Professional Documents
Culture Documents
مقدمة:
الحمد هلل كحده ،كالصالة كالسالـ عمى مكالنا رسكؿ اهلل ،كعمى آلو كصحبو كمف اتبع
ىداه إلى يكـ الديف.
ك بعد :
فقد اقتضت العادة ،في كمية الشريعة (بجامعة سيدم محمػد بف عبد اهلل بفاس) ،كبعد
ممارسة حية استمرت عدة سنيف ،تقديـ مداخؿ لطالب الفصؿ األكؿ كالتي مف بينيا :مدخؿ
لدراسة الشريعة لتسميط الضكء عمى معالـ ىذه الشريعة كخصائصيا ،كمقاصدىا كمصادرىا،
كأطكار التشريع اإلسالمي كمراحمو ،ك بياف تميز الشريعة اإلسالمية عف غيرىا مف الشرائع
السماكية ،كالكقكؼ عمى جكانب المركنة فييا ،مما جعميا أىال لمخمكد بحؽ ،كلمصالحية لكؿ
زماف كمكاف ،كما شيد بذلؾ منطؽ الكحي ،كمنطؽ التاريخ ،كمنطؽ الكاقع ،كالمنصفكف ليذا
الديف ،مف أنحاء العالـ.
كنرجك مف اهلل العمي القدير أف يجد طالب العمـ في ىذا المدخؿ ما ييميـ معرفتو
عف الشريعة اإلسالمية ،كأف يحقؽ ما أراده المنيج مف أىداؼ التي يتنادل العالـ اإلسالمي
مف مشرقو إلى مغربو ،بضركرة االحتكاـ إلى الشريعة اإلسالمية في كؿ جكانب الحياة ،كىك
ما نأمؿ أف يتحقؽ في كاقعنا الحالي عمى ىدل كبصيرة إف شاء اهلل.
كيتضمف ىذا المدخؿ مقدمة كتمييدا كثالثة فصكؿ كخاتمة كفيارس عممية.
2
تمييد :
تعريؼ الشريعة:
الشريعة لغة :مشتقة مف شرع الشيء ،بمعنى بينو كأكضحو ،أك ىك مف الشرعة
كالشريعة ،بمعنى المكضع الذم يكصؿ منو إلى ماء معيف ال انقطاع لو ،كال يحتاج كارده أك
شاربو إلى آلة.
كمادة " :شرع" كردت خمس مرات في القرآف ،جاءت في صيغة فعؿ ماضي في قكلو
تعالى ( :شرع لكـ مف الديف ما كصى بو نكحا كالذم أكحينا إليؾ كما كصينا بو إبراىيـ
كمكسى كعيسى أف أقيمكا الديف كال تتفرقكا فيو).1
كما شرعو اهلل ىنا يتعمؽ باألصكؿ ال بالفركع كبالعقائد ال باألعماؿ كىذا ما اتفقت
عميو كؿ الرساالت اإلليية ،مف عيد سيدنا نكح عميو السالـ إلى عيد سيدنا محمد خاتـ
النبييف.
كىذا كمو في القرآف المكي ،كفي القرآف المدني ،جاء قكلو تعالى في سكرة المائدة:
(لكؿ جعمنا منكـ شرعة كمنياجا).3
كجاءت بمعنى الطريقة في قكلو تعالى ( :ثـ جعمناؾ عمى شريعة مف األمر فاتبعيا
كال تتبع أىكاء الذيف ال يعممكف).4
كالشريعة في االصطالح الشرعي :ما شرعو اهلل تعالى مف األحكاـ ،كسميت ىذه
األحكاـ شريعة الستقامتيا كلشبييا بمكرد الماء؛ ألف بيا حياة النفكس كالعقكؿ كاألبداف.
الشريعة كالفقو:
الشريعة :ما شرعو اهلل مف األحكاـ الثابتة باألدلة مف الكتاب كالسنة ،كما تفرع عنيا
مف اإلجماع كالقياس كاألدلة األخرل.
كالفقو :لغة الفيـ كىك أخص مف العمـ ،كقد غمب عمى عمـ الديف لسيادتو كشرفو
كفضمو عمى سائر أنكاع العمـ .4كفي االصطالح الشرعي :ىك العمـ المتعمؽ باستنباط
األحكاـ الشرعية العممية المكتسبة مف أدلتيا التفصيمية.
قاؿ الجرجاني :كىك عمـ مستنبط بالرأم كاالجتياد كيحتاج فيو إلى النظر المتأمؿ،
كليذا ال يجكز أف يسمى اهلل تعالى فقييا؛ألنو ال يخفى عميو شيء .5
فالشريعة :ىي الغاية ،كالفقو ىك الطريؽ ،كيطمؽ الفقو كذلؾ عمى مجمكعة األحكاـ
الشرعية العممية المستنبطة مف األدلة التفصيمية .كليذا نقكؿ :كتب"الفقو" كمكسكعة "الفقو"،
كيراد بالفقو :مجمكعة األحكاـ المدكنة.
نكع ثابت بأدلة مباشرة مف نصكص الكتاب كالسنة ،مما ىك صريح الداللة عمى
الحكـ ،كىك قميؿ بالنسبة لباقي األحكاـ ،لكنو أكثر أىمية؛ ألنو يمثؿ األساس المكيف لبناء
الشريعة كميا ،كىذا النكع يمثؿ جزءا أساسيا مف الشريعة ،كىذا أمر بيف كال يختمؼ فيو اثناف.
كالنكع الثاني كىك أكثر أحكاـ الشريعة ،كىك مجاؿ عمـ الفقو ،كعمؿ الفقياء ،كقد عممت فيو
عقكؿ أىؿ الفقو اجتيادا كاستنباطا مف أدلة الكتاب كالسنة ،أك مما ال نص فيو ،عف طريؽ
القياس أك االستصالح أك االستحساف ،أك رعاية العرؼ ،أك االستصحاب ..إلخ.
الفقو عمـ شرعي مبني عمى الكحي اإلليي كعمؿ العقؿ في استنباط األحكاـ ليس
مطمقا مف كؿ قيد ،بؿ ىك مقيد باألصكؿ الشرعية في االستدالؿ.
كالشريعة تكجد داخؿ مجمكعة الفقو اإلسالمي ،إال فيما جد مف أحداث ككقائع ،فإف
حكـ الشريعة فيو ما تستنبطو عقكؿ الفقياء المعاصريف في ضكء أصكؿ الشريعة
كمقاصدىا ،ثـ يضاؼ بعد ذلؾ إلى باقي العمكـ الفقيية ،كليذا فإف رفض الفقو اإلسالمي
باعتباره عمال بشريا غير معصكـ ،يؤدم إلى رفض الشريعة ذاتيا.
كأما "القانكف" فيك كممة ُم َع َّرَبة ،كفي المعجـ الكسيط" :ىك أمر كمي ينطبؽ عمى
جميع جزئياتو التي تعرؼ أحكاميا منو".
كعرؼ القانكف العمماء قديما بأنو :القاعدة الكمية التي تندرج تحتيا أحكاـ جزئية.
كالقانكف في تعريؼ آخر :ما كضعو البشر مف أحكاـ لتنظيـ شؤكف حياتيـ كعالقاتيـ
بعضيـ ببعض أفرادا كجماعات كدكال.
فالشريعة مف كحي اهلل تعالى ،كالقانكف مف كضع الناس .كليذا يطمؽ عميو "القانكف
الكضعي".
5
كقد يطمؽ لفظ القانكف :عمى مجمكعة مف القكاعد الممزمة التي تنظـ عالقات األفراد
في المجتمع تنظيما عادال يكفؿ حريات ىؤالء األفراد ،كيحقؽ الخير العاـ لمجماعة ،أم أنو
مجمكعة األحكاـ الكضعية في مجتمع معيف ،أكفي زماف معيف ،كفي مكاف معيف كفي مجاؿ
معيف مثؿ القانكف الجنائي ،أك القانكف المدني ،أك قانكف األسرة ،كقد يراد بو مجمكعة
األحكاـ الكضعية كميا ،التي يرجع إلييا الناس إذا اختصمكا فيما بينيـ.
كال يمكف فيـ القانكف كدراستو دكف االستعانة بمصادره األخرل كالعرؼ كالفقو
كالقضاء.
كالشريعة شاممة لمعقيدة كاألخالؽ كالفضائؿ كاألحكاـ ،كىي صالحة لكؿ زماف كمكاف،
كالجزاء فييا دنيكم كأخركم ،بينما الجزاء في القانكف دنيكم فقط.
كليس في القانكف اعتبار لمفضائؿ األخالقية التي تكقظ الضمير اإلنساني ،كتحفز
اإلنساف عمى فعؿ الخير ،كال اعتبار لمعقيدة الدينية فيو التي تكطد العالقة بيف العبد كخالقو.
كمف أقدـ القكانيف الكضعية التي عرفيا البشر :قانكف "حمك رابي" في بابؿ ،كمف
أشير المجمكعات القانكنية القديمة :القانكف الركماني ،الذم كاف لو تأثيره عمى القكانيف
الغربية الحديثة ،كالذم تأثرت بو قكانيننا الكضعية في البالد اإلسالمية.
نشأة الشريعة:
جاءت الشريعة شابة كمكتممة ،كنزلت مف عند اهلل تعالى شريعة كاممة كشاممة
كجامعة كمانعة ال ترل فييا عكجا ،كال تشيد فييا نقصا ،أنزليا اهلل تعالى مف سمائو عمى
قمب رسكلو محمد صمى اهلل عميو كسمـ في فترة قصيرة ال تجاكز المدة الالزمة لنزكليا ،فترة
بدأت ببعثة الرسكؿ كانتيت بكفاتو ،أك انتيت يكـ قاؿ اهلل تعالى " :اليكـ أكممت لكـ دينكـ
كأتممت عميكـ نعمتي كرضيت لكـ اإلسالـ دينا ".1
كلـ تأت الشريعة لجماعة دكف جماعة ،أك لقكـ دكف قكـ ،أك لدكلة دكف دكلة ،كانما
جاءت لمناس كافة مف عرب كعجـ ،فيي شريعة عالمية ،شريعة كؿ أسرة ،كشريعة كؿ قبيمة
كشريعة كؿ جماعة ،كشريعة كؿ دكلة.
كلـ تأت الشريعة لكقت دكف كقت ،أك لعصر دكف عصر ،أك لزمف دكف زمف ،كانما
ىي شريعة كؿ كقت ،كشريعة كؿ عصر كشريعة الزمف كمو حتى يرث اهلل األرض كمف
عمييا.
كنصكص الشريعة عامة كمرنة بحيث تحكـ كؿ حالة جديدة كلك لـ يكف في اإلمكاف
تكقعيا ،كىي غير قابمة لمتغير كالتبديؿ ،كما تتغير نصكص القكانيف الكضعية كتتبدؿ.
كلقد جاءت الشريعة مف يكـ نزكليا بأحدث النظريات التي كصؿ إلييا أخي ار القانكف
الكضعي ،كحسبنا أف نعرؼ أف كؿ ما يتمنى رجاؿ القانكف اليكـ أف يتحقؽ مف المبادئ
مكجكد في الشريعة مف يكـ نزكليا.
نشأة القانكف:
القانكف الكضعي كالكليد ينشأ صغي ار ضعيفا ،ثـ ينمك كيقكل شيئا فشيئا حتى يبمغ
أشده ،كىك يسرع في التطكر كالنمك كالسمك كمما تطكرت الجماعة التي يحكميا ،كيبطئ في
تطكره كنمكه كمما كانت الجماعة بطيئة النمك كالتطكر ،فالجماعة إذف ىي التي تخمؽ القانكف
الكضعي كتصنعو عمى الكجو الذم يسد حاجاتيا ،كينظـ حياتيا ،كىك تابع ليا كتقدمو مرتبط
بتقدميا.
كقد نشأ القانكف في البداية مع األسرة كالقبيمة كالجماعة إلى نشكء الدكلة ،التي كحدت
العادات كالتقاليد كجعمت منيا قانكنا ممزما لمجميع ،لكف قانكف كؿ دكلة لـ يكف يتفؽ مع
قكانيف الدكؿ األخرل.
إال أف ىذا الخالؼ ظؿ قائما إلى بداية القرف الثامف عشر،كتطكر القانكف الكضعي ،مع
ظيكر نظريات فمسفية كعممية كاجتماعية حديثة تقكـ عمى أساس العدالة كالمساكاة كالرحمة
كاإلنسانية ،كقد أدل شيكع ىذه النظريات في العالـ إلى تكحيد معظـ القكاعد القانكنية في
7
كثير مف دكؿ العالـ ،كلكف بقي لكؿ دكلة قانكنيا الذم يختمؼ عف غيره مف القكانيف في
كثير مف الدقائؽ كالتفاصيؿ.
إف الشريعة ال تماثؿ القانكف كال تساكيو ،كال يصح أف تقاس بو ،كطبيعة الشريعة
تختمؼ تماما عف طبيعة القانكف ،كتختمؼ الشريعة اإلسالمية عف القكانيف اختالفا أساسيا مف
ثالثة كجكه:
أف الشريعة مف عند اهلل ،أما القانكف مف صنع البشر. الكجو األكؿ:
فالشريعة تتمثؿ فييا قدرة الخالؽ ككمالو كعظمتو كاحاطتو بما كاف كما ىك كائف،
كليست في حاجة لمتغيير كالتبديؿ ميما تغيرت األكطاف كاألزماف كتطكر اإلنساف.
أما القانكف فيتمثؿ فيو نقص البشر كعجزىـ كضعفيـ كقمة حيمتيـ ،كمف ثـ كاف
القانكف عرضة لمتغيير كالتبديؿ أك التطكر مع تطكر الجماعة ،فالقانكف ناقص دائما كال
يمكف أف يبمغ حد الكماؿ ماداـ صانعو غير كامؿ كغير محيط بما سيككف كاف استطاع
اإللماـ بما كاف.
أف الشريعة قكاعد دائمة ال تقبؿ التغيير كالتبديؿ لكنيا عامة كمرنة الكجو الثاني:
كسامية كمرتفعة ال تتأخر عف مستكل الجماعة في أم عصر.
أما القانكف :فيك عبارة عف قكاعد مؤقتة تضعيا الجماعة لتنظيـ شؤكنيا كسد
حاجاتيا ،فيي متأخرة عف الجماعة.
الكجو الثالث :أف الجماعة ىي التي تصنع القانكف كتمكنو بعاداتيا كتقاليدىا
كتاريخيا ،فالقانكف متأخر عف الجماعة كتابع لتطكرىا.
أما الشريعة فميست مف صنع الجماعة ،بؿ مف صنع اهلل تعالى الذم أتقف كؿ شيء
خمقو ،كأف الشريعة يقصد بيا خمؽ الفرد الصالح كالجماعة الصالحة ،كالمسممكف مف صنع
الشريعة كتقدميـ كرقييـ رىيف بتطبيؽ الشريعة.
8
9
الفصؿ األكؿ :
إف الشريعة التي أنزليا اهلل عمى نبينا محمد عميو الصالة كالسالـ ،بمغت ذركة الكماؿ،
كرضييا اهلل تعالى لمناس دينا ،فكانت ىي الديف الكامؿ الذم أتـ اهلل تعالى بو عمينا نعمتو:
(اليكـ أكممت لكـ دينكـ كأتممت عميكـ نعمتي كرضيت لكـ اإلسالـ دينا ) ،1كبعد ما نادل
جميع األنبياء كالرسؿ عمييـ السالـ بالتكحيد كنبذ الشرؾ كالمشركيف؛ فييتؼ كؿ بقكمو ( :إنا
أرسمنا نكحا إلى قكمو أف أنذر قكمؾ قبؿ أف يأتييـ عذاب أليـ قاؿ :يا قكـ إني لكـ نذير
مبيف) ،2كقكلو تعالى (:لقد أرسمنا نكحا إلى قكمو فقاؿ :يا قكـ اعبدكا اهلل ما لكـ مف إلو
غيره إني أخاؼ عميكـ عذاب يكـ عظيـ ) ،3كجاء الرسكؿ األميف خاتـ النبييف كجامع كممة
المرسميف كنادل الناس جميعا ( :يا أييا الناس اعبدكا ربكـ الذم خمقكـ كالذيف مف قبمكـ
لعمكـ تتقكف). 4
كقد فصؿ اهلل تعالى سمات ىذه الدعكة العالمية العامة ،كعرضيا في كثير مف اآليات
القرآنية ،فقاؿ تعالى ( :قؿ يا أييا الناس إني رسكؿ اهلل إليكـ جميعا الذم لو ممؾ
السماكات كاألرض ال إلو إال ىك يحيي كيميت فآمنكا باهلل كرسكلو النبي األمي الذم يؤمف
باهلل ككمماتو كاتبعكه لعمكـ تيتدكف).3
كما أرسمناؾ إال كافة لمناس بشي ار كنذي ار كلكف أكثر الناس ال كقكلو تعالى ( :
يعممكف) ،4كقكلو تعالى ( :يا أييا الناس قد جاءكـ الرسكؿ بالحؽ مف ربكـ فآمنكا خي ار لكـ
كاف تكفركا فإف هلل ما في السماكات كاألرض)( ،5تبارؾ الذم نزؿ الفرقاف عمى عبده ليككف
لمعالميف نذي ار).6
كأشار رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ إلى عمكـ بعثتو كعالمية دعكتو فقاؿ:
"كأعطيت خمسا لـ يعطيف أحد قبمي :كاف كؿ نبي يبعث إلى قكمو خاصة ،كبعثت إلى كؿ
أحمر كأسكد ،كأحمت لي الغنائـ ،كلـ تحؿ ألحد قبمي ،كجعمت لي األرض طيبة كطيك ار
كمسجدا ،فأيما رجؿ أدركتو الصالة صمى حيث كاف ،كنصرت بالرعب بيف يدم مسيرة
شير ،كأعطيت الشفاعة".7
كمف ثـ كاف محمد رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ خاتـ األنبياء كالمرسميف ،ككانت
رسالتو خاتمة الرساالت جميعا ( :ما كاف محمدا أبا أحد مف رجالكـ كلكف رسكؿ اهلل كخاتـ
النبييف).2
كيصكر الرسكؿ الكريـ صمى اهلل عميو كسمـ ختـ رسالتو لمرساالت السابقة ،ككيؼ أتـ
البناء الذم تعاقبت عميو رسؿ اهلل الكراـ ،فيقكؿ " :مثمي كمثؿ األنبياء مف قبمي ،كمثؿ رجؿ
بنى بيتا ،فأحسنو كأجممو إال مكضع لبنة مف زاكية (مف زكاياه) فجعؿ الناس يطكفكف بو،
كيعجبكف لو ،كيقكلكف :ىال كضعت ىذه المبنة؟ فأنا المبنة كأنا خاتـ النبييف" .3
السابقة:
كاذا كاف الرسكؿ الكريـ عميو أفضؿ الصالة كالسالـ قد أرسؿ مف عند اهلل تعالى بديف
بمغ ذركة الكماؿ ،ككجيت الدعكة لمعالميف كافة ،كختـ اهلل باإلسالـ الرساالت ،فإف ىذا
الكماؿ كتماـ النعمة يقضي بقطع صمة اإلنسانية عف سائر الرساالت في طاعتيا كاتباعيا،
مع اإليماف بأصكليا المنزلة ،ال بما آلت إليو بعد التحريؼ عمى يد األتباع.
