ي‬
‫وؿ أل ٍىى ًل ٍ‬
‫وؿ ىى ٍل ىر ًضيتي ٍم فىػيىػ يقوليو ىف ىكىما لىنىا الى نىػٍر ى‬
‫ضى ىكقى ٍد‬ ‫ك‪ .‬فىػيىػ يق ي‬ ‫يىا أ ٍىى ىل ا ٍ‪ٞ‬تىن ًة‪ .‬يىػ يقوليو ىف لىبػٍي ى‬
‫ك ىربػنىا ىك ىس ٍع ىديٍ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ك ‪ .‬قىاليوا يىا ىرب ىكأىم‬ ‫ض ىل ًم ٍن ذىل ى‬ ‫ً‬
‫وؿ أىنىا أ ٍيعطي يك ٍم أىفٍ ى‬ ‫ك‪ .‬فىػيىػ يق ي‬ ‫ىح ندا ًم ٍن ىخ ٍلق ى‬ ‫ً‬
‫أ ٍىعطىٍيتىػنىا ىما ىدلٍ تيػ ٍعط أ ى‬
‫ً‬ ‫و‬
‫ط ىعلىٍي يك ٍم بػى ٍع ىدهي أىبى ندا»(ِ)‪.‬‬‫ىس ىخ ي‬ ‫ض ىوًاين فىبلى أ ٍ‬‫وؿ أ ًيحل ىعلىٍي يك ٍم ًر ٍ‬ ‫ض يل ًم ٍن ىذل ى‬
‫ك فىػيىػ يق ي‬ ‫ىش ٍيء أىفٍ ى‬
‫‪ -‬ىذا كإف اهلل تعاذل ال يرضى عن عبده إال إذا رضي العبد عن ربو ُب ‪ٚ‬تيع أحكامو كأفعالو‪،‬‬
‫كعندىا يكوف الرضا متبادالن‪ ،‬كما أشار إذل ذلك سبحانو بقولو‪:‬‬

‫(ّ)‬
‫ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣﮊ‬

‫قاؿ األصفهاين‪( :‬رضا العبد عن اهلل أال يكره ما ‪٬‬ترم بو قضاؤه‪ ،‬كرضا اهلل عن العبد أف يراه‬
‫مؤ٘تران ألمره‪ ،‬منهيان عن هنيو) (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كهلل در القائل‪:‬‬

‫(ُ) سورة التوبة‪.ِٕ:‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب سعيد ا‪٠‬تدرم ‪.‬‬
‫(ّ) سورة البينة‪.ٖ:‬‬
‫(ْ) ‪٣‬تلة جامعة أـ القرل‪.‬‬
‫‪- 237 -‬‬
‫كالدىر ذك و‬
‫دكؿ كالرزؽ مقسوـ‬ ‫العبد ذك ضج ور كالرب ذك قد ور‬

‫كُب اختيار سواه اللوـ كالشػ ػ ػػوـ‬ ‫كا‪٠‬تَت أ‪ٚ‬تع فيما اختار خالقن ػ ػ ػػا‬

‫‪ -‬كلقد ٖتدث النيب ‪ ‬عن الرضا ُب أحاديث كثَتة منها‪:‬‬


‫يت بًالل ًو ىربًّا ىكبًا ًإل ٍسبلىًـ ًديننا‬ ‫اؿ ًح ً ً‬
‫ُت ٯتيٍسي ىرض ي‬ ‫وؿ اللو ‪ «:‬ىم ٍن قى ى ى‬
‫اؿ رس ي ً‬
‫اؿ‪ ،‬قى ى ى ي‬ ‫‪ -‬ف ىع ٍن ثػى ٍوبىا ىف ‪ ‬قى ى‬
‫ىكًٔتي ىحم ود نىبًيًّا ىكا ىف ىح ًّقا ىعلىى الل ًو أى ٍف يػيٍر ًضيىوي» (ُ)‪.‬‬
‫اف ىم ٍن ىر ًض ىي‬ ‫اؽ طىعم ا ًإلٯتى ً‬ ‫وؿ الل ً‬ ‫ب ‪ ‬أىنو ىً‬ ‫ً‬ ‫اس ب ًن عب ًد الٍمطلً‬
‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ذ‬
‫ى‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬‫وؿ‬
‫ي‬ ‫ق‬
‫ي‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ي‬ ‫‪‬‬ ‫و‬ ‫ى‬ ‫س‬ ‫ر‬
‫ى ىي‬ ‫ع‬ ‫‪ٝ‬ت‬ ‫ي‬ ‫‪ -‬ك ىع ًن الٍ ىعب ً ٍ ىٍ ي‬
‫بًالل ًو ىربٌان ىكبًا ًإل ٍسبلىًـ ًديننا ىكًٔتي ىحم ود ىر يسوالن»(ِ)‪.‬‬
‫ُت يى ٍس ىم يع الٍ يم ىؤذ ىف أى ٍش ىه يد‬ ‫اؿ‪« :‬من قى ى ً‬
‫اؿ ح ى‬
‫ً ً‬
‫اص ‪ ‬ىع ٍن ىر يسوؿ اللو ‪ ‬أىنوي قى ى ى ٍ‬ ‫‪ -‬ك ىع ٍن ىس ٍع ًد بٍ ًن أًىيب ىكق و‬
‫يت بًالل ًو ىربًّا ىكًٔتي ىحم ود ىر يسوالن‬ ‫ً‬
‫يك لىوي ىكأىف ي‪٤‬تىم ندا ىعٍب يدهي ىكىر يسوليوي ىرض ي‬‫أى ٍف الى إًلىوى إًال اللوي ىك ٍح ىدهي الى ىش ًر ى‬
‫ىكبًا ًإل ٍسبلىًـ ًديننا‪ .‬غي ًفىر لىوي ىذنٍػبيوي»(ّ)‪.‬‬

‫يرض بو ربان دل يصح لو إسبلـ كال‬


‫فرض بل ىو من آكد الفركض‪ ،‬فمن دل ى‬
‫‪ -‬كالرضا باهلل ربان ىو ه‬
‫عمل كال حاؿ‪ ،‬كىذا الرضا يتضمن توحيد اهلل كعبادتو‪ ،‬كاإلنابة إليو‪ ،‬كالتوكل عليو‪ ،‬كاالستعانة‬
‫بو‪ ،‬كاالعتماد عليو‪ ،‬كرجاءه كا‪٠‬توؼ منو‪ ،‬كاإلخبلص لو‪ ،‬كالصرب لو كبو‪ ،‬كالشكر على نعمو‪،‬‬
‫كالرضا بتدبَته كبكل أفعالو‪.‬‬

‫اض ٔتا يقدر عليو‪ ،‬كر و‬


‫اض بقضائو‪.‬‬ ‫اض ٔتا يؤمر بو‪ ،‬كر و‬
‫‪ -‬فهو ر و‬

‫‪ -‬أما الرضا بنبيو رسوالن فيتضمن كماؿ االنقياد لو‪ ،‬كالتسليم ا‪١‬تطلق إليو‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 238 -‬‬
‫‪ -‬كأما الرضا بدينو‪ ،‬فإذا قاؿ أك حكم أك أمر أك هنى رضي كل الرضا‪ ،‬كدل ‪٬‬تد ُب قلبو حرجان من‬
‫حكمو‪ ،‬كسلم لو تسليمان‪ ،‬كلو كاف ‪٥‬تالفان ‪١‬تراد نفسو كىواىا‪.‬‬

‫‪ -‬قيل ليحِت بن معاذ(ُ)‪( :‬مىت يبلغ العبد إذل مقاـ الرضا؟ فقاؿ‪ :‬إذا أقاـ نفسو على أربعة‬
‫أصوؿ فيما يعامل بو ربو‪ ،‬فيقوؿ‪ :‬إف أعطيتٍت قبلت‪ ،‬كإف منعتٍت رضيت‪ ،‬كإف تركتٍت عبدت‪،‬‬
‫كإف دعوتٍت أحببت) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد ٖتدث العلماء عن أنواع الرضا فقالوا‪:‬‬

‫أولً‪ -‬الرضا باهلل أم‪ :‬ربان‪ ،‬كىو على التفصيل الذم مر معنا سابقان‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬الرضا عن اهلل ُب فعلو كأمره‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -‬كالرضا بقضاء اهلل كقدره‪.‬‬

‫يرض بقضاء اهلل‬


‫‪ -‬كعكس ذلك الساخط كا‪١‬تخاصم لربو ُب أحكامو كأقضيتو مثل إبليس فهو دل ى‬
‫كأحكامو‪ ،‬كلو رضي دل ٯتسخ من ا‪ٟ‬تقيقة ا‪١‬تلكية إذل ا‪ٟ‬تقيقة الشيطانية اإلبليسية‪.‬‬
‫ش بػع ىد الٍمو ً‬ ‫‪ -‬ككاف من دعاء النيب ‪(( :‬اللهم إًين أىسأىليك الرضا بػعد الٍ ىق ً‬
‫ت‪،‬‬ ‫ضاء‪ ،‬ىكبىػىرىد الٍ ىعٍي ً ى ٍ ى ٍ‬ ‫ٍ ى ى ىٍ ى ى‬ ‫ي‬
‫ضرةو‪ ،‬كال فًٍتػنى وة م ً‬
‫ضل وة))(ّ)‪.‬‬ ‫ضراء م ً‬ ‫ك‪ ،‬كالشو ىؽ إً ىذل لًىقائً ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ك م ٍن ىغ ًٍَت ى ى ي‬ ‫ىكلىذةى النظى ًر إ ىذل ىك ٍجه ى ى ٍ‬
‫‪ -‬كللرضا ‪ٙ‬ترات كثَتة منها‪ :‬أنو يبلغ بصاحبو منزلة الصديقُت يوـ القيامة قاؿ رسوؿ اهلل ‪ُ ‬ب‬
‫ا‪ٟ‬تديث القدسي‪( :‬إف أكؿ شيء كتبو اهلل ُب اللوح احملفوظ‪ :‬بسم اهلل الر‪ٛ‬تن الرحيم‪ ،‬إين أنا اهلل‬

‫(ُ)٭تِت بن معاذ أبو زكريا‪ :‬٭تِت بن معاذ بن جعفر الرازم‪ ،‬كاعظ‪ ،‬زاىد‪ ،‬دل يكن لو نظَت ُب كقتو‪ .‬من‬
‫أىل الرم‪.‬أقاـ ببلخ‪ ،‬كمات ُب نيسابور سنة (ِٖٓ ق‪ ِٖٕ/‬ـ)‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت جزءِ صُِٕ‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن فضالة بن عبيد ‪.‬‬
‫‪- 239 -‬‬
‫ال إلو إال أنا‪ ،‬ال شريك رل‪ ،‬إنو من استسلم لقضائي‪ ،‬كصرب على ببلئي‪ ،‬كرضي ‪ٟ‬تكمي كتبتو‬
‫صديقا كبعثتو مع الصديقُت يوـ القيامة ) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كالراضي عن اهلل ىو عند اهلل كبعض مبلئكتو‪ :‬كما قاؿ رسوؿ اهلل ‪ُ ‬ب ا‪ٟ‬تديث القدسي‪:‬‬
‫( يقوؿ اهلل ‪ :‬الشاب ا‪١‬تؤمن بقدرم الراضي بكتايب القانع برزقي التارؾ لشهوتو من أجلي ىو‬
‫عندم كبعض مبلئكيت ) (ِ) ‪.‬‬
‫‪ -‬كعن سليماف بن ا‪١‬تغَتة قاؿ‪( :‬كاف فيما أكحى اهلل إذل داكد ‪ ‬يا داكد إنك لن تلقاين‬
‫بعمل ىو أرضى رل عنك كال أحط لوزرؾ من الرضا بقضائي كلن تلقاين بعمل ىو أعظم لوزرؾ‬
‫كال أشد لسخطي عليك من البطر فإياؾ يا داكد كالبطر)(ّ)‪.‬‬
‫مران على‬
‫‪ -‬كعن كىب بن منبو قاؿ‪( :‬كجدت ُب زبور داكد يا داكد ىل تدرل من أسرع الناس ٌ‬
‫الصراط الذين يرضوف ْتكمي ألسنتهم رطبة من ذكرم)(ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كعن عمر بن ذر قاؿ‪ :‬بلغنا أف أـ الدرداء كانت تقوؿ‪( :‬إف الراضُت بقضاء اهلل الذين ما‬
‫منازؿ يغبطهم هبا الشهداء يوـ القيامة)(ٓ)‪.‬‬
‫قضى اهلل ‪٢‬تم رضوا بو‪٢ ،‬تم ُب ا‪ٞ‬تنة ي‬

‫‪ -‬كا‪١‬تسلم احملب هلل ر و‬


‫اض عن اهلل ‪ُ ‬ب كل أحوالو‪ ،‬بل ‪٬‬تد سركران فيما اختصو اهلل بو من‬
‫الببلء‪ ،‬ففي سَتة النيب ‪ ‬كصحابتو الكراـ كالتابعُت ‪٢‬تم بإحساف كالصا‪ٟ‬تُت من عباد اهلل فيض‬
‫من ا‪ٟ‬توادث اليت تدؿ على ٖتققهم بأعلى درجات الرضا‪.‬‬

‫(ُ)أخرجو ابن النجار عن عل ٌي ُب جامع األحاديث القدسية كىو ضعيف‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو الديلمي عن عمر ‪ُ ‬ب جامع األحاديث القدسية كىو ضعيف‪.‬‬
‫(ّ) ابن أيب الدنيا‪ :‬الرضا عن اهلل بقضائو صْٔ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬ترجع نفسو صّٕ‪.‬‬
‫(ٓ) ا‪١‬ترجع نفسو صْٓ‪.‬‬
‫‪- 241 -‬‬
‫‪ -‬كلقد ضرب النيب ‪ ‬ا‪١‬تثل األعلى ُب الرضا ُب مواقف كثَتة‪ ،‬ككلنا نذكر ما حدث لو‬
‫بالطائف من شتم كضرب كطرد حىت أدمي عقبو‪ ،‬فما كاف منو إال أف توجو إذل اهلل ‪٥ ‬تاطبان‬
‫ك‪٦‬تا قاؿ‪( :‬اللهم إين أشكو إليك ضعف قوٌب كىواين على الناس‪ ،‬أنت أرحم الرا‪ٛ‬تُت إذل من‬
‫تكلٍت إذل عدك يتجهمٍت أـ إذل قريب ملكتو أمرم‪ ،‬إف دل تكن غضباف علي فبل أبارل)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف الصحابة الكراـ يعذبوف ُب مكة‪ ،‬كيعانوف من ألواف التنكيل كاإليذاء‪ ،‬كىم يتلقوف ذلك‬
‫كلو بقلوب راضية‪ ،‬كنفوس مطمئنة باإلٯتاف‪ ،‬كألسنة ذاكرة‪.‬‬

‫‪ -‬كىذا عركة بن الزبَت رضي اهلل عنهما قطعت رجلو كمات أعز أكالده على قلبو ُب ليلة كاحدة‬
‫فدخل عليو أصحابو ليعزكه فوجدكه يقوؿ‪:‬‬

‫«اللهم كاف رل بنوف سبعة‪ ،‬فأخذت منهم كاحدا كأبقيت ستة‪ ،‬ككانت رل أطراؼ أربعة فأخذت‬
‫ك لئن ابتليت لقد عافيت‪ ،‬كلئن أخذت لقد أبقيت»(ِ)‪.‬‬ ‫منها طرفا كأبقيت رل ثبلثة‪ ،‬كاٍٯتي ى‬
‫(قد كاف عمراف بن حصُت ‪ ‬قد استسقي بطنو‪ ،‬فبقي ملقى على ظهره مدة طويلة‪ ،‬ال يقوـ‬
‫ؼ بٍ ين ىعٍب ًد الل ًو بٍ ًن الشخ ًَت‬
‫موضع ‪ٟ‬تاجتو‪ ،‬فدخل عليو يمطىر ي‬
‫ه‬ ‫كال يقعد‪ ،‬كقد نيًقب لو ُب سريره‬
‫تبك؟ فقاؿ‪ :‬ألين أراؾ على ىذه ا‪ٟ‬تاؿ‬ ‫فجعل يبكي ‪١‬تا رأل من حالو‪ ،‬فقاؿ لو عمراف‪ :‬دل ً‬
‫ى‬
‫تبك‪ ،‬فإف أحبو إرل أحبو إليو‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أخربؾ بشيء‪ ،‬لعل اهلل أف ينفعك بو‪،‬‬ ‫الفظيعة‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ال ً‬
‫كأكتم علي حىت أموت‪ ،‬إف ا‪١‬تبلئكة تزكرين فآنس هبا‪ ،‬كتسلم علي فأ‪ٝ‬تع تسليمها)(ّ)‪.‬‬

‫هرعوف إليو ليدعو‬


‫‪( -‬ك‪١‬تا قدـ سعد بن أيب كقاص ‪ ‬إذل مكة –كقد يكف بصره‪ -‬جعل الناس يي ى‬
‫‪٢‬تم –ككاف مستجاب الدعاء‪ -‬فجعل يدعو ‪٢‬تم‪ ،‬قاؿ عبد اهلل بن السائب‪ :‬فأتيتو كأنا غبلـ‪،‬‬

‫(ُ) أخرجو الطرباين عن عبد اهلل بن جعفر ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬
‫(ّ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت جزءِ صُِٕ‪.‬‬
‫‪- 241 -‬‬
‫فتعرفت إليو فعرفٍت‪ ،‬فقلت‪ :‬يا عم أنت تدعو للناس فيشفوف‪ ،‬فلو دعوت لنفسك لرد اهلل عليك‬
‫بصرؾ‪ ،‬فتبسم‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬يا بٍت قضاء اهلل أحب إرل من بصرم)(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمن الرضا معرفة أف ما قدره اهلل للمؤمن ىو خَت ‪٦‬تا يرغب فيو‪ ،‬فقد قاؿ أحد العارفُت‪:‬‬
‫ارض عن اهلل ُب ‪ٚ‬تيع ما يفعلو بك‪ ،‬فإنو ما منعك إال ليعطيك‪ ،‬كال ابتبلؾ إال ليعافيك‪ ،‬كال‬
‫ى‬
‫أمرضك إال ليشفيك‪ ،‬كال أماتك إال ليحييك‪ ،‬فإياؾ أف تفارؽ الرضا عنو طرفة عُت فتسقط من‬
‫عينو(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ سيدنا عمر ‪( :‬ما ابتليت ببلية إال كاف هلل علي فيها أربع نعم‪ :‬إذ دل تكن ُب ديٍت‪،‬‬
‫كإذ دل أحرـ الرضا‪ ،‬كإذ دل تكن أعظم‪ ،‬كإذ رجوت الثواب عليها) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف يقوؿ ‪( :‬ما أبارل على أم و‬


‫حاؿ أصبحت أعلى ما أحب أـ على ما أكره؟ ذلك ألين‬
‫ال أدرم ا‪٠‬تَت فيما أحب أك فيما أكره) (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد ٭تس الراضي بأدل ا‪١‬تصيبة ْتكم الطبع‪ ،‬كلكنو يرضى هبا حُت يرجع إذل إٯتانو بلطف اهلل‬
‫تعاذل كحكمتو‪ ،‬كيعلم أف كراء كل فعل من أفعالو ًح ىكمان خفية‪ ،‬كلطائف دقيقة‪ ،‬ال يعرفها العبد‪،‬‬

‫كلكن قد تتكشف لو بعد مدة‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ‬


‫(ٓ)‬
‫ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﮊ‬

‫(ُ) ا‪١‬تصدر السابق كالصفحة نفسها‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬تصدر السابق جزِ صَِٖ‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬تناكم‪:‬فيض القدير ُب شرح ا‪ٞ‬تامع الصغَت‪ ،‬جزءِ‪ ،‬صُٗٔ‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو اإلماـ أ‪ٛ‬تد ُب كتابو العلل كمعرفة الرجاؿ‪.‬‬
‫(ٓ) سورة البقرة‪.ُِٔ:‬‬
‫‪- 242 -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ‬

‫‪ -‬كىذا الرضا يصدر عن عمق ‪٤‬تبة العبد هلل كالثقة بفعلو كقضائو كقدره‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ عامر بن قيس‪( :‬أحببت اهلل حبان ىوف علي كل مصيبة‪ ،‬كرضاين بكل بلية‪ ،‬فبل أبارل مع‬
‫حيب إياه عبلـ أصبحت كعبلـ أمسيت)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كينبغي للمسلم أف يعلم أنو ليس من الرضا تركو للتضرع كدعائو اهلل ‪ُ ‬ب دفع ما أصابو أك‬
‫سؤالو ما ٭تب كيرغب فيو‪ ،‬كذلك ينبغي للمسلم أال يًتؾ األسباب ُب دفع ماال يرغب فيو أك ُب‬
‫سؤاؿ ما ٭تب كيرغب فيو‪ ،‬كعليو أف يعلم أف كل ذلك ليس ‪٥‬تالفان للرضا ٔتا أراده اهلل سبحانو‪،‬‬

‫بل ىو استجابة ألمر اهلل ‪( ‬ﮋﭟﭠﭡﮊ(ّ) ‪.‬‬

‫‪ -‬كحُت أراد سيدنا عمر ‪ ‬أف ٯتنع جيش ا‪١‬تسلمُت من دخوؿ الشاـ حذران من الطاعوف‪ ،‬قاؿ‬
‫اؿ عي ىمير لى ٍو ىغٍيػيرىؾ قىا ى‪٢‬تىا يىا أىبىا عيبىػٍي ىد ىة‪ ،‬نىػ ىع ٍم‬ ‫لو سيدنا أبو عبيدة بن ا‪ٞ‬تراح ‪ :‬أىفًىراران ًم ٍن قى ىد ًر الل ًو فىػ ىق ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫نىًفر ًمن قى ىد ًر الل ًو إً ىذل قى ىد ًر الل ًو‪ ،‬أىرأىيت لىو ىكا ىف لىك إًبًل ىبطى ً‬
‫صبىةه‪،‬‬ ‫ت ىكادينا لىوي عي ٍد ىكتىاف‪ ،‬إً ٍح ىد يا‪٫‬تىا خ ٍ‬ ‫ى ه ىى ٍ‬ ‫ىٍ ى ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ت ا ٍ‪ٞ‬تى ٍدبىةى ىر ىعٍيتىػ ىها بًىق ىد ًر الل ًو‬ ‫ً‬
‫صبىةى ىر ىعٍيتىػ ىها بًىق ىد ًر اللو‪ ،‬ىكإً ٍف ىر ىعٍي ى‬ ‫ا‪٠‬ت ٍ‬
‫كاأليخرل ج ٍدبةه‪ ،‬أىلىيس إً ٍف رعيت ًٍ‬
‫ى ٍ ى ى ى ٍ ى ى ىٍ ى‬
‫اؿ‪ :‬إًف ًعٍن ًدم ًُب ىى ىذا ًع ٍلما‬ ‫اجتً ًو فىػ ىق ى‬
‫ض ىح ى‬ ‫ؼ‪ ،‬ىكىكا ىف يمتىػغىيبان ًُب بىػ ٍع ً‬ ‫اؿ‪ :‬فىجاء عب يد الر ٍ‪ٛ‬ت ًن بن عو و‬
‫ى ٍ ي ىٍ‬ ‫قى ى ى ى ىٍ‬
‫ض ىكأىنٍػتي ٍم ًهبىا‬ ‫ض فىبلى تىػ ٍق يد يموا ىعلىٍي ًو‪ ،‬ىكإً ىذا ىكقى ىع بًأ ٍىر و‬ ‫وؿ‪ « :‬إً ىذا ىً‪ٝ‬ت ٍعتي ٍم بًًو بًأىٍر و‬‫وؿ الل ًو ‪ ‬يػى يق ي‬ ‫ت ىر يس ى‬ ‫ً‬
‫ى‪ٝ‬ت ٍع ي‬
‫ؼ (ْ)‪.‬‬ ‫صىر ى‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬فى ىحم ىد اللوى عي ىمير يٍب انٍ ى‬ ‫فىبلى ىٗتٍير يجوا فًىر نارا ًمٍنوي»‪ .‬قى ى‬

‫(ُ) سورة النساء‪.ُٗ:‬‬


‫(ِ) عبد القادر عيسى‪ :‬حقائق عن التصوؼ صِٖٗ‪.‬‬
‫(ّ) سورة غافر‪.َٔ:‬‬
‫(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 243 -‬‬
‫‪ -‬فليس ُب الرضا بالقضاء كالقدر ما يستلزـ ا‪٠‬تركج عن الشرع‪ ،‬كلكن الرضا بقضاء اهلل كقدره‬
‫معناه ترؾ االعًتاض عليو تعاذل ظاىران كباطنان مع بذؿ الوسع للتوصل إذل ما ٭تبو اهلل تعاذل‬
‫كيرضاه‪ ،‬كذلك بفعل أكامره كترؾ نواىيو‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫تاسعاً‪:‬مقام الشكر‬

‫‪- 244 -‬‬


‫(ُ)‬
‫‪ -‬قاؿ اهلل تعاذل‪ :‬ﮋﭭﭮﭯﭰﭱﭲﮊ‬

‫‪ -‬الشكر‪( :‬الثناء على احملسن بذكر إحسانو‪ ،‬كىو عكوؼ القلب على ‪٤‬تبة ا‪١‬تنعم كا‪ٞ‬توارح على‬
‫طاعتو‪ ،‬كجرياف اللساف بذكره كالثناء عليو) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كالشكر نصف اإلٯتاف كما قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬اإلٯتاف نصفاف ‪ :‬نصف ُب الصرب ‪ ،‬كنصف‬
‫ُب الشكر » (ّ)‪.‬‬

‫ىح ود إًال لًٍل يم ٍؤًم ًن إً ٍف‬


‫س ىذ ىاؾ أل ى‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬‫ك‬‫ى‬ ‫ر‬
‫ه‬ ‫ػ‬‫ي‬‫ٍ‬ ‫خ‬
‫ى‬ ‫و‬
‫ي‬ ‫ل‬ ‫ك‬
‫ي‬ ‫ه‬
‫ي‬‫ر‬‫ى‬ ‫ىم‬
‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وؿ الل ًو ‪ «:‬ىعجبا أل ٍىم ًر الٍم ٍؤًم ًن إً‬
‫ي‬ ‫ىن‬ ‫اؿ ىر يس ي‬
‫‪ -‬كقى ى‬
‫صبىػىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي »(ْ)‪.‬‬
‫ضراءي ى‬ ‫ىصابىػٍتوي ى‬‫ىصابىػٍتوي ىسراءي ىش ىكىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي ىكإً ٍف أ ى‬
‫أى‬
‫‪ -‬كلقد ذكر اهلل ‪ُ ‬ب القرآف الكرًن نعمو الكثَتة على الناس كذكرىم هبا‪ ،‬كأمرىم أف يشكركه‬
‫عليها لتدكـ عليهم‪ ،‬كتزيد كتنمو كما مر ُب اآلية السابقة‪ ،‬كقد قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ٓ)‬
‫ﮋﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ‬

‫(ٔ)‬
‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫(ُ)‬
‫ﭡﮊ‬

‫(ُ) سورة إبراىيم‪.ٕ:‬‬


‫(ِ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت‪ ،‬صِّٓ‬
‫(ّ) أخرجو البيهقي ُب شعبو عن أنس ‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن صهيب ‪.‬‬
‫(ٓ) سورة النحل‪.ُٖ:‬‬
‫(ٔ) سورة النحل‪.ّٓ:‬‬
‫‪- 245 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬
‫(ِ)‬
‫ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﮊ‬

‫‪ -‬كقد أمر اهلل بالشكر كهنى عن ضده كأثٌت على أىلو ككصف بو خواص خلقو كجعلو غاية‬
‫خلقو‪ ،‬ككعد أىلو بأحسن جزائو كجعلو سببا للمزيد من فضلو كحارسا كحافظا لنعمتو كأخرب أف‬
‫أىلو ىم ا‪١‬تنتفعوف بآياتو كاشتق منو ا‪ٝ‬تا من أ‪ٝ‬تائو فإنو سبحانو ىو الشكور كىو يوصل الشاكر‬
‫إذل مشكوره بل يعيد الشاكر مشكورا كأىل الشكر ىم القليل من عباده‪.‬‬
‫(ّ)‬
‫‪ -‬قاؿ اهلل تعاذل ‪ :‬ﮋﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﯫﯬﯭﯮﯯﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ عن خليلو إبراىيم ‪:‬ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ‬

‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﮊ‬
‫(ٓ)‬

‫كقاؿ عن نوح ‪ :‬ﮋﭻﭼﭽﭾﭿﮊ‬


‫(ٔ)‬

‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫(ٕ)‬
‫ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﮊ‬

‫(ُ) سورة لقماف‪.َِ:‬‬


‫(ِ) سورة النحل‪.ٕٖ:‬‬
‫(ّ) سورة النحل‪.ُُْ:‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪.ُِٓ:‬‬
‫(ٓ) سورة النحل‪.ُُِ-َُِ:‬‬
‫(ٔ) سورة اإلسراء‪.ّ:‬‬
‫(ٕ) سورة النحل‪.ٕٖ:‬‬
‫‪- 246 -‬‬
‫(ُ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮊ‬
‫(ِ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﮎﮏﮐﮑﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ تعاذل ‪ :‬ﮋﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ‬


‫(ّ)‬
‫ﭸﭹ ﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو ‪ :‬ﮋﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﮊ‬
‫‪ -‬ك‪ٝ‬تى نفسو شاكرا كشكورا ك‪ٝ‬تى الشاكرين هبذين اال‪ٝ‬تُت فأعطاىم من كصفو ك‪ٝ‬تاىم با‪ٝ‬تو‬
‫كحسبك هبذا ‪٤‬تبة للشاكرين كفضبلن‪ ،‬كإعادتو للشاكر مشكورا كقولو ‪:‬‬
‫(ٓ)‬
‫ﮋﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﮊ‬
‫(ٔ)‬
‫‪ -‬كرضا الرب عن عبده بو كقولو ‪ :‬ﮋﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫(ٕ)‬
‫‪ -‬كقلة أىلو ُب العا‪١‬تُت تدؿ على أهنم ىم خواصو كقولو ‪ :‬ﮋﯳﯴﯵﯶﮊ‬
‫ً‬
‫ك ىما تىػ ىقد ىـ‬
‫ت قى ىد ىماهي قىاليوا‪ :‬قى ٍد ىغ ىفىر اللوي لى ى‬‫‪ -‬عن الٍ يمغ ىَتىة بٍ ًن يش ٍعبىةى ‪ ‬قاؿ‪ :‬قى ىاـ النًيب ‪ ‬ىحىت ىكًرىم ٍ‬
‫ًم ٍن ىذنٍبً ى‬
‫(ٖ)‬
‫ورا »‪.‬‬ ‫اؿ‪ « :‬أىفىبلى أى يكو يف ىعٍب ندا ىش يك ن‬
‫ك ىكىما تىأىخىر‪ .‬قى ى‬
‫اؿ‪:‬‬
‫ك »‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫يحب ى‬‫ك كالل ًو إًين أل ً‬ ‫ًً ً‬
‫‪ -‬كمن كصية النيب ‪١ ‬تعاذ ‪ « :‬يىا يم ىعاذي ىكاللو إين أليحب ى ى‬

‫(ُ) سورة العنكبوت‪.ُٕ:‬‬


‫(ِ) سورة آؿ عمراف‪.ُْْ:‬‬
‫(ّ) سورة إبراىيم‪.ٕ:‬‬
‫(ْ) سورة إبراىيم‪ٓ:‬‬
‫(ٓ) سورة اإلنساف‪.ِِ:‬‬
‫(ٔ) سورة الزمر‪.ٕ:‬‬
‫(ٕ) سورة سبأ‪.ُّ:‬‬
‫(ٖ) أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 247 -‬‬
‫ىعٍت ىعلىى ًذ ٍك ًرىؾ ىك يش ٍك ًرىؾ ىك يح ٍس ًن‬
‫وؿ اللهم أ ً‬ ‫يكصيك يا معاذي الى تى ىدعن ًُب دب ًر يكل و‬
‫صبلىة أف تىػ يق ي ي‬
‫ى‬ ‫يي‬ ‫ى‬ ‫«أ ى ى ي ى‬
‫ً‬

‫ًعبى ىادتً ى‬
‫ك »(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪ٝ :‬تعت النيب ‪ ‬يدعو هبذا ‪« :‬اللهم أعٍت كال تعن علي‪،‬‬
‫كانصرين كال تنصر علي كامكر رل كال ٘تكر علي‪ ،‬كيسر رل ا‪٢‬تدل‪ ،‬كانصرين على من بغى علي‪.‬‬
‫رب اجعلٍت شكاران لك‪ ،‬ذكاران لك‪ ،‬راىبان لك‪ ،‬مطواعان لك‪٥ ،‬تبتان لك‪ ،‬أىكاىان منيبان تقبل توبيت‬
‫اىد قليب‪ ،‬كسدد لساين‪ ،‬كاسلل سخيمة‬ ‫كاغسل حوبيت كأجب دعوٌب‪ ،‬كثبت حجيت‪ ،‬ك ً‬
‫(ّ)‬
‫قليب(ِ)»‪.‬‬

‫‪( -‬والشكر مبني على خمس قواعد‪:‬‬

‫أولً‪:‬خضوع الشاكر للمشكور‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬حبو لو‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬اعًتافو بنعمتو‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬ثناؤه عليو هبا‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬أال يستعملها فيما يكرىو‪.‬‬

‫فهذه ا‪٠‬تمس‪ :‬ىي أساس الشكر كبناؤه عليها)(ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كالشكر على ثبلثة أقساـ‪ :‬شكر اللساف‪ ،‬كشكر األركاف‪ ،‬كشكر ا‪ٞ‬تىناف‪ -‬أم القلب‪.-‬‬

‫(ُ) أخرجو أبو داكد‪.‬‬


‫(ِ)سخيمة قليب‪ :‬السخم‪ :‬السواد‪ ،‬أم‪ :‬ال ٕتعل ُب قليب ًحقدان كال ًضغنان على أحد‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو البخارم ُب األدب ا‪١‬تفرد‪.‬‬
‫(ْ)ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت‪ ،‬جزءِ صِّْ‪.‬‬
‫‪- 248 -‬‬
‫ٔ‪ -‬شكر اللسان‪ :‬بالثناء كاالعًتاؼ كالتحدث بنعم اهلل ‪ ‬امتثاالن لقولو تعاذل‪:‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﮠﮡﮢﮣﮊ‬

‫‪ -‬كتطبيقان لقولو ‪« :‬التحدث بنعم اهلل شكر‪ ،‬كتركها كفر‪ ،‬كمن ال يشكر القليل ال يشكر‬
‫الكثَت»(ِ)‪ .‬كذلك بأف ٭تمد ا‪١‬تؤمن ربو على ما أنعم عليو من نعم ال تعد كال ٖتصى‪ ،‬كأف يكثر‬
‫دائمان من ىذا ا‪ٟ‬تمد ُب كل أحوالو‪.‬‬

‫‪ -‬عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪( :‬من قاؿ بسم اهلل فقد ذكر اهلل‪ ،‬كمن قاؿ ا‪ٟ‬تمد هلل فقد‬
‫شكر اهلل)(ّ)‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬كعن أنس ‪ ‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬إًف اللوى لىيىػٍر ى‬
‫ضى ىع ًن الٍ ىعٍبد أى ٍف يىأٍ يك ىل األى ٍكلىةى فىػيى ٍح ىم ىدهي‬
‫ب الشٍربىةى فىػيى ٍح ىم ىدهي ىعلىٍيػ ىها »(ْ)‪.‬‬
‫ىعلىٍيػ ىها أ ٍىك يى ٍشىر ى‬
‫ُت‬ ‫‪ -‬كعن عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬م ًن استىجد ثػىوبان فىػلىبًسو فىػ ىق ى ً‬
‫اؿ ح ى‬ ‫ىي‬ ‫ى ٍ ى ٍ‬
‫ب‬ ‫ا‪ٟ‬تم يد لًل ًو ال ًذم ىكس ًاين ما أيكا ًرم بًًو ىعورًٌب كأ ىىٕتىمل بًًو ًُب حي ًاٌب يٍب ىعم ىد إً ىذل الثػو ً‬
‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ىى‬ ‫ٍى ى ي‬ ‫ى ى ى‬ ‫يىػٍبػلي يغ تىػٍرقيػ ىوتىوي ٍى ٍ‬
‫ف الل ًو‬‫اذل كًَب ًجوا ًر الل ًو كًَب ىكنى ً‬
‫ى‬ ‫ع‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ت‬ ‫اؿ أىلٍ ىقى ‪ -‬فىػتىصد ىؽ بًًو ىكا ىف ًُب ًذم ًة الل ً‬
‫و‬ ‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬ ‫ىك‬ ‫أ‬ ‫‪-‬‬ ‫ق‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫ىخ‬
‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ذ‬‫ال ً‬
‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬
‫(ٓ)‬
‫ىحيٌان ىكىمٍيتان»‪.‬‬

‫(ُ)سورة الضحى‪.ُُ:‬‬
‫(ِ)أخرجو البيهقي ُب شعبو عن النعماف بن بشَت ‪.‬‬
‫(ّ)أبو نعيم ُب ا‪ٟ‬تلية‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو مسلم‪.‬‬
‫(ٓ)أخرجو أ‪ٛ‬تد ُب مسنده‪.‬‬
‫‪- 249 -‬‬
‫كقاؿ رسوؿ اهلل ‪« :‬من قاؿ ا‪ٟ‬تمد هلل رب العا‪١‬تُت ‪ٛ‬تدان طيبان مباركان فيو على كل حاؿ ‪ٛ‬تدان‬
‫ك عبدؾ ىذا‬
‫يواُب نعمو كيكافئ مزيده ثبلث مرات‪ ،‬فتقوؿ ا‪ٟ‬تفظة ربنا ال ‪٨‬تسن كنو ما قىد ىس ى‬
‫ك‪ٛ‬تدؾ كما ندرم كيف نكتبو فيوحي اهلل إليهم أف اكتبوه كما قاؿ عبدم» (ُ)‪.‬‬

‫كعن أنس بن مالك ‪:‬أف رسوؿ اهلل ‪ ‬كاف إذا أكل إذل فراشو قاؿ‪« :‬ا‪ٟ‬تمد هلل الذم أطعمنا‬
‫كسقانا ككفانا كآكانا فكم ‪٦‬تن ال كاُب لو كال مؤكم» (ِ)‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬شكر األركان‪ :‬باستعماؿ ا‪ٞ‬توارح بالطاعة كاالنقياد كالعمل هلل تعاذل كباالستعانة هبا على‬
‫(ّ)‬
‫طاعة اهلل ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ‬

‫ٖ‪ -‬شكر الجنان‪ :‬ك٭تصل با‪٠‬تضوع كاالستكانة كأف يعرؼ ا‪١‬تؤمن بأف كل نعمة بو من اهلل‬

‫تعاذل‪ ،‬قاؿ ‪ :‬ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ(ْ) فيجب ٌأال ٖتجبو رؤية النعم عن رؤية‬
‫ا‪١‬تنعم‪ ،‬كقد نبو النيب ‪ ‬إذل ىذه ا‪ٟ‬تقيقة فقاؿ ‪« :‬من قى ى ً‬
‫صبً يح الل يهم ىما أ ٍ‬
‫ىصبى ىح ًيب‬ ‫ُت يي ٍ‬
‫اؿ ح ى‬ ‫ىٍ‬
‫ك الش ٍكير‪ .‬فىػ ىق ٍد أىدل يش ٍكىر يىػ ٍوًم ًو ىكىم ٍن قى ى‬
‫اؿ‬ ‫ك ا ٍ‪ٟ‬تى ٍم يد ىكلى ى‬
‫ك فىػلى ى‬ ‫يك لى ى‬‫ك ىك ٍح ىد ىؾ الى ىش ًر ى‬‫ًم ٍن نً ٍع ىم وة فى ًمٍن ى‬
‫ُت ٯتيٍ ًسي فىػ ىق ٍد أىدل يش ٍكىر لىٍيػلىتً ًو»(ٓ)‪.‬‬ ‫ًمثٍل ىذلً ى ً‬
‫كح ى‬ ‫ى‬

‫(ُ)أخرجو البخارم ُب الضعفاء ُب جامع األحاديث القدسية‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو مسلم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ)سورة سبأ‪.ُّ:‬‬
‫(ْ)سورة النحل‪.ّٓ:‬‬
‫(ٓ)أخرجو أبو داكد عن عبد اهلل بن غناـ ‪.‬‬
‫‪- 251 -‬‬
‫‪ -‬كُب اآلثار أف موسى ‪ ‬قاؿ‪( :‬يا ريب خلقت آدـ بيدؾ‪ ،‬كنفخت فيو من ركحك‪،‬‬
‫كأسجدت لو مبلئكتك‪ ،‬كعلمتو أ‪ٝ‬تاء كل شيء ‪ ،‬كفعلت‪ ،‬كفعلت فكيف أطاؽ شكرؾ‪ ،‬قاؿ‬
‫اهلل ‪ :‬علم أف ذلك مٍت فكاف معرفتو بذلك شكران)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ داكد ‪( :‬يا ريب كيف أشكرؾ كشكرم لك نعمة علي من عندؾ تستوجب هبا‬
‫شكران؟‪ ،‬فقاؿ‪ :‬اآلف شكرتٍت يا داكد)(ِ)‪.‬‬
‫تعاذل‪:‬‬ ‫‪ -‬كقد قسم اهلل الناس ُب ىذه الدنيا إذل قسمُت‪ :‬شكور ككفور قاؿ‬

‫ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كجعل ذلك ببلءن كامتحانان منو سبحانو لعباده ككضح ذلك على لساف نبيو سليماف ‪‬‬

‫فقاؿ‪ :‬ﮋﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﮲﮳‬


‫(ْ)‬
‫﮴﮵﮶ﮊ‬
‫كفر‪ ،‬كاهلل أعلم بالشاكرين‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫شكر أك ه‬
‫‪ -‬كنتيجة االمتحاف ه‬
‫ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ‬
‫(ٓ)‬
‫ﭠﭡﮊ‬

‫‪ -‬كلقد جعل اهلل جزاء الشكر زيادة ُب العطاء كالنعم كالتوفيق كالسعادة ‪ ،‬كجزاء الكفر عذابان‬
‫شديدان ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬قاؿ تعاذل مبينان ذلك‪:‬‬

‫(ُ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت‪ ،‬جزءِ‪ ،‬صِّٔ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬ترجع نفسو جزءِ‪ ،‬صِّٓ‪.‬‬
‫(ّ)سورة اإلنساف‪ّ:‬‬
‫(ْ)سورة النمل‪.َْ:‬‬
‫(ٓ)سورة األنعاـ‪.ّٓ:‬‬
‫‪- 251 -‬‬
‫ﮋﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﮊ‬
‫(ُ)‬

‫(ُ)‬
‫ﮊ‬
‫‪ -‬كعن علي ‪ ،‬أنو قاؿ لرجل من ‪٫‬تداف ‪( :‬إف النعمة موصولة بالشكر ‪ ،‬كالشكر متعلق‬
‫با‪١‬تزيد ‪ ،‬ك‪٫‬تا مقركناف ُب قرف ‪ ،‬كلن ينقطع ا‪١‬تزيد من اهلل ‪ ‬حىت ينقطع الشكر من العبد)(ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كمع أف الشكر كاجب على كل مسلم ‪١‬تا انعم اهلل بو عليو‪ ،‬فقد رضي اهلل عن الشاكرين‪ ،‬كىيٌأ‬
‫‪٢‬تم جزاء من عنده‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮎﮏﮐﮑﮊ‬


‫(ْ)‬

‫(ٓ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪:‬ﮋﮪﮫﮬﮊ‬
‫‪ -‬ك‪١‬تا تبُت لعدك اهلل إبليس قدر مقاـ الشكر‪ ،‬كأنو من أجل ا‪١‬تقامات كأعبلىا جعل غايتو أف‬
‫يسعى ُب قطع الناس عنو‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬
‫ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮊ‬
‫(ٔ)‬

‫‪ -‬ك‪١‬تا كاف الشكر ‪٤‬تفوفان هبذه الصعوبات الكثَتة كانت نتيجة االمتحاف بو كما قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫(ٕ)‬
‫ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﮊ‬

‫(ُ)سورة إبراىيم‪.ٕ:‬‬
‫(ِ) أخرجو البيهقي ُب شعبو‪.‬‬
‫(ّ)سورة الزمر‪.ٕ:‬‬
‫(ْ)سورة آؿ عمراف‪.ُْْ:‬‬
‫(ٓ)سورة آؿ عمراف‪.ُْٓ:‬‬
‫(ٔ)سورة األعراؼ‪ُٕ:‬‬
‫(ٕ)سورة سبأ‪.ُّ:‬‬
‫‪- 252 -‬‬
‫‪ -‬ككما قاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬ككما قاؿ ‪ :‬ﮋﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮊ‬


‫(ِ)‬

‫‪ -‬كحىت ننجح ُب امتحاف الشكر ك نكوف من القلة الذين يشكركف اهلل‪ ،‬كال نكوف من الكثرة‬
‫الذين ال يشكركف كجب علينا أف نشكر اهلل على كل نعمو‪ ،‬كأف نسأؿ اهلل أف يدًن علينا‬

‫الشكر‪ ،‬كلقد كصى اهلل لقماف بالشكر ُب قولو‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ‬

‫ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كعلينا أف نكثر من الدعاء الذم علمنا اهلل إياه‪:‬‬

‫ﮋﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﮊ‬
‫(ْ)‬

‫‪ -‬كمن الشكر هلل أف نشكر كل إنساف أحسن إلينا‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬

‫اس الى يى ٍش يك ًر اللوى»(ٓ)‪.‬‬ ‫ً‬


‫« ىم ٍن الى يى ٍش يكر الن ى‬
‫‪ -‬كقد أشار اهلل سبحانو إذل ىذا ا‪١‬تعٌت فقاؿ‪:‬‬

‫ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﮊ‬
‫(ٔ)‬

‫(ُ)سورة األعراؼ‪.ُٕ:‬‬
‫(ِ)سورة غافر‪.ُٔ:‬‬
‫(ّ)سورة لقماف‪.ُِ:‬‬
‫(ْ)سورة األحقاؼ‪.ُٓ:‬‬
‫(ٓ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ٔ)سورة البقرة‪.ِّٕ:‬‬
‫‪- 253 -‬‬
‫‪ -‬كقد ظهر ىذا النوع من الشكر ُب أعلى مراتبو على لساف أسوتنا العليا رسوؿ اهلل ‪ ،‬فقد‬
‫ركل علي بن أيب طالب ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ ‪ «:‬ىرًح ىم اللوي أىبىا بى ٍك ور ىزك ىج ًٍت ابٍػنىتىوي ىك ى‪ٛ‬تىلىًٍت إً ىذل ىدا ًر‬
‫ا ٍ‪٢‬تً ٍجىرةً ىكأ ٍىعتى ىق بًبلىالن ًم ٍن ىمالًًو»(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬حىت إف رسوؿ اهلل ‪ ‬أشار إذل أنو دل يكافئ أبا بكر على ما بذؿ ُب نصرتو من شيء من‬
‫متاع الدنيا‪ ،‬كإ‪٪‬تا كافأه بأف سأؿ اهلل تعاذل أف يتوذل مكافأتو يوـ القيامة‪ ،‬كحسبك هبا مكافأة!!‬
‫ىح ود ًعٍن ىدنىا يى هد إًال ىكقى ٍد ىكافىػٍيػنىاهي ىما ىخبلى أىبىا‬
‫فقد ركل أبو ىريرة ‪ ‬قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬ىما أل ى‬
‫ىح ود قىط ىما نىػ ىف ىع ًٍت ىم ي‬
‫اؿ أًىىب بى ٍك ور‬ ‫أ‬ ‫اؿ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ً‬
‫ٍت‬ ‫ع‬‫ف‬‫ى‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ن‬ ‫ا‬‫م‬‫ك‬
‫ى ي ي ي ى ىٍ ى ى ى ىى ى ى ى‬
‫ب ٍك ور فىًإف لىو ًعٍن ىدنىا ي ندا ي ىكافًئيو اللو ًهبا يػوـ الٍ ًقيام ً‬
‫ة‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫يل الل ًو »(ِ)‪.‬‬ ‫احب يكم خلً‬ ‫كلىو يكٍنت مت ًخ نذا خلًيبلن الىٗتى ٍذت أىبا ب ٍك ور خلًيبلن أىالى كإًف ص ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى ى‬ ‫ي ى ى ى‬ ‫ى‬ ‫ىٍ ي ي‬
‫ً‬
‫‪ -‬كلقد علمنا النيب ‪ ‬كيف نشكر اآلخرين‪ ،‬فقاؿ ‪ ( :‬ىكىم ٍن آتىى إًلىٍي يك ٍم ىم ٍعيركفنا فى ىكافئيوهي فىًإ ٍف ىدلٍ‬
‫ىًٕت يدكا فى ٍادعيوا لىوي ىحىت تىػ ٍعلى يموا أى ٍف قى ٍد ىكافىأٍي٘تيوهي) (ّ)‪.‬‬
‫اعلً ًو ىجىز ىاؾ اللوي ىخٍيػنرا فىػ ىق ٍد أىبٍػلى ىغ ًُب الثػنى ًاء »(ْ)‪.‬‬
‫اؿ لًىف ً‬
‫كؼ فىػ ىق ى‬‫صنً ىع إًلىٍي ًو ىم ٍعير ه‬ ‫‪ -‬كقاؿ ‪ « :‬ىم ٍن ي‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ)أخرجو الًتمذم ُب سننو‪.‬‬


‫(ِ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ّ)أخرجو النسائي ُب سننو عن ابن عمر رضي اهلل عنهما‪.‬‬
‫(ْ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أسامة بن زيد ‪.‬‬
‫‪- 254 -‬‬
‫عاشراً‪ -‬مقام الصبر‬
‫‪ -‬مقاـ الصرب عظيم‪ ،‬كىو نصف اإلٯتاف كما مر معنا سابقان‪ ،‬كالبد لكل مؤمن من أف يتعلم ىذا‬
‫ا‪١‬تقاـ‪ ،‬كأف يػي ىهيئ نفسو لو‪.‬‬

‫صربت نفسي على ذلك األمر أم حبستها‪،‬‬


‫‪ -‬كالصرب ُب اللغة معناه ا‪ٟ‬تبس كالكف‪ ،‬يقاؿ‪ :‬ى‬
‫صربت نفسي عن ذلك الشيء‪ :‬أم كففتها‪.‬‬ ‫كى‬
‫‪ -‬كالصرب ُب االصطبلح األخبلقي الديٍت‪ :‬ىو حبس النفس عما ال يقتضيو العقل كالشرع‪ ،‬أك‬
‫عما يقتضياف حبسها عنو‪ ،‬كذلك ْتبس النفس عن ا‪ٞ‬تزع كالسخط‪ ،‬كحبس اللساف عن‬
‫الشكول‪ ،‬كحبس ا‪ٞ‬توارح عن التصرؼ ا‪١‬تخالف للشرع‪.‬‬

‫‪ -‬كضد الصرب ىو ا‪ٞ‬تزع‪ ،‬جاء ُب القرآف الكرًن‪:‬‬

‫ﮋﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬ككلمة الصرب فيها معٌت االنتظار‪ ،‬كهبذا ا‪١‬تعٌت جاء قولو سبحانو‪:‬‬

‫أم‪ :‬انتظر‪.‬‬ ‫(ِ)‬


‫ﮋﯿﰀﰁﰂﰃﮊ‬

‫‪ -‬كفيها معٌت االستقامة كا‪١‬تداكمة‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬

‫أم‪ :‬احبس نفسك معهم كاستقم على مبلزمتهم‪.‬‬ ‫ﭗﭘﭙﭚﮊ‬


‫(ّ)‬

‫(ُ)سورة إبراىيم‪.ُِ:‬‬
‫(ِ)سورة الطور‪.ْٖ:‬‬
‫(ّ)سورة الكهف‪.ِٖ :‬‬
‫‪- 255 -‬‬
‫‪ -‬كالصرب قوة خلقية من قوة اإلرادة ٘تكن اإلنساف من ضبط نفسو لتحمل ا‪١‬تتاعب كا‪١‬تشقات‬
‫كاآلالـ‪ ،‬كضبطها عن االندفاع بعوامل االندفاع كالضجر‪ ،‬كالسأـ كا‪١‬تلل‪ ،‬كالعجلة كالرعونة‪،‬‬
‫كالغضب كالطيش‪ ،‬كا‪٠‬توؼ كالطمع‪ ،‬كاألىواء كالشهوات كالغرائز‪.‬‬

‫‪ -‬كالصرب ٖتمل مكاره ا‪ٟ‬تياة‪ ،‬كعدـ ا‪ٞ‬تزع لعوامل الدىر كنكباتو‪ ،‬كىو الدكاء الشاُب ‪١‬تن ملك‬
‫ا‪ٟ‬تزف نفسو‪ ،‬كالبلسم ا‪١‬تعاُب ‪١‬تن قبض ا‪ٞ‬تزع على زماـ عواطفو‪ ،‬بل ىو عُت الراحة‪ ،‬كينبوع‬
‫الفرح‪ ،‬كمبيد ا‪٢‬تموـ‪ ،‬كمزيل الغموـ‪ ،‬كال سبيل إذل ما علق با‪١‬ترء من األحزاف إال التمسك بو‪،‬‬
‫كالتعلق بأىدابو‪ ،‬فهو ركن حصُت ُب ‪٤‬تاربتها‪ ،‬كعماد قوًن على دفعها‪.‬‬

‫‪ -‬فالصرب حالة نفسية ٕتد الصابر فيها ساكنان ىادئان حامدان شاكران دائبان على العمل‪ ،‬ككأنو ُب‬
‫حالة عادية ال يضجر‪ ،‬كال يشكو‪ ،‬كال يغضب‪ ،‬كال يتذمر‪ ،‬كال يعبس‪.‬‬

‫‪ -‬من ىنا ‪٧‬تد أف الصرب ضركرم ُب كل حاؿ كُب كل زماف‪ ،‬كىو غريزة ُب اإلنساف تزيد كتنقص‪،‬‬
‫إال أهنا شأف الغرائز تنمو بالعلم كا‪١‬تراف كالتجارب‪.‬‬

‫‪ -‬ك‪٠‬تلق الصرب أ‪٫‬تية كبَتة تظهر فيما يلي‪:‬‬

‫أولً‪ -‬الصبر صفة من صفات اهلل ‪:‬‬

‫‪ -‬فاهلل ‪ ‬ىو (الصبور) أم الذم ال يعاجل العصاة باالنتقاـ كالعقاب‪ ،‬كُب ا‪ٟ‬تديث القدسي‬
‫(ُ)‬
‫‪.‬‬ ‫أف اهلل أكحى إلبراىيم ‪( :‬يا إبراىيم أما علمت أف من أ‪ٝ‬تائي أين أنا الصبور)‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫ىصبىػير ىعلىى أى نذل يى ٍس ىمعيوي م ىن اللو ‪ ‬إًنوي يي ٍشىريؾ بًو ىكيٍ‪٬‬ت ىع يل لىوي‬
‫ىح ىد أ ٍ‬
‫‪ -‬كُب ا‪ٟ‬تديث النبوم‪ « :‬الى أ ى‬
‫الٍ ىولى يد يٍب يى ىو يػي ىعافًي ًه ٍم ىكيىػٍريزقيػ يه ٍم »(ِ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن جابر ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب موسى ‪.‬‬
‫‪- 256 -‬‬
‫ثانياً‪ -‬الصبر خلق أكثر القرآن الكريم من ذكره أكثر من ذكر أي خلق آخر‪:‬‬

‫‪ -‬قاؿ اإلماـ أ‪ٛ‬تد ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬الصرب ُب القرآف ‪٨‬تو تسعُت موضعان‪ ،‬كقد كرر القرآف األمر‬
‫ست مرات‪.‬‬
‫بالصرب‪ ،‬فتكررت كلمة (اصرب) تسع عشر مرة‪ ،‬كتكررت كلمة (اصربكا) ٌ‬
‫‪ -‬كلذلك قاؿ العلماء‪ :‬إف الصرب كاجب بإ‪ٚ‬تاع األمة‪ ،‬كال عجب فهو نصف اإلٯتاف‪ ،‬ألف‬
‫اإلٯتاف شطراف نصفو صرب كنصفو شكر) (ُ)‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬الصبر صفة من صفات األنبياء والمرسلين‪:‬‬
‫‪ -‬فقد ذكر القرآف الكرًن صفات األنبياء كا‪١‬ترسلُت ُب آيات كثَتة‪ ،‬فكاف من أبرزىا صفة الصرب‪،‬‬
‫فذكر صرب سيدنا أيوب ‪ ‬على ما أصابو من ضر ببدنو‪ ،‬كعلى فقده أىلو‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﮊ‬
‫‪ -‬ككذلك مدح اهلل ‪ ‬صرب األنبياء ُب آيات كثَتة فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋ ﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂ ﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﮌﮍﮊ‬
‫‪ -‬ىذا كقد أمر اهلل سبحانو كتعاذل خاًب رسلو كصفوة خلقو كر‪ٛ‬تتو إذل العا‪١‬تُت سيدنا ‪٤‬تمد ‪‬‬
‫أف يتخذ من صرب األنبياء أسوةن لو ُب صربه قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ‬
‫(ْ)‬

