You are on page 1of 42

384-342 .

‫ ص‬،)‫م‬5252 ‫ (جوان‬1 ‫ العدد‬52 ‫المجلد‬ ‫الصراط‬

‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬


Abu El-Hassan Al-Amiri
And the problems of the classification and conjecturation
*
‫د شافية صديق‬.‫أ‬
)‫ (الجزائر‬،‫ كلية العلوم اإلسالمية‬،‫جامعة الجزائر‬
c.seddik@univ-alger.dz

2023/06/18 :‫تاريخ النشر‬ 2023/05/30 :‫تاريخ القبول‬ 2023/05/13 :‫تاريخ االستالم‬

:‫ملخص‬
. ‫نسلمٌن‬ٞ‫نور تصنيف اجتهادات علماء ا‬١ ‫نامة يف العلوـ اإلسالمية‬ٟ‫من احملاكر ا‬
.‫ لكن ىناؾ عناكين كربل ثابتة كالفلسفة كاألدياف كالتاريخ كغًنىا‬،‫نقوؿ العلمية تتطور عرب الزمن‬ٜ‫ا‬
.‫ كلكن تكوف الغلبة حملور بعينو‬،‫ىناؾ علماء موسوعيوف يبحثوف يف أكثر من حقل معريف‬
‫نسن‬ٜ‫ أبو ا‬:‫نالة على شخصية تقاطعت عندىا أىم اشكاالت التصنيف‬ٜ‫الختبار ىذه ا‬
‫ناكلة رصد تفاصيل ىذه االشكاالت عرب مللفات الباحث‬١ ‫ لذلك سيكوف ىذا البحث‬،‫العامرم‬
.‫كاجتهاداتو‬
.‫ اشكاليات التصنيف‬،‫نسلمٌن‬ٞ‫ اجتهادات علماء ا‬،‫نسن العامرم‬ٜ‫ أبو ا‬:‫الكلمات المفتاحية‬
Abstract:
In Islamic sciences, an important aspect is the classification of the
ijtihad of Muslim scholars. While fields of knowledge evolve over time,
there are major topics that remain constant, such as philosophy, religion,
history, among others. There are encyclopedic scholars who research in
more than one field of knowledge, but they often focus on a specific aspect
to test this case on a personality that intersected the most important forms of
classification: Abu al-Hasan al-Amiri. Therefore, this research aims to
identify the details of these forms through the researcher's writings and
ijtihad.
Keywords: Abu El-Hassan Al-Amiri, the classification of the ijtihad of
Muslim scholars.
_______________________

‫ أستاذة الفكر االسالمي واالستشراق ومقارنة األديان‬:‫* المؤلف المرسل‬


643
‫أد شافية صديق‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫أنتج علماء ا‪ٞ‬نسلمٌن تراثا يف دراسة األدياف كنقد معتقدات اآلخرين ضمن سقف منهجي‬
‫كعلمي‪َ ،‬ف ‪٬‬ننع الفقهاء كا‪ٞ‬نفسرين كعلماء الكالـ كالفالسفة كغًنىم على امتداد خريطة العاَف‬
‫االسالمي كعلى امتداد ا‪ٜ‬نضور االسالمي‪ ،‬من تقدًن اسهامات كاجتهادات ثرية كاف ‪ٟ‬نا الدكر‬
‫اال‪٩‬نايب يف التحيٌن ا‪ٞ‬نستمر ‪ٜ‬ندكد ذلك السقف الذم فرضتو مالبسات عديدة‪.‬‬
‫أىم تلك ا‪ٞ‬نالبسات أف علما مستقال لدراسة معتقدات اآلخرين َف يستقر يف شجرة علوـ‬
‫ا‪ٞ‬نسلمٌن اال متأخرا‪ ،‬كلكنو فرع علمي تغذل من العلوـ االخرل كمن نفس تربتها كتوزعت بعض‬
‫‪١‬ناكره على علوـ أخرل‪ :‬كالتفسًن كعلم الكالـ كعلم الفرؽ كالتاريخ كغًنىا من العلوـ اليت‬
‫احتاجت اُف معرفة معتقدات اآلخر‪.‬‬
‫من الذين سجلوا أ‪ٚ‬نائهم يف تغذية علم مقارنة األدياف عند ا‪ٞ‬نسلمٌن‪ :‬أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪.‬‬
‫كالبد من التنبيو مسبقا أف دراسة تراث ا‪ٞ‬نسلمٌن يف تاريخ كنقد األدياف ال ‪٩‬ن أف تتم‬
‫ّنناىج كأدكات تطورت عرب الزمن لتصل إُف ما كصلت إليو اليوـ‪ ،‬لكن تبقى ىناؾ مداخل ثابتة‬
‫تشرتؾ فيها كل ا‪ٞ‬نناىج القد‪٬‬نة كا‪ٜ‬نديثة اليت درست ا‪ٞ‬نعتقدات‪ ،‬ك‪٬‬نكن ذكر أ‪٨‬نها باالعتماد على‬
‫مقدمة كتاب ٓنقيق ما للهند مقبولة يف العقل أك مرذكلة أليب الر‪٪‬ناف البًنكين‪ .‬كعناصر تلك‬
‫ا‪ٞ‬نقدمة سبقت ا‪ٞ‬نناىج ا‪ٜ‬نديثة يف بلورة مداخل موضوعية تسمح با‪ٜ‬نصوؿ على معرفة دينية اقرب‬
‫اُف ا‪ٜ‬نياد من غًنىا من ا‪ٞ‬نداخل‪.‬‬
‫يضع أبو حياف البًنكين ا‪ٝ‬نطوات التالية‪:‬‬
‫‪ٓ .1‬نرير ما عرفتو من جهتهم ليكوف نصرة ‪ٞ‬نن أراد مناقضتهم كذخًنة ‪ٞ‬نن راـ ‪٢‬نالطتهم‬
‫‪ .2‬غًن باىت على ا‪ٝ‬نصم‪.‬‬
‫متحرج عن حكاية كالمو‪.‬‬
‫‪ .3‬كال ّ‬
‫‪ .4‬كإف باين ا‪ٜ‬نق كاستفظع ‪ٚ‬ناعو عند أىلو فهو اعتقاده كىو أبصر بو‪.‬‬
‫حّت استعمل فيو ( أبو الر‪٪‬ناف ‪١‬نمد بن أ٘ند‬ ‫‪ .5‬كليس الكتاب كتاب حجاج كجدؿ ّ‬
‫البًنكين ا‪ٝ‬نوارزمي (ت‪440.‬ىػ)‪ٓ ،‬نقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أك مرذكلة عاَف‬
‫الكت ‪ ،‬بًنكت لبناف ط‪1403 2‬ق‪ ،‬ص‪ )15‬يلسس أبو الر‪٪‬ناف البًنكين ‪ٞ‬نبادلء ٓنصيل‬
‫الرتاث الديين للمخالف كفهم ا‪ٞ‬نعرفة الدينية كما ىي‪.‬‬

‫‪644‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫ك‪٬‬نكن استحضار أف الدعوة لدين اهلل ال تكوف من غًن معرفة ا‪ٞ‬ننظومات الدينية للمدعو‬
‫الستثمار ما كافق الشرع كىدـ ما خالفو باالعتماد على الفطرة السليمة‪ ،‬أيضا اليت أكدعها اهلل عز‬
‫كجل يف كل البشر على قدـ ا‪ٞ‬نساكاة‪.‬‬
‫كإذا كانت سياسة ا‪ٜ‬نركب تقتضي ارساؿ جواسيس ‪ٞ‬نعرفة عناصر القوة كالضعف لدل‬
‫ا‪ٝ‬نصم كالعدك كدراستها‪ ،‬فأكُف ّنن يريد ‪١‬ناربة ما يغطي على الفطرة السليمة اف يعرؼ تركيبة ىذه‬
‫ا‪ٜ‬نواجز‪.‬‬
‫لقراءة ما كتبو ا‪ٞ‬نسلموف ٓنت باب معرفة معتقدات اآلخرين كنقدىا‪٩ ،‬ن أف تقايس إُف‬
‫ىذه ا‪ٞ‬نبادلء كٓنديد مسافات البعد اك القرب منها‪.‬‬
‫عينة ىذا البحث ىي كتاب‪ :‬األعالـ ّنناق اإلسالـ أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم كىو كتاب درج‬
‫على تصنيفو ضمن مكتبة مقارنة األدياف يف الرتاث االسالمي‪ ،‬كلكن مداخل دراستو ستكوف‬
‫با‪ٞ‬نالحقة ا‪ٞ‬ننهجية لبيئة الكتاب كالكات لفهم خلفيات ىذا ا‪ٞ‬ننتوج كاالستعداد لتفكيك عناصره‬
‫آليا‪.‬‬
‫األسئلة ا‪ٞ‬ننهجية اليت تساءؿ اجملتهدين الستيفاء شركط تلك ا‪ٞ‬نداخل كاالقرتاب من األجوبة‬
‫ا‪ٜ‬نيادية عن سلاؿ التصنيف يف باب مقارنة األدياف ‪٬‬نكن تقسيمها إُف ثالثة أجزاء‪:‬‬
‫جزء خاص هبوية الكتاب‪ ،‬كجزء خاص بأدكات ا‪ٞ‬ننهج ا‪ٞ‬نستعملة فيو‪ ،‬كجزء خاص ببيئة ا‪ٞ‬نللف‬
‫باعتبار تفاعلو معها كمنازلة إكراىات الزماف كا‪ٞ‬نكاف كاإلنساف كأيضا بيئة الكتاب كعلومو‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬أسئلة هوية الكتاب‪:‬‬
‫‪ .1‬ماىو ا‪ٞ‬نقصد االصلي كالنهائي الذم يشرحو بوضوح أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم من خالؿ عنواف‬
‫الكتاب ؟‬
‫‪ .2‬ما ىو ا‪ٞ‬نقصد االصلي كالنهائي الذم يشرحو بوضوح أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم ألسباب تأليفو‬
‫الكتاب‪.‬؟‬
‫‪ .3‬ىل ٓنديد ‪١‬ناكر ا‪ٞ‬نقارنة كاف حياديا على مسافة كاحدة من األدياف اليت ٕنت مقارنة بعض‬
‫‪١‬ناكرىا كىنا ليس ا‪ٞ‬نقصود كضع اإلسالـ دين اليقٌن على قدـ ا‪ٞ‬نساكاة مع أدياف تعرضت للتحريف‬
‫كأدياف صنعها البشر ابتداء‪ ،‬بل ا‪ٞ‬نقصود أف ال يظهر التحيز (ا‪ٞ‬نشركع ) منذ البداية ؟‬

‫‪645‬‬
‫أد شافية صديق‬
‫‪ .4‬ىل كاف االسالـ منذ البداية ا‪ٞ‬نصدر األكحد لتحديد ‪١‬ناكر ا‪ٞ‬نقارنات أـ أنو أنذ معاَف‬
‫االسالـ منطلقا قابال للتوسيع ؟‬
‫‪ .5‬ىل الكتاب ‪٬‬نكن اف يتخذه غًن ا‪ٞ‬نسلم ‪٧‬نوذجا للمقارنات ا‪ٜ‬نيادية اليت توصل اُف يقٌن‬
‫تفرد االسالـ بالرسالة ا‪ٝ‬نادمة لسعادة البشر يف الدارين‪ .‬؟‪...‬‬
‫‪ .6‬ىل للكتاب جوان ركحية كبيداغوجية ْنعل القارلء يتغاضى على مايبدك ٓنيزا كيستفيد‬
‫منو يف اصالح حاؿ دينو كدنياه ؟‬
‫ثانيا‪ :‬أسئلة أدوات المنهج‪:‬‬
‫‪ٔ .1‬نصص أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم الغال من خالؿ تكوينو االصلي كمن خالؿ مللفاتو‬
‫‪ .2‬رأم العلماء ا‪ٞ‬نتخصصٌن يف انتاج ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كتصنيفو‬
‫‪ .3‬السقف الذم كصلت إليو االجتهادات اإلسالمية يف دراسة معتقدات كملل كأدياف‬
‫اآلخرين زمن أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪.‬‬
‫‪ٕ .4‬نوقع ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم ضمن القوائم ا‪ٞ‬نتخصصة ا‪ٝ‬ناصة بالعلماء كالكتاب ا‪ٞ‬نسلمٌن‪.‬‬
‫‪ .5‬مصادر العامرم يف معرفة معاَف كمعتقدات األدياف األخرل‪.‬‬
‫‪.6‬ا‪ٞ‬نصطلحات العابرة لألدياف كا‪ٞ‬نصطلحات ا‪ٝ‬ناصة بكل دين‪.‬‬
‫‪ .7‬اللغة العا‪ٞ‬نة ا‪ٞ‬نمنهجة اليت استخدمها ّنعىن خصوصية اللغة ا‪ٞ‬نرتبطة بدراسة أدياف ‪٢‬نتلفة‪.‬‬
‫‪.8‬لغة األحكاـ يعين استعماؿ عبارات ا‪ٜ‬نط ‪٣‬نا عند اآلخرين ‪٣‬نا يصدـ الفطرة كالدين‪.‬‬
‫نتذكر أف الطبي ال يعاير ا‪ٞ‬نريض‪.‬‬
‫‪.9‬ىل بعض ا‪ٞ‬نبادئ ا‪ٞ‬ننهجية ا‪ٞ‬نذكورة يف مقدمة ا‪ٛ‬نزء ا‪ٝ‬ناص با‪ٞ‬نقارنة يف كتاب أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم مت االلتزاـ هبا كمثاؿ قولو‪ :‬صورة الصواب معلقة بشيئيٌن‪ :‬أال يوقع ا‪ٞ‬نقايسة إال بٌن‬
‫األشكاؿ ا‪ٞ‬نتجانسة‪ ،‬كاآلخر أال يعمد اُف خلة موصوفة يف فرقة من الفرؽ غًن مستفيضة يف كافتها‬
‫فينسبها اُف ٗنلة طبقاهتا‪.‬؟‬
‫‪.10‬الصدل لدل أتباع كعلماء األدياف ا‪ٞ‬ندركسة كأتباع كعلماء ا‪ٞ‬نسلمٌن‪.‬‬
‫االجتهادات ا‪ٞ‬نتوفرة اليوـ تقتضي منهجيا مواجهة ىذه األسئلة اليت تفرضها أية دراسة‬
‫استثمارية ‪ٛ‬نهود أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬إذ يدخل إنتاجو ‪٢‬نابر التحليل من غًن حط من تلك ا‪ٛ‬نهود‬
‫كال انتقاص من آفاقها كلكنو البحث‪.‬‬

‫‪646‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫ثالثا‪ :‬أسئلة بيئة المؤلف وبيئة الكتاب‪:‬‬


‫ما يتوفر لدينا اليوـ من اجتهادات حوؿ جهود أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم يف دراسة معتقدات‬
‫اآلخرين خصوصا عرب كتابو االعالـ ّنناق االسالـ تقتضي منهجيا االخذ بعٌن االعتبار ‪١‬ناذير‬
‫أ‪٨‬نها‪:‬‬
‫‪.1‬اذا مت تناكؿ آثار العامرم كفيلسوؼ‪ ،‬فا‪ٞ‬نرجع ىم الفالسفة فشركحو لبعض انتاج الفالسفة‬
‫اليوناف كاعتماده على فالسفتهم يف تأليف بعض الكت ككتاب السعادة جعل ا‪ٞ‬نصنفوف يضعونو‬
‫يف قائمة فالسفة االسالـ مع استحضار إشكالية األسلمة لفلسفة نشأت يف بيئة كثنية كانتقلت إُف‬
‫ا‪ٞ‬نسلمٌن عرب ترٗنات تعرضت للكثًن من النقد‪.‬‬
‫‪ . 2‬كإذا مت تناكؿ آثار العامرم كعاَف كالـ فا‪ٞ‬نرجع ىم علماء الكالـ كالقرائن ىي جدلو كذكده‬
‫عن العقائد اإلسالمية عقليا يف مسائل عقدية كمسألة البعث كا‪ٜ‬نساب (كتاب االمد على االبد)‬
‫أك مسألة القضاء كالقدر (انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب كالقدر)‪.‬‬
‫‪. 3‬كإذا مت تناكؿ آثار العامرم كفيلسوؼ أدياف أك متخصص يف ا‪ٛ‬ندؿ الديين أك تاريخ‬
‫األدياف أك مقارنة األدياف فا‪ٞ‬نرجع ىم ا‪ٞ‬نتخصصوف يف ىذه ا‪ٞ‬نعارؼ ّنناىجها ك‪٬‬نكن أف ‪٩‬ند ىلالء‬
‫بعض القرائن يف كتاب األعالـ ّنناق اإلسالـ‪ ،‬كرّنا بعض ا‪ٞ‬نخطوطات اليت َف يصلنا إال عناكينها‬
‫مع ارتباؾ يف صحة نسبتها أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم كارتباؾ أشد يف معرفة ‪١‬نتواىا‬
‫‪ .4‬ما ىي خصائص البيئة اليت عاش فيها سياسيا كفكريا كحضاريا؟‬
‫لن يفيد العلم كال ا‪ٞ‬نعرفة الكذب "الشرعي" يف معركة الوجود كاليقٌن كال يفيد أيضا إعماؿ‬
‫آليات ا‪ٞ‬نناىج ا‪ٞ‬نتطورة اليوـ يف تراث قدًن‪.‬‬
‫اإلجابة على ىذه األسئلة تتطل ُنثا كاسعا كٓنيينا مستمرا ألف ا‪ٞ‬نعلومات مبثوثة يف كت‬
‫ك‪٢‬نطوطات ال توحي عناكينها بأية عالقة مع ا‪ٞ‬نوضوع؛ أليس ىذا ىو ا‪ٜ‬نفر ا‪ٞ‬نعريف أم البحث‬
‫ا‪ٞ‬نستمر عما ‪٫‬نفيو سطح الرتاث؛ كالدراسة التالية ٓناكؿ االلتزاـ ببعض ىذه ا‪ٞ‬نداخل للوصوؿ اُف‬
‫التصور األقرب اُف ا‪ٞ‬نوضوعية يف تبيئة تراث أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم ر٘نو اهلل‪.‬‬

‫‪647‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫أوال‪ :‬خصائص عصر أبي الحسن العامري السياسية‪:‬‬


