Professional Documents
Culture Documents
التصوف
طريق التزكية و اإلحسان
تأليف المربي
د .محمد خير فاطمة
النعيمي الحسيني
-1-
اٟتمد هلل رب العا١تُت ،كالصبلة على سيد ا١ترسلُت سيدنا ٤تمد كعلى آلو كصحبو أٚتعُت
كبعد:
فإف ا١تسلم ٭تار ُب أمره عندما ٬تد الصراع قويان بُت أصحاب التصوؼ كا١تعادين ٢تم من علماء
اإلسبلـ ،فهؤالء ٬تعلوف التصوؼ جزءان ىامان من اإلسبلـ ،كأكلئك ٬تعلونو بدعة كخركجان عن
الدين ،فأيهم يصدؽ ،كبأيهم يقتدل؟
إف ا١تسلم الذم يتتب يع ىذا األمر كيقوـ بدراستو دراسة منهجية دقيقة علمية ٬تد أف التصوؼ إ٪تا
ىو اختصاص ُب ركن ىاـ من أركاف الًتبية اإلسبلمية أال كىو فقو الباطن كما ٝتٌاه علماء الشريعة،
أك الًتبية الركحية كما ٝتٌاه علماء الًتبية ،أك التزكية كما ٝتٌاه القرآف الكرًن ،أك اإلحساف كما ٝتٌاه
النيب العدناف .
كلو أف أىل التصوؼ ٝتوا اختصاصهم ُب تربية النفوس كتزكيتها لتبلغ مق ىاـ اإلحساف تسميةى
القرآف الكرًن أك تسمية السنة الشريفة ،لكفونا مشاؽ تلك اٟتَتة كالدراسة كلكفونا ىذا الصراع
الذم ال طائل منو كال فائدة.
ففي عهد الصحابة دل يكن ىناؾ حاجة ١تثل ىذه التسميات االختصاصية فقد كاف الصحابة
يتلقوف اإلسبلـ متكامبلن من النيب عن طريق القرآف الكرًن ،كسنتو الشريفة ،إذل أف جاء عهد
كم ٍن بعدىم كأخذ العلماء بالتخصص ُب فركع اإلسبلـ من فقو كتفسَت كحديث كلغة
التابعُت ى
-2-
كغَت ذلك ،فكاف أف قاـ أناس بالتخصصُ ،ب تزكية النفس كتطهَت القلب كالتمسك بأخبلؽ
اإلسبلـ كسلوكو كآدابو.
كلعل انتساب بعض اٞتاىلُت كا١تغرضُت أك ا١تنتفعُت أك الدجالُت أك غَتىم من أصحاب األىواء
ا٠تاصة إذل أىل التصوؼ كعلمائهم كظهور إساءاهتم الكثَتة ،جعل بعض العلماء كا١تسلمُت
يعادكف أىل التصوؼ نتيجة لذلك .كىذا خطأ فاحش ػ
فليس من اٟتق كالعدؿ إصدار حكم على أم ٚتاعة بالنظر إذل تصرفات بعض أفرادىا الذين ال
يعربكف عنها التعبَت الصحيح ،كإ٪تا إصدار اٟتكم ٬تب أف يكوف على اآلراء كاألفكار كاالعتقاد
كالسلوؾ كاألخبلؽ اليت تطرحها تلك اٞتماعة ،كتعمل كفق مقتضاىا.
كا١تتمعن ُب التصوؼ كما يدعو إليو ُب حقيقتو كجوىره٬ ،تد أنو من الضركرم التمسك بو كتبٍت
طرائقو ليتم للمسلم إسبلمو ،فالتصوؼ يػي ٍعٌت ّتانب ىاـ من جوانب اإلسبلـ كىو اٞتانب
العاطفي الركحي النفسي ،يػي ٍعٌت ّتانب الفقو الباطٍت كتزكية النفس كالركح كالقلب ،جانب
ليكمل
األخبلؽ كالسلوؾ كىو جانب ىاـ كأساسي ُب اإلسبلـ ال ٯتكن االستغناء عنو أبدان ي
إسبلـ ا١تسلم كإٯتانو ،كليصل إذل أحد أركاف الدين كىو اإلحساف.
أولً -مدخبلن إذل علم التصوؼ أبُت فيو بعض ا١تواضيع ا٢تامة اليت تتعلق بالتصوؼ ليتعرؼ
عليها القارئ.
-3-
ثانياً -ذكرت بعض ا١تواضيع ا٢تامة ا١تتعلقة ُب سلوؾ ىذا العلم ليطلع عليها القارئ كيفهم
ا١تقصود منها ،كيسعى إذل تطبيقها كسلوكها ،ليصل إذل الغاية ا١ترجوة من التصوؼ ا١تتمثلة ُب
تزكية النفس كهتذيبها كالوصوؿ هبا إذل مقاـ اإلحساف.
أما العلم اٟتقيقي بالتصوؼ كالتطبيق العملي لو ،كسلوؾ مسالكو ،كمعرفة طرقو ،كالوصوؿ إذل
ٙتاره ككمالو ،فقد كتبت فيو كتابان آخر ٝتيتو تسمية القرآف تفاديان للقيل كالقاؿ كىو
أرجو من اللٌو القبوؿ ،كرضا النيب الرسوؿ كسركر أىل التصوؼ كالنقوؿ.
المؤلف
-4-
الباب األول:
المدخل إلى علم التصوف
ٔ -ما علم التصوف؟.
ٕ -تعريف التصوف.
ٖ -اشتقاق اسم التصوف.
ٗ -نشأة علم التصوف.
٘ -ارتباط التصوف بالشريعة.
-ٙما السبب في أن التصوف لم يظهر إل بعد عهد الصحابة والتابعين؟
-ٚموقف السلف الصالح من التصوف.
-ٛموقف أئمة الحركة السلفية من التصوف.
-ٜالتصوف المفترى عليو.
ٓٔ -أىمية التصوف.
ٔٔ-حاجتنا إلى التصوف.
-5-
ما علم التصوف؟
ُ) قاؿ ابن عجيبة(ُ)رٛتو اللٌو تعاذل:
(ىو علم يعرؼ بو كيفية السلوؾ إذل حضرة ملك ا١تلوؾ ،كتصفية البواطن من الرذائل ،كٖتليتها
بأنواع الفضائل ،كأكلو علم ،كأكسطو عمل ،كآخره موىبة)(ِ).
ِ) كقاؿ القاضي شيخ اإلسبلـ زكريا األنصارم(ّ) رٛتو اللٌو تعاذل:
(التصوؼ علم تيعرؼ بو أحواؿ تزكية النفوس ،كتصفية األخبلؽ ،كتعمَت الظاىر كالباطن ،لنيل
السعادة األبدية)(ْ).
ّ) كقاؿ الشيخ أٛتد زركؽ الفاسي(ٓ) رٛتو اللٌو:
(التصوؼ علم قصد إلصبلح القلوب ،كإفرادىا للٌو تعاذل عما سواه)(ٔ).
ْ) كقاؿ العبلمة حاجي خليفة:
ىو علم يعرؼ بو كيفية ترقي أىل الكماؿ من النوع اإلنساين ُب مدارج سعاداهتم(ٕ).
(ُ)(ابن عجيبة) :أٛتد بن ٤تمد بن ا١تهدم ،اٟتسٍت األ٧ترم مفسر صوُب من أىل ا١تغرب.مدفوف ببلدة
أ٧ترة (بُت طنجة كتطواف توُب (ُِِْ ق = َُٖٗ ـ) لو كتب كثَتة [األعبلـ للزركلي].
(ِ) ابن عجيبة :معراج التشوؼ إذل حقائق التصوؼ صْ.
(ّ)(زكريا األنصارم) :قاض مفسر ،من حفاظ اٟتديث.كلد ُب سنيكة (بشرقية مصر) كتعلم ُب القاىرة
ككف بصره كلو كتب عديدة توُب (ِٔٗ ق َُِٓ /ـ) [األعبلـ للزركلي].
(ْ) القشَتم:على ىامش الرسالة القشَتية صٕ.
(ٓ)(أٛتد زركؽ) :صوُب ،فقيو ،مالكي٤ ،تدث لو كتب متعددة .كلد بفاس ،كتوُب بتكرين (ٖٗٗ
ق ُّْٗ/ـ)[ .معجم ا١تؤلفُت لعمر كحالة].
(ٔ) أٛتد زركؽ الفاسي :قواعد التصوؼ ،قاعدة ُّ ،صٔ.
(ٕ) حاجي خليفة :كشف الظنوف ،جُ ،صُّْػُْْ.
-6-
ٍب قاؿ:
معركؼ
ي إال أخو فطنة باٟتق علم ليس يعرفو علم التصوؼ ه
مكفوؼ
ي ككيف يشهد ضوءى الشمس كليس يعرفو من ليس يشهده
(ُ)
مكفوؼ
ي فيقوؿ: الشعر من
مكفوؼببيت التصوؼ علم ٓ) كيعرؼ ابن ذكواف
من كدرات النفس ُب ا١تواطن علم بو تصفية البواطن ه
(ِ)
-قاؿ العبلمة ا١تنجورم ُب شرح ىذا البيت( :التصوؼ علم يعرؼ بو كيفية تصفية الباطن من
كدرات النفس أم عيوهبا كصفاهتا ا١تذمومة كالغل كاٟتقد كاٟتسد كالغش كحب الثناء كالكرب
كالرياء كالغضب كالطمع كالبخل كتعظيم األغنياء كاالستهانة بالفقراء ،ألف علم التصوؼ يطلع
على العيب كالعبلج ككيفيتو ،فبعلم التصوؼ ييتوصل إذل قطع عقبات النفس كالتنزهً عن أخبلقها
ا١تذمومة كصفاهتا ا٠تبيثة ،حىت يتوصل إذل ٗتلية القلب عن غَت اللٌو تعاذل ،كٖتليتو بذكر اللٌو
تعاذل)(ّ).
ٔ) كقاؿ أبو اٟتسن بن أيب ذر(ْ) ُب كتابو (منهاج الدين) أنشدكنا للشبلي(ٓ):
(ُ)(ابن ذكواف) أٛتد بن عبد اهلل بن ذكواف ،أبو العباس :قاضي القضاة باألندلس .كاله ا١تنصور بن أيب
عامر القضاء بقرطبة .توُب(ُّْ ق َُِِ /ـ) [األعبلـ للزركلي].
(ِ)علي بن ٤تمد بن عبد اهلل ا١تنجورم البلخي العادل احملدث ٝتع مالكا كشعبة ذكره ا٠تليلي ُب اإلرشاد
كقاؿ ثقة[.لساف ا١تيزاف :ابن حجر]
(ّ)مصطفى إٝتاعيل ا١تدين :النصرة النبوية على ىامش شرح الرائية للفاسي ،صِٔ.
(ْ)ابن أيب ذر :الشيخ العادل الصدكؽ أبو مكتوـ عيسى بن اٟتافظ الكبَت أيب ذر عبد بن أٛتد األنصارم،
األنصارم ،ا٢تركمٍ ،ب السركم ،توُب (َّٓىػ ػ ػػ) عن عمر يناىز ثبلث كتسعُت سنة[.سَت أعبلـ النببلء:
للذىيب]
(ٓ)(الشبلي) ٤تمد بن عبد اهلل الشبلي الدمشقي ،أبو عبد اهلل ،بدر الدين بن تقي الدين :فاضل متفنن.
من فقهاء اٟتنفية.كلد بدمشق ،ككاف أبوه (قيم الشبلية كىي قرية ّتانب ٝترقند) فيها .كرحل إذل القاىرة،
ككرل قضاء طرابلس الشاـ كاستمر ُب القضاء إذل أف توُب هبا(ٕٗٔ ق ُّٕٔ/ـ)[.األعبلـ للزركلي]
-7-
ىربيويب ٝتاكم ىس ًٍتي علم علم التصوؼ علم ال نفاد لو
ً (ُ)
صوصي أىل اٞتىزالىة كالصنع ا٠تي ي يعرفها لؤلرباب فوائد فيو
ا٠تصوصي ٕ) كقاؿ ابن خلدكف(ِ) ُب مقدمتو:
( كىذا العلم ػ يعٍت التصوؼ ػ من العلوـ الشرعية اٟتادثة ُب ا١تلة ،كأصلو أف طريقة ىؤالء القوـ دل
تزؿ عند سلف األمة ككبارىا من الصحابة كالتابعُت كمن بعدىم طريقةى اٟتق كا٢تداية ،كأصلها
العكوؼ على العبادة ،كاالنقطاع إذل اللٌو تعاذل ،كاإلعراض عن زخرؼ الدنيا كزينتها ،كالزىد ُب
ما يقبل عليو اٞتمهور من لذة ماؿ كجاه ،كاالنفراد عن ا٠تلق كا٠تلوة للعبادة ،ككاف ذلك عامان ُب
الصحابة كالسلف :فىػلى ٌما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده ،كجنح الناس إذل
٥تالطة الدنيا ،اختص ا١تقبلوف على العبادة باسم الصوفية كا١تتصوفة)(ّ).
ٖ) كقاؿ العبلمة الشيخ ٤تمد أمُت الكردم(ْ):
(كاعلم أف التصوؼ كيقاؿ لو علم الباطن من أجل العلوـ قدران ،كأعظمها ٤تبلن كفخران ،كأسناىا
مشسان كبدران ،كقد فضل اللٌو أىلو على الكافة من عباده بعد رسلو كأنبيائو صلوات اللٌو كسبلمو
(ُ) أبو بكر ٤تمد الكبلباذم :التعرؼ ١تذىب أىل التصوؼ ،صٖٖ.
(ِ)ابن خلدكف :ىو عبد الرٛتن ٤تمد بن ٤تمد بن اٟتسن ،أبو زيد ،اٟتضرمي ،األشبيلي األصل التونسي
ٍب القاىرم ،ا١تالكي ،ا١تعركؼ بابن خلدكف .عادل ،أديب ،مؤرخ ،اجتماعي ،حكيم .ككرل ُب مصر قضاء
ا١تالكية .كأخذ الفقو عن قاضي اٞتماعة ابن عبد السبلـ كغَته .توُب َٖٖ( :ىػ) من تصانيفو :العرب كديواف
ا١تبتدأ كا٠ترب ُب أياـ العرب كالعجم كالرببر كىو ا١تعركؼ بتاريخ ابن خلدكف،كشرح الربدة"[.األعبلـ للزركلي]
(ّ) مقدمة ابن خلدكف صِّٗ.
بلي الكردم :عادل صوُب كاعظ ،من أىل إربل .تعلم لكردم) ٤تمد أمُت بن فتح اهلل اإلر ٌ
(ْ)(٤تمد أمُت ا ٌ
باألزىر كتوُب بالقاىرة .لو كتب عديدة .توُب( ُِّّ ق ُُْٗ /ـ) [األعبلـ للزركلي]
-8-
عليهم ،كجعل قلوهبم معدف األسرار ،كاختصهم من بُت األمة بطوابع األنوار ،فهم الغياث
للخلق ،كالدائركف ُب عموـ أحوا٢تم مع اٟتق)(ُ).
ٍب يقوؿ( :كفضلو أنو أشرؼ العلوـ لتعلقو ٔتعرفة اللٌو تعاذل كحبو كىي أفضل على اإلطبلؽ،
كنسبتو إذل غَته من العلوـ أنو أص هل ٢تا كشرط فيها إذ ال علم كال عمل إال بقصد التوجو إذل اللٌو
فنسبتو ٢تا كالركح للجسد)(ِ).
-من ىذه األقواؿ ٧تد أف التصوؼ علم قائم بذاتو كىو من أشرؼ العلوـ ،كىو علم ٮتتص بعلم
الباطن كفقهو ،كإصبلح القلب كتزكيتو ،كتطهَت النفس كهتذيبها ،كيسعى إذل الوصوؿ إذل مقاـ
اإلحساف ،ك يستحسن ىنا أف نستشهد بقوؿ األستاذ عبد البارم الندكم (ّ):
(فإف أىب شخص أف يعًتؼ بالتصوؼ كعلم بعينو ،كفن بذاتو ،فىلً ىم ال ينفر كيشمئز من
ا١تصطلحات الدينية األخرل من تفسَت كمفسر ،كٕتويد ك٣تود ،ككبلـ كمتكلم ،كغَتىا) (ْ).
(ُ)السهركردم :العبلمة ،الفيلسوؼ ا١تنطقي ،شهاب الدين ٭تِت بن حبش بن أمَتؾ السهركردم ،كاف
يتوقد ذكاء .بارعا ُب أصوؿ الفقو ،فصيحا .لو عدة مصنفات.توُب سنة (ٕٖٓى ػ ػ ػػ)[ .سَت أعبلـ النببلء]
(ِ) يوسف خطار ٤تمد :ا١توسوعة اليوسفية ُب بياف أدلة الصوفية ،صّٖ.
(ّ)اٛتد زركؽ :اٛتد بن اٛتد بن ٤تمد بن عيسى الربلسي ،الفاسي ،ا١تالكي ،الشهَت بزركؽ (شهاب
الدين أبو الفضل)صوُب ،فقيو٤ ،تدث .كلد بفاس ،كتوُب ُب تكرين (ٖٗٗ قُّْٗ/ـ)[ .معجم ا١تؤلفُت:
عمر كحالة]
(ْ) أٛتد زركؽ الفاسي :قواعد التصوؼ ،القاعدة الثانية.
(ٓ) أبو اليسر عابدين :حكايا الصوفية صِٓػِٔ.
(ٔ) عبد الوىاب سبكي :معيد النعم كمبيد النقم ،صْٗ.
- 11 -
ّـ وقال أبو الحسن الشاذلي رحمو اللّو تعالى:
كقاؿ أيضان:
(التصوؼ تصفية القلب عن موافقة الربية ،كمفارقة األخبلؽ الطبيعية ،كإٜتاد الصفات البشرية،
ك٣تانبة الدكاعي النفسية ،كمنازلة الصفات الركحانية ،كالتعلق بالعلوـ اٟتقيقية ،كاستعماؿ ما ىو
أكذل على األبدية ،كالنصح ٞتميع األمة ،كالوفاء للٌو على اٟتقيقة ،كاتباع الرسوؿ ُ ب
الشريعة)(ْ).
-كأقوؿ :كبعد أف تربيت على ً
يد أشياخ التصوؼ اٟتقيقيُت ،كسلكت مسلكهم ُب تربية نفسي
كأنٍػ يف ً
س من خدمتهم من أجياؿ الشباب الكثَتين منذ أكثر من ٜتسُت عامان على ىذه الطريق.
- 12 -
اشتقاق اسم التصوف
-نزؿ الوحي على رسوؿ اللٌو باإلسبلـ كأخذ الرسوؿ يدعو إليو ككاف نزكؿ القرآف الكرًن
على رسوؿ اللٌو نزكالن منجمان متتابعان مدة ثبلث كعشرين سنة ،ككاف الصحابة الكراـ كلما
نزلت آيات من القرآف تلقوىا من رسوؿ اللٌو كتعلموىا كحفظوىا كعملوا ٔتا فيهاٍ ،ب قاموا
بالدعوة إليها.
-إذف ىذه األٝتاء دل تكن على عهد رسوؿ اللٌو كإ٪تا ىي مصطلحات كأٝتاء مستحدثة
للعلوـ الشرعية اليت جاء هبا سيدنا ٤تمد ،فمن ٗتصص ُب علم من ىذه العلوـ أك غَتىا
كٝتي باٝتو ا١تستحدث ال يتعارض عن تسميتو مسلمان ،إ ٍذ ليس كل اسم أك كصف
فنسب إليو ي
دل يأت ُب القرآف الكرًن أك السنة الشريفة ٭ترـ التسمي بو بل ىو جائز شرعان فقد ٝتى اللٌو
سبحانو كتعاذل ا١تسلمُت بأٝتاء عديدة السابقُت الصاٟتُت ػ ا١تخبتُت ...كغَت ذلك بأعماؿ
اتصفوا هبا كاستداموا عليها.
- 13 -
-كذلك يٝتي بعض الصحابة بأٝتاء نسبة إذل قبائلهم أك أكطاهنم مثل سيدنا أيب ذر (الغفارم)
كسيدنا ببلؿ (اٟتبشي) كسيدنا سلماف (الفارسي) كسيدنا صهيب (الركمي).
٩ -تلص ٦تن سبق إذل أف إطبلؽ التصوؼ كالصوُب على من سلك منهج تزكية النفس ُب
اإلسبلـ ال يناقض كيعارض تسميتو مسلمان ،كال يدؿ على خركج عن اإلسبلـ كتعاليمو ،كال يثَت
شبهة ما ،بل يدؿ على من أراد أف يتمسك بالسلوؾ اإلسبلمي الصحيح ،كالدين القوًن،
كالتقرب من رب العا١تُت ،كما جاء ُب القرآف الكرًن كىدم النيب .
-أما من أراد أف يتعرؼ على أصل ىذا االشتقاؽ فإنو سيجد أنو كثرت األقواؿ فيو ،ك٦تا قيل
فيو:
-كيرد ابن تيمية على ذلك بذكره ما ركاه أبو الشيخ األصبهاين بإسناده عن ٤تمد بن سَتين أنو
بلغو أف قومان يفضلوف لبس الصوؼ ،فقاؿ :إف قومان يتخَتكف الصوؼ ،يقولوف :إهنم متشبهوف
با١تسيح ابن مرًن ،كىدم نبينا أحب إلينا ،ككاف النيب يلبس القطن كغَته(ُ).
(ِ)
أف نسبتهم إ٪تا ىي إذل ظاىر اللبسة ،ألف لبسة -بينما يرل أبو نصر السراج الطوسي
الصوؼ دأب األنبياء عليهم السبلـ كشعار األكلياء كاألصفياء كيكثر ُب ذلك الركايات
كاألخبار ،أال ترل أف اللٌو تعاذل ذكر طائفة من خواص أصحاب عيسى عليو السبلـ فنسبهم إذل
على نفسو .قاؿ تعاذل :ﮋﮫ ﮬﮭﮮﮯﮊ (ِ)كىذه القوامية للٌو على النفس
ىو التحقق بالتصوؼ)(ّ).
خامساً :إنو نسبة إذل الصفوة من خلق اللٌو .قاؿ ابن تيمية كىو غلط ،ألنو لو كاف كذلك لقيل
ص ىف ًو ٌ
م. ى
سادساً :من الصوفة ،ألف الصوُب مع اللٌو تعاذل كالصوفة ا١تطركحة الستسبلمو للٌو تعاذل.
سابعاً :مشتق من (صوفة) كذلك أف قومان كانوا ُب اٞتاىلية يقاؿ ٢تم صوفة انقطعوا إذل اللٌو تعاذل
كقطنوا الكعبة فمن تشبو هبم من الناس ٝتوا بالصوفية.
ثامناً :يرل بعض ا١تستشرقُت أف الكلمة راجعة إذل أصل يوناين أك بوذم أك غَت ذلك كأهنا
مشتقة من األصل اليوناين (صوفا) كمعناىا اٟتكمة كىذا رأم فاسد مدسوس ال يوجد لو دليل
إ٬تايب قطعان.
-كالذم أراه بعد عرض ىذه اآلراء أف ا١تتصوفة لقب ألناس اتصفوا بصفات معينة أذكرىا
الحقان ،كأف الصوُب اسم جامد أك لقب أطلق على من ينتمي إليهم ليميزه من غَته.
-كىذا ما أكد عليو القشَتم حيث قاؿ:
(ىذه التسمية غلبت على ىذه الطائفة ،فيقاؿ :رجل صوُب كللجماعة صوفية ،كمن يتوصل إذل
ذلك يقاؿ لو :متصوؼ ،كللجماعة :ا١تتصوفة ،كليس يشهد ٢تذا االسم من حيث العربية قياس
كال اشتقاؽ كإال ظهر فيو أنو كاللقبٍ .ب يقوؿ:
(فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده ،كجنح الناس إذل ٥تالطة الدنيا ،اي ٍختيص
ا١تقبلوف على العبادة باسم الصوفية)(ِ).
-كأخَتان فبل يهمنا أصل ىذا االشتقاؽ غَت القياسي ىل ىو من الصوؼ أك من الصفة أك من
الصف األكؿ أك الصفاء أك الصفوة كإف كاف الظاىر يشَت من قريب أك بعيد إذل أنو من ىذا
األخَت ،ا١تهم أف نعرؼ نشأهتم كحقائقهم كطرائقهم كأخبلقهم كصفاهتم كسلوكهم كأعما٢تم.
(اعلموا رٛتكم اللٌو أف ا١تسلمُت بعد رسوؿ اللٌو دل يىػتى ىسم أفاضلهم ُب عصرىم بتسمية علم
سول صحبة رسوؿ اللٌو ،إذ ال أفضلية فوقها ،فقيل ٢تم ((الصحابة)) ك١تا أدرؾ العصر الثاين ٝتي
من صحب الصحابة ((التابعُت)) كرأكا ذلك أشرؼ تسميةٍ ،ب قيل ١تن بعدىم ((أتباع التابعُت))ٍ .ب
اختلفت كتباينت ا١تراتب ،فقيل ٠تواص الناس ٦تن ٢تم شدة عناية بأمر الدين(( :الزىاد كالعباد)) ٍب
ظهرت البدع كحصل التداعي بُت الفرؽ فكل فريق اد ىع ٍوا بأف منهم زىادان ،فانفرد خواص أىل
السنة الراعوف أنفسهم مع اللٌو تعاذل اٟتافظوف قلوهبم عن طوارؽ الغفلة باسم ((التصوؼ)) كاشتهر
ىذا االسم ٢تؤالء األكابر بعد ا١تائتُت من ا٢تجرة)(ُ).
-كلكن كما سيأٌب يبدك أف ىذا االسم كاف موجودان قبل ا١تئتُت بقليل كلكنو اشتهر بعدىا،
كيقوؿ الدكتور حسن إبراىيم حسن(ِ):
(كمن ا١تسائل اليت شغلت أفكار ا١تسلمُت ُب ذلك العصر ((التصوؼ)) كذلك أف كثَتان من
ا١تسلمُت الذين اشتهركا بالورع كالتقول دل ٬تدكا ُب علم الكبلـ ما يقنع نفوسهم ا١تولعة ْتب اللٌو
(ُ)(سفياف الثورم) :أبو عبد اهلل سفياف بن سعيد بن مسركؽ الثورم ،من بٍت ثور ،أمَت ا١تؤمنُت ُب
اٟتديث.كاف سيد أىل زمانو ُب علوـ الدين كالتقول .كلد كنشأ ُب الكوفة كخرج من الكوفة ٍب سكن مكة
كا١تدينة .كانتقل إذل البصرة فمات فيها (ُُٔ ق ٕٕٖ/ـ) لو عدة كتب ُب اٟتديث [األعبلـ للزركلي].
(ِ) ذكره حاجي خليفةُ :ب كشف الظنوف.
(ّ)عبد الواحد بن زيد :الزاىد البصرم العابد شيخ الصوفية بالبصرة توُب سنة (ُٕٕى ػ ػ ػػ)[.الواُب بالوفيات]
بالوفيات]
(ْ)كتاب( :الشفا للقاضي) شرح مبل علي القا ًرئ جزء ٓ ص َْٖك ذكرىا أيضان ُب كتابو (عُت العلم ك
ك زين اٟتلم) جزء ُ ص ّّ ك نقلها كذلك العبلمة العدكم على شرح اإلماـ أيب اٟتسن ُب الفقو ا١تالكي
جزء ِ ص ُٓٗ.
(ٓ)ذك النوف ا١تصرم :أبو الفيض ثوباف بن إبراىيم األٜتيٍت ا١تصرم ،أحد الزىاد العباد ا١تشهورين .من أىل
أىل مصر .نويب األصل من ا١توارل.كانت لو فصاحة كحكمة كشعر .كىو أكؿ من تكلم ٔتصر ُب (ترتيب
األحواؿ كمقامات أىل الوالية) كتوُب ّتيزهتا سنة (ِْٓ ق ٖٓٗ/ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
- 21 -
( -كإف من أخلد ما كتب عن التصوؼ كالصوفية كتاب التعرؼ ١تذىب أىل التصوؼ لئلماـ
العادل العارؼ تاج اإلسبلـ أيب بكر ٤تمد بن إسحاؽ البخارم الكبلباذم ا١تتوَب سنة(َّٖ ق
َٗٗـ) كىو من أقدـ كأدؽ كأنقى كأصفى ما كتب عن ىذا العلم كرجالو كتبو العارؼ
الكبلباذم ُب العصر الذىيب للتصوؼ ُب أكائل القرف الرابع للهجرة القرف الذم بلغ فيو التصوؼ
كمالو العلمي كالفٍت كاستكمل فيو التصوؼ علومو كمناىجو كآدابو كسلوكو كمقاماتو) (ِ).
ٍ -ب بعد ذلك ظهر العديد من علماء التصوؼ كمشاىَتىم كأصبح ٢تم طرقان يسلكوهنا للوصوؿ
إذل غايتهم كانتشر التصوؼ ُب ٚتيع أرجاء األمة اإلسبلمية كعلى مر العصور كاألزمنة ،كُب ٚتيع
البقاع كاألمكنة ،حىت كقتنا اٟتاضر.
-لكن ا١تنصف عندما يدرس حقائقهم كأىدافهم كغاياهتم كطرائقهم كيعيش ُب مدارسهم
كيسلك سلوكهم كيًتىب ُب كنفهم٬ ،تد أهنم على اإلسبلـ اٟتقيقي ،كاإلٯتاف الكامل ،فهم
يتمسكوف بتعاليم القرآف الكرًن ،كىدم النيب العظيم ،كأهنم ال ٮترجوف عن الشريعة قيد أ٪تلة،
كأف تعاليمهم ال ٗترج عن منهج التزكية الذم ذكره القرآف الكرًن ،كالسعي إذل مقاـ اإلحساف
الذم ذكره النيب العدناف .
-كعندما يتدبػير ا١تسلم القرآف الكرًن ٬تد أف ىناؾ آيات متعددة بينت مهمة النيب ُ ب نشر
الدعوة كأهنا أربع كىي:
رابعاً :تعليمهم اٟتكمة كىي السلوؾ العملي للمؤمن ُب ىذه اٟتياة مع كل ا١تخلوقات.
كدفعهم إذل ذلك ما حدث من تغَت بعد ذلك ُب نفوس بعض ا١تسلمُت ،بسبب االنغماس
بالدنيا كالشهوات كا١تلذات إثر الفتوحات كاختبلطهم باألمم األخرل.
-كىذا ما أشار إليو ابن خلدكف ُب مقدمتو كىو يتحدث عن علم التصوؼ قاؿ:
(فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده كجنح الناس إذل ٥تالطة الدنيا ،اختص
ا١تقبلوف على العبادة باسم الصوفية كا١تتصوفة)(ُ).
-كمن األصوؿ اليت اعتمدكىا ُب منهجهم اٟتديث الصحيح ا١تشهور كالذم جرل بُت جربيل
كىو ُب ىيئة رجل أسود الشعر أبيض الثياب كبُت رسوؿ اللٌو كىو جالس مع أصحابو ،ىذا
اٟتديث الذم جرل على طريقة اٟتوار ،جربيل يسأؿ كيصدؽ كسيدنا ٤تمد ٬ تيب سألو عن
أركاف الدين اإلسبلـ كاإلٯتاف كاإلحساف كلقد اختص كل فريق من العلماء بأحد األركاف فأركاف
اإلسبلـ اىتم هبا أصحاب العقيدة كالفقو كأركاف اإلٯتاف اىتم هبا أصحاب العقيدة كالكبلـ،
كاإلحساف كما عرفو النيب « :أف تعبد اللٌو كأنك تراه ،فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ» (ِ).
-سئل اإلماـ اٟتافظ السيد ٤تمد صديق الغمارم رٛتو اللٌو عن أكؿ من أسس التصوؼ كىل
ىو بوحي ٝتاكم؟ فأجاب( :أما أكؿ من أسس الطريقة ،فلنعلم أف الطريقة أسسها الوحي
السماكم ُب ٚتلة ما أسس من الدين احملمدم ،إذ ىي ببل شك مقاـ اإلحساف الذم ىو أحد
أركاف الدين الثبلثة اليت جعلها النيب بعدما بينها كاحدان كاحدان دينان بقولو« :ىذا جربيل عليو
السبلـ أتاكم يعلمكم دينكم»).
كىو اإلسبلـ كاإلٯتاف كاإلحساف ،فاإلسبلـ طاعة كعبادة ،كاإلٯتاف نور كعقيدة ،كاإلحساف مقاـ
مراقبة كمشاىدة« :أف تعبد اللٌو كأنك تراه فإف دل تكن تراه فإنو يراؾ».
ٍ -ب قاؿ السيد ٤تمد صديق الغمارم ُب رسالتو تلك( :فإنو كما ُب اٟتديث ،الدين عبارة عن
األركاف الثبلثة ،فمن أخل هبذا ا١تقاـ (اإلحساف) ،فدينو ناقص ببل شك لًتكو ركنان من أركانو،
فغاية ما تدعو إليو الطريقة كتشَت إليو ىو مقاـ اإلحساف بعد تصحيح اإلسبلـ كاإلٯتاف)(ُ).
-ىذا كإننا إذا درسنا الشريعة من خبلؿ آيات القرآف الكرًن ،كما أثر عن النيب من األقواؿ
دكف ُب الكتب حوؿ ذلك ٧تد أهنا تنقسم إذل قسمُت:
كاألفعاؿ كاألحواؿ ،كما ٌ
أولً :أفعاؿ كىيئات كأمور ٤تسوسة كقياـ كقعود كركوع كسجود كتبلكة كتسبيح كأدعية كأذكار،
كأحكاـ كمناسك كغَت ذلك ككل ذلك تكفل بو أصحاب اٟتديث كركاتو ،كعلماء الفقو
كالشريعة ػ جزاىم اللٌو عن األمة خَتان ػ فحفظوا لؤلمة دينها كسهلوا ٢تا العمل بو.
-كُب ىذا ا١توضوع يقوؿ أبو نصر السراج الطوسي رٛتو اللٌو:
(أنكرت طائفة من أىل الظاىر كقالوا :ال نعرؼ إال علم الشريعة الظاىرة اليت جاء هبا الكتاب
كالسنة ،كقالوا :ال معٌت لقولكم علم الباطن كعلم التصوؼ ،فنقوؿ ،كباللٌو التوفيق.
إف علم الشريعة علم كاحد ،كىو اسم كاحد ٬تمع معنيُت :الركاية كالدراية؛ فإذا ٚتعتهما فهو
علم الشريعة الداعية إذل األعماؿ :الظاىرة كالباطنة ،كال ٬توز أف ٬ترد القوؿ ُب العلم :أنو ظاىر
أك باطن ألف العلم مىت ما كاف ُب القلب فهو باطن فيو ،إذل أف ٬ترم كيظهر على اللساف؛ فإذا
جرل على اللساف فهو ظاىر ،غَت أنٌا نقوؿ:
- 26 -
إف العلم :ظاىر ،كباطن ،كىو علم الشريعة الذم يدؿ كيدعو إذل األعماؿ الظاىرة كالباطنة،
كاألعماؿ الظاىرة كأعماؿ اٞتوارح الظاىرة ،كىي العبادات كاألحكاـ ،مثل الطهارة كالصبلة
كالزكاة كالصوـ كاٟتج كاٞتهاد كغَت ذلك؛ فهذه العبادات ،كأما األحكاـ فاٟتدكد كالطبلؽ
كالعتاؽ كالبيوع كالفرائض كالقصاص كغَتىا ،فهذا كلو على اٞتوارح الظاىرة اليت ىي األعضاء،
كىي اٞتوارح ،كأما األعماؿ الباطنة فكأعماؿ القلوب كىي ا١تقامات كاألحواؿ ،مثل التصديق،
كاإلٯتاف ،كاليقُت ،كالصدؽ ،كاإلخبلص ،كا١تعرفة ،كالتوكل ،كاحملبة ،كالرضا ،كالذكر ،كالشكر،
كاإلنابة ،كا٠تشية ،كالتقول ،كا١تراقبة ،كالفكرة كاالعتبار ،كا٠توؼ ،كالرجاء ،كالصرب ،كالقناعة،
كالتسليم ،كالتفويض ،كالقرب ،كالشوؽ ،كالوجد ،كالوجل ،كاٟتزف ،كالندـ ،كاٟتياء ،كا٠تجل،
علم كفقو كبياف
كالتعظيم ،كاإلجبلؿ ،كا٢تيبة ،كلكل عمل من ىذه األعماؿ الظاىرة كالباطنة ه
كفهم كحقيقة ككجد ،كيدؿ على صحة كل عمل منها من الظاىر كالباطن آيات من القرآف
كأخبار عن الرسوؿ علمو من علمو ،كجهلو من جهلو؛ فإذا قلنا :علم الباطن أردنا بذلك
علم أعماؿ الباطن اليت ىي على اٞتارحة الباطنة ،كىي القلب ،كما أنا إذا قلنا :علم الظاىر
أشرنا إذل علم األعماؿ الظاىرة اليت ىي على اٞتوارح الظاىرة ،كىي األعضاء.
(ُ)
كقد قاؿ اللٌو تعاذل :ﮋﭝﭞﭟﭠﭡﮊ
فالنعمة الظاىرة ما أنعم اللٌو تعاذل هبا على اٞتوارح الظاىرة من فعل الطاعات ،كالنعمة الباطنة ما
أنعم اللٌو تعاذل هبا على القلب من ىذه اٟتاالت ،كال يستغٌت الظاىر عن الباطن كال الباطن عن
الظاىر ،كقد قاؿ اللٌو :
(ِ)
ﮋﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮊ
أما حجة اإلسبلـ أبو حامد الغزارل فقاؿ عن الصوُب( :إف سالك سبيل اللٌو قليل كالد ًع ٌي فيو
كثَت ك٨تن نعرفك عبلمتُت لو:
األولى :أف تكوف ٚتيع أفعالو موزكنة ٔتيزاف الشرع موقوفة على توقيفاتو إيرادان كإصداران كإقدامان
كإحجامان ،إذ ال ٯتكن سلوؾ السبيل إال بعد التلبس ٔتكارـ الشريعة كلها.
الثانية :ال يصل إليو إال من كاظب على ٚتلة من النوافل فكيف يصل إليو من أ٫تل
الفرائض)(ّ).
كقد ٖتدث اإلماـ أٛتد بن تيمية رٛتو اللٌو تعاذل عن ٘تسك الصوفية بالكتاب كالسنة ُب اٞتزء
العاشر من ٣تموعة فتاكيو فقاؿ( :فأما ا١تستقيموف من السالكُت كجمهور مشايخ السلف مثل
الفضيل بن عياض ،كإبراىيم بن أدىم ،كأيب سليماف الداراين ،كمعركؼ الكرخي ،كالسرم
السقطي ،كاٞتنيد بن ٤تمد ،كغَتىم من ا١تتقدمُت كمثل الشيخ عبد القادر اٞتيبلين كالشيخ
ٛتاد ،كالشيخ أيب البياف ،كغَتىم من ا١تتأخرين ،فبل يسوغوف للسالك كلو طار ُب ا٢تواء أك مشى
على ا١تاء أف ٮترج عن األمر كالنهي الشرعيُت ،بل عليو أف يعمل ا١تأمور كيدع احملظور إذل أف
(ُ)أبو ٛتزة البغدادم٤ :تمد بن إبراىيم البغدادم الصوُب .جالس بشران اٟتاُب ،كاإلماـ أٛتد .كصحب
السرم بن ا١تغلس.ككاف بصَتا بالقراءات.ككاف كثَت الرباط كالغزك.توُب سنة (ِٗٔق)[.سَت أعبلـ النببلء]
(ِ) ابن منظور٥ :تتصر تاريخ دمشق ،جزءٔ ،صُْٗ.
(ّ) أبو حامد الغزارل:ميزاف العمل صُْٓ.
- 31 -
ٯتوت ،كىذا ىو اٟتق الذم دؿ عليو الكتاب كالسنة كإٚتاع السلف ،كىذا كثَت ُب كبلمهم)(ُ).
-من كل ما كرد ٩تلص إذل أف التصوؼ يدعو إذل التمسك بالكتاب كالسنة كما كاف ٥تالفان ٢تما
فليس من التصوؼ ،كإ٪تا ىو بدعة أك دس أك افًتاء أك مصلحة ذاتية أك ىول نفس ٦تن ادعى
التصوؼ ،كالتصوؼ منو براء.
(قد يتساءؿ الكثَتكف عن السبب ُب عدـ ظهور ىذه الدعوة إال بعد عهد الصحابة كالتابعُت
كاٞتواب عن ىذا :أنو دل تكن ٙتة حاجة إليها ُب العصر األكؿ ،ألف أىل ذاؾ العصر كانوا أىل
تقى ككرع ،كأرباب ٣تاىدة كإقباؿ على العبادة بطبيعتهم ،كْتكم قرب اتصا٢تم برسوؿ اللٌو ،
ن
كانوا يتسابقوف كيتبادركف ُب االقتداء بو ُب ذلك كلو ،فلم يكن ٙتة ما يدعو إذل تلقينهم علمان
يرشدىم إذل أمر ىم قائموف بو فعبلن ،كإ٪تا مثلهم ُب ذلك كلو كمثل العريب القح ،يعرؼ اللغة
العربية بالتوارث كابران عن كابر حىت إنو ليقرض الشعر البليغ بالسليقة كالفطرة دكف أف يعرؼ شيئان
من قواعد اللغة كاإلعراب كالنظم كالقريض ،فمثل ىذا ال يلزمو أف يتعلم النحو كدركس الببلغة،
كلكن علم النحو كقواعد اللغة كالشعر تصبح الزمة كضركرية عند تفشي اللحن ،كضعف التعبَت،
أك ١تن يريد من األجانب أف يتفهمها كيتعرؼ عليها ،أك عندما يصبح ىذا العلم ضركرة من
ضرركرات االجتماع كبقية العلوـ اليت نشأت كتألفت على توارل العصور ُب أكقاهتا ا١تناسبة.
فالصحابة كالتابعوف ،كإف دل يتسموا باسم ا١تتصوفُت ػ كانوا صوفيُت فعبلن كإف دل يكونوا كذلك
اٝتان ،كماذا يراد بالتصوؼ أكثر من أف يعيش ا١ترء لربو ال لنفسو ،كيتحلى بالزىد كمبلزمة
العبودية ،كاإلقباؿ على اللٌو بالركح كالقلب ُب ٚتيع األكقات كسائر الكماالت اليت كصل هبا
(ُ) أٛتد علوش :ىو من الركاد األكائل الذين نقلوا حقائق التصوؼ اإلسبلمي إذل اللغات األجنبية ككاف لو
اكرب األثر ُب تصحيح األفكار كالرد على ا١تستشرقُت [نقبلن عن ا١توسوعة اليوسفية صُٔ].
- 32 -
الصحابة كالتابعوف من حيث الرقي الركحي إذل أٝتى الدرجات ،فهم دل يكتفوا باإلقرار ُب عقائد
اإلٯتاف ،كالقياـ بفركض اإلسبلـ ،بل قرنوا اإلقرار بالتذكؽ كالوجداف ،كزادكا على الفركض اإلتياف
بكل ما استحبو الرسوؿ من نوافل العبادات ،كابتعدكا عن ا١تكركىات فضبلن عن احملرمات،
حىت استنارت بصائرىم ،كتفجرت ينابيع اٟتكمة من قلوهبم ،كفاضت األسرار الربانية على
جوا٨تهم ،ككذلك كاف شأف التابعُت كتابعي التابعُت ،كىذه العصور الثبلثة كانت أزىى عصور
اإلسبلـ كخَتىا على اإلطبلؽ ،كقد جاء عن رسوؿ اللٌو قولو« :خَت القركف قرين ىذا فالذم
(ُ)
أمم شىت ،كأجناس عديدة، ه اإلسبلـ حظَتة ُب كدخل العهد، تقادـ فلما يليو كالذم يليو»
كاتسعت دائرة العلوـ كتقسمت كتوزعت بُت أرباب االختصاص ،قاـ كل فريق بتدكين الفن كالعلم
الذم ٬تيده أكثر من غَته ،فنشأ بعد تدكين النحو ُب الصدر األكؿ علم الفقو ،كعلم التوحيد،
كأصوؿ الدين ،كعلوـ اٟتديث ،كالتفسَت ،كا١تنطق كمصطلح اٟتديث ،كعلم األصوؿ ،كالفرائض
(ا١تَتاث) كغَتىا...
كحدث بعد ىذه الفًتة أف أخذ التأثَت الركحي يتضاءؿ شيئان فشيئان ،كأخذ الناس يتناسوف ضركرة
اإلقباؿ على اللٌو بالعبودية ،كالقلب كا٢تمة٦ ،تا دعا أرباب الرياضة كالزىد إذل أف يعملوا يىم من
ناحيتهم أيضان على تدكين علم التصوؼ ،كإثبات شرفو كجبللو كفضلو على سائر العلوـ ،كدل
يكن ذلك منهم احتجاجان على انصراؼ الطوائف األخرل إذل تدكين علومهم ػ كما يظن ذلك ػ
بعض ا١تستشرقُت ػ بل كاف سدان للنقص ،كاستكماالن ٟتاجات الدين ُب ٚتيع نواحي خطأن ي
النشاط٦ ،تا ال بد منو ٟتصوؿ التعاكف على ٘تهيدأسبابالربوالتقوى)(ِ).
-كما أف أبا نصر السراج الطوسي أجاب على ىذا السؤاؿ فقاؿ ُب باب الرد على من قاؿ:
(إف سأؿ سائ هل فقاؿ :دل نسمع بذكر الصوفية ُب أصحاب رسوؿ اللٌو رضي اهلل عنهم
أٚتعُت ،كال فيمن كاف بعدىم ،كال نعرؼ إال العباد كالزىاد كالسياحُت كالفقراء؛ كما قيل ألحد
من أصحاب رسوؿ اللٌو « :صوُبي» ،فنقوؿ كباللٌو التوفيق:
الصحبة مع رسوؿ اللٌو ٢ تا حرمة ،كٗتصيص من مشلو ذلك ،فبل ٬توز أف يعلق عليو اسم على
أشرؼ من الصحبة ،كذلك لشرؼ رسوؿ اللٌو كحرمتو ،أال ترل أهنم أئمة الزىاد كالعباد
ي أنو
كا١تتوكلُت كالفقراء كالراضُت كالصابرين كا١تخبتُت ،كغَت ذلك ،كما نالوا ٚتيع ما نالوا إال بربكة
الصحبة مع رسوؿ اللٌو ،فلما نيسبوا إذل الصحبة اليت ىي أجل األحواؿ استحاؿ أف يفضلوا
بفضيلة غَت الصحبة اليت ىي أجل األحواؿ كباللٌو التوفيق.
-كأما قوؿ القائل :إنو اسم ٤تدث أحدثو البغداديوف ،فمحاؿ ،ألف ُب كقت اٟتسن البصرم
رٛتو اللٌو كاف ييعرؼ ىذا االسم ،ككاف اٟتسن قد أدرؾ ٚتاعة من أصحاب رسوؿ اللٌو
أيت صوفيان ُب الطواؼ فأعطيتو شيئان فلم يأخذه كقاؿ:
كرضي عنهم ،كقد يركل عنو أنو قاؿ :ر ي
معي أربعة دكانيق فيكفيٍت ما معي).
كركم عن سفياف الثورم رٛتو اللٌو أنو قاؿ( :لوال أبو ىاشم الصوُب ما عرفت دقيق الرياء) (ُ).
-ي
-ك٠تص ابن خلدكف اإلجابة على ىذا السؤاؿ فقاؿ:
(كىذا العلم يعٍت التصوؼ من العلوـ الشرعية اٟتادثة ُب ا١تلة كأصلو أف طريقة ىؤالء القوـ دل
تزؿ عند سلف األمة ككبارىا من الصحابة كالتابعُت كمن بعدىم طريقة اٟتق كا٢تداية ،كأصلها
العكوؼ على العبادة ،كاالنقطاع إذل اللٌو تعاذل ،كاإلعراض عن زخرؼ الدنيا كزينتها ،كالزىد ُب
(ُ)اللمع ،صِْ.
- 34 -
ما يقبل عليو اٞتمهور من لذة كماؿ كجاه ،كاالنفراد عن ا٠تلق ،كا٠تلوة للعبادة ،ككاف ذلك عامان
ُب الصحابة كالسلف ،فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا ُب القرف الثاين كما بعده ،كجنح الناس إذل
٥تالطة الدنيا ،اختص ا١تقبلوف على العبادة باسم الصوفية)(ُ).
(إهنم إف اختصوا باسم التصوؼ انفرادان بو عن أىل البدع فذكر أف ا١تسلمُت بعد رسوؿ اللٌو
دل يتسم أفاضلهم ُب عصرىم باسم علم سول الصحبة إذ ال فضيلة فوقها ٍب ٝتى من يليهم
التابعُت كرأكا ىذا االسم أشرؼ األٝتاء ٍب قيل ١تن بعدىم اتباع التابعُت ٍب اختلف الناس كتباينت
ا١تراتب فقيل ٠تواص الناس ٦تن ٢تم شدة عناية ُب الدين :الزىاد كالعباد كقاؿٍ :ب ظهرت البدع
كأدعى كل فريق أف منهم زىادان كعبادان فانفرد خواص أىل السنة الراعوف أنفسهم من اللٌو،
اٟتافظوف قلوهبم عن الغفلة باسم التصوؼ)(ّ).
-من ىذه النصوص السابقة ،يتبُت لنا أف التصوؼ ليس أمران مستحدثان جديدان ،كلكنو مأخوذ
من توجيهات القرآف الكرًن ،كسَتة الرسوؿ ،كحياة أصحابو الكراـ ،كمن تبعهم بإحساف ،كدل
كل ال يتجزأ كقد ظهر اإلسبلـ ُبيظهر اسم التصوؼ ُب عهد النيب كصحابتو ألف اإلسبلـ ه
حياهتم كلها ،تطبيقان عمليان ،فلما توسعت رقعة اإلسبلـ ،كانتشر ُب ربوع الببلد ا١تختلفة ،كحدث
االختبلط باألقواـ األخرل من جهة ،كأخذ العلماء يتخصصوف بو ُب ميادين العلوـ اإلسبلمية
من جهة أخرل ،اىتم أناس بفقو الباطن كالتطبيق العلمي لؤلخبلؽ كالسلوؾ اإلسبلمي ،كالعودة
-ىؤالء السلف الذين كانوا من أكابر العلماء ُب الفقو كغَته من العلوـ اإلسبلمية كالذين
اشتغلوا كقتئذ ُب الدراسة كالبحث كاالستنباط كمع ذلك دل ٯتنعهم ذلك من اتباع طريقة التصوؼ
أك مصاحبة أصحاهبا أك االستفادة منهم.
يقوؿ اإلماـ مالك رٛتو اللٌو تعاذل( :من تفقو كدل يتصوؼ فقد تفسق ،كمن تصوؼ كدل يتفقو فقد
تزندؽ كمن ٚتع بينهما فقد ٖتقق) (.)1
كىذا يدلنا على أف اإلماـ مالك يدعو إذل اٞتمع بُت فقو الظاىر كفقو الباطن.
كمعٌت قولو ىذا أم من تعلم الفقو -ك ىو الفقو الظاىرم -كدل يتصوؼ أم كدل يتعلم -الفقو
الباطٍت– فقد تفسق أم يٮتشى عليو من الفسق -أم ا٠تركج عن ا١تقاصد اٟتقيقية من أحكاـ
الشرع.
(ُ) كتاب(:الشفا بالقاضي) شرح مبل علي القارئ جزء ٓ ص َْٖك ذكرىا أيضان ُب كتابو (عُت العلم ك
زين اٟتلم) جزء ُ ص ّّ ك نقلها كذلك العبلمة العدكم على شرح اإلماـ أيب اٟتسن ُب الفقو ا١تالكي
جزء ِ ص ُٓٗ.
- 37 -
كقولو كمن تصوؼ-أم سار ُب طريق أىل التصوؼ ،-كدل يتفقو -أم دل ٬تالس علماء الفقو-
فقد تزندؽ -أم يٮتشى عليو من أف يصبح زنديقان بعيدان عن الدين بتلبسو ببدع نتيجة جهلو
باألحكاـ الشرعية.-
كمن ٚتع بُت الفقو ك التصوؼ ،فقد ٖتقق -أم كصل إذل اٟتقيقة الصحيحة ُب فهم الدين
كتطبيقو. -
كىذا يدلنا أف اإلماـ أبا حنيفة كاف صاحب علم كىو صاحب ا١تذىب ،كصاحب طريقة فقد
ٚتع فقو الظاىر كفقو الباطن.
(ُ)ابن ا١تبل اٟتصكفي :أٛتد بن ٤تمد بن علي اٟتصكفي ،فاضل عارؼ باألدب ،لو شعر حسن .أصلو
من حصن كيفا ،كنسبتو إليها .كلد ُب حلب كأقاـ فيها .لو كتب كرسائل كثَتة توُب سنة (ََُّ ق/
ُٓٗٓـ) [األعبلـ للزركلي]
(ِ) اٟتصكفي :الدر ا١تختار جُ ،صّْ كعليو حاشية ابن عابدين -ككل من ذكر ُب ىذه ا١تقالة من
األشخاص ىم من رجاالت الصوفية ا١تشهورين -كمع ذلك فإف أخذىم كاف عن الفقيو ا١تشهور صاحب
ا١تذىب أيب حنيفة.
- 38 -
قو٢تم :الوقت سيف إذا دل تقطعو قطعك.
كيقوؿ أيضان( :حبب إرل من دنياكم ثبلث :ترؾ التكلف ،كعشرة ا٠تلق بالتلطف ،كاالقتداء
بطريق أىل التصوؼ)(ِ).
كىذا يدلنا على أف اإلماـ الشافعي صحب أىل التصوؼ كانتفع هبم كحبب إليو االقتداء
بطريقهم.
ٗـ اإلمام أحمد رحمو اللّو تعالى(ٖ):
مر ىذا اإلماـ ٔترحلتُت فيما يتعلق بالتصوؼ:
المرحلة األولى :عدـ ثقتو هبم كيدؿ على ذلك كصيتو لولده عبد اللٌو:
(يا كلدم عليك باٟتديث ،كإياؾ ك٣تالس ىؤالء الذين ٝتوا أنفسهم صوفية ،فإهنم رٔتا كاف
أحدىم جاىبلن بأحكاـ دينو).
المرحلة الثانية :الثقة هبم ،كالدعوة إذل ٣تالستهم لبلنتفاع هبم ،كمشاكرهتم كاألخذ بآرائهم.
كذلك عندما صاحب أبا ٛتزة البغدادم الصوُب كعرؼ أحواؿ القوـ أصبح يقوؿ لولده:
(أيا كلدم عليك ٔتجالسة ىؤالء القوـ ،فإهنم زادكا علينا بكثرة العلم كا١تراقبة كا٠تشية كالزىد
كعلو ا٢تمة).
(كنقل العبلمة ٤تمد السقاريٍت اٟتنبلي رٛتو اللٌو تعاذل عن إبراىيم بن عبد اللٌو العبلين رٛتو اللٌو
تعاذل أف اإلماـ أٛتد رٛتو اللٌو تعاذل قاؿ عن الصوفية :ال أعلم قومان أفضل منهم ،قيل إهنم
يستمعوف كيتواجدكف ،قاؿ :دعوىم يفرحوف مع اللٌو ساعة) (ِ).
يقوؿ اإلماـ الغزارل ُب كتابو (ا١تنقذ من الضبلؿ) بعد أف فرغ من علوـ الشريعة بكتاب
«األربعُت» كعلوـ الفلسفة القدٯتة بكتاب (مقاصد الفبلسفة) ككذلك (التهافت) يقوؿ كاصفان
التصوؼ كالصوفيةٍ( :ب إين ١تا فرغت من ىذه العلوـ أقبلت هبميت على طريق الصوفية ،كعلمت
أف طريقهم إ٪تا يتم بعلم كعمل ،ككاف حاصل علمهم قطع عقبات النفس كالتنزه عن أخبلقها
ا١تذمومة كصفاهتا ا٠تبيثة حىت يتوصل بذلك إذل ٗتلية القلب من غَت اللٌو تعاذل كٖتليتو بذكر اللٌو
علي من العمل فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل قوت
ككاف حينئذ العلم أيسر ٌ
القلوب أليب طالب ا١تكي رٛتو اللٌو ككتب اٟتارث احملاسيب كا١تتفرقات ا١تأثورة عن اٞتنيد كالشبلي
كأيب يزيد البسطامي كغَت ذلك من كبلـ مشاٮتهم حىت اطلعت على كٍن ًو مقاصدىم العلمية،
كحصلت على ما ٯتكن أف ٭تصل ا١ترء من طريقتهم بالتعليم كالسماع فظهر رل أف أخص
خصائصهم ال ٯتكن الوصوؿ إليو ٔتجرد العلم بل بالذكؽ كاٟتاؿ ،كتبدؿ الصفات ،فعلمت يقينان
أهنم أرباب أحواؿ ال أصحاب أقواؿ.
كالقدر الذم أذكره لينتفع بو ىو أين علمت يقينان أف الصوفية ىم السالكوف لطريق اللٌو تعاذل.
(ُ) ابن تغرم بردم :النجوـ الزاىرة ُب ملوؾ مصر كالقاىرة صُِٖ.
(ِ) ابن مفلح :الفركع ،جزءٗ ،صّّٓ.
- 41 -
كأف سَتهتم أحسن السَت كطريقهم أصوب الطرؽ كأخبلقهم أزكى األخبلؽ بل لو ٚتع عقل
العقبلء كحكمة اٟتكماء كعلم الواقفُت على أسرار الشرع من العلماء ليغَتكا شيئان من سَتىم
كأخبلقهم كيبدلوه ٔتا ىو خَت منو دل ٬تدكا إذل ذلك سبيبل كإف ٚتيع حركاهتم كسكناهتم ُب
ظاىرىم كباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة كليس كراء نور النبوة على كجو األرض نور
يستضاء بو ،فأيقنت أهنم الفرقة الناجية كماذا يقوؿ القائلوف ُب طريقة أكؿ شركطها :تطهَت القلب
بالكلية عما سول اللٌو تعاذل ،كعمادىا كمفتاحها اٞتارم منها ٣ترل اإلحراـ ُب الصبلة :استغراؽ
القلب بالكلية بذكر اللٌو ،كآخرىا :الفناء بالكلية ُب اللٌو)(ُ).
كقاؿ اإلماـ أبو القاسم القشَتم رٛتو اللٌو تعاذل ُب مقدمة رسالتو ا١تشهورة متحدثان عن الصوفية:
(جعل اللٌو ىذه الطائفة صفوة أكليائو ،كفضلهم على الكافة من عباده بعد رسلو كأنبيائو صلوات
اللٌو كسبلمو عليهم ،كجعل قلوهبم معادف أسراره ،كاختصهم من بُت األمة بطوالع أنواره ،فهم
الغياث للخلق ،كالدائركف ُب عموـ أحوا٢تم مع اٟتق باٟتق ،صفاىم من كدكرات البشرية كرقاىم
إذل ٤تل ا١تشاىدات ٔتا ٕتلى ٢تم من حقائق األحدية ،ككفقهم للقياـ بآداب العبودية كأشهدىم
٣تارم أحكاـ الربوبية ،فقاموا بأداء ما عليهم من كاجبات التكليف ،كٖتققوا ٔتا منٌو سبحانو ٢تم
من التقليب كالتصريف ٍب رجعوا إذل اللٌو سبحانو كتعاذل بصدؽ االفتقار كنعت االنكسار ،كدل
جل كعبل
يتكلموا على ما حصل منهم من األعماؿ أك صفا ٢تم من األحواؿ ،علمان منهم بأنو ٌ
يفعل ما يريد ،كٮتتار من يشاء من العبيد ،ال ٭تكم عليو خلق ،كال يتوجو عليو ١تخلوؽ حق،
ثوابو ابتداء فضل ،كعذابو حكم بعدؿ ،كأمره قضاء فصل)(ِ).
(ُ) أبو حامد الغزارل :ا١تنقذ من الضبلؿٖ ،تقيق د .عبد الرحيم ٤تمود صُْٓ.
(ِ) القشَتم :الرسالة القشَتية ،صِ.