فكؿ ما جاء بو األنبياء السابقكف كعرضكه عمى اإلنسانية كدعكىا إلى اتباعو ،قد نسخ
برسالة محمد صمى اهلل عميو كسمـ ،كالشؾ أف اإليماف بنبكتيـ كصدؽ دعكتيـ عمى يد
األتباع.
فكؿ ما جاء بو األنبياء السابقكف كعرضكه عمى اإلنسانية كدعكىا إلى اتباعو ،قد نسخ
برسالة محمد صمى اهلل عميو كسمـ ،لكف اإليماف بنبكتيـ كصدؽ دعكتيـ عمى كجو اإلجماؿ
أ -أف ال تعكد اإلنسانية بحاجة إلى الناقص بعد أف جاءىا الكامؿ.
ب -أنو قد لعبت يد التحريؼ كاإلىماؿ بسيرة كتعاليـ األنبياء السابقيف مما لـ يعد مف
الممكف أف تتبعيـ اإلنسانية فعال .1
كليذا فإف القرآف الكريـ حيثما يأمر بطاعة الرسكؿ كاتباع أحكامو كأكامره ،ال يأتي
بكممة" :الرسكؿ" ك"النبي" إال معرفتيف باأللؼ كالالـ لتككنا خاصيتيف بمحمد صمى اهلل عميو
كسمـ.2
كأطيعكا اهلل كالرسكؿ لعمكـ ترحمكف ) .3كيقكؿ عز كجؿ ( :يا أييا يقكؿ اهلل تعالى ( :
الذيف آمنكا أطيعكا اهلل كأطيعكا الرسكؿ كأكلي األمر منكـ ) ،4كيقكؿ أيضا ( :مف يطع
الرسكؿ فقد أطاع اهلل كمف تكلى فما أرسمناؾ عمييـ حفيظا).5
إف القرآف مييمف عمى الكتب السماكية السابقة كىك كممة اهلل األخيرة ليذه البشرية،
التي يجب أف يفيء إلييا الناس كميـ حتى يككنكا مؤمنيف ،ككؿ اختالؼ يجب أف يرد إلى
القرآف الكريـ ليفصؿ سكاء ،كاف في العقيدة ،أك في أعماؿ اإلنساف مف عبادات كمعامالت،
كما جاء كؿ ذلؾ في القرآف بصكرتو األخيرة ،أك كاف االختالؼ بيف المسمميف أنفسيـ ،قاؿ
اهلل تعالى( :كأنزلنا إليؾ الكتاب بالحؽ مصدقا لما بيف يديو مف الكتاب كمييمنا عميو ).1
كعبر اهلل تعالى عف القرآف بمفظ الكتاب؛ ألنو الكتاب الكامؿ الجدير بأف يسمى كتابا،
كألنو الكتاب اإلليي الصادؽ عند اإلطالؽ ،لتضمنو جميع األكصاؼ الكمالية لجنس الكتاب
السماكم كتفكقو عمى بقية الكتب بعد أف استعمؿ في اآليات السابقة ليذه اآلية ،لفظ التكراة
كاإلنجيؿ لمكتابيف الذيف أنزليما اهلل عمى مكسى كعيسى عمييما السالـ .2
كقد تعددت تفسيرات المفسريف لمفظ" :الييمنة" فقالكا :مييمنا أم مؤتمنا كشاىدا كرقيبا
كحاكما كقاضيا كداال كمصدقا.
فالقرآف أميف عمى كؿ كتاب قبمو في أصمو المنزؿ ،كىك بيذا حافظ ليذا األصؿ ال
تبديؿ فيو كال تحريؼ ،فيككف ما جاء فيو ىك الحؽ.
،3كيشيد عمى كىك شاىد عمى ما في تمؾ الكتب ،يشيد ألصكليا المنزلة بالصدؽ
أصحابيا بما كقعكا فيو مف تحريؼ كاضاعة كنسياف.
كىك رقيب عمى سائر الكتب السماكية المحفكظة عف التغيير ،حيث يشيد ليا بالثبات
كالصحة ،كيقرر أصكؿ شرائعيا كما يتأبد مف فركعيا ،كيعيف أحكاميا المنسكخة ببياف انتياء
مشركعيتيا المستفادة مف تمؾ الكتب كانقضاء كقت العمؿ بيا.
كىذه المعاني كميا متقاربة ،فإف لفظ المييمف يتضمف ىذا كمو ،فيك أميف كشاىد
كحاكـ عمى كؿ كتاب قبمو ،كجعمو اهلل عز كجؿ آخر الكتب كخاتميا كأتميا كأعظميا
كأكمميا ،حيث جمع فيو محاسف ما قبمو كزاده مف الكماالت ما ليس في غيره ،كىك الكتاب
الذم ال ينسخ كال يغير ،كقد تكفؿ اهلل عز كجؿ بحفظو ككانت شيادتو عمى الكتب السماكية
األخرل :التكراة كاإلنجيؿ كالزبكر كسائر الكتب المنزلة ،حقا كصدقا .2
كمف أسماء اهلل تعالى :المييمف ،كىك الحاكـ عمى الناس ،كالقائـ عمى أمكرىـ ،كقاؿ
بعض أىؿ المغة :الييمنة القياـ عمى الشيء كالرعاية لو.
-القرآف قرر ما في الكتب السماكية السابقة مف الخبر عف اهلل عز كجؿ كعف اليكـ
اآلخر ،كزاد ذلؾ بيانا كتفصيال.
-بيف ما حرؼ منو كبدؿ ،كما فعمو أىؿ الكتاب في الكتب المتقدمة.
-بيف ما كتمو أىؿ الكتاب مما أمر اهلل ببيانو ،ككؿ ما جاءت بو النبكات بأحسف
الشرائع كالمناىج التي نزؿ بيا القرآف ،فصارت لو الييمنة عمى ما بيف يديو مف الكتب مف
كجكه متعددة:
ككذلؾ معنى الشيادة كالحكـ :إثبات ما أثبتو اهلل عز كجؿ مف صدؽ كمحكـ ،كابطاؿ
مف أبطمو مف كذب كمنسكخ.
كالقرآف الكريـ معجزة في نفسو ال يقدر الخالئؽ أف يأتكا بمثمو ،ففيو دعكة الرسكؿ،
كىك آية الرسكؿ كبرىانو عمى صدقو كنبكتو.
كقد أخبر اهلل عز كجؿ بإظيار ىذا الديف عمى سائر األدياف حيث قاؿ تبارؾ كتعالى:
"ىك الذم أرسؿ رسكلو باليدل كديف الحؽ ليظيره عمى الديف كمو كلك كره المشرككف ".1
يأمر اهلل عز كجؿ باإليماف بالرسكؿ الكريـ عميو الصالة كالسالـ ،كطاعتو كاتباعو
كاالىتداء بيديو حتى األمـ المؤمنة برسالة نبي مف األنبياء السابقيف فإف القرآف يكجو إلييا
ىذا الخطاب أيضا ،مصداقا لقكلو تعالى ( :يا أىؿ الكتاب قد جاءكـ رسكلنا يبيف لكـ كثي ار
مما كنتـ تخفكف مف الكتاب كيعفك عف كثير" .قد جاءكـ مف اهلل نكر ككتاب مبيف ييدم
بو اهلل مف اتبع رضكانو سبؿ السالـ كيخرجيـ مف الظممات إلى النكر بإذنو كييدييـ إلى
صراط مستقيـ).2
كيقكؿ عز كجؿ في آية أخرل ( :الذيف يتبعكف الرسكؿ النبي األمي الذم يجدكنو
مكتكبا عندىـ في التكراة كاإلنجيؿ يأمرىـ بالمعركؼ كينياىـ عف المنكر كيحؿ ليـ
الطيبات كيحرـ عمييـ الخبائث كيضع عنيـ إصرىـ كاألغالؿ التي كانت عمييـ فالذيف
آمنكا بو كعزركه كنصركه كاتبعكا النكر الذم أنزؿ معو أكالئؾ ىـ المفمحكف قؿ يا أييا
الناس إني رسكؿ اهلل إليكـ جميعا الذم لو ممؾ السماكات كاألرض ال إلو إال ىك يحيي
ال يمكف اإليماف بنبي مف األنبياء مع جحكد نبكة محمد رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو
كسمـ ،كمف جحد نبكتو فيك لنبكة غيره مف األنبياء أشد جحدا ،كيتضح ىذا مف كجكه ثالثة:
-1الكجو األكؿ :أف األنبياء المتقدميف بشركا بنبكتو كأمركا أمميـ باإليماف بو.
-2الكجو الثاني :أف دعكة محمد عميو الصالة كالسالـ ىي دعكة جميع المرسميف
قبمو ،مف أكليـ إلى آخرىـ.
-3الكجو الثالث :أف اآليات كالبراىيف التي دلت عمى صحة نبكتو كصدقو عميو
الصالة كالسالـ أضعاؼ أضعاؼ آيات مف قبمو مف الرسؿ ،فآيات نبكتو عميو الصالة
كالسالـ أعظـ كأكبر ،كالعمـ بنقميا قطعي.2
يأتي التيديد كالكعيد الشديد لمف يعرض عف اإليماف بما نزؿ اهلل تعالى عمى محمد
عميو الصالة كالسالـ في قكلو تعالى " :يا أييا الذيف أكتكا الكتاب آمنكا بما نزلنا مصدقا لما
معكـ مف قبؿ أف نطمس كجكىا فنردىا عمى أدبارىا أك نمعنيـ كما لعنا أصحاب السبت
ككاف أمر اهلل مفعكال".3
كجاءت سكرة البينة لتقرر ما كاف عميو أىؿ الكتاب كالمشرككف الذيف كفركا برسالة
محمد عميو الصالة كالسالـ مف االنحراؼ عف ديف اهلل كمنيجو .4
كقد دخؿ عمر بف الخطاب بجزء مف التكراة عمى النبي صمى اهلل عميو كسمـ فقاؿ:
"ىذه كنت أصبتيا مف رجؿ مف أىؿ الكتاب ،فقاؿ :فاعرضيا عمي فعرضتيا ،فتغير كجيو
تغي ار شديدا ثـ قاؿ" :لك نزؿ مكسى فاتبعتمكه كتركتمكني لضممتـ ،أنا حظكـ مف النبييف كأنتـ
حظي مف األمـ".2
كاف المصالح التي تقكـ بيا أحكاؿ العبد ال يعرفيا حؽ معرفتيا إال خالقيا ككاضعيا،
كليس لمعبد عمـ بيا إال مف بعض الكجكه ،كالذم يخفى عميو منيا أكثر مف الذم يبدك لو،
فقد يككف ساعيا في مصمحة نفسو مف كجو ال يكصمو إلييا ،أك يكصمو إلييا عاجال ال آجال،
أك يكصمو إلييا ناقصة غير كاممة ،أك يككف فييا مفسدة تربك عمى المصمحة فال يقكـ خيرىا
بشرىا ،ككـ مف مدبر أم ار ال يتـ لو عمى كمالو أصال ،كال يجني منو ثمرة أصال ،كىذا معمكـ
مشاىد بيف العقالء ،فميذا بعث اهلل النبيئيف مبشريف كمنذريف.
المقاصد جمع مقصد ،كىك في المغة :المراد؛ كالقصد لو معاني كثيرة منيا :استقامة
الطريؽ كاالعتماد.
كأما في الشرع :فيي الغايات التي كضعت الشريعة لتحقيقيا ،كتنقسـ إلى مقاصد
عامة كمقاصد خاصة.
-مطمؽ المصمحة سكاء أكانت ىذه المصمحة جمبا لمنفعة أـ درء لمفسدة.
فمقاصد الشريعة ىي األىداؼ التي يرمي إلييا الشارع الحكيـ ،أك ىي المقصد
بالتكاليؼ الشرعية.
كأف اهلل سبحانو كتعالى لـ يخمؽ ىذا الككف عبثا كلـ يتركو سدل ،بؿ خمؽ اإلنساف
لعبادتو كحده ال شريؾ لو ...كسخر ىذا الككف ألداء كتسييؿ ىذه الميمة العظيمة فقاؿ
" .1كقاؿ عز كجؿ " :كسخر لكـ ما في تعالى " :كما خمقت الجف كاإلنس إال ليعبدكف
السماكات كما في األرض جميعا منو إف في ذلؾ آليات لقكـ يتفكركف ".2
كشرع اهلل لإلنساف الشرائع التي تيدؼ إلى مصمحتو الدنيكية كاألخركية كتسيؿ عميو
القياـ بأداء الميمة التي مف أجميا خمؽ.
يقكؿ اإلماـ الشاطبي في كتابو المكافقات" :إف كضع الشرائع إنما ىك لمصالح العباد
في العاجؿ كاآلجؿ معا ،كالمحافظة عمى الضركريات كالحاجيات كالتحسينات".
يقكؿ ابف تيمية :كمف مقاصد الشريعة اإلسالمية المحافظة عمى الكميات الخمس
التي تكاترت رسؿ اهلل تعالى عمى كجكب المحافظة عمييا" .كىي الديف كالنفس كالعقؿ كالنسب
كالماؿ كالعرض" ،كمنيا :اليسر كرفع الحرج كالمشقة.
كيقكؿ أبك بكر بف عاصـ الغرناطي المالكي في نظمو في أصكؿ الفقو "مرتقى
الكصكؿ إلى عمـ األصكؿ":
إف النصكص القرآنية الدالة عمى تعميؿ أفعالو تعالى كأحكامو كثيرة ،كلك كانت
كما األحكاـ غير معممة لكانت ليكا كعبثا ،كىك منزه عف ذلؾ عز كجؿ ،يقكؿ تعالى ( :
خمقنا السماء كاألرض كما بينيما العبيف ).1
كالقرآف الكريـ يشير إلى المقاصد بالصيغ اآلتية :إما بالنص عمى أنو مف مقاصد
الشريعة كذا ...بمفظ اإلرادة ،كما في قكؿ اهلل ( :يريد اهلل بكـ اليسر كال يريد بكـ العسر
كلتكممكا العدة كلتكبركا اهلل عمى ما ىداكـ كلعمكـ تشكركف).2
– أييا المؤمنكف – التخفيؼ عميكـ لعممو بمشقة قاؿ اإلماـ الطبرم" :يريد اهلل بكـ
ذلؾ عميكـ في ىذه األحكاؿ".3
فبظمـ مف الذيف ىادكا حرمنا عمييـ طيبات كباء السببية ،كمثاؿ ذلؾ؛ قكلو تعالى( :
أحمت ليـ كبصدىـ عف سبيؿ اهلل كثي ار ) .2قاؿ القرطبي عف ىذه اآلية" :كقدـ الظمـ عمى
التحريـ إذ ىك الغرض الذم قصد إلى اإلخبار عنو بأنو سبب لمتحريـ" – .3ك"كي" كمثاليا:
قكلو تعالى ( :لكيال تأسكا عمى ما فاتكـ كال تفرحكا بما أتاكـ كاهلل ال يحب كؿ مختاؿ
فخكر) .4كتكجد صيغ أخرل يصؼ فييا اهلل تعالى نفسو بالحكمة كالرحمة ،أك يبيف اهلل تعالى
فييا فكائد المأمكرات كعكاقب المنييات.
-حديث " :ال ضرر كال ضرار" ،5فيذا الحديث يدؿ عمى مقصد مف مقاصد الشريعة
كىك رفع الضرر بالنفس كاإلضرار بالغير.
-حديث سعد بف أبي كقاص حيف قاؿ" :يا رسكؿ اهلل إف لي ماال كثي ار كليس يرثني
إال ابنتي أفأكصي بمالي كمو؟" قاؿ :ال قمت :فثمثي مالي؟ قاؿ" :ال قمت فالشطر" .قاؿ :ال،
قمت :فالثمث؟ قاؿ" :الثمث كالثمث كثير إنؾ أف تذر كرثتؾ أغنياء خير مف أف تذرىـ عالة
يتكففكف الناس".6
كىذه كغيرىا كثير كالمقصكد مف ذلؾ أف السنة مميئة بالمقاصد كالرسكؿ عميو الصالة
كالسالـ قد استعمؿ المقاصد كراعاىا كىذا مف أىداؼ الرسالة .
كأما فكائد معرفة مقاصد الشريعة ،فيي كثيرة نذكر بعضيا باختصار شديد:
-الفائدة الثانية :تعميؽ فيـ كتاب اهلل كسنة رسكلو صمى اهلل عميو كسمـ.
-الفائدة الثالثة :الكصكؿ إلى الحكـ الشرعي في النكازؿ التي لـ ينص عمييا في الشرع.
-الفائدة الرابعة :التيسير عمى الناس في دينيـ كدنياىـ ،قاؿ تعالى ( :يريد اهلل بكـ
اليسر كال يريد بكـ العسر).1
-4مدارس النظر إلى التراث كمقاصدىا أبك عبد الرحمف األخضر األخضرم.
تتنكع المقاصد تبعا لتنكع المصالح ،كىي ثالثة :مقاصد ضركرية ،كمقاصد حاجية،
كمقاصد تحسينية.
أ -المقاصد الضركرية :ىي التي تقكـ عمييا مصالح الناس في دينيـ كدنياىـ،
بحيث لك اختمت كميا أك بعضيا الختؿ نظاـ حياة الناس كعمتيـ الفكضى حتى قيؿ :إف
ىذه األمكر ممحكظة في كؿ ممة مف الممؿ السابقة ؛ألنيا يتكقؼ عمييا نظاـ العاـ ،كألف بقاء
النكع اإلنساني ال يستقيـ حالو إال بالحفاظ عمييا ،كىذه األمكر الضركرية ىي الديف كالنفس
كايجاد الديف يككف بكجكب اإليماف باهلل تعالى كرسمو كالمالئكة كالكتب كاليكـ اآلخر
كالنطؽ بالشيادتيف كأصكؿ العبادات مف صالة كصياـ كزكاة كحج.
كلحفظ الديف أمرت الشريعة اإلسالمية بالجياد كأكجبت قتؿ المرتد ،كلحفظ النفس
شرعت القصاص مف القاتؿ عمدا ،كالدية كالكفارة عمى مف يقتؿ خطأ ،كعقكبة مف يتعدل
عمى األطراؼ ،كأباحت لممضطريف تناكؿ المحرمات ،كلحفظ النسؿ شرع الزكاج كرغب فيو،
كحرـ الزنا كمنع اإلجياض ،كإليجاد الماؿ أكجب الشارع السعي كالعمؿ كنيى عف التكاكؿ
كالكسؿ كشرع أصكؿ المعامالت مف بيع كاجارة كغيرىما ،كلحفظ الماؿ حرـ أكؿ أمكاؿ
الناس بالباطؿ سكاء عف طريؽ الربا أك الغصب أك السرقة أك الرشكة أك القمار أك غيرىا،
كلحفظ العقؿ حرـ شرب الخمر كباقي المسكرات كالمخدرات المضرة لمعقؿ.