‫(ُ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت‪.‬‬


‫(ِ)سورة ص‪.ْْ:‬‬
‫(ّ)سورة األنبياء‪.ٖٔ-ٖٓ:‬‬
‫(ْ)سورة األحقاؼ‪.ّٓ:‬‬
‫‪- 257 -‬‬
‫‪ -‬كأكلو العزـ من الرسل كىم‪ :‬نوح كإبراىيم كموسى كعيسى باإلضافة إذل سيدنا ‪٤‬تمد عليهم‬
‫صلوات اهلل أ‪ٚ‬تعُت قد القوا من العنت كاألذل كالببلء أكثر ‪٦‬تا لقيو غَتىم من ا‪١‬ترسلُت‪ ،‬كىم‬
‫الذين خصهم اهلل بالذكر دكف غَتىم ُب قولو‪:‬‬

‫ﮋﭑﭒ ﭓ ﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟﭠ‬


‫(ُ)‬
‫ﭡﭢﭣﮊ‬

‫رابعاً‪ -‬الصبر من أىم األخالق التي تخلق بها النبي ‪ ‬وأمر بها وحث عليها‪:‬‬

‫‪ -‬كىذا ما ‪٬‬تده ا‪١‬تؤمن إذا تصفح سَتة النيب ‪ُ ‬ب كل حياتو‪ ،‬فكاف أعظم قدكة حسنة للناس‬
‫ُب كل صفاتو كخصالو كخاصة الصرب‪.‬‬

‫‪ -‬كمع كوف النيب ‪ ‬قدكة للمؤمنُت ُب الصرب‪ ،‬فقد بُت ‪٢‬تم أ‪٫‬تيتو الكربل ُب أحاديثو‪ ،‬كحثهم‬
‫على التمسك بو‪ ،‬قاؿ يصف الصرب‪ « :‬ىكالصٍبػير ًضيىاء» (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ « :‬عجبا ألىم ًر الٍم ٍؤًم ًن إًف أىمره يكلو خيػر كلىيس ذى ىاؾ أل و ً ً‬
‫ىحد إًال ل ٍل يم ٍؤم ًن إً ٍف أ ى‬
‫ىصابىػٍتوي‬ ‫ى‬ ‫ٍ ىي ي ى ٍ ه ى ٍ ى‬ ‫ى ىن ٍ ي‬
‫صبىػىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي »(ّ)‪.‬‬
‫ضراءي ى‬ ‫ىسراءي ىش ىكىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي ىكإً ٍف أ ى‬
‫ىصابىػٍتوي ى‬

‫خامساً‪ -‬من أىم صفات وأخالق الصحابة الكرام‪:‬‬

‫‪ -‬عندما نقرأ سَت الصحابة رضواف اهلل عليهم كخاصة من الزمو منهم منذ فجر الدعوة ‪٧‬تد أف‬
‫الصرب من أىم صفاهتم كأخبلقهم اليت ٖتلوا هبا‪ ،‬فقد صربكا على أذل ا‪١‬تشركُت كصربكا ُب الدعوة‬
‫إذل اهلل ‪ ،‬كصربكا ُب جهاد نفوسهم كجهاد أعدائهم‪ ،‬كصربكا ُب نشر اإلٯتاف ُب نفوس العباد‪،‬‬

‫(ُ)سورة األحزاب‪.ٕ:‬‬
‫(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب مالك األشعرم ‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو صهيب ‪.‬‬
‫‪- 258 -‬‬
‫كصربكا ُب فتح الببلد‪ ،‬كصربكا على الفقر كالشدة كالتعب كالنصب‪ ،‬كصربكا على العبادة كالعمل‬
‫بأكامر اهلل‪ ،‬كاالنتهاء عما هنى اهلل عنو‪ ،‬كصربكا ُب حياهتم كلها كُب ‪٣‬تاالت أعما‪٢‬تم‪ ،‬كاألمثلة‬
‫على ذلك كثَتة‪ ،‬من ىؤالء الصابرين عمار بن ياسر كأسرتو‪ ،‬حيث كاف ٯتر هبم رسوؿ اهلل ‪‬‬
‫كيرل عذاب أىل الكفر هبم فيقوؿ ‪٢‬تم ‪ « :‬صربا يا آؿ ياسر ‪ ،‬فإف موعدكم ا‪ٞ‬تنة »(ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كمن أبرز الصابرين من الصحابة الكراـ ببلؿ ا‪ٟ‬تبشي‪ ،‬كصهيب الركمي‪ ،‬كخباب بن األرت‪،‬‬
‫كمصعب بن عمَت‪ ،‬كسعد بن أيب كقاص ‪ ،‬كدل يتحلوا بالصرب فقط بل كانوا يدعوف إليو‬
‫كيأمركف بو‪ ،‬فقد ىكىرىد ُب رسالة لعمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬إذل أيب موسى األشعرم‪( :‬عليك بالصرب‬
‫كاعلم أف الصرب صرباف أحد‪٫‬تا أفضل من اآلخر الصرب ُب ا‪١‬تصيبات حسن كأفضل منو الصرب‬
‫عما حرـ اهلل تعاذل كاعلم أف الصرب مبلؾ اإلٯتاف كذلك بأف التقول أفضل الرب كالتقول‬
‫بالصرب)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ علي كرـ اهلل كجهو‪( :‬بٍت اإلٯتاف على أربع دعائم اليقُت كالصرب كا‪ٞ‬تهاد كالعدؿ كقاؿ‬
‫أيضان الصرب من اإلٯتاف ٔتنزلة الرأس من ا‪ٞ‬تسد كال جسد ‪١‬تن ال رأس لو كال إٯتاف ‪١‬تن ال صرب‬
‫لو)(ّ)‪.‬‬

‫سادساً‪ -‬الصبر من أىم صفات الصالحين واألولياء والمقربين والدعاة المخلصين‪:‬‬

‫‪ -‬من يتصفح سَت ىؤالء كيطالع قصصهم ‪٬‬تد الصرب من أىم صفاهتم كأخبلقهم‪ ،‬كالقصص ُب‬
‫ذلك أكثر من أف تعد‪.‬‬

‫سابعاً‪ -‬الصبر من عزم األمور‪:‬‬

‫(ُ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ عن ابن إسحاؽ‪.‬‬


‫(ِ) الغزارل‪ :‬إحياء علوـ الدين‪.‬‬
‫(ّ) ا‪١‬تصدر نفسو‪.‬‬
‫‪- 259 -‬‬
‫‪ -‬٭تدثنا القرآف الكرًن أف الصرب ىو خلق أىل العزٯتة القوية‪ ،‬كأصحاب اإلرادة ا‪١‬تاضية الذين‬
‫يعرفوف ا‪٠‬تَت‪ ،‬كيعزموف عليو‪ ،‬كٯتضوف فيو‪ ،‬ال ينثنوف عنو مهما كلفهم من تعب أك مشقة‪.‬‬

‫‪ -‬كمن ىنا جعل القرآف الصرب من (عزـ األمور)‪ ،‬كالعزـ ىو عقد القلب على إمضاء األمر‪،‬‬
‫كاحملافظة على ما يؤمر اإلنساف بو‪ ،‬كقيل إف عزـ األمور ىو ‪٤‬تكم األمور‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤ‬

‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬
‫(ُ)‬
‫ﯳﮊ‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ‬

‫(ّ)‬
‫‪ -‬كقاؿ ‪ :‬ﮋﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﮊ‬
‫ثامناً‪ -‬الصبر طريق الخير‪:‬‬

‫‪ -‬كىذا ما بينو القرآف الكرًن‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯩﯪﯫﯬﯭﯮﮊ‬


‫(ْ)‬

‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﮊ‬


‫(ٓ)‬

‫(ٔ)‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -‬قاؿ ا‪ٟ‬تسن ‪ « :‬الصرب كنز من كنوز ا‪٠‬تَت ‪ ،‬ال يعطيو اهلل إال لعبد كرًن عليو »‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ُٖٔ :‬‬


‫(ِ) سورة الشورل‪.ّْ:‬‬
‫(ّ) سورة لقماف‪.ُٕ:‬‬
‫(ْ) سورة النحل‪.ُِٔ:‬‬
‫(ٓ) سورة النساء‪.ِٓ:‬‬
‫(ٔ)ابن أيب الدنيا‪ :‬الصرب كالثواب عليو‪.‬‬
‫‪- 261 -‬‬
‫تاسعاً‪ -‬الصبر نتائجو حسنة مضمونة وثوابو عظيم جزيل‪:‬‬
‫‪ -‬فبالصرب يتمكن اإلنساف بطمأنينة كثبات أف يضع األشياء ُب مواضعها‪ ،‬كأف يتصرؼ ُب‬
‫األمور بعقل كاتزاف‪ ،‬كينفذ ما يريد ُب الزمن ا‪١‬تناسب‪ ،‬كبالطريقة ا‪١‬تناسبة ا‪ٟ‬تكيمة كعلى الوجو‬
‫ا‪١‬تناسب ا‪ٟ‬تكيم ٓتبلؼ عدـ الصرب الذم يدفع إذل التسرع كالعجلة‪ ،‬فيضع اإلنساف األشياء ُب‬
‫غَت مواضعها‪ ،‬كيتصرؼ برعونة‪ ،‬كرٔتا يكوف صاحب حق أك يريد ا‪٠‬تَت‪ ،‬فيغدك جانيان أك مفسدان‪،‬‬
‫كلو أنو اعتصم بالصرب لسلم من كل ذلك‪.‬‬

‫‪ -‬فنتائج الصرب ك‪ٙ‬تراتو عظيمة ُب الدنيا كاآلخرة‪ ،‬كمن أ‪٫‬تها‪ :‬أف أىل الصرب ‪٢‬تم البشرل السارة‬
‫(ُ)‬
‫من اهلل ‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭫﭬﭭﮊ‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬كيفوزكف ٔتحبة اهلل ‪ :‬ﮋﯡﯢﯣﯤﮊ‬

‫‪ -‬كتشملهم معية اهلل اليت فيها التأييد كالنصر كالتكرًن كا‪١‬تعونة كا‪١‬تثوبة‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ‬
‫‪ -‬كقد كعد اهلل ‪ ‬الصابرين ٔتضاعفة أجورىم‪ ،‬فقاؿ سبحانو‪:‬‬

‫ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ‬
‫(ٓ)‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٓٓ:‬‬


‫(ِ) سورة آؿ عمراف‪.ُْٔ:‬‬
‫(ّ) سورة البقرة‪.ُّٓ:‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪.ِْٗ:‬‬
‫(ٓ) سورة القصص‪.ْٓ :‬‬
‫‪- 261 -‬‬
‫‪ -‬كقد ذكر القرآف الكرًن أكثر من مرة أف عاقبة الصابرين الفوز بنعيم ا‪ٞ‬تنة العظيم‪ ،‬فقد قاؿ اهلل‬

‫‪ ‬عن عباده‪ :‬ﮋﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ‬

‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﮊ‬
‫(ُ)‬

‫(ِ)‬
‫‪ -‬كالغرفة ىي أعلى منازؿ ا‪ٞ‬تنة كأفضلها‪ ،‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊ‬
‫‪ -‬كيؤكد القرآف الكرًن عظيم ثواب الصابرين الذم ضمنو‪ ،‬فيقوؿ‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫ﮋﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮊ‬
‫(ْ)‬
‫‪ -‬كقاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮊ‬

‫كينتهي بنا القرآف الكرًن بتكرًن الصابرين إذل أف ثواهبم غَت ‪٤‬تدكد‪ ،‬بل ىو موكوؿ لفضل اهلل‬
‫(ٓ)‬
‫العظيم الذم ال حدكد لو كال قيود فيقوؿ سبحانو‪ :‬ﮋﰓﰔﰕﰖﰗﰘﮊ‬

‫عاشراً‪ -‬الصبر من المواضيع التي اىتم بها الشعراء ونظموا فيو الشعر لما لو من منزلة‬
‫عظيمة‪:‬‬

‫‪ -‬قاؿ أحدىم(ٔ) ‪:‬‬

‫لكػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن عواقبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو أحلى من العس ػ ػ ػ ػ ػل‬ ‫الصبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر مث ػ ػ ػ ػ ػ ػل ا‪ٝ‬تو‪ ،‬م ػ ػ ػ ػ ػ ػر مذاق ػ ػ ػ ػ ػػتو‬

‫(ُ) سورة الفرقاف‪.ٕٔ-ٕٓ :‬‬


‫(ِ) سورة اإلنساف‪.ُِ:‬‬
‫(ّ) سورة ا‪١‬تؤمنوف‪.ُُُ:‬‬
‫(ْ) سورة النحل‪.ٗٔ:‬‬
‫(ٓ) سورة الزمر‪.َُ:‬‬
‫(ٔ) ابن القيم‪ :‬مدارج السالكُت‪.‬‬
‫‪- 262 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ آخر(ُ)‪:‬‬

‫لن تبلغ اجمل ػ ػ ػ ػ ػد حىت تلع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػق الصربا‬ ‫ال ٖتسػ ػ ػ ػ ػ ػب اجمل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػد ٘تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػران أنت آكلو‬

‫‪ -‬كقاؿ ثالث(ِ)‪:‬‬
‫(ْ)‬
‫ا‪ٟ‬تر‬
‫ٌ‬ ‫يعرؼ‬ ‫دل‬ ‫كلوال صركؼ الدىر‬ ‫تصرب ففي الؤلكاء (ّ) قد ٭تمد الصرب‬

‫‪ -‬كقاؿ غَته(ٓ)‪:‬‬
‫(ٔ)‬
‫كل ما ا ٍرتىػتىجا‬
‫فالصبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر يفتػ ػ ػ ػ ػح منها ٌ‬ ‫إف األمػ ػ ػ ػ ػ ػور إذا سدت مسالكه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا‬

‫إذا استعنػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػت بصرب أف ترل فرج ػ ػ ػا‬ ‫ال تيأسن كإف طالػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػت مطالبهػ ػ ػػا‬

‫كمدمػ ػ ػ ػ ػ ػن الق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرع لؤلبواب أف يلجا‬ ‫أخل ػ ػق بذم الصرب أف ٭تظى ْتاجتو‬

‫‪ -‬أخيراً‪ :‬ينبغي للمسلم أف يعلم أف للصرب أنواع متعددة ك‪٣‬تاالت كثَتة كلكن أىم ىذه األنواع‬
‫ما يلي‪:‬‬

‫أولً‪ -‬الصبر على الطاعات‪:‬‬


‫‪ -‬كيعٍت الصرب على الطاعات االستمساؾ بأدائها‪ ،‬ألف الطاعات كالقربات ٖتتاج أثناء القياـ هبا‬
‫كا‪١‬تداكمة عليها إذل ٖتمل كمعاناة‪ ،‬ك‪٣‬تاىدة للنفس‪ ،‬ككل ذلك ٭تتاج إذل صرب‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ُ)أبو نعيم‪ :‬حلية األكلياء‪.‬‬


‫(ِ)احمليب‪ :‬خبلصة األثر ُب أعياف القرف ا‪ٟ‬تادم عشر‪.‬‬
‫(ّ)الؤلكاء‪ :‬الشدة‪.‬‬
‫(ْ)صركؼ الدىر‪ :‬مصائبو كنوائبو‪.‬‬
‫(ٓ) ابن ا‪١‬تعتز‪ :‬طبقات الشعراء‪.‬‬
‫(ٔ) ما أغلق‪.‬‬
‫‪- 263 -‬‬
‫(ُ)‬
‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﮊ‬

‫‪ -‬كقاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶﮷﮸﮹ﮊ‬


‫(ِ)‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪ : ‬ﮋﮰﮱ﮲﮳﮴ﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬فالصبلة ٖتتاج إذل كضوء‪ ،‬كالوضوء ٭تتاج إذل صرب‪ ،‬كخاصة ُب أياـ الشتاء الباردة‪ ،‬كالصبلة‬
‫ٖتتاج إذل صرب‪ ،‬كخاصة صبلة الفجر‪ ،‬كعلى األخص ُب فصل الشتاء البارد ٖتتاج ‪٦‬تن يؤديها أف‬
‫يستيقظ ُب الليل كيًتؾ الفراش الدافئ الناعم ليتوضأ ٔتاء بارد‪ ،‬كىذا ٭تتاج إذل صرب‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك الصوـ ٭تتاج إذل صرب يساعد على ترؾ الطعاـ كالشراب كالشهوات‪ ،‬كلذلك ‪ٝ‬تي‬
‫رمضاف بشهر الصرب‪.‬‬

‫‪ -‬ككذلك سائر العبادات كالطاعات كالقربات ا‪١‬توصلة إذل رضاء اهلل ‪ٖ ‬تتاج إذل صرب‪ ،‬حىت‬
‫عشرة ا‪١‬تؤمنُت كاإلبقاء على مودهتم كاإلغضاء عن ىفواهتم خصاؿ تعتمد على الصرب ا‪ٞ‬تميل‪،‬‬
‫(ْ)‬
‫قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﮊ‬

‫‪ -‬كحىت التمسك باألخبلؽ الفاضلة‪ ،‬ك‪ٛ‬تل النفس على مراعاهتا تطبيقان كسلوكان ٭تتاج إذل الصرب‪،‬‬

‫قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮊ‬


‫(ٓ)‬

‫(ُ) سورة مرًن‪.ٔٓ:‬‬


‫(ِ) سورة البقرة‪.ْٓ:‬‬
‫(ّ) سورة طو‪.ُِّ :‬‬
‫(ْ) سورة الكهف‪.ِٖ:‬‬
‫(ٓ) سورة ا‪١‬تزمل‪.َُ :‬‬
‫‪- 264 -‬‬
‫ثانياً‪ -‬الصبر عن المعاصي‪:‬‬

‫‪ -‬كىو عنصر ا‪١‬تقاكمة للمغريات كالشهوات اليت بثت ُب طريق الناس‪ ،‬كزينت ‪٢‬تم اقًتاؼ ا‪١‬تآٍب‬
‫ا‪ٞ‬تنةي بًالٍم ىكا ًرهً‪ ،‬كحف ً‬
‫ت الن يار‬ ‫ً‬
‫ىي‬ ‫احملظورات‪ ،‬امتحانان من اهلل ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ « :‬يحفت ٍى ى‬
‫بًالشهو ً‬
‫ات »(ُ)‪.‬‬‫ىى‬
‫‪ -‬كاإلقباؿ على ا‪١‬تكاره من ا‪١‬تأمورات كاإلدبار عن الشهوات ا‪١‬تنهي عنها ال يتأتى إال لصبور‪،‬‬
‫كالصرب ىنا أثر اليقُت ا‪ٟ‬تاسم‪ ،‬كالتوجو الصادؽ إذل ما يرضي اهلل‪ ،‬كىو ركح العفاؼ الذم ٭تمي‬
‫ا‪١‬تؤمن من أكزار الدنيا كمكر السيئات‪ ،‬ألجل ذلك فإف لساف ا‪١‬تؤمن يلهج دائمان بالدعاء فيقوؿ‪:‬‬
‫(ِ)‬
‫ﮋﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ‬
‫ثالثاً‪ -‬الصبر على ما يصيب المؤمن من البالء‪:‬‬
‫‪ -‬كذلك ٔتبلحظة حسن ا‪ٞ‬تزاء‪ ،‬كانتظار ركح الفرج‪ ،‬كهتوين البلية بً ىعد أيادم ا‪١‬تنن‪ ،‬كبذكر‬
‫سوالف النعم‪.‬‬
‫‪ -‬كالببلء الذم يصيب ا‪١‬تؤمن متعدد‪ُ ،‬ب نفسو أك مالو أك منزلتو أك أىلو‪ ،‬كىذا ‪٦‬تا ال يدخل‬
‫ٖتت االختيار كا‪١‬تصائب مثل موت األحبة‪ ،‬كىبلؾ األمواؿ‪ ،‬كعمى العُت‪ ،‬كزكاؿ الصحة‪ ،‬كسائر‬
‫أنواع الببلء‪ ،‬فالصرب على ذلك من أعلى ا‪١‬تقامات ألنو من ‪ٙ‬ترات اليقُت‪.‬‬
‫‪ -‬كتلك كلها أعراض متوقعة كىيهات أف ٗتلو ا‪ٟ‬تياة منها‪ ،‬كإذا دل يصب أحد بسيلها الطاـ‬
‫ضربو رشاشها ا‪١‬تتناثر‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أنس بن مالك ‪.‬‬


‫(ِ) سورة األعراؼ‪.ُِٔ:‬‬
‫‪- 265 -‬‬
‫‪ -‬ككل ذلك بتقدير اهلل كقدره‪ ،‬كىو امتحاف كاختبار كببلء من اهلل ‪ ،‬ليناؿ ا‪١‬تؤمن بذلك‬
‫ا‪١‬تنزلة اليت أعدت للصابرين‪ ،‬مع حب اهلل ‪ ‬كرضاه‪ ،‬كال يساعده عل ذلك إال الصرب الذم ىو‬
‫دكاء لكل داء‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ‬

‫ﭭﭮﭯ ﭰ ﭱﭲﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺﭻ ﭼﭽ‬

‫ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ‬
‫(ُ)‬

‫كمن لطف اهلل ‪ ‬كر‪ٛ‬تتو أف جعل االمتحاف ب ػ ػ ػ ػ ػ ػ (شيء) من الببليا –كما عربت عنو اآلية‪-‬‬
‫كتنكَت (شيء) ىنا للتقليل كالتحقَت يدؿ على ذلك السياؽ‪ ،‬ألف ما ىو أكثر كأكرب ال‬
‫يطيقونو‪ ،‬فمسهم بشيء قليل من الببلء ٗتفيفان عنهم كر‪ٛ‬تة هبم‪ ،‬كمراعاة لضعفهم‪.‬‬
‫كالببلء ىنا ببلء عاـ يصيب القلوب با‪٠‬توؼ‪ ،‬كالبطوف با‪ٞ‬توع‪ ،‬كاألمواؿ بالنقص‪ ،‬كاألنفس‬
‫با‪١‬توت‪ ،‬كالثمرات باآلفات‪ ،‬كىذا الببلء العاـ لكل ا‪١‬تخلوقات إ‪٪‬تا الختبارىم كإظهار درجة‬
‫(ِ)‬
‫إٯتاهنم‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ‬
‫كقاؿ سبحانو كتعاذل يصف ا‪١‬تؤمنُت الصادقُت الناجحُت ُب امتحاف الببلء‪:‬‬

‫ﮋﭺﭻﭼﭽﭾﭿ(ّ)ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮊ‬
‫(ْ)‬

‫‪ -‬ىذا كقد جعل اهلل االختبار كاالمتحاف لتمييز الصادقُت ُب اإلٯتاف من ا‪١‬تنافقُت كالكاذبُت‪.‬‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٕٓ-ُٓٓ :‬‬


‫(ِ) سورة ‪٤‬تمد‪.ُّ:‬‬
‫(ّ) البأساء‪ :‬الفقر‪ ،‬الضراء‪ :‬ا‪١‬ترض‪ ،‬حُت البأس‪ :‬ا‪ٟ‬ترب‪.‬‬
‫(ْ) سورة البقرة‪.ُٕٕ :‬‬
‫‪- 266 -‬‬
‫قاؿ سبحانو‪ :‬ﮋﮡ ﮢﮣﮤ ﮥﮦﮧﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ‬
‫(ُ)‬
‫ﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶﮷﮸﮹﮺ﮊ‬
‫‪ -‬ىذا كقد بيٌنت السنة الشريفة أ‪٫‬تية ىذا النوع من الصرب‪ ،‬كثوابو العظيم ُب كثَت من األحاديث‬
‫النبوية‪ ،‬كمنها ا‪ٟ‬تديث القدسي‪ ( :‬قاؿ اهلل تعاذل‪ :‬إذا كجهت إذل عبد من عبيدم مصيبة ُب بدنو‬
‫أك ُب كلده أك ُب مالو فاستقبلها بصرب ‪ٚ‬تيل استحييت يوـ القيامة أف أنصب لو ميزانا أك أنشر‬
‫لو ديوانا ) (ِ)‪.‬‬
‫ب(ْ) ىكالى ىى ٍّم ىكالى يحٍزوف ىكالى أىذنل‬
‫صو‬ ‫و (ّ)‬ ‫ً ً‬ ‫‪ -‬كعن النيب ‪ ‬قاؿ‪ « :‬ما ي ً‬
‫صب ى ى ى‬
‫ك‬ ‫ى‬‫ال‬
‫ك‬ ‫يب الٍ يم ٍسل ىم م ٍن نى ى‬ ‫ص‬
‫ى ي ي‬
‫ىكالى ىغ ٍّم ىحىت الش ٍوىك ًة يي ىشا يك ىها ‪ ،‬إًال ىكفىر اللوي ًهبىا ًم ٍن ىخطىايىاهي »(ٓ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ ‪ « :‬ىما يىػىز ياؿ الٍبىبلىءي بًالٍ يم ٍؤًم ًن ىكالٍ يم ٍؤًمنى ًة ًُب نىػ ٍف ًس ًو ىكىكلى ًدهً ىكىمالًًو ىحىت يىػ ٍل ىقى اللوى ىكىما ىعلىٍي ًو‬
‫ىخ ًطيئىةه »(ٔ)‪.‬‬
‫‪ -‬وقد جعل العلماء الصبر على ثالثة أشكال‪:‬‬
‫صبر باهلل ‪ :‬أم صرب باالستعانة بو‪ ،‬كاالعتقاد بأنو ىو ا‪١‬تصرب‪ ،‬كأف صرب العبد بربو‬
‫‪ -‬األول ٌ‬
‫ال بنفسو‪ ،‬كما قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﮊ(ٕ) يعٍت‪ :‬إف دل يصربؾ اهلل لن‬
‫تصرب‪.‬‬

‫(ُ) سورة العنكبوت‪.ّ-ُ :‬‬


‫(ِ) أخرجو الًتمذم عن أنس ‪ُ ‬ب جامع األحاديث القدسية‪ ( .‬كىو ضعيف )‬
‫(ّ)النصب ‪ :‬التعب‬
‫(ْ)الوصب ‪ :‬األدل كالسقم الدائم‬
‫(ٓ)أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫(ٔ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أيب ىريرة ‪ ‬كقاؿ‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫(ٕ) سورة النحل‪.ُِٕ :‬‬
‫‪- 267 -‬‬
‫‪ -‬والثاني الصبر هلل ‪ :‬كىو أف يكوف الباعث على الصرب ‪٤‬تبة اهلل كإرادة كجهو‪ ،‬كالتقرب إليو‬
‫ال إظهار قوة النفس‪ ،‬كاالستحماد إذل ا‪٠‬تلق كغَت ذلك من األعراض‪.‬‬

‫‪ -‬الثالث الصبر مع اهلل ‪ :‬كىو دكراف العبد مع مراد اهلل منو‪ ،‬كمع أحكامو الدينية صابرا‬
‫نفسو معها سائرا بسَتىا مقيما بإقامتها يتوجو معها أىن توجهت ركائبها‪ ،‬كينزؿ معها أىن أقامت‬
‫مضارهبا‪.‬‬

‫‪ -‬فهذا معٌت كونو صابران مع اهلل أم جعل نفسو كقفان على أكامره ك‪٤‬تابو كىو أشد أنواع الصرب‬
‫كأصعبها على النفس كىو صرب الصديقُت‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 268 -‬‬


‫الباب الخامس‪:‬‬
‫أبحاث في التصوف‬
‫ٌ‬
‫ٔ‪ -‬أولياء اهلل‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬كرامات األولياء‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬التوسل‪.‬‬

‫‪- 269 -‬‬


‫أولً‪ -‬أولياء اهلل‬
‫‪-‬الواليػػة عبلقػػة متبادلػػة بػػُت العبػػد كربػػو‪ ،‬فهنػػاؾ كاليػػة العبػػد لربػػو بػػأف ٭تػػب العبػػد ربػػو‪ ،‬فيسػػعى إذل‬
‫رضػاه كطاعتػو كتنفيػػذ أكامػره‪ ،‬كٖتقيػػق شػرعو‪ ،‬ككاليػة اهلل لعبػػده بنصػرتو كحفظػػو كمسػاعدتو كىدايتػػو‬
‫(ُ)‬
‫كإرشاده‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭘﭙﭚﭛﮊ‬

‫ػاهتم أف يعتمػػدكا علػػى أكليػ ً‬


‫ػاء أمػػوًرًىم‪ ،‬فلكػػل إنسػ و‬ ‫‪ -‬فقػػد اعتػػاد النػػاس ُب كثػ وَت مػػن أمػػوًر حيػ ً‬
‫ػاف كرلي‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫عم أك خاؿ‪.‬‬ ‫أخ أك ٍّ‬
‫أب أك ٍّأـ أك و‬ ‫يدير أموره كيتدبر أحوالىو من و‬
‫ي‬ ‫ي ى‬
‫يعتمد عليو‬
‫أعلم من كل كرل ي‬ ‫ك‬ ‫أقول‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫د‬
‫ى‬ ‫ق‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫أ‬‫ك‬ ‫أفضل‬‫ك‬ ‫أكمل‬ ‫ن‬‫ا‬‫لي‬‫ك‬ ‫ذ‬‫ى‬ ‫يتخ‬ ‫أف‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫ا‪١‬تؤم‬ ‫ً‬
‫باستطاعة‬ ‫‪ -‬لكن‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫الفوز‬ ‫ً‬ ‫فحسب بل ُب ‪ٚ‬تي ًع أموًر دنياه كدينً ًو كآخرتًًو‪ ،‬ضامنان ً‬ ‫ال ُب أموًر الدنيا‬
‫لنتائج اعتماده عليو ى‬ ‫ي‬
‫ظ‪ ،‬إنو اهلل‪ ،‬اهللي سبحانىوي الذم ارتضى أف يكو ىف كليان ‪١‬تن أر ىاد‪ ،‬قاؿ اهلل‬ ‫التوفيق كا‪ٟ‬تف ى‬
‫النجاح ك ى‬‫ك ى‬
‫تعاذل على لساف نبيو يوسف ‪: ‬‬

‫(ِ)‬
‫ﮋﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﮊ‬

‫الضعف الذم نعانيو‪ ،‬كالفق ًر‬ ‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬


‫أماـ ىذا‬‫ارل اهللى ك‪٨‬تن ُب أشد ا‪ٟ‬تاجة إذل ًكاليتو‪ ،‬ى‬ ‫‪ -‬فما أحرانا أف نو ى‬
‫ب‬ ‫ا‪١‬تصائب اليت تو ًاج يهنا‪ ،‬كال يفر ًقة اليت ي٘تىزقينا‪ ،‬كتكالي ً‬
‫ً‬ ‫ت بنا‪،‬ك‬ ‫الذم نشكو منو‪ ،‬كاألمر ً‬
‫اض اليت أىلىم ٍ‬
‫ٍ‬
‫العدك الذم يهد يدنا‪ ،‬كاإلحاطة اليت أحطنا هبا‪ ،‬كالتهديد الذم يوجو إلينا‪.‬‬
‫لتزـ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -‬كإذا أراد ا‪١‬تسلم ًكاليةى اهللً‬
‫ب من العبد أف ي ى‬ ‫ارل اهلل‪ ،‬حىت يواليىوي اهللي‪ ،‬كىذا يتطل ي‬
‫ى‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫أف‬ ‫عليو‬ ‫‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫(ّ)‬
‫طاعةى اهللً‪ ،‬فيتوذل اهللي ًحفظىوي كًرعايتىوي‪ ،‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﮋﭘﭙﭚﮊ‬

‫(ُ)سورة األعراؼ‪.ُٗٔ :‬‬


‫(ِ)سورة يوسف‪.َُُ :‬‬
‫(ّ)سورة األعراؼ‪.ُٗٔ :‬‬
‫‪- 271 -‬‬
‫ػض اجملػذكبُت البيسػطاءى‬
‫ػاطئ فمػنهم ىمػ ٍن يىػعيػد أف بع ى‬ ‫عند كث وَت من الناس مفه ه‬
‫ػوـ خ ه‬ ‫كمفهوـ الورل ى‬
‫ي‬ ‫‪-‬‬
‫ا‪١‬تهملُت ً‬
‫لشأهنم ً‬
‫كثياهبم يى ٍم أكلياءي اهللً‪.‬‬
‫ػاء ىػو كرل مػن أكلي ً‬
‫ػاء اهللً‪ ،‬كلػو‬ ‫ػماء كٯتشػي علػى ا‪١‬ت ً‬
‫‪ -‬كمنهم من يػعد الذم يدعي أنو يطَت ُب الس ً‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫ى ٍ ىي‬
‫امر اهللً ككاف عاصيان‪.‬‬
‫خالف أك ى‬
‫ى‬
‫‪ -‬كقد اتفق العلماء على أف الرجل لو طار ُب ا‪٢‬تو ًاء‪ ،‬أك مشى على ً‬
‫ا‪١‬تاء‪ ،‬ال ييغًت بو حىت يػيٍنظىىر‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬
‫كس ًنة نبيو‪.‬‬ ‫ً ً‬ ‫ًً‬
‫إذل متىابىعتو لكتاب اهلل ي‬
‫ً‬
‫بالعلماء كا‪١‬تربُت كالػدعاةً كأى ًػل الػذكر كالعًٍرفػاف‪،‬‬ ‫جهة و‬
‫ثانية فإف ال ًواليةى أيضان ال ٗتتص‬ ‫‪ -‬ىذا كمن و‬
‫ؼ هبم القرآ يف ُب قولًًو تعاذل‪:‬‬‫كإ‪٪‬تا أكلياءي اهللً ىم الذين ىعر ى‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬
‫(ُ)‬
‫ﭟﭠ ﮊ‬

‫آمن إٯتانان حقيقيان‪ ،‬كاتقى اهللى حق تقاتًًو‪،‬‬ ‫ً‬


‫‪ -‬فللوالية إذف صفتاف‪ :‬اإلٯتا يف كالتقول‪ ،‬فكل مسل وم ى‬
‫(ِ)‬
‫كاف كليان هللً ‪ ،‬قاؿ اهلل تعاذل مؤكدان ذلك‪ :‬ﮋﯬﯭﯮﯯﮊ‬

‫(ّ)‬
‫‪ -‬كقاؿ سبحانو كتعاذل أيضان‪ :‬ﮋﭟﭠﭡﭢﮊ‬

‫فقاؿ ‪٢‬تم‪« :‬إف أكليائي منكم ا‪١‬تتقوف» (ْ)‪.‬‬


‫‪ -‬كركم عن النيب ‪ ‬أنو ‪ٚ‬تع قريشان ى‬

‫(ُ)سورة يونس‪.ْٔ-ِٔ :‬‬


‫(ِ)سورة آؿ عمراف‪.ٖٔ :‬‬
‫(ّ)سورة األنفاؿ‪.ّْ :‬‬
‫(ْ)أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب ا‪١‬تستدرؾ عن عبيد بن رفاعة‪ ،‬عن أبيو‪ ،‬عن جده‪.‬‬
‫‪- 271 -‬‬
‫‪ -‬إذان كل مسل وم ى‬
‫يصبح كليان هلل ‪ ‬إف كاف إٯتانيوي يقينيان ككانت تقواه حقيقة‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تفظ ك ً‬
‫الرعاية كالبشرل ُب الدنيا كُب اآلخرةً‬ ‫بالعناية ك ً‬
‫ً‬ ‫ت فيو ىذهً ال ًواليةي‪ٌ ،‬‬
‫تواله اهللي‬ ‫‪ -‬كمن ىٖتق ىق ٍ‬
‫العظيم كما قاؿ اهلل تعاذل‪:‬‬
‫ي‬ ‫الفوز‬
‫كٖتق ىق لو ي‬

‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ‬

‫ﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ‬
‫(ُ)‬
‫ﭰﭱﭲﮊ‬

‫‪ -‬ىذا كإف اهلل ‪ ‬يغار على أكليائو‪ ،‬فيحفظهم‪ ،‬ك٭تارب كل من عاداىم‪ ،‬يبػُت النػيب ‪ ‬ذلػك‬
‫ب‪ٍ-،‬ب بُت اهلل ‪ ‬كيف يصػل ا‪١‬تسػلم‬ ‫اؿ ىم ٍن ىع ىادل رل ىكلًيٌان فىػ ىق ٍد آ ىذنٍػتيوي بً ىٍٍ‬
‫ا‪ٟ‬تر ً‬ ‫ُب قولو‪ « :‬إًف اللوى قى ى‬
‫ػت ىعلىٍيػ ًػو‪ ،‬ىكىمػػا يىػ ىػز ياؿ‬ ‫ً‬ ‫ً ً و‬
‫ىحػػب إً ىرل ‪٦‬تػػا افٍػتىػىر ٍ‬
‫ضػ ي‬ ‫ب إ ىرل ىعٍبػػدم ب ىش ػ ٍيء أ ى‬
‫إذل ىػػذه الواليػػة فقػػاؿ‪ -:‬كمػػا تىػ ىقػػر ى ً‬
‫ىى‬
‫صػ ىػرهي الػ ًػذم‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ػت ى‪ٝ‬تٍ ىعػػوي الػػذم يى ٍسػ ىػم يع بًػػو‪ ،‬ىكبى ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ب إًرل بًالنػ ىوافػ ًػل ىحػػىت أيحبػػوي‪ ،‬فىػًإ ىذا أ ٍ‬
‫ىحبىٍبتيػػوي يكٍنػ ي‬
‫ً‬
‫ىعٍبػػدم يىػتىػ ىقػػر ي‬
‫ش ًهبىػا ىكًر ٍجلىػوي ال ًػيت ٯتىٍ ًشػى ًهبىػا‪-،‬عنػد ذلػك يسػتجيب اهلل لػدعاء ىػذا الػورل‬ ‫ً ً‬
‫يػيٍبصير بًو‪ ،‬ىكيى ىدهي ال ًيت يىػٍبطي ي‬
‫ً‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت ىعػ ٍػن ىش ػ ٍيء أىنىػػا فىاعليػػوي‬ ‫ك٭تقػػق آمالػػو‪ -‬ىكإً ٍف ىس ػأىلىًٍت أل ٍيعطيىػنػػوي‪ ،‬ىكلىػػئ ًن ٍ‬
‫اس ػتىػ ىعا ىذًين أليعي ىذنػػوي‪ ،‬ىكىمػػا تىػ ىػرد ٍد ي‬
‫ت ىكأىنىا أى ٍكىرهي ىم ىساءىتىوي » (ِ)‪.‬‬ ‫تىػرد ًدم عن نىػ ٍف ً ً‬
‫س الٍ يم ٍؤم ًن‪ ،‬يى ٍكىرهي الٍ ىم ٍو ى‬ ‫ىٍ‬ ‫ى‬
‫و‬ ‫و‬
‫‪ -‬ىػػذا مػػن جهػػة‪ ،‬كمػػن جهػػة أخػػرل فال ًواليػػة ال تعػػٍت أبػػدان ى‬
‫ضػ ٍعفان كاسػػتكانةن كفقػران كذيالن كبػي ٍعػدان عػػن‬
‫الدنيا كما فيها‪.‬‬

‫ظ‪ ،‬فهػػي تعػػٍت القػػوةى كالعًػزةى كالغػػٌت‪ ،‬كالنصػ ىػر‬


‫ػوز كا‪ٟ‬تًف ػ ى‬ ‫ً‬
‫‪ -‬بػػل ال ًواليىػةي أ ٍف تىسػػتمد مػػن اهلل التأييػ ىػد كالفػ ى‬
‫الفوز العظيم‪.‬‬ ‫ا‪١‬تبُت‪ ،‬ك ى‬ ‫ى‬

‫(ُ)سورة يونس‪.ْٔ-ِٔ :‬‬


‫(ِ)أخرجو البخارم ُب صحيحو عن أيب ىريرة ‪.‬‬
‫‪- 272 -‬‬
‫ػاح كالفػػرًح‪ ،‬عػػز القػػوةً‬
‫ك ًع ػز الػػدنيا كاآلخػػرةً كعػػز النجػ ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬عنػػدما يكػػوف ا‪١‬تػػؤمن موالي ػان هلل فهػػو ٯتل ػ ي‬
‫كالنصػ ًر‪ ،‬كعػػز الرفعػ ًػة كالسػ ٍػؤيد ًد‪ ،‬فهػػو قػػو ي‬
‫م بػػاهلل‪ ،‬منتصػهػر بػػاهلل‪ ،‬موفػ هػق بتوفيػ ًػق اهلل‪٤ ،‬تفػػو هظ بػػأم ًر اهللً‪،‬‬
‫اح‪.‬‬
‫ك‪٧‬تاح كانشر ه‬
‫كفوز ه‬ ‫سركر ه‬‫الخوؼ عليك كال ىحىز هف بل ه‬ ‫ه‬ ‫كعند ذلك‬

‫‪ -‬الخوؼ عليك مػن أف يلحقػك مكػركه‪ ،‬كال حػزف مػن فػوات مطلػوب‪ ،‬فػبل ٗتػاؼ مػن مسػتقبل‬
‫ال تعرفو‪ ،‬كال ٖتزف من حاضر ٯتتحنك اهلل بو‪ ،‬بل أنت ر و‬
‫اض بػأمر اهلل‪ ،‬مطمػئن لعطػاء اهلل‪ ،‬ألنػك‬
‫كاليت اهلل‪ ،‬فواالؾ اهلل‪.‬‬

‫(ُ)‬
‫النار ال يٖترقو بل كانت‪ :‬ﮋﯚﯛﮊ‬ ‫اىيم ً‬ ‫ً‬
‫ا‪٠‬تليل ‪ ‬جعلت ى‬ ‫‪ -‬كاليةي اهلل إلبر ى‬
‫(ِ)‬
‫معوي‪:‬ﮋﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﮊ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كم ٍن ى‬
‫البحر اليػي ٍغرقيوي ى‬
‫‪ -‬ككاليةي اهلل ‪١‬توسى ‪ ‬جعلىت ى‬
‫‪٤‬تاصهر‪:‬‬ ‫ً‬
‫ر‬ ‫الغا‬ ‫ُب‬ ‫كىو‬ ‫يقوؿ لصاحبً ً‬
‫و‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ت‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬ ‫جع‬ ‫‪‬‬ ‫لسيدنا و‬
‫‪٤‬تمد‬ ‫‪ -‬كًكاليةي اهللً ً‬
‫ى‬ ‫ي‬

‫النصر كا‪ٟ‬تًٍف ي‬ ‫ﮋﯘﯙﯚﯛﯜﮊ‬


‫(ّ)‬
‫ظ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ة‬
‫ي‬ ‫السكين‬
‫ك‬ ‫الفتح‬
‫ي‬ ‫ك‬ ‫األمن‬
‫ي‬ ‫فنزؿ‬

‫ت الصػحابةى كالتػابعُت‪ ،‬كالواليػةي ح ًفظىػ ً‬


‫ت ا‪١‬تػؤمنُت‬ ‫ت األنبياء كالرسل‪ ،‬كالواليةي ح ًفظى ً‬ ‫‪ -‬الواليةي ً‬
‫حفظى ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى يي ى‬
‫كقت كحُت‪.‬‬‫ا‪١‬تتقُت ُب كل و‬

‫كع ًم ىل بأركاهنا‪.‬‬
‫‪٨‬توىا ى‬
‫ظ كل ىم ٍن طلبها كسعى إليها كتقد ىـ ى‬ ‫‪ -‬كال ًوالية ى‬
‫اليوـ ىٖتف ي‬
‫ً‬
‫الفتوحات على أيػديهم كانتش ىػر‬ ‫كنصرىم كأجرل‬ ‫ً‬
‫‪ -‬الصحابةي كلهم ‪ ‬كانوا أكلياءى هلل فأعزىم اهللي ى‬
‫الدين بدعوهتم‬
‫ي‬

‫(ُ)سورة األنبياء‪.ٔٗ :‬‬


‫(ِ)سورة الشعراء‪.ِٔ :‬‬
‫(ّ)سورة التوبة‪.َْ :‬‬
‫‪- 273 -‬‬
‫‪ -‬التػػابعوف كلهػػم كػػانوا أكليػػاء هلل فىػ ىدكنيوا العلػػوـ اإلسػػبلميةى ا‪١‬تختلف ػةى‪ ،‬كنشػػركىا ُب الػ ً‬
‫ػببلد‪ ،‬كتػػابعوا‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫مُت كىادين مهديُت‪.‬‬ ‫ً‬
‫الفتوحات اإلسبلميةى كانتشركا دعا نة معل ى‬
‫ً‬
‫اإلسبلـ كيدافعوف عنو ُب كل مكاف‪.‬‬ ‫‪ -‬كأكلياءي اهلل ُب كل زماف ٭تملوف رايةى‬

‫كالية ا‪١‬تسل ًم هلل‪ ،‬فإف اهلل ‪ ‬يتواله ُب كل شػؤكنًًو ُب دينًػ ًو كدنيػاهي كآخرتػً ًو‪ ،‬فػبل خ ه‬
‫ػوؼ‬ ‫‪ -‬كمقابل ً‬
‫ى‬
‫ػتجيب‬ ‫ً‬
‫آالمه ػػم كيس ػ ي‬‫ػدفع ع ػػنهم ى‬ ‫عل ػػى ى ػػؤالء األكلي ػػاء كال ى ػػم ٭تزن ػػوف ب ػػل ك٭تقػ ػ يق اهللي آم ػػا ى‪٢‬تم كي ػ ي‬
‫العظيم‪.‬‬ ‫الفوز‬
‫ي‬ ‫ك‪٢‬تم‬ ‫دعاءىم‪ ،‬فلهم البشرل ُب ا‪ٟ‬تياةً الدنيا كُب اآلخرةً‬
‫ي‬ ‫ى‬
‫ً‬
‫ضػعي يفوا فػاهلل كلػيهم فبػو يىػ ٍقػ ىوٍكف‪ ،‬كإف م ًر ي‬
‫ضػوا فػاهللي كلػيهم‬ ‫‪ -‬فإف افتقركا فاهللي ىكليػ يه ٍم فبػو يىػ ٍغنىػ ٍػوف‪ ،‬كإف ى‬
‫ػركهبم‬
‫ضػ ٍع يف يهم‪ ،‬كبػو تػي ٍفػىر يج ك ي‬
‫ػزكؿ ى‬
‫ت فاهللي كلػيهم فبػو ي ي‬
‫فبو يي ٍش ىف ٍوف‪ ،‬كإف ضاقت عليهم الدنيا ٔتا ىر يحبى ٍ‬
‫تزكؿ آالمهم‪.‬‬
‫كبو ي‬
‫‪ -‬كإف طلب ػوا ش ػػيئان ف ػػاهلل كل ػػيهم ٭تق ػق ‪٢‬ت ػػم مط ػػالبػهم‪ ،‬كيس ػػتجيب دع ػػاءىم ك٭ت ٌق ػػق ‪٢‬ت ػػم رغب ػ ً‬
‫ػاهتم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ىي ٍ‬ ‫ي‬
‫ك٭تفظيهم ُب دينًهم كدنياىم كآخرًهتم‪.‬‬

‫‪ -‬كٔتػػا أف مقػػاـ الواليػػة مقػػاـ عظػػيم كمػػن الواجػػب أف يسػػعى كػػل مػػؤمن أف يصػػل إليػػو‪ ،‬فػػإف أىػػل‬
‫التصوؼ كرجاالتو ىم من أكلياء اهلل كأحبابو‪ ،‬يبغػوف بًتبيػتهم كتػوجيههم كسػلوكهم نقػل ا‪١‬تريػد إذل‬
‫ىذا ا‪١‬تقاـ مقػاـ الواليػة ليصػبح كليػان هلل‪ ،‬كىػذا مػن أكائػل اىتمػامهم كسػعيهم إليصػاؿ مريػديهم إذل‬
‫ى ػػذا ا‪١‬تق ػػاـ اإلٯت ػػاين الع ػػارل ال ػػذم كص ػػل إلي ػػو الص ػػحابة بتزكي ػػة رس ػػوؿ اهلل ‪ ‬نفوس ػػهم‪ ،‬كس ػػعى‬
‫الصحابة إليصاؿ التابعُت إذل ىذا ا‪١‬تقاـ‪ ،‬كيتتابع العمل هبذه الطريقة إذل يوـ الدين‪.‬‬

‫‪ -‬كلػػو تتبعنػػا أخبػػار أكليػػاء اهلل الػػذين كال ػوا اهلل ككاالىػػم اهلل لوجػػدنا العجػػب العجػػاب مػػن مظػػاىر‬
‫عناية اهلل هبم‪ ،‬كتأييدىم‪ ،‬كٖتقيق آما‪٢‬تم ُب الدنيا قبل اآلخرة‪ ،‬كاآلخرة خَت كأبقى‪.‬‬

‫‪- 274 -‬‬


‫‪( -‬يركم اللواءي الدكتور ‪٤‬تمود شيت خطاب كىو من العراؽ‪ :‬قصةن كاقعية حقيقيةن جرت معو‬
‫ا‪١‬ترض كثَتان‬ ‫ً ً‬
‫ملخصها أف صديقان لو عنده زكجةه مؤمنةه تقيةه أم‪ :‬ىي من أكلياء اهلل اشتد عليها ي‬ ‫ي‬
‫ك األ ىدلي‪،‬‬‫األكؿ ‪٢‬تا‪ :‬يا ابنيت لقد تعبت كثَتان كأمض ً‬
‫فقاؿ ي‬ ‫نومها أف شيخُت صا‪ٟ‬تُت أتياىا ى‬ ‫فرأىت ُب ً‬
‫ٍ‬
‫فتعارل كاستقرم ىنا كأشار إذل مكاف ‪٬‬تاكر‬ ‫ٍى‬ ‫يح‬
‫قر يمر و‬ ‫ً‬
‫الطويلة ُب مستى ٍّ‬ ‫ْتاجة إذل الر ً‬
‫احة‬ ‫و‬ ‫كأنت‬
‫مكانىو الذم ىو فيو لتسًت٭تي كلن تعاكد ًؾ اآلالـ ُب ىذا ً‬
‫ا‪١‬تكاف أبدان ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬
‫الع ٍو ًف كلن أنساؾ أبدان‪ ،‬فلما‬ ‫ًً‬
‫كقاؿ الثاين‪ :‬يا ابنيت سأكو يف ُب ىعونك حُت تكونُت ْتاجة إذل ى‬
‫عبد القاد ًر ا‪ٞ‬تيبلين‪ ،‬كقاؿ الثاين‪ :‬أنا أبو ى‬
‫أيوب‬ ‫الشيخ ي‬
‫ي‬ ‫سألىٍتهما عن ا‪ٝ‬تيهما قاؿ األكؿ‪ :‬أنا‬
‫األنصارم‪.‬‬
‫ػوؿ صػػاحب القصػػة فسػػألتٍت عػػن تفس ػ ًَت ىػػذا ا‪١‬تنػ ًػاـ فقلػ ي‬
‫ػت ‪٢‬تػػا خ ػَتان إف شػػاء اهلل كاسػػتقر ُب‬ ‫‪ -‬يقػ ي‬
‫ػوح ‪٢‬تػا بػذلك‪،‬‬ ‫اآلخ ًر فتسًت ي‬
‫يح الراحةى األبديػةى‪،‬كلكٍت دل أسػتطع أف أب ى‬ ‫العا ىدل ى‬
‫نفسي أهنا ىستىػٍر ىح يل إذل ى‬
‫كلكن الذم حَتين ُب ً‬
‫منامها ما عبلقةي الشيخُت هبا كٔتوهتا‪.‬‬

‫ػدًن ا‪١‬تسػػاعدةً لػػو فوجدتيػو ُب ىحٍي ػرةو‬ ‫‪ -‬كبعػ ىػد مػػدةو كجيػػزةو ماتػػت ىػػذه الوليػةي كأسػػرعت إذل ً‬
‫زكجهػػا لتقػ ً‬
‫ى‬ ‫ىٍ ي‬ ‫ٍ‬
‫ػيخ عبػ ًػد القػػاد ًر ا‪ٞ‬تػػيبلين‬
‫ػبب ىحٍيػىرتًػ ًو أهنػػا كص ػت أف تيػ ٍدفى ىن ُب مقػػربةً الشػ ً‬ ‫ػت أف سػ ى‬ ‫مػػن أم ػ ًرهً كعلمػ ي‬
‫ً‬
‫ت علػػى اهلل‬ ‫ػزكج مػػٍت أف أسػػعى ُب ٖتقيػ ًػق أمنيتهػػا ‪١‬تػػا يعرفيػوي مػػن مكػػاين كمعػػارُب‪ ،‬كتوك ٍل ػ ي‬ ‫ب ال ػ ي‬ ‫كطلى ػ ى‬
‫ػيات كب ػَتةو جػػدان دل ييسػػمح ‪٢‬تػػم‬ ‫كقمػػت باتصػػاالٌب مػػع معػػرفيت صػػعوبةى ىػػذا األم ػ ًر فكػػم مػػن شخصػ و‬
‫ي‬
‫ػيخ عبػ ًػد‬ ‫بالػػدف ًن ُب تلػػك ا‪١‬تقػػربةً كلكػػن ا‪١‬تيس ػر يىس ػر األمػػر فقػػد يىيػػئ قبػػل أيػ وػاـ قػػربه ّتانػ ً‬
‫ػب ق ػ ًرب الشػ ً‬ ‫ى‬ ‫ي ي ى ى‬
‫ً‬ ‫القاد ًر ا‪ٞ‬تيبلين‪ ،‬يً‬
‫ك‪ٝ‬ت ىح لنا باستخدامو‪ ،‬كصلينا ا‪١‬تغرب ُب حرـ مسجد عبد القاد ًر ا‪ٞ‬تيبلين‪ ،‬كح ى‬
‫ػُت‬
‫ػلمة كأنػػا أفكػر ُب ً‬
‫منامهػػا‬ ‫ت الصػػبلةي نػػادل اإلمػػاـ يػػدعو ا‪١‬تصػػلُت إذل الصػػبلةً علػػى ا‪١‬تػرأةً ا‪١‬تسػ ً‬ ‫قيضػي ً‬
‫ى‬ ‫ي‬
‫ػوب‬ ‫فق ػػد حقػ ػق اهلل رؤياى ػػا ُب دع ػػوةً الش ػ ً ً‬
‫ػيخ عب ػػد الق ػػادر لتك ػػو ىف إذل جانب ػػو ف ػػأين مك ػػا يف أيب أي ػ ى‬ ‫ى ي‬
‫ػُت حاجػان مػػن‬ ‫و‬
‫ت سػػيارتاف كبَتتػػاف‪ٖ ،‬تمػ يػل كػػل كاحػػدة منهمػػا ثبلثػ ى‬ ‫األنصػػارم ُب رؤياىػػا كفجػػأةن كق ىفػ ٍ‬

‫‪- 275 -‬‬


‫ػامهم صػفان‬‫م‬‫أ‬ ‫ا‬
‫ك‬ ‫ػد‬‫ج‬‫كك‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‪١‬تسجد مهركلُت بإتاه حرًـ ا‪١‬تس ً‬
‫ػجد‬ ‫ً‬ ‫باب‬ ‫األتر ًاؾ‪ ،‬ترجليوا‬
‫ى‬ ‫ىى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫ي ٍ‬ ‫مسرعُت كدخلوا ى‬
‫ى‬
‫ً‬
‫الصف كشاركوا ُب الصبلة‪.‬‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬ترحومة فانضموا إذل ذلك‬ ‫يد الصبل ىة على‬ ‫ير ي‬

‫كقاؿ‬
‫زكجها يتكل يم الًتكيةى فسلموا عليو ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬كبعد أف قيضيت الصبلةي التفتوا يسألو ىف عن ا‪١‬ترأة ككاف ي‬
‫ىنالك‬ ‫ً‬
‫مسجدهً‬ ‫ً‬
‫كىؤالء من ا‪١‬تصلُت ُب‬ ‫أيوب األنصارم كىذا ىخ ًطيبيو‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫إماـ مسجد أيب ى‬ ‫إمامهم‪ :‬أنا ي‬
‫ي‬
‫قوؿ اهللً ‪: ‬‬
‫كجدت ا‪ٞ‬تواب كسارع إذل شفيت ي‬
‫‪.‬‬ ‫ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﮊ )‬
‫(ُ) (ِ)‬