- 41 -
ٚـ الشيخ تاج الدين السبكي(ُ) رحمو اللّو تعالى:
كقاؿ الشيخ تاج الدين السبكي رٛتو اللٌو تعاذل( :حياىم اللٌو كبياىم كٚتعنا ُب اٞتنة ٨تن كإياىم،
كقد تشعبت األقواؿ فيهم تشعبان ناشئان عن اٞتهل ْتقيقتهم لكثرة ا١تتلبسُت هبا إذل أف قاؿ كإهنم
ا١تعرضوف عن الدنيا ا١تشتغلوف ُب أغلب األكقات بالعبادة) (ِ)ٍ .ب ٖتدث عن تعاريف التصوؼ
إذل أف قاؿ( :كاٟتاصل أهنم أىل اللٌو كخاصتو الذين ترٕتى الرٛتة بذكرىم كيستنزؿ الغيث
بدعائهم فرضي اللٌو عنهم كعنا هبم)(ّ).
قاؿ العبلمة الكبَت كا١تفسر الشهَت اإلماـ فخر الدين الرازم رٛتو اللٌو تعاذل ُب كتابو اعتقادات
فرؽ ا١تسلمُت كا١تشركُت( :الباب الثامن ُب أحواؿ الصوفية :اعلم أف أكثر من حصر فرؽ األمة دل
يذكر الصوفية كذلك خطأ ألف حاصل قوؿ الصوفية أف الطريق إذل معرفة اللٌو تعاذل ىو التصفية
كالتجرد من العبلئق البدنية ،كىذا طريق حسن ...كقاؿ أيضان :كا١تتصوفة قوـ يشتغلوف بالفكر
كٕترد النفس عن العبلئق اٞتسمانية ،ك٬تتهدكف أف ال ٮتلو سرىم كبا٢تم عن ذكر اللٌو تعاذل ُب
سائر تصرفاهتم كأعما٢تم ،منطبعوف على كماؿ األدب مع اللٌو ،كىؤالء ىم خَت فرؽ
اآلدميُت)(ْ).
(ُ)تاج الدين السبكي :ىو أبو نصر عبد الوىاب بن علي بن عبد الكاُب السبكي نسبتو إذل سبك (من
أعماؿ ا١تنوفية ٔتصر) ،قاضي القضاة ،ا١تؤرخ ،الباحث ككاف طلق اللساف ،قوم اٟتجة.كلد ُب القاىرة،
كانتقل إذل دمشق مع كالده ،فسكنها كتوُب هبا سنة (ُٕٕ ق َُّٕ/ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ) تاج الدين السبكي :معيد النعم كمبيد النقم ،صُُٗ.
(ّ) ا١ترجع نفسو.
(ْ)فخر الدين الرازم :اعتقادات فرؽ ا١تسلمُت كا١تشركُت ،صِٕ.
- 42 -
ٜـ اإلمام ابن عابدين(ُ) رحمو اللّو تعالى:
كٖتدث خا٘تة احملققُت العبلمة الكبَت كالفقيو الشهَت الشيخ ٤تمد أمُت ا١تشهور بابن عابدين رٛتو
اللٌو تعاذل :عن البدع الدخيلة على الدين ٦تا ٬ترم ُب ا١تآًب كا٠تتمات من قبل أشخاص تزيوا بزم
العلم كانتحلوا اسم الصوفية ٍب استدرؾ الكبلـ عن الصوفية الصادقُت حىت ال يظن أنو يتكلم
عنهم عامة فقاؿ:
(كال كبلـ لنا مع الصدؽ من ساداتنا الصوفية ا١تربئُت عن كل خصلة ردية ،فقد سئل إماـ
الطائفتُت سيدنا اٞتنيد :إف أقوامان يتواجدكف كيتمايلوف؟ فقاؿ :دعوىم مع اللٌو تعاذل يفرحوف،
فإهنم قوـ قطعت الطريق أكبادىم كمزؽ النصب فؤادىم كضاقوا ذرعان ،فبل حرج عليهم إذا
تنفسوا مداكاة ٟتا٢تم ،كلو ذقت مذاقهم عذرهتم ُب صياحهم)(ِ).
يقوؿ فضيلة الدكتور أبو الوفا التفتازاين( :ليس التصوؼ ىركبان من كاقع اٟتياة كما يقوؿ خصومو،
كإ٪تا ىو ٤تاكلة اإلنساف للتسلح بقيم ركحية جديدة ،تعينو على مواجهة اٟتياة ا١تادية ،كٖتقق لو
التوازف النفسي حىت يواجو مصاعبها كمشكبلهتا.
كُب التصوؼ اإلسبلمي من ا١تبادئ اإل٬تابية ما ٭تقق تطور اجملتمع إذل األماـ فمن ذلك أنو يؤكد
ليصحح أخطاءىا كيكملها بالفضائل ،ك٬تعل فطرتو إذل
ٌ على ٤تاسبة اإلنساف لنفسو باستمرار
اٟتياة معتدلة ،فبل يتهالك على شهواهتا كينغمس ُب أسباهبا إذل اٟتد الذم ينسى فيو نفسو كربو،
(ُ)ابن عابدين :أٛتد بن عبد الغٍت بن عمر ا١تشهور بابن عابدين :فقيو حنفي ،كلد كمات ُب
دمشق(َُّٕ ق ُٖٖٗ/ـ) .عُت أمينا للفتول مع السيد ٤تمود ٛتزة مفيت دمشق[.األعبلـ للزركلي]
(ِ) الرسالة السابعة ،شفاء العليل كبل الغليل ُب حكم الصوفية با٠تتمات كالتهاليل ،صُِٕػُّٕ.
- 43 -
فيشقى شقاءن ال حد لو .كالتصوؼ ٬تعل من ىذه اٟتياة كسيلة ال غاية ،كبذلك يتحرر ٘تامان من
شهواتو كأىوائو بإرادة حرة) (ُ).
-من تتبع حياهتم كأعما٢تم كأفكارىم ٬تدىم يسَتكف ٨تو ىدؼ كاحد كإف اختلفت مسالكهم.
كال ٬تد بينهم اختبلفان ،بل ٬تد ُب أقواؿ بعضهم ُب بعض إنصافان ككقوفان عند اٟتق ،بينما ٬تد
عند بعض من أتى بعدىم كانتسب إليهم ،كخاصة من ابتعد عنهم ُب العلم كالعصر ،كخالفهم
ُب بعض ما ٘تسكوا بو٬ ،تد عنده ا٠تلل كا٠تبلؼ كالبعد كالتمزؽ كالشقاؽ ،كاآلراء ا١تختلفة اليت
رٔتا خرجت عن جوىر األصل بل خالفتو ،كسعت ُب األرض فسادان.
-انطبلقان من ىذا الكبلـ فإننا دل نسمع عن أحد من أىل السلف انتقادان ألىل التصوؼ إال ١تن
شذ عنهم أك ا٨ترؼ ،كأىل التصوؼ أنفسهم ينبذكنو ،ككذلك دل نسمع من أىل التصوؼ
انتقادان أل و
حد من أىل السلف كلو ابتعد عن طريقتهم كمذىبهم.
-كإذا كاف أىل السلف ينطلقوف من الكتاب كالسنة فإف أىل التصوؼ أيضان يعتمدكف على
الكتاب كالسنة فكيف يوجد بينهما اختبلؼ أك شقاؽ.
-كيؤيد ىذا الكبلـ ما كتبو الشيخ عبد اٟتفيظ ا١تكي كىو من علماء مكة ا١تكرمة ،فقد ذكر
قوؿ الشيخ ٤تمد عبد الوىاب كابن تيمية كابن القيم كابن رجب اٟتنبلي كابن كثَت كاٟتافظ
الذىيب كأخَتان ذكر رأم اإلماـ أٛتد بن حنبل كقد قاؿ ُب ا١تقدمة:
- 45 -
(كىكذا نسمع بُت حُت كآخر من ينادم بأف التصوؼ كلو باطل كأف الصوفية طائفة زائفة ال
عبلقة ٢تا باإلسبلـ ،بل إهنم أعداء للدين كأف أصلهم من اليوناف أك بوذية ا٢تند ..إذل آخر ذلك
من الًتىات .كىذا كلو أيضان مع األسف الشديد باسم (السلفية ا١تسكينة).
مع أف الواقع ٓتبلؼ ذلك ،فإف الصوفية عند أئمة اٟتركة السلفية كسادهتم ،طائفة إسبلمية مثل
بقية الطوائف اإلسبلمية األخرل كاحملدثُت كالفقهاء كا١تتكلمُت كا١تؤرخُت كاجملاىدين كغَتىم،
فيهم ا١تصيب كا١تخطئ كالصاحل كالطاحل ،كاألصلي كا١تزيف .كلكن إذا أطلق اللفظ فإنو يراد بو
دائمان :الصاحل كا١تصيب كالصحيح منهم ،فمثبلن لو قلنا« :احملدثوف» فا١تراد هبم عند اٞتميع
احملدثوف الصاٟتوف الذين حفظوا على األمة أحاديث رسوؿ اللٌو كخدموىا كبلغوىا كنشركىا
بالطريقة ا١ترضية كاألئمة :البخارم كمسلم كالًتمذم كابن حجر العسقبلين كالسيوطي
كالكاندىلوم كغَتىم.
كال يراد بكلمة (احملدثوف) مطلقان ،عند أم أحد ،أكلئك (الدجالوف الكذابوف الوضاعوف)
ا١تنتسبوف إذل ىذه الطائفة الكرٯتة ،كالذين قد بُت فسادىم كدجلهم أئمة اٞترح كالتعديل ُب كل
عصر كزماف كما ىو معلوـ للجميع.
كىكذا ىو اٟتاؿ ُب الفقهاء كا١تتكلمُت كاجملاىدين كا١تؤرخُت كغَتىم من طوائف ا١تسلمُت كىكذا
٬تب أف يكوف اٟتاؿ ُب الصوفية أيضان.
فعندما يقاؿ الصوفية يكوف ا١تراد منهم حتمان :الفضيل بن عياض كمعركؼ الكرخي كأبو سليماف
الداراين كبشر اٟتاُب كعبد القادر اٞتيبلين كاٞتنيد البغدادم كغَتىم ٦تن سار على هنجهم القوًن
- 46 -
من أصحاب الطرؽ ا١تباركة ا١تتبعة لنهج القرآف الكرًن كسنة نبيو كالدالُت العباد على اللٌو
كاحملببُت برسوؿ اللٌو كآلو كصحبو) (ُ).
-فهذا ىو قوؿ اٟتق كمنهج الصدؽ كسبلمة الفكر كاإلنصاؼ التاـ ٢تؤالء الذين ىم علماء
األمة ك٣تاىدكىا كلن ٕتد عا١تان أك ٣تاىدان أك تقيان قدـ لئلنسانية أعظم النفع بعد التابعُت إال
كينطبق عليو ذلك الوصف العظيم.
-كىذا ىو العبلمة ابن القيم كىو من كبار الصوفية كما ذكر اإلماـ اٟتافظ ابن رجب اٟتنبلي
بقولو( :ككاف عا١تان بعلم السلوؾ ككبلـ أىل التصوؼ كإشاراهتم كدقائقهم ،لو ُب كل فن من ىذه
الفنوف اليد الطوذل) (ِ).
(ُ) عبد اٟتفيظ ا١تكي :كتاب موقف أئمة اٟتركة السلفية من التصوؼ كالصوفية.
(ِ)ابن رجب اٟتنبلي :الذيل على طبقات اٟتنابلة جػِ صْْٖ عن ترٚتة ابن القيم.
(ّ) ابن القيم :مدارج السالكُت عن تعريف التصوؼ ُب جػِ ،ص َّٕ.
(ْ) ا١ترجع نفسو صّٔٔ.
- 47 -
-كقاؿ الشافعي ( :صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إال بكلمتُت ٝتعتهم يقولوف :الوقت
سيف فإف قطعتو كإال قطعك ،كنفسك إف دل تشغلها باٟتق كإال شغلتك بالباطل.
قلت :يا ٢تما من كلمتُت ،ما أنفعهما كأٚتعهما كأد٢تما على علو ٫تة قائلهما كيقظتو ،كيكفي
ُب ىذا ثناء الشافعي على طائفة ىذا قدر كلماهتم)(ُ).
-كذلك ال ننسى ما مر معنا سابقان ٦تا قالو الشافعي ُب صحبتو للصوفية كانتفاعو الكثَت هبم.
-كذلك كلو تتبعنا مؤلفات ابن قيم اٞتوزية لوجدنا الكثَت منها يعترب من كتب مراجع الصوفية
ا٢تامة أذكر منها على سبيل ا١تثاؿ ال اٟتصر( :مدارج السالكُت ،عدة الصابرين ،زاد ا١تعاد ،ركضة
احملبُت ،حادم األركاح ،بدائع الفوائد ،الوابل الصيب...اخل).
-كىذا اإلماـ اٟتافظ الذىيب يذكر ُب ترٚتتو للمحدثُت كثَتان من احملدثُت الصوفيُت:
((ابن األعرايب) (ِ) اإلماـ اٟتافظ الزاىد شيخ اٟترـ أبو سعيد أٛتد بن ٤تمد بن زياد بن بشر بن
درىم البصرم الصوُب صاحب التصانيف ككاف ثقة ثبتان عارفان ربانيان كبَت القدر بػي ٍع ىد الصيت)(ّ).
-كيذكر أيضان(( :غندر) كأما غندر الثالث فهو صوُب ٤تدث جواؿ ،لقي اٞتنيد كطبقتو ككتب
اٟتديث كسكن مصر)(ْ).
-كيذكر أيضان(( :أبو نعيم) اٟتافظ الكبَت ٤تدث العصر أٛتد بن عبد اللٌو بن أٛتد بن
اسحاؽ بن موسى بن مهراف ا١تهراين األصبهاين الصوُب) (ِ).
-كُب هناية اٞتزء الرابع كىو األخَت من تذكرة اٟتفاظ يتحدث الذىيب عمن لزمهم كٝتع منهم
كبعضهم كاف من ا١تتصوفة فيقوؿ ما نصو:
(كلزمت الشيخ اإلماـ احملدث مفيد اٞتماعة أبا اٟتسن علي بن مسعود بن نفيس ا١توصلي
كٝتعت منو ٚتلو ،ككاف دينان خَتان متصوفان متعففان.
كٝتعت من مفيد الطلبة احملدث اإلماـ ا١تتقن اللغوم صفي الدين ٤تمود بن أيب بكر األرموم ٍب
القراُب الصوُب.
كٝتعت من اإلماـ احملدث األكحد األكمل فخر اإلسبلـ صدر الدين إبراىيم بن ٤تمد بن ا١تؤيد
بن ٛتويو ا٠تراساين اٞتويٍت شيخ الصوفية).
-فلو كاف اٟتافظ الذىيب كىو العادل العبلمة معاديان للصوفية أك معًتضان عليهم ١تا ذكرىم ُب كتبو
ك١تا لزمهم كٝتع منهم كرضي أف يكونوا لو أساتذة.
-ككذلك يتحدث عن ٤تمد بن عبد اللٌو بن عمر بن أيب القاسم البغدادم ا١تقرئ احملدث
الصوُب(ِ).
-ككذلك ما ذكره اٟتافظ القاضي ابن أيب يعلى عن تبلميذ اإلماـ أٛتد بن حنبل فكثَتان ما يثٍت
على بعضهم بأنو صوُب ،فقد بُت أف( :أٛتد بن اٟتسن بن عبد اٞتبار بن راشد ،أبو عبد اللٌو
الصوُب ٝتع علي بن اٞتعد كأبا نصر التمار ك٭تِت بن معُت من آخرين ،نقل عن إمامنا
أشياء)(ّ).
-كبذلك يتجلى كاضحان للعياف من ىذه النقوؿ اليت أكردناىا من كتب رجاؿ اٟتديث كالفقو أف
كلمة صوُب تعٍت أف صاحبها بلغ درجة كبَتة ُب التقول كال ٯتكن أف يتصور أبدان أف ىؤالء
األئمة الذم قبلت األمة أحكامهم على صحة األحاديث النبوية كاإلماـ الذىيب أف يطلقوا كلمة
الصوفية على رجاؿ اٟتديث كالفقو إف كانت دخيلة على ا١تنهج اإلسبلمي كما يدعي بعض
(ْ)
الناس ،كيقولوف١ :تاذا نسميهم صوفية كاللٌو تعاذل يقوؿ :ﮋﯗ ﯘﯙ ﯚﯛﮊ
فهل غاب عن ىؤالء األجبلء فهم ىذه اآلية حىت يًتكوا العمل هبا كيطلقوىا ببل تبصر كركية،
إهنم علموا كتيقنوا أف إطبلؽ ىذه الكلمة ال يتعارض مع اآلية الشريفة كما سبق أف شرح اإلماـ
(ُ) ابن رجب اٟتنبلي :الذيل على طبقات اٟتنابلة جزءِ صِّٗ.
(ِ) ا١ترجع نفسو :جزءِ ص ّّٓ.
(ّ) ابن أيب يعلى :طبقات اٟتنابلة جزءُ ص ّٔ.
(ْ) سورة اٟتج.ٕٖ :
- 51 -
الشاطيب ُب كتابو االعتصاـ عن سبب ىذه التسمية كبدء ظهورىا كأهنا كصف لقوـ التزموا بكل
مبادئ اإلسبلـ من العبادة كاٞتهاد ُب سبيل اللٌو كاٞتهر بكلمة اٟتق.
-كابن تيمية الذم يعده ا١تتسلفة ا١ترجع األساسي ٢تم ػ مر معنا حديثو عن الصوفية ك٘تسكهم
بحث ٖتدث فيو عنهم كعن سلفهم بالكتاب كالسنة ُب كتابو الفتاكل حيث خصهم ب و
كمتأخريهم كمتقدميهم ،كعدد مشاٮتهم كبعض أقوا٢تم كأعما٢تم ،ككصفهم بأهنم من أكمل
صديقي زماهنم.
-كتلميذه ابن القيم ألف كتابان يعد مرجعان أساسيان عند أىل التصوؼ كىو مدارج السالكُت
ٖتدث فيو عن ا١تقامات كاألحواؿ كا١تنازؿ ا١تختلفة اليت ينزؿ هبا ك٬تتازىا سالكو طريق اٟتقيقة.
-كقد مر معنا أيضان أف اإلماـ الشاطيب الذم يعده ا١تتسلفة إمامان ٢تم كيعدكنو كتابو (االعتصاـ)
مرجعان أساسيان لبعض آرائهم ،عقد ُب كتابو ىذا فصوالن كرٯتة عن التصوؼ اإلسبلمي كأثبت أنو
من صميم الدين كليس ىو مبتدعان ،ككَب ا١تقاـ حقو من الكبلـ ٔتا تسلم لو العقوؿ كالقلوب
قائبلن :إف كثَتان من اٞتهاؿ يعتقدكف ُب الصوفية أهنم متساىلوف ُب االتباع كالتزاـ مادل يأت ُب
الشرع التزامو٦ ،تا يقولوف بو كيعملوف عليو ،كحاشاىم من ذلك أف يعتقدكف أك يقولوا بو ،فأكؿ
شيء بنوا عليو طريقهم اتباع السنة ،كاجتناب ما خالفها.
-كذلك شأف اإلماـ السبكي كىو من كبار الفقهاء كعلماء األصوؿ ا١تدافعُت عن السنة بإٚتاع
كثَت من العلماء كا١تشهور ٔتحاربتو للبدع كا٠ترافات يتحدث عن الصوفية قائبلن( :بأهنم فازكا فوزان
عظيمان كبلغوا من الكماالت ما دل يصل إليو غَتىم)(ُ).
-أال فليتق اللٌو من يتكلم ُب حق ىذه الطائفة بغَت تثبت من ا١تسلمُت ٦تن ينسب إذل العلم،
كاألحرل بو أف يراجع تلك النصوص اليت أكردناىا من الكتب ا١تختلفة ليقف على حقيقة أمر ىؤالء
الرجاؿ كال يسارع إذل اٟتكم عليهم إال بعد التثبت كالتمحيص فاٟتكمة ضالة ا١تؤمن يلتقطها أىن
يدع ا٢تجوـ عليهم أك على التسمية اليت كثر حو٢تا ا٠تبلؼ كىل ىي لقب أك نسبة فبل
كجدىا كأف ى
مشاحة ُب االصطبلح ،كما قاؿ الشيخ ابن تيمية كالذم يعنينا ىو اٞتوىر كا١تضموف كما ىو عليو
ىؤالء القوـ من عقائد كآراء.
- 52 -
التصوف المفترى عليو
-لعل من أىم األسباب اليت جعلت كثَتان من ا١تتأخرين يهاٚتوف التصوؼ حىت إف بعضهم
يصفهم با١تبتدعُت أك با١ترتدين كيشن عليهم حربان ضركسان ُب أقوالو ككتاباتو.
-أقوؿ :لعل من أ٫تها ما يركنو على بعض من تسمى باسم التصوؼ ،كالتصوؼ منهم بىػىراء،
فهم يركف منهم استغبلالن أك ا٨ترافان أك كذبان ،أك معاملة سيئة ،أك أعماالن شاذة ،أك خركجان عن
تعاليم الشريعة ،أك غَت ذلك من األمور اليت ال يرضاىا عاقل أك مسلم أك ٤تب للٌو كرسولو
.
فهل ينبغي إف رأل أحد من أكلئك على ىؤالء مثل ىذه األمور أف يشن حربان على أىل
التصوؼ ٚتيعان.
-إ ٌف ا١تنصفُت دائمان يركف أنو قد يوجد ُب كل ٚتاعة أيان كانت بعض ا١تنافقُت أك ا١تستغلُت أك
ا١تنحرفُت أك السيئُت ،كىذا ال يدفعهم إذل اٟتكم على اٞتماعة كاملة بأحكاـ جائرة ألف اٟتكم
يكوف على ا١تبادئ كاٟتقائق كليس اٟتكم على الشواذ من ا١تدعُت.
-كبناء على ذلك نرل أف كل ما ٮتالف تعاليم اإلسبلـ كشرائعو ُب شيء ال تصح نسبتو إذل
الصوفية كالتصوؼ كإ٪تا ىو من ضبلالت ا١تدعُت الذين انتسبوا للتصوؼ زكران كهبتانان أك من
األمور ا١تدسوسة على كتبهم بقصد الطعن ُب ىؤالء القوـ كتشويو صورهتم كهنجهم كما حدث
س فيها من اإلسرائيليات ما يناقض ما عرؼ عن ىؤالء ا١تفسرين من
ُب كتب التفسَت ،فقد يد ٌ
حرص على بياف اٟتق كالبعد عن ىذه ا١تركيات ا١تلفقة ككذلك ما جاء ُب بعض كتب اٟتديث
من األحاديث ا١توضوعة ،كقاـ العلماء األجبلء ببياهنا كلذلك فإين أرل أف ا٢توة بُت التصوؼ
كا١تعارضُت لو نشأت من اقتناعهم بأف ىذه األقواؿ الباطلة ىي من صميم آراء ا١تتصوفة ،كلو
- 53 -
أهنم كضعوا األمور ُب نصاهبا كنظركا إليها نظرة فاحصة مستبصرة لوجب عليهم أال يلصقوا ىذه
األقواؿ الشنيعة هبؤالء القوـ كأف ٭تسنوا الظن هبم كخاصة أهنم قد لقوا رهبم كأصبحوا بُت يدم
اللٌو تعاذل كأفضوا إذل ما قدموا.
-كإليك بعض األمثلة على ذلك الدس كاالفًتاء على ىؤالء القوـ يقوؿ الشيخ عبد الوىاب
(ُ)
علي صربم على اٟتسدة كاألعداء ١تا دسوا ُب كتيب
ٌ بو كتعاذل تبارؾ ول
ٌ ال من
ٌ (ك٦تا : الشعراين
كبلمان ٮتالف ظاىر الشريعة كذلك ١تا صنفت كتاب :البحر ا١توركد ُب ا١تواثيق كالعهود ككتب
عليو علماء ا١تذاىب األربعة ٔتصر كتسارع الناس لكتابتو فكتبوا منو ٨تو أربعُت نسخة غار من
ذلك اٟتسدة فاحتالوا على بعض ا١تغفلُت من أصحايب كاستعاركا منو نسختو ككتبوا ٢تم منها
بعض كراريس كدسوا فيها عقائد زائفة كمسائل خارقة إلٚتاع ا١تسلمُت كحكايات كسخريات عن
جحا كابن الراكندم كسبكوا ُب ذلك غضوف الكتاب ُب مواضيع كثَتة حىت كأهنم ا١تؤلف ٍب
أخذكا تلك الكراريس كأرسلوىا إذل سوؽ الكتب ُب يوـ السوؽ كىو ٣تمع طلبة العلم فنظركا ُب
تلك الكراريس كرأكا اٝتي عليها فاشًتاىا من ال ٮتشى اللٌو تعاذل ٍب دار هبا على علماء جامع
األزىر فأكقع ذلك فتنة كبَتة كمكث الناس يدكركف ُب ا١تساجد كاألسواؽ كبيوت األمراء ٨تو سنة
كانتصر رل الشيخ نصر الدين اللقاين كشيخ اإلسبلـ اٟتنبلي كالشيخ شهاب الدين بن اٟتليب كل
ذلك كأنا ال أشعر فأرسل رل شخص من احملبُت باٞتامع األزىر كأخربين ا٠ترب فأرسلت نسخيت
اليت عليها خطوط العلماء فنظركا فيها فلم ٬تدكا فيها شيئان ٦تا دسو ىؤالء اٟتسدة...اخل)(ِ).
(ُ)عبد الوىاب الشعراين( :أبو ا١تواىب ،أبو عبد الرٛتن) عبد الوىاب بن أٛتد بن علي بن أٛتد بن ٤تمد
بن موسى الشعراين ،األنصارم ،الشافعي ،الشاذرل ،ا١تصرم فقيو ،أصورل٤ ،تدث ،صوُب ،مشارؾ ُب أنواع
من العلوـ .كلد ُب قلقشنده ٔتصر ،كتوُب بالقاىرة(ّٕٗ ق ُٓٔٓ /ـ ،لو تصانيف كثَتة [معجم ا١تؤلفُت]
(ِ) عبد الوىاب الشعراين :لطائف ا١تنن كاألخبلؽ ،جزءِ ،صَُٗ.
- 54 -
-كقد ذكر ذلك أيضان ا١تؤرخ الكبَت عبد اٟتي بن العماد اٟتنبلي(ُ) حيث قاؿ( :كحسده طوائف
فدسوا عليو كلمات ٗتالف ظاىر الشرع كعقائد زائغة كمسائل ٗتالف اإلٚتاع فخذ٢تم اللٌو
كأظهره اللٌو عليهم ككاف مواظبان على السنة كمبالغان ُب الورع ..اخل) (ِ).
-كمن ذلك يتبُت كاضحان جليان أف كل ما نراه ُب الكتب منسوبان إليهم كىو ٥تالف للشرع كما
ُب الطبقات الكربل للشعراين فهو من كضع الزنادقة كقد جاء ُب كتاب حقائق عن التصوؼ ما
يلي( :ككذلك دسوا على الشيخ ٤تيي الدين بن العريب رٛتو اللٌو قاؿ الشعراين (كاف رضي اللٌو
عنو مقتديان بالكتاب كالسنة كيقوؿ :كل من رمى ميزاف الشريعة من يده ٟتظة ىلك) إذل أف قاؿ:
(كٚتيع ما عارض من كبلمو ظاىر الشريعة كما عليو اٞتمهور فهو مدسوس عليو) كما أخربين
بذلك سيدم أبو طاىر ا١تغريب ٍب أخرج رل نسخة الفتوحات ا١تكية اليت قابلها على نسخة الشيخ
اليت ٓتطو ُب مدينة قونية فلم ير فيها شيئان ٦تا كنت توقفت فيو كحذفتو حُت اختصرت
الفتوحات....
ٍب قاؿ الشعراين رٛتو اهلل :إذا علمت ذلك فيحتمل أف اٟتيس ىد دسوا على الشيخ ُب كتبو كما
دسوا ُب كتيب أنا ،فإنو أمر قد شاىدتو عن أىل عصرم ُب حقي ،فاهلل يغفر لنا ك٢تم آمُت) (ّ).
-كذكر العبلمة ابن عابدين الفقيو اٟتنفي كصاحب أكرب موسوعة ُب الفقو اٟتنفي أف األرجح
عنده بالنسبة ١تا كرد ُب كتب الشيخ ٤تيي الدين بن عريب ٦تا ٮتالف الشرع بأنو مفًتل عليو
(ُ)عبد اٟتي بن العماد(أبو الفبلح) :عبد اٟتي بن اٛتد بن ٤تمد بن العماد العكرم ،الدمشقي،
الصاٟتي ،اٟتنبلي ،ا١تعركؼ بابن العماد مؤرخ ،فقيو ،أديب.كلد ُب صاٟتية دمشق ،كأقاـ بالقاىرة مدة
طويلة ،كتوُب ٔتكة(َُٖٗ ق ُٕٔٗ /ـ)[ .معجم ا١تؤلفُت]
(ِ) عبد اٟتي اٟتنبلي :شذرات الذىب ،جزءٖ ،صّْٕ.
(ّ) عبد القادر عيسى صَْٗ نقبلن عن اليواقيت كاٞتواىر للشعراين جزءُ صٗ.
- 55 -
كلذلك ٕتد نص عبارتو( :لكن الذم تيقنتو أف بعض اليهود افًتاىا على الشيخ قدس اللٌو
سره)(ُ).
-بل إف ابن تيمية نفسو يعًتؼ بالدس على السيدة رابعة العدكية(ِ) حيث يقوؿ( :كأما ما ذكر
عن رابعة عن قو٢تا عن البيت اٟتراـ إنو الصنم ا١تعبود ُب األرض فهو كذب على رابعة ا١تؤمنة
التقية.)ّ( )..
-فقد بينا سابقان أف التصوؼ ليس شيئان جديدان على اإلسبلـ ،كال منفصبلن عنو ،كال زيادة
مضافة إليو :إنو اسم يعرب عن اختصاص ّتانب معُت من اإلسبلـ إنو جانب مهم ،ىو جانب
التزكية ،التزكية اليت ىي من مهمات النيب اليت أرسلو اللٌو هبا .قاؿ تعاذل مبينان ذلك:
ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﮊ(ُ).
-كقد أمرنا اللٌو ُ ب عدد من اآليات باالىتماـ هبذا اٞتانب ُب مثل قولو سبحانو:
ﮋﭰﭱﭲﭳﭴﮊ(ِ).
-كما أف التصوؼ من جهة أخرل يسعى إذل الوصوؿ إذل مقاـ اإلحساف عند ا١تسلم كىو أحد
األركاف األساسية للدين كما جاء ُب الصحيح من حديث جربيل مع رسوؿ اللٌو فقاؿ رسوؿ
ك تىػىراهي ،فىًإ ٍف ىدلٍ تى يك ٍن تىػىراهي فىًإنوي يىػىر ىاؾ »(ْ).
اللٌو « :ا ًإل ٍح ىسا يف أى ٍف تىػ ٍعبي ىد اللوى ىكأىن ى
-كبلفظ آخر :أحكاـ تتعلق بظاىر اإلنساف كأحكاـ تتعلق بباطنو (القلب كالنفس).
-كأما األعماؿ اليت تًتتب على القلب فهي كذلك نوعاف أكامر كنواه ،فاألكامر ا١تفركضة:
كاإلٯتاف باللٌو كمبلئكتو ..ككاإلخبلص كالتوكل كا٠تشوع كالصدؽ كالصرب..
-كىذا القسم الثاين ىو ا١تعوؿ عليو ُب ديننا أال كىو أعماؿ القلوب ألنو ىمٍبػ ىٌت األمور كلها على
إخبلص النيات لرب الربيات اليت ال يعلم هبا غَته فقد قرف اللٌو سبحانو كتعاذل أعماؿ الظاىر
كسبلمة الباطن فيها ،ألف فساد الباطن يوجب فساد األعماؿ الظاىرة ،فقاؿ سبحانو:
ﮋﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﮊ (ُ).
ﮋﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ (ِ).
-ككما أخرب سيدنا ٤تمد أف ٤تل نظر الرب ىو القلب ،فقاؿ « :إف اللٌو ال ينظر إذل
أجسامكم كال إذل صوركم كلكن ينظر إذل قلوبكم كأعمالكم»(ّ).
٦ -تا مر معنا نتبُت أف التصوؼ إ٪تا ىو العلم ا١تختص ٔتوضوع ىاـ ىو فقو الباطن ا١تسمى بعلم
الباطن كىو الذم يهتم باألحكاـ اليت تتعلق بباطن اٞتسد كىو القلب كالنفس كىو ما ٝتاه القرآف
أيضان بالتزكية كٝتاه النيب باإلحساف.
-كىذا اٞتانب الذم اىتم بو التصوؼ ىو جانب أساسي بل ىو اٞتانب األىم ُب الشريعة
ألهنا تبٌت عليو.
فرض عُت ألف تصفية القلب كمداكاتو ،ككبح -لذلك ع ٌد كثَت من العلماء ىذا االختصاص ى
ٚتاح النفس عن شهواهتا كهتذيبها كتزكيتها كالسعي هبا إذل كماالهتا ،للوصوؿ إذل مقاـ اإلحساف
من أىم الفرائض العينية كأىم الواجبات الربانية ،كقد دؿ على ذلك كثَت من آيات القرآف كسنة
النيب كأقواؿ العلماء كالفقهاء اليت تتحدث عن أعماؿ القلب كاإلخبلص كاإلٯتاف كحسن
ا٠تلق كالصدؽ كالصرب كالتوكل كاإلحساف كالبعد عن الرياء كاٟتقد كاٟتسد كالنفاؽ...
-كقد أٚتع العلماء على أف األمراض كاآلفات القلبية من الكبائر اليت ٖتتاج إذل توبة مستقلة
ألف أمراض الباطن كافية إلحباط أعماؿ العبد كلو كانت كثَتة.
(ُ)ا١تصدر السابق.
(ِ)٤تمد أٛتد الفاسي:الدر الثمُت كا١تورد ا١تعُت.
- 61 -
حاجتنا إلى التصوف
ماسة إذل التصوؼ فهو -لو رجعنا إذل تارٮتنا القدًن ،التاريخ اإلسبلمي ،ألدركنا أ ٌف اٟتاجة ٌ
الذم حفظ ركح الدين كجوىره على مدل ىذا التاريخ ،كىو الذم عمل أتباعيوي على نشر ىذه
الدعوة ،خاصة بعد الفتوحات ،فعن طريق التجارة كغَتىا عمل الدعاة ا١تتصوفة على إيصاؿ ىذا
الدين إذل ٚتيع بقاع ىذا العادل شرقو كغربو مشالو كجنوبو ،فكانوا عامبلن ىامان ُب نشر ىذا الدين
ككصولو إذل ىذه الببلد البعيدة متحملُت مشاقان قاسية صعبة دل يسهلها عليهم إال تصوفهم الذم
بٌت إٯتاهنم ا١تتُت ،كعقيدهتم الصادقة ،كسلوكهم ا١تستقيم ،كإرادهتم القوية ،كصربىم الشديد،
فهاف عليهم ما القوه ،كفرحوا ٔتا بذلوه.
( -كٕتدر اإلشارة أف الطرؽ الصوفية قد قامت بنشر اإلسبلـ ُب أصقاع دل تطأىا جيوش
ا١تسلمُت كما حصل ُب غرب ككسط كجنوب الصحراء اإلفريقية حيث اندفعت ىذه الطرؽ إذل
الناس ُب القرل كاألماكن النائية تاركة ا٠تطوط التجارية كا١تسالك ا١تعركفة كا١تدف الكربل،
فسطرت بذلك مآثر ال ينافسها سواىا ُب ٣تا٢تا) (ُ).
-ىذا كقاؿ شاتيلي -كىو أحد ا١تؤرخُت الغربيُت كبعد أف أطاؿ البحث كالشرح ُب كيفية انتشار
اإلسبلـ ُب العادل ،كبعد أف ىعىزاهي إذل مشايخ الطرؽ الصوفية( :-كا٠تبلصة أف اإلسبلـ مدين بكل
فتوحاتو السلمية كانتشاره ُب األقطار ٞتماعة الصوفية ،فمشايخ الطرؽ ىم ُب اٟتقيقة الذين
يديركف حركة اإلسبلـ اٟتية ،كال ٮتفى ما ُب عملهم ىذا من ا٠تطر على ا١تصاحل األكربية) (ِ).
-كالتًت كا١تغوؿ اللذاف دل تستطع قوة أف تقف أمامهما استطاع ىؤالء الدعاة ا١تتصوفة إيقافهم
كصدىم كإجبارىم على الًتاجع كذلك بفضل دعوهتم إياىم إذل اإلسبلـ ،فدخل اإلسبلـ قلوب
-كإذا أردنا أف نعرؼ بعض األعماؿ اليت قاـ هبا رجاالت التصوؼ فلنستمع إذل الشيخ أيب
اٟتسن الندكم(ُ) كىو عضو اجملمع العلمي العريب بدمشق كمعتمد ندكة العلماء با٢تند ،يقوؿ ُب
ْتث ((الصوفية ُب ا٢تند كتأثَتىا ُب اجملتمع)):
(إف ىؤالء الصوفية كانوا يبايعوف الناس على التوحيد كاإلخبلص كاتباع السنة ،كالتوبة عن
ا١تعاصي ،كالظلم ،كالقسوة ،كيرغبوهنم ُب التحلي باألخبلؽ اٟتسنة ،كالتخلي عن الرذائل ،مثل
الكرب كاٟتسد كالبغضاء ،كالظلم كحب اٞتاه ،كتزكية النفس كإصبلحها ،كيعلموهنم ذكر اللٌو،
كالنصح لعباده ،كالقناعة كاإليثار ،كعبلكة على ىذه البيعة اليت كانت رمز الصلة العميقة ا٠تاصة
بُت الشيخ كمريديو ،إهنم كانوا يعظوف الناس دائمان ،ك٭تاكلوف أف يلهبوا فيهم عاطفة اٟتب للٌو
سبحانو ،كاٟتنُت إذل رضاه ،كرغبة شديدة إلصبلح النفس كتغَت اٟتاؿ.)ِ( )...
ٍ -ب ٖتدث عن مدل تأثَت أخبلقهم كإخبلصهم كتعليمهم كتربيتهم ك٣تالسهم ُب اجملتمع
كاٟتياة ،كضرب بعض األمثلة اليت تلقي الضوء على ىذا الواقع التارٮتي ٍب ٖتدث عن الشيخ
أٛتد الشهيد ،رٛتو اللٌو تعاذل ،فقاؿ( :إف الناس أقبلوا عليو إقباالن منقطع النظَت ،كإنو دل ٯتر ببلدة
إال كتاب على يديو كبايعو عدد كبَت من الناس ،كإنو أقاـ ُب كلكتا شهرين كيقدر أف الذين كانوا
(ُ)أبو اٟتسن الندكم رباين األمة عادل رباين كداعية ٣تاىد كأديب ٘تيز ّتماؿ األسلوب كصدؽ الكلمات
كلد بقرية تكية ،مديرية رائي بريلي ،ا٢تند كقد شارؾ رٛتو اهلل ُب عدد من ا١تؤسسات كاٞتمعيات اإلسبلمية،
كمنها تأسيس اجملمع العلمي با٢تند ،كتأسيس رابطة األدب اإلسبلمي كما أنو :عضو ٣تمع اللغة العربية
بدمشق ،كعضو اجمللس التنفيذم ١تعهد ديوبند ،كرئيس ٣تلس أبناء مركز أككسفورد للدراسات اإلسبلمية.
[اجملمع اٞتامع ُب تراجم العلماء كطلبة العلم ا١تعاصرين]
(ِ) أبو اٟتسن الندكم :ا١تسلموف ُب ا٢تند.
- 63 -
يدخلوف ُب البيعة ال يقل عددىم عن ألف نسمة يوميان ،كتستمر البيعة إذل نصف الليل ،ككاف
من شدة الزحاـ ال يتمكن من مبايعتهم كاحدان كاحدان ،فكاف ٯت ٌد سبعة أك ٙتانية من العمائم،
كالناس ٯتسكوهنا كيتوبوف كيعاىدكف اللٌو ،ككاف ىذا دأبو كل يوـ سبع عشر أك ٙتاين عشرة
مرة.)ُ( )...
-كٖتدث عن شيخ اإلسبلـ عبلء الدين رٛتو اللٌو تعاذل ،فقاؿ( :إف السنوات األخَتة من
عهده ٘تتاز بأف كسدت فيها سوؽ ا١تنكرات من ا٠تمر اٟتراـ كالفسق كالفجور كا١تيسر
كالفحشاء ّتميع أنواعها ،كدل تنطق األلسن هبذه الكلمات إال قليبلن ،كأصبحت الكبائر تشبو
الكفر ُب أعُت الناس ،كظل الناس يستحيوف من التعامل بالربا كاالدخار كاالكتناز علنان،
كندرت ُب السوؽ حوادث الكذب كالتطفيف كالغش.)ِ( )..
ٍب قاؿ ( :إف تربية ىؤالء الصوفية كا١تشايخ ك٣تالسهم كانت تنشئ ُب اإلنساف رغبة ُب إفادة
الناس ،كحرصان على خدمتهم كمساعدهتم.)ّ( )...
-كقاؿ الشيخ أبو اٟتسن الندكم ُب كتابو( :فبل شك أنو لوال ىؤالء ((الصوفية)) أصحاب
النفوس ا١تزكاة ،الذين كصلوا إذل درجة اإلحساف كفقو الباطن الهنار اجملتمع اإلسبلمي ،إٯتانان
ركحانيان ،كابتلعت موجة ا١تادية الطاغية العاتية ،الباقية من إٯتاف األمة ك٘تاسكها ،كضعفت صلة
القلوب باللٌو ،كاٟتياة بالركح كاجملتمع باألخبلؽ ،كفقد اإلخبلص كاالحتساب ،كانتشرت
األمراض الباطنة كاعتلت القلوب كالنفوس ،كفقد الطبيب ،كتكالب الناس على حطاـ الدنيا،
ٍ -ب ٌبُت األستاذ الندكم أف تأثَت ىذه ا١تواعظ ،كدخوؿ الناس ُب الدين كانقيادىم للشرع ٌأدل إذل
تعطيل ٕتارة ا٠تمر ،ككساد سوقها ُب كلكتا ،كىي كربل مدف ا٢تند ،كمركز اإل٧تليز ،ككسدت سوقو
كأفقرت ا٠تانات كاعتذر ا٠تماركف عن دفع الضرائب للحكومة ،متعللُت بكساد السوؽ ،كتعطيل
ٕتارة ا٠تمر...
ٍب قاؿ( :إف ىذه اٟتالة كانت نتيجة أخبلؽ ىؤالء ا١تصلحُت كالدعاة الصوفية كا١تشايخ
كركحانيتهم ،أف اىتدل هبم ُب ىذه الببلد الواسعة عدد ىائل من الناس كتابوا عن ا١تعاصي
كا١تنكرات كاتباع ا٢تول) (ِ).
كُب ختاـ البحث قاؿ األستاذ الندكم حفظو اللٌو تعاذل( :لقد كانت ىناؾ ّتهود ىؤالء الصوفية
أشجار كثَتة كارفة الظبلؿ ُب مئات من ببلد ا٢تند ،اسًتاحت ُب ظلها القوافل التائهة كا١تسافركف
ا١تتعبوف ،كرجعوا بنشاط جديد كحياة جديدة)(ّ).
-كٖتدث الشيخ أبو اٟتسن الندكم عن الصوفية كأثرىا ُب نشر اإلسبلـ بصدر حديثو عن
الصوُب الشهَت كا١ترشد الكبَت سيدم الشيخ عبد القادر اٞتيبلين قدس اللٌو ركحو ،فقاؿ:
٨تو من سبعُت ألفان ،كأسلم على يديو أكثر من ٜتسة آالؼ من اليهود (ككاف ٭تضر ٣تلسو ه
كالنصارل ،كتاب على يديو من العيارين أك ا١تساٟتة(ْ) أكثر من مائة ألف ،كفتح باب البيعة
(ُ)الشيخ حامد إبراىيم ٤تمد صقر :تصدير كتاب نور التحقيق ،صُػّ بتصرؼ.
- 67 -
-مع ىذا الواقع األليم أال ٨تتاج إذل ا١تصلحُت كا١تزكُت كا١تربُت الذين يأخذكف بأيدم ىؤالء إذل
جوىر اإلسبلـ علمان كعمبلن كتطبيقان لشرع اهلل كسنة نبيو.
-فما أحرانا بأف نعود إذل العلماء العارفُت كا١تزكُت ا١تربُت٧ ،تالسهم بأدب ،كنتعلم منهم كنتأدب
بآداهبم ،كنتخلق بأخبلقهم ،كنسلك طريقهم حىت نفوز بسعادة الدارين الدنيا كاآلخرة ،كمن ىٍب
٨تمل ىذه التعاليم كندعو إليها لتعم الببلد ،كينعم العباد ،كيسود الوداد ،حىت نلقى رب العباد
-كما أنو يعمل على معاٞتة النفس من أمراضها كالكرب كالشح كالعجب كاٟتسد كالرياء كاٟتقد
كالغش كالغضب كالعداكة كالبغضاء كالطمع كالبخل كالبطر كا٠تيبلء كا٠تيانة كا١تكر كا٠تداع كالظلم
كالقسوة.
-معتمدان على كسائل كثَتة منها التوبة كاالستغفار ،كمراقبة اللٌو ُب كل اٟتركات كالسكنات
كاألعماؿ ،كا٠توؼ منو كمن عقابو كاإلكثار من الذكر كالتسبيح كاحملافظة على الفرائض كاإلكثار
من النوافل كصبلة الليل كالتهجد إذل غَت ذلك من أعماؿ السلوؾ كالرياضة الركحية ككل ىذه
ا١تواضيع كغَتىا ٦تا يشتمل عليها منهاج التصوؼ إ٪تا ىي جزء ىاـ من اإلسبلـ إهنا اٞتانب
الركحي كالفقو الباطٍت كالتزكية اإلٯتانية كاإلحساف الذم ىو أحد أركاف الدين.
-يقوؿ الشيخ ٤تمد أمُت الكردم شارحان منهج التصوؼ( :التصوؼ ىو علم يعرؼ بو أحواؿ
النفس ٤تمودىا كمذمومها ،ككيفية تطهَتىا من ا١تذموـ منها ،كٖتليها باالتصاؼ ٔتحمودىا،
ككيفية السلوؾ كالسَت إذل اللٌو تعاذل كالفرار إليو.
إال أخو فطنة باٟتق معركؼ علم التصوؼ علم ليس يدركو
ككيف يشهد ضوء الشمس مكفوؼ ككيف يعرفو من ليس يشهده
وموضوعو :أفعاؿ القلوب كاٟتواس من حيث التزكية كالتصفية.
- 69 -
وثمرتو :هتذيب القلوب ،كمعرفة عبلـ الغيوب ذكقان ككجدانان ،كالنجاة ُب اآلخرة كالفوز برضا اللٌو
تعاذل كنيل السعادة األبدية ،كتنوير القلب كصفاؤه ْتيث ينكشف لو أمور جليلة ،كيشهد أحواالن
عجيبة ،كيعاين ما عميت عينو بصَتة غَته.
وفضلو :أنو أشرؼ العلوـ ا١تتعلقة ٔتعرفة اللٌو تعاذل كحبو كىي أفضل على اإلطبلؽ.
كنسبتو إذل غَته من العلوـ ،أنو أصل ٢تا كشرط فيها ،إذ ال علم كال عمل إال بقصد التوجو إذل
اللٌو فنسبتو ٢تا كالركح للجسد)(ُ).
-كلقد اتبع ىذا ا١تنهج الصحابة الكراـ ،كمن بعدىم التابعوف ،كتابعوىم كالسلف الصاحل
كالعلماء العاملوف ،كعلى مر العصور كاألياـ ،كما خالفهم إال كل جاىل أك حاقد أك حاسد أك
مستأجر أك منافق أك ذك أىواء كأغراض.
-فما أحرانا ٨تن أف نتبع ىذا ا١تنهج كنتعلمو ك٨تافظ عليو كنطبقو كندعو إليو ،ككم ٨تن ْتاجة
إليو كخاصة ُب ىذا الزماف.
-كالبد لسلوؾ ىذا ا١تنهج من اتباع ا١تعلم ا١ترشد ،كالشيخ الداؿ على اللٌو عز كجل الذم سلك
ىذا الطريق كعرؼ كنهو كصدؽ فيو فأصبح مرشدان حقان كمربيان صادقان يستطيع أف يدؿ من أراد
سلوؾ ىذا الطريق إذل حقائقو كالوصوؿ بو إذل نتائجو كىي معرفة اللٌو ا١تعرفة اٟتقيقة كالعمل على
رضائو كالسعي إذل طاعتو كالسَت على منهجو حىت يلقاه كىو راض عنو ،كيناؿ بذلك سعادة
الدارين الدنيا كاآلخرة ،ككذلك ٭تتاج ىذا ا١تنهج إذل صحبة أىلو كالصدؽ معهم حىت يتعلم
منهم كيستفيد منهم.
الشطح
- 71 -
أنواع التصوف
-ظهر التصوؼ منذ نشأتو إذل ىذا الوقت ُب ثبلثة أشكاؿ:
أولً التصوف السن ّي( :كىو ا١تعترب كا١تعتمد عند أىل التصوؼ اٟتقيقيُت).
-كىو ما اعتمد ُب طريقتو كسلوكو على القرآف كالسنة ،كىذا ما ٝتي أيضان بالتصوؼ السلفي أك
التصوؼ الشرعي كما ٝتاه ابن تيمية(ُ).
-كىو يدعو للتقيد بالشريعة الس ٍمحة بعيدان عن الشطحات الكثَتة ،كىذا ىو التصوؼ الذم
نتحدث عنو ُب كتابنا ىذا ،كنتمسك بو كندعو إليو .
-كقد عرب عن ىذا التصوؼ العارؼ باهلل سهل التسًتم كىو من كبار علمائو بقولو:
(أصوؿ طريقتنا ستة :التمسك بكتاب اهلل ،كاالقتداء بسنة رسوؿ اهلل ،كأكل اٟتبلؿ ،ككف
األذل ،كاجتناب اآلثاـ ،كأداء اٟتقوؽ) (ِ).
-التصوؼ السٍت يقوـ على االعتداؿ كالوسطية كالتوازف ُب كل شأف من شؤكف الدين كالدنيا
٤تققان قوؿ اهلل سبحانو كتعاذل:
ﮋﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ
(ّ)
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﮊ
إذل غَت ذلك من اآليات اليت تدعو إذل التوسط كاالعتداؿ كعدـ ا١تغاالة أك اإلفراط أك التفريط.
-كلقد أشار ٝتاحة ا١تريب الشيخ أٛتد كفتارك رٛتو اهلل إذل ىذا النوع من التصوؼ -كىو الذم
اعتمده منهجان ُب تربية تبلمذتو -حُت قسم التصوؼ إذل قسمُت:
(إف التصوؼ الرىباين ىو الذم حطم كجود العادل اإلسبلمي الفكرم كاٟتضارم ،كىو الذم
أضعف ا١تسلمُت فكريان كحضاريان.
ٍب ٖتدث عن التصوؼ القرآين فقاؿ :كأما التصوؼ القرآين فهو التصوؼ ا١تعتمد بل النابع من
تعاليم القرآف اليت توجو إذل الفقو الباطٍت ك التزكية النفسية ك الًتبية األخبلقية ك يعقب على ذلك
بقولو( :دعونا من كلمة تصوؼ كلنعد إذل مصطلح القرآف :التزكية كالًتبية الركحية كالًتبية
اٟتكيمة اليت تعطي إسبلـ اٟتياة ا١تتكاملة فكران كركحان كخلقان كمعاملة).
ٍب أضاؼ قائبلن( :كأما التصوؼ القرآين ْتقائقو الكلية ككاقعو فينقسم أيضان إذل قسمُت:
(ُ)سورة األعراؼُّ:
(ِ) سورة اإلسراء.َّ-ِٗ :
- 73 -
فالتصوف الخلقي :ىو التصوؼ الذم ٬تب أف يتحلى بو كل مسلم ،كال يستثٌت منو
أحد ،كىو الًتبية الركحية القرآنية ا٠تلقية بًتكيض النفس لتمثل أخبلؽ القرآف كاملة.
والتصوف التحققي :ىو إدراؾ مقاـ اإلحساف كما جاء ُب حديث رسوؿ اهلل عندما
جاءه جربيل كقاؿ :ما اإلحساف؟ قاؿ( :أف تعبد اهلل كأ٪تا تراه ،فإف دل تكن تراه فهو يراؾ).
كاإلحساف ىو أعلى مراتب اإلٯتاف بل ىو اليقُت اٟتقيقي كىو اإلٯتاف الشهودم.
-كىو ما ابتدعو بعض من انتسب إذل التصوؼ ،كأدخلوا فيو بدعان كثَتة تناُب الشريعة كليس ٢تا
أصل فيها ،كقد جاء ُب كتاب االعتصاـ( :البدعة عبارة عن طريقة ُب الدين ٥تًتعة تضاىي ه
الشريعة يقصد بالسلوؾ عليها ا١تبالغة ُب التعبد هلل تعاذل) (ُ).
-كىذا مرفوض شرعان كيرفضو أىل التصوؼ اٟتقيقيوف ،كقد ظهر من بعض الصحابة مثل ىذا
ساألمر ،فأظهر النيب رفضو لو كعدـ موافقتهم يظهر ذلك كاضحان ُب اٟتديث الذم ركاه أىنى ي
وت أىٍزىك ًاج النيب يى ٍسأىليو ىف ىع ٍن ًعبى ىادةً النًيب فىػلىما وؿ :جاء ثىبلىثىةي رى وط إً ىذل بػي ً ًو
يي ىٍ بٍ ين ىمالك يىػ يق ي ى ى
اؿوىا فىػ ىقاليوا ىكأىيٍ ىن ىٍ٨ت ين ًم ىن النًيب قى ٍد غي ًفىر لىوي ىما تىػ ىقد ىـ ًم ٍن ىذنٍبً ًو ىكىما تىأىخىر .قى ى
يخًربيكا ىكأىنػ يه ٍم تىػ ىقال ى
أٍ
آخير :أىنىا
اؿ ى ىصويـ الد ٍىىر ىكالى أيفٍ ًطير .ىكقى ى آخير :أىنىا أ ي
اؿ ىيصلى اللٍي ىل أىبى ندا .ىكقى ى ىح يد يى ٍم :أىما أىنىا فىًإين أ ى أى
ين قيػ ٍلتي ٍم ىك ىذا ىكىك ىذا أ ىىما ىكالل ًو ً وؿ الل ًو فىػ ىق ى
أ ٍىعتى ًزيؿ الن ىساءى فىبلى أىتىػىزك يج أىبى ندا ،فى ىجاءى ىر يس ي
اؿ « :أىنٍػتي يم الذ ى
ب إًين ألىخ ىشا يكم لًل ًو كأىتٍػ ىقا يكم لىو ،لىكًٍت أىصوـ كأيفٍ ًطر ،كأيصلي كأىرقي يد كأىتىػزكج النساء ،فىمن رغً
ي ي ى ي ى ى ىٍ ى ى ي ى ى ىٍ ى ى ٍ ٍ ى ٍ ي
س ًمٍت »(ِ). ً
ىع ٍن يسنيت فىػلىٍي ى
مهم يجب أن نفهم جوابو :ما البدعة وما حكمها؟
سؤال ٌ
-قاؿ اٟتافظ ابن حجر ُب شرح حديث البخارم « (:كشر األمور ٤تدثاهتا» (ّ).
البدعة شرعاً :عرؼ اإلماـ النوكم البدعة( :ىي إحداث ما دل يكن ُب عهد رسوؿ اهلل .)ِ()
ىذا كقد قسم العلماء البدعة إذل قسمُت اثنُت :بدعة ٤تمودة ،كبدعة مذمومة.
فقد قاؿ الشافعي رٛتو اهلل تعاذل( :البدعة بدعتاف :بدعة ٤تمودة ،كبدعة مذمومة ،فما كافق
السنة فهو ٤تمود ،كما خالف السنة فهو مذموـ) (ّ).
كأخرج البيهقي عن اإلماـ الشافعي ُب مناقبو( :احملدثات ضرباف :ما أيحدث فيو ٦تا ٮتالف كتابان
أك سنة أك أثران أك إٚتاعان فهذه البدعة الضبللة ،كما أيحدث فيو من ا٠تَت ال ٮتالف شيئان من ذلك
فهو ٤تدثة غَت مذمومة) (ْ).
واجبة :مثل تعلم النحو ،كنظم أدلة ا١تتكلمُت للرد على ا١تبلحدة كا١تبتدعُت...
مندوبة :مثل األذاف على ا١تنائر ،كتصنيف كتب العلم كبناء ا١تدارس كغَت ذلك...
-ك٦تا يوضح فهم ىذا ا١توضوع حديث النيب الذم قاؿ فيو « :ىم ٍن ىسن ًُب ا ًإل ٍسبلىًـ يسنةن
يجوًرًى ٍم ىش ٍيءه ىكىم ٍن ىسن ًُب حسنىةن فىػلىو أىجرىا كأىجر من ع ًمل ًهبا بػع ىده ًمن ىغ ًَت أى ٍف يػٍنػ يق ً
ص م ٍن أ يى ى ى ى ي ٍ يى ى ٍ ي ى ٍ ى ى ى ى ٍ ي ٍ ٍ
ص ًم ٍن أ ٍىكىزا ًرًى ٍم ًً ً ً ً ً ً ً
ا ًإل ٍسبلىـ يسنةن ىسيئىةن ىكا ىف ىعلىٍيو ًكٍزيرىىا ىكًكٍزير ىم ٍن ىعم ىل هبىا م ٍن بىػ ٍعده م ٍن ىغ ًٍَت أى ٍف يىػٍنػ يق ى
ىش ٍيءه»(ُ).
أقرىا ،كأيخذ
سن بعض الصحابة أموران ُب العبادات ُب عهد النيب فوافقهم عليها ك ٌ
-ىذا كقد ٌ
هبا على أهنا سنة حسنة ،كاألمثلة ُب ذلك كثَتة(ِ) أذكر منها مثاالن كاحدان على سبيل الذكر ال
صلى ىكىراءى النًيب فىػلىما ىرفى ىع ىرأٍ ىسوي ًم ىن الرٍك ىع ًة اؿ يكنا يىػ ٍونما ني ى اعةى بٍ ًن ىرافً وع الزىرقًي قى ى
اٟتصر :ىع ٍن ًرفى ى
ك ا ٍٟتى ٍم يد ،ىٛتٍ ندا ىكثً نَتا طىيبنا يمبى ىارنكا فًي ًو ،فىػلىمااؿ ىر يج هل ىكىراءىهي ىربػنىا ىكلى ى
ٛت ىدهي» .قى ىاؿ « :ىًٝتع اللو لًمن ىً
ى ي ىٍ قى ى
ُت ىملى نكا يىػٍبتى ًد يركنػى ىها ،أىيػ يه ٍمً ت بً ٍ
ض ىعةن ىكثىبلىث ى اؿ « :ىرأىيٍ ي اؿ أىنىا .قى ى اؿ « ىم ًن الٍ يمتى ىكل يم» .قى ىؼ قى ىصىر ى انٍ ى
يى ٍكتيبيػ ىها أىك يؿ»(ّ).
قاؿ اٟتافظ ابن حجر كىو يشرح اٟتديث ( :يستدؿ بو على جواز إحداث ذكر ُب الصبلة غَت
مأثور إذا كاف غَت ٥تالف للمأثور ،كعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما دل يشوش) (ْ).
قتاؿ أيب بكر ١ تانعي الزكاة كاستباحة دمائهم حىت يذعنوا ٢تذا الركن حىت قاؿ قولتو ٔ)
ا١تشهورة( :كاهلل لو منعوين عقاال كانوا يؤدكنو إذل رسوؿ اهلل لقاتلتهم على منعو).
فقاؿ عمر ( :فو اهلل ما ىو إال أف رأيت اهلل قد شرح صدر أيب بكر للقتاؿ فعرفت أنو اٟتق)(ِ).
ٚتع القرآف ُب كتاب كاحد على عهد سيدنا أيب بكر كقد توقف فيو زيد بن ثابت ٕ)
كقاؿ أليب بكر كعمر رضي اهلل عنهما كيف تفعبلف ما دل يفعلو النيب ٍ ب علم أنو مصلحة،
(ّ)
فوافق على ٚتعو.
