You are on page 1of 50

‫‪1‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪2‬‬


‫‪3‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪4‬‬
‫‪5‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫املقدمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني الذي حدّ احلدود ورشع الرشائع ليكون املسلم عىل‬
‫بصرية من دينه‪ ،‬والصالة والسالم عىل البشري النذير الذي رشفه ربه بتبليغ وحيه‬
‫وإقامة قواعد الدين والذود عن عرينه‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فهذه مذكرة تأسيسية يف القواعد الفقهية اخلمس الكربى‪ ،‬التي ال‬
‫يسع طالب العلم املتبرص يف دينه أن جيهلها‪ ،‬وهي متثل اللبنة األساسية واالنطالقة‬
‫األوىل ملن أراد دراسة القواعد الفقهية أدل ًة وأمثل ًة‪ ،‬اجتهدت يف إعدادها لتكون‬
‫سهلة املنال واضحة املثال‪.‬‬
‫وقد كانت هذه املذكرة يف بدايتها نواة لدورات علمية ألقيتها خالل‬
‫السنوات املاضية يف مسجد «وائل بن حجر»‪ ،‬ضمن األنشطة العلمية إلدارة‬
‫مساجد حمافظة اجلهراء‪ ،‬وكذلك يف دار القرآن بمركز القرص (نساء‪/‬مسائي)‪،‬‬
‫وأيض ًا يف مركز حسن منَّاع (نساء‪/‬صباحي) بمحافظة الفروانية‪ ،‬واألخريان‬
‫تابعان إلدارة الدراسات اإلسالمية بوزارة األوقاف الكويتية‪.‬‬
‫عيل أن أطبعها يف كتاب؛ لتعم‬
‫ثم إن بعض األحبة من الفضالء اقرتح َّ‬
‫الفائدة‪ ،‬فلم يسعني خمالفته‪ ،‬وانقدح زناد الفكرة يف رأيس‪ ،‬فرشح اهلل صدري‬
‫لذلك‪ ،‬فبدأت يف هتذيبها وتنقيحها مع كثري من اإلضافات التي ختدم املادة‬
‫العلمية؛ لتظهر يف ثوب قشيب‪ ،‬يناسب نظر القارئ األريب‪ ،‬ويفتح قرحية‬
‫املستفيد اللبيب‪.‬‬
‫اختصارا غري خمل‪ ،‬متحاش ًيا‬
‫ً‬ ‫وآثرت أن تكون خمترص ًة ‪-‬قدر اإلمكان‪-‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪6‬‬

‫التطويل اململ‪ ،‬وكام يقول املرداوي رمحه اهلل‪« :‬فإن حفظ املخترص أيرس وأسهل‬
‫املطول يف هذه األزمنة((( وال س ّيام يف أصول‬
‫وأهون عىل النفوس‪ ،‬فإن الكتاب ّ‬
‫الفقه ال ُيرغب فيه وال ُيقرأ‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن أن ُيفظ‪ ،‬فإن اهلمم قد قرصت‪ ،‬والبواعث‬
‫قد فرتت»(((‪.‬‬
‫فمن أراد االقتصار عىل هذه املذكرة التأسيسية فهو كاملقتصد؛ ألهنا تعترب‬
‫احلد األدنى يف معرفة القواعد الفقهية‪ ،‬ومن بنى عليها متوس ًعا طال ًبا للمزيد‬
‫فهو كالسابق باخلريات‪ُّ ،‬‬
‫وكل ضارب بسهمه يف اخلري‪ ،‬فدونك يا طالب العلم ال‬
‫تفوتنّك هذه الغنيمة‪ ،‬وهذا املغتسل البارد والرشاب‪.‬‬
‫وأ ّيا كان األمر فإن دراسة القواعد الفقهية ال غنى لطالب العلم عنها؛ ملا‬
‫فيها من بيان شمول الرشيعة وعمومها ويرسها ورفقها باملكلف‪.‬‬
‫فاهلل نسأل عز وجل أن يأجر كاتبها وقارئها وأن ينفع هبا‪ ،‬هو ويل ذلك‬
‫والقادر عليه‪ ،‬وهذا أوان الرشوع يف املقصود‪...‬‬
‫كتبها‪ :‬أبو محد‬ ‫ ‬
‫عيل بن تني الفاضل‬ ‫ ‬

‫((( يقول ذلك يف زمانه (ت‪885‬هـ) فكيف احلال بزماننا؟ وال أبرئ نفيس من ذلك واهلل‬
‫املستعان!‬
‫((( التحبري رشح التحرير‪ ،‬لعيل بن سليامن املرداوي (‪.)124/1‬‬
‫‪7‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫متهيـد‬

‫* تعريف القاعدة الفقه ّية‪:‬‬


‫القاعدة لغ ًة‪ :‬األساس‪ ،‬سواء كان هذا األساس حس ًّيا أو معنو ًّيا‪.‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬عرفوها بتعريفات كثرية متقاربة تدور حول العبارة التالية‪:‬‬
‫«قض ّية((( كل ّية(((‪ ،‬تندرج حتتها جزئيات كثرية‪ ،‬يتعرف منها أحكامها»(((‪.‬‬
‫واملناسبة بني املعنيني اللغوي واالصطالحي ظاهرة(((‪ ،‬فالقاعدة الفقهية‬
‫أساس للتعرف عىل أحكام جزئية كثرية يف خمتلف أبواب الفقه‪.‬‬
‫ٌ‬
‫* الفرق بني «القاعدة الفقهية» و«القاعدة األصولية»‪:‬‬
‫ربام يلتبس الفرق بني القاعدة الفقهية والقاعدة األصولية لدى الكثريين‬
‫ف ُيظن أهنام يش ٌء واحدٌ ‪ ،‬واحلقيقة أهنام شيئان متغايران‪ ،‬ويتضح الفرق بينهام‬
‫كالتايل‪:‬‬
‫(‪ )1‬القاعدة األصولية موضوعها علم أصول الفقه‪ ،‬وهي أداة االستنباط‬
‫التي يتوصل هبا إىل احلكم‪ ،‬فعندما نقول‪« :‬األصل يف األمر الوجوب» كام يف قوله‬

‫((( وبعضهم يعرب بقوله‪« :‬أمر كيل» أو «حكم كيل» وال مشاحة يف االصطالح‪.‬‬
‫((( وقيل‪« :‬قضية أغلبية» باعتبار أن القواعد ال ختلو من استثناءات خترج عن حكم القاعدة‬
‫الكيل‪.‬‬
‫((( انظر الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكلية‪ ،‬ملحمد صدقي البورنو (ص‪.)14‬‬
‫((( جرت العادة أن يكون املعنى اللغوي أوسع من املعنى االصطالحي إال يف مفهوم‬
‫اإليامن فإن معناه الرشعي االصطالحي أعم من معناه اللغوي عند أهل السنة واجلامعة‬
‫وتفصيل ذلك يطلب يف مظانه من كتب االعتقاد‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪8‬‬

‫تعاىل‪ :‬ﭽﮛ ﮜﭼ (البقرة ‪ ،)43‬فاآلية فيها أمر‪ ،‬واألمر يفيد الوجوب‬


‫بنا ًء عىل القاعدة األصولية‪ ،‬إذن الصالة واجبة‪ ،‬وهكذا بقية األوامر ما مل تقم‬
‫قرينة صارفة عن الوجوب‪.‬‬
‫بينام القواعد الفقهية موضوعها الفروع الفقهية التي جيمعها رابط واحد‪،‬‬
‫فتتشكل القاعدة بالتتبع واالستقراء هلذه الفروع‪.‬‬
‫(‪ )2‬القواعد األصولية كلية تندرج حتتها كل جزئياهتا‪ ،‬بينام القواعد الفقهية‬
‫أغلبية لالستثناءات التي ترد عليها(((‪.‬‬
‫(‪ )3‬القواعد األصولية (أصول الفقه) سابقة زمن ًيا عىل القواعد الفقهية‪،‬‬
‫فاألوىل كانت خمتمرة يف أذهان الصحابة وطبقوها عمل ًّيا وإن مل تدون كعلم إال‬
‫الح ًقا‪ ،‬كام قال عبد اهلل بن مسعود ‪-‬ريض اهلل عنه‪ -‬يف عدة احلامل املتوىف عنها‬
‫زوجها‪ :‬إن عدهتا بوضع احلمل مستدالً بقوله تعاىل‪ :‬ﭽﯪ ﯫ ﯬ ﯭ‬
‫ﯮ ﯯﭼ [الطالق‪ ،]4:‬ويقول‪« :‬أشهد أن سورة النساء الصغرى نزلت‬
‫بعد سورة النساء الكربى»‪ ،‬يقصد أن سورة الطالق نزلت بعد سورة البقرة‪ ،‬وهو‬
‫يشري بذلك إىل قاعدة أصولية‪ ،‬وهي أن املتأخر ينسخ املتقدم(((‪.‬‬
‫وأرصح من ذلك ما قاله عبد اهلل بن عباس ‪-‬ريض اهلل عنهام‪ -‬عن قوله‬
‫تعاىل‪ :‬ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﭼ (البقرة ‪« :)184‬ليست‬
‫بمنسوخة‪ ،‬هو الشيخ الكبري واملرأة ال يستطيعان أن يصوما‪ ،‬فيطعامن مكان كل‬

‫((( انظر عىل سبيل املثال‪ :‬االستثناءات عىل القاعدة األوىل ص‪.16‬‬
‫((( انظر صحيح البخاري (‪ )65‬كتاب تفسري القرآن (‪ )65‬سورة الطالق (‪ )2‬باب‬
‫ﭽﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﭼ رقم‬
‫(‪.)4910‬‬
‫‪9‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫يوم مسكين ًا»(((‪.‬‬


‫وكذلك ما قاله سلمة بن االكوع ‪-‬ريض اهلل عنه‪« :-‬ملا نزلت هذه اآلية‪:‬‬
‫ﭽﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﭼ (البقرة‪ )184‬كان من أراد أن‬
‫يفطر ويفتدي‪ ،‬حتي نزلت اآلية التي بعدها‪ ،‬فنسختها»(((‪.‬‬
‫أما القواعد الفقهية فقد دونت يف وقت متأخر بعد اكتامل التصنيف يف‬
‫الفروع الفقهية‪ ،‬ومجعت بالتتبع واالستقراء هلذه الفروع التي تشرتك يف رابط‬
‫واحد‪.‬‬
‫وهناك فروق أخرى أعرضنا عن ذكرها خشية اإلطالة تطلب يف مظاهنا(((‪.‬‬
‫* ما هو الضابط الفقهي؟‬
‫إذا اختصت القاعدة الفقهية بباب معني فإهنا تسمى «ضابط ًا فقه ًّيا»‪.‬‬
‫كقوهلم يف باب سجود السهو‪« :‬سجود السهو ملا ُي ْبطِ ُل عمده واجب»(((‪،‬‬
‫فهذه خاصة هبذا الباب‪ ،‬وليست قاعدة عامة‪.‬‬

‫((( رواه البخاري يف (‪ )65‬كتاب تفسري القرآن (‪ )26‬باب قوله تعاىل ﭽﭲ ﭳﭴ‬
‫ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ‬
‫ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼ‬
‫البقرة (‪ ،)184‬رقم احلديث (‪.)4505‬‬
‫((( صحيح مسلم (‪ )13‬كتاب الصيام (‪ )25‬باب بيان نسخ قوله تعاىل ‪M‬ﮁ ﮂ‬
‫ﮃ ﮄ‪ L‬بقوله ﭽﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﭼ رقم (‪.)1145‬‬
‫((( انظر جمامع احلقائق والقواعد وجوامع الروائق والفوائد يف أصول الفقه والقواعد‬
‫الفقهية ملحمد بن حممد اخلادمي احلنفي‪( ،‬ص‪ ،)55‬الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه‬
‫الكل ّية للبورنو (ص‪ ،)19‬أصول الفقه اإلسالمي للدكتور أمري عبد العزيز (‪،)32/1‬‬
‫العرف والعادة بني الرشيعة اإلسالمية والقانون الوضعي (‪.)157‬‬
‫((( الروض املربع للبهويت (‪ ،)207/1‬الرشح املمتع (‪ ،)391/3‬هداية الراغب (ص‪.)142‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪10‬‬