‫‪( -‬تػػاجر مش ػػهور ُب ىػػذا البل ػػد كانػػت ي ػػداه ط ػػويلتُت ُب أعمػػاؿ ا‪٠‬تػػَت كالػػرب‪ ،‬كمس ػػاعدة الفق ػراء‬
‫كاحملتاجُت كتى ٍدي ً‬
‫ُت ا‪١‬تعوزين كالغارمُت ‪.‬‬

‫‪ -‬خسػػرت ٕتارت ػو‪ ،‬كأدت بػػو إذل اإلفػػبلس النهػػائي‪٦ ،‬تػػا اضػػطره إذل بيػػع كػػل مػػا ٯتلػػك حػػىت منزلػػو‬
‫ال ػػذم يقطن ػػو إليف ػػاء حق ػػوؽ اآلخ ػرين علي ػػو كحف ػػظ ‪ٝ‬تعت ػػو كش ػػرفو ‪ ،‬كدل ‪٬‬ت ػػد بيت ػان يس ػػكن في ػػو إال‬
‫أحد أصدقائو من التجار ‪.‬‬
‫مستودعان صغَتان ُب قبو عمارة قدٯتة ُب ح وي قدًن قدمو لو ي‬
‫‪ -‬صرب ىو كعائلتو ا‪١‬تؤمنة على قضاء اهلل تعاذل كقدره كببلئو كامتحانو سنةن كاملة ‪ ،‬كانػت األسػرة‬
‫خبل‪٢‬تػػا تعػػيش عيشػػة فقػػر دل تتعػػود عليهػػا سػػابقان أبػػدا ‪ ،‬كلكنهػػا كانػػت أسػػرة مؤمنػػة صػػادقة صػػابرة‬
‫شاكرة حامدة ‪.‬‬

‫‪ -‬كما كانت ال تًتؾ صبلة التهجد كتتطيل السجود ُب الليل ككاف التاجر ينػاجي ربػو ‪ ،‬يػارب ‪:‬‬
‫أنت العليم ْتارل ‪ ،‬فبل ٗتيب رجائي ‪.‬‬

‫‪ -‬يارب ‪ :‬مارددت يومان سائبلن ‪ ،‬كما طالبت مديونان ككنػت دائمػان ُب عػوف عبػادؾ‪ ،‬كالتيسػَت علػى‬

‫(ُ)سورة يونس‪ِٔ :‬‬


‫(ِ)‪٤‬تمود شيت خطاب‪ :‬تدابَت القدر‪.‬‬
‫‪- 276 -‬‬
‫ا‪١‬تعسر منهم ‪ ،‬كىا أنا اليوـ على بابك كما عهدتٍت‪٤ ،‬تتاج إليك كأنت كعدت بعونػك مػن أعػاف‬
‫يسر عليهم كبتنفيس الكربة عمن نفس يكرب ا‪١‬تكركبُت ‪.‬‬
‫عبادؾ ‪ ،‬كبتيسَتؾ أمور من ى‬
‫كاشف الض ًر كالبلول مع السق ًم‬
‫ى‬ ‫يا‬ ‫‪٬‬تيب يدعا ا‪١‬تضطر ُب الظلى ًم‬
‫يام ٍن ي‬
‫ى‬
‫‪ -‬كاف ىذا التاجر يناجي ربو باكيان كدل يكن أح هد يسمعو سول اهلل الذم ال يغيػب كال ينػاـ كىػو‬
‫السميع البصَت كىو على ً‬
‫كل شيء قدير ‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفعت برقية ىذا التاجر إذل اهلل ‪ ،‬فأصدر اهلل أمره بإسعاد ىذا التاجر ا‪١‬تؤمن الصادؽ‬
‫كإهناء ‪٤‬تننتو كمصيبتو ‪.‬‬

‫العملي لذلك ‪ ،‬رأل الشيخ أ‪ٛ‬تد ا‪ٟ‬تاركف ُب منامو النيب ‪ ‬كىو‬


‫ي‬ ‫‪ -‬والسؤال كيف كاف ا‪ٞ‬تو ي‬
‫اب‬
‫يكلفو بتحقيق ما أمر اهلل بو ‪٢‬تذا التاجر كىو شراء و‬
‫بيت لو على أف يكوف كاسعان ‪٦‬تتلئان بكل‬
‫النيب ‪ ‬الشيخ باسم التاجر كمكانو‪.‬استيقظ‬ ‫ً‬
‫حي من بقاع دمشق‪ ،‬كقد أىعلم ي‬
‫حاجاتو كُب أ‪ٚ‬تل ٌ‬
‫الشيخ أ‪ٛ‬تد ا‪ٟ‬تاركف كاستعاد ا‪١‬تناـ ُب ذىنو كلكنو كقف حائران كيف يشًتم ‪٢‬تذا التاجر البيت‬
‫ا‪١‬تطلوب كىو ال ٯتلك ا‪١‬تاؿ لشرائو‪ ،‬كما إف انتهى من استعراض أفكاره حىت ‪ٝ‬تع قرع الباب‪،‬‬
‫ففتح الباب‪ ،‬كإذا بأحد يٕتار ىذا ً‬
‫البلد الكبار يقدـ لو مبلغان كبَتان من ا‪١‬تاؿ كقاؿ لو تصرؼ ٔتا‬
‫عما ٭تقق أمر اهلل كاشًتل لو‬
‫أمرؾ بو النيب ‪‬أسرع الشيخ إذل مكاف التاجر كأخذ بيده باحثان ٌ‬
‫البيت ا‪١‬تطلوب كانتقلت العائلة شاكرةن حامدةن ‪.‬‬

‫عظم ليطف اهلل بعباده!) (ُ)‪.‬‬


‫‪ -‬ما أعظم ا‪١‬تؤمن عندما يكوف مع اهلل يمطىبقان لشرعو!‪.‬كما أ ى‬

‫الية هللً‪.‬‬ ‫أكؿ شعار ً‬


‫ات ال ًو ً‬ ‫ك ىو ي‬ ‫‪ً -‬‬
‫احفظ اهلل ٭تفظٍ ى‬

‫(ُ)‪٤‬تمد خالد رنكوسي‪ :‬من أعبلـ اإلحساف صّّ‪.‬‬


‫‪- 277 -‬‬
‫ً‬
‫‪٤‬تتويات بيتًها كأر ىاد أف ٮتر ىج من‬ ‫ك‪ٚ‬تع‬ ‫ص‬
‫ي‬ ‫‪( -‬رابعةي العدكيةي كق ىفت ليلةن تيصلٌي فدخل عليها لً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬
‫ب‬ ‫‪٬‬تد الباب فوضع ا‪١‬تتاع فرأل الباب ٍب أخ ىذ ا‪١‬تتاع ليخرج ً‬ ‫دا ًرىا فلم ً‬
‫الباب فتعج ى‬
‫ب عنو ي‬ ‫فحج ى‬ ‫ى ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬
‫من ذلك فى ىس ًم ىع نداءن يقوؿ‪:‬‬

‫كتاب إذل اهلل‬ ‫ت بنا فبل ننشغً يل عنها‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ا‪١‬تتاع ى‬
‫فًتؾ ى‬
‫الباب ى‬
‫ا‪١‬تتاع ىتر ى‬
‫دع ى‬ ‫ىحفظىٍتنا فحفظٍناىا‪ ،‬كانشغلى ٍ‬
‫ظ اهللً) (ُ)‪.‬‬
‫‪ ،‬ىذه ىي ال ًوالية كىذا حف ي‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ)انظر‪٤ :‬تمد عطية ‪ٜ‬تيس احملامي‪:‬رابعة العدكية‪.‬‬


‫‪- 278 -‬‬
‫ثانياً‪ -‬كرامات األولياء‬
‫‪( -‬الكرامة ىي‪ :‬أمر خارؽ للعادة‪ ،‬غَت مقركف بالتحدم‪ ،‬يظهر على يد عبد ظاىر الصبلح‬
‫ملتزـ ٔتتابعة النيب ‪ ‬مصحوب بصحيح االعتقاد كالعمل الصاحل‪ ،‬أما ا‪١‬تعجزة‪ ،‬فتكوف من‬
‫األنبياء كىي مقركنة بالتحدم) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬أجرل اهلل ‪ ‬على أيدم األنبياء كا‪١‬ترسلُت معجزات خارقة للعادة‪ ،‬كىي إخراج الشيء من‬
‫العدـ إذل الوجود‪ ،‬كا‪١‬تعجزات ال تكوف إال لؤلنبياء‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك ‪٬‬ترم اهلل ‪ ‬لؤلكلياء كرامات‪( :‬بإجابة دعوة‪ ،‬ك٘تاـ حاؿ‪ ،‬كقوة على فعل‪ ،‬ككفاية‬
‫مؤكنة‪ ،‬يقوـ ‪٢‬تم ا‪ٟ‬تق هبا‪ ،‬كىي ‪٦‬تا ٮترج عن العادات) (ِ)‪.‬‬

‫‪( -‬كمن الفركؽ بُت ا‪١‬تعجزات كالكرامات ما قالو اإلماـ أبو بكر بن فورؾ(ّ)‪ :‬أف األنبياء عليهم‬
‫السبلـ مأموركف بإظهارىا كالورل ‪٬‬تب عليو سًتىا كإخفاؤىا‪ ،‬كالنيب ‪ ‬يدعي ذلك‪ ،‬كيقطع‬
‫القوؿ بو‪ ،‬كالورل ال يدعيها‪ ،‬كال يقطع بكرامتها ‪ٞ‬تواز أف يكوف ذلك مكران) (ْ)‪.‬‬

‫‪( -‬كالكرامة ال تكوف إال لورل‪ ،‬كالورل ىو صاحب العقيدة الصحيحة ا‪١‬تواظب على العمل‬
‫الصاحل‪ ،‬كا‪١‬تتابعة للنيب ‪ ،‬كأما ما ‪٬‬ترم على أيدم بعض الزنادقة كطعن أجسادىم باألسلحة‬

‫(ُ)السفاريٍت‪ :‬لوامع األنوار البهية‪ ،‬جزءِ صِّٗ‪.‬‬


‫(ِ)انظر أبو بكر ‪٤‬تمد الكبلبازم‪ :‬التعرؼ ‪١‬تذاىب أىل التصوؼ صْٕ‪.‬‬
‫(ّ)(ابن فورؾ) ‪٤‬تمد بن ا‪ٟ‬تسن بن فورؾ األنصارم األصبهاين‪ ،‬أبو بكر‪ :‬كاعظ عادل باألصوؿ كالكبلـ‪،‬‬
‫من فقهاء الشافعية‪ٝ.‬تع بالبصرة كبغداد‪.‬كحدث بنيسابور‪ ،‬كبٌت فيها مدرسة‪ .‬كتوُب على مقربة منها سنة‬
‫(َْٔ ق ‪ َُُٓ /‬ـ)‪ .‬لو كتب كثَتة [األعبلـ للزركلي]‬
‫(ْ)القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صّْٓ‪.‬‬
‫‪- 279 -‬‬
‫ا‪ٟ‬تادة‪ ،‬كأكل النار كالزجاج مع كوهنم ‪٣‬تاىرين با‪١‬تعصية‪ ،‬منحرفُت عن دين اهلل تعاذل‪ ،‬فهو من‬
‫قبيل االستدراج‪ ،‬كأف الورل ال يستأنس بالكرامة‪ ،‬كال يتفاخر هبا على غَته) (ُ)‪.‬‬

‫‪( -‬كقاؿ علي ا‪٠‬تواص ر‪ٛ‬تو اهلل‪ :‬الكمل ٮتافوف من كقع الكرمات على أيديهم‪ ،‬كيزدادكف هبا‬
‫كجبلن الحتماؿ أف تكوف استدراجان)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ العبلمة فخر الدين الرازم‪( :‬إف صاحب الكرامة ال يستأنس بتلك الكرامة بل عند ظهور‬
‫الكرامة يصَت خوفو من اهلل تعاذل أشد كحذره من قهر اهلل أقول فإنو ٮتاؼ أف يكوف ذلك من‬
‫باب االستدراج ‪ ،‬كأما صاحب االستدراج فإنو يستأنس بذلك الذم يظهر عليو كيظن أنو إ‪٪‬تا‬
‫كجد تلك الكرامة ألنو كاف مستحقان ‪٢‬تا كحينئذ يستحقر غَته كيتكرب عليو ك٭تصل لو أمن من‬
‫مكر اهلل كعقابو كال ٮتاؼ سوء العاقبة فإذا ظهر شيء من ىذه األحواؿ على صاحب الكرامة‬
‫دؿ ذلك على أهنا كانت استدراجان ال كرامة) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد أ‪ٚ‬تع أىل اهلل كأكلياؤه أف أجل الكرامات التقيد بأكامر القرآف الكرًن كالسنة ا‪١‬تطهرة مع‬
‫االبتعاد عن النواىي كاحملرمات‪ ،‬فقد قاؿ أبو القاسم القشَتم‪( :‬كاعلم أف من أجل الكرامات اليت‬
‫تكوف لؤلكلياء دكاـ التوفيق للطاعات كالعصمة عن النواىي كا‪١‬تخالفات) (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كُب ذلك يقوؿ الشيخ أبو ا‪ٟ‬تسن الشاذرل ر‪ٛ‬تو اهلل‪( :‬الكرامة ا‪ٟ‬تقيقية إ‪٪‬تا ىي حصوؿ‬
‫االستقامة كالوصوؿ إذل كما‪٢‬تا‪ ،‬كمرجعها أمراف‪ :‬صحة اإلٯتاف باهلل ‪ ،‬كاتباع ما جاء بو رسوؿ‬
‫اهلل ‪ ‬ظاىران كباطنان‪ ،‬فالواجب على العبد أال ٭ترص إال عليها‪ ،‬كال تكوف لو ‪٫‬تة إال ُب الوصوؿ‬

‫(ُ)يوسف خطار ‪٤‬تمد‪ :‬ا‪١‬توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية صِْٔ‪.‬‬


‫(ِ) الشعراين‪ :‬اليواقيت كا‪ٞ‬تواىر جزءِ‪ ،‬صُُّ‪.‬‬
‫(ّ) الرازم ُب تفسَته‪ ،‬تفسَت سورة الكهف اآلية ٗ‪.ُِ-‬‬
‫(ْ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صّٔٓ‪.‬‬
‫‪- 281 -‬‬
‫إليها‪ ،‬كأما الكرامة ٔتعٌت خرؽ العادة‪ ،‬فبل عربة هبا عند احملققُت إذ قد يرزؽ هبا من دل تكتمل‬
‫استقامتو‪ ،‬كقد يرزؽ بو ا‪١‬تستدرجوف) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ‪( :‬إ‪٪‬تا ىي كرامتاف جامعتاف ‪٤‬تيطتاف‪ ،‬كرامة اإلٯتاف ٔتزيد اإليقاف كشهود العياف‪ ،‬ككرامة‬
‫العمل على االقتداء كا‪١‬تتابعة ك‪٣‬تانبة الدعاكم كا‪١‬تخادعة‪ ،‬فمن أعطيهما ٍب جعل يشتاؽ إذل‬
‫غَت‪٫‬تا فهو عبد مغًت كذاب ليس ذا حظ ُب العلم كالعمل بالصواب) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ الشيخ أ‪ٛ‬تد ا‪ٟ‬تاركف ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل‪( :‬كرامتاف ليس بعد‪٫‬تا كرامة‪ :‬اإلٯتاف كاالستقامة‪،‬‬
‫فإذا كجدًب رجبلن مستقيمان فبل تطلبوا منو كرامة) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كإف صاحب الكرامة عند األكلياء كالصا‪ٟ‬تُت ليس مفضبلن على غَته‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ اإلماـ الشافعي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل‪( :‬ال يلزـ أف يكوف كل من لو كرامة من األكلياء أفضل من‬
‫كل من ليس لو كرامة منهم‪ ،‬بل قد يكوف بعض من ليس لو كرامة منهم أفضل من بعض من لو‬
‫كرامة‪ ،‬ألف الكرامة قد تكوف لتقوية يقُت صاحبها كدليل على صدقو كعلى فضلو ال على‬
‫أفضليتو‪ ،‬كإ‪٪‬تا األفضلية تكوف بقوة اليقُت ككماؿ ا‪١‬تعرفة باهلل تعاذل) (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كذلك فإف األكلياء يعدكف عدـ ظهور الكرامة ليس دليبلن على عدـ الوالية‪ ،‬قاؿ اإلماـ‬
‫لورل ‪٬‬تب أف تكوف تلك بعينها ‪ٞ‬تميع األكلياء‪ .‬بل لو دل يكن للورل‬
‫القشَتم‪( :‬كليس كل كرامة ٌ‬
‫كرامة ظاىرة عليو ُب الدنيا دل يقدح عدمها ُب كونو كليان)(ٓ)‪.‬‬

‫(ُ) حامد صقر‪ :‬نور التحقيق‪ ،‬صُِٖ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬ترجع السابق‪.‬‬
‫(ّ) أبو ‪٤‬تمد ا‪٠‬تبلؿ‪ :‬كرامات األكلياء‪ ،‬صُٓ‪.‬‬
‫(ْ) اليافعي‪:‬نشر احملاسن الغالية‪ ،‬صُُٗ‪.‬‬
‫(ٓ) القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صّٓٓ‬
‫‪- 281 -‬‬
‫‪ -‬كُب ذلك يقوؿ الشيخ زكريا األنصارم(ُ) ُب شرحو لرسالة القشَتم عند ىذا الكبلـ‪:‬‬

‫(بل قد يكوف أفضل ‪٦‬تن ظهر لو كرامات ألف األفضلية إ‪٪‬تا ىي بزيادة اليقُت ال بظهور‬
‫الكرامة)(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬ك‪٬‬تب أف نعلم أف الكرامة قد تشبو السحر‪ ،‬فما الفرؽ بُت الكرامة كالسحر‪ ،‬أجاب على‬
‫ذلك الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردم‪ ،‬كقاؿ‪( :‬الفرؽ بينها كبُت السحر كونو يظهر على يد الفساؽ‬
‫كالزنادقة كالكفار الذين ىم على غَت شريعة كمتابعة‪ ،‬كأما الكرامة فبل تقع إال على يد من بالغ‬
‫ُب االتباع للشريعة‪ ،‬حىت بلغ الغاية) (ّ)‪.‬‬
‫‪ٍ -‬ب قاؿ‪( :‬كاعلم أف الكرامة عند أكابر الرجاؿ معدكدة من ‪ٚ‬تلة رعونات النفس إال إف كانت‬
‫لنصرة دين أك جلب مصلحة‪ ،‬ألف اهلل تعاذل ىو الفاعل عندىم ال ىم فالكوف ُب ‪٣‬تارم أقداره‬
‫أليق باألدب) (ْ)‪.‬‬
‫‪( -‬كلقد ثبتت كرامات األكلياء ُب كتاب اهلل تعاذل‪ ،‬كُب سنة رسولو ‪ ‬كُب آثار الصحابة رضواف‬
‫اهلل عليهم كمن بعدىم إذل يومنا ىذا‪ ،‬كأقرىا ‪ٚ‬تهور العلماء من أىل السنة كا‪ٞ‬تماعة من الفقهاء‬
‫كاحملدثُت كاألصوليُت كمشايخ الصوفية‪ ،‬كتصانيفهم ناطقة بذلك‪ ،‬كما ثبتت كذلك با‪١‬تشاىدة‬
‫العيانية ُب ‪٥‬تتلف العصور اإلسبلمية) (ٓ)‪.‬‬

‫(ُ)(زكريا األنصارم) أبو ٭تِت‪ :‬زكريا بن ‪٤‬تمد بن أ‪ٛ‬تد بن زكريا األنصارم السنيكي ا‪١‬تصرم الشافعي‪،‬‬
‫شيخ االسبلـ‪ .‬قاض مفسر‪ ،‬من حفاظ ا‪ٟ‬تديث‪.‬كلد ُب سنيكة (بشرقية مصر) كتعلم ُب القاىرة كتوُب سنة‬
‫(ِٔٗ ق ‪ َُِٓ/‬ـ) لو تصانيف كثَتة‪[ .‬األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ)القشَتم‪ :‬الرسالة القشَتية‪ ،‬صّٓٓ‬
‫(ّ) ‪٤‬تمد أمُت الكردم‪ :‬تنوير القلوب‪ :‬صْْٓ‪.‬‬
‫(ْ) ا‪١‬تصدر نفسو صْْٔ‪.‬‬
‫(ٓ) عبد القادر عيسى‪ :‬حقائق عن التصوؼ‪ ،‬صُّٔ‪.‬‬
‫‪- 282 -‬‬
‫‪ -‬أولً‪ :‬أما الدليل من القرآن الكريم‪:‬‬
‫فقد ذكر القرآف الكرًن ‪٪‬تاذج من الكرامات اليت ظهرت على األكلياء نذكر من ذلك‪:‬‬
‫ُ‪ -‬قولو سبحانو كتعاذل عن مرًن عليها السبلـ‪ ،‬كدل تكن نبيان كال رسوالن‪:‬‬

‫ﮋ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ‬

‫ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﮊ‬
‫(ُ)‬

‫‪ -‬كقولو سبحانو كتعاذل‪ :‬ﮋﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﮊ(ِ)‪ ،‬ككاف‬


‫جذع النخلة يابسان‪ ،‬فاخضر كتساقط منو الرطب ا‪ٞ‬تٍت‪ ،‬ككاف ىذا ُب غَت أكاف الرطب‪.‬‬

‫ِ‪ -‬قصة أصحاب الكهف كبقاؤىم ُب النوـ سا‪١‬تُت عن اآلفات مدة ثبل‪ٙ‬تائة كتسع سنُت‪،‬‬
‫كاألعاجيب اليت ظهرت عليهم كالكلب الذم معهم‪.‬‬

‫ّ‪ -‬قصة ا‪٠‬تضر مع موسى عليهما السبلـ‪ ،‬كما ظهر على يديو كىي أمور مناقضة للعادة‪ ،‬كدل‬
‫يكن نبيان‪ ،‬كإ‪٪‬تا كاف كليان‪.‬‬

‫ْ‪ -‬قصة آصف بن برخيا مع سليماف ‪ ‬على ما قالو ‪ٚ‬تهور ا‪١‬تفسرين ُب قولو تعاذل‪:‬‬

‫ﮋ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒﮓﮔ ﮕ ﮖﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮊ(ّ) فجاء بعرش بلقيس من‬


‫اليمن إذل بلقيس قبل ارتداد الطرؼ‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬الدليل من السنة الشريفة‪:‬‬

‫(ُ) سورة آؿ عمراف‪.ّٕ :‬‬


‫(ِ) سورة مرًن‪.ِٓ :‬‬
‫(ّ) سورة النمل‪.َْ:‬‬
‫‪- 283 -‬‬
‫اؿ‪ « :‬ىدلٍ يىػتى ىكل ٍم ًُب الٍ ىم ٍه ًد إًال ثىبلىثىةه‬ ‫‪ -‬قصة يجىريج العابد‪ :‬ف ىع ٍن أيب ىريرة ‪ ‬أف النيب ‪ ‬قى ى‬
‫اؿ‪:‬‬‫صلي‪ ،‬فى ىجاءىتٍوي أيموي فى ىد ىعٍتوي‪ ،‬فىػ ىق ى‬ ‫ًعيسى‪ ،‬كىكا ىف ًُب ب ًٍت إًسرائً‬
‫اؿ لىوي يجىريٍ هج‪ ،‬ىكا ىف يي ى‬ ‫يل ىر يج هل يػي ىق ي‬
‫ى ٍى ى‬ ‫ى ى‬
‫ص ٍوىم ىعتً ًو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً (ُ)‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وه الٍ يموم ىسات ى ي ىٍ ه ى‬
‫ُب‬ ‫ج‬ ‫ي‬
‫ر‬ ‫ج‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫ا‬‫ك‬‫ى‬‫ك‬ ‫‪.‬‬ ‫يصلي‪ .‬فىػ ىقالىت‪ :‬الل يهم الى ي٘تٍتوي ىحىت تيًريىوي يك يج ى‬ ‫أيجيبيػ ىها أ ٍىك أ ى‬
‫ت‪ً :‬م ٍن‬ ‫ت غيبلىنما‪ ،‬فىػ ىقالى ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت ىراعينا‪ ،‬فىأ ٍىم ىكنىٍتوي م ٍن نىػ ٍفس ىها فىػ ىولى ىد ٍ‬ ‫ت لىوي ٍامىرأىةه ىكىكل ىمٍتوي فىأ ىىىب‪ ،‬فىأىتى ٍ‬‫ضٍ‬ ‫فىػتىػ ىعر ى‬
‫وؾ يىا‬ ‫صلى يٍب أىتىى الٍغيبلى ىـ فىػ ىق ى‬
‫اؿ‪ :‬ىم ٍن أىبي ى‬ ‫ص ٍوىم ىعتىوي‪ ،‬ىكأىنٍػىزليوهي ىك ىسبوهي‪ ،‬فىػتىػ ىوضأى ىك ى‬
‫يجىريٍ وج ‪ .‬فىأىتىػ ٍوهي فى ىك ىسيركا ى‬
‫ُت‪. )ِ(» .....‬‬ ‫اؿ الى إًال ًم ٍن ًط و‬
‫ب‪ .‬قى ى‬ ‫ك ًم ٍن ىذ ىى و‬‫ص ٍوىم ىعتى ى‬ ‫غيبلىـ‪ ،‬قى ى ً‬
‫اؿ‪ :‬الراعي‪ .‬قىاليوا نىػٍب ًٍت ى‬ ‫ي‬
‫ِ‪ -‬قصة الثبلثة الذين دخلوا الغار‪ ،‬كانفراج الصخرة عنهم بعد أف سدت عليهم الباب‪ :‬فعن‬
‫وؿ‪« :‬انٍطىلى ىق ثىبلىثىةي ىرٍى وط ً‪٦‬ت ٍن ىكا ىف‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ‬يىػ يق ي‬‫ت ىر يس ى‬ ‫عب ًد الل ًو ب ًن عمر رضي اهلل عنهما قى ى ً‬
‫اؿ ى‪ٝ‬ت ٍع ي‬ ‫ٍ ي ىى‬ ‫ىٍ‬
‫ت ىعلىٍي ًه يم الٍغى ىار‬ ‫ا‪ٞ‬تىبى ًل فى ىسد ٍ‬ ‫ص ٍخىرةه ًم ىن ٍ‬ ‫ت ى‬ ‫يت إً ىذل ىغا ور فى ىد ىخليوهي‪ ،‬فى ٍا‪٨‬تى ىد ىر ٍ‬ ‫قىػٍبػلى يك ٍم ىحىت أ ىىكيكا الٍ ىمبً ى‬
‫اؿ ىر يج هل ًمٍنػ يه يم‪:‬‬ ‫صالً ًح أ ٍىع ىمالً يك ٍم‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫فىػ ىقاليوا‪ :‬إًنوي الى يػيٍنجي يك ٍم م ٍن ىىذه الص ٍخىرةً إًال أى ٍف تى ٍدعيوا اللوى بً ى‬
‫ت الى أى ٍغبً يق(ّ) قىػٍبػلى يهما أ ٍىىبلن كالى ىماالن‪ ،‬فىػنىأىل ًيب ًُب طىلى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫الل يهم ىكا ىف ًرل أىبىػ ىواف ىشٍي ىخاف ىكبً ىَتاف‪ ،‬ىكيكٍن ي‬
‫ت ى‪٢‬تيما ىغبيوقىػ يهما فىػو ىج ٍدتيػ يهما نىائًم ٍ ً‬ ‫ً‬ ‫شي و‬
‫ت أى ٍف‬ ‫ُت ىكىك ًرٍى ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ب‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬ ‫ح‬ ‫ف‬
‫ى‬ ‫‪،‬‬
‫ى ى ى ى‬ ‫ا‬‫ام‬ ‫ن‬
‫ى‬ ‫ىت‬ ‫ح‬ ‫ا‬‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬ ‫ع‬
‫ى‬ ‫ًح‬ ‫ر‬
‫ٍ ٍ‬ ‫ي‬‫أ‬ ‫م‬‫ى‬‫ل‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ف‬ ‫‪،‬‬‫ما‬‫و‬ ‫ػ‬ ‫ي‬
‫ى ٍ ىٍ‬ ‫ء‬
‫استًي ىقاظى يه ىما ىحىت بىػىر ىؽ الٍ ىف ٍجير‪،‬‬ ‫ً‬
‫ت ىكالٍ ىق ىد يح ىعلىى يى ىدم أىنٍػتىظير ٍ‬ ‫أى ٍغبً ىق قىػٍبػلى يه ىما أ ٍىىبلن أ ٍىك ىماالن‪ ،‬فىػلىبًثٍ ي‬
‫ك فىػ ىفر ٍج ىعنا ىما ىٍ‪٨‬ت ين فً ًيو ًم ٍن‬ ‫ك ابٍتًغىاءى ىك ٍج ًه ى‬
‫فىاستػيػ ىقظىا فىش ًربا ىغبوقىػهما‪ ،‬اللهم إً ٍف يكٍنت فىػعلٍ ً‬
‫ت ىذل ى‬ ‫ي ى ي‬ ‫ى ى ي يى ي‬ ‫ٍ ىٍ‬
‫ت ىشٍيئنا الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬ ‫ًً‬
‫ت‬ ‫اآلخير‪ :‬الل يهم ىكانى ٍ‬ ‫اؿ النيب ‪ « :‬ىكقىا ىؿ ى‬ ‫كج»‪ .‬قى ى‬ ‫ا‪٠‬تيير ى‬ ‫ىىذه الص ٍخىرةً‪ ،‬فىانٍػ ىفىر ىج ٍ‬
‫ت ًهبىا ىسنىةه ًم ىن‬‫ت مٍت ىحىت أىلىم ٍ‬
‫اس إً ىرل ‪ ،‬فىأىرٍدتيػها عن نىػ ٍف ًسها‪ ،‬فىامتىػنىػع ً‬
‫ى ى ىٍ ى ٍ ى ٍ‬ ‫ىحب الن ً‬ ‫تأى‬ ‫ت ىع ٍّم ىكانى ٍ‬‫ًرل بًٍن ي‬
‫ت ىحىت إً ىذا‬ ‫ً‬ ‫السنًُت‪ ،‬فىجاءتًٍٍت فىأىعطىيتػها ًع ٍش ًر ً ً‬
‫ين ىكمائىةى دينىا ور ىعلىى أى ٍف يٗتىل ىي بىػٍي ًٍت ىكبػى ٍ ى‬
‫ُت نػى ٍفس ىها‪ ،‬فىػ ىف ىعلى ٍ‬ ‫ى‬ ‫ٍ ٍي ى‬ ‫ى ىى‬

‫(ُ) ا‪١‬تومسات‪ :‬الزانيات‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ)أغبق ‪ :‬أسقى‪ .‬كالغبوؽ‪ :‬اللب الذم يشرب ُب ا‪١‬تساء‪.‬‬
‫‪- 284 -‬‬
‫ت‬ ‫صىرفٍ ي‬‫وع ىعلىٍيػ ىها‪ ،‬فىانٍ ى‬ ‫ت ًم ىن الٍ يوقي ً‬ ‫ً ً‬
‫ا‪٠‬تى ىاًبى إًال ْتىقو‪ .‬فىػتى ىحر ٍج ي‬ ‫ك أى ٍف تىػ يفض ٍ‬ ‫ت الى أ ًيحل لى ى‬ ‫ت ىعلىٍيػ ىها قىالى ٍ‬ ‫قى ىد ٍر ي‬
‫اس إً ىذل كتىػرٍكت الذىب ال ًذم أ ٍىعطىيتيػها‪ ،‬اللهم إً ٍف يكٍنت فىػع ٍلت ىذلً ى ً‬ ‫ىحب الن ً‬
‫ك ابٍتغىاءى‬ ‫ي ى ي‬ ‫ٍى ي‬ ‫ىى ي ى ى‬ ‫ىعٍنػ ىها ىكٍى ىي أ ى‬
‫كج ًمٍنػ ىها»‪.‬‬ ‫ت الص ٍخىرةي‪ ،‬ىغٍيػىر أىنػ يه ٍم الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬ ‫ك فىافٍػرج عنا ما ىٍ‪٨‬تن فً ًيو‪ .‬فىانٍػ ىفرج ً‬ ‫ً‬
‫ا‪٠‬تيير ى‬ ‫ىى‬ ‫ىك ٍجه ى ي ٍ ى ى ي‬
‫اح ود‬‫ىعطىيتيػهم أىجرىم‪ ،‬غىيػر رج ول ك ً‬
‫يجىراءى فىأ ٍ ٍ ي ٍ ٍ ى ي ٍ ٍ ى ى ي ى‬ ‫ت أى‬ ‫ث‪ :‬الل يهم إًين ٍ‬
‫استىأٍ ىجٍر ي‬
‫اؿ النًيب ‪« :‬كقى ى ً‬
‫اؿ الثال ي‬ ‫ى‬ ‫قى ى‬
‫اؿ‪ :‬يىا ىعٍب ىد الل ًو‬ ‫ت ًمٍنوي األ ٍىمو ياؿ‪ ،‬فى ىجاءًين بىػ ٍع ىد ًح و‬
‫ُت فىػ ىق ى‬ ‫ً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىجىرهي ىحىت ىكثيػىر ٍ‬ ‫تأٍ‬ ‫ب فىػثىمٍر ي‬ ‫تىػىرىؾ الذم لىوي ىكذى ىى ى‬
‫اؿ‪ :‬يىا ىعٍب ىد‬ ‫ىج ًرىؾ ًم ىن ا ًإلبً ًل ىكالٍبىػ ىق ًر ىكالٍغىنى ًم ىكالرقً ًيق‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫ً‬
‫ت لىوي‪ :‬يكل ىما تىػىرل م ٍن أ ٍ‬ ‫ىج ًرم‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬‫أىد إً ىرل أ ٍ‬
‫استىاقىوي فىػلى ٍم يىػٍتػيرٍؾ ًمٍنوي ىشٍيئنا‪ ،‬الل يهم‬
‫ىخ ىذهي يكلوي فى ٍ‬ ‫ك‪ .‬فىأ ى‬‫ئ بً ى‬ ‫ت‪ :‬إًين الى أ ٍ‬
‫ىستىػ ٍه ًز ي‬ ‫ً‬
‫اللو الى تى ٍستىػ ٍه ًز ٍئ ًيب‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬
‫ت الص ٍخىرةي فى ىخىر يجوا‬ ‫ك فىافٍػرج عنا ما ىٍ‪٨‬تن فً ًيو‪ .‬فىانٍػ ىفرج ً‬ ‫ً‬ ‫فىًإ ٍف يكٍنت فىػع ٍلت ىذلً ى ً‬
‫ىى‬ ‫ك ابٍتغىاءى ىك ٍجه ى ي ٍ ى ى ي‬ ‫ي ى ي‬
‫ٯتىٍ يشو ىف»(ُ) ‪.‬‬
‫ب‬ ‫ً‬ ‫ّ‪ -‬قصة البقرة اليت كلمت صاحبها‪ :‬ف ىع ٍن أًىىب يىىريٍػىرىة ‪ ‬ىع ًن النًيب ‪ ‬قى ى‬
‫اؿ‪ « :‬بىػٍيػنى ىما ىر يج هل ىراك ه‬
‫ت بًًو أىنىا ىكأىبيو بى ٍك ور‬ ‫ت لًٍل ًحىراثىًة‪ ،‬قى ى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اؿ‪ :‬ىآمٍن ي‬ ‫يخلى ٍق ‪٢‬تىىذا‪ ،‬يخل ٍق ي‬ ‫ت إًلىٍيو‪ .‬فىػ ىقالى ٍ‬
‫ت ىدلٍ أ ٍ‬ ‫ىعلىى بىػ ىقىرةو الٍتىػ ىفتى ٍ‬
‫اع ىى ى‪٢‬تىا ىغ ًٍَتم‪.‬‬‫اؿ الذئٍب من ى‪٢‬تا يػوـ السب ًع‪ ،‬يػوـ الى ر ً‬ ‫كعمر‪ ،‬كأىخ ىذ الذئٍب ىشا نة فىػتىبًعها الر ً‬
‫اعي‪ ،‬فىػ ىق ى‬
‫ي ى ٍ ى ىٍ ى ي ىٍ ى ى‬ ‫ىى‬ ‫ي‬ ‫ى ي ىي ى ى‬
‫ت بًًو أىنىا ىكأىبيو بى ٍك ور ىكعي ىمير »(ِ) ‪.‬‬ ‫اؿ‪ :‬ىآمٍن ي‬ ‫قى ى‬

‫‪ -‬أما الصحابة الكراـ فقد نقل عنهم من الكرامات الشيء الكثَت أذكر منها‪:‬‬

‫ُ‪-‬قصة أيب بكر ‪ ‬مع أضيافو ُب تكثَت الطعاـ‪ ،‬حىت صار بعد األكل منو أكثر ‪٦‬تا كاف‪ :‬فقد‬
‫كاف عند أيب بكر أضياؼ‪ ،‬فقدـ ‪٢‬تم الطعاـ‪ ،‬فلما أكلوا منو ربا من أسفلو حىت إذا شبعوا قاؿ‬

‫(ُ) أخرجو البخارم عن صحيحو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 285 -‬‬
‫المرأتو‪ :‬يا أخت بٍت فراس ما ىذا؟ قالت‪ :‬كقرة عيٍت ‪٢‬تي ((تعٍت القصعة)) أكثر منها قبل أف‬
‫يأكلوا‪....‬إذل آخر القصة(ُ)‪.‬‬

‫ِ‪ -‬قصة عمر ‪ ‬كىو على منرب ا‪١‬تدينة ينادم بقائده يا سارية ا‪ٞ‬تبل‪ :‬فعن عمرك بن ا‪ٟ‬تارث‬
‫قاؿ ‪ :‬بينما عمر ٮتطب يوـ ا‪ٞ‬تمعة إذ ترؾ ا‪٠‬تطبة فقاؿ ‪( :‬يا سارية ا‪ٞ‬تبل ‪ -‬مرتُت أك ثبلثا)‪ٍ ،‬ب‬
‫أقبل على خطبتو‪ ،‬فقاؿ بعض ا‪ٟ‬تاضرين‪ :‬لقد جن‪ ،‬إنو جملنوف فدخل عليو عبد الر‪ٛ‬تن بن عوؼ‬
‫ككاف يطمئن إليو فقاؿ‪ :‬إنك لتجعل ‪٢‬تم على نفسك مقاالن‪ ،‬بينا أنت ٗتطب إذ أنت تصيح‪:‬‬
‫(يا سارية ا‪ٞ‬تبل) أم شيء ىذا قاؿ‪( :‬كاهلل إين ما ملكت ذلك رأيتهم يقاتلوف عند جبل يؤتوف‬
‫من بُت أيديهم كمن خلفهم فلم أملك أف قلت‪ :‬يا سارية ا‪ٞ‬تبل ليلحقوا با‪ٞ‬تبل)‪ .‬فلبثوا إذل أف‬
‫جاء رسوؿ سارية بكتابو أف القوـ لقونا يوـ ا‪ٞ‬تمعة فقاتلناىم حىت إذا حضرت ا‪ٞ‬تمعة ‪ٝ‬تعنا‬
‫مناديا ينادل‪ :‬يا سارية ا‪ٞ‬تبل مرتُت ‪ ،‬فلحقنا با‪ٞ‬تبل ‪ ،‬فلم نزؿ قاىرين لعدكنا إذل أف ىزمهم اهلل‬
‫كقتلهم (ِ)‪.‬‬

‫ّ‪ -‬قصة عثماف ‪ ‬مع الرجل الذم دخل عليو‪ ،‬فاخربه عما أحدث ُب طريقو من نظره إذل‬
‫ا‪١‬ترأة األجنبية‪ :‬ذكر التاج السبكي ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل ُب الطبقات كغَته‪( :‬أنو دخل على عثماف ‪‬‬
‫رجل‪ ،‬كاف قد لقي امرأة ُب الطريق‪ ،‬فتأملها‪ ،‬فقاؿ لو عثماف ‪ :‬يدخل أحدكم‪ ،‬كُب عينيو أثر‬
‫ه‬
‫أكحي بعد رسوؿ اهلل ‪‬؟ قاؿ‪ :‬ال‪ ،‬كلكنها فراسة ا‪١‬تؤمن) (ّ)‪.‬‬
‫الزىن؟ فقاؿ الرجل‪ :‬ه‬
‫ْ‪( -‬قصة عباد بن بشر كأسيد بن حضَت رضي اهلل عنهما الذين أضاءت ‪٢‬تم العصا عندما‬
‫خرجا من عند رسوؿ اهلل ‪ُ ‬ب ليلة مظلمة‪ :‬عن أنس أف أسيد بن حضَت األنصارم كرجبلن آخر‬

‫(ُ) أخرجو البخارم ُب صحيحو عن عبد الر‪ٛ‬تن بن أيب بكر ‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أبو نعيم ُب الدالئل ُب جامع األحاديث‪.‬‬
‫(ّ) النبهاين‪ :‬حجة اهلل على العا‪١‬تُت‪.‬‬
‫‪- 286 -‬‬
‫من األنصار ‪ٖ،‬تدثا عند النيب ‪ُ ‬ب حاجة ‪٢‬تما‪ ،‬حىت ذىب من الليل ساعة ككانت ليلة شديدة‬
‫الظلمة‪ٍ ،‬ب خرجا من عند رسوؿ اهلل ‪ ‬كبيد كل كاحد منهما عصية‪ ،‬فأضاءت عصا أحد‪٫‬تا‬
‫‪٢‬تما حىت مشيا ُب ضوئها‪ ،‬حىت إذا افًتقت هبما الطريق أضاءت لآلخر عصاه فمشى كل كاحد‬
‫منهما ُب ضوء عصاه حىت بلغ أىلو)(ُ)‪.‬‬

‫ٓ‪ -‬قصة خبيب ‪ُ ‬ب قطف العنب الذم كجد ُب يده يأكلو ُب غَت أكانو فقد ركل أبو ىريرة‬
‫‪ :‬أف خبيبان كاف أسَتان عند بٍت ا‪ٟ‬تارث ُب مكة –ُب قصة طويلة‪ -‬كفيها أف بنت ا‪ٟ‬تارث‬
‫كانت تقوؿ‪( :‬ما رأيت أسَتان قط خَتان من خبيب‪ ،‬لقد رأيتو يأكل من قطف عنب‪ ،‬كما ٔتكة‬
‫رزؽ رزقو اهلل)(ِ)‪.‬‬
‫يؤمئذ ‪ٙ‬ترة‪ ،‬كإنو ‪١‬توثق ُب ا‪ٟ‬تديد‪ ،‬كما كاف إال ه‬
‫ٔ‪( -‬قصة أـ أٯتن رضي اهلل عنها‪ ،‬ككيف عطشت يوـ ىجرهتا فنزؿ عليها دلو من السماء‬
‫فشربت‪ :‬فعن عثماف بن القاسم قاؿ خرجت أـ أٯتن مهاجرة إذل رسوؿ اهلل ‪ ‬من مكة إذل‬
‫ا‪١‬تدينة كىي ماشية ليس معها زاد كىي صائمة ُب يوـ شديد ا‪ٟ‬تر فأصاهبا عطش شديد حىت‬
‫كادت أف ٘توت من شدة العطش قاؿ كىي بالركحاء(ّ) أك قريبان منها فلما غابت الشمس قالت‪:‬‬
‫إذ أنا ْتفيف شيء فوؽ رأسي فرفعت رأسي فإذا أنا بدلو من السماء مدذل برشاء(ْ) أبيض‬
‫قالت فدنا مٍت حىت إذا كاف حيث أستمكن منو تناكلتو فشربت منو حىت ركيت قالت فلقد كنت‬
‫بعد ذلك اليوـ ا‪ٟ‬تار أطوؼ ُب الشمس كي أعطش كما عطشت بعدىا)(ٓ)‪.‬‬

‫(ُ) أخرجو البيهقي ُب دالئل النبوة‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫(ّ) الركحاء‪ :‬قرية على بعد ليلتُت من ا‪١‬تدينة‪ ،‬بينهما أحد كأربعوف ميبلن‪.‬‬
‫(ْ)الرشاء‪ :‬ا‪ٟ‬تبل أك حبل الدلو‪.‬‬
‫(ٓ) أخرجو أبو نعيم ُب ا‪ٟ‬تلية‪.‬‬
‫‪- 287 -‬‬
‫ٕ‪ -‬قصة عبور العبلء بن ا‪ٟ‬تضرمي ‪ ‬البحر على فرسو كنبع ا‪١‬تاء بدعائو‪ :‬فكاف أبو ىريرة ‪‬‬
‫يقوؿ‪( :‬رأيت من العبلء ثبلثة أشياء ال أزاؿ أحبو أبدا‪ ،‬رأيتو قطع البحر على فرسو يوـ دارين‬
‫كقدـ من ا‪١‬تدينة يريد البحرين‪ ،‬فلما كاف بالدىناء(ُ) نفد ماؤىم فدعا اهلل فنبع ‪٢‬تم من ٖتت رملة‬
‫فارتوكا كارٖتلوا‪ ،‬كأنسي رجل منهم بعض متاعو فرجع فأخذه كدل ‪٬‬تد ا‪١‬تاء‪ ،‬كخرجت معو من‬
‫(ِ)‬
‫مات ك‪٨‬تن على غَت ماء فأبدل اهلل لنا سحابة‬ ‫البحرين إذل صف البصرة فلما كنا بلياس‬
‫فمطرنا فغسلناه كحفرنا لو بسيوفنا كدل نلحد لو كدفناه كمضينا‪ ،‬فقاؿ رجل من أصحاب رسوؿ‬
‫اهلل‪ : ،‬دفناه كدل نلحد لو فرجعنا لنلحد لو فلم ‪٧‬تد موضع قربه)(ّ)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬قصة خالد بن الوليد ‪ُ ‬ب شربو السم‪( :‬عن أيب السفر(ْ) قاؿ نزؿ خالد بن الوليد ا‪ٟ‬تَتة‬
‫على أمر بٍت ا‪١‬ترازبة فقالوا لو احذر السم ال يسقيكو األعاجم فقاؿ‪ :‬ائتوين بو فأٌب بو فأخذه‬
‫بيده ٍب اقتحمو كقاؿ‪ :‬بسم اهلل فلم يضره شيئان) (ٓ)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬قصة القصعة اليت أكل منها سلماف الفارسي كأبو الدرداء رضي اهلل عنهما ك‪ٝ‬تاعهما‬
‫التسبيح ‪( :‬بينما أبو الدرداء كسلماف يأكبلف من صفحة إذا سبحت ٔتا فيها)(ٔ)‪.‬‬
‫َُ‪ -‬قصة سفينة ‪ ‬موذل رسوؿ اهلل ‪ ‬مع األسد فعن ‪٤‬تمد بن ا‪١‬تنكدر ‪ ،‬أف سفينة موذل‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ‬قاؿ‪ « :‬ركبت البحر فانكسرت سفينيت اليت كنت فيها فركبت لوحا من ألواحها‬
‫فطرحٍت اللوح ُب أ‪ٚ‬تة(ٕ) فيها األسد فأقبل إرل يريدين فقلت‪ :‬يا أبا ا‪ٟ‬تارث‪ ،‬أنا موذل رسوؿ اهلل‬

‫(ُ)الدىناء‪ :‬من ديار بٍت ٘تيم ُب ا‪ٞ‬تانب الشرقي كالشمارل من ‪٧‬تد‪.‬‬


‫(ِ) بلياس من الصعاب‪ ،‬كالصعاب اسم جبل بُت اليمامة كالبحرين كقيل‪ :‬إهنا رماؿ بُت البصرة كاليمامة‪.‬‬
‫(ّ)ابن سعد‪ :‬الطبقات الكربل‪.‬‬
‫(ْ)أبو السفر‪ :‬سعيد بن ٭تمد‪ ،‬ركل عن ابن عباس كالرباء كعن سعيد بن جبَت [اإلكماؿ البن ماكوال]‬
‫(ٓ) أخرجو أبو يعلى ُب مسنده‪ ،‬كالبيهقي ُب دالئل النبوة‪.‬‬
‫(ٔ) أخرجو البيهقي ُب دالئل النبوة‪.‬‬
‫(ٕ) األ‪ٚ‬تة‪ :‬الغابة‪.‬‬
‫‪- 288 -‬‬
‫‪ ‬فطأطأ رأسو‪ ،‬كأقبل إرل فدفعٍت ٔتنكبو حىت أخرجٍت من األ‪ٚ‬تة‪ ،‬ككضعٍت على الطريق ك‪٫‬تهم‬
‫فظننت أنو يودعٍت فكاف ذلك آخر عهدم بو »(ُ)‪.‬‬
‫‪( -‬ىذا غيض من فيض‪ ،‬كقليل من كثَت ‪٦‬تا كرد من كرامات عن صحابة رسوؿ اهلل ‪ٍ ،‬ب تواذل‬
‫كركد الكرامات الكثَتة على أيدم األكلياء ُب عهد التابعُت كتابعي التابعُت إذل يومنا ىذا‪٦ ،‬تا‬
‫يصعب عده‪ ،‬كيضيق حصره‪ ،‬كقد ألف العلماء ُب ذلك ‪٣‬تلدات كثَتة‪ ،‬كصنف أكابر األئمة‬
‫منهم مصنفات ُب إثبات الكرامة لؤلكلياء) (ِ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أخرجو ا‪ٟ‬تاكم ُب مستدركو‪.‬‬


‫(ِ) عبد القادر عيسى‪ :‬حقائق عن التصوؼ صَّٕ‪.‬‬
‫‪- 289 -‬‬
‫ثالثاً‪ -‬التوسل‬
‫‪ -‬ٮتطئ كثَته من الناس قي معٌت التوجو كالتوسل‪ ،‬كٮتلطوف بينهما‪.‬‬

‫‪ -‬فالتوجو ال يكوف إال هلل‪ ،‬كال ‪٬‬توز لغَته‪ ،‬كىو اإلقرار بالعقل كالقلب بوحدانية اهلل سبحانو‬
‫كتعاذل‪ ،‬كبأ‪ٝ‬تائو ا‪ٟ‬تسٌت‪ ،‬كصفاتو العليا‪ ،‬كأنو القادر على كل شيء كا‪١‬تقدر لكل شيء كحاجات‬
‫ا‪٠‬تلق بيده كال معطي إال ىو كال مستجيب للدعاء إال ىو‪ ،‬كىو سبحانو الذم يقوؿ‪:‬‬

‫ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ‬
‫(ُ)‬
‫ﯸﯹﯺﯻﯼﮊ‬

‫‪ -‬فتوجو العبد دائمان ُب صبلتو كدعائو كحاجاتو كرغباتو كآمالو هلل سبحانو كتعاذل ال إذل غَته‪،‬‬
‫كاعتقاد ىذا العبد أف اهلل ‪ ‬كحده الذم ٭تقق ما يرغب فيو العبد ك٭تب ألنو مالك ا‪١‬تلك‪،‬‬
‫كالواحد األحد‪ ،‬الفرد الصمد الذم يلجأ إليو ال إذل سواه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًً‬
‫ض‬‫ت ىك ٍج ًه ىي للذم فىطىىر الس ىم ىوات ىكاأل ٍىر ى‬ ‫‪ -‬كيشَت إذل ىذا حديث النيب ‪ ‬حيث يقوؿ‪ « :‬ىكج ٍه ي‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫ُت إًف ى ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يك لىوي‬‫ُت الى ىش ًر ى‬ ‫م ىك‪٦‬تىى ًاٌب للو ىرب الٍ ىعالىم ى‬ ‫صبلىٌب ىكني يسكي ىكىٍ‪٤‬تيىا ى‬ ‫ىحني نفا ىكىما أىنىا م ىن الٍ يم ٍش ًرك ى‬
‫ً‬ ‫ًً‬ ‫ً‬ ‫كبً ىذلً ى ً‬
‫ت‬‫ت ىريب ىكأىنىا ىعٍب يد ىؾ ظىلى ٍم ي‬ ‫ت‪ .‬أىنٍ ى‬ ‫ك الى إًلىوى إًال أىنٍ ى‬ ‫ت الٍ ىمل ي‬ ‫ُت الل يهم أىنٍ ى‬
‫ت ىكأىنىا م ىن الٍ يم ٍسلم ى‬ ‫ك أيمٍر ي‬ ‫ى‬
‫ت ىك ٍاى ًدًين ألى ٍح ىس ًن‬ ‫وب إًال أىنٍ ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ت بً ىذنًٍيب فىا ٍغفٍر ًرل ذيني ًويب ى‪ٚ‬تيعان إًنوي الى يىػ ٍغفير الذني ى‬
‫ً‬
‫نىػ ٍفسي ىك ٍاعتىػىرفٍ ي‬
‫األىخبلى ًؽ الى يػه ًدم أل ً‬
‫ك‬‫ت لىبػٍي ى‬ ‫ؼ ىعٍت ىسيئىػ ىها إًال أىنٍ ى‬ ‫ص ًر ي‬
‫ؼ ىعٍت ىسيئىػ ىها الى يى ٍ‬ ‫اص ًر ٍ‬
‫ت ىك ٍ‬ ‫ىح ىسن ىها إًال أىنٍ ى‬
‫ٍ‬ ‫ىٍ‬ ‫ٍ‬
‫ت أى ٍستىػ ٍغ ًفيرىؾ‬ ‫ت ىكتىػ ىعالىٍي ى‬ ‫ك تىػبى ىارٍك ى‬ ‫ك أىنىا بً ى‬
‫ك ىكإًلىٍي ى‬ ‫س إًلىٍي ى‬ ‫ك ىكالشر لىٍي ى‬ ‫ا‪٠‬تىٍيػير يكلوي ًُب يى ىديٍ ى‬
‫ك ىك ٍ‬ ‫ىك ىس ٍع ىديٍ ى‬
‫ك»(ِ)‪.‬‬ ‫وب إًلىٍي ى‬‫ىكأىتي ي‬

‫(ُ) سورة البقرة‪.ُٖٔ :‬‬


‫(ِ) أخرجو مسلم عن علي بن أيب طالب ‪.‬‬
‫‪- 291 -‬‬
‫‪ -‬والتوسل‪ :‬ىو أف نلتجئ إذل اهلل ‪ ‬متوسلُت إليو باألنبياء كالصا‪ٟ‬تُت أم بأعما‪٢‬تم الصا‪ٟ‬تة‪،‬‬
‫كمكانتهم عند رهبم‪ ،‬أك توسل ا‪١‬تسلم بأعمالو الصا‪ٟ‬تة فهذا جائز‪ ،‬كدليلو من القرآف كالسنة‪،‬‬
‫كإ‪ٚ‬تاع األمة‪.‬‬

‫‪ -‬فالتوسل ىو طريقة من طرؽ التضرع إذل اهلل ‪ ،‬كأحد أبواب دعائو كالتوجو إليو سبحانو‬
‫كتعاذل‪ ،‬فالوسيلة ىي كل ما جعلو اهلل ‪ ‬سببان ُب التقرب إليو‪ ،‬كبابان لقضاء ا‪ٟ‬توائج منو‪ ،‬قاؿ‬
‫(ُ)‬
‫تعاذل‪ :‬ﮋﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ﮊ‬

‫‪ -‬كا‪١‬تسلم عندما يتوسل بالنيب ‪ ‬أك بالرجل الصاحل‪ ،‬إ‪٪‬تا يتوسل بو ‪١‬تا يعلم من كرامتو كمنزلتو‬

‫كجاىو عند اهلل ‪ ‬فهو من الذين قاؿ اهلل فيهم‪ :‬ﮋﮨﮩﮊ‬


‫(ِ)‬

‫‪ -‬كنعٍت با‪ٞ‬تاه ا‪١‬تنزلة اليت ٮتتص اهلل ‪ ‬هبا من يشاء من عباده‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮊ‬
‫(ّ)‬

‫‪ -‬كما أنو ‪٬‬تتيب سبحانو من يشاء‪ ،‬قاؿ تعاذل‪:‬‬

‫(ْ)‬
‫ﮋﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ‬

‫(ُ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ّٓ:‬‬


‫(ِ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ْٓ:‬‬
‫(ّ) سورة آؿ عمراف‪.ْٕ :‬‬
‫(ْ) سورة الشورل‪.ُّ:‬‬
‫‪- 291 -‬‬
‫‪ -‬فاإلنساف عندما يتوسل إذل اهلل تعاذل ّتاه نيب أك كرل فإف ذلك يعٍت أنو توسل إذل اهلل تعاذل‬
‫ٔتا من اهلل تعاذل بو على ىذا العبد من منزلة كاجتباء كما خصو اهلل من ر‪ٛ‬تتو‪ ،‬كىذا ‪٣‬تمع على‬
‫جوازه عند أىل ا‪ٟ‬تقيقة‪.‬‬