كقد ذكر الشاطيب أف ىذا العمل كاجب كٝتاه مصلحة كأىب أف يسميو بدعة.
ٚتع سيدنا عمر ا١تسلمُت ُب صبلة الًتاكيح ُب رمضاف على قارئ كاحد: ٖ)
فعن عبد الرٛتن بن عبد القارم أنو قاؿ :خرجت مع عمر بن ا٠تطاب ليلة ُب رمضاف إذل
ا١تسجد فإذا الناس أكزاع متفرقوف يصلي الرجل لنفسو كيصلي الرجل فيصلي بصبلتو الرىط فقاؿ
عمر :إين أرل لو ٚتعت ىؤالء على قارئ كاحد لكاف أمثل ٍب عزـ فجمعهم على أيب بن كعب
ٍب خرجت معو ليلة أخرل كالناس يصلوف بصبلة قارئهم قاؿ :عمر نعم البدعة ىذه (ْ).
(ُ) للتوسع أكثر انظر كتاب ا١تؤلف د٤.تمد خَت فاطمة اتباع ال ابتداع صِِ كما بعدىا.
(ِ) أخرجو البخارم ُب صحيحو.
(ّ) انظر القصة ُب صحيح البخارم.
(ْ) أخرجو البخارم ُب صحيحو.
- 78 -
كعن أىب إسحاؽ ا٢تمداين قاؿ :خرج علي بن أىب طالب ُب أكؿ ليلة من رمضاف كالقناديل تزىر
ككتاب اهلل يتلى ُب ا١تساجد فقاؿ نور اهلل لك يا ابن ا٠تطاب ُب قربؾ كما نورت مساجد اهلل
بالقرآف (ُ).
مما سبق يجب أن نفهم جيداً معنى البدعة ,وأن البدعة بدعتان بدعة محمودة وبدعة
مردودة ,والبدع المردودة ىي الضاللة فقط.
-كىذا ما أكد عليو اإلماـ الشافعي ُب قولو( :ما أيحدث كخالف كتابان أك سنة أك إٚتاعان أك أثران
فهو البدعة الضالة ،كما أحدث من ا٠تَت ،كدل ٮتالف شيئان من ذلك فهو احملمود)(ِ).
-كعلينا أف نعي القاعدة األصولية المشهورة بُت أىل العلم( :ترؾ النيب لشيء ال يدؿ
على حرمتو ،ما دل ً
يأت حديث أك أثر بالنهي عن الشيء ا١تًتكؾ ٔتقتضى ٖترٯتو أك كراىيتو) (ّ).
-كل ذلك ٬تعلنا أال ٨تكم على أمر نراه من أىل التصوؼ ُب طرقهم أنو بدعة ،كأهنا ضبللة،
كىي ُب النار إال إف تأكدنا بأهنا ٥تالفة للقرآف كالسنة كإٚتاع الصحابة ،كليس ٢تا دليل ُب ىذه
األصوؿ.
-كمن ىذا القبيل فإف ذكر ً
الناس اهلل فيرادل أك ٚتاعات ،جهران أك سران بالصيغ ا١تشركعة،
من البدع اٟتسنة اليت ٢تا أدلتها من الشرع ،ككذلك القياـ ألىل العلم كالفضل ،كتقبيل يد العلماء
أصل ً
كاألفاضل ،كاستعماؿ السبحة (ا١تسبحة) ُب الذكر ،كاالحتفاالت ٔتولد النيب كلها ٢تا ه
ُب الشرع أيضان(ْ).
-وأخيراً :أقوؿ لقد أسهبت ُب اٟتديث عن البدعة ،كما يتعلق هبا ألكضح للقارئ أف عليو أف
ٯتيز عندما يرل أم بدعة تظهر من أىل التصوؼ ىل ىي بدعة حسنة ،أـ بدعة سيئة قبل أف
٭تكم عليها بالضبللة كالنار ،أك يتأثر بأقواؿ اٞتهلة أك ا١تغرضُت.
-فإف خالفت الشرع فإف كل مؤمن صادؽ اإلٯتاف يرفضها كيأباىا ،كال ٯتكن لو أف ٯتارسها أك
يتغاضى عنها أك يقبلها ،كأف يعلم أف أىل التصوؼ اٟتقيقيُت ال يرضوف عنها كال يوافقوف عليها،
كال ٯتكن أف تصدر منهم.
-كما ظهر من بدع من بعض ا١تتصوفة ،فإ٪تا ظهر من ا١تريدين ا١تتأخرين منهم الذين دل يتقيدكا
بشيوخهم اٟتقيقيُت من أىل التصوؼ كالطرؽ الصوفية ا١تؤصلة ،كىذا يدعو أف ال ينكر التصوؼ
كأىلو ٚتلة كتفصيبلن ،كإ٪تا تنكر أعماؿ ىؤالء ا١تبتدعُت اٞتهلة.
أصل ُب الدين فإهنا تع ٌد بدعة حسنة ال ييع ىارض أىلها كييًتكوف كشأهنم.
-كإف كجد للبدعة ه
- 81 -
ثالثاً -التصوف الفلسفي
(وهو مرفوض ومردود عند أهل التصوف الحقيقيين )
-كىو التصوؼ الذم تأثر بالفلسفات القدٯتة من يونانية أك ركمانية أك فارسية أك ىندية أك
غَتىا ،كظهر على دعاهتا ا٨تراؼ ُب العقيدة أك التعاليم اإلسبلمية ،كأىم ىذه اال٨ترافات أقوا٢تم
ُب كحدة الوجود كاٟتلوؿ كاالٖتاد ،فهم يتصوركف ُب كحدة الوجود إٖتاد اٟتق با٠تلق ،كأف ال
شيء ُب ىذا الوجود إال اٟتق ،كأف الكل ىو كأنو ىو الكل ،كأنو عُت األشياء ،ففي كل شيء لو
كفر كزندقة كىو أشد ضبللة من أباطيل اليهود
آية تدؿ على أنو عينو ،كىذا ال شك فيو ه
كالنصارل كعبدة األكثاف.
-كاإلٯتاف اٟتقيقي عند كل مسلم ىو اعتقاده( :أف كجود اهلل ذاٌب ،أم ال تأثَت لغَته بو ،إذ
أف اهلل تعاذل ىو األكؿ فليس قبلو شيء.
-أما كجود ا١توجودات فهو حاصل من إ٬تاد اهلل ٢ تا ،كمستمر بإمداد اهلل تعاذل ٢تا بالوجود،
كلو انقطع اإلمداد لعادت عدمان.
-كعليو فمن نظر إذل ا١توجد ا١تمد سبحانو كتعاذل رآه ىو ا١توجود حقيقة ،كمن الحظ اإلمداد
رأل األشياء عدمان لواله سبحانو ،فوجودىا ليس ذاتيان كوجود اهلل ،كلذلك قالوا :الوجود
اٟتقيقي كاحد كىو اهلل سبحانو كتعاذل ،ككجود غَته ال يشابو كجوده) (ِ).
-ينبغي للمسلم أف يعلم أف ىذه األفكار مرفوضة من كجهة النظر اإلسبلمية ،كال ٯتكن ألم
مسلم قبو٢تا لتصادمها مع مبدأ تنزيو البارم فهو ا٠تالق ٞتميع ا١تخلوقات ،كا١تبدع ٢تا من العدـ.
-كعليو أف يعلم أف ىذه األفكار إف ثبتت على مدعيها كدل تكن مدسوسة عليهم ال ٯتكن قبو٢تا
على أهنا من التصوؼ ،فالتصوؼ برمء منها ،كال عبلقة لو هبا ألهنا تتصادـ مع اعتقاد ا١تسلم
الذم جاءت بو الشريعة اإلسبلمية.
ب إذل كثَت من علماء التصوؼ اٟتقيقيُت مثل ىذه األقواؿ كىم منها براء فهي -كلقد ني ً
س
ى
مدسوسة عليهم من أعدائهم أك أف كبلمهم دل يقصدكا بو ما فهمو أعداؤىم ،ككثَت منهم دافع
عن نفسو باٟتقيقة كأظهر اعتقاده اٟتق ،فقد قاؿ الشيخ ٤تيي الدين بن عريب( :تعاذل اٟتق أف
ٖتلو اٟتوادث أك ٭تلها .كقاؿ ُب عقيدتو الوسطى أعلم أف اهلل تعاذل كاحد باإلٚتاع كمقاـ الواحد
يتعاذل أف ٭تل فيو شيء أك ٭تل ىو ُب شيء أك يتحد ُب شيء) (ِ).
ٍ -ب قاؿ( :من قاؿ باٟتلوؿ فهو معلوؿ فإف القوؿ باٟتلوؿ مرض ال يزكؿ ،كما قاؿ باالٖتاد إال
أىل اإلٟتاد ،كما أف القائل باٟتلوؿ من أىل اٞتهل كالفضوؿ) (ِ).
-كأما قوؿ أيب يزيد البسطامي رٛتو اهلل( :سبحاين ما أعظم شاين) فهو ُب معرض اٟتكاية عن
اهلل ،كليس عن نفسو ،ككذلك قوؿ من قاؿ( :أنا اٟتق) ٤تموؿ على اٟتكاية أيضان ،كال يظن
هبؤالء العارفُت اٟتلوؿ كاالٖتاد ،كذلك غَت مظنوف بعاقل فضبلن عن ا١تتميزين ٓتصوص
ا١تكاشفات كاليقُت كا١تشاىدات.
-كما أٚتل إنصاؼ ابن تيمية أثناء توضيحو لكبلـ السادة الصوفية ُب ىذا الشأف كالدفاع عنهم
فقد قاؿ ما نصو :
(كأما ما كرد من كبلـ علماء السادة الصوفية ُب كتبهم ٦تا يفيد ظاىرة اٟتلوؿ كاالٖتاد فهو إما
مدسوس عليهم بدليل ما سبق من صريح كبلمهم ُب نفي ىذه العقيدة الضالة ،كإما دل يقصدكا
بو القوؿ هبذه العقيدة الضالة ،كلكن ا١تغرضُت ٛتلوا ا١تتشابو من كبلمهم على ىذا الفهم ا٠تاطئ
كرموىم بالكفر كالضبلؿ ،أما العلماء ا١تنصفوف فقد فهموا كبلمهم على معناه الصحيح ا١توافق
لعقيدة أىل السنة كاٞتماعة ،كأكلوه ٔتا يبلئم ما كرد عنهم من نصوص صحيحة موافقة لعقيدة
أىل السنة كاٞتماعة.
-كمن ىذا القبيل قوؿ ابن تيمية رٛتو اهلل تعاذل :كأما قوؿ الشاعر ُب شعره:
(ُ)ا١تصدر السابق.
(ِ) ا١تصدر نفسو كما ُب اليواقيت كاٞتواىر جػ ػ ػُ صَٖ.ُٖ-
- 83 -
كمن أىول أنا أنا من أىول
فهذا إ٪تا أراد بو الشاعر االٖتاد ا١تعنوم كاٖتاد أحد احملبُت باآلخر الذم ٭تب أحد٫تا ما ٭تبو
اآلخر ،كيبغض ما يبغضو ،كيقوؿ مثلما يقوؿ ،كيفعل مثلما يفعل ،كىذا تشابو ك٘تاثل ال اٖتاد
العُت بالعُت إذا كاف قد استغرؽ ُب ٤تبوبو ،حىت فٍت بو عن رؤية نفسو ،كقوؿ اآلخر:
-كقاؿ ابن تيمية رٛتو اهلل ُب تربئة السادة الصوفية من ىذه التهمة الباطلة ما نصو:
(ليس أحد من أىل ا١تعرفة باهلل يعتقد حلوؿ الرب بو أك بغَته من ا١تخلوقات ،كال اٖتاده بو ،كإف
ٝتع شيء من ذلك منقوؿ عن بعض أكابر الشيوخ فكثَت منو مكذكب ،اختلقو األفاكوف من
االٖتادية اإلباحية الذين أضلهم الشيطاف ،كأٟتقهم بالطائفة النصرانية) (ِ).
-كقاؿ أيضان( :كل ا١تشايخ الذين يقتدل هبم ُب الدين متفقوف على ما اتفق عليو سلف األمة
كأئمتها من أف ا٠تالق سبحانو مباين للمخلوقات ،كليس ُب ٥تلوقاتو شيء من ذاتو ،كال ُب ذاتو
شيء من ٥تلوقاتو ،كأنو ٬تب إفراد القدًن عن اٟتادث ،ك٘تيز ا٠تالق عن ا١تخلوؽ ،كىذا ُب
كبلمهم أكثر من أف ٯتكن ذكره ىنا) (ّ).
ُ -ب ىذا ا١توضوع البد أف نشَت إذل موضوع جانيب يتعلق بو ،كيتحدث بو أىل التصوؼ ،كىو
موضوع (الشطح).
-أال ترل أف ا١تاء الكثَت إذا جرل ُب هنر ضيق ففاض من حافتيو ،يقاؿ :شطح ا١تاء ُب النهر.
-الشطح عند أىل التصوؼ :عبارة عن كلمات تصدر من بعض الصوفية بعبارات مستغربة ُب
كصف و
كجد (شعور نفسي) فاض بقوتو كىاج بشدة غليانو ككىجو ُب حالة الغيبوبة كغلبة شهود
اهلل تعاذل عليهم ْتيث ال يشعركف حينئذ بغَت اٟتق ،كىذه الكلمات لو صدرت عنو كعقلو معو
ألنكرىا ،كىذه اٟتالة غَت ٤تمودة عند الصوفيُت.
-كمن الذين ذكر عنهم الشطحات أبو يزيد البسطامي كاٟتبلج ك٤تيي الدين بن عريب.
-كمع أف ىؤالء الرجاؿ من ا١تتصوفة قد أنكركا ما نسب إليهم ُب ىذا ا١توضوع.
أك أهنم فسركا شطحاهتم ٔتا يدفع التهم عنهم( ،فقد نقل عن بن عريب أنو قاؿ:
كم ذا أراه كال يراين يا من يراين كال أراه
فلما ٝتع بعض أصحابو ىذا البيت قاؿ لو :كيف تراه كال يراؾ ،فأجاب مرٕتبلن ُب لباقة عجيبة:
كال أراه آخذان يا من يراين ٣ترمان
كال يراين الئذان (ُ).)ِ( ). كم ذا أراه منعمان
-لكن بعض ا١تعاصرين ٢تم كا١تنكرين قد اهتموىم بالزندقة كالكفر ،كقاموا بتجييش العلماء
كاٟتكاـ عليهم ٦تا أدل إذل قتل بعضهم على أقوا٢تم تلك.
-كلكن ا١تنصفُت كاحملبُت ٢تم عللوا أقوا٢تم كفسركىا ٔتا يبعد الزندقة كالكفر عنهم.
(ُ) الئذان ىنأ :تعٌت مراكغان كمنكران ،أم :يسًت علي تقصَتم كنقصي كيسا٤تٍت.
(ِ) موسوعة الًتاث اإلنسانية ،إصدار كزارة الثقافة ا١تصرية ،جزءُ صُٔٓ.
- 85 -
-فمنهم من عد أف ىذه الشطحات قد دست عليهم من أجل اإليقاع هبم ،فبل ٯتكن ٢تؤالء
الرجاؿ أصحاب اإلٯتاف كالتقول كالعلم كالزىد أف يقع منهم مثل ىذه الكلمات.
-كمنهم من قاؿ :إف الشطحات يعفى عنها ألىل األحواؿ كا١تواجيد الصحيحة كما حصل مع
الرجل الذم أضل راحلتو ُب الصحراء كعليها طعامو كشرابو كمتاعو ،كعندما كجدىا أصابو حاؿ
سركر ،فأخطأ من شدة فرحو.
وب إًلىٍي ًو ًم ٍن ً ًً ً وؿ الل ًو « :لىلوي أ ى س ب ًن مالً و
ىشد فىػىر نحا بًتىػ ٍوبىة ىعٍبده ح ى
ُت يىػتي ي اؿ ىر يس ي
اؿ ،قى ى ك قى ى فعن أىنى ً ٍ ى
س ًمٍنػ ىها فىأىتىى ىش ىجىرةن ت ًمٍنوي ك ىعلىٍيػها طى ىعاموي ك ىشرابوي فىأىيً ىتىل ف
ى ػ
ٍن اف
ى ض فىبلىةو أىح ًد يكم ىكا ىف علىى ر ً
احلىتً ًو بًأ ٍىر ً
ى ي ى ى ي ى ى ٍ ى ى ى ٍ
ىخ ىذ ًًٓتطى ًام ىها يٍب ً ً ً ً
ك إً ىذا يى ىو هبىا قىائ ىمةن عٍن ىدهي فىأ ىاحلىتً ًو فىػبىػٍيػنىا يى ىو ىك ىذل ىاضطىجع ًُب ًظلها قى ٍد أىيًس ًمن ر ً
ى ٍى ى فى ٍ ى ى
ىخطىأى ًم ٍن ًشدةً الٍ ىفىرًح »(ُ). ً قى ى ً ً ً
ك.أ ٍت ىعٍبدم ىكأىنىا ىرب ى اؿ :م ٍن شدة الٍ ىفىرًح الل يهم أىنٍ ى
-كُب اإلٚتاؿ :فإف أىل التصوؼ اٟتقيقيُت من العلماء العاملُت ،كا١تربُت ا١ترشدين ،كأىل اهلل
الصادقُت ،ينبهوف بل كيشددكف على أف العادل ٬تب أال يظهر منو أم كبلـ أك ألفاظ ٗتالف
الشريعة ،كلو دل يقصد ذلك ،بل عليو أف يكوف كبلمو كٚتيع ألفاظو مقيدة بالشريعة ،كال حاجة
لكبلـ كألفاظ ٖتتمل أكثر من معٌت ،أك لو مفهوـ كمقصود غامض ال يفهمو كل الناس ،ك٭تتاج
إذل تأكيل كتفسَت كتوضيح ،كذلك حىت ال ٮتوض الناس ُب مثل ىذا ا١توضوع من جهة ،كحىت ال
ندع اجملاؿ ألعداء التصوؼ للطعن ك٤تاربة ىذا الطريق ا١ترشد إذل اهلل كإذل اتباع القرآف
كالسنة ا١تطهرة من أجل تعميق اإلٯتاف ،كتزكية النفس ،كتطهَت الركح ،كطمأنينة القلب ،كانشراح
الصدر ،كالذم ٨تن ُب أشد اٟتاجة إليو ُب ىذا الزماف العصيب.
- 87 -
السلوك في طريق التصوف
-يقوؿ اإلماـ القشَتم ٖتت عنواف الشريعة كاٟتقيقة( :الشريعة أمر بالتزاـ العبودية ،كاٟتقيقة
مشاىدة الربوبية(ُ) ،ككل شريعة غَت مؤيدة باٟتقيقة فأمرىا غَت مقبوؿ ،ككل حقيقة غَت مقيدة
بالشريعة فأمرىا غَت ٤تصوؿ.
كالشريعة جاءت بتكليف من ا٠تالق ،كاٟتقيقة أنباء عن تصريف اٟتق ،فالشريعة أف تعبده،
كاٟتقيقة أف تشهده ،كالشريعة قياـ ٔتا أمر ،كاٟتقيقة شهود ١تا قضى كقدر ،كأخفى كأظهر.
(ِ)
رٛتو اهلل يقوؿ( :إياؾ نعبد) حفظ للشريعة ،ك(إياؾ نستعُت) إقرار ٝتعت أبا علي الدقاؽ
باٟتقيقة.
كاعلم أف الشريعة حقيقة من حيث إهنا كجبت بأمره ،كاٟتقيقة أيضان شريعة من حيث إ ٌف
ا١تعارؼ(ّ) بو سبحانو أيضان كجبت بأمره)(ْ).
-فبعد األْتاث النظرية عن علم التصوؼ كما يتعلق بو ،كاف البد من دراسة حقائق التصوؼ؟
ككيف ٯتكن سلوؾ طريقو؟ كىذا أىم شيء ٬تب أف يبحث عنو من أراد التعرؼ حقان على طريق
أىل التصوؼ الذين ىم أىل اهلل كخاصتو ،كأىل الصفاء كالنقاء ،كأىل الوالية كالعرفاف،
(ُ) مشاىدة الربوبية :أم رؤيتها بالقلب ،كيعرب عن ذلك بأف الشريعة معرفة السلوؾ إذل اهلل تعاذل،
كاٟتقيقة دكاـ النظر إليو ،كالطريقة سلوؾ طريق الشريعة أم العمل ٔتقتضاىا.
(ِ) أبو علي الدقاؽ :ىو اٟتسن بن علي بن ٤تمد الدقاؽ ،النيسابورم الشافعي صوُب ،فقيو ،أصورل .توُب
سنة (َْٓ ق َُُٓ /ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ّ) إف ا١تعارؼ :أم معرفة العارفُت النفس.
(ْ) القشَتم :الرسالة القشَتية ،صِٖ..
- 88 -
كأىل التقى كالنقاء ،أحباب اهلل كالدعاة إليو ،كأىل اإلخبلص كالصدؽ مع اهلل ،كأىل القرب
كاالستقامة.
فمن أراد أف يسلك مسلكهم ،كأف يتتبع خطاىم كجب عليو أف يسعى للسَت ُب ٜتسة مطالب:
المطلب األول :البحث عن العادل ا١تريب ،كا١ترشد ا١تزكي كاالنتساب إليو كمصاحبتو كااللتزاـ
بإرشاداتو كتوجيهاتو.
المطلب الرابع :اإلكثار من ذكر اهلل ُب كل أحوالو مع الصبلة على النيب .
المطلب السادس :التزاـ ا١تقامات كاألحواؿ اليت تيػبىػلغو الطريق كتدلو عليو.
- 89 -
المطلب األول
ﮋﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ
ﯩ ﯪﯫﯬﯭﮊ(ُ)ىذه اآلية تشَت إذل أف اإلٯتاف البد لو ٦تن يدعو إليو حىت
يؤمن الناس ،أم البد من و
مرب كمرشد كمعلم يوضح للناس الطريق ٨تو اإلٯتاف باهلل كيعلمهم كل
ما يتعلق هبذا الطريق حىت يبلغوا حقيقة ىذا الطريق علمان كفهمان كتطبيقان كسلوكان.
ﮋﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮﯯﯰﯱ
(ْ)
ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﮊ
-كعندما ذكر اهلل أ٪تاطان من أىل القدكة الصاٟتة الداعية إليو تعاذل ،قاؿ لرسولو:
-من ىنا نرل أف اٗتاذ الشيخ العادل ا١تريب كاجب أل ٌف ما ال يتم الواجب إال بو ،فهو كاجب
ثابت كما رأيت عقبلن كطبعان كشرعان مؤيٌ هد بالواقع العلمي كالعملي كالتارٮتي ،كقد أشار اهلل
كىو ه
سبحانو كتعاذل إذل أ٫تية القدكة كا١ترشد بآيات كثَتة منها قولو تعاذل:
(ِ)
ﮋ ﮤﮥﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮊ
-كقولو :ﮋﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮊ
(ّ)
(ْ)
-كقولو سبحانو كتعاذل :ﮋﮃﮄﮅﮆﮇﮊ
-إف ا١تناىج الًتبوية ٚتيعان ،كُب كل ٣تاالت الًتبية كالتعليم ٖتتم كجود معلم كمتعلم فكيف ٔتن
أراد أف يسلك طريق معرفة اهلل تعاذل كالوصوؿ إليو ،كىو غاية كجود اإلنساف ُب ىذه الدنيا اليت
(ٓ)
ح ٌددىا اهلل سبحانو كتعاذل بقولو :ﮋﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﮊ
-كقاؿ أيضان مؤكدان على اتباع ا١ترشد( :فما ٬تب ُب حق سالك طريق اٟتق أف يكوف لو مرشد
و
كمرب ليدلو على الطريق ،كيرفع عنو األخبلؽ ا١تذمومة ،كيضع مكاهنا األخبلؽ احملمودة ،كمعٌت
الًتبية أف يكوف ا١تريب كالزارع الذم يريب الزرع ،فكلما رأل حجران أك نباتان مضران بالزرع قلعو
كطرحو خارجان ،كيسقي الزرع مراران إذل أف ينمو كيًتىب ،ليكوف أحسن من غَته ،كإذا علمت أف
الزرع ٤تتاج للمريب علمت أنو البد للسالك من مرشد البتة ألف اهلل تعاذل أرسل الرسل عليهم
الصبلة كالسبلـ للخلق ليكونوا أدالء ٢تم كيرشدكىم إذل الطريق ا١تستقيم ،كقبل انتقاؿ ا١تصطفى
عليو الصبلة كالسبلـ إذل الدار اآلخرة قد جعل ا٠تلفاء الراشدين نوابان عنو ليدلوا ا٠تلق إذل طريق
اهلل ،كىكذا إذل يوـ القيامة ،فالسالك ال يستغٍت عن ا١ترشد البتة) (ِ).
-كقاؿ اإلماـ ابن عطاء اهلل السكندرم( :كينبغي ١تن عزـ على االسًتشاد كسلوؾ طريق الرشاد
أف يبحث عن شيخ من أىل التحقيق سالكان للطريق ،تاركان ٢تواه ،راسخ القدـ ُب خدمة مواله،
فإذا كجده فليمتثل ما أمر ،ك ً
لينتو عما هنى عنو كزجر) (ّ).
(الشيوخ نواب اٟتق ُب العادل كالرسل عليهم الصبلة كالسبلـ بزماهنم ،بل ىم الورثة الذين كرثوا
علم الشرائع عن األنبياء عليهم السبلـ غَت أهنم ال يشرعوف فلهم رضي اهلل عنهم حفظ الشريعة
ُب العموـ كليس ٢تم التشريع ،ك٢تم حفظ القلوب ،كمراعاة اآلداب ُب ا٠تصوص ،كىم من
العلماء باهلل ٔتنزلة الطبيب.
كالشيوخ ىم العارفوف بالكتاب كالسنة ،قائلوف هبا ُب ظواىرىم ،متحققوف هبا ُب سرائرىم ،راعوف
حدكد اهلل تعاذل ،كيوفوف بعهد اهلل ،قائموف ٔتراسم الشريعة ال يتأكلوف ُب الورع ،آخذكف
باالحتياط٣ ،تانبوف ألىل التخليط ،مشفقوف على األمة ،ال ٯتقتوف أحدان من العصاة ،٭تبوف ما
أحب اهلل ،كيبغضوف ما أبغض اهلل ،يأمركف با١تعركؼ كينهوف عن ا١تنكر اجملمع عليو ،يسارعوف
ُب ا٠تَتات ،كيعفوف عن الناس ،كيوقركف الكبَت ،كيرٛتوف الصغَت ،ٯتيطوف األذل عن الطريق،
طريق اهلل كطريق الناس ،يؤدكف حقوؽ الناس يربكف عباد اهلل ،ىينوف لينوف ،رٛتاء بُت خلق
اهلل)(ُ).
-وقد يسأل سائل كيف الوصول إلى ىذا العارف باهلل والهادي إليو؟ وكيف الىتداء إليو
والوصول إلى معرفتو؟ وما ىي شروطو وأوصافو؟
(حُت يشعر الطالب ْتاجتو إليو كشعور ا١تريض ْتاجتو إذل الطبيب ،عليو أف يصدؽ العزـ،
كيصحح النية ،كيتجو إذل اهلل تعاذل بقلب ضارع منكسر ،يناديو ُب جوؼ الليل ،كيدعوه ُب
سجوده كأعقاب صبلتو :اللهم دلٍت على من يدلٍت عليك ،كأكصلٍت إذل من يوصلٍت إليك
-كعليو أف يبحث ُب بلده ،كيفتش كيسأؿ عن ا١ترشد بدقة كانتباه غَت ملتفت ١تا يشيعو بعضهم
من فقد ا١ترشد ا١تريب ُب ىذا الزماف.
-فإذا دل ٬تد أحدان ُب مدينتو فليبحث عنو ُب مدف أخرل ،أال ترل ا١تريض يسافر إذل بلدة ثانية
للتداكم إذا دل ٬تد الطبيب ا١تختص ،أك حُت يعجز أطباء مدينتو عن تشخيص دائو ،كمعرفة
دكائو.
وللمرشد شروط لبد منها حتى يتأىل إلرشاد الناس وىي أربعة:
ٕ -وأما الشرط الثاني فينبغي أن يتحقق المرشد بعقيدة أىل السنة عمالً وذوقاً بعد أن
عرفها علماً ودراية ،فيشهد ُب قلبو كركحو صحتها ،كيشهد أف اهلل تعاذل كاح هد ُب ذاتو ،كاح هد
ُب أفعالو ،كيتعرؼ على أٝتاء اهلل تعاذل ذكقان كشهودان.
ٗ -وأما الشرط الرابع فالبد للمرشد أن يكون قد أجيز من شيخو بهذه التربية وىذا
السير ,فمن دل يشهد لو االختصاصيوف بعلم يدعيو ،ال ٭تق لو أف يتصدر فيو....
ومنها :أف تبلحظ ُب إخوانو كمريديو صور اإلٯتاف كاإلخبلص ،كالتقول كالتواضع ،كتتذكر
خوة ا٠تالصة ،كىكذا يعرؼ كأنت ٗتالطهم ا١تثل العليا من اٟتب ،كالصدؽ كاإليثار ،كاأل ٌ
الطبيب ا١تاىر بآثاره كنتائج جهوده ،حيث ترل ا١ترضى الذين شفوا بإذف اهلل على يديو،
كٗترجوا من مصحو بأكفر قوة ،كأًب عافية.
علمان أف كثرة ا١تريدين كالتبلميذ كقلتهم ليس مقياسان كحيدان ،كإ٪تا العربة بصبلح ىؤالء ا١تريدين
كتقواىم ،كٗتلصهم من العيوب كاألمراض كاستقامتهم على شرع اهلل تعاذل.
ومنها :أنك ترل تبلمذتو ٯتثلوف ٥تتلف طبقات األمة ،كىكذا كاف أصحاب رسوؿ اهلل
فالظفر بو يدفع الطالب للتمسك بو ،كالتزاـ ٣تالسو ،كالتأدب معو ،كالعمل بنصحو كإرشاده
ُب سبيل الفوز بسعادة الدارين) (ُ).
-كللصحبة أثر كبَت ُب الًتبية كالتزكية ،لذلك أمر اهلل ا١تؤمنُت ٔتصاحبة الصاٟتُت.
(ُ)
-فقاؿ سبحانو :ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ
-بل أمر اهلل أف يصرب ا١تؤمن نفسو مع األصحاب ،كأال يبتعد عنهم أك يزىد فيهم ،كما
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ
(ِ)
ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﮊ
-كبُت اهلل ما سيؤكؿ إليو األمر يوـ القيامة ١تن ابتعد عن صحبة الصاٟتُت ،كصاحب أىل
السوء ،فقاؿ سبحانو:
ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵
(ُ)
﮶ﮊ
(ِ)
ﮋﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ
كما لفت النيب األنظار إذل أثر الصاحب على صاحبو منبهان إذل أ٫تية البحث عن الصاحب
ً ً ًً
التقي فقد ركل أبو ىريرة أف النيب قاؿ « :الر يج يل ىعلىى دي ًن ىخليلو فىػ ٍليىػٍنظيٍر أ ى
ىح يد يك ٍم ىم ٍن
يٮتىالً يل »(ّ).
-كقد حذر النيب من قرناء السوء فقاؿ« :إياؾ كقرين السوء فإنك بو تعرؼ» (ْ).
ب
فصحبة أىل ا٠تَت ترجػى كتطلػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ي كصاحب تقيان عا١تان تنتف ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػع ب ػ ػ ػو
رب
فصحبتهم تع ػ ػ ػ ػ ػ ػدم كذاؾ ٣ت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ي كإياؾ كالفسػ ػ ػ ػاؽ ال تصحبنه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػم
إف القري ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن إذل ا١تقارف ينس ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػب كاخًت صديقك كاصطفيو تفاخرا
إذا مػ ػ ػ ػ ػ ػا ا١ترء ماش ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػاهي يقاس ا١تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرء با١ت ػػػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرًء
-فقد ركل أبو ىريرة عن النيب قاؿ «:ىسٍبػ ىعةه يي ًظل يه يم اللوي ًُب ًظل ًو يىػ ٍوىـ الى ًظل إًال ًظلوي»
اجتى ىم ىعا ىعلىٍي ًو ىكتىػ ىفرقىا ىعلىٍي ًو»(ْ). ً ً
كذكر منهم « ىكىر يجبلىف ىٖتىابا ًُب اللو ٍ
-كقد بُت النيب مكانة الصحبة الصادقة ُب اهلل كىي مكانة يغبطهم عليها األنبياء
كالشهداء يوـ القيامة ،فقد ركل عمر بن ا٠تطاب أف النيب قاؿ «( :إًف ًم ٍن ًعبى ًاد الل ًو
اذل». ألينىاسان ىما يى ٍم بًأىنٍبًيىاءى ىكالى يش ىه ىداءى يىػ ٍغبًطي يه يم األىنٍبًيىاءي ىكالش ىه ىداءي يىػ ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة ًٔتى ىكاهنًً ٍم ًم ىن الل ًو تىػ ىع ى
كح الل ًو ىعلىى ىغ ًٍَت أ ٍىر ىح واـ بىػٍيػنىػ يه ٍم ىكالى اؿ « :يى ٍم قىػ ٍوهـ ىٖتىابوا بًير ً وؿ الل ًو يٗتًٍربينىا ىم ٍن يى ٍم .قى ى قىاليوا يىا ىر يس ى
اس ىكالى ىٍ٭تىزنيو ىف الن اؼ
ى خى ا ذ
ى وى يهم لىنيور كإًنػ يهم ىعلىى نيوور الى ىٮتىافيو ىف إً ى ج ك ف أ ٍىمو واؿ يػتىػ ىعاطىونػى ىها فىػو الل ًو إً
ي ٍ ى ه ٍ ي ي ى ى ٍ ى
اس» .ىكقىػىرأى ىى ًذهً اآليىةى :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ً ً
إ ىذا ىحز ىف الن ي
ﭚﮊ(ِ))(ّ).
-من كل ما مر معنا سابقان ٧تد أنو البد للمسلم الذم أراد أف يسلك طريق التصوؼ ،طريق
أىل اهلل ،من أف يبحث عن ىؤالء األصحاب كيصاحبهم كيسَت معهم ُب ىذا الطريق،
ليكونوا لو عونان على سلوكو بصدؽ كإخبلص كاستقامة.
-التقرب إذل اهلل بأداء الفرائض بكما٢تا كالتقرب إذل اهلل بنوافلها ىي من أىم كاجبات السالك
لطريق التصوؼ ،طريق التزكية كاإلحساف ،كذلك ٖتقيقان ١تا ركل أبو ىريرة قاؿ :قاؿ رسوؿ
ىحب ب ،كما تىػ ىقر ً ً ً و اؿ من ىع ىادل ًرل كلًيًّا فىػ ىق ٍد آ ىذنٍػتيوي بً ٍ ً ً
ب إ ىذل ىعٍبدم ب ىش ٍيء أ ى ى اٟتىٍر ى ى ى اهلل « :إف اللوى قى ى ى ٍ
ً ً ً ً ً
ت ىٝتٍ ىعوي ب إً ىذل بًالنػ ىواف ًل ىحىت أيحبوي ،فىًإذىا أ ٍ
ىحبىٍبتيوي يكٍن ي ت ىعلىٍيو ،ىكىما يىػىز ياؿ ىعٍبدم يىػتىػ ىقر يضي إً ىرل ٦تا افٍػتىػىر ٍ
ش ًهبىا ىكًر ٍجلىوي ال ًيت ٯتىٍ ًشي ًهبىا ،ىكإً ٍف ىسأىلىًٍت ً ً ً ً ً
صىرهي الذم يػيٍبصير بًو ،ىكيى ىدهي ال ًيت يػىٍبطي ي الذم يى ٍس ىم يع بًو ،ىكبى ى
س الٍ يم ٍؤًم ًن ،ت ىع ٍن ىشي وء أىنىا فىاعًليوي تىػىرد ًدم ىع ٍن نىػ ٍف ً ً
استىػ ىعا ىذًين أليعي ىذنوي ،ىكىما تىػىرد ٍد ي
ً ً
أل ٍيعطيىػنوي ،ىكلىئ ًن ٍ
ٍ
ت ىكأىنىا أى ٍكىرهي ىم ىساءىتىوي » (ُ).
يى ٍكىرهي الٍ ىم ٍو ى
ُ -ب ىذا اٟتديث عدة إشارات منها أف العبد إذا أدل الفرائض كالنوافل بكما٢تا ك٘تامها أصبح
مواليان هلل كأصبح اهلل كليان لو يدافع عنو فإف عاداه أحد حاربو اهلل كمن حاربو اهلل قصمو.
-كمنها أف التقرب إذل اهلل يكوف على مقامُت ككل مقاـ لو منازؿ متفاكتة ،كدرجات
متعددة ،فهناؾ مقاـ قرب الفرائض كىو ا١تطلوب أكالن كىذا القرب أحب شيء إذل اهلل
كذلك بأف يؤدم العبد ٚتيع فرائض اهلل تعاذل عليو كما أكجبو عليو كاملة من غَت و
نقص ،كيدخل
ُب ذلك ترؾ ٚتيع احملرمات.
-كىناؾ مقاـ قرب النوافل اليت تؤدم إذل حب اهلل ١تن أداىا فإذا أحبو اهلل أ٢تمو اهلل أال
يسمع كال يبصر إال ما ٭تبو اهلل كال يستعمل يده كال رجلو إال ُب طاعة اهلل عند ذلك يناؿ
اإلجابة عند سؤاؿ اهلل كدعائو كإف استعاذ اهلل ٦تا يكره أعاذه كإف أراد شيئان حقق طلبو كأملو.
-كأكؿ أركاف اإلسبلـ الشهادتاف( :أشهد أف ال إلو إال اهلل كأشهد أف ٤تمدان رسوؿ اهلل) فالنطق
بالشهادتُت ىو أكؿ كاجب على كل مسلم مكلف ،كىذه الكلمة ىي عنواف اإلسبلـ اجمليد،
كىي بعينها نور اإلٯتاف كآية التوحيد ،ك٬تب أداؤىا بإخبلصها ،فقد ركل زيد بن أرقم قاؿ ،قاؿ
رسوؿ اهلل « :من قاؿ ال إلو إال اهلل ٥تلصا دخل اٞتنة» قيل :كما إخبلصها قاؿ« :أف ٖتجزه
عن ٤تارـ اهلل .)ِ( »
-كقاؿ رسوؿ اهلل « :كقوؿ ال إلو إال اهلل ال يًتؾ ذنبا ،كال يشبهها عمل »(ّ).
يل:ً ً
-لذلك أمرنا النيب أف ٧تدد إٯتاننا باإلكثار من ذكرىا ،فقاؿ « :ىجد يدكا إٍٯتىانى يك ٍم» .ق ى
اؿ« :أى ٍكثًيركا ًم ٍن قىػ ٍوًؿ الى إًلىوى إًال اللوي »(ْ).
ف ي٧تىد يد إًٯتىانىػنىا قى ى يا رس ى ً
وؿ اللو ىكىكٍي ى ى ىي
-كال يدخل اٞتنة إال من ملك ا١تفتاح ك قد بُت النيب حقيقة ىذا ا١تفتاح فقاؿ:
كالركن الثاين لئلسبلـ ىي فريضة الصبلة اليت ٬تب أف تؤدل بأركاهنا ك شركطها ك ٬تب
احملافظة عليها ُب أكقاهتا كخاصة مع اٞتماعة ك أال تيؤخر أك يهتمل ك أف ٖتقق قوؿ اهلل
: ﮋﯠ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ
(ٓ)
ﯮﯯﯰﯱﯲﮊ
صبلتيوي ىع ًن الٍ ىف ٍح ىش ًاء ىكالٍ يمٍن ىك ًر ،ىدلٍ يىػٍزىد ٍد ًم ىن الل ًو
-كأف ٖتقق أيضان قوؿ النيب ( : ىم ٍن ىدلٍ تىػٍنػ ىهوي ى
إًال بػي ٍع ندا)(ٔ).
-ككذلك القوؿ ُب الصوـ ٬تب أف يؤدل ٔتا كجو إليو القرآف كالسنة بكمالو ك٘تامو كمقصده
كغايتو ليحصل ا١تطلوب كالفائدة ا١ترجوة منو يبُت ذلك قوؿ اهلل :
ﮋ ﭣﭤﭥﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯ
ﭰ ﭱ ﮊ(ِ) فأىم غاية مرجوة من الصياـ أف يصل اإلنساف إذل كماؿ التقول.
اجةه ًُب -كذلك يبُت النيب ذلك ُب قولو « :من ىدل ي ىد ٍع قىػوىؿ الزكًر كالٍعمل بًًو فىػلىي ً ً
س للو ىح ى
ٍ ى ى ىى ى ىٍ ٍى ٍ
ع طى ىع ىاموي ىك ىشىرابىوي »(ّ) .
أى ٍف يى ىد ى
ث .فىًإ ٍف ب فىػ ىق ٍط .إً٪تىا الصياـ ًمن الل ٍغ ًو كالرفى ً -كقوؿ النيب «:لىٍيس الصياـ ًمن األى ٍك ًل كالشر ً
ى ىي ى ى ٍ ى ىي ى
صائً هم »(ْ). صائ هم إًين ى
ك فىػ ىقل :إًين ً
ى ً
ىح هد أ ٍىك ىجه ىل ىعلىٍي ى ٍ كأى ىساب ى
ش ىكيرب قىائً وم ىحظوي ًم ٍن قًيى ًام ًو الس ىهير »(ٓ). اٞتيوعي ىكالٍ ىعطى ي صائً وم ىحظوي ًم ٍن ًصيى ًام ًو ٍ كقولو « :يرب ى
وؿ الل ًو إًف ىىا يىنىا اؿ :يىا ىر يس ى ص ىامتىا ىكأىف ىر يجبلن قى ى وؿ الل ًو أىف ٍامرأىتىػ ٍ ً -ك ىعن عيبػي ود موىذل رس ً
ُت ى ى ٍ ىٍ ى ٍ ى ي
اؿ
ت يٍب ىع ىاد ىكأ ىيراهي قى ىض ىعٍنوي أ ٍىك ىس ىك ى ىعىر ىش .فىأ ٍ ص ىامتىا ىكإًنػ يه ىما قى ٍد ىك ىادتىا أى ٍف ى٘تيوتىا ًم ىن الٍ ىعطى ً
ُت قى ٍد ى ٍامرأىتىػ ٍ ً
ى
اؿ :فى ىجاءىتىا اؿ « ٍادعي يه ىما » .قى ى اؿ يىا نىًيب الل ًو إًنػ يه ىما ىكالل ًو قى ٍد ىماتىػتىا أ ٍىك ىك ىادتىا أى ٍف ى٘تيوتىا .قى ى بًا ٍ٢ت ً
اجىرةً قى ى ى
ص ًديدان ىك ىٟتٍمان ىحىت ت قىػٍيحان أ ٍىك ىدمان ىك ى
ًً
اؿً :إل ٍح ىد يا٫تىا « قيئي » .فىػ ىقاءى ٍ
قى ى ً
اؿ :فىجيءى بًىق ىد وح أ ٍىك عي ٍّ
س فىػ ىق ى
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭮ ﭯ ﭰ
(ّ)
ﭱﮊ
ث ىكىدلٍ يىػ ٍف يس ٍق غي ًفىر لىوي ىما تىػ ىقد ىـ ًم ٍن ىذنٍبً ًو »(ْ).
-ككما قاؿ النيب « :ىم ٍن ىحج فىػلى ٍم يىػٍرفي ٍ
-فهذه الفرائض ا٠تمس ىي أىم الفركض اإلسبلمية كأكجبها ،كىي متعينة األداء على كل
مكلف ،كلكن ىناؾ فركض ككاجبات إسبلمية غَتىا ٬تب أداؤىا من ذلك :أداء حقوؽ العباد
ا١تالية كالثابتة ُب الذمة ،أك اليت دخلت عليك من طريق غَت شرعي ،كالعدؿ ُب ا١تبادالت ا١تالية
كا١تعامبلت دكف ظلم ،كال ٓتس حق ،كال غش كال تطفيف كيل ،كال نقص كزف ،كال تدليس
-كمن الواجبات إغاثة ا١تلهوؼ ،كنصرة ا١تظلوـ ،كإعانة الضعيف ،كصلة الرحم ،كرد السبلـ،
كحسن اللقاء ،كمعاملة الناس ٓتلق حسن ،كالنصيحة لعباد اهلل تعاذل ،كحب ا٠تَت ٢تم كما ٖتب
لنفسك.
-كمن الواجبات :حسن القياـ باٟتقوؽ الزكجية الواجبة على الزكجُت ،كا١تبلطفة ُب ا١تعاشرة
الزكجية ،كحسن اٞتوار ،كالبعد عما يؤذيهم.
-كمن الواجبات اإلسبلمية :بر الوالدين ،كصلة الرحم ،كحسن الصلة باآلخرين ،كالوفاء معهم.
-كمن الواجبات اإلسبلميةٖ :تسُت الظن با١تسلمُت ،ما دل يشاىد فيهم غَت ذلك ،كالسًت على
العصاة ا١تستًتين ،كالنصح ٢تم مع الدعاء ٢تم بالعافية من ذنوهبم.
-كمن اٟتقوؽ الواجبة على اإلنساف حقوؽ اٟتيواف كالرفق بو فبل ٬تيعو كال يوجعو ،كال يتعبو كال
يزعجو ،كال ٭تملو فوؽ طاقتو ،كال يؤذيو بنفسو ،كال ُب أكالده ،سواء ُب ذلك البهائم كالطيور
كغَتىا.
-كمن الفركض اإلسبلمية :إبعاد النفس عن احملرمات كىي كثَتة فمنها :الربا كالزىن ،كا٠تمر
كا١تيسر ،كالغضب كالظلم ،كشهادة الزكر كاليمُت الغموس كقوؿ الزكر ،كانتهاؾ األعراض بالقذؼ
ك٨توه ،كالسباب كالتعيَت ككالتفسيق كالتبديع كالتكفَت من غَت دليل قطعي ثابت شرعان ،كتتبع
عورات الناس كزالهتم كأخطائهم كىفواهتم.
-كل ذلك من مقاـ قرب الفرائض أما مقاـ قرب النوافل فيجب أف نعلم أف النوافل ىي الزيادة
على الفرائض كالواجبات ،كال تتحقق النافلة ،كتع ٌد زيادة على الفرائض كالواجبات إال إذا كملت
للعبد فرائضو ككاجباتو كمان ككيفان ،فتصَت الزيادة على ذلك نافلة.
-كالنوافل تكمل نقص الفرائض ،فقد ركل أبو ىريرة قاؿ ،قاؿ رسوؿ اهلل « :إًف أىكىؿ ىما
اب ىك ىخ ًسىر فىإً ٍف ت فىػ ىق ٍد أىفٍػلى ىح ىكأ ٍى٧تى ىح ىكإً ٍف فى ىس ىد ٍ
ت فىػ ىق ٍد ىخ ى صلى ىح ٍ
ي٭تاسب بًًو الٍعب يد بً ًً
ص ىبلتو فىًإ ٍف ى
ىٍ ى ى ى ي
يض ًة يٍب اؿ انٍظيركا ىل لًعب ًدم ًمن تىطىووع فىػي ىكمل بًًو ما نىػ ىق ً انٍػتىػ ىقص ًمن فى ًر ً ً
ص م ٍن الٍ ىف ًر ى
ى ي ي ى ٍ يضتو ىش ٍيءه قى ى ي ى ٍ ىٍ ى ٍ ى
ً ً
ك.)ُ(».يى يكو يف ىسائًير ىع ىمل ًو ىعلىى ىٍ٨ت ًو ىذل ى
-كالنوافل ىي العبادات كالطاعات زيادة على الفرائض كىي أنواع متعددة:
أولً -نوافل عملية :كأداء نوافل الصبلة ا١تختلفة ،مثل السنن الراتبة ،كصبلة الضحى كقياـ
الليل كالتهجد ،كصبلة التسابيح كصبلة اٟتاجة ،كصبلة التوبة كصبلة االستخارة ،كالوتر،
كسجدة التبلكة كسجدة الشكر.
-كصوـ النفل كصوـ يوـ االثنُت كا٠تميس من كل أسبوع ،أك صياـ ثبلثة أياـ من كل شهر.
وؿ الل ًو أى ٍف نىص ً
ث ىع ٍشىرىة وـ م ٍن الش ٍه ًر ثىىبلثىةى أىي واـ الٍبً ى
يض ثىىبل ى يى -فعن أيب ذر قاؿ :أ ىىمىرنىا ىر يس ي
س ىع ٍشىرةى(ِ).
ىكأ ٍىربى ىع ىع ٍشىرةى ىكٜتىٍ ى
-ىذا ك٬تب أف نعلم أف أىم ىذه النوافل قياـ الليل فقد قاؿ رسوؿ اهلل « :ىعلىٍي يك ٍم بًًقيى ًاـ
ات ىكىمٍنػ ىهاةه لً ًئل ًٍٍب »(ِ).
اللي ًل فىًإنو دأٍب الصاٟتًًُت قىػبػلى يكم كىو قيػربةه إً ىذل رب يكم كم ٍك ىفرةه لًلسيئ ً
ى ى ٍ ٍ ى ي ى ٍى ى ٍ ى ى ى ٍ يى ي
-كقاؿ رسوؿ اهلل « :٭تشر الناس ُب صعيد كاحد يوـ القيامة ،فينادم مناد فيقوؿ :أين
الذين كانت تتجاَب جنوهبم عن ا١تضاجع ،فيقوموف كىم قليل ،فيدخلوف اٞتنة بغَت حساب ،
ٍب يؤمر بسائر الناس إذل اٟتساب »(ّ).
(ْ)
-كقاؿ :ﮋﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ
أ -ذكر اهلل :فذكر اهلل يعمق معرفة العبد بربو كالصلة بو ،ك٤تبتو كالشعور ٔتعيتو
كمناجاتو كمراقبتو ،فيمنحو ذلك قوة الثبات ،كقوة اليقُت،ك كقوة اإلٯتاف ،كقوة االستقامة.
-كا١تقصود بالذكر أف يتذكر ا١تسلم ربو دائمان ُب كل أحوالو كتصرفاتو فيذكره بالرضا كالطمأنينة
كاٟتمد كالشكر كا٠تشوع كاإلنابة كالتوبة كالتوجو كالسؤاؿ كا١تناجاة كالدعاء.
-فبل يغيب قلبو كفكره ُب أكقاتو كأعمالو كلها عن اهلل ،كىذا الذكر ىو ا١تقصود ُب قولو
تعاذل :ﮋ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ
(ِ)
-ك٬تب أف يذكر ا١تسلم ربو كثَتان كما أمره ُب قولو :ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀﮊ
-كينبغي للمؤمن أال يشغلو شاغل عن ذكر اهلل كأف ال يلتهي بشيء عنو ،عمبلن بقوؿ اهلل :
ﮬﮭﮮﮯﮊ
(ُ)
ﭡﭢﭣﭤﭥﮊ
(ِ)
-كمن أىم ٙتار الذكر اٟتقيقي طمأنينة القلب كخشوعو ككجلو قاؿ تعاذل:
(ّ)
ﮋﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﮊ
-كللحفاظ على إٯتاننا بربنا كحبنا كطاعتنا لو أمرنا سبحانو كتعاذل بأف نبتعد عن طاعة الغافلُت
عن ذكره كعن ٣تالستهم ،فقاؿ سبحانو:
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
(ٓ)
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ
(ُ)
ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﮊ
-كاهلل ينبهنا إذل ضركرة ذكره الذكر الكثَت لنكوف من ا١تؤمنُت الصادقُت ،كنبتعد عن صفات
-كلئن ٖتدث القرآف كثَتان عن الذكر فإف رسوؿ اهلل دل يغفل اٟتديث عنو بل أشاد بو ،كأكثر
ت »(ّ) .اٟتي كالٍمي ً ً ً
من اٟتديث عنو ،ك٦تا قالو « :ىمثى يل الذم يى ٍذ يكير ىربوي ىكالذم الى يى ٍذ يكير ىمثى يل ٍى ى ى
اؿً « :حلى يق الذ ٍك ًر »(ْ).
اٞتىن ًة قى ى
اض ٍ اٞتىن ًة فى ٍارتىػعيوا » .قى ى
اؿ ىكىما ًريى ي اض ٍ -كقولو « :إًذىا ىمىرٍريًٍب بً ًريى ً
-كقاؿ « :أىالى أينىػبئي يكم ًٓتى ًَت أ ٍىعمالً يكم كأ ٍىزىكاىا عًٍن ىد ملً ً
يك يك ٍم ىكأ ٍىرفىعً ىها ًُب ىد ىر ىجاتً يك ٍم ىك ىخٍيػهر لى يك ٍم ى ٍ ٍ ى ٍى ى
ض ًربيوا أ ٍىعنىاقى يك ٍم ». ب ىكالٍ ىوًرًؽ ىك ىخٍيػهر لى يك ٍم ًم ٍن أى ٍف تىػ ٍل ىق ٍوا ىع يدكيك ٍم فىػتى ٍ
ض ًربيوا أ ٍىعنىاقىػ يه ٍم ىكيى ٍ اؽ الذ ىى ًًمن إًنٍػ ىف ً
ٍ
اذل »(ٓ). اؿ « ًذ ٍكير الل ًو تىػ ىع ى قىاليوا بىػلىى .قى ى
ذاكر كمن ٭تفظ آية من آياتو فَتددىا فهو ذاكر ،كمن يستمع إذل القرآف، -فقارئ القرآف ه
كيفكر ُب معانيو فهو ذاكر ،كمن يعمل بأكامر القرآف كينتهي عن نواىيو فهو ذاكر.
-بل إف القرآف الكرًن ىو أعظم الذكر ،ألف قراءتو تبلكة لكبلـ اهلل الذم فيو الشفاء من
كل داء ،ففيو آيات بينات من لدف حكيم عليم ،تدخل القلب ،كتطمئن ٢تا النفس ،كتقشعر ٢تا
األبداف ،كيزداد هبا القارئ إٯتانان ،كيسرع إذل تطبيقها ،كتنفيذ أكامرىا ،كالبعد عن نواىيها،
فتتهذب هبا نفسو ،كيطمئن قلبو ،كتسمو ركحو ،فيصبح ككأنو ملك ٯتشي على كجو األرض.
ثانياً -أداء الفرائض :أداء الفرائض ذكر هلل ،فالصبلة مثبلن فيها ركوع كسجود ،كقراءة
للقرآف كتسبيح كهتليل ،ككل ذلك ذكر هلل ،ألف الغاية من العبادات ذكر اهلل ،قاؿ
(ْ)
تعاذل :ﮋﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﮊ
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮊ
(ِ)
(ّ)
كقاؿ تعاذل :ﮋﰂﰃﰄﰅﮊ
وىذا الذكر على ثالثة أنواع:
ذكر اللسان :الذم كاف يرشد إليو الرسوؿ ُ ب كثَت من أحاديثو:
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﮊ
(ِ)
ا٠تىًفي »(ّ).
كفيو قاؿ « :ىخٍيػير الذ ٍك ًر ٍ
الذكر ا٠تىفي» (ْ).
ا٠تامل قاؿ ي
ي الذكر
كقاؿ « :اذكركا اهللى ذكرا خامبل قيل كما ي
كقاؿ :مشَتان أل٫تية الذكر ا٠تفي « :الذكر الذم ال تسمعو اٟتفظة يزيد على الذكر الذم
تسمعو اٟتفظة سبعُت ضعفان»(ٓ).
ب -الذكر العملي :كىو أف يذكر ا١تسلم ربو ُب ٚتيع أحوالو كأعمالو ،كأف يراقبو ُب كل
حركاتو كسكناتو ،كال يغفل عنو أبدان ،كقد عرب العارفوف عن ىذا الذكر بقو٢تم :نعيش مع الناس
بأجسامنا ُب ىذه اٟتياة ُب معاملتنا ٢تم كاختبلطنا هبم كبيعنا كشرائنا ،لكن قلوبنا ُب كل ذلك
مع اهلل ال نغفل عن ذكره كتذكره أبدان.
وللذكر فوائد كثيرة حاول اإلمام ابن القيم استيفاءَىا فتجاوزت عنده المئة أذكر منها:
(يرضي الرٛتن ،كيطرد الشيطاف ،كيزيل ا٢تم ،ك٬تلب السركر ،كيقوم القلب كالبدف ،كينور القلب
كالوجو ،ك٬تلب الرزؽ ،كيكسب ا١تهابة كاٟتبلكة ،كيورث ٤تبة اهلل تعاذل اليت ىي ركح اإلسبلـ،
كيورث ا١تعرفة كاإلنابة كالقرب كحياة القلب ،كذكر اهلل للعبد.
كىو يثمر ا١تعارؼ كاألحواؿ اٞتليلة ،كالذاكر قريب من مذكوره كاهلل معو كأكرـ ا٠تلق على اهلل:
من ال يزاؿ لسانو رطبان من ذكر اهلل.
كىو يعُت على طاعة اهلل كيسهل كل صعب ،كييسر األمور ،كيعطي الذاكر قوة ُب قلبو كبدنو،
كىو سد بُت العبد كنار جهنم ،كتستغفر ا١تبلئكة للذاكر ،كتتباىى اٞتباؿ كبقاع األرض ٔتن يذكر
اهلل عليها ،كتشهد لو ،كالذكر أماف من النفاؽ.)ُ( ).....
النداء للمؤمنُت مباشرة فيقوؿ سبحانو(( :ﭹ ﭺ ﭻ)) كمن كاجب ا١تؤمن عند ٝتاع
مثل ىذا النداء أف يقوؿ مباشرة :لبيك اللهم لبيك ،لبيك كسعديك ،عبدؾ بُت يديك مستع هد
لتنفيذ أكامرؾ ،كاجتناب نواىيك ،كالعمل ٔتا يرضيك.
-لكػن ُب القػػرآف الكػػرًن آيػػة كاحػػدة تػأٌب بتصػػدير مهػػم قبػػل النػػداء يوضػح كيبػػُت كيظهػػر أ٫تيػػة مػػا
-كالصػ ػػبلة ُب اللغػ ػػة تعػ ػػٍت الػ ػػدعاء ،كُب اصػ ػػطبلح ىػ ػػذه اآلي ػػة :الثنػ ػػاء علػ ػػى النػ ػػيب ك٘تجيػ ػػده
كتعظيمو.
-كا١تقصود من ىػذه اآليػة أف ٮتػرب اهلل سػبحانو كتعػاذل عبػاده ٔتنزلػة كمكانػة عبػده كنبيػو ا١تصػطفى
عن ػػده كُب ا١ت ػػؤل األعل ػػى ،كأظهػػر ذل ػػك بص ػػبلتو عليػػو ،كص ػػبلة اهلل تع ػػٍت ثنػػاءه علي ػػو ،كإظه ػػار
عظمتو كمكانتو عنده ،ٮترب بذلك عباده عن ىذه ا١تنزلة الرفيعة اليت دل يبلغها أحد سواه.
-كذلك بُت سبحانو أف ا١تبلئكة تصلي عليو أيضان كذلك بدعائها للنيب كاستغفارىا لػو ،كأف
يزيده اهلل رفعة كمكانة كشرفان كقربة.
ٍ -ب جػػاء األمػػر ٞتميػػع ا١تػػؤمنُت أف يصػػلوا عليػػو كيسػػلموا تسػػليما ،كصػػبلة ا١تػػؤمنُت علػػى النػػيب
دعاء لو بإعبلء ذكره كإظهار دينو ،كإبقاء شريعتو ُب الدنيا ،كإجزاؿ مثوبتػو ،كرفػع مقامػو كتشػفيعو
بأمتو ُب اآلخرة.
-قاؿ الشيخ عز الدين بن عبد السبلـ( :ليست الصبلة على رسوؿ اهلل شػفاعة منػا لػو ،فػإف
مثلنػػا ال يشػػفع ١تثلػػو ،كلكػػن اهلل سػػبحانو أمرنػػا ٔتكافئػػة مػػن مكافأتػػو أنعػػم علينػػا ،كأحسػػن إلينػػا فػػإف
عجزنػا عػػن مكافػأة دعونػػا لػػو بػأف يكافئػػو اهلل عنػا ،ك١تػػا عجزنػػا عػن مكافئػػة سػيد األكلػػُت كاآلخػرين
أمرنػػا رب العػػا١تُت أف نرغػػب إليػػو ،كأف نصػػلي عليػػو لتكػػوف صػػبلتنا عليػػو مكافئػػة إلحسػػانو إلينػػا
كإفضالو علينا)(ِ) .