‫وكقوهلم يف كتاب الوقف‪« :‬رشط الواقف كنص الشارع»(((‪ ،‬أي‪ :‬يف الفهم‬
‫والداللة‪ ،‬ال يف وجوب العمل‪.‬‬
‫نصوص كألفاظ‬
‫ٌ‬ ‫يقول ابن تيمية‪« :‬من قال من الفقهاء إن رشط الواقف‬
‫الرشع‪ ،‬فمراده أهنا كالنصوص يف الداللة عىل مراد الواقف يف وجوب العمل‬
‫هبا‪ ،‬أي‪ :‬أن مراد الواقف يستفاد من ألفاظه املرشوطة كام يستفاد مراد الشارع من‬
‫ألفاظه‪ ،‬فكام يعرف العموم واخلصوص واإلطالق والتقييد والترشيك والرتتيب‬
‫يف الرشع من ألفاظ الشارع فكذلك تعرف يف الوقف من ألفاظ الواقف»(((‪.‬‬
‫تعذر املسمى ُر ِج َع إىل القيمة»(((‪ ،‬وهذا الضابط الفقهي يف‬
‫وكقوهلم‪« :‬إذا ّ‬
‫طرو اخللل يف التسمية‪.‬‬
‫العقود واملعامالت املالية وما يف معناها‪ ،‬وذلك عند ِّ‬
‫وكقوهلم يف باب الربا‪« :‬اجلهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل»(((‪ ،‬فهذا‬
‫الضابط خمتص بالربويات‬
‫وهكذا بقية الضوابط الفقهية‪.‬‬
‫* أمه ّية العلم بالقواعد الفقهية‪:‬‬
‫يقول القرايف رمحه اهلل‪« :‬وهذه القواعد مهمة يف الفقه‪ ،‬عظيمة النفع‪ ،‬وبقدر‬
‫اإلحاطة هبا يعظم قدر الفقيه ويرشف‪ ،‬ويظهر رونق الفقه ويعرف‪ ،‬وتتضح‬

‫((( الفروع (‪ ،)1129‬منار السبيل (‪ ،)204/2‬حاشية ابن عابدين (‪ ،)664/6‬الرشح‬


‫الصغري هبامش بلغة السالك (‪.)282/2‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)47/31‬‬
‫((( القواعد واألصول اجلامعة للسعدي (ص‪ ،)62‬وانظر األشباه والنظائر للسيوطي‬
‫(ص‪.)364‬‬
‫((( نيل األوطار (‪ ،)196/3‬الروض املربع (ص‪ ،)259‬دقائق أويل النهى (‪،)233/1‬‬
‫هداية الراغب (ص‪.)330‬‬
‫‪11‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫مناهج الفتوى وتكشف‪ ،‬فيها تنافس العلامء‪ ،‬وتفاضل الفضالء»(((‪.‬‬


‫ويقول يف موضع آخر‪« :‬ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر‬
‫اجلزئيات الندراجها يف الكليات»(((‪.‬‬
‫ويقول شيخ اإلسالم ابن تيم ّية‪« :‬البد أن يكون مع اإلنسان أصول كلية ترد‬
‫إليها اجلزئيات ليتكلم بعلم وعدل‪ ،‬ثم يعرف اجلزئيات كيف وقعت‪ ،‬وإال فيبقى‬
‫يف كذب وجهل يف اجلزئيات‪ ،‬وجهل مظلم يف الكليات فيتولد فساد عظيم»(((‪.‬‬
‫* بداية االهتامم بجمع القواعد‪:‬‬
‫لعل بداية ذلك تعود إىل ما حكاه القايض أبو سعد اهلروي‪ :‬أن بعض أئمة‬
‫احلنفية َهبراة‪ ،‬بلغه أن اإلمام أبا طاهر الد ّباس‪ ،‬إمام احلنفية بام وراء النهر‪ ،‬ر َّد مجيع‬
‫مذهب أيب حنيفة إىل سبع عرشة قاعدة‪ ،‬فسافر إليه‪ ،‬وكان أبو طاهر رضير ًا‪ ،‬وكان‬
‫يكرر كل ليلة تلك القواعد بمسجده بعد أن خيرج الناس منه‪ ،‬فالتف اهلروي‬
‫بحصري وخرج الناس‪ ،‬وأغلق أبو طاهر املسجد‪ ،‬ورسد من تلك القواعد سبع ًا‪،‬‬
‫فحصلت للهروي سعلة‪ ،‬فأحس به أبو طاهر فرضبه وأخرجه من املسجد ثم مل‬
‫يكررها فيه بعد ذلك‪ ،‬فرجع اهلروي إىل أصحابه وتال عليهم تلك السبع(((‪.‬‬
‫* املطلوب يف دراسة القواعد‪:‬‬
‫(‪ )1‬فهم معنى القاعدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬معرفة أصل القاعدة (دليلها)‪.‬‬
‫(‪ )3‬معرفة تطبيقاهتا‪.‬‬
‫((( الفروق للقرايف (‪.)3/1‬‬
‫((( املرجع السابق (‪.)3/1‬‬
‫((( جمموع الفتاوى (‪.)23/19‬‬
‫((( األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪.)10‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪12‬‬

‫والقاعدة الفقهية تعترب كامليزان للمسألة الفقهية املراد معرفة حكمها فهي‬
‫بالتعبري املعارص كالقوانني التي تن ِّظم األحكام‪.‬‬
‫هناك قواعد متفق عليها يف اجلملة كالقواعد الفقهية اخلمس الكربى التي‬
‫بني أيدينا‪ ،‬وهناك قواعد أخرى خمتلف فيها بني املذاهب‪ ،‬واألُوىل هي األساس‬
‫واألهم واألَ ْوىل‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫القاعدة األوىل‪ :‬األمور بمقاصدها‬

‫* معنى القاعدة‪:‬‬
‫األمور‪ :‬مجع أمر‪ ،‬وهو‪ :‬احلال والشأن‪.‬‬
‫قال تعاىل‪ :‬ﭽﯾ ﯿ ﰀ ﰁﭼ [هود ‪ ،]97‬أي‪ :‬حاله‪.‬‬
‫وقال تعاىل‪ :‬ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﭼ [آل عمران ‪ ،]128‬أي‪ :‬ليس لك‬
‫من الشأن أو احلال يشء‪.‬‬
‫املقاصد‪ :‬مجع مقصد‪ ،‬ومعناه‪ :‬العزم والتوجه‪.‬‬
‫ومعنى القاعدة‪ :‬أن األفعال والترصفات تابعة للن ّية‪،‬‬
‫وأصل هذه القاعدة احلديث املشهور‪« :‬إنام األعامل بالن ّيات‪ » ...‬احلديث(((‪.‬‬
‫تعريف النية‪:‬‬
‫لغة‪ :‬القصد‪ ،‬ورش ًعا‪ :‬العزم عىل فعل العبادة تقر ًبا إىل اهلل تعاىل‪.‬‬
‫* ما املقصود من النية؟‬
‫(‪ )1‬متييز العبادات عن العادات‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫‪ -‬اإلمساك عن املفطرات‪ :‬قد يكون عبادة كالصوم‪ ،‬وقد يكون ِ ْ‬
‫ح َي َة أو‬
‫تداو ًيا أو لعدم احلاجة للطعام وهذه أمور دنيوية‪.‬‬

‫((( البخاري (‪ )1‬كتاب بدء الوحي (‪ )1‬باب كيف كان بدء الوحي إىل رسول اهلل صىل اهلل‬
‫عليه وسلم رقم (‪ )1‬ومسلم يف (‪ )33‬كتاب اإلمارة (‪ )45‬باب قوله ﷺ‪ :‬إنام األعامل‬
‫بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغريه من األعامل رقم (‪ ،)1907‬ولفظه عنده‪« :‬إنام األعامل‬
‫بالن ّية»‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪14‬‬

‫‪ -‬اجللوس يف املسجد‪ :‬قد يكون عبادة كاالعتكاف‪ ،‬وقد يكون جلوس ًا‬
‫جمرد ًا لالسرتاحة أو النتظار شخص أو ملالزمة غريم فيكون عادة‪.‬‬
‫‪ -‬الذبح‪ :‬قد يكون لألضحية فيكون نسيك ًة‪ ،‬وقد يكون لصنم فيكون‬
‫مباحا‪ ،‬فاحلكم دار بني العبادة املحضة‬
‫رشكًا‪ ،‬وقد يكون ملجرد األكل فيكون ً‬
‫والرشك والعادة املباحة‪ ،‬والذي يميز ذلك كله هو النية‪.‬‬
‫(‪ )2‬متييز العبادات بعضها عن بعض‪ ،‬فمن صىل ركعتني يف الليل قد‬
‫ال ُمطلق ًا‬
‫ال معين ًا كاالستخارة وقد تكونان نف ً‬
‫تكونان وفاء لنذر وقد تكونان نف ً‬
‫كقيام الليل‪ ،‬فالفعل واحد والنية هي التي ميزت كل عبادة عن األخرى‪.‬‬
‫* ما هي رشوط الن ّية؟‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬اإلسالم‪ ،‬فال تصح الن ّية من كافر؛ ألهنا عبادة‪ ،‬وهو ليس من أهل‬
‫العبادة‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬العقل‪ ،‬خرج بذلك املجنون والصغري فال نية هلام؛ ألنه ال قصد هلام(((‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬التمييز‪ ،‬فاملم ِّيز ما تم له سبع سنني فهذا تصح النية منه(((‪.‬‬
‫ال كان أو ً‬
‫قول(((‪.‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬العلم باملنوي‪ ،‬عم ً‬

‫((( وأوجب اجلمهور الزكاة يف مال الصبي؛ ألهنا عبادة متعلقة باملال حلق الفقراء خال ًفا‬
‫للحنفية‪ ،‬ويصح احلج من الصبي غري املميز ملا رواه مسلم يف (‪ )15‬كتاب احلج‪)72( ،‬‬
‫باب صحة حج الصبي وأجر من حج به رقم (‪ )1336‬عن ابن عباس أن النبي ﷺ لقي‬
‫رك ًبا بالروحاء فقال‪ :‬من القوم؟ قالوا‪ :‬املسلمون‪ ،‬فقالوا‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬رسول اهلل‪،‬‬
‫ولك أجر»‪.‬‬‫فرفعت إليه امرأة صبيا‪ ،‬فقالت‪ :‬أهلذا حج؟ قال‪« :‬نعم ِ‬
‫ًّ‬
‫بسن معني واألول أشهر‪.‬‬‫((( وقيل إن املميز هو من يفهم اخلطاب ويرد اجلواب دون تقييد ٍ‬
‫((( ينبغي عدم املبالغة والغلو يف أمر النية؛ لئال يصل بصاحبه إىل حد الوسواس‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫وقت النية‪:‬‬
‫تكون إما مقارنة للفعل أو قبله بيسري‪.‬‬
‫حمل النية‪:‬‬
‫حملها القلب‪ ،‬والتلفظ هبا غري مرشوع؛ ألهنا عبادة بل هي أساس كل عبادة‪،‬‬
‫والعبادات باهبا التوقيف‪.‬‬
‫* هل هناك عبادات ال تشرتط فيها النية؟‬
‫ملا كانت النية مرشوعة لتمييز العبادات عن العادات فإن العبادة التي ال‬
‫تكون عادة وال تلتبس بغريها ال تشرتط فيها النية؛ ألهنا عبادة خالصة‪.‬‬
‫مثل‪ :‬اإليامن باهلل تعاىل‪ ،‬اخلوف والرجاء منه‪ ،‬قراءة القرآن وكذلك األذكار‪.‬‬
‫* تطبيقات القاعدة‪:‬‬
‫قرضا وجب‬ ‫(‪ )1‬من َأعطى غريه ً‬
‫مال‪ :‬فإن نوى التربع كان هبة‪ ،‬وإن نواه ً‬
‫إعادته‪ ،‬وإن كان أمانة وجب حفظها وإال كان ضامنًا إذا حصل منه تعدٍّ أو تفريط‪،‬‬
‫فاختلف احلكم باختالف القصد مع أن صورة اإلعطاء واحدة‪.‬‬
‫(‪ )2‬من التقط لقطة‪ :‬إذا كان يقصد أخذها لنفسه كان غاص ًبا عليه ضامهنا‬
‫إذا تلفت يف يده‪ ،‬وإن كان ينوي حفظها وردها لصاحبها متى وجده كان أمينًا‪،‬‬
‫فال يضمنها إذا هلكت عنده بال تعدٍّ منه وال تفريط‪.‬‬
‫* قاعدة فرعية‪« :‬الرتوك ال حتتاج إىل نية»(((‪:‬‬
‫أي أن ترك املحرمات كالزنا ورشب اخلمر وغريمها ال حيتاج إىل ن ّية‪ ،‬بل‬
‫حيصل املقصود بمجرد الرتك‪ ،‬فإن ترك املحرمات احتسا ًبا مع قدرته عليها أثيب‬
‫عىل نيته‪.‬‬