‫استىعً ٍن بًالل ًو‪.)ُ(»....‬‬


‫ت فى ٍ‬
‫استىػ ىعٍن ى‬ ‫ت فى ً‬
‫اسأىؿ اللوى ىكإً ىذا ٍ‬
‫‪ -‬أما قوؿ النيب ‪... « :‬إً ىذا ىسأىلٍ ى ٍ‬
‫‪ -‬فإف ىذا ا‪ٟ‬تديث ليس ا‪١‬تقصود بو النهي عن السؤاؿ كاالستعانة ٔتا سول اهلل‪ ،‬كما يفيد ظاىر‬
‫لفظو‪ ،‬كإ‪٪‬تا ا‪١‬تقصود بو النهي عن الغفلة عن كوف ما جرل من ا‪٠‬تَت على يد األسباب أنو من‬
‫اهلل‪ ،‬كالتنبيو إذل أف ما كاف من نعمة على يد ا‪١‬تخلوقات‪ ،‬فهو من اهلل كباهلل‪ ،‬ألنو البد من ٖتقيق‬
‫ما يريده اإلنساف من االستعانة باألسباب البشرية مع قصده االستعانة باهلل مسبب األسباب‪،‬‬
‫كالغرض الذم يرمي إليو ا‪ٟ‬تديث أال ٖتجب األسباب عن رؤية ا‪١‬تسبب ‪.‬‬
‫أولً‪ -‬األدلة على جواز التوسل من القرآن الكريم‪:‬‬

‫‪ُ -‬ب القرآف الكرًن آيات يستفاد منها جواز التوسل إذل اهلل ‪ ‬أذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫(ِ)‬
‫ُ‪ -‬قولو تعاذل‪ :‬ﮋﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ﮊ‬

‫عاـ‪ ،‬فهو شامل للتوسل بالذكات الفاضلة من أنبياء كصا‪ٟ‬تُت ُب حياهتم‬


‫لفظ الوسيلة ُب اآلية ه‬
‫كبعد موهتم كبصاحل األعماؿ‪.‬‬

‫ِ‪ -‬قولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ‬


‫(ّ)‬
‫ﯯﯰﯱﮊ‬

‫(ُ) أخرجو الًتمذم عن ابن عباس رضي اهلل عنهما‪.‬‬


‫(ِ) سورة ا‪١‬تائدة‪.ّٓ:‬‬
‫(ّ) سورة اإلسراء‪.ٕٓ :‬‬
‫‪- 292 -‬‬
‫‪ -‬فقد قيل ُب تفسَت ىذه اآلية‪( :‬الوسيلة ما يتقرب بو إذل اهلل تعاذل‪ ،‬كقولو أيهم أقرب معناه‬
‫ينظركف أيهم أقرب إذل اهلل تعاذل‪ ،‬فيتوسلوف بو‪.‬‬

‫كقاؿ الزجاج‪ :‬أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إذل اهلل تعاذل كيتقرب إليو بالعمل الصاحل ﮋ ﯮ‬

‫ﯯﮊ جنتو ﮋﯰﯱﮊ أم يطلب منو ا‪ٟ‬تذر)(ُ)‪.‬‬

‫ّ‪ -‬قولو تعاذل‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳‬


‫(ِ)‬
‫﮴﮵﮶﮷﮸﮹﮺ﮊ‬
‫‪ -‬فاآلية دليل على جواز التوسل كاالستشفاع بالنيب ‪ُ ‬ب سائر األحواؿ‪ ،‬ألنو ُب قربه الشريف‬
‫حي تعرض عليو أعماؿ أمتو‪ ،‬فيدعو ‪٢‬تم كيستغفر‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ -‬جاء ُب تفسَت ىذه اآلية ما يلي‪( :‬كقد ذكر ‪ٚ‬تاعة منهم‪ :‬الشيخ أبو نصر بن الصباغ ُب كتابو‬
‫"الشامل" ا‪ٟ‬تكاية ا‪١‬تشهورة عن العيٍتيب‪ ،‬قاؿ‪ :‬كنت جالسان عند قرب النيب ‪ ، ‬فجاء أعرايب فقاؿ‪:‬‬

‫السبلـ عليك يا رسوؿ اهلل‪ٝ ،‬تعت اهلل يقوؿ‪ :‬ﮋ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ‬

‫ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶ ﮷ ﮸ ﮹ ﮺ ﮊ كقد جئتك‬
‫مستغفران لذنيب مستشفعان بك إذل ريب ٍب أنشأ يقوؿ‪:‬‬
‫طيبهن القاعي كاأل ىك يم‬
‫ٌ‬ ‫من‬
‫فطاب ٍ‬ ‫خَت من يدفنىت بالقاع أعظي يمو‬ ‫يا ى‬
‫ود كالكػ يرـ‬
‫اؼ كفػي ػو ا‪ٞ‬ت ػ ي‬
‫في ػو ال ػعف ػ ي‬ ‫نىػ ٍفس ػي الفداءي لق ػ ورب أن ػت سػ ػاكنيو‬
‫ايب فبشره أف‬
‫ا‪ٟ‬تق األعر ٌ‬
‫ٍب انصرؼ األعرايب فغلبتٍت عيٍت‪ ،‬فرأيت النيب ‪ُ ‬ب النوـ فقاؿ‪ :‬يا عيٍتيب‪ٍ ،‬‬
‫اهلل قد غفر لو) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ) تفسَت البغوم‪.‬‬


‫(ِ) سورة النساء‪.ْٔ:‬‬
‫(ّ) تفسَت ابن كثَت‪.‬‬
‫‪- 293 -‬‬
‫كذكر ذلك اإلماـ النوكم ُب كتابو اإليضاح كاجملموع كزاد البيتُت التاليُت‪:‬‬
‫على الصراط إذا ما زلت القدـ‬ ‫أنت الشفيع الذم ترجى شفاعتو‬
‫(ُ)‬
‫مٍت السبلـ عليكم ما جرل القلم‬ ‫كصاحباؾ فبل أنسا‪٫‬تا أبدا‬
‫ثانياً‪ -‬األدلة من األحاديث النبوية الشريفة وآثار الصحابة‪:‬‬
‫اىتمت هبذا ا‪١‬توضوع أذكر منها‪:‬‬
‫كىي أيضان كثَتة كمتعددة ذكرت ُب عدة كتب ٌ‬
‫ً‬ ‫ف فقد ركل‪ :‬أىف ىر يجبلن ى ً‬ ‫ُ‪ -‬حديث عيثٍما ىف ب ًن حنىػي و‬
‫اؿ‪ :‬يىا نىًيب اللو ٍادعي‬
‫يب ‪ ‬فىػ ىق ى‬ ‫ً‬
‫ضريران أىتىى الن ى‬ ‫ى ٍ يٍ‬
‫ً‬ ‫اؿ‪« :‬إً ٍف ًشٍئت أىخرت ذىلً‬ ‫اللو أى ٍف يػعافً‬
‫ك»‪.‬‬ ‫ت لى ى‬ ‫ك ىكإً ٍف شٍئ ى‬
‫ت ىد ىع ٍو ي‬ ‫آلخىرتً ى‬
‫ك فىػهو أىفٍضل ً‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ق‬‫ى‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫ً‬
‫ٍت‬ ‫ي‬
‫ى‬ ‫ى يى‬
‫ُت ىكأى ٍف يى ٍدعي ىو ًهبى ىذا الد ىع ًاء «الل يهم إًين‬
‫صلى رٍك ىعتىػ ٍ ً‬ ‫ً‬
‫اؿ الى بى ًل ٍادعي اللوى رل‪ .‬فىأ ىىمىرهي أى ٍف يىػتىػ ىوضأى ىكأى ٍف يي ى ى ى‬ ‫قى ى‬
‫أىسأىليك كأىتىػوجو إًلىيك بًنىبًيك ي‪٤‬تم ود ‪ ‬نىًيب الر ٍ‪ٛ‬ت ًة يا ي‪٤‬تم يد إًين أىتىػوجو بًك إً ىذل رىب ًُب حاج ًيت ى ًذهً‬
‫ى ى ى‬ ‫ى ي ى ى‬ ‫ى ى ى‬ ‫ٍ ى ى ى ي ٍى ى ى‬
‫اؿ‪ :‬فىػ ىف ىع ىل الر يج يل فىػبىػىرأى(ِ)‪.‬‬‫ضى ىكتي ىشفعي ًٍت فً ًيو ىكتي ىشفعيوي ُب»‪ .‬قى ى‬ ‫فىػتيػ ٍق ى‬
‫توسل ظاىر بذاتو كجاىو ‪ ‬كقد اعتمده العلماء احملدثوف‬ ‫ه‬ ‫فقولو إين أسألك كأتوجو إليك‬
‫كا‪ٟ‬تفاظ ُب كتب السنة ُب صبلة ا‪ٟ‬تاجة حاثُت األمة عليها‪.‬‬
‫ِ‪ -‬حديث أيب سعيد ا‪٠‬تدرم ‪ ‬حيث ركل عن رسوؿ اهلل ‪ ‬أنو قاؿ‪ « :‬ىم ٍن ىخىر ىج ًم ٍن‬
‫كً‬ ‫اؿ اللهم إًين أىسأىليك ًْتق السائًلً‬ ‫بػيتً ًو إً ىذل الصبلىةً‬
‫م ىى ىذا فىإًين ىدلٍ‬‫ى‬ ‫ا‬ ‫ش‬
‫ى‬ ‫‪٦‬ت‬
‫ىٍ‬ ‫ق‬‫ى‬‫ْت‬ ‫ى‬ ‫ل‬
‫ي‬‫ى‬‫أ‬ ‫ىس‬
‫ٍ‬ ‫أ‬
‫ك‬ ‫ى‬ ‫ك‬‫ى‬ ‫ي‬
‫ٍ‬‫ى‬‫ل‬ ‫ع‬
‫ى‬ ‫ُت‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ف‬ ‫ىٍ‬
‫ك أى ٍف‬ ‫ل‬‫ى‬ ‫ف‬ ‫ك‬ ‫ً‬
‫ات‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫اء‬ ‫غ‬ ‫ً‬
‫ت‬ ‫اب‬
‫ك‬ ‫ك‬ ‫ط‬‫ً‬
‫ىشنرا ى ى ن ى ى ن ى ٍ ى ى ى ى ٍ ي ى ي ٍ ى ى ٍ ى ى ٍ ى ى ٍ ى‬
‫أ‬ ‫ىس‬
‫أ‬ ‫خ‬ ‫س‬ ‫اء‬ ‫ق‬ ‫ػ‬‫ت‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫خ‬‫ك‬ ‫ة‬ ‫ع‬‫‪ٝ‬ت‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫اء‬‫ي‬‫ً‬
‫ر‬ ‫ال‬‫ك‬ ‫(ْ)‬
‫ا‬‫ر‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫(ّ)‬
‫ىخير ٍج أ ى‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫أٍ‬

‫(ُ) النوكم‪ :‬اإليضاح كاجملموع‪ ،‬القصة ًب ذكرىا عند ابن قدامة ُب كتابو ا‪١‬تغٍت جزءٕ صَِْ‪ ،‬كأبو الفرج‬
‫بن قدامة ُب كتابو الشرح الكبَت جزءّ ص ْْٗ‪ ،‬كالشيخ منصور البهوٌب ُب كتابو ا‪١‬تعركؼ بكشاؼ‬
‫القناع‪ ،‬كىو من أشهر كتب ا‪١‬تذىب ا‪ٟ‬تنبلي جزءٓ صَّ‪ ،‬كدل يذكر كاح هد منهم أف ىذا الفعل إشراؾ باهلل‬
‫فيكوف إقرار منهم بالتوسل‪.‬‬
‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كالنسائي كالًتمذم كابن ماجو كابن خزٯتة كا‪ٟ‬تاكم كقاؿ أبو إسحاؽ ىذا حديث صحيح‪.‬‬
‫(ّ)األشر ‪ :‬الطغياف بالنعمة‪.‬‬
‫(ْ)البطر ‪ :‬التكرب على ا‪ٟ‬تق فبل يقبل‪.‬‬
‫‪- 294 -‬‬
‫ت‪ ،‬أىقٍػبى ىل اللوي ىعلىٍي ًو بًىو ٍج ًه ًو‬
‫وب إًال أىنٍ ى‬
‫الذني ى‬ ‫تيعًي ىذًين ًم ىن النا ًر ىكأى ٍف تىػ ٍغ ًفىر ًرل ذيني ًويب إًنوي الى يػى ٍغ ًفير‬
‫ك »(ُ)‪.‬‬ ‫ف ملى و‬
‫استىػ ٍغ ىفىر لىوي ىسٍبػعيو ىف أىلٍ ى ى‬
‫ىك ٍ‬
‫ْتق سائليو عليو‪،‬‬
‫حث ظاىر من النيب ‪ ‬للصحابة على التوسل إذل اهلل تعاذل ٌ‬ ‫(كىذا ٌ‬
‫كالسائلوف‪ٚ :‬تع يشمل األحياء كاألموات كمن كاف حاضران كمن غائبان‪ ،‬كُب ا‪ٟ‬تديث دليل التوسل‬
‫بالعمل الصاحل كىو ‪٦‬تشى الرجل إذل ا‪١‬تسجد لوجو اهلل‪ ،‬فالشرع دل يفرؽ بُت التوسل بالذكات‬
‫الفاضلة كبُت التوسل بالعمل الصاحل‪ ،‬بل لقائل أف يقوؿ‪ :‬كيف ال ‪٬‬توز التوسل بذات النيب ‪‬‬
‫الذم ىو أشرؼ خلق اهلل‪ ،‬ك‪٬‬توز التوسل بصبلة العبد كصيامو كصدقتو ككبل األمرين خلق‬
‫اهلل)(ِ)‪.‬‬
‫ّ‪ -‬حديث سيدنا علي ‪ ‬أف النيب ‪١ ‬تا دفن فاطمة بنت أسد أـ سيدنا علي رضي اهلل‬
‫عنهما قاؿ‪ « :‬اللهم ْتقي كحق األنبياء من قبلي اغفر ألمي بعد أمي» (ّ)‪.‬‬
‫اس بٍ ًن‬ ‫استى ٍس ىقى بًالٍ ىعب ً‬‫قى ىحطيوا ٍ‬ ‫اب ‪ ‬ىكا ىف إًذىا‬ ‫ا‪٠‬تىط ً‬‫س بن مالك ‪ ‬أىف عي ىمىر بٍ ىن ٍ‬ ‫ْ‪ -‬ىع ٍن أىنى ً‬
‫ك بً ىعم نىبًيػنىا‬ ‫ىكإًنا نىػتىػ ىوس يل إًلىٍي ى‬ ‫ك بًنىبًيػنىا فىػتى ٍس ًقينىا‬‫اؿ‪( :‬الل يهم إًنا يكنا نىػتىػ ىوس يل إًلىٍي ى‬‫ب فىػ ىق ى‬ ‫ىعٍب ًد الٍمطلً ً‬
‫ي‬
‫اس ًقنىا‪ .‬قى ى‬
‫اؿ‪ :‬فىػيي ٍس ىق ٍو ىف)(ْ) ‪.‬‬ ‫فى ٍ‬
‫ٓ‪ -‬عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل ‪ «:‬انٍطىلى ىق ثىبلىثىةي ىرٍى وط ً‪٦‬ت ٍن‬
‫ت ىعلىٍي ًه يم الٍغى ىار‬ ‫ص ٍخىرةه ًم ىن ٍ‬
‫ا‪ٞ‬تىبى ًل فى ىسد ٍ‬ ‫ت ى‬ ‫يت إً ىذل ىغا ور فى ىد ىخليوهي ‪ ،‬فى ٍا‪٨‬تى ىد ىر ٍ‬
‫ىكا ىف قىػٍبػلى يك ٍم ىحىت أ ىىكيكا الٍ ىمبً ى‬
‫اؿ ىر يج هل ًمٍنػ يه يم‬‫صالً ًح أ ٍىع ىمالً يك ٍم ‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫ً ًً‬ ‫ً‬
‫فىػ ىقاليوا إًنوي الى يػيٍنجي يك ٍم م ٍن ىىذه الص ٍخىرةً إًال أى ٍف تى ٍدعيوا اللوى بً ى‬

‫(ُ) أخرجو ابن ماجو كأ‪ٛ‬تد كالطرباين كالبيهقي كغَتىم‪.‬‬


‫(ِ) الشيخ يوسف خطار ‪٤‬تمد‪ :‬ا‪١‬توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو الطرباين ُب األكسط‪ ،‬كأبو نعيم ُب ا‪ٟ‬تلية كا‪٢‬تيثمي ُب ‪٣‬تمع الزكائد‪.‬‬
‫(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو‪.‬‬
‫‪- 295 -‬‬
‫ت الى أى ٍغبً يق(ُ) قىػٍبػلى يهما أ ٍىىبلن كالى ىماالن ‪ ،‬فىػنىأىل ًيب ًُب طىلى ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫الل يهم ىكا ىف ًرل أىبػى ىواف ىشٍي ىخاف ىكبً ىَتاف ‪ ،‬ىكيكٍن ي‬
‫ت ى‪٢‬تيما ىغبيوقىػ يهما فىػو ىج ٍدتيػ يهما نىائًم ٍ ً‬ ‫ً‬ ‫و‬
‫ت أى ٍف‬‫ُت ىكىك ًرٍى ي‬ ‫ى ى‬ ‫ى ى‬ ‫ىش ٍيء يىػ ٍونما ‪ ،‬فىػلى ٍم أير ًٍح ىعلىٍيه ىما ىحىت نى ىاما ‪ ،‬فى ىحلىٍب ي ى‬
‫استًي ىقاظى يه ىما ىحىت بىػىر ىؽ الٍ ىف ٍجير ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ح ىعلىى يى ىدم أىنٍػتىظير ٍ‬ ‫أى ٍغبً ىق قىػٍبػلى يه ىما أ ٍىىبلن أ ٍىك ىماالن ‪ ،‬فىػلىبًثٍ ي‬
‫ت ىكالٍ ىق ىد ي‬
‫ك فىػ ىفر ٍج ىعنا ىما ىٍ‪٨‬ت ين فً ًيو ًم ٍن‬ ‫ك ابٍتًغىاءى ىك ٍج ًه ى‬
‫فىاستػيػ ىقظىا فىش ًربا ىغبوقىػهما ‪ ،‬اللهم إً ٍف يكٍنت فىػعلٍ ً‬
‫ت ذىل ى‬
‫ي ى ي‬ ‫ي‬ ‫ى ى ي يى‬ ‫ٍ ىٍ‬
‫ت ىشٍيئنا الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬ ‫ًً‬
‫ت‬ ‫اآلخير الل يهم ىكانى ٍ‬ ‫اؿ ى‬ ‫اؿ النيب ‪ «:‬ىكقى ى‬ ‫كج »‪ .‬قى ى‬ ‫ا‪٠‬تيير ى‬ ‫ىىذه الص ٍخىرةً ‪ ،‬فىانٍػ ىفىر ىج ٍ‬
‫ت ًهبىا ىسنىةه ًم ىن‬ ‫ت مٌت ىحىت أىلىم ٍ‬
‫اس إً ىذل ‪ ،‬فىأىرٍدتيػها عن نىػ ٍف ًسها ‪ ،‬فىامتىػنىػع ً‬
‫ٍ ىٍ‬ ‫ى ى ىٍ ى‬ ‫ىحب الن ً‬ ‫تأى‬ ‫ت ىع ٍّم ىكانى ٍ‬ ‫ًرل بًٍن ي‬
‫ً‬ ‫السنًُت ‪ ،‬فىجاءتًٍٍت فىأىعطىيتػها ًع ٍش ًر ً ً‬
‫ت ىحىت‬ ‫ُت نىػ ٍفس ىها ‪ ،‬فىػ ىف ىعلى ٍ‬ ‫ين ىكمائىةى دينىا ور ىعلىى أى ٍف يٗتىل ىى بىػٍي ًٍت ىكبػى ٍ ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ٍي ى‬ ‫ى ىى‬
‫وع ىعلىٍيػ ىها ‪،‬‬ ‫ت ًم ىن الٍ يوقي ً‬ ‫ً ً‬
‫ا‪٠‬تى ىاًبى إًال ْتىقو ‪ .‬فىػتى ىحر ٍج ي‬ ‫ك أى ٍف تىػ يفض ٍ‬ ‫ت الى أ ًيحل لى ى‬ ‫ت ىعلىٍيػ ىها قىالى ٍ‬ ‫إً ىذا قى ىد ٍر ي‬
‫ً‬
‫ت‬‫ت فىػ ىعلٍ ي‬ ‫ب الذم أ ٍىعطىٍيتيػ ىها ‪ ،‬الل يهم إً ٍف يكٍن ي‬ ‫ت الذ ىى ى‬ ‫اس إً ىذل ىكتىػىرٍك ي‬ ‫ىحب الن ً‬ ‫ت ىعٍنػ ىها ىكٍى ىى أ ى‬ ‫صىرفٍ ي‬ ‫فىانٍ ى‬
‫كج‬ ‫ت الص ٍخىرةي ‪ ،‬ىغٍيػىر أىنػ يه ٍم الى يى ٍستى ًطيعيو ىف ٍ‬ ‫ك فىافٍػرج عنا ما ىٍ‪٨‬تن فً ًيو ‪ .‬فىانٍػ ىفرج ً‬ ‫ً‬ ‫ىذلً ى ً‬
‫ا‪٠‬تيير ى‬ ‫ىى‬ ‫ك ابٍتغىاءى ىك ٍجه ى ي ٍ ى ى ي‬
‫اؿ النًيب ‪ :‬كقى ى ً‬ ‫ً‬
‫ىجىريى ٍم ‪ ،‬ىغٍيػىر ىر يج ول‬ ‫ىعطىٍيتيػ يه ٍم أ ٍ‬ ‫يجىراءى فىأ ٍ‬‫ت أى‬ ‫ث‪ :‬الل يهم إًين ٍ‬
‫استىأٍ ىجٍر ي‬ ‫اؿ الثال ي‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ى‬‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬‫ه‬‫ى‬ ‫ػ‬‫ن‬‫ٍ‬ ‫م‬
‫اؿ‪ :‬يىا‬ ‫ت ًمٍنوي األ ٍىمو ياؿ ‪ ،‬فى ىجاءًين بىػ ٍع ىد ًح و‬
‫ُت فىػ ىق ى‬ ‫ً‬ ‫ًو‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ىجىرهي ىحىت ىكثيػىر ٍ‬ ‫تأٍ‬ ‫ب فىػثىمٍر ي‬ ‫ىكاحد تىػىرىؾ الذم لىوي ىك ىذ ىى ى‬
‫اؿ‪:‬‬‫ىج ًرىؾ ًم ىن ا ًإلبً ًل ىكالٍبىػ ىق ًر ىكالٍغىنى ًم ىكالرقً ًيق ‪ .‬فىػ ىق ى‬ ‫ً‬
‫ت لىوي يكل ىما تىػىرل م ٍن أ ٍ‬ ‫ىج ًرم ‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬
‫ً‬
‫ىعٍب ىد اللو أىد إً ىذل أ ٍ‬
‫استىاقىوي فىػلى ٍم يىػٍتػيرٍؾ ًمٍنوي ىشٍيئنا‪،‬‬
‫ىخ ىذهي يكلوي فى ٍ‬ ‫ك‪ .‬فىأ ى‬ ‫ئ بً ى‬ ‫ت‪ :‬إًين الى أ ٍ‬
‫ىستىػ ٍه ًز ي‬ ‫ً‬
‫يىا ىعٍب ىد اللو الى تى ٍستىػ ٍه ًز ٍئ ًيب‪ .‬فىػ يق ٍل ي‬
‫ت الص ٍخىرةي فى ىخىر يجوا‬ ‫ك فىافٍػرج عنا ما ىٍ‪٨‬تن فً ًيو‪ .‬فىانٍػ ىفرج ً‬ ‫ً‬ ‫اللهم فىًإ ٍف يكٍنت فىػع ٍلت ىذلً ى ً‬
‫ىى‬ ‫ك ابٍتغىاءى ىك ٍجه ى ي ٍ ى ى ي‬ ‫ي ى ي‬ ‫ي‬
‫ٯتىٍ يشو ىف»(ِ) ‪ .‬كُب ىذا ا‪ٟ‬تديث داللة كاضحة على توسل ا‪١‬تسلم بأعمالو الصا‪ٟ‬تة لتحقيق ما ٭تب‬
‫كيرغب فيو كيأمل أك ُب دفع ببلء أك مصيبة‪،‬أك قدر كقع عليو‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬أقوال العلماء الكبار من أئمة الفقو والعلوم األخرى‪:‬‬

‫(ُ)أغبق ‪ :‬أسقى كالغبوؽ شرب آخر النهار مقابل الصبوح‪ ،‬كالغبوؽ ‪ :‬اللب الذم يشرب ُب ا‪١‬تساء‪.‬‬
‫(ِ) أخرجو البخارم عن صحيحو‪.‬‬
‫‪- 296 -‬‬
‫كلهم أ‪ٚ‬تعوا ّتواز التوسل كساقوا األدلة اليت ذكرنا بعضها‪ ،‬ك‪٦‬تا يؤيد قولنا كيثبت جواز التوسل‬
‫ما كرد عن الشيخ ابن تيمية ر‪ٛ‬تو اهلل تعاذل عندما سئل ىل ‪٬‬توز التوسل بالنيب ‪ ‬فأجاب‪:‬‬
‫(ا‪ٟ‬تمد هلل التوسل باإلٯتاف بو ك‪٤‬تبتو كطاعتو كالصبلة كالسبلـ عليو كبدعائو كشفاعتو ك‪٨‬تو ذلك‬
‫‪٦‬تا ىو من أفعالو كأفعاؿ العباد ا‪١‬تأمور هبا ُب حقو مشركع باتفاؽ ا‪١‬تسلمُت) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقاؿ الشيخ ‪٤‬تمد بن عبد الوىاب ُب رسالتو ا‪١‬توجهة ألىل القصيم مستنكران بشدة على من‬
‫نسب إليو تكفَت ا‪١‬تتوسل بالصا‪ٟ‬تُت‪( :‬إف سليماف بن سحيم افًتل علي أموران دل أقلها‪ ،‬كدل ً‬
‫يأت‬
‫أكثرىا على بارل‪ ،‬فمنها‪ :‬أين أكفر من توسل بالصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬كأين أكفر البوصَتم لقولو‪ :‬يا أكرـ‬
‫ا‪٠‬تلق‪ ،‬كأين أحرؽ دالئل ا‪٠‬تَتات‪ ،‬كجوايب عن ىذه ا‪١‬تسائل أف أقوؿ‪:‬‬

‫ﮋﯛﯜﯝﯞﯟﮊ(ِ) ) (ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كسئل الشيخ ‪٤‬تمد بن عبد الوىاب عن قو‪٢‬تم ُب االستسقاء‪ :‬ال بأس بالتوسل بالصا‪ٟ‬تُت‪،‬‬
‫فأجاب بكبلـ كثَت منو‪ ...( :‬كلكن يقوؿ ُب دعائو أسألك بنبيك أك با‪١‬ترسلُت أك بعبادؾ‬
‫الصا‪ٟ‬تُت أك يقصد قربان معركفان أك غَته يدعو عنده) (ْ)‪ .‬كىذا يدؿ على جواز التوسل عنده‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك فإف الشيخ ‪٤‬تمد بن ناصر األلباين –كىو كبَت شيوخ ا‪١‬تذىب الوىايب ُب سورية‪-‬‬
‫يذكر‪( :‬أنو ‪٬‬توز التوسل بأ‪ٝ‬تاء اهلل كصفاتو‪ ،‬كبعمل الداعي‪ ،‬كدعاء رجل صاحل آخر) (ٓ)‪.‬‬

‫(ُ) ابن تيمية‪ :‬الفتاكل الكربل‪ ،‬جزء ُ صَِْ‪.‬‬


‫(ِ) سورة النور‪.ُٔ:‬‬
‫(ّ)الرسالة األكذل كا‪ٟ‬تادية عشرة من رسائل ‪٤‬تمد بن عبد الوىاب‪ ،‬القسم ا‪٠‬تامس صُِ‪ ،‬كصْٔ‪.‬‬
‫(ْ) فتاكل الشيخ ‪٤‬تمد بن عبد الوىاب ُب ‪٣‬توعة ا‪١‬تؤلفات القسم الثالث صٖٔ اليت نشرهتا جامعة اإلماـ‬
‫‪٤‬تمد بن مسعود اإلسبلمية ُب أسبوع الشيخ ‪٤‬تمد بن عبد الوىاب‪( .‬كالغريب من الذين ييًقٌركف أسبوع ‪٤‬تمد‬
‫بن عبد الوىاب كينكركف مولد النيب ‪٤ ‬تمد بن عبد اهلل السنوم)‪.‬‬
‫(ٓ) نقلو عنو عيد العباسي ُب كتابو (التوسل أنواعو كأحكامو) ذلك الذم قاؿ عنو مؤلفو إنو مقاالت كتبها‬
‫كألقاىا الشيخ ناصر األلباين‪.‬‬
‫‪- 297 -‬‬
‫‪ -‬كقاؿ بعد أف ساؽ أدلة متعددة ‪( :‬فمما سبق تعلم أف التوسل ىو مشركع دلت عليو نصوص‬
‫الكتاب كالسنة كجرل عليو عمل السلف الصاحل‪ ،‬كأ‪ٚ‬تع عليو ا‪١‬تسلموف كىو‪:‬‬
‫ُ‪ -‬التوسل باسم من أ‪ٝ‬تاء اهلل تبارؾ كتعاذل أك صفة من صفاتو‪.‬‬
‫ِ‪ -‬التوسل بعمل صاحل قاـ بو الداعي‪.‬‬
‫ّ‪ -‬التوسل بدعاء رجل صاحل‪.‬‬
‫ْ‪ٍ -‬ب ينقل أقواؿ األئمة ا‪١‬تعتمدين ُب مسألة التوسل فيقوؿ‪:‬‬
‫فأجاز اإلماـ أ‪ٛ‬تد التوسل بالرسوؿ ‪ ‬كحده‪ ،‬كأجاز غَته كاإلماـ الشوكاين التوسل بو كبغَته من‬
‫األنبياء كالصا‪ٟ‬تُت) (ُ)‪.‬‬
‫وأخيراً‪٧ :‬تد أف للتوسل أنواعان عدة نذكرىا باختصار(ِ)‪:‬‬
‫‪ -1‬التوسل باسم من أمساء اهلل سبحانو وتعاىل‪:‬‬
‫(ّ)‬
‫‪ -‬قاؿ تعاذل‪ :‬ﭽ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭼ‬
‫وؿ الل ًو‬
‫ت ىر يس ى‬ ‫‪ -‬كيستدؿ على التوسل بأ‪ٝ‬تاء اهلل تعاذل ٔتا ركتو عائً ىشة رضي اهلل عنها قىالى ً‬
‫ت ى‪ٝ‬ت ٍع ي‬
‫ٍ‬ ‫ى‬
‫وؿ‪:‬‬
‫‪ ‬يىػ يق ي‬
‫ت ىكإًذىا‬ ‫ك ال ًذم إًذىا د ًع ًً‬ ‫ىحب إًلىٍي ى‬ ‫ً‬ ‫ا‪ٝ‬تك الط ً‬
‫ك بً ًٍ ى‬
‫ىجٍب ى‬
‫يت بو أ ى‬ ‫ي ى‬ ‫اى ًر الطي ً‬
‫ب الٍ يمبى ىارؾ األ ى‬ ‫«الل يهم إًين أ ٍ‬
‫ىسأىلي ى‬
‫ات يىػ ٍووـ‬ ‫ذ‬
‫ى‬ ‫اؿ‬
‫ى‬ ‫ق‬
‫ى‬‫ك‬ ‫ت‬ ‫ل‬
‫ى‬ ‫ا‬‫ق‬
‫ى‬ ‫»‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ج‬‫ر‬ ‫ػ‬
‫ى‬‫ف‬ ‫و‬‫سئًٍلت بًًو أ ٍىعطىيت كإً ىذا استيػرً‪ٛ‬تت بًًو رً‪ٛ‬تت كإً ىذا استيػ ٍف ًرجت بًً‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ ى‬ ‫ٍى ى ٍٍ ٍى ىٍى ى ٍ ٍ ى‬ ‫ي ى‬
‫ً ً ً ًً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ت يىا‬ ‫ت فىػ يق ٍل ي‬ ‫اب »‪ .‬قىالى ٍ‬‫ىج ى‬ ‫«يىا ىعائ ىشةي ىى ٍل ىعل ٍمت أىف اللوى قى ٍد ىدل ًٍت ىعلىى اال ٍس ًم الذم إذىا يدع ىي بو أ ى‬
‫ت ىكأيمي فىػ ىعل ٍمنً ًيو‪ .‬قى ى‬
‫اؿ‪:‬‬ ‫رس ى ً‬
‫وؿ اللو بًأًىيب أىنٍ ى‬ ‫ىي‬

‫(ُ) ‪٤‬تمد ناصر األلباين‪ :‬شرح العقيدة الطحاكية‪ ،‬صْٔ‪.‬‬


‫(ِ) انظر‪ :‬مصطفى ا‪ٟ‬تمصي‪ :‬الثقافة النبوية صََِ‪.‬‬
‫(ّ) سورة األعراؼ‪.َُٖ :‬‬
‫‪- 298 -‬‬
‫ً‬ ‫« إًنو الى يػٍنبغًي لى ً‬
‫ت‬‫ت ىرأٍ ىسوي يٍب قيػ ٍل ي‬ ‫ت فىػ ىقبػ ٍل ي‬
‫اعةن يٍب قي ٍم ي‬ ‫ت ىس ى‬ ‫ت ىك ىجلى ٍس ي‬ ‫ت فىػتىػنىحٍي ي‬ ‫ك يىا ىعائ ىشةي »‪ .‬قىالى ٍ‬ ‫ي ىى‬
‫ك أى ٍف تى ٍسأًىرل‬ ‫ك إًنو الى يػٍنبغًي لى ً‬ ‫ك يا ىعائً ىشةي أى ٍف أ ى ً‬ ‫ً ً‬ ‫وؿ الل ًو ىعلمنً ًيو‪ .‬قى ى ً‬
‫يعل ىم ي ى ى‬ ‫اؿ‪ « :‬إنوي الى يىػٍنبىغي لى ى‬ ‫ٍ‬ ‫يىا ىر يس ى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وؾ اللوى‬ ‫ت‪ :‬الل يهم إًين أ ٍىدعي ى‬ ‫ُت يٍب قيػلٍ ي‬ ‫ت رٍك ىعتىػ ٍ ً‬
‫صلٍي ي ى‬ ‫ت يٍب ى‬ ‫ت فىػتىػ ىوضأٍ ي‬ ‫ت‪ :‬فىػ يق ٍم ي‬ ‫بًو ىشٍيئنا م ىن الدنٍػيىا »‪ .‬قىالى ٍ‬
‫ت ًمٍنػ ىها ىكىما ىدلٍ أ ٍىعلى ٍم‬ ‫ً‬
‫ا‪ٟ‬تي ٍس ىٌت يكل ىها ىما ىعل ٍم ي‬ ‫ك ٍ‬ ‫ى‪ٝ‬تىائً ى‬
‫وؾ بًأ ٍ‬ ‫يم ىكأ ٍىدعي ى‬ ‫ى‬ ‫ح‬‫وؾ الٍبػر الرً‬
‫وؾ الر ٍ‪ٛ‬تى ىن ىكأ ٍىدعي ى ى‬ ‫ىكأ ٍىدعي ى‬
‫أى ٍف تىػ ٍغ ًفىر ًرل ىكتىػٍر ى‪ٛ‬تىًٍت‪.‬‬
‫ت ًهبىا »(ُ)‪.‬‬ ‫ى‪ٝ‬ت ًاء ال ًيت دعو ً‬ ‫ً‬ ‫وؿ الل ًو ‪ ‬يٍب قى ى‬
‫ى ٍى‬ ‫اؿ‪ « :‬إًنوي لىفي األ ٍى‬ ‫ك ىر يس ي‬ ‫ض ىح ى‬ ‫استى ٍ‬
‫ت فى ٍ‬ ‫قىالى ٍ‬
‫ً‬
‫ك‬ ‫اؿ الل يهم إًين ىعٍب يد ىؾ ىكابٍ ين ىعٍبد ىؾ ىكابٍ ين أ ىىمتً ى‬ ‫ىحدان قىط ىى يم ىكالى ىحىز هف فىػ ىق ى‬ ‫اب أ ى‬ ‫ىص ى‬‫كبقولو ‪ «:‬ىما أ ى‬
‫ك أ ٍىك‬ ‫ت بًًو نىػ ٍف ىس ى‬ ‫ك ى‪ٝ‬تٍي ى‬ ‫ك بً يكل ٍ‬
‫اس وم يى ىو لى ى‬ ‫ىسأىلي ى‬
‫ض ياؤ ىؾ أ ٍ‬ ‫ك ىع ٍد هؿ ًُب قى ى‬ ‫اض ًُب يح ٍك يم ى‬ ‫اصيىًيت بًيى ًد ىؾ ىم و‬ ‫نى ً‬
‫ب ًعٍن ىد ىؾ أى ٍف ىٍٕت ىع ىل الٍ يقٍرآ ىف‬ ‫ت بًًو ًُب عً ٍل ًم الٍغىٍي ً‬ ‫ً‬
‫ك أى ًك ٍ‬
‫استىأٍثػىٍر ى‬ ‫ك أ ٍىك أىنٍػىزلٍتىوي ًُب كًتىابً ى‬ ‫ىحدان ًم ٍن ىخ ٍلق ى‬ ‫ىعل ٍمتىوي أ ى‬
‫ً‬ ‫ص ٍد ًرم ىك ىجبلىءى يحٍزًين ىك ىذ ىى ى‬
‫ب اللوي ى‪٫‬توي ىك يحٍزنىوي ىكأىبٍ ىدلىوي ىم ىكانىوي‬ ‫اب ى‪٫‬تي‪ .‬إال أى ٍذ ىى ى‬ ‫ور ى‬ ‫يع قىػ ٍلًيب ىكني ى‬ ‫ىربً ى‬
‫اؿ‪ « :‬بىػلىى يػىٍنبىغًي لً ىم ٍن ىً‪ٝ‬ت ىع ىها أى ٍف يىػتىػ ىعل ىم ىها »(ِ)‪.‬‬ ‫وؿ الل ًو أىالى نىػتىػ ىعل يم ىها فىػ ىق ى‬‫يل يىا ىر يس ى‬ ‫اؿ فىً‬
‫فىػىرجان»‪ .‬قى ى ى‬
‫ق‬
‫‪ -2‬التوسل جباه النبي ‪ ‬أو حرمتو‪:‬‬
‫كأف يقوؿ‪( :‬أتوسل إليك ّتاه نبيك عندؾ أك حرمتو)‪ .‬أم‪ :‬اجعل قدر نبيك العظيم كمنزلتو‬
‫العالية عندؾ سببان ُب قضاء حاجيت‪ ،‬كالشك أف قدر سيدنا ‪٤‬تمد ‪ ‬كجاىو عند اهلل ‪‬‬
‫عظيم‪ ،‬فهو خَت ا‪٠‬تلق كأحبهم إذل اهلل ‪ ،‬كبالطبع فليس ا‪١‬تسؤكؿ ىنا ىو النيب ‪ ،‬كإ‪٪‬تا‬
‫ا‪١‬تسؤكؿ ىو اهلل ‪ ،‬كالرسوؿ ‪ ‬ىو متوسل بقدره كجاىو عند اهلل ‪.‬‬
‫‪ -3‬التوسل حبق النبي ‪:‬‬
‫كأف يقوؿ‪( :‬اللهم إين اسألك ْتق نبيك ا‪١‬تصطفى عندؾ) كىو راجع إذل معٌت ا‪ٞ‬تاه كا‪ٟ‬ترمة‬
‫السابقة‪ ،‬كيستدؿ على ذلك بقوؿ النيب ‪ « :‬ىم ٍن ىخىر ىج ًم ٍن بىػٍيتً ًو إً ىذل الصبلىةً فىػ ىق ى‬
‫اؿ الل يهم إًين‬

‫(ُ) أخرجو ابن ماجو ُب سننو‪.‬‬


‫(ِ) أخرجو أ‪ٛ‬تد كابن حباف كا‪ٟ‬تاكم ُب مستدركو عن عبد اهلل بن مسعود ‪.‬‬
‫‪- 299 -‬‬
‫اء‬‫ىشرا(ُ) كالى بىطىرا(ِ) كالى ىً‬
‫ي‬‫ر‬ ‫أ‬ ‫ج‬ ‫ر‬‫ىخ‬ ‫أ‬ ‫دل‬
‫ى‬ ‫ين‬ ‫ك ًْتىق ‪٦‬تىٍ ىشام ىى ىذا فىإً‬ ‫ل‬
‫ي‬‫ى‬‫أ‬ ‫ىس‬‫أ‬
‫ك‬ ‫ك‬ ‫ي‬‫ى‬‫ل‬‫ع‬ ‫ُت‬‫أىسأىليك ًْتق السائًلً‬
‫ي ن ى ن ى ن‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ‬ ‫ى‬ ‫ى‬ ‫ٍ ى ى‬
‫ك أى ٍف تيعًي ىذًين ًم ىن النا ًر ىكأى ٍف تىػ ٍغ ًفىر ًرل‬ ‫ىسأىلي ى‬‫ك فىأ ٍ‬ ‫ضاتً ى‬ ‫كالى ي‪ٝ‬تٍعةن كخرجت اتػ ىقاء سخ ًط ى ً‬
‫ك ىكابٍتغىاءى ىمٍر ى‬ ‫ى ى ى ىى ٍ ي ى ي ٍ‬
‫ف ملى و‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ك »(ّ)‪.‬‬ ‫ت‪ ،‬أىقٍػبى ىل اللوي ىعلىٍيو بًىو ٍج ًهو ىك ٍ‬
‫استىػ ٍغ ىفىر لىوي ىسٍبػعيو ىف أىلٍ ى ى‬ ‫وب إًال أىنٍ ى‬
‫ذيني ًويب إًنوي الى يىػ ٍغفير الذني ى‬
‫‪ -4‬التوسل بذات النبي ‪:‬‬
‫كذلك على معٌت االستشفاع بو إذل اهلل تعاذل‪ ،‬لبلوغ ا‪١‬تأرب كأف يقوؿ‪( :‬اللهم إين أتوسل‬
‫إليك بنبيك ‪٤‬تمد أف تقضي حاجيت) كالشاىد على ذلك حديث الرجل الضرير الذم مر‬
‫معنا سابقان‪.‬‬
‫‪ -5‬التوسل باألعمال الصاحلة‪:‬‬
‫كدليلو حديث أصحاب الغار الثبلثة الذين توسلوا بصاحل أعما‪٢‬تم إذل اهلل تعاذل‪ ،‬كقد مر معنا‬
‫سابقان‪.‬‬
‫‪ -6‬التوسل جباه الصاحلني‪:‬‬
‫كدليلو ما ركم عن سيدنا عمر بن ا‪٠‬تطاب ‪ ‬عندما توسل بعم النيب ‪ ‬العباس عندما أراد‬
‫االستسقاء‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ)األشر ‪ :‬الطغياف بالنعمة‪.‬‬


‫(ِ)البطر ‪ :‬التكرب على ا‪ٟ‬تق فبل يقبل‪.‬‬
‫(ّ) أخرجو ابن ماجو كأ‪ٛ‬تد كالطرباين كالبيهقي كغَتىم عن أيب سعدم ا‪٠‬تدرم‪ ،‬كىو حديث حسن ‪.‬‬
‫‪- 311 -‬‬
‫الباب السادس‪:‬‬
‫(حسب وفاتهم)‬ ‫من أعالم التصوف‬
‫البصري‪(.‬ت ٓٔٔىـ ـ ـ ـ ــ)‬ ‫ٔ‪ -‬الحسن‬
‫ٕ‪ -‬إبراىيم بن أدىم‪(.‬تٔ‪ٔٙ‬ى ـ ـ ـ‪ٚٚٛ /‬م)‬
‫ٖ‪ -‬الفضيل بن عياض‪( .‬ت‪ٔٛٚ‬ى ـ ـ ــ‪ٖٛٓ/‬م)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬شقيق البلخي‪( .‬ت ٗ‪ٜٔ‬ىـ ـ ــ‪ٛٔٓ/‬م)‬
‫٘‪ -‬بشر الحافي‪( .‬ت ‪ٕٕٚ‬ى ـ ـ ــ‪ٛٗٔ/‬م)‬
‫‪ -ٙ‬حاتم األصم‪( .‬ت‪ٕٖٚ‬ىـ ـ ـ ــ‪ٛ٘ٔ/‬م)‬
‫‪ -ٚ‬سري السقطي‪( .‬ت ٖٕ٘ىـ ـ ـ ـ ــ‪ٛٙٚ/‬م)‬
‫‪ -ٛ‬أبو يزيد البسطامي‪( .‬ت ٔ‪ٕٙ‬ى ـ ـ ـ ـ ــ‪ٛٚ٘/‬م)‬
‫‪ -ٜ‬الجنيد بن محمد‪(.‬ت‪ٕٜٚ‬ى ـ ـ ـ ـ ــ‪ٜٔٓ /‬م)‬
‫(تٕٓ٘ىـ ـ ـ ـ ـ ــ)‬ ‫محمد الغزالي‪.‬‬ ‫ٓٔ‪-‬‬
‫‪- 311 -‬‬
‫(ُ)‬
‫من أعالم التصوف‬
‫‪ -‬أعبلـ التصوؼ أكثر من أف ٭تصوا‪ ،‬كىم أعبلـ العلم كالعلماء‪ ،‬كأىل الفضل كاإلحساف‪،‬‬
‫كأصحاب التقول كاإلٯتاف‪ ،‬كذك الذكر كالعرفاف كأكابر الصا‪ٟ‬تُت كأىل اللٌو‪ ،‬الذين ظهركا على مر‬
‫العصور كاألزمنة‪ ،‬كُب كل مكاف كزماف‪ ،‬ك‪ٛ‬تلوا راية الدعوة كاإلرشاد‪ ،‬كالتزكية كاإلحساف‪ ،‬فبلغوا‬
‫ا‪٠‬تَتة‪.‬‬
‫األمانة‪ ،‬كنصحوا األمة‪ ،‬كربوا األجياؿ ا‪١‬تتبلحقة‪ ،‬كحافظوا على السنة ا‪١‬تطهرة‪ ،‬كعلى األمة ٌ‬
‫‪ -‬ذكرت سَتىم كىم األلوؼ ا‪١‬تؤلفة ُب العديد من كتب الًتاجم كالسَت نورد خبلصة بسيطة عن‬
‫عدد قليل منهم للذكر ال للحصر‪ ،‬كللتعرؼ على ىذه النماذج القدكة ُب العلم كالصبلح كالتزكية‬
‫كاإلحساف كالزىد كالرضا كالرضواف كالصرب كالشكر ُب كل حاؿ من األحواؿ‪ ،‬حىت أصحبوا‬
‫منارات للهداية‪ ،‬كأئمةن ُب الزىد كالصبلح كالتقول كالورع كالتوكل كالرضا‪ ،‬يقتدم هبم ىم ٍن بعدىم‬
‫من الذين ساركا على هنجهم كطريقتهم‪ ،‬فذاع صيتهم‪ ،‬كانتشر خربىم كعبل أمرىم‪ ،‬ككثر ا‪ٟ‬تديث‬
‫عنهم‪ ،‬كعم نفعهم ُب كل زماف كمكاف كإذل يومنا ىذا‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كإف الدارس ‪٢‬تؤالء األعبلـ ‪٬‬تد أف ىناؾ تشاهبان بينهم ُب كثَت من األحياف ُب طريق‬
‫كصو‪٢‬تم إذل معرفة اهلل ‪ ،‬كاجتماع قلوهبم عليو‪ ،‬كذلك من خبلؿ ما خصهم اهلل بو من صحوة‬
‫إٯتانية‪ ،‬كداللة ربانية عليو بعد أف كانوا ُب غفلة عنو‪ ،‬فأسرعوا إذل التمسك هبذا الطريق ا‪١‬تستقيم‬
‫كاالستقامة عليو ُب أعلى مستواه‪ ،‬كأرقى ‪٤‬تتواه‪ ،‬فأفاض اهلل على ألسنتهم من األقواؿ اليت فيها‬

‫(ُ) انظر سَت السلف الصا‪ٟ‬تُت‪ :‬اإلماـ أبو القاسم إ‪ٝ‬تاعيل األصبهاين‪ .‬كالرسالة القشَتية‪:‬اإلماـ القشَتم‪،‬‬
‫كصفة الصفوة‪ :‬لئلماـ أيب الفرج بن عبد الر‪ٛ‬تن ا‪ٞ‬توزم‪ ،‬كسَت أعبلـ النببلء‪ :‬لئلماـ الذىيب‪ ،‬كطبقات ابن‬
‫سعد‪ ،‬كحلية األكلياء‪ :‬أليب نعيم‪ ،‬كالكامل ُب التاريخ‪ :‬البن األثَت‪ ،‬كالبداية كالنهاية‪ :‬البن كثَت‪ .‬كطبقات‬
‫الصوفية‪ :‬للسلمي‪ ،‬كميزاف االعتداؿ‪ :‬للذىيب‪.‬‬
‫‪- 312 -‬‬
‫العظة النَتة كا‪ٟ‬تكمة البالغة كالعربة القيمة اليت انتفع هبا كل من صاحبهم‪ ،‬ككل من سار على‬
‫درهبم‪ ،‬كاطلع بسبلمة قلب على أخبارىم كأقوا‪٢‬تم‪.‬‬

‫‪ -‬كقد اخًتت عشرة من أعبلمهم للذكر ال للحصر‪ ،‬لنقف على أحوا‪٢‬تم كأقوا‪٢‬تم بصفتهم ‪٪‬تاذج‬
‫ألكلئك األعبلـ‪ ،‬مع االنتباه إذل أهنم ما عدا حجة اإلسبلـ ‪٤‬تمد الغزارل من الرعيل األكؿ‪ ،‬كمن‬
‫القركف ا‪٠‬تَتة اليت ذكرىا النيب ‪ ،‬فسنوات كفاهتم قبل القرف الثالث ا‪٢‬تجرم‪ ،‬كقد عاشوا ُب‬
‫أزماف أئمة الفقو اجملتهدين كأعبلـ ا‪ٟ‬تديث ركاية كدراية‪ ،‬فأخذكا عنهم كتعلموا‪ ،‬كما أخذ أكلئك‬
‫األئمة عنهم كاستفادكا‪ ،‬فكاف عصرىم عصر الصفاء كالنقاء كالتمسك بالقرآف الكرًن كالسنة‬
‫العصر الذم دل تظهر فيو البدع ُب الدين أك البعد عنو فكانوا من القركف ا‪٠‬تَتة اليت ذكرىا‬
‫ا‪١‬تطهرة ى‬
‫النيب ‪(( :‬خَت القركف قرين ٍب الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم)) (ُ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) متفق عليو عن عبد اهلل بن مسعود ‪.‬‬


‫‪- 313 -‬‬
‫أولً‪ -‬الحسن البصري‬
‫‪ -‬ىو أبو سعيد ا‪ٟ‬تسن بن أيب ا‪ٟ‬تسن يسار البصرم‪ ،‬كاف من سادات التابعُت ككربائهم سنان‬
‫كمقامان‪ ،‬كلد لسنتُت بقيتا من خبلفة سيدنا عمر ‪ ،‬كحنكو عمر ‪ ‬بيده‪.‬‬

‫‪ -‬كاف أبوه موذل لزيد بن ثابت األنصارم ‪ ‬كأمو خَتة موالة أـ سلمة زكج النيب ‪ ‬ككانت‬
‫أمو تغيب أحيانان فيبكي فتأخذه أـ سلمة تعللو بثديها حىت تعود أمو‪ ،‬كلتكرر ‪٤‬تاكالت إسكاتو‬
‫در عليو ثديها فرضع منها فهو من بيت النبوة رضاعة‪.‬‬

‫‪ -‬كقد رأل ثبلثُت كمائة من أصحاب النيب ‪ ،‬ككاف يشبو كبلمو كبلـ األنبياء‪ ،‬ككاف رجبلن‬
‫غلب عليو ا‪ٟ‬تزف ‪ ،‬كمات ُب شهر رجب سنة عشر كمائة كىو ابن تسع ك‪ٙ‬تانُت سنة‪.‬‬

‫‪ -‬كيع ٌده الصوفية ُب رأس سلسلة سند التصوؼ‪ ،‬فهم يقولوف إنو أخذ الطريقة (كلبس ا‪٠‬ترقة) من‬
‫اإلماـ علي بن أيب طالب كرـ اللٌو كجهو‪ ،‬كعلي ‪ ‬أخذىا من الرسوؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ يونس بن عبيد (كىو من أصحاب ا‪ٟ‬تسن)‪ :‬ما رأيت رجبلن قط أطوؿ حزنان من ا‪ٟ‬تسن‪،‬‬
‫كاف إذا أقبل كأنو أقبل من دفن أمو‪ ،‬كإذا جلس كأنو أسَت قيد ىـ ليضرب عنقو‪ ،‬كإذا تكلم كأف‬
‫النار دل ٗتلق إال لو‪.‬‬

‫من أقوالو‪:‬‬

‫‪ ‬ال تضحك فإنك ال تدرم لعل اللٌو قد اطلع على بعض أعمالنا فقاؿ‪ :‬ال أقبل منكم شيئان‪.‬‬

‫ال ٗترج نفس ابن آدـ من الدنيا إال ْتسرات ثبلث‪ ،‬أنو دل يشبع ‪٦‬تا ‪ٚ‬تع‪ ،‬كدل يدرؾ ما‬ ‫‪‬‬
‫أحل‪ ،‬كدل ٭تسن الزاد ‪١‬تا قدـ عليو‪.‬‬

‫‪ ‬بئس الرفيقاف‪ :‬الدنيا كالدرىم‪ ،‬ال ينفعانك حىت يفارقانك‪.‬‬

‫‪- 314 -‬‬


‫‪ ‬ال تزاؿ كرٯتان على إخوانك ما دل ٖتتج إذل ما ُب أيديهم فإذا احتجت إذل ما ُب أيديهم‬
‫ثقل عليهم حديثك يكىنت عليهم‪.‬‬

‫‪ ‬عظ الناس بفعلك كال تعظهم بقولك‪.‬‬

‫‪ ‬إذا رأيت الرجل ينافس ُب الدنيا فنافسو ُب اآلخرة‪.‬‬

‫‪ ‬الفكرة مرآة تريك حسناتك كسيئاتك‪.‬‬

‫‪ ‬ما يسرين مودة ألف رجل بعداكة رجل كاحد‪.‬‬

‫‪ ‬نبكي على ا‪١‬تيت ثبلثة أياـ كعلى األ‪ٛ‬تق حىت ٯتوت‪.‬‬

‫قيل لو‪ :‬إف الناس يقولوف‪ :‬إف ا‪ٟ‬تجاج مغفور لو‪ ،‬قاؿ‪ :‬آية ذلك أف يدع سيئ ما كاف‬ ‫‪‬‬
‫عليو‪.‬‬

‫‪ ‬يا عجبان لقوـ أمركا بالزاد كنودكا بالرحيل كحبس أك‪٢‬تم على آخرىم كىم قعود يلعبوف‪.‬‬

‫‪ ‬أصوؿ الشر ثبلثة كفركعو ستة‪ ،‬فاألصوؿ‪ :‬ا‪ٟ‬تسد كا‪ٟ‬ترص كحب الدنيا‪ ،‬كفركعو‪ :‬حب‬
‫الرياسة‪ ،‬كحب الفخر‪ ،‬كحب الثناء‪ ،‬كحب الشبع‪ ،‬كحب النوـ‪ ،‬كحب الراحة‪.‬‬

‫‪ ‬من أحب الدنيا ذىب خوؼ اآلخرة من قلبو‪.‬‬

‫أكثركا من االستغفار ُب بيوتكم كعلى موائدكم كُب طرقكم كُب أسواقكم كُب ‪٣‬تالسكم‬ ‫‪‬‬
‫كأينما كنتم فإنكم ال تدركف مىت تنزؿ ا‪١‬تغفرة‪.‬‬

‫‪ ‬ا‪١‬تؤمن ُب الدنيا كالغريب ال ينافس ُب عزىا كال ‪٬‬تزع من ذ‪٢‬تا‪ ،‬للناس حاؿ كلو حاؿ‪.‬‬