ب -المقاصد الحاجية :كىي التي يحتاج إلييا الناس لرفع الضيؽ كالحرج كالمشقة،
بحيث لك اختمت كميا أك بعضيا كقعكا في الحرج كلحقتيـ المشقة مف غير أف يختؿ نظاـ
الحياة كما ىك الشأف بالنسبة لمضركريات المتقدمة كىذه الحاجيات ىي في الحقيقة ترجع إلى
تيسير التعامؿ بيف الناس كالترخيص بأحكاـ تخفؼ عنيـ المشقة كترفع الحرج ،كىي مكجكدة
في العبادات كالعادات كالمعامالت كالجنايات.
ففي العبادات كالرخص المخففة لممشقة بالمرض كإباحة التيمـ عند العجز عف
استعماؿ الماء أك فقدانو كاباحة الفطر في رمضاف لممسافر كالمريض كقصر الصالة
لممسافر ،كاباحة الصالة جمكسا لمعاجز عف القياـ ،كباإليماء بالرأس لمف عجز عف الرككع
كالسجكد كالسفر ،كفي العادات كإباحة الصيد كميتة البحر كالتمتع بالطيبات مما ىك حالؿ
مأكال كممبسا كمسكنا كمركبا ،كفي المعامالت كالقراض كالمساقاة كالمزارعة كشرع الطالؽ
عند الحاجة ،كفي الجنايات كتضميف الصناع عمى تمؼ األمتعة كجعؿ لكلي القتيؿ العفك
عف القصاص.
ج -المقاصد التحسينية :كمعناىا األخذ بما يميؽ مف محاسف العادات كمكارـ
األخالؽ كتجنب ما تأبو النفس الكريمة كينفر منو العقؿ بحيث لك فقدت ال يختؿ مف أجميا
24
نظاـ الحياة كما في الضركريات كال يمحقيـ حرج كال مشقة في عيشيـ كما في فقد
الحاجيات ،كانما تصير حياتيـ غير طيبة تنكرىا الفطرة السميمة كتسقط في تقدير العقكؿ
السميمة ،كىي ترجع في جممتيا إلى مكارـ األخالؽ كمحاسف العادات كتراىا في كؿ نكع مف
أنكاع التشريعات مف عبادات كمعامالت كعادات كعقكبات كشأف سابقتيا ،ففي العبادات شرع
اهلل تعالى طيارة الحدث كالخبث كستر العكرة كأخذ الزينة عند الصالة ،كفي العادات كآداب
األكؿ كالشرب كالنيي عف اإلسراؼ كالتقتير في اإلنفاؽ ،كفي المعامالت كالمنع مف الغش
كاالحتياؿ كالنيي عف بيع اإلنساف عمى بيع أخيو كالخطبة عمى خطبة أخيو ،كفي الجنايات
كمنع قتؿ النساء كاألطفاؿ كالشيكخ في الحركب ،كما نيى عف التمثيؿ كالغدر ،كىذه النماذج
كغيرىا راجعة إلى محاسف زائدة عمى أصؿ المصالح الضركرية كالحاجية ،إذ ليس فقدانيا
بمخؿ بأمر ضركرم كال حاجي ،كانما جرت مجرل التحسيف كالتزييف مما يجعؿ المسمميف
عمى أجمؿ صكرة كأكرـ منياج.1
-1التشريع اإلسالمي أصكلو كمقاصده ،الدكتكر عمر الجيدم ،منشكرات عكاظ ،1987 ،ص .254-253
25
المبحث الثالث :أسس الشريعة
تنبني الشريعة عمى أسس متينة تتجمى في إصالح أحكاؿ الناس كعقائدىـ كىدييـ إلى
الطريؽ المستقيـ ،كجمب المنفعة ليـ كدرء الضرر عنيـ ،كقد بينيا القرآف في قكلو تعالى:
(يامرىـ بالمعركؼ كينياىـ عف المنكر كيحؿ ليـ الطيبات كيحرـ عمييـ الخبائث ) ،1كأىـ
األسس التي تقكـ عمييا الشريعة ثالثة كىي :عدـ الحرج ،كالتقميؿ مف التكاليؼ ،كالتدرج في
التشريع.
الحرج :في المغة الضيؽ ،كقد كردت آيات عديدة في القرآف دالة عمى رفع الحرج
كمبينة لمبدأ اليسر في الدعكة كقكلو تعالى ( :كما جعؿ عميكـ في الديف مف حرج ) ،2كقكلو
تعالى ( :ال يكمؼ اهلل نفسا إال كسعيا ) 3كفي السنة قكلو عميو الصالة كالسالـ ( :أحب الديف
إلى اهلل الحنيفية السمحة) ،4كقكلو ( :إف الديف يسر كلف يشاد الديف أحد إال غمبو).5
ككنتيجة لعدـ الحرج يقع التخفيؼ مف التكاليؼ إذا ظيرت شدتيا ،كيككف العبد مطالبا
إف اهلل يحب أف باستعماؿ الرخص دفعا لكؿ تكميؼ كمشقة ،قاؿ عميو الصالة كالسالـ" :
تؤتى رخصو كما يحب أف تؤتى عزائمو " .6كمف ىذه الرخص الفطر لممريض كالمسافر قاؿ
تعالى ( :كمف كاف مريضا أك عمى سفر فعدة مف أياـ أخر يريد اهلل بكـ اليسر كال يريد بكـ
العسر) ،7كالتيمـ ( :إف كنتـ مرضى أك عمى سفر أك جاء أحد منكـ مف الغائط أك المستـ
النساء فمـ تجدكا ماء فتيممكا صعيدا طيبا).8
إف منيج الدعكة في الشريعة اإلسالمية ينبني عمى تقميؿ التكاليؼ تيسي ار عمى العباد،
كىذا مف مستمزمات رفع الحرج ؛ ألف في كثرة التكاليؼ إحراجا كمشقة ،كليذا لـ تشرع
األحكاـ في القرآف إال عمى قدر الحاجات التي دعت إلييا كاألقضية كالحكادث التي
اقتضتيا ،كلـ تشرع أحكاـ لحؿ مسائؿ افتراضية ،أك لمفصؿ في خصكمات محتممة ،كدليمو
مف القرآف قكلو تعالى ( :يا أييا الذيف آمنكا ال تسألكا عف أشياء إف تبد لكـ تسؤكـ كاف
تسألكا عنيا حيف ينزؿ القرآف تبد لكـ عفا اهلل عنيا كاهلل غفكر حميـ قد سأليا قكـ مف
قبمكـ ثـ أصبحكا بيا كافريف ) ،2ففي ىذه اآلية نيى اهلل عف السؤاؿ الذم قد يؤدم إلى
التكميؼ بسبب ما ينشأ عف السؤاؿ مف أشياء سكت عنيا القرآف رحمة بالناس مف غير
نسياف فترؾ الخيار في فعميا أك الكؼ عنيا.
كقاؿ صمى اهلل عميو كسمـ " :إف اهلل فرض فرائض فال تضيعكىا كحد حدكدا فال
تعتدكىا كحرـ أشياء فال تنتيككىا كسكت عف أشياء رحمة بكـ مف غير نسياف فال تبحثكا
عنيا".3
لـ تنزؿ األحكاـ الشرعية دفعة كاحدة ،كقد استغرؽ ىذا التدرج زمف الرسالة ثالث
كعشريف سنة حسب األقضية كالحكادث ،حيث كاف لكؿ حكـ تشريعي تاريخ لصدكره كسبب
خاص لتشريعو.
كالحكمة مف ذلؾ تكمف في سيكلة نفاذ األحكاـ إلى قمكب كعقكؿ المكمفيف كاالستعداد
لتقبميا كالعمؿ بيا.
سئؿ الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ عف الخمر كالميسر كىما مف العادات المستحكمة
عند العرب في جاىميتيـ فنزؿ القرآف مجيبا ( :يسألكنؾ عف الخمر كالميسر قؿ فييما إثـ
كبير كمنافع لمناس كاثميما أكبر مف نفعيما ) .1فيذه اآلية لمحت بالكؼ عف الخمر ،ثـ لما
أخذ بعض الناس يخمط في قراءة القرآف في الصالة بسبب السكر نزؿ قكلو تعالى ( :يا أييا
الذيف آمنكا ال تقربكا الصالة كأنتـ سكارل حتى تعممكا ما تقكلكف).2
كىذه اآلية صرحت بالنيي عف الخمر إال أف ذلؾ مخصكص بكقت الصالة ،فضيؽ
عمى الناس مزاكلة السكر مع الصمكات الخمس ،ثـ جاء التحريـ بصفة قاطعة كجازمة في
قكلو تعالى ( :يا أييا الذيف آمنكا إنما الخمر كالميسر كاألنصاب كاأل زالـ رجس مف عمؿ
الشيطاف فاجتنبكه لعمكـ تفمحكف إنما يريد الشيطاف أف يكقع بينكـ العداكة كالبغضاء في
الخمر كالميسر كيصدكـ عف ذكر اهلل كعف الصالة فيؿ أنتـ منتيكف).3
نزلت آيات كثيرة قبؿ التحريـ القطعي لمزنا ،منيا ما جاء في قكلو تعالى ( :كال تكرىكا
" .1ثـ نزؿ قكلو تعالى : فتياتكـ عمى البغاء إف أردف تحصنا لتبتغكا عرض الحياة الدنيا
"كالالتي يأتيف الفاحشة مف نسائكـ فاستشيدكا عمييف أربعة منكـ فإف شيدكا فأمسككىف
في البيكت حتى يتكفاىف المكت أك يجعؿ اهلل ليف سبيال ) .2فاآلية فييا عقاب لممرأة الزانية
دكف الرجؿ.
ثـ نزؿ قكلو تعالى ( :كالمذاف يأتيانيا منكـ فآذكىما فإف تابا كأصمحا فأعرضكا عنيما
إف اهلل كاف تكابا رحيما) ،3كىذا العقاب يشمؿ الرجؿ متزكجا كاف أـ ال.
ثـ نزلت اآليات التي سكت بيف الرجؿ كالمرأة في العقاب عمى الزنا كأكدت تحريمو
فقاؿ تعالى ( :الزانية كالزاني فاجمدكا كؿ كاحد منيما مائة جمدة كال تأخذكـ بيما رأفة في
ديف اهلل إف كنتـ تؤمنكف باهلل كاليكـ اآلخر كليشيد عذابيما طائفة مف المؤمنيف الزاني ال
ينكح إال زانية أك مشركة كالزانية ال ينكحيا إال زاف أك مشرؾ كحرـ ذلؾ عمى المؤمنيف ).4
نيى اإلسالـ عف التعامؿ بالربا كحرمو ،كىيأ المسمميف لتقبؿ ىذا الحكـ كاالنقياد بأف
سبقتو أحكاـ تندرج بيـ إلى الحكـ النيائي.
فأكؿ ما نزؿ عف الربا قكلو تعالى ( :كما آتيتـ مف ربا لتربكا في أمكاؿ الناس فال
يربك عند اهلل ،كما آتيتـ مف زكاة تريدكف كجو اهلل فأكالئؾ ىـ المضعفكف ) ،5ثـ نزؿ قكلو
تعالى ( :فبظمـ مف الذيف ىادكا حرمنا عمييـ طيبات أحمت ليـ كبصدىـ عف سبيؿ اهلل
كثي ار كأخذىـ الربا كقد نيكا عنو كأكميـ أمكاؿ الناس بالباطؿ ،كاعتدنا لمكافريف منيـ عذابا
-اآلية األكلى تبيف أف اهلل تعالى ينيى عف الربا كيحث عمى الصدقات حتى يككف
ذلؾ حاف از عمى اإلقالع عنو كالميؿ إلى البر بالفقراء كأنو سيضاعؼ ليـ تمؾ الصدقات ،كقد
كاف ليذه اآلية أثر في إقالع بعض المسمميف عف الربا.
-كفي اآلية الثانية تحذير لمف يتعامؿ بالربا أف يصيبيـ ما أصاب الييكد مف
غضب اهلل عمييـ كتحريـ طيبات كانت حالال ليـ ،فتراجع المسممكف بسبب ىذا التحذير عف
الربا قميال ،إال أف ىناؾ تدرجا في التشريع بالنسبة ألحكاـ ،كىناؾ أيضا ما يعرؼ بتأخير
البياف لكقت الحاجة بالنسبة ألحكاـ أخرل ،كما أف أحكاما نزلت دفعة كاحدة ،كقكلو تعالى:
"كالسارؽ كالسارقة فاقطعكا أيدييما جزاء بما كسبا نكاال مف اهلل كاهلل عزيز حكيـ " ،4كمنو
تحريـ قتؿ النفس بغير حؽ.
الشريعة اإلسالمية شريعة سماكية ك ربانية جاءت مف عند اهلل تعالى عالـ الغيب
المنزه عف الخطأ كاليكل ( ،ال يضؿ ربي كال ينسى ) ،1فيي شريعة ربانية ألنيا مف كحي اهلل
تعالى الذم يعمـ أحكاؿ عباده كما يصمح معاشيـ كمعادىـ ( :يعمـ خائنة األعيف كما تخفي
الصدكر) ،2كيعمـ ما يحقؽ ليـ الخير في دنياىـ كأخراىـ ،فيك الخالؽ المطمع عمى شؤكف
خمقو ( :أال يعمـ مف خمؽ كىك المطيؼ الخبير ) ،3كىك المنشئ العالـ لما يطيقو البشر مف
تكاليؼ كما ال يطيقو ( ،ىك أعمـ بكـ إذ أنشأكـ مف األرض كاذ أنتـ أجنة في بطكف
أمياتكـ) ،4فيي شريعة مستقيمة في نيجيا ،سامية في مغزاىا ،ليس فييا اعكجاج كال
انحراؼ ،ألف اهلل تعالى تكفؿ بحفظيا ،قاؿ تعالى ( :إنا نحف نزلنا الذكر كانا لو لحافظكف).5
فمصدر الشريعة اإلسالمية ىك اهلل تعالى ،رب البشر فيي كحيو إلى رسكلو محمد
صمى اهلل عميو كسمـ بالمفظ كالمعنى كىك القرآف أك بالمعنى دكف المفظ كىك السنة ،في حيف
أ -العدؿ:
إف مبادئ الشريعة كأحكاميا خالية مف معاني الجكر كالنقص كاليكل؛ ألف صانعيا
ىك اهلل تعالى ،كاهلل لو الكماؿ المطمؽ الذم ىك مف لكازـ ذاتو ،بخالؼ القكانيف الكضعية
التي ال تنفؾ عف ىذه المعاني؛ ألنيا صادرة مف اإلنساف الذم ال يخمك مف معاني الجيؿ
كالجكر كالنقص كاليكل.
جاءت الشريعة بمبدأ المساكاة بيف الناس بغض النظر عف اختالفيـ في المكف أك
الجنس أك المغة ،كجعمت أساس التفاضؿ بينيـ العمؿ الصالح ،كمقدار ما يقدمو الفرد مف
خير ،قاؿ تعالى ( :يا أييا الناس إنا خمقناكـ مف ذكر كأنثى كجعمناكـ شعكبا كقبائؿ لتعارفكا
إف أكرمكـ عند اهلل أتقاكـ) ،1كىذا المبدأ األصيؿ جاءت بو الشريعة في كقت كانت العصبية
لمجنس كالقبيمة ىي األساس في المجتمع ،كفي تمايز الناس كتفاضميـ ،كقد طبؽ ىذا المبدأ
العدؿ القكيـ كاجتثت جذكر العصبية ،كلـ يعد ىناؾ امتياز لمكف أك الجنس" ،فال فضؿ
لعربي عمى أعجمي إال بالتقكل" ،2كما قاؿ الرسكؿ الكريـ عميو الصالة كالسالـ.
تتميز أحكاـ الشريعة اإلسالمية بالييبة كاالحتراـ في نفكس المؤمنيف حكاما كانكا أك
محككميف ألنيا صادرة مف عند اهلل ،كمف ثـ فميا صفة الديف ،كمالو ىذه الصفة مف حقو أف
يحترـ كيطاع طاعة اختيارية تنبعث مف النفس البشرية كتقكـ عمى اإليماف كال يجبر عمييا
اإلنساف جب ار.
لما كانت الشريعة اإلسالمية مف عند اهلل تعالى ،ككاف سبحانو متصفا بالكماؿ ،فالبد
أف تتميز شريعتو التي يكحي بيا لخمقو بصفتو يقكؿ تعالى ( :اليكـ أكممت لكـ دينكـ كأتممت
عميكـ نعمتي كرضيت لكـ اإلسالـ دينا ) ،1ككماؿ الشريعة اإلسالمية يجعميا صالحة لكؿ
زماف كمكاف ،كمكافقة لسائر العصكر كاألقكاـ ،كقد مر عمى الشريعة اإلسالمية أزيد مف
أربعة عشر قرنا مف الزماف حكمت خالليا مختمؼ شعكب األمة اإلسالمية ،كدخمت فييا
بالدا شتى ،ككاجيت مشاكؿ جديدة ،لـ تكف في العيد النبكم ،فكجدت ليا حمكال مالئمة ،مما
يؤكد أنيا شريعة غضة صالحة لكؿ زماف كمكاف ،تحمؿ نصكصيا عناصر النمك
كاالرتقاء.2
الشريعة اإلسالمية تصمح لكؿ مكاف ،فتككف بذلؾ شريعة عالمية ،بخالؼ الشرائع
السماكية السابقة التي كانت محدكدة كمكجية إلى أقكاـ معينيف ،فالنبي نكح عميو السالـ بعث
إلى قكمو خاصة ،قاؿ تعالى ( :إنا أرسمنا نكحا إلى قكمو أف أنذر قكمؾ مف قبؿ أف يأتييـ
عذاب أليـ) ،1ككذلؾ النبي إبراىيـ عميو السالـ ،قاؿ تعالى ( :كاتؿ عمييـ نبأ إبراىيـ إذ قاؿ
ألبيو كقكمو ما تعبدكف )،2ككذلؾ النبي مكسى عميو السالـ ،قاؿ تعالى ( :كاذ قاؿ مكسى
لقكمو اذكركا نعمة اهلل عميكـ ) ،3ككذلؾ النبي عيسى عميو السالـ ،قاؿ تعالى ( :كاذ قاؿ
) ،4بينما جاءت شريعة اإلسالـ إذا عيسى بف مريـ يا بني إسرائيؿ إني رسكؿ اهلل إليكـ
لتككف شريعة عامة لكؿ البشر ،أينما كجدكا في ىذا العالـ ،كبعث اهلل تعالى محمدا صمى اهلل
كما عميو كسمـ ،ليككف رحمة لمعالميف كرسكلو إلى الناس أجمعيف ،حيث قاؿ تعالى ( :
أرسمناؾ إال رحمة لمعالميف ) ،5كقاؿ عز كجؿ ( :قؿ يا أييا الناس إني رسكؿ اهلل إليكـ
جميعا) ،6كقاؿ رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ" :بعثت إلى الناس جميعا" .7
كليذه الغاية انتشرت الشريعة اإلسالمية بانتشار اإلسالـ في العالـ كبدخكؿ الناس في
اإلسالـ ،فجاءت قكاعدىا مالئمة لممصمحة الزمنية كالمكانية كحاجات الناس ،فيي قكاعد
جمعت بيف مصادر ثابتة كىي القرآف كالسنة ،كمصادر مرنة متطكرة كالقياس كالمصالح
المرسمة كاالستحساف ،ككؿ ما يعتمد عمى الرأم كاالجتياد ،كما تتميز بو أيضا تمؾ القكاعد
كيترتب عمى ىذا أف المسمـ يخضع ألحكاـ الشريعة خضكعا اختياريا في السر كالعمف
خكفا مف عقاب اهلل تعالى ،كحتى لك استطاع أف يفمت مف عقاب الدنيا فإف النفس البشرية
تنزجر بدافع الحياء مف اهلل تعالى كاالحتراـ لو أك الخكؼ مف العقاب األخركم ،يقكؿ اهلل عز
-1المدخؿ لدراسة التشريع اإلسالمي لعبد الرحمف الصابكني ،14/1 ،ط .1981 .المدخؿ ليداية اهلل ،ص .45-44
-2سكرة النساء ،اآلية .14-13
-3سكرة النساء ،اآلية .10
-4سكرة المائدة ،اآلية .33
-5سكرة اليمزة ،اآلية .1
35
كجؿ ( :يكـ تجد كؿ نفس ما عممت مف خير محض ار كما عممت مف سكء تكد لك أف بينيا
كبينو أمدا بعيدا ) ،1كيقكؿ في آية أخرل ( :فمف يعمؿ مثقاؿ ذرة خي ار يره كمف يعمؿ مثقاؿ
ذرة ش ار يره) ،2ككؿ ىذا يضمف ابتعاد النفكس عف المخالفة كالعصياف.