‫((( انظر القواعد واألصول اجلامعة ص ‪.123‬‬


‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪16‬‬

‫* أمثلتها‪:‬‬
‫‪ -‬إزالة النجاسة؛ ألن املطلوب التنزه عنها مطل ًقا يف الصالة وغريها‪،‬‬
‫ولذلك إذا نزل املطر فأصاب ثيابه وأزال النجاسة صحت صالته؛ ألن اإلزالة‬
‫ترك فال حتتاج إىل نية‪.‬‬
‫قال البغوي‪« :‬واتفقوا عىل أن إزالة النجاسة ال تفتقر إىل الن ّية؛ ألن طريقها‬
‫قياسا؛ عىل ترك املحارم»(((‪.‬‬
‫ترك املهجور‪ ،‬فال تفتقر إىل الن ّية ً‬
‫‪ -‬أداء الديون؛ ألن املطلوب الوفاء وعدم إشغال الذمة هبا‪ ،‬فإذا أداها غريه‬
‫عنه برئت ذمته‪.‬‬
‫* استثناءات القاعدة‪:‬‬
‫مبهم فقال‪ :‬أحرمت بام أحرم به زيد وهو ال يعلم‬
‫(‪ )1‬إذا أحرم إحرا ًما ً‬
‫إحرامه صح؛ ألن عل ًّيا ‪-‬ريض اهلل عنه‪ -‬أحرم بام أحرم به رسول اهلل ﷺ وهو ال‬
‫يعلمه وصحح النبي ﷺ إحرامه(((‪ ،‬لكن ال بد أن حيدد إحرامه قبل الرشوع يف‬
‫الطواف(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذا ط ّلق ً‬
‫هازل‪ :‬يصح طالقه عند اجلمهور؛ حلديث‪« :‬ثالث جدهن‬
‫جد‪ :‬النكاح والطالق والرجعة»(((‪ ،‬حتى ال يكون عقد النكاح واأللفاظ الرشعية‬

‫((( رشح السنّة للبغوي (‪.)403/1‬‬


‫((( احلديث يف صحيح مسلم (‪ )15‬كتاب احلج (‪ )19‬باب حجة النبي صىل اهلل عليه وسلم‬
‫رقم (‪ )1218‬عن جابر ريض اهلل عنه‪ ،‬وقد أفرد هذا احلديث بمصنفات مستقلة تناولت‬
‫رشح املناسك من خالله‪.‬‬
‫ِ‬
‫((( فينوي اإلفراد أو التمتع أو القران‪.‬‬
‫((( رواه الرتمذي (‪ )91‬كتاب الطالق واللعان عن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم باب ما‬
‫جاء يف اجلد واهلزل رقم (‪ ،)1184‬وأبو داود يف تفريع أبواب الطالق‪ ،‬باب يف الطالق‬
‫عىل اهلزل رقم (‪ ،)2194‬وابن ماجه (‪ )10‬كتاب الطالق (‪ )13‬باب من طلق أو نكح‬
‫‪17‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫عرضة للتالعب والعبث‪.‬‬


‫نظرا لتشوف الشارع للعتق‬ ‫(‪ )3‬إذا أعتق عبده أو أ َمته ً‬
‫هازل وقع العتق؛ ً‬
‫واحلر ّية‪ ،‬فأقرها الشارع ألدنى سبب‪.‬‬
‫(‪ )4‬إذا كان عليه صوم واجب‪ :‬ونيس هل هو قضاء رمضان أم كفارة أم‬
‫صيام نذر فإنه يقضيه بن ّية صوم الواجب وجيزئه‪.‬‬
‫(‪ )5‬إذا ظهرت الذمية من حيضها حلت لزوجها املسلم بعد اغتساهلا من‬
‫غري اعتبار لنية الغسل؛ ألن غري املسلم ال تتأتى منه النية‪.‬‬
‫* الترشيك يف النية‪:‬‬
‫وهو أن ينوي مع العبادة شي ًئا آخر‪ ،‬وهذا اليشء إما أن يكون عبادة أخرى‬
‫من جنسها أو شي ًئا غري العبادة‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬إذا نوى مع العبادة عبادة أخرى من جنسها‪:‬‬
‫(‪ )1‬نوى الغسل للجمعة واجلنابة أو نواه للجمعة والعيد حصال‪.‬‬
‫(‪ )2‬توضأ ثم دخل املسجد ناو ًيا ركعتي الوضوء وحتية املسجد حصال م ًعا‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬أن ينوي مع العبادة ما ليس بعبادة‪ ،‬فتصح ما مل تنافها‪.‬‬
‫* أمثلة‪:‬‬
‫‪ -1‬نوى الغسل والتربد صح الغسل وأجزأ‪.‬‬
‫‪ -2‬نوى الصوم واحلمية صح صومه‪.‬‬
‫‪ -3‬نوى الطواف ومالزمة غريمه صح طوافه(((‪.‬‬

‫أو راجع الع ًبا برقم (‪ )2039‬وحسنه ابن حجر يف التلخيص (‪ 2443/5‬رقم ‪،)2120‬‬
‫واأللباين يف اإلرواء (‪.)226/6‬‬
‫((( اخرتنا يف هذا املبحث ما يقرب الصورة للقارئ دون الدخول يف تفاصيل وتفريعات‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪18‬‬

‫تنبيه‬
‫كالم الفقهاء يف هذا املقام إنام يتناول النية يف معناها الفقهي االصطالحي‪،‬‬
‫وهو قصد فعل اليشء‪ ،‬وننبه هنا أنه لقبول العمل فال بد من أمرين‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلخالص‪ :‬وهو قدر زائد عىل جمرد النية‪.‬‬
‫‪ -2‬موافقة الرشع أصال ووصفا‪.‬‬
‫وقد مجع اهلل هذين املعنيني يف قوله تعاىل‪ :‬ﭽﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ‬
‫ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜﭼ [الكهف‪.]١١٠ :‬‬

‫فالعمل الصالح هو موافقة الرشع‪ ،‬وعدم الرشك يف العبادة هو إخالصها‬


‫هلل وحده ومدار القبول عىل حتقيق هذين األمرين‪.‬‬

‫كثرية‪ ،‬وملزيد من التوسع حول مسالة الترشيك يف النية ينظر إيضاح القواعد الفقهية‬
‫للشيخ عبد اهلل بن سعيد اللحجي (ص‪.)23‬‬
‫‪19‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫القاعدة الثانية‪ :‬اليقني ال يزول بالشك‬

‫* معنى القاعدة‪:‬‬
‫اليقني‪ :‬أصل الكلمة من َيقن املاء يف احلوص‪ ،‬أي‪ :‬استقر فيه‪.‬‬
‫واملراد به هنا‪ :‬طمأنينة القلب إىل حقيقة اليشء‬
‫والشك‪ :‬هو الرتدد بني أمرين دون ترجيح أحدمها عىل اآلخر‪.‬‬
‫* أدلة القاعدة‪:‬‬
‫‪ -‬من الكتاب‪:‬‬
‫قوله تعاىل‪ :‬ﭽﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﭼ [سورة‬
‫يونس ‪.]36‬‬
‫‪ -‬من السنة‪:‬‬
‫(‪ )1‬قوله ﷺ‪« :‬إذا شك أحدكم يف صالته فلم ِ‬
‫يدر كم صىل‪ :‬أثال ًثا أم‬
‫ِ‬
‫وليبن عىل ما استيقن»(((‪.‬‬ ‫ارب ًعا؟ فليطرح الشك‬
‫(‪ )2‬حديث عباد بن متيم عن عمه عبد اهلل بن زيد ‪-‬ريض اهلل عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫ُشكي إىل النبي ﷺ الرجل‪ ،‬خي ّيل إليه أنه جيد اليشء يف الصالة‪ ،‬قال‪« :‬ال ينرصف‬
‫حيا»(((‪.‬‬
‫حتى يسمع صوتًا أو جيد ر ً‬

‫((( أخرجه مسلم يف (‪ )5‬كتاب املساجد ومواضع الصالة (‪ )19‬باب السهو يف الصالة‬
‫والسجود له برقم (‪ )571‬ومتامه‪« :‬ثم يسجد سجدتني قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صىل‬
‫ترغيم للشيطان»‪.‬‬
‫ً‬ ‫مخسا شفعن له صالته‪ ،‬وإن كان صىل إمتا ًما ألربع كانتا‬
‫ً‬
‫((( البخاري (‪ )4‬كتاب الوضوء (‪ )4‬باب من ال يتوضأ من الشك حتى يستيقن رقم‬
‫(‪ ،)137‬ومسلم (‪ )3‬كتاب احليض (‪ )26‬باب الدليل عىل أن من تيقن الطهارة ثم شك‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪20‬‬

‫* تطبيقات القاعدة‪:‬‬
‫(‪ )1‬إذا طاف وشك هل هي ست أو سبع فهو متيقن بالست شاك بالسبع‪،‬‬
‫فيجعلها ستًّا ويطوف للسابع‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذا كان عليه دين وشك يف وفائه‪ ،‬فالدين باق؛ ألن األصل عدم الوفاء‪.‬‬
‫(‪ )3‬إذا شك هل طلق أم ال فاألصل عدم الطالق‪ ،‬قال ابن تيمية‪« :‬ومجهور‬
‫العلامء ال يوقعون الطالق ألجل الشك»(((‪.‬‬
‫(‪ )4‬وكذلك إذا ط ّلق وشك هل هي اثنتان أم واحدة‪ ،‬فهي واحدة ألن‬
‫األصل عدم الزيادة‪.‬‬
‫(‪ )5‬إذا وقع الشك يف عدد الرضعات هل هي أربع أم مخس فهي أربع ألهنا‬
‫متيقنة واخلامسة مشكوك فيها واألصل عدمها‪.‬‬
‫* قواعد فرعية‪:‬‬
‫(‪ )1‬األصل بقاء ما كان عىل ما كان‪:‬‬
‫وهو ما يعرب عنه بـ«استصحاب احلال»‪ ،‬ومعناها‪ :‬أن ما ثبت عىل حال يف‬
‫الزمن املايض ثبوتا أو نفيا فإنه يبقى عىل حاله‪ ،‬ما مل يوجد دليل يغريه‪.‬‬
‫مثال‪ :‬إذا تيقن الطهارة وشك يف احلدث فهو متطهر؛ ألن األصل بقاء‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬إذا تيقن احلدث وشك يف الطهارة فهو حمدث؛ ألن األصل بقاء‬
‫احلدث‪.‬‬

‫يف احلدث فله أن يصيل بطهارته تلك رقم (‪ )361‬واللفظ له‪.‬‬


‫((( جمموع الفتاوى (‪.)206/20‬‬
‫‪21‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫(‪ )2‬قاعدة‪ :‬األصل براءة الذمة‪:‬‬


‫ومعناها‪ :‬األصل عدم شغل الذمة بأي تكليف رشعي إال بدليل يرفع هذا‬
‫األصل‪.‬‬
‫مثال‪ :‬إذا كان عليه دي ٌن وشك يف وفائه فالدين باق؛ ألن األصل عدم الوفاء‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬لديه عقار مؤجر فتجب الزكاة يف غلته دون أصله؛ ألن األصل‬
‫براءة الذمة من أي التزام مايل إال بدليل‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪22‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬املشقة جتلب التيسري‬

‫* معنى القاعدة‪:‬‬
‫املشقة‪ :‬التعب‪ ،‬ومنه قوله تعاىل‪ :‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚﭼ [سورة النحل‪.]7/‬‬
‫والتيسري‪ :‬السهولة‪ ،‬ومنه احلديث املتفق عليه‪« :‬إن الدين يرس»(((‪.‬‬
‫ومعناها‪ :‬أن األحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرج ومشقة عىل املكلف فإن‬
‫الرشيعة ختففها؛ در ًءا للحرج‪.‬‬
‫* أدلة القاعدة‪:‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬من الكتاب‪:‬‬
‫(‪ )1‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﭼ‬
‫[البقرة‪.]185/‬‬
‫(‪ )2‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣﭼ [النساء‪.]28/‬‬
‫(‪ )3‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼ‬
‫[املائدة‪.]6/‬‬
‫(‪ )4‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﭼ [البقرة‪.]286/‬‬