-من تواضع النيب أنو عندما علمنا كيفية الصبلة عليو بقولو(( :اللهم صل على ٤تمد)) دل
نفسوي فإف من حقو علينا أف نقوؿ احًتامان لو كتقديران لذكره ما علمنا إياه السادة العلماء
يي ىسوٍد ى
األفاضل ٦تا استنبطوه من القرآف كالسنة :اللهم صل على سيدنا ٤تمد ،فهو سيدنا ُب الدنيا،
كسيدنا ُب اآلخرة ،كمن أىم تلك األدلة ُب القرآف الكرًن قولو تعاذل :ﮋﭼﭽﭾﭿ
(ُ)
ﮀﮁﮂﮃﮊ
-كمن األدلة من السنة ،قولو كىو يتحدث عن ٚتلة ا١تراتب ا٠تاصة بو:
ً ً ً
آد ىـ يىػ ٍوىـ الٍقيى ىام ًة ىكأىك يؿ ىم ٍن يىػٍن ىشق ىعٍنوي الٍ ىقٍبػير ىكأىك يؿ ىشاف وع ىكأىك يؿ يم ى
شف وع »(ِ) . «أىنىا ىسي يد ىكلىد ى
-فالصبلة على النيب كاجبة ال ٬توز تركها ،كال يغفل عنها إال من ال خَت فيو من الناس.
قاؿ القاضي عياض رٛتو اهلل ( :اعلم أف الصبلة على النيب فرض على اٞتملة غَت ٤تدد
بوقت ألمر اهلل تعاذل بالصبلة عليو ،كٛتل األئمة كالعلماء األمر على الوجوب كأٚتعوا عليو) (ّ).
(ُ)سورة النور.ّٔ:
(ِ)أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب ىريرة .
(ّ)العبلمة القاضي أبو الفضل عياض اليحصيب :الشفا بتعريف حقوؽ ا١تصطفى ،جزءِ ،صُٔ.
- 121 -
-كقاؿ ٚتهور العلماء :إف الصبلة على النيب قربة كعبادة كالذكر كالتسبيح كالتحميد ،كىي
مندكبة كمسنونة ُب كل كقت كحُت ،كإنو ينبغي اإلكثار منها.
-فالصبلة على النيب تفرض ُب آخر الصبلة ُب التشهد األخَت ،قاؿ ابن عمر :
(ال تكوف صبلة إال بقراءة تشهد كصبلة على النيب .)ُ()
-كالصبلة على النيب ٕ تب عند ذكر النيب على الذاكر كالسامع ،فقد ركل أنس
صل ىعلىي»(ِ). قاؿ ،قاؿ رسوؿ اهلل « : من ذيكًر ً
ت عٍن ىدهي فىػ ٍليي ى
ىٍ ٍ ي
صل عليو إذا ذكر جاء ذلك ُب العديد من األحاديث -كقد كرد الوعيد الشديد ١تن دل يي ى
الصحيحة ،من ذلك الوعيد الدعاء على تارؾ الصبلة عليو باإلبعاد كالذؿ ككصفو بالبخل
كاٞتفاء كأنو قد أخطأ طريق اٞتنة.
ك
صل ىعلىٍي ى اؿ :من ذيكًر ً
ت عٍن ىدهي ،فىػلى ٍم يي ى
بلـ ،فىػ ىق ى ى ٍ ٍ ى
ً
يل ىعلىٍيو الس يفقد قاؿ رسوؿ اهلل « :أىتى ًاين ًج ًٍ
رب
ي
ُت»(ّ). ً
فىأىبٍػ ىع ىدهي اللوي قي ٍل :آم ى
صل ىعلى ٌي»(ْ). كقاؿ رسوؿ اهلل « :ر ًغم أىنٍف رج ول ذيكًر ً
ت عٍن ىدهي فىػلى ٍم يي ى
ى ى ي ىي ٍ ي
اب كًنىايةن ىعن حص ً
وؿ الذؿ(ٓ). أىم لى ً
ص ىق أىنٍػ يفوي بًالتػر ً
ى ٍ ي ي ى ٍ
رت عنده فلم يصل علي فقد ىش ًق ىي»(ٔ).ً
-كقاؿ « :من ذيك ي
اٞتىن ًة »(ّ).
يق ٍ ً ً كقاؿ رسوؿ اهلل « :من ذيكًر ً
ت عٍن ىدهي فى ىخط ىئ الصبلةى ىعلىي ،ىخط ىئ طى ًر ى
ىٍ ٍ ي
-فما أحرانا بعد كل ماٝتعناه كعرفناه ،أف نكثر من الصبلة عليو ُب كل كقت كحُت .
( -رؤم الشافعي ُ ب ا١تناـ بعد موتو ،فقيل لو :ما فعل اهلل بك؟ قاؿ :غفر رل ،فقيل لو
ٔتاذا؟ قاؿٓ :تمس كلمات كنت أصلي هبا على رسوؿ اهلل ،فقيل لو :كما ىي تلك
الكلمات .قاؿ :كنت أقوؿ:
(اللهم صل على سيدنا ٤تمد عدد من صلى عليو ،كصل على سيدنا ٤تمد عدد من دل يصل
عليو ،كصل على سيدنا ٤تمد كما أمرت أف يصلى عليو ،كصل على سيدنا ٤تمد كما ٖتب أف
يصلى عليو ،كصل على سيدنا ٤تمد كما ينبغي أف يصلى عليو) (ْ).
-من أحب شيئان أكثر من ذكره كمن أحب النيب أكثر من ذكره كمن الصبلة عليو.
-ك٬تب على كل مسلم ٤تب لرسوؿ اهلل أف يعلم أف الصبلة على النيب مقبولة قطعان.
يقوؿ الشيخ الفاسي(ٓ) ُب شرحو على "دالئل ا٠تَتات" ( :ككل األعماؿ فيها ا١تقبوؿ كا١تردكد إال
إال الصبلة على النيب فإهنا مقبولة غَت مردكدة).
ﮋ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏﰐ ﰑ ﰒ
(ّ)
ﰓﰔﮊ
-كعن أنس بن مالك قاؿ :قاؿ رسوؿ اهلل « :من صلى علي صبلة كاحدة بلغتٍت صبلتو
كصليت عليو ككتب لو سول ذلك عشر حسنات»(ْ).
فأم شرؼ كأم لذة ،كأم عطاء ُب أف يصلي النيب عليك باٝتك ُب اٟتضرة اإل٢تية فتستفيد
سكينة للقلب ،كمغفرة للذنب ،كارتقاء ١تقاـ القرب ،أدل تقرأ قوؿ اهلل تعاذل:
(ُ)
ﮋﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮊ
-كللصبلة على النيب فوائد كثَتة صرحت هبا أحاديث النيب ا١تتعددة فمن أىم تلك
الفوائد صبلة اهلل كسبلمو مع مبلئكتو على من صلى عليو.
صلٌػ ػ ػ ػ ػ ػى اهلل عليػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو ُب اآلي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػات إذا أنت أكثرت الصبلة على الذم
الحت عليك دالئ ػ ػ ػ ػ ػ ػل ا٠تي ػ ػ ػ ػ ػرات كجػػعلػػتها كردان علي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػك ٤تتم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػان
-كمن تلك الفوائد اليت ذكرهتا األحاديث الشريفة تكفَت ا٠تطايا ،كتزكية األعماؿ ،كرفع
الدرجات ،كمغفرة الذنوب ،ك٤تو ا٠تطايا ،ىذا كإف بركة الصبلة على النيب كخَتاهتا تدرؾ
الرجل ا١تصلي ككلده ،ككلد كلده ،كمنها أهنا تزين اجملالس كتنفي الفقر كضيق العيش ،كتقرب إذل
اهلل كرسولو ،كىي سبب عظيم لقضاء اٟتاجات كنيل ا١ترادات ،تفتح أماـ ا١تصلي على النيب
أبواب ا٠تَت ،فيلتمس بربكتها كل ٤تبوب ،كىي سبب عظيم ُب إجابة الدعاء ،كىي نور
فهي من أكثر األعماؿ بركةن كأفضلها نفعان ُب الدنيا كاآلخرة ،ككثرة صبلة ا١تصلي على النيب
تدؿ على خالص حبو لو ألف الذم ٭تب شيئان يكثر من ذكره.
-كإذا كاف كل كقت يستحب فيو الصبلة على النيب فإف ىناؾ مواطن تشرع فيها الصبلة
على النيب فمنها:
صلوا ىعلىي وؿ يٍب ى -عقب إجابة ا١تؤذف .فقد قاؿ النيب « :إً ىذا ىًٝت ٍعتي يم الٍ يم ىؤذ ىف فىػ يقوليوا ًمثٍ ىل ىما يىػ يق ي
اٞتىن ًة الى
رل الٍ ىو ًسيلىةى فىًإنػ ىها ىمٍن ًزلىةه ًُب ٍصلى اللوي ىعلىٍي ًو ًهبىا ىع ٍشنرا يٍب ىسليوا اللوى ً
صبلىةن ى فىًإنوي ىم ٍن ى
صلى ىعلىي ى
ى
ً ً ً ً ً و ً ً ً ً
ت لىوي رل الٍ ىوسيلىةى ىحل ٍ تىػٍنبىغي إال ل ىعٍبد م ٍن عبىاد اللو ىكأ ٍىر يجو أى ٍف أى يكو ىف أىنىا يى ىو فى ىم ٍن ىسأ ىىؿ ى
اعةي»(ُ).
الش ىف ى
-كمن ا١تواطن اليت يسن فيها الصبلة عليو :عند دخوؿ ا١تسجد كعند ا٠تركج منو ،عن
اؿ:صلى ىعلىى ي٤تىم ود ىك ىسل ىم ىكقى ى ً فاطمة رضي اهلل عنها « :ىكا ىف رس ي ً
وؿ اللو إً ىذا ىد ىخ ىل الٍ ىم ٍسج ىد ى ىي
اؿ :ىرب ا ٍغ ًفٍر صلى ىعلىى ي٤تىم ود ىك ىسل ىم ىكقى ى ك .ىكإً ىذا ىخىر ىج ى اب ىر ٍٛتىتً ى
ً
ىرب ا ٍغفٍر ًرل ذيني ًويب ىكافٍػتى ٍح ًرل أىبٍػ ىو ى
ك»(ِ). ًرل ذيني ًويب كافٍػتح ًرل أىبػواب فى ٍ ً
ضل ى ى ى ٍ ٍى ى
-كُب صبلة اٞتنازة بعد التكبَتة الثانية.
-كاف الصحابة الكراـ ،كالتابعوف ،كأكلياء اهلل كأحبابو يكثركف من الصبلة على النيب ٤تمد
بل كاف بعضهم يقتصر ُب دعائو على الصبلة عليو فبل يسأؿ اهلل شيئان إال الصبلة على النيب
٤تمد كما عليو إذا فعل ذلك كقد ضمن اهلل لو بذلك أف يكفى ٫توـ الدنيا كاآلخرة ،كماذا
يبتغي العبد من دعائو مهما كاف جامعان إال ىذا الطلب.
ُ -القلب الميت وىو قلب الكافر( :كىو الذم ال حياة فيو ،فهو ال يعرؼ ربو ،كال يعبده
بأمره ،كٔتا ٭تبو كيرضاه ،بل ىو كاقف مع شهواتو كلذاتو ،كلو كاف فيها سخط ربو كغضبو ،فهو
ال يبارل إذا فاز بشهوتو كحظو ،رضي ربو أـ سخط) (ّ).
على قلبو كأصبح الراف ُب أعماقو ،ذكره اهلل ُب قرآنو بقولو :ﮋﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ
ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﮊ
(ُ)
(ِ)
كقولو :ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ
ِ -القلب المريض وىذا قلب المنافق( :كىو القلب الذم لو حياة كبو علة ،ففيو من ٤تبة
اهلل ،كاإلٯتاف بو ،كاإلخبلص لو ،كالتوكل عليو ،ما ىو مادة حياتو ،كفيو من ٤تبة الشهوات
كإيثارىا كاٟترص على ٖتصيلها ،كاٟتسد كالكرب كالعجب ،كحب العلو باألرض بالرياسة ما ىو
مادة ىبلكو كعطبو.
داع يدعوه إذل اهلل كرسولو كالدار اآلخرة ،كدا وع يدعوه إذل
كىو ٦تتحن من داعيُت :و
العاجلة ،كىو إ٪تا ٬تيب أقرهبما منو بابان ،كأدنا٫تا إليو جواران) (ّ).
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ
(ْ)
(كالقلب السليم :كىو الذم سلم من أف يكوف لغَت اهلل فيو شرؾ بوجو ما ،بل قد خلصت
عبوديتو هلل ،إرادة ك٤تبة ،كتوكبلن كإنابة ،كإخباتان كخشية ،كخلص عملو هلل ،فإف أحب
أحب ُب اهلل ،كإف أبغض أبغص ُب اهلل ،كإف أعطى أعطى هلل ،كإف منع منع هلل) (ْ).
كالقلب السليم :ىو الذم سلم من ٚتيع العقائد الفاسدة ،كاألخبلؽ الرذيلة ،كا١تيل إذل
ا١تعاصي كالشهوات.
كالقلب السليم :ىو الذم سلم من الكفر كالشقاؽ ،كمن الشك كالًتدد ،كسلم من الرياء
كالفخر كالكرب ،كاٟتقد كاٟتسد كالغش ،كٚتيع أمراض القلب ،كسلم من األىواء كالشهوات
كا١تغريات كا١تعاصي كاآلثاـ.
اٞتواب :باتباع األمور األساسية اليت تساعد على امتبلؾ ىذا القلب:
أولً :السعي اٟتثيث إذل تعميق اإلٯتاف باهلل ُب القلب ،كالوصوؿ بو إذل حد اليقُت بشىت
الوسائل حىت ال يكوف إٯتاننا ادعاءن ،كاألعراب الذم قاؿ عنهم سبحانو:
ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ
(ُ)
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮊ
(ِ)
-قاؿ تعاذل:ﮋﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ
-كمن ىداية اهلل ٢تذا القلب أف ٭تبب إليو اإلٯتاف ،كيزينو فيو ،كيكره إليو الكفر كالفسوؽ
ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ
(ْ)
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﮊ
ﭘﮊ ﭙ قالوا :كيف يشرح الصدر؟ قاؿ :إذا نزؿ النور ُب القلب انشرح لو الصدر كانفسح .
قالوا :فهل لذلك آية يعرؼ هبا؟ قاؿ :نعم ،اإلنابة إذل دار ا٠تلود ،كالتجاُب عن دار الغركر،
كاالستعداد للموت قبل الفوت)(ِ).
-فإذا كصل ا١تسلم إذل ىداية اهلل لو ،كشرح صدره ،قذؼ ُب قلبو نوران ،يصبح القلب هبذا النور
ذاكران هلل لينان سليمان ،صحيحان صاٟتان منيبان ،قاؿ تعاذل :ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ
(ّ)
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ
فع ًن
-كبذلك يصل ذلك ا١تسلم إذل ما كصل إليو الصحايب اٞتليل حارثة من اإلٯتاف اٟتق :ى
ث ؟» ت يىا ىحا ًر ي وؿ الل ًو ،فىػ ىق ى ك األىنٍصا ًرم ،أىنو مر بًرس ً ث بن مالً و اٟتا ًر ً
ىصبى ٍح ىفأ ٍ اؿ لىوي « :ىكٍي ى ي ى ىي ى ى ٍى
ً و ً ً
كوؿ ؟ فىًإف ل يكل ىش ٍيء ىحقي ىقةن ،فى ىما ىحقي ىقةي إًٯتىانً ى اؿ« :انٍظيٍر ىما تىػ يق ي ت يم ٍؤًمننا ىح ًّقا ،فىػ ىق ى
ىصبى ٍح ي
اؿ :أ ٍ قى ى
ت نػى ىها ًرم ،ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل اؿ :قى ٍد عزفىت نىػ ٍف ًسي ع ًن الدنٍػيا ،كأىسهرت لً ىذلً ً ً
ك ليىلي ،ىكأىظٍ ىمأٍ ي ى ى ٍ ىٍ ي ى ى ىى ٍ ؟» فىػ ىق ى
ً ً
ىعٍر ًش ىريب بىا ًرنزا ،ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل ا ٍٞتىنة يىػتىػىز ىاكيرك ىف ف ىيها ،ىكىكأىين أىنٍظيير إً ىذل أ ٍىى ًل النا ًر يىػتى ى
ضا ىغ ٍو ىف
اؿ « :يىا ىحا ًر ي فً ىيها ،فىػ ىق ى
(ْ)
ت فىالٍىزٍـ » ثىبلثنا. ث ىعىرفٍ ى
-كذلك فإف اهلل ٬ تعل ٢تذا العبد كاعظان من قلبو يأمره كينهاه كما بُت ُ ب قولو:
(ُ)أبو جعفر ا٢تامشي ا١تدائٍت :عبد اهلل بن ا١تسور بن عوف بن جعفر بن أيب طالب .ركل عنو عمرك بن
مرة ،كخالد بن أيب كرٯتة .مًتجم ُب ابن أيب حاًب كغَته [عن تفسَت الطربم].
(ِ) تفسَت الطربم.
(ّ) سورة الزمرِِ:
(ْ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت.
- 133 -
«إذا أراد اهلل بعبده خَتا جعل لو كاعظان من قلبو » (ُ).
ثالثاً :االستجابة ١تا يدعو إليو اهلل كرسولو ،كالتزاـ أكامر اهلل ،كالبعد عن نواىيو ،كالتقيد
بأحكامو ،كالبعد عن معاصيو ،ككل ذلك يؤدم إذل حياة قلب ا١تسلم ،كاستمراريتو على سبلمتو
كصحتو كصبلحو كإنابتو ،ككل ذلك أيضان يساعد أال ٭توؿ اهلل بُت ا١تسلم كبُت قلبو بتقلب
أحواؿ القلب أك مرضو أك موتو ،قاؿ تعاذل:
ﮋﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ
(ِ)
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ
وؿ
-ىذا كقد ٖتدث النيب عن تقلب ىذا القلب ،فقد ركل أنس بن مالك قاؿ ىكا ىف ىر يس ي
وؿ الل ًو ىآمنا ً
ت :يىا ىر يس ى ك » .فىػ يق ٍل يت قىػ ٍلًيب ىعلىى دينً ى وؿ « :يا م ىقلب الٍ يقلي ً
وب ثػىب ٍ
ً
اللو يي ٍكثير أى ٍف يىػ يق ى ى ي ى
ً
ىصابً ًع الل ًو يػي ىقلبيػ ىها اؿ « نىػعم إًف الٍ يقليوب بػُت أىصبػع ً ً ت بًًو فىػ ىه ٍل ىٗتى ي ً
ُت م ٍن أ ى ى ىٍ ى ٍي ىٍ اؼ ىعلىٍيػنىا قى ى ى ٍ بً ى
ك ىكًٔتىا جٍئ ى
ف يى ىشاءي »(ّ).
ىكٍي ى
(ْ)
-كقاؿ « :قلب ا١تؤمن أشد تقلبان من القدر ُب غلياهنا»
(ٓ)
-كقاؿ « :مثل القلب مثل العصفور فيقلب كل ساعة»
ىص ًل ىش ىجىرةو يػي ىقلبيػ ىها ب ىكمثى ًل ًر ى و وً -كقاؿ «:إً٪تىا يٝتي الٍ ىق ٍل ً ً ً ً
يشة يم ىعل ىقة ًُب أ ٍ ب م ٍن تىػ ىقلبو إ٪تىا ىمثى يل الٍ ىق ٍل ى
ي ى
يح ظى ٍهران لًبىطٍ ون »(ٔ).
الر ي
رابعاً :احملافظة على تبلكة القرآف الكرًن ،كالتزاـ أحكامو كالعمل بأكامره كاالبتعاد عن نواىيو.
كاالنتفاع بالقرآف كما فيو إ٪تا ٭تصل ١تن كاف حي القلب ،قاؿ تعاذل:
ﮋﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﮊ
(ِ)
-كما أف االنتفاع ٔتواعظو شفاء ١تا ُب الصدكر ،فالقلب ُب الصدر كما نعلم ،قاؿ تعاذل:
(ّ)
ﮋﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ
(ّ)
-أما الذم ال يقرأ القرآف كال يتدبره كال يعمل بو ،فإف قلبو مقفل مغلق ،كما بُت ذلك سبحانو
(ْ)
ُب قولو :ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮊ
خامساً :احملافظة على ذكر اهلل الذكر الكثَت ،كما أمر سبحانو:
(ٓ)
ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ
(ُ)
ﮋﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﮊ
ﮋﮮﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ ﮷﮸﮹﮺﮻﮼﮽﮾ ﮿
﯀﯁﯂ﮊ
(ِ)
-كمن ال يذكر اهلل ،فإنو يصاب بقساكة ُب قلبو ،تنتهي بو إذل ا٠تسراف كالضبلؿ كالضياع
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ
(ّ)
-فبلبد للقلب من ذكر اهلل كا١تداكمة عليو ألف الذكر يصقل القلب كينوره ،كٯتسح عنو الغفلة،
كالراف كاٟتجب الكثيفة اليت تغشاه قاؿ رسوؿ اهلل :
(إف لكل شيء صقالة ،كإف صقالة القلوب ذكر اهلل ) (ْ).
الذكر ا٠تفي الذم يقوـ بو القلب عناية خاصة،نورل ى -كٔتا أف للذكر أنواعان متعددة فعلينا أف ى
ا٠تىًفي»(ٓ).
فهو خَتىا ،كما بُت ذلك النيب بقولو « :ىخٍيػير الذ ٍك ًر ٍ
ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ
(ُ)
-كأمر اهلل نبيو أف ٭تبس نفسو على صحبة ا١تؤمنُت الصادقُت ،كهناه عن طاعة من أغفل
اهلل قلبو عن ذكره ،فقاؿ سبحانو:
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ
(ِ)
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ
-كمبلزمة ا١تؤمنُت الصادقُت كصحبتهم ،تدعو إذل ٤تبتهم ك٘تٍت ا٠تَت ٢تم ،كالدعاء ٢تم ،كعدـ
حسدىم أك بغضهم أك معاداهتم بُت اهلل كل ذلك ُب قولو:
-كمثا٢تا ُب عصر النبوة ما اتصف بو الصحابة الكراـ من مقامات استقاموا عليها طيلة حياهتم
كاإلخبلص كالصدؽ كالصرب كالتوكل كالزىد كغَت ذلك.
ت) (ّ).
ىسلى ٍم ي
ت يمٍن يذ أ ٍ
-فكاف أحدىم يقوؿ ( :ىما ىك ىذبٍ ي
األحوال :من التحوؿ كالتغَت كالتبدؿ كعدـ الدكاـ.
-كمعٌت األحواؿ :ىو ما ى٭تيل بالقلوب ،أك ٖتل بو القلوب من صفاء األذكار ،كىو معٌت يرد
على القلب من غَت تعمد كال اجتذاب كال اكتساب ،ككاف عارضان سريع الزكاؿ.
-كقد حكي عن اٞتنيد رٛتو اهلل أنو قاؿ( :اٟتاؿ نازلة تنزؿ بالقلوب فبل تدكـ)(ْ).
-كاٟتاؿ يأٌب من فضل اهلل ،كليس من طريق اجملاىدات كالعبادات ،فاألحواؿ مواىب،
كا١تقامات مكاسب.
-لذلك قاؿ أىل التصوؼ( :األحواؿ تأٌب من عُت اٞتود ،كا١تقامات ٖتصل ببذؿ اجملهود) (ٓ).
(ُ)مالك بن دينار :أبو ٭تِت مالك بن دينار البصرم ،من ركاة اٟتديث.كاف كرعا ،توُب سنة (ُُّ ق/
ْٖٕـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ)السراج الطوسي :اللمع ص ٔٔ.
(ّ) أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن عبد اهلل بن مسعود .
(ْ)السراج الطوسي ،اللمع ص ٔٔ.
(ٓ)أبو العزاًن جاد الكرًن بكَت :طبلئع الصوفية صِْ.
- 142 -
-من ىذا القبيل ما حدث من حاؿ مع الصحايب اٞتليل حنظلة :فقد ركل ىحٍنظىلىةي
ت يىا ىحٍنظىلىةي ف أىنٍ ى اؿ :ىكٍي ى اؿ :لىًقيىًٍت أىبيو بى ٍك ور فىػ ىق ى وؿ الل ًو قى ى اب رس ً ً ً
يسيدم ىكىكا ىف م ٍن يكت ى ي
األ ً
ى
وؿ الل ًو يي ىذكيرنىا ت :نى يكو يف ًعٍن ىد رس ً
ىي اؿ قيػ ٍل يوؿ قى ىاؿ :يسٍب ىحا ىف الل ًو ىما تىػ يق ي ت :نىافى ىق ىحٍنظىلىةي قى ى اؿ قيػ ٍل ي
قى ى
ً ًً ً ً و ً اٞتن ً ً
اج ىكاأل ٍىكالى ىد
م ىع ٍُت فىإذىا ىخىر ٍجنىا م ٍن عٍند ىر يسوؿ اللو ىعافى ٍسنىا األ ٍىزىك ى ى ٍأ
رى ا ىنأ ك
ى ىت حى ة بالنا ًر ىك ٍى
ً ً ات فىػنى ًسينىا ىكثً نَتا قى ى كالضيػع ً
ت أىنىا ىكأىبيو بى ٍك ور ىحىت اؿ أىبيو بى ٍك ور :فىػ ىو اللو إًنا لىنىػ ٍل ىقى مثٍ ىل ىى ىذا .فىانٍطىلى ٍق ي ى ٍى
وؿ الل ًو «:ىكىما ىذ ىاؾ ». اؿ ىر يس يوؿ الل ًو .فىػ ىق ى
ت نىافى ىق ىحٍنظىلىةي يىا ىر يس ى دخ ٍلنىا علىى رس ً ً
وؿ اللو قيػ ٍل ي ىى ى ىي
ُت فىًإ ىذا ىخىر ٍجنىا ًم ٍن ًعٍن ًد ىؾ
اٞتىن ًة ىحىت ىكأىنا رأٍم ىع ٍ و
ى ى وؿ الل ًو نى يكو يف ًعٍن ىد ىؾ تي ىذكيرنىا بًالنا ًر ىك ٍ
ت :يىا ىر يس ى قيػ ٍل ي
وؿ الل ًو «:ىكال ًذم نػى ٍف ًسي بًيى ًدهً أ ٍف لىٍو اؿ ىر يس ي عافىسنىا األ ٍىزكاج كاألىكالىد كالضيػع ً
ات نى ًسينىا ىكثً نَتا .فىػ ىق ى ى ى ى ٍ ى ى ٍى ى ٍ
صافى ىحٍت يك يم الٍ ىمبلىئً ىكةي ىعلىى فيػيرًش يك ٍم ىكًَب طييرقً يك ٍم ىكلى ًك ٍن ًً
كمو ىف ىعلىى ىما تى يكونيو ىف عٍندم ىكًُب الذ ٍك ًر لى ى تى يد ي
ات(ُ). ث مر و
اعةن » .ثىبلى ى ى اعةن ىك ىس ى
يىا ىحٍنظىلىةي ىس ى
( -كيذىب اإلماـ الغزارل ُب تعريفو للمقاـ ك اٟتاؿ مذىب السراج الطوسي فالوصف إ٪تا يسمى
مقامان إذا ثبت ك أقاـ ،ك إ٪تا يسمى حاالن إذا كاف عارضان سريع الزكاؿ) (ِ).
-كبالرغم من تلك التعريفات إال أف التداخل قائم بُت ا١تقاـ ك اٟتاؿ ،ك قد عد السهركردم
الضابط ا١تفرؽ بينهما اللفظ كالعبارة إذ ( أف اللفظ ك العبارة عنهما مشعر بالفرؽ فاٟتاؿ يٝتي
حاالن لتحولو ك ا١تقاـ مقامان لثبوتو ك استقراره ) (ّ).
( -كيرل أىل التصوؼ أف كل فضيلة ال تستغٍت مقامان عن حاؿ إذ أف اٟتاؿ مقدمة ا١تقاـ
فبلبد من أف يوجد فيها حاؿ ك مقاـ ففي الزىد حاؿ كمقاـ ك ُب التوكل حاؿ كمقاـ ك ُب الرضا
-كأل٫تية ىذه ا١تقامات كاألحواؿ ،كلقياـ الطريق عليها كاف لكل إماـ من أئمة التصوؼ فيها
مذىب.
-ىذا كقد ٖتدث علماء التصوؼ عن مقامات كأحواؿ كثَتة كفصلوا فيها اٟتديث أتناكؿ أ٫تها
بالشرح ا١تبسط ُب الباب التارل.
( -التوبة أكؿ منزؿ من منازؿ السالكُت ،كأكؿ مقاـ من مقامات الطالبُت ،وحقيقة التوبة في
اللغة :الرجوع ،يقاؿ :تاب أم رجع ،فالتوبة :الرجوع عما كاف مذمومان ُب الشرع إذل ما ىو
٤تمود فيو) (ِ).
-فالتوبة إذاً :ىي رجوع العبد إذل ربو من األكصاؼ ا١تذمومة ُب الشرع إذل األكصاؼ احملمودة
فيو ،كىي مبدأ طريق السالكُت ،كمفتاح سعادة ا١تريدين ،كشرط ُب صحة السَت إذل اهلل رب
العا١تُت.
-كلقد زخر القرآف الكرًن باآليات الدالة على ىذا ا١تقاـ ك ساؽ أىل التصوؼ بعضان منها
لبلستدالؿ على ىذا ا١تقاـ كما ُب قولو تعاذل :
(ّ)
ﮋﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﮊ
-ككاف الرسوؿ ا١تعصوـ عليو الصبلة السبلـ كثَتان ما ٬تدد التوبة كيكرر االستغفار تعليمان لؤلمة
األغر بن يسار ا١تزين عن النيب قاؿ:
كتشريعان فقد ركل ٌ
وب ًُب الٍيىػ ٍوًـ إًلىٍي ًو ًمائىةى ىمرةو »(ّ). ً
اس تيوبيوا إً ىذل اللو فىًإين أىتي ي
« يىا أىيػ ىها الن ي
-ككاف أصحاب النيب يعدكف لو ُب اجمللس الواحد قبل أف يقوـ:
ً ً
يم »(ْ).
اب الرح ي ب ىعلىي إًن ى
ك أىنٍ ى
ت التػو ي « ىرب ا ٍغفٍر ًرل ىكتي ٍ
ُت اهللً تىػ ىع ى
اذل الى صيةي بػُت ً ً ً ً
العٍبد كبػى ٍ ى
اؿ العلماءي( :التػ ٍوبىةي ىكاجبىةه م ٍن يكل ذىنٍب ،فإ ٍف ىكانت ا١تىٍع ى ى ٍ ى ى -قى ى
آد ًم ٍّي فىػلى ىها ثىبلثىةي يشيركط: ْتق ى تىػتىعل يق ٌ
أح ُدىا :أ ٍف يقلًع ع ًن ا١تع ً
صيى ًة . ي ى ى َ
والثَّانِي :أى ٍف يىػٍن ىد ىـ ىعلىى فً ٍعلً ىها .
َّالث :أ ٍف يػع ًزـ أى ٍف ال يعود إًلىيػها أىبدان .فىًإ ٍف فيًق ىد أىح يد الثبلثىًة ىدل تى ً
صح تىوبىػتيوي. والث ُ
ٍ ى ي ى ٍى ى ىٍ ى
(ُ)أبو طالب ا١تكي ٤تمد بن علي بن عطية اٟتارثي ،كاعظ زاىد ،فقيو.من أىل اٞتبل (بُت بغداد
ككاسط) نشأ كاشتهر ٔتكة.كرحل إذل البصرة فاهتم باالعتزاؿ.كسكن بغداد فوعظ فيها ،فحفظ عنو الناس
أقواال ىجركه من أجلها.كتوُب ببغداد سنة (ّٖٔ ق ٗٗٔ /ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ) قوت القلوب جزء ُ ص ُٕٗ .
(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو.
(ْ) أخرجو أبو داكد كالًتمذم كابن ماجو عن ابن عمر رضي اهلل عنهما.
- 147 -
احبًها ،فىًإ ٍف ىذهً الثبلثىةي ،كأ ٍف يػبػرأ ًمن حق ص ً صيةي تىػتػعلق بآد ًمي فىشركطيها أربػعةهً : ت ا١تع ً ً
ىٍ ى ٍ ى ٌ ى ى ى ي ى ٍّ ي ي ى ٍ ى ى كإ ٍف ىكانى ىٍ
ً و
ب ىع ٍف ىوهي ،كإ ٍف ىكانٍت ك٨ت ىوهي ىمكنىوي مٍنوي أ ٍىك طىلى ى ت ماالن أ ٍىك ىٍ٨ت ىوهي ىردهي إًلىٍيو ،كإ ٍف ىكانىت ىحد قى ٍذؼ ىٍ ىكانى ٍ
وب) (ُ). ًغيبةن استىحلوي ًمٍنػها .ك ً٬تب أ ٍف يػتيوب ًمن ٚتي ًع الذني ً
ي ى ى ٍ ى ى ى
ىح ود ًم ٍن ًعٍر ًض ًو أ ٍىك ىش ٍي وء فىػ ٍليىتى ىحل ٍلوي ًمٍنوي الٍيىػ ٍوىـ ،قىػٍب ىل
ت لىوي ىمظٍلى ىمةه أل ى -قاؿ رسوؿ اهلل « :ىم ٍن ىكانى ٍ
ًً أى ٍف الى ي يكو ىف ًدينىار كالى ًدرىم ،إً ٍف ىكا ىف لىو عمل ً ً ً
صال هح أيخ ىذ مٍنوي بًىق ٍد ًر ىمظٍلى ىمتو ،ىكإً ٍف ىدلٍ تى يك ٍن لىوي ي ىى ه ى ه ى ٍى ه ى
احبً ًو فى يح ًم ىل ىعلىٍي ًو »(ِ) . ات ص ً ً حسنى ً ً
ات أيخ ىذ م ٍن ىسيئى ى ىى ه
وؿ اهللً ،ىم ٍن الى ًد ٍرىى ىم لىوي ،ىكالى س فًينىا يىا ىر يس ى ي ي
-كقاؿ « :أتى ٍدرك ىف م ًن الٍم ٍفلًس ؟ قىاليوا :الٍم ٍفلً
ي ى ي ي
ً و اؿ :الٍم ٍفلًس ًمن أيم ًيت يػوـ الٍ ًقيام ًة من يأًٌٍب بً و ً
ضصبلىة ،ىكصيى واـ ىكىزىكاة ،ىكيىأًٌٍب قى ٍد ىشتى ىم عٍر ى ىٍ ى ى ى ى ٍ ى ى اع ،قى ى ي ي ٍ ىمتى ى
ب ىى ىذا ،فىػييػ ٍق ىع يد فىػيىػ ٍقتىص ىى ىذا ًم ٍن ىح ىسنىاتًًو ،ىكىى ىذا ًم ٍن ضىر ى
اؿ ىى ىذا ،ىك ى ؼ ىى ىذا ،ىكأى ىك ىل ىم ى ىى ىذا ،ىكقى ىذ ى
ًح ىعلىٍي ًو ،يٍب اى ٍم ،فىطير ى
ً ً ً
ضى ىما ىعلىٍيو ،أيخ ىذ م ٍن ىخطىايى ي ت ىح ىسنىاتيوي ،قىػٍب ىل أى ٍف يػي ٍق ى
ً ًً
ىح ىسنىاتو ،فىًإ ٍف فىنيى ٍ
ًح ًُب النا ًر» (ّ) . طير ى
(ْ)
-ىذا كإف اهلل ٭تب التوابُت ،قاؿ تعاذل :ﮋﯚﯛﯜﯝﯞﯟﮊ
-كيفرح اهلل بتوبة عبده فرحان شديدان بُت ذلك حديث متواتر عن النيب ركاه ابن مسعود،
كالرباء بن عازب ،ك النعماف بن بشَت ،كأبو ىريرة ،كأنس بن مالك قاؿ رسوؿ اهلل :
ت احلى ًتو و و ىشد فىػرحان بًتىوب ًة عب ًدهً ًحُت يتوب إًلىي ًو ًمن أىح ًد يكم ىكا ىف علىى ر ً
بأرض فىبلة ،فىانٍػ ىفلىتى ٍ ى ى ى ي ٍ ٍ ى ٍ ى ىٍ « هللي أ ى ى
س ًم ٍن ىراحلىت ًو، ً ً ًمٍنو كعلىيػها طىعامو ك ىشرابو فأىيً ً
س مٍنػ ىها ،فىأىتى ىش ىجىرنة فاضطى ىج ىع ُب ظل ىها كقد أي ىي ى ى ٍى ى يي ى ى ي ى
ﮋ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂﭑ ﭒ
(ٓ)
ﭓﭔﭕﮊ
ﮠﮡ ﮊ
(ّ)
-كقاؿ :ﮋ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ
(ٓ)
ﯷﮊ
-يقوؿ اإلماـ علي كرـ اهلل كجهو( :ثنتاف تيؤمناف من العذاب ،كقد رفعت إحدا٫تا كبقيت
الثانية ،كتبل ىذه اآليةٍ ،ب قاؿ :العجب ٦تن يهلك ،كمعو النجاة ،قيل كما ىي؟ قاؿ:
االستغفار ،كقاؿ :ما أ٢تم اهلل سبحانو عبدان االستغفار ،كىو يريد أف يعذبو) (ٔ).
اال ٍستً ٍغ ىف ىار ىج ىع ىل اللوي لىوي ًم ٍن يكل ًض ويق ٥تىٍىر نجا ىكًم ٍن يكل ىى ٍّم فىػىر نجا ىكىرىزقىوي ًم ٍن
-كقاؿ « :من لى ًزـ ً
ىٍ ى
ب »(ِ). ً
ث الى ىٍ٭تتىس ي
ىحٍي ي
-كقاؿ «:إف للقلوب صدأ كصدأ النحاس كجبل يؤىا االستغفار »(ّ).
-كينبغي للسالك طريق التصوؼ كىو طريق اهلل ُ ب أكؿ مقاماتو التوبة ،كأف تكوف توبتو
توبة نصوحان ،كالنصح ُب التوبة ىو ٗتليصها من كل غش كفساد ،كأف يكوف عهد بينو كبُت اهلل
أال يعود إذل ما كاف عليو من الذنوب.
-كقاؿ اٟتسن البصرم( :ىي أف يكوف العبد نادمان على ما مضى ٣تمعان على أال يعود إليو)(ٕ).
-كينبغي ٢تذا السالك أف يبدأ طريقو إذل اهلل هبذه التوبة النصوح من كل ما مضى من الذنوب
ا١تتعلقة ْتق اهلل قبل سلوكو ،كينبغي لو أف يرد لآلخرين ٚتيع حقوقهم عليوٍ ،ب ينبغي لو بعد
ذلك أف يبتعد عن الذنوب صغَتىا ككبَتىا فإف غفل كارتكب ذنبان فعليو أف يستغفر اهلل من
ذلك الذنب كيتوب إليو مباشرة ،كأف يكوف ذلك ديدنو طيلة حياتو.
-كينبغي ٢تذا السالك إذا غفل عن التوبة ،كاستغرؽ ُب ذنوبو مدة من الزماف أف يعاكد الرجوع
إذل اهلل كيتوب إليو ألف اهلل تواب رحيم كيقبل التوبة عن عباده كيعفو عن السيئات.
ً
ب ىذنٍػبنا – اؿ :أى ٍذنى ى
اب ىذنٍػبنا -ىكيرٔتىا قى ى ىص ى ت النًيب يقوؿ « :إًف ىعٍب ندا أ ى كقاؿ أىبىو يىىريٍػىرىة ىٝت ٍع ي
ىعلً ىم ىعٍب ًدم أىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغ ًفير اؿ ىربوي :أ ىت -فىا ٍغ ًفٍر ًرل فىػ ىق ى ىصٍب ي اؿ :أ ى ت -ىكيرٔتىا قى ى اؿ :ىرب أى ٍذنىػٍب ي فىػ ىق ى
الذنٍب كيأٍخ يذ بًًو ىغ ىفر ً ً
اؿ: ب ىذنٍػبنا ،فىػ ىق ى اب ىذنٍػبنا أ ٍىك أى ٍذنى ى
ىص ىث ىما ىشاءى اللوي ،يٍب أ ى ت ل ىعٍبدم .يٍب ىم ىك ى ٍي ى ىى ي
ب ىكيىأٍ يخ يذ بًًو ن
ٍ الذ ر اؿ :أىعلًم عب ًدم أىف لىو ربًّا يػ ٍغ ً
ف ى ق
ى ػ
ىف . هر رب أى ٍذنىػبت -أىك أىصبت -آخر فىا ٍغ ً
ف
ى ى ي ى ي ٍ ى ى ى ي ٍ ىى ٍ ي ٍ ىٍ ي ى
ىغ ىفر ً ً
اؿ :ىرب اؿ ،قى ى اب ىذنٍػبنا – قى ى ص ى اؿ :أى ىب ىذنٍػبنا -ىكيرٔتىا قى ى ث ىما ىشاءى اللوي يٍب أى ٍذنى ى ت ل ىعٍبدم ،يٍب ىم ىك ى ٍي
ب ىكيىأٍ يخ يذ بًًو ً اؿ :أ ً ً ً
ىعل ىم ىعٍبدم أىف لىوي ىربًّا يىػ ٍغفير الذنٍ ى آخىر فىا ٍغفٍرهي ًرل .فىػ ىق ى ى ت -ى ت -أ ٍىك أى ٍذنىػٍب ي
ىصٍب ي
أى
ت لً ىعٍب ًدم -ثىبلىثنا -فىػ ٍليىػ ٍع ىم ٍل ىما ىشاءى »(ّ) . ىغ ىفٍر ي
-حكي أف شابان عبد اهلل عشرين سنةٍ ،ب عصاه عشرين سنةٍ ،ب نظر ُب ا١ترآة فرأل
الشيب ُب ٟتيتو فساءه ذلك ،فقاؿ :إ٢تي أطعتك عشرين سنةٍ ،ب عصيتك عشرين سنة ،فإذا
(ُ)الواسطي أبو اٟتسن علي بن اٟتُت بن أٛتد الشافعي ،زاىد .مات ٤ترمان ببدر سنة (ّّٕ ى ػ ػ ػ ػ ػػ/
ُّّّ ـ) [األعبلـ للزركلي].
(ِ)القشَتم :الرسالة القشَتية.
(ّ) أخرجو البخارم ُب صحيحو.
- 152 -
رجعت إليك فهل تقبلٍت؟ فسمع نداءن يقوؿ :أحببتنا فأجبناؾ ،كتركتنا فما تركناؾ ،كرزقناؾ
كأعطيناؾ ،كعصيتنا فأمهلناؾ ،كإف رجعت إلينا قىبًٍلنىاؾ.
-قاؿ أحد ا١تربُت العارفُت :إف الشاب إذا بكى من ذنوبو ،كاعًتؼ بعيوبو إذل سيده ك٤تبوبو،
كقاؿ :إ٢تي أنا أسأت ،فيقوؿ اهلل تعاذل :كأنا سًتت ،فيقوؿ :إ٢تي أنا ندمت ،فيقوؿ اهلل تعاذل:
كأنا علمت ،فيقوؿ إ٢تي رجعت ،فيقوؿ اهلل تعاذل :كأنا قبلت ،كعفوت ،كغفرت.
-أخَتان ينبغي على السالك مقاـ التوبة أف يراقب نفسو فبل يرتكب ذنبان ْتق اهلل فهو ُب صحوة
دائمة كمراقبة مستمرة ،كمع ذلك قد يغفو أحيانان أك يسهو فيقع ُب الذنب فيشعر بو مباشرة،
ككأنو كقع عليو جبل ،كما كرد ُب اٟتديث فيسرع ُب اإلقبلع عنو كالندـ عليو ٍب يستغفر اهلل
كثَتان ،كيبكي كيعاىد اهلل أال يعود ١تثلو مبتعدان عن أصدقاء السوء ك٣تالسهم ،كعما سبب لو تلك
الغفلةٍ ،ب يكثر من اٟتسنات كالصدقات إذل أف يشعر أف اهلل قد غفر لو ذنبو ،ك٤تا عنو
ً
ت ىكىمات ىكىما أىخٍر ي أخطاءه ،كقبلو كسا٤تو ،يدعو دائمان بدعاء النيب « :الل يهم ا ٍغفٍر ًرل ىما قىد ٍم ي
ًً
ت »(ُ). ت أ ٍىعلى يم بًو مٍت أىنٍ ى
ت الٍ يم ىقد يـ ىكالٍ يم ىؤخير الى إًلىوى إًال أىنٍ ى ت ىكىما أىنٍ ى
ىسىرفٍ ي
ت ىكىما أ ٍ
ت ىكىما أ ٍىعلىٍن ي
ىسىرٍر ي
أٍ
كٕتاكٍز عما تعلم ،إًنك أنت العلي األعظم» (ِ). ً
ككاف رسوؿ اهلل يقوؿ« :رب ا ٍغفر ك ٍار ىحم ى
-المحاسبة ( :ىي هتيئة الوازع الديٍت ُب النفس ،كتربيتها على تنمية اللوـ الباطٍت الذم ٬تردىا
من كل ما يقف أمامها عقبة ُب طريق الصفاء كاحملبة كاإليثار كاإلخبلص) (ُ).
-كقد أشار اهلل ُ ب قرآنو إذل ٤تاسبة النفس فقاؿ :ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ
(ِ)
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﮊ
-قاؿ اإلماـ ابن القيم( :ىذه اآلية تدؿ على كجوب ٤تاسبة النفس) (ّ).
-كقاؿ اإلماـ ابن كثَت ُب تفسَته ٢تذه اآلية أم( :حاسبوا أنفسكم قبل أف ٖتاسبوا ،كانظركا ماذا
ً
ادخرًب ألنفسكم من األعماؿ الصاٟتة ليوـ معادكم كعرضكم على ربكم ،كاعلموا أنو عادله
ّتميع أعمالكم كأحوالكم ال ٗتفى عليو منكم خافية) (ْ).
كع ًمل لًما بػع ىد الٍمو ً
ت (ٔ) (ٓ)
ى ى ى ى ىٍ ىٍ ىم ٍن ىدا ىف نىػ ٍف ىسوي س -كأشار النيب إليها أيضان فقاؿ « :الٍ ىكي ي
كالٍع ً
اجيز ىم ٍن أىتٍػبى ىع نىػ ٍف ىسوي ىى ىو ىاىا ىكى٘تىٌت ىعلىى الل ًو »(ٕ). ى ى
-ولمحاسبة النفس خطوات متعددة:
ثانياً :إرشادىا إذل اٟتق كا٠تَت كالنجاح كالفبلح ،كالسَت على منهجو كسلوؾ طرقو كأساليبو.
ثالثاً :مراقبتها ُب حركاهتا كسكناهتا ،كُب أقوا٢تا كأعما٢تا ،كُب نياهتا كظاىرىا ،كُب كل أمورىا.
فأما النوع األول :فهو أف يقف عند أكؿ ٫تو كإرادتو ،كال يبادر إذل العمل حىت يتبُت لو رجحانو
على تركو.
قاؿ اٟتسن رٛتو اهلل( :رحم اهلل عبدا كقف عند ٫تو ،فإف أحدا ال يعمل حىت يهم ،فإف كاف هلل
مضى ،كإف كاف لغَت اهلل أمسك ) (ُ).
أما النوع الثاني :فهو ٤تاسبة النفس بعد العمل ،كىو أربعة أنواع:
أحدىا٤ :تاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق اهلل فلم تؤدىا على الوجو الذم ينبغي،
فيحاسب نفسو عن تقصَتىا ،كيلزمها أداءىا بأفضل ما ٬تب أف تكوف.
الثاني :أف ٭تاسب نفسو على كل عمل كاف تركو خَتان لو من فعلو ،فيحاسبها ١تاذا عملت بو؟
أليس من األكذل تركو ،كأف عليها أال تقوـ بو مرة ثانية.
الرابع :أف ٭تاسب نفسو على أم ور فً ٍعليوي فيو معصية هلل ،كىنا يكوف حسابو لنفسو شديدان،
كعتابو ٢تا كبَتان ،كيف ارتكبت اٟتراـ؟ كيف فعلت الذنب؟ كيف فعلت ا١تنكرات؟ كيف عصت
رهبا؟ كيف ككيف ككيف....
ٍب يبكي على ما أحدث كيندـ ،كيستغفر كيتوب كيتصدؽ ،كيعاىد اهلل أال يعود إذل مثل ذلك
أبدان.
-كٚتاع ذلك أف ٭تاسب نفسو أكالن على الفرائض ،فإف تذكر منها نقصان تداركو إما بقضاء أك
إصبلحٍ ،ب ٭تاسبها على ا١تناىي ،فإف عرؼ أنو ارتكب منها شيئان ،تداركو بالتوبة كاالستغفار،
ٍ -ب ٭تاسب نفسو على الغفلة ،فإف كاف قد غفل عما يخلق لو ،تداركو بالذكر كاإلقباؿ على اهلل
تعاذلٍ ،ب ٭تاسبها ٔتا تكلم بو ،أك مشت رجبله ،أك بطشت يداه ،أك ٝتعتو أذناه.
-ماذا أردت هبذا؟ كًدل فعلت؟ ك١تن فعلتو؟ كعلى أم و
كجو فعلتو؟ ى ي
-كيعلم أنو البد أف يينشر لكل حركة ككلمة ديوانافً :دلى فعلتو؟ ككيف فعلتو؟
ﮋﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﮊ
(ِ)
-قوؿ سيدنا عمر بن ا٠تطاب « :حاسبوا أنفسكم قبل أف ٖتاسبوا كزنوا أنفسكم قبل أف
توزنوا ،فإنو أىوف عليكم ُب اٟتساب غدان أف ٖتاسبوا أنفسكم اليوـ كتزيٌنوا للعرض األكرب يوـ
تعرضوف ال ٗتفى منكم خافية »(ُ) .
-ككتب عمر بن ا٠تطاب إذل أيب موسى األشعرم ككاف من عمالو « :أف حاسب
نفسك ُب الرخاء قبل حساب الشدة ،فإنو من حاسب نفسو ُب الرخاء قبل حساب الشدة عاد
مرجعو إذل الرضا كالغبطة كمن أ٢تتو حياتو كشغلو هبواه عاد مرجعو إذل الندامة كاٟتسرة ،فتذكر ما
توعظ بو لكي تنتهي عما ينتهى عنو »(ِ).
-عن أنس بن مالك قاؿٝ :تعت عمر بن ا٠تطاب يوما كخرجت معو حىت دخل
حائطا فسمعتو يقوؿ كبيٍت كبينو جدار كىو ُب جوؼ اٟتائط « :عمر بن ا٠تطاب أمَت
ا١تؤمنُت بخ كاهلل لتتقُت اهلل ،ابن ا٠تطاب أك ليعذبنك »(ّ).
-كقاؿ اٟتسن ( :ا١تؤمن قواـ على نفسو ٭تاسب نفسو هلل ،كإ٪تا خف اٟتساب يوـ القيامة
على قوـ حاسبوا أنفسهم ُب الدنيا ،كإ٪تا شق اٟتساب يوـ القيامة على قوـ أخذكا ىذا األمر
من غَت ٤تاسبة ،إف ا١تؤمن يفجؤه الشيء كيعجبو ،فيقوؿ كاهلل إين ألشتهيك كإنك ١تن حاجيت،
كلكن كاهلل ،ما صلة إليك ىيهات ،حيل بيٍت كبينك كيفرط منو الشيء فَتجع إذل نفسو فيقوؿ:
ىيهات ما أردت إذل ىذا كما رل ك٢تذا كاهلل ما أعذر هبذا كاهلل ال أعود إذل ىذا أبدا إف شاء اهلل،
ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍﮎ ﮏﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖﮗ
ﮘﮙﮚﮛﮊ(ِ))(ّ).
-قاؿ كىب بن منبو مكتوب ُب حكمة آؿ داكد( :حق على العاقل أف ال يشغل عن أربع
ساعات ،ساعة يناجي فيها ربو ،كساعة ٭تاسب فيها نفسو ،كساعة يػ ٍف ً
ضي فيها إذل إخوانو ي
الذين ٮتربكنو بعيوبو كيصدقونو عن نفسو ،كساعة ٮتلي فيها بُت نفسو كبُت لذاهتا فيما ٭تل
ك٬تمل ،فإف ىذه الساعة عوف على ىذه الساعات ،كإٚتاـ للقلوب)(ْ).
(ُ)ميموف بن مهراف الرقي أبو أيوب :فقيو من القضاة.كاف موذل المرأة بالكوفة .كأعتقتو ،فنشأ فيهاٍ.ب
استوطن الرقة فكاف عادل اٞتزيرة ،كسيدىا .كاستعملو عمر بن عبد العزيز على خراجها كقضائها ،ككاف ثقة
ُب اٟتديث،كثَت العبادة ،توُب سنة (ُُٕ ق ّٕٓ/ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ) الغزارل :إحياء علوـ الدين جزءٕ صُٓ.
(ّ) أخرجو ابن عساكر ُب جامع األحاديث.
(ْ) ابن قيم اٞتوزية :إغاثة اللهفاف من مصايد الشيطاف جزءُ صَٖ.
- 159 -
صاحبها هبا ما ٬تلب ىبلكو :خسراف عظيم ال يسمح ٔتثلو إال أجهل الناس كأٛتقهم كأقلهم
عقبلن كإ٪تا يظهر لو حقيقة ىذا ا٠تسراف يوـ التغابن :
٤تبوبات كثَتةه ،منها ٤تبة اهلل ك٤تبة الرسوؿ ك٤تبة الصاٟتُت ك٤تبة الوالدين،
ه ً
لئلنساف-ك
ك٤تبة الزكجة ،ك٤تبة األكالد ،ك٤تبة األرحاـ كاألقارب ،ك٤تبة ا١تؤمنُت إذل غَت ذلك كلكل ٤تبوب
ط هبذا ً
اٟتب يمتعلقات ٗتتلف من حب إذل ٮتتلف عن احملبوبات األيخرل كيرتب ي
ي نوعه من اٟتب
ً
الزكجة كٮتتلف عن ٮتتلف عن حب ٮتتلف عن حب الوالدين كحب الوالدي ًن آخر ،فحب اهلل
ي ي
ً
األكالد. حب
خاص من ً
القلب و و و -كىكذا ٯتكن ً
اٞتميع بآف كاحد كلكن لكل ٤تبوب تىػ ىوجوه ه
ى للقلب أف ي٭تب ي
ى٨ت ىوهي.
-كُب مقاـ احملبة سنتناكؿ اٟتديث عن ٤تبة اهلل ك٤تبة رسولو ك٤تبة الصاٟتُت.
-أىم ٤تبوب عند ا١تسل ًم اهللي ،بل ٤تبةي اهللً ال ٯتاثًليها شيءه كما ى
قاؿ تعاذل مبينان الفرؽ ُب
ً
احملبة بُت الكاف ًر كا١تؤمن :ﮋﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮊ
(ُ)
ﮋﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ
ﮆﮇ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮊ
(ِ)
-أكحى اهلل تعاذل إذل داكد ( : إين إ٪تا خلقت الشهوات لضعفاء خلقي فإياؾ أف تعلق
قلبك منها بشيء فأيسر ما أعاقبك بو أف أنسخ حبلكة حيب من قلبك) (ِ).
عبادهي
ىخ ٍل يق اهلل لو ،كتعري يفوي بو كأخ يذهي بيده إليو ،كتسخَتي ما ُب الدنيا ٚتيعان لو قاؿ مذكران ى
(ّ) ً
هبذهً النع ًم :ﮋﭗﭘﭙﭚﭛﭜﮊ
(ْ)
-كقاؿ سبحانو كتعاذل:ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﮊ
-قاؿ اٟتسن بن ٤تمد ابن اٟتنفية(ُ) :من أحب حبيبان دل يعصوٍ .ب قاؿ:
عار عليك إذا فعلت شنيع تعصي اإللو كأنت تظهر حبو
إف احملب ١تن أحب مطي ػ ػع لو كاف حبك صادقان ألطعتو
كبكاؤهي على كدالئل كاضحةه ،منها يزٍى يدهي ُب الدنيا ً
الصادؽ ات كثَتةه للمحب عبلم ه
ي ي -كىناؾ ى
ْتكم ًو سبحانىو قاؿ ٭تِت بن معاذ(ِ):
كرضاؤه ً
يي
أخطائًًو ،كتسليمو ألم ًر اهللً
يي
من دا ًر ذيؿ كالنىعيم الزائػً ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػل كمن الدالئً ًل يزٍى يدهي فيما يىػىرل
قبيح فعائ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ًل ً أف قد رآه على كمن الدالئً ًل أف تىراهي باكيػ ػ ػ ػ ػان
ا١تليك العػ ً
ادؿ ً كل األموًر إذل كمن الدالئًل أف تراهي يم ىسلمان
ٔتليك ًو ُب كل ح ٍك وم نػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ً
ازؿ ً كمن الدالئً ًل أف تراهي راضيػ ػان
ي
-كإذا أحب العبد ربو كسكنت ٤تبتو ُب قلبو أنارت بأنوار احملبوب فأثرت كأٙترت ُب القلب
سبعة أشياء كىي :إخبلص النية هلل،كا٠توؼ من اهلل ،كرجاء ثواب اهلل ،كالصدؽ مع اهلل ،
ثانياً :التقرب إذل اهلل بالنوافل بعد الفرائض فإهنا توصل إذل درجة احملبوبية بعد احملبة.
٤ -تبة اٟتق سبحانو كتعاذل للعبد ىي مدحو لو كثناؤه عليو باٞتميل مع إحساف ٥تصوص يلقى
العبد بو ،كحالة ٥تصوصة يرقيو إليها.
اهللي ى
-أما ٤تبة العبد هلل تعاذل فحالة ٬تدىا من قلبو تلطف عن العبارة مع تعظيمو ،كإيثار رضاه ،كقلة
الصرب عنو ،كاالىتياج إليو ،كعدـ القرار من دكنو ،ككجود االستئناس بدكاـ ذكره لو بقلبو.
(ْ)
-كقاؿ عز من قائل :ﮋﮬﮭﮮﮯﮰﮊ
(ٓ)
-كقاؿ :ﮋﯨﯩﯪﯫﯬﮊ
(ٔ)
-كقاؿ :ﮋﯡﯢﯣﯤﮊ
(ٕ)
-كقاؿ سبحانو كتعاذل :ﮋﭷﭸﭹﭺﭻﮊ
-ك٬تب على احملب هلل أف يبتعد عما ال ٭تبو اهلل من صفات ذكرىا ُب قرآنو مثل:
(ّ)
ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ
(ْ)
-كقولو :ﮋﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ
(ٓ)
-كقولو :ﮋﮙﮚﮛﮜﮝﮊ
أحب من
-كعن داكد كغَته من األنبياء عليهم الصبلة كالسبلـ أف اهلل أكحى ٢تم( :أحبٌٍت ك ٌ
أحب من ٭تبٌك ،فكيف أحبٍبك إذل خلقك؟ فقاؿ
رب أحبٌك ك ٌ
كحبٍبٍت إذل خلقي ،قاؿ :يا ٌ
٭تبٍت ى
-يا رب ارزقنا حبك كحب من ٭تبك كحب عمل صاحل يقربنا إذل حبك.
أذاؽ أحباءىهي حبلكة مؤانستً ًو فقاموا بُت يديو يمتهجدين ،كيا ىم ٍن
ك يا رب يا من ى -كيف ال أ ًيحب ى
مستغفرين. ًً ً
مبلبس ىيبتو فقاموا ْتضرتو ٍ
ى ألبس أكلياءىهي
ى
خاب من ىر ًض ىي
كجدؾ؟ ،لقد ى -كيف ال أ ًيحب ى
ك يا رب ،فماذا ىك ىج ىد من فىػ ىقدؾ ؟ كماذا فىػ ىق ىد ىم ٍن ى
كخ ًسىر من بقي عنك يمتى ىحوالن.بسو ىاؾ بديبلن ،ى
عادة
قطعت إحسانىك عٍت؟ كما بىدلت ى
ى أنت ما كيف ال أ ًيحب ى
ك ،ككيف أرجو سو ىاؾ ك ى -إ٢تي ى
ً
االمتناف علي بنعمك.