المصمحة العامة أساس كؿ تشريع ،كلذلؾ كانت الشريعة اإلسالمية تراعي ىذه
المصمحة كتضمنيا ،فإذا كاف تصرؼ ما يحقؽ مصمحة شخصية كلكنو يضر بالغير غمب
اإلسالـ ناحية الضرر كحرـ ذلؾ التصرؼ ،كال ينظر إلى ناحية المصمحة ألنيا شخصية
تتنافى مع المصمحة العامة.
كليذا كاف مف قكاعد الفقو أنو" :يتحمؿ الضرر الخاص لدفع الضرر العاـ" ،كأنو" :إذا
اجتمع ضرراف كجب اجتناب أكبرىما" ،كالشؾ أف الضرر الذم يمحؽ المصمحة العامة يككف
أكبر مف ذلؾ الذم يمحؽ المصمحة الخاصة.3
العصمة :في المغة :المنع كاإلمساؾ ،يقاؿ :عصمت فالنا مف السكء إذا منعت مف
حمكلو.
العصمة اصطالحا :ىي المصكنية عف الخطأ كالعصياف كبيذا كصؼ سبحانو ك
المالئكة المككميف عمى الجحيـ بقكلو تعالى ( :عمييا مالئكة غالظ شداد ال يعصكف اهلل ما
أمرىـ كيفعمكف ما يؤمركف).1
إف الشريعة اإلسالمية مكصكفة بالعصمة ،ككذلؾ الشأف في صاحبيا صمى اهلل عميو
كسمـ ،كفي أمتو فيما اجتمعت عميو ،قاؿ اإلماـ الشاطبي :تنقسـ ىذه العصمة إلى كجييف:
إنا نحف نزلنا الذكر كانا لو أحدىما :األدلة الصريحة عمى ذلؾ ،كقكلو تعالى( :
حافظكف) .2كقكلو تعالى ( :كتاب أحكمت آياتو) ،3كالسنة النبكية منو كاف لـ تذكر فإنيا
مبينة لو كدائرة حكلو ،فيي منو ،كاليو ترجع في معانييا ،ككؿ كاحد مف الكتاب كالسنة يعضد
بعضو بعضا ،قاؿ تعالى ( :اليكـ أكممت لكـ دينكـ كأتممت عميكـ نعمتي كرضيت لكـ
اإلسالـ دينا).4
كثانييما :االعتبار الكجكدم الكاقع مف زمف رسكؿ اهلل إلى يكمنا ىذا.
فقد قيض اهلل تعالى حفظة لمقرآف الكريـ ،ككذلؾ لسنة نبيو عميو الصالة كالسالـ،
ككذلؾ جرل األمر في جممة الشريعة فقيض اهلل لكؿ عمـ رجاال حفظة عمى أيدييـ عمى أف
عصمة الشريعة اإلسالمية ال تعني بالضركرة ثبات األحكاـ الشرعية ثباتا مطمقا تنتفي معو
مكاكبة التطكر في الحياة البشرية جممة كتفصيال ،بؿ المراد أف ىذه الشريعة المباركة اكتسبت
ككذلؾ تقكـ الشريعة عمى التكسط كالتكازف دكف غمك أك تقصير ،يقكؿ اهلل تعالى( :
جعمناكـ أمة كسطا لتككنكا شيداء عمى الناس كيككف الرسكؿ عميكـ شييدا ).4
كمعنى الكسطية ىي :تحقيؽ لمبدأ التكازف الذم تقكـ عميو سنة اهلل تعالى في خمقو،
فيككف بذلؾ المراد مف كسطية الشريعة اإلسالمية أنيا ال إفراط فييا كال تفريط ،مصداقا لقكلو
) ،5كقكلو تعالى ( :ال نكمؼ نفسا إال كسعيا )،6 تعالى ( :ال يكمؼ اهلل نفسا إال كسعيا
كالكسط :ىك الخيار كاألجكد ،يقاؿ :قريش أكسط العرب نسبا ،ككاف النبي صمى اهلل عميو
كسمـ كسطا في قكمو أم أشرفيـ نسبا ،كقد كاف الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ يحث أصحابو
عمى ترؾ السؤاؿ لئال تفرض عمييـ فرائض بسبب سؤاليـ ،فقد أكرد البخارم في صحيحو أف
رجال سأؿ رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عمى الحج فقاؿ :أفي كؿ عاـ ىك؟ فقاؿ( :لك
قمت :نعـ لكجبت ،كلما استطعتـ ،ذركني ما تركتكـ) ،7لقد قامت الشريعة اإلسالمية عمى
التكسط كالتكازف دكف عمـ أك تقصير ،كالكسط :ىك العدؿ فتككف ىذه األمة ىي أعدؿ األمـ
مف مظاىر الكسطية ،التي تميزت بيا الشريعة ،كبالتالي يتميز بيا المجتمع اإلسالمي
عف غيره :التكازف بيف الثبات كالتطكر ،أك الثبات كالمركنة.
إف الشريعة تكازف بيف مصالح الفرد كالجماعة فال تميؿ إلى الجماعة عمى حساب
الفرد ،كال تقدس الفرد عمى حساب الجماعة ،فيي كسط بينيا ،ىذا ما يكسبيا القكة كالدكاـ.
كال تجعؿ فقد أمرت الشريعة باإلنفاؽ كىك كسط بيف البخؿ كالتبذير في قكلو تعالى( :
يدؾ مغمكلة إلى عنقؾ كال تبسطيا كؿ البسط فتقعد ممكما محسك ار ) ،1كحثت عمى الشجاعة
إلغائو كتحريره مف كؿ كىي كسط بيف الجبف كالتيكر ،كنصت عمى التممؾ الفردم بيف
القيكد ،فيتجمى الثبات في أصكليا ككمياتيا كقطعياتيا ،كتتجمى المركنة في فركعيا كجزئياتيا
كظنياتيا فالثبات يمنعيا مف الميكعة كالذكباف في غيرىا مف الشرائع ،كالمركنة تجعميا
تستجيب لكؿ متطمبات كمستجدات العصر.
أ -الكاقعية
تتجمى الكاقعية في اعتبار كاقع المكمفيف عند تشريع األحكاـ كفي التعامؿ معيا ،كمف
مظاىر ذلؾ:
-تقرير أنكاع التخفيفات مثؿ :تخفيؼ إسقاط؛ كإسقاط القبمة عف أصحاب األعذار،
كتخفيؼ إبداؿ؛ كالتيمـ بدؿ الكضكء عند تحقؽ مكجباتو ،كتناكؿ المحرـ لمضركرة في مثؿ
قكلو تعالى( :فمف اضطر غير باغ كال عاد فال إثـ عميو ).1
ب -الكضكح
تتميز الشريعة بالكضكح التاـ ،في األصكؿ كالعقائد ،كفي الشرائع ،كفي الغايات
كاألىداؼ ،كفي المناىج كالطرؽ ،كترجع سمة الكضكح أساسا إلى كضكح المصدر الذم
تستقي منو أحكاـ الشرائع أال كىك الكتاب كالسنة.
-فالكتاب الكريـ :المنياج الحؽ المبيف ال خالؼ عميو ،كال خالؼ فيو ،صانو اهلل
كلقد يسرنا تبارؾ كتعالى عف التبديؿ كالتغيير ،كيسره كسيمو لمذكر ،يقكؿ اهلل عز كجؿ( :
القرآف لمذكر فيؿ مف مدكر) ،2كقكلو تعالى ( :إنا نحف نزلنا الذكر كانا لو لحافظكف).3
-كسنة الرسكؿ عميو أفضؿ الصالة كالسالـ كاضحة جمية رغـ محاكالت أعداء الديف
تشكيييا كخمطيا بما ليس منيا لمتمبيس عمى الناس ،كلكف اهلل تعالى حفظيا ككفؽ أناسا
لتدكينيا كتمييز صحيحيا مف سقيميا.
كلكف الناس يتفاكتكف في سعة مداركيـ كمقدار أخذىـ كاستيعابيـ ألحكاـ ىذه
الشريعة ،فمنيـ العمماء المجتيدكف ،كمنيـ الحفاظ الناقمكف ،كمنيـ المعرضكف عف الحؽ
كالخير ،كفي بياف ذلؾ يضرب النبي صمى اهلل عميو كسمـ المثؿ ،فيقكؿ " :إف مثؿ ما بعثني
اهلل بو مف اليدل كالعمـ كمثؿ غيث أصاب أرضا ،فكانت منيا طائفة طيبة قبمت الماء
فأنبتت الكأل كالعشب الكثير ،ككاف منيا أجاذب أمسكت الماء فنفع اهلل بيا الناس فشربكا
كسقكا كزرعكا ،كأصاب منيا طائفة أخرل إنما ىي قيعاف ال تمسؾ ماء كال تنبت كأل ،فذلؾ
مثؿ مف فقو في ديف اهلل كنفعو اهلل بما بعثني بو فعمـ كعمـ ،كمثؿ مف لـ يرفع بذلؾ رأسا كلـ
يقبؿ ىدل اهلل الذم أرسمت بو".3
-قسـ يجب عمى المكمفيف معرفتو كال يمكف لممسمـ أف يجيمو( :كاإليماف كاالعتقاد
كالصالة كالطيارة كالصكـ كالزكاة كالحج) ،كىك فرض عيف عمى كؿ مسمـ مكمؼ.
-كقسـ ال يجب عمى كؿ المكمفيف معرفتو ،كانما يجب عمى مجمكع المكمفيف أف
يككف مف بينيـ مف يعممو ،كيسمكف أىؿ الذكر الذيف قاؿ اهلل فييـ ( :فاسألكا أىؿ الذكر إف
كنتـ ال تعممكف) ،4فيذا القسـ فرض كفاية إذا قاـ بو البعض سقط عف الباقيف ،لذلؾ لـ يأمر
-1أخرجو البخارم في صحيحو ،كتاب فضائؿ القرآف ،باب خيركـ مف تعمـ القرآف كعممو ،رقـ .4739
-2ركاه ابف ماجو في سننو.
-3أخرجو مسمـ في صحيحو ،كتاب الفضائؿ ،باب بياف مثؿ ما بعث بو النبي صمى اهلل عميو كسمـ ،رقـ ،2282كأخرجو
البخارم في صحيحو ،كتاب العمـ ،باب فضؿ مف عمـ كعمـ.
-4سكرة النحؿ.43 ،
41
اهلل تعالى الجميع بالسفر لطمب العمـ ،كلكف أمرىـ أف يسافر بعضيـ لطمبو " :كما كاف
المؤمنكف لينفركا كافة فمكال نفر مف كؿ فرقة منيـ طائفة ليتفقيكا في الديف كلينذركا قكميـ إذا
رجعكا إلييـ لعميـ يحذركف".1
خالصة القكؿ:
يتبيف مف خالؿ ىذه الخصائص أف الشريعة اإلسالمية نزلت لتسع حياة اإلنساف مف
كؿ أطرافيا ،كبكؿ أبعادىا فال تضيؽ بالحياة ،كال تضيؽ الحياة بيا ،كما نزلت الشريعة
اإلسالمية لترفع قدر اإلنساف كتعمي مكانتو ،كتسمك بو كتحرره كتكرمو كتسعده كتحافظ عمى
كافة حقكقو.
كفي االصطالح الشرعي :ىك عمـ يبحث فيو عف كجكد اهلل تعالى ،كما يجب أف
يثبت لو مف صفات ،كما يجكز أف يكصؼ بو ،كما يجب أف ينفى عنو.
كاألبحاث المتعمقة بالتكحيد تدخؿ كميا ضمف مصطمح" :عمـ التكحيد" أك "أصكؿ
الديف" أك "عمـ الكالـ".
كعرؼ أيضا بأنو عمـ يبحث في إثبات العقائد الدينية باألدلة اليقينية العقمية كالنقمية
التي تزيؿ كؿ شؾ.
كالتكحيد ضد الشرؾ ،كضد الكفر فإذا عبد اإلنساف اهلل ،كلـ يشرؾ بو شيئا ،كاف
مكحدا ،كالتكحيد ضد الكفر ،كقد كاف التكحيد بار از في ديف اهلل تعالى كمو ،لكف التحريؼ كقع
في كؿ الديانات ،كلـ يبؽ صحيحا إال الديف اإلسالمي الذم جاء بو محمد صمى اهلل عميو
كسمـ ،كمف ثـ أصبح التكحيد مف خصائص ىذا الديف ،كالركف األكؿ مف أركاف اإلسالـ
الخمسة متمثال في شيادة أف ال إاله إال اهلل كأف محمدا رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ.
43
ب -أدلة التكحيد:
يشتمؿ القرآف الكريـ عمى أدلة كثيرة تبيف مجاالت تفرد اهلل باأللكىية كخصائصيا
منيا :إف اهلل كاحد في ذاتو ،متفرد في كؿ خصائصو ،كقكلو تعالى ( :قؿ ىك اهلل أحد ،اهلل
الصمد ،لـ يمد كلـ يكلد ،كلـ يكف لو كفؤا أحد ) ،1كقكلو تعالى ( :ليس كمثمو شيء) ،2كقكلو
تعالى ( :ذلكـ اهلل ربكـ ال إاله إال ىك خالؽ كؿ شيء فاعبدكه كىك عمى كؿ شيء ككيؿ )،3
كقكلو تعالى ( :كهلل ممؾ السماكات كاألرض كما بينيما ) ،4كقكلو تعالى ( :ككأيف مف دابة ال
تحمؿ رزقيا اهلل يرزقيا كاياكـ ) ،5كقكلو تعالى ( :كىك القاىر فكؽ عباده ) ،6كقكلو تعالى :
(كهلل يسجد ما في السماكات كما في األرض مف دابة كالمالئكة كىـ ال يستكبركف ) ،7كقكلو
تعالى ( :كمف آياتو أف تقكـ السماء كاألرض بأمره ).8
كقكلو تعالى ( :يا أييا الناس اعبدكا ربكـ الذم خمقكـ كالذيف مف قبمكـ لعمكـ تتقكف
الذم جعؿ لكـ األرض فراشا كالسماء بناء كأنزؿ مف السماء ماء فأخرج بو مف الثمرات
رزقا لكـ فال تجعمكا هلل أندادا كأنتـ تعممكف).9
كقكلو تعالى ( :أيشرككف ما ال يخمؽ شيئا كىـ يخمقكف كال يستطيعكف ليـ نص ار كال
أنفسيـ ينصركف ،كاف تدعكىـ إلى اليدل ال يتبعككـ سكاء عميكـ أدعكتمكىـ أـ أنتـ
صامتكف).10
كفي سكرة النمؿ مثاؿ رائع لإللزاـ اإلليي بإفراد العبادة لو استدالال بربكبيتو كذلؾ في
آيات كثيرة:
كقكلو تعالى ( :اهلل الذم رفع السماكات بغير عمد تركنيا ثـ استكل عمى العرش
كسخر الشمس كالقمر كؿ يجرم ألجؿ مسمى .2 )..كؿ ىذه األدلة تؤكد كحدانية اهلل في
ذاتو كجميع صفاتو فيزداد بيا المؤمف إيمانا.
-2مجاؿ اإليماف برسؿ اهلل ،حممة اليدم اإلليي كمعرفة ما يجب ليـ كالصدؽ
كاألمانة ،كما ال يجكز في حقيـ كالكذب كالخيانة ،كمعرفة معجزاتيـ كبينات رسالتيـ،
كخاصة معجزات كبينات كأدلة رسالة سيدنا محمد صمى اهلل عميو كسمـ.
-3مجاؿ اإليماف بالكتب اإلليية التي أنزليا اهلل ىداية لعباده عبر التاريخ البشرم
الطكيؿ.
-4مجاؿ اإليماف بالمالئكة كما يقكمكف بو مف أعماؿ كصمتيـ بنا في الدنيا كاآلخرة.
-5مجاؿ اإليماف باليكـ اآلخر كما أعد اهلل فيو مف جزاء لممؤمنيف كالكافريف :مف
نعيـ الجنة كعذاب في النار.
ف تؤمف باهلل كمالئكتو كلقد سئؿ رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ عف اإليماف فقاؿ" :أ
ككتبو كرسمو كاليكـ اآلخر كتؤمف بالقدر خيره كشره".2
شرؼ كؿ عمـ يقدر بشرؼ مكضكعو ،كمجاؿ بحثو ،كاذا كاف الطب أشرؼ مف
النجارة :فألف ميداف بحث النجارة :األخشاب كميداف بحث الطب :األجساـ البشرية.
أما شرؼ عمـ التكحيد فيستمد مف شرؼ مجاالت بحثو ،كىؿ ىناؾ ما ىك أعظـ مف
خالؽ الككف؟ كىؿ ىناؾ مف ىك أطير مف رسؿ اهلل مف بني البشر؟ كىؿ ىناؾ ما ىك أىـ
مف معرفة اإلنساف بربو كخالقو ؟ كالحكمة مف كجكده في ىذه الدنيا ،كلماذا خمقو اهلل عمييا؟
كما ىك المصير الذم ينتظره بعد مكتو؟ ىذه ىي مجاالت عمـ التكحيد كمكضكعاتو.
إف المكضكع األساسي في القرآف الكريـ ىك مكضكع عمـ التكحيد فأنت ال تجد سكرة
في كتاب اهلل تخمك مف الدعكة إلى اإليماف باهلل كبرسكلو ،أك باليكـ اآلخر ،أك بالمالئكة ،أك
بالكتب اإلليية السابقة أك بالقدر الذم سنو اهلل لسير ىذا الككف كاف القرآف المكي الذم نزؿ
بمكة قبؿ اليجرة لمدة ثالثة عشر عاما يكاد يككف كمو حكؿ التكحيد كما يتصؿ بو.