‫أبو ا‪ٜ‬نسن ‪١‬نمد بن يوسف العامرم النيسابورم ‪300‬ق‪381-‬ق‪912/‬ـ‪991-‬ـ‬
‫ىناؾ اختالؼ يف أصولو كرغم أف اإلسالـ ْناكز ىذه ا‪ٛ‬نزئية بربط الصالح باإلنساف كأفعالو‬
‫ال بعرقو كأصلو‪ ،‬إال أف معرفة األصوؿ تساعد الباحث عن خلفيات العاَف أك ا‪ٞ‬نللف ا‪ٞ‬نباشرة‬
‫كغًن ا‪ٞ‬نباشرة الظاىرة كا‪ٞ‬نتسللة عرب ا‪ٛ‬نينات الفكرية الطبيعية كالوراثية‪ ،‬كاليت ستلثر يف‬
‫اختياراتو ا‪ٜ‬نياتية كالفكرية‪.‬‬
‫انتقل أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم بٌن ا‪ٞ‬نناطق اإلسالمية شرؽ ا‪ٝ‬نالفة اإلسالمية بداية من‬
‫نيسابور إُف طشقند حيث انتظم يف مدارسها للتعمق يف العلوـ الدينية‪ ،‬كقد تنقل بٌن‬
‫حواضر علمية كربل‪ِ :‬نارل كالرم‪ ،‬كعندما زار بغداد ينقل السيوطي كغًنه بعض ا‪ٞ‬نشاكل لو‬
‫مع بعض علماء كعامة بغداد‪.‬‬
‫كالشك أف التجواؿ يف ىذه البقاع ا‪ٞ‬نتنوعة سياسيا كمذاى عقدية كفقهية جعلو ينتبو‬
‫إُف الرتاث الديين كالعلمي ‪ٟ‬نا كيستفيد من خربات شعوب مر هبا كعايشها‪ ،‬أما عن ا‪ٝ‬نلفية‬
‫ا‪ٞ‬نذىبية أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم فتقتضي تفتيشا دقيقا فيما كتبو صر‪٪‬نا كفيما مت تأكيلو كبين عليو‬
‫تصنيفا لو‪ .‬كىنا ال يهم التوقف كثًنا فقد كاف علماء سنة يف تعاكف مع حكاـ شيعة كما ىو‬
‫ا‪ٜ‬ناؿ مع أيب بكر الباقالين كا‪ٞ‬نلك عضد الدكلة البويهي مثال‪.‬‬
‫يتأثر ا‪ٞ‬نللف ببيئتو كيلثر يف زمانو كمكانو حس عمق ما ‪٫‬نتلف بو عن اآلخرين‪،‬‬
‫كبيئة ا‪ٞ‬نللف تتمثل يف ا‪ٞ‬نرحلة اليت عاش فيها كا‪ٞ‬نرحلة السابقة قليال ‪ٞ‬نيالده باعتبار امتداد‬
‫الظواىر اإلنسانية كنضوجها كاضمحال‪ٟ‬نا عرب الزمن‪ ،‬كأيضا يف ا‪ٞ‬نرحلة الالحقة لوفاتو ألف‬
‫مللفو يتم تداكلو بعد كفاتو‪.‬‬
‫أما بالدقة فينتمي أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم تار‪٫‬نيا إُف عصر الدكلة العباسية‪ .‬كلد أبو‬
‫ا‪ٜ‬نسن العامرم يف نيسابور (بلد اإلماـ مسلم) عاـ ‪912‬ـ كىي مدينة ‪ٟ‬نا جغرافية متميزة‬
‫كتاريخ فكرم ذكر‪٨‬نا ا‪ٛ‬نغرافيوف كا‪ٞ‬نلرخوف ا‪ٞ‬نسلموف‪ ،‬كيف ىذه ا‪ٞ‬ندينة تعلم أكليات العلوـ‬
‫اإلسالمية مث انتقل اُف بلخ حيث تتلمذ على يد أيب زيد البلخي تلميذ الفيلسوؼ الكندم‬
‫كالذم اعتربه البعض استاذ أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم بالتبعية‪.‬‬
‫‪648‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫كاف كالد أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم مقربا من السلطة ‪٣‬نا ‪ٚ‬نح البنو أبا ا‪ٜ‬نسن من زيارة‬
‫ا‪ٞ‬نكتبة الكبًنة اليت أسسها آؿ ساماف كاليت كصف ثراءىا بعض الكتاب من بينهم الفيلسوؼ‬
‫ابن سينا‪.‬‬
‫السياسة زمن أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم كانت تشهد تغيًنات اسرتاتيجية مست مركز ا‪ٝ‬نالفة‬
‫من حيث السلطة‪ ،‬كمست التغيًنات ا‪ٞ‬نذىبية ‪ٞ‬نراكز كاليات رئيسية تابعة للخالفة ا‪ٚ‬نيا كدينيا‬
‫كلو نظريا فقط‪.‬‬
‫ال ‪٬‬نكن ألم باحث يف أية ظاىرة انسانية أيا كاف لوهنا االجتماعي أك السياسي أك‬
‫الفكرم أف ال يبدأ من البيئة أيضا بكل ألواهنا كالسياسة باعتبارىا التنظيم القانوين لعالقة‬
‫احملكومٌن با‪ٜ‬ناكم عرب ا‪ٞ‬نلسسات القائمة‪ ،‬كىو ما يوفر القاعدة لكل األنشطة األخرل‬
‫الرتباط السياسة باالستقرار كاألمن‪ ،‬فما ىي خصائص بيئة أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم؟‬
‫الدكلة العباسة ىي الدكلة اليت شهدت أكرب التوسعات كأكرب اال‪٤‬نازات العلمية‬
‫كالفكرية يف تاريخ اإلسالـ كيقسمها ا‪ٞ‬نلرخوف إُف حقبات رئيسية‪:‬‬
‫العصر األكؿ‪ :‬عصر القوة ‪847-750/232-132‬‬ ‫‪.1‬‬
‫العصر الثاين‪ :‬عصر النفوذ الرتكي ‪946-847/334-232‬‬ ‫‪.2‬‬
‫العصر الثالث‪ :‬عصر النفوذ البويهي الفارسي‪1055-946/447-334‬‬ ‫‪.3‬‬
‫العصر الرابع‪ :‬عصر النفوذ السلجوقي الرتكي‪1258.-1055/656-447‬‬ ‫‪.4‬‬
‫عبارة عن نقل كل‬ ‫‪ .5‬ظهور نظاـ امرة األمراء‪( .946.-936/334-324 :‬ا‪ٞ‬ننص‬
‫سلطات ا‪ٝ‬نليفة اُف قائد تتوفر فيو صفات الرئاسة ا‪ٞ‬ندنية كالقيادة العسكرية‪( .‬الشريف)‬
‫العصر الذم عاش فيو أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم ‪٬‬نكن بداية البحث يف تفاصيلو مع ما ‪ٚ‬ني‬
‫العصر العباسي الثاين أم القرف الثالث ا‪ٟ‬نجرم الذم ابتدأ ‪232‬ق‪847/‬ـ‪ ،‬مث العصر‬
‫العباسي الثالث أم الرابع ا‪ٟ‬نجرم ‪330‬ق‪945/‬ـ‪.‬‬
‫توسع ملرخو ا‪ٞ‬نسلمٌن يف ذكر ‪١‬نطات كتفاصيل ىذه األزمنة الشائكة كما فعل ابن‬
‫األثًن يف الكامل يف التاريخ‪( .‬ابن األثًن ك ٓنقيق عمر عبد السالـ تدمرم‪)1997 ،‬‬

‫‪649‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫كرث القرف الرابع ا‪ٟ‬نجرم ‪٢‬نلفات القرف الثالث ا‪ٟ‬نجرم اليت شهدت انشقاؽ بعض‬
‫األقاليم الكربل على السلطة ا‪ٞ‬نركزية سلطة ا‪ٝ‬نالفة العباسية‪ ،‬كتغًن خريطة ا‪ٜ‬نكم يف العاَف‬
‫اإلسالمي حيث ظهرت أسر كأعراؽ مثل الطاىريوف مث الصفاريوف كالبويهيوف كالسامانيوف يف‬
‫األقاليم الشرقية يف خراساف‪ ،‬كالطولونيوف كاالخشيديوف يف مصر‪ ،‬كا‪ٜ‬نمدانيوف يف ا‪ٞ‬نوصل‪،‬‬
‫كحل كديار بكر‪ ،‬كتواصلت حلقات فقداف ا‪ٝ‬نالفة العباسية ‪ٟ‬نيبتها ‪٣‬نا شجع بعض‬
‫األطراؼ على ٓنقيق ا‪ٞ‬نزيد من طموحاهتم يف السيطرة كالتسلط كحّت النيل من ا‪ٝ‬نليفة‪،‬‬
‫ك‪٬‬نكن للباحث أف ‪٩‬ند حلقات منفصلة متصلة يف التوزيع ا‪ٝ‬نرائطي ‪ٟ‬نذه األسر تبعا‬
‫لالضطرابات كا‪ٞ‬نواجهات الدموية اليت تغًن ا‪ٜ‬ندكد كا‪ٜ‬نكاـ كالوالء كا‪ٞ‬نذاى ‪.‬‬
‫‪٬‬نكن ا‪٩‬ناز أىم معاَف بيئة ا‪ٞ‬نرحلة الثانية يف‪:‬‬
‫‪ .1‬بداية تدىور الدكلة العباسية‪.‬‬
‫‪ .2‬شعوب جديدة يف أطراؼ الدكلة تتوُف ا‪ٜ‬نكم ا‪ٞ‬نستقل لبعض األقاليم مع ٓندم للسلطة‬
‫ا‪ٞ‬نركزية سلطة ا‪ٝ‬نالفة‪( .‬طفوش ـ‪ )2009/1430 ،.‬مث جاءت مرحلة رد الفعل يف العصر‬
‫التاِف ام ا‪ٞ‬نرحلة الثالثة من خالؿ‪:‬‬
‫‪ .1‬ردة فعل ضد النفوذ الرتكي الذم سيطر على مقدرات الدكلة‬
‫‪ .2‬حركة فارسية شيعية لبين بويو كدكلة منفصلة سيطرت على فارس كاالىواز ككرماف كالرم‬
‫كاصفهاف ك‪٨‬نذاف‪ ،‬كيكاد العصر العباسي الثالث ينسبو بعض الدارسٌن ‪ٟ‬نذه الدكلة‪ ،‬الذم زاد‬
‫نفوذىا مع ضعف الدكلة ا‪ٞ‬نركزية دكلة ا‪ٝ‬نالفة‪( .‬طفوش ـ‪ )2009 ،.‬أ٘ند أمٌن بعد مراجعة‬
‫موسوعات التاريخ اإلسالمي‪ ،‬حاكؿ كضع جدكؿ ‪ٞ‬نا أ‪ٚ‬ناه انفراط عقد العاَف اإلسالمي كتفتت‬
‫صخرتو ‪٥‬نو سنة ‪324‬ى (‪935‬ـ) فصارت‪:‬‬
‫‪ .1‬فارس كالرم‪ ،‬كأصبهاف كا‪ٛ‬نبل يف أيدم بين بُويو‪.‬‬
‫‪ .2‬ككرماف يف يد ‪١‬نمد بن إلياس‪.‬‬
‫‪ .3‬كا‪ٞ‬نوصل كديار بين ربيعة‪ ،‬كديار بكر كديار مضر يف أيدم بين ٘نداف‪.‬‬
‫‪ .4‬كمصر كالشاـ يف يد ‪١‬نمد بن ‪١‬نمد بن طغج اإلخشيد‪.‬‬
‫‪ .5‬كا‪ٞ‬نغرب كإفريقيا يف يد الفاطميٌن‪.‬‬
‫‪ .6‬كاألندلس يف يد عبد الر٘نن الناصر‪،‬‬
‫‪650‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫‪ .7‬كخراساف يف يد نصر بن أ٘ند الساماين‪.‬‬
‫‪ .8‬كاألىواز ككاسط كالبصرة يف يد الربيديٌّن‪.‬‬
‫‪ .9‬كاليمامة كالبحرين يف يد القرامطة‪.‬‬
‫‪ .10‬كطربستاف كجرجاف يف يد الديلم‪.‬‬
‫‪ .11‬كَف يبق للخالفة العباسية إال بغداد اال‪ٚ‬نية لو‪( .‬أمٌن‪ ،1946 ،‬الصفحات‬
‫‪ )91-90‬نشأ أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم يف ظل ىذه التغيًنات الكربل اليت ‪٩‬ن أف ‪٩‬نتهد‬
‫الباحث يف رصد أصدائها يف كتاباتو ليس كمرآة عاكسة آليا لتفاصيل األحداث‪ ،‬كلكن‬
‫باعتبار العاَف كاإلنساف عموما ابن بيئتو كتتأثر اختياراتو ا‪ٜ‬نياتية كالفكرية هبا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخصائص الفكرية لعصر أبي الحسن العامري‪:‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم ىو ‪٧‬نوذج ‪ٞ‬نا انتجو عصره‪ ،‬كبالبحث ا‪ٞ‬نتعمق ‪٬‬نكن دراسة سًنتو‬
‫كأعمالو باعتبارىا احدل زكايا ا‪ٞ‬نرايا اليت انعكست عليها تضاريس عصره‪.‬‬
‫كاف ىناؾ خالؼ يف تصنيف التخصص األقرب إُف استيعاب اجتهادات أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم يف عصر يسارع البعض إُف إضافتو إُف ما ‪ٚ‬ني عصور ا‪ٞ‬نوسوعيٌن ا‪ٞ‬نسلمٌن‪.‬‬
‫كىناؾ خالؼ أيضا حوؿ انتمائو إُف الفالسفة‪ ،‬حيث تذكر بعض ا‪ٞ‬نراجع أنو كاف‬
‫يلق بالفيلسوؼ النيسابورم باعتباره تلميذا للكندم فكريا عرب أيب زيد البلخي‪ ،‬كىناؾ‬
‫خالؼ آخر حوؿ انتمائو لعلماء الكالـ من خالؿ جدلو كذكده عن العقائد اإلسالمية‬
‫بأدكات العقل كا‪ٞ‬ننطق كمسألة البعث كا‪ٜ‬نساب (كتاب االمد على االبد)‪ ،‬أك مسالة‬
‫القضاء كالقدر (كتاب انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب كالقدر)‪ ،‬أما ا‪ٝ‬نالؼ ا‪ٞ‬نستجد فهو عالقتو ُنقل‬
‫مقارنة األدياف بالرتكيز على بعض الفقرات من كتابو "األعالـ ّنناق اإلسالـ"‪.‬‬
‫ما كصلنا من انتاج أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم أك ما مت توثيقو دكف الوصوؿ إليو‪ ،‬يبيناف‬
‫تشع اىتمامات أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم ا‪ٞ‬نعرفية‪ ،‬كىو أمر َف ‪٫‬نتص بو لوحده بل كاف شبو‬
‫قانوف فرضتو ظركؼ سياسية كفكرية َف ٕننع بعض الكتاب من ا‪ٞ‬نتأملٌن يف اعراضها ك‪٢‬نرجاهتا‬
‫من التنبيو إُف بعض سلبياهتا‪ ،‬فابن عبد ربو األندلسي ٗنع بعض أقواؿ من سبقو للتنبيو إُف‬
‫أعراض تسيء للعاَف إذا كسع ‪٠‬ناالت اجتهاداتو‪:‬‬
‫‪651‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫كقاؿ ‪١‬نمد بن إدريس رضي اهلل عنو‪" :‬العلم علماف‪ :‬علم األبداف‪ ،‬كعلم األدياف"‪.‬‬
‫كقاؿ عبد اهلل بن مسلم بن قتيبة‪" :‬من أراد أف يكوف عا‪ٞ‬نا فليطل فنّا كاحدا‪ ،‬كمن أراد أف‬
‫يكوف أديبا فليتفنّن يف العلوـ"‪ .‬كقاؿ أبو يوسف القاضي‪" :‬ثالثة ال يسلموف من ثالثة‪ :‬من‬
‫الزندقة‪ ،‬كمن طل ا‪ٞ‬ناؿ بالكيمياء َف يسلم من الفقر‪،‬‬
‫طل ال ّدين بالفلسفة َف يسلم من ّ‬
‫كمن طل غرائ ا‪ٜ‬نديث َف يسلم من الكذب‪ ".‬كقاؿ ابن سًنين ر٘نو اهلل تعاُف‪" :‬العلم‬
‫أكثر من أف ‪٪‬ناط بو‪ ،‬فخذكا من كل شيء أحسنو"‪ .‬كقاؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما‪:‬‬
‫"كفاؾ من علم الدين أف تعرؼ ما ال يسع جهلو‪ ،‬ككفاؾ من علم األدب أف تركم الشاىد‬
‫كا‪ٞ‬نثل"‪( .‬األندلسي‪1404 ،‬ق) اعتمادا على ىذه ا‪ٞ‬نالحظات استنتج آدـ ميتز‪:‬‬
‫‪ -‬يف القرف الثالث ا‪ٟ‬نجرم صار األدباء الذين نشأكا حوؿ ا‪ٝ‬نلفاء كيف قصورىم كتعلموا‬
‫األدب على تقاليد الفركسية أدباء من طراز جديد يلموف بكل شيء‪ ،‬كيشبهوف يف عصرنا‬
‫الصحفيٌن غًن ا‪ٞ‬نتخصصٌن الذين يتكلموف يف ٗنيع األمور‪ ،‬ك‪ٟ‬نا ‪٤‬ند العلماء يفرقوف بٌن‬
‫انقسم كبٌن األدباء حّت قاؿ ابن قتيبة‪" :‬من أراد أف يكوف عا‪ٞ‬نا فليطل فنا كاحدا‪ ،‬كمن‬
‫أراد أف يكوف أديبا فليتسع يف العلوـ"‪( .‬ميتز ك ‪١‬نمد )‬
‫‪ -‬تنوع اجتهادات العلماء َف يكن خاصا بالعاَف اإلسالمي‪ ،‬فالعلوـ َف تكن قد استقلت عن‬
‫الفلسفة اليت بدكرىا ‪ٟ‬نا عدة أكجو كتتسع إُف أكثر من حقل معريف‪.‬‬
‫‪ -‬االنقساـ الكبًن الذم رصده ا‪ٞ‬نلرخوف يف عصر أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم يف السياسية كيف‬
‫ا‪ٞ‬نذاى االعتقادية كا‪ٞ‬نذاى الفقهية‪ ،‬سيجعل العلماء يف عمق ٓندم دكائر الوالء السياسي‬
‫كالوالء ا‪ٞ‬نذىيب كأحيانا الوالء ا‪ٞ‬نعريف‪ ،‬كالتاريخ اإلسالمي يقدـ ‪٧‬ناذج حية آلثار ىذه الظواىر‬
‫على استقرار كأمن الفرد كعلى استقرار كأمن األفراد سياسيا كدينيا كحضاريا‪.‬‬
‫‪ -‬كاف أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم ْنارب مع ىذا االشكاؿ‪ ،‬من أمثلتو اهتامو بالوالء للباطنية‬
‫كاالختالؼ حوؿ ا نتمائو ا‪ٞ‬نذىيب نظرا ألنو كغًنه من العلماء تعاملوا مع حكاـ ككزراء من‬
‫خلفيات مذىبية ‪٢‬نتلفة‪ ،‬فرضت خيوطا متشابكة بٌن الوالء السياسي كالوالء ا‪ٞ‬نذىيب‪ .‬كما‬
‫أف ا‪ٜ‬نياة الثقافية كالفكرية حس بعض الباحثٌن كانت ال تعكس ىذه ا‪ٜ‬نالة السياسية‬