إف ذا األ ٍىمىر علينا ىعظيم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا نىػ ٌفس األمر علينا يسرعػ ػ ػ ػ ػ ػةن
الكرم ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا
يا كرٯتا أنت ىرب ي كاستجب منا يدعانا كرمػ ػان
الليل تقولُت :لقد انٍ ىشغىل جن إذا كنت عندما تنتهُت من عمل الدنيا تتفرغُت لعبادةً اهللً ،يكٍن ً
ت
ي
حبيب ً
ْتبيبو كأنت حبييب يا اهللي. كل و
ك أى ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ هل لذاكػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا
كحبان ألن ى ُت ،يحب ا٢ت ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػول أ ًيحب ى
ك حب ً
فى يش ٍغلي بذك ًرؾ ىعم ٍن ًسواك ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا فأما الذم ىو يحب ا٢ت ػ ػ ػ ػول
ب حىت أىراكا
ك رل اٟتي ٍج ى
فى ىك ٍش يف ى أىل ل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو
كأما الذم أىنت ه
كلكن لك اٟتمد ُب ذا كذاك ػ ػ ػ ػ ػ ػا. فبل اٟتمػد ُب ذا كال ذاؾ رل
كدلنا عليو ،كفرغ قلوبىنا لو ،كال تى ٍشغىلنا عنو ،يا كرًن.
ارزقنا ىذا اٟتب ،ي
اللهم ي
قاؿ أٛتد بن أيب اٟتوارم(ّ)( :دخلت على أيب سليماف (كىو من الزىاد) كىو يبكي فقلت لو:
ًمم تبكي؟ فقاؿ رل :ك٭تك يا أٛتد ،كيف ال أبكي كقد بلغٍت أنو إذا جن الليل كىدأت العيوف،
كخبل كل خليل ٓتليلو ،كافًتش أىل احملبة أقدامهم بُت يدم مليكهم ُب مناجاتو كرددكا كبلمو
بأصوات ٤تزكنة جرت دموعهم على خدكدىم كتقطرت ُب ٤تاريبهم خوفان كاشتياقان ،فأشرؼ
عليهم اٞتليل جل جبللو فنظر إليهم فأمدىم ٤تبة كسركرا ،فقاؿ ٢تم :أحبايب كالعارفُت يب،
اشتغلوا يب كألقوا عن قلوبكم ذكر غَتم ،أبشركا فإف لكم عندم الكرامة كالقربة يوـ تلقوين،
فينادم اهلل جربيل :يا جربيل ،بعيٍت من تلذذ بكبلمي كاسًتاح إرل كأناخ بفنائي ،كإين ١تطلع
عليهم ُب خلواهتم أٝتع أنينهم كبكاءىم ،كأرل تقلبهم كاجتهادىم ،فناد فيهم يا جربيل :ما ىذا
أحاديث
ي ٤تبة رسولًًو ككذلك
٤تبة اهللً اليت تىستىل ًزـ طاعتىو تيؤك يد على ً
ٍ ي ىي
ث عن ً
اآليات اليت تىػتى ىحد ي
-ك ي
النيب ُ ب ىذا األم ًر.
-عن أيب ىريرة عن النيب أنو قاؿ ( :من أطاعٍت فقد أطاع اهلل كمن يػع ً
صٍت فقد عصى ىٍ ى
اهللى)(ِ).
(ّ)
-كقاؿ تعاذل :ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﮊ
ً
اآليات قبل من من ذكرت كقد أولً :اهلل أكجب ٤تبتىو كطاعتىو كقرهنا ٔتحبتً ًو سبحانىو كطاعتً ً
و
ي ي ي ى ي ي
ً
األحاديث ما يىدؿ على ذلك.
ك
ﯺﯻﮊ(ّ) ،فرفىع يديو كقاؿ( :اللهم أميت ،أميت كب ىكى) ،فقاؿ اهللي :
عوتىوي
نيب ىد ى
نيب دعوةه مستجابةه فىػتىػ ىعج ىل كل ٍّ
رسوؿ اهلل ( : لكل ٍّ
قاؿ ي
قاؿ ،ى -فعن أيب ىريرة ى
مات من أميت ال ييش ًريؾ ً
يوـ القيامة فهي نائلةه إف شاءى اهللي ىم ٍن ى كإين اختبأٍ ي
ت دعوٌب شفاعةن ألميت ى
-كعن عبد اهلل قاؿ جاء رجل إذل رسوؿ اهلل فقاؿ يا رسوؿ اهلل كيف ترل ُب رجل
أحب قوما ك١تا يلحق هبم قاؿ رسوؿ اهلل ( : ا١ترء مع من أحب) (ِ).
ػوت كبعػػد ا١تػ ً
ػوت ،معهػػم حبػان كأنسػان كنعيمػان فهنيئػان لكػػم يػػا ػوت كعنػ ىػد ا١تػ ً
أم ُب اآلخػػرةً بػػل قبػػل ا١تػ ً
ى
أحباب ً
رسوؿ اهلل . ى
ػُت ال نػراؾ كال ٧تتى ًمػ يع عبد اهللً بن ز و
يد أنو قػاؿ( :يػا رس ى ً -كعن ً
ت ُب علي ى
كمتنػا كٍنػ ى
ػوؿ اهلل إذا يمػت ي
بك ،ىكذى ىكر يحزنىو ،فنزؿ قولو تعاذل:
ى
ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ
.
(ْ)
)
(ّ)
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮊ
ثالثاً-محبة الصالحين:
ﮋ ﮉﮊﮋﮊ.
ػؤمنُت الصػػادقُت -كالصػػاٟتوف ىػػم الػػذين ذكػ ىػرىم اهللي ُ ب كث ػ وَت مػػن آياتػً ًػو كىػػو يتحػػد ي
ث عػػن ا١تػ ى
كما ُب قولو سبحانىوي:
ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ
-كمن أعماؿ ىؤالء الصاٟتُت اليت مدحهم سبحانو هبا ما ذكره ُب قولًًو:
ﮋ ﮫ ﮬ ﮭﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶ ﮷ ﮸ ﮹ ﮺ ﮻
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ
ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
(ِ)
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﮊ
كقاؿ :ﮋ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﮲ ﮳
-ى
(ّ)
﮴﮵ ﮊ
بن طهما ىف- اىيمر إب ر ٛتد ب ًن حنبل فى يذكً أ عند ت ن ك( :(ٓ)
الفاضل أبوزرعةى ث
اإلماـ احملد ي
ي ي ى ى ى ي ٍ ي -قاؿ ي
كقاؿ ال ينبغي أى ٍف يي ٍذ ىكىر
س ى ل
ى فج ة ً
الفضبلء-ككاف مت ًكئا من ًعل و ً
العلماء طهما ىف -كىو من
ى ي
الصاٟتوف فىػييت ىكأ) (ٔ).
(ُ)(سفياف بن عيينة) أبو ٤تمد :سفياف بن عيينة بن ميموف ا٢تبلرل الكوُب٤ ،تدث اٟترـ ا١تكي من شيوخ
البخارم.من ا١توارل.كلد بالكوفة ،كسكن مكة كتوُب هبا سنة (ُٖٗ ق ُْٖ/ـ).كاف حافظا ثقة ،كاسع
العلم كبَت القدر[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ)ابن اٞتوزم :صفوة الصفوة.
(ّ)ابن يونس :أبو حامد٤ ،تمد بن يونس بن ٤تمد بن منعة ،عماد الدين ا١توصلي :إماـ كقتو ُب فقو
الشافعية .من أئمة اٟتديث ،كلد بقلعة إربل كنشأ با١توصل ،كتفقو ببغداد كتقدـ عند نور الدين أرسبلف شاه
(صاحب ا١توصل) كسار رسوال عنو إذل بغداد مرات ،كإذل ا١تلك العادؿ (نور الدين) بدمشق .ككرل القضاء
با١توصل كانفصل عنو بعد ٜتسة أشهر توُب سنة (َٖٔ ق ُُُِ /ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ْ)ابن اٞتوزم :صفوة الصفوة.
(ٓ)(أبو زرعة الدمشقي) :عبد الرٛتن بن عمرك بن عبد اهلل بن صفواف النصرم :،من أئمة زمانو ُب
اٟتديث كرجالو.من أىل دمشق ،ككفاتو هبا سنة (َِٖ ق ّٖٗ /ـ)[األعبلـ للزركلي].
(ٔ)تذكرة اٟتفاظ.
- 187 -
بُت اهللي سبحانىوي
الصاٟتُت ىم األنبياءي كا١ترسلوف ،كقد ى أكؿ
يعلم أف ى و
ى -كينبغي لكل مسلم أف ى
ػاؿ
اٟتديث عنهم فقػ ى ىٚتى ىل ً
األنبياءٍ ،ب أ ٍ كتعاذل ذلك ُب كث وَت من اآليات ،كخاصةن ُب سورة
ى
(ُ)
سبحانىوي :ﮋﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍﮊ
أحد منهم. ً
األنبياء كا١ترسلُت دكف تفر ويق بُت و ب علينا ٤تبةي ٚتي ًع
ى ى -لذلك ىك ىج ى
الصاٟتُت ىو نبينا ا١تصطفى لذلك كانت ٤تبتينا لو ىي ً
األنبياء إماـ
ى أٚتع العلماءي أف ى -كلقد ى
تأٌب كتىلًي ٤تبةى اهللً سبحانىو كتعاذل.
أفضل الصاٟتُت ألهنم ىرأ ٍىكا النيب كصاحبوه، فهم اـ ً
الصحابة الكرً بعدىا ٤تبةي ٚتي ًع
-كيأٌب ى
ي
كش ًهدكا ى
نزكؿ الوح ًي ،بالقرآف باع ،كاكتسبوا منو العلم الوفَت ،كطبػ يقوه خَت و
تطبيق ى ى ى ى أحسن ات و
ى كاتبعوه
ﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ
(ّ)
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﮊ
ابن و
عباس أهنم ا١تقصودكف بقولو تعاذل: ذكر الذين ة
ي الصحاب ً -
ىؤالء
ى ي
ﮋﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﮊ
(ْ)
(ُ)سورة األنبياء.ٖٔ:
(ِ)سورة آؿ عمراف.َُُ:
(ّ)سورة التوبة.ََُ:
(ْ)سورة النمل.ٓٗ:
- 188 -
فقاؿ ىم :أصحاب و
٤تمد اصطفاىم اهللي لنبي ًو . ي
اهلل « :اهللى اهللى ُب أصحايب ال رسوؿ ً
قاؿ ي قاؿ :ىاهلل ب ًن يم ٍع ًق ول ا١تزين ى
عبد ً -عن ً
أبغضهم فبًبػ ٍغ ً
أبغض يه ٍم ك من
ضي ى فمن أى ىحبػ يه ٍم فبً يحيب أحبػ يه ٍم ك من ى ي ي
تتخذكىم ىغىرضا من بعدم ٍ
ك أف يأخ ىذهي»(ُ) .وش يآذاىم فقد آذاين ك من آذاين فقد آذل اهلل كمن آذل اهلل ي ً
ىي ى ي
مئة ً
ألف -قاؿ أبو زرعةى الرازم(ِ) رٛتو اهلل :تيوُب النيب كمن رآه كٝتع منو زيادةه على ً
ى ى ىي
ىؤالء من ركؼ أف بعض ً رجل كامر وأة ،كلهم قد ركل عنو ٝتاعان أك رؤية ،كمن ا١تع ً
إنساف من و و
ى
األطفاؿ الذين يكلً يدكا
ي كىناؾ
األنصار ،ى
ي كىناؾ
ين ،ى كبعض يه ٍم من ا١تهاجر ى
ً
اإلسبلـ ،ى السابقُت إذل
ى
الذين حضركا ًحجةى ً
الوداع كىم كثَتكف جدان. ً ُب ً
عهد ً
أىل البادية ى ي ك اب
ي ر األع كىناؾ
ى ، ه
يىك
ٍ أ
كر
ى ه
الوقوؼ على
ي ذلك ٚتيعان
ص ٍل لنا من ى ابن ىح ىج ور رٛتىوي اهللي :ى
كمع ذلك فلم ىٍ٭ت ي ث ي قاؿ احملد ي
-ى
ً ً
خبلفة أيب بك ور ُب أٝتاؤىم لكثرًة من ى
مات ُب ضبى ٍط ي
حيث دل تي ٍ
الصحابة ي العي ٍش ًر من أسامي
ً
الطاعوف. ً
الفتوحات ك عمر ُب ً ً ً ً
مات ُب خبلفة ىحركب الردة ،كالفتوحاتٍ ،ب من ى
عمرٍ ،ب ٍب ، ر ً
اإلطبلؽ :أبو بك و على ً
الصحابة أفضل ا١تسلمُت إذل أف ٚتهور كذىب -
ي ى ى ي ى
ً ً
كعبد الرٛت ًن ي
بن بن اٞتر ًاح ،ي ٘تاـ العشرة ا١تبشري ًن باٞتنة ،كىم :أبو عبيد ىة ي عليٍ ،ب ي عثما يفٍ ،ب ي
اص .كى ً
ؤالء بن أيب كق و و بن العوًاـ، ً ً و
كس ٍع يد ي
بن زيد ،ى
كسعيد ي
ي بن عبيد اهلل ،كالزبَتي ي عوؼ ،كطلحةي ي
كص ىدقيوا اهللى كرسولىوي، ً ً
الدفاع عن اإلسبلـ ،ى
اإلٯتاف كٖتمليوا ا١تشاؽ ُب ً الذين ىسبىػ يقوا ُب
ٚتيعان من ى
ً
الصحابة الكرًاـ. ٍب أىل بد ورٍ ،ب أىل أيح ود ٍ ،ب أىل ً
بيعة الرضو ًافٍ ،ب بقيةي ي ي ي ي
الصبلح.
ً كالتقول ك
يقوؿ
الصاٟتُت فمحبتيػ يه ٍم كاجبةه .كُب ىذا ي
ى -لذلك ينبغي لكل مسل وم أف يً٭تب كل أكلئك
ثبلث ُب الدنيا ١تا أحببت البقاء فيها ،لوال أى ٍف أ ًٍ
ىٛت ىل أك بن ا٠تطاب ( :لوال ه
ى ٍ ىٍ ي عمر ي
سيدنا ي
ً
لتحصيل الليل كالعبادةي ً
فيو قياـ ً سبيل ً
اهلل ،كثانيها ،لوال مكابدةي ىذا ً يجهىز جيشان ُب ً
الليل -ي أى
(ُ)أخرجو الًتمذم.
(ِ)أخرجو أبو نعيم ُب حلية األكلياء.
(ّ)أخرجو أبو نعيم ُب حلية األكلياء.
(ْ)أخرجو مسلم ُب صحيحو.
- 191 -
أطايب ً
الكبلـ كما يينتقى اب ،-كثالثها ،لوال ٣تالسةي أقوواـ يػىٍنتىػ يق ٍو ىف أطايب
مافيو من جز ًيل الثو ً
ي
التم ًر)(ُ) .
(ُ)ابن قيم اٞتوزية :مفتاح السعادة كمنشور كالية العلم كاإلرادة صَُِ.
(ِ)أٛتد قبش٣ :تمع اٟتكم كاألمثاؿ ،باب التقول.
(ّ)أشعث بن عبد اهلل :ابن جابر األزدم ٍب اٟتداين ،البصرم ،األعمى .كىو الذم يقاؿ لو أشعث
البصرم ،كأشعث األعمى ،كأشعث األزدم ،كأشعث اٟتملي من ركاة اٟتديث ركل عن أنس بن مالك
،كذلك ُب سنن أيب داكد[ .الذىيب :سَت أعبلـ النببلء]
(ْ)أبو نعيم :حلية األكلياء.
(ٓ)يونس بن عبيد :أبو عبد اهلل أك أبو عبيد يونس بن عبيد بن دينار العبدم بالوالء ،البصرم ،من حفاظ
اٟتديث الثقات.من أصحاب اٟتسن البصرم.كاف من أىل البصرة..كنعتو الذىيب بأحد أعبلـ ا٢تدل.لو
٨تو مئيت حديث توُب سنة (ُّٗ ق ٕٓٔ /ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ٔ)ابن كثَت :البداية كالنهاية.
- 191 -
اب النيب كقد يسئً ىل أم جلسائًنا خَته ،ى
فقاؿ :ىم ٍن ذىكىريك ٍم اهللى رؤيتيوي ،كز ىاد ُب كدليل ذلك جو ي
علم يك ٍم ىمٍن ًط يقوي ،كذكىريك ٍم اآلخرىة عمليوي(ُ) .
ً
ً
مع يه ٍم كمنهم ،كالطريق
الصاٟتُت ،كأف يسعى ألى ٍف يكو ىف ى
ى ب -أخيراً :ينبغي لكل منٌا أف ٭ت ٌ
األعماؿ الصاٟتةي اليت يكوف فيها القرىب منو جل
ي للوصوؿ إذل ذلك ،ىو اإلٯتا يف اٟتق باهللً تعاذل ،ك
ً
(ٓ)
قوؿ ربنا :ﮋﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﮊ
كعبل ،فينطبق علينا ي
(ٓ)
ﮊ
كرد ُب القرآف الكرًن : ً
قوؿ نيب اهلل سليما ىف الذم ى
كنرد يد ى
﮶﮷﮸﮹﮺ﮊ
(ُ)
ﮋﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮊ
(ِ)
سعيًنا لذلك تعالى ٍوا نردد الدعاءى كىو ٦تا ىعل ىمنا اهلل ُب قرآنًًو:
كمع ٍ
-ى
(ّ)
ﮋ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ
ﮋﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﮊ
(ْ)
ك ك حب من يً٭تبي ى
ك كالعم ىػل الػذم -كما أٚتل أف نردد دعاء داكد ( :الل يهم إين أسألك حب ى
يبلغٍت حبك ،اللهم اجعل يحبك أحب إرل من نفسي ك أىلي من ا١تاء البارد) (ٓ) .
(ُ)سورة النمل.ُٗ:
(ِ)سورة األنبياء.ٖٔ:
(ّ)سورة يوسف.َُُ:
(ْ)سورة الشعراء.ّٖ:
(ٓ)أخرجو الًتمذم كاٟتاكم.
- 193 -
رابعاً -مقام التقوى
-مقاـ التقول مقاـ عظيم فقد ذكر اهلل التقول ُب قرآنو مع اشتقاقاهتا (ِٗٔ مرة)
كإذا اجتمعت التقول مع اإلٯتاف ٖتققت الوالية هلل ،قاؿ تعاذل:
ﮋﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ
ﭟﭠ ﮊ
(ُ)
-كالتقول كلمة جامعة شاملة كىي -كإف قل لفظها -كثَتة ا١تعٌت شاملة ٠تَتم الدارين.
-والتقوى لغة :من االتقاء ،كىو طلب السبلمة ٔتا ٭تجز عن ا١تخافة.
-والتقوى معناىا في األصل :جعل النفس ُب كقاية ٦تا ٗتاؼ.
-واتقى اهلل :خاؼ عقابو فتجنب ما يكره.
-وتقوى اهلل :خشيتو كامتثاؿ أكامره كاجتناب نواىيو.
-والتقوى في اصطالح الشرع والعقل :حفظ النفس عما يشينها كيعرضها للمبلمة أك
العذاب ،كذلك بًتؾ أسباب السخط كالعقوبة ،كفعل الفرائض ا١تنجية ا١تؤدية إذل النعيم كالثواب.
-وأصل التقوى :اتقاء الشرؾٍ ،ب بعد ذلك اتقاء ا١تعاصي كالسيئاتٍ ،ب بعد ذلك اتقاء
الشبهاتٍ ،ب بعد ذلك ترؾ الفضبلت ،كمع كل ذلك االلتزاـ بالفرائض كالواجبات ،كاألكامر
كالطاعات.
-كقد عرؼ الصحابة كالتابعوف ،كالعلماء التقول بتعاريف كثَتة منها:
-قاؿ رجل أليب ىريرة :ما التقول؟ قاؿ « :أخذت طريقا ذا شوؾ؟ قاؿ :نعم ،قاؿ :فكيف
صنعت؟ قاؿ :إذا رأيت الشوؾ عدلت عنو أك جاكزتو أك قصرت عنو ،قاؿ :ذاؾ التقول»(ِ).
ﮋ ﭑ ﭒﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗﭘ ﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞ
(ُ)
ﭟﭠ ﮊ
الصحيح
ً ى اثق ا٠تيطا ُب ىذه اٟتياةً ،ألنو يع ًر ي
ؼ أف اهلل ً
سَتش يدهي إذل الطر ًيق -ا١تتقي يسَتي ك ى
ا١تستقي ًم لقولو سبحانو :ﮋ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ
(ّ)
ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮊ
سبب لنجاتًًو من النا ًر ُب اآلخرةً ،قاؿ تعاذل :ﮋﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔﮕ ﮖ تقواه ُب الدنيا ه
(ٓ)
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ
-كقولو :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
(ّ)
ﭛﭜﭝﮊ
(ْ)
-كقولو سبحانو :ﮋﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﮊ
(ٔ)
-كقاؿ سبحانو كتعاذل:ﮋﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮊ
ث كانوا »(ْ).
كحي ي ُت النيب مكانةى ا١تتقُت فقاؿ«:إف أكذل ً
الناس يب ا١تتقو ىف ىم ٍن كانوا ٍ -كلقد بػى ى
»(ْ).
كالغٌت »(ٓ).
-ك١تا حضرتو الوفاة كعهد إذل عمر دعاه ككصاه بوصية ،كأكؿ ما قاؿ لوً :
(اتق اهلل يا
عمر)(ِ).
-ككتب سيدنا عمر إذل ابنو عبد اهلل رضي اهلل عنهما( :أما بعد فإين أكصيك بتقول اهلل ،فإنو
من اتقى اهلل كقاه ،كمن توكل عليو كفاه ،كمن أقرضو جزاه ،كمن شكر زاده ،كلتكن التقول
( ّ)
نصب عينيك كعماد عملك كجبلء قلبك ،فإنو ال عمل ١تن ال نية لو ،كال أجر ١تن ال حسبة
لو ،كال ماؿ ١تن ال رفق لو ،كال جديد ١تن ال خلق(ْ) لو) (ٓ).
-قاؿ كتب عمر بن عبد العزيز إذل رجل( :أكصيك بتقول اهلل الذم ال يقبل غَتىا كال يرحم إال
أىلها كال يثيب إال عليها فاف الواعظُت هبا كثَت كالعاملُت هبا قليل) (ٔ).
ليناؿ ً
اإلسبلـ فهي صفةه البد منها للمؤم ًن ى قائل إذا كانت التقول هبذه ا١تنز ًلة ُب
يقوؿ ه -قد ي
ف لنا ً
ا١تؤمنُت اٟتقيقيُت؟ أال تىص ي
ى كيف نكو يف من رضاءى اهللً كرضوانىوي ي
ك٭تق ىق السعاد ىة ُب الدارين.ف ى
اب الدعوةً ى
فقاؿ لوي : سأؿ سع هد ى ً
رسوؿ اهلل أف يكو ىف ي٣ت ى -ى
يصل إذل أعلى مستول من التقول كىو ما ييسمى بالورًع ،كالورعي ىو أف -ا١تتقي يسعى إذل أف ى
لقوؿ ً
ا١تباحات تطبيقان ً ؼ ُب ً
الشبهات خوفان من الوقوع ُب اٟترمات ،كأف ال يي ٍس ًر ى ا١تسلم ب ً
ي ٬تتن ى
بأس »(ْ).
ه
النيب « :إف الرجل ال يكوف من ا١تتقُت حىت ي ىدع ما ال بأس بو ،ح ىذران ٦تا ً
بو ى ى ى ى ى
ﮋﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ
(ِ)
ﮆﮇﮈﮉﮊ
عباد الرٛتن كىم يدعونو بقولو:
كصف اهللي عبادهي ى
ى -لقد
ﭽﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ
(ّ)
ﮯﭼ
بعض نواحي ا١تدينة ،فوضعنا يسفرنة عمر رضي اهلل عنهما إذل ً مع اب ًن ى
ت ىخرج ي
نافعٍ ( :قاؿ ه -ى
ً
الشديد مثل ىذا ً
اليوـ فقاؿُ :ب ً صائم ،ى عبد اهللً ىىليم يا راعي ى
فقاؿ إين ه فقاؿ لو ي
فمر بنا ر واع ،ى
فقاؿ لو ً
القيامة ،ى اليوـ ٥تافىة حر ً
يوـ قاؿ :أيب ًادر أيامي أصوـ ُب حر ىذا ً ً
ى ى ي ى ىحرهي ُب ىذا الش ٍعب؟ ى ى ي
قاؿ الراعي :إهنا ١توالمٟتمها ما تػي ٍف ًطير عليو ؟ ى
ك من ً تبيعنا شاةن كنػي ٍع ًطيى ى
عبد اهلل ىل لك أف ى
ي ً
الذئب ؟ فمضى الراعي كىو يصنع موالؾ إف ق ٍلت أكلىها ً
ي عبد اهلل ٦تتحنان لو فما عسى أف ى فقاؿ ي ى
بصوت مؤلى أركا ىف الصحر ً و ً
فأين اهللي ؟ فلم
ى ؟ اهلل
ي فأين
ى ؟ اهلل
ي فأين
ى :اء كيقوؿ
ي السماء يرفع إً ٍ
صبىػ ىعوي إذل
يقوؿ كىو يبكي فأين اهلل فأين اهلل يٍب بعث إذل سي ًد ً
العبد فاشًتاهي منو كاشًتل عمر ي
ى ى ابن ى يىػىزٍؿ ي
الغنم) (ْ).
اعي ككىبىوي ى
فأعتق الر ى
الغنم ى
ى
ً
ا٠تطاب عن بن ً ً
عمر ي
حاح كتبىػ يه ٍم باٟتديث ا١تشهور الذم ركاه سي يدنا ي
أصحاب الص ً
ي افتتح
-ى
ً
بالنيات ،كإ٪تا لكل امر وئ ما نول» ...إذل آخر اٟتديث(ِ). األعماؿ
ي رسوؿ اهللً أنو قاؿ« :إ٪تا
ً
أكثر فائد نة ،من ىذا ليس ُب أخبا ًر النيب شيءه أ ٍ ً
ىٚتى ىع ،كأغٌت ك ى قاؿ العلماءي ُب ىذا اٟتديث :ى
( ى
ً
اٟتديث.
م عن الشافعي كأٛتد بن حنبل كغَتىم من العلماء رٛتىهم اهللي تعاذل ،أهنم قالوا :ىذا كرًك ى
-ي
ث اإلسبلـ) (ّ).
اٟتديث ثػيلي ي
ي
ً
كبالنية يناؿ النية ،كأف أم و
عمل تىػ ٍلىزيموي النيةي، أل٫تية ً
ً للمسلمُت ً
اٟتديث تنبيوه ىاـي ُ -ب ىذا
ى
ا١تؤمن ص ل
ى ىخ أ ما ىو ، ا١تقبوؿ
ي العمل ك ،نية ً
السيئات ،كال يػ ٍقبل عمل بغ ًَت و أك ً
اٟتسنات اإلنسا يف
ي ى ٍ ي ي ه ى ي
و فيو نًيتىو ،كجعلىو خالصان ً
لوجو اهلل ،ال يي ٍش ًريؾ بو أحدان ،كال يير ي
يد بو كجوى أحد إال اهللى سبحانىوي ي ي
اب
العبد ثو ى
يناؿ ي كبذلك ي ى العمل ييسمى إخبلصان ،أم جعلىوي ا١ترءي خالصان هللً تعاذل، ي كتعاذل ،كىذا
العمل من اهللً سبحانىوي كتعاذل.
ً
-قاؿ اإلماـ ابن القيم رٛتو اهلل عن النية( :ىي رأس األمر كعموده ،كأساسو كأصلو الذم يبٌت
تابع ٢تا يبٌت عليها ،يصح بصحتها كيفسدعليو ،فإهنا ركح العمل كقائده كسائقو ،كالعمل ه
بفسادىا ،كهبا يستجلب التوفيق ،كبعدمها ٭تصل ا٠تذالف ،كْتسبها تتفاكت الدرجات ُب الدنيا
ً
اإلخبلص ما السبلـ عن
ي يل عليو
ت جرب ىفقاؿ« :سألٍ ي ً
اإلخبلص ما ىو؟ ى كسئً ىل النيب عن
-ي
أحببتيوي
ب من ٍ
استودعتيوي ق ٍل ى
ٍ اإلخبلص ما ىو؟ قاؿً :سهر من ًسرم
ً ت رب العزةً عن
قاؿ :سألٍ ي
ىو؟ ى
من عبادم»(ِ).
-كمن ىذا القبيل ،قوؿ أيب القاسم القشَتم رٛتو اهلل معرفان اإلخبلص( :اإلخبلص إفراد اٟتق
سبحانو ُب الطاعة بالقصد ،كىو أف يريد بطاعتو التقرب إذل اهلل سبحانو دكف شيء آخر من
تصنع ١تخلوؽ ،أك اكتساب صفة ٛتيدة عند الناس ،أك ٤تبة مدح من ا٠تلق ،أك معٌت من ا١تعاين
سول التقرب إذل اهلل تعاذل ،كيصح أف يقاؿ :اإلخبلص تصفية العمل عن مبلحظة ا١تخلوقُت،
كيصح أف يقاؿ :اإلخبلص التوقي عن مبلحظة األشخاص) (ّ).
فيفسدهي،
ى ك ،فيكتبىوي ،كال شيطا هف، يعلموي ىملى ه ال ، اٞتنيد( :اإلخبلص ًسير بُت اهللً ك ً
العبد -كقاؿ ي
ي ى ي
كال ىول ،فىػييميلىوي) (ْ).
اإلخبلص :استواءي ا١ت ٍد ًح كالذـ من العام ًة،
ً ً
عبلمات (ثبلث من
ه كقاؿ ذك ً
النوف ا١تصرم: -ى
العمل ُب اآلخرةً) (ٓ).
اب ً ً
اقتضاء ثو ً ً
األعماؿ ،كنسيا يف كنًسيا يف ً
رؤية
كم عن اب ًنر حيث .اهو ك شاىدان غَت اهللً ،كال ٣تازيان ً
س -فاإلخبلص أال تطلب على عملً
ى ي ي ى ى ى ي
أم ىذا و
ك منهاٍ ،
ذلك حظ ى
فقاؿ :ى أت البارحةى البقرىة ،ى يقوؿ( :قىر ي
ٝتع رجبلن ي
مسعود أنوي ى
(ِ)
كقاؿ تعاذل :ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﮊ
-ى
عمل كب وَت تي ى
صغيرهي النيةي) (ّ). كرب و كقاؿ ابن ا١تبارؾ( :رب و و
عمل صغَت تيػ ىعظ يموي النيةي ،ي ي -ى
ػوؿ فهػو ص ىد بو التلذذي كالتػنىػعم ،فهو مباح ،كإ ٍف ني ًوم بًو اتباعي سػن ًة الرس ً -فالتطيب مثبلن ،إذا قي ً
ي ى ي ه ي ي
ػاثر ،فهػػذاػكالت
ك ػاخر ػفالت أك ، ػاء األجنبيػ ً
ػات ػوب النسػ ً
اب ،كإف نيػ ًوم بػػو التػود يد إذل قلػ ً و ػ ث قيػػرىب ،كفًيػ ً
ػو
ي ي ى ه
ً
األعماؿ. كذلك سائًير ً
ب العقوبةى ،ك ى ب معصيةن ،كيوج ي ٬تعل التطي ى ي
ػوؿ إذل ػاٟتة ،يرتفػػع إذل درجػ ًػة الطاعػ ًػة كرضػ ً
ػاء اهللً ،كبالني ػ ًة الفاسػػدةً يتحػ ي -فػػإذان ،ا١تبػػاح بالنيػ ًػة الصػ ً
ي ي
صاٟتةن ف يقلنا: ة
ن ني هبما وينا ن
ى فإف ،باح م عاـ كشرب ً
ا١تاء معصية ،أىكل الط ً و
ى ي ه ي ي ي
طاعة اهللً) .حصلنا على ثو و
اب كب وَت. (بسم اهلل الرٛتن الرحيم ،نىويت التقوم على ً
ي
ى
ػاد اهللً) هبػػذه النيػ ًػة ٨تصػػل علػػى ثػو و ائج عبػ ً
اب ي ػتح ٤تلػػي كقضػػاءى حػو ً ػذلك ُب العمػ ًػل( :نىويػ ي
ػت فىػ ى -ككػ ى
ػت هللً
يض( :نويػػت عيادتىػػو تىقربػان هللً تعػػاذل) ،كُب التعزيػ ًػة( :نىويػػت تعزيػةى أىػ ًػل ا١تيػ ً كبػ وَت ،كُب زيػػارةً مػر و
ي ي ىي ى
(ُ)٭تِت بن كثَت بن درىم ،أبو غساف العنربم البصرم اٟتافظ.قاؿ أبو حاًب :صاحل اٟتديث .كقاؿ
النسائي :ليس بو بأس .توُب سنة (َِٔى ػػ)[ .سَت أعبلـ النببلء]
(ِ)أبو نعيم :حلية األكلياء.
(ّ)ابن أيب الدنيا :اإلخبلص كالنية صّٕ.
- 212 -
ٟتق األ ً
يخوة اإلٯتاني ًة) ،كك ى
ػذلك ُب الػزك ًاج ( :إ ٍف كانػت النيػةي تىعف ىفػان تعاذل امتثاالن ألم ًر النيب كأداءن ً ي
ً
األعماؿ). ص ًر ،كىكذا ُب سائ ًر ً
عن اٟتراـ ك ىغضان للبى ى
بُت النيب أى٫تيةى الني ًة ،فقد ركل أبو ىكٍبشةى ،عن النيب قاؿ:
-كقدي ى
« إ٪تا الدنيا ،ألر ً
بعة نىػ ىف ور:
ً
بأفضل علم هللً فيو ىحقان ،فهذاكي ،و ٛتصل فيو رً
عب هد رزقىو اهلل ماالن كعً ٍلمان ،فهو يػت ًقي فيو ربو ،كي ً
ي ى ي ى ي ى ي ى ى ى ي ي
ً
ا١تنازؿ.
بعمل و
فبلف، ت ً ً ص ًاد يؽ النًي ًة ي
فيقوؿ :لو أف رل ماالن لى ىعم ٍل ي هو ى
لمان ،كىدلٍ يىرزقوي ىم ىاالن ،فى ي
ً
كعب هد رزقىوي اهللي ع ى
فأجر٫تا ىسواءه. ًً ً ً
فهو بنيتو ،ي
صل فيو ًً ً ً و كعب هد رزقىوى اهللي ىماالن ،كىدلٍ يرزقٍوي ًع ٍل ىمان ،فهو يىػتىخب ي
ط ُب مالو بغَت علم ،ال يتقي فيو ربوي ،كال يى ي
بأخبث ً
ا١تنازؿ. ً ًرٛتىوي ،كال يىػ ٍعلى يم فيو هللً حقان فهذا
-كينبغي للمسلم أف يعلم أف لئلخبلص ٙترات كفوائد كثَتة ٬تنيها إف ٖتقق بو من أ٫تها:
ﮒﮓﮊ
(ُ)
(ِ)
-كقاؿ سبحانو :ﮋﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﮊ
-كعلى سبيل التوضيح ٢تذا ا١توضوع نورد القصة اليت ذكرىا الغزارل ُب ْتث اإلخبلص كىي:
(أف عابدا كاف يعبد اهلل دىرا طويبل فجاءه قوـ فقالوا إف ىهنا قوما يعبدكف شجرة من دكف اهلل
تعاذل فغضب لذلك كأخذ فأسو على عاتقو كقصد الشجرة ليقطعها فاستقبلو إبليس ُب صورة
شيخ فقاؿ أين تريد رٛتك اهلل قاؿ أريد أف أقطع ىذه الشجرة قاؿ كما أنت كذاؾ تركت عبادتك
كاشتغالك بنفسك كتفرغت لغَت ذلك فقاؿ إف ىذا من عبادٌب قاؿ فإين ال أتركك أف تقطعها
فقاتلو فأخذه العابد فطرحو على األرض كقعد على صدره فقاؿ لو إبليس أطلقٍت حىت أكلمك
فقاـ عنو فقاؿ إبليس يا ىذا إف اهلل تعاذل قد أسقط عنك ىذا كدل يفرضو عليك كما تعبدىا أنت
كما عليك من غَتؾ كهلل تعاذل أنبياء ُب أقاليم األرض كلو شاء لبعثهم إذل أىلها كأمرىم بقطعها
فقاؿ العابد ال بد رل من قطعها فنابذه للقتاؿ فغلبو العابد كصرعو كقعد على صدره فعجز إبليس
فقاؿ لو ىل لك ُب أمر فصل بيٍت كبينك كىو خَت لك كأنفع قاؿ كما ىو قاؿ أطلقٍت حىت أقوؿ
لك فأطلقو فقاؿ إبليس أنت رجل فقَت ال شيء لك إ٪تا أنت ىكلي على الناس يعولونك كلعلك
ٖتب أف تتفضل على إخوانك كتواسي جَتانك كتشبع كتستغٍت عن الناس قاؿ نعم قاؿ فارجع
(ُ) سورةاٟتجرَْ-ّٗ:
(ِ) سورة ص ِٖ.ّٖ-
- 215 -
عن ىذا األمر كلك على أف أجعل عند رأسك ُب كل ليلة دينارين إذا أصبحت أخذهتما
فأنفقت على نفسك كعيالك كتصدقت على إخوانك فيكوف ذلك أنفع لك كللمسلمُت من
قطع ىذه الشجرة اليت يغرس مكاهنا كال يضرىم قطعها شيئا كال ينفع إخوانك ا١تؤمنُت قطعك
إياىا فتفكر العابد فيما قاؿ كقاؿ صدؽ الشيخ لست بنيب فيلزمٍت قطع ىذه الشجرة كال أمرين
اهلل أف أقطعها فأكوف عاصيا بًتكها كما ذكره أكثر منفعة فعاىده على الوفاء بذلك كحلف لو
فرجع العابد إذل متعبده فبات فلما أصبح رأل دينارين عند رأسو فأخذ٫تا ككذلك الغد ٍب أصبح
اليوـ الثالث كما بعده فلم ير شيئا فغضب كأخذ فأسو على عاتقو فاستقبلو إبليس ُب صورة شيخ
فقاؿ لو إذل أين قاؿ أقطع تلك الشجرة فقاؿ كذبت كاهلل ما أنت بقادر على ذلك كال سبيل
لك إليها قاؿ فتناكلو العابد ليفعل بو كما فعل أكؿ مرة فقاؿ ىيهات فأخذه إبليس كصرعو فإذا
ىو كالعصفور بُت رجليو كقعد إبليس على صدره كقاؿ لتنتهُت عن ىذا األمر أك ألذْتنك فنظر
العابد فإذا ال طاقة لو بو قاؿ يا ىذا غلبتٍت فخل عٍت كأخربين كيف غلبتك أكال كغلبتٍت اآلف
فقاؿ ألنك غضبت أكؿ مرة هلل ككانت نيتك اآلخرة فسخرين اهلل لك كىذه ا١ترة غضبت لنفسك
(ُ)
. فصرعتك) كللدنيا
ثالثاُ -اإلخالص ينجي صاحبو من ىموم الدنيا وآلمها ,ويدخلو يوم القيامة الجنة ,وينجيو
من النار ,ألنو أخلص نيتو كعملو هلل تعاذل ،كابتعد عن الشرؾ ا٠تفي كىو الرياء يؤكد ذلك
-من كل ذلك ينبغي للمؤمن أف يتحرل دائمان قصص ا١تخلصُت كأعما٢تم ليستفيد منها كيأخذ
دركسان تعظو ُب سائر حياتو ،فيعمل عملهم كيتأسى هبم ،كخَت ما ٭تقق لو ذلك أف يقرأ دائمان
سَتة النيب ،فَتل فيها كامل اإلخبلص ُب كل أعمالو كأقوالو ،كأفعالو كتقريراتو ،فهو ا١تثل
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﮊ
(ّ)
-كلقد أثر النيب ُ ب أصحابو كزكاىم كرباىم فغَت الكثَت من صفاهتم ُب كل ٣تاالت اٟتياة،
كلو تتبعنا أخبار الصحابة كالتابعُت كالصاٟتُت ُب موضوع اإلخبلص لوجدنا الكثَت منها
-ركل األكزاعي أف عمر بن ا٠تطاب ( :خرج ُب سواد الليل فرآه طلحة فذىب عمر فدخل
بيتا ٍب دخل بيتا آخر فلما أصبح طلحة ذىب إذل ذلك البيت فإذا بعجوز عمياء مقعدة فقاؿ
٢تا ما باؿ ىذا الرجل يأتيك قالت إنو يتعاىدين منذ كذا ككذا يأتيٍت ٔتا يصلحٍت كٮترج عٍت
األذل فقاؿ طلحة ثكلتك أمك يا طلحة أعثرات عمر تتبع)(ْ).
الص ٌفار قاؿ( :حاصر مسلمة حصنا فندب الناس إذل نقب منو ،فما دخلو
-ح ٌدثنا أبو عمرك ٌ
أحد .فجاء رجل من عرض اٞتيش فدخلو ففتحو اللٌو عليهم ،فنادل مسلمة :أين صاحب
النقب؟ فما جاءه أحد ،فنادل :إين قد أمرت اآلذف بإدخالو ساعة يأٌب ،فعزمت عليو إالٌ جاء.
فجاء رجل فقاؿ :استأذف رل على األمَت .فقاؿ لو :أنت صاحب النقب؟ قاؿ :أنا أخربكم عنو.
تسودكا
فأتى مسلمة فأخربه عنو ،فأذف لو فقاؿ لو :إف صاحب النقب يأخذ عليكم ثبلثان :أالٌ ٌ
اٝتو ُب صحيفة " إذل ا٠تليفة " كال تأمركا لو بشيء ،كال تسألوه ٦تن ىو .قاؿ :فذاؾ لو .قاؿ :أنا
ىو .فكاف مسلمة ال يصلي بعدىا صبلة إال قاؿ :اللهم اجعلٍت مع صاحب النقب)(ُ).
ﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨ
(ُ)
ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﮊ
-تفيد االستقامة ُب لساف العرب معٌت االعتداؿ كاالستواء ،كمن ذلك ما كرد ُب السنة بشأف
(ِ)
أم جعلها سليمة معتدلة. االصطفاؼ ُب الصبلة كىو( :تسوية الصفوؼ من إقامة الصبلة)
-كاالستقامة ُب الشرع ىي اإلقامة على الدين كالدكاـ على ىدم اهلل ،كاالستمرار ُب التقيد
بقيوده ،كالوقوؼ عند حدكده ،كاالستجابة ألكامره ،كاالنتهاء عن ٤تارمو ،كالثبات على ذلك،
كعدـ التغيَت أك التبديل أك الغفلة عن ذلك ،أك الًتاجع عنو.
-قاؿ اإلماـ القشَتم( :كاالستقامة :درجة هبا كماؿ األمور ك٘تامها ،كبوجودىا حصوؿ ا٠تَتات
كنظامها ،كمن دل يكن مستقيما ُب حالتو ضاع سعيو كخاب جهده؛ قاؿ اهلل تعاذل:
(ّ)
ﮋﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮊ
كمن دل يكن مستقيما ُب صفتو دل يرتق من مقامو إذل غَته ،كدل يب سلوكو على صحة؛ فمن
شرط ا١تستأنف :االستقامة ُب أحكاـ البداية ،كما أف من حق العارؼ االستقامة ُب آداب
النهاية.
فمن أمارات استقامة أىل البداية :أف ال تشوب معامبلهتم فًتة.
آيةه أشد ،كال أشق عليو من ىذه اآلية ﮋﮉﮊﮋﮊ(ٓ) هود.)ٔ( )112 :
-كلذلك قاؿ ألصحابو عندما قالوا لو لقد أسرع إليك الشيب؟ فقاؿ (( :شيبتٍت ىود
كأخواهتا)) (ٕ) .
-كال يعٍت أمر اهلل لرسولو باالستقامة أنو دل يكن مستقيمان ،بل كاف ُب غاية االستقامة،
كإ٪تا ا١تقصود هبذا األمر الدكاـ كاالستمرار على ما ىو عليو ،كىو تعليم ألمة سيدنا ٤تمد .
ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮊ
(ّ)
-كالدعوة إذل االستقامة كٕتنب الطغياف ىو ىدؼ القرآف الكرًن ا١تتكرر فيو قاؿ تعاذل:
(ْ)
ﮋ ﯦ ﯧﯨ ﯩﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﮊ
-ككلمة استقم كلمة جامعة تشمل العقيدة كالعمل كالقوؿ كالسلوؾ ،كمن أقواؿ الصحابة ُب
االستقامة العملية أف أحدىم كاف يقوؿ :ما كذبت منذ أسلمت.
-كُب اٟتديث عن االستقامة البد من اٟتديث عن الصراط ا١تستقيم ألف العبلقة بينهما كثيقة،
فاالستقامة ىي الثبات كاالستمرار على اإلسبلـ ،كالصراط ا١تستقيم ىو الطريق ا١تعتدؿ كىو
-كأمرنا اهلل بل أكجب علينا أف نطلب منو ا٢تداية ٢تذا الطريق ُب كل ركعة من ركعات صبلة
(ِ)
الفرض أك النافلة ُب سورة الفاٖتة :ﮋ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﮊ
-كقد يسأؿ سائل من الذين أنعم اهلل عليهم ،فيجد اٞتواب ُب قولو تعاذل:
ﮋﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ
(ّ)
ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮊ
وؿ الل ًو ىخطًّا اؿ ( :ىخط ىر يس ي -كقد بُت النيب لصحابتو حقيقة ىذا الطريق ف ىع ٍن ىعٍب ًد الل ًو قى ى
يل الل ًو يم ٍستى ًقيمان ». ً
اؿ « ىى ىذا ىسب ي بًيى ًدهً يٍب قى ى
يل إًال ىعلىٍي ًو ىشٍيطىا هف يى ٍدعيو إًلىٍي ًو ». اؿ « ىى ًذهً السبيل لىٍيس ًمٍنػ ىها ىسبً ق ٍب واؿ يٍب خط عن ىٯتًينً ًو كًمشالًً
ه ي ى ى ى ي ىى قى ى ى ى ٍ
يٍب قىػىرأى :ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮊ(ْ) ) (ٓ).
(ِ)
ﮋ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﮊ
-كألف االستقامة أمر شاؽ كمتعب كصعب ،كاف الثواب عليو جزيبلن عظيمان ،كقد بيٌنو اهلل
-كلقد كاف النيب ا١تثل األعلى ُب االستقامة ،استقاـ ُب حسو كنفسو ،كُب قولو كعملو ،كُب
ظاىره كباطنو ،كُب أمره كلو ،فأصبح القدكة السامية ُب االستقامة ألتباعو ،كأخذ ٭تثهم على
االقتداء بو ،كالسَت على سنتو ،فكاف صحابتو الكراـ خَت مثاؿ لبلستقامة ،فما بدلوا كال غَتكا
مع أهنم كقعوا ُب أنواع شديدة من الببلء كاحملن ،كلقد كاف يفتخركف هبذه االستقامة فكاف
أحدىم يقوؿ( :ما كذبت منذ أسلمت).
ككاف النيب كلما رأل من صحابتو أمران حسنان أمرىم باالستقامة عليو.
كيقوؿ :دل يستطع بريق العلوـ الغربية أف يبهرين ،كيغشي علي بصرم ،كذلك ألين اكتحلت بإٙتد
ا١تدينة).
ٍب يقوؿ( :مكثت قي أىتي ً
وف التعليم الغريب ،كخرجت كما خرج إبراىيم من نار ٪تركد).
( -منصور بن عمار عادله فاضل ،علم ٔترض أحد أصدقائو ،فذىب إليو ليزكره ،فلما دخل عليو
كجده مضجعان على فر و
اش ُب كسط الدار ،كقد اسود كجهو ،كازرقت عيناه ،كغلظت شفتاه ،كبدا
مظهره ُب غَت مظهر الصاٟتُت ،فقاؿ لو منصور :يا أخي أكثر من قوؿ ال إلو إال اهلل ،ففتح
عينيو كقاؿ :يا أخي يا منصور ىذه كلمة ًحٍي ىل بيٍت كبينها ،فقاؿ منصور :ال حوؿ كال قوة إال
باهلل العلي العظيم ،أين ذلك الصياـ كالقياـ كالصبلة كالتهجد؟! فقاؿ :كاف كل ذلك لغَت كجو
اهلل إ٪تا كنت أفعل ذلك ليقاؿ عٍت زاىد أك عابد أك رجل صاحل ،فإذا خلوت بنفسي أغلقت
الباب ،كأرخيت الستور ،كشربت ا٠تمر ،كبارزت ريب با١تعاصي ،كبقيت على ذلك مدة ،فأصابٍت
مرض شديد ،كأشرفت على ا٢تبلؾ ،فقلت البنيت :ناكليٍت ا١تصحف ،فأخذت أقرأ فيوٍ ،ب قلت:
اللهم ْتق ىذا القرآف العظيم إال شفيتٍت ،كلن أعود للذنب أبدان ،ففرج عٍت كشفاين ،فلما شفيت
عدت ١تا كنت عليو من عصياين اهلل كاالنغماس ُب ا١تلذات كا١تراآة ،أنساين الشيطاف العهد الذم
كاف بيٍت كبُت ريب ،كبقيت على ذلك مدة من الزماف ،فمرضت ثانية مرضان شديدان ،كأشرفت
منو على ا١توت ،فعاكدت الكرة مع ريب كما ُب اٟتالة األكذل ،فشفاين كعافاين لكٍت دل استقم،
كعاكدت األمر مرة ثالثةٍ ،ب عاكدت الكرة فدعوت با١تصحف ألقرأ فيو فلم يتبُت رل منو حرؼ
كترجع للذنػ ػ ػ ػ ػ ػػوب إف برئتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا تتوب من الذنوب إذا مرضت ػ ػ ػ ػ ػ ػػا
مدل األياـ جهران قد هنيتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا ككم غطاؾ ُب ذنب كعن ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو
كأنت على ا٠تطايا قد دىي ػ ػػتا أما ٗتشى بأف تأٌب ا١تػ ػ ػػنايػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا
عليك كال ارعويت كال خشيتػ ػػا كتنسى فضل رب جاد فضػ ػ ػ ػبلن
إذل قرب إليػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػو ق ػ ػ ػػد نيعًيتػ ػ ػ ػ ػ ػػا ك من دي ػ ػ ػ ػ ػػا ًرؾ ً
فى ىدا ًرٍؾ قبل نىػ ٍقل ى
فخرج منصور بن عمار من عنده كالعربات ٘تؤل عينيو ،كىو كيقوؿ:
كبعد أياـ بلغو موت الرجل كما زاؿ حزينان عليو يدعو لو اهلل أف يتغمده بواسع رٛتتو) (ُ).
(عبارة عن انصراؼ الرغبة عن الشيء إذل ما ىو خَت منو ،كشرط ا١ترغوب عنو أف يكوف مرغوبان
فيو بوجو من الوجوه ،فمن رغب عن شيء ليس مرغوبان فيو كال مطلوبان ُب نفسو ،دل يي ىسم زاىدان
كمن ترؾ الًتاب فهو ليس زاىدان) (ُ).
-كٔتا أف الدنيا زائلة كاآلخرة باقية فالعاقل من عمل للباقية كآثرىا على الزائلة الفانية ،كىذا ىو
الزاىد ،فالزىد ىو عدـ االلتفاؼ إذل الدنيا ٔتا٢تا كجاىها كشهواهتا كنعيمها ،كالسعي ُب طلب
ﯴﯵﮊ (ِ).
والثالث :ترؾ ما يشغل العبد عن اهلل تعاذل ،كىو زىد العارفُت) (ْ).
-فالدنيا من ماؿ كجاه كرفعة كغَت ذلك ٭تتاجها ا١تؤمن ٠تدمة دينو ،كلكن بشرط أال ٘تلك قلبو
كتشغلو عن ربو ،بل يستخدمها فيما يرضي اهلل كرسولو دكف التعلق هبا.
-كالزىد يكوف ُب شيء ٘تلكو كتقدر عليو ،كليس ُب شيء ال ٘تلكو كال تقدر عليو ،فكيف
تكوف زاىدان كأنت ال ٘تلك ،إ٪تا الزىد أف ٘تلك من الدنيا ما تشاء دكف أف ٘تلكك الدنيا
بشهواهتا ،لذلك قيل :الزىد أف ٘تلك الدنيا كال ٘تلكك.
( -فقد كاف سليماف كداكد عليهما السبلـ من أزىد أىل زمانيهما ك٢تما من ا١تاؿ كا١تلك ما
٢تما.
كلقد كاف عثماف بن عفاف كعبد الرٛتن بن عوؼ كغَت٫تا من الصحابة الكراـ من أغٌت األغنياء
كلكنهم كانوا من الزاىدين.
ككاف عبد اهلل بن ا١تبارؾ كالليث بن سعد من أئمة الزىاد مع ماؿ كثَت) (ِ).
-فليس الزاىد من زىد ُب الدنيا كقد أعرضت عنو ،كإ٪تا الزاىد من أقبلت عليو ،فزكل عنها
كجهو كآثر الفرار منها.
-قاؿ إبراىيم بن األدىم( :الزىد ثبلثة أقساـ :فزىد فرض ،كزىد فضل ،كزىد سبلمة ،فأما
الزىد الفرض فالزىد ُب اٟتراـ ،كأما الزىد الفضل فالزىد ُب اٟتبلؿ ،كأما الزىد السبلمة فالزىد
ُب الشهبات) (ّ).
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ
(ُ)
ﭡﭢﮊ
-كقاؿ :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭛ ﭜ ﭝ
(ّ)
ﭞﮊ
-كلعل أقرب آية تدؿ على معٌت الزىد قولو تعاذل :ﮋﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬ ﯭ
ﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ
(ْ)
-أم ينبغي للمسلم أال يفرح ٔتوجود فيشغلو عن اهلل ،كال ٭تزف ١تفقود فيشغلو البحث عنو عن
اهلل سبحانو أيضان.
طلقوا الدنيا كخاف ػ ػ ػ ػوا الفتنػ ػ ػ ػػا إف للػ ػ ػو عبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػادا فيطينػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػا
أهنا ليست ٟتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ٌػي كطن ػ ػ ػ ػ ػ ػػا نظركا فيها فلما علمػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػوا
أولً :أف يضع ا١تؤمن بُت عينيو دائمان حقيقة الدنيا ،كأهنا دار امتحاف كىي ظل زائل ،كخياؿ
زائر ،كأف ىناؾ رحيبلن إذل دار البقاء ،إما إذل نعيم كإما إذل عذاب ،فيسعى للعمل من أجل
اآلخرة.
ثانياً :أف يتذكر دائمان بأف الزىد ُب الدنيا ال ٯتنع شيئان كتب لو ،أف حرصو عليها ال ٬تلب لو ما
ض لو ،فما أصابو دل يكن ليخطئو كما أخطأه دل يكن ليصيبو بل يكوف على يقُت بأف دل يػي ٍق ى
زىده ىذا سيكوف سببان ُب الزيادة ُب الدنيا كاآلخرة.
ثالثاً :اإلكثار من ذكر ا١توت ،كأنو البد مبلقيو فإف ذلك يبعده عن االنشغاؿ بالدنيا ،كيبعده عن
االلتهاء بطوؿ األمل عن اآلخرة كالعمل ٢تا.
رابعاً :اإلكثار من زيارة القبور ألهنا تزىد ُب الدنيا كترغب ُب اآلخرة ،كتكوف حافزان على اإلعداد
كالعمل لآلخرة.
خامساً :استشعار عظمة ا٠تالق كشدة عذابو ،كالنار كجحيمها ،كاٞتنة كنعيمها ،فهذا يؤدم إذل
العزكؼ عن ا١تلذات كالشهوات كالتعلق ٔتا ىو آت.
سادساً :النظر إذل من أعلى منو ُب الدين كمن ىو أقل منو ُب الدنيا ،كىذا النظر يساعده على
الزىد ،فَتضى عما قسمو اهلل لو ُب الدنيا ،كيعيش مرتاح الباؿ حيث يرل من ىو أقل منو.
ثامناً :قراءة كتب الزاىدين كقصصهم ،كالتعرؼ على أحوا٢تم كأعما٢تم ،كما كانوا عليو كما كصلوا
إليو ،فينتفع هبا كيتأثر ٔتا فيها كيسعى إذل تقليدىم كالسَت على خطاىم.
(قاؿ عبد اهلل بن خفيف(ُ) :الرضا سكوف القلب إذل أحكامو ،كموافقة القلب ٔتا رضي اهلل تعاذل
كاختاره.
(ُ)ابن خفيف :أبو عبد اهلل الشيخ اإلماـ العارؼ الفقيو القدكة ،ذك الفنوف٤ ،تمد بن خفيف بن
اسفكشار الضيب الفارسي الشَتازم ،شيخ الصوفية[ .سَت أعبلـ النببلء]
(ِ) احملاسيب :اٟتارث بن أسد احملاسيب ،أبو عبد اهلل من أكابر الصوفية.كاف عا١تا باألصوؿ كا١تعامبلت،
كاعظان مبكيان ،كلو تصانيف ُب الزىد كالرد على ا١تعتزلة كغَتىم.كلد كنشأ بالبصرة ،كمات ببغداد سنة (ِّْ
ق ٖٕٓ/ـ).كىو أستاذ أكثر البغداديُت ُب عصره[ .األعبلـ للزركلي]
(ّ)النورم :إٝتاعيل بن سودكُت بن عبد اهلل ،أبو الطاىر ،مشس الدين النورم :صوُب حنفي تونسي.كاف
من أصحاب الشيخ ٤تيي الدين بن عريب توُب سنة (ْٔٔ ق ُِْٖ/ـ)[.األعبلـ للزركلي]
(ْ) الرسالة القشَتية صُٓٗ.
- 235 -
عدؿ ُب قضائو ،غَت متهم فيما حكم.
-كالسبيل إذل مقاـ الرضا ىو علم القلب بأف اهلل ه
-كرضاء العبد ٔتا رضي اهلل ىو نتيجة لتوفيق اهلل كرضائو عن عبده بدليل قولو تعاذل:
ﮋﭞﭟﭠﭡﭢﮊ
(ُ)
ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﮇ
ﮈﮉﮊ
(ٓ)
-كقاؿ سبحانو:ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ ﭞ ﭟ
(ٔ)
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﮊ
-كرضا اهلل عن العبد أكرب من اٞتنة كما فيها ألف الرضا صفة اهلل كاٞتنة خلقو.
-كىذا الرضا جزاء على رضاىم عنو ُب الدنيا ،ك١تا كاف ىذا أفضل اٞتزاء كاف سببو أفضل
األعماؿ.
اٞتىن ًة -بل ىو غاية مطلب سكاف اٞتنة ،كما أخرب رسوؿ اهلل بقولو « :إًف اللوى يىػ يق ي
وؿ أل ٍىى ًل ٍ
وؿ ىى ٍل ىر ًضيتي ٍم فىػيىػ يقوليو ىف ىكىما لىنىا الى نىػٍر ى
ضى ىكقى ٍد ك .فىػيىػ يق ي يىا أ ٍىى ىل ا ٍٞتىن ًة .يىػ يقوليو ىف لىبػٍي ى
ك ىربػنىا ىك ىس ٍع ىديٍ ى
ً ً
ك .قىاليوا يىا ىرب ىكأىم ض ىل ًم ٍن ذىل ى ً
وؿ أىنىا أ ٍيعطي يك ٍم أىفٍ ى ك .فىػيىػ يق ي ىح ندا ًم ٍن ىخ ٍلق ى ً
أ ٍىعطىٍيتىػنىا ىما ىدلٍ تيػ ٍعط أ ى
ً و
ط ىعلىٍي يك ٍم بػى ٍع ىدهي أىبى ندا»(ِ).ىس ىخ ي ض ىوًاين فىبلى أ ٍوؿ أ ًيحل ىعلىٍي يك ٍم ًر ٍ ض يل ًم ٍن ىذل ى
ك فىػيىػ يق ي ىش ٍيء أىفٍ ى
-ىذا كإف اهلل تعاذل ال يرضى عن عبده إال إذا رضي العبد عن ربو ُب ٚتيع أحكامو كأفعالو،
كعندىا يكوف الرضا متبادالن ،كما أشار إذل ذلك سبحانو بقولو:
(ّ)
ﮋ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣﮊ
قاؿ األصفهاين( :رضا العبد عن اهلل أال يكره ما ٬ترم بو قضاؤه ،كرضا اهلل عن العبد أف يراه
مؤ٘تران ألمره ،منهيان عن هنيو) (ْ).