إف عناية المسمميف بيذا العمـ مستمدة مف عناية القرآف بو ،فقد كاف ىميـ األكبر ىك:
الدعكة إلى ديف اهلل بالحكمة ،كالمكعظة الحسنة ،بما يقدمو عمـ التكحيد مف أدلة كبراىيف
لتثبيت العقيدة كدعكة الناس لإليماف بيا كاستمرت عناية المسمميف بو مدة طكيمة ،ك لما
أىمؿ المسممكف بناء العقيدة الصحيحة بكاسطة عمـ التكحيد الذم يقكـ عمى العمـ كاليقيف بدأ
الخمؿ يتسرب إلى عقائدىـ كسمككاتيـ كأعماليـ ،كأصبح مف السيؿ عمى األعداء التسمط
عمييـ.
حكمو: خ-
إف تعمـ القدر الضركرم مف التكحيد فرض عيف عمى كؿ مسمـ لتثبيت اإليماف باهلل
كرسمو ككتبو كمالئكتو كاليكـ اآلخر كالقدر خيره كشره.
-1تكحيد الربكبية :كالمقصكد بو اإلقرار بأف ربنا تبارؾ كتعالى كاحد في أفعالو ال
يشاركو أحد فييا ،كمعناه :ىك إفراد اهلل تعالى بالخمؽ كالرزؽ كاإلحياء كاإلماتو ،كسائر أنكاع
التصريؼ كالتدبير (التصرؼ في الككف لممككت السماكات كاألرض ،كافراده تعالى بالحكـ
كالتشريع بإرساؿ الرسؿ كانزاؿ الكتب كغيرىا مف األفعاؿ اإلليية).
-2تكحيد األلكىية :كالمقصكد بو تكحيد اهلل بأفعاؿ العباد أم :ىك إفراد اهلل تعالى
بالعبادة فال يعبد غيره ،كال يدعى سكاه ،كال يستغاث كال يستعاف إال بو ،كال ينذر كال يذبح كال
ينحر إال لو (التضرع كالخكؼ كالرجاء) فال يجكز صرؼ شيء مف العبادات ألحد مف الخمؽ
ميما كانت مكانتو أك منزلتو.
-3تكحيد األسماء كالصفات :ىك كصؼ اهلل تعالى كتسميتو بما كصؼ كسمى بو
نفسو كبما كصفو كسماه بو رسكلو صمى اهلل عميو كسمـ في األحاديث الصحيحة ،كاثبات
ذلؾ لو مف غير تشبيو كال تمثيؿ كمف غير تأكيؿ ،كال تعطيؿ عمى الكجو الالئؽ بو سبحانو،
دكف أف نحاكؿ ذكر كيفية ليا ،أك نمثؿ صفات اهلل بصفات خمقو ،أك نحرؼ أك ننفي صفات
اهلل تعالى كأسمائو ،كننكر قياـ صفات اهلل تعالى ،مع تنزييو عف كؿ ما ال يميؽ بو سبحانو.
47
المطمب الثاني :األخالؽ
ترتكز الشريعة اإلسالمية عمى عدة أسس لبناء المجتمع اإلسالمي ،مف أىميا أساس
األخالؽ ،ذلؾ أف المجتمع بغير أخالؽ ال تقكـ عميو قائمة ،ميما تقدـ كارتقى ،كلقد كاف
رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ الصكرة المثمى لإلنساف األخالقي ،فقد مدحو اهلل تعالى بذلؾ
كقاؿ ( :كانؾ لعمى خمؽ عظيـ ) .1كذكر صمى اهلل عميو كسمـ أف مف أىـ ما بعث بو إتماـ
مكارـ األخالؽ ،فقاؿ عميو الصالة كالسالـ " :إنما بعثت ألتمـ مكارـ األخالؽ" ،2كاألدلة التي
ترشد إلى مكارـ األخالؽ كتحث عمى فضائؿ اآلداب في القرآف الكريـ أجؿ مف أف تحصى،
كما أف المتتبع لسنة رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ يجد العنصر األخالقي بار از أصيال
فييا ،فعف سعيد بف ىشاـ قاؿ :سألت عائشة فقمت :أخبريني يا أـ المؤمنيف عف خمؽ رسكؿ
اهلل صمى اهلل عميو كسمـ ،فقالت" :كاف خمقو القرآف" ،كاألحاديث التي تحث عمى مكارـ
األخالؽ كثيرة كمتعددة.
األخالؽ جمع خمؽ عمى كزف قفؿ ،كخمؽ عمى كزف أفؽ ،كعمى حد تعبير الراغب في
كتابو المفردات ،أف ىاتيف الكممتيف ترجعاف إلى أصؿ كاحد ،كىك "خمؽ" بمعنى الييئة
كالشكؿ الذم يراه اإلنساف بعينو ،كالخمؽ بمعنى القكل كالسجايا الذاتية لإلنساف.
كيمكف تعريؼ األخالؽ مف آثارىا الخارجية أيضا ،حيف يصدر أحيانا مف اإلنساف
فعؿ اعتباطي كلكف عندما يتكرر ذلؾ العمؿ منو :مثؿ البخؿ كعدـ مساعدة اآلخريف ،يككف
دليال عمى أف ذلؾ الفعؿ يمد جذكره في أعماؽ ركح ذلؾ اإلنساف ،تمؾ الجذكر تسمى بالخمؽ
كعميو قسمكا األخالؽ إلى قسميف :الممكات التي تنبع منيا األعماؿ كالسمككيات
الحسنة كتسمى" :الفضائؿ" ،كأخرل تككف مصد ار لألعماؿ كالسمككيات السيئة كتسمى
الرذائؿ.
كمف ىنا يمكف أف نعرؼ عمـ األخالؽ بأنو عمـ يبحث فيو عف الممكات كالصفات
الحسنة كالسيئة كآثارىا كجذكرىا.
جؿ آيات كسكر القرآف الكريـ ال تخمك مف األخالؽ ،كتحث عمى التمسؾ بيا ،فالقرآف
الكريـ اىتـ بأخالؽ المسمـ ،بحيث لـ يغفؿ صغيرة كال كبيرة مما يتصؿ باألخالؽ إال نبو
عمييا مكجبا التزاـ الحسنة كدرء السيئة ليككف أنمكذجا لمكماؿ اإلنساني ذم التربية القرآنية
كاألخالقية.
فاألخالؽ الكاردة في القرآف تكاد ال تعد كال تحصى ،فاألمر فيو أخالؽ ،كالنيي فيو
أخالؽ ،كالخاص فيو أخالؽ كالعاـ فيو أخالؽ.
ككؿ ىذه اآليات تدكر كتمح عمى التمسؾ باألخالؽ الفاضمة كتبينيا ،كتنفر مف
األخالؽ الرذيمة فتذكرىا حتى يتمكف المسمـ مف معرفة الخبيث مف الطيب ،كالخير مف الشر
كالصدؽ مف الكذب.
كاىتـ ببياف معظـ األخالؽ الفاضمة كمبدإ اإلحساف إلى الناس عمى اختالؼ فئاتيـ
مف أقارب كجيراف كأباعد كمف جممتيـ الفئات الضعيفة.
كاعبدكا اهلل كال تشرككا بو شيئا كبالكالديف إحسانا كبذم قاؿ تعالى في شأف ذلؾ ( :
القربى كاليتامى كالمساكيف كالجار ذم القربي كالجار الجنب كالصاحب بالجنب كابف السبيؿ
كما ممكت أيمانكـ إف اهلل ال يحب مف كاف مختاال فخك ار ).1
كقد نفر مف الزنا كعدـ قتؿ النفس التي تعد مف الضركريات الخمس ،كرغب بفضيمة
الصبر في المحف ،كأكثر مف الدعكل إلى تقكل اهلل.
كانؾ لعمى حامؿ رسالة القرآف الرسكؿ الكريـ كاف صاحب خمؽ عظيـ لقكلو تعالى( :
خمؽ عظيـ).
أدبني ربي فأحسف تأديبي".3 كقد حدث عف نفسو عميو الصالة كالسالـ فقاؿ" :
كانما بعث ألتمـ مكارـ األخالؽ "4؛ ألف اهلل تعالى تكلى تربيتو كحفظو كقاؿ أيضا" :
مف أدناس الجاىمية حتى يككف مؤىال لحمؿ الرسالة لمعالميف فجمع كؿ محاسف األخالؽ
كأنبميا مف حمـ كأمانة كعفة كصبر ككفاء كعفك كعفة ككرـ كشجاعة كفضيمة.
كقد سئمت أـ المؤمنيف عائشة رضي اهلل عنيا عف خمقو صمى اهلل عميو كسمـ فأجممتو
في قكليا البميغ " :كاف خمقو القرآف " 5أم عمؿ بأكامر القرآف كانتيى بنكاىيو كنيى عنيا،
فكاف صمى اهلل عميو كسمـ القدكة الحسنة لمف أراد اخذ األخالؽ الصالحة.
مف سعادة المرء حسف الخمؽ " " .6أكثر ما يدخؿ كلو في ىذا أحاديث كثيرة منيا " :
الناس الجنة تقكل اهلل كحسف الخمؽ".1
فاإلسالـ ربط األخالؽ بالديف كجعؿ العبادة تسمك بيا ،كترتفع إلى درجة الخير
األسمى.
كتتجمى األخالؽ االجتماعية في :عدـ السخرية كاساءة الظف كالتجسس كالغيبة
كاالعتداء كالسرقة كغيرىا كثير.
*األحكاـ :جمع حكـ كىك كؿ ما يصدره الشارع لمناس مف أكامر كنظـ عممية تنظـ
حياتيـ االجتماعية كعالقاتيـ بعضيـ ببعض ،كقد قسـ الفقياء الحكـ إلى أقساـ :الكاجب
كالمندكب كالمباح كالمكركه كالمحرـ ،كىي المعركفة باألحكاـ الشرعية الخمسة ،كاحترز
باألحكاـ عف العمـ بالذكات.
*الشرعية :أم مصدرىا الشارع ،كمصادر التشريع ىي القرآف كالسنة كاإلجماع كاعتبر
الفقياء اإلجماع مصد ار أصميا ثالثا مستدليف في ذلؾ بقكؿ الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ " :إف
-1الجامع الصحيح لمترمذم عف عبد الرحمف بف صخر ،كفي حديث حسف صحيح كسئؿ عف أكثر مف يدخؿ النار؟
فقاؿ :الفـ كالفرج.
51
أمتي ال تجتمع عمى ضاللة " ،1كالقياس كالمصالح المرسمة كاالستحساف كالعرؼ كسد الذريعة
كاالستصحاب كقكؿ الصحابي كشرع مف قبمنا كما يتفرع عنيا مف فتاكل كأحكاـ كىذه كميا
مصادر فرعية ،كاحترز بالشرعية عف العمكـ العقمية كالحساب كاليندسة ،كعف عمكـ المغة.
*العممية :إف الفقو يبحث في أعماؿ اإلنساف كىي العبادات كالمعامالت أما المسائؿ
االعتقادية مف إيماف كفركعو ،فال تعتبر فقيا كانما تدخؿ في عمكـ أخرل كعمـ العقيدة كعمـ
الكالـ ،كسميت بالعممية احت ار از عف العممية.
*المكتسبة :احت ار از عف عمـ اهلل عز كجؿ ،فإنو غير مكتسب عكس عمـ اإلنساف.
*األدلة التفصيمية:
كىي القرآف كالسنة كاإلجماع كالقياس كغيرىا مف المصادر التي تعتبر أدلة تستخرج
منيا األحكاـ الشرعية .كالمراد بككنيا تفصيمية أنيا جزئية تدؿ عمى الحكـ في جزئية بالذات،
كداللة آية ( :كال تقربكا الزنا إنو كاف فاحشة كساء سبيال ) 2عمى حرمة الزنا ،كداللة :
(كأحؿ اهلل البيع كحرـ الربا ) 3عمى حمية البيع كحرمة الربا ،كاحترز بالتفصيمية عف العمـ
الحاصؿ لممقمد فإنو ال يسمى فقيا بؿ تقميدا.
4253بمفظ " :كأف ال تجتمعكا عمى -1أخرجو أبك داكد في سننو ،كتاب الفتف ،باب ذكر الفتف كدالئميا ،حديث رقـ
ضاللة" .كأخرجو ابف ماجو في كتاب الفتف ،باب السكاد األعظـ ،حديث رقـ 3950بيذا المفظ.
-2سكرة اإلسراء ،اآلية .32
-3سكرة البقرة ،اآلية .274
52
ب -الفرؽ بيف الشريعة كالفقو:
ثـ جعمناؾ عمى إف كممة الشريعة أسبؽ في الظيكر مف كممة فقو لقكلو تعالى( :
شريعة مف األمر فاتبعيا ) ،1كقد استعممت كممة فقو بمعناىا الداؿ عمى العمـ باألحكاـ
الشرعية بعد فترة مف صدكر اإلسالـ.2
كالشريعة ىي جميع األحكاـ الشرعية التي شرعيا اهلل لعباده ال فرؽ بيف أصمية أك
فرعية كعممية أك أخالقية فيي تشمؿ العقيدة كاألخالؽ كما تشمؿ العبادات ك المعامالت ،أما
الفقو فيعني :األحكاـ العممية المتعمقة بالعبادات كالمعامالت دكف ما سكاىا.
المصدر في الشريعة القرآف كالسنة فيي تشريع إالىي مقدس ال يجكز ألحد مخالفتو
كلك كاف مجتيدا ،أما الفقو فإف جزءا منو يعتمد عمى نصكص الكحي مف الكتاب كالسنة ،كما
أف جزءا آخر يعتمد عمى مصادر شيد ليا الشرع باالعتبار فيي محؿ اجتياد كاختالؼ
كترجيح كاختيار.
-1العبادات :كىي ما كاف الغرض منيا التقرب إلى اهلل تعالى كاالمتثاؿ ألكامره
كما كاجتناب نكاىيو كالخضكع الكامؿ لو :كالصالة كالصكـ كالزكاة كالحج ،يقكؿ تعالى ( :
خمقت الجف كاإلنس إال ليعبدكف).3
-2المعامالت:
-أحكاـ األسرة (مف زكاج كطالؽ كنسب كحضانة كنفقة كأىمية كنيابة شرعية ،كارث،
ككصية).
-1مدخؿ الفقو اإلسالمي لمحمد سالـ مدككر ،ط ،1964 .ص .20-19
54
المبحث الثالث :مصادر الشريعة
اتفؽ جميكر الفقياء عمى أف المصادر األصمية لمشريعة ىي :الكتاب كالسنة
كاإلجماع كالقياس كيستدلكف عمى ترتيبيا التسمسمي بقكلو تعالى ( :يا أييا الذيف آمنكا أطيعكا
اهلل كأطيعكا الرسكؿ كأكلي األمر منكـ فإف تنازعتـ في شيء فردكه إلى اهلل كالرسكؿ إف
كنتـ تكمنكف باهلل كاليكـ اآلخر ذلؾ خير كأحسف تأكيال ) .1فقكلو تعالى ( :أطيعكا اهلل) :أم
امتثمكا ألكامره كاجتنبكا نكاىيو التي جاء بيا القرآف الكريـ .كقكلو تعالى( :كأطيعكا الرسكؿ) :
بمعنى ما جاء بو الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ ،مف قكؿ أك فعؿ أك تقرير كما نقمو الصحابة
مف سنة ،أما المراد مف قكلو تعالى ( :أكلي األمر ) فيـ المجتيدكف مف عمماء األمة ،فإذا
اتفؽ ىؤالء كاف حكميـ إجماعا.
فإف تنازعتـ في شيء فردكه إلى اهلل كالرسكؿ ) ؛ فمعناه إذا لـ أما قكلو تعالى ( :
تجدكا حكما كحادثة طارئة فردكىا إلى ما يشبييا في القرآف كالسنة فإذا اشتركت في العمة
كاف ما يعرؼ بالقياس المتمثؿ في ما ال نص فيو .كقكلو تعالى ( :ذلؾ خير كأحسف تأكيال )
أم عاقبة كمآال.
كأف احكـ بينيـ كينص القرآف الكريـ صراحة عمى مصادر التشريع في قكلو تعالى " :
بما أنزؿ اهلل".2
كما أتاكـ الرسكؿ فخذكه كما نياكـ عنو كيشير إلى السنة في قكلو تعالى ( :
فانتيكا).3
إنا أنزلنا إليؾ الكتاب كالقياس لما يقرر باالجتياد كاألخذ فيو بالرأم لقكلو تعالى( :
بالحؽ لتحكـ بيف الناس بما أراؾ اهلل كال تكف لمخائنيف خصيما ).2
كمف أحاديث النبي عميو الصالة كالسالـ يتبيف لنا صحة كسالمة ىذا التسمسؿ الذم
ال يختمؼ حكلو اثناف.
ركل سعيد بف المسيب عف عمي رضي اهلل عنو أنو قاؿ :قمت يا رسكؿ اهلل األمر
أجمعكا العالميف مف المؤمنيف ينزؿ بنا لـ ينزؿ فيو القرآف كلـ تمض فيو منؾ سنة قاؿ" :
فاجعمكه شكرل بينكـ كال تقضكا فيو برأم كاحد".3
كركل معاذ بف جبؿ أف رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ لما بعثو إلى اليمف قاضيا قاؿ
لو" :بما تقضي يا معاذ قاؿ :بكتاب اهلل قاؿ :فإف لـ تجد قاؿ :بسنة رسكؿ اهلل قاؿ :فإف لـ
تجد قاؿ :اجتيد رأيي كال ألك ،فقاؿ عميو السالـ الحمد هلل الذم كفؽ رسكؿ رسكؿ اهلل لما
يرضي اهلل كرسكلو".4
كمف خالؿ ىذيف الحديثيف يتبيف أف مصادر التشريع اإلسالمي ىي :الكتاب كالسنة
كاالجتياد بالرأم الذم يككف بالجماعة فيسمى :اإلجماع ،أك االجتياد الفردم كيدعى :القياس
لذا فإننا نعتبر المصادر األصمية أربعة:
القرآف في األصؿ مصدر ق أر قراءة كقرآنا ،كمعناه في المغة :الجمع كالضـ يقكؿ
تعالى" :إف عمينا جمعو كقرآنو فإذا قرآنو فاتبع قرآنو".1
كفي االصطالح الشرعي ىك" :كالـ اهلل الذم أنزؿ عمى محمد صمى اهلل عميو كسمـ
المنقكؿ بالتكاتر كالمتعبد بتالكتو كأحكامو" .2
ألـ ذلؾ الكتاب ال ريب فيو ىدل كيطمؽ عمى القرآف :الكتاب ،قاؿ تعالى( :
لممتقيف) ،3كىاتاف التسميتاف – القرآف كالكتاب – ىما الغالبتاف ،كبجانبيما تسميات أخرل
مثؿ " :الفرقاف" قاؿ تعالى ( :تبارؾ الذم نزؿ الفرقاف عمى عبده ليككف لمعالميف نذير) "،4
كالذكر ،قاؿ تعالى ( :إنا نحف نزلنا الذكر كانا لو لحافظكف ) ،5كالتنزيؿ ،قاؿ تعالى ( :كانو
لتنزيؿ رب العالميف) ،6إلى غير ذلؾ مما كرد في القرآف.