‫‪652‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫كا‪ٞ‬نذىبية ا‪ٞ‬نضطربة‪ ،‬كىي ظاىرة جعلتهم يعدكف القرف ىذا الذم شهد كل ىذه‬
‫االنقسامات‪ ،‬بأنو قرف هنضة فكرية‪.‬‬
‫ٕنزؽ سياسي داخلي‬
‫‪ -‬يالحظ أف القرف الذم عاش فيو أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ىو قرف ّ‬
‫كأطماع خارجية للنيل من حدكد كعمق ا‪ٝ‬نالفة اإلسالمية‪ ،‬لكن كت التاريخ أيضا بيّنت أف‬
‫تلك الدكؿ ا‪ٞ‬ننشقة عن ا‪ٝ‬نالفة اإلسالمية َف تتأخر يف أحياف كثًنة عن الدفاع عن ا‪ٜ‬ندكد‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬توارث الباحثوف توصيفات ‪ٟ‬نذا القرف بأنو قرف معارؼ كانتاج علمي‪ ،‬دكف نكراف أنو قرف‬
‫التمزؽ السياسي كالرتدم االجتماعي‪ .‬يقوؿ ‪١‬نمد كرد علي‪" :‬يعد القرف الرابع عصر الكماؿ‬
‫ّ‬
‫كد ّكف ما تيسر‬
‫العلمي كاألديب يف اإلسالـ‪ ،‬استقرت فيو القواعد كتعينت ا‪ٞ‬نعاَف كا‪ٞ‬نناىج ُ‬
‫تدكينو يف اللغة كاألدب كالشريعة‪ ،‬كنقل ما اىتمت لو العرب من علوـ األكائل‪ ،‬كخف‬
‫الصراع بٌن ٘نلة الدين كرجاؿ ا‪ٜ‬نكمة كالعقل‪( ".‬علي‪)2012 ،‬‬
‫كيشرح ‪١‬نمد كرد علي أبعاد ظاىرة ٔنصصات بعض األ‪ٚ‬ناء يف علوـ متباينة فيقوؿ‪:‬‬
‫"يف ىذه ا‪ٞ‬نمالك اليت كانت تتخبط يف أقدارىا كٔنتلط أمورىا بأيدم أخيارىا كأشرارىا‪،‬‬
‫نشأت زمرة من العلماء كاأل دباء بقوة التسلسل ا‪ٞ‬ننبعثة من عمل ا‪ٞ‬نائة الثالثة كقد تضعف‬
‫السياسة يف أمة كتبقى قوهتا ا‪ٞ‬نفكرة سائرة سًنىا كعلومها آخذة بالنظاـ الذم كاف ‪ٟ‬نا‪...‬‬
‫ساعد على ىذه النهضة بعض أصحاب السلطاف من ىلالء ا‪ٞ‬نلوؾ ‪٣‬نن أرادكا أف يكوف يف‬
‫ٗنلتهم األجالء كالقضاة يستأثركف هبم دكف جًناهنم كيزينوف هبم ملكهم أك يستخدموهنم‬
‫ليعينوىم على قياـ أمرىم‪ ،‬أك ‪٫‬نتاركف طبقة من األدباء كالشعراء ينادموهنم ك‪٬‬ندحوهنم‬
‫كيعظموف مفاخرىم‪( .‬علي‪ ،2012 ،‬صفحة ‪)482‬‬
‫إُف جان الظاىرة السابقة رصد كرد علي كجو آخر من ا‪ٞ‬نشهد السياسي الفكرم‪:‬‬
‫اعتصم بعض العلماء كا‪ٜ‬نكماء بأىداب التقية خشية العامة كجهلة السالطٌن‪ ،‬كاعتزؿ‬
‫الفالسفة كأرباب العقوؿ الكبًنة يف ‪٠‬نالس على حيا‪ٟ‬نم‪( .‬علي‪ ،2012 ،‬صفحة ‪)483‬‬

‫‪653‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫أما أ٘ند أمٌن فيحاكؿ رسم معاَف خريطة ا‪ٜ‬نياة الثقافية يف القرف الرابع ا‪ٟ‬نجرم بداية‬
‫من سنة ‪324‬ق (‪935‬ـ) حيث يقوؿ‪" :‬كلئن عد ىذا ضعفا من الناحية السياسية‪ ،‬فإنو ال‬
‫يعد ضعفا من الناحية العلمية‪ ،‬فا‪ٞ‬نملكة اإلسالمية يف القرف الرابع ا‪ٟ‬نجرم كانت أعلى شأ نا‬
‫يف العلم من القركف اليت كانت قبلها‪( ".‬أمٌن‪ ،1946 ،‬صفحة ‪)94‬‬
‫كيرجع أ٘ند أمٌن أسباب ىذه الظاىرة إُف‪:‬‬
‫‪ .1‬أف اإلمارات اإلسالمية ا‪ٞ‬نختلفة كانت تتبارل يف ْنميل موطنها بالعلماء كاألدباء‪،‬‬
‫كتتفاخر هبم ىذا أكسبهم التحب إُف العلماء‪ ،‬كاإلغداؽ عليهم فأمراء القطر يعطوف عطاء خلفاء‬
‫بغداد ك‪٪‬نلوف عاصمتهم بالعلماء كاألدباء كيفاخركف أمراء األقطار األخرل يف الثركة العلمية‬
‫كاألدبية كما يتفاخركف بعظمة ا‪ٛ‬نند كعظمة ا‪ٞ‬نباين‪...‬‬
‫‪ .2‬أف انفصاؿ ىذه اإلمارات عن الدكلة العباسية جعلها مستقلة يف ما‪ٟ‬نا ال ترسلو إُف‬
‫دائما متأثر با‪ٞ‬ناؿ‪( .‬أمٌن‪ ،1946 ،‬صفحة ‪)95‬‬
‫بغداد؛ بل تغدقو على أىلها‪ ،‬كالعلم ن‬
‫التاريخ يرينا أ ف ا‪ٜ‬نالة العلمية ال تتبع ا‪ٜ‬نالة السياسية ضعفا كقوة فقد ٓنوؿ ا‪ٜ‬نالة‬
‫السياسية إُف حد ما كتزىر َنانبها ا‪ٜ‬نياة العلمية‪ ،‬ذلك ألف ا‪ٜ‬نياة السياسية إ‪٧‬نا ٓنسن‬
‫بتحقيق العدؿ كنشر الطمأنينة بٌن الناس‪ ،‬كمع ىذا فقد ‪٪‬نمل الظلم كثًنا من عظماء‬
‫الرجاؿ ذكم العقوؿ الراجحة أف يفركا من العمل السياسي إُف العمل العلمي ألهنم ‪٩‬ندكف‬
‫العمل السياسي يعرضهم ‪ٞ‬نصادرة أموا‪ٟ‬نم كأحيانا إُف إزىاؽ أركاحهم‪ ،‬على حٌن أف العمل‬
‫العلمي ‪٪‬نيطهم َنو خاص ىادئ مطمئن كلو كاف ا‪ٛ‬نو مضطربا‪ ،‬ككاف ا‪ٜ‬ناؿ كذلك يف‬
‫تاريخ كثًن من علماء ا‪ٞ‬نسلمٌن جربوا الوزارة ككالية األعماؿ فتعرضوا للخطر فهربوا إُف العلم‬
‫فنجحوا‪ .‬كما أنو كقر يف نفوس ا‪ٝ‬نلفاء كاألمراء حرمة العلماء مّت َف يتعرضوا للسياسة من‬
‫قري كال من بعيد‪( .‬أمٌن‪ ،1946 ،‬صفحة ‪)97 ،96 ،95 ،94‬‬
‫يبحث أ٘ند أمٌن عن تفسًن للتنوع ا‪ٞ‬نعريف كالعلمي يف القرف الرابع ا‪ٟ‬نجرم فيالحظ‬
‫تضافر العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬ىلالء الفرس كا‪ٟ‬ننود يتثقَّفوف الثقافة العربية‪ ،‬كينتجوف فيها‪.‬‬
‫حراف‪.‬‬
‫‪ .2‬كىلالء كثنيو َّ‬
‫‪654‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫‪ .3‬كالسوريانيوف يغرقوف البالد بالثقافة اليونانية‪.‬‬
‫كالشك أف ىذه البيئة السياسية كا‪ٜ‬نضارية انتجت تراثا قاـ عليو علماء عرفوا كيف‬
‫يستثمركف فيما كصل اليهم‪:‬‬
‫ا‪ٜ‬نالة العلمية يف أكاخر القرف الثالث كيف القرف الرابع كانت أنضج منها يف العصر‬
‫الذم قبلو أخذ علماء ىذا العصر ما نقلو ا‪ٞ‬نرتٗنوف قبلهم فشرحوه كىضموه كأخذكا‬
‫النظريات ا‪ٞ‬نبعثرة فرتبوىا ككرثوا ثركة من قبلهم من فركع العلم فاستغلوىا‪( .‬أمٌن‪،1946 ،‬‬
‫صفحة ‪)97‬‬
‫ا‪ٞ‬نستشرؽ آدـ ميتز درس ىذه الفرتة ك َف ‪٫‬نالف رأيو ما قالو الباحثاف ا‪ٞ‬نسلماف‪:‬‬
‫ك‪٣‬نا يضاؼ إُف ما تقدـ أف ما أٖنرتو القركف ا‪ٞ‬ناضية قد نضج يف ىذا القرف كٓنددت‬
‫معا‪ٞ‬نو كاستقرت فيو القواعد كاألصوؿ‪ ،‬كتعينت ا‪ٞ‬نعاَف كا‪ٞ‬نناىج كدكف ما تيسر تدكينو يف اللغة‬
‫كاألدب كالشريعة‪ ،‬كنقلت لو العرب من علوـ األكائل مثلما استقرت قواعد الطبيعيات‬
‫كالط كانتهى االنشاء الكالمي إُف أسلوب أصبح قاعدة كاتسع خياؿ الشعراء كتفرع‬
‫التاريخ كانبسط تقوًن البلداف كاتسعت أبواب النقد األديب‪( .‬ميتز ك ‪١‬نمد ‪ ،‬صفحة ‪)319‬‬
‫ىذه الشواىد تبٌن بعض معاَف السقف ا‪ٞ‬نعريف كا‪ٞ‬ننهجي يف باب العلوـ كالفكر عند‬
‫ا‪ٞ‬نسلمٌن يف ا‪ٜ‬نقبة اليت عاش فيها أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم كتفسًن أكِف لذلك أف أبا ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم تنفس ىذه األجواء من إقباؿ العلماء كتنافس بعض الساسة يف التباىي بالتطور‬
‫العلمي‪.‬‬
‫الدارس ا‪ٞ‬نتتبع لظاىرة فكرية ما‪ ،‬عليو أف يكتشف ما ‪٫‬نتفي ٓنت سطح ا‪ٞ‬نعلومات‪،‬‬
‫كلفهم أعمق لبعض آثار ارتباط السياسة بالفكر كاف توصيف الساسة بعبقريات فكرية‬
‫يوثقها ا‪ٞ‬نقربوف منهم كتنتشر عرب الزماف كا‪ٞ‬نكاف كمسلمات‪ :‬مثال شخصية ابن العميد‬
‫الذم كاف كزيرا لركن الدكلة بن بويو كابنيو مليد الدكلة كفخر الدكلة كالذم سًنتبط ا‪ٚ‬نو‬
‫بالكثًن من أ‪ٚ‬ناء عصره كأيب ا‪ٜ‬نسن العامرم مت اسباغ النعوت التالية عليو‪" :‬ابن العميد كاف‬
‫متوسعان يف علوـ الفلسفة كالنجوـ‪ ،‬كأما األدب كالرتسل فلم يقاربو فيو أحد يف زمانو‪ ،‬ككاف‬
‫يسمى ا‪ٛ‬ناحظ الثاين" أنظر‪( :‬أبو العباس ابن خلكاف‪ٓ ،‬نقيق إحساف عباس)‬
‫‪655‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫كعن نفس الشخصية جاء يف سًن أعالـ النبالء‪:‬‬


‫"كاف أبو الفضل ‪١‬نمد بن ا‪ٜ‬نسٌن شيعينا على مذى اإلمامية‪ ،‬استقر يف الذركة العليا من‬
‫كزارة ركن الدكلة كرياسة ا‪ٛ‬نبلوكاف تقلده ىذه الوزارة عاـ ‪328‬ىػ‪ ،‬كظل يتقلدىا إُف كفاتو‬
‫عاـ ‪360‬ىػ‪ .‬إنو أكت أىل عصره كأٗنعهم آلالت الكتابة حفظا للغة كالغري ‪ ،‬كتوسعا يف‬
‫النحو كالعركض‪ ،‬كاىتداء إُف االشتقاؽ كاالستعارات‪ ،‬كحفظنا للدكاكين من شعراء ا‪ٛ‬ناىلية‬
‫كاإلسالـ‪ ،‬فأما القرآف كحفظ مشكلو كمتشاهبو‪ ،‬كا‪ٞ‬نعرفة باختالؼ فقهاء األمصار‪ ،‬فكاف‬
‫منو يف أرفع درجة كأعلى رتبة‪( .‬مشس الدين الذىيب‪ٓ ،‬نقيق ‪٠‬نموعة بإشراؼ شعي‬
‫األرناؤكط‪ ،‬تقدًن بشار عواد‪)1985 ،‬‬
‫كيضيف توسعا‪ " :‬أما ا‪ٞ‬ننطق كعلوـ الفلسفة كاإل‪ٟ‬نيات منها خاصة‪ ،‬فما جسر أحد‬
‫قاصدا قصد التعلم‪( .‬مشس الدين‬
‫مستفيدا‪ ،‬أك ن‬
‫ن‬ ‫يف زمانو أف يدعيها ُنضرتو إال أف يكوف‬
‫األرناؤكط‪ ،‬تقدًن بشار عواد‪ ،1985 ،‬صفحة‬ ‫الذىيب‪ٓ ،‬نقيق ‪٠‬نموعة بإشراؼ شعي‬
‫‪)317‬‬
‫كجاء كصف ابن العميد بطريقة إكبارية أيضا يف كتاب يتيمة الدىر حيث ا‪ٜ‬نقت‬
‫بشخصيتو توصيفات ال ٔنرج عما أكرده سابقوه كغًنىم‪( .‬أبو منصور الثعاليب‪ٓ ،‬نقيق مفيد‬
‫‪١‬نمد قميحة‪)1983 ،‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم َف يكن غريبا عن ىذه األعراؼ فهو يهدم بعض كتبو لبعض‬
‫ا‪ٜ‬نكاـ بأسلوب فيو الكثًن من اإلجالؿ كىو يقوؿ يف مقدمة كتابو األمد على األبد تعدادا‬
‫‪ٞ‬نللفاتو باقة من‪ :‬الرسائل الوجيزة كأجوبة ا‪ٞ‬نسائل الدينية ا‪ٞ‬نتفرقة كشرح األصوؿ ا‪ٞ‬ننطقية‬
‫كتفاسًن ا‪ٞ‬نصنفات الطبيعية كما استت ِف تأليفها باسم األمراء كالرؤساء بالفارسية‪( .‬أبو‬
‫ا‪ٜ‬نسن النيسابورم‪ ،‬تصحيح كمقدمة أكرتك ركسن‪)1979 ،‬‬
‫ىذه ا‪ٞ‬نعطيات اليت رصدىا ا‪ٞ‬نلرخوف تقتضي التوقف عندىا حملاكلة معرفة من الذم‬
‫‪٪‬ندد ‪٠‬ناالت الفكر كالتأليف فيها كما ىو السقف احملدد كما عالقة كل ىذا بواقع اجملتمع‬
‫كمتطلبات ترقيتو كخدمتو فكريا كسياسيا كحضاريا؟‬

‫‪656‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫الكت التار‪٫‬ني االسالمية تنقل بعض ا‪ٞ‬نظاىر ا‪ٝ‬نطًنة اليت استشرت يف اجملتمع كأثرت‬
‫يف ىويتو منها االستقطاب الطبقي كاال‪٥‬نالؿ األخالقي كلكن دكف تعميم ‪٢‬نل با‪ٞ‬نوضوعية‬
‫كإف كاف صورة اجملتمع تأخذ ألواف الوضع الغال ‪ .‬يف بعض مللفات أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‬
‫نصائح أخالقية عامة ىي يف األساس مقوالت منقولة عن منظومات غًن إسالمية كلكن كما‬
‫ىو معلوـ الفطرة السليمة ىي القسمة العادلة بٌن البشر كالثقافات السابقة عن اإلسالـ َف‬
‫ٔنل من بقايا تعاليم نبوات سابقة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أستاذ أبي الحسن العامري‪ :‬أبو زيد البلخي‪355-535‬ه‪934-849/‬م)‪:‬‬
‫كل من كت عن أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم توقف عند تتلمذه على يد استاذه أيب زيد‬
‫البلخي فمن احملطات ا‪ٞ‬نهمة يف حياة أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم إقامتو لفرتة من الزمن يف مدينة بلخ‬
‫حيث التقى أبا زيد البلخي الذم بدكره كاف تلميذا للفيلسوؼ الكندم‪ ،‬كيعد البعض أبا‬
‫زيد البلخي ضمن ا‪ٞ‬نفكرين ا‪ٞ‬نوسوعيٌن يف التاريخ الفكرم اإلسالمي منذ بداية تتلمذه على‬
‫الكندم يف العراؽ كعمق معارفو بفضل ما كفرتو لو كظائفو حيث عمل كاتبا عند القائد‬
‫الساماين أ٘ند بن سهل ا‪ٞ‬نركزم يف بلخ مع ما يقتضيو ا‪ٞ‬ننص أصال من ملىالت كمعارؼ‪.‬‬
‫ينقل بعض ملرخي األفكار يف العاَف اإلسالمي بعض إنتاجو الذم تعدد من النشاط‬
‫السياسي إُف ا‪ٛ‬نغرافيا كالط كالتاريخ كالفلك كدراسة ا‪ٞ‬نعتقدات‪ ،‬فقد ذكر أبو حياف‬
‫التوحيدم أنو كاف يقاؿ لو جاحظ خراساف‪( .‬التوحيدم‪ ,‬أبو حياف‪ٓ ،‬نقيق كداد القاضي‪،‬‬
‫‪)1988‬‬
‫كما جاء يف الفهرست البن الندًن‪:‬‬
‫أبو زيد البلخي‪ :‬كا‪ٚ‬نو‪ :‬أ ٘ند بن سهل ككاف فاضال يف سائر العلوـ القد‪٬‬نة كا‪ٜ‬نديثة تال يف‬
‫تصنيفاتو كتأليفاتو طريقة الفالسفة إال أنو بأىل األدب أشبو كإليهم أقرب فلذلك رتبتو يف‬
‫ىذا ا‪ٞ‬نوضع من الكتاب‪( .‬ابن الندًن‪ٓ ،‬نقيق إبراىيم رمضاف‪)1997 ،‬‬
‫كيذكر ابن الندًن حادثة اهتاـ ايب زيد البلخي يف عقيدتو كنموذج لالستقطاب العقدم‬
‫بٌن النشيطٌن يف اجملاؿ الفكرم‪:‬‬