-كهلل در القائل:
كُب اختيار سواه اللوـ كالشػ ػ ػػوـ كا٠تَت أٚتع فيما اختار خالقن ػ ػ ػػا
-أما الرضا بنبيو رسوالن فيتضمن كماؿ االنقياد لو ،كالتسليم ا١تطلق إليو.
-قيل ليحِت بن معاذ(ُ)( :مىت يبلغ العبد إذل مقاـ الرضا؟ فقاؿ :إذا أقاـ نفسو على أربعة
أصوؿ فيما يعامل بو ربو ،فيقوؿ :إف أعطيتٍت قبلت ،كإف منعتٍت رضيت ،كإف تركتٍت عبدت،
كإف دعوتٍت أحببت) (ِ).
أولً -الرضا باهلل أم :ربان ،كىو على التفصيل الذم مر معنا سابقان.
(ُ)٭تِت بن معاذ أبو زكريا :٭تِت بن معاذ بن جعفر الرازم ،كاعظ ،زاىد ،دل يكن لو نظَت ُب كقتو .من
أىل الرم.أقاـ ببلخ ،كمات ُب نيسابور سنة (ِٖٓ ق ِٖٕ/ـ)[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ) ابن القيم :مدارج السالكُت جزءِ صُِٕ.
(ّ)أخرجو الطرباين ُب الكبَت عن فضالة بن عبيد .
- 239 -
ال إلو إال أنا ،ال شريك رل ،إنو من استسلم لقضائي ،كصرب على ببلئي ،كرضي ٟتكمي كتبتو
صديقا كبعثتو مع الصديقُت يوـ القيامة ) (ُ).
-كالراضي عن اهلل ىو عند اهلل كبعض مبلئكتو :كما قاؿ رسوؿ اهلل ُ ب اٟتديث القدسي:
( يقوؿ اهلل :الشاب ا١تؤمن بقدرم الراضي بكتايب القانع برزقي التارؾ لشهوتو من أجلي ىو
عندم كبعض مبلئكيت ) (ِ) .
-كعن سليماف بن ا١تغَتة قاؿ( :كاف فيما أكحى اهلل إذل داكد يا داكد إنك لن تلقاين
بعمل ىو أرضى رل عنك كال أحط لوزرؾ من الرضا بقضائي كلن تلقاين بعمل ىو أعظم لوزرؾ
كال أشد لسخطي عليك من البطر فإياؾ يا داكد كالبطر)(ّ).
مران على
-كعن كىب بن منبو قاؿ( :كجدت ُب زبور داكد يا داكد ىل تدرل من أسرع الناس ٌ
الصراط الذين يرضوف ْتكمي ألسنتهم رطبة من ذكرم)(ْ).
-كعن عمر بن ذر قاؿ :بلغنا أف أـ الدرداء كانت تقوؿ( :إف الراضُت بقضاء اهلل الذين ما
منازؿ يغبطهم هبا الشهداء يوـ القيامة)(ٓ).
قضى اهلل ٢تم رضوا بو٢ ،تم ُب اٞتنة ي
-ككاف الصحابة الكراـ يعذبوف ُب مكة ،كيعانوف من ألواف التنكيل كاإليذاء ،كىم يتلقوف ذلك
كلو بقلوب راضية ،كنفوس مطمئنة باإلٯتاف ،كألسنة ذاكرة.
-كىذا عركة بن الزبَت رضي اهلل عنهما قطعت رجلو كمات أعز أكالده على قلبو ُب ليلة كاحدة
فدخل عليو أصحابو ليعزكه فوجدكه يقوؿ:
«اللهم كاف رل بنوف سبعة ،فأخذت منهم كاحدا كأبقيت ستة ،ككانت رل أطراؼ أربعة فأخذت
ك لئن ابتليت لقد عافيت ،كلئن أخذت لقد أبقيت»(ِ). منها طرفا كأبقيت رل ثبلثة ،كاٍٯتي ى
(قد كاف عمراف بن حصُت قد استسقي بطنو ،فبقي ملقى على ظهره مدة طويلة ،ال يقوـ
ؼ بٍ ين ىعٍب ًد الل ًو بٍ ًن الشخ ًَت
موضع ٟتاجتو ،فدخل عليو يمطىر ي
ه كال يقعد ،كقد نيًقب لو ُب سريره
تبك؟ فقاؿ :ألين أراؾ على ىذه اٟتاؿ فجعل يبكي ١تا رأل من حالو ،فقاؿ لو عمراف :دل ً
ى
تبك ،فإف أحبو إرل أحبو إليو ،كقاؿ :أخربؾ بشيء ،لعل اهلل أف ينفعك بو، الفظيعة ،فقاؿ :ال ً
كأكتم علي حىت أموت ،إف ا١تبلئكة تزكرين فآنس هبا ،كتسلم علي فأٝتع تسليمها)(ّ).
-كمن الرضا معرفة أف ما قدره اهلل للمؤمن ىو خَت ٦تا يرغب فيو ،فقد قاؿ أحد العارفُت:
ارض عن اهلل ُب ٚتيع ما يفعلو بك ،فإنو ما منعك إال ليعطيك ،كال ابتبلؾ إال ليعافيك ،كال
ى
أمرضك إال ليشفيك ،كال أماتك إال ليحييك ،فإياؾ أف تفارؽ الرضا عنو طرفة عُت فتسقط من
عينو(ِ).
-قاؿ سيدنا عمر ( :ما ابتليت ببلية إال كاف هلل علي فيها أربع نعم :إذ دل تكن ُب ديٍت،
كإذ دل أحرـ الرضا ،كإذ دل تكن أعظم ،كإذ رجوت الثواب عليها) (ّ).
-كقد ٭تس الراضي بأدل ا١تصيبة ْتكم الطبع ،كلكنو يرضى هبا حُت يرجع إذل إٯتانو بلطف اهلل
تعاذل كحكمتو ،كيعلم أف كراء كل فعل من أفعالو ًح ىكمان خفية ،كلطائف دقيقة ،ال يعرفها العبد،
-كىذا الرضا يصدر عن عمق ٤تبة العبد هلل كالثقة بفعلو كقضائو كقدره.
-قاؿ عامر بن قيس( :أحببت اهلل حبان ىوف علي كل مصيبة ،كرضاين بكل بلية ،فبل أبارل مع
حيب إياه عبلـ أصبحت كعبلـ أمسيت)(ِ).
-كينبغي للمسلم أف يعلم أنو ليس من الرضا تركو للتضرع كدعائو اهلل ُ ب دفع ما أصابو أك
سؤالو ما ٭تب كيرغب فيو ،كذلك ينبغي للمسلم أال يًتؾ األسباب ُب دفع ماال يرغب فيو أك ُب
سؤاؿ ما ٭تب كيرغب فيو ،كعليو أف يعلم أف كل ذلك ليس ٥تالفان للرضا ٔتا أراده اهلل سبحانو،
-كحُت أراد سيدنا عمر أف ٯتنع جيش ا١تسلمُت من دخوؿ الشاـ حذران من الطاعوف ،قاؿ
اؿ عي ىمير لى ٍو ىغٍيػيرىؾ قىا ى٢تىا يىا أىبىا عيبىػٍي ىد ىة ،نىػ ىع ٍم لو سيدنا أبو عبيدة بن اٞتراح :أىفًىراران ًم ٍن قى ىد ًر الل ًو فىػ ىق ى
ً ً نىًفر ًمن قى ىد ًر الل ًو إً ىذل قى ىد ًر الل ًو ،أىرأىيت لىو ىكا ىف لىك إًبًل ىبطى ً
صبىةه، ت ىكادينا لىوي عي ٍد ىكتىاف ،إً ٍح ىد يا٫تىا خ ٍ ى ه ىى ٍ ىٍ ى ٍ ٍ
ت ا ٍٞتى ٍدبىةى ىر ىعٍيتىػ ىها بًىق ىد ًر الل ًو ً
صبىةى ىر ىعٍيتىػ ىها بًىق ىد ًر اللو ،ىكإً ٍف ىر ىعٍي ى ا٠ت ٍ
كاأليخرل ج ٍدبةه ،أىلىيس إً ٍف رعيت ًٍ
ى ٍ ى ى ى ٍ ى ى ىٍ ى
اؿ :إًف ًعٍن ًدم ًُب ىى ىذا ًع ٍلما اجتً ًو فىػ ىق ى
ض ىح ى ؼ ،ىكىكا ىف يمتىػغىيبان ًُب بىػ ٍع ً اؿ :فىجاء عب يد الر ٍٛت ًن بن عو و
ى ٍ ي ىٍ قى ى ى ى ىٍ
ض ىكأىنٍػتي ٍم ًهبىا ض فىبلى تىػ ٍق يد يموا ىعلىٍي ًو ،ىكإً ىذا ىكقى ىع بًأ ٍىر و وؿ « :إً ىذا ىًٝت ٍعتي ٍم بًًو بًأىٍر ووؿ الل ًو يػى يق ي ت ىر يس ى ً
ىٝت ٍع ي
ؼ (ْ). صىر ى ً
اؿ :فى ىحم ىد اللوى عي ىمير يٍب انٍ ى فىبلى ىٗتٍير يجوا فًىر نارا ًمٍنوي» .قى ى
تاسعاً:مقام الشكر
-الشكر( :الثناء على احملسن بذكر إحسانو ،كىو عكوؼ القلب على ٤تبة ا١تنعم كاٞتوارح على
طاعتو ،كجرياف اللساف بذكره كالثناء عليو) (ِ).
-كالشكر نصف اإلٯتاف كما قاؿ رسوؿ اهلل « :اإلٯتاف نصفاف :نصف ُب الصرب ،كنصف
ُب الشكر » (ّ).
(ٓ)
ﮋﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ
(ٔ)
-كقاؿ تعاذل :ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﮊ
-كقاؿ :ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
(ُ)
ﭡﮊ
-كقد أمر اهلل بالشكر كهنى عن ضده كأثٌت على أىلو ككصف بو خواص خلقو كجعلو غاية
خلقو ،ككعد أىلو بأحسن جزائو كجعلو سببا للمزيد من فضلو كحارسا كحافظا لنعمتو كأخرب أف
أىلو ىم ا١تنتفعوف بآياتو كاشتق منو اٝتا من أٝتائو فإنو سبحانو ىو الشكور كىو يوصل الشاكر
إذل مشكوره بل يعيد الشاكر مشكورا كأىل الشكر ىم القليل من عباده.
(ّ)
-قاؿ اهلل تعاذل :ﮋﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮊ
(ْ)
-كقاؿ :ﮋﯫﯬﯭﯮﯯﮊ
ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﮊ
(ٓ)
ًعبى ىادتً ى
ك »(ُ).
-عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿٝ :تعت النيب يدعو هبذا « :اللهم أعٍت كال تعن علي،
كانصرين كال تنصر علي كامكر رل كال ٘تكر علي ،كيسر رل ا٢تدل ،كانصرين على من بغى علي.
رب اجعلٍت شكاران لك ،ذكاران لك ،راىبان لك ،مطواعان لك٥ ،تبتان لك ،أىكاىان منيبان تقبل توبيت
اىد قليب ،كسدد لساين ،كاسلل سخيمة كاغسل حوبيت كأجب دعوٌب ،كثبت حجيت ،ك ً
(ّ)
قليب(ِ)».
-كالشكر على ثبلثة أقساـ :شكر اللساف ،كشكر األركاف ،كشكر اٞتىناف -أم القلب.-
-كتطبيقان لقولو « :التحدث بنعم اهلل شكر ،كتركها كفر ،كمن ال يشكر القليل ال يشكر
الكثَت»(ِ) .كذلك بأف ٭تمد ا١تؤمن ربو على ما أنعم عليو من نعم ال تعد كال ٖتصى ،كأف يكثر
دائمان من ىذا اٟتمد ُب كل أحوالو.
-عن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ( :من قاؿ بسم اهلل فقد ذكر اهلل ،كمن قاؿ اٟتمد هلل فقد
شكر اهلل)(ّ).
ً
-كعن أنس قاؿ رسوؿ اهلل « :إًف اللوى لىيىػٍر ى
ضى ىع ًن الٍ ىعٍبد أى ٍف يىأٍ يك ىل األى ٍكلىةى فىػيى ٍح ىم ىدهي
ب الشٍربىةى فىػيى ٍح ىم ىدهي ىعلىٍيػ ىها »(ْ).
ىعلىٍيػ ىها أ ٍىك يى ٍشىر ى
ُت -كعن عمر بن ا٠تطاب قاؿ ،قاؿ رسوؿ اهلل « :م ًن استىجد ثػىوبان فىػلىبًسو فىػ ىق ى ً
اؿ ح ى ىي ى ٍ ى ٍ
ب اٟتم يد لًل ًو ال ًذم ىكس ًاين ما أيكا ًرم بًًو ىعورًٌب كأ ىىٕتىمل بًًو ًُب حي ًاٌب يٍب ىعم ىد إً ىذل الثػو ً
ٍ ى ىى ٍى ى ي ى ى ى يىػٍبػلي يغ تىػٍرقيػ ىوتىوي ٍى ٍ
ف الل ًواذل كًَب ًجوا ًر الل ًو كًَب ىكنى ً
ى ع ػ
ىت اؿ أىلٍ ىقى -فىػتىصد ىؽ بًًو ىكا ىف ًُب ًذم ًة الل ً
و ى ق
ى ىك أ - ق ل
ى ىخ
ٍ أ م ذال ً
ى ى ى ى ى ٍ ى
(ٓ)
ىحيٌان ىكىمٍيتان».
(ُ)سورة الضحى.ُُ:
(ِ)أخرجو البيهقي ُب شعبو عن النعماف بن بشَت .
(ّ)أبو نعيم ُب اٟتلية.
(ْ)أخرجو مسلم.
(ٓ)أخرجو أٛتد ُب مسنده.
- 249 -
كقاؿ رسوؿ اهلل « :من قاؿ اٟتمد هلل رب العا١تُت ٛتدان طيبان مباركان فيو على كل حاؿ ٛتدان
ك عبدؾ ىذا
يواُب نعمو كيكافئ مزيده ثبلث مرات ،فتقوؿ اٟتفظة ربنا ال ٨تسن كنو ما قىد ىس ى
كٛتدؾ كما ندرم كيف نكتبو فيوحي اهلل إليهم أف اكتبوه كما قاؿ عبدم» (ُ).
كعن أنس بن مالك :أف رسوؿ اهلل كاف إذا أكل إذل فراشو قاؿ« :اٟتمد هلل الذم أطعمنا
كسقانا ككفانا كآكانا فكم ٦تن ال كاُب لو كال مؤكم» (ِ).
ٕ -شكر األركان :باستعماؿ اٞتوارح بالطاعة كاالنقياد كالعمل هلل تعاذل كباالستعانة هبا على
(ّ)
طاعة اهلل ،قاؿ تعاذل :ﮋﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﮊ
ٖ -شكر الجنان :ك٭تصل با٠تضوع كاالستكانة كأف يعرؼ ا١تؤمن بأف كل نعمة بو من اهلل
تعاذل ،قاؿ :ﮋ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﮊ(ْ) فيجب ٌأال ٖتجبو رؤية النعم عن رؤية
ا١تنعم ،كقد نبو النيب إذل ىذه اٟتقيقة فقاؿ « :من قى ى ً
صبً يح الل يهم ىما أ ٍ
ىصبى ىح ًيب ُت يي ٍ
اؿ ح ى ىٍ
ك الش ٍكير .فىػ ىق ٍد أىدل يش ٍكىر يىػ ٍوًم ًو ىكىم ٍن قى ى
اؿ ك ا ٍٟتى ٍم يد ىكلى ى
ك فىػلى ى يك لى ىك ىك ٍح ىد ىؾ الى ىش ًر ىًم ٍن نً ٍع ىم وة فى ًمٍن ى
ُت ٯتيٍ ًسي فىػ ىق ٍد أىدل يش ٍكىر لىٍيػلىتً ًو»(ٓ). ًمثٍل ىذلً ى ً
كح ى ى
ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﮊ
(ّ)
-كجعل ذلك ببلءن كامتحانان منو سبحانو لعباده ككضح ذلك على لساف نبيو سليماف
-كلقد جعل اهلل جزاء الشكر زيادة ُب العطاء كالنعم كالتوفيق كالسعادة ،كجزاء الكفر عذابان
شديدان ُب الدنيا كاآلخرة ،قاؿ تعاذل مبينان ذلك:
(ُ)
ﮊ
-كعن علي ،أنو قاؿ لرجل من ٫تداف ( :إف النعمة موصولة بالشكر ،كالشكر متعلق
با١تزيد ،ك٫تا مقركناف ُب قرف ،كلن ينقطع ا١تزيد من اهلل حىت ينقطع الشكر من العبد)(ِ).
-كمع أف الشكر كاجب على كل مسلم ١تا انعم اهلل بو عليو ،فقد رضي اهلل عن الشاكرين ،كىيٌأ
٢تم جزاء من عنده ،قاؿ تعاذل:
ﮋﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ
(ّ)
(ٓ)
-كقاؿ :ﮋﮪﮫﮬﮊ
-ك١تا تبُت لعدك اهلل إبليس قدر مقاـ الشكر ،كأنو من أجل ا١تقامات كأعبلىا جعل غايتو أف
يسعى ُب قطع الناس عنو ،فقاؿ سبحانو:
ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮊ
(ٔ)
-ك١تا كاف الشكر ٤تفوفان هبذه الصعوبات الكثَتة كانت نتيجة االمتحاف بو كما قاؿ تعاذل:
(ٕ)
ﮋﯳﯴﯵﯶﯷﮊ
(ُ)سورة إبراىيم.ٕ:
(ِ) أخرجو البيهقي ُب شعبو.
(ّ)سورة الزمر.ٕ:
(ْ)سورة آؿ عمراف.ُْْ:
(ٓ)سورة آؿ عمراف.ُْٓ:
(ٔ)سورة األعراؼُٕ:
(ٕ)سورة سبأ.ُّ:
- 252 -
-ككما قاؿ سبحانو :ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮊ
(ُ)
-كحىت ننجح ُب امتحاف الشكر ك نكوف من القلة الذين يشكركف اهلل ،كال نكوف من الكثرة
الذين ال يشكركف كجب علينا أف نشكر اهلل على كل نعمو ،كأف نسأؿ اهلل أف يدًن علينا
ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﮊ
(ّ)
ﮋﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﮊ
(ْ)
ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﮊ
(ٔ)
(ُ)سورة األعراؼ.ُٕ:
(ِ)سورة غافر.ُٔ:
(ّ)سورة لقماف.ُِ:
(ْ)سورة األحقاؼ.ُٓ:
(ٓ)أخرجو الًتمذم ُب سننو عن أيب ىريرة .
(ٔ)سورة البقرة.ِّٕ:
- 253 -
-كقد ظهر ىذا النوع من الشكر ُب أعلى مراتبو على لساف أسوتنا العليا رسوؿ اهلل ،فقد
ركل علي بن أيب طالب قاؿ ،قاؿ «:ىرًح ىم اللوي أىبىا بى ٍك ور ىزك ىج ًٍت ابٍػنىتىوي ىك ىٛتىلىًٍت إً ىذل ىدا ًر
ا ٍ٢تً ٍجىرةً ىكأ ٍىعتى ىق بًبلىالن ًم ٍن ىمالًًو»(ُ).
-حىت إف رسوؿ اهلل أشار إذل أنو دل يكافئ أبا بكر على ما بذؿ ُب نصرتو من شيء من
متاع الدنيا ،كإ٪تا كافأه بأف سأؿ اهلل تعاذل أف يتوذل مكافأتو يوـ القيامة ،كحسبك هبا مكافأة!!
ىح ود ًعٍن ىدنىا يى هد إًال ىكقى ٍد ىكافىػٍيػنىاهي ىما ىخبلى أىبىا
فقد ركل أبو ىريرة قاؿ ،قاؿ رسوؿ اهلل «:ىما أل ى
ىح ود قىط ىما نىػ ىف ىع ًٍت ىم ي
اؿ أًىىب بى ٍك ور أ اؿ
ي م ً
ٍت عفى ػ
ىن امك
ى ي ي ي ى ىٍ ى ى ى ىى ى ى ى
ب ٍك ور فىًإف لىو ًعٍن ىدنىا ي ندا ي ىكافًئيو اللو ًهبا يػوـ الٍ ًقيام ً
ة ي ى
يل الل ًو »(ِ). احب يكم خلً كلىو يكٍنت مت ًخ نذا خلًيبلن الىٗتى ٍذت أىبا ب ٍك ور خلًيبلن أىالى كإًف ص ً
ي ى ٍ ى ى ى ي ى ى ى ى ىٍ ي ي
ً
-كلقد علمنا النيب كيف نشكر اآلخرين ،فقاؿ ( :ىكىم ٍن آتىى إًلىٍي يك ٍم ىم ٍعيركفنا فى ىكافئيوهي فىًإ ٍف ىدلٍ
ىًٕت يدكا فى ٍادعيوا لىوي ىحىت تىػ ٍعلى يموا أى ٍف قى ٍد ىكافىأٍي٘تيوهي) (ّ).
اعلً ًو ىجىز ىاؾ اللوي ىخٍيػنرا فىػ ىق ٍد أىبٍػلى ىغ ًُب الثػنى ًاء »(ْ).
اؿ لًىف ً
كؼ فىػ ىق ىصنً ىع إًلىٍي ًو ىم ٍعير ه -كقاؿ « :ىم ٍن ي
ﮋﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮊ
(ُ)
-ككلمة الصرب فيها معٌت االنتظار ،كهبذا ا١تعٌت جاء قولو سبحانو:
(ُ)سورة إبراىيم.ُِ:
(ِ)سورة الطور.ْٖ:
(ّ)سورة الكهف.ِٖ :
- 255 -
-كالصرب قوة خلقية من قوة اإلرادة ٘تكن اإلنساف من ضبط نفسو لتحمل ا١تتاعب كا١تشقات
كاآلالـ ،كضبطها عن االندفاع بعوامل االندفاع كالضجر ،كالسأـ كا١تلل ،كالعجلة كالرعونة،
كالغضب كالطيش ،كا٠توؼ كالطمع ،كاألىواء كالشهوات كالغرائز.
-كالصرب ٖتمل مكاره اٟتياة ،كعدـ اٞتزع لعوامل الدىر كنكباتو ،كىو الدكاء الشاُب ١تن ملك
اٟتزف نفسو ،كالبلسم ا١تعاُب ١تن قبض اٞتزع على زماـ عواطفو ،بل ىو عُت الراحة ،كينبوع
الفرح ،كمبيد ا٢تموـ ،كمزيل الغموـ ،كال سبيل إذل ما علق با١ترء من األحزاف إال التمسك بو،
كالتعلق بأىدابو ،فهو ركن حصُت ُب ٤تاربتها ،كعماد قوًن على دفعها.
-فالصرب حالة نفسية ٕتد الصابر فيها ساكنان ىادئان حامدان شاكران دائبان على العمل ،ككأنو ُب
حالة عادية ال يضجر ،كال يشكو ،كال يغضب ،كال يتذمر ،كال يعبس.
-من ىنا ٧تد أف الصرب ضركرم ُب كل حاؿ كُب كل زماف ،كىو غريزة ُب اإلنساف تزيد كتنقص،
إال أهنا شأف الغرائز تنمو بالعلم كا١تراف كالتجارب.
-فاهلل ىو (الصبور) أم الذم ال يعاجل العصاة باالنتقاـ كالعقاب ،كُب اٟتديث القدسي
(ُ)
. أف اهلل أكحى إلبراىيم ( :يا إبراىيم أما علمت أف من أٝتائي أين أنا الصبور)
ً ً ً
ىصبىػير ىعلىى أى نذل يى ٍس ىمعيوي م ىن اللو إًنوي يي ٍشىريؾ بًو ىكيٍ٬ت ىع يل لىوي
ىح ىد أ ٍ
-كُب اٟتديث النبوم « :الى أ ى
الٍ ىولى يد يٍب يى ىو يػي ىعافًي ًه ٍم ىكيىػٍريزقيػ يه ٍم »(ِ).
-قاؿ اإلماـ أٛتد رٛتو اهلل( :الصرب ُب القرآف ٨تو تسعُت موضعان ،كقد كرر القرآف األمر
ست مرات.
بالصرب ،فتكررت كلمة (اصرب) تسع عشر مرة ،كتكررت كلمة (اصربكا) ٌ
-كلذلك قاؿ العلماء :إف الصرب كاجب بإٚتاع األمة ،كال عجب فهو نصف اإلٯتاف ،ألف
اإلٯتاف شطراف نصفو صرب كنصفو شكر) (ُ).
ثالثاً -الصبر صفة من صفات األنبياء والمرسلين:
-فقد ذكر القرآف الكرًن صفات األنبياء كا١ترسلُت ُب آيات كثَتة ،فكاف من أبرزىا صفة الصرب،
فذكر صرب سيدنا أيوب على ما أصابو من ضر ببدنو ،كعلى فقده أىلو ،فقاؿ سبحانو:
(ِ)
ﮋﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﮊ
-ككذلك مدح اهلل صرب األنبياء ُب آيات كثَتة فقاؿ سبحانو:
ﮋ ﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂ ﮃﮄ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊ
(ّ)
ﮋﮌﮍﮊ
-ىذا كقد أمر اهلل سبحانو كتعاذل خاًب رسلو كصفوة خلقو كرٛتتو إذل العا١تُت سيدنا ٤تمد
أف يتخذ من صرب األنبياء أسوةن لو ُب صربه قاؿ تعاذل:
ﮋﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﮊ
(ْ)
رابعاً -الصبر من أىم األخالق التي تخلق بها النبي وأمر بها وحث عليها:
-كىذا ما ٬تده ا١تؤمن إذا تصفح سَتة النيب ُ ب كل حياتو ،فكاف أعظم قدكة حسنة للناس
ُب كل صفاتو كخصالو كخاصة الصرب.
-كمع كوف النيب قدكة للمؤمنُت ُب الصرب ،فقد بُت ٢تم أ٫تيتو الكربل ُب أحاديثو ،كحثهم
على التمسك بو ،قاؿ يصف الصرب « :ىكالصٍبػير ًضيىاء» (ِ).
-كقاؿ « :عجبا ألىم ًر الٍم ٍؤًم ًن إًف أىمره يكلو خيػر كلىيس ذى ىاؾ أل و ً ً
ىحد إًال ل ٍل يم ٍؤم ًن إً ٍف أ ى
ىصابىػٍتوي ى ٍ ىي ي ى ٍ ه ى ٍ ى ى ىن ٍ ي
صبىػىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي »(ّ).
ضراءي ى ىسراءي ىش ىكىر فى ىكا ىف ىخٍيػنرا لىوي ىكإً ٍف أ ى
ىصابىػٍتوي ى
-عندما نقرأ سَت الصحابة رضواف اهلل عليهم كخاصة من الزمو منهم منذ فجر الدعوة ٧تد أف
الصرب من أىم صفاهتم كأخبلقهم اليت ٖتلوا هبا ،فقد صربكا على أذل ا١تشركُت كصربكا ُب الدعوة
إذل اهلل ،كصربكا ُب جهاد نفوسهم كجهاد أعدائهم ،كصربكا ُب نشر اإلٯتاف ُب نفوس العباد،
(ُ)سورة األحزاب.ٕ:
(ِ) أخرجو مسلم ُب صحيحو عن أيب مالك األشعرم .
(ّ) أخرجو مسلم ُب صحيحو صهيب .
- 258 -
كصربكا ُب فتح الببلد ،كصربكا على الفقر كالشدة كالتعب كالنصب ،كصربكا على العبادة كالعمل
بأكامر اهلل ،كاالنتهاء عما هنى اهلل عنو ،كصربكا ُب حياهتم كلها كُب ٣تاالت أعما٢تم ،كاألمثلة
على ذلك كثَتة ،من ىؤالء الصابرين عمار بن ياسر كأسرتو ،حيث كاف ٯتر هبم رسوؿ اهلل
كيرل عذاب أىل الكفر هبم فيقوؿ ٢تم « :صربا يا آؿ ياسر ،فإف موعدكم اٞتنة »(ُ).
-كمن أبرز الصابرين من الصحابة الكراـ ببلؿ اٟتبشي ،كصهيب الركمي ،كخباب بن األرت،
كمصعب بن عمَت ،كسعد بن أيب كقاص ،كدل يتحلوا بالصرب فقط بل كانوا يدعوف إليو
كيأمركف بو ،فقد ىكىرىد ُب رسالة لعمر بن ا٠تطاب إذل أيب موسى األشعرم( :عليك بالصرب
كاعلم أف الصرب صرباف أحد٫تا أفضل من اآلخر الصرب ُب ا١تصيبات حسن كأفضل منو الصرب
عما حرـ اهلل تعاذل كاعلم أف الصرب مبلؾ اإلٯتاف كذلك بأف التقول أفضل الرب كالتقول
بالصرب)(ِ).
-كقاؿ علي كرـ اهلل كجهو( :بٍت اإلٯتاف على أربع دعائم اليقُت كالصرب كاٞتهاد كالعدؿ كقاؿ
أيضان الصرب من اإلٯتاف ٔتنزلة الرأس من اٞتسد كال جسد ١تن ال رأس لو كال إٯتاف ١تن ال صرب
لو)(ّ).
-من يتصفح سَت ىؤالء كيطالع قصصهم ٬تد الصرب من أىم صفاهتم كأخبلقهم ،كالقصص ُب
ذلك أكثر من أف تعد.
-كمن ىنا جعل القرآف الصرب من (عزـ األمور) ،كالعزـ ىو عقد القلب على إمضاء األمر،
كاحملافظة على ما يؤمر اإلنساف بو ،كقيل إف عزـ األمور ىو ٤تكم األمور ،قاؿ تعاذل:
ﮋﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤ
ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
(ُ)
ﯳﮊ
(ِ)
-كقاؿ سبحانو :ﮋﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ
(ّ)
-كقاؿ :ﮋﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﮊ
ثامناً -الصبر طريق الخير:
(ٔ)
. -قاؿ اٟتسن « :الصرب كنز من كنوز ا٠تَت ،ال يعطيو اهلل إال لعبد كرًن عليو »
-فنتائج الصرب كٙتراتو عظيمة ُب الدنيا كاآلخرة ،كمن أ٫تها :أف أىل الصرب ٢تم البشرل السارة
(ُ)
من اهلل ،قاؿ تعاذل :ﮋﭫﭬﭭﮊ
(ِ)
-كيفوزكف ٔتحبة اهلل :ﮋﯡﯢﯣﯤﮊ
-كتشملهم معية اهلل اليت فيها التأييد كالنصر كالتكرًن كا١تعونة كا١تثوبة ،قاؿ تعاذل:
(ّ)
ﮋﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﮊ
(ْ)
-قاؿ تعاذل :ﮋ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮊ
-كقد كعد اهلل الصابرين ٔتضاعفة أجورىم ،فقاؿ سبحانو:
ﮋﭲﭳﭴﭵﭶﭷﮊ
(ٓ)
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﮊ
(ُ)
(ِ)
-كالغرفة ىي أعلى منازؿ اٞتنة كأفضلها ،كقاؿ سبحانو :ﮋﮅﮆﮇﮈﮉﮊ
-كيؤكد القرآف الكرًن عظيم ثواب الصابرين الذم ضمنو ،فيقوؿ:
(ّ)
ﮋﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮊ
(ْ)
-كقاؿ تعاذل :ﮋﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮊ
كينتهي بنا القرآف الكرًن بتكرًن الصابرين إذل أف ثواهبم غَت ٤تدكد ،بل ىو موكوؿ لفضل اهلل
(ٓ)
العظيم الذم ال حدكد لو كال قيود فيقوؿ سبحانو :ﮋﰓﰔﰕﰖﰗﰘﮊ
عاشراً -الصبر من المواضيع التي اىتم بها الشعراء ونظموا فيو الشعر لما لو من منزلة
عظيمة:
لكػ ػ ػ ػ ػ ػ ػن عواقبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػو أحلى من العس ػ ػ ػ ػ ػل الصبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر مث ػ ػ ػ ػ ػ ػل اٝتو ،م ػ ػ ػ ػ ػ ػر مذاق ػ ػ ػ ػ ػػتو
لن تبلغ اجمل ػ ػ ػ ػ ػد حىت تلع ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػق الصربا ال ٖتسػ ػ ػ ػ ػ ػب اجمل ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػد ٘تػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػران أنت آكلو
-كقاؿ ثالث(ِ):
(ْ)
اٟتر
ٌ يعرؼ دل كلوال صركؼ الدىر تصرب ففي الؤلكاء (ّ) قد ٭تمد الصرب
-كقاؿ غَته(ٓ):
(ٔ)
كل ما ا ٍرتىػتىجا
فالصبػ ػ ػ ػ ػ ػ ػر يفتػ ػ ػ ػ ػح منها ٌ إف األمػ ػ ػ ػ ػ ػور إذا سدت مسالكه ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػا
إذا استعنػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػت بصرب أف ترل فرج ػ ػ ػا ال تيأسن كإف طالػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػت مطالبهػ ػ ػػا
كمدمػ ػ ػ ػ ػ ػن الق ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػرع لؤلبواب أف يلجا أخل ػ ػق بذم الصرب أف ٭تظى ْتاجتو
-أخيراً :ينبغي للمسلم أف يعلم أف للصرب أنواع متعددة ك٣تاالت كثَتة كلكن أىم ىذه األنواع
ما يلي:
-كقاؿ : ﮋﮰﮱ﮲﮳﮴ﮊ
(ّ)
-فالصبلة ٖتتاج إذل كضوء ،كالوضوء ٭تتاج إذل صرب ،كخاصة ُب أياـ الشتاء الباردة ،كالصبلة
ٖتتاج إذل صرب ،كخاصة صبلة الفجر ،كعلى األخص ُب فصل الشتاء البارد ٖتتاج ٦تن يؤديها أف
يستيقظ ُب الليل كيًتؾ الفراش الدافئ الناعم ليتوضأ ٔتاء بارد ،كىذا ٭تتاج إذل صرب.
-ككذلك الصوـ ٭تتاج إذل صرب يساعد على ترؾ الطعاـ كالشراب كالشهوات ،كلذلك ٝتي
رمضاف بشهر الصرب.
-ككذلك سائر العبادات كالطاعات كالقربات ا١توصلة إذل رضاء اهلل ٖ تتاج إذل صرب ،حىت
عشرة ا١تؤمنُت كاإلبقاء على مودهتم كاإلغضاء عن ىفواهتم خصاؿ تعتمد على الصرب اٞتميل،
(ْ)
قاؿ تعاذل :ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﮊ
-كحىت التمسك باألخبلؽ الفاضلة ،كٛتل النفس على مراعاهتا تطبيقان كسلوكان ٭تتاج إذل الصرب،
-كىو عنصر ا١تقاكمة للمغريات كالشهوات اليت بثت ُب طريق الناس ،كزينت ٢تم اقًتاؼ ا١تآٍب
اٞتنةي بًالٍم ىكا ًرهً ،كحف ً
ت الن يار ً
ىي احملظورات ،امتحانان من اهلل ،قاؿ رسوؿ اهلل « :يحفت ٍى ى
بًالشهو ً
ات »(ُ).ىى
-كاإلقباؿ على ا١تكاره من ا١تأمورات كاإلدبار عن الشهوات ا١تنهي عنها ال يتأتى إال لصبور،
كالصرب ىنا أثر اليقُت اٟتاسم ،كالتوجو الصادؽ إذل ما يرضي اهلل ،كىو ركح العفاؼ الذم ٭تمي
ا١تؤمن من أكزار الدنيا كمكر السيئات ،ألجل ذلك فإف لساف ا١تؤمن يلهج دائمان بالدعاء فيقوؿ:
(ِ)
ﮋﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮊ
ثالثاً -الصبر على ما يصيب المؤمن من البالء:
-كذلك ٔتبلحظة حسن اٞتزاء ،كانتظار ركح الفرج ،كهتوين البلية بً ىعد أيادم ا١تنن ،كبذكر
سوالف النعم.
-كالببلء الذم يصيب ا١تؤمن متعددُ ،ب نفسو أك مالو أك منزلتو أك أىلو ،كىذا ٦تا ال يدخل
ٖتت االختيار كا١تصائب مثل موت األحبة ،كىبلؾ األمواؿ ،كعمى العُت ،كزكاؿ الصحة ،كسائر
أنواع الببلء ،فالصرب على ذلك من أعلى ا١تقامات ألنو من ٙترات اليقُت.
-كتلك كلها أعراض متوقعة كىيهات أف ٗتلو اٟتياة منها ،كإذا دل يصب أحد بسيلها الطاـ
ضربو رشاشها ا١تتناثر.
ﮋ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ
ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮊ
(ُ)
كمن لطف اهلل كرٛتتو أف جعل االمتحاف ب ػ ػ ػ ػ ػ ػ (شيء) من الببليا –كما عربت عنو اآلية-
كتنكَت (شيء) ىنا للتقليل كالتحقَت يدؿ على ذلك السياؽ ،ألف ما ىو أكثر كأكرب ال
يطيقونو ،فمسهم بشيء قليل من الببلء ٗتفيفان عنهم كرٛتة هبم ،كمراعاة لضعفهم.
كالببلء ىنا ببلء عاـ يصيب القلوب با٠توؼ ،كالبطوف باٞتوع ،كاألمواؿ بالنقص ،كاألنفس
با١توت ،كالثمرات باآلفات ،كىذا الببلء العاـ لكل ا١تخلوقات إ٪تا الختبارىم كإظهار درجة
(ِ)
إٯتاهنم ،قاؿ تعاذل :ﮋﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﮊ
كقاؿ سبحانو كتعاذل يصف ا١تؤمنُت الصادقُت الناجحُت ُب امتحاف الببلء:
ﮋﭺﭻﭼﭽﭾﭿ(ّ)ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮊ
(ْ)
-ىذا كقد جعل اهلل االختبار كاالمتحاف لتمييز الصادقُت ُب اإلٯتاف من ا١تنافقُت كالكاذبُت.
-كقاؿ « :ىما يىػىز ياؿ الٍبىبلىءي بًالٍ يم ٍؤًم ًن ىكالٍ يم ٍؤًمنى ًة ًُب نىػ ٍف ًس ًو ىكىكلى ًدهً ىكىمالًًو ىحىت يىػ ٍل ىقى اللوى ىكىما ىعلىٍي ًو
ىخ ًطيئىةه »(ٔ).
-وقد جعل العلماء الصبر على ثالثة أشكال:
صبر باهلل :أم صرب باالستعانة بو ،كاالعتقاد بأنو ىو ا١تصرب ،كأف صرب العبد بربو
-األول ٌ
ال بنفسو ،كما قاؿ تعاذل :ﮋﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﮊ(ٕ) يعٍت :إف دل يصربؾ اهلل لن
تصرب.
-الثالث الصبر مع اهلل :كىو دكراف العبد مع مراد اهلل منو ،كمع أحكامو الدينية صابرا
نفسو معها سائرا بسَتىا مقيما بإقامتها يتوجو معها أىن توجهت ركائبها ،كينزؿ معها أىن أقامت
مضارهبا.
-فهذا معٌت كونو صابران مع اهلل أم جعل نفسو كقفان على أكامره ك٤تابو كىو أشد أنواع الصرب
كأصعبها على النفس كىو صرب الصديقُت.
(ِ)
ﮋﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﮊ
ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ
(ُ)
ﭟﭠ ﮊ
(ّ)
-كقاؿ سبحانو كتعاذل أيضان :ﮋﭟﭠﭡﭢﮊ
ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ
ﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ
(ُ)
ﭰﭱﭲﮊ
-ىذا كإف اهلل يغار على أكليائو ،فيحفظهم ،ك٭تارب كل من عاداىم ،يبػُت النػيب ذلػك
بٍ-،ب بُت اهلل كيف يصػل ا١تسػلم اؿ ىم ٍن ىع ىادل رل ىكلًيٌان فىػ ىق ٍد آ ىذنٍػتيوي بً ىٍٍ
اٟتر ً ُب قولو « :إًف اللوى قى ى
ػت ىعلىٍيػ ًػو ،ىكىمػػا يىػ ىػز ياؿ ً ً ً و
ىحػػب إً ىرل ٦تػػا افٍػتىػىر ٍ
ضػ ي ب إ ىرل ىعٍبػػدم ب ىش ػ ٍيء أ ى
إذل ىػػذه الواليػػة فقػػاؿ -:كمػػا تىػ ىقػػر ى ً
ىى
صػ ىػرهي الػ ًػذم ً ً
ػت ىٝتٍ ىعػػوي الػػذم يى ٍسػ ىػم يع بًػػو ،ىكبى ى
ً ً
ب إًرل بًالنػ ىوافػ ًػل ىحػػىت أيحبػػوي ،فىػًإ ىذا أ ٍ
ىحبىٍبتيػػوي يكٍنػ ي
ً
ىعٍبػػدم يىػتىػ ىقػػر ي
ش ًهبىػا ىكًر ٍجلىػوي ال ًػيت ٯتىٍ ًشػى ًهبىػا-،عنػد ذلػك يسػتجيب اهلل لػدعاء ىػذا الػورل ً ً
يػيٍبصير بًو ،ىكيى ىدهي ال ًيت يىػٍبطي ي
ً و ً ً ً
ت ىعػ ٍػن ىش ػ ٍيء أىنىػػا فىاعليػػوي ك٭تقػػق آمالػػو -ىكإً ٍف ىس ػأىلىًٍت أل ٍيعطيىػنػػوي ،ىكلىػػئ ًن ٍ
اس ػتىػ ىعا ىذًين أليعي ىذنػػوي ،ىكىمػػا تىػ ىػرد ٍد ي
ت ىكأىنىا أى ٍكىرهي ىم ىساءىتىوي » (ِ). تىػرد ًدم عن نىػ ٍف ً ً
س الٍ يم ٍؤم ًن ،يى ٍكىرهي الٍ ىم ٍو ى ىٍ ى
و و
-ىػػذا مػػن جهػػة ،كمػػن جهػػة أخػػرل فال ًواليػػة ال تعػػٍت أبػػدان ى
ضػ ٍعفان كاسػػتكانةن كفقػران كذيالن كبػي ٍعػدان عػػن
الدنيا كما فيها.
-الخوؼ عليك مػن أف يلحقػك مكػركه ،كال حػزف مػن فػوات مطلػوب ،فػبل ٗتػاؼ مػن مسػتقبل
ال تعرفو ،كال ٖتزف من حاضر ٯتتحنك اهلل بو ،بل أنت ر و
اض بػأمر اهلل ،مطمػئن لعطػاء اهلل ،ألنػك
كاليت اهلل ،فواالؾ اهلل.
(ُ)
النار ال يٖترقو بل كانت :ﮋﯚﯛﮊ اىيم ً ً
ا٠تليل جعلت ى -كاليةي اهلل إلبر ى
(ِ)
معوي:ﮋﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﮊ ً ً ً
كم ٍن ى
البحر اليػي ٍغرقيوي ى
-ككاليةي اهلل ١توسى جعلىت ى
٤تاصهر: ً
ر الغا ُب كىو يقوؿ لصاحبً ً
و ي و ت
ٍىل جع لسيدنا و
٤تمد -كًكاليةي اهللً ً
ى ي
كع ًم ىل بأركاهنا.
٨توىا ى
ظ كل ىم ٍن طلبها كسعى إليها كتقد ىـ ى -كال ًوالية ى
اليوـ ىٖتف ي
ً
الفتوحات على أيػديهم كانتش ىػر كنصرىم كأجرل ً
-الصحابةي كلهم كانوا أكلياءى هلل فأعزىم اهللي ى
الدين بدعوهتم
ي
كالية ا١تسل ًم هلل ،فإف اهلل يتواله ُب كل شػؤكنًًو ُب دينًػ ًو كدنيػاهي كآخرتػً ًو ،فػبل خ ه
ػوؼ -كمقابل ً
ى
ػتجيب ً
آالمه ػػم كيس ػ يػدفع ع ػػنهم ى عل ػػى ى ػػؤالء األكلي ػػاء كال ى ػػم ٭تزن ػػوف ب ػػل ك٭تقػ ػ يق اهللي آم ػػا ى٢تم كي ػ ي
العظيم. الفوز
ي ك٢تم دعاءىم ،فلهم البشرل ُب اٟتياةً الدنيا كُب اآلخرةً
ي ى
ً
ضػعي يفوا فػاهلل كلػيهم فبػو يىػ ٍقػ ىوٍكف ،كإف م ًر ي
ضػوا فػاهللي كلػيهم -فإف افتقركا فاهللي ىكليػ يه ٍم فبػو يىػ ٍغنىػ ٍػوف ،كإف ى
ػركهبم
ضػ ٍع يف يهم ،كبػو تػي ٍفػىر يج ك ي
ػزكؿ ى
ت فاهللي كلػيهم فبػو ي ي
فبو يي ٍش ىف ٍوف ،كإف ضاقت عليهم الدنيا ٔتا ىر يحبى ٍ
تزكؿ آالمهم.
كبو ي
-كإف طلب ػوا ش ػػيئان ف ػػاهلل كل ػػيهم ٭تق ػق ٢ت ػػم مط ػػالبػهم ،كيس ػػتجيب دع ػػاءىم ك٭ت ٌق ػػق ٢ت ػػم رغب ػ ً
ػاهتم، ي ي ىي ٍ ي
ك٭تفظيهم ُب دينًهم كدنياىم كآخرًهتم.
-كٔتػػا أف مقػػاـ الواليػػة مقػػاـ عظػػيم كمػػن الواجػػب أف يسػػعى كػػل مػػؤمن أف يصػػل إليػػو ،فػػإف أىػػل
التصوؼ كرجاالتو ىم من أكلياء اهلل كأحبابو ،يبغػوف بًتبيػتهم كتػوجيههم كسػلوكهم نقػل ا١تريػد إذل
ىذا ا١تقاـ مقػاـ الواليػة ليصػبح كليػان هلل ،كىػذا مػن أكائػل اىتمػامهم كسػعيهم إليصػاؿ مريػديهم إذل
ى ػػذا ا١تق ػػاـ اإلٯت ػػاين الع ػػارل ال ػػذم كص ػػل إلي ػػو الص ػػحابة بتزكي ػػة رس ػػوؿ اهلل نفوس ػػهم ،كس ػػعى
الصحابة إليصاؿ التابعُت إذل ىذا ا١تقاـ ،كيتتابع العمل هبذه الطريقة إذل يوـ الدين.
-كلػػو تتبعنػػا أخبػػار أكليػػاء اهلل الػػذين كال ػوا اهلل ككاالىػػم اهلل لوجػػدنا العجػػب العجػػاب مػػن مظػػاىر
عناية اهلل هبم ،كتأييدىم ،كٖتقيق آما٢تم ُب الدنيا قبل اآلخرة ،كاآلخرة خَت كأبقى.
ػدًن ا١تسػػاعدةً لػػو فوجدتيػو ُب ىحٍي ػرةو -كبعػ ىػد مػػدةو كجيػػزةو ماتػػت ىػػذه الوليػةي كأسػػرعت إذل ً
زكجهػػا لتقػ ً
ى ىٍ ي ٍ
ػيخ عبػ ًػد القػػاد ًر اٞتػػيبلين
ػبب ىحٍيػىرتًػ ًو أهنػػا كص ػت أف تيػ ٍدفى ىن ُب مقػػربةً الشػ ً ػت أف سػ ى مػػن أم ػ ًرهً كعلمػ ي
ً
ت علػػى اهلل ػزكج مػػٍت أف أسػػعى ُب ٖتقيػ ًػق أمنيتهػػا ١تػػا يعرفيػوي مػػن مكػػاين كمعػػارُب ،كتوك ٍل ػ ي ب ال ػ ي كطلى ػ ى
ػيات كب ػَتةو جػػدان دل ييسػػمح ٢تػػم كقمػػت باتصػػاالٌب مػػع معػػرفيت صػػعوبةى ىػػذا األم ػ ًر فكػػم مػػن شخصػ و
ي
ػيخ عبػ ًػد بالػػدف ًن ُب تلػػك ا١تقػػربةً كلكػػن ا١تيس ػر يىس ػر األمػػر فقػػد يىيػػئ قبػػل أيػ وػاـ قػػربه ّتانػ ً
ػب ق ػ ًرب الشػ ً ى ي ي ى ى
ً القاد ًر اٞتيبلين ،يً
كٝت ىح لنا باستخدامو ،كصلينا ا١تغرب ُب حرـ مسجد عبد القاد ًر اٞتيبلين ،كح ى
ػُت
ػلمة كأنػػا أفكػر ُب ً
منامهػػا ت الصػػبلةي نػػادل اإلمػػاـ يػػدعو ا١تصػػلُت إذل الصػػبلةً علػػى ا١تػرأةً ا١تسػ ً قيضػي ً
ى ي
ػوب فق ػػد حقػ ػق اهلل رؤياى ػػا ُب دع ػػوةً الش ػ ً ً
ػيخ عب ػػد الق ػػادر لتك ػػو ىف إذل جانب ػػو ف ػػأين مك ػػا يف أيب أي ػ ى ى ي
ػُت حاجػان مػػن و
ت سػػيارتاف كبَتتػػافٖ ،تمػ يػل كػػل كاحػػدة منهمػػا ثبلثػ ى األنصػػارم ُب رؤياىػػا كفجػػأةن كق ىفػ ٍ
كقاؿ
زكجها يتكل يم الًتكيةى فسلموا عليو ى ً ً
-كبعد أف قيضيت الصبلةي التفتوا يسألو ىف عن ا١ترأة ككاف ي
ىنالك ً
مسجدهً ً
كىؤالء من ا١تصلُت ُب أيوب األنصارم كىذا ىخ ًطيبيو ً
ى إماـ مسجد أيب ى إمامهم :أنا ي
ي
قوؿ اهللً :
كجدت اٞتواب كسارع إذل شفيت ي
. ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﮊ )
(ُ) (ِ)
( -تػػاجر مش ػػهور ُب ىػػذا البل ػػد كانػػت ي ػػداه ط ػػويلتُت ُب أعمػػاؿ ا٠تػػَت كالػػرب ،كمس ػػاعدة الفق ػراء
كاحملتاجُت كتى ٍدي ً
ُت ا١تعوزين كالغارمُت .
-خسػػرت ٕتارت ػو ،كأدت بػػو إذل اإلفػػبلس النهػػائي٦ ،تػػا اضػػطره إذل بيػػع كػػل مػػا ٯتلػػك حػػىت منزلػػو
ال ػػذم يقطن ػػو إليف ػػاء حق ػػوؽ اآلخ ػرين علي ػػو كحف ػػظ ٝتعت ػػو كش ػػرفو ،كدل ٬ت ػػد بيت ػان يس ػػكن في ػػو إال
أحد أصدقائو من التجار .
مستودعان صغَتان ُب قبو عمارة قدٯتة ُب ح وي قدًن قدمو لو ي
-صرب ىو كعائلتو ا١تؤمنة على قضاء اهلل تعاذل كقدره كببلئو كامتحانو سنةن كاملة ،كانػت األسػرة
خبل٢تػػا تعػػيش عيشػػة فقػػر دل تتعػػود عليهػػا سػػابقان أبػػدا ،كلكنهػػا كانػػت أسػػرة مؤمنػػة صػػادقة صػػابرة
شاكرة حامدة .
-كما كانت ال تًتؾ صبلة التهجد كتتطيل السجود ُب الليل ككاف التاجر ينػاجي ربػو ،يػارب :
أنت العليم ْتارل ،فبل ٗتيب رجائي .
-يارب :مارددت يومان سائبلن ،كما طالبت مديونان ككنػت دائمػان ُب عػوف عبػادؾ ،كالتيسػَت علػى
-ارتفعت برقية ىذا التاجر إذل اهلل ،فأصدر اهلل أمره بإسعاد ىذا التاجر ا١تؤمن الصادؽ
كإهناء ٤تننتو كمصيبتو .
كتاب إذل اهلل ت بنا فبل ننشغً يل عنهاً ، ً ً
ا١تتاع ى
فًتؾ ى
الباب ى
ا١تتاع ىتر ى
دع ى ىحفظىٍتنا فحفظٍناىا ،كانشغلى ٍ
ظ اهللً) (ُ).
،ىذه ىي ال ًوالية كىذا حف ي
-أجرل اهلل على أيدم األنبياء كا١ترسلُت معجزات خارقة للعادة ،كىي إخراج الشيء من
العدـ إذل الوجود ،كا١تعجزات ال تكوف إال لؤلنبياء.
-كذلك ٬ترم اهلل لؤلكلياء كرامات( :بإجابة دعوة ،ك٘تاـ حاؿ ،كقوة على فعل ،ككفاية
مؤكنة ،يقوـ ٢تم اٟتق هبا ،كىي ٦تا ٮترج عن العادات) (ِ).
( -كمن الفركؽ بُت ا١تعجزات كالكرامات ما قالو اإلماـ أبو بكر بن فورؾ(ّ) :أف األنبياء عليهم
السبلـ مأموركف بإظهارىا كالورل ٬تب عليو سًتىا كإخفاؤىا ،كالنيب يدعي ذلك ،كيقطع
القوؿ بو ،كالورل ال يدعيها ،كال يقطع بكرامتها ٞتواز أف يكوف ذلك مكران) (ْ).
( -كالكرامة ال تكوف إال لورل ،كالورل ىو صاحب العقيدة الصحيحة ا١تواظب على العمل
الصاحل ،كا١تتابعة للنيب ،كأما ما ٬ترم على أيدم بعض الزنادقة كطعن أجسادىم باألسلحة
( -كقاؿ علي ا٠تواص رٛتو اهلل :الكمل ٮتافوف من كقع الكرمات على أيديهم ،كيزدادكف هبا
كجبلن الحتماؿ أف تكوف استدراجان)(ِ).
-قاؿ العبلمة فخر الدين الرازم( :إف صاحب الكرامة ال يستأنس بتلك الكرامة بل عند ظهور
الكرامة يصَت خوفو من اهلل تعاذل أشد كحذره من قهر اهلل أقول فإنو ٮتاؼ أف يكوف ذلك من
باب االستدراج ،كأما صاحب االستدراج فإنو يستأنس بذلك الذم يظهر عليو كيظن أنو إ٪تا
كجد تلك الكرامة ألنو كاف مستحقان ٢تا كحينئذ يستحقر غَته كيتكرب عليو ك٭تصل لو أمن من
مكر اهلل كعقابو كال ٮتاؼ سوء العاقبة فإذا ظهر شيء من ىذه األحواؿ على صاحب الكرامة
دؿ ذلك على أهنا كانت استدراجان ال كرامة) (ّ).
-كقد أٚتع أىل اهلل كأكلياؤه أف أجل الكرامات التقيد بأكامر القرآف الكرًن كالسنة ا١تطهرة مع
االبتعاد عن النواىي كاحملرمات ،فقد قاؿ أبو القاسم القشَتم( :كاعلم أف من أجل الكرامات اليت
تكوف لؤلكلياء دكاـ التوفيق للطاعات كالعصمة عن النواىي كا١تخالفات) (ْ).
-كُب ذلك يقوؿ الشيخ أبو اٟتسن الشاذرل رٛتو اهلل( :الكرامة اٟتقيقية إ٪تا ىي حصوؿ
االستقامة كالوصوؿ إذل كما٢تا ،كمرجعها أمراف :صحة اإلٯتاف باهلل ،كاتباع ما جاء بو رسوؿ
اهلل ظاىران كباطنان ،فالواجب على العبد أال ٭ترص إال عليها ،كال تكوف لو ٫تة إال ُب الوصوؿ
-كقاؿ( :إ٪تا ىي كرامتاف جامعتاف ٤تيطتاف ،كرامة اإلٯتاف ٔتزيد اإليقاف كشهود العياف ،ككرامة
العمل على االقتداء كا١تتابعة ك٣تانبة الدعاكم كا١تخادعة ،فمن أعطيهما ٍب جعل يشتاؽ إذل
غَت٫تا فهو عبد مغًت كذاب ليس ذا حظ ُب العلم كالعمل بالصواب) (ِ).
-كقاؿ الشيخ أٛتد اٟتاركف رٛتو اهلل تعاذل( :كرامتاف ليس بعد٫تا كرامة :اإلٯتاف كاالستقامة،
فإذا كجدًب رجبلن مستقيمان فبل تطلبوا منو كرامة) (ّ).
-ىذا كإف صاحب الكرامة عند األكلياء كالصاٟتُت ليس مفضبلن على غَته.
-قاؿ اإلماـ الشافعي رٛتو اهلل تعاذل( :ال يلزـ أف يكوف كل من لو كرامة من األكلياء أفضل من
كل من ليس لو كرامة منهم ،بل قد يكوف بعض من ليس لو كرامة منهم أفضل من بعض من لو
كرامة ،ألف الكرامة قد تكوف لتقوية يقُت صاحبها كدليل على صدقو كعلى فضلو ال على
أفضليتو ،كإ٪تا األفضلية تكوف بقوة اليقُت ككماؿ ا١تعرفة باهلل تعاذل) (ْ).
-كذلك فإف األكلياء يعدكف عدـ ظهور الكرامة ليس دليبلن على عدـ الوالية ،قاؿ اإلماـ
لورل ٬تب أف تكوف تلك بعينها ٞتميع األكلياء .بل لو دل يكن للورل
القشَتم( :كليس كل كرامة ٌ
كرامة ظاىرة عليو ُب الدنيا دل يقدح عدمها ُب كونو كليان)(ٓ).
(بل قد يكوف أفضل ٦تن ظهر لو كرامات ألف األفضلية إ٪تا ىي بزيادة اليقُت ال بظهور
الكرامة)(ِ).
-ك٬تب أف نعلم أف الكرامة قد تشبو السحر ،فما الفرؽ بُت الكرامة كالسحر ،أجاب على
ذلك الشيخ ٤تمد أمُت الكردم ،كقاؿ( :الفرؽ بينها كبُت السحر كونو يظهر على يد الفساؽ
كالزنادقة كالكفار الذين ىم على غَت شريعة كمتابعة ،كأما الكرامة فبل تقع إال على يد من بالغ
ُب االتباع للشريعة ،حىت بلغ الغاية) (ّ).
ٍ -ب قاؿ( :كاعلم أف الكرامة عند أكابر الرجاؿ معدكدة من ٚتلة رعونات النفس إال إف كانت
لنصرة دين أك جلب مصلحة ،ألف اهلل تعاذل ىو الفاعل عندىم ال ىم فالكوف ُب ٣تارم أقداره
أليق باألدب) (ْ).
( -كلقد ثبتت كرامات األكلياء ُب كتاب اهلل تعاذل ،كُب سنة رسولو كُب آثار الصحابة رضواف
اهلل عليهم كمن بعدىم إذل يومنا ىذا ،كأقرىا ٚتهور العلماء من أىل السنة كاٞتماعة من الفقهاء
كاحملدثُت كاألصوليُت كمشايخ الصوفية ،كتصانيفهم ناطقة بذلك ،كما ثبتت كذلك با١تشاىدة
العيانية ُب ٥تتلف العصور اإلسبلمية) (ٓ).
(ُ)(زكريا األنصارم) أبو ٭تِت :زكريا بن ٤تمد بن أٛتد بن زكريا األنصارم السنيكي ا١تصرم الشافعي،
شيخ االسبلـ .قاض مفسر ،من حفاظ اٟتديث.كلد ُب سنيكة (بشرقية مصر) كتعلم ُب القاىرة كتوُب سنة
(ِٔٗ ق َُِٓ/ـ) لو تصانيف كثَتة[ .األعبلـ للزركلي]
(ِ)القشَتم :الرسالة القشَتية ،صّٓٓ
(ّ) ٤تمد أمُت الكردم :تنوير القلوب :صْْٓ.
(ْ) ا١تصدر نفسو صْْٔ.