نزؿ القرآف عمى الرسكؿ محمد صمى اهلل عميو كسمـ منجما أم مفرقا في نحك ثالث
كعشريف سنة ،منيا ثالث عشرة بمكة عمى األرجح كعش ار بالمدينة ،فقد كاف ينزؿ خمس
آيات أك عش ار أك أقؿ ،كذلؾ إما لبياف حكـ الحكادث التي تنزؿ بالمسمميف ،أك لمجكاب عف
أسئمة صدرت مف المسمميف أك مف غيرىـ أك لممكعظة كالتذكير .فعف عبد اهلل بف عباس
القرآف ىك المصدر األكؿ كالرئيسي لمتشريع اإلسالمي ،ككؿ المصادر األخرل إنما
ترتبط بو كتستمد أصكليا منو ،فيك عماد الديف ،كدستكر المسمميف ،كقد جمع أحكاـ الديف
كالدنيا في أكمؿ قكاعدىا كأتـ صكرىا ،لقكلو تعالى ( :ليكـ أكممت لكـ دينكـ كأتممت عميكـ
نعمتي ،2)...كتنازؿ تشريعو كؿ ما ييـ اإلنساف في معاشو كمعاده ،قاؿ تعالى ( :ما فرطنا
في الكتاب مف شيء ) ،3قاؿ القرطبي في تفسير ىذه اآلية :أم ما تركنا شيئا مف أمر الديف
إال كقد دلننا عميو في القرآف ،إما داللة مبينة مشركحة ،كاما مجممة يتمقى بيانيا مف الرسكؿ
عميو الصالة كالسالـ ،أك مف اإلجماع ،أك مف القياس الذم ثبت بنص الكتاب ...فصدؽ
4
خبر اهلل بأنو ما فرط في الكتاب مف شيء إال ذكره إما تفصيال ،كاما تأصيال...
السنة في المغة :الطريقة كالسيرة سكاء كانت محمكدة أك مذمكمة ،يقكؿ اهلل تعالى:
(سنة اهلل التي قد خمت مف قبؿ كلف تجد لسنة اهلل تبديال ) ،1كفي صحيح مسمـ أف رسكؿ
اهلل تعالى قاؿ " :مف سف سنة حسنة فمو أجرىا كأجر مف عمؿ بيا بعده مف غير أف ينقص
مف أجكرىـ شيء ،كمف سف في اإلسالـ سنة سيئة كاف عميو كزرىا ككزر مف عمؿ بيا
مف بعده مف غير أف ينقص مف أجكرىـ شيء ".2
كتطمؽ السنة في اصطالح الفقياء عمى ما جاء عف النبي صمى اهلل عميو
الخصكص ،مما لـ ينص عميو في القرآف.
كتطمؽ السنة عند األصكلييف عمى ما صدر عف النبي صمى اهلل عميو كسمـ مف قكؿ
أك فعؿ أك تقرير فيقاؿ :سنة قكلية ،كسنة فعمية ،كسنة تقريرية.
كيراد بيا عند المحدثيف عمى ما أثر عف النبي صمى اهلل عميو كسمـ مف قكؿ أك فعؿ
أك تقرير أك صفة أك سيرة ،كىي مرادفة لمحديث عند أكثرىـ .كالسنة النبكية الصحيحة جزء
ال يتج أز مف الكحي ،3مصداقا لقكلو تعالى ( :كما ينطؽ عف اليكل إف ىك إال كحي
يكحى) ،4لذلؾ يككف األخذ بيا كاجبا ،كالعمؿ بأحكاميا الزما ،كتؤيد ىذا نصكص القرآف
) ،5كقاؿ سبحانو: نفسو ،قاؿ تعالى ( :كما أتاكـ الرسكؿ فخذكه كما نياكـ عنو فانتيكا
(أطيعكا اهلل كأطيعكا الرسكؿ) ،6كقاؿ تعالى( :مف يطع الرسكؿ فقد أطاع اهلل.1)7
بدأت المحاكالت األكلى لتدكيف السنة في بداية القرف الثاني اليجرم ،كذلؾ في خالفة
عمر بف عبد العزيز ،ككاف أكؿ مف دكف السنة عالـ الحجاز كالشاـ محمد بف مسمـ بف
شياب الزىرم ،ثـ أخذت حركة تدكيف السنة طريقيا كأصبحت عمما قائما بذاتو منذ منتصؼ
القرف الثاني اليجرم في العصر العباسي ،ككاف مكطأ اإلماـ مالؾ أقدـ كتاب كصؿ إلينا،
ثـ تمتو مجمكعات عظيمة في تدكيف السنة كمسند اإلماـ أحمد بف حنبؿ كالكتب الستة
المشيكرة كىي :الجامع الصحيح لإلماـ البخارم ،كالجامع الصحيح لإلماـ مسمـ ،كسنف
الترمذم ،كسنف أبي داكد ،كسنف النسائي ،كسنف ابف ماجو .2
تنقسـ السنة مف حيث سندىا أم اعتبار ركاتيا إلى سنة متكاترة كسنة آحاد ،كجعؿ
الحنفية درجة كسطى بينيما كىي السنة المشيكرة ،كما تنقسـ مف حيث درجاتيا مف الصحة
أك الضعؼ إلى حديث صحيح كحديث حسف كحديث ضعيؼ .3
تعتبر السنة النبكية المصدر الثاني مف مصادر التشريع اإلسالمي بعد كتاب اهلل
تعالى ليا دكر في بياف ما جاء في القرآف مف أحكاـ كتفسيرىا ،كما ليا مكانة سامية في
تشريع أحكاـ أخرل مستقمة ،كاف كانت أصكليا راجعة إلى القرآف ،مصداقا لقكلو تعالى:
(تبيانا لكؿ شيء) ،1كقكلو تعالى( :كأنزلنا إليؾ الذكر لتبيف لمناس ما نزؿ إلييـ) .2
اإلجماع :في المغة يككف بمعنى العزـ كالتصميـ عمى األمر ،كما في قكلو تعالى:
(فاجمعكا أمركـ كشركاءكـ ) ،3كفي قكلو عميو الصالة كالسالـ " :مف لـ يجمع الصياـ قبؿ
الفجر فال صياـ لو " .4كيككف بمعنى االتفاؽ عمى األمر ،يقاؿ :أجمع القكـ عمى كذا :إذا
اتفقكا عميو.
كفي اصطالح عمماء الشريعة ىك :اتفاؽ المجتيديف مف أمة محمد صمى اهلل عميو
كسمـ في عصر مف العصكر بعد كفاتو عمى حكـ شرعي ال نص فيو .فإذا كقعت حادثة في
عصر مف العصكر كليس ليا نص في كتاب اهلل كال في سنة رسكلو ،كعرضت عمى جميع
المجتيديف مف األمة اإلسالمية كقت حدكثيا ،كاتفقكا عمى حكـ فييا سمي اتفاقيـ إجماعا،
كاعتبر إجماعيـ عمى حكـ كاحد فييا دليال عمى أنو الحكـ الشرعي في الكاقعة .5
-1اإلجماع الصريح:
كيتحقؽ باتفاؽ مجتيدم عصر مف العصكر عمى حكـ شرعي كاحد في الكاقعة
المعركضة إما عف طريؽ إبداء كؿ منيـ رأيو صراحة بفتكل أك قضاء ،أم أف كؿ مجتيد
يصدر منو قكؿ أك فعؿ يعبر صراحة عمى رأيو ،أك عف طريؽ مؤتمر فقيي يضـ جميع
المجتيديف مف فقياء المسمميف ،كيحصؿ فيو االتفاؽ عمى حكـ شرعي معيف بعد مناقشة
اآلراء كاألدلة المتعمقة بيذا الحكـ .كال خالؼ عند جميكر المسمميف في أف اإلجماع الصريح
حجة قطعية في ثبكت األحكاـ.
كيتحقؽ بإبداء بعض مجتيدم العصر رأييـ في كاقعة بفتكل أك قضاء ،كيقابؿ ىذا
الرأم بسككت البعض اآلخر مف مجتيدم نفس العصر مف اطالعيـ عميو ،فيعتبر ىذا
السككت إق ار ار كبالتالي يعد إجماعا سككتيا .كاختمؼ في حجية اإلجماع السككتي ألف
السككت ليس جازما لممكافقة كبالتالي ال يتحقؽ الجزـ باالتفاؽ كانعقاد اإلجماع ،فذىب
المالكية كالشافعية إلى أنو ليس حجة ،كذىب أكثر الحنفية كالحنابمة إلى أنو حجة إذا ثبت
أف المجتيد الذم سكت عرضت عميو الكاقعة كعرض عميو الرأم الذم أبدم فييا ،كمضت
عميو فترة كافية لمبحث كتككيف الرأم كسكت كلـ تكجد شبية في أنو سكت خكفا أك تممقا أك
استيزاء.1
يعتبر اإلجماع حجة شرعية ثابتة بالكتاب كالسنة كعمؿ الصحابة كالعقؿ أما الكتاب،
فقكلو تعالى ( :كمف يشاقؽ الرسكؿ مف بعد ما تبيف لو اليدل كيتبع غير سبيؿ المؤمنيف
نكلو ما تكلى كنصمو جينـ كساءت مصي ار).2
كأما عمؿ الصحابة فمنو إجماعيـ عمى تكلي أبي بكر الخالفة بعد كفاة رسكؿ اهلل
صمى اهلل عميو كسمـ ،كاجماعيـ عمى محاربة أىؿ الردة عند امتناعيـ مف إعطاء الزكاة،
كاجماعيـ عمى جمع القرآف في مصحؼ كاحد.
كأما العقؿ فيستحيؿ اجتماع كؿ المجتيديف مخطئيف في إجماعيـ فما اتفقكا عميو إذا
ىك صكاب مستند إلى دليؿ مف الكتاب أك السنة فيككف العمؿ بو كاجبا .5
أ -تعريفو:
كفي اصطالح عمماء الشريعة ىك إلحاؽ كاقعة ال نص عمى حكميا بكاقعة كرد نص
بحكميا لتساكم الكاقعتيف في عمة الحكـ.
-2الفرع :كىك ما لـ يرد بحكمو نص ،كيراد إلحاقو باألصؿ في الحكـ ،كيسمى
المقيس.
-4العمة :كىي الكصؼ الذم بني عميو حكـ األصؿ ،كبناء عمى كجكده في الفرع
يسكل باألصؿ في حكمو.
يا أييا الذيف آمنكا أطيعكا اهلل كأطيعكا الرسكؿ كأكلي أما الكتاب فمنو قكلو تعالى( :
األمر منكـ ،فإف تنازعتـ في شيء فردكه إلى اهلل كالرسكؿ إف كنتـ تؤمنكف باهلل كاليكـ
اآلخر ذلؾ خير كأحسف تأكيال ) ،1فالرد يككف بتعرؼ عمؿ األحكاـ الكاردة في القرآف كالسنة،
كالبناء لكضع أحكاـ شرعية لمكقائع الجديدة إذا تحققت المماثمة في العمؿ ،كذلؾ ىك القياس.
أما السنة :فعف ابف عباس رضي اهلل عنيما أف امرأة مف جيينة جاءت إلى النبي
صمى اهلل عميو كسمـ فقالت " :إف أمي نذرت أف تحج كلـ تحج حتى ماتت أفأحج عنيا؟
قاؿ :نعـ حجي عنيا ،أرأيت لك كاف عمى أمؾ ديف أكنت قاضيتو؟ اقضكا اهلل فاهلل أحؽ
بالكفاء".2
أما اإلجماع :فقد ثبت أف الصحابة احتجكا بالقياس كعممكا بو في كثير مف الكقائع
كلـ ينكر أحد عمييـ ذلؾ فكاف إجماعا منيـ عمى القياس .فقد ثبت أف الصحابة بايعكا أبا
بكر رضي اهلل عنو لككف النبي صمى اهلل عميو كسمـ اختاره في إمامة الصالة ،فقاسكا أمر
الخالفة عمى إمامة الصالة ،ككذلؾ قاسكا حد الشرب عمى حد القذؼ ،فقد ركل اإلماـ مالؾ
في المكطأ أف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو شاكر الناس في حد الخمر كقاؿ :إف الناس
قد شربكىا كاجترؤكا عمييا فقاؿ لو عمي بف أبي طالب رضي اهلل عنو :إف السكراف إذا سكر
ىذل كاذا ىذل افترل فاجعمو حد الفرية ،فجعمو عمر حد الفرية ثمانيف جمدة ،كلـ ينفرد عمي
أ -تعريفيا:
المصمحة في المغة ضد المفسدة ،كفي االصطالح الشرعي تطمؽ عمى السبب الذم
يكصؿ إلى المنفعة كالخير ،كما تطمؽ عمى نفس ىذه المنفعة كالخير.
كالمصمحة المرسمة عند عمماء الشريعة ىي تشريع الحكـ في كاقعة لـ يرد نص فييا
كال إجماع بناء عمى مراعاة مصمحة مرسمة أم مطمقة لـ يرد عف الشارع دليؿ خاص
باعتبارىا كال بإلغاء ،كسميت مرسمة أم مطمقة ،ألنيا لـ تقيد بدليؿ اعتبار كال بدليؿ إلغاء.
كجمع القرآف في عيد أبي بكر ،كجمع الناس عمى مصحؼ كاحد في عيد عثماف ،كتقدير
حد لشرب الخمر مقداره أربعيف جمدة ثـ ثمانيف جمدة ،كتضميف الصناع إذا ادعكا تمفو كما
قضى بذلؾ عمي رضي اهلل عنو.3
ب -شركطيا:
-1أف تككف المصمحة المرسمة متفقة مع مقاصد الشريعة ،فال تنافي أصال مف
أصكليا كال دليؿ مف أدلتيا.
-2أف تككف معقكلة في ذاتيا ،تتمقاىا العقكؿ بالقبكؿ متى عرضت عمييا.
ت -حجيتيا:
أما القرآف فتتجمى مراعاتو لمصالح الناس كرفع الحرج عنيـ كالتيسير عمييـ في أدلة
،3كقكلو كثيرة منيا قكلو تعالى ( :كأقـ الصالة إف الصالة تنيى عف الفحشاء كالمنكر)
تعالى " :ما يريد اهلل ليجعؿ عميكـ مف حرج كلكف يريد ليطيركـ " ،4فيككف اعتماد المصمحة
المرسمة مبنيا عمى مبدأ رفع الحرج.
كأما السنة :كبيانو صمى اهلل عميو كسمـ لدية القتؿ الخطأ بأنيا مائة مف اإلبؿ أك ألؼ
دينار مف الذىب أك عشرة آالؼ درىـ مف الفضة فالشؾ أف ىذا التخيير قد ركعيت فيو حالة
خاصة ىي أف قيـ ىذه األنكاع الثالثة كانت متساكية أك متقاربة في البيئة العربية.
كأما اإلجماع :فإف اعتباره حجة تقكـ عمييا المصمحة المرسمة يأتي مف ككف اهلل عز
كجؿ يفسح أماـ رعاية المصمحة عف طريؽ اإلجماع.
كأما القياس فاتفؽ الجميكر عمى أف العمؿ ترجع إلى تحقيؽ مصالح الناس ،كألنو ال
تعقؿ في الشريعة عمة حكـ غير داخمة في عمكـ المصمحة .5
لغة :الكسيمة ،كفي االصطالح يقصد بيا كؿ ما يفضي إلى مصمحة أ -سد الذريعة:
أك مفسدة كإشعاؿ النار قصد االستدفاء فتؤدم إلى إحراؽ األشجار أك المزركعات.
ب -حجيتيا:
كال تسبكا الذيف يدعكف مف دكف اهلل فيسبكا اهلل عدكا أما الكتاب :فقكلو تعالى( :
بغير عمـ).1
كأما السنة :فمنيا :ما ركاه عمرك بف العاص رضي اهلل عنيما ،أنو عميو الصالة
كالسالـ قاؿ" :إف مف أكبر الكبائر أف يمعف الرجؿ كالديو ،قيؿ :يا رسكؿ اهلل ،ككيؼ يمعف
.2كمف ذلؾ نييو عميو الرجؿ كالديو ،قاؿ :يسب الرجؿ أبا الرجؿ ،فيسب أباه كيسب أمو"
الصالة كالسالـ عف بناء المساجد عمى القبكر كعف الصالة إلييا مخافة تقديس مف فييا
كعبادتيـ مف دكف اهلل.3
كمف أعماؿ الصحابة في ىذا الباب تكريثيـ المطمقة طالقا بائنا في مرض المكت،
لكيال يككف ذلؾ الطالؽ ذريعة لمحرماف مف الميراث كافتاؤىـ بحرمة اليدية مف المفترض
لكيال يؤدم ذلؾ إلى الربا ،فتتخذ اليدايا ذريعة إلى الربا.4
أ -تعريفو:
انقسـ العمماء حكؿ حجية االستحساف إلى فريقيف :فريؽ يقكؿ بحجية االستحساف
،1 كعمى رأسو المالكية كالحنفية ،فقد ركم عف مالؾ قكلو" :تسعة أعشار العمـ االستحساف"
كفريؽ ينكره كىـ الشافعية كالظاىرية كاعتبركه استنباطا لألحكاـ الشرعية باليكل كالتمذذ ،قاؿ
اإلماـ الشافعي" :مف استحسف فقد شرع" أم جعؿ نفسو مشرعا مف دكف اهلل .2
أ -تعريفو:
كفي االصطالح الشرعي :ىك بقاء الحكـ الذم ثبت في الماضي بدليؿ مصاحبا
لكاقعتو كمالزما ليا ،حتى يكجد دليؿ آخر مخالؼ يدؿ عمى زكاؿ ىذه المصاحبة .3
:ذىب المالكية كالحنابمة كجميكر الشافعية كالظاىرية إلى أف ب -حجيتو
االستصحاب حجة في النفي كاإلثبات كالكجكد كالعدـ عمى السكاء ذلؾ أف الفطرة تقضي
باستصحاب ما كاف عمى ما كاف حتى يثبت ما يغيره ،كيرل الحنفية أف االستصحاب يصمح
حجة لمدفع فقط ،ال إلثبات الحكـ الذم يستصحب.