‫‪- 315 -‬‬


‫‪ ‬إف الرجل ليعمل با‪ٟ‬تسنة فتكوف نوران ُب قلبو كقوة ُب بدنو كإف الرجل ليعمل بالسيئة‬
‫فتكوف ظلمة ُب قلبو ككىنان ُب بدنو‪.‬‬
‫‪ ‬ككاف من دعائو‪ :‬اللهم عافيت فيما مضى فىػع ً‬
‫اؼ فيما بقي‪ ،‬اللهم أحسنت فيما مضى‬‫ى‬
‫كأنت ‪١‬تا بقي‪.‬‬

‫‪ ‬مسكُت ابن آدـ رضي بدار حبل‪٢‬تا حساب‪ ،‬كحرامها عذاب‪ ،‬إف أخذه من ًح ٍّل حوسب‬
‫بنعيمو‪ ،‬كإف أخذه من حراـ عيذب بو‪.‬‬

‫‪ ‬ابن آدـ يستقل مالو كال يستقل عملو‪ ،‬يفرح ٔتصيبتو ُب دينو ك‪٬‬تزع ٔتصيبتو ُب دنياه‪.‬‬

‫‪ ‬كاف يقوؿ‪ :‬لساف ا‪ٟ‬تكيم من كراء قلبو إذا أراد أف يقوؿ رجع إذل قلبو‪ ،‬فإف كاف لو قاؿ‪،‬‬
‫كإف دل يكن لو أمسك‪.‬‬

‫‪ ‬ككانوا يقولوف‪ :‬إف قلب ا‪ٞ‬تاىل ُب طرؼ لسانو ال يرجع إذل قلبو ما أتى على لسانو تكلم‬
‫بو‪.‬‬

‫‪ ‬إياكم كما يشغل من الدنيا‪ ،‬فإنو ال يفتح رجل على نفسو بابان من الدنيا إال سد عليو‬
‫عشرة أبواب من عمل اآلخرة‪.‬‬

‫‪ ‬ابن آدـ اصحب الناس بأم خلق شئت يصحبوؾ ٔتثلو‪.‬‬

‫‪ ‬قاؿ أبو كعب صاحب ا‪ٟ‬ترير‪ :‬أردت سفران‪ ،‬فأتيت ا‪ٟ‬تسن‪ ،‬فقلت لو‪ :‬أىٍك ًصيٍت‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أعز‬
‫أمر اهلل حيثما كنت يعزؾ‪ ،‬ففعلت‪ :‬فلم أزؿ عزيزان حىت رجعت‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 316 -‬‬


‫ثانياً‪ -‬إبراىيم بن أدىم‬
‫‪ -‬ىو أبو إسحاؽ إبراىيم بن أدىم بن منصور‪ ،‬من كدرة بلخ ُب خرساف(ُ)‪ ،‬كاف من أبناء‬
‫ا‪١‬تلوؾ‪ ،‬فخرج يومان يتصيد‪ ،‬فأثار ثعلبان أك أرنبان كىو ُب طلبو‪ ،‬فهتف بو ىاتف‪ :‬يا إبراىيم أ‪٢‬تذا‬
‫خلقت؟ أـ هبذا أمرت؟ ٍب ىتف بو‪ :‬ما ‪٢‬تذا خلقت كال هبذا أمرت‪.‬‬

‫‪ -‬فنزؿ عن دابتو‪ ،‬كصادؼ راعيان ألبيو‪ ،‬فأخذ جبة للراعي من صوؼ كلبسها‪ ،‬كأعطاه فرسو كما‬
‫معو‪ٍ ،‬ب إنو دخل البادية‪ٍ ،‬ب دخل مكة ا‪١‬تكرمة‪ ،‬كصحب هبا سفياف الثورم كالفضيل بن عياض‪،‬‬
‫ٍب انطلق إذل الشاـ طلبان للحبلؿ فأقاـ هبا غازيان (تُُٔىػ ػ ػ ػ ػ ػ‪ٕٕٖ /‬ـ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف يعمل ُب البساتُت كا‪ٟ‬تصاد كغَت ذلك فيأكل من عمل يده‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ حذيفة ا‪١‬ترعشي(ِ)‪ :‬قدـ شقيق البلخي (ستمر تر‪ٚ‬تتو) مكة كإبراىيم بن أدىم فيها‬
‫فاجتمع الناس فقالوا‪٧ :‬تمع بينهما فجمعوا بينهما ُب ا‪١‬تسجد ا‪ٟ‬تراـ‪.‬‬

‫أصلنا أصولنا‬
‫أصلتم أصولكم؟ فقاؿ شقيق‪ٌ :‬‬
‫فقاؿ إبراىيم بن أدىم لشقيق‪ :‬يا شقيق‪ ،‬على ماذا ٌ‬
‫أنا إذا رزقنا أكلنا‪ ،‬كإذا يمنعنا صربنا‪ .‬فقاؿ إبراىيم بن أدىم‪ :‬ىكذا كبلب بلخ‪ .‬إذا رزقت أكلت‬
‫أصلنا أصولنا‬
‫أصلتم أصولكم يا أبا اسحاؽ؟ قاؿ‪ٌ :‬‬
‫كإذا منعت صربت‪ ،‬فقاؿ شقيق‪ :‬فعلى ماذا ٌ‬
‫على إنا إذا رزقنا آثرنا‪ ،‬كإذا منعنا ‪ٛ‬تدنا كشكرنا‪ .‬فقاـ شقيق كجلس بُت يديو كقاؿ‪ :‬يا أبا إسحاؽ‬
‫أنت أستاذنا‪.‬‬

‫(ُ)معٌت خراساف بالفارسية‪ :‬مطلع الشمس‪ ،‬كالعرب إذا ذكرت ا‪١‬تشرؽ كلو قالوا فارس‪،‬فخراساف من‬
‫فارس‪.‬‬
‫(ِ)حذيفة بن قتادة ا‪١‬ترعشي من العباد يركل عن أىب إسحاؽ الفزارم‪ ،‬كىو ‪٦‬تن ال يأكل إال ا‪ٟ‬تبلؿ احملض‬
‫سكن أنطاكية قيل مات سنة سبع كمائتُت‪.‬‬
‫‪- 317 -‬‬
‫‪ -‬ككاف إبراىيم بن أدىم ٭ترس كرمان‪ ،‬فمر بو جندم‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أعطنا من ىذا العنب‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ما‬
‫أمرين بو صاحبو‪ ،‬فأخذ يضربو بسوطو‪ ،‬فطأطأ رأسو‪ ،‬كقاؿ‪ :‬اضرب رأسان طا‪١‬تا عصى اللٌو تعاذل‪،‬‬
‫فأعجز الرجل كمضى‪.‬‬

‫‪ -‬حدث ابن ٘تيم(ُ) فقاؿ‪ :‬قلت إلبراىيم بن أدىم‪ :‬منذ كم أنت بالشاـ؟ قاؿ‪ :‬منذ أربع‬
‫كعشرين سنة‪ ،‬كما أتيتها لرباط –يعٍت لغزك‪ -‬قلت‪ :‬فىلً ىم؟ قاؿ‪ :‬ألشبع من خبز ا‪ٟ‬تبلؿ‪.‬‬

‫‪ -‬خرج إبراىيم بن أدىم من بيت ا‪١‬تقدس فمر ٔتى ٍسلى ىح وة (قوـ ذكم سبلح) فقالوا‪ :‬عب هد؟ قاؿ‪:‬‬
‫(ِ)‬
‫نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬آبق؟ قاؿ‪ :‬نعم‪ ،‬فذىبوا بو فحبسوه بسجن ُب طربيا ‪ ،‬قاؿ فجاء رجل يطلب عبدان‬
‫لو آبقان من بيت ا‪١‬تقدس‪ ،‬فقيل لو‪ :‬إف ُب مسلحة كذا قد أصابوا غبلمان آبقان‪ ،‬كىو ُب السجن‬
‫بطربيا‪ ،‬قاؿ‪ :‬فذىب إذل السجن فإذا ىو بإبراىيم بن أدىم‪ ،‬قاؿ‪ :‬سبحاف اهلل ما تصنع ىا ىنا‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬أنا ىا ىنا‪ ،‬كما أحسن مكاين! قاؿ‪ :‬فرجع الرجل إذل بيت ا‪١‬تقدس‪ ،‬فأخربىم فجاء الناس‬
‫من بيت ا‪١‬تقدس إذل أمَت طربيا فقالوا‪ :‬إبراىيم ما يصنع ُب حبسك؟ قاؿ‪ :‬ما حبستو‪ .‬قالوا‪ :‬بلى‪،‬‬
‫قاؿ‪ :‬فبعث إليو فجاءه‪ ،‬فقاؿ لو‪ :‬دلى حبست؟ فقاؿ‪ :‬مررت ٔتسلحة‪ ،‬فقالوا‪ :‬عب هد‪ ،‬قلت‪ :‬نعم‬
‫آبق‪ ،‬قلت‪ :‬نعم كأنا آبق من ذنويب‪ ،‬قاؿ‪ :‬فخلى سبيلو‪.‬‬
‫كأنا عبد اهلل‪ ،‬قالوا‪ :‬ه‬
‫‪ -‬كتب إبراىيم بن أدىم إذل سفياف الثورم‪ :‬من عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ‪ ،‬كمن أطلق‬
‫بصره طاؿ أسفو‪ ،‬كمن طاؿ أملو ساء عملو‪ ،‬كمن أطلق لسانو قتل نفسو‪.‬‬

‫(ُ)خلف بن ٘تيم بن أيب عتٌاب‪ :‬أبو عبد الر‪ٛ‬تن الكوُب‪ .‬ركل عن سفياف كزائدة كأيب بكر النهشلي‪،‬‬
‫ك‪ٚ‬تاعة‪ .‬كركل عنو أبو إسحاؽ الفزارم مع تقدمو كأ‪ٛ‬تد بن ا‪٠‬تليل الربجبلين كغَت‪٫‬تا‪ .‬كقاؿ ابن شيبة‪ :‬ثقة‬
‫النسائي كابن‬ ‫صدكؽ‪ ،‬أحد النساؾ اجملاىدين‪ ،‬صحب إبراىيم بن أدىم‪ .‬توُب سنة و‬
‫ست كمائتُت‪ ،‬كركل لو‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ماجو‪[ .‬الواُب بالوفيات]‬
‫(ِ) طربيا معركفة ُب الشاـ ‪ٝ‬تيت بذلك ألف أحد ملوؾ الركـ بناىا كا‪ٝ‬تو طبارم‪.‬‬
‫‪- 318 -‬‬
‫‪ -‬كاف إبراىيم بن أدىم ُب البحر فعصفت الريح كاشتدت‪ ،‬كإبراىيم ملفوؼ ُب كسائو‪،‬‬
‫فجعػػل أىػػل السػػفينة ينظػػركف إليػػو‪ ،‬فقػػاؿ لػػو رجػػل مػػنهم‪ :‬يػا ىػػذا مػػا تػػرل مػػا ‪٨‬تػػن فيػػو مػػن‬
‫ىذا ا‪٢‬توؿ‪ ،‬كأنت نػائم ُب كسػائك؟ قػاؿ‪ :‬فكشػف إبػراىيم رأسػو فأخرجػو مػن الكسػاء ٍب‬
‫رفػػع رأسػػو إذل السػػماء‪ ،‬فقػػاؿ‪ :‬اللهػػم قػػد أريتنػػا قػػدرتك فأرنػػا عفػػوؾ‪ ،‬قاؿ‪:‬فسػػكن البحػػر‬
‫كىدأت السفينة‪.‬‬
‫ستجاب لكم؟‬‫فكيف يي‬ ‫ً‬ ‫أىل البصرًة قد ٍ‬
‫ي‬ ‫ى‬ ‫ماتت قلوبي يك ٍم بعشرة أشياءى‬ ‫قاؿ‪ :‬يا ى‬
‫‪ -‬ى‬
‫أولً‪ :‬عرفٍػتيم اهللى كدل تؤدكا حقوي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬قرأٍيًب القرآ ىف كدل تعملوا بو‪.‬‬

‫ً‬
‫الرسوؿ كترٍكتي ٍم يسنتىوي‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬اد ٍ‬
‫عيتي ٍم يحب‬
‫ً‬
‫رابعاً‪ :‬ادعيتم عداكىة الشيطاف ك ٍ‬
‫أطعتيموه‪.‬‬

‫دخوؿ ا‪ٞ‬ت ًنة كدل تعملوا ‪٢‬تا‪.‬‬


‫خامساً‪ :‬ادعيتم ى‬

‫سادساً‪ :‬ادعيتم النجا ىة من النار ىكرىمٍيتي ٍم هبا ى‬


‫أنفس يك ٍم‪.‬‬

‫ا‪١‬توت ح يق كدل تستعًدكا لو‪.‬‬


‫سابعاً‪ :‬قلتم ي‬
‫ثامناً‪ :‬اشتغلتم ً‬
‫بعيوب ً‬
‫الناس كتركتم عيوبى يك ٍم‪.‬‬

‫تاسعاً‪ :‬دفٍنتي ٍم موتاكم كدل تىػ ٍعتربكا‪.‬‬

‫عاشراً‪ :‬أكلتم نعمةى اهلل كدل تشكركه عليها‪.‬‬


‫‪- 319 -‬‬
‫‪ -‬من أقوالو‪:‬‬

‫‪ ‬من عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ‪ ،‬كمن أطلق بصره طاؿ أسفو‪ ،‬كمن طاؿ أملو ساء‬
‫عملو‪ ،‬كمن أطلق لسانو قتل نفسو‪.‬‬

‫‪ ‬اٗتذ اللٌو صاحبان‪ ،‬كذر الناس جانبان‪.‬‬

‫‪ ‬من أراد الراحة فليخرج ا‪٠‬تلق من قلبو حىت يسًتيح‪.‬‬

‫‪ ‬كثرة النظر إذل الباطل يذىب ٔتعرفة ا‪ٟ‬تق من القلب‪.‬‬

‫‪ ‬ما صدؽ اللٌو عبد أحب الشهرة‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 311 -‬‬


‫ثالثاً‪ -‬الفضيل بن عياض‬
‫‪ -‬ىو الفضيل بن عياض بن مسعود التميمي أبو علي‪ ،‬كلد بسمرقند كنشأ بكورة بأبيورد(ُ)‪،‬‬
‫كقدـ الكوفة كىو كبَت‪ ،‬فسمع هبا ا‪ٟ‬تديث‪ٍ ،‬ب تعبد كانتقل إذل مكة فمات هبا سنة‬
‫(ُٕٖى ػ ػ ػػ‪َّٖ/‬ـ) ُب الشهر احملرـ‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ الفضيل بن موسى (من أصحاب الفضيل)‪ :‬كاف الفضيل شاطران (ِ)يقطع الطريق بُت‬
‫أبَتكد كسرخس‪ ،‬ككاف سبب توبتو أنو عشق جارية‪ ،‬فبينما ىو يرتقي ا‪ٞ‬تدار إليها ‪ٝ‬تع قارئان يتلو‬

‫قولو تعاذل‪ :‬ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶ ﮷ ﮸ ﮹ ﮺ ﮻ ﮼ ﮽‬


‫(ّ)‬
‫﮾ ﮿ ﯀ ﯁ ﯂ ﯃ ﯄ ﯅ ﯆ ﯇﯈ ﯉ ﯊ ﯋ ﯌ ﭼ‬

‫فقاؿ‪ :‬يارب قد آ ىف‪ ،‬فرجع فآكاه الليل إذل خربة‪ ،‬فإذا فيها رفقة‪ ،‬فقاؿ بعضهم‪ :‬نرٖتل‪ ،‬كقاؿ‬
‫بعض آخر‪ :‬حىت نصبح فإف فضيبلن على الطريق يقطع علينا‪ ،‬فتاب الفضيل كأمنهم‪ ،‬كجاكر ا‪ٟ‬ترـ‬
‫حىت مات‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ إسحاؽ بن إبراىيم (من أصحاب الفضيل)‪ :‬كانت قراءة الفضيل حزينة شهية بطيئة‬
‫مًتسلة‪ ،‬كأنو ٮتاطب إنسانان‪ ،‬ككاف إذا مر بآية فيها ذكر ا‪ٞ‬تنة يرددىا‪ ،‬ككاف يلقى لو حصَت‬
‫بالليل ُب مسجده‪ ،‬فيصلي من أكؿ الليل ساعة حىت تغلبو عينو‪ ،‬فيلقي نفسو على ا‪ٟ‬تصَت‪ ،‬فيناـ‬
‫قليبلن ٍب يقوـ‪ ،‬فإذا غلبو النوـ ناـ‪ٍ ،‬ب يقوـ ىكذا حىت يصبح‪.‬‬

‫(ُ) أبيورد‪ :‬مدينة ٓتراساف بُت سرسخ كنسا‪ ،‬فتحت عاـ ُّىػ ػ ػ ػ ػ ػ على يد عبد اهلل بن عامر بن كريز‪،‬‬
‫كىذه ا‪١‬تدينة تابعة اليوـ للًتكستاف الركسية‪.‬‬
‫(ِ)الشاطر ‪:‬ىو ٔتعٌت قاطع الطريق‪ ،‬كٔتعٌت‪ :‬ا‪٠‬تبيث الفاجر‪ .‬كإطبلؽ ا‪١‬تدرسُت لو على ا‪١‬تتميز من الطبلب‬
‫ُب الدرس خطأ فاحش‪ ،‬فليتنبو‪[.‬معجم ا‪١‬تناىي اللفظية كمعو فوائد ُب األلفاظ للشيخ بكر أبو زيد]‬
‫(ّ) سورة ا‪ٟ‬تديد‪.ُٔ :‬‬
‫‪- 311 -‬‬
‫‪ -‬قاؿ ك‪ٝ‬تعت الفضيل يقوؿ‪ :‬إذا دل تقدر على قياـ الليل‪ ،‬كصياـ النهار‪ ،‬فاعلم أنك ‪٤‬تركـ‬
‫ك خطيئتك‪.‬‬
‫مكبل كبلت ى‬
‫‪ -‬كعن مهراف بن عمرك األسدم (من أصحاب الفضيل) قاؿ‪ٝ :‬تعت الفضيل بن عياض عشية‬
‫ف عٍت‪.‬‬
‫عرفة با‪١‬توقف‪ ،‬كقد حاؿ بينو كبُت الدعاء البكاء يقوؿ‪ :‬كاسوأتاه كفضيحتاه إف دل ٍتع ي‬
‫‪ -‬كعن أ‪ٛ‬تد بن سهل قاؿ‪ :‬قدـ علينا سعد بن زنبور (من ركاة الفضيل) فأتيناه فحدثنا قاؿ‪ :‬كنا‬
‫على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليو فلم يؤذف لنا‪ ،‬فقيل لنا إنو ال ٮترج إليكم أك يسمع‬
‫القرآف‪ ،‬قاؿ‪ :‬ككاف معنا رجل مؤذف‪ ،‬ككاف صيتان‪ ،‬فقلنا لو‪ :‬اقرأ (أ‪٢‬تاكم التكاثر) فقرأىا كرفع هبا‬
‫صوتو‪ ،‬فأشرؼ علينا الفضيل‪ ،‬كقد بكى حىت بل ‪ٟ‬تيتو بالدموع‪ ،‬كمعو خرقة ينشف هبا الدموع‪،‬‬
‫كأنشأ يقوؿ‪:‬‬
‫فماذا أؤمل أك أنتظ ػ ػ ػ ػ ػر؟‬ ‫بلغت الثمانُت أك جزهتا‬
‫كبعد الثمانُت ما ينتظر؟‬ ‫أتى رل ‪ٙ‬تانوف من مولدم‬
‫علتٍت السنوف فأبلينٍت‪...‬‬
‫‪ -‬قاؿ‪ٍ :‬ب خنقتو العربة‪ ،‬ككاف معنا علي بن خشرـ(ُ)‪ ،‬فأ٘تو لنا فقاؿ‪:‬‬
‫فرقت عظامي ككل البصر‬ ‫علتٍت السنوف فأبلينٍت‬

‫‪ -‬قاؿ أبو علي الرازم (من أصحاب الفضيل)‪ :‬صحبت الفضيل ثبلثُت سنة ما رأيتو ضاحكان‬
‫كال متبسمان إال يوـ مات ابنو علي‪ ،‬فقلت لو ُب ذلك‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف اهلل أحب أمران فأحببت ذلك‪.‬‬

‫(ُ)علي بن خشرـ ا‪١‬تركزم ابن أخت بشر ا‪ٟ‬تاُب‪ .‬ركل عنو مسلم كالنسائي‪ .‬توُب سنة سبع ك‪ٜ‬تسُت‬
‫كمائتُت‪[ .‬الواُب بالوفيات]‬
‫‪- 312 -‬‬
‫من أقوالو‪:‬‬
‫‪ ‬لو أف الدنيا ْتذافَتىا عرضت علي كال أحاسب هبا لكنت أتقذرىا كما يتقذر أحدكم‬
‫ا‪ٞ‬تيفة إذا مر هبا أف تصيب ثوبو‪.‬‬
‫‪ ‬ترؾ العمل ألجل الناس ىو رياء‪ ،‬كالعمل ألجل الناس ىو شرؾ‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ لرجل‪ :‬ألعلمنك كلمة ىي خَت من الدنيا كما فيها‪ :‬كاهلل لىئً ٍن علم اهلل منك إخراج‬
‫اآلدميُت من قلبك حىت ال يكوف ُب قلبك مكاف لغَته دل تسألو شيئان إال أعطاؾ‪.‬‬
‫‪ ‬كعن الفضل بن الربيع(ُ) قاؿ‪ :‬حج أمَت ا‪١‬تؤمنُت الرشيد فأتاين فخرجت مسرعان فقلت يا‬
‫إرل أتيتك فقاؿ‪ :‬ك٭تك قد حاؾ ُب نفسي شيء فانظر رل رجبلن أسألو‬
‫أمَت ا‪١‬تؤمنُت لو أرسلت ٌ‬
‫فقلت ىا ىنا سفياف بن عيينة فقاؿ امض بنا إليو‪.‬‬
‫فأتيناه فقرعت الباب فقاؿ من ذا؟ فقلت أجب أمَت ا‪١‬تؤمنُت فخرج مسرعان فقاؿ يا أمَت ا‪١‬تؤمنُت‬
‫لو أرسلت إرل أتيتك فقاؿ لو‪ :‬خذ ‪١‬تا جئناؾ لو ر‪ٛ‬تك اهلل (يريد النصيحة)‪.‬‬
‫فحدثو ساعة ٍب قاؿ لو عليك دين قاؿ نعم فقاؿ أبا عباس اقض دينو فلما خرجنا قاؿ‪ :‬ما أغٌت‬
‫عٍت صاحبك شيئا انظر رل رجبلن اسألو فقلت لو ىاىنا عبد الرزاؽ بن ‪٫‬تاـ(ِ) قاؿ امض بنا إليو‬
‫فأتيناه فقرعت الباب فقاؿ من ىذا؟ قلت‪ :‬أجب أمَت ا‪١‬تؤمنُت‪ .‬فخرج مسرعان فقاؿ‪ :‬يا أمَت‬
‫ا‪١‬تؤمنُت لو أرسلت إرل أتيتك قاؿ خذ ‪١‬تا جئناؾ لو‪.‬‬
‫فحادثو ساعة ٍب قاؿ لو عليك دين قاؿ نعم قاؿ أبا عباس اقض دينو‪.‬‬

‫(ُ)الفضل بن الربيع أبو العباس الفضيل بن الربيع بن يونس‪ :،‬كزير أديب حازـ ‪ .‬توذل الوزارة ُب عهد‬
‫الرشيد توُب سنة (َِٖ ق ‪ ِْٖ/‬ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫(ِ)عبد الرزاؽ بن ‪٫‬تاـ بن نافع ا‪ٟ‬تمَتم أبو بكر الصنعاين‪ :‬من حفاظ ا‪ٟ‬تديث الثقات‪ ،‬من أىل‬
‫صنعاء‪.‬كاف ٭تفظ ‪٨‬توان من سبعة عشر ألف حديث‪ .‬لو (ا‪ٞ‬تامع الكبَت) ُب ا‪ٟ‬تديث‪ .‬توُب سنة (ُُِ ق‪/‬‬
‫ِٕٖ ـ) [األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 313 -‬‬
‫فلما خرجنا قاؿ ما أغٌت صاحبك شيئا انظر رل رجبل اسألو قلت ىا ىنا الفضيل بن عياض‬
‫قاؿ‪ :‬امض بنا إليو فأتيناه فإذا كىو قائم يصلي يتلو آية من القرآف يرددىا فقاؿ اقرع الباب‬
‫فقرعت الباب فقاؿ من ىذا فقلت أجب أمَت ا‪١‬تؤمنُت فقاؿ ما رل كألمَت ا‪١‬تؤمنُت فقلت سبحاف‬
‫اهلل أما عليك طاعة؟ أليس قد ركم عن النيب ‪ ‬انو قاؿ‪ :‬ليس للمؤمن أف يذؿ نفسو فنزؿ ففتح‬
‫الباب ٍب ارتقى إذل الغرفة فأطفأ ا‪١‬تصباح ٍب التجأ إذل زكاية من زكايا البيت فدخلنا فجعلنا ‪٧‬توؿ‬
‫عليو بأيدينا فسبقت كف ىاركف قبلي إليو فقاؿ يا ‪٢‬تا من كف ما ألينها إف ‪٧‬تت غدان من عذاب‬
‫تقي فقاؿ لو خذ ‪١‬تا جئناؾ لو‬
‫نقي من قلب ٌ‬ ‫اهلل ‪ ‬فقلت ُب نفسي ليكلمنو الليلة بكبلـ ٌ‬
‫ر‪ٛ‬تك اهلل فقاؿ إف عمر بن عبد العزيز ‪١‬تا كذل ا‪٠‬تبلفة دعا سادل بن عبد اهلل ك‪٤‬تمد بن كعب‬
‫القرظي كرجاء بن حيوة (كىم من علماء زمانو) فقاؿ ‪٢‬تم إين قد ابتليت هبذا الببلء فأشَتكا علي‪.‬‬
‫فعد ا‪٠‬تبلفة ببلء كعددهتا أنت كأصحابك نعمة فقاؿ لو سادل بن عبد اهلل إف أردت النجاة غدان‬
‫من عذاب اهلل فصم عن الدنيا كليكن إفطارؾ من ا‪١‬توت كقاؿ لو ‪٤‬تمد بن كعب القرظي إف‬
‫أردت النجاة من عذاب اهلل فليكن كبَت ا‪١‬تسلمُت عندؾ أبان كأكسطهم عندؾ أخان كأصغرىم‬
‫عندؾ كلدان فوقر أباؾ كأكرـ أخاؾ كٖتنن على كلدؾ‪.‬‬
‫كقاؿ لو رجاء ين حيوة إف اردت النجاة غدا من عذاب اهلل ‪ ‬فأحب للمسلمُت ما ٖتب‬
‫لنفسك كاكره ‪٢‬تم ما تكره لنفسك ٍب مت إذا شئت كإين أقوؿ لك إين أخاؼ عليك أشد‬
‫ا‪٠‬توؼ يومان تزؿ فيو األقداـ فهل معك ر‪ٛ‬تك اهلل من يشَت عليك ٔتثل ىذا؟ فبكى ىاركف بكاء‬
‫شديدا حىت غشي عليو فقلت لو ارفق بأمَت ا‪١‬تؤمنُت فقاؿ يا ابن أـ الربيع تقتلو أنت كأصحابك‬
‫كارفق بو أنا ٍب أفاؽ فقاؿ لو‪ :‬زدين ر‪ٛ‬تك اهلل فقاؿ‪ :‬يا أمَت ا‪١‬تؤمنُت بلغٍت أف عامبل لعمر بن عبد‬
‫العزيز شكا إليو فكتب إليو عمر يا أخي أذكرؾ طوؿ سهر أىل النار ُب النار مع خلود األبد‬
‫كإياؾ أف ينصرؼ بك من عند اهلل فيكوف آخر العهد كانقطاع الرجاء قاؿ فلما قرأ الكتاب طول‬

‫‪- 314 -‬‬


‫الببلد حىت قدـ على عمر بن عبد العزيز فقاؿ لو ما أقدمك قاؿ خلعت قليب بكتابك ال أعود‬
‫إذل كالية أبدان حىت ألقى اهلل ‪.‬‬
‫قاؿ فبكى ىاركف بكاء شديدان ٍب قاؿ لو زدين ر‪ٛ‬تك اهلل فقاؿ يا أمَت ا‪١‬تؤمنُت إف العباس عم‬
‫ا‪١‬تصطفى ‪ ‬جاء إذل النيب ‪ ‬فقاؿ يا رسوؿ اهلل أمرين على إمارة فقاؿ لو النيب ‪ ‬إف اإلمارة‬
‫حسرة كندامة يوـ القيامة فإف استطعت أف ال تكوف أمَتا فافعل ‪.‬‬
‫فبكى ىاركف بكاء شديدان كقاؿ لو زدين ر‪ٛ‬تك اهلل فقاؿ يا حسن الوجو أنت الذم يسألك اهلل‬
‫‪ ‬عن ىذا ا‪٠‬تلق يوـ القيامة فإف استطعت أف تقي ىذا الوجو من النار فافعل كإياؾ أف تصبح‬
‫ك٘تسي كُب قلبك غش ألحد من رعيتك فإف النيب ‪ ‬قاؿ‪ :‬من أصبح ‪٢‬تم غاشان دل يرح رائحة‬
‫ا‪ٞ‬تنة‪.‬‬
‫بكى ىاركف كقاؿ لو عليك دين قاؿ نعم دين لريب ٭تاسبٍت عليو فالويل رل إف سألٍت كالويل رل‬
‫إف ناقشٍت كالويل رل إف دل أ‪٢‬تم حجيت قاؿ إ‪٪‬تا أعٍت دين العباد قاؿ إف ريب دل يأمرين هبذا أمر‬

‫ريب أف أكحده كأطيع أمره فقاؿ ‪ :‬ﮋﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬

‫ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮊ‬
‫(ُ)‬

‫فقاؿ لو ىذه ألف دينار خذىا فأنفقها على عيالك كتىػ ىقو هبا على عبادتك فقاؿ‪ :‬سبحاف اهلل أنا‬
‫أدلك على طريق النجاة كأنت تكافئٍت ٔتثل ىذا؟ سلمك اهلل ككفقك‪.‬‬
‫ٍب صمت فلم يكلمنا فخرجنا من عنده فلما صرنا على الباب قاؿ ىاركف‪ :‬أبا عباس إذا دللتٍت‬
‫على رجل فدلٍت على مثل ىذا‪ ،‬ىذا سيد ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫(ُ) سورة الذاريات‪.ٖٓ-ٓٔ:‬‬


‫‪- 315 -‬‬
‫فدخلت عليو امرأة من نسائو فقالت يا ىذا قد ترل ما ‪٨‬تن فيو من ضيق ا‪ٟ‬تاؿ فلو قبلت ىذا‬
‫ا‪١‬تاؿ فتفرجنا بو فقاؿ ‪٢‬تا مثلي كمثلكم كمثل قوـ كاف ‪٢‬تم بعَت يأكلوف من كسبو فلما كرب ‪٨‬تركه‬
‫فأكلوا ‪ٟ‬تمو‪.‬‬
‫فلما ‪ٝ‬تع ىاركف ىذا الكبلـ قاؿ ندخل فعسى أف يقبل ا‪١‬تاؿ فلما علم الفضيل خرج فجلس ُب‬
‫السطح على باب الغرفة فجاء ىاركف فجلس إذل جنبو فجعل يكلمو فبل ‪٬‬تيبو فبينا ‪٨‬تن كذلك‬
‫إذ خرجت جارية سوداء فقالت يا ىذا قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرؼ ر‪ٛ‬تك اهلل فانصرفنا‪.‬‬
‫ومن أقوالو أيضاً‪:‬‬
‫‪٬ ‬تيء ُب آخر الزماف أقواـ يكونوف إخواف العبلنية أعداء السريرة‪.‬‬
‫‪ ‬دل يتزين الناس بشيء أفضل من الصدؽ كطلب ا‪ٟ‬تبلؿ‪.‬‬
‫‪ ‬ثبلث خصاؿ يقسُت القلب‪ :‬كثرة األكل‪ ،‬ككثرة الكبلـ‪ ،‬ككثرة النوـ‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 316 -‬‬


‫رابعاً‪ -‬شقيق البلخي‬
‫‪ -‬ىو أبو علي شقيق بن إبراىيم البلخي‪ ،‬ت(ُِْى ػ ػ ػ‪َُٖ/‬ـ) من مشايخ‬
‫خراساف(ُ)‪ ،‬كاف أستاذ حاًب األصم (ستمر تر‪ٚ‬تتو الحقان)‪ ،‬كقد صحب إبراىيم بن‬
‫األدىم كأخذ عنو‪ ،‬قيل كاف سبب زىده أنو كاف من أبناء األغنياء‪ ،‬خرج للتجارة إذل‬
‫أرض الًتؾ كىو حدث‪ ،‬فدخل بيتان لؤلصناـ‪ ،‬فرأل خادمان لؤلصناـ قد حلق رأسو‬
‫ك‪ٟ‬تيتو‪ ،‬كلبس ثيابان أرجوانية‪ ،‬فقاؿ شقيق للخادـ‪ :‬إف لك صانعان حيان عا‪١‬تان قادران فاعبده‪،‬‬
‫كال تعبد ىذه األصناـ اليت ال تضر كال تنفع‪ ،‬فقاؿ‪ :‬إف كاف كما تقوؿ فهو قادر على‬
‫أف يرزقك ببلدؾ‪ ،‬فلماذا أتعبت نفسك باجمليء إذل ىا ىنا للتجارة‪ ،‬فانتبو شقيق‪ ،‬كأخذ‬
‫ُب طريق الزىد‪.‬‬
‫قحط‪ ،‬ككاف الناس‬‫‪ -‬كقيل‪ :‬كاف سبب زىده أنو رأل ‪٦‬تلوكان يلعب كٯترح ُب زمن و‬
‫مهتمُت بو‪ ،‬فقاؿ شقيق‪ :‬ما ىذا النشاط الذم فيك؟ أما ترل ما فيو الناس من ا‪ٞ‬تدب‬
‫كالقحط؟ فقاؿ ذلك ا‪١‬تملوؾ‪ :‬كما علي من ذلك‪ ،‬ك‪١‬توالم قرية خاصة يدخل لو منها ما‬
‫‪٨‬تتاج ‪٨‬تن إليو‪ ،‬فانتبو شقيق كقاؿ‪ :‬إف كاف ‪١‬تواله قرية‪ ،‬كمواله ‪٥‬تلوؽ فقَت ٍب إنو ال‬
‫يهتم لرزقو‪ ،‬فكيف ينبغي أف يهتم لرزقو كمواله غٍت‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ حاًب األصم‪ :‬كاف شقيق البلخي موسران‪ ،‬ككاف يعاشر الفتياف‪ ،‬ككاف علي بن‬
‫عيسى بن ماىاف أمَت بلخ‪ ،‬ككاف ٭تب كبلب الصيد‪ ،‬ففقد كلبان من كبلبو‪ ،‬فسعى‬
‫برجل أنو عنده‪ ،‬ككاف الرجل ُب جوار شقيق‪ ،‬فطلب الرجل فهرب‪ ،‬فدخل دار شقيق‬
‫مستجَتان‪ ،‬فمضى شقيق إذل األمَت‪ ،‬كقاؿ‪ :‬خلوا سبيلو‪ ،‬فإف الكلب عندم أرده عليكم‬
‫خبلؿ ثبلثة أياـ‪ ،‬فخلوا سبيلو كانصرؼ شقيق‪.‬‬

‫(ُ) خراساف‪ :‬ببلد كاسعة أكؿ حدكدىا ‪٦‬تا يلي العراؽ‪ ،‬كآخر حدكدىا ‪٦‬تا يلي ا‪٢‬تند [معجم البلداف]‪.‬‬
‫‪- 317 -‬‬
‫‪ -‬ك‪١‬تا كاف اليوـ الثالث‪ ،‬كاف رجل من أصدقاء شقيق غائبان من بلخ‪ ،‬كقد رجع منها‪،‬‬
‫فوجد ُب الطريق كلبان عليو قبلدة‪ ،‬فأخذه‪ ،‬كقاؿ‪ :‬أىديو إذل شقيق‪ ،‬فحملو فنظر شقيق‬
‫فإذا ىو كلب األمَت‪ ،‬فسر بو ك‪ٛ‬تلو إذل األمَت‪ ،‬كٗتلص من الضماف‪ ،‬فرزقو االنتباه‪،‬‬
‫كتاب ‪٦‬تا كاف فيو كسلك طريق الزىد‪.‬‬
‫‪ -‬كحكي أف حا٘تان األصم قاؿ‪ :‬كنا مع شقيق ُب مصاؼ (موضع ا‪ٟ‬ترب) ‪٨‬تارب الًتؾ‬
‫ُب يوـ ال نرل فيو إال رؤكسان تندر (تسقط)‪ ،‬كرماحان تنقصف‪ ،‬كسيوفان تنقطع‪ ،‬فقاؿ رل‬
‫شقيق‪ :‬كيف ترل نفسك يا حاًب ُب ىذا اليوـ؟ تراه مثل ما كنت ُب الليلة اليت زفٌت‬
‫كنت‬
‫مثل ما ي‬ ‫لكٍت كاهلل أرل نفسي ُب ىذا اليوـ ى‬ ‫إليك امرأتك؟ فقاؿ‪ :‬ال‪ ،‬كاهلل‪ .‬قاؿ‪ٌ :‬‬
‫تلك الليلة‪.‬‬
‫ٍب ناـ بُت الصفُت كدرقتو ٖتت رأسو حىت ‪ٝ‬تعت غطيطو‪.‬‬
‫من أقوالو‪:‬‬
‫‪ ‬إذا أىردت أف تعرؼ الرجل فانظر ‪١‬تا كعده اهلل ككعده الناس‪ ،‬فبأيهما يكوف قلبو‬
‫أكثق؟‬
‫كبلمو‪.‬‬ ‫تيعرؼ تقول الرجل ُب ثبلثة أشياء‪ُ :‬ب ً‬
‫أخذه‪ ،‬كمنعًو‪ ،‬ك ً‬ ‫‪‬‬
‫‪ ‬العاقل ال ٮترج من ىذه الثبلثة األحرؼ‪ ،‬أكلو‪ :‬أف يكوف خائفان ‪١‬تا سلف منو من‬
‫الذنوب‪ ،‬كالثاين‪ :‬ال يدرم ما ينزؿ بو ساعة بعد ساعة‪ ،‬كالثالث‪ :‬ٮتاؼ من إهباـ‬
‫العاقبة‪ ،‬ال يدرم ٔتا ٮتتم لو‪.‬‬
‫‪ ‬احذر أف هتلك بالدنيا‪ ،‬فإف رزقك ال يعطى ألحد سواؾ‪.‬‬
‫‪ ‬التوكل أف يطمئن قلبك ٔتوعود اهلل‪.‬‬

‫‪- 318 -‬‬


‫‪ ‬دخل الفساد ُب ا‪٠‬تلق من ستة أشياء‪:‬‬
‫األكؿ‪ :‬ضعف النية ُب عمل اآلخرة‪ ،‬كالثاين‪ :‬صارت أبداهنم رىينة بشهواهتم‪.‬‬
‫كالثالث‪ :‬غلب طوؿ األمل على قرب أجلهم‪.‬‬
‫كالرابع‪ :‬اتبعوا أىواءىم كنبذكا سنة رسو‪٢‬تم ‪ ‬كراء ظهورىم‪.‬‬
‫كا‪٠‬تامس‪ :‬آثركا رضا ا‪١‬تخلوقُت فيما يشتهوف على رضا خالقهم فيما يكرىوف‪.‬‬
‫كالسادس‪ :‬جعلوا زالت السلف دينان كمناقب ألنفسهم‪.‬‬
‫‪ ‬من أراد أف يعرؼ معرفتو باهلل فلينظر إذل ما كعده اهلل ككعده الناس بأيهما قلبو‬
‫أكثق‪.‬‬
‫‪ ‬ميز بُت ما تيػ ٍع ًطي كتعطىى‪ ،‬إف كاف من يعطيك أحب إليك فإنك ‪٤‬تب للدنيا‪،‬‬
‫كإف كاف من تعطيو أحب إليك فأنت ‪٤‬تب لآلخرة‪.‬‬
‫‪ً ‬‬
‫اتق األغنياء‪ ،‬فإنك مىت عقدت قلبك معهم كطمعت فيهم‪ ،‬فقد اٗتذهتم ربان من‬
‫دكف اهلل‪.‬‬
‫‪ ‬ليس شيء أحب إرل من الضيف‪ ،‬ألف رزقو كمؤكنتو على اهلل كرل أجره‪.‬‬

‫‪ ‬إذا أردت أف تكوف ُب راحة فى يك ٍل ما أصبت‪ ،‬ك ٍالبس ما كجدت‪ ،‬ك ى‬


‫ارض ٔتا قضى‬
‫اهلل عليك‪.‬‬
‫‪ ‬مثل ا‪١‬تؤمن كمثل رجل غرس ‪٩‬تلة كىو ٮتاؼ أف ٖتمل شوكان كمثل ا‪١‬تنافق كمثل‬
‫رجل زرع شوكا كىو يطمع أف ٭تصد ٘ترا ىيهات‪ ،‬كل من عمل حسنا فإف اهلل ال‬
‫‪٬‬تزيو إال حسنا‪ ،‬كال ينزؿ األبرار منازؿ الفجار‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪- 319 -‬‬
‫خامساً‪-‬بشر الحافي‬
‫‪ -‬بشر بن ا‪ٟ‬تارث ا‪ٟ‬تاُب يكٌت أبا نصر ا‪١‬تركزم ٍب البغدادم ا‪١‬تشهور با‪ٟ‬تاُب‪ ،‬كىو اإلماـ العادل‬
‫احملدث الزاىد الرباين القدكة شيخ اإلسبلـ‪ ،‬كلد ُب سنة (َُٓىػ ػ ػ ػ‪ٕٕٔ /‬ـ) كتوُب‬
‫(ِِٕىػ ػ ػ ػ ػ‪ُْٖ/‬ـ)‪ .‬أصلو من مرك‪ ،‬كقد سكن بغداد كمات فيها‪ ،‬كىو ابن أخت علي بن‬
‫(ُ)‬
‫صحب الفضيل بن عياض‪ ،‬ككاف عا‪١‬تان كرعان يذىب مذىب سفياف الثورم ُب الفقو‬ ‫خشرـ‬
‫كالورع ‪ٚ‬تيعان‪.‬‬
‫‪ -‬قيل‪ :‬إنو كاف مع رفاقو ُب بيتو يعصي اهلل ‪ ‬باللهو كالطرب كشرب ا‪٠‬تمور‪ ،‬فاجتاز هبم‬
‫رجل من الصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬ك‪ٝ‬تع ضوضاءىم‪ ،‬فدؽ بابو‪ ،‬فخرجت إليو جاريتو‪ ،‬فسأ‪٢‬تا‪ :‬صاحب الدار‬ ‫ه‬
‫حر‪ ،‬فقاؿ‪ :‬صدقت‪ ،‬لو كاف عبدان الستعمل أدب العبودية‪ ،‬كترؾ اللهو‬ ‫حر أـ عب هد؟ فقالت‪ :‬بل ه‬ ‫ه‬
‫شر احملاكرة‪ ،‬فخرج إليو‪ ،‬كأسرع با‪١‬تشي إليو حافيان‪ٍ ،‬ب استوقفو كمرغ خده على‬ ‫ً‬
‫كالطرب‪ ،‬فسمع ب ه‬
‫األرض‪ ،‬كقاؿ‪ :‬بل عب هد عب هد عب هد‪ ،‬كتاب‪ ،‬كبقي حافيان حىت كفاتو‪.‬‬
‫‪ -‬عن أيوب العطار قاؿ‪ ،‬قاؿ رل بشر بن ا‪ٟ‬تارث ا‪ٟ‬تاُب‪ :‬أحدثك عن بدك أمرم بينما أنا أمشي‬
‫رأيت قرطاسان على كجو األرض فيو اسم اهلل تعاذل فنزلت إذل النهر فغسلتو ككنت ال أملك من‬
‫الدنيا إال در‪٫‬تان فيو ‪ٜ‬تسة دكانق فاشًتيت بأربعة دكانيق مسكان كبدانق ماء كرد كجعلت أتتبع اسم‬
‫اهلل تعاذل كأطيبو ٍب رجعت إذل منزرل فنمت فأتاين آت ُب منامي فقاؿ يا بشر كما طيبت ا‪ٝ‬تي‬
‫ألطيب ا‪ٝ‬تك ككما طهرتو ألطهرف قلبك‪.‬‬
‫‪ -‬سئل أ‪ٛ‬تد بن حنبل عن مسألة ُب الورع‪ ،‬فقاؿ‪ :‬أنا‪ ،‬أستغفر اهلل‪ ،‬ال ٭تل رل أف أتكلم ُب‬
‫مسألة ُب الورع أنا آكل من غلة بغداد لو سألت بشر بن ا‪ٟ‬تارث صلح أف ‪٬‬تيبك عنها‪ ،‬فإنو‬
‫كاف ال يأكل من غلة بغداد كال من طعاـ السواد فهو يصلح أف يتكلم ُب الورع‪.‬‬

‫(ُ) من ركاة ا‪ٟ‬تديث قاؿ عنو النسائي‪ :‬ثقة‪ ،‬كذكره ابن حباف ُب كتاب الثقات‪.‬‬
‫‪- 321 -‬‬
‫‪ -‬رحل بشر بن ا‪ٟ‬تارث ُب طلب العلم إذل مكة كالكوفة كالبصرة‪ ،‬ك‪ٝ‬تع من ككيع كعيسى بن‬
‫يونس كشريك بن عبد اهلل كأيب معاكية ك‪ٛ‬تاد بن زيد كمالك بن أنس كأيب يوسف القاضي كابن‬
‫يتصد للركاية‪ ،‬فلم يضبط عنو من‬
‫ا‪١‬تبارؾ كالفضيل بن عياض كأيب نعيم كغَتىم غَت أنو دل ى‬
‫ا‪ٟ‬تديث إال اليسَت‪.‬‬
‫من أقولو‪:‬‬
‫‪ ‬اللهم اسًت كاجعل ٖتت السًت ما ٖتب‪ ،‬فرٔتا سًتت على ما تكره‪.‬‬
‫إف ا‪ٞ‬توع يصفي الفؤاد‪ ،‬كيورث العلم الدقيق‪ ،‬طوىب ‪١‬تن ترؾ شهوة حاضرة ‪١‬توعد غيب دل‬ ‫‪‬‬
‫يره‪.‬‬
‫‪ ‬ليس من ا‪١‬تودة أف ٖتب ما يبغض حبيبك‪.‬‬
‫‪ْ ‬تسبك أف أقوامان موتى ٖتيا القلوب بذكرىم‪ ،‬كأف أقوامان أحياء تعمى األبصار بالنظر‬
‫إليهم‪.‬‬
‫‪ ‬يكوف الرجل مرائيان ُب حياتو مرائيان بعد موتو‪ ،‬قيل‪ :‬كيف يكوف مرائيان بعد موتو؟ قاؿ‪:‬‬
‫٭تب أف يكثر الناس على جنازتو‪.‬‬
‫‪ ‬النظر إذل األ‪ٛ‬تق سخنة(ُ) عُت‪ ،‬كالنظر إذل البخيل يقسي القلب‪.‬‬
‫‪ ‬الصرب ا‪ٞ‬تميل الذم ال شكول فيو إذل الناس‪.‬‬
‫أكحى اهلل إذل داكد أين دل أخلق الشهوات إال للضعفاء من عبادم‪ ،‬فأما األبطاؿ فما ‪٢‬تم‬ ‫‪‬‬
‫ك‪٢‬تا‪.‬‬
‫‪ ‬أكحى اهلل إذل داكد‪ :‬اغضب رل أشد ما تغضب لنفسك‪.‬‬
‫‪ ‬من دل ٭تتمل الغضة(ِ) كاألذل دل يقدر أف يدخل فيما ٭تب‪.‬‬

‫حر أك ‪ٛ‬تى‪.‬‬‫(ُ) سخنة‪ٌ :‬‬


‫(ِ) الغضة‪ :‬الذلة كا‪١‬تنقصة ك العيب يقاؿ ال غضاضة عليك ُب ىذا الفعل‪[ .‬القاموس احمليط]‬
‫‪- 321 -‬‬
‫كا‪١‬تنكركف لكل أمر يمن ىك ًر‬ ‫ذىب الرجاؿ ا‪١‬ترٕتى لفعا‪٢‬تػ ػ ػ ػم‬
‫ً (ُ)‬
‫معور‬
‫بعضان ليدفع معور عن ٍ‬ ‫كبقيت ُب ىخ ٍل و‬
‫ف يزين بعضهم‬
‫‪ ‬أكحى اهلل تعاذل إذل موسى ‪ ‬يا موسى ال ٗتاصم أىل األىواء‪ ،‬فيلقوا ُب قلبك شيئان‬
‫فَتديك‪ ،‬فيسخط اهلل عليك‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ بشر يوـ ماتت أختو‪ :‬إف العبد إذا قصر عن طاعة اهلل سلبو من يؤنسو‪.‬‬
‫توُب رضي اهلل عنو عشية األربعاء لعشر بقُت من ربيع األكؿ‪ ،‬كقد بلغ من العمر ‪ٜ‬تسان‬ ‫‪‬‬
‫كسبعُت سنة‪.‬‬
‫قاؿ ابن خزٯتة‪١ :‬تا مات أ‪ٛ‬تد بن حنبل بت من ليليت فرأيتو ُب النوـ‪ ،‬فقلت لو‪ :‬ما فعل‬ ‫‪‬‬
‫اهلل بك؟‬
‫قاؿ‪ :‬غفر رل كتوجٍت كألبسٍت نعلُت من ذىب‪ ،‬كقاؿ رل‪ :‬يا أ‪ٛ‬تد ىذا بقولك القرآف كبلمي‪،‬‬
‫بخ من مثل بشر؟ تركتو بُت يدم ا‪ٞ‬تليل كبُت يديو مائدة‬
‫بخ و‬
‫قلت‪ :‬فما فعل بشر؟ فقاؿ رل‪ :‬و‬
‫من الطعاـ‪ ،‬كا‪ٞ‬تليل مقبل عليو‪ ،‬كىو يقوؿ لو‪ :‬يك ٌل يا من دل يأكل‪ ،‬كاشرب يا من دل يشرب‪،‬‬
‫كانٍػ ىع ٍم يا من دل ينعم‪ .‬ر‪ٛ‬تو اهلل كرضي عنو‪.‬‬
‫‪ ‬كما أ‪ٚ‬تل قولو‪:‬‬
‫قوـ كىم ُب الناس أحياء‬
‫قد مات ه‬ ‫موت التقي حياة ال نفاد ‪٢‬تا‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) رجل معور‪ :‬قبيح السريرة‪.‬‬


‫‪- 322 -‬‬
‫سادساً‪ -‬حاتم األصم‬
‫‪ -‬ىو أبو عبد الر‪ٛ‬تن حاًب بن عنواف ا‪١‬تعركؼ باألصم من أىل بلخ توُب (ِّٕى ػ ػ ػػ‪ُٕٓ/‬ـ) من‬
‫أكابر مشايخ خراساف‪ ،‬كىو تلميذ شقيق‪ ،‬كأستاذ أ‪ٛ‬تد بن خضركيو (من كبار علماء التصوؼ)‪،‬‬
‫ككاف غزير ا‪ٟ‬تديث‪ ،‬كيقاؿ إنو دل يكن أصم‪ ،‬كإ‪٪‬تا تصاـ مرة فسمي بذلك‪.‬‬

‫‪ -‬قاؿ األستاذ أبو علي الدقاؽ ر‪ٛ‬تو اهلل‪ :‬جاءت امرأة فسألت حا٘تان عن مسألة فاتفق أنو خرج‬
‫منها ُب تلك ا‪ٟ‬تالة صوت‪ ،‬فخجلت‪ ،‬فقاؿ حاًب‪ :‬ارفعي صوتك‪ ،‬فأرل من نفسو أنو أصم‪،‬‬
‫فسرت ا‪١‬ترأة بذلك‪ ،‬كقالت‪ :‬إنو دل يسمع الصوت‪ ،‬فغلب عليو اسم األصم‪.‬‬

‫‪ -‬سئل‪ :‬أال تشتهي شيئان؟ فقاؿ‪ :‬أشتهي عافية يوـ إذل الليل‪ ،‬فقيل لو‪ :‬أليست األياـ كلها‬
‫عافية؟ فقاؿ‪ :‬إف عافية يومي أال أعصي اهلل فيو‪.‬‬