‫‪657‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫" كاف ا‪ٜ‬نسٌن بن علي ا‪ٞ‬نركركذم قرمطيا ككاف ا‪ٛ‬نيهاين ثنويا ككاف يرمي أبا زيد‬
‫باإل‪ٜ‬ناد فحكى عن البلخي أ نو قاؿ ىذا الرجل مظلوـ يعين أبا زيد كىو موحد انا اعرؼ بو‬
‫من غًنم كانا نشأنا معا كإ‪٧‬نا اتى من ا‪ٞ‬ننطق كقد قرأنا ا‪ٞ‬ننطق كما أ‪ٜ‬ندنا ُنمد اهلل‪( ".‬ابن‬
‫الندًن‪ٓ ،‬نقيق إبراىيم رمضاف‪ ،1997 ،‬صفحة ‪)170‬‬
‫‪٬‬نكن االستنتاج أف التهم اليت تالحق االستاذ قد تصل نًناهنا إُف التلميذ كىو فعال ما‬
‫‪٤‬نده من اهتامات اليب ا‪ٜ‬نسن العامرم يف بعض النقوؿ‪.‬‬
‫كيذكر ابن الندًن كتبا أليب زيد البلخي‪:‬‬
‫‪ .1‬كتاب شرائع األدياف‬
‫‪ .2‬كتاب أقساـ ا‪ٞ‬نعلوـ‬
‫‪ .3‬كتاب اختيارات السًن‬
‫‪ .4‬كتاب كماؿ الدين‬
‫‪ .5‬كتاب السياسة الكبًن‬
‫‪ .6‬كتاب السياسة الصغًن‬
‫‪ .7‬كتاب مصاٌف االبداف كاالنفس‬
‫‪ .8‬كتاب أ‪ٚ‬ناء اهلل عز كجل كصفاتو‬
‫‪ .9‬كتاب فضيلة علم االخبار‬
‫‪ .10‬كتاب يف حدكد الفلسفة‬
‫‪ .11‬كتاب ما يصح من أحكاـ النجوـ‬
‫‪ .12‬كتاب الرد على عبدة األصناـ‬
‫‪ .13‬كتاب يف إنشاء علوـ الفلسفة‬
‫‪ .14‬كتاب القرابٌن كالذبائح‬
‫‪ .15‬كتاب عصم األنبياء عليهم السالـ‬
‫‪ .16‬كتاب نظم القرآف‬
‫‪ .17‬كتاب قوارع القرآف‬

‫‪658‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫‪ .18‬كتاب العتاؾ كالنساؾ‪( .‬األندلسي‪1404 ،‬ق‪ ،‬الصفحات ‪ )171-170‬ىذه الباقة‬


‫من الكت كإف ضاع أغلبها ‪٬‬نكن أف تسمح ِنريطة موضوعاتية أكلية اعتمادا على‬
‫العناكين‪:‬‬
‫ىذه اجملموعة يتقاطع مع دراسة األدياف كىي‬ ‫‪٬‬نكن القوؿ أف ‪ % 27,77‬من كت‬
‫أرقاـ‪1:‬ك‪4‬ك‪12‬ك‪14‬ك‪.18‬‬
‫كما ينقل ابن الندًن شبهة تعدم على حقوؽ فكرية بٌن الرازم كالبلخي‪:‬‬
‫أبو بكر ‪١‬نمد بن زكريا الرازم من أىل الرم‪ ...‬كعمي يف آخر عمره ككاف يقوؿ أنو قرأ‬
‫الفلسفة على البلخي‪ .‬خرب فلسفة البلخي ىذا‪ :‬ىذا كاف من أىل بلخ يطوؼ البالد ك‪٩‬نوؿ‬
‫األرض حسن ا‪ٞ‬نعرفة بالفلسفة كالعلوـ القد‪٬‬نة كقد يقاؿ أف الرازم ادعى كتبو يف ذلك كرأيت‬
‫ِنطو شيئا كثًنا يف علوـ كثًنة مسودات كدساتًن َف ‪٫‬نرج منها إُف الناس كتاب تاـ كقيل أف‬
‫ِنراساف كتبو موجودة ككاف يف زماف الرازم‪( .‬ابن الندًن‪ٓ ،‬نقيق إبراىيم رمضاف‪،1997 ،‬‬
‫صفحة ‪)370‬‬
‫ىذه اإلشارة ىامة عندما نستحضر أف أبا بكر الرازم يلق بأيب الط العريب‪ ،‬درس‬
‫عند الطبي ا‪ٞ‬نسيحي ابن ربن الطربم الذم أسلم يف عمر متقدـ كألف كتابٌن أصبحا من‬
‫مرجعيات ا‪ٞ‬نسلمٌن يف الكتابة يف األدياف كالبشارات بالنيب ‪١‬نمد عليو الصالة كالسالـ يف‬
‫الكتاب ا‪ٞ‬نقدس‪ :‬الدين كالدكلة‪ ،‬إُف جان نقده للفرؽ ا‪ٞ‬نسيحية يف كتاب الرد على أصناؼ‬
‫النصارل‪.‬‬
‫رد الرازم على ا‪ٞ‬نعتزلة كخصوصا ا‪ٛ‬ناحظ كما اختلف مع أيب زيد البلخي كحامت‬
‫حوؿ عقيدتو الشكوؾ من خالؿ ردكد العلماء على بعض أفكاره كنقد ابن حزـ العتقاد‬
‫الرازم يف التناسخ كجعلو عبد الر٘ناف بدكم ضمن كتابو من تاريخ اال‪ٜ‬ناد يف اإلسالـ‬
‫موضحا انكار أيب بكر الرازم لضركرة النبوة‪.‬‬
‫ىذا ا‪ٞ‬نناخ من االجتهاد كمن التتبع بالنقد كاالهتاـ يف العقيدة سيجعل أبا ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم كغًنه حريصٌن على التاليف يف ا‪ٞ‬نناطق اآلمنة اليت ٓنظى ُنماية ا‪ٜ‬نكاـ كىو أصال‬
‫كغًنه يكتبوف لنخبة معينة ‪ٟ‬نا ‪١‬ناكر اىتماماهتا ا‪ٝ‬ناصة‪.‬‬
‫‪659‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫رابعا‪ :‬أبو الحسن العامري في كتابات المسلمين‪:‬‬


‫من ا‪ٞ‬نداخل ا‪ٞ‬ننهجية اليت تسمح باإلجابة عن بعض أسئلة اجملموعات الثالثة‪ :‬صدل‬
‫كتابات أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم عند معاصريو أك من الالحقٌن على كفاتو كمن األ‪ٚ‬ناء اليت‬
‫تدخل يف ىذا االْناه‪:‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪300:‬ق‪381-‬ق‪912/‬ـ‪991-‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو حياف التوحيدم‪301:‬ق‪414-‬ق‪922/‬ـ‪1023-‬ـ‬ ‫‪-‬‬
‫أ٘ند بن يعقوب مسكويو‪320:‬ق‪421-‬ق‪932/‬ـ‪1030-‬ـ‬ ‫‪-‬‬
‫أبو علي ا‪ٜ‬نسٌن ابن سينا‪370:‬ق‪427-‬ق‪980/‬ـ‪1037-‬ـ‬ ‫‪-‬‬
‫أبو الر‪٪‬ناف البًنكين ‪ 362‬ق _ق‪973 __440‬ـ_‪1048‬ـ‬ ‫‪-‬‬
‫أبو الفتح الشهرستاين‪479:‬ق‪548-‬ق‪1086/‬ـ‪1153-‬ـ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫على أف ما سيذكر لن ‪٬‬نثل إال الفكرة ا‪ٞ‬نركزية اليت طبعت مواقف ىلالء من ‪٠‬نمل فكر‬
‫أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪.‬‬
‫‪-1‬موقف أبي حيان التوحيدي من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬
‫يذكر أبو حياف التوحيدم أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم كىو معاصر لو باإلشارة إُف منص‬
‫كالده كحضوره ‪٠‬نالس األمًن نوح بن ساماف كاطالعو على الكتاب الذم أرسلو إُف أيب سعيد‬
‫السًنايف يف معاين ا‪ٜ‬نركؼ‪ ،‬كقد ربط أبو حياف التوحيدم بٌن قرب كالد أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‬
‫من السلطة كاعتداد العامرم بنفسو ّنا يوحي بشيء من العجرفة يف التعامل مع اآلخرين كما‬
‫يلكد صحة ذلك من خالؿ سهولة تواصل العامرم مع قائد جيش خراساف ككزير ِنارل‪ ،‬مع‬
‫اإلشارة إُف أف االسم الشائع أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم غًن مرتبط باسم أبيو رّنا لكثرة تنقالتو‬
‫كعدـ اتساع ا‪ٞ‬نعرفة بأبيو يف كل الواليات‪( .‬خليفات‪)1988 ،‬‬
‫يصف أبو حياف التوحيدم أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم بتوصيف الفيلسوؼ حيث يقوؿ‪:‬‬
‫"باإلضافة إُف العامرم الفيلسوؼ‪ ،‬كالنوشجاين‪ ،‬كأيب ا‪ٝ‬نًن اليهودم‪ ،‬كٗناعة من مشايخ‬
‫النصارل الذين كانوا متحرين بالفلسفة ك‪١‬نبٌن ألىلها‪ ،‬كأيب الوفاء ا‪ٞ‬نهندس ا‪ٞ‬نتوىف سنة‬
‫‪376‬ىػ"‪( .‬التوحيدم‪)1424 ،‬‬
‫‪660‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫كيصف أبو حياف التوحيدم أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم أيضا با‪ٜ‬نكيم‪:‬‬


‫متوجهٌن إُف دكيرتنا اليت غدكنا منها مستطرقٌن كالٌّن‪ ،‬فلقينا يف الطريق شيخا من‬
‫"كانقلبنا ّ‬
‫التصوؼ‪( .‬التوحيدم‪ ،1424 ،‬صفحة‬ ‫ا‪ٜ‬نكماء يقاؿ لو أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم كلو كتاب يف ّ‬
‫‪")134‬‬
‫كيذكر أبو حياف التوحيدم أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم ايضا كرحلتو اُف بغداد اليت شابتها‬
‫بعض الصدامات بٌن أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم كبعض علماء بغداد‪:‬‬
‫جاء يف ا‪ٞ‬نقابسات أليب حياف التوحيدم‪" :‬كلقد كرد بغداد سنة أربع كستٌن‬
‫كثالٖنائة يف صحبة ذم الكفايتٌن فلقى من أصحابنا البغداديٌن عنتان شديدان كمناكدة‪ ،‬كذلك‬
‫أف طباع أصحابنا معركفة با‪ٜ‬ندة كالتوقد على فاضل يرل من غًن بلدىم‪ ،‬كذلك كلو جال‬
‫للتنافس‪ ،‬مانع من التناصف" (أبو حياف التوحيدم‪ٓ ،‬نقيق كشرح حسن السدكدم‪،‬‬
‫‪)1992‬‬
‫يشًن أبو حياف التوحيدم اُف عالقة رفض أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم من أ٘ند مسكويو‬
‫ا‪ٞ‬نعاصر لو الذم كان ت لو عالقات حظوة مع عدة كزراء كحكاـ كتقلد بعض ا‪ٞ‬نهاـ يف بعض‬
‫الدكؿ كاألقاليم اليت زارىا ككاف يصنف فيلسوفا كملرخا كطبيبا كشاعرا كذلك ألسباب ‪٩‬نتهد‬
‫يف تفصيلها أبو حياف التوحيدم لكنو يركز خصوصا على مافات أ٘ند مسكويو من فوائد‬
‫بأحجامو عن االستفادة من أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم علما بأف مسكويو كاف ا‪ٞ‬نسلكؿ كالقيم على‬
‫ا‪ٞ‬نكتبة الضخمة اليت استفاد منها ابو ا‪ٜ‬نسن العامرم كابن سينا كغًن‪٨‬نا‪.‬‬
‫كعيي بٌن أبيناء‪ ،‬ألنّو‬
‫يقوؿ ابو حياف التوحيدم‪" :‬كأما مسكويو‪ ،‬ففقًن بٌن أغنياء‪ّ ،‬‬
‫شاد‪ ،‬كأنا أعطيتو يف ىذه األيّاـ (صفو الشرح إليساغوجي) كفاطيغورياس‪ ،‬من تصنيف‬
‫العامرم‪،‬‬
‫ّ‬ ‫م ‪ .‬قاؿ‪ :‬كمن ىو؟ قلت‪ :‬أبو القاسم الكات غالـ أيب ا‪ٜ‬نسن‬ ‫بالر ّ‬
‫صديقنا ّ‬
‫كصححو معي‪ ،‬كىو اآلف الئذ بابن ا‪ٝ‬نمار‪ ،‬كرّنا شاىد أبا سليماف كليس لو فراغ‪ ،‬كلكنو‬
‫ّ‬
‫‪١‬نس يف ىذا الوقت للحسرة اليت ‪ٜ‬نقتو فيما فاتو من قبل‪( .‬التوحيدم‪ ،1424 ،‬صفحة‬
‫ّ‬
‫‪")50‬‬

‫‪661‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫كما يستثمر أبو حياف التوحيدم بعض كتابات أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم الفلسفية مباشرة‬
‫كما جاء يف ا‪ٞ‬نقابسة التسعٌن‪:‬‬
‫"يف حكم فلسفية من كالـ أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم ىذه مقابسة تشتمل على كلمات شريفة من‬
‫كالـ أيب ا‪ٜ‬نسن ‪١‬نمد بن يوسف العامرم‪ ،‬علقت ك‪ٚ‬نعت أكثرىا منو‪ ،‬كىي اليت مرت يف‬
‫شرحو لكتابو ا‪ٞ‬نوسوـ "بالنسك العقلي "كيصلح أف يأيت عليها ىذا الكتاب فأتيت هبا على‬
‫كجهها قصدان لتكثًن الفائدة كأخذان َنماع ا‪ٜ‬نزـ‪.‬قاؿ‪ :‬أعرفو ال بالنفس بل بغياف النفس‪،‬‬
‫كأشبهو ال بالكماؿ بل بكماؿ ا‪ٛ‬نماؿ‪ ،‬كأطلبو ال لالٓناد لكن الستخالص االٓناد" (أبو‬
‫حياف التوحيدم‪ٓ ،‬نقيق كشرح حسن السدكدم‪ ،1992 ،‬صفحة ‪.)301‬‬
‫إُف جان اعرتاؼ التوحيدم بتفلسف ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم يعرتؼ لو باالنتصار يف‬
‫بعض ا‪ٞ‬نناظرات مع أتباع ا‪ٞ‬نعتقدات غًن االسالمية‪.‬‬
‫فأبو حياف التوحيدم ‪٩‬نعل أ با ا‪ٜ‬نسن العامرم معربه لفهم بعض معتقدات اجملوس من‬
‫خالؿ نقل مناظرة اليب حسن العامرم مع ‪٠‬نوسي‪.‬‬
‫جاء يف ا‪ٞ‬نقابسة العشرين‪:‬‬
‫"يف أف النظر يف حاؿ النفس بعد ا‪ٞ‬نوت مبين على الظن كالوىم قاؿ ماين اجملوسي ككاف ذا‬
‫حظ كافر من ا‪ٜ‬نكمة أليب ا‪ٜ‬نسن ‪١‬نمد بن يوسف العامرم ككاف من أعالـ عصره ‪:‬أيها‬
‫الشيخ‪ ،‬إين أجد النظر يف حاؿ النفس بعد ا‪ٞ‬نوت مبنيان على الظن كالتوىم‪ ،‬كذلك أف‬
‫اإلنساف كما يستحيل منو أف يعلم حالو قبل كونو ككجوده كذلك يستحيل منو أف يعلم‬
‫حالو بعد كونو‪ ،‬ألنو يصًن مشفى علمو كمستنبط مراده عدمان‪ ،‬كالعدـ ال يقتبس منو علم‬
‫شيء بوجو‪ ،‬كال يستفاد منو معرفة حاؿ‪ ،‬ال فيما يتعلق با‪ٜ‬نق‪ ،‬كال فيما يتعلق بالباطل؟ فقاؿ‬
‫يف ا‪ٛ‬نواب ‪:‬ليس النظر يف حاؿ النفس بعد ا‪ٞ‬نوت مبنيان على الظن كإف كاف شبيهان بو‪ ،‬كلن‬
‫‪٩‬ن أف يثبت القضاء يف ىذا ا‪ٞ‬نعىن بالظن للمشاهبة بينو كبٌن غًنه‪ ،‬ألف الفصل حاضر‪،‬‬
‫كالفرؽ ظاىر‪ ،‬كذلك أف اإلنساف َف ‪٩‬نهل‪( .‬أبو حياف التوحيدم‪ٓ ،‬نقيق كشرح حسن‬
‫السدكدم‪ ،1992 ،‬صفحة ‪)165‬‬