كخالصة القكؿ :إذا عارض االستصحاب دليؿ آخر قدـ عميو ،كلذا كاف آخر ما يمجأ
إليو المجتيد.4
أ -تعريفو:
العرؼ في المغة يطمؽ عمى الشيء المعركؼ المألكؼ المستحسف ،كفي اصطالح
الفقياء ىك ما استقر في النفكس مف جية العقكؿ كتمقتو الطباع السميمة بالقبكؿ .1
ىك ركف مف أركاف التشريع التي يعتمد عمييا الفقياء في استنباطاتيـ كتخريجاتيـ،
ذلؾ أف الناس إذا تعارفكا عمى فعؿ شيء ،كاف ذلؾ تأكيدا لحاجاتيـ إليو ،إذ ىك الذم يحقؽ
ليـ النفع كيدفع عنيـ الضرر ،فمك منعكا مف ذلؾ بعد اعتيادىـ إياه كقعكا في الحرج كلحقتيـ
المشقة.2
ينقسـ العرؼ إلى عرؼ صحيح كعرؼ فاسد .العرؼ الفاسد ىك ما كاف مخالفا لمشرع
كتعارؼ الناس عمى التعامؿ بالربا كاالختالط في الحفالت أك عمى التبرج ،أما العرؼ
الصحيح :ىك الذم ال يخالؼ الشرع كىك يتنكع إلى نكعيف :عرؼ قكلي كعرؼ عممي،
القكلي ىك ما شاع بيف الناس مف استعماؿ ألفاظ كإطالؽ المحـ عمى لحـ الضأف كالبقر دكف
كمف كؿ تأكمكف لحما طريا )،3 لحـ السمؾ ،كقد جعؿ القرآف السمؾ مف جممة المحـ( :
ككإطالؽ لفظ الكلد عمى الذكر كاألنثى ،أما العرؼ العممي فيك غمبة معنى مف المعاني عمى
جميع البالد أك بعضيا كتعارؼ الناس عمى التعاطي في بعض البيكع مف غير صيغة لفظية
أك عمى دفع العربكف قبؿ إتماـ البيع ،كىك إما عرؼ خاص أك عرؼ عاـ فالعاـ يعـ جميع
البالد ،كالخاص يككف مخصكصا ببمد أك مكاف دكف آخر .4
خذ العفك كامر بالعرؼ كأعرض عف الجاىميف).1 مف الكتاب :قكلو تعالى( :
فما رآه المسممكف حسنا فيك عند اهلل كمف السنة :حديث عبد اهلل بف مسعكد" :
" ،2كلـ يخالؼ في األخذ بالعرؼ الصحابة حسف ،كما رأكه سيئا فيك عند اهلل سيء
كالتابعكف اقتداء بفعؿ الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ ،كقد بنى اإلماـ مالؾ أحكاما كثيرة عمى
عرؼ أىؿ المدينة.
أ -معناه:
ىك استمرار حكـ الشرائع السماكية السابقة لإلسالـ عمى المسمميف إذا كرد اإلخبار
عنيا في القرآف كالسنة ،كلـ يدؿ دليؿ عمى نسخيا ،كنص عمى أنو مكتكب عمينا كما كاف
يا أييا الذيف مكتكبا عمييـ ،فال خالؼ في أنو شرع لنا بتقرير شرعنا لو ،كقكلو تعالى ( :
) ،3ككقكؿ الرسكؿ عميو الصالة آمنكا كتب عميكـ الصياـ كما كتب عمى الذيف مف قبمكـ
كالسالـ" :ضحكا فإنيا سنة أبيكـ إبراىيـ عميو السالـ ".4
انقسـ الفقياء بيف مجيز كمخالؼ العتبار شرع مف قبمنا شرعا لنا كبالتالي مصد ار مف
مصادر التشريع اإلسالمي ،فاستدؿ مالؾ كأبك حنيفة بقكلو تعالى " :شرع لكـ مف الديف ما
كصى بو نكحا كالذم أكحينا إليؾ كما كصينا بو إبراىيـ كمكسى كعيسى أف أقيمكا الديف
كال تتفرقكا " ،5كاستدؿ الفريؽ الثاني أف الشرائع السابقة لـ تكف صالحة لكؿ زماف كمكاف
أ -معناه:
ب -حجيتو:
كالسابقكف يرل الفقياء أف أقكاؿ الصحابة حجة بعد النصكص بدليؿ قكلو تعالى( :
األكلكف مف المياجريف كاألنصار كالذيف اتبعكىـ بإحساف رضي اهلل عنيـ كرضكا عنو )،3
عميكـ بسنتي مدح اهلل تعالى مف اتبع المياجريف كاألنصار ،كقكلو صمى اهلل عميو كسمـ" :
كسنة الخمفاء الراشديف مف بعدم " ،4فيذاف دليالف في كجكب اتباع الصحابة كاعتبار
أقكاليـ.5
كالفقو في ىذا العصر ىك فقو الكحي فقط ،حيث كانت األحكاـ الشرعية تتنزؿ عمى النبي
صمى اهلل عميو كسمـ بمفظيا أم القرآف كمعناىا أم السنة ،كيقكـ النبي صمى اهلل عميو كسمـ
بتبميغيا إلى الناس ،فمصدر األحكاـ الشرعية ىك الكحي كال شيء غيره ،أما اجتياد النبي
صمى اهلل عميو كسمـ كأصحابو فراجع إلى الكحي كما سيتبيف فيما بعد .1
أ -إف سمطة التشريع في ىذا العصر كانت لمنبي صمى اهلل عميو كسمـ كحده،
ككاف مرجعو في ذلؾ الكحي بقسميو المتمك كىك القرآف الكريـ ،كغير المتمك كىك السنة ،فمـ
يكف مجاؿ لالختالؼ في حكـ مف األحكاـ .
ب -إف آيات األحكاـ كانت تتنزؿ بمناسبة كاقعة أك حادثة كقعت أك كانت جكابا
عف سؤاؿ أك استفتاء.2
سبؽ القكؿ :إف الفقو في عصر النبي عميو الصالة كالسالـ ىك فقو الكحي ،أم أف
مصدر التشريع ىك كحي اهلل في قرآنو أك عمى لساف رسكلو في السنة ،كلكف ثبت أف النبي
صمى اهلل عميو كسمـ اجتيد ،كأنو أذف ألصحابو باالجتياد كأقرىـ عمى بعض ما اجتيدكا فيو،
فيؿ يعتبر االجتياد في ىذا الدكر مصد ار لمفقو كتشريع األحكاـ ؟ كىك ما ستتـ اإلجابة عميو
بدءا باجتياد النبي صمى اهلل عميو كسمـ كاجتياد الصحابة رضي اهلل عنيـ .3
يرل أكثر األصكلييف أف االجتياد كاقع منو شرعا كاستدلكا بأدلة في كتب أصكؿ الفقو،
كقالكا :إف اجتياده بمنزلة الكحي الثابت ،ألنو ال يقر عمى الخطأ فيك صكاب ال محالة،
بخالؼ اجتياد غيره مف المجتيديف فإنو يحتمؿ الخطأ كاإلقرار عميو ،أما اجتياد الرسكؿ فإنو
كاف احتمؿ رأيا خاصا لكنو ال يحتمؿ اإلقرار عميو ،كقد أمر اهلل تعالى بكجكب اتباع النبي
(فال كربؾ ال يؤمنكف حتى صمى اهلل عميو كسمـ في حكمو كاجتياده ،قاؿ اهلل تعالى :
يحكمكؾ فيما شجر بينيـ ثـ ال يجدكا في أنفسيـ حرجا مما قضيت كيسممكا تسميما) .4
-3اجتياده في سف السكاؾ.3
أ -مف ذلؾ حديث معاذ بف جبؿ لما بعثو الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ إلى اليمف
ليقكـ ببعض األمكر بينيـ ،قاؿ :كيؼ تصنع إذا عرض لؾ قضاء ؟ قاؿ أقضي بما في
كتاب اهلل ،قاؿ :فإف لـ يكف في كتاب اهلل ؟ قاؿ فبسنة رسكؿ اهلل قاؿ :فإف لـ يكف في سنة
رسكؿ اهلل ؟ قاؿ :أجتيد رأيي كال آلك ،فضرب رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ بيده عمى
صدرم كقاؿ :الحمد هلل الذم كفؽ رسكؿ رسكؿ اهلل لما يرضي اهلل كرسكلو ،5فيذا دليؿ عمى
إذنو لممسمميف باالجتياد كارتياحو لما رآه مف رأم سديد لمعاد بف جبؿ في االجتياد كالقياس.
ث -حديث الصحابييف المذيف خرجا في سفر ،كلما حضرت الصالة كلـ يكف معيما
ماء تيمما كصميا ،ثـ لما كجدا الماء في الكقت أعاد أحدىما كلـ يعد اآلخر ،فصكبيما
الرسكؿ عميو السالـ بقكلو لمذم لـ يعد صالتو :أصبت السنة كأجزأتؾ صالتؾ) ،كقكلو لمذم
أعاد :لؾ األجر مرتاف.6
-1تاريخ المذاىب اإلسالمية لمحمد أبي زىرة دار الفكر العربي .9/2
-2نفسو .8/2
-3تاريخ الفقو اإلسالمي ص.95
-4نفسو ص.35
-5ركاه أبك داكد كالترمذم كالنسائي كابف ماجو كأحمد.
-6ركاه أبك داكد كالنسائي.
74
المطمب الثالث :التدكيف في ىذا العصر
اتخذ النبي عميو الصالة كالسالـ كتابا يكتبكف لو ما ينزؿ مف القرآف ،كمف ىؤالء زيد بف
ثابت كعمي بف أبي طالب كعثماف بف عفاف ،كتكفي الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ كالقرآف
محفكظ في الصدكر ،مدكف كمو في الرقاع ،إال أنو لـ يكف مجمكعا في مصحؼ كاحد كانما
كاف مفرقا حتى تـ جمعو في مجمكعة كاحدة أم في مصحؼ كاحد في زمف أبي بكر.
أما السنة فنيى الرسكؿ صمى اهلل عميو كسمـ عف كتابتيا خشية اختالطيا بالقرآف
كلكنيا حفظت في صدكر الصحابة كبمغكىا لغيرىـ كلـ يفقد منيا ،ألف السنة مبينة لمقرآف
إنا نحف نزلنا الذكر كانا لو كشارحة لو ،كالقرآف محفكظ بحفظ اهلل تعالى ،قاؿ تعالى ( :
لحافظكف ) ،كمف تماـ حفظو حفظ السنة لو .1
كانت كممة فقو في ىذا العصر تطمؽ عمى معرفة سائر األحكاـ ككاف الفقياء يسمكف
بالقراء أم يقرءكف كتاب اهلل كيعرفكف معانيو.
كمف أشير الفقياء في ىذا العصر :عبد اهلل بف عباس حتى سمي البحر لكثرة عممو
كسمماف الفارسي الذم قاؿ فيو النبي عميو الصالة كالسالـ " :أنو مع الحػؽ كالحػؽ معو"،
كأبي بف كعب الذم ركم عف رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسمـ أنو أق أر أمتو .2
75
المبحث الثاني :التشريع في عيد الصحابة رضي اهلل عنيـ
عاصر الصحابة الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ كشاىدكا أفعالو كسمعكا أقكالو كتقريراتو
كحفظكىا كرككىا ،كىـ الذيف كانكا يستفتكنو كيسألكنو فيجيبيـ كيخبرىـ عف األحكاـ في
المسائؿ كميا ،فعرفكا مقاصد التشريع كأس ارره فمـ يكف الفقو مدكنا ،بؿ انحصر في جممة مف
القكاعد كاألصكؿ كالتشريعات الجزئية مف القرآف كالسنة المطيرة.1
التشريع في ىذا العصر كاف جماعيا ال فرديا ،كىك ما سمي باإلجماع كىك المصدر
الثالث مف مصادر التشريع اإلسالمي ،خاصة في عيد عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو
الجتماع الصحابة بالمدينة ،كيستند ىذا اإلجماع إلى النصكص كالى المصمحة ،كينسخ
بإجماع آخر كفقا لممصمحة ،لذلؾ كاف اإلجماع مف أكسع المصادر الشرعية لألحكاـ،
كيكاكب القضايا المستجدة في ىذا العصر كما بعده مف العصكر الالحقة اختالؼ مصالح
الناس مف جيؿ إلى جيؿ ،كاختالؼ الفتكل أيضا باختالؼ الزماف كالمكاف.
كقد سمؾ مسمؾ عمر رضي اهلل عنو عثماف كعمي رضي اهلل تعالى عنيما ،فكاف يعتمداف
عمى الكتاب كالسنة أكال ،فإف لـ يجدا ،يستشيراف الصحابة فيما يعرض ليما مف قضايا
عمال بمبدأ الشكرل ،2لقكلو تعالى( :كأمرىـ شكرل بينيـ) ،3كقكلو تعالى( :كشاكرىـ في
األمر ).4
يرجع أسباب اختالؼ الفقياء في ىذا العصر إلى عدة أسبا ب مف أىميا:
أ-اختالفيـ بسبب عمـ البعض بالسنة كعدـ عمـ البعض اآلخر بيا:
ألف السنة ما كانت مدكنة ،بؿ كانت مكزعة بينيـ ،كترتب عمى ذلؾ أف مف عمـ سنة
نبكية أفتى بيا ،كمف لـ يعمميا أفتى برأيو ،كربما كافؽ رأيو السنة كربما خالفو .كمثالو أف
عمر بف الخطاب لـ ير أف أصابع اليد في الدية سكاء حتى بمغتو السنة القاضية في
مساكاة أصابع اليد في الدية فعدؿ عف رأيو.1
فقد يجيؿ أحدىـ السنة فإذا ركيت لو ربما ال يطمئف لركايتيا كال يأخذ بيا.
فمف ذلؾ أف عمر بف الخطاب لـ يثؽ بحديث فاطمة بنت قيس حيث قالت :إف النبي
عميو الصالة كالسالـ لـ يفرض ليا نفقة كال سكنى لما طمقيا زكجيا بائنا ،كأفتى عمر بأف
المبتكتة ليا النفقة كليا السكنى بدليؿ قكلو تعالى ( :ال تخرجكىف مف بيكتيف كال يخرجف
إال أف يأتيف بفاحشة مبينة ) ،2كأفتى غيره بحديث فاطمة بنت قيس ،كأفتى آخركف بأنو ال
نفقة ليا كليا السكنى. 3
اختالؼ عمر كعمي في مف نكح امرأة في عدتيا كدخؿ بيا ،فقضى عمر بالحرمة
المؤبدة بعد التفريؽ بينيما ،كقضى عمي بالتفريؽ دكف الحرمة كتعزيره عمى ما فعؿ .1
الصحابة الذيف حفظت عنيـ الفتكل مف أصحاب رسكؿ اهلل عميو الصالة كالسالـ
أكثر مف مائة كثالثيف نفسا ما بيف رجؿ كامرأة ،ككاف المكثركف منيـ في الفتكل سبعة :
عمر كعمي كعبد اهلل بف مسعكد كعائشة أـ المؤمنيف كزيد بف ثابت كعبد اهلل بف عباس
كعبد اهلل بف عمر رضي اهلل عنيـ.
كالمتكسطكف منيـ :أبك بكر الصديؽ كعثماف بف العفاف كأبك مكسى األشعرم كسعد
بف أبي كقاص كسمماف الفارسي كغيرىـ.2
تـ تدكيف القرآف في مجمكعة كاحدة أم في مصحؼ كاحد ،القتراح عمر عمى أبي
بكر جمعو نظ ار لمكت القراء أثناء الجياد ،كخشية ضياع القرآف بمكتيـ ،كقد تردد أبك بكر،
كبعد إلحاح شديد مف لدف عمر عميو كافقو الرأم ،فأمر أبك بكر زيد بف ثابت بتتبع القرآف
كجمعو فتـ ذلؾ ،ككاف زيد مف كتاب الكحي ،كدكف القرآف في مجمكعة كاحدة بقيت عند
أبي بكر ثـ عمر ثـ حفصة بنت عمر أـ المؤمنيف ،كفي عيد عثماف نسخت ستة أك سبعة
مصاحؼ كفرقت في األمصار ،أما السنة فمـ تدكف في ىذا العصر كظمت محفكظة في
صدكر الصحابة بال تدكيف.3
أ -اتساع الحضارة اإلسالمية نظ ار لمتعايش بيف العرب كالفرس كالركـ في ظؿ
اإلسالـ .
ب -ازدىار الحركة العممية ،ككاف لمخمفاء العباسييف دكر كبير في ذلؾ؛ ألنيـ
شجعكا العمماء كالفقياء كاألدباء كالشعراء ،باإلضافة إلى امتزاج الثقافة العربية بغيرىا مف
الثقافات كالفارسية كاليندية كاليكنانية كدخكؿ أصحابيا في اإلسالـ.
ت -اتساع حركة التدكيف التي شممت مختمؼ فركع العمـ كخاصة الفقو حيث
نشأت نكاتيا في العيد األمكم،كنمت كاتسعت كنظمت في ىذا العيد.
ث -اتساع دائرة الفقو نظ ار لتشجيع الخمفاء العباسييف لمفقياء كمجالستيـ كاتساع رقعة
البالد اإلسالمية شرقا كغربا ككثرة المجتيديف كتعدد المذاىب .1
ب-تدكيف السنة.
ت-النزاع في اإلجماع.
ث-النزاع في القياس.
-المذىب الحنفي.
-المذىب المالكي.
-المذىب الشافعي.
-المذىب الحنبمي.1
ىك اإلماـ البارع أبك حنيفة النعماف بف ثابت بف زكطي مكلى تيـ اهلل بف ثعمبة كلد
سنة 80ىػ ،كمات ببغداد سنة 150ىػ ،كىك رائد مذىبو ،كاماـ أصحاب الرأم ،كفقيو أىؿ
العراؽ ،نشأ تاج ار بالككفة كجالس العمماء بيا ،كأقبؿ عمى الفقو حتى صار إماـ أىؿ الرأم،
كأسس أكؿ مذىب سني جمع فيو آراء السمؼ مف الصحابة كالتابعيف ،كقد أكثر مف الفقو
التقديرم الفرضي ،كعرؼ بالحيؿ الشرعية ،كاىتـ بعمـ الكالـ كدرس الحديث ،ككضع شركطا
ثقيمة في قبكلو،نظ ار لفشك الكذب في العراؽ ككثرة الكضاعيف .2
مف أشير شيكخو حماد بف أبي سمماف بف كييؿ كعامر الشعبي ،كعكرمة كعطاء
كقتادة كالزىرم كنافع مكلى ابف عمر كيحيى بف سعيد األنصارم.
كمف أشير تالميذه :أبك يكسؼ كمحمد بف الحسف كأبك اليذيؿ كالحسف بف زياد .3
-مذىب جماعة.
-أف دكر تالميذه كأصحابو كاف دكر المسيـ البناء في المذىب .1
االعتماد عمى الكتاب،كالسنة المتكاترة كالمشيكرة،أما خبر اآلحاد فيعتمد عميو مالـ
يكف مخالفا لقياس راجح ،كاإلجماع ،كأقكاؿ الصحابة ،كالقياس بمعناه الكاسع ليشمؿ
االستحساف كالعرؼ كالحيؿ الشرعية.2
ىك أبك عبد اهلل مالؾ بف أنس بف مالؾ بف أبي عامر بف عمرك بف الحارث بف غيماف بف
خثيؿ بف عمرك بف الحارث األصبحي المدني ،إماـ دار اليجرة كىك مف تابعي التابعيف.