‫‪ -‬كحكي أف حا٘تان األصم كاف رجبلن كثَت العياؿ‪ ،‬ككاف لو أكالد ذكور كإناث‪ ،‬كدل يكن ٯتلك‬
‫حبة كاحدة‪ ،‬ككاف قدمو التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابو يتحدث معهم‪ ،‬فتعرضوا لذكر‬
‫ا‪ٟ‬تج‪ ،‬فداخل الشوؽ قلبو‪ٍ ،‬ب دخل على أكالده‪ ،‬فجلس معهم ٭تدثهم‪ٍ ،‬ب قاؿ ‪٢‬تم‪ :‬لو أذنتم‬
‫ألبيكم أف يذىب إذل بيت ربو ُب ىذا العاـ حاجان‪ ،‬كيدعولكم ماذا عليكم لو فعلتم؟ فقالت‬
‫زكجتو كأكالده‪ :‬أنت على ىذه ا‪ٟ‬تالة ال ٘تلك شيئان ك‪٨‬تن على ما ترل من الفاقة‪ ،‬فكيف تريد‬
‫ذلك ك‪٨‬تن هبذه ا‪ٟ‬تالة؟ ككاف لو ابنة صغَتة فقالت‪ :‬ماذا عليكم لو أذنتم لو كال يهمكم ذلك‪،‬‬
‫دعوه يذىب حيث شاء‪ ،‬فإنو مناكؿ للرزؽ‪ ،‬كليس برزاؽ‪ ،‬فذكرت ‪٢‬تم ذلك‪ ،‬فقالوا‪ :‬صدقت‬
‫كاهلل ىذه الصغَتة يا أبانا انطلق حيث أحببت‪ ،‬فقاـ من كقتو كساعتو كأحرـ با‪ٟ‬تج‪ ،‬كخرج‬
‫مسافران‪ ،‬كأصبح أىل بيتو يدخل عليهم جَتاهنم يوٓتوهنم كيف أذنوا لو با‪ٟ‬تج‪ ،‬كتأسف على فراقو‬
‫أصحابيوي كجَتانيوي‪ ،‬فجعل أكالده يلوموف تلك الصغَتة كيقولوف‪ :‬لو سكت ما تكلمنا‪ ،‬فرفعت‬
‫الصغَتة طرفها إذل السماء‪ ،‬كقالت‪ :‬إ‪٢‬تي كسيدم كموالم عودت القوـ فضلك كأنك ال تضيعهم‬
‫‪- 323 -‬‬
‫فبل ٗتيبهم‪ ،‬كال ٗتجلٍت معهم‪ ،‬فبينما ىم على ىذه ا‪ٟ‬تالة إذ خرج أمَت البلدة متصيدان‪ ،‬فانقطع‬
‫عن عسكره كأصحابو‪ ،‬فحصل لو عطش شديد‪ ،‬فاجتاز ببيت الرجل الصاحل حاًب األصم‪،‬‬
‫فاستسقى منهم ماء‪ ،‬كقرع الباب فقالوا‪ :‬من أنت؟ قاؿ‪ :‬األمَت ببابكم يستسقيكم‪ ،‬فرفعت زكجة‬
‫حاًب رأسها إذل السماء كقالت‪ :‬إ‪٢‬تي كسيدم سبحانك البارحة بتنا جياعان‪ ،‬كاليوـ يقف األمَت‬
‫على بابنا يستسقينا‪ٍ ،‬ب إهنا أخذت كوزان جديدان كمؤلتو ماء‪ ،‬كقالت للمتناكؿ منها‪ :‬اعذركنا‪،‬‬
‫فأخذ األمَت الكوز كشرب منو‪ ،‬فاستطاب الشرب من ذلك ا‪١‬تاء فقاؿ‪ :‬ىذه الدار ألمَت؟ فقالوا‪:‬‬
‫ال كاهلل بل لعبد من عباد اهلل الصا‪ٟ‬تُت يعرؼ ْتاًب األصم‪ .‬فقاؿ األمَت‪ :‬لقد ‪ٝ‬تعت بو‪ ،‬فقاؿ‬
‫الوزير‪ :‬يا سيدم لقد ‪ٝ‬تعت أنو البارحة أحرـ با‪ٟ‬تج كسافر كدل ٮتلف لعيالو شيئان‪ ،‬كأخربت أهنم‬
‫البارحة باتوا جياعان‪ ،‬فقاؿ األمَت‪ :‬ك‪٨‬تن أيضان قد ثقلنا عليهم اليوـ‪ ،‬كليس من ا‪١‬تركءة أف يثقل‬
‫مثلنا على مثلهم‪ٍ ،‬ب حل األمَت منطقتو من كسطو كرمى هبا ُب الدار‪ٍ ،‬ب قاؿ ألصحابو‪ :‬من‬
‫أحبٍت‪ ،‬فليلق منطقتو‪ ،‬فحل ‪ٚ‬تيع أصحابو مناطقهم كرموا هبا إليهم‪ٍ ،‬ب انصرفوا‪ ،‬كقاؿ الوزير‪:‬‬
‫السبلـ عليكم أىل البيت‪ ،‬آلتينكم الساعة بثمن ىذه ا‪١‬تناطق‪ ،‬فلما أنزؿ األمَت رجع إليهم‬
‫الوزير‪ ،‬كدفع إليهم ‪ٙ‬تن ا‪١‬تناطق ماالن جزيبلن كاسًتدىا منهم‪ ،‬فلما رأت الصبية الصغَتة ذلك بكت‬
‫بكاء شديدان‪ ،‬فقالوا ‪٢‬تا‪ :‬ما ىذا البكاء‪ .‬إ‪٪‬تا ‪٬‬تب أف تفرحي‪ ،‬فإف اهلل قد كسع علينا‪ ،‬فقالت‪ :‬يا‬
‫أـ‪ .‬كاهلل إ‪٪‬تا بكائي كيف بتنا البارحة جياعان‪ ،‬فنظر إلينا ‪٥‬تلوؽ نظرة كاحدة‪ ،‬فأغنانا بعد فقرنا‪،‬‬
‫فالكرًن ا‪٠‬تالق إذا نظر إلينا ال يكلنا إذل أحد طرفة عُت‪ ،‬اللهم انظر إذل أبينا‪ ،‬كدبره بأحسن‬
‫التدبَت‪ ،‬ىذا ما كاف من أمرىم‪.‬‬
‫‪ -‬كأما ما كاف من أمر حاًب أبيهم‪ ،‬فإنو ‪١‬تا خرج ‪٤‬ترمان ك‪ٟ‬تق بالقوـ توجع أمَت الركب‪ ،‬فطلبوا لو‬
‫طبيبان‪ ،‬فلم ‪٬‬تدكا‪ ،‬ففاؿ‪ :‬ىل عبد صاحل‪ ،‬فدؿ على حاًب‪ ،‬فلما دخل عليو ككلمو دعا لو فعوُب‬
‫األمَت من كقتو‪ ،‬فأمر لو ٔتا يركب‪ ،‬كما يأكل‪ ،‬كما يشرب‪ ،‬فناـ تلك الليلة مفكران ُب أمر عيالو‪،‬‬
‫فقيل لو ُب منامو‪ :‬يا حاًب من أصلح معاملتو معنا أصلحنا معاملتنا معو‪ٍ ،‬ب أخرب ٔتا كاف من أمر‬
‫‪- 324 -‬‬
‫عيالو‪ ،‬فأكثر الثناء على اهلل تعاذل‪ ،‬فلما قضى حجو كرجع تل ٌقاه أكالده‪ ،‬فعانق الصبية الصغَتة‬
‫كبكى‪ٍ ،‬ب قاؿ‪ :‬صغار قوـ كبار قوـ آخرين‪ .‬إف اهلل ال ينظر إذل أكربكم كلكن ينظر إذل أعرفكم‬
‫حسبو‪.‬‬ ‫بو‪ ،‬فعليكم ٔتعرفتو كاالتكاؿ عليو فإنو من توكل على اهلل فهو‬
‫من أقوالو‪:‬‬
‫‪ ‬اختلفت إذل شقيق ثبلثُت سنة‪ ،‬فقاؿ رل يومان‪ :‬أم شيء تعلمت؟ فقلت‪ :‬رأيت رزقي من‬
‫عند ريب‪ ،‬فلم أشتغل إال بريب‪ ،‬كرأيت أف اهلل تعاذل ككل يب ملكُت يكتباف علي ما تكلمت بو‬
‫فلم أنطق إال با‪ٟ‬تق‪ ،‬كرأيت أف ا‪٠‬تلق ينظركف إذل ظاىرم كالرب تعاذل ينظر إذل باطٍت‪ ،‬فرأيت‬
‫مراقبتو أكذل كأكجب‪ ،‬فسقطت عٍت رؤية ا‪٠‬تلق‪ ،‬كرأيت أف اهلل مستحثان يدعو ا‪٠‬تلق إليو‬
‫فاستعددت لو مىت جاءين‪ ،‬فقاؿ رل‪ :‬يا حاًب ما خاب سعيك‪.‬‬

‫‪ ‬كنت ُب بعض الغزكات فأخذين عدكم فأضجعٍت للذبح‪ ،‬فلم يشتغل بو قليب بل كنت‬
‫أنظر ماذا ٭تكم اهلل تعاذل ُب‪ ،‬فبينما ىو يتناكؿ السكُت من خلفو للذبح‪ ،‬إذ بسهم أصابو‬
‫فقتلو كطرحو عٍت فقمت‪.‬‬

‫‪ ‬أربعة يندموف على أربع‪ :‬ا‪١‬تقصر إذا فاتو العمل‪ ،‬كا‪١‬تنقطع عن أصدقائو إذا نابتو نائبة‪،‬‬
‫عدكه بسوء رأيو‪ ،‬كا‪ٞ‬ترمء على الذنوب‪.‬‬
‫كا‪١‬تمكن منو ي‬
‫‪ ‬الزـ خدمة موالؾ تىأتً ً‬
‫ك الدنيا راغمة كا‪ٞ‬تنة عاشقة‪.‬‬

‫‪ ‬تعهد نفسك ُب ثبلثة مواضع ‪ :‬إذا عملت فاذكر نظر اهلل إليك‪ ،‬كإذا تكلمت فاذكر ‪ٝ‬تع‬
‫اهلل إليك‪ ،‬إذا سكت فاذكر علم اهلل فيك‪.‬‬

‫‪- 325 -‬‬


‫‪ ‬من ادعى ثبلثان بغَت ثبلث فهو كذاب‪ :‬من ادعى حب اهلل من غَت كرع عن ‪٤‬تارمو فهو‬
‫كذاب‪ ،‬كمن ادعى حب ا‪ٞ‬تنة من غَت إنفاؽ مالو فهو كذاب‪ ،‬كمن ادعى ‪٤‬تبة النيب ‪ ‬من‬
‫غَت ‪٤‬تبة الفقراء فهو كذاب‪.‬‬

‫‪ ‬إف كنت تريد أف تعصي موالؾ فاعصو ُب موضع ال يراؾ‪.‬‬

‫‪ ‬ا‪ٞ‬تهاد ثبلثة‪ :‬جهاد ُب سرؾ مع الشيطاف حىت تكسره‪ ،‬كجهاد ُب العبلنية ُب أداء‬
‫الفرائض حىت تؤديها كما أمر اهلل ‪ ،‬كجهاد مع أعداء اهلل ُب عز اإلسبلـ‪.‬‬

‫‪ ‬النصيحة للخلق‪ :‬إذا رأيت إنسانان ُب ا‪ٟ‬تسنة أف ٖتثو عليها‪ ،‬كإذا رأيتو ُب معصية أف‬
‫تر‪ٛ‬تو‪.‬‬

‫‪ ‬ا‪١‬تنافق‪ :‬ما أخذ من الدنيا يأخذ ْترص‪ ،‬كٯتنع بالشك‪ ،‬كينفق بالرياء‪ ،‬كا‪١‬تؤمن يأخذ‬
‫با‪٠‬توؼ‪ ،‬كٯتسك بالشدة‪ ،‬كينفق خالصان ُب الطاعة‪.‬‬

‫‪ ‬يقاؿ‪ :‬العجلة من الشيطاف‪ ،‬إال ُب ‪ٜ‬تس‪ :‬إطعاـ الطعاـ إذا حضر ضيف‪ ،‬كٕتهيز ا‪١‬تيت‬
‫إذا مات‪ ،‬كتزكيج البكر إذا أدركت‪ ،‬كقضاء الدين إذا أكجب‪ ،‬كالتوبة من الذنب إذا أذنب‪.‬‬

‫‪ ‬لو أف صاحب خرب جلس إليك ليكتب كبلمك الحًتزت منو‪ ،‬ككبلمك يعرض على اهلل‬
‫تعاذل فبل ٖتًتز‪.‬‬

‫‪ ‬كسألو رجل فقاؿ‪ :‬عبلـ بنيت أمرؾ ىذا ُب التوكل؟ قاؿ‪ :‬على خصاؿ أربع‪:‬‬
‫علمت أف رزقي ال يأكلو غَتم فاطمأنت بو نفسي‪.‬‬
‫كعلمت أف عملي ال يعملو غَتم فأنا مشغوؿ بو‪.‬‬
‫كعلمت أف ا‪١‬توت يأتيٍت بغتة فأنا أبادره‪.‬‬
‫كعلمت أين ال أخلو من عُت اهلل حيث كنت فأنا مستحي منو‪.‬‬
‫‪- 326 -‬‬
‫‪ ‬مر عصاـ بن يوسف(ُ) ْتاًب األصم كىو يتكلم ُب ‪٣‬تلسو‪ ،‬فقاؿ‪ :‬يا حاًب ٖتسن تصلي؟‬
‫قاؿ‪ :‬نعم قاؿ‪ :‬كيف تصلي؟ قاؿ حاًب‪ :‬أقوـ باألمر‪ ،‬كأمشي با‪٠‬تشية‪ ،‬كأدخل بالنية‪ ،‬كأكرب‬
‫بالعظمة‪ ،‬كأقرأ بالًتتيل كالتفكر‪ ،‬كأركع با‪٠‬تشوع‪ ،‬كأسجد بالتواضع‪ ،‬كأجلس للتشهد بالتماـ‪،‬‬
‫كأسلم بالسبيل كالسنة‪ ،‬كأسلمها باإلخبلص إذل اهلل ‪ ،‬كأرجح على نفسي با‪٠‬توؼ أخاؼ‬
‫أف ال يقبل مٍت‪ ،‬كأحفظو با‪ٞ‬تهد إذل ا‪١‬توت‪ ،‬قاؿ‪ :‬تكلم فأنت ٖتسن أف تصلي‪.‬‬
‫‪  ‬‬

‫(ُ)عصاـ البلخي عصاـ بن يوسف بن ميموف بن قدامة البلخي‪ ،‬ا‪ٟ‬تنفي‪.‬من آثاره‪٥ :‬تتصر ُب الفقو‪.‬توُب‬
‫سنة (ُِٓ ق‪ َّٖ /‬ـ)‪[ .‬معجم ا‪١‬تؤلفُت]‬
‫‪- 327 -‬‬
‫سري السقطي‬
‫سابعاً‪ّ -‬‬
‫السرم بن ا‪١‬ت ٍغلس(ُ) السقطي توُب (ِّٓى ػػ‪ٖٕٔ/‬ـ) يكٌت‬
‫‪ -‬كيقاؿ لو السرم كىو أبو ا‪ٟ‬تسن ٌ‬
‫أبا ا‪ٟ‬تسن خاؿ أيب القاسم ا‪ٞ‬تنيد كأستاذه كتلميذ معركؼ الكرخي ككاف كحيد زمانو ُب الورع‬
‫كأحواؿ السنة كعلوـ التوحيد‪.‬‬
‫‪ -‬كاف يقوؿ‪ :‬من أراد أف يسلم دينو‪ ،‬كيسًتيح قلبو كبدنو‪ ،‬كيقل غمو‪ ،‬فليعتزؿ الناس ألف ىذا‬
‫زماف عزلة ككحدة‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ أبو العباس بن مسركؽ (من رجاؿ أىل التصوؼ)‪ :‬بلغٍت أف السرم السقطي كاف يتجر‬
‫ُب السوؽ‪ ،‬كىو من أصحاب معركؼ الكرخي‪ ،‬فجاءه معركؼ يومان‪ ،‬كمعو صيب يتيم‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫اكس ىذا اليتيم‪ .‬قاؿ سرم‪ :‬فكسوتو‪ ،‬ففرح بو معركؼ‪ ،‬كقاؿ‪ :‬بغض اهلل إليك الدنيا‪ ،‬كأىراحك‬
‫ي‬
‫‪٦‬تا أىنت فيو‪.‬‬
‫فقمت من ا‪ٟ‬تانوت كليس شيء أبغض إرل من الدنيا‪ ،‬ككل ما أنا فيو من بركات معركؼ‪.‬‬
‫‪ -‬عن أيب القاسم سليماف بن ‪٤‬تمد الضراب (أحد معاصرم السرم) قاؿ حدثٍت بعض إخواين‬
‫أف سريا السقطي مرت بو جارية معها إناء فيو شيء فسقط من يدىا فانكسر فاخذ سرم شيئا‬
‫من دكانو فدفعو إليها بدؿ ذلك اإلناء فنظر إليو معركؼ الكرخي فأعجبو ما صنع فقاؿ لو‬
‫معركؼ بغض اهلل إليك الدنيا‪.‬‬
‫‪ -‬كعن مظفر بن سهل ا‪١‬تقرئ قاؿ ‪ٝ‬تعت عبلف ا‪٠‬تياط (‪٫‬تا من رجاؿ التصوؼ) كجرل بيٍت‬
‫كبينو مناقب سرم السقطي فقاؿ عبلف كنت جالسان مع سرم يوما فوافتو امرأة فقالت يا أبا‬
‫ا‪ٟ‬تسن أنا من جَتانك أخذ ابٍت الطائف (عسس الليل) كأنا أخشى أف يؤذيو فاف رأيت أف ٕتيء‬
‫معي أك تبعث إليو‪.‬‬

‫(ُ) لقب بذلك ألنو كاف مبلزمان بيتو ال ٮترج منو إال للجمعة كا‪ٞ‬تماعة كال يرل ُب غَت‪٫‬تا‪.‬‬
‫‪- 328 -‬‬
‫قاؿ عبلف فتوقعت أف يبعث إليو فقاـ ككرب كطوؿ ُب صبلتو فقالت ا‪١‬ترأة‪ :‬يا أبا ا‪ٟ‬تسن اهلل اهلل‬
‫ُب ىذا أخشى أف يؤذيو السلطاف فسلم كقاؿ ‪٢‬تا أنا ُب حاجتك (أم أنو كاف يدعو اهلل ‪٢‬تا ليفرج‬
‫عن ابنها) ‪.‬‬
‫قاؿ عبلف‪ :‬فما برحت حىت جاءت امرأة إذل ا‪١‬ترأة فقالت ا‪ٟ‬تقي قد خلوا ابنك‪ .‬قاؿ عبلف كأم‬
‫شيء يتعجب من ىذا اشًتم كر(ُ) لوز بستُت دينارا ككتب ُب ركزنا‪٣‬تو ثبلثة دنانَت رْتو فصار‬
‫كر اللوز بتسعُت ديناران فأتاه الدالؿ كقاؿ أريد ذاؾ اللوز فقاؿ خذه فقاؿ بكم قاؿ بثبلثة كستُت‬
‫ديناران قاؿ لو الدالؿ إف اللوز قد صار الكر بتسعُت فقاؿ لو قد عقدت بيٍت كبُت اهلل عقدان ال‬
‫أحلو‪ :‬ليس أبيعو إال بثبلثة كستُت ديناران فقاؿ لو الدالؿ إين قد عقدت بيٍت كبُت اهلل تعاذل ال‬
‫أغش مسلما لست آخذه منك إال بتسعُت ديناران فبل الدالؿ اشًتل منو كال سرم باعو فكيف ال‬
‫يستجاب دعاء من ىذا فعلو؟‪.‬‬
‫‪ -‬كعن ابن أيب الورد (من أصحاب بشر ا‪ٟ‬تاُب) قاؿ دخلت على سرم السقطي كىو يبكي‬
‫كدكرقو مكسور فقلت ما لك قاؿ انكسر الدكرؽ فقلت أنا اشًتم لك بدلو فقاؿ رل تشًتم بدلو‬
‫كأنا اعرؼ من أين الدانق الذم نشًتم بو الدكرؽ كمن عملو كمن أين طينو كأم شيء أكل‬
‫عاملو حىت فرغ من عملو‪.‬‬
‫كعن سعيد بن عثماف بن السكن (من حفاظ ا‪ٟ‬تديث) قاؿ ‪ٝ‬تعت سرم بن ا‪١‬تغلس يقوؿ غزكنا‬
‫أرض الركـ فمررت بركضة خضرة فيها ا‪٠‬تيار كحجر منقور فيو ماء ا‪١‬تطر فقلت ُب نفسي لئن‬
‫أكلت يوما حبلال فاليوـ فنزلت عن دابيت كجعلت آكل من ذلك ا‪٠‬تيار كشربت من ذلك ا‪١‬تاء‬
‫فإذا ىاتف يهتف يب يا سرم النفقة اليت بلغت ‪٢‬تا إذل ىا ىنا من أين؟‬

‫(ُ) مكياؿ يستعمل ُب العراؽ‪.‬‬


‫‪- 329 -‬‬
‫‪ -‬يقوؿ ا‪ٞ‬تنيد‪ :‬ما رأيت أعبد من السرم‪ ،‬أتت عليو ‪ٙ‬تاف كتسعوف سنة ما رأم مضجعان(ُ) إال‬
‫ُب علة ا‪١‬توت‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ ا‪ٞ‬تنيد‪ :‬ككاف السرم يقوؿ لنا ك‪٨‬تن حولو أنا لكم عربة يا معشر الشباب اعملوا فإ‪٪‬تا‬
‫العمل ُب الشبيبة‪.‬‬
‫من أقوالو‪:‬‬
‫‪ ‬ا‪١‬تتصوؼ اسم لثبلثة و‬
‫معاف‪ :‬ىو الذم ال يطفئ نور معرفتو نور كرعو‪ ،‬كال يتكلم بباطن ُب‬
‫علم ينقضو عليو ظاىر الكتاب أك السنة‪ ،‬كال ٖتملو الكرامات على ىتك أستار ‪٤‬تارـ اهلل‬
‫تعاذل‪.‬‬
‫‪ ‬يمٍن يذ ثبلثُت سنة كأنا ُب االستغفار من قورل‪ :‬ا‪ٟ‬تمد هلل مرة‪ ،‬كقيل كيف ذلك؟ قاؿ‪ :‬كقع‬
‫رجل فقاؿ رل‪٧ :‬تا حانوتك‪ ،‬فقلت‪ :‬ا‪ٟ‬تمد هلل‪ ،‬فمنذ ثبلثُت سنة أنا‬
‫حريق ببغداد‪ ،‬فاستقبلٍت ه‬
‫نادـ على ما قلت‪ ،‬حيث أردت لنفسي خَتان ‪٦‬تا حصل للمسلمُت‪.‬‬
‫‪ ‬من دل يعرؼ قدر النعم سلبها من حيث ال يعلم‪.‬‬
‫‪ ‬قليل ُب سنة خَت من كثَت ُب بدعة‪ ،‬فكيف يقل عمل مع تقول؟‪.‬‬
‫األدب تر‪ٚ‬تاف العقل‪ ،‬كلسانك تر‪ٚ‬تاف قلبك‪ ،‬ككجهك مرآة قلبك‪ ،‬يتبُت على الوجو ما‬ ‫‪‬‬
‫تضمر القلوب‪.‬‬
‫‪ ‬من عبلمة االستدراج العمى عن عيوب النفس‪.‬‬
‫‪ ‬رأيت الفوائد تى ًريد ُب ظلم الليل‪.‬‬
‫‪ ‬أجلد الناس من ملك غضبو‪ ،‬كمن تزين للناس ٔتا ليس فيو سقط من عُت اهلل‪ ،‬كلن يكمل‬
‫رجل حىت يؤثر دينو على شهوتو‪ ،‬كلن يهلك حىت يؤثر شهوتو على دينو‪.‬‬

‫(ُ) ُب ذلك إشارة إذل كماؿ ‪٣‬تاىدتو‪ ،‬كالتزامو اإلقباؿ على اهلل تعاذل بالقلب كا‪ٞ‬توارح‪.‬‬
‫‪- 331 -‬‬
‫‪ ‬قلوب ا‪١‬تؤمنُت معلقة بالسوابق‪ ،‬كقلوب األبرار معلقة با‪٠‬تواتيم‪ ،‬ىؤالء يقولوف ٔتاذا ٮتتم‬
‫لنا‪ ،‬كأكلئك يقولوف ماذا سبق من اهلل لنا؟‪.‬‬
‫‪ ‬من حاسب نفسو استحيا اهلل من حسابو‪ ،‬كمن عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ‪.‬‬
‫‪ ‬إف اهلل سبحانو‪ ،‬سلب الدنيا عن أكليائو‪ ،‬ك‪ٛ‬تاىا عن أصفيائو‪ ،‬كأجرىا من قلوب أىل‬
‫كداده؛ ألنو دل يرضها ‪٢‬تم‪.‬‬
‫‪ ‬انقطع من انقطع عن اهلل ٓتصلتُت‪ ،‬كاتصل من اتصل باهلل بأربع خصاؿ فأما من انقطع‬
‫عن اهلل فانو يتخطى إذل نافلة بتضييع فرض كالثاين عمل بظاىر ا‪ٞ‬توارح دل يواطىء عليو صدؽ‬
‫القلوب كأما الذم اتصل بو ا‪١‬تتصلوف فبلزكـ الباب كالتشمَت ُب ا‪٠‬تدمة كالصرب على ا‪١‬تكاره‬
‫كصيانات الكرامات‪.‬‬
‫‪ ‬ثبلث من كن فيو استكمل اإلٯتاف من إذا غضب دل ٮترجو غضبو عن ا‪ٟ‬تق كاذا رضي دل‬
‫ٮترجو رضاه إذل الباطل كإذا قدر دل يتناكؿ ما ليس لو‪.‬‬
‫‪ ‬لو أف رجبل دخل إذل بستاف فيو من ‪ٚ‬تيع ما خلق اهلل تعاذل من األشجار عليها من ‪ٚ‬تيع‬
‫ما خلق اهلل تعاذل من األطيار فخاطبو كل طائر منها بلغتو كقاؿ السبلـ عليك يا كرل اهلل‬
‫فسكنت نفسو إذل ذلك كاف ُب يدىا أسَتا(ُ)‪.‬‬
‫‪ ‬الدىر ثبلثة أياـ يوـ مضى بؤسو كشدتو كغمو دل يبق منو شيء كاليوـ الذم أنت فيو‬
‫صديق مودع لك طويل الغيبة عنك سريع الرحلة عنك كغدان ُب يديك تأميلو كلعلك من غَت‬
‫أىلو‪.‬‬
‫‪ ‬أمس أجل كاليوـ عمل كغدان أمل‪.‬‬
‫‪ ‬أشتهي أف أموت ببلد غَت بغداد‪ ،‬فقيل لو‪ :‬كدل ذلك؟ فقاؿ‪ :‬أخاؼ أال يقبلٍت قربم‬
‫فافتضح‪.‬‬

‫(ُ) أم أصبح أسَت كبلـ الطيور‪ ،‬كٮتشى على نفسو من الغركر‪ ،‬كىو استدراج فكل إنساف يعرؼ نفسو‪.‬‬
‫‪- 331 -‬‬
‫‪ ‬دخلت على سرم السقطي كىو ُب النزع فجلست عند رأسو فوضعت خدم على خده‬
‫فدمعت عينام فوقع دمعي على خده ففتح عينيو فقاؿ رل من أنت قلت أنا خادمك ا‪ٞ‬تنيد‬
‫فقاؿ مرحبا فقلت لو أيها الشيخ أكصٍت بوصية انتفع هبا بعدؾ قاؿ إياؾ كمصاحبة األشرار‬
‫كأف تنقطع عن اهلل بصحبة األخيار‪.‬‬
‫‪ ‬توُب سرم بن ا‪١‬تغلس يوـ الثبلثاء و‬
‫لست خلوف من رمضاف سنة ثبلث ك‪ٜ‬تسُت كمائتُت‪.‬‬
‫‪ ‬كعن أيب عبيد بن حربوية (كاف قاضي مصر كفقيهها) قاؿ حضرت جنازة سرم السقطي‬
‫فسررت فحدثنا رجل عن آخر أنو حضر جنازة سرم السقطي فلما كاف ُب بعض الليل رآه ُب‬
‫علي فقلت‪ :‬فإين ‪٦‬تن‬
‫النوـ فقاؿ لو ما فعل اهلل بك قاؿ غفر رل ك‪١‬تن حضر جنازٌب كصلى ٌ‬
‫حضر جنازتك كصلى عليك قاؿ فاخرج درجان فنظر فيو فلم ير رل فيو ا‪ٝ‬تان فقلت بلى قد‬
‫حضرت قاؿ فنظر فإذا ا‪ٝ‬تي ُب ا‪ٟ‬تاشية ر‪ٛ‬تو اهلل كرضي عنو‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 332 -‬‬


‫ثامناً‪ -‬أبو يزيد البسطامي‬
‫‪ -‬كىو أبو يزيد طيفور بن عيسى بن سركشاف ‪-‬ككاف سركشاف ‪٣‬توسيان فأسلم‪ -‬ككاف لعيسى‬
‫ثبلثة أكالد‪ :‬أبو يزيد كىو أكسطهم‪ ،‬كآدـ‪ ،‬كىو أكربىم‪ ،‬كعلي كىو أصغرىم‪ ،‬ككانوا كلهم عبادان‬
‫زىادان‪ ،‬أما أبو يزيد فكاف أجلهم حاالن‪ ،‬كىو من أىل بسطاـ(ُ)‪ ،‬كتوُب فيها سنة‬
‫(ُِٔى ػ ػ ػػ‪ٖٕٓ/‬ـ ) كلو ثبلث كسبعوف سنة‪.‬‬
‫ت ىذه ا‪١‬تعرفة؟ فقاؿ‪ :‬ببطن جائع‪ ،‬كبدف عار‪.‬‬
‫‪ -‬كسئل أبو يزيد‪ :‬بأم شيء كج ٍد ى‬
‫‪ -‬كقيل‪ :‬دل ٮترج أبو يزيد من الدنيا حىت استظهر القرآف كلو‪.‬‬
‫‪ -‬إبراىيم ا‪٢‬تركم قاؿ‪ٝ :‬تعت أبا يزيد البسطامي يقوؿ‪ :‬غلطت ُب ابتدائي ُب أربعة أشياء‪:‬‬
‫تو‪٫‬تت أين أذكره‪ ،‬كأعرفو‪ ،‬كأحبو‪ ،‬كأطلبو‪ .‬فلما انتهيت رأيت ذكره سبق ذكرم‪ ،‬كمعرفتو تقدمت‬
‫معرفيت‪ ،‬كطلبو رل أكالن حىت طلبتو‪.‬‬
‫‪ -‬قاؿ منصور ك‪ٝ‬تعت أبا عمراف موسى بن عيسى يقوؿ‪ٝ :‬تعت أيب يقوؿ‪ :‬قاؿ أبو يزيد عملت‬
‫ُب اجملاىدة ثبلثُت سنة فما كجدت شيئان أشد علي من العلم كمتابعتو‪ ،‬كلوال اختبلؼ العلماء‬
‫لتعبت‪ ،‬كاختبلؼ العلماء ر‪ٛ‬تة إال ُب ٕتريد التوحيد‪.‬‬
‫‪ -‬سئل‪ :‬أبو يزيد عن ابتدائو زىده‪ ،‬فقاؿ‪ :‬ليس للزىد منزلة‪ .‬فقلت‪١ :‬تاذا؟ فقاؿ‪ :‬ألين كنت‬
‫اليوـ الرابع خرجت منو‪ :‬اليوـ األكؿ‪ :‬زىدت ُب الدنيا كما فيها‪،‬‬
‫ثبلثة أياـ ُب الزىد‪ ،‬فلما كاف ي‬
‫كاليوـ الثاين‪ :‬زىدت ُب اآلخرة كما فيها‪ ،‬كاليوـ الثالث‪ :‬زىدت فيما سول اهلل‪ ،‬فلما كاف اليوـ‬
‫الرابع دل يبق سول اهلل‪ ..‬فى ًه ٍم ي‬
‫ت‪ ،‬فسمعت‪ ،‬ىاتفان يقوؿ‪ :‬يا أبا يزيد ال تقول معنا‪ .‬فقلت‪ .‬ىذا‬
‫الذم أريده‪.‬‬

‫(ُ) بً ٍس ي‬
‫طاـ‪ :‬بلدة كبَتة بقومس على جادة الطريق إذل نيسابور منها كهبا تفاح حسن الصبغ مشرؽ اللوف‬
‫٭تمل إذل العراؽ يعرؼ بالبسطامي‪.‬‬
‫‪- 333 -‬‬
‫جدت‪ ،‬كجدت‪.‬‬
‫فسمعت قائبلن يقوؿ‪ :‬ىك ى‬
‫من أقوالو‪:‬‬
‫‪ ‬لو نظرًب إذل رجل أيعطي من الكرامات حىت يرتقي ُب ا‪٢‬تواء‪ ،‬فبل تغًتكا بو‪ ،‬حىت تنظركا‬
‫كيف ٕتدكنو عند األمر كالنهي‪ ،‬كحفظ ا‪ٟ‬تدكد‪ ،‬كأداء الشريعة‪.‬‬
‫‪ ‬ال يعرؼ نفسو من صحبتو شهوتو‪.‬‬
‫‪ ‬كقد سئل ما عبلمة العارؼ؟ قاؿ‪ :‬أال يفًت من ذكره كال ٯتل من حقو‪ ،‬كال يستأنس بغَته‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ ‪٥‬تاطبان ربو‪ :‬ىذا فرحي بك كأنا أخافك‪ ،‬فكيف فرحي بك إذا أمنتك‪.‬‬
‫‪ ‬اطلع اهلل على قلوب أكليائو‪ ،‬فمنهم من دل يكن يصلح ‪ٟ‬تمل ا‪١‬تعرفة صرفان‪ ،‬فأشغلهم‬
‫بالعبادة‪.‬‬
‫‪ ‬ليس العجب ‪٦‬تن دل ‪٬‬تد لذة الطاعة‪ ،‬إ‪٪‬تا العجب ‪٦‬تن كجد لذهتا ٍب تركها كيف صرب‬
‫عنها‪.‬‬
‫‪ ‬دل أزؿ ثبلثُت سنة كلما أردت أف أذكر اهلل أ٘تضمض كأغسل لساين إجبلالن هلل أف أذكره‪.‬‬
‫‪ ‬ما داـ العبد يظن أف ُب ا‪٠‬تلق من ىو شر منو فهو متكرب‪.‬‬
‫أشد احملجوبُت عن اهلل ثبلثة بثبلثة‪ ،‬أك‪٢‬تم‪ :‬الزاىد بزىده‪ ،‬كالثاين‪ :‬العابد بعبادتو‪ ،‬كالثالث‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫العادل بعلمو‪ٍ .‬ب قاؿ‪ :‬مسكُت الزاىد‪ ،‬لو علم أف اهلل ‪ٝ ‬تى الدنيا كلها قليبلن فكم ملك من‬
‫الدنيا؟ كُب كم زىد ‪٦‬تا ملك؟ كأما العابد فلو رأل ًمنةى اهلل عليو ُب العبادة عرؼ عبادتو ُب‬
‫ا‪١‬تنة‪ ،‬كأما العادل فلو علم أف ‪ٚ‬تيع ما أبدل اهلل ‪ ‬من العلم سطران كاحدان من اللوح احملفوظ‬
‫فكم علم ىذا العادل من ذلك السطر؟ ككم عمل ‪٦‬تا علم؟‬
‫‪ ‬قعدت ليلة ُب ‪٤‬ترايب فمددت رجلي فهتف يب ىاتف من ‪٬‬تالس ا‪١‬تلوؾ فينبغي أف‬
‫‪٬‬تالسهم ْتسن األدب‪.‬‬

‫‪- 334 -‬‬


‫‪ ‬الناس كلهم يهربوف من ا‪ٟ‬تساب كيتجافوف عنو‪ ،‬كأنا أسأؿ اهلل تعاذل أف ٭تاسبٍت فقيل لو‪:‬‬
‫دل؟ قاؿ‪ :‬لعلو أف يقوؿ رل فيما بُت ذلك‪ :‬يا عبدم‪ ،‬فأقوؿ‪ :‬لبيك‪ .‬فقولو رل‪ :‬عبدم أحب‬
‫إرل من الدنيا كما فيها‪ٍ .‬ب بعد ذلك يفعل يب ما يشاء‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ لرجل سألو‪ :‬دلٍت على عمل أتقرب بو إذل ريب ‪‬؟ فقاؿ‪ :‬أحبب أكلياء اهلل تعاذل‬
‫ليحبوؾ فإف اهلل تعاذل ينظر إذل قلوب أكليائو فلعلو أف ينظر إذل ا‪ٝ‬تك ُب قلب كليو فيغفر‬
‫لك‪.‬‬
‫‪ ‬نظرت فإذا الناس ُب الدنيا متلذذكف بالنكاح كالطعاـ كالشراب‪ ،‬كُب اآلخرة با‪١‬تنكوح‬
‫كا‪١‬تلذكذ‪ ،‬فجعلت لذٌب ُب الدنيا ذكر اهلل ‪ ‬كُب اآلخرة النظر إذل اهلل ‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 335 -‬‬


‫تاسعاً‪ -‬الجنيد بن محمد‬
‫‪ -‬كىو أبو القاسم ا‪ٞ‬تنيد بن ‪٤‬تمد بن ا‪ٞ‬تنيد ا‪٠‬تزار‪ ،‬كاف يقاؿ لو القواريرم‪ ،‬ألف أباه كاف يبيع‬
‫الزجاج‪ ،‬أصلو من هناكند‪ ،‬كمنشؤه ببغداد‪ ،‬صحب خالو السرم السقطي كا‪ٟ‬تارث احملاسيب‪،‬‬
‫ك‪٤‬تمد بن علي القصاب‪ ،‬كاف مقبوالن عند ا‪ٞ‬تماعة كبَتان ُب طريقة القوـ‪ ،‬سيد ىذه الطائفة‬
‫كإمامهم‪ ،‬ككاف فقيهان على مذىب أيب ثور ككاف يفيت ُب حلقتو كىو ابن عشرين سنة‪ ،‬لذلك‬
‫كانوا يسمونو طاككس العلماء ‪ٞ‬تمعو بُت علمي الظاىر كالباطن‪ ،‬ك‪٢‬تذا كاف أقرب رجاؿ التصوؼ‬
‫إذل قلوب الناس كعقو‪٢‬تم‪ ،‬ككاف يؤكد االلتزاـ بظاىر الشرع كيقوؿ‪ :‬مذىبنا ىذا مقيد بالكتاب‬
‫كالسنة‪ ،‬كحكمو كجوامع كلمو كثَتة ينبئ عنها ما ‪ٚ‬تعو أبو نعيم ُب حلية األكلياء‪ ،‬توُب ر‪ٛ‬تو اللٌو‬
‫سنة (ِٕٗ ىػ ػ ػػ‪َُٗ/‬ـ) كدفن ّتانب خالو ٔتقربة الشونيزية ببغداد‪.‬‬

‫‪ -‬قيل للجنيد‪ :‬من أين استفدت ىذا العلم؟ فقاؿ‪ :‬من جلوسي بُت يدم اهلل ثبلثُت سنة ٖتت‬
‫تلك الدرجة‪ .‬كأكمأ إذل درجة ُب داره‪.‬‬
‫علي الدقاؽ‪ ،‬ر‪ٛ‬تو اهلل‪ ،‬٭تكي ذلك‪ ،‬ك‪ٝ‬تعتو يقوؿ‪ :‬رؤم ُب يده سبحة‪،‬‬
‫‪ٝ -‬تعت األستاذ أبا ٌ‬
‫فقيل لو‪ :‬أنت مع شرفك تأخذ بيدؾ سبحة؟! فقاؿ‪ :‬طريق بو كصلت إذل ريب ال أفارقو‪.‬‬
‫‪ -‬كعن أيب ‪٤‬تمد ا‪١‬ترتعش (أحد مشايخ العراؽ كزىادىا) قاؿ‪ ،‬قاؿ ا‪ٞ‬تنيد‪ :‬كنت بُت يدم سرم‬
‫السقطي ألعب كأنا ابن سبع سنُت كبُت يديو ‪ٚ‬تاعة يتكلموف ُب الشكر فقاؿ رل‪ :‬يا غبلـ ما‬
‫الشكر فقلت أال تعصي اهلل بنعمو فقاؿ رل‪ :‬أخشى أف يكوف حظك من اهلل لسانك‪ ،‬قاؿ‬
‫ا‪ٞ‬تنيد‪ :‬فبل أزاؿ أبكي على ىذه الكلمة اليت قا‪٢‬تا السرم رل‪.‬‬
‫ومن أقوالو‪:‬‬

‫‪ ‬ما أخذنا التصوؼ عن القيل كالقاؿ‪ ،‬لكن عن ا‪ٞ‬توع كترؾ الدنيا‪ ،‬كقطع ا‪١‬تألوفات‬
‫كا‪١‬تستحسنات‪.‬‬
‫‪- 336 -‬‬
‫‪ ‬الطرؽ كلها مسدكدة عن ا‪٠‬تلق‪ ،‬إال على من اقتفى أثر الرسوؿ عليو‬
‫الصبلة كالسبلـ‪.‬‬

‫‪ ‬لو أقبل صادؽ على اللٌو تعاذل ألف ألف سنة‪ٍ ،‬ب أعرض عنو ‪ٟ‬تظة كاف ما فاتو أكثر ‪٦‬تا‬
‫نالو‪.‬‬

‫‪ ‬من دل ٭تفظ القرآف الكرًن‪ ،‬كدل يكتب ا‪ٟ‬تديث ال يقتدل بو ُب ىذا األمر‪ ،‬ألف علمنا ىذا‬
‫مقيد بالكتاب كالسنة‪.‬‬

‫‪ ‬من نظر إذل كرل من أكلياء اللٌو فقبلو كأكرمو‪ ،‬أكرمو اللٌو على رؤكس األشهاد‪.‬‬

‫‪ ‬الغفلة عن اهلل ‪ ‬أشد من دخوؿ النار‪.‬‬

‫‪ ‬من عرؼ اهلل ال يسر إال بو‪.‬‬

‫‪ ‬معاشر الفقراء إ‪٪‬تا عرفتم باهلل كتكرموف بو فإذا خلوًب بو فانظركا كيف تكونوف معو‪.‬‬

‫‪ ‬عبلمة إعراض العبد أف يشغلو ٔتا ال يعنيو‪.‬‬

‫‪ ‬ا‪١‬تركءة احتماؿ زلل اإلخواف‪.‬‬

‫‪ ‬قاؿ لرجل سألو عن الطريق‪ :‬الطريق توبة ٖتل اإلصرار‪ ،‬كخوؼ يزيل الغرة‪ ،‬كرجاء يدعو‬
‫إذل طريق ا‪٠‬تَتات‪ ،‬كمراقبة اهلل ُب خواطر القلوب‪.‬‬
‫‪ ‬قاؿ رجل للجنيد‪ :‬على ماذا يتػأسف احملب من أكقاتو؟ قاؿ‪ :‬على زماف و‬
‫بسط أكرث‬
‫قبضان‪ ،‬أك زماف أنس أكرث كحشة‪ٍ ،‬ب أنشأ يقوؿ‪:‬‬

‫فكدرتو يد األياـ حُت‬ ‫قد كاف رل مشرب يصفو‬


‫صفا‬ ‫برؤيتكم‬
‫‪- 337 -‬‬
‫‪ ‬كقاؿ أبو ‪٤‬تمد ا‪ٟ‬تريرم (أحد مشايخ الصوفية)‪ :‬كنت كاقفان على رأس ا‪ٞ‬تنيد ُب كقت‬
‫كفاتو ككاف يوـ ‪ٚ‬تعة كىو يقرأ القرآف فقلت يا أبا القاسم ارفق بنفسك فقاؿ‪ :‬يا أبا ‪٤‬تمد ما‬
‫رأيت أحدان أحوج إليو مٍت ُب ىذا الوقت كىو ذا تطول صحيفيت‪.‬‬
‫‪ ‬كعنو قاؿ‪ :‬حضرت عند ا‪ٞ‬تنيد قبل كفاتو بساعتُت فلم يزؿ باكيان كساجدان فقلت لو يا أبا‬
‫القاسم قد بلغ بك ما أرل من ا‪ٞ‬تهد فقاؿ يا أبا ‪٤‬تمد أحوج ما كنت إليو ىذه الساعة فلم‬
‫يزؿ باكيان كساجدان حىت فارؽ الدنيا‪.‬‬
‫‪ ‬كعن فارس بن ‪٤‬تمد (من أصحاب ا‪ٞ‬تنيد) قاؿ‪ :‬كاف أبو القاسم ا‪ٞ‬تنيد كثَت الصبلة ٍب‬
‫رأيناه ُب كقت موتو كىو يدرس كيقدـ إليو الوسادة فيسجد عليها فقيل لو ى ٌبل ركحت عن‬
‫نفسك فقاؿ طريق كصلت بو إذل اهلل ال أقطعو‪.‬‬
‫‪ ‬كقاؿ أبو بكر العطار (من رجاؿ ا‪ٟ‬تديث) حضرت ا‪ٞ‬تنيد عند ا‪١‬توت ُب ‪ٚ‬تاعة من‬
‫أصحابنا قاؿ فكاف قاعدان يصلي كيثٍت رجلو كلما أراد أف يسجد فلم يزؿ كذلك حىت خرجت‬
‫الركح من رجلو فثقل عليو حركتها فمد رجليو كقد تورمتا فرآه بعض أصدقائو فقاؿ ما ىذا يا‬
‫أبا القاسم فقاؿ ىذه نعم ‪ -‬اهلل اكرب‪ -‬فلما فرغ من صبلتو قاؿ لو أبو ‪٤‬تمد ا‪ٟ‬تريرم لو‬
‫اضطجعت قاؿ يا أبا ‪٤‬تمد ىذا كقت يؤخذ منو ‪ -‬اهلل اكرب‪ -‬فلم يزؿ ذلك حالو حىت مات‬
‫ر‪ٛ‬تو اهلل‪.‬‬
‫كتوُب يوـ السبت ُب شواؿ كغسلو أبو ‪٤‬تمد ا‪ٟ‬تريرم كصلى عليو كلده كحزركا (قدركا) ا‪ٞ‬تمع‬
‫الذم صلى عليو فكانوا ‪٨‬تو ستُت ألفان‪.‬‬
‫كعن جعفر ا‪٠‬تلدم (من أصحاب ا‪ٞ‬تنيد) ُب كتابو عن أخبار العلماء قاؿ‪ :‬رأيت ا‪ٞ‬تنيد ُب النوـ‬
‫فقلت لو ما فعل اهلل بك قاؿ‪ :‬طاحت تلك اإلشارات كغابت تلك العبارات كفنيت تلك العلوـ‬
‫كنفدت تلك الرسوـ كما نفعنا إال ركيعات كنا نركعها ُب السحر ر‪ٛ‬تو اهلل‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪- 338 -‬‬
‫(ُ)‬
‫عاشراً‪ -‬محمد الغزالي‬
‫‪ -‬ىو أبو حامد ‪٤‬تمد بن ‪٤‬تمد الغزارل الطوسي الشافعي ا‪١‬تعركؼ بالغزارل (زين الدين‪ ،‬حجة‬
‫اإلسبلـ) كلد بطوس سنة (َْٓى ػ ػ ‪َُٖٓ/‬ـ) كتوُب سنة (َٓٓى ػ ػػ‪ُُُُ /‬ـ) أم عاش ‪ٜ‬تسان‬
‫ك‪ٜ‬تسُت سنة فقط‪ ،‬ك عرؼ بالغزارل كقد تشدد الزام نسبة إذل حرفة كالده كىي غزؿ الصوؼ‪،‬‬
‫كقد ٗتفف نسبة إذل قريتو اليت كلد هبا (غزالة ُب نواحي طوس)‪.‬‬

‫‪ -‬كىو متكلم‪ ،‬فقيو‪ ،‬أصورل‪ ،‬صوُب مشارؾ ُب أنواع من العلوـ‪ ،‬لو ‪٨‬تو مائيت مصنف ُب ىذه‬
‫العلوـ ا‪١‬تتعددة أشهرىا‪( :‬إحياء علوـ الدين) ك(هتافت الفبلسفة) ك(‪٤‬تك النظر) ك(معارج القدس‬
‫ُب أحواؿ النفس) ك(الفرؽ بُت الصاحل كغَت الصاحل) ك(مقاصد الفبلسفة) ك(الوقف كاالبتداء) ُب‬
‫التفسَت‪ ،‬ك(البسيط) ُب الفقو‪ ،‬ك(ا‪١‬تعارؼ العقلية)‪ ،‬ك(ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ)‪ ،‬ك(بداية ا‪٢‬تداية)‪.‬‬

‫‪ -‬مولده ككفاتو ُب الطابراف(ِ)‪ ،‬رحل إذل نيسابور ٍب إذل بغداد فا‪ٟ‬تجاز فببلد الشاـ فمصر كعاد‬
‫إذل بلدتو‪.‬‬

‫‪ -‬كلقد كانت بيئتو ُب طفولتو كتربيتو ا‪١‬تنزلية األكذل ذات أثر كاضح ُب تكوينو فيما بعد‪.‬‬

‫‪ -‬فقد كلد ُب أسرة فقَتة متدينة‪ ،‬كحينما أحس أبوه بقرب أجلو عهد برعاية كلديو أيب حامد‬
‫كأخيو األصغر منو ا‪١‬تسمى أ‪ٛ‬تد إذل أحد أصدقائو من الصوفية‪.‬‬

‫‪ -‬كقد قاـ ىذا الرجل بواجبو ُب اإلشراؼ على تربيتهما كتعليمهما ٍب نصحهما باالنتقاؿ إذل‬
‫نيسابور ‪ ،‬كىناؾ طلب الغزارل الفقو لتحصيل القوت‪ٍ ،‬ب ارٖتل إذل أيب نصر اإل‪ٝ‬تاعيلي (كىو‬

‫(ُ) عمر كحالة‪ :‬معجم ا‪١‬تؤلفُت‪ ،‬ياقوت ا‪ٟ‬تموم‪ :‬معجم البلداف‪ ،‬الزركلي‪ :‬األعبلـ كؿ ديورانت‪ :‬قصة‬
‫ا‪ٟ‬تضارة تر‪ٚ‬تة ‪٤‬تمد بدراف‪ ،‬الغزارل‪ :‬ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ‪.‬‬
‫(ِ) الطابراف‪ :‬إحدل مدينيت طوس ٓتراساف‪.‬‬
‫‪- 339 -‬‬
‫من كبار علماء زمانو) ّترجاف(ُ)‪ٍ ،‬ب ًب لو االتصاؿ بإماـ ا‪ٟ‬ترمُت (أيب ا‪١‬تعارل ا‪ٞ‬تويٍت) (ِ)‪،‬‬
‫فاشتغل عليو كالزمو‪ ،‬فظهر نبوغ الغزارل ُب فًتة مبكرة‪ٍ ،‬ب جلس لئلقراء‪ ،‬كحضر ‪٣‬تلس نظاـ‬
‫ا‪١‬تلك(ّ)‪ ،‬فأقبل عليو نظاـ ا‪١‬تلك‪ ،‬فعظمت منزلة الغزارل‪ ،‬كندب للتدريس ُب نظامية بغداد‪.‬‬

‫‪ -‬كقد أصبح الغزارل من أعبلـ مذىب الشافعي ُب الفقو‪ ،‬كأحد أركاف ا‪١‬تدرسة األشعرية‪،‬‬
‫باإلضافة إذل تعمقو ُب الفلسفة كا‪١‬تنطق كاألصوؿ‪.‬‬

‫‪ -‬كدل ‪٬‬تد فيها راحتو القلبية حىت اجتمع باإلماـ الزاىد ا‪١‬تتصوؼ أيب علي الفضل بن علي‬
‫الفارمذم الطوسي (من كبار رجاؿ التصوؼ) فأقبل عليو كأخذ منو علم التصوؼ كأخذ يطالع‬
‫كتب التصوؼ فتعرؼ على كنو مقاصدىم‪ٍ ،‬ب دخل مدخلهم‪ ،‬كذاؽ أحوا‪٢‬تم‪ ،‬كسار ُب‬
‫طريقهم‪.‬‬

‫‪ -‬كيتحدث الغزارل عن ٕتربتو الصوفية ُب كتابو ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ بعد أف فرغ من علوـ الشريعة‬
‫بكتاب األربعُت‪ ،‬كعلوـ الفلسفة القدٯتة ُب كتاب مقاصد الفبلسفة ككذلك التهافت يقوؿ كاصفان‬

‫(ُ) جرجاف‪ :‬مدينة عظيمة مشهورة بقرب طربستاف‪ .‬بناىا يزيد بن ا‪١‬تهلب بن أيب صفرة‪ ،‬كىي أقل ندل‬
‫كمطران من طربستاف‪٬ ،‬ترم بينهما هنر ٕترم فيو السفن‪ ،‬هبا فواكو كثَتة‪ ،‬كىي بُت السهل كا‪ٞ‬تبل كالرب‬
‫كالبحر‪[ .‬القزكيٍت‪ :‬آثار الببلد كأخبار العباد]‬
‫(ِ) ا‪ٞ‬تويٍت‪ :‬إماـ ا‪ٟ‬ترمُت‪ ،‬أبو ا‪١‬تعارل ا‪ٞ‬تويٍت‪ ،‬عبد ا‪١‬تلك بن أيب ‪٤‬تمد بن عبد اهلل بن يوسف‪ ،‬الفقيو‬
‫الشافعي ‪ ،‬أحد األئمة األعبلـ‪ ،‬عاش ستُت سنةن‪ ،‬كتف ٌقو على كالده‪ ،‬كجاكر ٔتكة ُب شبيبتو أربعة أعواـ‪،‬‬
‫كمن ٍب قيل لو إماـ ا‪ٟ‬ترمُت‪ ،‬ككاف من أذكياء العلماء‪ ،‬كأحد أكعية العلم‪ ،‬توُب ُب ربيع اآلخر بنيسابور‪،‬‬
‫ككاف لو ‪٨‬تو من أربعمئة تلميذ‪ ،‬ر‪ٛ‬تو اهلل‪ [ .‬الذىيب‪ :‬العرب ُب خرب من غرب]‬
‫(ّ)نظاـ ا‪١‬تلك‪ :‬أبو علي ا‪ٟ‬تسن بن علي بن إسحاؽ الطوسي‪ ،‬ا‪١‬تلقب بقواـ الدين‪ ،‬نظاـ ا‪١‬تلك‪ :‬كزير حازـ‬
‫عارل ا‪٢‬تمة‪ .‬أصلو من نواحي طوس‪ .‬ك‪ٝ‬تع ا‪ٟ‬تديث الكثَت‪ ،‬كاشتغل باألعماؿ السلطانية‪ ،‬فاتصل بالسلطاف‬
‫إلب أرسبلف‪ ،‬فاستوزره‪ ،‬فأحسن التدبَت كبقي ُب خدمتو عشر سنُت‪ٍ .‬ب أصبح كزيران البنو كأسس ا‪١‬تدرسة‬
‫النظامية ُب بغداد‪ ،‬كتوُب سنة (ْٖٓ ق‪ َُِٗ /‬ـ)‪[ .‬انظر‪ :‬األعبلـ للزركلي]‬
‫‪- 341 -‬‬
‫التصوؼ كالصوفية‪ٍ ( :‬ب إين ‪١‬تا فرغت من ىذه العلوـ أقبلت هبميت على طريق الصوفية‪ ،‬كعلمت‬
‫أف طريقتهم إ‪٪‬تا تتم بعلم كعمل‪ ،‬ككاف حاصل علومهم قطع عقبات النفس‪ ،‬كالتنزه عن أخبلقها‬
‫ا‪١‬تذمومة كصفاهتا ا‪٠‬تبيثة‪ ،‬حىت يتوصل هبا إذل ٗتلية القلب عن غَت اهلل تعاذل كٖتليتو بذكر اهلل‪.‬‬
‫ككاف العلم أيسر علي من العمل‪ ،‬فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل‪ :‬قوت‬
‫القلوب أليب طالب ا‪١‬تكي ر‪ٛ‬تو اهلل‪ ،‬ككتب ا‪ٟ‬تارث احملاسيب‪ ،‬كا‪١‬تتفرقات ا‪١‬تأثورة عن ا‪ٞ‬تنيد‬
‫كالشبلي كأيب يزيد البسطامي قدس اهلل أركاحهم كغَتىم من ا‪١‬تشايخ‪ ،‬حىت اطلعت على كنو‬
‫مقاصدىم العلمية‪ ،‬كحصلت ما ٯتكن أف ٭تصل من طريقهم بالتعلم كالسماع‪ .‬فظهر رل أف‬
‫أخص خواصهم‪ ،‬ما ال ٯتكن الوصوؿ إليو بالتعلم بل بالذكؽ كا‪ٟ‬تاؿ كتبدؿ الصفات‪ ،‬فعلمت‬
‫يقينان أهنم أرباب أحواؿ ال أصحاب أقواؿ‪ ،‬كالقدر الذم أذكره لينتفع بو‪ ،‬ىو أين علمت يقينان أف‬
‫الصوفية ىم السالكوف لطريق اهلل تعاذل‪ ،‬كأف سَتهتم أحسن السَت‪ ،‬كطريقهم أصوب الطرؽ‪،‬‬
‫كأخبلقهم أزكى األخبلؽ‪ ،‬بل لو ي‪ٚ‬تع عقل العقبلء‪ ،‬كحكمة ا‪ٟ‬تكماء‪ ،‬كعلم الواقفُت على أسرار‬
‫الشرع من العلماء ليغَتكا شيئان من سَتىم كأخبلقهم كيبدلوه ٔتا ىو خَت منو دل ‪٬‬تدكا إذل ذلك‬
‫سبيبلن‪ ،‬كإف ‪ٚ‬تيع حركاهتم كسكناهتم ُب ظاىرىم كباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة‪ ،‬كليس‬
‫كراء نور النبوة على كجو األرض نور يستضاء بو‪ ،‬فأيقنت أهنم الفرقة الناجية‪.‬‬

‫كماذا يقوؿ القائلوف ُب طريقة أكؿ شركطها‪ :‬تطهَت القلب بالكلية عما سول اهلل تعاذل‪ ،‬كعمادىا‬
‫كمفتاحها ا‪ٞ‬تارم منها ‪٣‬ترل اإلحراـ ُب الصبلة‪ :‬استغراؽ القلب بالكلية بذكر اهلل‪ ،‬كآخرىا الفناء‬
‫ُب الكلية باهلل)‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب أقبل الغزارل على العبادة كالسياحة‪ ،‬فخرج إذل ا‪ٟ‬تجاز فحج‪ ،‬كرجع إذل دمشق فاستوطنها‬
‫عشر سنُت ٍب سار إذل القدس كاإلسكندرية‪ٍ ،‬ب عاد إذل كطنو بطوس‪ٍ ،‬ب إف الوزير فخر الدين‬

‫‪- 341 -‬‬


‫ابن نظاـ ا‪١‬تلك طلبو إذل نظامية نيسابور‪ ،‬فأجاب إذل ذلك‪ٍ ،‬ب عاد إذل كطنو‪ ،‬كابتٌت إذل جواره‬
‫خانقاه(ُ) للصوفية كمدرسة‪.‬‬

‫‪ -‬كمن أراد أف يتعرؼ على أقواؿ كأعماؿ ىذا العادل الفاضل فعليو أف يرجع إذل مؤلفاتو الكثَتة‬
‫ُب شىت العلوـ اإلسبلمية‪.‬‬

‫‪ -‬ىذا كإف الدارس لعصر ىذا اإلماـ الفاضل‪ ،‬كما اشتهر بو ىذا العصر من انتشار الفلسفة‬
‫الدخيلة على العادل اإلسبلمي اليت كادت تؤثر على أفكار ا‪١‬تسلمُت كٖترفهم عن جادة الصواب‬
‫يدرؾ السبب الذم دفع ىذا اجملدد إذل الرد على ىؤالء الفبلسفة ٔتؤلفاتو ا‪١‬تتعددة اليت كانت سببان‬
‫ُب عودة ا‪١‬تسلمُت إذل جادة الصواب‪ ،‬كالتمسك بتعاليم اإلسبلـ النابعة من القرآف كالسنة‪ ،‬فكاف‬
‫حقان حجة اإلسبلـ‪ ،‬كحجة ا‪١‬تسلمُت‪.‬‬