‫((( رواه البخاري (‪ )2‬كتاب اإليامن (‪ )29‬باب الدين يرس وقول النبي ﷺ‪« :‬أحب الدين‬
‫إىل اهلل احلنيفية السمحة» رقم (‪ )39‬والنسائي (‪ )47‬كتاب اإليامن ورشائعه (‪ )28‬باب‬
‫الدين يرس‪ ،‬رقم (‪ )5049‬عن أيب هريرة ريض اهلل عنه ومتامه‪« :‬ولن يشاد الدين أحد إال‬
‫غلبه فسددوا وقاربوا وأبرشوا واستعينوا بالغدوة والروحة ويشء من الدجلة»‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫ثان ًيا‪ :‬من السنة املطهرة‪:‬‬


‫معسين»(((‪.‬‬
‫(‪ )1‬قوله ﷺ‪« :‬إنام بعثتم ميرسين ومل تبعثوا ّ‬
‫خي رسول اهلل ﷺ بني شيئني إال أختار‬
‫(‪ )2‬قول عائشة ريض اهلل عنها‪« :‬ما ّ‬
‫أيرسمها ما مل يكن إثام»(((‪.‬‬
‫(‪ )3‬قوله ﷺ‪« :‬بعثت باحلنيفية السمحة»(((‪.‬‬
‫قال العلامء‪ :‬يندرج حتت هذه القاعدة مجيع رخص الرشع وختفيفاته(((‪.‬‬

‫((( البخاري (‪ )4‬كتاب الوضوء (‪ )58‬باب صب املاء عىل البول يف املسجد رقم (‪،)220‬‬
‫ومسلم (‪ )2‬كتاب الطهارة (‪ )30‬باب وجوب غسل البول وغريه من النجاسات إذا‬
‫حصلت يف املسجد وأن األرض تطهر باملاء من غري حاجة إىل حفرها رقم (‪ )284‬بلفظ‪:‬‬
‫«دعوه وال تزرموه»‪.‬‬
‫((( أخرجه البخاري (‪ )61‬كتاب املناقب (‪ )23‬باب صفة النبي ﷺ رقم (‪ )3560‬ومسلم‬
‫يف كتاب الفضائل (‪ )20‬باب مباعدته ﷺ لآلثام واختياره من املباح أسهله وانتقامه هلل‬
‫عند انتهاك حرماته رقم (‪ )2327‬مع اختالف يف بعض ألفاظه‪ ،‬ومتامه عند البخاري‪:‬‬
‫إثم كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول اهلل ﷺ لنفسه إال أن تنتهك حرمت‬ ‫«فإن كان ً‬
‫اهلل فينتقم هلل هبا»‪.‬‬
‫((( رواه البخاري معلقا (‪ )2‬كتاب اإليامن (‪ )29‬باب الدين يرس‪ ،‬قال احلافظ ابن حجر‪:‬‬
‫«وهذا احلديث املعلق مل يسنده املؤلف يف هذا الكتاب ألنه ليس عىل رشطه‪ ،‬نعم وصله‬
‫يف كتاب األدب املفرد‪ ،‬وكذا وصله أمحد بن حنبل وغريه من طريق حممد بن اسحاق عن‬
‫داود بن احلصني عن عكرمة عن ابن عباس واسناده حسن»‪ .‬فتح الباري (‪،)117/1‬‬
‫وقال ابن حجر أيضا‪« :‬ويدل عليه ما أخرجه بسند صحيح من حديث أعرايب مل يسمه أنه‬
‫سمع رسول اهلل ﷺ يقول‪« :‬خري دينكم أيرسه»‪ .‬الفتح (‪ ،)116/1‬قلت‪ :‬هو يف األدب‬
‫املفرد رقم (‪ )287‬وأخرجه الرتمذي (‪ )50‬كتاب املناقب (‪ )33‬باب مناقب معاذ بن‬
‫جبل وأيب عبيدة بن اجلراح ‪-‬ريض اهلل عنهام‪ -‬رقم (‪ ،)3793‬و(‪ )65‬باب من فضائل‬
‫أيب بن كعب ريض اهلل عنه (‪ )3898‬واخلطيب عن جابر يف تاريخ بغداد (‪)209/7‬‬
‫وعند أيب نعيم يف احللية من حديث عمر (‪.)387،388/2‬‬
‫((( انظر‪ :‬األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪.)108‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪24‬‬

‫* أنواع املشاق التي تقع(((‪:‬‬


‫(‪ )1‬مشقة ال تنفك عنها العبادة غال ًبا‪ :‬كمشقة الربد يف الوضوء والغسل‪،‬‬
‫ومشقة الصوم يف شدة احلر‪ ،‬ومشقة أمل احلدود‪ ،‬فهذه ال أثر هلا يف إسقاط‬
‫العبادات(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬مشقة عظيمة فادحة‪ :‬مثل مشقة اخلوف عىل النفس واألطراف ومنافع‬
‫األعضاء‪ ،‬فهذه موجبة للتخفيف قط ًعا؛ ألن حفظ النفوس واألطراف إلقامة‬
‫الدين أوىل من تعريضها للفوات يف عبادة‪ ،‬ومن املعلوم أن حفظ الدين أحد‬
‫الكل ّيات اخلمس التي جاءت الرشيعة بحفظها‪.‬‬
‫(‪ )3‬مشقة خفيفة ال وقع هلا‪ :‬مثل أدنى وجع يف إصبع أو أدنى أمل يف رضس‪،‬‬
‫فهذه األشياء ال أثر هلا؛ ألن حتصيل مصالح العبادات أوىل من دفع مثل هذه‬
‫املفسدة غري املؤثرة(((‪.‬‬
‫(‪ )4‬مشقة بني املرتبتني الثانية والثالثة‪ :‬فهذه حسب درجة املشقة‪ ،‬فتقدر‬
‫بقدرها‪ ،‬فتلحق بأقرب املرتبتني هلا الثانية والثالثة‪ ،‬ويمكن للمفتي أن حيددها‬
‫بحسب حال املستفتي‪.‬‬
‫* أمثلة عىل القاعدة(((‪:‬‬
‫(‪ )1‬املسح عىل اخلف؛ ملشقة نزعه يف كل وضوء لتكرره‪ ،‬بخالف الغسل‬

‫((( أخذنا هذا التقسيم للمشاق من أشباه السيوطي (ص‪ )112‬مع ترصف يف بعضها‪.‬‬
‫((( والتحقيق أن هذا النوع غري داخل يف القاعدة‪ ،‬وإنام ذكرناه اتساقا مع كالم السيوطي‬
‫‪-‬رمحه اهلل‪ -‬واستطرا ًدا للفائدة فقط وإال فإنه ال يعد مشقة يرتتب عليها ختفيف باتفاق‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫((( وعن احلسن وابن سريين الرتخص بالفطر يف مطلق املرض‪ ،‬انظر تفسري الطربي‬
‫(‪.)172/2‬‬
‫((( األمثلة من رقم (‪ 5‬إىل ‪ )10‬مأخوذة من كتاب األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪-110‬‬
‫‪ )111‬مع ترصف يسري‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫لعدم تكرره‪.‬‬
‫(‪ )2‬إذا وقع يف املاء ما يشق صونه عنه فتغري به كالطني والطحالب فيجوز‬
‫الوضوء والغسل به در ًءا للمشقة عن املكلف‪.‬‬
‫(‪ )3‬مرشوعية التيمم عند فقد املاء أو مشقة استعامله‪.‬‬
‫(‪ )4‬جواز القعود يف صالة الفرض عند مشقة القيام ختفي ًفا‪ ،‬ويف النفل‬
‫مطل ًقا ترغي ًبا‪.‬‬
‫(‪ )5‬جواز العقود اجلائزة كالرشكة والوكالة؛ ألن لزومها يشق ويكون سب ًبا‬
‫لعدم تعاطيها ولزوم الالزمة‪ ،‬وإال مل يستقر بيع وال غريه‪.‬‬
‫(‪ )6‬إباحة النظر إىل املرأة عند اخلطبة وللتعليم واإلشهاد واملعاملة واملعاجلة‬
‫وللسيد‪.‬‬
‫(‪ )7‬جواز العقد من غري نظر؛ ملا يف اشرتاطه من املشقة التي ال حيتملها كثري‬
‫من الناس يف بناهتم وأخواهتم من نظر كل خاطب‪ ،‬بخالف املبيع فإن اشرتاط‬
‫الرؤية فيه ال يفيض إىل عرس أو مشقة‪.‬‬
‫(‪ )8‬مرشوعية الطالق؛ ملا يف البقاء عىل الزوجية عند التنافر من املشقة‪،‬‬
‫وكذا مرشوعية اخللع واالفتداء والفسخ بالعيب ونحوه‪.‬‬
‫(‪ )9‬مرشوعية الرجعة يف العدة‪ ،‬ملا كان الطالق يقع غالب ًا بغتة يف اخلصام‪،‬‬
‫ويشق عليه التزامه فرشعت له الرجعة يف تطليقتني‪.‬‬
‫(‪ )10‬إسقاط اإلثم عن املجتهدين يف اخلطأ والتيسري عليهم باالكتفاء‬
‫بالظن‪ ،‬ولو كلفوا األخذ باليقني يف األحكام لشق وعرس الوصول إليه‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪26‬‬

‫* قواعد فرعية‪:‬‬
‫(‪ )1‬قاعدة‪ :‬إذا ضاق األمر اتسع‪.‬‬
‫مثال‪ :‬أباح الشارع ختفيف الصالة حال اخلوف عد ًدا وأدا ًء‪ ،‬فإذا أمنوا عاد‬
‫األمر كام كان وصلوها عىل حالتها األصلية‪.‬‬
‫هني رسول اهلل ﷺ عن ادخار حلوم األضاحي فوق ثالث ملا‬
‫مثال آخر‪ُ :‬‬
‫ضاق األمر عىل املسلمني للحاجة حني دفت الدافة‪ ،‬فلام اتسع األمر وزالت‬
‫احلاجة رجع األمر إىل أصله‪ ،‬فأباح هلم االدخار واالنتفاع كام كانوا من قبل(((‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬إذا فقدت املرأة وليها يف السفر فولت أمرها ً‬
‫رجل‪ ،‬قال الشافعي‪:‬‬
‫جيوز‪ ،‬قال يونس بن عبد األعىل‪ :‬فقلت له‪ :‬كيف هذا؟ قال‪ :‬إذا ضاق األمر‬
‫اتسع(((‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬شهادة النساء والصبيان يف املواضع التي ال حيرضها الرجال‪ ،‬كشهادة‬
‫القابلة عىل الوالدة لرضورة حفظ النسب‪.‬‬
‫(‪ )2‬قاعدة‪ :‬إذا اتسع األمر ضاق‪.‬‬
‫وتشمل زوال األسباب املوجبة للرخص‪ ،‬فيعود األمر عزيمة كام كان قبل‬
‫الرخصة‪ ،‬كزوال رخصة القرص يف السفر‪ ،‬ورخصة املسح عىل اخلفني ثال ًثا يف‬
‫السفر عند اإلقامة‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬صحيح البخاري (‪ )73‬كتاب األضاحي (‪ )16‬باب ما يؤكل من حلوم األضاحي‬
‫وما يتزود منها رقم (‪ )5569‬عن سلمة بن األكوع‪ ،‬ومسلم (‪ )36‬كتاب األضاحي (‪)5‬‬
‫باب بيان ما كان من النهي عن أكل حلوم األضاحي بعد ثالث يف أول اإلسالم وبيان‬
‫نسخه وإباحته إىل متى شاء رقم (‪ )1971‬عن عبد اهلل بن واقد‪ ،‬وانظر الوجيز للبورنو‬
‫(ص‪.)231‬‬
‫((( األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪.)115‬‬
‫‪27‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫القاعدة الرابعة‪ :‬الرضر يزال‬