179ىػ ،أخذ فقو الرأم عف كلد بالمدينة سنة 93ىػ عمى األرجح المختار كتكفي سنة
ربيعة الرأم كىك صغير كانتقؿ بيف مجالس العمماء كالزـ شيخو عبد الرحمف بف ىرمز كأخذ
عف نافع مكلى عبد اهلل بف عمر كابف شياب الزىرم حيث أخذ عنو الحديث كما طمب فتاكل
الصحابة كالتابعيف الذيف لـ يمقيـ ،كاىتـ بعمـ اآلثار كالركاية كالعقائد كفقو الرأم كالفتاكل في
ب -خصائص المذىب المالكي :يتميز المذىب المالكي بالعممية كبخصكبتو كسعتو
كامكاف تخريج األحكاـ عمى أصكلو المالئمة لكؿ عصر كمكاف،السيما عمى أصؿ المصمحة
المرسمة الذم سيطر عمى جميع فقو مالؾ في كؿ المسائؿ التي ال نص فييا .2
االعتماد عمى المصادر األساسية القرآف كالسنة مع صحة السند ،كاإلجماع كخاصة
إجماع أىؿ المدينة كالقياس ،كقكؿ الصحابي ،كالمصمحة المرسمة كالعرؼ كالعادة ،كسد
الذرائع ،كاالستحساف كاالستصحاب.3
ىك اإلماـ أبك عبد اهلل محمد بف إدريس بف العباس بف عثماف بف شافع بف السائب بف
150ىػ بغزة كتكفي بمصر عبيد بف عبد يزيد بف ىاشـ بف المطمب بف عبد مناؼ كلد سنة
سنة 204ىػ ،حفظ القرآف كدرس الحديث ،كحفظ أشعار ىديؿ ،طمب العمـ بمكة كالمدينة
كحفظ المكطأ ،كنزؿ بغداد فأخذ فقو العراقييف عف محمد بف الحسف ،مف أشير كتبو الرسالة
كاألـ ،كعرؼ بفقيو القديـ كالجديد كمف أشير تالميذه :أبك ثكر الكمبي كاسماعيؿ المزني
كالحسف الكرابيسي.4
اطمع اإلماـ الشافعي عمى المذاىب المعركفة في زمانو كدرسيا دراسة فاحصة كفقو
مالؾ كأبي حنيفة حيث جمع بيف فقو الحجاز كفقو العراؽ،ثـ بدأ يتميز بفقيو الجديد الخاص
بو ،كيعد فقيو كسطا بيف أىؿ الحديث كأىؿ الرأم ،فقد نصر األخذ بالسنة كلك كانت آحادا،
كرفض األخذ بالحديث المرسؿ كما أخذ بالقياس دكف غيره مف أنكاع الرأم .1
-2األخذ باإلجماع ،كال يتحقؽ اإلجماع عنده إال إذا كاف عاما .
ىك أبك عبد اهلل أحمد بف حنبؿ بف ىالؿ بف أسد الشيباني المركزم البغدادم كلد
ببغداد سنة 164ىػ ،كنشأ بيا كأكب عمى السنة يجمعيا كيحفظيا حتى صار إماـ المحدثيف
في عصره ،اتجو إلى الفقو الجامع بيف الركاية كالدراية ،كأخذ عف أبي يكسؼ كالتقى
بالشافعي في مكة ،ثـ أصبح مجتيدا مستقال ،كتجاكز عدد شيكخو المائة،كمف أشير
تميز الفقو الحنبمي بثركتو الفقيية التي نيميا اإلماـ أحمد مف المذاىب الفقيية
السابقة ،كتميز بمنيجو الذم يغمب عميو طابع السنة التي أكب صاحبيا عمى دراستيا ،فكاف
إماما في الحديث كالفقو.
-6القياس كىك آخر أصكلو يستعممو عند الضركرة لعدـ كجكد ما يبحث عنو في
األصكؿ السابقة.2
-3العصبية المذىبية.
-4تدكيف المذاىب.
-2المناظرات المذىبية.
تبدؿ الحاؿ في قذا العصر مف القكة إلى الضعؼ كمف الحركة إلى الفتكر حتى قعد
عف االجتياد كثيركف ،كعجزكا عف أخ ذ األحكاـ مف الكتاب كالسنة استقالال باستثناء بعض
العمماء الذيف نيضكا باالجتياد في ّىذا العصر كاإلماـ ابف جرير الطبرم ت 310ىػ ،الذم
سمؾ طريؽ االستنباط مف الكتاب كالسنة كاإلفتاء دكف تقيد بمذىب معيف .2
-المذىب الحنفي:
-المذىب المالكي:
-1المدخؿ الفقيي العاـ مصطفى أحمد الزرقا 181/1كما بعدىا ،المدخؿ لمتعريؼ بالفقو اإلسالمي محمد مصطفى شمبي
ص 140كما بعدىا .
-2تاريخ الفقو اإلسالمي ص.315
90
-المذىب الشافعي:
-المذىب الحنبمي:
التزـ كؿ عالـ بمذىب إمامو ال يتعداه إلى غيره ،حتى أصبحت العصبية المذىبية شعا ار
يستظؿ تحتو الجميع .2
1286ىػ في أ -ظيكر مجمة األحكاـ العدلية :كقد كضعتيا الدكلة العثمانية سنة
المذىب الحنفي كمجمكع مكادىا 1851مادة ،1كىي بمثابة قانكف مدني جمع مف أحكاـ
المعامالت في المذىب الحنفي.
ب -اتساع دائرة التقنيف الفقيي ،في مصر كالعراؽ كتكنس كالمغرب كغيرىا ،ففي
المغرب صدر مف مدكنة األحكاؿ الشخصية المزمع إصدارىا ،كتاباف األكؿ كيتعمؽ بالنكاح
27ربيع الثاني سنة كالثاني كيتعمؽ بالطالؽ ،كقد صدر فيما بعد أمر السمطاف في
17جمادل 1985كقد نشر النص الرسمي في 1377ىػ كالقاضي بتطبيقيا في أكؿ سنة
األكلى سنة 1377ق .11957-
ت -تطبيؽ االجتياد الجماعي :إف الحاجة ماسة لحمكؿ االجتياد الجماعي محؿ
االجتياد الفردم ،كىذا يحقؽ المصمحة الكبرل لألمة اإلسالمية مف جية ،لما تستحقو مف
تطبيؽ مستمر لمشريعة اإلسالمية كلمفقو اإلسالمي مف جية أخرل ،مما أدل إلى تأسيس
مجامع عممية مف أبرزىا :
-كمجمع الفقو اإلسالمي بمكة المكرمة سنة 1384ىػ ،كيضـ عمماء الفقو اإلسالمي
مف مختمؼ المذاىب كاألقطار ،كظيرت مكسكعات فقيية مف أشيرىا:
-كأخرل أصدرىا المجمس األعمى لمشؤكف اإلسالمية بالقاىرة سنة 1958ـ ،كميمتيا
جمع األحكاـ الفقيية كترتيبيا كنقميا بدقة كأمانة .1
كفي عصرنا الحالي بالمغرب ىناؾ نيضة فقيية تتجمى مظاىرىا في:
ت -تنظيـ دركس كندكات كمؤتمرات لخدمة الشريعة ،كالدركس الحسنية بشير
رمضاف ،كندكة اإلماـ مالؾ سنة 1980بفاس ،كغيرىا مف الندكات الكطنية كالدكلية التي
تيدؼ إلى النيكض بالفقو اإلسالمي.
ح -تأليؼ كتب تجمع بيف الفقو كالقانكف في شكؿ رسائؿ جامعية أك مؤلفات فقيية.
-1المدخؿ الفقيي العاـ الزرقا ،198/1المدخؿ التشريعي لفاركؽ النبياف ص ،375المدخؿ إلى التشريع اإلسالمي كامؿ
مكسى ص ،188المدخؿ ليداية اهلل ص. 248
93
خاتػػػمة
بعد إتماـ محاكر ىذا المدخؿ بعكف اهلل تعالى أخمص إلى ما يمي :أنو لما اكتمؿ
النضج العقمي لمبشرية جمعاء ،كأصبحت قادرة عمى تمقي أحكاـ الشريعة الغراء ،خاتمة
الرساالت ،عمى لساف خاتـ األنبياء كالمرسميف ،كجو الخطاب الشرعي إلى كافة الناس ،فجاء
ىذا الديف عاما كشامال ككامال كمرنا كصالحا لكؿ زماف كمكاف.
مما استدعى االىتماـ بالشريعة دراسة كفيما كتطبيقا ،مف خالؿ معرفة مفيكميا بدقة
كمكانتيا بيف الشرائع السماكية السابقة ،كفيـ مقاصدىا كأسرارىا كخصائصيا ،كدراسة
مصادرىا ،ثـ االطالع عمى أطكار التشريع بمختمؼ مراحمو ،كما نتج عنو مف آثار عمى
مستكل االجتياد الفقيي كاإلفتاء ،كبالتالي ظيكر نكابغ الفقياء الذيف ألقيت إلييـ مقاليد
الزعامة الدينية ،فخمفكا آثا ار فقيية قيمة ،أغنت الفقو اإلسالمي بصفة خاصة ،كأنارت السبؿ
كنتمنى أف نحذك حذك أسالفنا ،كنناؿ ممكة التفقو في الديف ،حتى نككف خير خمؼ
لخير سمؼ.
كفقنا اهلل جميعا إلى الخير ،كالى سبيؿ اليداية كالرشاد ،إنو سميع مجيب ،كالصالة
كالسالـ عمى مكالنا رسكؿ اهلل كعمى آلو كصحبو أجمعيف .
94
95
فيرس المصادر كالمراجع
البياف في تأكيؿ القرآف ،دار الكتب العممية ،بيركت ،ط . 1992/1 .
أصكؿ التشريع اإلسالمي لعمي حسب اهلل ط 1976/5دار المعارؼ مصر.
أدكار الفقو كأطكاره لعمي محمد رضا ىادم ،دار الزىراء .1917/1
450ىػ ،دار كمكتبة اليػالؿ ،بيػركت، أعالـ النبكة ألبي الحسف عمي الماكردم ت
ط1409/ 1ىػ.
إعالـ المكقعيف البف الجكزية،دار الفكر بيركت لبناف تحقيؽ محمد محيي الديف عبد
الحميد.
تاريخ المذاىب اإلسالمية لمحمد أبك زىرة دار الفكر العربي.
تاريخ الفقو اإلسالمي لمحمد يكسؼ مكسى ط ،4 .دار المعرفة القاىرة.
التشريع اإلسالمي أصكلو كمقاصده الدكتكر عمر الجيدم منشكرات عكاظ .1987
التشريع كالفقو في اإلسالـ تاريخا كمنيجا لمناع القطاف مؤسسة الرسالة ط. 2
التعريفات لمجرجاني ط .عالـ الكتب بيركت ،تحقيؽ الدكتكر عبد الرحمف عميرة .
1354ق ،الييأة تفسير المنار لمحمد رشيد بف عمي رضا القممكني الحسيني ت
المصرية العامة لمكتاب.
تفسير ابف كثير ،دار طيبة1422 ،ىػ2002/ـ .
،2005/2كدار الكتب الجامع ألحكاـ القرآف القرطبي ،دار الكتب العممية ،ط
المصرية.
458ىػ ،دار الكتب العممية ،تحقيؽ عبد دالئؿ النبكة ألبي بكر أحمد البييقي ت
المعطي قمعجي ،ط1408 1ىػ1988-ـ .
تمخيص البياف في مجازات القرآف لمشريؼ الرضي ،تحقيؽ كتقديـ د .عمي محمكد
مقمد ،دار مكتبة الحياة بيركت لبناف .
96
تيذيب األخالؽ كتطيير األعراؽ البف مسككيو ،ط 1317ىػ ،مطبعة الترقي ،شػارع
عبد العزيز مصر.
تيذيب األسماء كالمغات لإلماـ النككم ،المطبعة المنيرية .
الجامع ألحكاـ القرآف ألبي عبد اهلل محمد األنصارم القرطبي ،دار الكتب المصرية .
الجامع الصحيح لمترمذم ف تحقيؽ بشار عكاد معركؼ ،دار الغرب اإلسالمي،
بيركت 1998 ،ـ .
الحضارة اإلسالمية أصكليا كمبادئيا ألبي األعمى المكدكدم ،ط 1350ىػ1932 /ـ .
سنف أبي داكد ،مؤسسة الرسالة العالمية ،عماف ،األردف .
سنف أبي عبد اهلل محمد بف يزيد القزكيني ابف ماجو ،تحقيؽ محمد فؤاد عبد الباقي،
دار إحياء الكتب العربية .
سنف أبي الحسف عمي الدارقطني ،تحقيؽ األرنؤكط ،مؤسسة الرسالة ،بيركت ،لبناف،
ط2004-1424/1ـ .
سنف أبي عبد الرحمف أحمد النسائي ،تحقيؽ عبد الفتاح أبك غدة ،مكتب المطبكعات
اإلسالمية ،حمب ،ط1406/2ىػ 1986-ـ .
شعب اإليماف ألبي بكر البييقي ،تحقيؽ عبد العمي عبد الحميد حامد ،مكتبة الرشد
الرياض ،ط1423/1ىػ2003-ـ.
صحيح أبي عبد اهلل محمد بف إسماعيؿ البخارم ،دار ابف كثير ،دمشؽ
1423ىػ2002/ـ.
صحيح مسمـ بف حجاج ،دار طيبة ،تحقيؽ نظر بف محمد الفاريابي،
1427ىػ2006/ـ.
ضحى اإلسالـ ألحمد أميف ط -10دار الكتاب العربي بيركت.
الرسالة لمشافعي ط 1962/1 .ـ.
عمـ أصكؿ الفقو لعبد الكىاب خالؼ ط1972/10 .ـ.
الفقو اإلسالمي لمحمد يكسؼ مكسى ط ،3 .دار الكتاب العربي بمصر.
محاضرات في النصرانية لمشيخ محمد أبي زىرة ،نشر الرئاسة العامة لمبحكث العممية
كاإلفتاء ،كالدعكة كاإلرشاد ،الرياض ،المممكة العربية السعكدية ،ط 1404/4ىػ.
97
المدخؿ في التعريؼ بالفقو اإلسالمي كقكاعد الممكية كالعقكد فيو لمحمد مصطفى
شمبي ط ،3 .دار النيضة العربية بيركت.
المدخؿ لدراسة الشريعة اإلسالمية لعبد الكريـ زيداف ،دار الكفاء ط1992 .ـ ،مكتبة
القدس العراؽ.
المدخؿ لدراسة الشريعة لعبد المطيؼ ىداية اهلل مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ط.
1996/3ـ.
المدخؿ لدراسة التشريع اإلسالمي لعبد الرحمف الصابكني ،دار الكتاب العربي
بمصر.
المدخؿ لمتشريع اإلسالمي محمد فاركؽ النبياف ط1981/2 .ـ.
المدخؿ الفقيي العاـ مصطفى أحمد الزرقا ط1963 .ـ ،مطبعة جامعة دمشؽ .
مدخؿ الفقو اإلسالمي لمحمد سالـ مدككر ،ط 1964/4ـ.
مسند أبي عبد اهلل أحمد ابف حنبؿ بف ىالؿ بف أسد الشيباني ،تحقيؽ شعيب
األرنؤكط كعادؿ مرشد كآخركف ،مؤسسة الرسالة ،ط1421/1ىػ2001-ـ .
المعجـ األكسط ألبي القاسـ سميماف الطبراني ،دار الحرميف ،القاىرة .
معالـ الشريعة اإلسالمية صبحي الصالح ط .1975/1
مقاصد الشريعة كمكارميا لعالؿ الفاسي الطبعة الثانية .
ممخص محاضرات في النظرية العامة لمشريعة اإلسالمية لمشيخ محمد المكي
الناصرم .
المكافقات في أصكؿ األحكاـ ألبي إسحاؽ الشاطبي ،مطبعة المدني القاىرة ،تحقيؽ
محمد محيي الديف عبد الحميد.
الفركؽ :أنكار البركؽ في أنكاء الفركؽ ألبي العباس شيػاب الديػف أحمػد الق ارفػي ،ت
684ىػ ،نشر عالـ الكتب ،بدكف تاريخ الطبع .
الكجيز في نظرية القانكف لمحمد حسنيف المؤسسة الكطنية لمكتاب الجزائر ط.1986 .
98
فيرس المكضكعات
الصفحة المكضكع
1 مقدمة
3 تمييد
10 الفصؿ األكؿ :مكانة الشريعة كمقاصدىا كأسسيا
10 المبحث األكؿ :مكانة الشريعة
10 المطمب األكؿ:رسالة محمد عميو الصالة كالسالـ خاتمة الرساالت
12 المطمب الثاني :رسالة محمد عميو الصالة كالسالـ ناسخة الرساالت السابقة
14 المطمب الثالث :ىيمنة القرآف عمى الكتب السماكية السابقة
16 المطمب الرابع :دعكة أىؿ الكتاب لإليماف بخاتـ األنبياء محمد عميو الصالة كالسالـ
17 المطمب الخامس :اإليماف بنبكة محمد عميو الصالة كالسالـ شرط اإليماف بنبكة
األنبياء جميعا
17 المطمب السادس :مصير مف كذب نبكة محمد عميو الصالة كالسالـ
19 المبحث الثاني :مقاصد الشريعة
19 المطمب األكؿ :تعريؼ المقاصد
21 المطمب الثاني :مقاصد الشريعة في القرآف
22 المطمب الثالث :مقاصد الشريعة في السنة
23 المطمب الرابع :فكائد معرفة مقاصد الشريعة
23 المطمب الخامس :مؤلفات في المقاصد
23 المطمب السادس :أقساـ المقاصد باعتبار المصالح
26 المبحث الثالث :أسس الشريعة
26 المطمب األكؿ :عدـ الحرج
27 المطمب الثاني :تقميؿ التكاليؼ
100
72 الفصؿ الثالث :أطكار التشريع اإلسالمي
72 المبحث األكؿ :التشريع في عيد الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ
72 المطمب األكؿ :مميزات التشريع في عيد الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ
73 المطمب الثاني :االجتياد في عصر الرسكؿ عميو الصالة كالسالـ
75 المطمب الثالث :التدكيف في ىذا العصر
75 المطمب الرابع :أشير الفقياء في ىذا العصر
76 المبحث الثاني :التشريع في عيد الصحابة رضي اهلل عنيـ
76 المطمب األكؿ :منيج التشريع في عصر الصحابة
77 المطمب الثاني :أسباب اختالؼ الفقياء في عصر الصحابة
78 المطمب الثالث :أكثر الفقياء إفتاء في ىذا العصر
78 المطمب الرابع :التدكيف في ىذا العصر
79 المبحث الثالث :التشريع في عيد بني أمية
79 المطمب األكؿ :مميزات ىذا الدكر
80 المطمب الثاني :ظيكر الفرؽ اإلسالمية
83 المبحث الرابع :التشريع في عيد األئمة المجتيديف
83 المطمب األكؿ :مميزات ىذا العصر
83 المطمب الثاني :مظاىر التشريع في ىذا العصر
84 المطمب الثالث :المذىب الحنفي :نشأتو كخصائصو كأصكلو
85 المطمب الرابع :المذىب المالكي :نشأتو كخصائصو كأصكلو
86 المطمب الخامس :المذىب الشافعي :نشأتو كخصائصو كأصكلو
87 المطمب السادس :المذىب الحنبمي :نشأتو كخصائصو كأصكلو
89 المبحث الخامس :التشريع في عيد التقميد
89 المطمب األكؿ :أسباب التقميد كمظاىره
90 المطمب الثاني :االجتياد في ىذا العصر كأشير الفقياء
92 المبحث السادس :عصر النيضة الفقيية
92 المطمب األكؿ :مظاىر النيضة الفقيية
101
93 المطمب الثاني :النيضة الفقيية بالمغرب
94 خاتمة
95 فيرس المصادر كالمراجع
98 فيرس المكضكعات
102