‫‪662‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫كاضح ‪٣‬نا سبق أف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم كاف حاضرا يف ا‪ٞ‬نشهد السياسي كالفكرم‬
‫لعصره كتفاعلو مع ما ‪٪‬نيط بو كمن ‪٪‬نيط بو يفتح مسارات ُنث حقيقية يف الربط بٌن ما‬
‫توفر لو من مكانة ك٘ناية لدل ا‪ٜ‬نكاـ كٕنكينو من ثركة الكت كا‪ٞ‬نراجع كبٌن ما كاف ‪٩‬نرم يف‬
‫عمق اجملتمع من ٓنوالت كتغيًنات كابتالءات على كل االصعدة كما أف تتبع مواقف‬
‫معاصريو منو يسمح برسم صورة تقريبية للمشهد الفكرم كالعلمي يف ا‪ٞ‬نناطق اليت مر هبا ابو‬
‫ا‪ٜ‬نسن العامرم‪.‬‬
‫‪-5‬موقف أبي علي مسكويه من فكر أبي الحسن العامري‪:‬‬
‫سبقت االشارة اُف توصيف مسكويو للوزير ابن العميد بسعة ا‪ٞ‬نعارؼ كيف الفقرات‬
‫التالية يشًن اُف تتلمذ ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم على ابن العميد‪ :‬كقد ذكر ذلك يف‪ٗ :‬نلة من‬
‫فضائل ايب الفضل ابن العميد كسًنتو حيث جاء‪:‬‬
‫فأما ا‪ٞ‬ننطق كعلوـ الفلسفة كاإل‪ٟ‬نيات منها خاصة فما جسر أحد ىف زمانو أف يدعيها ُنضرتو‬
‫ّ‬
‫ّإال أف يكوف مستفيدا أك قاصدا قصد التعلم دكف ا‪ٞ‬نذاكرة‪ .‬كقد رأيت ُنضرتو أبا ا‪ٜ‬نسن‬
‫تاـ كقد‬
‫العامرم ر٘نو اهلل‪ -‬ككاف كرد من خراساف كقصد بغداد كعاد كعنده أنّو فيلسوؼ ّ‬
‫فلما اطّلع على علوـ األستاذ الرئيس كعرؼ اتساعو‬
‫شرح كت أرسطو طاليس كشاخ فيها‪ّ .‬‬
‫فيها كتوقّد خاطره كحسن حفظو للمسطور برؾ بٌن يديو كاستأنف القراءة عليو‪ ،‬ككاف يع ّد‬
‫كدرسو‬
‫نفسو ىف منزلة من يصلح أف يتعلّم منو‪ ،‬فقرأ عليو ع ّدة كت مستغلقة ففتحها عليو ّ‬
‫ايّاىا‪.‬ككاف األستاذ الرئيس‪ -‬رضى اهلل عنو‪ -‬قليل الكالـ نزر ا‪ٜ‬نديث ّإال إذا سئل ككجد من‬
‫يفهم عنو فإنّو حينئذ ينشط فيسمع منو ما ال يوجد عند غًنه مع عبارة فصيحة كألفاظ‬
‫متخًنة كمعاف دقيقة ال يتحبس فيها كال يتلعثم‪( .‬أبو علي مسكويو‪ٓ ،‬نقيق سيد كسركم‬
‫حسن)‬
‫الشاىد السابق ‪٬‬نكن قراءتو من عدة زكايا‪ٕ :‬نلق حاكم كسعة اطالع حاكم كتأثًنه يف‬
‫مسار العلوـ كتتلمذ أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم عند حاكم عاَف لكن ا‪ٞ‬نلكد أف الشاىد ينقل صورة‬
‫حضور الفلسفة اليونانية كعلى تقليد الرحالت العلمية لتحصيل ا‪ٞ‬نعارؼ ككجود أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم ٓنت البعدين‪ :‬التحصيل كالرحلة‪.‬‬
‫‪663‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫‪-3‬موقف ابن سينا من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬


‫مدخل عالقة الفيلسوؼ أيب علي بن سينا بأيب ا‪ٜ‬نسن العامرم ‪٪‬نتاج إُف تدقيق‪ ،‬فقد‬
‫صنف أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم ضمن قائمة فالسفة اإلسالـ باالعتماد على مللفاتو كا‪ٞ‬نواضيع‬
‫الغالبة عليها‪ ،‬كلكن دقة كأصالة تأليفو يف الفلسفة لو ساحة أخرل يقوـ عليها ا‪ٞ‬نتخصصوف‬
‫يف الفلسفة ّندارسها‪.‬‬
‫أبو علي ا‪ٜ‬نسٌن ابن سينا البلخي موطن استاذ أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ :‬أيب زيد البلخي‪.‬‬
‫كاف ابن سينا طبيبا كفيلسوفا لقبو أتباعو بالشيخ الرئيس كأمًن االطباء‪.‬‬
‫ىناؾ من قاؿ أنو عاصر أبا ا‪ٜ‬نسن بن علي كىناؾ من رأل استحالة ذلك باالعتماد‬
‫على تواريخ ا‪ٞ‬نيالد كالوفاة‪.‬‬
‫مكتبة ِنارل بقصر السمنديٌن اليت أسسها السامانيوف كانت زاخرة با‪ٞ‬نراجع يف‬
‫‪٢‬نتلف أصناؼ العلوـ‪ ،‬كقد زارىا أبو علي ابن سينا بإذف من األمًن نوح بن منصور بعد أف‬
‫‪٤‬نح ابن سينا يف عالجو‪ ،‬فوصفها ابن سينا كصفا تفصيليا نقلتو بعض الكت ‪.‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم عاش فرتة يف ِنارل ككاف مع كالده مقربا من عائلة السامانيٌن‬
‫كبالتاِف مستفيدا من مكتبتهم قبل ابن سينا على األرجح كاعتمد على ما فيها يف تأليف‬
‫بعض انتاجو الفكرم‪.‬‬
‫تنقل بعض ا‪ٞ‬نراجع موقف ذـ فيو ابن سينا الفيلسوؼ أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم متهما إياه‬
‫بعدـ فهم عمق الفلسفة كخصوصا األفالطونية ا‪ٛ‬نديدة كموقفها من النفس‪ .‬ذكر ا‪ٞ‬نوقف ابن‬
‫أيب اصيبعة يف عيوف األنباء يف طبقات األطباء‪( .‬أبو العباس بن ايب اصيبعة‪ٓ ،‬نقيق نزار‬
‫رضا)‬
‫ذكر أبو العباس بن أيب اصيبعة أف أبا علي ابن سينا كأبا ا‪ٜ‬نسن العامرم كانت ‪ٟ‬نما‬
‫مراسالت‪" :‬كللشيخ الرئيس من الْكت كما كجدناه غًن ما ىو مثبت فيما تقدـ من كالـ‬
‫أيب عبيد ا‪ٛ‬نوزجاين‪ ...‬أجوبة لسلاالت سألو عنها أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم كىي أربع عشرة‬
‫مسألة‪( ".‬أبو العباس بن ايب اصيبعة‪ٓ ،‬نقيق نزار رضا‪ ،‬صفحة ‪)458 ،457‬‬

‫‪664‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫كمع عدـ دقة تواريخ ا‪ٞ‬نيالد كالوفاة يف الكثًن من سًن األقدمٌن‪ ،‬رجح بعض الباحثٌن‬
‫أف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم فعال عاصر أبا علي ابن سينا‪ ،‬كأف ىناؾ مراسالت بينهما كانت ٖنرهتا‬
‫كتاب األجوبة على سلاالت أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬كيرجح ىلالء أف ا‪ٞ‬نخطوط موجود ذكره‬
‫‪1‬‬
‫ٓنت عنواف اجملالس السبع بٌن الشيخ كالعامر‪ .‬كرابطو متوفر‪( .‬سينا)‬
‫اجتهد سحباف خليفات يف حل اشكاؿ مراسالت ابن سينا كالعامرم فيشرح‬
‫فرضيتو‪ :‬ذكرت ا‪ٞ‬نراسالت يف صفحة الغالؼ من ‪٢‬نطوط كتاب انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب‬
‫كالقدر كاالحتماؿ األقرب للمنطق ىو أف يكوف عنواف الكتاب‪ :‬أجوبة لسلاالت سأؿ عنها‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم ك‪٣‬نكن أف تكوف ىذه األسئلة ‪٣‬نا ذكره يف األمد على األبد أك يف مللفاتو‬
‫األخرل‪( ...‬خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)208‬‬
‫ك‪٬‬نكن تتبع جزئية ذـ ابن سينا أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم يف مللفات ايب علي ابن سينا‬
‫كبالتحديد يف كتاب النجاة البن سينا مع مالحظة ىامة اف الفقرة ا‪ٞ‬نعنية ملغاة من بعض‬
‫طبعات الكتاب رغم اشارة الكثًن من الباحثٌن اُف كجودىا كمت االعتماد على نسخة موقع‬
‫ا‪ٞ‬نصطفى لرصدىا كفيها ذـ اليب ا‪ٜ‬نسن العامرم ككصف بعدـ فهم الفلسفة‪:‬‬
‫يف كتاب النجاة يف ا‪ٞ‬ننطق فصل يف أف ا‪ٞ‬نعشوقات اليت ذكرنا ليست أجساما كال أنفس‬
‫أجساـ‪ :‬كلكن بقي علينا شيء كىو انو ‪٬‬نكن اف يتوىم ا‪ٞ‬نعشوقات ا‪ٞ‬نختلفة أجساما ال‬
‫عقوال مفارقة حّت يكوف مثال ا‪ٛ‬نسم الذم ىو اخس متشبها با‪ٛ‬نسم الذم ىو اقدـ كأشرؼ‬
‫كما ظنو أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم القدـ من أخبث ا‪ٞ‬نتفلسفة االسالمية يف تشويش الفلسفة اذ َف‬
‫‪2‬‬
‫يفهم غرض االقدمٌن‪.‬‬

‫رابط التحميل‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪https://ketabpedia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84/%D9%85%D8‬‬
‫‪%AE%D8%B7%D9%88%D8%B7%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%B3-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85/.‬‬

‫‪file:///C:/Users/mlk/Downloads/001140-www.al-mostafa.com.pdf 2‬ص‪156‬‬
‫‪665‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫كيف موقف مناقض يضع سحباف خليفات فرضية ‪٢‬نتلفة‪ :‬بٌن ذـ ابن سينا للعامرم‬
‫كاستفادة ابن سينا أف َف يكن نقل من مللفات العامرم إذ يقوؿ‪" :‬كعلى كل حاؿ فقد ذكر‬
‫ابن سينا العامرم يف كتابو النجاة يف معرض النقد كالذـ متهما إياه بعدـ فهم األفالطونية‬
‫احملدثة ككجهة نظرىا يف النفس‪( .‬خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)209‬‬
‫كيضيف‪" :‬ك‪٤‬ند إضافة إ ُف ما سبق نصوصا كثًنة يف كتابات ابن سينا ال ‪٬‬نلك ا‪ٞ‬نرء إال أف‬
‫يردىا إُف مللفات العامرم باعتبارىا األصل ا‪ٞ‬نرجح الذم صدرت عنو كندعو الباحثٌن إُف‬
‫تعمق ىذه ا‪ٞ‬نسألة كمقارنة النصوص بعناية‪( ".‬خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)201‬‬
‫‪٬‬نكن أيضا بعد االطالع على بعض انتقادات الباحثٌن لرتاث الفالسفة ا‪ٞ‬نسلمٌن من‬
‫ايراد فرضية أف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم كابن سينا أخذا من مصدر كاحد ىو كتابات الفالسفة‬
‫اليوناف ا‪ٞ‬نرتٗنة اُف اللغة العربية‪.‬‬
‫‪-4‬موقف ابي الفتح الشهرستاني من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬
‫مادة‬ ‫يعد كتاب ايب الفتح الشهرستاين عن ا‪ٞ‬نلل كالنحل فآنة منهجية يف ترتي‬
‫ا‪ٞ‬نعتقدات سواء اإلسالمية أك غًن اإلسالمية‪.‬‬
‫يف الفصل الرابع التابع لباب الفلسفة‪ :‬جاء عنواف فرعي‪ :‬ا‪ٞ‬نتأخركف من فالسفة‬
‫اإلسالـ‪ ،‬كيذكر أبو الفتح الشهرستاين عبارة مثل قبل ذكر األ‪ٚ‬ناء اليت جاءت كالتاِف‪:‬‬
‫يعقوب بن إسحاؽ الكندم‬ ‫‪.1‬‬
‫كحنٌن بن أسحاؽ‬ ‫‪.2‬‬
‫ك‪٪‬نٍن النحوم‬ ‫‪.3‬‬
‫كأيب الفرج ا‪ٞ‬نفسر‬ ‫‪.4‬‬
‫كأيب سليماف السجزم‪،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫كأيب سليماف ‪١‬نمد بن معشر ا‪ٞ‬نقدسي‬ ‫‪.6‬‬
‫كأيب بكر ثابت بن قرة ا‪ٜ‬نراين‬ ‫‪.7‬‬
‫كأيب ٕناـ يوسف بن ‪١‬نمد النيسابورم‬ ‫‪.8‬‬
‫كأيب زيد أ٘ند بن سهل البلخي‬ ‫‪.9‬‬

‫‪666‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫‪ .10‬كأيب ‪١‬نارب ا‪ٜ‬نسن بن سهل بن ‪١‬نارب القمي‬
‫‪ .11‬كأ٘ند بن الطي السرخسي‬
‫‪ .12‬كطلحة بن ‪١‬نمد النسفي‬
‫‪ .13‬كأيب حامد أ٘ند بن ‪١‬نمد اإلسفزارم‬
‫‪ .14‬كعيسى بن علي بن عيسى الوزير‬
‫‪ .15‬كأيب علي أ٘ند بن ‪١‬نمد بن مسكويو‬
‫‪ .16‬كأيب زكريا ‪٪‬نٍن بن عدم الصيمرم‬
‫‪ .17‬كأيب ا‪ٜ‬نسن ‪١‬نمد بن يوسف العامرم‬
‫‪ .18‬كأيب نصر ‪١‬نمد بن ‪١‬نمد بن طرخاف الفارايب‪.‬‬
‫‪ .19‬كغًنه‬
‫حس القائمة الرتتي ال عالقة لو بالتسلسل الزمين مثاؿ‪:‬‬
‫الفارايب كلد ‪260‬ق كتويف ‪339‬ق‬
‫العامرم كلد ‪300‬ق كتويف ‪381‬ق‬
‫إذف ‪٣‬نكن كضع فرضية أف الرتتي يا إما جاء عشوائيا حس ما أسعفت الذاكرة‬
‫الشهرستاين أك حس األ‪٨‬نية‪ ،‬كىذا يبدك مستعبدا ألف الفارايب من حيث مكانتو يف تاريخ‬
‫فالسفة اإلسالـ متفق عليها كىو يسبق الكثًن من األ‪ٚ‬ناء‪.‬‬
‫يقوؿ الشهرستاين‪" :‬كإ‪٧‬نا عالمة القوـ‪ :‬أبو علي ا‪ٜ‬نسٌن بن عبد اهلل بن سينا‪ .‬قد‬
‫سلكوا كلهم طريقة أرسطوطاليس يف ٗنيع ما ذى إليو كانفرد بو‪ ،‬سول كلمات يسًنة رّنا‬
‫رأكا فيها رأم أفالطوف كا‪ٞ‬نتقدمٌن‪ .‬ك‪ٞ‬نا كانت طريقة ابن سينا أدؽ عند ا‪ٛ‬نماعة‪ ،‬كنظره يف‬
‫ا‪ٜ‬نقائق أغوص؛ اخرتت نقل طريقتو من كتبو على إ‪٩‬ناز كاختصار‪ ،‬كأهنا عيوف كالمو‪ ،‬كمتوف‬
‫مرامو‪ .‬كأعرضت عن نقل طرؽ الباقٌن‪ ،‬ك"كل الصيد يف جوؼ الفرا‪( ".‬أبو الفتح‬
‫الشهرستاين‪ٓ ،‬نقيق عبد األمًن مهنا كعلي حسن فاعور‪)1993 ،‬‬

‫‪667‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫يلخص الشهرستاين خصائص ىلالء الفالسفة يف كوهنم يأخذكف افكارىم من أرسطو‬


‫كبنسبة أقل من أفالطوف كأف ابن سينا ىو رائد ىذه اجملموعة لذلك أفرد لو عرضا خاصا‬
‫ألفكاره‪ ،‬كا‪ٞ‬نثل الذم يورده يعين أف ابن سينا ينوب كحده مناب ٗناعة‪ ،‬كالشهرستاين يلكد‬
‫تبعية ىلالء الفالسفة ألرسطو‪.‬‬
‫‪-5‬موقف محمد أركون من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬
‫اىتم ‪١‬نمد اركوف ّنختلف مفاصل الفكر اإلسالمي ضمن رؤية ٓناكؿ ربط تلك‬
‫ا‪ٞ‬نفاصل بالفكر االنساين خصوصا السابق لإلسالـ‪ ،‬كقد اىتم ضمن رسالتو ك‪٢‬نتلف ُنوثو‬
‫بالفكر األخالقي يف اإلسالـ ‪١‬ناكال ا‪٩‬ناد آثار الفكر اليوناين كغًنه يف تفاصيلو كضمن ُنثو‬
‫عن األنسنة يف اإلسالـ قدـ استنتاجاتو‪:‬‬
‫"نذكر بعض أ‪ٚ‬ناء ا‪ٞ‬نفكرين الذين كرسوا اعماال ذات قيمة عالية للبحث يف مسألة السعادة‬
‫ك‪٦‬نص بالذكر الكندم كأبا بكر الرازم كالفارايب كأبا ا‪ٜ‬نسن العامرم كمسكويو كالغزاِف كابن‬
‫سينا كناصر الدين الطوسي‪ ...‬اٍف ‪ ،‬كينبغي أف نشًن أكال إُف أف القطيعة الفكرية كالثقافية يف‬
‫الفكر اإلسالمي بالذات كاليت تعمقت بسب التوسع يف استخداـ العقل ا‪ٜ‬نديث ا‪ٞ‬نهيمن‬
‫منذ القرف السادس عشر قد عملت عل إشاعة فكرة مفادىا أف ىذه األ‪ٚ‬ناء الكبًنة ال تكاد‬
‫توحي بشيء ذم باؿ اليوـ حّت لذل العرب كا‪ٞ‬نسلمٌن‪١( ".‬نمد أركوف‪ ،‬ترٗنة كتقدًن ‪١‬نمود‬
‫عزب‪ ،2012 ،‬صفحة ‪)72‬‬
‫يشًن ‪١‬نمد أركوف إُف أف األ‪ٚ‬ناء اليت يعدىا ملسسة لفكر أخالقي ‪١‬نوره البحث عن‬
‫السعادة قد مت استبعادىا من خريطة الفكر اإلسالمي الشرعي الذم أعطيت لو ا‪ٞ‬نصداقية‬
‫ٓنت كطأة مشرط أفقر الفكر اإلسالمي كمزؽ أكاصره ا‪ٞ‬نمتدة‪.‬‬
‫كيف ٔنصيصو مبحثا عن اشكالية رسم حدكد تعريف السعادة كالبحث عنها رأل‬
‫‪١‬نمد اركوف أف العامرم ٕنحورت رؤيتو للفلسفة حوؿ اللوغوس كا‪ٜ‬نقيقة الدينية كفصل يف‬
‫ذلك من خالؿ دراستٌن يلكد من خال‪ٟ‬نما سعي ا‪ٞ‬نفكرين ا‪ٞ‬نسلمٌن إُف التوفيق بٌن الفكر‬
‫اليوناين الوافد كا‪ٜ‬نقيقة الدينية االسالمية‪:‬‬