‫* أصل القاعدة‪:‬‬
‫حديث النبي ﷺ‪« :‬ال رضر وال رضار»(((‪.‬‬
‫والرضر‪ :‬إحلاق مفسدة بالغري‪.‬‬
‫والرضار‪ :‬مقابلة الرضر بالرضر أي إحلاق مفسدة بالغري عىل جهة املقابلة‪.‬‬
‫واملعنى‪َّ :‬أل يرض املسلم أخاه ابتدا ًء وال جزا ًء‪.‬‬
‫* أمثلتها‪:‬‬
‫(‪ )1‬الرد بالعيب يف البيع؛ ألن وجود العيب يف املبيع فيه مرضة باملشرتي‪،‬‬
‫فرشع خيار الرد بالعيب‪.‬‬
‫(‪ )2‬احلجر بأنواعه‪ ،‬كالشفعة يف املال‪ ،‬سواء كان احلجر ملصلحة النفس‬
‫كالصغري والسفيه‪ ،‬أو ملصلحة الغري كاملفلس‪.‬‬
‫* قواعد متفرعة عن هذه القاعدة‪:‬‬
‫(‪ )1‬درء املفاسد مقدم عىل جلب املصالح‪:‬‬
‫وضابطها أن تكون املفسدة مساوية للمصلحة أو أعظم منها؛ وذلك ألن‬
‫الرشع اعتنى باملنهيات أكثر من اعتنائه باملأمورات‪ ،‬ولذلك قال ﷺ‪« :‬دعوين ما‬

‫((( رواه أمحد يف املسند عن ابن عباس برقم (‪ )1645‬ولفظه عنده‪« :‬وال إرضار» بدل‬
‫ً‬
‫مرسل عن حييى املازين يف كتاب األقضية (‪ )512‬باب القضاء‬ ‫«رضار»‪ ،‬ومالك يف املوطأ‬
‫يف املرفق برقم (‪ ،)1500‬وابن ماجه (‪ )13‬كتاب األحكام (‪ )17‬باب من بنى يف حقه ما‬
‫يرض بجاره رقم (‪ )2369‬وصححه األلباين يف صحيح سنن ابن ماجه (‪.)1909‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪28‬‬

‫تركتكم إنام هلك من كان قبلكم بسؤاهلم واختالفهم عىل أنبيائهم فإذا هنيتكم‬
‫عن يشء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»(((‪.‬‬
‫ولذلك إذا صىل ناسيا بغري وضوء أعاد بخالف ما إذا صىل ناسيا أو جاهال‬
‫وجود النجاسة فال يعيد‪.‬‬
‫قال العالمة السعدي‪ :‬فعل املحظور يف مجيع العبادات عىل وجه النسيان أو‬
‫اجلهل أو اخلطأ ال يبطل العبادة‪ .‬وأما املأمور فإنه ال يسقط بالنسيان وال غريه‪،‬‬
‫وفرق بينهام فإن املأمور ال خيرج من العهدة إال بفعله‪ ،‬فمن ترك الصالة ناسيا مل‬
‫تسقط عنه وكذلك ترك يسء من أركاهنا وكذلك غريها من العبادات وهلذا قال‬
‫اهلل تعاىل‪ :‬ﭽﮧ ﮨ ﮩ ﮪﭼ فال يعذر اإلنسان إال إذا فعل ما أمر به عىل‬
‫قدر االستطاعة واهلل أعلم(((‪.‬‬
‫تطبيقاهتا‪:‬‬
‫‪ -1‬ترك النبي ﷺ إقامة بناء الكعبة عىل قواعد إبراهيم؛ خشية افتتان قريش‬
‫بذلك‪ ،‬حيث كانوا حديثي عهد بالرشك ومل يتمكن اإليامن من قلوهبم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم قتله ﷺ لعبد اهلل بن ُأ َ ٍّ‬
‫ب؛ حتى ال يتحدث الناس أن حممدً ا يقتل‬
‫أصحابه فيؤدي ذلك إىل نفور الناس عن اإلسالم‪.‬‬
‫أما إذا كانت املصلحة املتوخاة أعظم من املفسدة قدمت عليها‪ً ،‬‬
‫مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬جواز الصالة مع فقد رشط من رشوط صحتها‪ ،‬كالطهارة أو سرت‬

‫((( رواه البخاري (‪ )96‬كتاب االعتصام بالكتاب والسنة (‪ )2‬باب االقتداء بسنن رسول‬
‫اهلل ‪ ‬وقول اهلل تعاىل‪ :‬ﭽﮭ ﮮ ﮯﭼ [الفرقان‪ ]٧٤ :‬رقم(‪،)7288‬‬
‫ومسلم (‪ )15‬كتاب احلج (‪ )73‬باب فرض احلج مرة يف العمر رقم (‪ )1337‬عن أيب‬
‫هريرة واللفظ للبخاري‪.‬‬
‫((( التعليقات عىل عمدة األحكام للشيخ السعدي ص(‪.)284‬‬
‫‪29‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫العورة أو استقبال القبلة؛ ألن املصالح العظيمة املرتتبة عىل إقامة الصالة أرجح‬
‫من مفسدة فقد رشطها‪ ،‬فقدمت عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬مرشوعية اإلشعار لإلبل بإسالة الدم يف أحد جانبي سنامها وهو وإن‬
‫كان فيه إيالم هلا إال أن هناك مصلحة أعظم بإظهار شعائر اهلل ل ُيعلم أنه هدي‬
‫ف ُيحرتم‪ ،‬فهذه املصلحة أرجح من مفسدة اإليالم فقدمت عليها‪.‬‬
‫قال السعدي‪ :‬وهو ‪-‬أي اإلشعار‪ -‬من شعائر اهلل العظيمة‪ ،‬ولكن هجره‬
‫الناس يف هذه األزمنة األخرية(((‪.‬‬
‫‪ -3‬جواز اخلدعة يف احلرب؛ ألن مصلحة انتصار املسلمني وإقامة شعائر‬
‫الدين أرجح من مفسدة اخلدعة‪.‬‬
‫‪ -4‬جواز التبخرت واخليالء يف احلرب عىل الكفار؛ ألن مصلحة إرهاب‬
‫العدو وإظهار القوة أمامه راجحة عىل مفسدة اخليالء املنهي عنه‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرضورات تبيح املحظورات‪:‬‬
‫‪ -1‬مثل أكل امليتة عند املخمصة؛ ألن مفسدة أكل امليتة أقل من مفسدة‬
‫هالك النفس‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍﮎ ﮏ ﮐ‬
‫ﮑ ﮒﭼ (املائدة‪.)3:‬‬
‫‪ -2‬رشب اخلمر إلساغة اللقمة عند الغصة إبقا ًء عىل النفس‪.‬‬
‫‪ -3‬التلفظ بكلمة الكفر عند اإلكراه مع اطمئنان القلب باإليامن‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬
‫ﭽﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼ (النحل‪.)106:‬‬
‫(‪ )3‬ما أبيح للرضورة فإنه يقدر بقدرها‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬ال يأكل من امليتة إال بمقدار سد الرمق‪.‬‬

‫((( انظر‪ :‬التعليقات عىل عمدة األحكام للسعدي ص(‪.)368 ،366‬‬


‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪30‬‬

‫مثال آخر‪ :‬أراد دفع الغصة ومل جيد إال رشا ًبا حمر ًما‪ ،‬فيتناول منه بالقدر الذي‬
‫تندفع به الغصة‪ ،‬وال يزيد عىل ذلك‪.‬‬
‫مثال ثالث‪ :‬تكون اجلبرية بمقدار اجلرح أو الكرس وما ُيتاج إليه يف شدها‬
‫وال يزيد عىل ذلك‪.‬‬
‫(‪ )4‬إذا تزامحت مفسدتان تُرتكب أقلهام مفسدة لدفع األشد‪:‬‬
‫‪ -1‬أخذ املضطر طعام غري املضطر بال إذنه‪.‬‬
‫‪ -2‬رمي الكفار إذا ترتسوا بأرسى املسلمني ومل يمكن دفعهم إال بقتلهم‬
‫مجيعا‪ ،‬وترتب عىل دخوهلم استباحة البلد‪.‬‬
‫(‪ )5‬إذا تزامحت مصلحتان قدمت الكربى منهام(((‪ ،‬مثاله‪:‬‬
‫‪ -1‬تقديم الفرض عىل السنة الراتبة إذا ضاق الوقت‪ ،‬ومل يتسع لكليهام‪.‬‬
‫‪ -2‬تقديم ما جتب نفقته عىل الصدقة املستحبة‪.‬‬
‫‪ -3‬جواز الرواية عن املبتدع إذا مل يكن داع ًيا إىل بدعته عىل املختار‪ ،‬وذلك‬
‫ألن مصلحة حفظ حديث رسول اهلل ﷺ ونقله لألمة أعظم من مصلحة إمخاد‬
‫ذكر أهل البدع بعدم الرواية عنهم(((‪.‬‬
‫(‪ )6‬احلاجة تنزل منزلة الرضورة عامة كانت أو خاصة‪:‬‬
‫فاحلاجة العامة كمعامالت الناس من َس َلم َ‬
‫وحوالة وإجارة وجعالة‬
‫واستصناع وغريها‪ ،‬وأما احلاجة اخلاصة فكاقتناء كلب صيد وماشية فاحلاجة‬
‫هنا انتقلت إىل مرتبة الرضورة وأخذت حكمها؛ در ًءا للحرج واملشقة‪.‬‬

‫((( انظر يف هذه القاعدة والتي قبلها القواعد واألصول اجلامعة للسعدي (ص‪ )77‬القاعدة‬
‫الثالثة والثالثني‪.‬‬
‫((( اختصار علوم احلديث البن كثري (ص‪ )197‬ونزهة النظر البن حجر (ص‪.)101‬‬
‫‪31‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫من فروع هذه القاعدة‪:‬‬


‫حل َوالة‪ ،‬ونحوها‪ُ ،‬ج ّو َز ْت عىل خالف‬
‫‪ -1‬مرشوعية اإلجارة واجل َعالة‪ ،‬وا َ‬
‫القياس(((‪ ،‬ملا يف األوىل من ورود العقد عىل منافع معدومة‪ ،‬ويف الثانية من‬
‫اجلهالة‪ ،‬ويف الثالثة من بيع الد ْين بالد ْين؛ لعموم احلاجة إىل ذلك‪ ،‬واحلاجة إذا‬
‫عم ْت كانت كالرضورة(((‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪ -2‬واالستصناع وهو عقد يتعهد فيه الطرف األول للطرف الثاين بصناعة‬
‫سلعة معينة يسلمها له يف وقت معني مقابل مبلغ معني ٍ‬
‫حال أو مؤجل كله أو عىل‬
‫دفعات معلومة األجل واملقدار‪ ،‬وهو عقد مستقل عند احلنفية واعتربه اجلمهور‬
‫من أقسام السلم‪ ،‬وقد شاع االستصناع وانترش عىل املستوى الفردي واملؤسيس‬
‫ٍ‬
‫الناس إال به رغم أنه بيع معدوم‪ ،‬لكن حاجة الناس إليه جعلته‬ ‫وال تستقيم حياة‬
‫كالرضورة(((‪.‬‬

‫((( هذا عند اجلمهور و يرى ابن تيمية وابن القيم أنه ال يوجد يشء يف الرشيعة عىل خالف‬
‫القياس‪ ،‬انظر فتاوى ابن تيمية (‪ ،)504 /20‬وإعالم املوقعني‪ ،‬الفصل الثاين‪ :‬ليس يف‬
‫الرشيعة يشء عىل خالف القياس (ص ‪.)297‬‬
‫((( األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪.)122‬‬
‫((( فقه الدليل يف رشح التسهيل للفوزان (ص‪ ،)332‬وانظر الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه‬
‫الكل ّية (ص‪.)243‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪32‬‬