(ٓ) عبد القادر عيسى :حقائق عن التصوؼ ،صُّٔ.
- 282 -
-أولً :أما الدليل من القرآن الكريم:
فقد ذكر القرآف الكرًن ٪تاذج من الكرامات اليت ظهرت على األكلياء نذكر من ذلك:
ُ -قولو سبحانو كتعاذل عن مرًن عليها السبلـ ،كدل تكن نبيان كال رسوالن:
ﮋ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ
ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﮊ
(ُ)
ِ -قصة أصحاب الكهف كبقاؤىم ُب النوـ سا١تُت عن اآلفات مدة ثبلٙتائة كتسع سنُت،
كاألعاجيب اليت ظهرت عليهم كالكلب الذم معهم.
ّ -قصة ا٠تضر مع موسى عليهما السبلـ ،كما ظهر على يديو كىي أمور مناقضة للعادة ،كدل
يكن نبيان ،كإ٪تا كاف كليان.
ْ -قصة آصف بن برخيا مع سليماف على ما قالو ٚتهور ا١تفسرين ُب قولو تعاذل:
-أما الصحابة الكراـ فقد نقل عنهم من الكرامات الشيء الكثَت أذكر منها:
ُ-قصة أيب بكر مع أضيافو ُب تكثَت الطعاـ ،حىت صار بعد األكل منو أكثر ٦تا كاف :فقد
كاف عند أيب بكر أضياؼ ،فقدـ ٢تم الطعاـ ،فلما أكلوا منو ربا من أسفلو حىت إذا شبعوا قاؿ
ِ -قصة عمر كىو على منرب ا١تدينة ينادم بقائده يا سارية اٞتبل :فعن عمرك بن اٟتارث
قاؿ :بينما عمر ٮتطب يوـ اٞتمعة إذ ترؾ ا٠تطبة فقاؿ ( :يا سارية اٞتبل -مرتُت أك ثبلثا)ٍ ،ب
أقبل على خطبتو ،فقاؿ بعض اٟتاضرين :لقد جن ،إنو جملنوف فدخل عليو عبد الرٛتن بن عوؼ
ككاف يطمئن إليو فقاؿ :إنك لتجعل ٢تم على نفسك مقاالن ،بينا أنت ٗتطب إذ أنت تصيح:
(يا سارية اٞتبل) أم شيء ىذا قاؿ( :كاهلل إين ما ملكت ذلك رأيتهم يقاتلوف عند جبل يؤتوف
من بُت أيديهم كمن خلفهم فلم أملك أف قلت :يا سارية اٞتبل ليلحقوا باٞتبل) .فلبثوا إذل أف
جاء رسوؿ سارية بكتابو أف القوـ لقونا يوـ اٞتمعة فقاتلناىم حىت إذا حضرت اٞتمعة ٝتعنا
مناديا ينادل :يا سارية اٞتبل مرتُت ،فلحقنا باٞتبل ،فلم نزؿ قاىرين لعدكنا إذل أف ىزمهم اهلل
كقتلهم (ِ).
ّ -قصة عثماف مع الرجل الذم دخل عليو ،فاخربه عما أحدث ُب طريقو من نظره إذل
ا١ترأة األجنبية :ذكر التاج السبكي رٛتو اهلل تعاذل ُب الطبقات كغَته( :أنو دخل على عثماف
رجل ،كاف قد لقي امرأة ُب الطريق ،فتأملها ،فقاؿ لو عثماف :يدخل أحدكم ،كُب عينيو أثر
ه
أكحي بعد رسوؿ اهلل ؟ قاؿ :ال ،كلكنها فراسة ا١تؤمن) (ّ).
الزىن؟ فقاؿ الرجل :ه
ْ( -قصة عباد بن بشر كأسيد بن حضَت رضي اهلل عنهما الذين أضاءت ٢تم العصا عندما
خرجا من عند رسوؿ اهلل ُ ب ليلة مظلمة :عن أنس أف أسيد بن حضَت األنصارم كرجبلن آخر
ٓ -قصة خبيب ُ ب قطف العنب الذم كجد ُب يده يأكلو ُب غَت أكانو فقد ركل أبو ىريرة
:أف خبيبان كاف أسَتان عند بٍت اٟتارث ُب مكة –ُب قصة طويلة -كفيها أف بنت اٟتارث
كانت تقوؿ( :ما رأيت أسَتان قط خَتان من خبيب ،لقد رأيتو يأكل من قطف عنب ،كما ٔتكة
رزؽ رزقو اهلل)(ِ).
يؤمئذ ٙترة ،كإنو ١توثق ُب اٟتديد ،كما كاف إال ه
ٔ( -قصة أـ أٯتن رضي اهلل عنها ،ككيف عطشت يوـ ىجرهتا فنزؿ عليها دلو من السماء
فشربت :فعن عثماف بن القاسم قاؿ خرجت أـ أٯتن مهاجرة إذل رسوؿ اهلل من مكة إذل
ا١تدينة كىي ماشية ليس معها زاد كىي صائمة ُب يوـ شديد اٟتر فأصاهبا عطش شديد حىت
كادت أف ٘توت من شدة العطش قاؿ كىي بالركحاء(ّ) أك قريبان منها فلما غابت الشمس قالت:
إذ أنا ْتفيف شيء فوؽ رأسي فرفعت رأسي فإذا أنا بدلو من السماء مدذل برشاء(ْ) أبيض
قالت فدنا مٍت حىت إذا كاف حيث أستمكن منو تناكلتو فشربت منو حىت ركيت قالت فلقد كنت
بعد ذلك اليوـ اٟتار أطوؼ ُب الشمس كي أعطش كما عطشت بعدىا)(ٓ).
-فالتوجو ال يكوف إال هلل ،كال ٬توز لغَته ،كىو اإلقرار بالعقل كالقلب بوحدانية اهلل سبحانو
كتعاذل ،كبأٝتائو اٟتسٌت ،كصفاتو العليا ،كأنو القادر على كل شيء كا١تقدر لكل شيء كحاجات
ا٠تلق بيده كال معطي إال ىو كال مستجيب للدعاء إال ىو ،كىو سبحانو الذم يقوؿ:
ﮋ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ
(ُ)
ﯸﯹﯺﯻﯼﮊ
-فتوجو العبد دائمان ُب صبلتو كدعائو كحاجاتو كرغباتو كآمالو هلل سبحانو كتعاذل ال إذل غَته،
كاعتقاد ىذا العبد أف اهلل كحده الذم ٭تقق ما يرغب فيو العبد ك٭تب ألنو مالك ا١تلك،
كالواحد األحد ،الفرد الصمد الذم يلجأ إليو ال إذل سواه.
ً ًً
ضت ىك ٍج ًه ىي للذم فىطىىر الس ىم ىوات ىكاأل ٍىر ى -كيشَت إذل ىذا حديث النيب حيث يقوؿ « :ىكج ٍه ي
ً ًً ً ُت إًف ى ً ً ً ً
يك لىويُت الى ىش ًر ى م ىك٦تىى ًاٌب للو ىرب الٍ ىعالىم ى صبلىٌب ىكني يسكي ىكىٍ٤تيىا ى ىحني نفا ىكىما أىنىا م ىن الٍ يم ٍش ًرك ى
ً ًً ً كبً ىذلً ى ً
تت ىريب ىكأىنىا ىعٍب يد ىؾ ظىلى ٍم ي ت .أىنٍ ى ك الى إًلىوى إًال أىنٍ ى ت الٍ ىمل ي ُت الل يهم أىنٍ ى
ت ىكأىنىا م ىن الٍ يم ٍسلم ى ك أيمٍر ي ى
ت ىك ٍاى ًدًين ألى ٍح ىس ًن وب إًال أىنٍ ى
ً ً ً
ت بً ىذنًٍيب فىا ٍغفٍر ًرل ذيني ًويب ىٚتيعان إًنوي الى يىػ ٍغفير الذني ى
ً
نىػ ٍفسي ىك ٍاعتىػىرفٍ ي
األىخبلى ًؽ الى يػه ًدم أل ً
كت لىبػٍي ى ؼ ىعٍت ىسيئىػ ىها إًال أىنٍ ى ص ًر ي
ؼ ىعٍت ىسيئىػ ىها الى يى ٍ اص ًر ٍ
ت ىك ٍ ىح ىسن ىها إًال أىنٍ ى
ٍ ىٍ ٍ
ت أى ٍستىػ ٍغ ًفيرىؾ ت ىكتىػ ىعالىٍي ى ك تىػبى ىارٍك ى ك أىنىا بً ى
ك ىكإًلىٍي ى س إًلىٍي ى ك ىكالشر لىٍي ى ا٠تىٍيػير يكلوي ًُب يى ىديٍ ى
ك ىك ٍ ىك ىس ٍع ىديٍ ى
ك»(ِ). وب إًلىٍي ىىكأىتي ي
-فالتوسل ىو طريقة من طرؽ التضرع إذل اهلل ،كأحد أبواب دعائو كالتوجو إليو سبحانو
كتعاذل ،فالوسيلة ىي كل ما جعلو اهلل سببان ُب التقرب إليو ،كبابان لقضاء اٟتوائج منو ،قاؿ
(ُ)
تعاذل :ﮋﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ﮊ
-كا١تسلم عندما يتوسل بالنيب أك بالرجل الصاحل ،إ٪تا يتوسل بو ١تا يعلم من كرامتو كمنزلتو
-كنعٍت باٞتاه ا١تنزلة اليت ٮتتص اهلل هبا من يشاء من عباده ،قاؿ تعاذل:
ﮋﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮊ
(ّ)
(ْ)
ﮋﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮊ
ُ -ب القرآف الكرًن آيات يستفاد منها جواز التوسل إذل اهلل أذكر منها ما يلي:
(ِ)
ُ -قولو تعاذل :ﮋﮯﮰﮱ﮲﮳﮴﮵﮶ﮊ
كقاؿ الزجاج :أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إذل اهلل تعاذل كيتقرب إليو بالعمل الصاحل ﮋ ﯮ
ﮱ ﮲ ﮳ ﮴ ﮵ ﮶ ﮷ ﮸ ﮹ ﮺ ﮊ كقد جئتك
مستغفران لذنيب مستشفعان بك إذل ريب ٍب أنشأ يقوؿ:
طيبهن القاعي كاأل ىك يم
ٌ من
فطاب ٍ خَت من يدفنىت بالقاع أعظي يمو يا ى
ود كالكػ يرـ
اؼ كفػي ػو اٞت ػ ي
في ػو ال ػعف ػ ي نىػ ٍفس ػي الفداءي لق ػ ورب أن ػت سػ ػاكنيو
ايب فبشره أف
اٟتق األعر ٌ
ٍب انصرؼ األعرايب فغلبتٍت عيٍت ،فرأيت النيب ُ ب النوـ فقاؿ :يا عيٍتيبٍ ،
اهلل قد غفر لو) (ّ).
(ُ) النوكم :اإليضاح كاجملموع ،القصة ًب ذكرىا عند ابن قدامة ُب كتابو ا١تغٍت جزءٕ صَِْ ،كأبو الفرج
بن قدامة ُب كتابو الشرح الكبَت جزءّ ص ْْٗ ،كالشيخ منصور البهوٌب ُب كتابو ا١تعركؼ بكشاؼ
القناع ،كىو من أشهر كتب ا١تذىب اٟتنبلي جزءٓ صَّ ،كدل يذكر كاح هد منهم أف ىذا الفعل إشراؾ باهلل
فيكوف إقرار منهم بالتوسل.
(ِ) أخرجو أٛتد كالنسائي كالًتمذم كابن ماجو كابن خزٯتة كاٟتاكم كقاؿ أبو إسحاؽ ىذا حديث صحيح.
(ّ)األشر :الطغياف بالنعمة.
(ْ)البطر :التكرب على اٟتق فبل يقبل.
- 294 -
ت ،أىقٍػبى ىل اللوي ىعلىٍي ًو بًىو ٍج ًه ًو
وب إًال أىنٍ ى
الذني ى تيعًي ىذًين ًم ىن النا ًر ىكأى ٍف تىػ ٍغ ًفىر ًرل ذيني ًويب إًنوي الى يػى ٍغ ًفير
ك »(ُ). ف ملى و
استىػ ٍغ ىفىر لىوي ىسٍبػعيو ىف أىلٍ ى ى
ىك ٍ
ْتق سائليو عليو،
حث ظاىر من النيب للصحابة على التوسل إذل اهلل تعاذل ٌ (كىذا ٌ
كالسائلوفٚ :تع يشمل األحياء كاألموات كمن كاف حاضران كمن غائبان ،كُب اٟتديث دليل التوسل
بالعمل الصاحل كىو ٦تشى الرجل إذل ا١تسجد لوجو اهلل ،فالشرع دل يفرؽ بُت التوسل بالذكات
الفاضلة كبُت التوسل بالعمل الصاحل ،بل لقائل أف يقوؿ :كيف ال ٬توز التوسل بذات النيب
الذم ىو أشرؼ خلق اهلل ،ك٬توز التوسل بصبلة العبد كصيامو كصدقتو ككبل األمرين خلق
اهلل)(ِ).
ّ -حديث سيدنا علي أف النيب ١ تا دفن فاطمة بنت أسد أـ سيدنا علي رضي اهلل
عنهما قاؿ « :اللهم ْتقي كحق األنبياء من قبلي اغفر ألمي بعد أمي» (ّ).
اس بٍ ًن استى ٍس ىقى بًالٍ ىعب ًقى ىحطيوا ٍ اب ىكا ىف إًذىا ا٠تىط ًس بن مالك أىف عي ىمىر بٍ ىن ٍ ْ -ىع ٍن أىنى ً
ك بً ىعم نىبًيػنىا ىكإًنا نىػتىػ ىوس يل إًلىٍي ى ك بًنىبًيػنىا فىػتى ٍس ًقينىااؿ( :الل يهم إًنا يكنا نىػتىػ ىوس يل إًلىٍي ىب فىػ ىق ى ىعٍب ًد الٍمطلً ً
ي
اس ًقنىا .قى ى
اؿ :فىػيي ٍس ىق ٍو ىف)(ْ) . فى ٍ
ٓ -عن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ ،قاؿ رسوؿ اهلل «:انٍطىلى ىق ثىبلىثىةي ىرٍى وط ً٦ت ٍن
ت ىعلىٍي ًه يم الٍغى ىار ص ٍخىرةه ًم ىن ٍ
اٞتىبى ًل فى ىسد ٍ ت ى يت إً ىذل ىغا ور فى ىد ىخليوهي ،فى ٍا٨تى ىد ىر ٍ
ىكا ىف قىػٍبػلى يك ٍم ىحىت أ ىىكيكا الٍ ىمبً ى
اؿ ىر يج هل ًمٍنػ يه يمصالً ًح أ ٍىع ىمالً يك ٍم .فىػ ىق ى ً ًً ً
فىػ ىقاليوا إًنوي الى يػيٍنجي يك ٍم م ٍن ىىذه الص ٍخىرةً إًال أى ٍف تى ٍدعيوا اللوى بً ى
(ُ)أغبق :أسقى كالغبوؽ شرب آخر النهار مقابل الصبوح ،كالغبوؽ :اللب الذم يشرب ُب ا١تساء.
(ِ) أخرجو البخارم عن صحيحو.
- 296 -
كلهم أٚتعوا ّتواز التوسل كساقوا األدلة اليت ذكرنا بعضها ،ك٦تا يؤيد قولنا كيثبت جواز التوسل
ما كرد عن الشيخ ابن تيمية رٛتو اهلل تعاذل عندما سئل ىل ٬توز التوسل بالنيب فأجاب:
(اٟتمد هلل التوسل باإلٯتاف بو ك٤تبتو كطاعتو كالصبلة كالسبلـ عليو كبدعائو كشفاعتو ك٨تو ذلك
٦تا ىو من أفعالو كأفعاؿ العباد ا١تأمور هبا ُب حقو مشركع باتفاؽ ا١تسلمُت) (ُ).
-كقاؿ الشيخ ٤تمد بن عبد الوىاب ُب رسالتو ا١توجهة ألىل القصيم مستنكران بشدة على من
نسب إليو تكفَت ا١تتوسل بالصاٟتُت( :إف سليماف بن سحيم افًتل علي أموران دل أقلها ،كدل ً
يأت
أكثرىا على بارل ،فمنها :أين أكفر من توسل بالصاٟتُت ،كأين أكفر البوصَتم لقولو :يا أكرـ
ا٠تلق ،كأين أحرؽ دالئل ا٠تَتات ،كجوايب عن ىذه ا١تسائل أف أقوؿ:
ﮋﯛﯜﯝﯞﯟﮊ(ِ) ) (ّ).
-كسئل الشيخ ٤تمد بن عبد الوىاب عن قو٢تم ُب االستسقاء :ال بأس بالتوسل بالصاٟتُت،
فأجاب بكبلـ كثَت منو ...( :كلكن يقوؿ ُب دعائو أسألك بنبيك أك با١ترسلُت أك بعبادؾ
الصاٟتُت أك يقصد قربان معركفان أك غَته يدعو عنده) (ْ) .كىذا يدؿ على جواز التوسل عنده.
-كذلك فإف الشيخ ٤تمد بن ناصر األلباين –كىو كبَت شيوخ ا١تذىب الوىايب ُب سورية-
يذكر( :أنو ٬توز التوسل بأٝتاء اهلل كصفاتو ،كبعمل الداعي ،كدعاء رجل صاحل آخر) (ٓ).
-ىذا كإف الدارس ٢تؤالء األعبلـ ٬تد أف ىناؾ تشاهبان بينهم ُب كثَت من األحياف ُب طريق
كصو٢تم إذل معرفة اهلل ،كاجتماع قلوهبم عليو ،كذلك من خبلؿ ما خصهم اهلل بو من صحوة
إٯتانية ،كداللة ربانية عليو بعد أف كانوا ُب غفلة عنو ،فأسرعوا إذل التمسك هبذا الطريق ا١تستقيم
كاالستقامة عليو ُب أعلى مستواه ،كأرقى ٤تتواه ،فأفاض اهلل على ألسنتهم من األقواؿ اليت فيها
(ُ) انظر سَت السلف الصاٟتُت :اإلماـ أبو القاسم إٝتاعيل األصبهاين .كالرسالة القشَتية:اإلماـ القشَتم،
كصفة الصفوة :لئلماـ أيب الفرج بن عبد الرٛتن اٞتوزم ،كسَت أعبلـ النببلء :لئلماـ الذىيب ،كطبقات ابن
سعد ،كحلية األكلياء :أليب نعيم ،كالكامل ُب التاريخ :البن األثَت ،كالبداية كالنهاية :البن كثَت .كطبقات
الصوفية :للسلمي ،كميزاف االعتداؿ :للذىيب.
- 312 -
العظة النَتة كاٟتكمة البالغة كالعربة القيمة اليت انتفع هبا كل من صاحبهم ،ككل من سار على
درهبم ،كاطلع بسبلمة قلب على أخبارىم كأقوا٢تم.
-كقد اخًتت عشرة من أعبلمهم للذكر ال للحصر ،لنقف على أحوا٢تم كأقوا٢تم بصفتهم ٪تاذج
ألكلئك األعبلـ ،مع االنتباه إذل أهنم ما عدا حجة اإلسبلـ ٤تمد الغزارل من الرعيل األكؿ ،كمن
القركف ا٠تَتة اليت ذكرىا النيب ،فسنوات كفاهتم قبل القرف الثالث ا٢تجرم ،كقد عاشوا ُب
أزماف أئمة الفقو اجملتهدين كأعبلـ اٟتديث ركاية كدراية ،فأخذكا عنهم كتعلموا ،كما أخذ أكلئك
األئمة عنهم كاستفادكا ،فكاف عصرىم عصر الصفاء كالنقاء كالتمسك بالقرآف الكرًن كالسنة
العصر الذم دل تظهر فيو البدع ُب الدين أك البعد عنو فكانوا من القركف ا٠تَتة اليت ذكرىا
ا١تطهرة ى
النيب (( :خَت القركف قرين ٍب الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم)) (ُ).
-كاف أبوه موذل لزيد بن ثابت األنصارم كأمو خَتة موالة أـ سلمة زكج النيب ككانت
أمو تغيب أحيانان فيبكي فتأخذه أـ سلمة تعللو بثديها حىت تعود أمو ،كلتكرر ٤تاكالت إسكاتو
در عليو ثديها فرضع منها فهو من بيت النبوة رضاعة.
-كقد رأل ثبلثُت كمائة من أصحاب النيب ،ككاف يشبو كبلمو كبلـ األنبياء ،ككاف رجبلن
غلب عليو اٟتزف ،كمات ُب شهر رجب سنة عشر كمائة كىو ابن تسع كٙتانُت سنة.
-كيع ٌده الصوفية ُب رأس سلسلة سند التصوؼ ،فهم يقولوف إنو أخذ الطريقة (كلبس ا٠ترقة) من
اإلماـ علي بن أيب طالب كرـ اللٌو كجهو ،كعلي أخذىا من الرسوؿ .
-قاؿ يونس بن عبيد (كىو من أصحاب اٟتسن) :ما رأيت رجبلن قط أطوؿ حزنان من اٟتسن،
كاف إذا أقبل كأنو أقبل من دفن أمو ،كإذا جلس كأنو أسَت قيد ىـ ليضرب عنقو ،كإذا تكلم كأف
النار دل ٗتلق إال لو.
من أقوالو:
ال تضحك فإنك ال تدرم لعل اللٌو قد اطلع على بعض أعمالنا فقاؿ :ال أقبل منكم شيئان.
ال ٗترج نفس ابن آدـ من الدنيا إال ْتسرات ثبلث ،أنو دل يشبع ٦تا ٚتع ،كدل يدرؾ ما
أحل ،كدل ٭تسن الزاد ١تا قدـ عليو.
قيل لو :إف الناس يقولوف :إف اٟتجاج مغفور لو ،قاؿ :آية ذلك أف يدع سيئ ما كاف
عليو.
يا عجبان لقوـ أمركا بالزاد كنودكا بالرحيل كحبس أك٢تم على آخرىم كىم قعود يلعبوف.
أصوؿ الشر ثبلثة كفركعو ستة ،فاألصوؿ :اٟتسد كاٟترص كحب الدنيا ،كفركعو :حب
الرياسة ،كحب الفخر ،كحب الثناء ،كحب الشبع ،كحب النوـ ،كحب الراحة.
أكثركا من االستغفار ُب بيوتكم كعلى موائدكم كُب طرقكم كُب أسواقكم كُب ٣تالسكم
كأينما كنتم فإنكم ال تدركف مىت تنزؿ ا١تغفرة.
ا١تؤمن ُب الدنيا كالغريب ال ينافس ُب عزىا كال ٬تزع من ذ٢تا ،للناس حاؿ كلو حاؿ.
مسكُت ابن آدـ رضي بدار حبل٢تا حساب ،كحرامها عذاب ،إف أخذه من ًح ٍّل حوسب
بنعيمو ،كإف أخذه من حراـ عيذب بو.
ابن آدـ يستقل مالو كال يستقل عملو ،يفرح ٔتصيبتو ُب دينو ك٬تزع ٔتصيبتو ُب دنياه.
كاف يقوؿ :لساف اٟتكيم من كراء قلبو إذا أراد أف يقوؿ رجع إذل قلبو ،فإف كاف لو قاؿ،
كإف دل يكن لو أمسك.
ككانوا يقولوف :إف قلب اٞتاىل ُب طرؼ لسانو ال يرجع إذل قلبو ما أتى على لسانو تكلم
بو.
إياكم كما يشغل من الدنيا ،فإنو ال يفتح رجل على نفسو بابان من الدنيا إال سد عليو
عشرة أبواب من عمل اآلخرة.
قاؿ أبو كعب صاحب اٟترير :أردت سفران ،فأتيت اٟتسن ،فقلت لو :أىٍك ًصيٍت ،فقاؿ :أعز
أمر اهلل حيثما كنت يعزؾ ،ففعلت :فلم أزؿ عزيزان حىت رجعت.
-فنزؿ عن دابتو ،كصادؼ راعيان ألبيو ،فأخذ جبة للراعي من صوؼ كلبسها ،كأعطاه فرسو كما
معوٍ ،ب إنو دخل الباديةٍ ،ب دخل مكة ا١تكرمة ،كصحب هبا سفياف الثورم كالفضيل بن عياض،
ٍب انطلق إذل الشاـ طلبان للحبلؿ فأقاـ هبا غازيان (تُُٔىػ ػ ػ ػ ػ ػٕٕٖ /ـ).
-قاؿ حذيفة ا١ترعشي(ِ) :قدـ شقيق البلخي (ستمر ترٚتتو) مكة كإبراىيم بن أدىم فيها
فاجتمع الناس فقالوا٧ :تمع بينهما فجمعوا بينهما ُب ا١تسجد اٟتراـ.
أصلنا أصولنا
أصلتم أصولكم؟ فقاؿ شقيقٌ :
فقاؿ إبراىيم بن أدىم لشقيق :يا شقيق ،على ماذا ٌ
أنا إذا رزقنا أكلنا ،كإذا يمنعنا صربنا .فقاؿ إبراىيم بن أدىم :ىكذا كبلب بلخ .إذا رزقت أكلت
أصلنا أصولنا
أصلتم أصولكم يا أبا اسحاؽ؟ قاؿٌ :
كإذا منعت صربت ،فقاؿ شقيق :فعلى ماذا ٌ
على إنا إذا رزقنا آثرنا ،كإذا منعنا ٛتدنا كشكرنا .فقاـ شقيق كجلس بُت يديو كقاؿ :يا أبا إسحاؽ
أنت أستاذنا.
(ُ)معٌت خراساف بالفارسية :مطلع الشمس ،كالعرب إذا ذكرت ا١تشرؽ كلو قالوا فارس،فخراساف من
فارس.
(ِ)حذيفة بن قتادة ا١ترعشي من العباد يركل عن أىب إسحاؽ الفزارم ،كىو ٦تن ال يأكل إال اٟتبلؿ احملض
سكن أنطاكية قيل مات سنة سبع كمائتُت.
- 317 -
-ككاف إبراىيم بن أدىم ٭ترس كرمان ،فمر بو جندم ،فقاؿ :أعطنا من ىذا العنب ،فقاؿ :ما
أمرين بو صاحبو ،فأخذ يضربو بسوطو ،فطأطأ رأسو ،كقاؿ :اضرب رأسان طا١تا عصى اللٌو تعاذل،
فأعجز الرجل كمضى.
-حدث ابن ٘تيم(ُ) فقاؿ :قلت إلبراىيم بن أدىم :منذ كم أنت بالشاـ؟ قاؿ :منذ أربع
كعشرين سنة ،كما أتيتها لرباط –يعٍت لغزك -قلت :فىلً ىم؟ قاؿ :ألشبع من خبز اٟتبلؿ.
-خرج إبراىيم بن أدىم من بيت ا١تقدس فمر ٔتى ٍسلى ىح وة (قوـ ذكم سبلح) فقالوا :عب هد؟ قاؿ:
(ِ)
نعم ،قالوا :آبق؟ قاؿ :نعم ،فذىبوا بو فحبسوه بسجن ُب طربيا ،قاؿ فجاء رجل يطلب عبدان
لو آبقان من بيت ا١تقدس ،فقيل لو :إف ُب مسلحة كذا قد أصابوا غبلمان آبقان ،كىو ُب السجن
بطربيا ،قاؿ :فذىب إذل السجن فإذا ىو بإبراىيم بن أدىم ،قاؿ :سبحاف اهلل ما تصنع ىا ىنا،
قاؿ :أنا ىا ىنا ،كما أحسن مكاين! قاؿ :فرجع الرجل إذل بيت ا١تقدس ،فأخربىم فجاء الناس
من بيت ا١تقدس إذل أمَت طربيا فقالوا :إبراىيم ما يصنع ُب حبسك؟ قاؿ :ما حبستو .قالوا :بلى،
قاؿ :فبعث إليو فجاءه ،فقاؿ لو :دلى حبست؟ فقاؿ :مررت ٔتسلحة ،فقالوا :عب هد ،قلت :نعم
آبق ،قلت :نعم كأنا آبق من ذنويب ،قاؿ :فخلى سبيلو.
كأنا عبد اهلل ،قالوا :ه
-كتب إبراىيم بن أدىم إذل سفياف الثورم :من عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ ،كمن أطلق
بصره طاؿ أسفو ،كمن طاؿ أملو ساء عملو ،كمن أطلق لسانو قتل نفسو.
(ُ)خلف بن ٘تيم بن أيب عتٌاب :أبو عبد الرٛتن الكوُب .ركل عن سفياف كزائدة كأيب بكر النهشلي،
كٚتاعة .كركل عنو أبو إسحاؽ الفزارم مع تقدمو كأٛتد بن ا٠تليل الربجبلين كغَت٫تا .كقاؿ ابن شيبة :ثقة
النسائي كابن صدكؽ ،أحد النساؾ اجملاىدين ،صحب إبراىيم بن أدىم .توُب سنة و
ست كمائتُت ،كركل لو
ٌ ٌ
ماجو[ .الواُب بالوفيات]
(ِ) طربيا معركفة ُب الشاـ ٝتيت بذلك ألف أحد ملوؾ الركـ بناىا كاٝتو طبارم.
- 318 -
-كاف إبراىيم بن أدىم ُب البحر فعصفت الريح كاشتدت ،كإبراىيم ملفوؼ ُب كسائو،
فجعػػل أىػػل السػػفينة ينظػػركف إليػػو ،فقػػاؿ لػػو رجػػل مػػنهم :يػا ىػػذا مػػا تػػرل مػػا ٨تػػن فيػػو مػػن
ىذا ا٢توؿ ،كأنت نػائم ُب كسػائك؟ قػاؿ :فكشػف إبػراىيم رأسػو فأخرجػو مػن الكسػاء ٍب
رفػػع رأسػػو إذل السػػماء ،فقػػاؿ :اللهػػم قػػد أريتنػػا قػػدرتك فأرنػػا عفػػوؾ ،قاؿ:فسػػكن البحػػر
كىدأت السفينة.
ستجاب لكم؟فكيف يي ً أىل البصرًة قد ٍ
ي ى ماتت قلوبي يك ٍم بعشرة أشياءى قاؿ :يا ى
-ى
أولً :عرفٍػتيم اهللى كدل تؤدكا حقوي.
ً
الرسوؿ كترٍكتي ٍم يسنتىوي. ثالثاً :اد ٍ
عيتي ٍم يحب
ً
رابعاً :ادعيتم عداكىة الشيطاف ك ٍ
أطعتيموه.
من عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ ،كمن أطلق بصره طاؿ أسفو ،كمن طاؿ أملو ساء
عملو ،كمن أطلق لسانو قتل نفسو.
-قاؿ الفضيل بن موسى (من أصحاب الفضيل) :كاف الفضيل شاطران (ِ)يقطع الطريق بُت
أبَتكد كسرخس ،ككاف سبب توبتو أنو عشق جارية ،فبينما ىو يرتقي اٞتدار إليها ٝتع قارئان يتلو
فقاؿ :يارب قد آ ىف ،فرجع فآكاه الليل إذل خربة ،فإذا فيها رفقة ،فقاؿ بعضهم :نرٖتل ،كقاؿ
بعض آخر :حىت نصبح فإف فضيبلن على الطريق يقطع علينا ،فتاب الفضيل كأمنهم ،كجاكر اٟترـ
حىت مات.
-قاؿ إسحاؽ بن إبراىيم (من أصحاب الفضيل) :كانت قراءة الفضيل حزينة شهية بطيئة
مًتسلة ،كأنو ٮتاطب إنسانان ،ككاف إذا مر بآية فيها ذكر اٞتنة يرددىا ،ككاف يلقى لو حصَت
بالليل ُب مسجده ،فيصلي من أكؿ الليل ساعة حىت تغلبو عينو ،فيلقي نفسو على اٟتصَت ،فيناـ
قليبلن ٍب يقوـ ،فإذا غلبو النوـ ناـٍ ،ب يقوـ ىكذا حىت يصبح.
(ُ) أبيورد :مدينة ٓتراساف بُت سرسخ كنسا ،فتحت عاـ ُّىػ ػ ػ ػ ػ ػ على يد عبد اهلل بن عامر بن كريز،
كىذه ا١تدينة تابعة اليوـ للًتكستاف الركسية.
(ِ)الشاطر :ىو ٔتعٌت قاطع الطريق ،كٔتعٌت :ا٠تبيث الفاجر .كإطبلؽ ا١تدرسُت لو على ا١تتميز من الطبلب
ُب الدرس خطأ فاحش ،فليتنبو[.معجم ا١تناىي اللفظية كمعو فوائد ُب األلفاظ للشيخ بكر أبو زيد]
(ّ) سورة اٟتديد.ُٔ :
- 311 -
-قاؿ كٝتعت الفضيل يقوؿ :إذا دل تقدر على قياـ الليل ،كصياـ النهار ،فاعلم أنك ٤تركـ
ك خطيئتك.
مكبل كبلت ى
-كعن مهراف بن عمرك األسدم (من أصحاب الفضيل) قاؿٝ :تعت الفضيل بن عياض عشية
ف عٍت.
عرفة با١توقف ،كقد حاؿ بينو كبُت الدعاء البكاء يقوؿ :كاسوأتاه كفضيحتاه إف دل ٍتع ي
-كعن أٛتد بن سهل قاؿ :قدـ علينا سعد بن زنبور (من ركاة الفضيل) فأتيناه فحدثنا قاؿ :كنا
على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليو فلم يؤذف لنا ،فقيل لنا إنو ال ٮترج إليكم أك يسمع
القرآف ،قاؿ :ككاف معنا رجل مؤذف ،ككاف صيتان ،فقلنا لو :اقرأ (أ٢تاكم التكاثر) فقرأىا كرفع هبا
صوتو ،فأشرؼ علينا الفضيل ،كقد بكى حىت بل ٟتيتو بالدموع ،كمعو خرقة ينشف هبا الدموع،
كأنشأ يقوؿ:
فماذا أؤمل أك أنتظ ػ ػ ػ ػ ػر؟ بلغت الثمانُت أك جزهتا
كبعد الثمانُت ما ينتظر؟ أتى رل ٙتانوف من مولدم
علتٍت السنوف فأبلينٍت...
-قاؿٍ :ب خنقتو العربة ،ككاف معنا علي بن خشرـ(ُ) ،فأ٘تو لنا فقاؿ:
فرقت عظامي ككل البصر علتٍت السنوف فأبلينٍت
-قاؿ أبو علي الرازم (من أصحاب الفضيل) :صحبت الفضيل ثبلثُت سنة ما رأيتو ضاحكان
كال متبسمان إال يوـ مات ابنو علي ،فقلت لو ُب ذلك ،فقاؿ :إف اهلل أحب أمران فأحببت ذلك.
(ُ)علي بن خشرـ ا١تركزم ابن أخت بشر اٟتاُب .ركل عنو مسلم كالنسائي .توُب سنة سبع كٜتسُت
كمائتُت[ .الواُب بالوفيات]
- 312 -
من أقوالو:
لو أف الدنيا ْتذافَتىا عرضت علي كال أحاسب هبا لكنت أتقذرىا كما يتقذر أحدكم
اٞتيفة إذا مر هبا أف تصيب ثوبو.
ترؾ العمل ألجل الناس ىو رياء ،كالعمل ألجل الناس ىو شرؾ.
قاؿ لرجل :ألعلمنك كلمة ىي خَت من الدنيا كما فيها :كاهلل لىئً ٍن علم اهلل منك إخراج
اآلدميُت من قلبك حىت ال يكوف ُب قلبك مكاف لغَته دل تسألو شيئان إال أعطاؾ.
كعن الفضل بن الربيع(ُ) قاؿ :حج أمَت ا١تؤمنُت الرشيد فأتاين فخرجت مسرعان فقلت يا
إرل أتيتك فقاؿ :ك٭تك قد حاؾ ُب نفسي شيء فانظر رل رجبلن أسألو
أمَت ا١تؤمنُت لو أرسلت ٌ
فقلت ىا ىنا سفياف بن عيينة فقاؿ امض بنا إليو.
فأتيناه فقرعت الباب فقاؿ من ذا؟ فقلت أجب أمَت ا١تؤمنُت فخرج مسرعان فقاؿ يا أمَت ا١تؤمنُت
لو أرسلت إرل أتيتك فقاؿ لو :خذ ١تا جئناؾ لو رٛتك اهلل (يريد النصيحة).
فحدثو ساعة ٍب قاؿ لو عليك دين قاؿ نعم فقاؿ أبا عباس اقض دينو فلما خرجنا قاؿ :ما أغٌت
عٍت صاحبك شيئا انظر رل رجبلن اسألو فقلت لو ىاىنا عبد الرزاؽ بن ٫تاـ(ِ) قاؿ امض بنا إليو
فأتيناه فقرعت الباب فقاؿ من ىذا؟ قلت :أجب أمَت ا١تؤمنُت .فخرج مسرعان فقاؿ :يا أمَت
ا١تؤمنُت لو أرسلت إرل أتيتك قاؿ خذ ١تا جئناؾ لو.
فحادثو ساعة ٍب قاؿ لو عليك دين قاؿ نعم قاؿ أبا عباس اقض دينو.
(ُ)الفضل بن الربيع أبو العباس الفضيل بن الربيع بن يونس :،كزير أديب حازـ .توذل الوزارة ُب عهد
الرشيد توُب سنة (َِٖ ق ِْٖ/ـ) [األعبلـ للزركلي]
(ِ)عبد الرزاؽ بن ٫تاـ بن نافع اٟتمَتم أبو بكر الصنعاين :من حفاظ اٟتديث الثقات ،من أىل
صنعاء.كاف ٭تفظ ٨توان من سبعة عشر ألف حديث .لو (اٞتامع الكبَت) ُب اٟتديث .توُب سنة (ُُِ ق/
ِٕٖ ـ) [األعبلـ للزركلي]
- 313 -
فلما خرجنا قاؿ ما أغٌت صاحبك شيئا انظر رل رجبل اسألو قلت ىا ىنا الفضيل بن عياض
قاؿ :امض بنا إليو فأتيناه فإذا كىو قائم يصلي يتلو آية من القرآف يرددىا فقاؿ اقرع الباب
فقرعت الباب فقاؿ من ىذا فقلت أجب أمَت ا١تؤمنُت فقاؿ ما رل كألمَت ا١تؤمنُت فقلت سبحاف
اهلل أما عليك طاعة؟ أليس قد ركم عن النيب انو قاؿ :ليس للمؤمن أف يذؿ نفسو فنزؿ ففتح
الباب ٍب ارتقى إذل الغرفة فأطفأ ا١تصباح ٍب التجأ إذل زكاية من زكايا البيت فدخلنا فجعلنا ٧توؿ
عليو بأيدينا فسبقت كف ىاركف قبلي إليو فقاؿ يا ٢تا من كف ما ألينها إف ٧تت غدان من عذاب
تقي فقاؿ لو خذ ١تا جئناؾ لو
نقي من قلب ٌ اهلل فقلت ُب نفسي ليكلمنو الليلة بكبلـ ٌ
رٛتك اهلل فقاؿ إف عمر بن عبد العزيز ١تا كذل ا٠تبلفة دعا سادل بن عبد اهلل ك٤تمد بن كعب
القرظي كرجاء بن حيوة (كىم من علماء زمانو) فقاؿ ٢تم إين قد ابتليت هبذا الببلء فأشَتكا علي.
فعد ا٠تبلفة ببلء كعددهتا أنت كأصحابك نعمة فقاؿ لو سادل بن عبد اهلل إف أردت النجاة غدان
من عذاب اهلل فصم عن الدنيا كليكن إفطارؾ من ا١توت كقاؿ لو ٤تمد بن كعب القرظي إف
أردت النجاة من عذاب اهلل فليكن كبَت ا١تسلمُت عندؾ أبان كأكسطهم عندؾ أخان كأصغرىم
عندؾ كلدان فوقر أباؾ كأكرـ أخاؾ كٖتنن على كلدؾ.
كقاؿ لو رجاء ين حيوة إف اردت النجاة غدا من عذاب اهلل فأحب للمسلمُت ما ٖتب
لنفسك كاكره ٢تم ما تكره لنفسك ٍب مت إذا شئت كإين أقوؿ لك إين أخاؼ عليك أشد
ا٠توؼ يومان تزؿ فيو األقداـ فهل معك رٛتك اهلل من يشَت عليك ٔتثل ىذا؟ فبكى ىاركف بكاء
شديدا حىت غشي عليو فقلت لو ارفق بأمَت ا١تؤمنُت فقاؿ يا ابن أـ الربيع تقتلو أنت كأصحابك
كارفق بو أنا ٍب أفاؽ فقاؿ لو :زدين رٛتك اهلل فقاؿ :يا أمَت ا١تؤمنُت بلغٍت أف عامبل لعمر بن عبد
العزيز شكا إليو فكتب إليو عمر يا أخي أذكرؾ طوؿ سهر أىل النار ُب النار مع خلود األبد
كإياؾ أف ينصرؼ بك من عند اهلل فيكوف آخر العهد كانقطاع الرجاء قاؿ فلما قرأ الكتاب طول
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮊ
(ُ)
فقاؿ لو ىذه ألف دينار خذىا فأنفقها على عيالك كتىػ ىقو هبا على عبادتك فقاؿ :سبحاف اهلل أنا
أدلك على طريق النجاة كأنت تكافئٍت ٔتثل ىذا؟ سلمك اهلل ككفقك.
ٍب صمت فلم يكلمنا فخرجنا من عنده فلما صرنا على الباب قاؿ ىاركف :أبا عباس إذا دللتٍت
على رجل فدلٍت على مثل ىذا ،ىذا سيد ا١تسلمُت.
(ُ) خراساف :ببلد كاسعة أكؿ حدكدىا ٦تا يلي العراؽ ،كآخر حدكدىا ٦تا يلي ا٢تند [معجم البلداف].
- 317 -
-ك١تا كاف اليوـ الثالث ،كاف رجل من أصدقاء شقيق غائبان من بلخ ،كقد رجع منها،
فوجد ُب الطريق كلبان عليو قبلدة ،فأخذه ،كقاؿ :أىديو إذل شقيق ،فحملو فنظر شقيق
فإذا ىو كلب األمَت ،فسر بو كٛتلو إذل األمَت ،كٗتلص من الضماف ،فرزقو االنتباه،
كتاب ٦تا كاف فيو كسلك طريق الزىد.
-كحكي أف حا٘تان األصم قاؿ :كنا مع شقيق ُب مصاؼ (موضع اٟترب) ٨تارب الًتؾ
ُب يوـ ال نرل فيو إال رؤكسان تندر (تسقط) ،كرماحان تنقصف ،كسيوفان تنقطع ،فقاؿ رل
شقيق :كيف ترل نفسك يا حاًب ُب ىذا اليوـ؟ تراه مثل ما كنت ُب الليلة اليت زفٌت
كنت
مثل ما ي لكٍت كاهلل أرل نفسي ُب ىذا اليوـ ى إليك امرأتك؟ فقاؿ :ال ،كاهلل .قاؿٌ :
تلك الليلة.
ٍب ناـ بُت الصفُت كدرقتو ٖتت رأسو حىت ٝتعت غطيطو.
من أقوالو:
إذا أىردت أف تعرؼ الرجل فانظر ١تا كعده اهلل ككعده الناس ،فبأيهما يكوف قلبو
أكثق؟
كبلمو. تيعرؼ تقول الرجل ُب ثبلثة أشياءُ :ب ً
أخذه ،كمنعًو ،ك ً
العاقل ال ٮترج من ىذه الثبلثة األحرؼ ،أكلو :أف يكوف خائفان ١تا سلف منو من
الذنوب ،كالثاين :ال يدرم ما ينزؿ بو ساعة بعد ساعة ،كالثالث :ٮتاؼ من إهباـ
العاقبة ،ال يدرم ٔتا ٮتتم لو.
احذر أف هتلك بالدنيا ،فإف رزقك ال يعطى ألحد سواؾ.
التوكل أف يطمئن قلبك ٔتوعود اهلل.
(ُ) من ركاة اٟتديث قاؿ عنو النسائي :ثقة ،كذكره ابن حباف ُب كتاب الثقات.
- 321 -
-رحل بشر بن اٟتارث ُب طلب العلم إذل مكة كالكوفة كالبصرة ،كٝتع من ككيع كعيسى بن
يونس كشريك بن عبد اهلل كأيب معاكية كٛتاد بن زيد كمالك بن أنس كأيب يوسف القاضي كابن
يتصد للركاية ،فلم يضبط عنو من
ا١تبارؾ كالفضيل بن عياض كأيب نعيم كغَتىم غَت أنو دل ى
اٟتديث إال اليسَت.
من أقولو:
اللهم اسًت كاجعل ٖتت السًت ما ٖتب ،فرٔتا سًتت على ما تكره.
إف اٞتوع يصفي الفؤاد ،كيورث العلم الدقيق ،طوىب ١تن ترؾ شهوة حاضرة ١توعد غيب دل
يره.
ليس من ا١تودة أف ٖتب ما يبغض حبيبك.
ْ تسبك أف أقوامان موتى ٖتيا القلوب بذكرىم ،كأف أقوامان أحياء تعمى األبصار بالنظر
إليهم.
يكوف الرجل مرائيان ُب حياتو مرائيان بعد موتو ،قيل :كيف يكوف مرائيان بعد موتو؟ قاؿ:
٭تب أف يكثر الناس على جنازتو.
النظر إذل األٛتق سخنة(ُ) عُت ،كالنظر إذل البخيل يقسي القلب.
الصرب اٞتميل الذم ال شكول فيو إذل الناس.
أكحى اهلل إذل داكد أين دل أخلق الشهوات إال للضعفاء من عبادم ،فأما األبطاؿ فما ٢تم
ك٢تا.
أكحى اهلل إذل داكد :اغضب رل أشد ما تغضب لنفسك.
من دل ٭تتمل الغضة(ِ) كاألذل دل يقدر أف يدخل فيما ٭تب.
-قاؿ األستاذ أبو علي الدقاؽ رٛتو اهلل :جاءت امرأة فسألت حا٘تان عن مسألة فاتفق أنو خرج
منها ُب تلك اٟتالة صوت ،فخجلت ،فقاؿ حاًب :ارفعي صوتك ،فأرل من نفسو أنو أصم،
فسرت ا١ترأة بذلك ،كقالت :إنو دل يسمع الصوت ،فغلب عليو اسم األصم.
-سئل :أال تشتهي شيئان؟ فقاؿ :أشتهي عافية يوـ إذل الليل ،فقيل لو :أليست األياـ كلها
عافية؟ فقاؿ :إف عافية يومي أال أعصي اهلل فيو.
-كحكي أف حا٘تان األصم كاف رجبلن كثَت العياؿ ،ككاف لو أكالد ذكور كإناث ،كدل يكن ٯتلك
حبة كاحدة ،ككاف قدمو التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابو يتحدث معهم ،فتعرضوا لذكر
اٟتج ،فداخل الشوؽ قلبوٍ ،ب دخل على أكالده ،فجلس معهم ٭تدثهمٍ ،ب قاؿ ٢تم :لو أذنتم
ألبيكم أف يذىب إذل بيت ربو ُب ىذا العاـ حاجان ،كيدعولكم ماذا عليكم لو فعلتم؟ فقالت
زكجتو كأكالده :أنت على ىذه اٟتالة ال ٘تلك شيئان ك٨تن على ما ترل من الفاقة ،فكيف تريد
ذلك ك٨تن هبذه اٟتالة؟ ككاف لو ابنة صغَتة فقالت :ماذا عليكم لو أذنتم لو كال يهمكم ذلك،
دعوه يذىب حيث شاء ،فإنو مناكؿ للرزؽ ،كليس برزاؽ ،فذكرت ٢تم ذلك ،فقالوا :صدقت
كاهلل ىذه الصغَتة يا أبانا انطلق حيث أحببت ،فقاـ من كقتو كساعتو كأحرـ باٟتج ،كخرج
مسافران ،كأصبح أىل بيتو يدخل عليهم جَتاهنم يوٓتوهنم كيف أذنوا لو باٟتج ،كتأسف على فراقو
أصحابيوي كجَتانيوي ،فجعل أكالده يلوموف تلك الصغَتة كيقولوف :لو سكت ما تكلمنا ،فرفعت
الصغَتة طرفها إذل السماء ،كقالت :إ٢تي كسيدم كموالم عودت القوـ فضلك كأنك ال تضيعهم
- 323 -
فبل ٗتيبهم ،كال ٗتجلٍت معهم ،فبينما ىم على ىذه اٟتالة إذ خرج أمَت البلدة متصيدان ،فانقطع
عن عسكره كأصحابو ،فحصل لو عطش شديد ،فاجتاز ببيت الرجل الصاحل حاًب األصم،
فاستسقى منهم ماء ،كقرع الباب فقالوا :من أنت؟ قاؿ :األمَت ببابكم يستسقيكم ،فرفعت زكجة
حاًب رأسها إذل السماء كقالت :إ٢تي كسيدم سبحانك البارحة بتنا جياعان ،كاليوـ يقف األمَت
على بابنا يستسقيناٍ ،ب إهنا أخذت كوزان جديدان كمؤلتو ماء ،كقالت للمتناكؿ منها :اعذركنا،
فأخذ األمَت الكوز كشرب منو ،فاستطاب الشرب من ذلك ا١تاء فقاؿ :ىذه الدار ألمَت؟ فقالوا:
ال كاهلل بل لعبد من عباد اهلل الصاٟتُت يعرؼ ْتاًب األصم .فقاؿ األمَت :لقد ٝتعت بو ،فقاؿ
الوزير :يا سيدم لقد ٝتعت أنو البارحة أحرـ باٟتج كسافر كدل ٮتلف لعيالو شيئان ،كأخربت أهنم
البارحة باتوا جياعان ،فقاؿ األمَت :ك٨تن أيضان قد ثقلنا عليهم اليوـ ،كليس من ا١تركءة أف يثقل
مثلنا على مثلهمٍ ،ب حل األمَت منطقتو من كسطو كرمى هبا ُب الدارٍ ،ب قاؿ ألصحابو :من
أحبٍت ،فليلق منطقتو ،فحل ٚتيع أصحابو مناطقهم كرموا هبا إليهمٍ ،ب انصرفوا ،كقاؿ الوزير:
السبلـ عليكم أىل البيت ،آلتينكم الساعة بثمن ىذه ا١تناطق ،فلما أنزؿ األمَت رجع إليهم
الوزير ،كدفع إليهم ٙتن ا١تناطق ماالن جزيبلن كاسًتدىا منهم ،فلما رأت الصبية الصغَتة ذلك بكت
بكاء شديدان ،فقالوا ٢تا :ما ىذا البكاء .إ٪تا ٬تب أف تفرحي ،فإف اهلل قد كسع علينا ،فقالت :يا
أـ .كاهلل إ٪تا بكائي كيف بتنا البارحة جياعان ،فنظر إلينا ٥تلوؽ نظرة كاحدة ،فأغنانا بعد فقرنا،
فالكرًن ا٠تالق إذا نظر إلينا ال يكلنا إذل أحد طرفة عُت ،اللهم انظر إذل أبينا ،كدبره بأحسن
التدبَت ،ىذا ما كاف من أمرىم.
-كأما ما كاف من أمر حاًب أبيهم ،فإنو ١تا خرج ٤ترمان كٟتق بالقوـ توجع أمَت الركب ،فطلبوا لو
طبيبان ،فلم ٬تدكا ،ففاؿ :ىل عبد صاحل ،فدؿ على حاًب ،فلما دخل عليو ككلمو دعا لو فعوُب
األمَت من كقتو ،فأمر لو ٔتا يركب ،كما يأكل ،كما يشرب ،فناـ تلك الليلة مفكران ُب أمر عيالو،
فقيل لو ُب منامو :يا حاًب من أصلح معاملتو معنا أصلحنا معاملتنا معوٍ ،ب أخرب ٔتا كاف من أمر
- 324 -
عيالو ،فأكثر الثناء على اهلل تعاذل ،فلما قضى حجو كرجع تل ٌقاه أكالده ،فعانق الصبية الصغَتة
كبكىٍ ،ب قاؿ :صغار قوـ كبار قوـ آخرين .إف اهلل ال ينظر إذل أكربكم كلكن ينظر إذل أعرفكم
حسبو. بو ،فعليكم ٔتعرفتو كاالتكاؿ عليو فإنو من توكل على اهلل فهو
من أقوالو:
اختلفت إذل شقيق ثبلثُت سنة ،فقاؿ رل يومان :أم شيء تعلمت؟ فقلت :رأيت رزقي من
عند ريب ،فلم أشتغل إال بريب ،كرأيت أف اهلل تعاذل ككل يب ملكُت يكتباف علي ما تكلمت بو
فلم أنطق إال باٟتق ،كرأيت أف ا٠تلق ينظركف إذل ظاىرم كالرب تعاذل ينظر إذل باطٍت ،فرأيت
مراقبتو أكذل كأكجب ،فسقطت عٍت رؤية ا٠تلق ،كرأيت أف اهلل مستحثان يدعو ا٠تلق إليو
فاستعددت لو مىت جاءين ،فقاؿ رل :يا حاًب ما خاب سعيك.
كنت ُب بعض الغزكات فأخذين عدكم فأضجعٍت للذبح ،فلم يشتغل بو قليب بل كنت
أنظر ماذا ٭تكم اهلل تعاذل ُب ،فبينما ىو يتناكؿ السكُت من خلفو للذبح ،إذ بسهم أصابو
فقتلو كطرحو عٍت فقمت.
أربعة يندموف على أربع :ا١تقصر إذا فاتو العمل ،كا١تنقطع عن أصدقائو إذا نابتو نائبة،
عدكه بسوء رأيو ،كاٞترمء على الذنوب.
كا١تمكن منو ي
الزـ خدمة موالؾ تىأتً ً
ك الدنيا راغمة كاٞتنة عاشقة.
تعهد نفسك ُب ثبلثة مواضع :إذا عملت فاذكر نظر اهلل إليك ،كإذا تكلمت فاذكر ٝتع
اهلل إليك ،إذا سكت فاذكر علم اهلل فيك.
اٞتهاد ثبلثة :جهاد ُب سرؾ مع الشيطاف حىت تكسره ،كجهاد ُب العبلنية ُب أداء
الفرائض حىت تؤديها كما أمر اهلل ،كجهاد مع أعداء اهلل ُب عز اإلسبلـ.
النصيحة للخلق :إذا رأيت إنسانان ُب اٟتسنة أف ٖتثو عليها ،كإذا رأيتو ُب معصية أف
ترٛتو.
ا١تنافق :ما أخذ من الدنيا يأخذ ْترص ،كٯتنع بالشك ،كينفق بالرياء ،كا١تؤمن يأخذ
با٠توؼ ،كٯتسك بالشدة ،كينفق خالصان ُب الطاعة.
يقاؿ :العجلة من الشيطاف ،إال ُب ٜتس :إطعاـ الطعاـ إذا حضر ضيف ،كٕتهيز ا١تيت
إذا مات ،كتزكيج البكر إذا أدركت ،كقضاء الدين إذا أكجب ،كالتوبة من الذنب إذا أذنب.
لو أف صاحب خرب جلس إليك ليكتب كبلمك الحًتزت منو ،ككبلمك يعرض على اهلل
تعاذل فبل ٖتًتز.
كسألو رجل فقاؿ :عبلـ بنيت أمرؾ ىذا ُب التوكل؟ قاؿ :على خصاؿ أربع:
علمت أف رزقي ال يأكلو غَتم فاطمأنت بو نفسي.
كعلمت أف عملي ال يعملو غَتم فأنا مشغوؿ بو.
كعلمت أف ا١توت يأتيٍت بغتة فأنا أبادره.
كعلمت أين ال أخلو من عُت اهلل حيث كنت فأنا مستحي منو.
- 326 -
مر عصاـ بن يوسف(ُ) ْتاًب األصم كىو يتكلم ُب ٣تلسو ،فقاؿ :يا حاًب ٖتسن تصلي؟
قاؿ :نعم قاؿ :كيف تصلي؟ قاؿ حاًب :أقوـ باألمر ،كأمشي با٠تشية ،كأدخل بالنية ،كأكرب
بالعظمة ،كأقرأ بالًتتيل كالتفكر ،كأركع با٠تشوع ،كأسجد بالتواضع ،كأجلس للتشهد بالتماـ،
كأسلم بالسبيل كالسنة ،كأسلمها باإلخبلص إذل اهلل ،كأرجح على نفسي با٠توؼ أخاؼ
أف ال يقبل مٍت ،كأحفظو باٞتهد إذل ا١توت ،قاؿ :تكلم فأنت ٖتسن أف تصلي.
(ُ)عصاـ البلخي عصاـ بن يوسف بن ميموف بن قدامة البلخي ،اٟتنفي.من آثاره٥ :تتصر ُب الفقو.توُب
سنة (ُِٓ ق َّٖ /ـ)[ .معجم ا١تؤلفُت]
- 327 -
سري السقطي
سابعاًّ -
السرم بن ا١ت ٍغلس(ُ) السقطي توُب (ِّٓى ػػٖٕٔ/ـ) يكٌت
-كيقاؿ لو السرم كىو أبو اٟتسن ٌ
أبا اٟتسن خاؿ أيب القاسم اٞتنيد كأستاذه كتلميذ معركؼ الكرخي ككاف كحيد زمانو ُب الورع
كأحواؿ السنة كعلوـ التوحيد.
-كاف يقوؿ :من أراد أف يسلم دينو ،كيسًتيح قلبو كبدنو ،كيقل غمو ،فليعتزؿ الناس ألف ىذا
زماف عزلة ككحدة.
-قاؿ أبو العباس بن مسركؽ (من رجاؿ أىل التصوؼ) :بلغٍت أف السرم السقطي كاف يتجر
ُب السوؽ ،كىو من أصحاب معركؼ الكرخي ،فجاءه معركؼ يومان ،كمعو صيب يتيم ،فقاؿ:
اكس ىذا اليتيم .قاؿ سرم :فكسوتو ،ففرح بو معركؼ ،كقاؿ :بغض اهلل إليك الدنيا ،كأىراحك
ي
٦تا أىنت فيو.
فقمت من اٟتانوت كليس شيء أبغض إرل من الدنيا ،ككل ما أنا فيو من بركات معركؼ.
-عن أيب القاسم سليماف بن ٤تمد الضراب (أحد معاصرم السرم) قاؿ حدثٍت بعض إخواين
أف سريا السقطي مرت بو جارية معها إناء فيو شيء فسقط من يدىا فانكسر فاخذ سرم شيئا
من دكانو فدفعو إليها بدؿ ذلك اإلناء فنظر إليو معركؼ الكرخي فأعجبو ما صنع فقاؿ لو
معركؼ بغض اهلل إليك الدنيا.
-كعن مظفر بن سهل ا١تقرئ قاؿ ٝتعت عبلف ا٠تياط (٫تا من رجاؿ التصوؼ) كجرل بيٍت
كبينو مناقب سرم السقطي فقاؿ عبلف كنت جالسان مع سرم يوما فوافتو امرأة فقالت يا أبا
اٟتسن أنا من جَتانك أخذ ابٍت الطائف (عسس الليل) كأنا أخشى أف يؤذيو فاف رأيت أف ٕتيء
معي أك تبعث إليو.
(ُ) لقب بذلك ألنو كاف مبلزمان بيتو ال ٮترج منو إال للجمعة كاٞتماعة كال يرل ُب غَت٫تا.
- 328 -
قاؿ عبلف فتوقعت أف يبعث إليو فقاـ ككرب كطوؿ ُب صبلتو فقالت ا١ترأة :يا أبا اٟتسن اهلل اهلل
ُب ىذا أخشى أف يؤذيو السلطاف فسلم كقاؿ ٢تا أنا ُب حاجتك (أم أنو كاف يدعو اهلل ٢تا ليفرج
عن ابنها) .
قاؿ عبلف :فما برحت حىت جاءت امرأة إذل ا١ترأة فقالت اٟتقي قد خلوا ابنك .قاؿ عبلف كأم
شيء يتعجب من ىذا اشًتم كر(ُ) لوز بستُت دينارا ككتب ُب ركزنا٣تو ثبلثة دنانَت رْتو فصار
كر اللوز بتسعُت ديناران فأتاه الدالؿ كقاؿ أريد ذاؾ اللوز فقاؿ خذه فقاؿ بكم قاؿ بثبلثة كستُت
ديناران قاؿ لو الدالؿ إف اللوز قد صار الكر بتسعُت فقاؿ لو قد عقدت بيٍت كبُت اهلل عقدان ال
أحلو :ليس أبيعو إال بثبلثة كستُت ديناران فقاؿ لو الدالؿ إين قد عقدت بيٍت كبُت اهلل تعاذل ال
أغش مسلما لست آخذه منك إال بتسعُت ديناران فبل الدالؿ اشًتل منو كال سرم باعو فكيف ال
يستجاب دعاء من ىذا فعلو؟.