‫‪ -‬كالبد لكل طالب علم ُب كل زماف كمكاف أف ٖتتوم مكتبتو كتابو ا‪ٞ‬تامع للعلوـ ا‪١‬تتعددة‬
‫(إحياء علوـ الدين) الذم ‪٬‬تد ُب الطالب كل ما ٭تتاجو من نفائس علوـ الدين ا‪١‬تتعددة‪.‬‬

‫كأما ُب ‪٣‬تاؿ التصوؼ فلقد أضاؼ الغزارل للفكر اإلسبلمي من خبلؿ تصوفو ٕتديدان كتصويبان‬
‫كتنويران ُب علوـ التصوؼ أذكر منها ما يلي‪:‬‬

‫ُ‪ -‬أعاد للعبادة جانبها الركحي من خشوع كرىبة‪ ،‬بعد أف حو‪٢‬تا بعض الفقهاء إذل ‪٣‬ترد طقوس‬
‫شكلية‪.‬‬

‫ِ‪ -‬حبب التصوؼ للناس بإزالة ما ‪ٟ‬تق بو من فكر دخيل‪ ،‬مع إثباتو أف ا‪١‬تكاشفة تصل إذل مادل‬
‫يصل إليو العقل‪.‬‬

‫(ُ)خانقاه‪ :‬كىو رباط الصوفية كمتعبدىم فارسية أصلها خانو كاه‪.‬‬


‫‪- 342 -‬‬
‫ّ‪ -‬كاف ا‪١‬تتصوفة قد استكانوا إذل ا‪ٟ‬تب اإل‪٢‬تي كأغراىم االطمئناف فأدل هبم إذل التقصَت‪ ،‬فأعاد‬
‫الغزارل للتصوؼ ا‪٠‬توؼ من اللٌو على طريقة ا‪ٟ‬تسن البصرم‪.‬‬

‫ْ‪ -‬فلسف العبادات بإظهار حكمة التشريع فصارت قراءة الفقو أكثر إمتاعان من عرض الفقهاء‬
‫لو‪.‬‬

‫ٓ‪ -‬رفض ما دخل ُب التصوؼ من تطرؼ كخركج عن تعاليم الشريعة بتأثَت الفلسفات الغربية‬
‫باإلضافة إذل ما دخلو من شعوذة كسحر كىذياف ال قيمة لو إال ُب نظر العامة‪.‬‬

‫ٔ‪ -‬الًتكيز على تطهَت الباطن كتصفية القلب كعدـ اال‪٩‬تداع با‪١‬تظاىر‪ ،‬كالقشور ألف ذلك‬
‫يؤدم إذل انتكاس النفس ككقوعها ُب الرياء‪.‬‬

‫‪ -‬وأخيراً‪ :‬كاف اعتناؽ الغزارل ‪١‬تذىب التصوؼ نصران باىران للصوفية‪ ،‬فأخذ أىل السنة من‬
‫بعده بالتصوؼ السٍت النابع من القرآف كالسنة كالبعيد عن التطرؼ أك ا‪٠‬تركج عن تعاليم‬
‫الشريعة‪ ،‬كالبعيد عن الشعوذة كالسحر كا‪٢‬تذياف‪ ،‬كالًتكيز على تطهَت الباطن‪ ،‬كتصفية الباطن‬
‫كعدـ اال‪٩‬تداع با‪١‬تظاىر كالقشور ألف ذلك يؤدم إذل انتكاس النفس ُب الرياء‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 343 -‬‬


‫الباب السابع‪:‬‬

‫أىم الطرق الصوفية‬


‫ٔ‪ -‬الطريقة النقشبندية‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬الطريقة القادرية‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬الطريقة الرفاعية‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬الطريقة الشاذلية‪.‬‬

‫‪- 344 -‬‬


‫الطرق الصوفية‬
‫‪ -‬إف الدارس كاحملقق ُب الطرؽ الصوفية ‪٬‬تد أف منشأ ىذه الطرؽ كاف على أيدم أئمة من كبار‬
‫العلماء اشتهركا ُب زماهنم‪ ،‬كعرفوا بعلمهم الغزير‪ ،‬كإٯتاهنم العميق‪ ،‬كبرزكا بالشريعة كا‪ٟ‬تقيقة‬
‫كترىب‬
‫ٌ‬ ‫أخذ‬ ‫ىذا‬‫ك‬ ‫‪،‬‬‫يق‬
‫ر‬ ‫الط‬ ‫ىذا‬ ‫سلك‬ ‫و‬
‫دل‬ ‫عا‬ ‫يد‬ ‫على‬ ‫كترىب‬
‫ٌ‬ ‫يقتو‬
‫ر‬ ‫ط‬ ‫منهم‬ ‫كل‬ ‫أخذ‬ ‫كقد‬ ‫‪،‬‬‫(ُ)‬
‫كالطريقة‬
‫ه‬
‫على يد عا ودل سلك ىذا الطريق‪ ،‬كىكذا‪ ،‬إذل أف تصل ىذه السلسلة إذل عهد التابعُت ٍب‬
‫الصحابة رضواف اهلل عليهم أ‪ٚ‬تعُت‪ ،‬كما سنرل ذلك من خبلؿ دراستنا ألىم ىذه الطرؽ‪ ،‬كىي‪:‬‬

‫الطريقة النقشبندية‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫الطريقة القادرية‪.‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫الطريقة الرفاعية‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫الطريقة الشاذلية‪.‬‬ ‫ٗ‪-‬‬

‫‪ -‬كا‪١‬تقصود بالطرؽ الصوفية ليس فقط طريقة الذكر كما يتعلق بو من ىيئات ككيفيات كأكراد‬
‫كأذكار متعددة‪ ،‬كإ‪٪‬تا ا‪١‬تقصود من الطرؽ الصوفية الطرؽ اليت مؤداىا علم بالشريعة‪ ،‬كتنور‬
‫با‪ٟ‬تقيقة‪ ،‬كسلوؾ تاـ مطابق ‪٢‬تما‪ ،‬كيتحقق ذلك من خبلؿ ما يقوـ بو شيخ الطريقة من تربية‬
‫‪١‬تريديو بأساليب متعددة فحُت ٭تصل اللقاء ا‪ٞ‬تامع بُت الشيخ كمريديو يقوـ الشيخ ُب ىذا اللقاء‬
‫بتفسَت آية أك شرح حديث‪ٍ ،‬ب يتم التعليق على اآلية أك ا‪ٟ‬تديث ٔتا أفاض اهلل على ىذا الشيخ‬

‫(ُ) الشريعة‪ :‬ىي األحكاـ ا‪١‬تنزلة عن النيب ‪ ‬اليت فهمها العلماء من الكتاب كالسنة نصان أك استنباطان‪.‬‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة‪ :‬ىي علم الباطن كا‪١‬تشاعر القلبية كا‪ٟ‬تقائق اإلٯتانية ا‪١‬تتصلة بالشريعة‪.‬‬
‫الطريقة‪ :‬ىي العمل بالشريعة كاألخذ بعزائمها كالبعد عن التساىل فيها ك امتثاؿ األكامر اإل‪٢‬تية‬
‫كاجتناب ا‪١‬تنهيات ظاىران كباطنان‪ ،‬فهي السلوؾ الذم يظهر ُب الشريعة كا‪ٟ‬تقيقة‪.‬‬
‫‪- 345 -‬‬
‫ا‪١‬تريب من مواعظ كقصص كعرب كحكم كأمثاؿ‪٦ ،‬تا يؤثر ذلك ُب سلوؾ ا‪١‬تريدين كتغيَت أحوا‪٢‬تم ٔتا‬
‫يتناسب مع الشريعة كا‪ٟ‬تقيقة كالسلوؾ‪ٍ ،‬ب بعد ىذا الدرس النظرم يكوف ىناؾ درس عملي‬
‫‪ٚ‬تاعي ٯتارس فيو ذكر اهلل ‪.‬‬

‫‪ -‬يبتدئ ىذا الدرس بقراءة عشر من القرآف الكرًن‪ٍ ،‬ب التوجو إذل اهلل ‪ ‬باالستغفار‪ٍ ،‬ب قراءة‬
‫سورة الفاٖتة ك سورة اإلخبلص كسورٌب ا‪١‬تعوذتُت كسورة االنشراح‪ٍ ،‬ب الصبلة على النيب ‪‬‬
‫بصيغ متعددة كبعدد ‪٤‬تدكد ٍب االبتداء بذكر اهلل ‪ ‬إما با‪ٝ‬تو األعظم (اهلل) أك بصفاتو (ال إلو‬
‫إال اهلل) أك بتسبيحو أك ٖتميده أك تكبَته أك بأذكار أخرل مستمدة من القرآف كالسنة‪.‬‬

‫‪ -‬كٮتتم اجمللس بقراءة عشر من القرآف كالصبلة على النيب العدناف ‪ ‬كالدعاء‪.‬‬

‫‪ -‬كل ذلك ُب جو إٯتاين يغسل النفوس‪ ،‬كيزيل ا‪٢‬تموـ‪ ،‬كينور القلوب‪ ،‬كيشرح الصدكر‪ ،‬كيزيد‬
‫ُب اإلٯتاف‪.‬‬

‫‪ -‬كأئمة ىذه الطرؽ ظهركا ما بُت القرنُت السادس كالثامن‪ ،‬فكانوا قرييب عهد بالسلف الصاحل‪،‬‬
‫حرصوا أشد ا‪ٟ‬ترص على االستفادة منهم كالتمسك ٔتا ٘تسكوا بو من تعاليم القرآف كالسنة‪،‬‬
‫مبتعدين عن كل بدعة تيبعً يد عن الدين ككل ضبللة تؤدم إذل النار‪.‬‬

‫‪ٍ -‬ب انتشرت ىذه الطرؽ ُب ببلد العادل‪ ،‬كتعددت أ‪ٝ‬تاؤىا حسب أ‪ٝ‬تاء شيوخها‪ ،‬كإف كجد ُب‬
‫بعضها شيء من البدع اليت ٗتالف الشرع‪ ،‬فإ‪٪‬تا ىي بدعه ظهرت من ا‪١‬تريدين الذين دل يتمسكوا‬
‫ْتقائق الطريقة‪ ،‬فا‪٠‬تطأ منهم ال من الطريقة‪.‬‬

‫‪ -‬كمن أخذ بطرقهم فعليو أف يتمسك ْتقيقة ىذه الطريقة كجوىرىا‪ ،‬كأف يبتعد عن كل بدعة‬
‫يراىا ‪٥‬تالفة للقرآف كالسنة‪ ،‬كأف يعرؼ أف ىذه البدع من زيادة بعض ا‪١‬تريدين ال من أصل ىذه‬
‫الطريقة‪.‬‬

‫‪- 346 -‬‬


‫(ُ)‬
‫الطريقة النقشبندية‬

‫(ُ)انظر د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‪ :‬الطريقة النقشبندية كأعبلمها‪.‬‬


‫‪- 347 -‬‬
‫‪ -‬تنسب ىذه الطريقة إذل ا‪٠‬تليفة الراشدم األكؿ سيدنا أيب بكر الصديق ‪ ‬إذ كاف يعده ‪-‬‬
‫أصحاب ىذه الطريقة‪ -‬ا‪١‬تؤسس األكؿ‪ ،‬كىم بذلك يرجعوهنا إذل الرسوؿ ‪.‬‬

‫‪ -‬كقد استقت ىذه الطريقة مبادئها كأسسها اليت ميزهتا عن بقية الطرؽ الصوفية بفضل تعاليم‬
‫أربع شخصيات‪:‬‬

‫أولً‪ -‬الصحابي الجليل سلمان الفارسي‪( :‬تّٔق\ ٔٓٔـ)‬

‫ثانياً‪ -‬أبو يزيد طيفور البسطامي واسمو طيفور بن عيسى بن آدم بن سروشان‪ :‬كلد ُب‬
‫خرساف (تِْٔىػ\ ٕٕٖـ) كدل يعرؼ مكاف دفنو‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -‬عبد الخالق الغجدواني‪( :‬ت‪ ٕٓٓ .‬ىػ‪ ُُٕٗ/.‬ـ‪ ).‬كلد بقرية غجدكاف القريبة من‬
‫ٓتارل كنشأ هبا كتوُب كدفن هبا أيضان‪ ،‬كىو الذم كضع (ا‪٠‬تتم) النقشبندم أم طريقة الذكر‪،‬‬
‫كمن ا‪١‬تعلوـ أف النقشبندية يولوف أ‪٫‬تية كربل ‪٢‬تذا ا‪٠‬تتم‪.‬‬

‫رابعاً‪ -‬محمد بهاء الدين النقشبندي األويسي البخاري المعروف بشاه نقشبند‪ :‬كىو شيخ‬
‫ىذه الطريقة ببل منازع كاليت أخذت ا‪ٝ‬تها من ا‪ٝ‬تو فأصبحت تعرؼ بالنقشبندية‪ :‬كلد (ُٕٕق‪/‬‬
‫ُُّٕـ) بقصر العارفاف كىو قرية بالقرب من ٓتارل أصبح الشيخ ‪٤‬تمد بابا السماسي كالشيخ‬
‫األمَت كبلؿ‪ ،‬كقد اقتصر الذكر على الذكر ا‪٠‬تفي كىذا النوع من الذكر أىم ما ٯتيز الطريقة‬
‫النقشبندية عن سواىا من الطرؽ الصوفية توُب ليلة االثنُت ثالث شهر ربيع األكؿ (ُٕٗق‪/‬‬
‫ُّٖٖـ) كدفن ُب بستانو كما أكصى‪.‬‬

‫‪ -‬كمن آثاره عدة رسائل‪:‬‬

‫ُ‪ -‬األكراد البهائية كقد قاـ أتباع الشيخ بشرحها كتسميتها منبع األسرار‪.‬‬

‫‪- 348 -‬‬


‫ِ‪ -‬تنبيو الغافلُت‪.‬‬

‫ّ‪ -‬سلك األنوار‪.‬‬

‫ْ‪ -‬ىدية السالكُت كٖتفة الطالبُت‪.‬‬

‫‪ -‬كما اشتهر بنظم بعض األبيات ا‪ٟ‬تكمية بالفارسية قاـ مريدكه بتعريبها منها(ُ)‪:‬‬

‫كأنت الذم دل ت ػ ػ ػ ػ ػ ػزؿ ‪٤‬تسنا‬ ‫أتينػ ػ ػ ػ ػ ػاؾ بالفق ػ ػ ػ ػ ػر ال بالغنػ ػ ػ ػى‬

‫يؤخر فعل اليوـ منو إذل غد‬ ‫من كاف ذا عقل تربأ من فىت‬

‫‪ -‬كقد كاف زاىدان متقشفان حريصان على الكسب ا‪ٟ‬تبلؿ فكاف يأكل خبز الشعَت الذم يزرعو‬
‫بنفسو‪ ،‬ككاف يلبس جبة من الصوؼ‪ ،‬ككاف ‪٤‬تبان للفقراء يصنع ‪٢‬تم الطعاـ بيده‪ ،‬كٮتدمهم‬
‫كيواسيهم لذلك أحبو ا‪ٞ‬تميع كاعًتفوا بفضلو(ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد عرفت الطريقة النقشبندية منذ نشأهتا حىت اآلف بعدة أ‪ٝ‬تاء‪:‬‬

‫ُ‪ -‬فمن عهد أيب بكر ‪ ‬حىت أيب يزيد البسطامي كانت تسمى صديقية‪.‬‬

‫ِ‪ -‬كمن عهد أيب يزيد حىت عبد ا‪٠‬تالق الغجدكاين كانت تسمى طيفورية نسبة لبلسم األكؿ‬
‫أليب يزيد‪.‬‬

‫ّ‪ -‬كمن الغجدكاين إذل ‪٤‬تمد هباء الدين كانت تسمى خواجكانية نسبة إذل ختم (ذكر)‬
‫ا‪٠‬تواجكاف الذم أدخلو الغجدكاين‪.‬‬

‫(ُ)عبد اجمليد ا‪٠‬تاين‪ :‬ا‪ٟ‬تدائق الوردية ُب حقائق أجبلء النقشبندية صُُّ‪.‬‬


‫(ِ)ا‪١‬تصدر السابق صُّٓ‪.‬‬
‫‪- 349 -‬‬
‫ْ‪ -‬كمن ‪٤‬تمد هباد الدين إذل اآلف أصبحت تعرؼ بالنقشبندية‪ ،‬كىي كلمة مؤلفة من جزءين‪:‬‬
‫(نقش كىو ا‪ٟ‬تفر‪ ،‬كبند أم القلب كمعناه ربط كبقاء من غَت ‪٤‬تو فالكلمة تشَت إذل تأثَت‬
‫الذكر ُب القلب كانطباعو فيو) (ُ)‪.‬‬

‫(يرل النقشبندية أف طريقتهم أقرب الطرؽ كأسهلها على ا‪١‬تريد للوصوؿ إذل درجة التوحيد كىي‬
‫طريقة الصحابة على أصلها دل تزد كدل تنقص فهي تدعو إذل العبودية التامة ظاىران كباطنان مع‬
‫االلتزاـ التاـ بآداب السنة النبوية كىي ٖتض على العزائم كٕتنب الرخص ُب ‪ٚ‬تيع ا‪ٟ‬تركات‬
‫كالسكنات ُب العادات كالعبادات كا‪١‬تعامبلت‪ ،‬كما أهنا متحررة من االبتداع كاال‪٨‬ترافات‬
‫كالشطحات كالرقص كسفاسف السماع كليس فيها كثرة ا‪ٞ‬توع ككثرة السهر‪ ،‬كبالتارل فإهنا سليمة‬
‫من كدرات جهلة ا‪١‬تتصوفة‪ ،‬ألهنا ملتزمة بآداب الشريعة اليت ٖتث على االعتداؿ كفضيلة‬
‫الوسط)(ِ)‪.‬‬

‫(كمدار الطريقة عندىم يقوـ على‪:‬‬

‫أولً‪ -‬التحقق بكماؿ اإلٯتاف باهلل كرسولو‪ ،‬كٔتا جاء بو الرسوؿ ‪ْ ‬تيث تظهر نورانية تلك‬
‫ا‪ٟ‬تقيقة ُب ‪ٚ‬تيع أعضاء ا‪١‬تريد‪ ،‬كال يتسٌت ذلك إال ٔتبلزمة طاعة اهلل ‪ ،‬كابتغاء مرضاتو‪،‬‬
‫كمتابعة الرسوؿ ‪ ،‬ك‪٥‬تالفة النفس األمارة‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬التحقق بكماؿ اإلسبلـ ا‪١‬تعرب عنو بالتزاـ العبد ّتميع األحكاـ الشرعية مع إظهار العجز‬
‫كاالفتقار كالذؿ كاالنكسار كالتسليم من حيث الظاىر كالباطن‪ ،‬كال ٭تصل كماؿ اإلسبلـ إال‬
‫ٔتجاىدة النفس كبأف تتبٌع السنة النبوية‪ ،‬كتعمل بالعزٯتة‪ ،‬كتتجنب الرخصة‪.‬‬

‫(ُ)‪٤‬تمد سليماف‪ :‬ا‪ٟ‬تديقة الندية‪.‬‬


‫(ِ)الكمشخالٍت‪ :‬جامع األصوؿ صُّٔ‪.‬‬
‫‪- 351 -‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التحقق بكماؿ اإلحساف أم تصفية العمل من طلب عوض أك قصد غرض أك رياء‪،‬‬
‫كبكلمة ىي اإلخبلص أم أف يكوف العمل خالصان لوجو اهلل ‪.)ُ( )‬‬

‫‪( -‬كللطريقة النقشبندية قدـ راسخة ُب إنقاذ البشر من عادل الشركر ‪١‬تا فيها من التعاليم العالية‪،‬‬
‫فغايتها هتذيب النفوس‪ ،‬كإيصا‪٢‬تا إذل ا‪١‬تاىية الغالية من اإلٯتاف) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كبا‪ٞ‬تملة فهي‪( :‬أـ الطرائق كمعدف األسرار الصديقية كا‪ٟ‬تقائق‪ ،‬كىي الطريق األقرب األسلم‬
‫األحكم األكضح‪ ،‬كا‪١‬تشرب األعلى األصفى ا‪١‬تصوف عن قدح كل قادح) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد انتشرت ىذه الطريقة ُب أ‪٨‬تاء العادل اإلسبلمي كلو‪ ،‬كإليها ينتسب كثَته من العلماء‬
‫ا‪١‬تشهورين ُب ىذا العادل ك من أشهرىم ُب ببلد الشاـ‪ :‬الشيخ عيسى الكردم كتبلمذتو كمنهم‬
‫الشيخ ‪٤‬تمد أمُت الكردم الزملكاين‪ ،‬كالشيخ ‪٤‬تمد أمُت كفتارك‪ٍ ،‬ب الشيخ أ‪ٛ‬تد كفتارك ر‪ٛ‬تهم‬
‫اهلل‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ْ)‬
‫الطريقة القادرية‬

‫(ُ)أسعد صاحب‪ :‬بغية الواجد صِٓ‪.‬‬


‫(ِ)عبد اهلل الدىلوم‪ :‬منحة الر‪ٛ‬تن‪ ،‬صُّ‪.‬‬
‫(ّ)‪٤‬تمد سليماف‪ :‬ا‪ٟ‬تديقة الندية‪ :‬صُٕ‪.‬‬
‫(ْ)انظر‪ :‬د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‪ :‬الطريقة القادرية كأعبلمها‪.‬‬
‫‪- 351 -‬‬
‫‪ -‬مؤسس الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين‪ ،‬كىو ‪٤‬تيي الدين عبد القادر بن أيب صاحل‬
‫موسى بن عبد اهلل بن ٭تِت الزاىد بن ‪٤‬تمد بن داكد بن موسى ا‪ٞ‬توف بن عبد اهلل احملض بن‬
‫ا‪ٟ‬تسن ا‪١‬تثٌت بن ا‪ٟ‬تسن بن علي بن أيب طالب ‪ ،‬أمو‪ :‬أـ ا‪٠‬تَت فاطمة بنت الشيخ عبد اهلل‬
‫الصومعي ا‪ٟ‬تسيٍت الزاىد فهو حسٍت من جهة األب حسيٍت من جهة األـ‪.‬‬

‫‪( -‬كلد الشيخ عبد القادر عاـ (ْْٕىػ ػ ػ ػ ‪َُٕٕ/‬ـ) ُب جيبلف أك كيبلف فعرؼ با‪ٞ‬تيبلين أك‬
‫الكيبلين‪ ،‬كجيبلف إقليم فارسي يقع ُب ا‪ٞ‬تنوب الغريب لبحر قزكين اشتق ا‪ٝ‬تها من ا‪ٞ‬تيارل ٔتعٌت‬
‫الوحل‪ ،‬كذلك لكثرة ا‪١‬تستنقعات اليت تغمر اإلقليم) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ظل الشيخ عبد القادر ُب بلدتو جيبلف ‪ٙ‬تانية عشر عامان تلقى فيها بعض مبادئ العلوـ‬
‫الشرعية فقصد بغداد حيث كانت عنوانان ‪ٟ‬تضارة علمية‪ ،‬فكانت ‪٣‬تمعان للعلماء كالفبلسفة‪،‬‬
‫كمركزان للفقهاء كالعلماء كاحملدثُت‪ ،‬كمنتدل للشعراء كالكتاب كأصحاب الًتاجم كالسَت كالتاريخ‪،‬‬
‫ك‪٤‬ترابان للزىاد كالصوفية‪ ،‬أمضى الشيخ عبد القادر ُب بغداد أكثر من سبعُت سنة عاصر خبل‪٢‬تا‬
‫‪ٜ‬تسة من ا‪٠‬تلفاء العباسيُت كىم ا‪١‬تستظهر بأمر اهلل كا‪١‬تسًتشد كالراشد كا‪١‬تقتفي ألمر اهلل‬
‫كا‪١‬تستنجد باهلل‪ ،‬ىذه الفًتة اليت كانت مؤلل با‪ٟ‬توادث ا‪٠‬تطَتة حيث كاف الصراع عنيفان بُت‬
‫ا‪٠‬تلفاء العباسيُت كبُت سبلطُت آؿ سلجوؽ الذين كانوا يطمحوف إذل بسط نفوذىم كسيطرهتم‬
‫على الدكلة العباسية‪ ،‬ككثر ُب ىذا الوقت حب الدنيا‪ ،‬كالتكالب على شهواهتا كزخارفها كسيطر‬
‫النفاؽ كا‪ٟ‬تقد‪ ،‬كالغل كا‪ٟ‬تسد‪ ،‬كالكراىية كالبغضاء‪ ،‬إذل غَت ذلك من اآلفات كا‪١‬تفاسد‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -‬فلما رأل الشيخ عبد القادر ىذه اال‪٨‬ترافات‪ ،‬كأدرؾ أف ىذه األمة ْتاجة ملحة إذل دعوة دينية‬
‫ٗتفف من الغلو ُب حب الدنيا‪ ،‬كالشغف بلذاهتا‪ ،‬كاإلقباؿ على مظاىرىا‪ ،‬كتوقظ ُب النفوس‬

‫(ُ)أ‪ٛ‬تد عطية اهلل ‪:‬القاموس اإلسبلمي‪.‬‬


‫‪- 352 -‬‬
‫ركح اإلٯتاف‪ ،‬كتثَت عقيدة اآلخرة‪ ،‬كتدعو إذل ٖتريك القلوب حبان هلل كحده كحنينان إليو كطلبان‬
‫لرضوانو‪.‬‬

‫‪ -‬كمن أجل أف ٭تقق الشيخ عبد القادر ىذه األىداؼ أقبل على طلب العلم هبمة عالية‬
‫كحرص شديد فكاف يتعلم ُب اليوـ ما يتعلمو أقرانو ُب أسبوع فأتقن العلوـ السائدة ُب عصره‬
‫على مشاىَت مشايخ بغداد آف ذاؾ‪ ،‬فحصل علوـ القرآف كاألصوؿ كالفركع كعلم ا‪ٟ‬تديث كقرأ‬
‫األدب كأخذ علوـ التصوؼ عن الشيخ ‪ٛ‬تاد بن مسلم الدباس كعن القاضي ابن سعيد ا‪١‬تخرمي‬
‫الذم لو سلسلة من ا‪١‬تشايخ تصلو بالشبلي فا‪ٞ‬تنيد فالسرم السقطي فمعركؼ الكرخي فداكد‬
‫الطائي فحبيب العجمي فا‪ٟ‬تسن البصرم فأمَت ا‪١‬تؤمنُت علي بن أيب طالب‪ٍ ،‬ب حبب إليو شيخو‬
‫‪ٛ‬تاد الدباس اجملاىدات كالرياضات‪ ،‬كاف ىذا الشيخ قدكة ‪١‬تشايخ بغداد‪ ،‬فقاـ الشيخ عبد القادر‬
‫هبذه اجملاىدات كالرياضات حىت صفا قلبو‪ ،‬كناؿ مراده‪ ،‬كمالت نفسو إذل إرشاد ا‪٠‬تلق إذل ا‪ٟ‬تق‬
‫‪ ‬فسلمو شيخو أبو سعيد مدرستو بباب األزج ببغداد‪ ،‬فقاـ الشيخ عبد القادر با‪١‬تهمة خَت‬
‫قياـ كالقى قبوالن منقطع النظَت من ‪ٚ‬تاىَت بغداد‪ ،‬كأقبل عليو الناس من كل حدب كصوب حىت‬
‫إف ا‪١‬تدرسة ضاقت هبم‪ ،‬فقاـ األغنياء منهم بشراء الدكر كاألماكن اجملاكرة ك٘تت توسعتها‪ ،‬كما‬
‫لبثت أف نسبة إليو‪.‬‬

‫‪( -‬كتصدر هبا للتدريس كاالجتهاد ُب الوعظ مع االجتهاد ُب العلم كالعمل ك‪ٚ‬تع اهلل قلوب‬
‫عباده على حبو‪ ،‬كأ‪٢‬تج ألسنهم بالثناء عليو‪ ،‬كانتهت إليو رئاسة العلم كالًتبية كاإلصبلح كاإلرشاد‬
‫كالدعوة إذل اهلل ‪ ‬بالعراؽ‪ ،‬كقصده الناس من اآلفاؽ‪ ،‬ككاف ٭تضر ‪٣‬تالسو ُب بعض األحياف‬
‫ا‪٠‬تليفة كا‪١‬تلوؾ كالوزراء‪ ،‬فيجلسوف متأدبُت خاشعُت أما العلماء كالفقهاء‪ ،‬فبل يأٌب عليهم حصر‪،‬‬
‫كقد عد ُب بعض ‪٣‬تالسو أربعمائة ‪٤‬تربة) (ُ)‪.‬‬

‫(ُ)الندكم‪ :‬رجاؿ الفكر صِْٓ‪.‬‬


‫‪- 353 -‬‬
‫‪ُ( -‬ب ىذه اجملالس كاف الشيخ يدرس التفسَت كا‪ٟ‬تديث كا‪١‬تذىب كا‪٠‬تبلؼ كاألصوؿ كالنحو‬
‫كيقرأ القرآف بالقراءات ككاف يفيت على مذىيب اإلمامُت (الشافعي كأ‪ٛ‬تد بن حنبل ) ككانت فتواه‬
‫تعرض على علماء العراؽ فتعجبهم) (ُ)‪.‬‬

‫‪( -‬كاف الشيخ عبد القادر يبدأ درسو بذكر آية قرآنية ُب موضوع معُت ٍب يورد األحاديث النبوية‬
‫اليت تعُت على فهمها‪ٍ ،‬ب يذكر أقواؿ السلف الصاحل ُب تفسَتىا ٍب يدرل بدلوه ُب ىذا ا‪١‬توضوع‬
‫ٔتا يثَت إعجاب ا‪ٞ‬تماىَت كيبث فيهم ركح اإلٯتاف كنور اليقُت فيتوب على يديو ألوؼ العصاة‬
‫كا‪١‬تذنبُت كيسلم الكثَت من اليهود كالنصارل) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬توُب الشيخ عبد القادر ُب بغداد ُب رمضاف سنة ُٔٓى ػ ػ ػ ػ ػ ٘توز ُُٕٔـ‪ ،‬كقد جاكز التسعُت‬
‫كقبيل كفاتو سألو ابنو عبد الوىاب النصيحة فقاؿ‪( :‬عليك بتقول اهلل‪ ،‬كال ٗتف أحدان سول اهلل‪،‬‬
‫كال ترجو أحدان سول اهلل‪ ،‬ككل ا‪ٟ‬توائج إذل اهلل‪ ،‬كال تعتمد إال عليو‪ ،‬كاطلبها ‪ٚ‬تيعان منو‪ ،‬كال تثق‬
‫و‬
‫بأحد سول اهلل) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقد صلى عليو كلده عبد الوىاب مع إخوتو كحشد كبَت من تبلمذتو كمريديو كأصحابو‪ٍ ،‬ب‬
‫دفن بركاؽ مدرستو بباب األزج ببغداد‪.‬‬

‫‪ٍ( -‬ب ما دل لبث أف ٖتوؿ ضر٭تو إذل زكايا عظيمة لتخريج رجاالت القادرية‪ ،‬أخذ من تواذل على‬
‫حكم بغداد ُب توسعة ىذه الزكايا كالعناية ُب تزيينها كزخرفتها حىت أضحت مزاران كمعلمان من‬
‫مزارات بغداد كمشاىدىا)(ْ)‪.‬‬

‫(ُ)الشعراين الطبقات جزءُ صُِٕ‬


‫(ِ) ‪٤‬تمد التادُب ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬قبلئد ا‪ٞ‬تواىر صٔ‪.‬‬
‫(ّ) عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين‪ :‬فتوح الغيب على ىامش قبلئد ا‪ٞ‬تواىر صَُّ‪.‬‬
‫(ْ) أسعد صاحب ُب بغية الواجد صَِٗ‪.‬‬
‫‪- 354 -‬‬
‫‪ -‬ترؾ الشيخ عبد القادر عدة مؤلفات ٘تتاز بالدقة العلمية‪ ،‬كالفهم السليم ‪١‬ترامي الشريعة‬
‫اإلسبلمية كالتحليل العميق ‪١‬تشاكل ا‪١‬تسلمُت ُب عصره‪ ،‬كأشهر ىذه ا‪١‬تؤلفات‪:‬‬

‫ُ‪ -‬الغنية لطاليب ا‪ٟ‬تق ‪.‬‬

‫ِ‪ -‬الفتح الرباين كالفيض الر‪ٛ‬تاين‪ ،‬كيضم ا‪١‬تواعظ اليت كاف يلقيها على تبلمذتو ُب مدرستو‬
‫ببغداد‪.‬‬

‫ّ‪ -‬فتوح الغيب مطبوع على ىامش قبلئد ا‪ٞ‬تواىر للتاد‪.‬‬

‫ْ‪ -‬الفيوضات الربانية ُب ا‪١‬تآثر كاألكراد القادرية‪ٚ ،‬تع الشيخ ‪٤‬تمد سعيد القادرم‪.‬‬

‫‪( -‬اشتهر الشيخ عبد القادر ْتسن أخبلقو كعلو ‪٫‬تتو كتواضعو هلل تعاذل كسخائو ككرمو كإيثاره‪،‬‬
‫ككاف ‪٬‬تالس الفقراء كيؤآكلهم ك٭تنو عليهم‪ ،‬كاف ٭تفظ الود‪ ،‬كيتجاكز عن السيئات‪ ،‬كيتفقد من‬
‫غاب من تبلمذتو‪ ،‬كيسأؿ عنهم) (ُ)‪.‬‬

‫‪( -‬كمن تواضعو انو كاف يقف للصغَت كا‪ٞ‬تارية كذلك مع جبللة قدره كعلو منزلتو‪ ،‬كبا‪١‬تقابل دل‬
‫يكن ليقف بباب كزير أك سلطاف طلبان لدنيا أك سعيان كراء جاه أك منفعة) (ِ)‪.‬‬

‫‪( -‬ككاف حنبلي ا‪١‬تذىب لكنو دل يكن متعصبان ألف ‪٫‬تو األكحد الوصوؿ إذل اهلل سبحانو كتعاذل‬
‫كنيل رضوانو‪ ،‬فكاف يقوؿ‪ :‬اترؾ التعصب ُب ا‪١‬تذىب كاشتغل بشيء ينفعك ُب الدنيا‬
‫كاآلخرة)(ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬يصفو العادل ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي فيقوؿ‪:‬‬

‫(ُ)الندكم‪ :‬رجاؿ الفكر صِٓٓ‪.‬‬


‫(ِ)عمر فركخ‪ :‬التصوؼ ُب اإلسبلـ صٕٗ‪.‬‬
‫(ّ)ا‪ٞ‬تيبلين‪ :‬الفتح الرباين صِّ‪.‬‬
‫‪- 355 -‬‬
‫(شيخ العصر‪ ،‬كقدكة العارفُت‪ ،‬كسلطاف ا‪١‬تشايخ‪ ،‬كسيد أىل الطريقة ُب كقتو‪ ،‬صاحب ا‪١‬تقامات‬
‫كالكرامات‪ ،‬كالعلوـ كا‪١‬تعارؼ‪ ،‬كاألحواؿ ا‪١‬تشهورة) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬كيصفو ابن السمعاين‪:‬‬

‫دين‪ ،‬خَته‪ ،‬كثَت الذكر‪ ،‬دائم الفكر‪ ،‬سريع‬


‫(إماـ ا‪ٟ‬تنابلة كشيخهم ُب عصره‪ ،‬فقيو‪ ،‬صاحل‪ ،‬ه‬
‫الدمعة) (ِ)‪.‬‬

‫‪ -‬كقاؿ عنو ابن حجر العسقبلين الشافعي‪:‬‬

‫(كاف فقيهان‪ ،‬زاىدان‪ ،‬عابدان‪ ،‬يتكلم إذل الناس كيرغبهم ُب الزىد كالتوبة‪ ،‬ك٭تذرىم من العقوبة على‬
‫ا‪١‬تعصية‪ ،‬فكاف يتوب على يده من ا‪٠‬تلق ما ال ٭تصى كثرتو‪ ،‬كلو كرامات مستفيضة) (ّ)‪.‬‬

‫‪ -‬كما كصفو اإلماـ النوكم بالعبارات التالية‪:‬‬

‫(‪ٚ‬تيل الصفات‪ ،‬شريف األخبلؽ‪ ،‬كامل األدب كا‪١‬تركءة‪ ،‬كثَت التواضع‪ ،‬دائم البشر‪ ،‬كافر العلم‬
‫كالعقل‪ ،‬شديد االقتفاء لكبلـ الشرع كأحكامو‪ ،‬معظمان ألىل العلم‪ ،‬مكرمان ألرباب الدين‬
‫كالسنة‪ ،‬مبغضان ألىل البدعة كاألىواء‪٤ ،‬تبان ‪١‬تريدم ا‪ٟ‬تق مع دكاـ اجملاىدة كلزكـ ا‪١‬تراقبة إذل ا‪١‬توت‪،‬‬
‫ككاف لو كبلـ عاؿ ُب علوـ ا‪١‬تعارؼ‪ ،‬سخي الكف‪ ،‬كرًن النفس على أ‪ٚ‬تل طريقة) (ْ)‪.‬‬

‫‪ -‬كضع الشيخ عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين ر‪ٛ‬تو اهلل األسس كا‪١‬تبادئ للًتبية الركحية‪ ،‬ككضع بعض‬
‫الصلوات كاألدعية كاألكراد لَتددىا السالكوف‪ ،‬كىي ‪ٚ‬تيعان مستمدة من كتاب اهلل ‪ ‬كمن سنة‬

‫(ُ) ابن رجب‪ :‬الذيل‪ ،‬جزءُ‪ ،‬صَِٓ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪١‬تصدر نفسو كالصفحة نفسها‪.‬‬
‫(ّ)‪٤‬تمد التادُب ا‪ٟ‬تنبلي‪ :‬قبلئد ا‪ٞ‬تواىر صُّٓ‪.‬‬
‫(ْ)ا‪١‬تصدر نفسو‪ :‬صُّٖ‪.‬‬
‫‪- 356 -‬‬
‫رسوؿ اهلل ‪ ،‬فالشيخ عبد القادر من الصوفية ا‪١‬تعتدلُت الذين كرسوا حياهتم للدعوة كاإلٯتاف‪،‬‬
‫كترؾ الفسوؽ كالعصياف‪ ،‬كاإلقباؿ على اهلل ‪ ‬لنيل رضاه‪ ،‬كدل يطلب من مريديو كال تبلميذه‬
‫استعماؿ اآلالت ا‪١‬توسيقية كضرب الشيش كأكل ا‪ٞ‬تمر خبلؿ حلقات الذكر‪ ،‬فهذه األمور من‬
‫البدع اليت أدخلها بعض ا‪١‬تريدين بعد كفاة الشيخ‪.‬‬

‫‪ -‬كلقد دعا الشيخ عبد القادر ر‪ٛ‬تو اهلل إذل اٖتاد القوؿ كالفعل كمعانقة اإلخبلص كتفويض األمر‬
‫هلل كالرضا بقضائو كموافقة الكتاب كالسنة ُب كل حاؿ ككارد كخطرة‪ ،‬كُب ذلك يقوؿ‪:‬‬

‫(اتبعوا كال تبتدعوا‪ ،‬كأطيعوا كال ٗتالفوا‪ ،‬كاصربكا كال ٕتزعوا‪ ،‬كاثبتوا كال ٘تزقوا‪ ،‬كانتظركا كال تيأسوا‪،‬‬
‫كاجتمعوا على األمر كال تفرقوا‪ ،‬كانتبهوا من الذنوب كال تتلطخوا‪ ،‬كعن باب موالكم ال‬
‫تربحوا)(ُ)‪.‬‬

‫‪( -‬كلقد رأل أف ا‪١‬تعركؼ ىو كل ما كافق الكتاب كالسنة كالعقل‪ ،‬كأف ا‪١‬تنكر ىو ما خالف ىذه‬
‫ا‪١‬تصادر)(ِ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬
‫(ّ)‬
‫الطريقة الرفاعية‬
‫‪( -‬مؤسس ىذه الطريقة الشيخ أ‪ٛ‬تد الرفاعي‪ ،‬كىو أبو العباس أ‪ٛ‬تد بن أيب ا‪ٟ‬تسن علي بن ٭تِت‬
‫بن ثابت بن حازـ بن أ‪ٛ‬تد بن علي بن رفاعة الرفاعي ا‪ٟ‬تسيٍت البطائحي ا‪١‬تغريب أصبلن الشافعي‬
‫مذىبان‪ ،‬كرفاعة ىذا ا‪ٝ‬تو حسن ا‪١‬تكي كلقبو رفاعة‪ ،‬ىاجر من مكة إذل ا‪١‬تغرب عاـ(ُّٕىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪/‬‬

‫(ُ) الشعراين الطبقات الكربل‪ ،‬جزءُصُِٗ‪.‬‬


‫(ِ)ا‪ٞ‬تيبلين‪ :‬الغنية جزءُ‪،‬صْٕ‪.‬‬
‫(ّ)انظر‪ :‬د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‪ :‬الطريقة الرفاعية كأعبلمها‪.‬‬
‫‪- 357 -‬‬
‫ِٗٗـ) كىي السنة اليت قتل فيها القرامطة أمَت مكة كقاموا بنهب كىدـ أجزاء من الكعبة‬
‫ا‪١‬تشرفة‪ ،‬كينتهي نسب رفاعة إذل ا‪ٟ‬تسُت بن علي بن أيب طالب‪.‬‬

‫‪ -‬التحق رفاعة بإحدل القبائل العربية بالقرب من إشبيليو باألندلس‪ ،‬كظل أكالده يتناسلوف ىناؾ‬
‫إذل عهد ٭تِت جد الشيخ أ‪ٛ‬تد‪ ،‬فكاف ٭تِت أكؿ قادـ من ىذه األسرة إذل العراؽ حيث كصل‬
‫كعلو ا‪٢‬تمة‪ ،‬تزكج بنت الشيخ حسن‬
‫البصرة عاـ (ْْٓى ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪َُٖٓ /‬ـ)‪ ،‬كقد اشتهر بالزىد‪ٌ ،‬‬
‫النجارم ككلد لو علي أبو ا‪ٟ‬تسن كالد الرفاعي) (ُ)‪.‬‬

‫‪ُ -‬ب عاـ (ََٓى ػ ػ ػ ػ ػ ػ ‪َُُٔ/‬ـ) كلد أ‪ٛ‬تد الرفاعي ُب قرية حسن بالبطائح بالقرب من كاسط‬
‫بالعراؽ‪ ،‬كُب السابعة من عمره توُب كالده ببغداد فكفلو خالو الشيخ منصور البطائحي‪ ،‬كقد‬
‫درس القرآف كحفظو كرتلو على الشيخ عبد السميع ا‪ٟ‬تربوين‪ٍ ،‬ب انتقل مع كالدتو كإخوتو كخالو‬
‫إذل قرية هنر دقلي حيث تتلمذ على الشيخ أيب الفضل علي القارئ الواسطي (كىو من كبار‬
‫ا‪١‬تتصوفة كعلماء زمانو) الذم قاـ بًتبيتو كتأديبو كتعليمو‪ ،‬كما تلقى الفقو على ا‪١‬تذىب الشافعي‬
‫عن الشيخ عبد ا‪١‬تلك ا‪ٟ‬تربوين (فقيو زمانو)‪.‬‬

‫‪ -‬كُب العشرين من عمره أجازه الشيخ أبو الفضل بعلوـ الشريعة كالطريقة كلقبو بأيب العلمُت‬
‫(الظاىر كالباطن)‪.‬‬

‫‪( -‬كُب الثامنة كالعشرين من عمره سلمو خالو منصور مشيخة ركاؽ (أـ ىعبيدة) ‪-‬ككانت زمن‬
‫الرفاعي مأىولة بالسكاف كموقعها ُب البطحاء قرب قضاء الرفاعي من ‪٤‬تافظة الناصرية بالعراؽ‪-‬‬

‫فامتثل أكامر خالو‪ ،‬كأقاـ ُب تلك القرية‪ ،‬أخذ باإلرشاد‪ ،‬فكاف يقرأ ُب كل يوـ صباحان كمساءن‬

‫(ُ)ا‪١‬تصدر نفسو‪.‬‬
‫‪- 358 -‬‬
‫دركس الفقو كالتفسَت كا‪ٟ‬تديث كالعقائد‪ ،‬كما كاف يعظ الناس كل اثنُت ك‪ٜ‬تيس بعد صبلة الظهر‬
‫حيث كاف يقبل على ‪٣‬تالس كعظو ا‪ٞ‬تم الغفَت من الناس) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف إذا جلس على كرسيو ُب الدرس أحاطت بو أئمة العلماء كفحوؿ ا‪٠‬تطباء كا‪١‬ترشدكف‬
‫كالكثَت من ا‪٠‬تواص كالعواـ‪ ،‬فإذا أخذ بالتحدث جرل العلم على لسانو كالبحر ا‪١‬تتدفق فيذىل‬
‫العارفُت بببلغتو كسعة علمو‪ ،‬كٮترس ا‪ٞ‬تامدين كا‪١‬تارقُت بقوة حججو‪ ،‬فاألدباء تأخذ نصيبها من‬
‫فصاحتو‪ ،‬كالعلماء من معارفو‪ ،‬كالفبلسفة من ٖتقيقو كحكمو‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف الرفاعي يقرأ القرآف ك‪٬‬توده على أحسن كجو‪ ،‬كقد أتقن ىذا الفن على شيخو علي‬
‫القارمء الواسطي‪ ،‬ككاف الرفاعي ُب شبابو يتجنب األقراف منصرفان إذل رياضة الذكر ك‪٣‬تاىد النفس‬
‫كتركيضها حىت تًتقى ُب مقامات الطريق (حىت انتهت إليو الرئاسة ُب علوـ الطريق كشرح أحواؿ‬
‫القوـ ككشف مشكبلت منازالهتم‪ ،‬فتخرج بصحبتو ا‪ٞ‬تمع الكثَت كأثٌت عليو العارفوف‪ ،‬كقدمو‬
‫(ِ)‪.‬‬
‫السالكوف)‬

‫‪( -‬كُب عاـ ٓٓٓىػ ػ ػ ػ ػ ػ‪ُُٓٔ /‬ـ قاـ الرفاعي بأداء فريضة ا‪ٟ‬تج مع ‪ٚ‬توع غفَتة من مريديو‪ ،‬ك‪٦‬تا‬
‫يذكره الركاة أنو كقف ٕتاه قرب الرسوؿ ‪ ‬كقاؿ‪ :‬السبلـ عليك يا جدم كأنشد‪:‬‬

‫تقبل األرض عٍت فهػ ػي نائبتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػي‬ ‫ُب حالة البعد ركحي كنت أرسلها‬
‫(ّ)‬
‫فامدد ٯتينك قد ٖتظى هبا شفػيت)‬ ‫كىذه دكلة األشباح قد حضػ ػ ػ ػ ػرت‬

‫‪ -‬كقد قيل أنو حدثت لو حالة ركحية شعر هبا أف النيب قد أخرج يده فقبلها‪.‬‬

‫(ُ)أ‪ٛ‬تد الرفاعي‪ :‬الربىاف ا‪١‬تؤيد صْ‪.‬‬


‫(ِ)عبد ا‪ٟ‬تكيم عبد الباسط‪ٝ :‬تاع كشراب عند أشرؼ األقطاب صَّ‪.‬‬
‫(ّ) أبو ا‪٢‬تدل الصيادم‪ :‬العقد النضيض ُب آداب الشيخ كا‪١‬تريد صْٓ‪.‬‬
‫‪- 359 -‬‬
‫‪( -‬مرض الشيخ أ‪ٛ‬تد الرفاعي مرضان ُب بطنو استمر ‪٨‬تو شهر ٍب توُب ُب الثاين عشر من ‪ٚ‬تادل‬
‫األكذل عاـ ٖٕٓى ػ ػ ػ ػ ػ ُُِٖـ‪ ،‬كدفن بأـ عبيدة ُب قبة جده ألمو) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬ككاف يوـ كفاتو مشهودان إذ احتشدت ا‪ٞ‬تموع لتشييعو من كل ا‪١‬تدف كالقرل كبلغت مراثيو أكثر‬
‫من ألف قصيدة‪ ،‬كقد ترؾ الشيخ الرفاعي ر‪ٛ‬تو اهلل مؤلفات كثَتة كمتنوعة فقد معظمها إباف‬
‫ىجوـ التتار على العراؽ كتدمَتىم للحضارة اإلسبلمية بالعراؽ‪ ،‬كأشهر ما بقي منها‪:‬‬

‫ُ‪ -‬الربىاف ا‪١‬تؤيد‪ :‬كىو عبارة عن ‪٣‬تالس كعظو‪،‬ك قد ‪ٚ‬تعو كدكنو تلميذه شرؼ الدين بن‬
‫الشيخ عبد السميع الواصد‪ ،‬كىو من الكتب ا‪١‬تهمة ُب بياف أصوؿ الطريق الرفاعية‪.‬‬

‫ِ‪ -‬حالة أىل ا‪ٟ‬تقيقة مع اهلل‪ :‬كيتضمن أربعُت ‪٣‬تلسان ُب كل ‪ٜ‬تيس ‪٣‬تلس‪ ،‬كيبدأ الرفاعي‬
‫‪٣‬تلسو بذكر حديث نبوم ٍب يأخذ ُب شرحو ٔتا أكٌب من علوـ الصوفية كأقوا‪٢‬تم مستشهدان‬
‫باآليات القرآنية‪.‬‬

‫ّ‪ -‬ا‪١‬تصباح ا‪١‬تنَت ُب كرد السيد الرفاعي الكبَت‪.‬‬

‫ْ‪ -‬السر ا‪١‬تصوف كىو حزب الرفاعي‪.‬‬

‫ٓ‪ -‬معاين بسم اهلل الر‪ٛ‬تن الرحيم‪.‬‬

‫ٔ‪ -‬تفسَت سورة القدر‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬الطريق إذل اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬كمن أىم مصنفاتو ا‪١‬تفقودة‪ :‬شرحو لكتاب التنبيو أليب إسحاؽ الشَتازم ُب فركع الفقو‬
‫الشافعي‪ ،‬كقد شرحو الرفاعي ُب ستة ‪٣‬تلدات كبَتة‪.‬‬

‫(ُ)الرافعي‪ :‬سواد العينُت صّٖ‪.‬‬


‫‪- 361 -‬‬
‫‪( -‬كدل يسلم الرفاعي من الدس‪ ،‬فقد ٕترأت ‪ٚ‬تاعة من ا‪٠‬تارجُت عن تعاليمو فوضعت كتاب‬
‫الفتح ا‪١‬تبُت‪ ،‬كزعمت أنو من مواعظ الرفاعي ككلماتو ا‪١‬تأثورة‪ ،‬كقد ذكركا فيو أقواالن ال ٯتكن أف‬
‫تصدر عن شيخ ملتزـ بأكامر الشرع ‪٤‬تارب للشطحات كالبدع‪ ،‬كقد حرص ا‪١‬تنصفوف من ا‪١‬تًت‪ٚ‬تُت‬
‫‪ٟ‬تياة الرفاعي على نبذىا كإ‪٫‬تا‪٢‬تا) (ُ)‪.‬‬

‫‪ -‬فقد ذكر اإلماـ أ‪ٛ‬تد الرفاعي ٖتت عنواف الرقص كالسماع ما يلي‪( :‬إًيش أعمل بالسماع‬
‫الذم يرقص فيو الراقص بغَت قلب‪ ،‬ك‪٧‬تاسة النفس لطختو‪ ،‬كيف ٭تسب برقصو كنقصو من‬
‫الذاكرين؟‬

‫بُت ا‪٠‬تبلئق كالقرآف يلعنو‬ ‫كرب و‬


‫تاؿ تبل القرآف ‪٣‬تتهدان‬ ‫ي‬
‫‪ٍ -‬ب قاؿ‪ٝ :‬تى القوـ ا‪٢‬تز بالذكر‪ :‬رقصان أف كارد ا‪٢‬تًزة من الركح‪ ،‬فنسبوا الرقص للركح ال للجسم‪،‬‬
‫طلب ىؤالء حق كطلب ىؤالء ضبلؿ‪.‬‬
‫كإال فأين الراقصوف؟ كأين الذاكركف؟ ي‬
‫شتاف بُت مشرؽ كمغرب‬ ‫سارت مشرقة كسرت مغربان‬
‫(ِ)‬
‫بُت ا‪١‬تلعوف كاحملبوب بوف عظيم‪ ،‬إذا دخلتم ‪٣‬تالس‬ ‫الراقصوف كذابوف‪ ،‬كالذاكركف مذكوركف‬
‫الذكر فراقبوا ا‪١‬تذكور‪ ،‬كا‪ٝ‬تعوا بأذف كاعية)(ّ)‪.‬‬

‫‪( -‬أخذ الرفاعي اإلجازة ُب التصوؼ من شيخو علي القارمء الواسطي كىو من ابن كامخ‬
‫الواسطي‪ ،‬كىو من علي بن تركاف‪ ،‬كىو من أيب علي الركذبارم‪ ،‬كىو من علي العجمي‪ ،‬كىو من‬
‫م السقطي‪ ،‬كىو من‬
‫أيب بكر الشبلي‪ ،‬كىو من أيب القاسم ا‪ٞ‬تنيد البغدادم‪ ،‬كىو من خالو السر ٌ‬

‫(ُ)أبو ا‪٢‬تدل الصيادم‪ :‬التاريخ األكحد صْٖ‪.‬‬


‫(ِ)أم مذكركف عند اهلل تعاذل الذم يقوؿ‪( :‬أذكركين أذكركم)؟‬
‫(ّ) ‪٣‬تموع الفتاكل جزء ِ صِِّ‪.‬‬
‫‪- 361 -‬‬
‫أيب ‪٤‬تفوظ معركؼ الكرخي‪ ،‬كىو من داكد الطائي‪ ،‬كىو من حبيب العجمي‪ ،‬كىو من ا‪ٟ‬تسن‬
‫البصرم‪ ،‬كىو من اإلماـ علي بن أيب طالب‪ ،‬كىو من النيب ‪.)ُ()‬‬

‫‪( -‬كقد تأسى الشيخ أ‪ٛ‬تد الرفاعي ر‪ٛ‬تو اهلل بالرسوؿ الكرًن ‪ ،‬فأخذ عنو األخبلؽ ا‪ٟ‬تميدة‬
‫كالصفات الرحيمة فقد كاف ر‪ٛ‬تو اهلل ىينان لينان‪ ،‬حسن ا‪٠‬تىلق‪ ،‬كرًن ا‪٠‬تيلق حلو ا‪١‬تكا‪١‬تة لطيف‬
‫ا‪١‬تعاشرة ال ٯتلو جليسو ‪ٛ‬توالن لؤلذل كفيان إذا عاىد جوادان من غَت إسراؼ متواضعان من غَت ذلة‬
‫كاظمان للغيظ من غَت حقد أعلم أىل عصره بكتاب اهلل كسنة رسولو‪.‬‬

‫ككاف يعود ا‪١‬ترضى‪ ،‬كيغسل ثياهبم‪ ،‬ك٭تمل إليهم الطعاـ‪ ،‬كيأكل معهم ك‪٬‬تالسهم كيسأ‪٢‬تم‬
‫الدعاء‪ ،‬ككاف ٮترج إذل الطريق ينتظر العمياف حىت إذا جاؤكا أخذ بأيديهم‪ ،‬ككاف يعطف على‬
‫ا‪١‬تسنُت كيوصي هبم خَتان‪ ،‬ككاف يعفو كيصفح عمن يسيء إليو) (ِ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ّ)‬
‫الطريقة الشاذلية‬