‫القاعدة اخلامسة‪ :‬العادة حمكَّمة‬

‫* معنى القاعدة‪:‬‬
‫‪ -‬العادة‪ :‬مأخوذة يف اللغة من ال َع ْود أو املعاودة بمعنى التكرار‪.‬‬
‫‪ -‬حمكّمة‪ :‬أي ّ‬
‫أن العادة معتربة عند التنازع للفصل بني الناس‪ ،‬والعرف‬
‫واملعروف والعادة ألفاظ مرتادفة‪.‬‬
‫واصطالحا‪:‬‬
‫ً‬ ‫‪ -‬العرف لغة(((‪ :‬ضد النكر‪ ،‬وهو كل ما تعرفه النفس من اخلري‪،‬‬
‫هو ما استقر يف النفوس بشهادة العقول وتلقته الطبائع بالقبول(((‪.‬‬
‫* أصل القاعدة‪:‬‬
‫أصل القاعدة األثر املشهور عن عبد اهلل بن مسعود ريض اهلل عنه أنه قال‪:‬‬
‫«مارآه املسلمون حسنًا فهو عند اهلل حسن»(((‪ ،‬ويروى مرفو ًعا إىل النبي ﷺ وال‬
‫يصح‪ ،‬ولكنه موقوف حسن‪.‬‬
‫ولفظ العادة مل يرد يف نصوص الوحي إال أنه قد ورد يف القرآن لفظا العرف‬
‫واملعروف كام ورد يف السنة لفظ املعروف ومن جمملها يتبني أثر العادة يف بناء‬
‫األحكام‪.‬‬
‫ً‬
‫أول‪ :‬األدلة من القرآن الكريم‪:‬‬
‫(‪ )1‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﭼ [البقرة‪.]228:‬‬
‫((( لسان العرب (‪.)177/9‬‬
‫((( التعريفات للجرجاين (‪.)171‬‬
‫((( انظر سلسلة األحاديث الضعيفة لأللباين‪ ،‬حديث رقم (‪.)533‬‬
‫‪33‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫قال الشوكاين‪ :‬أي هلن من حقوق الزوجية عىل الرجل بمثل ما للرجال‬
‫عليهن‪ ،‬فيحسن عرشهتا بام هو معروف من عادة الناس أهنم يفعلونه لنسائهم‪،‬‬
‫وهي كذلك حتسن عرشة زوجها بام هو معروف من عادة النساء أهنن يفعلنه‬
‫ألزواجهن من طاعة وتزين وحتبب ونحو ذلك(((‪.‬‬
‫وقال السعدي‪« :‬ومرجع احلقوق بني الزوجني يرجع إىل العرف وهو العادة‬
‫اجلارية يف ذلك البلد وذلك الزمان من مثلها ملثلها‪ ،‬وخيتلف ذلك باختالف‬
‫األزمنة واألمكنة واألحوال واألشخاص والعوائد»(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﭼ [البقرة‪.]233:‬‬
‫قال الطربي‪ :‬ويعني بقوله باملعروف بام جيب ملثلها عىل مثله(((‪.‬‬
‫(‪ )3‬قوله تعاىل‪ :‬ﭽﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ‬
‫ﯚ ﯛ ﯜﭼ [البقرة‪.]236 :‬‬
‫قال السعدي‪« :‬فعليكم أن متتعوهن بأن تعطوهن شيئا من املال جربا‬
‫خلواطرهن وهذا يرجع إىل العرف وأنه خيتلف باختالف األحوال»(((‪.‬‬
‫ثان ًيا‪ :‬األدلة من السنة النبوية‪:‬‬
‫(‪ )1‬قوله ﷺ هلند بنت عتبة حني شكت إليه شح زوجها أيب سفيان‪،‬‬
‫فقال هلا‪« :‬خذي ما يكفيك ووولدك باملعروف»(((‪ ،‬قال الشوكاين‪« :‬واحلاصل‬

‫((( فتح القدير ج‪ 1‬ص‪.236‬‬


‫((( تفسري السعدي ص‪.93‬‬
‫((( تفسري الطربي ‪.305/2‬‬
‫((( تفسري السعدي ص‪.96‬‬
‫((( رواه البخاري يف (‪ )69‬كتاب النفقات (‪ )8‬باب إذا مل ينفق الرجل فللمرأة أن تـأخذ‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪34‬‬

‫أن اإلنفاق يكون باملعروف كام أرشد إليه صىل اهلل عليه وآله وسلم‪- :‬وذكر‬
‫احلديث‪ -‬واملعروف بني أهل الغنى والسعي وبني أهل الفقر والشدة ال خيفى‬
‫عىل من له خربة بأحوال الناس يف مرصه وعرصه»(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬قوله ﷺ‪« :‬للمملوك طعامه وكسوته باملعروف»(((‪ ،‬قال الشافعي رمحه‬
‫اهلل‪« :‬واملعروف عندنا املعروف ملثله يف بلده الذي يكون به(((‪.‬‬
‫(‪ )3‬قوله ﷺ‪« :‬من أسلف يف يشء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إىل‬
‫فالس َلم ‪-‬وهو بيع معدوم وقت العقد‪ -‬أقرهم النبي صىل اهلل‬
‫أجل معلوم» ‪َّ ،‬‬
‫(((‬

‫عليه وسلم عليه حني قدم املدينة ملسيس حاجتهم إليه بعد أن وضع له ضوابط‬
‫ورشوطا متنع الغرر وتقطع دابر النزاع‪.‬‬
‫وقد ّبوب البخاري‪« :‬باب من أجرى أمر األمصار عىل ما يتعارفون بينهم‬
‫يف البيوع واإلجارة واملكيال والوزن وسننهم عىل نياهتم ومذاهبهم املشهورة»(((‪.‬‬
‫املني وغريه‪ :‬مقصوده هبذه الرتمجة االعتامد عىل العرف(((‪.‬‬
‫قال ابن ّ‬

‫بغري علمه ما يكفيها وولدها باملعروف برقم (‪ )5364‬ومسلم يف (‪ )30‬كتاب األقضية‬


‫(‪ )4‬باب قضية هند رقم (‪.)1714‬‬
‫((( السيل اجلرار املتدفق عىل حدائق األزهار للشوكاين (‪.)448/2‬‬
‫((( رواه مسلم (‪ )12‬كتاب الزكاة (‪ )12‬باب النفقة عىل العيال واململوك وأثم من ضيعهم‬
‫أو حبس نفقتهم عنهم رقم (‪ )996‬وأمحد يف مسنده بحاشية السندي (‪ )179/5‬رقم‬
‫(‪ )3526‬والبيهقي يف كتاب النفقات (‪ )17‬باب ال يكلف اململوك من العمل إال ما‬
‫يطيق الدوام عليه رقم (‪ )15783‬عن أيب هريرة ريض اهلل عنه‪.‬‬
‫((( انظر السنن الكربى للبيهقي (‪ )13/8‬حديث رقم (‪.)15779‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪ )35‬كتاب السلم (‪ )2‬باب السلف يف وزن معلوم رقم (‪،)2240‬‬
‫وصحيح مسلم (‪ )22‬كتاب املساقاة (‪ )25‬باب السلم حديث رقم (‪.)1604‬‬
‫((( صحيح البخاري (‪ )34‬كتاب البيوع‪ ،‬باب رقم (‪.)95‬‬
‫((( فتح الباري (‪.)474/4‬‬
‫‪35‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫* أنواع العرف‪:‬‬
‫ينقسم العرف بحسب االستعامل إىل قسمني(((‪:‬‬
‫(‪ )1‬عرف قويل‪ :‬أن يتعارف قوم إطالق لفظ عىل معنى معني بحيث ال‬
‫يتبادر عند سامع هذا اللفظ إال ذلك املعنى‪.‬‬
‫مثاله‪:‬‬
‫أوال‪ :‬إطالق لفظ الدابة عىل ذوات األربع‪ ،‬مع أن الدابة يف اللغة‪ :‬هي اسم‬
‫لكل ما دب عىل وجه األرض‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬
‫ﭚﭼ [هود‪.]6‬‬
‫ثانيا‪ :‬إطالق لفظ اللحم عىل حلم الضأن وما يف معناه رغم عموم املعنى‬
‫اللغوي له ولغريه(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬عرف عميل‪ :‬وهو ما جرى عليه الناس يف معامالهتم وعاداهتم‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬بيع املعاطاة‪ :‬فقد اعتاد الناس هذا البيع دون احلاجة إىل صيغة لفظية‬
‫أو عقد مكتوب عند التبايع‪.‬‬
‫ولنستمع للقرايف وهو يسوق لنا مثاال عىل العرف العميل املتغري بحسب‬
‫البلدان‪« :‬إن التعزير خيتلف باختالف األعصار‪ ،‬فرب تعزير يف بلد يكون إكراما‬
‫يف بلد آخر كقلع الطيلسان بمرص تعزير ويف الشام إكرام‪ ،‬وكشف الرأس عند‬
‫األندلس ليس هوانا وبالعراق ومرص هوان»(((‪.‬‬
‫ويف سياق متصل وبه نظم الكالم يكتمل حيدثنا الشاطبي يف موافقاته عن‬
‫((( انظر املوسوعة الفقهية ‪.54/30‬‬
‫((( انظر ص‪ 38‬عند الكالم عىل القاعدة الفرعية الثانية‪.‬‬
‫((( الفروق للقرايف ‪.183/4‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪36‬‬

‫عادة كشف الرأس وأثرها يف العدالة سلبا وإجيابا‪« :‬فإنه خيتلف ‪-‬كشف الرأس‪-‬‬
‫بحسب البقاع يف الواقع فهو لذي املروءات قبيح يف البالد املرشقية وغري قبيح يف‬
‫البالد املغربية‪ ،‬فاحلكم الرشعي خيتلف باختالف ذلك فيكون عند أهل املرشق‬
‫قادحا يف العدالة((( وعند أهل املغرب غري قادح»(((‪.‬‬
‫* رشوط العمل بالعرف‪:‬‬
‫حلا للعمل به ال بد من رشوط لذلك‪:‬‬
‫ليس كل عرف يكون صا ً‬
‫(‪ )1‬أن يكون عر ًفا مضطر ًدا‪ ،‬أي‪ :‬شائ ًعا عند الناس من غري نكري بينهم(((‪.‬‬
‫نصا رشع ًّيا؛ ألن العرف اخلاطئ ليس حجة عىل النصوص‪،‬‬
‫(‪ )2‬أال خيالف ًّ‬
‫ربا يف حال خمالفته للنص‪ ،‬فمث ً‬
‫ال لو تعارف الناس عىل أخذ‬ ‫وهلذا ال يكون معت ً‬
‫صحيحا ُيتج ِبه(((‪.‬‬
‫ً‬ ‫الفائدة الربوية فال يعد ذلك عر ًفا‬
‫* متى نرجع للعرف؟‬
‫إذا ع ّلق الرشع احلكم عىل يشء ومل حيده بحدّ ‪ ،‬ومل يكن له يف اللغة حد‬
‫رجعنا فيه إىل العرف بالرشوط السابقة‪.‬‬
‫قال الناظم‪:‬‬
‫(((‬
‫فبالعرف احدُ ِد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫كاحلرز‬ ‫بالرش ِع‬ ‫وكل مـــــا أتـــــى ومل حيدَّ ِد‬
‫((( العدالة‪ :‬ملكة حتمل صاحبها عىل فعل الواجبات وترك املحرمات ومالزمة املروءة‪.‬‬
‫((( املوافقات للشاطبي ‪.571/2‬‬
‫((( األشباه والنظائر للسيوطي (ص‪ ،)127‬العرف والعادة بني الرشيعة اإلسالمية والقانون‬
‫الوضعي (ص‪.)161‬‬
‫((( ملزيد من التوسع يراجع العرف والعادة بني الرشيعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬
‫(ص‪.)49‬‬
‫((( منظومة أصول الفقه وقواعده‪ ،‬للشيخ حممد بن صالح العثيمني (ص‪ ،)273‬القواعد‬
‫واألصول اجلامعة للسعدي‪ ،‬القاعدة التاسعة (ص‪ ،)46‬األشباه والنظائر للسيوطي‬
‫(ص‪.)135‬‬
‫‪37‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫* تطبيقات عىل القاعدة‪:‬‬