‫‪668‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫"أعطيت أمثلة كثًنة تظهر التفاعالت البناءة لكل من البحث الفلسفي عن السعادة كالبحث‬
‫الديين عن ا‪ٝ‬نالص كاحيل اُف دراستٌن‪١( .‬نمد أركوف‪ ،‬ترٗنة كتقدًن ‪١‬نمود عزب‪،2012 ،‬‬
‫صفحة ‪(Arkoun, 1972)(Mohammed Arkoun, 1995) )78‬‬
‫‪-6‬موقف عبد الرحمان بدوي من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬
‫اىتم عبد الر٘ناف بدكم بتبياف مدل استيعاب ا‪ٞ‬نسلمٌن للفلسفة اليونانية كمدل أمانة‬
‫الرتٗنات اليت اعتمدكا عليها يف قراءة تلك الفلسفة‪ ،‬مث اىتم أيضا بتحديد مستويات‬
‫اقتباسات ا‪ٞ‬نسلمٌن من الرتاث اليوناين ككنموذج لو عالقة بأيب ا‪ٜ‬نسن العامرم توقف عبد‬
‫الر٘ناف بدكم يف ٓنقيقو لكتاب األخالؽ ألرسطوطاليس عند عالقة كتاب ايب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم السعادة ك االسعاد يف السًنة االنسانية بكتاب أرسطو حيث يقوؿ‪:‬‬
‫"َف ينقل أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم عن الرتٗنة العربية اليت ننشرىا ىنا أك أنو تصرؼ فيها‪ ،‬غًن أف‬
‫الرتٗنة اليت أكردىا أقرب إُف حرفية النص اليوناين فهل ىذا راجع إُف أنو كانت توجد ترٗنتاف‬
‫لكتاب نيقوماخيا إُف العربية أـ يرجع إُف تصرؼ العامرم يف نص الرتٗنة الفرض األكؿ ىو‬
‫األصح ألف الرتٗنة اليت أكردىا العامرم أقرب إُف حرفية النص اليوناين مث أنو غًن معلوـ أف‬
‫العامرم كاف يعرؼ اليونانية أك السريانية كيف كتاب السعادة كاالسعاد نقوؿ كثًنة جدا عن‬
‫نيقوماخيا دكف ذكر اسم الكتاب كمن السهل ردىا اُف نظائرىا يف نيقوماخيا" (أرسطو‬
‫طاليس‪ٓ ،‬نقيق كشرح كتقدًن عبد الر٘نن بدكم‪ ،‬ترٗنة اسحاب ابن حنٌن‪ ،1979 ،‬صفحة‬
‫‪)26‬‬
‫لقد مت االطالع على الكتاب كمن الصع نسبتو إُف غًن باب النقوؿ من الفلسفة‬
‫اليونانية مع بعض ا‪ٛ‬نهد يف الشرح كالربط كلذلك تفسًنات عند بعض الباحثٌن منها اف‬
‫ىدؼ الكتاب كاف أقرب إُف القطوؼ كا‪ٞ‬نقتبسات ككاف العامرم قد كتبها يف بداية رحلتو‬
‫التأليفية‪.‬‬

‫‪669‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫‪-7‬موقف سحبان خليفات من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬


‫دراسة عالقة ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم بتلقي الفلسفة اليونانية كحّت غًنىا من ا‪ٞ‬نعارؼ لغة‬
‫كفهما كاستيعابا‪ ،‬تساعد الدارس على ترجيح تصنيفو يف قوائم علماء ا‪ٞ‬نسلمٌن ا‪ٞ‬نتخصصة‬
‫كما يفتح باب األسئلة كاسعا حوؿ أ صالة ما كتبو ٓنت ىذا التخصص من اجملتهدين يف‬
‫تتبع عالقة ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم بالفلسفة اليونانية سحباف خليفات الذم يرل‪:‬‬
‫أبرز ‪ٚ‬نات مللف السعادة كاالسعاد ثقافتو الفلسفية األفالطونية احملدثة كما أنو شرح‬
‫النصوص بالنصوص بأسلوب يكشف أنو كاف يوـ تأليفو يف بداية تكوينو الفلسفي فهو َف‬
‫يتخلص بعد من سيطرة النصوص علي‪( .‬خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)22‬‬
‫كيضيف سحباف خليفات أنو‪ :‬ال ينبغي أف يفهم حرصنا على تبٌن العناصر‬
‫األفالطونية يف كتاباتو على أنو رد ‪ٟ‬نا إُف األفالطونية كْنريد العامرم من االصالة كاالبداع‬
‫فمن ا‪ٞ‬نلكد يف نظرنا اف توظيف العامرم للمادة ا‪ٞ‬نقتبسة شأف معظم الفالسفة يف االسالـ‬
‫‪٫‬ندـ أغراضا إسالمية يف ا‪ٞ‬نقاـ األكؿ‪( .‬خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)131‬‬
‫يعيد سحباف خليفات النقاش إُف منطلقاتو حوؿ أصالة الفلسفة االسالمية كىذا‬
‫موضوع عدة ُنوث كرسائل منها‪ :‬دكتوراه للطالبة سامية جبارة عن أصالة الفلسفة اإلسالمية‬
‫يف االستشراؽ الفرنسي‪ :‬اشراؼ ‪:‬أد شافية صديق كلية العلوـ االسالمية ‪2022‬‬
‫‪-8‬موقف أحمد عبد الحليم عطية من فكر ابي الحسن العامري‪:‬‬
‫‪٪‬نلل أ٘ند عبد ا‪ٜ‬نليم عطية عالقة أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم بالفلسفة اليونانية حيث يقوؿ‪:‬‬
‫تتأكد أرسطية العامرم من بياف كتاباتو ا‪ٞ‬نختلفة اليت تعتمد على ا‪ٞ‬نعلم األكؿ مباشرة أك‬
‫تعرض ‪ٞ‬نسائل كردت يف كتابات أرسطو‪( .‬أ٘ند عبد ا‪ٜ‬نليم عطية‪ ،‬دراسة كٓنقيق‪،1991 ،‬‬
‫صفحة ‪)20‬‬
‫كبعد عرض آراء بعض ا‪ٞ‬نتخصصٌن يف الفلسفة اليونانية كاإلسالمية من باحثٌن‬
‫مسلمٌن كغًن مسلمٌن يستنتج أ٘ند عطية‪:‬‬

‫‪670‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫تتضح الصورة األفالطونية للعامرم من انتمائو ‪ٞ‬ندرسة الكندم الفلسفية كتتلمذه على‬
‫البلخي كمن ىنا كثرت اشاراتو إُف رجاؿ ا‪ٞ‬ندرسة األفالطونية يف اإلسالـ‪( .‬أ٘ند عبد ا‪ٜ‬نليم‬
‫عطية‪ ،‬دراسة كٓنقيق‪ ،1991 ،‬صفحة ‪)23‬‬
‫أ٘ند عطية توفرت لو اجتهادات سابقٌن حوؿ عدة اشكاالت أحاطت بإنتاج‬
‫الفالسفة ا‪ٞ‬نسلمٌن ّنختلف اْناىاهتم فاستطاع الوصوؿ إُف النتائج اليت تعضدىا الشواىد‬
‫ا‪ٞ‬نذكورة يف كتابو‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬مؤلفات أبي الحسن العامري‪:‬‬
‫الرتاث اإلسالمي مازاؿ َف ‪٪‬نقق يف ‪٠‬نملو كحّت ما حقق تشوب بعضو شكوؾ يف‬
‫النسخ كالطبعات ا‪ٞ‬نتداكلة كا‪ٞ‬نتوفرة يف ا‪ٞ‬نكتبات ا‪ٜ‬نقيقية كيف ا‪ٞ‬نكتبات االفرتاضية لذلك ‪٤‬ند‬
‫مناقشات منهجية عميقة بٌن ا‪ٞ‬نتخصصٌن يف تأكيد أصالة ‪٢‬نطوط ما كصحة نسبتو إُف‬
‫شخصية بذاهتا كسيبقى ىذا ا‪ٜ‬نرص ملشرا على حيوية البحث كعلى السعي ا‪ٜ‬نثيث للوصوؿ‬
‫إُف ما ىو أقرب للحقيقة العلمية‪.‬‬
‫حاكؿ أ٘ند غراب التنبيو اُف ما ‪٪‬نيط بكت أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪:‬‬
‫بالرغم من اف معظم ىذه ا‪ٞ‬نللفات َف تصل الينا كاف معظم ما كصل الينا منها مازاؿ يف‬
‫صورة ‪٢‬نطوطات كبالرجوع اليها كِناصة االعالـ ‪٬‬نكن القوؿ اهنا تعاًف موضوعات فكرية‬
‫كعلمية من كجهة نظر إسالمية‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة‬
‫‪)13‬‬
‫تبدك مالحظة أ٘ند غراب بسيطة لكنها رّنا تريد تأكيد أصالة فكر أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم كبانو ينتمي اُف الدائرة االسالمية كليس الفكر اليوناين الذم اهتم بو ا‪ٞ‬نشتغلوف‬
‫بالفلسفة سواء من بعض علماء االسالـ أك من ا‪ٞ‬نستشرقٌن‪ .‬كرّنا ‪ٟ‬نذا ايضا عالقة باهتامات‬
‫أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم ‪ٟ‬نا عالقة باشتغالو بالتنجيم‪:‬‬
‫يالحظ من خالؿ تتبع بعض الكتابات أف‪:‬‬

‫‪671‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم قد اشتهر بقولو بأحكاـ النجوـ كتأثًن عاَف األفالؾ يف العاَف السفلي‬
‫حّت أ طلق عليو الصاح بن عباد لق ا‪ٜ‬نراين كما عرؼ بأنو من شراح منطق أرسطو‬
‫كاشنهر عيسى بن علي ؼ ا‪ٞ‬نقابل برسالتو يف إبطاؿ أحكاـ النجوـ اليت سفو هبا آراؤه َف‬
‫‪٤‬ندىا تنطبق على غًن ما كتبو العامرم فاذا كاف السجستاين كصحبو ‪٣‬نن يسلموف‬
‫باألفالطونية احملدثة كتأ ثًن االفالؾ كالعامرم فمن ا‪ٞ‬نلكد انو َف يتبق فيلسوؼ غًن عيسى بن‬
‫علي ليتصدل لدعول العامرم السابقة كيف كت الرتاجم اف عيسى قد ناظر يف علم ا‪ٞ‬ننطق‬
‫كحق كسئل فيو فأجاب أ جوبة سادة َف ‪٫‬نرج فيها عن طريق القوـ كبالتاِف نرجح اف يكوف‬
‫عيسى بن علي قد ناظر العامرم يف علم احكاـ النجوـ ك رّنا يف مسائل من منطق أرسطو‬
‫(خليفات‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)85 ،84‬‬
‫كيف ‪١‬ناكلة تفسًن تبين ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم ‪ٟ‬نذا االعتقاد ا‪ٞ‬نخالف للعقيدة االسالمية‬
‫يرل سحباف خليفات‪:‬‬
‫أما قولو بتأثًن االفالؾ كاألجراـ السماكية يف األكواف الطبيعية كمنها بدف االنساف‬
‫فراجع إُف اعتناقو ا‪ٞ‬نذى األفالطوين احملدث الذم أذاع القوؿ بأحكاـ النجوـ يف البيئة‬
‫اإلسالمية على يد طائفة من علماء الفلك كالفالسفة‪ ...‬من القرنٌن الثالث كالرابع‬
‫ا‪ٟ‬نجريٌن‪ ...‬سادت يف ذلك العصر الذم هتيأت أجواؤه بفعل عوامل شّت لقبوؿ ا‪ٞ‬نعارؼ‬
‫الالعقالنية سواء أكانت أفلوطينية ‪١‬ندثة اك صوفية متطرفة أك سيعية مغالية‪( .‬خليفات‪،‬‬
‫‪ ،1988‬صفحة ‪)137‬‬
‫كضع سحباف خليفات التشخيص ا‪ٜ‬نيادم لظاىرة تربك دارس أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‬
‫باعتباره عا‪ٞ‬نا نافح على مناق االسالـ يف ‪٢‬نتلف مللفاتو‪.‬‬
‫حاكؿ بعض الدارسٌن حصر مللفات ايب حسن العامرم فرجح البعض أف‪:‬‬
‫آخر ما كت ابو ا‪ٜ‬نسن العامرم ىو األمد على األبد كيرل أ٘ند غراب أف أبا ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم كت مقدمة لكتابو األمد على األبد ذكر فيها مللفاتو السابقة كقد انتهى من كتاب‬
‫األمد سنة ‪375‬ق أم قبل كفاتو بنحو ست سنوات‪(.‬غراب‪)1988 ،‬‬

‫‪672‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫يعتمد أ٘ند غراب على ما ىو موجود يف هناية ‪٢‬نطوط الكتاب ألف ما ىو متوفر من‬
‫طبعات للكتاب ال توجد فيها سنة التأليف ‪.‬‬
‫أما ما ىو متوفر من طبعة للكتاب ‪١‬نققة فقد جاء يف مقدمتها على لساف أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم‪ٞ :‬نا كفقين اهلل لتصنيف الكت ا‪ٞ‬نفتنة يف ايضاح ا‪ٞ‬نعاين العقلية قصدا ‪ٞ‬نعونة ذكم‬
‫االلباب على تقرير ا‪ٞ‬نعاَف النظرية كيسر ِف التأليف‪( .‬أبو ا‪ٜ‬نسن النيسابورم‪ ،‬تصحيح‬
‫كمقدمة أكرتك ركسن‪ ،1979 ،‬صفحة ‪)56 ،55‬‬
‫بعد ىذه ا‪ٞ‬نقدمة يعدد أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪:‬‬
‫‪ .1‬اإلبانة‬
‫‪ .2‬االعالـ ّنناق اإلسالـ‬
‫‪ .3‬اإلرشاد لتصحيح االعتقاد‬
‫‪ .4‬النسك العقلي كالتصوؼ ا‪ٞ‬نلي‬
‫‪ .5‬االٕناـ يف فضائل االناـ‬
‫‪ .6‬التقرير ال كجو التقدير‬
‫‪ .7‬انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب كالقدر‬
‫‪ .8‬الفصوؿ الربىانية كيف ا‪ٞ‬نباحث النفسانية‬
‫‪ .9‬فصوؿ التأدي كفصوؿ التحبي‬
‫‪ .10‬االبشار كاالشجار‬
‫‪ .11‬االفصاح ك االيضاح‬
‫‪ .12‬العناية كالدراية‬
‫‪ .13‬االُناث عن االحداث‬
‫‪ .14‬استفتاح النظر‬
‫‪ .15‬االبصار كا‪ٞ‬نبصر‬
‫‪ٓ .16‬نصيل السالمة عن ا‪ٜ‬نصر كاالسر‬
‫‪ .17‬التبصًن الكجو التعبًن‬

‫‪673‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫ىذا ىو ا‪ٞ‬نذكور يف مقدمة األمد مث يضيف‪:‬‬


‫كغًنىا من الرسائل الوجيزة كأجوبة ا‪ٞ‬نسائل الدينية ا‪ٞ‬نتفرقة كشرح األصوؿ ا‪ٞ‬ننطقية كتفاسًن‬
‫ا‪ٞ‬نصنفات الطبيعية كما استت ِف تأليفها باسم االمراء كالرؤساء بالفارسية‪( .‬أبو ا‪ٜ‬نسن‬
‫النيسابورم‪ ،‬تصحيح كمقدمة أكرتك ركسن‪ ،1979 ،‬صفحة ‪)57‬‬
‫سحباف خليفات ‪٪‬نصي مللفات أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم اليت ذكرىا ايضا أبو ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم يف ثنايا الكت كالرسائل فيضيف‪:‬‬
‫‪ .1‬شرح كتاب الربىاف ألرسطو طاليس ذكره العامرم يف رسالتو االبصار كا‪ٞ‬نبصر‬
‫‪ .2‬شرح كتاب ا‪ٞ‬نقوالت‬
‫‪ .3‬الفصوؿ يف ا‪ٞ‬نعاَف اال‪ٟ‬نية‬
‫‪ .4‬النسك العقلي كالتصوؼ ا‪ٞ‬نلي قاؿ ‪٠‬ننيب مينوم رّنا يكوف ىذا الكتاب ىو عٌن كتاب‬
‫العامرم يف التصوؼ كا‪ٞ‬نتصوفة أك كتابو يف ا‪ٜ‬نكمة‬
‫‪ .5‬شرح كتاب النسك العقلي‪.‬‬
‫‪ .6‬منهاج الدين‪ :‬شك يف نسبتو للعامرم‬
‫‪ .7‬كتاب يف ا‪ٜ‬نكمة نسبو ‪٠‬ننيب مينوم إُف العامرم على كجو الظن‬
‫‪ .8‬السعادة ك االسعاد عدـ قياـ الباحثٌن باثبات نسبتبو إُف العامرم‪( .‬خليفات‪،1988 ،‬‬
‫صفحة ‪)101،102‬‬
‫عناكين ا‪ٞ‬نللفات ال تساعد على تصنيفها من حيث االنتماء إُف علم متخصص بعينو‬
‫كإف كاف كاضحا أف ا‪ٝ‬نلفية الفلسفية ىي الغالبة‪.‬‬
‫‪٩‬نتهد أ٘ند غراب يف تصنيف كت ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كرّنا اعتمد على ا‪ٞ‬نخطوطات‬
‫غًن ا‪ٞ‬ننشورة ايضا فيقسمها إُف‪:‬‬
‫أ‪.‬في العقيدة ومقارنة األديان‪:‬‬
‫‪ .1‬كتاب االعالـ‬
‫‪ .2‬األمد على األبد‪ :‬دراسة مقارنة لعقيدة البعث كا‪ٞ‬نعاد كخاصة بٌن اإلسالـ كالفلسفة‬
‫اليونانية‪.‬‬