-كعن ابن أيب الورد (من أصحاب بشر اٟتاُب) قاؿ دخلت على سرم السقطي كىو يبكي
كدكرقو مكسور فقلت ما لك قاؿ انكسر الدكرؽ فقلت أنا اشًتم لك بدلو فقاؿ رل تشًتم بدلو
كأنا اعرؼ من أين الدانق الذم نشًتم بو الدكرؽ كمن عملو كمن أين طينو كأم شيء أكل
عاملو حىت فرغ من عملو.
كعن سعيد بن عثماف بن السكن (من حفاظ اٟتديث) قاؿ ٝتعت سرم بن ا١تغلس يقوؿ غزكنا
أرض الركـ فمررت بركضة خضرة فيها ا٠تيار كحجر منقور فيو ماء ا١تطر فقلت ُب نفسي لئن
أكلت يوما حبلال فاليوـ فنزلت عن دابيت كجعلت آكل من ذلك ا٠تيار كشربت من ذلك ا١تاء
فإذا ىاتف يهتف يب يا سرم النفقة اليت بلغت ٢تا إذل ىا ىنا من أين؟
(ُ) ُب ذلك إشارة إذل كماؿ ٣تاىدتو ،كالتزامو اإلقباؿ على اهلل تعاذل بالقلب كاٞتوارح.
- 331 -
قلوب ا١تؤمنُت معلقة بالسوابق ،كقلوب األبرار معلقة با٠تواتيم ،ىؤالء يقولوف ٔتاذا ٮتتم
لنا ،كأكلئك يقولوف ماذا سبق من اهلل لنا؟.
من حاسب نفسو استحيا اهلل من حسابو ،كمن عرؼ ما يطلب ىاف عليو ما يبذؿ.
إف اهلل سبحانو ،سلب الدنيا عن أكليائو ،كٛتاىا عن أصفيائو ،كأجرىا من قلوب أىل
كداده؛ ألنو دل يرضها ٢تم.
انقطع من انقطع عن اهلل ٓتصلتُت ،كاتصل من اتصل باهلل بأربع خصاؿ فأما من انقطع
عن اهلل فانو يتخطى إذل نافلة بتضييع فرض كالثاين عمل بظاىر اٞتوارح دل يواطىء عليو صدؽ
القلوب كأما الذم اتصل بو ا١تتصلوف فبلزكـ الباب كالتشمَت ُب ا٠تدمة كالصرب على ا١تكاره
كصيانات الكرامات.
ثبلث من كن فيو استكمل اإلٯتاف من إذا غضب دل ٮترجو غضبو عن اٟتق كاذا رضي دل
ٮترجو رضاه إذل الباطل كإذا قدر دل يتناكؿ ما ليس لو.
لو أف رجبل دخل إذل بستاف فيو من ٚتيع ما خلق اهلل تعاذل من األشجار عليها من ٚتيع
ما خلق اهلل تعاذل من األطيار فخاطبو كل طائر منها بلغتو كقاؿ السبلـ عليك يا كرل اهلل
فسكنت نفسو إذل ذلك كاف ُب يدىا أسَتا(ُ).
الدىر ثبلثة أياـ يوـ مضى بؤسو كشدتو كغمو دل يبق منو شيء كاليوـ الذم أنت فيو
صديق مودع لك طويل الغيبة عنك سريع الرحلة عنك كغدان ُب يديك تأميلو كلعلك من غَت
أىلو.
أمس أجل كاليوـ عمل كغدان أمل.
أشتهي أف أموت ببلد غَت بغداد ،فقيل لو :كدل ذلك؟ فقاؿ :أخاؼ أال يقبلٍت قربم
فافتضح.
(ُ) أم أصبح أسَت كبلـ الطيور ،كٮتشى على نفسو من الغركر ،كىو استدراج فكل إنساف يعرؼ نفسو.
- 331 -
دخلت على سرم السقطي كىو ُب النزع فجلست عند رأسو فوضعت خدم على خده
فدمعت عينام فوقع دمعي على خده ففتح عينيو فقاؿ رل من أنت قلت أنا خادمك اٞتنيد
فقاؿ مرحبا فقلت لو أيها الشيخ أكصٍت بوصية انتفع هبا بعدؾ قاؿ إياؾ كمصاحبة األشرار
كأف تنقطع عن اهلل بصحبة األخيار.
توُب سرم بن ا١تغلس يوـ الثبلثاء و
لست خلوف من رمضاف سنة ثبلث كٜتسُت كمائتُت.
كعن أيب عبيد بن حربوية (كاف قاضي مصر كفقيهها) قاؿ حضرت جنازة سرم السقطي
فسررت فحدثنا رجل عن آخر أنو حضر جنازة سرم السقطي فلما كاف ُب بعض الليل رآه ُب
علي فقلت :فإين ٦تن
النوـ فقاؿ لو ما فعل اهلل بك قاؿ غفر رل ك١تن حضر جنازٌب كصلى ٌ
حضر جنازتك كصلى عليك قاؿ فاخرج درجان فنظر فيو فلم ير رل فيو اٝتان فقلت بلى قد
حضرت قاؿ فنظر فإذا اٝتي ُب اٟتاشية رٛتو اهلل كرضي عنو.
(ُ) بً ٍس ي
طاـ :بلدة كبَتة بقومس على جادة الطريق إذل نيسابور منها كهبا تفاح حسن الصبغ مشرؽ اللوف
٭تمل إذل العراؽ يعرؼ بالبسطامي.
- 333 -
جدت ،كجدت.
فسمعت قائبلن يقوؿ :ىك ى
من أقوالو:
لو نظرًب إذل رجل أيعطي من الكرامات حىت يرتقي ُب ا٢تواء ،فبل تغًتكا بو ،حىت تنظركا
كيف ٕتدكنو عند األمر كالنهي ،كحفظ اٟتدكد ،كأداء الشريعة.
ال يعرؼ نفسو من صحبتو شهوتو.
كقد سئل ما عبلمة العارؼ؟ قاؿ :أال يفًت من ذكره كال ٯتل من حقو ،كال يستأنس بغَته.
قاؿ ٥تاطبان ربو :ىذا فرحي بك كأنا أخافك ،فكيف فرحي بك إذا أمنتك.
اطلع اهلل على قلوب أكليائو ،فمنهم من دل يكن يصلح ٟتمل ا١تعرفة صرفان ،فأشغلهم
بالعبادة.
ليس العجب ٦تن دل ٬تد لذة الطاعة ،إ٪تا العجب ٦تن كجد لذهتا ٍب تركها كيف صرب
عنها.
دل أزؿ ثبلثُت سنة كلما أردت أف أذكر اهلل أ٘تضمض كأغسل لساين إجبلالن هلل أف أذكره.
ما داـ العبد يظن أف ُب ا٠تلق من ىو شر منو فهو متكرب.
أشد احملجوبُت عن اهلل ثبلثة بثبلثة ،أك٢تم :الزاىد بزىده ،كالثاين :العابد بعبادتو ،كالثالث:
العادل بعلموٍ .ب قاؿ :مسكُت الزاىد ،لو علم أف اهلل ٝ تى الدنيا كلها قليبلن فكم ملك من
الدنيا؟ كُب كم زىد ٦تا ملك؟ كأما العابد فلو رأل ًمنةى اهلل عليو ُب العبادة عرؼ عبادتو ُب
ا١تنة ،كأما العادل فلو علم أف ٚتيع ما أبدل اهلل من العلم سطران كاحدان من اللوح احملفوظ
فكم علم ىذا العادل من ذلك السطر؟ ككم عمل ٦تا علم؟
قعدت ليلة ُب ٤ترايب فمددت رجلي فهتف يب ىاتف من ٬تالس ا١تلوؾ فينبغي أف
٬تالسهم ْتسن األدب.
-قيل للجنيد :من أين استفدت ىذا العلم؟ فقاؿ :من جلوسي بُت يدم اهلل ثبلثُت سنة ٖتت
تلك الدرجة .كأكمأ إذل درجة ُب داره.
علي الدقاؽ ،رٛتو اهلل ،٭تكي ذلك ،كٝتعتو يقوؿ :رؤم ُب يده سبحة،
ٝ -تعت األستاذ أبا ٌ
فقيل لو :أنت مع شرفك تأخذ بيدؾ سبحة؟! فقاؿ :طريق بو كصلت إذل ريب ال أفارقو.
-كعن أيب ٤تمد ا١ترتعش (أحد مشايخ العراؽ كزىادىا) قاؿ ،قاؿ اٞتنيد :كنت بُت يدم سرم
السقطي ألعب كأنا ابن سبع سنُت كبُت يديو ٚتاعة يتكلموف ُب الشكر فقاؿ رل :يا غبلـ ما
الشكر فقلت أال تعصي اهلل بنعمو فقاؿ رل :أخشى أف يكوف حظك من اهلل لسانك ،قاؿ
اٞتنيد :فبل أزاؿ أبكي على ىذه الكلمة اليت قا٢تا السرم رل.
ومن أقوالو:
ما أخذنا التصوؼ عن القيل كالقاؿ ،لكن عن اٞتوع كترؾ الدنيا ،كقطع ا١تألوفات
كا١تستحسنات.
- 336 -
الطرؽ كلها مسدكدة عن ا٠تلق ،إال على من اقتفى أثر الرسوؿ عليو
الصبلة كالسبلـ.
لو أقبل صادؽ على اللٌو تعاذل ألف ألف سنةٍ ،ب أعرض عنو ٟتظة كاف ما فاتو أكثر ٦تا
نالو.
من دل ٭تفظ القرآف الكرًن ،كدل يكتب اٟتديث ال يقتدل بو ُب ىذا األمر ،ألف علمنا ىذا
مقيد بالكتاب كالسنة.
من نظر إذل كرل من أكلياء اللٌو فقبلو كأكرمو ،أكرمو اللٌو على رؤكس األشهاد.
معاشر الفقراء إ٪تا عرفتم باهلل كتكرموف بو فإذا خلوًب بو فانظركا كيف تكونوف معو.
قاؿ لرجل سألو عن الطريق :الطريق توبة ٖتل اإلصرار ،كخوؼ يزيل الغرة ،كرجاء يدعو
إذل طريق ا٠تَتات ،كمراقبة اهلل ُب خواطر القلوب.
قاؿ رجل للجنيد :على ماذا يتػأسف احملب من أكقاتو؟ قاؿ :على زماف و
بسط أكرث
قبضان ،أك زماف أنس أكرث كحشةٍ ،ب أنشأ يقوؿ:
-كىو متكلم ،فقيو ،أصورل ،صوُب مشارؾ ُب أنواع من العلوـ ،لو ٨تو مائيت مصنف ُب ىذه
العلوـ ا١تتعددة أشهرىا( :إحياء علوـ الدين) ك(هتافت الفبلسفة) ك(٤تك النظر) ك(معارج القدس
ُب أحواؿ النفس) ك(الفرؽ بُت الصاحل كغَت الصاحل) ك(مقاصد الفبلسفة) ك(الوقف كاالبتداء) ُب
التفسَت ،ك(البسيط) ُب الفقو ،ك(ا١تعارؼ العقلية) ،ك(ا١تنقذ من الضبلؿ) ،ك(بداية ا٢تداية).
-مولده ككفاتو ُب الطابراف(ِ) ،رحل إذل نيسابور ٍب إذل بغداد فاٟتجاز فببلد الشاـ فمصر كعاد
إذل بلدتو.
-كلقد كانت بيئتو ُب طفولتو كتربيتو ا١تنزلية األكذل ذات أثر كاضح ُب تكوينو فيما بعد.
-فقد كلد ُب أسرة فقَتة متدينة ،كحينما أحس أبوه بقرب أجلو عهد برعاية كلديو أيب حامد
كأخيو األصغر منو ا١تسمى أٛتد إذل أحد أصدقائو من الصوفية.
-كقد قاـ ىذا الرجل بواجبو ُب اإلشراؼ على تربيتهما كتعليمهما ٍب نصحهما باالنتقاؿ إذل
نيسابور ،كىناؾ طلب الغزارل الفقو لتحصيل القوتٍ ،ب ارٖتل إذل أيب نصر اإلٝتاعيلي (كىو
(ُ) عمر كحالة :معجم ا١تؤلفُت ،ياقوت اٟتموم :معجم البلداف ،الزركلي :األعبلـ كؿ ديورانت :قصة
اٟتضارة ترٚتة ٤تمد بدراف ،الغزارل :ا١تنقذ من الضبلؿ.
(ِ) الطابراف :إحدل مدينيت طوس ٓتراساف.
- 339 -
من كبار علماء زمانو) ّترجاف(ُ)ٍ ،ب ًب لو االتصاؿ بإماـ اٟترمُت (أيب ا١تعارل اٞتويٍت) (ِ)،
فاشتغل عليو كالزمو ،فظهر نبوغ الغزارل ُب فًتة مبكرةٍ ،ب جلس لئلقراء ،كحضر ٣تلس نظاـ
ا١تلك(ّ) ،فأقبل عليو نظاـ ا١تلك ،فعظمت منزلة الغزارل ،كندب للتدريس ُب نظامية بغداد.
-كقد أصبح الغزارل من أعبلـ مذىب الشافعي ُب الفقو ،كأحد أركاف ا١تدرسة األشعرية،
باإلضافة إذل تعمقو ُب الفلسفة كا١تنطق كاألصوؿ.
-كدل ٬تد فيها راحتو القلبية حىت اجتمع باإلماـ الزاىد ا١تتصوؼ أيب علي الفضل بن علي
الفارمذم الطوسي (من كبار رجاؿ التصوؼ) فأقبل عليو كأخذ منو علم التصوؼ كأخذ يطالع
كتب التصوؼ فتعرؼ على كنو مقاصدىمٍ ،ب دخل مدخلهم ،كذاؽ أحوا٢تم ،كسار ُب
طريقهم.
-كيتحدث الغزارل عن ٕتربتو الصوفية ُب كتابو ا١تنقذ من الضبلؿ بعد أف فرغ من علوـ الشريعة
بكتاب األربعُت ،كعلوـ الفلسفة القدٯتة ُب كتاب مقاصد الفبلسفة ككذلك التهافت يقوؿ كاصفان
(ُ) جرجاف :مدينة عظيمة مشهورة بقرب طربستاف .بناىا يزيد بن ا١تهلب بن أيب صفرة ،كىي أقل ندل
كمطران من طربستاف٬ ،ترم بينهما هنر ٕترم فيو السفن ،هبا فواكو كثَتة ،كىي بُت السهل كاٞتبل كالرب
كالبحر[ .القزكيٍت :آثار الببلد كأخبار العباد]
(ِ) اٞتويٍت :إماـ اٟترمُت ،أبو ا١تعارل اٞتويٍت ،عبد ا١تلك بن أيب ٤تمد بن عبد اهلل بن يوسف ،الفقيو
الشافعي ،أحد األئمة األعبلـ ،عاش ستُت سنةن ،كتف ٌقو على كالده ،كجاكر ٔتكة ُب شبيبتو أربعة أعواـ،
كمن ٍب قيل لو إماـ اٟترمُت ،ككاف من أذكياء العلماء ،كأحد أكعية العلم ،توُب ُب ربيع اآلخر بنيسابور،
ككاف لو ٨تو من أربعمئة تلميذ ،رٛتو اهلل [ .الذىيب :العرب ُب خرب من غرب]
(ّ)نظاـ ا١تلك :أبو علي اٟتسن بن علي بن إسحاؽ الطوسي ،ا١تلقب بقواـ الدين ،نظاـ ا١تلك :كزير حازـ
عارل ا٢تمة .أصلو من نواحي طوس .كٝتع اٟتديث الكثَت ،كاشتغل باألعماؿ السلطانية ،فاتصل بالسلطاف
إلب أرسبلف ،فاستوزره ،فأحسن التدبَت كبقي ُب خدمتو عشر سنُتٍ .ب أصبح كزيران البنو كأسس ا١تدرسة
النظامية ُب بغداد ،كتوُب سنة (ْٖٓ ق َُِٗ /ـ)[ .انظر :األعبلـ للزركلي]
- 341 -
التصوؼ كالصوفيةٍ ( :ب إين ١تا فرغت من ىذه العلوـ أقبلت هبميت على طريق الصوفية ،كعلمت
أف طريقتهم إ٪تا تتم بعلم كعمل ،ككاف حاصل علومهم قطع عقبات النفس ،كالتنزه عن أخبلقها
ا١تذمومة كصفاهتا ا٠تبيثة ،حىت يتوصل هبا إذل ٗتلية القلب عن غَت اهلل تعاذل كٖتليتو بذكر اهلل.
ككاف العلم أيسر علي من العمل ،فابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل :قوت
القلوب أليب طالب ا١تكي رٛتو اهلل ،ككتب اٟتارث احملاسيب ،كا١تتفرقات ا١تأثورة عن اٞتنيد
كالشبلي كأيب يزيد البسطامي قدس اهلل أركاحهم كغَتىم من ا١تشايخ ،حىت اطلعت على كنو
مقاصدىم العلمية ،كحصلت ما ٯتكن أف ٭تصل من طريقهم بالتعلم كالسماع .فظهر رل أف
أخص خواصهم ،ما ال ٯتكن الوصوؿ إليو بالتعلم بل بالذكؽ كاٟتاؿ كتبدؿ الصفات ،فعلمت
يقينان أهنم أرباب أحواؿ ال أصحاب أقواؿ ،كالقدر الذم أذكره لينتفع بو ،ىو أين علمت يقينان أف
الصوفية ىم السالكوف لطريق اهلل تعاذل ،كأف سَتهتم أحسن السَت ،كطريقهم أصوب الطرؽ،
كأخبلقهم أزكى األخبلؽ ،بل لو يٚتع عقل العقبلء ،كحكمة اٟتكماء ،كعلم الواقفُت على أسرار
الشرع من العلماء ليغَتكا شيئان من سَتىم كأخبلقهم كيبدلوه ٔتا ىو خَت منو دل ٬تدكا إذل ذلك
سبيبلن ،كإف ٚتيع حركاهتم كسكناهتم ُب ظاىرىم كباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة ،كليس
كراء نور النبوة على كجو األرض نور يستضاء بو ،فأيقنت أهنم الفرقة الناجية.
كماذا يقوؿ القائلوف ُب طريقة أكؿ شركطها :تطهَت القلب بالكلية عما سول اهلل تعاذل ،كعمادىا
كمفتاحها اٞتارم منها ٣ترل اإلحراـ ُب الصبلة :استغراؽ القلب بالكلية بذكر اهلل ،كآخرىا الفناء
ُب الكلية باهلل).
ٍ -ب أقبل الغزارل على العبادة كالسياحة ،فخرج إذل اٟتجاز فحج ،كرجع إذل دمشق فاستوطنها
عشر سنُت ٍب سار إذل القدس كاإلسكندريةٍ ،ب عاد إذل كطنو بطوسٍ ،ب إف الوزير فخر الدين
-كمن أراد أف يتعرؼ على أقواؿ كأعماؿ ىذا العادل الفاضل فعليو أف يرجع إذل مؤلفاتو الكثَتة
ُب شىت العلوـ اإلسبلمية.
-ىذا كإف الدارس لعصر ىذا اإلماـ الفاضل ،كما اشتهر بو ىذا العصر من انتشار الفلسفة
الدخيلة على العادل اإلسبلمي اليت كادت تؤثر على أفكار ا١تسلمُت كٖترفهم عن جادة الصواب
يدرؾ السبب الذم دفع ىذا اجملدد إذل الرد على ىؤالء الفبلسفة ٔتؤلفاتو ا١تتعددة اليت كانت سببان
ُب عودة ا١تسلمُت إذل جادة الصواب ،كالتمسك بتعاليم اإلسبلـ النابعة من القرآف كالسنة ،فكاف
حقان حجة اإلسبلـ ،كحجة ا١تسلمُت.
-كالبد لكل طالب علم ُب كل زماف كمكاف أف ٖتتوم مكتبتو كتابو اٞتامع للعلوـ ا١تتعددة
(إحياء علوـ الدين) الذم ٬تد ُب الطالب كل ما ٭تتاجو من نفائس علوـ الدين ا١تتعددة.
كأما ُب ٣تاؿ التصوؼ فلقد أضاؼ الغزارل للفكر اإلسبلمي من خبلؿ تصوفو ٕتديدان كتصويبان
كتنويران ُب علوـ التصوؼ أذكر منها ما يلي:
ُ -أعاد للعبادة جانبها الركحي من خشوع كرىبة ،بعد أف حو٢تا بعض الفقهاء إذل ٣ترد طقوس
شكلية.
ِ -حبب التصوؼ للناس بإزالة ما ٟتق بو من فكر دخيل ،مع إثباتو أف ا١تكاشفة تصل إذل مادل
يصل إليو العقل.
ْ -فلسف العبادات بإظهار حكمة التشريع فصارت قراءة الفقو أكثر إمتاعان من عرض الفقهاء
لو.
ٓ -رفض ما دخل ُب التصوؼ من تطرؼ كخركج عن تعاليم الشريعة بتأثَت الفلسفات الغربية
باإلضافة إذل ما دخلو من شعوذة كسحر كىذياف ال قيمة لو إال ُب نظر العامة.
ٔ -الًتكيز على تطهَت الباطن كتصفية القلب كعدـ اال٩تداع با١تظاىر ،كالقشور ألف ذلك
يؤدم إذل انتكاس النفس ككقوعها ُب الرياء.
-وأخيراً :كاف اعتناؽ الغزارل ١تذىب التصوؼ نصران باىران للصوفية ،فأخذ أىل السنة من
بعده بالتصوؼ السٍت النابع من القرآف كالسنة كالبعيد عن التطرؼ أك ا٠تركج عن تعاليم
الشريعة ،كالبعيد عن الشعوذة كالسحر كا٢تذياف ،كالًتكيز على تطهَت الباطن ،كتصفية الباطن
كعدـ اال٩تداع با١تظاىر كالقشور ألف ذلك يؤدم إذل انتكاس النفس ُب الرياء.
-كا١تقصود بالطرؽ الصوفية ليس فقط طريقة الذكر كما يتعلق بو من ىيئات ككيفيات كأكراد
كأذكار متعددة ،كإ٪تا ا١تقصود من الطرؽ الصوفية الطرؽ اليت مؤداىا علم بالشريعة ،كتنور
باٟتقيقة ،كسلوؾ تاـ مطابق ٢تما ،كيتحقق ذلك من خبلؿ ما يقوـ بو شيخ الطريقة من تربية
١تريديو بأساليب متعددة فحُت ٭تصل اللقاء اٞتامع بُت الشيخ كمريديو يقوـ الشيخ ُب ىذا اللقاء
بتفسَت آية أك شرح حديثٍ ،ب يتم التعليق على اآلية أك اٟتديث ٔتا أفاض اهلل على ىذا الشيخ
(ُ) الشريعة :ىي األحكاـ ا١تنزلة عن النيب اليت فهمها العلماء من الكتاب كالسنة نصان أك استنباطان.
اٟتقيقة :ىي علم الباطن كا١تشاعر القلبية كاٟتقائق اإلٯتانية ا١تتصلة بالشريعة.
الطريقة :ىي العمل بالشريعة كاألخذ بعزائمها كالبعد عن التساىل فيها ك امتثاؿ األكامر اإل٢تية
كاجتناب ا١تنهيات ظاىران كباطنان ،فهي السلوؾ الذم يظهر ُب الشريعة كاٟتقيقة.
- 345 -
ا١تريب من مواعظ كقصص كعرب كحكم كأمثاؿ٦ ،تا يؤثر ذلك ُب سلوؾ ا١تريدين كتغيَت أحوا٢تم ٔتا
يتناسب مع الشريعة كاٟتقيقة كالسلوؾٍ ،ب بعد ىذا الدرس النظرم يكوف ىناؾ درس عملي
ٚتاعي ٯتارس فيو ذكر اهلل .
-يبتدئ ىذا الدرس بقراءة عشر من القرآف الكرًنٍ ،ب التوجو إذل اهلل باالستغفارٍ ،ب قراءة
سورة الفاٖتة ك سورة اإلخبلص كسورٌب ا١تعوذتُت كسورة االنشراحٍ ،ب الصبلة على النيب
بصيغ متعددة كبعدد ٤تدكد ٍب االبتداء بذكر اهلل إما باٝتو األعظم (اهلل) أك بصفاتو (ال إلو
إال اهلل) أك بتسبيحو أك ٖتميده أك تكبَته أك بأذكار أخرل مستمدة من القرآف كالسنة.
-كٮتتم اجمللس بقراءة عشر من القرآف كالصبلة على النيب العدناف كالدعاء.
-كل ذلك ُب جو إٯتاين يغسل النفوس ،كيزيل ا٢تموـ ،كينور القلوب ،كيشرح الصدكر ،كيزيد
ُب اإلٯتاف.
-كأئمة ىذه الطرؽ ظهركا ما بُت القرنُت السادس كالثامن ،فكانوا قرييب عهد بالسلف الصاحل،
حرصوا أشد اٟترص على االستفادة منهم كالتمسك ٔتا ٘تسكوا بو من تعاليم القرآف كالسنة،
مبتعدين عن كل بدعة تيبعً يد عن الدين ككل ضبللة تؤدم إذل النار.
ٍ -ب انتشرت ىذه الطرؽ ُب ببلد العادل ،كتعددت أٝتاؤىا حسب أٝتاء شيوخها ،كإف كجد ُب
بعضها شيء من البدع اليت ٗتالف الشرع ،فإ٪تا ىي بدعه ظهرت من ا١تريدين الذين دل يتمسكوا
ْتقائق الطريقة ،فا٠تطأ منهم ال من الطريقة.
-كمن أخذ بطرقهم فعليو أف يتمسك ْتقيقة ىذه الطريقة كجوىرىا ،كأف يبتعد عن كل بدعة
يراىا ٥تالفة للقرآف كالسنة ،كأف يعرؼ أف ىذه البدع من زيادة بعض ا١تريدين ال من أصل ىذه
الطريقة.
-كقد استقت ىذه الطريقة مبادئها كأسسها اليت ميزهتا عن بقية الطرؽ الصوفية بفضل تعاليم
أربع شخصيات:
ثانياً -أبو يزيد طيفور البسطامي واسمو طيفور بن عيسى بن آدم بن سروشان :كلد ُب
خرساف (تِْٔىػ\ ٕٕٖـ) كدل يعرؼ مكاف دفنو.
ثالثاً -عبد الخالق الغجدواني( :ت ٕٓٓ .ىػ ُُٕٗ/.ـ ).كلد بقرية غجدكاف القريبة من
ٓتارل كنشأ هبا كتوُب كدفن هبا أيضان ،كىو الذم كضع (ا٠تتم) النقشبندم أم طريقة الذكر،
كمن ا١تعلوـ أف النقشبندية يولوف أ٫تية كربل ٢تذا ا٠تتم.
رابعاً -محمد بهاء الدين النقشبندي األويسي البخاري المعروف بشاه نقشبند :كىو شيخ
ىذه الطريقة ببل منازع كاليت أخذت اٝتها من اٝتو فأصبحت تعرؼ بالنقشبندية :كلد (ُٕٕق/
ُُّٕـ) بقصر العارفاف كىو قرية بالقرب من ٓتارل أصبح الشيخ ٤تمد بابا السماسي كالشيخ
األمَت كبلؿ ،كقد اقتصر الذكر على الذكر ا٠تفي كىذا النوع من الذكر أىم ما ٯتيز الطريقة
النقشبندية عن سواىا من الطرؽ الصوفية توُب ليلة االثنُت ثالث شهر ربيع األكؿ (ُٕٗق/
ُّٖٖـ) كدفن ُب بستانو كما أكصى.
ُ -األكراد البهائية كقد قاـ أتباع الشيخ بشرحها كتسميتها منبع األسرار.
-كما اشتهر بنظم بعض األبيات اٟتكمية بالفارسية قاـ مريدكه بتعريبها منها(ُ):
يؤخر فعل اليوـ منو إذل غد من كاف ذا عقل تربأ من فىت
-كقد كاف زاىدان متقشفان حريصان على الكسب اٟتبلؿ فكاف يأكل خبز الشعَت الذم يزرعو
بنفسو ،ككاف يلبس جبة من الصوؼ ،ككاف ٤تبان للفقراء يصنع ٢تم الطعاـ بيده ،كٮتدمهم
كيواسيهم لذلك أحبو اٞتميع كاعًتفوا بفضلو(ِ).
-كقد عرفت الطريقة النقشبندية منذ نشأهتا حىت اآلف بعدة أٝتاء:
ُ -فمن عهد أيب بكر حىت أيب يزيد البسطامي كانت تسمى صديقية.
ِ -كمن عهد أيب يزيد حىت عبد ا٠تالق الغجدكاين كانت تسمى طيفورية نسبة لبلسم األكؿ
أليب يزيد.
ّ -كمن الغجدكاين إذل ٤تمد هباء الدين كانت تسمى خواجكانية نسبة إذل ختم (ذكر)
ا٠تواجكاف الذم أدخلو الغجدكاين.
(يرل النقشبندية أف طريقتهم أقرب الطرؽ كأسهلها على ا١تريد للوصوؿ إذل درجة التوحيد كىي
طريقة الصحابة على أصلها دل تزد كدل تنقص فهي تدعو إذل العبودية التامة ظاىران كباطنان مع
االلتزاـ التاـ بآداب السنة النبوية كىي ٖتض على العزائم كٕتنب الرخص ُب ٚتيع اٟتركات
كالسكنات ُب العادات كالعبادات كا١تعامبلت ،كما أهنا متحررة من االبتداع كاال٨ترافات
كالشطحات كالرقص كسفاسف السماع كليس فيها كثرة اٞتوع ككثرة السهر ،كبالتارل فإهنا سليمة
من كدرات جهلة ا١تتصوفة ،ألهنا ملتزمة بآداب الشريعة اليت ٖتث على االعتداؿ كفضيلة
الوسط)(ِ).
أولً -التحقق بكماؿ اإلٯتاف باهلل كرسولو ،كٔتا جاء بو الرسوؿ ْ تيث تظهر نورانية تلك
اٟتقيقة ُب ٚتيع أعضاء ا١تريد ،كال يتسٌت ذلك إال ٔتبلزمة طاعة اهلل ،كابتغاء مرضاتو،
كمتابعة الرسوؿ ،ك٥تالفة النفس األمارة.
ثانياً -التحقق بكماؿ اإلسبلـ ا١تعرب عنو بالتزاـ العبد ّتميع األحكاـ الشرعية مع إظهار العجز
كاالفتقار كالذؿ كاالنكسار كالتسليم من حيث الظاىر كالباطن ،كال ٭تصل كماؿ اإلسبلـ إال
ٔتجاىدة النفس كبأف تتبٌع السنة النبوية ،كتعمل بالعزٯتة ،كتتجنب الرخصة.
( -كللطريقة النقشبندية قدـ راسخة ُب إنقاذ البشر من عادل الشركر ١تا فيها من التعاليم العالية،
فغايتها هتذيب النفوس ،كإيصا٢تا إذل ا١تاىية الغالية من اإلٯتاف) (ِ).
-كباٞتملة فهي( :أـ الطرائق كمعدف األسرار الصديقية كاٟتقائق ،كىي الطريق األقرب األسلم
األحكم األكضح ،كا١تشرب األعلى األصفى ا١تصوف عن قدح كل قادح) (ّ).
-كقد انتشرت ىذه الطريقة ُب أ٨تاء العادل اإلسبلمي كلو ،كإليها ينتسب كثَته من العلماء
ا١تشهورين ُب ىذا العادل ك من أشهرىم ُب ببلد الشاـ :الشيخ عيسى الكردم كتبلمذتو كمنهم
الشيخ ٤تمد أمُت الكردم الزملكاين ،كالشيخ ٤تمد أمُت كفتاركٍ ،ب الشيخ أٛتد كفتارك رٛتهم
اهلل.
(ْ)
الطريقة القادرية
( -كلد الشيخ عبد القادر عاـ (ْْٕىػ ػ ػ ػ َُٕٕ/ـ) ُب جيبلف أك كيبلف فعرؼ باٞتيبلين أك
الكيبلين ،كجيبلف إقليم فارسي يقع ُب اٞتنوب الغريب لبحر قزكين اشتق اٝتها من اٞتيارل ٔتعٌت
الوحل ،كذلك لكثرة ا١تستنقعات اليت تغمر اإلقليم) (ُ).
-ظل الشيخ عبد القادر ُب بلدتو جيبلف ٙتانية عشر عامان تلقى فيها بعض مبادئ العلوـ
الشرعية فقصد بغداد حيث كانت عنوانان ٟتضارة علمية ،فكانت ٣تمعان للعلماء كالفبلسفة،
كمركزان للفقهاء كالعلماء كاحملدثُت ،كمنتدل للشعراء كالكتاب كأصحاب الًتاجم كالسَت كالتاريخ،
ك٤ترابان للزىاد كالصوفية ،أمضى الشيخ عبد القادر ُب بغداد أكثر من سبعُت سنة عاصر خبل٢تا
ٜتسة من ا٠تلفاء العباسيُت كىم ا١تستظهر بأمر اهلل كا١تسًتشد كالراشد كا١تقتفي ألمر اهلل
كا١تستنجد باهلل ،ىذه الفًتة اليت كانت مؤلل باٟتوادث ا٠تطَتة حيث كاف الصراع عنيفان بُت
ا٠تلفاء العباسيُت كبُت سبلطُت آؿ سلجوؽ الذين كانوا يطمحوف إذل بسط نفوذىم كسيطرهتم
على الدكلة العباسية ،ككثر ُب ىذا الوقت حب الدنيا ،كالتكالب على شهواهتا كزخارفها كسيطر
النفاؽ كاٟتقد ،كالغل كاٟتسد ،كالكراىية كالبغضاء ،إذل غَت ذلك من اآلفات كا١تفاسد
االجتماعية.
-فلما رأل الشيخ عبد القادر ىذه اال٨ترافات ،كأدرؾ أف ىذه األمة ْتاجة ملحة إذل دعوة دينية
ٗتفف من الغلو ُب حب الدنيا ،كالشغف بلذاهتا ،كاإلقباؿ على مظاىرىا ،كتوقظ ُب النفوس
-كمن أجل أف ٭تقق الشيخ عبد القادر ىذه األىداؼ أقبل على طلب العلم هبمة عالية
كحرص شديد فكاف يتعلم ُب اليوـ ما يتعلمو أقرانو ُب أسبوع فأتقن العلوـ السائدة ُب عصره
على مشاىَت مشايخ بغداد آف ذاؾ ،فحصل علوـ القرآف كاألصوؿ كالفركع كعلم اٟتديث كقرأ
األدب كأخذ علوـ التصوؼ عن الشيخ ٛتاد بن مسلم الدباس كعن القاضي ابن سعيد ا١تخرمي
الذم لو سلسلة من ا١تشايخ تصلو بالشبلي فاٞتنيد فالسرم السقطي فمعركؼ الكرخي فداكد
الطائي فحبيب العجمي فاٟتسن البصرم فأمَت ا١تؤمنُت علي بن أيب طالبٍ ،ب حبب إليو شيخو
ٛتاد الدباس اجملاىدات كالرياضات ،كاف ىذا الشيخ قدكة ١تشايخ بغداد ،فقاـ الشيخ عبد القادر
هبذه اجملاىدات كالرياضات حىت صفا قلبو ،كناؿ مراده ،كمالت نفسو إذل إرشاد ا٠تلق إذل اٟتق
فسلمو شيخو أبو سعيد مدرستو بباب األزج ببغداد ،فقاـ الشيخ عبد القادر با١تهمة خَت
قياـ كالقى قبوالن منقطع النظَت من ٚتاىَت بغداد ،كأقبل عليو الناس من كل حدب كصوب حىت
إف ا١تدرسة ضاقت هبم ،فقاـ األغنياء منهم بشراء الدكر كاألماكن اجملاكرة ك٘تت توسعتها ،كما
لبثت أف نسبة إليو.
( -كتصدر هبا للتدريس كاالجتهاد ُب الوعظ مع االجتهاد ُب العلم كالعمل كٚتع اهلل قلوب
عباده على حبو ،كأ٢تج ألسنهم بالثناء عليو ،كانتهت إليو رئاسة العلم كالًتبية كاإلصبلح كاإلرشاد
كالدعوة إذل اهلل بالعراؽ ،كقصده الناس من اآلفاؽ ،ككاف ٭تضر ٣تالسو ُب بعض األحياف
ا٠تليفة كا١تلوؾ كالوزراء ،فيجلسوف متأدبُت خاشعُت أما العلماء كالفقهاء ،فبل يأٌب عليهم حصر،
كقد عد ُب بعض ٣تالسو أربعمائة ٤تربة) (ُ).
( -كاف الشيخ عبد القادر يبدأ درسو بذكر آية قرآنية ُب موضوع معُت ٍب يورد األحاديث النبوية
اليت تعُت على فهمهاٍ ،ب يذكر أقواؿ السلف الصاحل ُب تفسَتىا ٍب يدرل بدلوه ُب ىذا ا١توضوع
ٔتا يثَت إعجاب اٞتماىَت كيبث فيهم ركح اإلٯتاف كنور اليقُت فيتوب على يديو ألوؼ العصاة
كا١تذنبُت كيسلم الكثَت من اليهود كالنصارل) (ِ).
-توُب الشيخ عبد القادر ُب بغداد ُب رمضاف سنة ُٔٓى ػ ػ ػ ػ ػ ٘توز ُُٕٔـ ،كقد جاكز التسعُت
كقبيل كفاتو سألو ابنو عبد الوىاب النصيحة فقاؿ( :عليك بتقول اهلل ،كال ٗتف أحدان سول اهلل،
كال ترجو أحدان سول اهلل ،ككل اٟتوائج إذل اهلل ،كال تعتمد إال عليو ،كاطلبها ٚتيعان منو ،كال تثق
و
بأحد سول اهلل) (ّ).
-كقد صلى عليو كلده عبد الوىاب مع إخوتو كحشد كبَت من تبلمذتو كمريديو كأصحابوٍ ،ب
دفن بركاؽ مدرستو بباب األزج ببغداد.
ٍ( -ب ما دل لبث أف ٖتوؿ ضر٭تو إذل زكايا عظيمة لتخريج رجاالت القادرية ،أخذ من تواذل على
حكم بغداد ُب توسعة ىذه الزكايا كالعناية ُب تزيينها كزخرفتها حىت أضحت مزاران كمعلمان من
مزارات بغداد كمشاىدىا)(ْ).
ِ -الفتح الرباين كالفيض الرٛتاين ،كيضم ا١تواعظ اليت كاف يلقيها على تبلمذتو ُب مدرستو
ببغداد.
ْ -الفيوضات الربانية ُب ا١تآثر كاألكراد القادريةٚ ،تع الشيخ ٤تمد سعيد القادرم.
( -اشتهر الشيخ عبد القادر ْتسن أخبلقو كعلو ٫تتو كتواضعو هلل تعاذل كسخائو ككرمو كإيثاره،
ككاف ٬تالس الفقراء كيؤآكلهم ك٭تنو عليهم ،كاف ٭تفظ الود ،كيتجاكز عن السيئات ،كيتفقد من
غاب من تبلمذتو ،كيسأؿ عنهم) (ُ).
( -كمن تواضعو انو كاف يقف للصغَت كاٞتارية كذلك مع جبللة قدره كعلو منزلتو ،كبا١تقابل دل
يكن ليقف بباب كزير أك سلطاف طلبان لدنيا أك سعيان كراء جاه أك منفعة) (ِ).
( -ككاف حنبلي ا١تذىب لكنو دل يكن متعصبان ألف ٫تو األكحد الوصوؿ إذل اهلل سبحانو كتعاذل
كنيل رضوانو ،فكاف يقوؿ :اترؾ التعصب ُب ا١تذىب كاشتغل بشيء ينفعك ُب الدنيا
كاآلخرة)(ّ).
(كاف فقيهان ،زاىدان ،عابدان ،يتكلم إذل الناس كيرغبهم ُب الزىد كالتوبة ،ك٭تذرىم من العقوبة على
ا١تعصية ،فكاف يتوب على يده من ا٠تلق ما ال ٭تصى كثرتو ،كلو كرامات مستفيضة) (ّ).
(ٚتيل الصفات ،شريف األخبلؽ ،كامل األدب كا١تركءة ،كثَت التواضع ،دائم البشر ،كافر العلم
كالعقل ،شديد االقتفاء لكبلـ الشرع كأحكامو ،معظمان ألىل العلم ،مكرمان ألرباب الدين
كالسنة ،مبغضان ألىل البدعة كاألىواء٤ ،تبان ١تريدم اٟتق مع دكاـ اجملاىدة كلزكـ ا١تراقبة إذل ا١توت،
ككاف لو كبلـ عاؿ ُب علوـ ا١تعارؼ ،سخي الكف ،كرًن النفس على أٚتل طريقة) (ْ).
-كضع الشيخ عبد القادر اٞتيبلين رٛتو اهلل األسس كا١تبادئ للًتبية الركحية ،ككضع بعض
الصلوات كاألدعية كاألكراد لَتددىا السالكوف ،كىي ٚتيعان مستمدة من كتاب اهلل كمن سنة
-كلقد دعا الشيخ عبد القادر رٛتو اهلل إذل اٖتاد القوؿ كالفعل كمعانقة اإلخبلص كتفويض األمر
هلل كالرضا بقضائو كموافقة الكتاب كالسنة ُب كل حاؿ ككارد كخطرة ،كُب ذلك يقوؿ:
(اتبعوا كال تبتدعوا ،كأطيعوا كال ٗتالفوا ،كاصربكا كال ٕتزعوا ،كاثبتوا كال ٘تزقوا ،كانتظركا كال تيأسوا،
كاجتمعوا على األمر كال تفرقوا ،كانتبهوا من الذنوب كال تتلطخوا ،كعن باب موالكم ال
تربحوا)(ُ).
( -كلقد رأل أف ا١تعركؼ ىو كل ما كافق الكتاب كالسنة كالعقل ،كأف ا١تنكر ىو ما خالف ىذه
ا١تصادر)(ِ).
(ّ)
الطريقة الرفاعية
( -مؤسس ىذه الطريقة الشيخ أٛتد الرفاعي ،كىو أبو العباس أٛتد بن أيب اٟتسن علي بن ٭تِت
بن ثابت بن حازـ بن أٛتد بن علي بن رفاعة الرفاعي اٟتسيٍت البطائحي ا١تغريب أصبلن الشافعي
مذىبان ،كرفاعة ىذا اٝتو حسن ا١تكي كلقبو رفاعة ،ىاجر من مكة إذل ا١تغرب عاـ(ُّٕىػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ/
-التحق رفاعة بإحدل القبائل العربية بالقرب من إشبيليو باألندلس ،كظل أكالده يتناسلوف ىناؾ
إذل عهد ٭تِت جد الشيخ أٛتد ،فكاف ٭تِت أكؿ قادـ من ىذه األسرة إذل العراؽ حيث كصل
كعلو ا٢تمة ،تزكج بنت الشيخ حسن
البصرة عاـ (ْْٓى ػ ػ ػ ػ ػ ػَُٖٓ /ـ) ،كقد اشتهر بالزىدٌ ،
النجارم ككلد لو علي أبو اٟتسن كالد الرفاعي) (ُ).
ُ -ب عاـ (ََٓى ػ ػ ػ ػ ػ ػ َُُٔ/ـ) كلد أٛتد الرفاعي ُب قرية حسن بالبطائح بالقرب من كاسط
بالعراؽ ،كُب السابعة من عمره توُب كالده ببغداد فكفلو خالو الشيخ منصور البطائحي ،كقد
درس القرآف كحفظو كرتلو على الشيخ عبد السميع اٟتربوينٍ ،ب انتقل مع كالدتو كإخوتو كخالو
إذل قرية هنر دقلي حيث تتلمذ على الشيخ أيب الفضل علي القارئ الواسطي (كىو من كبار
ا١تتصوفة كعلماء زمانو) الذم قاـ بًتبيتو كتأديبو كتعليمو ،كما تلقى الفقو على ا١تذىب الشافعي
عن الشيخ عبد ا١تلك اٟتربوين (فقيو زمانو).
-كُب العشرين من عمره أجازه الشيخ أبو الفضل بعلوـ الشريعة كالطريقة كلقبو بأيب العلمُت
(الظاىر كالباطن).
( -كُب الثامنة كالعشرين من عمره سلمو خالو منصور مشيخة ركاؽ (أـ ىعبيدة) -ككانت زمن
الرفاعي مأىولة بالسكاف كموقعها ُب البطحاء قرب قضاء الرفاعي من ٤تافظة الناصرية بالعراؽ-
فامتثل أكامر خالو ،كأقاـ ُب تلك القرية ،أخذ باإلرشاد ،فكاف يقرأ ُب كل يوـ صباحان كمساءن
(ُ)ا١تصدر نفسو.
- 358 -
دركس الفقو كالتفسَت كاٟتديث كالعقائد ،كما كاف يعظ الناس كل اثنُت كٜتيس بعد صبلة الظهر
حيث كاف يقبل على ٣تالس كعظو اٞتم الغفَت من الناس) (ُ).
-ككاف إذا جلس على كرسيو ُب الدرس أحاطت بو أئمة العلماء كفحوؿ ا٠تطباء كا١ترشدكف
كالكثَت من ا٠تواص كالعواـ ،فإذا أخذ بالتحدث جرل العلم على لسانو كالبحر ا١تتدفق فيذىل
العارفُت بببلغتو كسعة علمو ،كٮترس اٞتامدين كا١تارقُت بقوة حججو ،فاألدباء تأخذ نصيبها من
فصاحتو ،كالعلماء من معارفو ،كالفبلسفة من ٖتقيقو كحكمو.
-ككاف الرفاعي يقرأ القرآف ك٬توده على أحسن كجو ،كقد أتقن ىذا الفن على شيخو علي
القارمء الواسطي ،ككاف الرفاعي ُب شبابو يتجنب األقراف منصرفان إذل رياضة الذكر ك٣تاىد النفس
كتركيضها حىت تًتقى ُب مقامات الطريق (حىت انتهت إليو الرئاسة ُب علوـ الطريق كشرح أحواؿ
القوـ ككشف مشكبلت منازالهتم ،فتخرج بصحبتو اٞتمع الكثَت كأثٌت عليو العارفوف ،كقدمو
(ِ).
السالكوف)
( -كُب عاـ ٓٓٓىػ ػ ػ ػ ػ ػُُٓٔ /ـ قاـ الرفاعي بأداء فريضة اٟتج مع ٚتوع غفَتة من مريديو ،ك٦تا
يذكره الركاة أنو كقف ٕتاه قرب الرسوؿ كقاؿ :السبلـ عليك يا جدم كأنشد:
تقبل األرض عٍت فهػ ػي نائبتػ ػ ػ ػ ػ ػ ػي ُب حالة البعد ركحي كنت أرسلها
(ّ)
فامدد ٯتينك قد ٖتظى هبا شفػيت) كىذه دكلة األشباح قد حضػ ػ ػ ػ ػرت
-كقد قيل أنو حدثت لو حالة ركحية شعر هبا أف النيب قد أخرج يده فقبلها.
-ككاف يوـ كفاتو مشهودان إذ احتشدت اٞتموع لتشييعو من كل ا١تدف كالقرل كبلغت مراثيو أكثر
من ألف قصيدة ،كقد ترؾ الشيخ الرفاعي رٛتو اهلل مؤلفات كثَتة كمتنوعة فقد معظمها إباف
ىجوـ التتار على العراؽ كتدمَتىم للحضارة اإلسبلمية بالعراؽ ،كأشهر ما بقي منها:
ُ -الربىاف ا١تؤيد :كىو عبارة عن ٣تالس كعظو،ك قد ٚتعو كدكنو تلميذه شرؼ الدين بن
الشيخ عبد السميع الواصد ،كىو من الكتب ا١تهمة ُب بياف أصوؿ الطريق الرفاعية.
ِ -حالة أىل اٟتقيقة مع اهلل :كيتضمن أربعُت ٣تلسان ُب كل ٜتيس ٣تلس ،كيبدأ الرفاعي
٣تلسو بذكر حديث نبوم ٍب يأخذ ُب شرحو ٔتا أكٌب من علوـ الصوفية كأقوا٢تم مستشهدان
باآليات القرآنية.
-كمن أىم مصنفاتو ا١تفقودة :شرحو لكتاب التنبيو أليب إسحاؽ الشَتازم ُب فركع الفقو
الشافعي ،كقد شرحو الرفاعي ُب ستة ٣تلدات كبَتة.
-فقد ذكر اإلماـ أٛتد الرفاعي ٖتت عنواف الرقص كالسماع ما يلي( :إًيش أعمل بالسماع
الذم يرقص فيو الراقص بغَت قلب ،ك٧تاسة النفس لطختو ،كيف ٭تسب برقصو كنقصو من
الذاكرين؟
( -أخذ الرفاعي اإلجازة ُب التصوؼ من شيخو علي القارمء الواسطي كىو من ابن كامخ
الواسطي ،كىو من علي بن تركاف ،كىو من أيب علي الركذبارم ،كىو من علي العجمي ،كىو من
م السقطي ،كىو من
أيب بكر الشبلي ،كىو من أيب القاسم اٞتنيد البغدادم ،كىو من خالو السر ٌ
( -كقد تأسى الشيخ أٛتد الرفاعي رٛتو اهلل بالرسوؿ الكرًن ،فأخذ عنو األخبلؽ اٟتميدة
كالصفات الرحيمة فقد كاف رٛتو اهلل ىينان لينان ،حسن ا٠تىلق ،كرًن ا٠تيلق حلو ا١تكا١تة لطيف
ا١تعاشرة ال ٯتلو جليسو ٛتوالن لؤلذل كفيان إذا عاىد جوادان من غَت إسراؼ متواضعان من غَت ذلة
كاظمان للغيظ من غَت حقد أعلم أىل عصره بكتاب اهلل كسنة رسولو.
ككاف يعود ا١ترضى ،كيغسل ثياهبم ،ك٭تمل إليهم الطعاـ ،كيأكل معهم ك٬تالسهم كيسأ٢تم
الدعاء ،ككاف ٮترج إذل الطريق ينتظر العمياف حىت إذا جاؤكا أخذ بأيديهم ،ككاف يعطف على
ا١تسنُت كيوصي هبم خَتان ،ككاف يعفو كيصفح عمن يسيء إليو) (ِ).
(ّ)
الطريقة الشاذلية
( -كُب عاـ (ٔٓٔى ػ ػ ػ ػ ػ ػُِٖٓ /ـ) انطلق كفد الشاذلية ألداء فريضة اٟتج كُب إحدل
ليارل شهر شواؿ من العادل ذاتو ٚتع أصحابو كأكصاىم بأمور كثَتة كما أكصاىم ْتفظ
كترداد أحزابوٍ ،ب اختلى بالشيخ أيب العباس ا١ترسي ،كأكعز إذل أصحابو بأف أبا العباس
سيكوف خليفتو ُب مشيخة الطريقة من بعده ،كبات الشاذرل ُب ذكر اهلل كالتضرع إليو
حىت كقت السحر فسكت كظن اٞتميع أنو قد ناـ فكلموه فلم يتكلم فحركوه فلم
يتحرؾ فوجدكه ميتان فدفنوه ْتميثراُ ،ب برية عيذاب ُب كاد على طريق الصعيد ،كقد
أكمل الوفد بعد مراسم الدفن طريقو إذل اٟتج برئاسة خليفتو ا١ترسي) (ِ).
( -كاف الشاذرل يرتدم الثياب اٟتسنة على غَت عادة معظم الصوفية كما كاف يتناكؿ
الطعاـ الشهي كيشرب ا١تاء البارد ألنو ٘تسك بقاعدة :اعرؼ اهلل ٍب كن كيف شئت،
ككاف فصيح اللساف عذب الكبلـ ال ٯتلو السامع ،حافظان للقرآف الكرًن ،متبعان للسنة
ككاف جوادان كرٯتان يسعى جهده ُب قضاء حوائج الناس ،كالتخفيف من ىك ٍط ًء ا١تصائب
كالكوارث اليت تنزؿ هبم ،فكاف يًتدد إذل األمراء كالوالة شافعان كمدافعان.
كاف يعمل ُب اٟترث كالغرس كاٟتصاد كتربية ا١تاشية حيث يأخذ ما ٭تتاج إليو ٍب
يتصدؽ بالباقي على الفقراء كاحملتاجُت ،ككاف عا١تان كرعانْ ،تران عميق الغور ،كمربيان ٦تتازان،
تتلمذ على يديو صفوة رجاؿ الفكر كالعلم ،كأسس أعظم مدرسة فكرية ُب اجملتمعات
الصوفية) (ُ).
( -دل يًتؾ الشاذرل كتبان بالرغم من اىتمامو بالعلم كمطالعتو الكثَتة كفقهو ُب ٥تتلف ٣تاالتو،
(دلى ال تضع كتابان ُب الداللة على اهلل ،كعلى علوـ القوـ؟ أجاب :كتيب كعندما سأؿ مرةً :
أصحايب) فقد اعترب تربية ا١تريدين أفضل من تأليف الكتب ،كتدكين ا١تصنفات ،كمع ذلك فقد
(ِ)
كأدعية ركاىا عنو مريدكه كالعلماء ترؾ الشاذرل ثركة عظيمة من حكم ككصايا كأحزاب
كنشركىا ُب كتب الصوفية) (ّ).
الرازم ،البغوم.)..
د٤.تمد سليماف األشقر ُّ -أفعاؿ الرسوؿ كداللتها على األحكاـ التشريعية:
ْٔ -الذيل على صفات اٟتنابلة على ترٚتة ابن القيم :ابن رجب اٟتنبلي
الشيخ بكر أبو زيد ُّٓ -معجم ا١تناىي كمعو فوائد ُب األلفاظ
تاج الدين ابن عطاء السكندرم ُٔٓ -مفتاح الفبلح ُب ذكر الكرًن الفتاح:
ُ -اآلداب اإلسبلمية للناشئة ثبلثة أجزاء اٞتزء األكؿ (ا١ترحلة االبتدائية) اٞتزء الثاين
(ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف). (ا١ترحلة اإلعدادية) اٞتزء الثالث (ا١ترحلة الثانوية)
ِ -اآلداب اإلسبلمية للناشئة ٣تلد (للوالدين كالدعاة) (ٯتكن توزيعو ىدية ٢تم).
ّ -األخبلؽ اإلسبلمية للناشئة ثبلثة أجزاء اٞتزء األكؿ (ا١ترحلة االبتدائية) اٞتزء الثاين
(ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف). (ا١ترحلة اإلعدادية) اٞتزء الثالث (ا١ترحلة الثانوية)
ْ -األخبلؽ اإلسبلمية للناشئة ٣تلد (للوالدين كالدعاة) (ٯتكن توزيعو ىدية ٢تم).
ٓ -منهج اإلسبلـ ُب تربية عقيدة الناشئ (ٖتتاجو كل أسرة ُب تربية أبنائها).
داع ُب
ٔ -منهج اإلسبلـ ُب تزكية النفس (يػي ىع ٌد منهجان ُب الًتبية كالتوجيو ٭تتاجو كل و
تربية من يدعوىم كما ٭تتاجو كل مسلم ُب تزكيتو لنفسو).
ٕ -اٞتواىر اإلٯتانية (جزءاف ُب ٣تلد) (للخطباء كا١تدرسُت كالدعاة).
ٖ -الزكاج ا١تبارؾ (لكل ر و
اغب ُب أف يكوف زكاجو مباركان ،كىو من أفضل الكتب اليت
توزع ُب مناسبات الزكاج).
ٗ -تعلم مع أكيس الفقو (تعليم األطفاؿ مبادئ الفقو اليت ٭تتاجوهنا أك تعليم الوالدين
مبادئ الفقو األساسية ألكالدىم) (ٯتكن توزيعو ُب دكرات القرآف).
داع
َُ -الربنامج اليومي للمسلم اٟتق (قي كل شؤكف دينو كديناه كآخرتو ٭تتاجو كل و
لًتبية من يدعوه كما ٭تتاجو كل مسلم يرسم لنفسو برنا٣تان إٯتانيان).
- 381 -
كداع).
ُُ -معرفة اهلل (الطريق ١تعرفة اهلل عقبلن كقلبان ٭تتاجو كل مسلم و
ُِ -الوصايا القيمة لكل فتاة مؤمنة (يرسم الطريق الصحيح الذم ٬تب أف تسَت عليو
الفتاة ا١تؤمنة ُب حياهتا) (ٯتكن توزيعو على الطالبات كتدريسو من قبل ا١تشرفات كما
٢تن ُب ا١تناسبات ا١تختلفة).
ٯتكن تقدٯتو ىدية ٌ
ُّ -االعًتاؼ باٞتميل ٚتيل (دعوة لئلحساف إذل اآلخرين كرد اٞتميل عليو) (ٯتكن
تقدٯتو ىدية ُب مناسبات متعددة كعيد األـ كعيد ا١تعلم).
ُْ -رسالة من ا١تيت للمعزين (يصلح أف يوزع ُب التعازم).
ُٓ -رسالة العشر األخَت من رمضاف (ٯتكن توزيعو ُب شهر رمضاف).
ُٔ -عمرة تقدر بالعمر (جزءاف) (٭تتاجو كل من أراد أف يؤدم عمرة ال تنسى).
ُٕ -أدعية مكة (٭تتاجو كل من أراد أف يؤدم عمرة ُب مواقف الدعاء).
ُ -أكالدم قرة عيٍت (٭تتاجو كل من الوالدين ألنو يرسم الطريقة ا١تثلى ُب تربية األبناء
من مرحلة اٟتمل إذل هناية ا١تراىقة).
داع كمسلم للرد على كثَت من الشبهات).
ِ -اتباع ال ابتداع (٭تتاجو كل و
ّ -ا١تولد النبوم اتباع ال ابتداع (يرد على كل الشبو اليت تتعلق باالحتفاؿ با١تولد
النبوم) (ٯتكن تقدٯتو ىدية ُب مناسبات ا١تولد).
ْ -األمل (يضع األمل الفسيح ُب قلب ا١تسلم ُب مواجهة الصعاب كالعقبات)
(ٯتكن توزيعو ُب مناسبات األفراح أك عيادة ا١ترضى).
ٓ -إذل اٟتبيب خذكين (ز ياد من أراد أف يزكر النيب ُ ب ا١تدينة ا١تنورة كالربنامج ا١تثارل
الذم ٬تب أف يطبق ىناؾ).
ٔ -ميتة حسب الطلب (ٯتكن أف يوزع ُب مناسبات التعزية).
ٕ -دعاء اإلفطار (ٖتتاجو كل أسرة ُب شهر رمضاف ُب دعائها عند اإلفطار)
(ٯتكن توزيعو على األرحاـ كاألقارب كاٞتَتاف كُب ٣تالس الدعوة ُب شهر رمضاف).
ٖ -بادر كاغتنم (دعوة لضركرة اغتناـ دقائق اٟتياة بأفضل اٟتسنات).
ٗ -رسالة ك و
لياؿ عشر (برنامج ا١تسلم ُب األياـ العشر األكائل من ذم اٟتجة) (ٯتكن
توزيعو على األرحاـ كاألقارب كاٞتَتاف كُب ٣تالس الدعوة ُب ىذه ا١تناسبة).
َُ -دليل العمرة (٭تتاجو من أراد أف يؤدم عمرة مقبولة مثالية).
ُُ -دليل اٟتج (٭تتاجو من أراد أف يؤدم اٟتج على أعلى مستول).
مقدمة
الباب األول :المدخل إلى علم التصوف:
الشطح.
المحاسبة ٕ-
المحبة ٖ-
التقوى ٗ-
اإلخالص ٘-
الستقامة -ٙ
الزىد -ٚ
الرضا -ٛ
الشكر -ٜ
ٓٔ -الصبر
أبحاث في التصوف
ٌ الباب الخامس:
أولياء اهلل. ٔ-
التوسل. ٖ-
المراجع والمصادر.