‫(ُ)أ‪ٛ‬تد الرفاعي‪ :‬الربىاف ا‪١‬تؤيد صَٕ‪.‬‬


‫(ِ) الشعراين‪ :‬الطبقات الكربل جزءُ صّْ‪.‬‬
‫(ّ)انظر‪ :‬د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‪ :‬الطريقة الشاذلية كأعبلمها‪.‬‬
‫‪- 362 -‬‬
‫‪ -‬تنسب ىذه الطريقة إذل مؤسسها الشيخ علي بن عبد اهلل أيب ا‪ٟ‬تسن الشاذرل ا‪ٟ‬تسٍت‪ ،‬كلد‬
‫ببلدة غمارة القريبة من مدينة سبتة با‪١‬تغرب األقصى عاـ (ّٗٓىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ُُٔٗـ) درس ببلدتو‬
‫العلوـ الدينية فربع فيها‪ٍ ،‬ب أخذت نفسو تتوؽ إذل التعمق ُب ا‪١‬تعارؼ كالعلوـ كالكشوفات‪ ،‬فبدأ‬
‫التفتيش على شيخ خبَت ٔتعادل الطريق‪ ،‬ك‪١‬تا كانت بغداد آنذاؾ مركز ا‪ٟ‬تضارة اإلسبلمية فقد‬
‫قصدىا أبو ا‪ٟ‬تسن علو ‪٬‬تد فيها ضالتو ا‪١‬تنشودة‪ ،‬كىناؾ التقى ٔتشاىَت علمائها كأكليائها ال سيما‬
‫أيب الفتح الواسطي الذم قاؿ فيو أبو ا‪ٟ‬تسن‪١( :‬تا دخلت العراؽ اجتمعت بالشيخ الصاحل أيب‬
‫الفتح الواسطي فما رأيت بالعراؽ مثلو) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬ك‪١‬تا أسر أبو ا‪ٟ‬تسن للواسطي با‪٢‬تدؼ من حضوره للعراؽ أشار عليو بالعودة إذل ببلد ا‪١‬تغرب‬
‫للسلوؾ على الشيخ أيب ‪٤‬تمد عبد السبلـ بن مشيش(ِ)‪ ،‬فرجع أبو ا‪ٟ‬تسن إذل ا‪١‬تغرب حيث‬
‫اتصل بابن مشيش كُب ذلك يقوؿ‪١( :‬تا قدمت عليو‪ ،‬كىو ساكن مغارة برباطو ُب رأس ا‪ٞ‬تبل‪،‬‬
‫ط‬
‫اغتسلت ُب عُت ُب أسفل ا‪ٞ‬تبل كخرجت عن علمي كعملي‪ ،‬كطلعت إليو فقَتان‪ ،‬كإذا بو ىاب ه‬
‫علي فلما رآين قاؿ‪ :‬مرحبا بعلي بن عبد اهلل ‪ .....‬كذكر رل نسيب إذل الرسوؿ ‪ٍ ‬ب قاؿ‪ :‬يا‬
‫علي طلعت إلينا فقَتان عن علمك كعملك كستأخذ منا غٌت الدنيا كاآلخرة‪ ،‬فأخذين منو‬
‫الدىش‪ ،‬كأقمت عنده أيامان إذل أف فتح اهلل على بصَتٌب‪ ،‬كرأيت ‪٢‬تا خرؽ عادات من كرامات‬
‫كغَتىا) (ّ)‪.‬‬
‫‪ -‬كقد ساعده الشيخ ابن مشيش على اجتياز عقبات الطريق كما فيها من مقامات كأحواؿ‬
‫بسهولة كيسر‪ ،‬كما زكده بالعديد من الوصايا اليت هبرتو كجعلتو يقبل على التمسك بالشريعة‬
‫كالفناء ُب ‪٤‬تبة اهلل سبحانو كتعاذل‪ ،‬كلعل أ‪٫‬تها الوصية ا‪ٞ‬تامعة التالية‪( :‬ال تنقل قدميك إال حيث‬

‫(ُ)عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود‪ :‬ا‪١‬تدرسة الشاذلية كإمامها أبو ا‪ٟ‬تسن صِِ‪.‬‬


‫(ِ) كىو صوُب مشهور ُب ا‪١‬تغرب العريب تتلمذ على عبد الر‪ٛ‬تن ا‪١‬تدين ككاف يؤثر العزلة‪.‬‬
‫(ّ)‪٤‬تمد ا‪١‬تدين‪ :‬األنوار القدسية صُّ‪.‬‬
‫‪- 363 -‬‬
‫ترجو ثواب اهلل ‪ ،‬كال ٕتلس إال حيث تأمن من معصية اهلل ‪ ،‬كال تصحب إال من تستعُت‬
‫بو على طاعة اهلل ‪ ،‬كال تصطفي لنفسك إال من تزداد بو يقينان) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كبعد أف أمضى أبو ا‪ٟ‬تسن مدة ُب األخذ عن الشيخ ابن مشيش أمره شيخو بالرحيل إذل بلدة‬
‫شاذلة أكالن‪ٍ ،‬ب إذل تونس فا‪١‬تشرؽ العريب طالبان منو الصرب على ما سيصادفو من ‪٤‬تن كابتبلءات‪،‬‬
‫كقد أكصاه بتنزيو لسانو عن ذكر الناس‪ ،‬كقلبو عن عبادة أصنامهم ك٘تاثيلهم‪ ،‬كدعاه إذل حفظ‬
‫ا‪ٞ‬توارح كأداء الفرائض كتذكَت الناس ْتقوؽ ا‪١‬توذل عليهم‪ ،‬كما أمره بتبلكة الدعاء التارل‪:‬‬
‫(اللهم أرحٍت من ذكر الناس‪ ،‬كمن العوارض من قبلهم‪ ،‬ك‪٧‬تٍت من شرىم‪ ،‬كأى ٍغنًًٍت ٓتَتؾ عن‬
‫خَتىم‪ ،‬كتولٍت با‪٠‬تصوصية من بينهم) (ِ)‪.‬‬
‫‪ -‬ارٖتل أبو ا‪ٟ‬تسن إذل بلدة شاذلة القريبة من تونس فعرؼ من ذلك ا‪ٟ‬تُت بالشاذرل‪ ،‬كعرفت‬
‫طريقتو الصوفية بالشاذلية‪.‬‬
‫‪( -‬اختلى الشاذرل مدة ُب جبل الزعفراف القريب من شاذلة‪٬ ،‬تاىد النفس ُب مغارة بأعلى‬
‫ا‪ٞ‬تبل) (ّ)‪.‬‬
‫‪ُ -‬ب ىذه ا‪١‬تغارة كاف الشاذرل يتضرع إذل ربو ٭تدكه الشوؽ كاحملبة‪ ،‬كيعمر قلبو اليقُت‪ ،‬كىذه‬
‫ا‪٠‬تلوة ضركرية عند أىل الطريق حىت يستكمل ا‪١‬تريد معادل شخصيتو‪ ،‬كبعد ذلك ينطلق إذل‬
‫الدعوة كاإلرشاد تشبهان ٔتا كاف يفعلو النيب ‪ ‬قبل البعثة ُب غار حراء السيما خبلؿ شهر‬
‫رمضاف من كل عاـ‪.‬‬
‫‪ -‬كبعد أف أمضى الشاذرل فًتة ا‪٠‬تلو توجو إذل مدينة تونس حيث أقاـ ُب دار مسجد الببلط مع‬
‫‪ٚ‬تاعة من أتباعو منهم‪ :‬أبو ا‪ٟ‬تسن علي بن ‪٥‬تلوؼ السقلي‪ ،‬أبو عبد اهلل الصابوين‪ ،‬أبو ‪٤‬تمد‬

‫(ُ)حسن ا‪١‬تلطاكم‪ :‬الصوفية ُب إ‪٢‬تامهم صُٖٖ‪.‬‬


‫(ِ) عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود‪ :‬ا‪١‬تدرسة الشاذلية‪ :‬صِٔ‪.‬‬
‫(ّ)‪٤‬تمد ا‪١‬تدين‪ :‬األنوار القدسية صِٕ‪.‬‬
‫‪- 364 -‬‬
‫عبد العزيز الزيتوين‪ ،‬كغَتىم كثَت‪ ،‬كقد التف حولو ا‪١‬تريدكف األمر الذم دفع قاضي ا‪١‬تدينة ابن‬
‫الرباء إذل الدس على الشاذرل لدل سلطاف تونس أيب زكريا‪ ،‬كقد بلغ ىذا الدس ذركتو عندما‬
‫٘تكن الشاذرل من إفحاـ ابن الرباء كغَته من فقهاء تونس الذين ناظركه ُب علوـ التفسَت كالفقو‬
‫كا‪ٟ‬تديث‪ ،‬فما كاف من ابن الرباء إال أف أكغر صدر السلطاف على الشاذرل‪ٍ ،‬ب تأكد السلطاف‬
‫من صدؽ الشاذرل كإخبلصو ُب الدعوة إذل اهلل ‪ ‬فاعتذر لو‪ ،‬ك‪١‬تا عزـ الشاذرل على ترؾ تونس‬
‫ألداء فريضة ا‪ٟ‬تج‪ ،‬حاكؿ السلطاف ثنيو عن عزمو ‪٥‬تافة أف يسمع الناس أف تونس تضيق ذرعان‬
‫باألكلياء كالصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬فوعده الشاذرل بالعودة ‪٣‬تددان إذل تونس‪ ،‬ك‪١‬تا دخل الشاذرل كأصحابو مصر‬
‫ُب طريقهم إذل ا‪ٟ‬تجاز كاف ابن الرباء قد أرسل إذل سلطاف مصر بأنو سيصل إذل دياره من‬
‫يشوش عليو الببلد كما شوش على التونسيُت‪ ،‬لكن السلطاف بعد أف اجتمع بالشاذرل كحادثو‬
‫كأعجب بو دل يأبو ‪٢‬تذه الدعوة بل سارع إذل تكرٯتو كتسهيل مركره مع أصحابو إذل الديار‬
‫ا‪١‬تقدسة‪.‬‬
‫‪ -‬كبعد أداء الفريضة رجع الشاذرل إذل تونس فتتلمذ على يديو عدد كبَت من أبنائها ُب طليعتهم‬
‫أبو العباس ا‪١‬ترسي‪ٍ ،‬ب عاد إذل اإلسكندرية عاـ (ِْٔىػ ػ ػ ػ ػ ػ ‪ُِْْ/‬ـ) عن طريق الساحل ماران‬
‫بطرابلس الغرب‪ ،‬فلما نزؿ اإلسكندرية استقبلو أىلها با‪ٟ‬تفاكة كالتكرًن‪ ،‬كخصص لو السلطاف‬
‫برجان أكقفو عليو كعلى ذريتو من بعده‪ ،‬ىذا الربج كاف ٔتثابة الزاكية ا‪١‬تركزية للشاذلية‪ ،‬كمنو انتشر‬
‫مشايخ ىذه الطريق يؤسسوف الزكايا الشاذلية ُب ‪٥‬تتلف أ‪٨‬تاء العادل اإلسبلمي‪.‬‬
‫‪ -‬كاف الشاذرل ‪٬‬تمع مريديو ُب ىذا الربج كل ليلة إلقامة األذكار كللوعظ كاإلرشاد كعند‬
‫االنتهاء كاف يتوجو إذل خلوتو‪.‬‬
‫‪( -‬كدل يقصر أبو ا‪ٟ‬تسن الشاذرل نشاطو العلمي كالركحي على مدينة اإلسكندرية كحدىا بل كاف‬
‫دائم الرحلة إذل ا‪١‬تدف ا‪١‬تصرية فًتدد على دمنهور‪ٍ ،‬ب زار دمياط كا‪١‬تنصورة‪ ....‬كتردد كثَتان على‬

‫‪- 365 -‬‬


‫القاىرة‪ُ ،‬ب كل ىذه ا‪١‬تدف كاف الشيخ يعقد حلقاتو ا‪١‬تعتادة للدرس كالوعظ لتفقيو الناس ُب أمور‬
‫دينهم كلنشر مبادئو كدعوتو) (ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬أصيب الشاذرل عاـ (ْٔٔى ػ ػ ػػ‪ُِْٖ /‬ـ) بانكفاؼ البصر لكثرة مطالعتو كانصرافو‬
‫إذل الدرس‪ ،‬لكن ذلك دل يدفعو إذل تغيَت عادتو حيث كاف يؤدم فريضة ا‪ٟ‬تج عامان‬
‫كيقيم آخر‪ ،‬كعندما كاف ٭تج كاف تبلمذتو ُب شىت أ‪٨‬تاء العادل ‪٬‬تتمعوف بو ُب ا‪ٟ‬تجاز‬
‫ليشكل منهم كفد الشاذلية‪.‬‬

‫‪( -‬كُب عاـ (ٔٓٔى ػ ػ ػ ػ ػ ػ‪ُِٖٓ /‬ـ) انطلق كفد الشاذلية ألداء فريضة ا‪ٟ‬تج كُب إحدل‬
‫ليارل شهر شواؿ من العادل ذاتو ‪ٚ‬تع أصحابو كأكصاىم بأمور كثَتة كما أكصاىم ْتفظ‬
‫كترداد أحزابو‪ٍ ،‬ب اختلى بالشيخ أيب العباس ا‪١‬ترسي‪ ،‬كأكعز إذل أصحابو بأف أبا العباس‬
‫سيكوف خليفتو ُب مشيخة الطريقة من بعده‪ ،‬كبات الشاذرل ُب ذكر اهلل كالتضرع إليو‬
‫حىت كقت السحر فسكت كظن ا‪ٞ‬تميع أنو قد ناـ فكلموه فلم يتكلم فحركوه فلم‬
‫يتحرؾ فوجدكه ميتان فدفنوه ْتميثرا‪ُ ،‬ب برية عيذاب ُب كاد على طريق الصعيد‪ ،‬كقد‬
‫أكمل الوفد بعد مراسم الدفن طريقو إذل ا‪ٟ‬تج برئاسة خليفتو ا‪١‬ترسي) (ِ)‪.‬‬

‫‪( -‬كاف الشاذرل يرتدم الثياب ا‪ٟ‬تسنة على غَت عادة معظم الصوفية كما كاف يتناكؿ‬
‫الطعاـ الشهي كيشرب ا‪١‬تاء البارد ألنو ٘تسك بقاعدة‪ :‬اعرؼ اهلل ٍب كن كيف شئت‪،‬‬
‫ككاف فصيح اللساف عذب الكبلـ ال ٯتلو السامع‪ ،‬حافظان للقرآف الكرًن‪ ،‬متبعان للسنة‬

‫(ُ)‪ٚ‬تاؿ الدين الشياؿ‪ :‬أعبلـ اإلسكندرية ُب العصر اإلسبلمي صَُٖ‪.‬‬


‫(ِ) ابن ا‪١‬تلقن‪ :‬طبقات األكلياء صْٗٓ‪.‬‬
‫‪- 366 -‬‬
‫النبوية‪ ،‬متقنان للعلوـ الدينية باإلضافة إذل العلوـ الصوفية‪ ،‬كدل يكن ليقبل ا‪١‬تريد مادل‬
‫يتبحر ُب العلوـ الشرعية ك‪٬‬تتاز مناظراهتا بنجاح‪.‬‬

‫ككاف جوادان كرٯتان يسعى جهده ُب قضاء حوائج الناس‪ ،‬كالتخفيف من ىك ٍط ًء ا‪١‬تصائب‬
‫كالكوارث اليت تنزؿ هبم‪ ،‬فكاف يًتدد إذل األمراء كالوالة شافعان كمدافعان‪.‬‬
‫كاف يعمل ُب ا‪ٟ‬ترث كالغرس كا‪ٟ‬تصاد كتربية ا‪١‬تاشية حيث يأخذ ما ٭تتاج إليو ٍب‬
‫يتصدؽ بالباقي على الفقراء كاحملتاجُت‪ ،‬ككاف عا‪١‬تان كرعان‪ْ ،‬تران عميق الغور‪ ،‬كمربيان ‪٦‬تتازان‪،‬‬
‫تتلمذ على يديو صفوة رجاؿ الفكر كالعلم‪ ،‬كأسس أعظم مدرسة فكرية ُب اجملتمعات‬
‫الصوفية) (ُ)‪.‬‬
‫‪( -‬دل يًتؾ الشاذرل كتبان بالرغم من اىتمامو بالعلم كمطالعتو الكثَتة كفقهو ُب ‪٥‬تتلف ‪٣‬تاالتو‪،‬‬
‫(دلى ال تضع كتابان ُب الداللة على اهلل‪ ،‬كعلى علوـ القوـ؟ أجاب‪ :‬كتيب‬ ‫كعندما سأؿ مرة‪ً :‬‬

‫أصحايب) فقد اعترب تربية ا‪١‬تريدين أفضل من تأليف الكتب‪ ،‬كتدكين ا‪١‬تصنفات‪ ،‬كمع ذلك فقد‬
‫(ِ)‬
‫كأدعية ركاىا عنو مريدكه كالعلماء‬ ‫ترؾ الشاذرل ثركة عظيمة من حكم ككصايا كأحزاب‬
‫كنشركىا ُب كتب الصوفية) (ّ)‪.‬‬

‫(ُ) عبد اهلل اليافعي‪ :‬مرآة ا‪ٞ‬تناف جزءْ صُْٔ‪.‬‬


‫(ِ) ا‪ٟ‬تزب‪ :‬دعاء يعرب بو الصوفية عن خلجاهتم كخواطرىم كىو غَت ‪٥‬تصوص بوقت بل يقرأه الصوُب مىت‬
‫شاء ككيفما أراد‪.‬‬
‫(ّ) فاطمة اليشركطية‪ :‬رحلة إذل ا‪ٟ‬تق ْٖ‪.‬‬
‫‪- 367 -‬‬
‫‪( -‬كقد تفرعت الشاذلية إذل عدة فركع منها‪ :‬القا‪ٝ‬تية‪ ،‬كا‪١‬تدنية‪ ،‬كالسوالمية‪ ،‬كالقاكقجية‪،‬‬
‫كالفيضية‪ ،‬كاإلدريسية‪ ،‬كا‪ٞ‬توىرية‪ ،‬كالوفائية‪ ،‬كالعزمية‪ ،‬كا‪ٟ‬تامدية‪ ،‬كاحملمدية‪ ،‬كا‪٢‬تامشية إذل غَت‬
‫ذلك‪ ،‬كىي ٖتمل أ‪ٝ‬تاء مشاىَت مشاٮتها كاجملددين فيها)(ُ)‪.‬‬
‫‪ -‬كما زالت الطريقة الشاذلية تنتشر ُب العادل اإلسبلمي إذل زماننا ا‪ٟ‬تاضر‪ ،‬كينتسب إليها العديد‬
‫من كبار العلماء كاألكلياء كالصا‪ٟ‬تُت‪ ،‬من أشهرىم‪ :‬ابن عطاء اهلل السكندرم(ِ)‪ ،‬كجبلؿ الدين‬
‫عبد الر‪ٛ‬تن السيوطي(ّ)‪ ،‬كالشيخ عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود(ْ)‪.‬‬

‫‪  ‬‬

‫(ُ) أبو الوفا‪ :‬مدخل إذل التصوؼ اإلسبلمي صِِْ‪.‬‬


‫(ِ) توُب (َٕٗى ػ ػ ػ ػ ػ ػ َُّٗـ)‪.‬‬
‫(ّ) توُب (ُُٗىػ ػ ػ ػ ػ َُٓٓـ)‪.‬‬
‫(ْ) شيخ األزىر ا‪١‬تشهور توُب (َُُْى ػ ػ ػ ػ ػ ػ َُٗٗـ)‪.‬‬
‫‪- 368 -‬‬
‫المراجع والمصادر‬
‫القرآف الكرًن‬ ‫ُ‪-‬‬

‫البخارم‪ ،‬مسلم‪ ،‬أ‪ٛ‬تد‪ ،‬الًتمذم‪،‬‬ ‫ِ‪ -‬كتب األحاديث النبوية‪:‬‬

‫النسائي‪ ،‬ابن ماجو‪....‬‬

‫(القرطيب‪ ،‬ابن كثَت‪ ،‬ا‪٠‬تازف‪،‬‬ ‫ّ‪ -‬كتب التفاسَت ا‪١‬تتعددة‬

‫الرازم‪ ،‬البغوم‪.)..‬‬

‫القزكيٍت‬ ‫ْ‪ -‬آثار الببلد كأخبار العباد‪:‬‬

‫الطرباين‬ ‫ٓ‪ -‬أحسن احملاسن‪:‬‬

‫أبو حامد الغزارل‬ ‫ٔ‪ -‬إحياء علوـ الدين‪:‬‬

‫ا‪١‬تاكردم‬ ‫ٕ‪ -‬أدب الدنيا كالدين‪:‬‬

‫الشاطيب‬ ‫ٖ‪ -‬االعتصاـ‪:‬‬

‫الرازم‬ ‫ٗ‪ -‬اعتقادات فرؽ ا‪١‬تسلمُت كا‪١‬تشركُت‪:‬‬

‫الزركلي‬ ‫َُ‪ -‬األعبلـ‪:‬‬

‫‪ٚ‬تاؿ الدين الشياؿ‬ ‫ُُ‪ -‬أعبلـ اإلسكندرية ُب العصر اإلسبلمي‪:‬‬

‫ابن قيٌ ًم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ُِ‪ -‬إغاثة اللهفاف من مصائد الشيطاف‪:‬‬

‫د‪٤.‬تمد سليماف األشقر‬ ‫ُّ‪ -‬أفعاؿ الرسوؿ كداللتها على األحكاـ التشريعية‪:‬‬

‫‪- 369 -‬‬


‫ابن ماكوال‬ ‫ُْ‪ -‬اإلكماؿ‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد صديق الغمارم‬ ‫ُٓ‪ -‬االنتصار لطريق الصوفية‪:‬‬

‫‪٤‬تمد ا‪١‬تدين‬ ‫ُٔ‪ -‬األنوار القدسية‪:‬‬

‫النوكم‬ ‫ُٕ‪ -‬اإليضاح كاجملموع‪:‬‬

‫ابن عجيبة‬ ‫ُٖ‪ -‬إيقاظ ا‪٢‬تمم ُب شرح ا‪ٟ‬تكم‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد فريد‬ ‫ُٗ‪ -‬البحر الرائق‪:‬‬

‫ابن ‪٧‬تيم‬ ‫َِ‪ -‬البحر الرائق ُب الزىد كالرقائق‪:‬‬

‫ابن كثَت‬ ‫ُِ‪ -‬البداية كالنهاية‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد الرفاعي‬ ‫ِِ‪ -‬الربىاف ا‪١‬تؤيد‪:‬‬

‫ابن ا‪ٞ‬توزم‬ ‫ِّ‪ -‬بستاف الواعظُت كرياض السامعُت‪:‬‬

‫أسعد صاحب‬ ‫ِْ‪ -‬بغية الواجد‪:‬‬

‫عبد البارم الندكم‬ ‫ِٓ‪ -‬بُت التصوؼ كا‪ٟ‬تياة‪:‬‬

‫د‪.‬حسن إبراىيم حسن‬ ‫ِٔ‪ -‬تاريخ اإلسبلـ‪:‬‬

‫عبد الر‪ٛ‬تن ا‪ٞ‬تيبلين‬ ‫ِٕ‪ -‬تاريخ ا‪ٞ‬تزائر العاـ‪:‬‬

‫أبو عبد الر‪ٛ‬تن السلمي‬ ‫ِٖ‪ -‬تاريخ أىل التصوؼ‪:‬‬

‫أبو ا‪١‬تدل‬ ‫ِٗ‪ -‬التاريخ األكحد‪:‬‬

‫‪- 371 -‬‬


‫جبلؿ الدين السيوطي‬ ‫َّ‪ -‬تأييد ا‪ٟ‬تقيقة العلية‪:‬‬

‫ا‪١‬تباركفورم‬ ‫ُّ‪ٖ -‬تفة األحوذم بشرح جامع الًتمذم‪:‬‬

‫ِّ‪ٖ -‬تفة احملبُت كاألصحاب ُب معرفة‬

‫األنصارم‬ ‫ما ‪١‬تدنيُت من أنساب‪:‬‬

‫‪٤‬تمد شيت خطاب‬ ‫ّّ‪ -‬تدابَت القدر‪:‬‬

‫الذىيب‬ ‫ّْ‪ -‬تذكرة ا‪ٟ‬تفاظ‪:‬‬

‫د‪٤ .‬تمد شيخاين‬ ‫ّٓ‪ -‬الًتبية الركحية‪:‬‬

‫حامد إبراىيم ‪٤‬تمد صقر‬ ‫ّٔ‪ -‬تصدير كتاب نور التحقيق‪:‬‬

‫عمر فركخ‬ ‫ّٕ‪ -‬التصوؼ اإلسبلمي‪:‬‬

‫أبو بكر ‪٤‬تمد الكبلباذم‬ ‫ّٖ‪ -‬التعرؼ ‪١‬تذىب أىل التصوؼ‪:‬‬

‫‪٤‬تمد أمُت الكردم‬ ‫ّٗ‪ -‬تنوير القلوب‪:‬‬

‫َْ‪ -‬التوسل أنواعو كأحكامو نقلو عيد‬

‫الشيخ ناصر األلباين‬ ‫العباسي كقاؿ إهنا مقاالت عػ ػ ػ ػ ػ ػن‪:‬‬

‫مصطفى ا‪ٟ‬تمصي‬ ‫ُْ‪ -‬الثقافة النبوية‪:‬‬

‫الثعاليب‬ ‫ِْ‪ٙ -‬تار القلوب من ا‪١‬تضاؼ كا‪١‬تنسوب‪:‬‬

‫‪٤‬تمد الغزارل‬ ‫ّْ‪ -‬ا‪ٞ‬تانب العاطفي من اإلسبلـ‪:‬‬

‫‪- 371 -‬‬


‫الكمشخانلي‬ ‫ْْ‪ -‬جامع األصوؿ‪:‬‬

‫ْٓ‪ -‬جامع العلوـ كا‪ٟ‬تكم بشرح ‪ٜ‬تسُت‬

‫ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‬ ‫حديثان مػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن جػ ػ ػ ػوامػ ػ ػ ػ ػ ػع الكػ ػ ػ ػل ػ ػ ػم‪:‬‬

‫الكمشخانلي‬ ‫ْٔ‪ -‬ا‪ٞ‬تامع ألحكاـ القرآف‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ْٕ‪ -‬جبلء األفهاـ‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ْٖ‪ -‬ا‪ٞ‬تواب الكاُب‪:‬‬

‫ابن عابدين‬ ‫ْٗ‪ -‬حاشية ابن عابدين‪:‬‬

‫ابن عابدين‬ ‫َٓ‪ -‬حاشية رد احملتار‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد الرفاعي‬ ‫ُٓ‪ -‬حالة أىل ا‪ٟ‬تق‪:‬‬

‫النبهاين‬ ‫ِٓ‪ -‬حجة اهلل على العا‪١‬تُت‪:‬‬

‫عبد اجمليد ا‪٠‬تاين‬ ‫ّٓ‪ -‬ا‪ٟ‬تدائق الوردية ُب حقائق أجبلء النقشبندية‪:‬‬

‫‪٤‬تمد سليماف‬ ‫ْٓ‪ -‬ا‪ٟ‬تديقة الندية‪:‬‬

‫عبد القادر عيسى‬ ‫ٓٓ‪ -‬حقائق عن التصوؼ‪:‬‬

‫أبو سعيد التونسي‬ ‫ٔٓ‪ -‬حقيقة التصوؼ‪:‬‬

‫أبو اليسر عابدين‬ ‫ٕٓ‪ -‬حكايا الصوفية‪:‬‬

‫أبو نعيم األصبهاين‬ ‫ٖٓ‪ -‬حلية األكلياء‪:‬‬

‫‪- 372 -‬‬


‫احمليب‬ ‫ٗٓ‪ -‬خبلصة األثر ُب أعياف القرف ا‪ٟ‬تادم عشر‪:‬‬

‫أبو حامد الغزارل‬ ‫َٔ‪ -‬خبلصة التصانيف ُب التصوؼ‪:‬‬

‫ُٔ‪ -‬دائرة معارؼ الشعب‬

‫‪٤‬تمد أ‪ٛ‬تد القاسي‬ ‫ِٔ‪ -‬الدر الثمُت كالورد ا‪١‬تعُت‪:‬‬

‫ا‪ٟ‬تصفكي‬ ‫ّٔ‪ -‬الدر ا‪١‬تختار كعليو حاشية ابن عابدين‪:‬‬

‫ْٔ‪ -‬الذيل على صفات ا‪ٟ‬تنابلة على تر‪ٚ‬تة ابن القيم‪ :‬ابن رجب ا‪ٟ‬تنبلي‬

‫أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‬ ‫ٓٔ‪ -‬رجاؿ الفكر كالدعوة ُب اإلسبلـ‪:‬‬

‫فاطمة اليشركطية‬ ‫ٔٔ‪ -‬رحلة إذل ا‪ٟ‬تق‪:‬‬

‫أبو القاسم القشَتم‬ ‫ٕٔ‪ -‬الرسالة القشَتية‪:‬‬

‫النوكم‬ ‫ٖٔ‪ -‬رسالة ا‪١‬تقاصد‪:‬‬

‫ابن عابدين‬ ‫ٗٔ‪ -‬رسائل ابن عابدين‪:‬‬

‫احملاسيب‬ ‫َٕ‪ -‬رسائل ا‪١‬تسًتشدين‪:‬‬

‫‪٤‬تمد خالد ثابت‬ ‫ُٕ‪ -‬الرضا‪:‬‬

‫ابن أيب الدنيا‬ ‫ِٕ‪ -‬الرضا عن اهلل بقضائو‪:‬‬

‫أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‬ ‫ّٕ‪ -‬ركائع إقباؿ‪:‬‬

‫ابن القيم‬ ‫ْٕ‪ -‬زاد ا‪١‬تعاد‪:‬‬

‫‪- 373 -‬‬


‫عبد ا‪ٟ‬تكيم عبد الباسط‬ ‫ٕٓ‪ٝ -‬تاع كشراب عند أشرؼ األقطاب‪:‬‬

‫الرافعي‬ ‫ٕٔ‪ -‬سواد العينُت‪:‬‬

‫الذىيب‬ ‫ٕٕ‪ -‬سَت أعبلـ النببلء‪:‬‬

‫األصبهاين‬ ‫ٖٕ‪ -‬سَت السلف الصاحل‪:‬‬

‫عبد ا‪ٟ‬تي ا‪ٟ‬تنبلي‬ ‫ٕٗ‪ -‬شذرات الذىب‪:‬‬

‫‪٤‬تمد ناصر األلباين‬ ‫َٖ‪ -‬شرح العقيدة الطحاكية‪:‬‬

‫نقبلن عن ا‪١‬توسوعة اليوسفية‬ ‫ُٖ‪ -‬شرح كلمات الصوفية‪:‬‬

‫شرح مبل علي القارم‬ ‫ِٖ‪ -‬الشفاء للقاضي عياض‪:‬‬

‫أبو الفضل عياض البحصيب‬ ‫ّٖ‪ -‬الشفا بتعريف حقوؽ ا‪١‬تصطفى‪:‬‬

‫ابن أيب الدنيا‬ ‫ْٖ‪ -‬الصرب كالثواب عليو‪:‬‬

‫حسن ا‪١‬تلطاكم‬ ‫ٖٓ‪ -‬الصوفية إ‪٢‬تامهم‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ٖٔ‪ -‬طب القلوب‪:‬‬

‫ابن ا‪١‬تلقن‬ ‫ٕٖ‪ -‬طبقات األكلياء‪:‬‬

‫ابن أيب يعلى‬ ‫ٖٖ‪ -‬طبقات ا‪ٟ‬تنابلة‪:‬‬

‫ابن سعد البصرم‬ ‫ٖٗ‪ -‬الطبقات الكربل‪:‬‬

‫ابن ا‪١‬تعتز‬ ‫َٗ‪ -‬طبقات الشعراء‪:‬‬

‫‪- 374 -‬‬


‫السلمي‬ ‫ُٗ‪ -‬طبقات الصوفية‪:‬‬

‫أبو سعيد ا‪٠‬تراز‬ ‫ِٗ‪ -‬الطريق إذل اللٌو‪:‬‬

‫د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‬ ‫ّٗ‪ -‬الطريقة الرفاعية كأعبلمها‪:‬‬

‫د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنيقة‬ ‫ْٗ‪ -‬الطريقة الشاذلية كأعبلمها‪:‬‬

‫د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنقية‬ ‫ٓٗ‪ -‬الطريقة القادرية كأعبلمها‪:‬‬

‫د‪٤.‬تمد أ‪ٛ‬تد درنقية‬ ‫ٔٗ‪ -‬الطريقة النقشبندية كأعبلمها‪:‬‬

‫الذىيب‬ ‫ٕٗ‪ -‬العرب ُب خرب من غرب‪:‬‬

‫ابن القيم‬ ‫ٖٗ‪ -‬عدة الصابرين‪:‬‬

‫ابن عبد ربو األندلسي‬ ‫ٗٗ‪ -‬العقد الفريد‪:‬‬

‫أبو ا‪٢‬تدل الصيادم‬ ‫ََُ‪ -‬العقد النضيد ُب آداب الشيخ كا‪١‬تريد‪:‬‬

‫السبكي‬ ‫َُُ‪ -‬العهد الوثيق ‪١‬تن أراد سلوؾ أحسن الطريق‪:‬‬

‫اإلماـ السهركدم‬ ‫َُِ‪ -‬عوارؼ ا‪١‬تعارؼ‪:‬‬

‫شرح مبل علي القارم‬ ‫َُّ‪ -‬عُت العلم كزين العلم‪:‬‬

‫ابن قتيبة ال ٌدنيورم‬ ‫َُْ‪ -‬عيوف األخبار‪:‬‬

‫السفاريٍت‬ ‫َُٓ‪ -‬غذاء األلباب ُب شرح منظومة اآلداب‪:‬‬

‫عبد القادر ا‪ٞ‬تيبلين‬ ‫َُٔ‪ -‬الغنية‪:‬‬

‫‪- 375 -‬‬


‫ابن حجر‬ ‫َُٕ‪ -‬الفتاكل ا‪ٟ‬تديثة‪:‬‬

‫‪٤‬تمد عبد الوىاب‬ ‫َُٖ‪ -‬فتاكل كرسائل‪:‬‬

‫ا‪ٞ‬تيبلين‬ ‫َُٗ‪ -‬الفتح الرباين‪:‬‬

‫ا‪ٞ‬تيبلين‬ ‫َُُ‪ -‬فتوح الغيب على ىامش قبلئد ا‪ٞ‬تواىر‪:‬‬

‫ابن عريب‬ ‫ُُُ‪ -‬الفتوحات ا‪١‬تكية‪:‬‬

‫ابن مفلح‬ ‫ُُِ‪ -‬الفركع‪:‬‬

‫العبلمة العدكم‬ ‫ُُّ‪ -‬الفقو ا‪١‬تالكي‪:‬‬

‫‪٤‬تمد بن شاكر الكتيب‬ ‫ُُْ‪ -‬فوات الوفيات‪:‬‬

‫ا‪١‬تناكم‬ ‫ُُٓ‪ -‬فيض القدير‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد عطية اهلل‬ ‫ُُٔ‪ -‬القاموس اإلسبلمي‪:‬‬

‫كؿ ديوارنت تر‪ٚ‬تة ‪٤‬تمد بدراف‬ ‫ُُٕ‪ -‬قصة ا‪ٟ‬تضارة‪:‬‬

‫‪٤‬تمد التداُب ا‪ٟ‬تنبلي‬ ‫ُُٖ‪ -‬قبلئد ا‪ٞ‬تواىر‪:‬‬

‫أبو طالب ا‪١‬تكي‬ ‫ُُٗ‪ -‬قوت القلوب‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد زركؽ الفاسي‬ ‫َُِ‪ -‬قواعد التصوؼ‪:‬‬

‫ابن األثَت‬ ‫ُُِ‪ -‬الكامل ُب التاريخ‪:‬‬

‫أبو ‪٤‬تمد ا‪٠‬تبلؿ‬ ‫ُِِ‪ -‬كرامات األكلياء‪:‬‬

‫‪- 376 -‬‬


‫العجلوين‬ ‫ُِّ‪ -‬كشف ا‪٠‬تفاء كمزيل اإللباس‪:‬‬

‫حاجي خليفة‬ ‫ُِْ‪ -‬كشف الظنوف‪:‬‬

‫‪٥‬تلف العلي القادرم‬ ‫ُِٓ‪ -‬الكنوز النورانية القادرية‪:‬‬

‫ابن حجر‬ ‫ُِٔ‪ -‬لساف ا‪١‬تيزاف‪:‬‬

‫عبد الوىاب الشعراين‬ ‫ُِٕ‪ -‬لطائف ا‪١‬تنن كاألخبلؽ‪:‬‬

‫أبو الفرج ا‪ٞ‬توزم‬ ‫ُِٖ‪ -‬صفة الصفوة‪:‬‬

‫السائح علي حسُت‬ ‫ُِٗ‪ -‬حملات من التصوؼ كتارٮتو‪:‬‬

‫أبو نصر السراج الطوسي‬ ‫َُّ‪ -‬اللمع‪:‬‬

‫السفاريٍت‬ ‫ُُّ‪ -‬لوامع األنوار اإل‪٢‬تية‪:‬‬

‫أبو األعلى ا‪١‬تودكدم‬ ‫ُِّ‪ -‬مبادئ اإلسبلـ‪:‬‬

‫د‪.‬أ‪ٛ‬تد علوش‬ ‫ُّّ‪٣ -‬تلة العشرة احملمدية‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد قبش‬ ‫ُّْ‪٣ -‬تمع ا‪ٟ‬تكم كاألمثاؿ‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد بن تيمية‬ ‫ُّٓ‪٣ -‬تموعة الفتاكل‪:‬‬

‫ابن أيب الدنيا‬ ‫ُّٔ‪٤ -‬تاسبة النفس‪:‬‬

‫الراغب األصفهاين‬ ‫ُّٕ‪٤ -‬تاضرات األكلياء‪:‬‬

‫ابن منظور‬ ‫ُّٖ‪٥ -‬تتصر تاريخ دمشق‪:‬‬

‫‪- 377 -‬‬


‫ابن قدامة ا‪١‬تقدسي‬ ‫ُّٗ‪٥ -‬تتصر منهاج القاصدين‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫َُْ‪ -‬مدارج السالكُت‪:‬‬

‫أبو الوفا التفتنازم‬ ‫ُُْ‪ -‬مدخل إذل التصوؼ اإلسبلمي‪:‬‬

‫أبو ا‪ٟ‬تسن عبد ا‪ٟ‬تليم ‪٤‬تمود‬ ‫ُِْ‪ -‬ا‪١‬تدرسة الشاذلية كإمامها‪:‬‬

‫‪٤‬تمد سلماف‬ ‫ُّْ‪ -‬ا‪١‬تدينة الندية‪:‬‬

‫عبد اهلل اليافعي‬ ‫ُْْ‪ -‬مرآة ا‪ٞ‬تناف‪:‬‬

‫أبو ا‪ٟ‬تسن الندكم‬ ‫ُْٓ‪ -‬ا‪١‬تسلموف ُب ا‪٢‬تند‪:‬‬

‫عبلء الفاسي‬ ‫ُْٔ‪ -‬مطالع ا‪١‬تسرات كدالئل ا‪٠‬تَتات‪:‬‬

‫ابن قتيبة‬ ‫ُْٕ‪ -‬ا‪١‬تعارؼ‪:‬‬

‫ا‪ٟ‬تبيب علي ا‪ٞ‬تفرم‬ ‫ُْٖ‪ -‬معادل السلوؾ‪:‬‬

‫‪٤‬تمود أبو الفيض ا‪١‬تنوم‬ ‫ُْٗ‪ -‬معادل الطريق إذل اهلل‪:‬‬

‫ياقوت ا‪ٟ‬تموم‬ ‫َُٓ‪ -‬معجم البلداف‪:‬‬

‫عمر كحالة‬ ‫ُُٓ‪ -‬معجم ا‪١‬تؤلفُت‪:‬‬

‫أبو عبيد األندلسي‬ ‫ُِٓ‪ -‬معجم ما استعجم‪:‬‬

‫الشيخ بكر أبو زيد‬ ‫ُّٓ‪ -‬معجم ا‪١‬تناىي كمعو فوائد ُب األلفاظ‬

‫ابن عجيبة‬ ‫ُْٓ‪ -‬معراج التشوؼ إذل حقائق التصوؼ‪:‬‬

‫‪- 378 -‬‬


‫عبد الوىاب سبكي‬ ‫ُٓٓ‪ -‬معيد النعم كمبيد النقم‪:‬‬

‫تاج الدين ابن عطاء السكندرم‬ ‫ُٔٓ‪ -‬مفتاح الفبلح ُب ذكر الكرًن الفتاح‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ُٕٓ‪ -‬مفتاح دار السعادة‪:‬‬

‫ابن خلدكف‬ ‫ُٖٓ‪ -‬مقدمة ابن خلدكف‪:‬‬

‫أبو بكر الرازم‬ ‫ُٗٓ‪ -‬منارات السائلُت‪:‬‬

‫عبد اهلل الدىلوم‬ ‫َُٔ‪ -‬منحة الر‪ٛ‬تن‪:‬‬

‫الغزارل‬ ‫ُُٔ‪ -‬ا‪١‬تنقذ من الضبلؿ‪:‬‬

‫‪٤‬تمد فايز ا‪١‬تط‬ ‫ُِٔ‪ -‬من كنوز اإلسبلـ‪:‬‬

‫ُّٔ‪ -‬موقف أئمة ا‪ٟ‬تركة السلفية‬

‫عبد ا‪ٟ‬تفيظ مكي‬ ‫كالصوفية‪:‬‬ ‫من التصوؼ‬

‫أ‪ٛ‬تد الشليب‬ ‫ُْٔ‪ -‬موسوعة التاريخ اإلسبلمي‪:‬‬

‫‪٤‬تمود ‪ٛ‬تدم زقزكؽ‬ ‫ُٓٔ‪ -‬موسوعة التصوؼ اإلسبلمي‪:‬‬

‫الناشر‪ :‬كزارة الثقافة ا‪١‬تصرية‬ ‫ُٔٔ‪ -‬موسوعة الًتاث اإلنسانية‪:‬‬

‫اإلماـ الذىيب‬ ‫ُٕٔ‪ -‬ميزاف االعتداؿ‪:‬‬

‫أبو حامد الغزارل‬ ‫ُٖٔ‪ -‬ميزاف العمل‪:‬‬

‫ابن تغرم بردم‬ ‫ُٗٔ‪ -‬النجوـ الزاىرة من ملوؾ مصر كالقاىرة‪:‬‬

‫‪- 379 -‬‬


‫اليافعي‬ ‫َُٕ‪ -‬نشر احملاسن الغالية‪:‬‬

‫ُُٕ‪ -‬النصرة النبوية على ىامش‬

‫مصطفى إ‪ٝ‬تاعيل ا‪١‬تدين‬ ‫شرح الرائية للفاسي‪:‬‬

‫أنور ا‪ٞ‬تندم‬ ‫ُِٕ‪ -‬نوابغ الفكر اإلسبلمي‪:‬‬

‫حامد صفر‬ ‫ُّٕ‪ -‬نور التحقيق‪:‬‬

‫األلباين‬ ‫ُْٕ‪ -‬ىدية العارفُت‪:‬‬

‫أ‪ٛ‬تد حسُت كعكو‬ ‫ُٕٓ‪ -‬ىكذا تكلم األكلياء كالصا‪ٟ‬توف‪:‬‬

‫ابن قيم ا‪ٞ‬توزية‬ ‫ُٕٔ‪ -‬الوابل الصيب من الكلم الطيب‪:‬‬

‫الصفدم‬ ‫ُٕٕ‪ -‬الواُب بالوفيات‪:‬‬

‫احملاسيب‬ ‫ُٖٕ‪ -‬الوصايا‪:‬‬

‫‪٤‬تمد ياسر القضماين‬ ‫ُٕٗ‪ -‬كقفات مع سلفنا الصاحل‪:‬‬

‫‪٤‬تمد االسكندرم‬ ‫َُٖ‪ -‬كىو يتوذل الصا‪ٟ‬تُت‪:‬‬

‫الشعراين‬ ‫ُُٖ‪ -‬اليواقيت كا‪ٞ‬تواىر‪:‬‬

‫‪  ‬‬

‫‪- 381 -‬‬


‫مؤلفات المربي الدكتور محمد خير فاطمة‬
‫أولً‪ -‬منشورات دار الخير‪:‬‬

‫ُ‪ -‬اآلداب اإلسبلمية للناشئة ثبلثة أجزاء ا‪ٞ‬تزء األكؿ (ا‪١‬ترحلة االبتدائية) ا‪ٞ‬تزء الثاين‬
‫(ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف)‪.‬‬ ‫(ا‪١‬ترحلة اإلعدادية) ا‪ٞ‬تزء الثالث (ا‪١‬ترحلة الثانوية)‬
‫ِ‪ -‬اآلداب اإلسبلمية للناشئة ‪٣‬تلد (للوالدين كالدعاة) (ٯتكن توزيعو ىدية ‪٢‬تم)‪.‬‬
‫ّ‪ -‬األخبلؽ اإلسبلمية للناشئة ثبلثة أجزاء ا‪ٞ‬تزء األكؿ (ا‪١‬ترحلة االبتدائية) ا‪ٞ‬تزء الثاين‬
‫(ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف)‪.‬‬ ‫(ا‪١‬ترحلة اإلعدادية) ا‪ٞ‬تزء الثالث (ا‪١‬ترحلة الثانوية)‬
‫ْ‪ -‬األخبلؽ اإلسبلمية للناشئة ‪٣‬تلد (للوالدين كالدعاة) (ٯتكن توزيعو ىدية ‪٢‬تم)‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬منهج اإلسبلـ ُب تربية عقيدة الناشئ (ٖتتاجو كل أسرة ُب تربية أبنائها)‪.‬‬
‫داع ُب‬
‫ٔ‪ -‬منهج اإلسبلـ ُب تزكية النفس (يػي ىع ٌد منهجان ُب الًتبية كالتوجيو ٭تتاجو كل و‬
‫تربية من يدعوىم كما ٭تتاجو كل مسلم ُب تزكيتو لنفسو)‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬ا‪ٞ‬تواىر اإلٯتانية (جزءاف ُب ‪٣‬تلد) (للخطباء كا‪١‬تدرسُت كالدعاة)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬الزكاج ا‪١‬تبارؾ (لكل ر و‬
‫اغب ُب أف يكوف زكاجو مباركان‪ ،‬كىو من أفضل الكتب اليت‬
‫توزع ُب مناسبات الزكاج)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬تعلم مع أكيس الفقو (تعليم األطفاؿ مبادئ الفقو اليت ٭تتاجوهنا أك تعليم الوالدين‬
‫مبادئ الفقو األساسية ألكالدىم) (ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف)‪.‬‬
‫داع‬
‫َُ‪ -‬الربنامج اليومي للمسلم ا‪ٟ‬تق (قي كل شؤكف دينو كديناه كآخرتو ٭تتاجو كل و‬
‫لًتبية من يدعوه كما ٭تتاجو كل مسلم يرسم لنفسو برنا‪٣‬تان إٯتانيان)‪.‬‬
‫‪- 381 -‬‬
‫كداع)‪.‬‬
‫ُُ‪ -‬معرفة اهلل (الطريق ‪١‬تعرفة اهلل ‪ ‬عقبلن كقلبان ٭تتاجو كل مسلم و‬
‫ُِ‪ -‬الوصايا القيمة لكل فتاة مؤمنة (يرسم الطريق الصحيح الذم ‪٬‬تب أف تسَت عليو‬
‫الفتاة ا‪١‬تؤمنة ُب حياهتا) (ٯتكن توزيعو على الطالبات كتدريسو من قبل ا‪١‬تشرفات كما‬
‫‪٢‬تن ُب ا‪١‬تناسبات ا‪١‬تختلفة)‪.‬‬
‫ٯتكن تقدٯتو ىدية ٌ‬
‫ُّ‪ -‬االعًتاؼ با‪ٞ‬تميل ‪ٚ‬تيل (دعوة لئلحساف إذل اآلخرين كرد ا‪ٞ‬تميل عليو) (ٯتكن‬
‫تقدٯتو ىدية ُب مناسبات متعددة كعيد األـ كعيد ا‪١‬تعلم)‪.‬‬
‫ُْ‪ -‬رسالة من ا‪١‬تيت للمعزين (يصلح أف يوزع ُب التعازم)‪.‬‬
‫ُٓ‪ -‬رسالة العشر األخَت من رمضاف (ٯتكن توزيعو ُب شهر رمضاف)‪.‬‬
‫ُٔ‪ -‬عمرة تقدر بالعمر (جزءاف) (٭تتاجو كل من أراد أف يؤدم عمرة ال تنسى)‪.‬‬
‫ُٕ‪ -‬أدعية مكة (٭تتاجو كل من أراد أف يؤدم عمرة ُب مواقف الدعاء)‪.‬‬

‫‪- 382 -‬‬


‫ثانياً‪ -‬منشورات دار العصماء‪:‬‬

‫ُ‪ -‬أكالدم قرة عيٍت (٭تتاجو كل من الوالدين ألنو يرسم الطريقة ا‪١‬تثلى ُب تربية األبناء‬
‫من مرحلة ا‪ٟ‬تمل إذل هناية ا‪١‬تراىقة)‪.‬‬
‫داع كمسلم للرد على كثَت من الشبهات)‪.‬‬
‫ِ‪ -‬اتباع ال ابتداع (٭تتاجو كل و‬
‫ّ‪ -‬ا‪١‬تولد النبوم اتباع ال ابتداع (يرد على كل الشبو اليت تتعلق باالحتفاؿ با‪١‬تولد‬
‫النبوم) (ٯتكن تقدٯتو ىدية ُب مناسبات ا‪١‬تولد)‪.‬‬
‫ْ‪ -‬األمل (يضع األمل الفسيح ُب قلب ا‪١‬تسلم ُب مواجهة الصعاب كالعقبات)‬
‫(ٯتكن توزيعو ُب مناسبات األفراح أك عيادة ا‪١‬ترضى)‪.‬‬
‫ٓ‪ -‬إذل ا‪ٟ‬تبيب خذكين (ز ياد من أراد أف يزكر النيب ‪ُ ‬ب ا‪١‬تدينة ا‪١‬تنورة كالربنامج ا‪١‬تثارل‬
‫الذم ‪٬‬تب أف يطبق ىناؾ)‪.‬‬
‫ٔ‪ -‬ميتة حسب الطلب (ٯتكن أف يوزع ُب مناسبات التعزية)‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬دعاء اإلفطار (ٖتتاجو كل أسرة ُب شهر رمضاف ُب دعائها عند اإلفطار)‬
‫(ٯتكن توزيعو على األرحاـ كاألقارب كا‪ٞ‬تَتاف كُب ‪٣‬تالس الدعوة ُب شهر رمضاف)‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬بادر كاغتنم (دعوة لضركرة اغتناـ دقائق ا‪ٟ‬تياة بأفضل ا‪ٟ‬تسنات)‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬رسالة ك و‬
‫لياؿ عشر (برنامج ا‪١‬تسلم ُب األياـ العشر األكائل من ذم ا‪ٟ‬تجة) (ٯتكن‬
‫توزيعو على األرحاـ كاألقارب كا‪ٞ‬تَتاف كُب ‪٣‬تالس الدعوة ُب ىذه ا‪١‬تناسبة)‪.‬‬
‫َُ‪ -‬دليل العمرة (٭تتاجو من أراد أف يؤدم عمرة مقبولة مثالية)‪.‬‬
‫ُُ‪ -‬دليل ا‪ٟ‬تج (٭تتاجو من أراد أف يؤدم ا‪ٟ‬تج على أعلى مستول)‪.‬‬

‫‪- 383 -‬‬


‫ُِ‪ -‬رحلة ا‪ٟ‬تج على بصَتة (٭تتاجو من أراد أف يؤدم ا‪ٟ‬تج ليتعرؼ على الربنامج‬
‫ا‪ٟ‬تقيقي ا‪١‬تنفذ ُب رحلة ا‪ٟ‬تج دكف التباس أك خداع)‪.‬‬
‫ُّ‪ -‬الوسائل التعليمية (يفيد كل معلم ُب ‪ٚ‬تيع مراحل التعليم)‪.‬‬

‫‪- 384 -‬‬


‫الفهرس‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫مقدمة‬
‫الباب األول‪ :‬المدخل إلى علم التصوف‪:‬‬

‫ٔ‪ -‬ما علم التصوف؟‬


‫ٕ‪ -‬تعريف التصوف‪.‬‬
‫ٖ‪ -‬اشتقاق اسم التصوف‪.‬‬
‫ٗ‪ -‬نشأة علم التصوف‪.‬‬
‫٘‪ -‬ارتباط التصوف بالشريعة‪.‬‬
‫‪ -ٙ‬ما السبب في أن التصوف لم يظهر‬
‫إل بعد عهد الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫‪ -ٚ‬موقف السلف الصالح من التصوف‪.‬‬
‫‪ -ٛ‬موقف أئمة الحركة السلفية من التصوف‪.‬‬
‫‪ -ٜ‬التصوف المفترى عليو‪.‬‬
‫ٓٔ‪ -‬أىمية التصوف‪.‬‬

‫‪- 385 -‬‬


‫ٔٔ‪ -‬حاجتنا إلى التصوف‪.‬‬
‫ٕٔ‪ -‬منهج التصوف‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬أنواع التصوف‬


‫ٔ‪ -‬التصوف السني‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬التصوف البدعي‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬التصوف الفلسفي‪.‬‬

‫الشطح‪.‬‬

‫الباب الثالث‪:‬السلوك في طريق التصوف‬


‫ٔ‪ -‬البحث عن العالم المربي‪ ,‬والمرشد المزكي‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬مصاحبة عباد اهلل الصالحين وأوليائو المقربين‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬أداء الفرائض بكمالها و التقرب إلى اهلل بنوافلها‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬اإلكثار من ذكر اهلل في كل األحوال‬

‫مع الصالة على النبي ‪.‬‬

‫٘‪ -‬السعي على سالمة القلب و صالحو‬

‫‪ -ٙ‬التزام المقامات واألحوال التي تُـبّلِغو‬

‫الطريق وتدلو عليو‪.‬‬

‫‪- 386 -‬‬


‫الباب الرابع‪ :‬أىم المقامات و األحوال‬
‫التوبة‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫المحاسبة‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫المحبة‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫التقوى‬ ‫ٗ‪-‬‬

‫اإلخالص‬ ‫٘‪-‬‬

‫الستقامة‬ ‫‪-ٙ‬‬

‫الزىد‬ ‫‪-ٚ‬‬

‫الرضا‬ ‫‪-ٛ‬‬

‫الشكر‬ ‫‪-ٜ‬‬

‫ٓٔ‪ -‬الصبر‬

‫أبحاث في التصوف‬
‫ٌ‬ ‫الباب الخامس‪:‬‬
‫أولياء اهلل‪.‬‬ ‫ٔ‪-‬‬

‫كرامات األولياء‪.‬‬ ‫ٕ‪-‬‬

‫التوسل‪.‬‬ ‫ٖ‪-‬‬

‫(حسب وفاتهم)‬ ‫الباب السادس‪ :‬من أعالم التصوف‬


‫ٔ‪ -‬الحسن البصري‪(.‬ت ٓٔٔىـ ـ ـ ـ ــ)‬

‫‪- 387 -‬‬


‫ٕ‪ -‬إبراىيم بن أدىم‪(.‬تٔ‪ٔٙ‬ىـ ـ ــ‪ٚٚٛ /‬م)‬

‫ٖ‪ -‬الفضيل بن عياض‪( .‬ت‪ٔٛٚ‬ى ـ ـ ــ‪ٖٛٓ/‬م)‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬شقيق البلخي‪( .‬ت ٗ‪ٜٔ‬ىـ ـ ــ‪ٛٔٓ/‬م)‬

‫٘‪ -‬بشر الحافي‪( .‬ت ‪ٕٕٚ‬ى ـ ـ ــ‪ٛٗٔ/‬م)‬

‫‪ -ٙ‬حاتم األصم‪( .‬ت‪ٕٖٚ‬ىـ ـ ـ ــ‪ٛ٘ٔ/‬م)‬

‫‪ -ٚ‬سري السقطي‪( .‬ت ٖٕ٘ىـ ـ ـ ـ ــ‪ٛٙٚ/‬م)‬

‫‪ -ٛ‬أبو يزيد البسطامي‪( .‬ت ٔ‪ٕٙ‬ى ـ ـ ـ ـ ــ‪ٛٚ٘/‬م)‬

‫‪ -ٜ‬الجنيد بن محمد‪(.‬ت‪ٕٜٚ‬ى ـ ـ ـ ـ ــ‪ٜٔٓ /‬م)‬

‫ٓٔ‪ -‬محمد الغزالي‪( .‬تٕٓ٘ىـ ـ ـ ـ ـ ــ)‬

‫الباب السابع‪ :‬أىم الطرق الصوفية‬


‫ٔ‪ -‬الطريقة النقشبندية‪.‬‬

‫ٕ‪ -‬الطريقة القادرية‪.‬‬

‫ٖ‪ -‬الطريقة الرفاعية‪.‬‬

‫ٗ‪ -‬الطريقة الشاذلية‪.‬‬

‫المراجع والمصادر‪.‬‬

‫مؤلفات المربي الدكتور محمد خير فاطمة‪.‬‬

‫‪- 388 -‬‬

You might also like