‫‪674‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫‪ .3‬الفصوؿ يف ا‪ٞ‬نعاَف اال‪ٟ‬نية‪َ :‬ف يذكره العامرم يف مقدمة األمد كىو ‪٢‬نطوط موجود يف‬
‫السليمانية اسطنبوؿ‬
‫‪ .4‬التقرير ألكجو التقدير‪ :‬ا‪ٜ‬نكمة اإل‪ٟ‬نية يف خلق الكوف‬
‫‪ .5‬انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب كالقدر‬
‫ب‪.‬في العقيدة ومقارنة األديان ولم تصل‪:‬‬
‫‪ .1‬االرشاد لتصحيح االعتقاد‪ :‬شركط تفسًن القرآف الكرًن مع دراسة مقارنة لعقيدة البعث‬
‫كا‪ٞ‬نعاد عند اجملوس كا‪ٞ‬نانوية كاليهود كالنصارل‪.‬‬
‫‪ .2‬كتاب العناية كالدراية‪ :‬من موضوعات الكتاب‪ :‬عقيدة التوحيد كنقد آراء ارسطو يف اهلل‬
‫ك اليوـ اآلخر‪.‬‬
‫‪ .3‬كتاب االبانة يف علل الدياف‪ :‬مقارنة الشريعة االسالمية بغًنىا من شرائع االدياف االخرل‬
‫خصوصا ا‪ٞ‬نعامالت كا‪ٜ‬ندكد‬
‫في مواضيع أخرى‪:‬‬
‫‪ .1‬لو مللفات قليلة يف التصوؼ كا‪ٞ‬ننطق كالطبيعيات َف تصل‬
‫‪ .2‬لو يف البصريات كتاب االبصار كا‪ٞ‬نبصر ‪٢‬نطوط بدار الكت ا‪ٞ‬نصرية‬
‫ج‪.‬كتاب منحول‪:‬‬
‫أما كتاب السعادة كاالسعاد يف األخالؽ كالسياسة‪ :‬فالباحث يرجح بعد دراستو‬
‫للكتاب‪ :‬أف ىذه النسبة غًن صحيحة كأف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم َف يللف كتابا هبذا العنواف‪،‬‬
‫كيف ىامش ص‪ 15‬يقوؿ‪٢ :‬نطوط كحيد ّنكتبة ‪ Chester Beatty‬يف دبلن كقد نشر األستاذ‬
‫‪٠‬نتيب مينوم صورة منسوخة من ا‪ٞ‬نخطوط بدكف ٓنقيق مع مقدمة باال‪٤‬نليزية‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)12،13،14‬‬
‫ىناؾ مسألة كضعها الباحثوف على ‪١‬نك التمحيص ىي صحة نسبة كتاب السعادة كاالسعاد‬
‫أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم فهناؾ فريق أكد النسبة كفريق آخر نفى ذلك كلكل فريق أدلتو ‪.‬‬
‫سحباف خليفات يلكد نسبة الكتاب رسائل أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪( .‬خليفات‪،‬‬
‫‪ ،1988‬صفحة ‪)124‬‬

‫‪675‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫سادسا‪ :‬أسباب التأليف‪:‬‬


‫تقدًن مللفات ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كبعض أصداء كتاباتو لن يسمح بالقطع يف تصنيفو‬
‫يف قوائم العلماء ا‪ٞ‬نتخصصة حس ا‪ٞ‬نعارؼ كرغم االعرتاؼ اف ظاىرة ا‪ٞ‬نوسوعية أك التأليف‬
‫يف أكثر من حقل معريف عائق أ ماـ ذلك التصنيف اال أف ا‪ٞ‬نشرط ا‪ٞ‬ننهجي يسمح بالبحث‬
‫عميقا على التخصص الغال عن طريق عدة ملشرات منها‪ :‬ترتي ا‪ٞ‬نللفات حس ا‪ٜ‬نقل‬
‫ا‪ٞ‬نعريف أك عمق كتفرد الكتابة يف حقل معريف بعينو كرغم ذلك ‪٬‬نكن االجتهاد من خالؿ‬
‫كضع معاَف مساعدة‪:‬‬
‫‪-1‬تنوع تصانيفو قد ‪٩‬نعلو يف قائمة العلماء ا‪ٞ‬نوسوعيٌن مع ضركرة البحث عن آراء ا‪ٞ‬نتخصصٌن يف‬
‫كل تأليف اليب ا‪ٜ‬نسن العامرم يف ٔنصصاهتم‪.‬‬
‫‪-2‬عالقتو بأيب زيد البلخي(‪235‬ق‪322-‬ق‪849/‬ـ‪94-‬ـ) كالكندم (‪185‬ق‪-‬‬
‫‪256‬ق‪801/‬ـ‪873-‬ـ)بواسطة البلخي يقربو من الفالسفة ‪.‬‬
‫‪-3‬ذكده عقليا عن معتقدات ا‪ٞ‬نسلمٌن كعقيدة البعث ك ا‪ٛ‬نزاء كما فصل ذلك يف كتابو األمد على‬
‫البدأ كعقيدة القضاء كالقدر يف كتابو‪ :‬انقاذ البشر من ا‪ٛ‬نرب كالقدر‪.‬‬
‫‪ -4‬بالرتكيز على بعض الفقرات من كتابو االعالـ ّنناق اإلسالـ ‪٬‬نكن القوؿ أهنا تقربو من‬
‫حقل مقارنة األدياف كما ‪٬‬نكن افرتاض أف بعض عناكين كت أخرل مشلت ‪١‬نتوياهتا على مباحث‬
‫مقارنة بٌن األدياف ككتاب القضاء كالقدر‪.‬‬
‫إ ف ذكر أسباب التأليف من ا‪ٞ‬نللف يسمح بوضع معاَف أقرب للوضوح النتاجو‬
‫الفكرم دكف اف يعين ذلك عدـ التدقيق يف مدل التزامو ِندمة تلك االسباب كّندل توافق‬
‫منهج تأليفو مع نفس األسباب كقبل ذلك يسمح ذكر أسباب التأليف بتحليل مسار‬
‫تصنيفو بٌن نية ا‪ٞ‬نللف ك‪٢‬نرجات عملو‪ :‬من النماذج‪.‬‬
‫‪-1‬يف كتابو األمد على األبد يذكر ابو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪:‬‬
‫مث علمت أف معرفة االنساف ُنالو بعد موتو كعقي مفارقة ركحو ‪ٛ‬نسده اُف اف ‪٪‬نشر‬
‫يف القيامة كيبعث يف النشأة األخرة يعد ‪٣‬نا ال يعذر العاقل يف جهلو‪ ...‬كليس يوجد لطبقات‬
‫ا‪ٞ‬نصنفٌن كتاب يتضمن ٓنقيق ىذا الفن كقد كثرت فيو شبهات ا‪ٞ‬نلحدين كاعرتاضات‬
‫‪676‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫الطبيعيٌن كشكوؾ ا‪ٞ‬نتكلمٌن كمطاعن اعداء الدين‪ ...‬استخرت اهلل تعاُف يف تصنيف ‪٠‬نرد‬
‫لنعتو مليد باالدلة الواضحة الصادقة عليو‪( .‬أبو ا‪ٜ‬نسن النيسابورم‪ ،‬تصحيح كمقدمة أكرتك‬
‫ركسن‪ ،1979 ،‬صفحة ‪)57‬‬
‫يالحظ أف ابا ا‪ٜ‬نسن العامرم رصد مشكلة دينية معرفية خطًنة َف ير من الف فيها‬
‫فتصدل لألمر كيتعلق األمر با‪ٜ‬نياة بعد ا‪ٞ‬نوت‪.‬‬
‫‪-2‬أما يف كتابو‪ :‬االعالـ ّنناق االسالـ فهو يقوؿ‪... :‬مرتبة ا‪ٜ‬نكم كاف كانت يف هناية‬
‫الرفعة ك‪١‬نلها من بٌن ا‪ٞ‬نعارؼ على غاية ا‪ٞ‬نعلوة فاف طبقات العواـ قد اعرضوا عنها ككرىوا‬
‫االصغاء اليها الهنا منعت عنهم بل أف عقو‪ٟ‬نم باإلضافة اليها نزلت منزلة األعٌن الرمدة‬
‫باالضافة اُف نور الشمس‪ ...‬كجدت الشيخ الفاضل أبا نصر ‪.‬‬
‫بلغو اهلل من احملامد غاية االمنية مرزكقا من اهلل بصدؽ احملبة ‪ٟ‬نا‪ ...‬كصادفتو من‬
‫رجحاف عقلو ككماؿ يقظتو ليس يرضى لنفسو يف شيء من االصوؿ االعتقادية بدرجة‬
‫ا‪ٞ‬نقلدين لكن ‪٩‬نهد يف اف يفوزمنها برتبة ا‪ٞ‬نستبصرين‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند‬
‫غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)69‬‬
‫كيضيف أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ... :‬مث كانت نعم اهلل بسببو عندم متظاىرة كأياديو‬
‫لدم متتابعة ٓنريت شكره بتصنيف كتاب بلسمو مشتمل على جكا ما اختص بو اإلسالـ‬
‫من ا‪ٞ‬نناق العلية ليعلم الناظر فيو انو با‪ٜ‬نرم اف يكوف ناسخا لألدياف كلها كأف يكوف ثباتو‬
‫أبديا ال يرد النسخ عليو ك‪ٚ‬نيت األعالـ ّنناق اإلسالـ‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند‬
‫غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)70،71‬‬
‫‪-3‬كقد أشار أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم يف ما اعترب آخر مللفاتو‪ :‬األمد على األبد اُف أنو‪:‬‬
‫‪ٞ‬نا كفقين اهلل لتصنيف الكت ا‪ٞ‬نفتنة يف ايضاح ا‪ٞ‬نعاين العقلية قصدا ‪ٞ‬نعونة ذكم االلباب‬
‫على تقرير ا‪ٞ‬نعاَف النظرية كيسر ِف التأليف ‪ ....‬مث يعدد كتبو‪( .‬أبو ا‪ٜ‬نسن النيسابورم‪،‬‬
‫تصحيح كمقدمة أكرتك ركسن‪ ،1979 ،‬صفحة ‪)56 ،55‬‬

‫‪677‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫‪-4‬كيف فقرتو ا‪ٝ‬ناصة ّنللفات أخرل ‪:‬‬


‫من الرسائل الوجيزة كأجوبة ا‪ٞ‬نسائل الدينية ا‪ٞ‬نتفرقة كشرح األصوؿ ا‪ٞ‬ننطقية كتفاسًن‬
‫ا‪ٞ‬نصنفات الطبيعية كما استت ِف تأليفها باسم األمراء كالرؤساء بالفارسية‪( .‬أبو ا‪ٜ‬نسن‬
‫النيسابورم‪ ،‬تصحيح كمقدمة أكرتك ركسن‪ ،1979 ،‬صفحة ‪)55،56‬‬
‫ىل الػتأليف باسم األمراء ىو تكليف منهم أك ىو ‪٠‬نرد اجتهاد منو إلرضاء ما يعرؼ‬
‫من شغف بعضهم بعلوـ بعينها ؟يف كل ا‪ٜ‬ناالت السلاؿ الذم يفرض نفسو على ا‪ٞ‬ندققٌن‬
‫ىو مدل ارتباط تلك ا‪ٞ‬نللفات ُناجة اجملتمع ا‪ٞ‬نعرفية كا‪ٞ‬ننهجية كا‪ٞ‬نتعلقة بكل الشلكف ا‪ٝ‬ناصة‬
‫بالسياسة كاالجتماع كاألخالؽ كغًنىا من مفاصل حياة الشعوب كاألمم‪.‬‬
‫‪-5‬كتاب السعادة يقرتب من ٗنع مقوالت لفالسفة على رأسهم أرسطو كأفالطوف‪ :‬ىل‬
‫ا‪ٛ‬نمع كالرتتي للمقوالت ‪٩‬نعل ا‪ٛ‬نامع كا‪ٞ‬نرت من نفس مصاؼ أصحاب ا‪ٞ‬نقوالت؟ (أبو‬
‫ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬تقدًن كتصحيح حسٌن قدمي‪)1398 ،‬‬
‫اذا اعتربنا أف أىم أسباب التأليف ىي اضافة مقدار من ا‪ٞ‬نعرفة أك ا‪ٜ‬نكمة أك حّت‬
‫ا‪ٞ‬نتعة الفكرية ‪٩‬ن اف نبحث عن تعريف العامرم للعلم‪ ،‬فهو يعرؼ العلم‪:‬‬
‫"أما العلم فهو االحاطة بالشيء على ما ىو عليو من غًن خطأ كال زلل ك ىو ينقسم اُف‬
‫ا‪ٞ‬نلي كا‪ٜ‬نكمي"‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)80‬‬
‫كيضع أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم دكرا مركزيا للعقل‪ :‬دكر العقل االنساين أف يعرؼ ا‪ٜ‬نق‬
‫كيعمل ّنا يوافق ا‪ٜ‬نق‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)73‬‬
‫كيضيف‪ :‬أكمل الناس أغزرىم عرفانا للحق كأقدرىم على العمل ّنا يوافق ا‪ٜ‬نق‪( .‬أيب‬
‫ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)73‬‬
‫‪٬‬نكن مالحظة عموميات اسباب التأليف عند ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كإف كاف َف يشذ‬
‫على ما كاف يكت يف عصره كما أف ما يكتبو كصدل لكتابات الفالسفة اليوناف يضع‬
‫الباحث ا‪ٞ‬ندقق على ‪١‬نك ا‪ٞ‬نقارنات بٌن األصل كالنقل كلكن األىم مدل استجابة كتابات‬
‫الفال سفة اليوناف ‪ٜ‬ناجات ‪٠‬نتمعاهتم كمدل انعكاس حاجات اجملتمعات اإلسالمية على‬
‫كتابات الفالسفة ا‪ٞ‬نسلمٌن‪.‬‬
‫‪678‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫سابعا‪ :‬تحليل عنوان االعالم بمناقب االسالم‪:‬‬


‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم من نيسابور‪ :‬غًن عريب ِنلفية ثقافية متنوعة كرغم أف البعض يرجع أصلو‬
‫اُف العرب إال أف البيئة اليت شكلتو َف تكن عربية حصريا باإلضافة إُف معرفة بالرتاث الفارسي‬
‫غالبا ا‪ٞ‬نرتجم إُف اللغة العربية كأيضا معرفة بالرتاث اليوناين ٓنت سقف ا‪ٞ‬نرتجم كا‪ٞ‬نتاح آنذاؾ‬
‫أيضا‪.‬‬
‫اإلعالـ ّنناق اإلسالـ ‪ :‬اإلعالـ َنر االلف يعين االخبار ّنعىن ىناؾ مرسل كىناؾ مستقبل‬
‫كلكن ليس ىناؾ تبادؿ كبالتاِف ىناؾ القاء ا‪٩‬نايب كىناؾ تلقي سليب كما يفهم عدـ االىتماـ‬
‫برجع الصدل كىذا ناتج عن يقٌن ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم بأف ا‪ٜ‬نق معو كأف اآلخر ال ‪٬‬نكنو‬
‫مواجهة قوة ىذا ا‪ٜ‬نق اليقيين‪.‬‬
‫مناق كلمة تعين ا‪ٞ‬نثال كا‪ٝ‬نصاؿ ا‪ٜ‬نميدة كمعىن ىذا أف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم ال‬
‫يعرض االسالـ تعريفيا بل باعتباره دين ا‪ٞ‬نناق ا‪ٞ‬نعصوـ يعين عرض جقائق‪.‬‬
‫كمعلوـ أف يف اإلسالـ ىو جزء يقيين ثابت ىو الوحي َنزئيو كلكن ىناؾ أيضا ا‪ٞ‬نتغًن‬
‫الذم اجتهد فيو ا‪ٞ‬نسلموف كاختلفوا بل ككفر بعضهم بعضا يف بعض مناطق االرتباؾ الديين‬
‫كا‪ٞ‬نعريف يف تار‪٫‬ننا الفكرم كالسياسي كاليت توقف كيتوقف عندىا بعض الباحثٌن ا‪ٛ‬نادين‬
‫رصدا كٓنليال كتتبعا للنقد يف زماهنا كاآلف كما أف غًن ا‪ٞ‬نسلمٌن بإمكاهنم االطالع على ىذه‬
‫الفصوؿ من تار‪٫‬ننا من مصادرنا مباشرة أك عن طريق معرب ا‪ٞ‬نستشرقٌن باللغات ا‪ٞ‬نختلفة يف‬
‫الضفتٌن‪.‬‬
‫‪٣‬نا تقدـ ال يضر الكتاب يف شيء تصنيفو يف باب العقيدة كالدعوة ٓنت عنواف‬
‫موضوعايت‪ :‬تثبيت اليقٌن با‪ٞ‬نقارنة كمعرفة عمق االشياء ّنعرفة اضدادىا‪.‬‬
‫للتأكد من حيادية اختيار عناكين دراسة معتقدات اآلخرين ‪٬‬نكن اعطاء مثاؿ ٓنليلي‬
‫بكتاب ايب الر‪٪‬ناف البًنكين‪:‬‬
‫ٓنقيق ما للهند من مقولة مقبولة يف العقل أك مرذكلة‪ :‬كلمة ٓنقيق تعطي سلطة للمحقق‬
‫ّنعىن أنو يقوـ بتشريح علمي منهجي ‪ٞ‬نقوالت ا‪ٟ‬ننود مث يصنفها باستخداـ التفكًن العقلي إُف‬
‫مقبولة كمرذكلة ‪.‬‬
‫‪679‬‬
‫أد شافية صديق‬
‫رغم أف أكاخر كلميت مقولة يتوافق مع مرذكلة كبالتاِف الضركرة البيانية ىي يف الغال كراء‬
‫الرتتي كلكن ‪٬‬نكن أيضا ادعاء بعسر أف البًنكين اعتمد قاعدة دعوية ذكية يف التعارؼ الديين‬
‫كالدعوة الدينية تقوـ على تثمٌن اال‪٩‬نايب ا‪ٞ‬نوجود عند اآلخر كا‪ٞ‬نتوافق مع خلفية الداعية‪.‬‬
‫أبو ر‪٪‬ناف البًنكين ‪٩‬نعل العقل ىو الفيصل كىو ا‪ٞ‬نشرتؾ بٌن ٗنيع البشر لكن‬
‫ا‪ٞ‬نوضوعية تقتضي أف األدياف ّنا فيها اإلسالـ تشمل مكونات توقيفية ال يصل العقل‬
‫البشرم إُف معرفة إال القليل جدا من أسرارىا كحّت ىذا القليل يبقى يف كل ا‪ٜ‬ناالت نسبيا‪..‬‬
‫الطواؼ حوؿ الكعبة الشريفة مثال بالنسبة للمسلم ىو سلوؾ ركحاين يرتقي باإلنساف اُف‬
‫عواَف سعادة استثنائية كقد حاكؿ بعض ا‪ٞ‬نسلمٌن شرح ذلك ِنلفيات فيزيائية كجيولوجية‬
‫خاصة با‪ٞ‬ننطقة كلكنها اجتهادات من جهة كمن جهة أخرل ا‪ٞ‬نسلم ال ‪٪‬نتاج اُف تعليل‬
‫االكامر اال‪ٟ‬نية كغًن ا‪ٞ‬نسلم ‪٣‬نكن أف يشكك علميا يف تعليل علماء ا‪ٞ‬نسلمٌن كبإمكاهنم ايضا‬
‫ايراد أمكنة اخرل بنفس ا‪ٝ‬نصائص أك أكثر ‪.‬‬
‫العلم البشرم يبقى نسبيا بينما حقيقة اهلل مطلقة كمن ىنا ‪٬‬نكن أف يعترب غًن ا‪ٞ‬نسلم‬
‫طواؼ ا‪ٞ‬نسلمٌن حوؿ الكعبة سلوكا مرذكال كقد فعل ىذا علماء الرب‪٨‬ننية (ا‪ٟ‬نندكسية‬
‫كفركعها) قد‪٬‬نا كحديثا‪.‬‬
‫إ ذف ا‪ٜ‬نكم بالعقل بالقبوؿ العقلي أك الرذكلة العقلية يبقى نسبيا ألف العقل رغم‬
‫امتالكو مشرتكا بٌن كل البشر فاف جزءا من احكامو ىي ٖنار البيئة الفكرية بل حّت ا‪ٞ‬نزاج‬
‫الشخصي كىنا ا‪ٜ‬نياد كا‪ٞ‬نوضوعية كالنسبية صفات ْند شرعيتها يف التحليل كما أف خلفية‬
‫أيب الر‪٪‬ناف البًنكين تظهر جليا يف ‪١‬نتول الكتاب عندما ‪٩‬نعل اإلسالـ حكما على ما عند‬
‫اآلخرين ىنود كيوناف كغًنىم‪.‬‬
‫كما ابو ا‪ٜ‬نسن العامرم جعال ا‪ٞ‬نقايسة لصاٌف اإلسالـ كإف كاف البًنكين أقرب منهجيا‬
‫من الدراسة ا‪ٞ‬نقارنة ا‪ٞ‬نبنية على مداخل دقيقة‪.‬‬
‫إذف أبو الر‪٪‬ناف البًنكين الذم جاء بعد أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم يقدـ عنوانا لكتابو بنفس‬
‫ركح االعالـ ّنناق اإلسالـ‪.‬‬