‫(‪ )1‬القبض يف املبيعات‪ :‬فقبض كل يشء يكون بحسبه‪ ،‬فمث ً‬
‫ال قبض املكيل‬
‫يكون بكيله‪ ،‬واملوزون بوزنه‪ ،‬والعقار بالتخلية بينه وبني مشرتيه‪.‬‬
‫(‪ )2‬مفهوم احلرز يف الرسقة‪ :‬واحلرز هو املكان الذي حيفظ فيه املال عادةً‪،‬‬
‫حرزا فهو حرز‪.‬‬
‫فام عدّ ه الناس ً‬
‫معي ومل حيددا أجرة‪ ،‬ثم اختلفا يف األجرة‬
‫(‪ )3‬لو اتفق مع عامل عىل عمل ّ‬
‫فإهنام يرجعان إىل أجرة املثل‪ ،‬أي‪ :‬ما تعارفه الناس من ٍ‬
‫أجر يف هذا العمل‪.‬‬
‫كثريا عر ًفا من غري رضورة(((‪.‬‬
‫(‪ )4‬العمل املبطل للصالة هو ما عُدّ ً‬
‫(‪ )5‬الطعام املعترب إخراجه يف زكاة الفطر هو ما عده الناس قوت ًا يف عرفهم‪،‬‬
‫فعن أيب سعيد اخلدري ريض اهلل عنه قال‪« :‬كنا نخرج يف عهد رسول اهلل ﷺ يوم‬
‫الشعري والزبيب واألقط‬
‫ُ‬ ‫الفطر صاع ًا من طعام»‪ ،‬وقال أبو سعيد‪« :‬وكان طعا َمنا‬
‫والتمر»(((‪.‬‬
‫وعرف الناس اآلن قائم عىل أن الرز غالب قوهتم؛ لذا خيرجون الفطرة منه‪،‬‬
‫أما األطعمة املذكورة يف احلديث ف َلم تعد قوت ًا اآلن(((‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪« :‬والنبي ﷺ فرض زكاة الفطر صاع ًا من متر‬
‫أو صاع ًا من شعري؛ ألن هذا كان قوت أهل املدينة‪ ،‬ولو كان هذا ليس قوهتم بل‬
‫كانوا يقتاتون غريه مل يكلفهم أن ُيرجوا ما ال يقتاتونه»(((‪.‬‬
‫((( انظر منتهى اإلرادات ‪ ،212/1‬فقه الدليل ‪.469/1‬‬
‫((( رواه البخاري (‪ )24‬كتاب الزكاة (‪ )76‬باب الصدقة قبل العيد (‪ )510‬ومسلم (‪)12‬‬
‫كتاب الزكاة‪ ،‬باب زكاة الفطر عىل املسلمني من التمر والشعري (‪ ،)985‬وقوله‪« :‬وكان‬
‫طعامنا» من رواية البخاري‪.‬‬
‫((( بل أصبح بعضها عل ًفا للدواب كالشعري!‬
‫((( جمموع فتاوى ابن تيمية (‪.)69/25‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪38‬‬

‫(‪ )6‬حد التفرق يف خيار املجلس يرجع فيه للعرف‪ ،‬يقول احلافظ ابن‬
‫حجر‪« :‬واملشهور الراجح من مذاهب العلامء يف ذلك أنه موكول إىل العرف‪،‬‬
‫فكل ما عد يف العرف تفر ًقا ُحكم به‪ ،‬وما ال فال‪ ،‬واهلل أعلم»(((‪.‬‬
‫* قواعد فرعية‪:‬‬
‫(‪ )1‬املعروف عر ًفا كاملرشوط رش ًطا‪.‬‬
‫معناها‪ :‬ما تعارفه الناس وإن مل يرصحوا به فهو بمثابة الترصيح لداللة‬
‫العرف عليه(((‪ ،‬وهذه القاعدة حملها املعامالت املال ّية والعقود بني الناس وفيها‬
‫مراعاة الرشيعة لألحوال والعوائد السائدة ما مل يكن َثم خمالفات رشعية‪.‬‬
‫بلد ما عىل تأجيل الثمن دون أن يرصحوا‬‫مثاله‪ :‬إذا جرت عادة الناس يف ٍ‬
‫بذلك‪ ،‬فتجري هذه العادة جمرى الرشط املتفق عليه‪ ،‬فال حيق للبائع املطالبة‬
‫بالثمن ًّ‬
‫حال‪.‬‬
‫معج ًل فإن ذلك يقوم مقام الرشط‬‫مثال آخر‪ :‬إذا اعتاد الناس أن يدفع املهر ّ‬
‫املكتوب‪ ،‬فيلزم الزوج بذلك دون حاجة الشرتاطه يف العقد؛ ألن املعروف عر ًفا‬
‫كاملرشوط رش ًطا‪.‬‬
‫قال ابن تيمية(((‪« :‬والصحيح الذي يدل عليه أكثر نصوص أمحد وعليه‬
‫أكثر السلف أن ما يوجبه العقد لكل واحد من الزوجني عىل اآلخر كالنفقة‬
‫واالستمتاع واملبيت للمرأة وكاالستمتاع للزوج ليس بمقدّ ر‪ ،‬بل املرجع يف‬

‫((( فتح الباري (‪ ،)329/4‬وانظر نيل األوطار (‪ ،)187/5‬سبل السالم (‪.)34/3‬‬


‫((( موسوعة القواعد والضوابط الفقهية احلاكمة للمعامالت اإلسالمية يف الفقه اإلسالمي‬
‫(‪.)191/1‬‬
‫((( القواعد النورانية الفقهية لشيخ اإلسالم ابن تيمية ص‪ ،296‬وقال أيض ًا يف االختيارات‪:‬‬
‫وكل ما عده الناس بيع ًا أو هبة من متعاقب أو مرتاخٍ من قول أو فعل انعقد به البيع‬
‫واهلبة‪ .‬انظر اختيارات ابن تيمية للبعيل (ص ‪.)176‬‬
‫‪39‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫دل عليه الكتاب يف مثل قوله تعاىل‪ :‬ﭽﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬ ‫ذلك إىل العرف كام ّ‬
‫ِ‬
‫يكفيك‬ ‫ﮜﭼ [البقرة‪ ،]228:‬والسنّة يف مثل قول ﷺ هلند‪« :‬خذي ما‬
‫ِ‬
‫وولدك باملعروف»(((‪.‬‬
‫(‪ )2‬األيامن والنذور مبناها عىل العرف‪.‬‬
‫ومثاله‪:‬‬
‫حلم‪ :‬مل حينث بأكل السمك‪ ،‬وإن ُس ّمي يف القرآن‬
‫‪ -1‬لو حلف ال يأكل ً‬
‫حلم يف قوله تعاىل‪ :‬ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢﭼ‬
‫ً‬
‫[النحل‪]14:‬؛ ألن العرف اجلاري بني الناس محل املعنى يف هذه العبارة عىل حلم‬
‫الضأن واجلزور وما يف معنامها((( ألنه املتبا َدر عند اإلطالق‪ ،‬وليس عىل املعنى‬
‫اللغوي الذي يشمل السمك والدجاج‪ ،‬فهنا قدِّ م املعنى العريف عىل اللغوي‪.‬‬
‫‪ -2‬لو أقسم أال يضع قدمه يف بيت فالن أو ال يطأ بيته‪ :‬حينث يف حال‬
‫الدخول الفعيل فقط ألنه املعنى املعهود يف عرف الناس‪ ،‬وال حينث لو وضع قدمه‬
‫فقط وبقي هو خارجه‪.‬‬

‫((( أخرجه البخاري (‪ )69‬كتاب النفقات (‪ )9‬باب إذا مل ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ‬
‫بغري علمه ما يكفيها وولدها باملعروف رقم (‪ ،)5364‬ومسلم (‪ )30‬كتاب األقضية‬
‫(‪ )4‬باب قضية هند رقم (‪.)1714‬‬
‫((( وهو ما يعرف يف االصطالح املعارص باللحوم احلمراء‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪40‬‬

‫قائمة املراجع‬

‫أوالً‪ :‬القرآن الكريم‬


‫وهو أجل وأرشف وأصدق املراجع عىل اإلطالق‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬كتب التفسري‬
‫(‪ )1‬جامع البيان يف تفسري القرآن‪ ،‬تأليف‪ :‬حممد بن جرير الطربي‪ ،‬دار‬
‫الريان للرتاث ‪1407‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬فتح القدير اجلامع بني فني الرواية والدراية من علم التفسري‪ .‬تأليف‬
‫حممد بن عيل الشوكاين‪ .‬دار الفكر للطباعة والنرش والتوزيع ‪1401‬هـ ‪1981-‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬تيسري الكريم الرمحن يف تفسري كالم املنان‪ .‬تأليف عبدالرمحن بن نارص‬
‫السعدي‪ .‬قدم له حممد بن صالح العثيمني وعبداهلل بن عبدالعزيز بن عقيل‪.‬‬
‫مؤسسة الرسالة نارشون‪ .‬الطبعة الثانية ‪1436‬هـ‪2015 -‬م‪.‬‬
‫ثال ًثا‪ :‬كتب ُ‬
‫السنة‬
‫(‪ )4‬صحيح البخاري‪ ،‬املسمى «اجلامع املسند الصحيح املخترص من أمور‬
‫رسول اهلل ﷺ وسننه وأيامه»‪ ،‬لإلمام حممد بن إسامعيل بن إبراهيم البخاري‪،‬‬
‫ترقيم وترتيب حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬تقديم‪ :‬أمحد شاكر‪ ،‬مكتبة الثقافة الدينية‪،‬‬
‫طبعة أوىل ‪1425‬هـ ‪ 2004 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيح مسلم‪ ،‬لإلمام مسلم بن احلجاج النيسابوري‪ ،‬ترقيم وترتيب‬
‫حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1429‬هـ ‪ 2008 -‬م‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫(‪ )6‬سنن النسائي‪ ،‬اإلمام أمحد بن شعيب اخلرساين النسائي‪ ،‬حتقيق د‪.‬‬
‫خليل مأمون شيحا‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬طبعة أوىل‪1428 ،‬هـ‪2007 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )7‬سنن الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى بن سورة‪ ،‬حتقيق إبراهيم عطوة عوض‪،‬‬
‫مكتبة مصطفى البايب احللبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪1395 ،‬هـ ‪1975 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )8‬سنن أيب داود سليامن بن األشعث السجستاين‪ ،‬الدار املرصية اللبنانية‪،‬‬
‫القاهرة ‪1408‬هـ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )9‬صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬للحافظ حممد بن يزيد القزويني‪ ،‬تأليف حممد‬
‫نارص الدين األلباين‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫(‪ )10‬السنن الكربى‪ ،‬تأليف أبو بكر أمحد بن احلسني البيهقي‪ ،‬حتقيق حممد‬
‫عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1420‬هـ‪1999-‬م‪.‬‬
‫(‪ )11‬األدب املفرد‪ ،‬تأليف حممد بن إسامعيل البخاري‪ ،‬تعليق خالد‬
‫مصطفى طرطويس‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بريوت‪1430 ،‬هـ ‪2009 -‬م‪.‬‬
‫راب ًعا‪ :‬كتب التخريج‬
‫(‪ )12‬كتاب التمييز يف تلخيص ختريج أحاديث رشح الوجيز املشهور بـ‬
‫«التلخيص احلبري»‪ ،‬أمحد بن عيل بن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق د‪ .‬حممد الثاين‪ ،‬عناية‬
‫أرشف بن عبد املقصود‪ ،‬دار أضواء السلف الطبعة األوىل ‪1428‬هـ ‪2007 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )13‬إرواء الغليل يف ختريج أحاديث منار السبيل‪ ،‬حممد نارص الدين‬
‫األلباين‪ ،‬طبعة أوىل ‪1399‬هـ ‪1979 -‬م‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪.‬‬
‫(‪ )14‬سلسلة األحاديث الضعيفة واملوضوعة وأثرها اليسء يف األمة‪،‬‬
‫حممد نارص الدين األلباين‪ ،‬املجلد الثاين‪ ،‬مكتبة املعارف الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪42‬‬

‫‪1420‬هـ ‪2000 -‬م‪.‬‬


‫خامسا‪ :‬الرشوحات احلديثية‬
‫ً‬
‫(‪ )15‬رشح السنّة‪ ،‬احلسني بن مسعود البغوي‪ ،‬حتقيق شعيب األرناؤوط‬
‫وحممد زهري الشاويش‪ ،‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )16‬فتح الباري برشح صحيح البخاري‪ ،‬أمحد بن عيل بن حجر العسقالين‪،‬‬
‫ترقيم وإخراج ومراجعة‪ ،‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬حمب الدين اخلطيب‪ ،‬قيص حمب‬
‫الدين اخلطيب‪ ،‬دار الريان للرتاث الطبعة الثانية ‪1409‬هـ‪1988 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )17‬سبل السالم رشح بلوغ املرام من مجع أدلة األحكام‪ ،‬حممد بن‬
‫إسامعيل الصنعاين‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة‪1379 ،‬هـ‪-‬‬
‫‪1960‬م‪.‬‬
‫(‪ )18‬نيل األوطار من أحاديث سيد األخيار‪ ،‬حممد بن عيل الشوكاين‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫(‪ )19‬حاشية مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬تأليف حممد بن عبداهلادي‬
‫السندي‪ ،‬حتقيق نور الدين طالب‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بدولة‬
‫قطر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1428‬هـ ‪2008 /‬م‪.‬‬
‫(‪ )20‬رشح الزرقاين عىل موطأ اإلمام مالك‪ .‬حممد بن عبد الباقي الزرقاين‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )21‬التعليقات عىل عمدة األحكام للشيخ العالمة عبدالرمحن بن نارص‬
‫السعدي‪ .‬مجعها وخلصها‪ :‬عبداهلل بن حممد العوهيل‪ .‬دار عامل الفوائد‪ .‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1432‬هـ‪2011 -‬م‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫سادس ًا‪ :‬كتب علم املصطلح‬