‫‪680‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬

‫ثامنا‪ :‬كتاب االعالم بمناقب اإلسالم‪ :‬مؤشرات التصنيف‪:‬‬


‫‪ -1‬التوزيع الكمي‪:‬‬
‫طبعة الكتاب‪ :‬جاءت بعنواف فرعي‪ٓ :‬نقيق كدراسة يف مقارنة االدياف أل٘ند عبد ا‪ٜ‬نميد‬
‫غراب دار االصالة الرياض‬
‫أ‪.‬الكتاب من ‪ 231‬صفحة موزعة‪:‬‬
‫ب‪.‬من الغالؽ اُف ص‪ 68‬مقدمة احملقق كتلخيصو للكتاب كصور من ا‪ٞ‬نخطوط‬
‫ج‪.‬ابتداء من ص ‪ 69‬اُف ص‪ 71‬خطبة الكتاب مع صفحة فارغة ‪.‬‬
‫د‪.‬ىناؾ ىوامش طويلة ٕنأل الصفحات السابقة على حساب اسطر قليلة من ا‪ٞ‬ننت االصلي‬
‫ق‪.‬من ص ‪ 73‬اُف ص ‪ 120‬باب العلم كفضل العلوـ ا‪ٞ‬نلية‬
‫ك‪.‬ابتداء من ص‪ 121‬القوؿ ّنعرفة اركاف اال‪٬‬ناف اُف ص ‪ 211‬عناصر ا‪ٞ‬نقارنة مع نفس ا‪ٞ‬نالحظة‬
‫عن اتساع ا‪ٞ‬نساحة ا‪ٝ‬ناصة بالتهميش على بعض الصفحات‪.‬‬
‫م‪ .‬الفصل الرابع بعد فصوؿ ال عالقة ‪ٟ‬نا ّنقارنة األدياف‬
‫ا‪ٞ‬نقدمة‪ :‬مفتتح ما ‪٪‬نتاج اُف معرفتو‪.‬‬
‫الفصل األكؿ‪ :‬القوؿ يف مائية (ماىية) العلم كمرافق أنواعو‬
‫الفصل الثاين‪ :‬القوؿ يف االبانة عن شرؼ العلوـ ا‪ٞ‬نلية‬
‫الفصل الثالث‪ :‬القوؿ يف فضائل العلوـ ا‪ٞ‬نلية‬
‫الفصل الرابع‪ :‬القوؿ يف معرفة أركا الدين‬
‫‪-2‬التحليل الكيفي‪:‬‬
‫يعتمد أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم على األية ‪ 17‬من سورة ا‪ٜ‬نج كىي سورة مدنية مع اختالؼ يف‬
‫آيات منها مكية‪ :‬السورة الوحيدة اليت ‪ٚ‬نيت باسم فريضة كشعًنة كفيها سجدتاف ككصف‬
‫اهلل عز كجل فيها مرتٌن بالقوم العزيز باعلى درجات التوكيد‪ :‬لقوم‪ .‬كىي اكؿ سورة كرد‬
‫فيها االذف بالقتاؿ كما يقوؿ القرطيب يف تفسًن اآلية ‪ 39‬من سورة ا‪ٜ‬نج كَف يرد ذكر‬
‫للمجوس يف القرآف سول يف سورة ا‪ٜ‬نج‪:‬ﭐﱡﭐ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ‬

‫ﱚﱜﱝﱞﱟﱠﱡﱢﱠ‬
‫ﱛ‬ ‫ﱒﱓﱔﱕﱖﱗﱘ ﱙ‬

‫‪681‬‬
‫أد شافية صديق‬

‫يبٌن العامرم أف ىدفو من ىذه ا‪ٞ‬نقارنة‪:‬‬


‫الفصل ا‪ٝ‬نامس القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس االركاف االعتقادية‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس االركاف العبادية‬
‫الفصل السابع‪ :‬القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس االضافة اُف ا‪ٞ‬نلك‬
‫الفصل الثامن‪ :‬القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس االضافة اُف الرعايا‪.‬‬
‫الفصل التاسع‪ :‬القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس اضافتو اُف االجياؿ‪.‬‬
‫الفصل العاشر‪ :‬القوؿ يف فضيلة االسالـ ُنس اضافتو اُف ا‪ٞ‬نعارؼ‪.‬‬
‫ا‪ٝ‬نإنة‪ :‬القوؿ يف الشبهات اليت يتسلق هبا ا‪ٞ‬نعاندكف لإلسالـ‪.‬‬
‫‪٬‬نكن استنتاج أف‪:‬‬
‫‪-1‬خريطة احملاكر تبٌن أف أبا ا‪ٜ‬نسن العامرم ينطلق من قاعدة أف اإلسالـ عقيدة كشريعة كدين‬
‫كدنيا‪ .‬كىذا ال ينطبق اال على اإلسالـ‪.‬‬
‫‪-2‬العامرم يصرح بوضوح أف مرجعو االساسي يف ذلك ىو القرآف الكرًن كمن اآلية ‪136‬من‬
‫سورة النساء كسيكوف االسالـ بالتبعية ىو ا‪ٜ‬ناكم على األدياف األخرل‪ :‬يقوؿ العامرم‪" :‬أما‬
‫االعتقادات فمدارىا عند األدياف الستة لن يكوف اال على أركاف ‪ٙ‬نسة كىي ا‪ٞ‬نوجودة يف قولو تعاُف‬
‫ﭐﱡﭐ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ‬ ‫من اآلية ‪ 136‬من سورة النساء‪:‬‬
‫ﲅ ﲆﲇﲈﱠ‬
‫‪-3‬ال ‪٫‬نف العامرم ىدفو كمبتغاه كامانيو حيث يصرح‪ :‬الواج على كل من اح اف يكوف‬
‫عارفا بفضل ا‪ٞ‬نلة ا‪ٜ‬ننيفية على ا‪ٞ‬نلل األخر أف يقيس كاحدا كاحدا ّنا اشتملت عليو منها بالذم‬
‫ىو نظًنه من ا‪ٞ‬نرت ٓنت األدياف االخر ك‪٪‬نكم عقلو يف التمييز بٌن االشرؼ كا‪ٞ‬نشركؼ ليتوصل بو‬
‫إُف درجة ا‪ٞ‬نستبصرين كيوقن أنو قد أصبح ّنزيتها من الكرامة اإل‪ٟ‬نية بالقسط األكىف‪( .‬أيب ا‪ٜ‬نسن‬
‫العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ ،1988 ،‬صفحة ‪)123‬‬
‫‪ -4‬ا‪ٛ‬نزء ىذا يشرح فيو أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم كيف ‪٩‬ن على العقل ا‪ٞ‬نستقيم اتباع ا‪ٜ‬نق الذم ىو‬
‫االسالـ كاف معتقدات اآلخرين ىي أدىن ‪٣‬نا ىو االسالـ ك اف عرضها ىو ضمن ىذه الرسالة‬
‫البيداغوجية الدعوية ‪:‬فمن يصر على اعتبار ىذه االىداؼ ضمن مبادئ مناىج مقارنة األدياف‬

‫‪682‬‬
‫أبو الحسن العامري واشكاليات التصنيف والتبيئة‬
‫فهو ظاَف لنفسو كظاَف أليب ا‪ٜ‬نسن العامرم عندما يعمل يف كتابو ّنشارط التحليل ا‪ٜ‬نيادم احملرتـ‬
‫للسياؽ الزمين ُنثا عن قرائن نسبتو ‪ٜ‬نقل مقارنة األدياف‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫ىذه مداخل حملاكلة تصنيف جهود ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كتبيئة تراثو ربطا لو بالزماف‬
‫كا‪ٞ‬نكاف اللذين شهدا حركتو الدنيوية كالدينية كالفكرية‪.‬‬
‫ىذه ا‪ٞ‬نداخل ‪ٚ‬نحت برسم خرائط للفكر االسالمي كلفكر ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم ُنثا‬
‫عما يتفاعل مع بوصلة التصنيف كالتصنيف عموما من أعقد االجتهادات ا‪ٞ‬ننهجية اليت كثًنا‬
‫ما يكوف االختالؼ حوؿ ‪٢‬نرجاهتا كبًنا كحادا‪.‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم عاش يف زمن كجغرافيا ‪ٟ‬نما خصوصيات تتبعها الدارسوف كعلى‬
‫الباحث يف اراءه تتبع انعكاسات تلك ا‪ٝ‬نصوصيات على اختياراتو ا‪ٜ‬نياتية كاختياراتو‬
‫العلمية‪.‬‬
‫كانت ىناؾ ‪١‬نطة عالقتو بالسلطة كمدل ارىافو السمع ‪ٜ‬ناجات الناس عامتهم قبل‬
‫‪٦‬نبتهم ك‪١‬نطة تلقيو الفلسفة اليونانية دكف الرجوع اُف ا‪ٞ‬نصادر ك‪١‬نطة حسن استيعابو ‪ٟ‬نا‬
‫اإلسالـ ضمن مكتبة مقارنة‬ ‫كانتاج فلسفة األصيلة ك‪١‬نطة تصنيف كتاب االعالـ ّنناق‬
‫األدياف من بعض الباحثٌن عن حسن نية‪.‬‬
‫ستكوف بإذف اهلل ‪١‬نطات أخرل مع جوان أخرل من ْنارب ايب ا‪ٜ‬نسن العامرم كغًنه‪.‬‬

‫‪683‬‬
‫أد شافية صديق‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫‪Arkoun, M. (1972). “Logocentrisme et Vérité Religieuse Dans La Pensée Islamique:‬‬
‫‪D’après al-I’lām Bi-Manāqib al-Islām d’al-’Âmirî.”. studia islamica(35), pp. 5-51.‬‬
‫‪Mohammed Arkoun. (1995). La conquéte du bonheur selon Abu-Al-Hassan Al-Amiri.‬‬

‫ابن الندًن‪ٓ ،‬نقيق إبراىيم رمضاف ‪. (1997).‬الفهرست ‪(éd. 2).‬بًنكت ‪:‬دار ا‪ٞ‬نعرفة‪.‬‬
‫ابن عبد ربو األندلسي‪1404( .‬ق)‪ .‬العق الفريد (اإلصدار ‪ ،1‬اجمللد ‪ .)2‬بًنكت‪ :‬دار الكت العلمية‪.‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن ابن األثًن‪ ،‬ك ٓنقيق عمر عبد السالـ تدمرم‪ .)1997( .‬الكامل يف التاريخ‪ .‬بًنكت‪ :‬دار الكتاب العريب‪.‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬تقدًن كتصحيح حسٌن قدمي‪ .)1398( .‬السعادة كاإلسعاد يف السًنة اإلنسانية‪ .‬منشورات آية إراؽ‪.‬‬
‫أبو ا‪ٜ‬نسن النيسابورم‪ ،‬تصحيح كمقدمة أكرتك ركسن‪ .)1979( .‬األمد على األبد‪ .‬بًنكت‪ ،‬إيراف‪ :‬دار الكندم‪ ،‬ملسسة مطالعات إسالمي‬
‫دانشكاع كيل اشعبة‪.‬‬
‫أبو العباس ابن خلكاف‪ٓ ،‬نقيق إحساف عباس ‪. (s.d.).‬كفيات األعياف كأنباء أبناء الزماف ‪(Vol. 5).‬بًنكت ‪:‬دار صادر‪.‬‬
‫أبو العباس بن ايب اصيبعة‪ٓ ،‬نقيق نزار رضا ‪. (s.d.).‬عيوف األنباء يف طبقات األطباء ‪.‬بًنكت ‪:‬دار مكتبة ا‪ٜ‬نياة‪.‬‬
‫أبو الفتح الشهرستاين‪ٓ ،‬نقيق عبد األمًن مهنا كعلي حسن فاعور ‪. (1993).‬ا‪ٞ‬نلل كالنحل ‪(éd. 3).‬بًنكت ‪:‬دار ا‪ٞ‬نعرفة‪.‬‬
‫أبو حياف التوحيدم‪ٓ ،‬نقيق كشرح حسن السدكدم ‪. (1992).‬ا‪ٞ‬نقابسات ‪(éd. 2).‬دار سعاد الصباح‪.‬‬
‫أبو علي مسكويو‪ٓ ،‬نقيق سيد كسركم حسن ‪. (s.d.).‬كتاب ْنارب األمم كتعاق ا‪ٟ‬نمم ‪.‬بًنكت ‪:‬دار الكت العلمية‪.‬‬
‫أبو منصور الثعاليب‪ٓ ،‬نقيق مفيد ‪١‬نمد قميحة ‪. (1983).‬يتيمة الدىر يف ‪١‬ناسن أىل العصر ‪(Vol. 3).‬بًنكت ‪:‬دار الكت العلمية‪.‬‬
‫أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم‪ ،‬ترٗنة أ٘ند غراب‪ .)1988( .‬اإلعالـ ّنناق اإلسالـ‪ .‬الرياض‪ :‬دار األصالة‪.‬‬
‫أ٘ند أمٌن‪ .)1946( .‬ظهر اإلسالـ (اإلصدار ‪ ،2‬اجمللد ‪ .)1‬القاىرة‪ :‬مطبعة ‪ٛ‬ننة التأليف كالرتٗنة كالنشر‪.‬‬
‫أ٘ند عبد ا‪ٜ‬نليم عطية‪ ،‬دراسة كٓنقيق‪ .)1991( .‬الفكر السياسي كاألخالقي عند العامرم‪ :‬دراسة كٓنقيق كتاب السعادة كاإلسعاد يف السًنة‬
‫اإلنسانية‪ .‬القاىرة‪ :‬دار الثقافة‪.‬‬
‫أرسطو طاليس‪ٓ ،‬نقيق كشرح كتقدًن عبد الر٘نن بدكم‪ ،‬ترٗنة اسحاب ابن حنٌن‪ .)1979( .‬األخالؽ‪ .‬الكويت‪ :‬دار ا‪ٞ‬نطبوعات‪.‬‬
‫التوحيدم ‪,‬أ ‪.‬ح ‪. (1424).‬االمتناع كا‪ٞ‬نلانسة ‪.‬بًنكت‪.‬‬
‫التوحيدم ‪,‬أبو حياف‪ٓ ،‬نقيق كداد القاضي ‪. (1988).‬البصائر كالذخائر ‪(Vol. 8).‬دار صادر‪.‬‬
‫الشريف ‪,‬ح ‪.‬أ ‪. (s.d.).‬العاَف اإلسالمي يف العصر العباسي ( ‪(éd. 5).‬د ‪.‬ا ‪.‬العريب )‪, Éd.‬القاىرة‪.‬‬
‫سحباف خليفات‪ .)1988( .‬رسائل أيب ا‪ٜ‬نسن العامرم كشذراتو الفلسفية‪ .‬عماف‪ :‬جامعة عماف‪.‬‬
‫األرناؤكط‪ ،‬تقدًن بشار عواد ‪. (1985).‬سًن أعالـ النبالء ‪(Vol. 6).‬القاىرة ‪:‬ملسسة‬ ‫مشس الدين الذىيب‪ٓ ،‬نقيق ‪٠‬نموعة بإشراؼ شعي‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫طفوش ‪,‬ـ ‪. (2009).‬تاريخ الدكلة العباسية ‪(éd. 7).‬بًنكت ‪:‬دار النفائس‪.‬‬
‫‪١‬نمد أركوف‪ ،‬ترٗنة كتقدًن ‪١‬نمود عزب‪ .)2012( .‬األنسنة كاإلسالـ‪ :‬مدخل تار‪٫‬ني نقدم‪ .‬بًنكت‪ :‬دار الطليعة‪.‬‬
‫‪١‬نمد كرد علي‪ .)2012( .‬أمراء البياف (اإلصدار ‪ .)2‬القاىرة‪ :‬دار الثقافة‪.‬‬
‫ميتز ‪,‬آ & ‪١.,‬نمد ‪,‬ع ‪. (s.d.).‬ا‪ٜ‬نضارة اإلسالمية يف القرف الرابع ا‪ٟ‬نجرم ‪:‬عصر النهضة يف اإلسالـ ‪.‬بًنكت ‪:‬دار الكتاب العريب‪.‬‬

‫‪684‬‬

You might also like