‫(‪ )22‬اختصار علوم احلديث‪ ،‬تأليف احلافظ إسامعيل بن كثري الدمشقي‪،‬‬
‫حتقيق د‪ .‬ماهر ياسني الفحل‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1434‬هـ ‪2013 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )23‬نزهة النظر يف توضيح نخبة الفكر يف مصطلح أهل األثر‪ ،‬احلافظ‬
‫ابن حجر العسقالين‪ ،‬حتقيق حممد صبحي حالق‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الطبعة األوىل‬
‫‪1431‬هـ ‪ 2010 -‬م‬
‫سابع ًا‪ :‬كتب أصول الفقه وقواعده‬
‫(‪ )24‬املوافقات يف أصول الرشيعة‪ .‬تأليف إبراهيم بن موسى الشاطبي‪.‬‬
‫عناية إبراهيم رمضان‪ .‬دار املعرفة‪ .‬بريوت‪ .‬الطبعة السابعة ‪1431‬هـ‪2010-‬م‪.‬‬
‫(‪ )25‬إعالم املوقعني عن رب العاملني‪ ،‬ابن قيم اجلوزية‪ ،‬دار ابن حزم‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪1434‬هـ ‪ 2013 -‬م‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫(‪ )26‬التحبري رشح التحرير يف أصول الفقه‪ ،‬عالء الدين عيل بن سليامن‬
‫املرداوي‪ .‬حتقيق د‪ .‬عبد الرمحن بن عبد اهلل اجلربين‪ ،‬د‪ .‬عوض بن حممد القرين‪،‬‬
‫د‪ .‬أمحد بن حممد الرساح‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1421‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬مكتبة الرشد‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫(‪ )27‬أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬أمري عبد العزيز‪ ،‬دار السالم للطباعة‬
‫والنرش والتوزيع والرتمجة‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1418‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )28‬منظومة أصول الفقه وقواعده‪ ،‬حممد بن صالح العثيمني‪ ،‬دار ابن‬
‫اجلوزي‪ ،‬الدمام‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪1436 ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )29‬أنوار الربوق يف أنواء الفروق‪ ،‬املعروف بـ «الفروق»‪ ،‬شهاب الدين‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪44‬‬

‫أمحد بن إدريس القرايف‪ ،‬دار النوادر‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1433‬هـ ‪2012 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )30‬القواعد النورانية الفقهية‪ ،‬تأليف شيخ اإلسالم أمحد بن عبد احلليم بن‬
‫تيم ّية‪ ،‬حتقيق د‪ .‬أمحد بن حممد اخلليل‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪ ،‬الطبعة األوىل‪1422 ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )31‬األشباه والنظائر يف قواعد وفروع الشافعية‪ ،‬جالل الدين السيوطي‪،‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2014‬م دار ابن اجلوزي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )32‬إيضاح القواعد الفقهية‪ ،‬للشيخ عبد اهلل بن سعيد اللحجي‪ ،‬عناية د‪.‬‬
‫أمحد احلداد‪ ،‬دار الضياء طبعة أوىل ‪1427‬هـ ‪2006 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )33‬القواعد واألصول اجلامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة‪ ،‬عبد‬
‫الرمحن بن نارص السعدي‪ ،‬حتقيق د‪ .‬خالد بن عيل املشيقح‪ ،‬دار ابن اجلوزي‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1432‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )34‬الوجيز يف إيضاح قواعد الفقه الكل ّية‪ ،‬حممد صدقي البورنو‪ ،‬الطبعة‬
‫اخلامسة ‪1422‬هـ ‪2002 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫(‪ )35‬جمامع احلقائق والقواعد وجوامع الروائق والفوائد يف أصول الفقه‬
‫والقواعد الفقهية‪ ،‬حممد بن حممد اخلادمي احلنفي‪ ،‬حتقيق خالد عزيزي‪.‬‬
‫(‪ )36‬العرف والعادة بني الرشيعة اإلسالمية والقانون الوضعي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬تأليف د‪ .‬حسنني حممود‪ ،‬دار القلم‪ ،‬ديب‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1408‬هـ ‪-‬‬
‫‪1988‬م‪.‬‬
‫(‪ )37‬موسوعة القواعد والضوابط الفقهية احلاكمة للمعامالت املالية يف‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬د‪ .‬عيل أمحد الندوي‪ ،‬ط ‪1419‬هـ‪1999 -‬م‪ ،‬رشكة الراجحي‬
‫املرصفية لالستثامر الرياض‪.‬‬
‫‪45‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫ثامنًا‪ :‬الكتب الفقهية‬


‫(‪ )38‬رد املحتار عىل الدر املختار املشهور بحاشية ابن عابدين احلنفي‪،‬‬
‫حتقيق عبد املجيد طعمة حلبي‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1428 ،‬هـ‪-‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫(‪ )39‬بلغة السالك ألقرب املسالك ألمحد الصاوي وهبامشه الرشح الصغري‬
‫ألمحد الدردير‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫(‪ )40‬رشح منتهى اإلرادات املسمى «دقائق أويل النهى لرشح املنتهى»‬
‫منصور بن يونس البهويت‪ ،‬عامل الكتب للنرش والتوزيع‪ ،‬الطبعة الثانية‪1416 ،‬هـ‪-‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬
‫(‪ )41‬كتاب الفروع‪ ،‬حممد بن مفلح املقديس ومعه تصحيح الفروع عيل بن‬
‫سليامن املرداوي‪ ،‬عناية رائد بن صربي‪ ،‬بيت األفكار الدولية‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )42‬هداية الراغب لرشح عمدة الطالب‪ ،‬عثامن بن أمحد النجدي‪ ،‬حتقيق‬
‫حسنني حممد خملوف‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الدار الشامية بريوت‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬‬
‫‪1417‬هـ ‪1996 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )43‬الروض املربع رشح زاد املستقنع‪ ،‬منصور بن يونس البهويت‪ ،‬حتقيق‬
‫أمحد بن عبد العزيز اجلمباز‪ ،‬دار أطلس اخلرضاء‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫‪1437‬هـ‪2016 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )44‬منار السبيل يف رشح الدليل‪ ،‬تأليف إبراهيم بن حممد بن ضويان‪،‬‬
‫حتقيق حممد عيد العبايس‪ ،‬مكتبة املعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة األوىل‪1417 ،‬هـ‪-‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪46‬‬

‫(‪ )45‬الرشح املمتع عىل زاد املستقنع‪ ،‬تأليف حممد بن صالح العثيمني‪ ،‬دار‬
‫ابن اجلوزي‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1423‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )46‬فقه الدليل يف رشح التسهيل يف الفقه عىل مذهب اإلمام أمحد بن‬
‫حنبل‪ ،‬تأليف بدر الدين حممد بن عيل البعيل‪ ،‬رشح عبد اهلل بن صالح الفوزان‪،‬‬
‫دار ابن اجلوزي‪ ،‬الطبعة األوىل‪1433 ،‬هـ‪.‬‬
‫(‪ )47‬املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ،‬إصدار وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪1427 ،‬هـ‪2006-‬م‪.‬‬
‫(‪ )48‬الفقه اإلسالمي وأدلته‪ ،‬تأليف د‪ .‬وهبة الزحييل‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪1409 ،‬هـ‪1989-‬م‪.‬‬
‫(‪ )49‬السيل اجلرار املتدفق عىل حدائق األزهار‪ ،‬تأليف حممد بن عيل‬
‫الشوكاين‪ ،‬حتقيق حممود إبراهيم زايد‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة األوىل‪.‬‬
‫تاس ًعا‪ :‬كتب الفتاوى‬
‫(‪ )50‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬مجع وترتيب عبد الرمحن بن‬
‫قاسم وابنه حممد‪.‬‬
‫عارشا‪ :‬كتب الرتاجم‬
‫ً‬
‫(‪ )51‬حلية األولياء وطبقات األصفياء‪ ،‬أبو نعيم أمحد بن عبد اهلل‬
‫األصبهاين‪ ،‬دار الكتاب العريب بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪1400 ،‬هـ ‪1980 -‬م‪.‬‬
‫(‪ )52‬تاريخ بغداد‪ ،‬تأليف أمحد بن عيل اخلطيب البغدادي‪ .‬دار الفكر‪.‬‬
‫حادي عرش‪ :‬كتب اللغة‬
‫(‪ )53‬التعريفات‪ ،‬تأليف عيل بن حممد الرشيف اجلرجاين‪ ،‬حتقيق د‪ .‬عبد‬
‫‪47‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫املنعم احلفني‪ ،‬دار الرشاد‪.‬‬


‫(‪ )54‬لسان العرب‪ ،‬تأليف حممد بن مكرم بن منظور‪ ،‬حتقيق يارس سليامن‬
‫أبو شادي‪ ،‬جمدي فتحي السيد‪ ،‬املكتبة التوفيقية‪.‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪48‬‬
‫‪49‬‬ ‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬

‫قائمة املحتويات‬

‫صفحة‬ ‫املوضوع ‬

‫املقدمة‪5...........................................................‬‬
‫تعريف القاعدة الفقهية ‪7 .........................................‬‬
‫الفرق بني القاعدة الفقهية والقاعدة األصولية ‪7....................‬‬
‫ما هو الضابط الفقهي‪9............................................‬‬
‫أمهية العلم بالقواعد الفقهية‪10.....................................‬‬
‫بداية االهتامم بجمع القواعد ‪11....................................‬‬
‫القاعدة األوىل‪ :‬األمور بمقاصدها‪13...............................‬‬
‫ما هي رشوط النية ‪14..............................................‬‬
‫هل هناك عبادات ال تشرتط فيها النية‪15............................‬‬
‫تطبيقات القاعدة ‪15...............................................‬‬
‫قاعدة فرعية‪ :‬الرتوك ال حتتاج إىل نية ‪15............................‬‬
‫استثناءات القاعدة ‪16..............................................‬‬
‫الترشيك يف النية ‪17................................................‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬اليقني ال يزول بالشك ‪19...........................‬‬
‫تطبيقات القاعدة ‪20...............................................‬‬
‫قواعد فرعية‪20....................................................‬‬
‫(‪ )1‬األصل بقاء ما كان عىل ما كان‪20...........................‬‬
‫(‪ )2‬قاعدة‪ :‬األصل براءة الذمة‪21...............................‬‬
‫املذكرة التأسيسية يف القواعد الفقهية‬ ‫‪50‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬املشقة جتلب التيسري ‪22.............................‬‬


‫أمثلة عىل القاعدة ‪24...............................................‬‬
‫قواعد فرعية‪26 ...................................................‬‬
‫(‪ )1‬إذا ضاق األمر اتسع‪26.....................................‬‬
‫(‪ )2‬إذا اتسع األمر ضاق‪26.....................................‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬الرضر يزال ‪27....................................‬‬
‫قواعد متفرعة عن هذه القاعدة‪27..................................‬‬
‫(‪ )1‬درء املفاسد مقدم عىل جلب املصالح ‪27....................‬‬
‫(‪ )2‬الرضورات تبيح املحظورات ‪29............................‬‬
‫(‪ )3‬ما أبيح للرضورة فإنه يقدر بقدرها‪29.......................‬‬
‫(‪ )4‬إذا تزامحت مفسدتان ترتكب أقلهام لدفع األشد‪30..........‬‬
‫(‪ )5‬إذا تزامحت مصلحتان قدمت الكربى منهام‪30...............‬‬
‫(‪ )6‬احلاجة تنزل منزلة الرضورة عامة كانت أو خاصة ‪30........‬‬
‫القاعدة اخلامسة‪ :‬العادة حمكمة ‪32..................................‬‬
‫معنى القاعدة‪32 ..................................................‬‬
‫رشوط العمل بالعرف ‪36..........................................‬‬
‫متى نرجع للعرف؟‪36.............................................‬‬
‫تطبيقات عىل القاعدة ‪37...........................................‬‬
‫قواعد فرعية‪38....................................................‬‬
‫(‪ )1‬املعروف عرف ًا كاملرشوط رشط ًا ‪38..........................‬‬
‫(‪ )2‬األيامن والنذور مبناها عىل العرف ‪39.......................‬‬
‫قائمة املراجع‪40...................................................‬‬
‫قائمة املحتويات‪49................................................‬‬

You might also like